ﻃﻮق اﳊﲈﻣﺔ ﰲ ا ُﻷ َﻟﻔ ِﺔ وا ُﻷ ﱠﻻف ﺗﺄﻟﻴﻒ ﻋﲇ ﺑﻦ ﺣﺰم اﻷﻧﺪﻟﴘ ﻃﻮق اﻟﺤﻤﺎﻣﺔ ﰲ اﻷ ُ َ ﻟﻔ ِﺔ واﻷ ُ ﱠﻻف ﻋﲇ ﺑﻦ ﺣﺰم اﻷﻧﺪﻟﴘ اﻟﻨﺎﴍ ﻣﺆﺳﺴﺔ ﻫﻨﺪاوي املﺸﻬﺮة ﺑﺮﻗﻢ ١٠٥٨٥٩٧٠ﺑﺘﺎرﻳﺦ ٢٠١٧ / ١ / ٢٦ ﻳﻮرك ﻫﺎوس ،ﺷﻴﻴﺖ ﺳﱰﻳﺖ ،وﻧﺪﺳﻮر ،SL4 1DD ،املﻤﻠﻜﺔ املﺘﺤﺪة ﺗﻠﻴﻔﻮن+ ٤٤ (٠) ١٧٥٣ ٨٣٢٥٢٢ : اﻟﱪﻳﺪ اﻹﻟﻜﱰوﻧﻲhindawi@hindawi.org : املﻮﻗﻊ اﻹﻟﻜﱰوﻧﻲhttps://www.hindawi.org : ﱠ إن ﻣﺆﺳﺴﺔ ﻫﻨﺪاوي ﻏري ﻣﺴﺌﻮﻟﺔ ﻋﻦ آراء املﺆﻟﻒ وأﻓﻜﺎره ،وإﻧﻤﺎ ﱢ ﻳﻌﱪ اﻟﻜﺘﺎب ﻋﻦ آراء ﻣﺆﻟﻔﻪ. ﺗﺼﻤﻴﻢ اﻟﻐﻼف :ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻄﻮﺑﺠﻲ اﻟﱰﻗﻴﻢ اﻟﺪوﱄ٩٧٨ ١ ٥٢٧٣ ٠٩١٩ ٧ : ﺻﺪر ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﻋﺎم .١٠٢٢ ﺻﺪرت ﻫﺬه اﻟﻨﺴﺨﺔ ﻋﻦ ﻣﺆﺳﺴﺔ ﻫﻨﺪاوي ﻋﺎم .٢٠١٤ ﺟﻤﻴﻊ ﺣﻘﻮق اﻟﻨﴩ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺘﺼﻤﻴﻢ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب وﺗﺼﻤﻴﻢ اﻟﻐﻼف ُﻣ َﺮ ﱠﺧﺼﺔ ﺑﻤﻮﺟﺐ رﺧﺼﺔ املﺸﺎع اﻹﺑﺪاﻋﻲ :ﻧ َ ْﺴﺐُ ا ُملﺼﻨﱠﻒ ،اﻹﺻﺪار .٤٫٠ﺟﻤﻴﻊ ﺣﻘﻮق اﻟﻨﴩ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﻨﺺ اﻟﻌﻤﻞ اﻷﺻﲇ ﺧﺎﺿﻌﺔ ﻟﻠﻤﻠﻜﻴﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ. اﳌﺤﺘﻮﻳﺎت ﻣﻘﺪﻣﺔ اﻟﻜﻼم ﰲ ﻣﺎﻫﻴﺔ اﻟﺤﺐ ﺑﺎب ﻋﻼﻣﺎت اﻟﺤﺐ ﺑﺎب ﻣﻦ أﺣﺐ ﰲ اﻟﻨﻮم ﺑﺎب ﻣﻦ أﺣﺐ ﺑﺎﻟﻮﺻﻒ ﺑﺎب ﻣﻦ أﺣﺐ ﻣﻦ ﻧﻈﺮة واﺣﺪة ﺑﺎب ﻣﻦ ﻻ ﻳﺤﺐ إﻻ ﻣﻊ املﻄﺎوﻟﺔ ً ﺻﻔﺔ ﻟﻢ ﻳﺴﺘﺤﺴﻦ ﺑﻌﺪﻫﺎ ﻏريﻫﺎ ﻣﻤﺎ ﻳﺨﺎﻟﻔﻬﺎ ﺑﺎب ﻣﻦ أﺣﺐ ﺑﺎب اﻟﺘﻌﺮﻳﺾ ﺑﺎﻟﻘﻮل ﺑﺎب اﻹﺷﺎرة ﺑﺎﻟﻌني ﺑﺎب املﺮاﺳﻠﺔ ﺑﺎب اﻟﺴﻔري ﺑﺎب ﻃﻲ اﻟﴪ ﺑﺎب اﻹذاﻋﺔ ﺑﺎب اﻟﻄﺎﻋﺔ ﺑﺎب املﺨﺎﻟﻔﺔ ﺑﺎب اﻟﻌﺎذل ﺑﺎب املﺴﺎﻋﺪ ﻣﻦ اﻹﺧﻮان ﺑﺎب اﻟﺮﻗﻴﺐ ﺑﺎب اﻟﻮاﳾ 7 11 17 25 27 31 33 37 41 43 45 47 49 53 57 63 65 67 71 75 ﻃﻮق اﻟﺤﻤﺎﻣﺔ ﰲ اﻷ ُ َ ﻟﻔﺔِ واﻷ ُ ﱠﻻف 81 89 101 107 109 121 129 133 143 149 167 ﺑﺎب اﻟﻮﺻﻞ ﺑﺎب اﻟﻬﺠﺮ ﺑﺎب اﻟﻮﻓﺎء ﺑﺎب اﻟﻐﺪر ﺑﺎب اﻟﺒ َْني ﺑﺎب اﻟﻘﻨﻮع ﺑﺎب اﻟﻀﻨﻰ ﺑﺎب اﻟﺴﻠﻮ ﺑﺎب املﻮت ﺑﺎب ﻗﺒﺢ املﻌﺼﻴﺔ ﺑﺎب ﻓﻀﻞ اﻟﺘﻌﻔﻒ 6 ﻣﻘﺪﻣﺔ ِﺑ ْﺴ ِﻢ ﷲ اﻟ ﱠﺮﺣﻤَ ِﻦ اﻟ ﱠﺮﺣِ ﻴﻢ وﺑﻪ ﻧﺴﺘﻌني ﻗﺎل أﺑﻮ ﻣﺤﻤﺪ — ﻋﻔﺎ ﷲ ﻋﻨﻪ :أﻓﻀﻞ ﻣﺎ أﺑﺘﺪئ ﺑﻪ ﺣﻤﺪ ﷲ ﻋ ﱠﺰ وﺟ ﱠﻞ ﺑﻤﺎ ﻫﻮ أﻫﻠﻪ ،ﺛﻢ ً ً ﻋﺎﻣﺔ ،وﺑﻌﺪ. ﺧﺎﺻﺔ ،وﻋﲆ ﺟﻤﻴﻊ أﻧﺒﻴﺎﺋﻪ اﻟﺼﻼة ﻋﲆ ﻣﺤﻤ ٍﺪ ﻋﺒﺪِه ورﺳﻮﻟﻪ ﻋﺼﻤﻨﺎ ﷲ وإﻳﺎك ﻣﻦ اﻟﺤرية ،وﻻ ﺣﻤﱠ ﻠﻨﺎ ﻣﺎ ﻻ ﻃﺎﻗﺔ ﻟﻨﺎ ﺑﻪ ،وﻗﻴﱠﺾ ﻟﻨﺎ ﻣﻦ ﺟﻤﻴﻞ ً ﻋﻮﻧﻪ ً ﺻﺎرﻓﺎ ﻋﻦ ﻣﻌﺎﺻﻴﻪ ،وﻻ َو َﻛﻠﻨﺎ إﱃ دﻟﻴﻼ ﻫﺎدﻳًﺎ إﱃ ﻃﺎﻋﺘﻪ ،ووﻫﺒﻨﺎ ﻣﻦ ﺗﻮﻓﻴﻘﻪ أدﺑًﺎ ﺿﻌﻒ ﻋﺰاﺋﻤﻨﺎَ ، وﺧﻮَر ُﻗﻮاﻧﺎ ،ووﻫﺎء ِﺑﻨْﻴَﺘﻨﺎ ،وﺗﻠﺪﱡد آراﺑﻨﺎ ،وﺳﻮء اﺧﺘﻴﺎرﻧﺎ ،وﻗ ﱠﻠﺔ ﺗﻤﻴﻴﺰﻧﺎ، ﺷﺎﻃ َ وﻓﺴﺎد أﻫﻮاﺋﻨﺎ؛ ﻓﺈن ﻛﺘﺎﺑﻚ وردﻧﻲ ﻣﻦ ﻣﺪﻳﻨﺔ املﺮﻳﱠﺔ إﱃ ﻣﺴﻜﻨﻲ ﺑﺤﴬة ِ ﺒﺔ ﺗَﺬ ُﻛﺮ ﻣﻦ ﻳﴪﻧﻲ ،وﺣَ ُ ﻤﺪت ﷲ َ ﻋﺰ وﺟﻞ ﻋﻠﻴﻪ ،واﺳﺘﺪﻣﺘُﻪ ﻟﻚ ،واﺳﺘﺰدﺗُﻪ ﻓﻴﻚ ،ﺛﻢ ﻟﻢ ﺣﺴﻦ ﺣﺎﻟﻚ ﻣﺎ ﱡ ﺷﺨﺼﻚ ،وﻗﺼﺪﺗﻨﻲ ﺑﻨﻔﺴﻚ ،ﻋﲆ ﺑُﻌﺪ ﱡ اﻟﺸﻘﺔ ،وﺗﻨﺎﺋﻲ اﻟﺪﻳﺎرَ ، ْ ُ وﺷﺤﻂ أﻟﺒﺚ أن اﻃﻠﻊ ﻋﲇ ﱠ املﺰار ،وﻃﻮل املﺴﺎﻓﺔَ ، وﻏﻮْل اﻟﻄﺮﻳﻖ .وﰲ دون ﻫﺬا ﻣﺎ ﱠ ﺳﲆ املﺸﺘﺎق ﱠ وﻧﴗ اﻟﺬاﻛﺮ إﻻ ﻣﻦ ﱠ ﺗﻤﺴﻚ ﺑﺤﺒﻞ اﻟﻮﻓﺎء ﻣﺜﻠﻚ ،ورﻋﻰ ﺳﺎﻟﻒ اﻷذﻣﱠ ﺔ ،ووﻛﻴﺪ املﻮدات ،وﺣﻖ اﻟﻨﱠﺸﺄة وﻣﺤﺒﺔ اﻟﺼﺒﺎ، وﻛﺎﻧﺖ ﻣﻮدﺗﻪ هلل ﺗﻌﺎﱃ. وﻟﻘﺪ أﺛﺒﺖ ﷲ ﺑﻴﻨﻨﺎ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻣﺎ ﻧﺤﻦ ﻋﻠﻴﻪ ﺣﺎﻣﺪون وﺷﺎﻛﺮون ،وﻛﺎﻧﺖ ﻣﻌﺎﻧﻴﻚ ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻚ زاﺋﺪة ﻋﲆ ﻣﺎ ﻋﻬﺪﺗﻪ ﻣﻦ ﺳﺎﺋﺮ ﻛﺘﺒﻚ ،ﺛﻢ ﻛﺸﻔﺖ إﱄ ﱠ ﺑﺈﻗﺒﺎﻟﻚ ﻏﺮﺿﻚ ،وأﻃﻠﻌﺘﻨﻲ ﻋﲆ ً ﺳﺠﻴﺔ ﻟﻢ ﺗﺰل ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻣﻦ ﻣﺸﺎرﻛﺘﻚ ﱄ ﰲ ﺣﻠﻮك وﻣﺮك ،وﴎك وﺟﻬﺮك ،ﻳﺤﺪوك ﻣﺬﻫﺒﻚ، اﻟﻮ ﱡد اﻟﺼﺤﻴﺢ اﻟﺬي أﻧﺎ ﻟﻚ ﻋﲆ أﺿﻌﺎﻓﻪ ،ﻻ أﺑﺘﻐﻲ ﺟﺰاءً ﻏري ﻣﻘﺎﺑﻠﺘﻪ ﺑﻤﺜﻠﻪ .وﰲ ذﻟﻚ أﻗﻮل ﻣﺨﺎﻃﺒًﺎ ﻟﻌﺒﻴﺪ ﷲ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ املﻐرية ﺑﻦ أﻣري املﺆﻣﻨني اﻟﻨﺎﴏ — رﺣﻤﻪ ﷲ — ﰲ ً ﺻﺪﻳﻘﺎ: ﻛﻠﻤﺔ ﱄ ﻃﻮﻳﻠﺔ ،وﻛﺎن ﱄ ﻃﻮق اﻟﺤﻤﺎﻣﺔ ﰲ اﻷ ُ َ ﻟﻔﺔِ واﻷ ُ ﱠﻻف أ َ َو ﱡد َك ُودٍّا َﻟ ﻴْ َﺲ ﻓِ ﻴ ِﻪ َﻏ َﻀ َ ﺎﺿ ٌﺔ ﺼﺢَ اﻟ ﱠ وَأَﻣْ ﺤَ ْﻀﺘُ َﻚ اﻟﻨ ﱡ ْ ﺼ ِﺮﻳﺢَ َو ِﻓﻲ اﻟﺤَ َﺸﻰ َﻓ َﻠ ْﻮ َﻛ َ ﺎن ﻓِ ﻲ ُروﺣِ ﻲ َﻫ ﻮَا َك ْاﻗ ﺘَ َﻠ ﻌْ ﺘُ ُﻪ وَﻣَ ﺎ ِﻟ َﻲ َﻏ ﻴْ ُﺮ اﻟ ُﻮ ﱢد ِﻣ ﻨ ْ َﻚ إ ِ َرا َد ٌة إِذَا ﺣُ ْﺰﺗ ُﻪ َﻓ ﺎﻷ َ ْر ُ ض ﺟَ ﻤْ ﻌَ ﺎءُ وَاﻟ َﻮ َرى َوﺑَ ﻌْ ُ ﺾ ﻣَ َﻮد ِ ﺎل َﺳ َﺮابُ ﱠات اﻟ ﱢﺮﺟَ ِ ِﻟ ُﻮ ﱢد َك ﻧ َ ْﻘ ٌﺶ َ ﻇ ﺎﻫِ ٌﺮ َو ِﻛ ﺘَ ﺎبُ و ُﻣ ﱢﺰق ِﺑ ﺎﻟ َﻜ ﱠﻔ ﻴْ ِﻦ ﻋَ ﻨ ْ ُﻪ إ ِ َﻫ ﺎبُ و ََﻻ ﻓِ ﻲ ِﺳ ﻮَا ُه ِﻟ ﻲ إ ِ َﻟ ﻴْ َﻚ ﺧِ َ ﻄ ﺎبُ َﻫ ﺒَ ﺎءٌ و َُﺳ ﱠﻜ ﺎ ُن اﻟ ِﺒ َﻼدِ ذُﺑَ ﺎب ً رﺳﺎﻟﺔ ﰲ ﺻﻔﺔ اﻟﺤﺐ وﻣﻌﺎﻧﻴﻪ ،وأﺳﺒﺎﺑﻪ وﻛ ﱠﻠﻔﺘﻨﻲ — أﻋ ﱠﺰك ﷲ — أن أﺻﻨﱢﻒ ﻟﻚ وأﻋﺮاﺿﻪ ،وﻣﺎ ﻳﻘﻊ ﻓﻴﻪ وﻟﻪ ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻻ ﻣُﺘﺰﻳﱢﺪًا وﻻ ﻣﻔﻨﻨًﺎْ ، ﻟﻜﻦ ﻣُﻮردًا ملﺎ ُ ﻳﺤﴬﻧﻲ ﻋﲆ وﺟﻬﻪ وﺑﺤﺴﺐ وﻗﻮﻋﻪ ،ﺣﻴﺚ اﻧﺘﻬﻰ ﺣﻔﻈﻲ َ وﺳﻌﺔ ﺑﺎﻋﻲ ﻓﻴﻤﺎ أذﻛﺮه، ُ ﻓﺒﺪرت إﱃ ﻣﺮﻏﻮﺑﻚ .وﻟﻮﻻ اﻹﻳﺠﺎب ﻟﻚ ملﺎ ﺗﻜ ﱠﻠﻔﺘﻪ ،ﻓﻬﺬا ﻣﻦ اﻟﻔﻘﺮ ،واﻷَوْﱃ ﺑﻨﺎ ﻣﻊ ﻗِ ﴫ أﻋﻤﺎرﻧﺎ ﱠأﻻ ﻧَﴫﻓﻬﺎ إﻻ ﻓﻴﻤﺎ ﻧﺮﺟﻮ ﺑﻪ َرﺣْ ﺐ ا ُملﻨﻘﻠﺐ وﺣُ ﺴﻦ املﺂب ﻏﺪًا .وإن ﻛﺎن اﻟﻘﺎﴈ ﺣﻤﺎم ﺑﻦ أﺣﻤﺪ ﺣﺪﱠﺛﻨﻲ ﻋﻦ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺬ ،ﺑﺈﺳﻨﺎد ﻳﺮﻓﻌﻪ إﱃ أﺑﻲ اﻟﺪرداء أﻧﻪ ﻗﺎل» :أﺟﻤﱡ ﻮا اﻟﻨﻔﻮس ﺑﴚء ﻣﻦ اﻟﺒﺎﻃﻞ ﻟﻴﻜﻮن ﻋﻮﻧًﺎ ﻟﻬﺎ ﻋﲆ اﻟﺤﻖ «.وﻣﻦ أﻗﻮال اﻟﺼﺎﻟﺤني ﻣﻦ اﻟﺴﻠﻒ املﺮﴈﱢ » :ﻣَ ﻦ ﻟﻢ ﻳﺤﺴﻦ ﻳﺘﻔﺘﱠﻰ ﻟﻢ ﻳﺤﺴﻦ ﻳﺘﻘﻮﱠى «.وﰲ ﺑﻌﺾ اﻷﺛﺮ» :أرﻳﺤﻮا اﻟﻨﻔﻮس؛ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﺼﺪأ ﻛﻤﺎ ﻳﺼﺪأ اﻟﺤﺪﻳﺪ«. واﻟﺬي ﻛ ﱠﻠﻔﺘﻨﻲ ﻻ ﺑﺪ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ذﻛﺮ ﻣﺎ ﺷﺎﻫﺪﺗْﻪ ﺣﴬﺗﻲ ،وأدرﻛﺘﻪ ﻋﻨﺎﻳﺘﻲ ،وﺣﺪﱠﺛﻨﻲ ﺑﻪ اﻟﺜﻘﺎت ﻣﻦ أﻫﻞ زﻣﺎﻧﻪ ،ﻓﺎﻏﺘﻔ ْﺮ ﱄ اﻟﻜﻨﺎﻳﺔ ﻋﻦ اﻷﺳﻤﺎء؛ ﻓﻬﻲ إﻣﺎ ﻋﻮرة ﻻ ﻧَﺴﺘﺠﻴﺰ ﻛﺸﻔﻬﺎ، ً ً ً ﺟﻠﻴﻼ. ورﺟﻼ ﺻﺪﻳﻘﺎ ودودًا، وإﻣﺎ ﻧُﺤﺎﻓﻆ ﰲ ذﻟﻚ وﺑﺤﺴﺒﻲ أن أُﺳﻤﻲ ﻣﻦ ﻻ ﴐر ﰲ ﺗﺴﻤﻴﺘﻪ ،وﻻ ﻳَﻠﺤﻘﻨﺎ واملﺴﻤﱠ ﻰ ﻋﻴﺐٌ ﰲ ذﻛﺮه ،إِﻣﺎ اﻟﻄﻲ وﺗﺮ ُك اﻟﺘﺒﻴني ،وإﻣﺎ ً ﺨﱪ ﻋﻨﻪ ﺑﻈﻬﻮر ﺧﱪه ِ ﻟﺮﴇ ﻣﻦ ا ُمل َ وﻗﻠﺔ ﻻﺷﺘﻬﺎر ﻻ ﻳُﻐﻨﻲ ﻋﻨﻪ ﱡ ٍ إﻧﻜﺎر ﻣﻨﻪ ﻟﻨﻘﻠﻪ. ٍ وﺳﺄورد ﰲ رﺳﺎﻟﺘﻲ ﻫﺬه أﺷﻌﺎ ًرا ﻗﻠﺘُﻬﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﺷﺎﻫﺪﺗﻪ ،ﻓﻼ ﺗﻨﻜﺮ أﻧﺖ وﻣﻦ رآﻫﺎ ﻋﲇ ﱠ أﻧﻲ ﺳﺎﻟ ٌﻚ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺴﻠﻚ ﺣﺎﻛﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻪ ،ﻓﻬﺬا ﻣﺬﻫﺐ املﺘﺤ ﱢﻠني ﺑﻘﻮل اﻟﺸﻌﺮ، ﻓﺈن إﺧﻮاﻧﻲ ﱢ وأﻛﺜﺮ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﱠ ﻳﺠﺸﻤﻮﻧﻲ اﻟﻘﻮ َل ﻓﻴﻤﺎ ﻳَﻌْ ِﺮض ﻟﻬﻢ ﻋﲆ ﻃﺮاﺋﻘﻬﻢ وﻣﺬاﻫﺒﻬﻢ. ُ ﻧﺤﻮت ﻧﺤﻮه وﻧﺎﺳﺒُﻪ إﱄ ﱠ. وﻛﻔﺎﻧﻲ أﻧﻲ ذاﻛﺮ ﻟﻚ ﻣﺎ ﻋَ ﺮض ﱄ ﻣﻤﺎ ﻳﺸﺎﻛﻞ ﻣﺎ َ ُ رأﻳﺖ أو ﺻﺢﱠ ﻋﻨﺪي اﻟﻮﻗﻮف ﻋﻨﺪ ﺣﺪك ،واﻻﻗﺘﺼﺎ َر ﻋﲆ ﻣﺎ واﻟﺘﺰﻣﺖ ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻲ ﻫﺬا ﺑﻨﻘﻞ اﻟﺜﻘﺎت ،ودﻋﻨﻲ ﻣﻦ أﺧﺒﺎر اﻷﻋﺮاب واملﺘﻘﺪﻣني؛ ﻓﺴﺒﻴﻠُﻬﻢ ﻏري ﺳﺒﻴﻠﻨﺎ ،وﻗﺪ ﻛﺜﺮت 8 ﻣﻘﺪﻣﺔ َ اﻷﺧﺒﺎر ﻋﻨﻬﻢ ،وﻣﺎ ﻣﺬﻫﺒﻲ أن أﻧﴤ ﻣﻄﻴﱠﺔ ﺳﻮاي ،وﻻ ﱠ املﺴﺘﻐﻔﺮ أﺗﺤﲆ ﺑﺤﲇ ﻣﺴﺘﻌﺎر .وﷲ واملﺴﺘﻌﺎن ﻻ ربﱠ ﻏريه. ﺑﺎب وﻗﺴﻤﺖ رﺳﺎﻟﺘﻲ ﻫﺬه ﻋﲆ ﺛﻼﺛني ﺑﺎﺑًﺎ ،ﻣﻨﻬﺎ ﰲ أﺻﻮل اﻟﺤﺐ ﻋﴩة؛ ﻓﺄوﻟﻬﺎ ﻫﺬا اﻟﺒﺎب، ﺛﻢ ﺑﺎب ﰲ ﻋﻼﻣﺎت اﻟﺤﺐ ،ﺛﻢ ﺑﺎب ﻓﻴﻪ ذﻛﺮ ﻣﻦ أﺣﺐ ﰲ اﻟﻨﻮم ،ﺛﻢ ﺑﺎب ﻓﻴﻪ ذﻛﺮ ﻣﻦ أﺣﺐ ﺑﺎﻟﻮﺻﻒ ،ﺛﻢ ﺑﺎب ﻓﻴﻪ ذﻛﺮ ﻣﻦ أﺣﺐ ﻣﻦ ﻧﻈﺮة واﺣﺪة ،ﺛﻢ ﺑﺎب ﻓﻴﻪ ذﻛﺮ ﻣﻦ ﻻ ﺗﺼﺢ ﻣﺤﺒﺘﻪ إﻻ ﻣﻊ املﻄﺎوﻟﺔ ،ﺛﻢ ﺑﺎب اﻟﺘﻌﺮﻳﺾ ﺑﺎﻟﻘﻮل ،ﺛﻢ ﺑﺎب اﻹﺷﺎرة ﺑﺎﻟﻌني ،ﺛﻢ ﺑﺎب املﺮاﺳﻠﺔ ،ﺛﻢ ﺑﺎب اﻟﺴﻔري. وﻣﻨﻬﺎ ﰲ أﻋﺮاض اﻟﺤﺐ وﺻﻔﺎﺗﻪ املﺤﻤﻮدة واملﺬﻣﻮﻣﺔ اﺛﻨﺎ ﻋﴩ ﺑﺎﺑًﺎ ،وإن ﻛﺎن اﻟﺤﺐ ُ ً ﻋَ ً واﻟﺼﻔﺔ ﻻ ﺗُﻮﺻﻒ؛ ﻓﻬﺬا ﻋﲆ ﻣﺠﺎز اﻟﻠﻐﺔ وﺻﻔﺔ ﺮﺿﺎ واﻟﻌﺮض ﻻ ﻳﺤﺘﻤﻞ اﻷﻋﺮاض، ً ﻋﺮﺿﺎ أﻗﻞ ﰲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻣﻦ ﰲ إﻗﺎﻣﺔ اﻟﺼﻔﺔ ﻣﻘﺎم املﻮﺻﻮف ،وﻋﲆ ﻣﻌﻨﻰ ﻗﻮﻟﻨﺎ :وﺟﻮدﻧﺎ ﻋﺮض ﻏريه ،وأﻛﺜﺮ وأﺣﺴﻦ وأﻗﺒﺢ ﰲ إدراﻛﻨﺎ ﻟﻬﺎ ،ﻋﻠﻤﻨﺎ أﻧﻬﺎ ﻣﺘﺒﺎﻳﻨﺔ ﰲ اﻟﺰﻳﺎدة واﻟﻨﻘﺼﺎن ﻣﻦ ذاﺗﻬﺎ املﺮﺋﻴﺔ واملﻌﻠﻮﻣﺔ؛ إذ ﻻ ﺗﻘﻊ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻜﻤﻴﺔ وﻻ اﻟﺘﺠﺰي ،ﻷﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﺸﻐﻞ ﻣﻜﺎﻧًﺎ ،وﻫﻲ: ﺑﺎب اﻟﺼﺪﻳﻖ املﺴﺎﻋﺪ ،ﺛﻢ ﺑﺎب اﻟﻮﺻﻞ ،ﺛﻢ ﺑﺎب ﻃﻲ اﻟﴪ ،ﺛﻢ ﺑﺎب اﻟﻜﺸﻒ واﻹذاﻋﺔ ،ﺛﻢ ً ﺻﻔﺔ ﻟﻢ ﻳُﺤﺐ ﺑﻌﺪﻫﺎ ﻏريﻫﺎ ﻣﻤﺎ ﻳﺨﺎﻟﻔﻬﺎ، ﺑﺎب اﻟﻄﺎﻋﺔ ،ﺛﻢ ﺑﺎب املﺨﺎﻟﻔﺔ ،ﺛﻢ ﺑﺎب ﻣﻦ أﺣﺐ ﺛﻢ ﺑﺎب اﻟﻘﻨﻮع ،ﺛﻢ ﺑﺎب اﻟﻮﻓﺎء ،ﺛﻢ ﺑﺎب اﻟﻐﺪر ،ﺛﻢ ﺑﺎب اﻟﻀﻨﻰ ،ﺛﻢ ﺑﺎب املﻮت. وﻣﻨﻬﺎ ﰲ اﻵﻓﺎت اﻟﺪاﺧﻠﺔ ﻋﲆ اﻟﺤﺐ ﺳﺘﺔ أﺑﻮاب ،وﻫﻲ :ﺑﺎب اﻟﻌﺎذل ،ﺛﻢ ﺑﺎب اﻟﺮﻗﻴﺐ، ﺛﻢ ﺑﺎب اﻟﻮاﳾ ،ﺛﻢ ﺑﺎب اﻟﻬﺠﺮ ،ﺛﻢ ﺑﺎب اﻟﺒني ،ﺛﻢ ﺑﺎب اﻟﺴﻠﻮ. وﻣﻦ ﻫﺬه اﻷﺑﻮاب اﻟﺴﺘﺔ ﺑﺎﺑﺎن ﻟﻜﻞ واﺣﺪ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﺿﺪ ﻣﻦ اﻷﺑﻮاب املﺘﻘﺪﻣﺔ اﻟﺬﻛﺮ، وﻫﻤﺎ :ﺑﺎب اﻟﻌﺎذل ،وﺿﺪه ﺑﺎب اﻟﺼﺪﻳﻖ املﺴﺎﻋﺪ؛ وﺑﺎب اﻟﻬﺠﺮ ،وﺿﺪه ﺑﺎب اﻟﻮﺻﻞ؛ وﻣﻨﻬﺎ أرﺑﻌﺔ أﺑﻮاب ﻻ ﺿﺪ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﺤﺐ ،وﻫﻲ :ﺑﺎب اﻟﺮﻗﻴﺐ ،وﺑﺎب اﻟﻮاﳾ ،وﻻ ﺿﺪ ﻟﻬﻤﺎ إﻻ ارﺗﻔﺎﻋﻬﻤﺎ .وﺣﻘﻴﻘﺔ اﻟﻀﺪ ﻣﺎ إذا وﻗﻊ ارﺗﻔﻊ اﻷول ،وإن ﻛﺎن املﺘﻜﻠﻤﻮن ﻗﺪ اﺧﺘﻠﻔﻮا ﰲ ذﻟﻚ .وﻟﻮﻻ ﺧﻮﻓﻨﺎ إﻃﺎﻟﺔ اﻟﻜﻼم ﻓﻴﻤﺎ ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺟﻨﺲ اﻟﻜﺘﺎب ﻟﺘﻘﺼﻴﻨﺎه. وﺑﺎب اﻟﺒني وﺿﺪه ﺗﺼﺎﻗﺐ اﻟﺪﻳﺎر؛ وﻟﻴﺲ اﻟﺘﺼﺎﻗﺐ ﻣﻦ ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﺤﺐ اﻟﺘﻲ ﻧﺘﻜﻠﻢ ﻓﻴﻬﺎ ،وﺑﺎب اﻟﺴﻠﻮ ،وﺿﺪه اﻟﺤﺐ ﺑﻌﻴﻨﻪ؛ إذ ﻣﻌﻨﻰ اﻟﺴﻠﻮ ارﺗﻔﺎع اﻟﺤﺐ وﻋﺪﻣﻪ. وﻣﻨﻬﺎ ﺑﺎﺑﺎن ﺧﺘﻤﻨﺎ ﺑﻬﻤﺎ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ؛ وﻫﻤﺎ :ﺑﺎب اﻟﻜﻼم ﰲ ﻗﺒﺢ املﻌﺼﻴﺔ ،وﺑﺎب ﰲ َ ﱡ اﻟﺤﺾ ﻋﲆ ﻃﺎﻋﺔ ﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ ،واﻷﻣﺮ ﺧﺎﺗﻤﺔ إﻳﺮادﻧﺎ وآﺧ َﺮ ﻛﻼﻣﻨﺎ ﻓﻀﻞ اﻟﺘﻌﻔﻒ ،ﻟﻴﻜﻮن 9 ﻃﻮق اﻟﺤﻤﺎﻣﺔ ﰲ اﻷ ُ َ ﻟﻔﺔِ واﻷ ُ ﱠﻻف ﺑﺎملﻌﺮوف واﻟﻨﻬﻲ ﻋﻦ املﻨﻜﺮ؛ ﻓﺬﻟﻚ ﻣ ٌ ُﻔﱰض ﻋﲆ ﻛﻞ ﻣﺆﻣﻦ .ﻟﻜﻨﺎ ﺧﺎﻟﻔﻨﺎ ﰲ ﻧَﺴﻖ ﺑﻌﺾ ﻫﺬه اﻷﺑﻮاب ﻫﺬه اﻟ ﱡﺮﺗﺒﺔ املﻘﺴﻤﺔ ﰲ دَرج ﻫﺬا اﻟﺒﺎب اﻟﺬي ﻫﻮ أول أﺑﻮاب اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ،ﻓﺠﻌﻠﻨﺎﻫﺎ ﻋﲆ ﻣﺒﺎدﻳﻬﺎ إﱃ ﻣﻨﺘﻬﺎﻫﺎ واﺳﺘﺤﻘﺎﻗﻬﺎ ﰲ اﻟﺘﻘﺪم واﻟﺪرﺟﺎت واﻟﻮﺟﻮد ،وﻣﻦ أول ﻣﺮاﺗﺒﻬﺎ إﱃ آﺧﺮﻫﺎ ،وﺟﻌﻠﻨﺎ اﻟﻀﺪ إﱃ ﺟﻨﺐ ﺿﺪه؛ ﻓﺎﺧﺘﻠﻒ املﺴﺎق ﰲ أﺑﻮاب ﻳﺴرية .وﷲ املﺴﺘﻌﺎن. َ وﻫﻴْﺌﺘُﻬﺎ ﰲ اﻹﻳﺮاد أوﻟُﻬﺎ ﻫﺬا اﻟﺒﺎب اﻟﺬي ﻧﺤﻦ ﻓﻴﻪ ،وﻓﻴﻪ ﺻﺪر اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ،وﺗﻘﺴﻴﻢ اﻷﺑﻮاب ،واﻟﻜﻼم ﰲ ﺑﺎب ﻣﺎﻫﻴﺔ اﻟﺤﺐ ،ﺛﻢ ﺑﺎب ﻋﻼﻣﺎت اﻟﺤﺐ ،ﺛﻢ ﺑﺎب ﻣﻦ أﺣﺐ ﺑﺎﻟﻮﺻﻒ، ﺛﻢ ﺑﺎب ﻣﻦ أﺣﺐ ﻣﻦ ﻧﻈﺮة واﺣﺪة ،ﺛﻢ ﺑﺎب ﻣﻦ ﻻ ﻳﺤﺐ إﻻ ﻣﻊ املﻄﺎوﻟﺔ ،ﺛﻢ ﺑﺎب ﻣﻦ أﺣﺐ ﺻﻔﺔ ﻟﻢ ﻳﺤﺐ ﺑﻌﺪﻫﺎ ﻏريﻫﺎ ﻣﻤﺎ ﻳﺨﺎﻟﻔﻬﺎ ،ﺛﻢ ﺑﺎب اﻟﺘﻌﺮﻳﺾ ﺑﺎﻟﻘﻮل ،ﺛﻢ ﺑﺎب اﻹﺷﺎرة ﺑﺎﻟﻌني ،ﺛﻢ ﺑﺎب املﺮاﺳﻠﺔ ،ﺛﻢ ﺑﺎب اﻟﺴﻔري ،ﺛﻢ ﺑﺎب ﻃﻲ اﻟﴪ ،ﺛﻢ ﺑﺎب إذاﻋﺘﻪ ،ﺛﻢ ﺑﺎب اﻟﻄﺎﻋﺔ ،ﺛﻢ ﺑﺎب املﺨﺎﻟﻔﺔ ،ﺛﻢ ﺑﺎب اﻟﻌﺎذل ،ﺛﻢ ﺑﺎب املﺴﺎﻋﺪ ﻣﻦ اﻹﺧﻮان ،ﺛﻢ ﺑﺎب اﻟﺮﻗﻴﺐ ،ﺛﻢ ﺑﺎب اﻟﻮاﳾ ،ﺛﻢ ﺑﺎب اﻟﻮﺻﻞ ،ﺛﻢ ﺑﺎب اﻟﻬﺠﺮ ،ﺛﻢ ﺑﺎب اﻟﻮﻓﺎء ،ﺛﻢ ﺑﺎب اﻟﻐﺪر ،ﺛﻢ ﺑﺎب اﻟﺒني، ﺛﻢ ﺑﺎب اﻟﻘﻨﻮع ،ﺛﻢ ﺑﺎب اﻟﻀﻨﻰ ،ﺛﻢ ﺑﺎب اﻟﺴﻠﻮ ،ﺛﻢ ﺑﺎب املﻮت ،ﺛﻢ ﺑﺎب ﻗﺒﺢ املﻌﺼﻴﺔ ،ﺛﻢ ﺑﺎب ﻓﻀﻞ اﻟﺘﻌﻔﻒ. 10 اﻟﻜﻼم ﰲ ﻣﺎﻫﻴﺔ اﳊﺐ اﻟﺤﺐ — أﻋﺰك ﷲ — أوﻟﻪ َﻫﺰل وآﺧﺮه ِﺟﺪ ،ﱠ دﻗﺖ ﻣﻌﺎﻧﻴﻪ ﻟﺠﻼﻟﺘﻬﺎ ﻋﻦ أن ﺗُﻮﺻﻒ ،ﻓﻼ ﺗُﺪرك ﺣﻘﻴﻘﺘﻬﺎ إﻻ ﺑﺎملﻌﺎﻧﺎة ،وﻟﻴﺲ ﺑﻤُﻨ َﻜﺮ ﰲ اﻟﺪﻳﺎﻧﺔ ،وﻻ ﺑﻤﺤﻈﻮر ﰲ اﻟﴩﻳﻌﺔ؛ إذ اﻟﻘﻠﻮب ﺑﻴﺪ ﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ .وﻗﺪ أﺣﺐ ﻣﻦ اﻟﺨﻠﻔﺎء املﻬﺪﻳني واﻷﺋﻤﺔ اﻟﺮاﺷﺪﻳﻦ ﻛﺜري ،ﻣﻨﻬﻢ ﺑﺄﻧﺪﻟﺴﻨﺎ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﻣﻌﺎوﻳﺔ ﻟﺪَﻋﺠﺎء ،واﻟﺤَ َﻜﻢ ﺑﻦ ﻫﺸﺎم ،وﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ اﻟﺤﻜﻢ وﺷﻐﻔ ُﻪ ﺑﻄﺮوب أُم ﻋﺒﺪ ﷲ اﺑﻨﻪ أﺷﻬ ُﺮ ﻣﻦ اﻟﺸﻤﺲ ،وﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ وأﻣﺮه ﻣﻊ ﻏﺰﻻن أم ﺑﻨﻴﻪ ﻋﺜﻤﺎن واﻟﻘﺎﺳﻢ واملﻄﺮف ﻣَ ﻌﻠﻮم ،واﻟﺤﻜﻢ املﺴﺘﻨﴫ واﻓﺘﺘﺎﻧُﻪ ﺑﺼﺒﺢ أم ﻫﺸﺎم املﺆﻳﱠﺪ ﺑﺎهلل — رﴈ ﷲ ﻋﻨﻪ وﻋﻦ ﺟﻤﻴﻌﻬﻢ — واﻣﺘﻨﺎﻋُ ﻪ ﻋﻦ اﻟﺘﻌ ﱡﺮض ﻟﻠﻮﻟﺪ ﻣﻦ ﻏريﻫﺎ ،وﻣﺜﻞ ﻫﺬا ﻛﺜري .وﻟﻮﻻ أن ﺣﻘﻮﻗﻬﻢ ﻋﲆ املﺴﻠﻤني واﺟﺒﺔ — وإﻧﻤﺎ ﻳﺠﺐ أن ﻧﺬﻛﺮ ﻣﻦ أﺧﺒﺎرﻫﻢ ﻣﺎ ﻓﻴﻪ اﻟﺤﺰ ُم وإﺣﻴﺎء اﻟﺪﻳﻦ ،وإﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﳾء ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻨﻔﺮدون ﺑﻪ ﰲ ُﻗﺼﻮرﻫﻢ ﻣﻊ ﻋﻴﺎﻟﻬﻢ ﻓﻼ ُ ﻷوردت ﻣﻦ أﺧﺒﺎرﻫﻢ ﰲ ﻫﺬا اﻟﺸﺄن ﻏريَ ﻗﻠﻴﻞ. ﻳﻨﺒﻐﻲ اﻹﺧﺒﺎر ﺑﻪ ﻋﻨﻬﻢ — ُ وأﻣﺎ ﻛِﺒﺎر رﺟﺎﻟﻬﻢ ودﻋﺎﺋﻢ دوﻟﺘﻬﻢ ﻓﺄﻛﺜﺮ ﻣﻦ أن ﻳ َ وأﺣﺪث ذﻟﻚ ﻣﺎ ﺷﺎﻫﺪﻧﺎه ُﺤﺼﻮا، ﺑﺎﻷﻣﺲ ﻣﻦ ﻛﻠﻒ امل َ ﻈ ﱠﻔﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ املﻠﻚ ﺑﻦ أﺑﻲ ﻋﺎﻣﺮ ﺑﻮاﺣﺪة ،ﺑﻨﺖ رﺟﻞ ﻣﻦ اﻟﺠﺒﺎﺋني، ﺣﺘﻰ ﺣﻤﻠﻪ ﺣُ ﺒﱡﻬﺎ أن ﻳﺘﺰوﺟﻬﺎ ،وﻫﻲ اﻟﺘﻲ َﺧﻠﻒ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﻌﺪ ﻓﻨﺎء اﻟﻌﺎﻣﺮ ﺑﻦ اﻟﻮزﻳﺮ ﻋﺒﺪ ﷲ ﺑﻦ ﻣَ ﺴﻠﻤﺔ ،ﺛﻢ ﺗﺰوﺟﻬﺎ ﺑﻌﺪ ﻗﺘﻠ ِِﻪ رﺟ ٌﻞ ﻣﻦ رؤﺳﺎء اﻟﱪﺑﺮ. وﻣﻤﺎ ﻳﺸﺒﻪ ﻫﺬا أن أﺑﺎ اﻟﻌﻴﺶ ﺑﻦ ﻣَ ﻴﻤﻮن ُ اﻟﻘﺮﳾ اﻟﺤﺴﻴﻨﻲ أﺧﱪﻧﻲ أن ﻧﺰار ﺑﻦ ﻣﻌﺪ، ﺻﺎﺣﺐ ﻣﴫ ،ﻟﻢ ﻳ َﺮ اﺑﻨﻪ ﻣﻨﺼﻮر ﺑﻦ ﻧﺰار اﻟﺬي وﱄ املﻠﻚ ﺑﻌﺪه وادﻋﻰ اﻹﻟﻬﻴﺔ ﱠإﻻ ﺑﻌﺪ ﻣﺪة ﻣﻦ ﻣﻮﻟﺪه ،ﻣﺴﺎﻋﺪ ًة ﻟﺠﺎرﻳﺔ ﻛﺎن ﻳُﺤﺒﻬﺎ ﺣﺒٍّﺎ ﺷﺪﻳﺪًا .ﻫﺬا وﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻪ ذَ َﻛﺮ وﻻ ﻣﻦ ﻳَﺮث ﻣﻠﻜﻪ وﻳُﺤﻴﻲ ذﻛﺮه ﺳﻮاه. ﻃﻮق اﻟﺤﻤﺎﻣﺔ ﰲ اﻷ ُ َ ﻟﻔﺔِ واﻷ ُ ﱠﻻف وﻣﻦ اﻟﺼﺎﻟﺤني واﻟﻔﻘﻬﺎء ﰲ اﻟﺪﻫﻮر املﺎﺿﻴﺔ واﻷزﻣﺎن اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﻣَ ﻦ ﻗﺪ أﺳﺘﻐﻨﻲ ﺑﺄﺷﻌﺎرﻫﻢ ﻋﻦ ذﻛﺮﻫﻢ ،وﻗﺪ ورد ﻣﻦ ﺧﱪ ﻋُ ﺒﻴﺪ ﷲ ﺑﻦ ﻋُ ﺘﺒﺔ ﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮد وﺷﻌﺮه ﻣﺎ ﻓﻴﻪ اﻟﻜﻔﺎﻳﺔ ،وﻫﻮ أﺣﺪ ﻓﻘﻬﺎء املﺪﻳﻨﺔ اﻟﺴﺒﻌﺔ ،وﻗﺪ ﺟﺎء ﻣﻦ ُﻓﺘﻴﺎ اﺑﻦ ﻋﺒﱠﺎس — رﴈ ﷲ ﻋﻨﻪ — ﻣﺎ ﻻ ﻳﺤﺘﺎج ﻣﻌﻪ إﱃ ﻏريه ﺣني ﻳﻘﻮل :ﻫﺬا ﻗﺘﻴﻞ اﻟﻬﻮى ﻻ ﻋَ ْﻘﻞ وﻻ ﻗﻮد. وﻗﺪ اﺧﺘﻠﻒ اﻟﻨﺎس ﰲ ﻣﺎﻫﻴﺘﻪ وﻗﺎﻟﻮا وأﻃﺎﻟﻮا ،واﻟﺬي أذﻫﺐ إﻟﻴﻪ أﻧﻪ اﺗﺼﺎل ﺑني أﺟﺰاء اﻟﻨﻔﻮس املﻘﺴﻮﻣﺔ ﰲ ﻫﺬه اﻟﺨﻠﻴﻘﺔ ﰲ أﺻﻞ ﻋﻨﴫﻫﺎ اﻟﺮﻓﻴﻊ ،ﻻ ﻋﲆ ﻣﺎ ﺣﻜﺎه ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ داود — رﺣﻤﻪ ﷲ — ﻋﻦ ﺑﻌﺾ أﻫﻞ اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ :اﻷرواح أ ُ َﻛ ٌﺮ ﻣﻘﺴﻮﻣﺔْ ، ﻟﻜﻦ ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﻗﻮاﻫﺎ ﰲ ﻣﻘ ﱢﺮ ﻋﺎملﻬﺎ اﻟﻌﻠﻮي وﻣﺠﺎورﺗﻬﺎ ﰲ ﻫﻴﺌﺔ ﺗﺮﻛﻴﺒﻬﺎ. وﻗﺪ ﻋﻠﻤﻨﺎ أن ﴎ اﻟﺘﻤﺎزج واﻟﺘﺒﺎﻳﻦ ﰲ املﺨﻠﻮﻗﺎت إﻧﻤﺎ ﻫﻮ اﻻﺗﺼﺎل واﻻﻧﻔﺼﺎل. واﻟﺸﻜﻞ دأﺑًﺎ ﻳﺴﺘﺪﻋﻲ ﺷﻜﻠﻪ ،واملِ ﺜْﻞ إﱃ ِﻣﺜْﻠﻪ ﺳﺎﻛﻦ ،وﻟﻠﻤُﺠﺎﻧﺴﺔ ﻋﻤ ٌﻞ ﻣﺤﺴﻮس وﺗﺄﺛري ﻣﺸﺎﻫﺪ ،واﻟﺘﻨﺎﻓﺮ ﰲ اﻷﺿﺪاد واملﻮاﻓﻘﺔ ﰲ اﻷﻧﺪاد واﻟﻨﺰاع ﻓﻴﻤﺎ ﺗَﺸﺎﺑﻪ ﻣﻮﺟﻮد ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻨﺎ، ﻓﻜﻴﻒ ﺑﺎﻟﻨﻔﺲ وﻋﺎ َﻟﻤُﻬﺎ اﻟﻌﺎ َﻟﻢ اﻟﺼﺎﰲ اﻟﺨﻔﻴﻒ ،وﺟﻮﻫﺮﻫﺎ اﻟﺠﻮﻫﺮ اﻟﺼﻌﱠ ﺎد املﻌﺘﺪل، وﺳﻨْﺨﻬﺎ املﻬﻴﱠﺄ َ ِ ﻟﻘﺒﻮل اﻻﺗﻔﺎق وا َملﻴﻞ واﻟﺘﱠﻮق واﻻﻧﺤﺮاف واﻟﺸﻬﻮة واﻟﻨﻔﺎر! ﻛﻞ ذﻟﻚ ﻣﻌﻠﻮم ﺑﺎﻟﻔﻄﺮة ﰲ أﺣﻮال ﺗﴫﱡف اﻹﻧﺴﺎن ﻓﻴﺴﻜﻦ إﻟﻴﻬﺎ ،وﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ ﻳﻘﻮلُ : ﴿ﻫ َﻮ ا ﱠﻟﺬِي َﺧ َﻠ َﻘ ُﻜﻢ ﻣﱢ ﻦ ﻧ ﱠ ْﻔ ٍﺲ وَاﺣِ َﺪ ٍة وَﺟَ ﻌَ َﻞ ِﻣﻨْﻬَ ﺎ َزوْﺟَ ﻬَ ﺎ ِﻟﻴ َْﺴ ُﻜ َﻦ إ ِ َﻟﻴْﻬَ ﺎ﴾؛ ﻓﺠﻌﻞ ﻋ ﱠﻠﺔ اﻟﺴﻜﻮن أﻧﻬﺎ ﻣﻨﻪ .وﻟﻮ ﻛﺎن ُ ﻋﻠﺔ اﻟﺤﺐ ﺣُ ﺴﻦ اﻟﺼﻮرة اﻟﺠﺴﺪﻳﱠﺔ ﻟﻮﺟﺐ ﱠأﻻ ﻳُﺴﺘﺤﺴﻦ اﻷﻧ ْ ُ ﻘﺺ ﻣﻦ اﻟﺼﻮرة ،وﻧﺤﻦ ﻧﺠﺪ ﻛﺜريًا ﻣﻤﻦ ﻳُﺆﺛﺮ اﻷدﻧﻰ وﻳَﻌﻠﻢ ﻓﻀ َﻞ ﻏريه وﻻ ﻳﺠﺪ ﻣﺤﻴﺪًا ﻟﻘﻠﺒﻪ ﻋﻨﻪ ،وﻟﻮ ﻛﺎن ﻟﻠﻤُﻮاﻓﻘﺔ ﰲ اﻷﺧﻼق َﻟﻤَ ﺎ أﺣﺐ املﺮء ﻣﻦ ﻻ ﻳﺴﺎﻋﺪه وﻻ ﻳُﻮاﻓﻘﻪ؛ ﻓﻌِ ْﻠﻤُﻨﺎ أﻧﻪ ﳾء ﰲ ذات اﻟﻨﻔﺲ .ورﺑﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ا َملﺤﺒﺔ ﻟﺴﺒﺐ ﻣﻦ اﻷﺳﺒﺎب ،وﺗﻠﻚ ﺗﻔﻨﻰ ﺑﻔﻨﺎء ﺳﺒﺒﻬﺎ؛ ﻓﻤﻦ ودﱠك ﻷﻣﺮ ﱠ وﱃ ﻣﻊ اﻧﻘﻀﺎﺋﻪ ،وﰲ ذﻟﻚ أﻗﻮل: ﺗَﻨ َ َ ﺎﻫﻰ َﻓ َﻠ ْﻢ ﻳَﻨ ْ ُﻘ ْ ﺺ ِﺑ َﺸ ْﻲءٍ َو َﻟ ْﻢ ﻳَ ِﺰ ْد و ََﻻ َﺳ ﺒَ ﺐٌ ﺣَ َ ﺎﺷ ﺎ ُه ﻳَ ﻌْ َﻠ ُﻤ ُﻪ أَﺣَ ْﺪ َﻓﺬَا َك وُﺟُ ﻮ ٌد َﻟﻴْ َﺲ ﻳَ ْﻔﻨ َﻰ ﻋَ َﻠﻰ اﻷَﺑَ ْﺪ َﻓ ِﺈﻋْ ﺪَا ُﻣ ُﻪ ﻓِ ﻲ ﻋُ ﺪ ِْﻣ ﻨ َ ﺎ ﻣَ ﺎ َﻟ ُﻪ و ُِﺟ ْﺪ ِودَادِي َﻟ َﻚ اﻟﺒَﺎﻗِ ﻲ ﻋَ َﻠﻰ ﺣَ ْﺴ ِﺐ َﻛ ْﻮ ِﻧ ِﻪ َو َﻟ ﻴْ َﺴ ْﺖ َﻟ ُﻪ َﻏ ﻴْ ُﺮ ا ِﻹ َرا َد ِة ﻋِ ﱠﻠ ًﺔ إِذَا ﻣَ ﺎ وَﺟَ ْﺪﻧ َﺎ اﻟ ﱠﺸ ْﻲءَ ﻋِ ﱠﻠ َﺔ ﻧ َ ْﻔ ِﺴ ِﻪ َوإِﻣﱠ ﺎ وَﺟَ ْﺪﻧ َ ﺎ ُه ِﻟ َﺸ ْﻲءٍ ﺧِ ﻼﻓ ُﻪ وﻣﻤﺎ ﻳﺆ ﱢﻛﺪ ﻫﺬا اﻟﻘﻮل أﻧﻨﺎ ﻋﻠﻤﻨﺎ أن املﺤﺒﺔ ُﴐوب ،ﻓﺄﻓﻀﻠﻬﺎ ﻣﺤﺒﱠﺔ املﺘﺤﺎﺑﱢني ﰲ ﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ؛ إﻣﺎ ﻻﺟﺘﻬﺎد ﰲ اﻟﻌﻤﻞ ،وإﻣﺎ ﻻﺗﻔﺎق ﰲ أﺻﻞ اﻟﻨﱢﺤﻠﺔ واملﺬاﻫﺐ ،وإﻣﺎ ﻟﻔﻀﻞ ﻋِ ْﻠﻢ ﻳُﻤﻨﺤﻪ اﻹﻧﺴﺎن. 12 اﻟﻜﻼم ﰲ ﻣﺎﻫﻴﺔ اﻟﺤﺐ وﻣﺤﺒﺔ اﻟﻘﺮاﺑﺔ ،وﻣﺤﺒﺔ اﻷﻟﻔﺔ واﻻﺷﱰاك ﰲ املﻄﺎﻟﺐ ،وﻣﺤﺒﺔ اﻟﺘﺼﺎﺣﺐ واملﻌﺮﻓﺔ، وﻣﺤﺒﺔ اﻟﱪ ﻳﻀﻌﻪ املﺮء ﻋﻨﺪ أﺧﻴﻪ ،وﻣﺤﺒﺔ اﻟﻄﻤﻊ ﰲ ﺟﺎه املﺤﺒﻮب ،وﻣﺤﺒﺔ املﺘﺤﺎﺑﱠني ﻟﴪ ﻳﺠﺘﻤﻌﺎن ﻋﻠﻴﻪ ﻳﻠﺰﻣﻬﻤﺎ ﺳﱰه ،وﻣﺤﺒﺔ ﺑﻠﻮغ اﻟﻠﺬة وﻗﻀﺎء اﻟﻮﻃﺮ ،وﻣﺤﺒﺔ اﻟﻌﺸﻖ اﻟﺘﻲ ﻻ ﻋﻠﺔ ﻟﻬﺎ إﻻ ﻣﺎ ذﻛﺮﻧﺎ ﻣﻦ اﺗﺼﺎل اﻟﻨﻔﻮس .ﻓﻜﻞ ﻫﺬه اﻷﺟﻨﺎس ﻣﻨﻘﻀﻴﺔ ﻣﻊ اﻧﻘﻀﺎء ﻋﻠﻠﻬﺎ، وزاﺋﺪة ﺑﺰﻳﺎدﺗﻬﺎ ،وﻧﺎﻗﺼﺔ ﺑﻨﻘﺼﺎﻧﻬﺎ ،ﻣﺘﺄﻛﺪة ﺑﺪﻧﻮﻫﺎ ،ﻓﺎﺗﺮة ﺑﺒﻌﺪﻫﺎ ،ﺣﺎﺷﺎ ﻣﺤﺒﺔ اﻟﻌﺸﻖ اﻟﺼﺤﻴﺢ ا ُملﻤﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﻨﻔﺲ؛ ﻓﻬﻲ اﻟﺘﻲ ﻻ ﻓﻨﺎء ﻟﻬﺎ إﻻ ﺑﺎملﻮت .وإﻧﻚ ﻟﺘﺠﺪ اﻹﻧﺴﺎن اﻟﺴﺎﱄ ﺑﺮﻏﻤﻪ ،وذا ﱢ اﻟﺴﻦ املﺘﻨﺎﻫﻴﺔ إذا ذ ﱠﻛﺮﺗﻪ ﺗﺬﻛﺮ وارﺗﺎح وﺻﺒﺎ ،واﻋﺘﺎده اﻟﻄﺮب ،واﻫﺘﺎج ﻟﻪ اﻟﺤﻨني. ُ َ وﻻ ﻳﻌﺮض ﰲ ﳾء ﻣﻦ ﻫﺬه اﻷﺟﻨﺎس املﺬﻛﻮرةِ ،ﻣﻦ ﺷﻐﻞ اﻟﺒﺎل واﻟﺨﺒﻞ واﻟﻮﺳﻮاس، وﺗﺒﺪﱡل اﻟﻐﺮاﺋﺰ املﺮﻛﺒﺔ ،واﺳﺘﺤﺎﻟﺔ اﻟﺴﺠﺎﻳﺎ املﻄﺒﻮﻋﺔ ،واﻟﻨﱡﺤﻮل واﻟﺰﻓري وﺳﺎﺋﺮ دﻻﺋﻞ اﻟﺸﺠﺎ؛ ﻣﺎ ﻳﻌﺮض ﰲ اﻟﻌﺸﻖ؛ ﻓﺼﺢﱠ ﺑﺬﻟﻚ أﻧﻪ اﺳﺘﺤﺴﺎن ُروﺣﺎﻧﻲ ،واﻣﺘﺰاج ﻧَﻔﺴﺎﻧﻲ ،ﻓﺈن ﻗﺎل ﻗﺎﺋﻞ :ﻟﻮ ﻛﺎن ﻫﺬا ﻛﺬﻟﻚ ﻟﻜﺎﻧﺖ املﺤﺒﱠﺔ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻣﺴﺘﻮﻳﺔ؛ إذ اﻟﺠﺰءان ﻣﺸﱰﻛﺎن ﰲ اﻻﺗﺼﺎل ﱠ وﻟﻜﻦ ﻧﻔﺲ وﺣﻈﻬﻤﺎ واﺣﺪ .ﻓﺎﻟﺠﻮاب ﻋﻦ ذﻟﻚ أن ﻧﻘﻮل :ﻫﺬه َﻟﻌﻤﺮي ﻣﻌﺎرﺿﺔ ﺻﺤﻴﺤﺔ، ُ ﻣﻜﺘﻨﻔﺔ اﻟﺠﻬﺎت ﺑﺒﻌﺾ اﻷﻋﺮاض اﻟﺴﺎﺗﺮة واﻟﺤُ ﺠﺐ املﺤﻴﻄﺔ ﺑﻬﺎ اﻟﺬي ﻻ ﻳﺤﺐ ﻣﻦ ﻳُﺤﺒﻪ ً ﻣﺘﺼﻼ ﺑﻬﺎ ﻗﺒﻞ ﺣﻠﻮﻟﻬﺎ ﺣﻴﺚ ﻫﻲ، ﻣﻦ اﻟﻄﺒﺎﺋﻊ اﻷرﺿﻴﺔ ،ﻓﻠﻢ ﺗُﺤﺲ ﺑﺎﻟﺠﺰء اﻟﺬي ﻛﺎن وﻟﻮ ﺗﺨ ﱠﻠﺼﺖ ﻻﺳﺘﻮﻳﺎ ﰲ اﻻﺗﺼﺎل واملﺤﺒﺔ. ٌ ﻃﺎﻟﺒﺔ ﻟﻪ ،ﻗﺎﺻﺪة وﻧﻔﺲ املﺤﺐ ﻣﺘﺨﻠﺼﺔ ﻋﺎملﺔ ﺑﻤﻜﺎن ﻣﺎ ﻛﺎن ﻳﴩﻛﻬﺎ ﰲ املﺠﺎورة، إﻟﻴﻪ ،ﺑﺎﺣﺜﺔ ﻋﻨﻪ ،ﻣﺸﺘﻬﻴﺔ ملﻼﻗﺎﺗﻪ ،ﺟﺎذﺑﺔ ﻟﻪ ﻟﻮ أﻣﻜﻨﻬﺎ ﻛﺎملﻐﻨﺎﻃﻴﺲ واﻟﺤﺪﻳﺪ ،ﻗﻮة ﺟﻮﻫﺮ املﻐﻨﺎﻃﻴﺲ املﺘﺼﻠﺔ ﺑﻘﻮة ﺟﻮﻫﺮ اﻟﺤﺪﻳﺪ ﻟﻢ ﺗﺒﻠﻎ ﻣﻦ ﺗﺤﻜﻤﻬﺎ وﻻ ﻣﻦ ﺗﺼﻔﻴﺘﻬﺎ أن ﺗﻘﺼﺪ إﱃ اﻟﺤﺪﻳﺪ ﻋﲆ أﻧﻪ ﻣﻦ ﺷﻜﻠﻬﺎ وﻋﻨﴫﻫﺎ ،ﻛﻤﺎ أن ﻗﻮة اﻟﺤﺪﻳﺪ ﻟﺸﺪﺗﻬﺎ ﻗﺼﺪت إﱃ ﺷﻜﻠﻬﺎ واﻧﺠﺬﺑﺖ ﻧﺤﻮه؛ إذ اﻟﺤﺮﻛﺔ أﺑﺪًا إﻧﻤﺎ ﺗﻜﻮن ﻣﻦ اﻷﻗﻮى ،وﻗﻮة اﻟﺤﺪﻳﺪ ﻣﱰوﻛﺔ اﻟﺬات ﻏري ﺑﺤﺎﺑﺲ ،ﺗﻄﻠﺐ ﻣﺎ ﻳﺸﺒﻬﻬﺎ ،وﺗﻨﻘﻄﻊ إﻟﻴﻪ ،وﺗﻨﻬﺾ ﻧﺤﻮه ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ واﻟﴬورة، ﻣﻤﻨﻮﻋﺔ ٍ وﺑﺎﻻﺧﺘﻴﺎر واﻟﺘﻌﻤﱡ ﺪ. َ وأﻧﺖ ﻣﺘﻰ أﻣﺴﻜﺖ اﻟﺤﺪﻳﺪ ﺑﻴﺪك ﻟﻢ ﻳﻨﺠﺬب؛ إذ ﻟﻢ ﻳﺒﻠﻎ ﻣﻦ ﻗﻮﺗﻪ ً ﻣﻐﺎﻟﺒﺔ أﻳﻀﺎ ا ُملﻤﺴﻚ ﻟﻪ ﻣﻤﺎ ﻫﻮ أﻗﻮى ﻣﻨﻪ .وﻣﺘﻰ ﻛﺜﺮت أﺟﺰاء اﻟﺤﺪﻳﺪ اﺷﺘﻐﻞ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺑﺒﻌﺾ ،واﻛﺘﻔﺖ ﺑﺄﺷﻜﺎﻟﻬﺎ ﻋﻦ ﻃﻠﺐ اﻟﻴﺴري ﻣﻦ ﻗﻮاﻫﺎ اﻟﻨﺎزﺣﺔ ﻋﻨﻬﺎ ،ﻓﻤﺘﻰ ﻋ ُ ﻈﻢ ِﺟﺮم املﻐﻨﺎﻃﻴﺲ ووازت ُﻗﻮاه ﺟﻤﻴ َﻊ ُﻗﻮى ِﺟﺮم اﻟﺤﺪﻳﺪ ﻋﺎدت إﱃ ﻃﺒﻌﻬﺎ املﻌﻬﻮد .وﻛﺎﻟﻨﺎر ﰲ اﻟﺤﺠﺮ ﻻ ﺗﱪز ﻋﲆ اﻟﺠﺮﻣني ﻗﻮة اﻟﺤﺠﺮ ﰲ اﻻﺗﺼﺎل واﻻﺳﺘﺪﻋﺎء ﻷﺟﺰاﺋﻬﺎ ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻧﺖ إﻻ ﺑﻌﺪ اﻟﻘﺪح وﻣﺠﺎورة ِ ﺑﻀﻐﻄﻬﻤﺎ واﺻﻄﻜﺎﻛﻬﻤﺎ ،وإﻻ ﻓﻬﻲ ﻛﺎﻣﻨﺔ ﰲ ﺣَ ﺠﺮﻫﺎ ﻻ ﺗﺒﺪو وﻻ ﺗﻈﻬﺮ. 13 ﻃﻮق اﻟﺤﻤﺎﻣﺔ ﰲ اﻷ ُ َ ﻟﻔﺔِ واﻷ ُ ﱠﻻف وﻣﻦ اﻟﺪﻟﻴﻞ ﻋﲆ ﻫﺬا ً أﻳﻀﺎ أﻧﻚ ﻻ ﺗﺠﺪ اﺛﻨني ﻳﺘﺤﺎﺑﱠﺎن إﻻ وﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻣﺸﺎﻛﻠﺔ واﺗﻔﺎق اﻟﺼﻔﺎت اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ،ﻻ ﺑﺪ ﰲ ﻫﺬا وإن ﻗﻞ ،وﻛﻠﻤﺎ ﻛﺜﺮت اﻷﺷﺒﺎه زادت ا ُملﺠﺎﻧﺴﺔ وﺗﺄ ﱠﻛﺪت املﻮدة .ﻓﺎﻧﻈﺮ ﻫﺬا ﺗﺮاه ﻋِ ﻴﺎﻧًﺎ ،وﻗﻮ ُل رﺳﻮل ﷲ ﷺ ﻳﺆ ﱢﻛﺪه» :اﻷرواح ﺟﻨﻮد ﻣﺠﻨﺪة ،ﻣﺎ ﺗَﻌﺎرف ﻣﻨﻬﺎ اﺋﺘﻠﻒ ،وﻣﺎ ﺗﻨﺎﻛﺮ ﻣﻨﻬﺎ اﺧﺘﻠﻒ «.وﻗﻮ ٌل ﻣﺮويﱞ ﻋﻦ أﺣﺪ اﻟﺼﺎﻟﺤني» :أرواح املﺆﻣﻨني ﺗﺘﻌﺎرف «.وﻟﻬﺬا ﻣﺎ اﻏﺘﻢ ﺑﻘﺮاط ﺣني وُﺻﻒ ﻟﻪ رﺟﻞ ﻣﻦ أﻫﻞ اﻟﻨﻘﺼﺎن ﻳُﺤﺒﻪ، ﻓﻘﻴﻞ ﻟﻪ ﰲ ذﻟﻚ ،ﻓﻘﺎل :ﻣﺎ أﺣﺒﻨﻲ إﻻ وﻗﺪ واﻓﻘﺘُﻪ ﰲ ﺑﻌﺾ أﺧﻼﻗﻪ. وذﻛﺮ أﻓﻼﻃﻮن أن ﺑﻌﺾ املﻠﻮك ﺳﺠﻨﻪ ﻇﻠﻤً ﺎ ،ﻓﻠﻢ ﻳﺰل ﻳﺤﺘﺞﱡ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﺣﺘﻰ أﻇﻬﺮ ﺑﺮاءﺗﻪ ،وﻋﻠﻢ املﻠﻚ أﻧﻪ ﻟﻪ ﻇﺎﻟﻢ ،ﻓﻘﺎل ﻟﻪ وزﻳﺮه اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﺘﻮﱃ إﻳﺼﺎل ﻛﻼﻣﻪ إﻟﻴﻪ :أﻳﻬﺎ املﻠﻚ ،ﻗﺪ اﺳﺘﺒﺎن ﻟﻚ أﻧﻪ ﺑﺮيء؛ ﻓﻤﺎ ﻟﻚ وﻟﻪ؟ ﻓﻘﺎل املﻠﻚ :ﻟﻌﻤﺮي ﻣﺎ ﱄ إﻟﻴﻪ ﺳﺒﻴﻞ ،ﻏري أﻧﻲ ً ُ ﻓﺎﺣﺘﺠﺖ أن أﻓﺘﺶ ﰲ اﺳﺘﺜﻘﺎﻻ ﻻ أدري ﻣﺎ ﻫﻮ .ﻓﺄدﱠى ذﻟﻚ إﱃ أﻓﻼﻃﻮن ،ﻗﺎل: أﺟﺪ ﻟﻨﻔﴘ ﻧﻔﴘ وأﺧﻼﻗﻲ أﺟﺪ ﺷﻴﺌًﺎ أﻗﺎﺑﻞ ﺑﻪ ﻧﻔﺴﻪ وأﺧﻼﻗﻪ ﻣﻤﺎ ﻳﺸﺒﻬﻬﺎ ،ﻓﻨﻈﺮت ﰲ أﺧﻼﻗﻪ ﻓﺈذا ﻫﻮ ﻣﺤﺐ ﻟﻠﻌﺪل ﻛﺎره ﻟﻠﻈﻠﻢ ،ﻓﻤﻴﺰت ﻫﺬا اﻟﻄﺒﻊ ﰲ ﱠ ،ﻓﻤﺎ ﻫﻮ إﻻ أن ﺣﺮﻛﺖ ﻫﺬه املﻮاﻓﻘﺔ، وﻗﺎﺑﻠﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﻬﺬا اﻟﻄﺒﻊ اﻟﺬي ﺑﻨﻔﴘ ،ﻓﺄﻣﺮ ﺑﺈﻃﻼﻗﻲ وﻗﺎل ﻟﻮزﻳﺮه :ﻗﺪ اﻧﺤ ﱠﻞ ﻛﻞ ﻣﺎ أﺟﺪ ﰲ ﻧﻔﴘ ﻟﻪ. وأﻣﺎ اﻟﻌﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻮﻗﻊ اﻟﺤﺐ أﺑﺪًا ﰲ أﻛﺜﺮ اﻷﻣﺮ ﻋﲆ اﻟﺼﻮرة اﻟﺤﺴﻨﺔ ،ﻓﺎﻟﻈﺎﻫﺮ أن اﻟﻨﻔﺲ ﺗﻮﻟﻊ ﺑﻜﻞ ﳾء ﺣﺴﻦ ،وﺗﻤﻴﻞ إﱃ اﻟﺘﺼﺎوﻳﺮ املﺘﻘﻨﺔ ،ﻓﻬﻲ إذا رأت ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺗﺜﺒﺘﺖ ﻓﻴﻪ ،ﻓﺈن ﻣﻴﺰت وراءﻫﺎ ﺷﻴﺌًﺎ ﻣﻦ أﺷﻜﺎﻟﻬﺎ اﺗﺼﻠﺖ وﺻﺤﺖ املﺤﺒﺔ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ،وإن ﻟﻢ ﺗﻤﻴﺰ وراءﻫﺎ ﺷﻴﺌًﺎ ﻣﻦ أﺷﻜﺎﻟﻬﺎ ﻟﻢ ﻳﺘﺠﺎوز ﺣﺒﻬﺎ اﻟﺼﻮرة ،وذﻟﻚ ﻫﻮ اﻟﺸﻬﻮة. ً ﻟﺘﻮﺻﻴﻼ ﻋﺠﻴﺒًﺎ ﺑني أﺟﺰاء اﻟﻨﻔﻮس اﻟﻨﺎﺋﻴﺔ ،وﻗﺮأت ﰲ اﻟﺴﻔﺮ اﻷول ﻣﻦ وإن ﻟﻠﺼﻮر اﻟﺘﻮراة أن اﻟﻨﺒﻲ ﻳﻌﻘﻮب ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼم أﻳﺎم َرﻋﻴﻪ ﻏﻨﻤً ﺎ ﻻﺑﻦ ﺧﺎﻟﻪ ﻣﻬ ًﺮا ﻻﺑﻨﺘﻪ ﺷﺎ َرﻃﻪ ﻋﲆ املﺸﺎرﻛﺔ ﰲ إﻧﺴﺎﻟﻬﺎ ،ﻓﻜﻞ ﺑَﻬﻴﻢ ﻟﻴﻌﻘﻮب وﻛﻞ أﻏﺮ ﻟﻼﺑﺎن ،ﻓﻜﺎن ﻳﻌﻘﻮب ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼم ﻳﻌﻤﺪ ً ً ﻧﺼﻔﺎ ﺑﺤﺎﻟﻪ ،ﺛﻢ ﻳﻠﻘﻲ اﻟﺠﻤﻴﻊ ﰲ املﺎء اﻟﺬي ﺗَﺮده ﻧﺼﻔﺎ وﻳﱰك إﱃ ﻗﻀﺒﺎن اﻟﺸﺠﺮ ﻳﺴﻠﺦ ً ً وﻧﺼﻔﺎ ُﻏ ٍّﺮا. ﻧﺼﻔﺎ ﺑُﻬْ ﻤً ﺎ اﻟﻐﻨﻢ ،وﻳﺘﻌﻤﺪ إرﺳﺎل اﻟﻄﺮوﻗﺔ ﰲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ﻓﻼ ﺗﻠﺪ إﻻ ﻧﺼﻔني؛ وذﻛﺮ ﻋﻦ ﺑﻌﺾ اﻟﻘﺎﻓﺔ أﻧﻪ أُﺗﻰ ﺑﺎﺑﻦ أﺳﻮد ﻷﺑ َ ْﻴﻀني ،ﻓﻨﻈﺮ إﱃ أﻋﻼﻣﻪ ﻓﺮآه ﻟﻬﻤﺎ ﻏري ﺷﻚ ،ﻓﺮﻏﺐ أن ﻳ َ َ اﻟﺒﻴﺖ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻓﻴﻪ ُﻮﻗﻒ ﻋﲆ املﻮﺿﻊ اﻟﺬي اﺟﺘﻤﻌﺎ ﻋﻠﻴﻪ ،ﻓﺄُدﺧﻞ ﻣَ ْﻀﺠﻌﻬﻤﺎ ،ﻓﺮأى ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻮازي ﻧﻈﺮ املﺮأة ﺻﻮر َة أﺳﻮد ﰲ اﻟﺤﺎﺋﻂ ،ﻓﻘﺎل ﻷﺑﻴﻪِ :ﻣﻦ ﻗِ ﺒﻞ ﻫﺬه اﻟﺼﻮرة أ ُ َ ﺗﻴﺖ ﰲ اﺑﻨﻚ. 14 اﻟﻜﻼم ﰲ ﻣﺎﻫﻴﺔ اﻟﺤﺐ املﺮﺋﻲ ﰲ وﻛﺜريًا ﻣﺎ ﻳﴫف ﺷﻌﺮاء أﻫﻞ اﻟﻜﻼم ﻫﺬا املﻌﻨﻰ ﰲ أﺷﻌﺎرﻫﻢ ،ﻓﻴﺨﺎﻃﺒﻮن ﱠ اﻟﻈﺎﻫﺮ ﺧﻄﺎبَ املﻌﻘﻮل اﻟﺒﺎﻃﻦ ،وﻫﻮ املﺴﺘﻔﻴﺾ ﰲ ﺷﻌﺮ اﻟﻨ ﱠ ﻈﺎم إﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﻦ ﺳﻴﱠﺎر وﻏريه ﻣﻦ املﺘﻜﻠﻤني ،وﰲ ذﻟﻚ أﻗﻮل ﺷﻌ ًﺮا ،ﻣﻨﻪ: ﻣَ ﺎ ﻋِ ﱠﻠ ُﺔ اﻟﻨ ﱠ ْ ﺼ ِﺮ ﻓِ ﻲ اﻷَﻋْ ﺪَاءِ ﺗَﻌْ ِﺮ ُﻓﻬَ ﺎ ﺎس َﻗ ِ ﺎﻃ ﺒَ ًﺔ ﻮس اﻟ ﻨ ﱠ ِ إ ِ ﱠﻻ ِﻧ َﺰا ُع ﻧ ُ ُﻔ ِ ﻣَ ْﻦ ُﻛ ﻨ ْ َﺖ ُﻗ ﺪﱠاﻣَ ُﻪ َﻻ ﻳَ ﻨ ْ ﺜ َ ِﻨ ﻲ أَﺑَ ﺪًا وَﻣَ ْﻦ ﺗَ ُﻜ ْﻦ َﺧ ْﻠ َﻔ ُﻪ َﻓﺎﻟﻨ ﱠ ْﻔ ُﺲ ﺗَ ْ ﺼ ِﺮ ُﻓ ُﻪ َو ِﻋ ﱠﻠ ُﺔ اﻟ َﻔ ﱢﺮ ِﻣ ﻨ ْ ﻬُ ْﻢ ْ أن ﻳَ ﻔِ ﱡﺮوﻧ َ ﺎ ﺎس ﻣَ ْﻜﻨ ُﻮﻧﺎ إ ِ َﻟﻴْ َﻚ ﻳَﺎ ﻟُ ْﺆﻟُ ًﺆا ﻓِ ﻲ اﻟﻨ ﱠ ِ ﻮر َك اﻟ ﱠ ﺼﻌﱠ ﺎدِ ﻳَﻌ ُﺸﻮﻧﺎ َﻓﻬُ ْﻢ إ ِ َﻟﻰ ﻧ ُ ِ إ ِ َﻟ ﻴْ َﻚ َ ﻃ ﻮْﻋً ﺎ َﻓ ﻬُ ْﻢ دَأﺑً ﺎ ﻳَ ﻜ ﱡﺮوﻧ ﺎ وﻣﻦ ذﻟﻚ أﻗﻮل: أ َ ِﺑ ْﻦ ِﻟ ﻲ َﻓ َﻘ ْﺪ أ ْز َرى ِﺑ ﺘَ ﻤْ ِﻴ ﻴ ِﺰيَ اﻟ ﻌِ ﱡﻲ إِذَا أُﻋ ﻤ ﻞ اﻟ ﺘﱠ ْﻔ ِﻜ ﻴ ُﺮ َﻓ ﺎﻟ ِﺠ ْﺮ ُم ﻋُ ْﻠ ِﻮيﱡ ﻋَ َﻠ ﻰ أَﻧ ﱠ َﻚ اﻟ ﻨ ﱡ ﻮ ُر اﻷ َ ِﻧ ﻴ ُﻖ اﻟ ﱠ ﻄ ِﺒ ﻴ ﻌِ ﱡﻲ ﻮس اﺗﱢ َ ﺼ ﺎ ِﻟ ﱡﻲ إ ِ َﻟ ﻴْ ﻨ َ ﺎ ِﻣ ﺜ َ ﺎ ٌل ﻓِ ﻲ اﻟ ﻨ ﱡ ُﻔ ِ ﻧ َ ﻘِ ﻴ ُﺲ ﻋَ َﻠ ﻴْ ِﻪ َﻏ ﻴْ َﺮ أَﻧ ﱠ َﻚ ﻣَ ْﺮﺋِ ﱡﻲ ِﺳ ﻮَى أَﻧ ﱠ َﻚ اﻟ ﻌَ ْﻘ ُﻞ اﻟ ﱠﺮ ِﻓ ﻴ ُﻊ اﻟ ﺤَ ﻘِ ﻴ ﻘِ ﱡﻲ أ َ ِﻣ ْﻦ ﻋَ ﺎ َﻟ ِﻢ اﻷَﻣْ َﻼكِ أَﻧ ْ َﺖ أ َ ِم اﻧ ْ ِﺴ ﱞﻲ أ َ َرى َﻫ ﻴْ ﺌَ ًﺔ إِﻧ ْ ِﺴ ﻴﱠ ًﺔ َﻏ ﻴْ َﺮ أَﻧ ﱠ ُﻪ ﺗَ ﺒَ ﺎ َر َك ﻣَ ْﻦ َﺳ ﻮﱠى ﻣَ ﺬَاﻫِ ﺐَ َﺧ ْﻠ ﻘِ ِﻪ و ََﻻ َﺷ ﱠﻚ ﻋِ ﻨ ْ ﺪِي أَﻧ ﱠ َﻚ اﻟ ﱡﺮوحُ َﺳ َﺎﻗ ُﻪ ﻋَ ﺪِﻣْ ﻨ َ ﺎ َد ِﻟ ﻴ ًﻼ ﻓِ ﻲ ﺣُ ﺪُوﺛِ َﻚ َﺷ ﺎﻫِ ﺪًا َو َﻟﻮ َْﻻ و ُُﻗﻮ ُع اﻟﻌَ ﻴْ ِﻦ ﻓِ ﻲ اﻟ َﻜﻮ ِْن َﻟ ْﻢ ﻧ َ ُﻘ ْﻞ وﻛﺎن ﺑﻌﺾ أﺻﺤﺎﺑﻨﺎ ﻳُﺴﻤﱢ ﻲ ﻗﺼﻴﺪ ًة ﱄ »اﻹدراك املﺘﻮﻫﻢ« ،ﻣﻨﻬﺎ: ﺗَ َﺮى ُﻛ ﱠﻞ ِﺿ ﱟﺪ ِﺑ ِﻪ َﻗ ﺎ ِﺋ ﻤً ﺎ َﻓﻴَﺎ أَﻳﱡﻬَ ﺎ اﻟ ِﺠ ْﺴ ُﻢ َﻻ ذَا ِﺟﻬَ ٍ ﺎت ﻧ َ َﻘ ْﻀ َﺖ ﻋَ َﻠ ﻴْﻨ َﺎ وُﺟُ ﻮ َه اﻟ َﻜ َﻼم ﻒ ﺗَﺤُ ﱡﺪ ْ اﺧ ِﺘ َﻼ َ َﻓ َﻜﻴْ َ ف اﻟﻤَ ﻌَ ﺎ ِﻧﻲ َوﻳَ ﺎ ﻋَ َﺮ ً ﺎن ﺿ ﺎ ﺛ ﺎﺑ ﺘً ﺎ َﻏ ﻴْ َﺮ َﻓ ِ ﺎن َﻓﻤَ ﺎ ُﻫ َﻮ ُﻣﺬْ ﻟُﺤْ َﺖ ِﺑﺎﻟ ُﻤ ْﺴﺘَﺒَ ِ وﻫﺬا ﺑﻌﻴﻨﻪ ﻣﻮﺟﻮد ﰲ اﻟﺒﻐﻀﺔ ،ﺗﺮى اﻟﺸﺨﺼني ﻳﺘﺒﺎﻏﻀﺎن ﻻ ملﻌﻨًﻰ وﻻ ﻋﻠﺔ، ً ﺑﻌﻀﺎ ﺑﻼ ﺳﺒﺐ .واﻟﺤﺐ — أﻋﺰك ﷲ — داء ﻋَ ﻴَﺎء ،وﻓﻴﻪ اﻟﺪواء ﻣﻨﻪ وﻳﺴﺘﺜﻘﻞ ﺑﻌﻀﻬﻤﺎ ﻋﲆ ﻗﺪر املﻌﺎﻣﻠﺔ ،وﻣﻘﺎ ٌم ﻣﺴﺘﻠﺬ ،وﻋﻠﺔ ﻣﺸﺘﻬﺎة ،ﻻ ﻳﻮ ﱡد ﺳﻠﻴﻤُﻬﺎ اﻟﱪءَ ،وﻻ ﻳﺘﻤﻨﱠﻰ ﻋﻠﻴﻠُﻬﺎ اﻹﻓﺎﻗﺔ ،ﻳُﺰﻳﱢﻦ ﻟﻠﻤﺮء ﻣﺎ ﻛﺎن ﻳﺄﻧﻒ ﻣﻨﻪ ،وﻳُﺴﻬﱢ ﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻳﺼﻌُ ﺐ ﻋﻨﺪه ،ﺣﺘﻰ ﻳُﺤﻴﻞ ً ﻣﻠﺨﺼﺎ ﰲ ﺑﺎﺑﻪ إن ﺷﺎء ﷲ. واﻟﺠ ِﺒ ﱠﻠﺔ املﺨﻠﻮﻗﺔ .وﺳﻴﺄﺗﻲ ﻛﻞ ذﻟﻚ اﻟﻄﺒﺎﺋﻊ املﺮﻛﺒﺔ ِ 15 ﻃﻮق اﻟﺤﻤﺎﻣﺔ ﰲ اﻷ ُ َ ﻟﻔﺔِ واﻷ ُ ﱠﻻف ﺧﱪ ُ ﻋﻠﻤﺖ ﻓﺘًﻰ ﻣﻦ ﺑﻌﺾ ﻣﻌﺎرﰲ ﻗﺪ وَﺣِ ﻞ ﰲ اﻟﺤﺐ وﺗﻮ ﱠرط ﰲ ﺣﺒﺎﺋﻠﻪ ،وأﴐ ﺑﻪ اﻟﻮﺟﺪ، وﻟﻘﺪ وأﻧﻀﺤﻪ اﻟﺪﻧﻒ ،وﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ُ ﻧﻔﺴﻪ ﺗﻄﻴﺐ ﺑﺎﻟﺪﻋﺎء إﱃ ﷲ ﻋ ﱠﺰ وﺟ ﱠﻞ ﰲ ﻛﺸﻒ ﻣﺎ ﺑﻪ ،وﻻ ﻳﻨﻄﻖ ﺑﻪ ﻟﺴﺎﻧُﻪ ،وﻣﺎ ﻛﺎن دﻋﺎؤه إﻻ ﺑﺎﻟﻮﺻﻞ واﻟﺘﻤ ﱡﻜﻦ ﻣﻤﻦ ﻳُﺤﺐ ،ﻋﲆ ﻋﻈﻴﻢ ﺑﻼﺋﻪ وﻃﻮﻳﻞ اﻟﻈﻦ ﺑﺴﻘﻴ ٍﻢ ﻻ ﻳﺮﻳﺪ ْ ﱡ ﻓﻘﺪ ﺳﻘﻤﻪ .وﻟﻘﺪ ﺟﺎﻟﺴﺘُﻪ ﻳﻮﻣً ﺎ ﻓﺮأﻳﺖ ﻣﻦ إﻛﺒﺎﺑﻪ وﺳﻮء ﻫﻤﻪ ،ﻓﻤﺎ ُ رأﻳﺖ أﺛﺮ اﻟﻜﺮاﻫﻴﺔ ﺣﺎﻟﻪ وإﻃﺮاﻗﻪ ﻣﺎ ﺳﺎءﻧﻲ ،ﻓﻘﻠﺖ ﻟﻪ ﰲ ﺑﻌﺾ ﻗﻮﱄ :ﻓ ﱠﺮج ﷲ ﻋﻨﻚ .ﻓﻠﻘﺪ ﰲ وﺟﻬﻪ. ٍ ٍ ﻃﻮﻳﻠﺔ: ﻛﻠﻤﺔ وﰲ ﻣﺜﻠﻪ أﻗﻮل ﻣﻦ ﺼ ِﺮ ُ َو َﻟ ْﺴ ُﺖ ﻋَ ﻨ ْ َﻚ ﻣَ ﺪَى اﻷَﻳﱠﺎ ِم أَﻧ ْ َ ف َﻓ ﻤَ ﺎ ﺟَ ﻮَا ِﺑ َﻲ إ ِ ﱠﻻ اﻟ ﱠﻼ ُم وَاﻷ َ ِﻟ ُ ﻒ وَأ َ ْﺳ ﺘَ ِﻠ ﱡﺬ ﺑَ َﻼ ِﺋ ﻲ ﻓِ ﻴ َﻚ ﻳَ ﺎ أَﻣَ ِﻠ ﻲ إ ِ ْن ﻗِ ﻴ َﻞ ِﻟ ﻲ ﺗَﺘَ َﺴ ﱠﻠ ﻰ ﻋَ ْﻦ ﻣَ َﻮ ﱠد ِﺗ ِﻪ ﺧﱪ وﻫﺬه اﻟﺼﻔﺎت ﻣﺨﺎﻟﻔﺔ ملﺎ أﺧﱪﻧﻲ ﺑﻪ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻪ أﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻗﺎﺳﻢ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻘﺮﳾﱡ ،املﻌﺮوف ﺑﺎﻟﺸﻠﴚ ،ﻣﻦ وﻟﺪ اﻹﻣﺎم ﻫﺸﺎم ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﻣﻌﺎوﻳﺔ ،أﻧﻪ ﻟﻢ إﻟﻒ َ أﺳﻒ ﻋﲆ ٍ ﻳُﺤﺐ أﺣﺪًا ﻗﻂ ،وﻻ ِ ﺑﺎن ﻣﻨﻪ ،وﻻ ﺗﺠﺎوز ﺣﺪ ﱡ اﻟﺼﺤﺒﺔ واﻷُﻟﻔﺔ إﱃ ﺣ ﱢﺪ اﻟﺤُ ﺐ واﻟﻌﺸﻖ ﻣﻨﺬ ُﺧﻠﻖ. 16 ﺑﺎب ﻋﻼﻣﺎت اﳊﺐ وﻟﻠﺤُ ﺐ ﻋﻼﻣﺎت ﻳﻘﻔﻮﻫﺎ َ اﻟﻔﻄﻦ ،وﻳﻬﺘﺪي إﻟﻴﻬﺎ اﻟﺬﻛﻲ؛ ﻓﺄوﻟﻬﺎ إدﻣﺎن اﻟﻨﻈﺮ؛ واﻟﻌني ﺑﺎب اﻟﻨﻔﺲ اﻟﺸﺎرع ،وﻫﻲ املﻨﻘﺒﺔ ﻋﻦ ﴎاﺋﺮﻫﺎ ،وا ُمل ﱢ ﻌﱪة ﻟﻀﻤﺎﺋﺮﻫﺎ ،وا ُملﻌﺮﺑﺔ ﻋﻦ ﺑﻮاﻃﻨﻬﺎ، ﱡ ﱠ ﺑﺘﻨﻘﻞ املﺤﺒﻮب ،وﻳﻨﺰوي ﺑﺎﻧﺰواﺋﻪ ،وﻳﻤﻴﻞ ﺣﻴﺚ ﻣﺎل ﻳﺘﻨﻘﻞ ﻓﱰى اﻟﻨﺎﻇﺮ ﻻ ﻳﻄﺮف، ﻛﺎﻟﺤﺮﺑﺎء ﻣﻊ اﻟﺸﻤﺲ ،وﰲ ذﻟﻚ أﻗﻮل ﺷﻌ ًﺮا ،ﻣﻨﻪ: َﻓ َﻠ ﻴْ َﺲ ِﻟ ﻌَ ﻴْ ِﻨ ﻲ ﻋِ ﻨ ْ َﺪ َﻏ ﻴْ ِﺮ َك ﻣَ ْﻮ ِﻗ ٌ ﻒ ﺻ ﱢﺮ ُﻓ ﻬَ ﺎ ﺣَ ﻴْ ُﺚ اﻧ ْ َ أُ َ ﺼ َﺮﻓ َﺖ َو َﻛ ﻴْ َﻔ ﻤَ ﺎ َﻛﺄَﻧ ﱠ َﻚ ﻣَ ﺎ ﻳَﺤْ ُﻜ َ ﻮن ِﻣ ْﻦ ﺣَ ﺠَ ِﺮ اﻟﺒَﻬْ ِﺖ ﺗَ َﻘ ﱠﻠﺒْ َﺖ َﻛﺎﻟﻤَ ﻨ ْﻌُ ِ ﻮت ﻓِ ﻲ اﻟﻨ ﱠﺤْ ِﻮ وَاﻟﻨ ﱠﻌْ ِﺖ وﻣﻨﻬﺎ اﻹﻗﺒﺎل ﺑﺎﻟﺤﺪﻳﺚ ،ﻓﻤﺎ ﻳﻜﺎد ﻳُﻘﺒﻞ ﻋﲆ ﺳﻮى ﻣﺤﺒﻮﺑﻪ وﻟﻮ ﺗﻌﻤﺪ ﻏري ذﻟﻚ ،وإن اﻟﺘﻜﻠﻒ ﻟﻴﺴﺘﺒني ملﻦ ﻳﺮﻣُﻘﻪ ﻓﻴﻪ ،واﻹﻧﺼﺎت ﻟﺤﺪﻳﺜﻪ إذا ﺣﺪﱠث ،واﺳﺘﻐﺮابُ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺄﺗﻲ ﺑﻪ ني املﺤﺎلَ ، وﻛﺄﻧﻪ ﻋ ُ وﺧﺮق اﻟﻌﺎدات ،وﺗﺼﺪﻳﻘﻪ وإن ﻛﺬب ،وﻣﻮاﻓﻘﺘُﻪ وإن ﻇﻠﻢ ،واﻟﺸﻬﺎدة ﻟﻪ وإن ﺟﺎر ،واﺗﺒﺎﻋُ ﻪ ﻛﻴﻒ ﺳﻠﻚ وأيﱠ وﺟﻪ ﻣﻦ وﺟﻮه اﻟﻘﻮل ﺗﻨﺎول. ري ﻧﺤﻮ املﻜﺎن اﻟﺬي ﻳﻜﻮن ﻓﻴﻪ ،واﻟﺘﻌﻤﱡ ﺪ ﻟﻠﻘﻌﻮد ُ ﺑﻘﺮﺑﻪ واﻟﺪﻧﻮ وﻣﻨﻬﺎ اﻹﴎا ُع ﺑﺎﻟﺴ ِ ُ واﻻﺳﺘﻬﺎﻧﺔ ِﺑﻜﻞ َﺧ ْ ﻣﻨﻪ ،وا ﱢ داع إﱃ ﻣﻔﺎرﻗﺘﻪ، ﻃﺮاح اﻷﺷﻐﺎل املﻮﺟﺒﺔ ﻟﻠﺰوال ﻋﻨﻪ، ﻄﺐ ﺟﻠﻴﻞ ٍ واﻟﺘﺒﺎﻃﺆ ﰲ اﻟﴚء ﻋﻨﺪ اﻟﻘﻴﺎم ﻋﻨﻪ ،وﰲ ذﻟﻚ أﻗﻮل ﺷﻌ ًﺮا: َوإِذَا ُﻗ ﻤْ ُﺖ ﻋَ ﻨ ْ َﻚ َﻟ ْﻢ أَﻣْ ِﺶ إ ِ ﱠﻻ ﻓِ ﻲ ﻣَ ِﺠﻴ ِﺌﻲ إ ِ َﻟﻴْ َﻚ أَﺣْ ﺘَ ﱡﺚ َﻛﺎﻟﺒَ ْﺪ ﺎن ﻳُ َﻘﺎ ُد ﻧ َﺤْ َﻮ اﻟ َﻔﻨ َﺎ ِء ﻣَ ْﺸ َﻲ ﻋَ ٍ ِر إِذَا َﻛ َ ﺎن َﻗ ِ ﺎﻃ ﻌً ﺎ ِﻟ ﻠ ﱠﺴ ﻤَ ﺎءِ ﻃﻮق اﻟﺤﻤﺎﻣﺔ ﰲ اﻷ ُ َ ﻟﻔﺔِ واﻷ ُ ﱠﻻف َو ِﻗﻴَ ِﺎﻣﻲ إ ِ ْن ُﻗﻤْ َﺖ َﻛﺎﻷَﻧ ْﺠُ ِﻢ اﻟﻌَ ﺎ ﺎت ﻓِ ﻲ ا ِﻹﺑْ َ ِﻟ ﻴَ ِﺔ اﻟ ﺜ ﱠ ﺎ ِﺑ ﺘَ ِ ﻄ ﺎءِ وروﻋﺔ ﺗﺒﺪو ﻋﲆ املﺤﺐ ﻋﻨﺪ رؤﻳﺔ ﻣﻦ ﻳُﺤﺐ ﻓﺠﺄ ًة وﻃﻠﻮﻋﻪ ً ٌ ﺑﻐﺘﺔ. وﻣﻨﻬﺎ ﺑَﻬْ ﺖ ﻳﻘﻊ وﻣﻨﻬﺎ اﺿﻄﺮاب ﻳﺒﺪو ﻋﲆ املﺤﺐ ﻋﻨﺪ رؤﻳﺔ ﻣﻦ ﻳُﺸﺒﻪ ﻣﺤﺒﻮﺑﻪ ،أو ﻋﻨﺪ ﺳﻤﺎع اﺳﻤﻪ ً ﻗﻄﻌﺔ ،ﻣﻨﻬﺎ: ﻓﺠﺄة ،وﰲ ذﻟﻚ أﻗﻮل إ ِ َذا ﻣَ ﺎ َرأ َ ْت ﻋَ ﻴْﻨ َﺎيَ َﻻ ِﺑ َﺲ ﺣُ ﻤْ َﺮ ٍة ﺎس ِﺑﺎﻟ ﱠﻠﺤْ ِﻆ َﺳﺎﻓِ ًﻜﺎ ﻏﺪَا ِﻟﺪِﻣَ ﺎءِ اﻟﻨ ﱠ ِ ﻄ َﻊ َﻗ ْﻠ ِﺒ ﻲ ﺣَ ْﺴ َﺮ ًة َوﺗَ َﻔ ﱠ ﺗَ َﻘ ﱠ ﻄ َﺮا و َ َﺿ ﱠﺮجَ ِﻣ ﻨ ْﻬَ ﺎ ﺛ َ ْﻮﺑَ ُﻪ َﻓ ﺘَ ﻌَ ْ ﺼ َﻔ َﺮا وﻣﻨﻬﺎ أن ﻳﺠﻮد املﺮءُ ﺑﺒﺬل ﻛﻞ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻳﻘﺪر ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻤﺎ ﻛﺎن ﻣﻤﺘﻨﻌً ﺎ ﺑﻪ ﻗﺒ َﻞ ذﻟﻚ ،ﻛﺄﻧﻪ ﻫﻮ املﻮﻫﻮب ﻟﻪ ،واملﺴﻌﻲ ﰲ ﺣﻈﻪ .ﻛﻞ ذﻟﻚ ﻟﻴُﺒﺪي ﻣﺤﺎﺳﻨﻪ ،وﻳ ﱢ ُﺮﻏﺐ ﰲ ﻧﻔﺴﻪ؛ ﻓﻜﻢ ﺑﺨﻴﻞ ﺟﺎد! وﻗ ُ ﻄﻮب ﺗﻄ ﱠﻠﻖ! وﺟﺒﺎن ﺗﺸﺠﱠ ﻊ! وﻏﻠﻴﻆ اﻟﻄﺒﻊ ﺗﻄ ﱠﺮب! وﺟﺎﻫﻞ ﺗﺄدﱠب! وﺗﻔِ ﻞ ﺗﺰﻳﱠﻦ! وﻓﻘري ﺗﺠﻤﱠ ﻞ! وذي ﺳﻦ ﺗﻔﺘﱠﻰ! وﻧﺎﺳﻚ ﺗﻔﺘﱠﻚ! وﻣﺼﻮن ﺗﺒﺬﱠل! وﻫﺬه اﻟﻌﻼﻣﺎت ﺗﻜﻮن ﻗﺒﻞ اﺳﺘﻌﺎر ﻧﺎر اﻟﺤﺐ وﺗﺄﺟﱡ ﺞ ﺣﺮﻳﻘﻪ ،ﱡ وﺗﻮﻗﺪ ﺷﻌﻠﻪ ،واﺳﺘﻄﺎرة ﻟﻬﺒﻪ .ﻓﺄﻣﺎ إذا ﺗﻤﻜﻦ وأﺧﺬ ﻣﺄﺧﺬه ،ﻓﺤﻴﻨﺌ ٍﺬ ﺗﺮى اﻟﺤﺪﻳﺚ ِﴎا ًرا ،واﻹﻋﺮاض ﻋﻦ ﻛﻞ ﻣﺎ ُ ﺟﻤﻌﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﻛﺜريًا ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﻌﻼﻣﺎت ،ﻣﻨﻬﺎ: ﺣَ ﴬ إﻻ ﻋﻦ املﺤﺒﻮب ﺟﻬﺎ ًرا .وﱄ أﺑﻴﺎت َ رج ﻓِ ﻴ ِﻪ َوﻳَ ﻌْ ﺒَ ُﻖ ِﻟ ﻲ ﻋَ ْﻦ ﻋَ ﻨ ْ ﺒَ ٍﺮ أ ِ إ ِ َﻟﻰ ِﺳﻮَى َﻟ ْﻔ ِﻈ ِﻪ اﻟ ُﻤ ْﺴﺘَ ْ ﻄ ِ ﺮف اﻟ َﻐ ِﻨ ِﺞ ﻣَ ﺎ ُﻛ ﻨ ْ ُﺖ ِﻣ ْﻦ أَﺟْ ِﻠ ِﻪ ﻋَ ﻨ ْ ُﻪ ِﺑ ُﻤ ﻨ ْ ﻌَ ِﺮ ِج أ َ َزا ُل ُﻣ ْﻠ ﺘَﻔِ ﺘًﺎ وَاﻟ ﻤَ ْﺸ ُﻲ ﻣَ ْﺸ ُﻲ و َِﺟ ﻲ ﺎب اﻟ َﻐ ِﺮﻳ ِﻖ اﻟﺒَ ﱠﺮ ﻓِ ﻲ اﻟ ﱡﻠﺠ ِﺞ ِﻣﺜ ْﻞ ا ْرﺗِ َﻘ ِ َﻛ ﻤَ ْﻦ ﺗَﺜ َﺎءَبَ و ََﺳ َ ﻂ اﻟ ﻨ ﱠ ْﻘ ِﻊ وَاﻟ ﻮ ََﻫ ِﺞ ﻧ َﻌَ ﻢَْ ،وإِﻧ ﱢﻲ َﻷَد ِْري ﻣَ ﻮ ِْﺿ َﻊ اﻟ ﱠﺪ َر ِج أ َ ْﻫﻮَى اﻟﺤَ ﺪِﻳ َﺚ إِذَا ﻣَ ﺎ َﻛ َ ﺎن ﻳُﺬْ َﻛ ُﺮ ِﻟﻲ إ ِ ْن َﻗﺎ َل َﻟ ْﻢ أ َ ْﺳﺘَ ِﻤ ْﻊ ِﻣﻤﱠ ْﻦ ﻳُﺠَ ﺎ ِﻟ ُﺴ ِﻨﻲ َو َﻟ ْﻮ ﻳَ ُﻜ ﻮ ُن أ َ ِﻣ ﻴ ُﺮ اﻟ ُﻤ ْﺆ ِﻣ ِﻨ ﻴ َﻦ ﻣَ ﻌِ ﻲ ﻓِ ِﺈ ْن أ َ ُﻗ ْﻢ ﻋَ ﻨ ْ ُﻪ ُﻣ ْﻀ َ ﻄ ٍّﺮا َﻓ ِﺈﻧ ﱢ َﻲ َﻻ ﻋَ ﻴْﻨ َﺎيَ ﻓِ ﻴ ِﻪ و َِﺟ ْﺴ ِﻤﻲ ﻋَ ﻨ ْ ُﻪ ُﻣ ْﺮﺗَﺤِ ٌﻞ أ َ ُﻏ ﱡ ﺺ ِﺑ ﺎﻟ ﻤَ ﺎءِ إ ِ ْن أَذْ ُﻛ ﺮ ﺗَ ﺒَ ﺎﻋُ َﺪ ُه َوإ ِ ْن ﺗَ ُﻘ ْﻞ ُﻣﻤْ ِﻜ ٌﻦ َﻗ ْ ﺼﺪ اﻟ ﱠﺴ ِﻤﺎءِ أ َ ُﻗ ْﻞ ُ وﻣﻦ ﻋﻼﻣﺎﺗﻪ وﺷﻮاﻫﺪه اﻟﻈﺎﻫﺮة ﻟ ُﻜﻞ ذي ﺑَﴫ :اﻻﻧﺒﺴﺎ ُ واﻟﺘﻀﺎﻳﻖ ﰲ ط اﻟﻜﺜري اﻟﺰاﺋﺪ، املﻜﺎن اﻟﻮاﺳﻊ ،واملﺠﺎذﺑﺔ ﻋﲆ اﻟﴚء ﻳﺄﺧﺬه أﺣﺪﻫﻤﺎ ،وﻛﺜﺮة اﻟﻐﻤﺰ اﻟﺨﻔﻲ ،واملﻴﻞ ﺑﺎﻻﺗﻜﺎء، واﻟﺘﻌﻤﺪ ﱢ ملﺲ اﻟﻴﺪ ﻋﻨﺪ املﺤﺎدﺛﺔ ،وملﺲ ﻣﺎ أﻣﻜﻦ ﻣﻦ اﻷﻋﻀﺎء اﻟﻈﺎﻫﺮة ،وﴍب ﻓﻀﻠﺔ ﻣﺎ أﺑﻘﻰ املﺤﺒﻮب ﰲ اﻹﻧﺎء ،وﺗﺤﺮي املﻜﺎن اﻟﺬي ﻳﻘﺎﺑﻠﻪ ﻓﻴﻪ. 18 ﺑﺎب ﻋﻼﻣﺎت اﻟﺤﺐ وﻣﻨﻬﺎ ﻋﻼﻣﺎت ﻣﺘﻀﺎدة ،وﻫﻲ ﻋﲆ ﻗﺪر اﻟﺪواﻋﻲ واﻟﻌﻮارض اﻟﺒﺎﻋﺜﺔ ،واﻷﺳﺒﺎب املﺤﺮﻛﺔ ،واﻟﺨﻮاﻃﺮ املﻬﻴﺠﺔ ،واﻷﺿﺪاد أﻧﺪاد ،واﻷﺷﻴﺎء إذا أﻓﺮﻃﺖ ﰲ ﻏﺎﻳﺎت ﺗﻀﺎدﻫﺎ، ووﻗﻔﺖ ﰲ اﻧﺘﻬﺎء ﺣﺪود اﺧﺘﻼﻓﻬﺎ ﺗﺸﺎﺑﻬﺖ ،ﻗﺪرة ﻣﻦ ﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ ﺗﻀ ﱡﻞ ﻓﻴﻬﺎ اﻷوﻫﺎم؛ ﻓﻬﺬا اﻟﺜﻠﺞ إذا أدﻣﻦ ﺣﺒﺴﻪ ﰲ اﻟﻴﺪ َﻓﻌَ ﻞ ﻓِ ﻌْ ﻞ اﻟﻨﺎر ،وﻧﺠﺪ َ اﻟﻔ َﺮح إذا أﻓﺮط ﻗﺘﻞ ،واﻟﻐﻢ إذا أﻓﺮط ﻗﺘﻞ ،واﻟﻀﺤﻚ إذا ﻛﺜﺮ واﺷﺘﺪ أﺳﺎل اﻟﺪﻣﻊ ﻣﻦ اﻟﻌﻴﻨني .وﻫﺬا ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻛﺜري ،ﻓﻨﺠﺪ املﺤﺒني إذا ﺗﻜﺎﻓﻴﺎ ﰲ املﺤﺒﺔ وﺗﺄﻛﺪت ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﺗﺄﻛﺪًا ﺷﺪﻳﺪًا أﻛﺜﺮ ﺑﻬﻤﺎ ﺟﺪﱡﻫﻤﺎ ﺑﻐري ﻣﻌﻨًﻰ، وﺗﻀﺎدﱡﻫﻤﺎ ﰲ اﻟﻘﻮل ﺗﻌﻤﺪًا ،وﺧﺮوجُ ﺑﻌﻀﻬﻤﺎ ﻋﲆ ﺑﻌﺾ ﰲ ﻛﻞ ﻳﺴري ﻣﻦ اﻷﻣﻮر ،وﺗﺘﺒﻊ ً ﻟﻔﻈﺔ ﺗﻘﻊ ﻣﻦ ﺻﺎﺣﺒﻪ وﺗﺄوﻟﻬﺎ ﻋﲆ ﻏري ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ. ﻛ ﱞﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻛﻞ ﻫﺬه ﺗﺠﺮﺑﺔ ﻟﻴﺒﺪو ﻣﺎ ﻳﻌﺘﻘﺪه ﻛﻞ واﺣﺪ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﰲ ﺻﺎﺣﺒﻪ .واﻟﻔﺮق ﺑني ﻫﺬا وﺑني ُ ﴎﻋﺔ اﻟﺮﴇ؛ ﻓﺈﻧﻚ ﺣﻘﻴﻘﺔ اﻟﻬﺠﺮة واملﻀﺎدة املﺘﻮﻟﺪة ﻋﻦ اﻟﺸﺤﻨﺎء وﻣُﺨﺎرﺟﺔ اﻟﺘﺸﺎﺟﺮ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﺮى ا ُملﺤﺒني ﻗﺪ ﺑﻠﻐﺎ اﻟﻐﺎﻳﺔ ﻣﻦ اﻻﺧﺘﻼف اﻟﺬي ﻻ ﻳﻘﺪر ﻳﺼﻠُﺢ ﻋﻨﺪ اﻟﺴﺎﻛﻦ اﻟﻨﻔﺲ، اﻟﺴﺎﻟﻢ ﻣﻦ اﻷﺣﻘﺎد ﰲ اﻟﺰﻣﻦ اﻟﻄﻮﻳﻞ ،وﻻ ﻳﻨﺠﱪ ﻋﻨﺪ اﻟﺤَ ﻘﻮد أﺑﺪًا ،ﻓﻼ ﺗﻠﺒﺚ أن ﺗﺮاﻫﻤﺎ ﻗﺪ ﻋﺎدا إﱃ أﺟﻤﻞ ﱡ اﻟﺼﺤﺒﺔ ،وأُﻫﺪرت املﻌﺎﺗﺒﺔ ،وﺳﻘﻂ اﻟﺨﻼف ،واﻧﴫﻓﺎ ﰲ ذﻟﻚ اﻟﺤني ﺑﻌﻴﻨﻪ إﱃ ا ُملﻀﺎﺣﻜﺔ واملﺪاﻋﺒﺔ ،ﻫﻜﺬا ﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﻮاﺣﺪ ﻣﺮا ًرا. َ وإذا رأﻳﺖ ﻫﺬا ﻣﻦ اﺛﻨني ،ﻓﻼ ﻳُﺨﺎﻟِﺠْ ﻚ ﺷ ﱞﻚ وﻻ ﻳﺪﺧﻠﻨﱠﻚ رﻳﺐٌ اﻟﺒﺘﺔ ،وﻻ ﺗﺘﻤﺎ َر ﰲ أن ﴎا ﻣﻦ اﻟﺤﺐ دﻓﻴﻨًﺎْ ، ً واﻗﻄﻊ ﻓﻴﻪ َﻗ ْ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﻄﻊ ﻣﻦ ﻻ ﻳﴫﻓﻪ ﻋﻨﻪ ﺻﺎرف ،ودوﻧﻜﻬﺎ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ٍّ ً ٍ ﺗﻜﻠﻒ ﰲ املﻮدة واﺋﺘﻼف ﺻﺤﻴﺢ ،وﻗﺪ رأﻳﺘُﻪ ﺻﺤﻴﺤﺔ وﺧﱪ ًة ﺻﺎدﻗﺔ :ﻫﺬا ﻻ ﻳﻜﻮن إﻻ ﻋﻦ ﻛﺜريًا. وﻣﻦ أﻋﻼﻣﻪ أﻧﻚ ﺗﺠﺪ املﺤﺐ ﻳﺴﺘﺪﻋﻲ ﺳﻤﺎع اﺳﻢ ﻣﻦ ﻳُﺤﺐ ،وﻳﺴﺘﻠﺬ اﻟﻜﻼم ﰲ أﺧﺒﺎره، وﻳﺠﻌﻠﻬﺎ ﻫِ ﺠﱢ رياه ،وﻻ ﻳﺮﺗﺎح ﻟﴚء ارﺗﻴﺎﺣﻪ ﻟﻬﺎ ،وﻻ ﻳﻨﻬﻨﻬﻪ ﻋﻦ ذﻟﻚ ﺗﺨﻮﱡف أن ﻳَﻔﻄﻦ ٌ ﺣﺪﻳﺚ اﻟﺴﺎﻣﻊ وﻳﻔﻬﻢ اﻟﺤﺎﴐ — وﺣُ ﺒﱡﻚ اﻟﴚء ﻳُﻌﻤﻲ وﻳُﺼﻢ .ﻓﻠﻮ أﻣﻜﻦ ا ُملﺤﺐ ﱠأﻻ ﻳﻜﻮن ﰲ ﻣﻜﺎن ﻳﻜﻮن ﻓﻴﻪ إﻻ ذﻛﺮ ﻣَ ﻦ ﻳُﺤﺒﻪ ملﺎ ﺗﻌﺪﱠاه .وﻳﻌﺮض ﻟﻠﺼﺎدق املﻮدة أن ﻳﺒﺘﺪئ ﰲ اﻟﻄﻌﺎم وﻫﻮ ﻟﻪ ﻣ ٍ ُﺸﺘﻪ ،ﻓﻤﺎ ﻫﻮ إﻻ وﻗﺖ ﻣﺎ ﺗﻬﺘﺎج ﻟﻪ ِﻣﻦ ذِ ْﻛﺮ ﻣﻦ ﻳُﺤﺐ ﺻﺎر اﻟﻄﻌﺎم ُﻏ ً ﺼﺔ ﰲ اﻟﺤﻠﻖ ،وﺷﺠً ﻰ ﰲ املﺮيء ،وﻫﻜﺬا ﰲ املﺎء ،وﰲ اﻟﺤﺪﻳﺚ ،ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻔﺎﺗﺤﻜﻪ ﻣﺒﺘﻬﺠً ﺎ، ﻓﺘَﻌﺮض ﻟﻪ ﺧﻄﺮة ﻣﻦ ﺧﻄﺮات اﻟﻔﻜﺮ ﻓﻴﻤﻦ ﻳُﺤﺐ ،ﻓﺘﺴﺘﺒني اﻟﺤﻮاﻟﺔ ﰲ ﻣﻨﻄﻘﻪ ،واﻟﺘﻘﺼري ﰲ ﺣﺪﻳﺜﻪُ ، ُ وآﻳﺔ ذﻟﻚ اﻟﻮُﺟﻮ ُم واﻹﻃﺮاق وﺷﺪة اﻻﻧﻔﻼق؛ ﻓﺒﻴﻨﻤﺎ ﻫﻮ َ ﺧﻔﻴﻒ ﻃ ْﻠﻖ اﻟﻮﺟﻪ، اﻟﺤﺮﻛﺎت ،ﺻﺎر ﻣ ً ً ﻣﺘﺜﺎﻗﻼ ﺣﺎﺋ َﺮ اﻟﻨﻔﺲ ،ﺟﺎﻣ َﺪ اﻟﺤﺮﻛﺔ ،ﻳﱪم ﻣﻦ اﻟﻜﻠﻤﺔ ،وﻳﻀﺠﺮ ُﻨﻄﺒﻘﺎ ﻣﻦ اﻟﺴﺆال. 19 ﻃﻮق اﻟﺤﻤﺎﻣﺔ ﰲ اﻷ ُ َ ﻟﻔﺔِ واﻷ ُ ﱠﻻف وﻣﻦ ﻋﻼﻣﺎﺗﻪ ﺣُ ﺐﱡ اﻟﻮﺣﺪة واﻷﻧﺲ ﺑﺎﻻﻧﻔﺮاد ،وﻧُﺤﻮل اﻟﺠﺴﻢ دون ﺣ ﱟﺪ ﻳﻜﻮن ﻓﻴﻪ، وﻻ وﺟﻊ ﻣﺎﻧﻊ ﻣﻦ اﻟﺘﻘﻠﺐ واﻟﺤﺮﻛﺔ واملﴚ .دﻟﻴﻞ ﻻ ﻳﻜﺬِب وﻣُﺨﱪ ﻻ ﻳﺨﻮن ﻋﻦ ﻛﻠﻤﺔ ﰲ اﻟﻨﻔﺲ ﻛﺎﻣﻨﺔ. واﻟﺴﻬ ُﺮ ﻣﻦ أﻋﺮاض ا ُملﺤﺒني ،وﻗﺪ أﻛﺜﺮ اﻟﺸﻌﺮاء ﰲ وﺻﻔﻪ ،وﺣﻜﻮا أﻧﻬﻢ ُرﻋﺎة اﻟﻜﻮاﻛﺐ، ُ ﱠ ﻳﺘﻮﺳﻢ ﺑﺎﻟﻌﻼﻣﺎت: وواﺻﻔﻮ ﻃﻮل اﻟﻠﻴﻞ .وﰲ ذﻟﻚ أﻗﻮل وأذﻛﺮ ﻛﺘﻤﺎن اﻟﴪ ،وأﻧﻪ ﺗَﻌَ ﱠﻠﻤَ ِﺖ اﻟ ﱠﺴﺤَ ﺎ ِﺋﺐُ ِﻣ ْﻦ ُﺷﺌُﻮ ِﻧﻲ و ََﻫﺬَا اﻟ ﱠﻠﻴْ ُﻞ ﻓِ ﻴ َﻚ َﻏﺪَا َر ِﻓﻴﻘﻲ َﻓ ِﺈ ْن َﻟ ْﻢ ﻳَ ﻨ ْ َﻘ ِﺾ ا ِﻹ ْ ﻇ َﻼ ُم … َﻓ َﻠﻴْ َﺲ إ ِ َﻟﻰ اﻟﻨ ﱠﻬَ ِﺎر َﻟﻨ َﺎ َﺳ ِﺒﻴ ٌﻞ َﻛ ﺄ َ ﱠن ﻧ ُﺠُ ﻮﻣَ ُﻪ وَاﻟ َﻐ ﻴْ ُﻢ ﻳُ ْﺨ ﻔِ ﻲ َ ﺿ ِﻤﻴ ِﺮي ﻓِ ﻲ ِودَادِ َك ﻳَﺎ ُﻣﻨ َﺎﻳَﺎ ﻮن َﻓﻌَ ﻤﱠ ْﺖ ِﺑﺎﻟﺤَ ﻴَﺎ اﻟ ﱠﺴ ْﻜ ِﺐ اﻟﻬَ ﺘُ ِ ﺑﺬﻟﻚ أ َ ْم ﻋَ َﻠﻰ َﺳﻬَ ﺮي ُﻣﻌﻴﻨﻲ أﻻ ﻣَ ﺎ أ َ ْ ﻃﺒَ َﻘ ْﺖ ﻧ َﻮْﻣً ﺎ ﺟُ ُﻔﻮﻧِﻲ و َُﺳ ﻬْ ٌﺪ َزا ِﺋ ٌﺪ ﻓِ ﻲ ُﻛ ﱢﻞ ﺣِ ﻴ ِﻦ ﺎﻫﺎ ﻋَ ْﻦ ُﻣ َﻼﺣَ َ َﺳﻨ َ َ ﻮن ﻈ ِﺔ اﻟﻌُ ﻴُ ِ َﻓ َﻠ ﻴْ َﺲ ﻳَ ِﺒ ﻴ ُﻦ إ ِ ﱠﻻ ِﺑ ﺎﻟ ﱡ ﻮن ﻈ ﻨُ ِ ٌ ﻗﻄﻌﺔ ﻣﻨﻬﺎ: وﰲ ﻣﺜﻞ ذﻟﻚ أ َ ْرﻋَ ﻰ اﻟ ﻨ ﱡ ﺠُ ﻮ َم َﻛ ﺄَﻧ ﱠ ِﻨ ﻲ ُﻛ ﱢﻠ ْﻔ ُﺖ أ َ ْن َﻓ َﻜ ﺄَﻧ ﱠ ﻬَ ﺎ وَاﻟ ﱠﻠ ﻴْ ُﻞ ِﻧ ﻴ َﺮا ُن اﻟ ﺠَ ﻮَى َو َﻛ ﺄَﻧ ﱠ ِﻨ ﻲ أَﻣْ َﺴ ﻴْ ُﺖ ﺣَ ِﺎر َس َرو َ ْﺿ ٍﺔ َﻟ ْﻮ ﻋَ َ ﺎش ﺑَ ْ ﻄ َﻠ ﻴ ُﻤ ُ ﻮس أَﻳْ َﻘ َﻦ أَﻧ ﱠ ِﻨ ﻲ أ َ ْرﻋَ ﻰ ﺟَ ِﻤ ﻴ َﻊ ﺛ ُ ﺒُ ﻮ ِﺗ ﻬَ ﺎ وَاﻟ ُﺨ ﻨ ﱠ ِﺲ َﻗ ْﺪ أ ُ ْ ﺿ ِﺮﻣَ ْﺖ ﻓِ ﻲ ﻓِ ْﻜ َﺮﺗِﻲ ِﻣ ْﻦ ﺣِ ﻨ ْﺪ ِِس َﺧ ْﻀ َﺮاءَ و ﱢُﺷ َﻊ ﻧ َ ﺒْ ﺘُ ﻬَ ﺎ ِﺑ ﺎﻟ ﻨ ﱠ ْﺮ ِﺟ ِﺲ أ َ ْﻗﻮَى اﻟ َﻮ َرى ﻓِ ﻲ َر ْ ي اﻟ ُﻜﻨ ﱠ ِﺲ ﺻ ِﺪ ﺟَ ْﺮ ِ واﻟﴚء ﻗﺪ ﻳﺬﻛﺮ ملﺎ ﻳُﻮﺟﺒﻪ :وﻗﻊ ﱄ ﰲ ﻫﺬه اﻷﺑﻴﺎت ﺗﺸﺒﻴﻪ ﺷﻴﺌني ﺑﺸﻴﺌني ﰲ ﺑﻴﺖ واﺣﺪ ،وﻫﻮ اﻟﺒﻴﺖ اﻟﺬي أوﻟﻪ »ﻓﻜﺄﻧﻬﺎ واﻟﻠﻴﻞ« ،وﻫﺬا ﻣﺴﺘﻐﺮب ﰲ اﻟﺸﻌﺮ ،وﱄ ﻣﺎ ﻫﻮ أﻛﻤ ُﻞ ﻣﻨﻪ ،وﻫﻮ ﺗﺸﺒﻴﻪ ﺛﻼﺛﺔ أﺷﻴﺎء ﰲ ﺑﻴﺖ واﺣﺪ ،وﺗﺸﺒﻴﻪ أرﺑﻌﺔ أﺷﻴﺎء ﰲ ﺑﻴﺖ واﺣﺪ ،وﻛﻼﻫﻤﺎ ﰲ ﻫﺬه اﻟﻘﻄﻌﺔ اﻟﺘﻲ أُوردﻫﺎ ،وﻫﻲ: ﻣَ ُﺸ ٌ ﻮق ُﻣ ﻌَ ﻨ ٍّ ﻰ ﻣَ ﺎ ﻳَ ﻨ َ ﺎ ُم ُﻣ َﺴ ﻬﱠ ٌﺪ َﻓ ﻔِ ﻲ َﺳ ﺎﻋَ ٍﺔ ﻳُ ﺒْ ﺪِي إ ِ َﻟ ﻴْ َﻚ ﻋَ ﺠَ ﺎ ِﺋ ﺒً ﺎ َﻛﺄ َ ﱠن اﻟﻨ ﱠﻮَى وَاﻟﻌَ ﺘﺐَ وَاﻟﻬَ ﺠْ َﺮ وَاﻟ ﱢﺮ َ ﺿﻰ َرﺛ َ ﻰ ِﻟ َﻐ َﺮ ِاﻣ ﻲ ﺑَ ﻌْ َﺪ ُ ﻮل ﺗَ ﻤَ ﻨ ﱡ ٍﻊ ﻃ ِ ِﺑ َﺨ ﻤْ ِﺮ اﻟ ﺘﱠ ﺠَ ﻨ ﱢ ﻲ ﻣَ ﺎ ﻳَ َﺰا ُل ﻳُ ﻌَ ْﺮ ِﺑ ُﺪ ﻳُ ِﻤ ﱡﺮ َوﻳَ ْﺴ ﺘَ ﺤْ ِﻠ ﻲ َوﻳُ ْﺪ ِﻧ ﻲ وﻳُ ﺒْ ﻌِ ُﺪ ﻗِ َﺮا ٌن وَأَﻧ ْ ﺪَا ٌد َوﻧ َ ﺤْ ٌﺲ وَأ َ ْﺳ ﻌَ ُﺪ وَأ َ ْ ﺻﺒَﺤْ ُﺖ ﻣَ ﺤْ ُﺴﻮدًا و ََﻗ ْﺪ ُﻛﻨ ْ ُﺖ أَﺣْ ُﺴ ُﺪ 20 ﺑﺎب ﻋﻼﻣﺎت اﻟﺤﺐ َﺳ َﻘ ﺘْ ُﻪ اﻟ َﻐ ﻮَادِي َﻓ ﻬْ ﻮ ﻳُﺜ ْ ِﻨ ﻲ َوﻳَ ﺤ ﻤ ُﺪ ُد ُﻣ ﻮ ٌع وَأَﺟْ َﻔ ﺎ ٌن َ وﺧ ﱞﺪ ُﻣ َﻮ ﱠر ُد ﻮر ِﻣ َﻦ اﻟ ﱠﺮو ِْض َزاﻫِ ٍﺮ ﻧ َﻌِ ﻤْ ﻨ َﺎ ﻋَ َﻠ ﻰ ﻧ ُ ٍ َﻛﺄ َ ﱠن اﻟﺤَ ﻴَﺎ وَاﻟ ُﻤ ْﺰ َن وَاﻟ ﱠﺮو َ ْض ﻋَ ِ ﺎﻃ ًﺮا وﻻ ﻳﻨﻜﺮ ﻋﲇ ﱠ ﻣﻨﻜﺮ ﻗﻮﱄ »ﻗﺮان«؛ ﻓﺄﻫﻞ املﻌﺮﻓﺔ ﺑﺎﻟﻜﻮاﻛﺐ ﻳُﺴﻤﱡ ﻮن اﻟﺘﻘﺎء ﻛﻮﻛﺒني ﰲ درﺟﺔ واﺣﺪة ﻗﺮاﻧًﺎ. وﱄ ً أﻳﻀﺎ ﻣﺎ ﻫﻮ أﺗﻢ ﻣﻦ ﻫﺬا ،وﻫﻮ ﺗﺸﺒﻴﻪ ﺧﻤﺴﺔ أﺷﻴﺎء ﰲ ﺑﻴﺖ واﺣﺪ ﰲ ﻫﺬه اﻟﻘﻄﻌﺔ، وﻫﻲ: َﺧ َﻠ ﻮ ُ ْت ِﺑ ﻬَ ﺎ وَاﻟ ﱠﺮاحُ ﺛ َ ﺎ ِﻟ ﺜ َ ٌﺔ َﻟ ﻬَ ﺎ وَﺟُ ﻨ ْ ﺢُ َ ﻇ َﻼ ِم اﻟ ﱠﻠ ﻴْ ِﻞ ﻗ ﺪ ُﻣ ﱠﺪ ﻣَ ﺎ اﻧ ْ ﺒَ َﻠ ﺞْ َﻓ ﺘَ ﺎ ٌة ﻋ ﺪﻣْ ُﺖ اﻟ ﻌَ ﻴْ َﺶ إ ِ ﱠﻻ ِﺑ ُﻘ ْﺮ ِﺑ ﻬَ ﺎ َﻓﻬَ ْﻞ ﻓِ ﻲ اﺑْ ِﺘ َﻐﺎءِ اﻟﻌَ ﻴْ ِﺶ — َوﻳْﺤَ َﻚ — ِﻣ ْﻦ ﺣَ َﺮجْ َﻛ ﺄَﻧ ﱢ ﻲ وَﻫِ ﻲ واﻟ َﻜ ﺄ ْ َس واﻟ َﺨ ﻤْ َﺮ واﻟ ﺪﱡﺟَ ﻰ ﺛ َ ًﺮى وَﺣْ ﻴً ﺎ واﻟ ﱡﺪ ﱡر واﻟ ﺘﱢ ﺒْ ُﺮ وَاﻟ ﱠﺴ ﻨ َ ﺞْ ﻓﻬﺬا أﻣﺮ ﻻ ﻣﺰﻳ َﺪ ﻓﻴﻪ وﻻ ﻳﻘﺪر أﺣ ٌﺪ ﻋﲆ أﻛﺜ َﺮ ﻣﻨﻪ؛ إذ ﻻ ﻳَﺤﺘﻤﻞ اﻟﻌَ ُ ﺮوض وﻻ ﺑﻨﻴﺔ اﻷﺳﻤﺎء أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ذﻟﻚ. ُ وﻳﻌﺮض ﻟﻠﻤُﺤﺒني اﻟﻘﻠﻖ ﻋﻨﺪ أﺣﺪ أﻣﺮﻳﻦ :أﺣﺪﻫﻤﺎ ﻋﻨﺪ رﺟﺎﺋﻪ ﻟﻘﺎءَ ﻣﻦ ﻳُﺤﺐ ﻓﻴﻌﺮض ﻋﻨﺪ ذﻟﻚ ﺣﺎﺋﻞ. ﺧﱪ َ ﺑﻌﺾ ﻣَ ﻦ ﻛﺎن ﻣﺤﺒﻮﺑُﻪ ﻳَﻌﺪه اﻟﺰﻳﺎرة ،ﻓﻤﺎ ُ ﻛﻨﺖ أراه إﻻ ﺟﺎﺋﻴًﺎ وذاﻫﺒًﺎ ﻻ ﻳﻘ ﱡﺮ وإﻧﻲ ﻷﻋﻠﻢ ً ﻣﻘﺒﻼ ﻣﺪﺑ ًﺮا ﻗﺪ اﺳﺘﺨﻔﻪ اﻟﴪور ﺑﻌﺪ رﻛﺎﻧﺔ ،وأﺷﺎﻃﻪ ﺑﻪ اﻟﻘﺮار ،وﻻ ﻳﺜﺒﺖ ﰲ ﻣﻜﺎن واﺣﺪ، ﺑﻌﺪ رزاﻧﺔ .وﱄ ﰲ ﻣﻌﻨﻰ اﻧﺘﻈﺎر اﻟﺰﻳﺎرة: اﺟﻴًﺎ أ َ َﻗﻤْ ُﺖ إ ِ َﻟﻰ أ َ ْن ﺟَ ﺎءَ ِﻧﻲ اﻟ ﱠﻠﻴْ ُﻞ َر ِ َﻓﺄَﻳْﺄ َ َﺳ ِﻨﻲ ا ِﻹ ْ ﻇ َﻼ ُم ﻋَ ﻨ ْ َﻚ َو َﻟ ْﻢ أ َ ُﻛ ْﻦ َو ِﻋﻨ ْﺪِي َد ِﻟﻴ ٌﻞ ﻟﻴﺲ ﻳﻜﺬبُ ُﺧﺒْﺮه ِﻟ َﻘﺎءَ َك ﻳَﺎ ُﺳ ْﺆﻟِﻲ َوﻳَﺎ َﻏﺎﻳَ َﺔ اﻷَﻣَ ْﻞ ِﻷَﻳْﺄ َ َس ﻳَﻮْﻣً ﺎ إ ِ ْن ﺑَﺪَا اﻟ ﱠﻠﻴْ ُﻞ ﻳَﺘﱠ ِﺼ ْﻞ ﺑﺄﻣْ ﺜ َﺎ ِﻟﻪ ﻓﻲ ُﻣ ْﺸ َﻜ ِﻞ اﻷَﻣْ ِﺮ ﻳُ ْﺴﺘَﺪَل 21 ﻃﻮق اﻟﺤﻤﺎﻣﺔ ﰲ اﻷ ُ َ ﻟﻔﺔِ واﻷ ُ ﱠﻻف ﻷَﻧ ﱠ َﻚ َﻟ ْﻮ ُرﻣْ َﺖ اﻟ ﱢﺰﻳَ ﺎ َر َة َﻟ ْﻢ ﻳَ ُﻜ ْﻦ َ ﻇ َﻼ ٌم َودَا َم اﻟﻨ ﱡﻮ ُر ﻓﻴﻨﺎ و َﻟ ْﻢ ﻳَ ُﺰ ْل ٍ ﺣﺎدث ﻳﺤﺪُث ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻣﻦ ﻋﺘﺎب ﻻ ﺗُ ْﺪ َرى ﺣﻘﻴﻘﺘﻪ إﻻ ﺑﺎﻟﻮﺻﻒ ،ﻓﻌﻨﺪ واﻟﺜﺎﻧﻲ ﻋﻨﺪ ذﻟﻚ ﻳﺸﺘ ﱡﺪ اﻟﻘﻠﻖ ﺣﺘﻰ ﺗﻮﻗﻒ ﻋﲆ اﻟﺠﻠﻴﻠﺔ ،ﻓﺈﻣﺎ أن ﻳﺬﻫﺐ ﺗﺤﻤﱡ ﻠﻪ إن رﺟﺎ اﻟﻌﻔﻮ ،وإﻣﺎ أن ً وأﺳﻔﺎ إن ﺗﺨﻮف اﻟﻬﺠﺮ. ﻳﺼري اﻟﻘﻠﻖ ﺣﺰﻧًﺎ ُ ﻣﻔﴪا ﰲ ﺑﺎﺑﻪ إن ﺷﺎء ﷲ وﻳﻌﺮض ﻟﻠﻤُﺤﺐ اﻻﺳﺘﻜﺎﻧﺔ ﻟﺠﻔﺎء املﺤﺒﻮب ﻋﻠﻴﻪ ،وﺳﻴﺄﺗﻲ ﱠ ً ﺗﻌﺎﱃ. وﻣﻦ أﻋﺮاﺿﻪ :اﻟﺠﺰع اﻟﺸﺪﻳﺪ واﻟﺤُ ﻤﺮة املﻘﻄﻌﺔ ﺗﻐﻠﺐ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺮى ﻣﻦ إﻋﺮاض ُ وﻗﻠﺔ اﻟﺤﺮﻛﺔ واﻟﺘﺄوه وﺗﻨﻔﺲ ﱡ اﻟﺼﻌَ ﺪاء .وﰲ ﻣﺤﺒﻮﺑﻪ ﻋﻨﻪ وﻧِﻔﺎره ﻣﻨﻪ ،وآﻳﺔ ذﻟﻚ اﻟﺰﻓريُ ذﻟﻚ أﻗﻮل ﺷﻌ ًﺮا ،ﻣﻨﻪ: َودَﻣْ ُﻊ اﻟﻌَ ﻴْ ِﻦ ﻣَ ْﺴ ُﻔﻮح ﺟَ ِﻤﻴ ُﻞ اﻟ ﱠ ﺼﺒْ ِﺮ ﻣَ ْﺴﺠُ ﻮ ٌن ﱠ وﺧﺎﺻﺘﻪ ﺣﺘﻰ ﻳﻜﻮﻧﻮا وﻣﻦ ﻋﻼﻣﺎﺗﻪ أﻧﻚ ﺗﺮى املﺤﺐ ﻳﺤﺐ أﻫﻞ ﻣﺤﺒﻮﺑﻪ وﻗﺮاﺑﺘﻪ أﺣ َ ﻈﻰ ﻟﺪﻳﻪ ﻣﻦ أﻫﻠﻪ وﻧﻔﺴﻪ وﻣﻦ ﺟﻤﻴﻊ ﺧﺎﺻﺘﻪ. واﻟﺒﻜﺎء ﻣﻦ ﻋﻼﻣﺎت املﺤﺐ ،وﻟﻜﻦ ﻳﺘﻔﺎﺿﻠﻮن ﻓﻴﻪ؛ ﻓﻤﻨﻬﻢ ﻏﺰﻳﺮ اﻟﺪﻣﻊ ِ ﻫﺎﻣﻞ اﻟﺸﺌﻮن ُ وﺗﺤﴬه ﻋﱪﺗﻪ إذا ﺷﺎء ،وﻣﻨﻬﻢ ﺟَ ﻤﻮد اﻟﻌني ﻋﺪﻳﻢ اﻟﺪﱠﻣﻊ ،وأﻧﺎ ﻣﻨﻬﻢ .وﻛﺎن ﺗﺠﻴﺒﻪ ﻋﻴﻨﻪ اﻷﺻﻞ ﰲ ذﻟﻚ إدﻣﺎﻧﻲ أﻛﻞ اﻟ ُﻜﻨﺪر ﻟﺨﻔﻘﺎن اﻟﻘﻠﺐ ،وﻛﺎن ﻋَ َﺮض ﱄ ﰲ اﻟﺼﺒﺎ ،ﻓﺈﻧﻲ ﻷُﺻﺎبُ ﻄﺮ وﻳﺘﻘ ﱠ ﺑﺎملﺼﻴﺒﺔ اﻟﻔﺎدﺣﺔ ﻓﺄﺟﺪ ﻗﻠﺒﻲ ﻳﺘﻔ ﱠ ﻄﻊ ،وأُﺣِ ﺲ ﰲ ﻗﻠﺒﻲ ُﻏ ﱠ ﺼ ًﺔ أﻣ ﱠﺮ ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻘﻢ ﺗَﺤﻮل ﺑﻴﻨﻲ وﺑني ﺗﻮﻓﻴﺔ اﻟﻜﻼم ﺣﻖ ﻣﺨﺎرﺟﻪ ،وﺗﻜﺎد ﺗﺸﻮﻗﻨﻲ اﻟﻨﻔﺲ أﺣﻴﺎﻧًﺎ وﻻ ﺗﺠﻴﺐ ﻋﻴﻨﻲ اﻟﺒﺘﺔ إﻻ ﰲ اﻟﻨﺪرة ﺑﺎﻟﴚء اﻟﻴﺴري ﻣﻦ اﻟﺪﻣﻊ. ﺧﱪ وﻟﻘﺪ أذﻛﺮﻧﻲ ﻫﺬا اﻟﻔﺼﻞ ﻳﻮﻣً ﺎ :ودﻋﺖ أﻧﺎ وأﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ إﺳﺤﺎق ﺻﺎﺣﺒﻲ أﺑﺎ ﻋﺎﻣﺮ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺎﻣﺮ ﺻﺪﻳﻘﻨﺎ — رﺣﻤﻪ ﷲ — ﰲ ﺳﻔﺮﺗﻪ إﱃ املﴩق اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﻧ َ َﺮه ﺑﻌﺪﻫﺎ ،ﻓﺠﻌﻞ أﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﻳﺒﻜﻲ ﻋﻨﺪ وداﻋﻪ وﻳُﻨﺸﺪ ﻣﺘﻤﺜ ﱢ ًﻼ ﺑﻬﺬا اﻟﺒﻴﺖ: 22 ﺑﺎب ﻋﻼﻣﺎت اﻟﺤﺐ أ َ َﻻ إ ِ ﱠن ﻋَ ﻴْﻨ ًﺎ َﻟ ْﻢ ﺗَﺠُ ْﺪ ﻳَ ْﻮ َم و ِ َاﺳ ٍﻂ ﻋَ َﻠ ﻴْ َﻚ ِﺑ ﺒَ ﺎﻗِ ﻲ دَﻣْ ﻌِ ﻬَ ﺎ َﻟ ﺠَ ُﻤ ﻮ ُد وﻫﻮ ﰲ رﺛﺎء ﻳﺰﻳﺪ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ َﻫﺒرية رﺣﻤﻪ ﷲ ،وﻧﺤﻦ وﻗﻮف ﻋﲆ ﺳﺎﺣﻞ اﻟﺒﺤﺮ ﺑﻤﺎﻟﻘﺔ ،وﺟﻌﻠﺖ أﻧﺎ أُﻛﺜﺮ اﻟﺘﻔﺠﱡ ﻊ واﻷﺳﻒ وﻻ ﺗﺴﺎﻋﺪﻧﻲ ﻋﻴﻨﻲ ،ﻓﻘﻠﺖ ﻣُﺠﻴﺒًﺎ ﻷﺑﻲ ﺑﻜﺮ: وإ ِ ﱠن اﻣ َﺮأ ً َﻟ ْﻢ ﻳُ ْﻔ ِﻦ ﺣُ ْﺴ َﻦ ْ اﺻ ِﻄﺒَ ِﺎر ِه ﻋَ َﻠ ﻴْ َﻚ و ََﻗ ْﺪ َﻓ ﺎ َر ْﻗ ﺘَ ُﻪ َﻟ ﺠَ ِﻠ ﻴ ُﺪ وﰲ املﺬﻫﺐ اﻟﺬي ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻨﺎس أﻗﻮل ﻣﻦ ﻗﺼﻴﺪة ﻗﻠﺘُﻬﺎ ﻗﺒﻞ ﺑﻠﻮغ اﻟﺤُ ﻠُﻢ ،أوﻟﻬﺎ: َد ِﻟﻴ ُﻞ اﻷ َ َﺳﻰ ﻧ َﺎ ٌر ﻋَ َﻠﻰ اﻟ َﻘ ْﻠ ِﺐ ﺗَ ْﻠ َﻔﺢُ ﻮف ِﺳ ﱠﺮ ُ إِذَا َﻛ ﺘَ َﻢ اﻟ ﻤَ ْﺸ ُﻐ ُ ﺿ ﻠُ ﻮ ِﻋ ِﻪ إِذَا ﻣَ ﺎ ﺟُ ُﻔﻮ ُن اﻟﻌَ ﻴْ ِﻦ َﺳﺎ َﻟ ْﺖ ُﺷﺌُﻮﻧ ُﻬَ ﺎ َودَﻣْ ٌﻊ ﻋَ َﻠﻰ اﻟ َﺨ ﱠﺪﻳْ ِﻦ ﻳَﺤْ ﻤَ ﻰ َوﻳَ ْﺴ َﻔﺢُ َﻓ ِﺈ ﱠن ُد ُﻣﻮ َع اﻟﻌَ ﻴْ ِﻦ ﺗُﺒْﺪي َوﺗَ ْﻔ َﻀﺢُ َﻓ ﻔِ ﻲ اﻟ َﻘ ْﻠ ِﺐ دَاءٌ ِﻟ ْﻠ َﻐ َﺮا ِم ُﻣ ﺒَ ﱢﺮحُ وﻳﻌﺮض ﰲ اﻟﺤُ ﺐﱢ ﺳﻮء اﻟﻈﻦ واﺗﻬﺎم ﻛﻞ ﻛﻠﻤﺔ ﻣﻦ أﺣﺪﻫﻤﺎ وﺗﻮﺟﻴﻬﻬﺎ إﱃ ﻏري وﺟﻬﻬﺎ، وﻫﺬا أﺻﻞ اﻟﻌﺘﺎب ﺑني املﺤﺒني .وإﻧﻲ ﻷﻋﻠﻢ ﻣﻦ ﻛﺎن أﺣﺴﻦ اﻟﻨﺎس ﻇﻨٍّﺎ وأوﺳﻌﻬﻢ ً ﻧﻔﺴﺎ ً اﺣﺘﻤﺎﻻ وأرﺣﺒﻬﻢ ﺻﺪ ًرا ،ﺛﻢ ﻻ ﻳﺤﺘﻤﻞ ﻣﻤﻦ ﻳُﺤﺐ ﺷﻴﺌًﺎ ،وﻻ ﻳﻘﻊ وأﻛﺜﺮﻫﻢ ﺻﱪًا وأﺷﺪﻫﻢ ﻟﻪ ﻣﻌﻪ أﻳﴪ ﻣﺨﺎﻟﻔﺔ ﺣﺘﻰ ﻳُﺒﺪي ﻣﻦ اﻟﺘﱠﻌﺪﻳﺪ ﻓﻨﻮﻧًﺎ ،وﻣﻦ ﺳﻮء اﻟﻈﻦ و ً ُﺟﻮﻫﺎ .وﰲ ذﻟﻚ أﻗﻮل ﺷﻌ ًﺮا ،ﻣﻨﻪ: أ ُ ِﺳ ﻲءُ َ ﻇ ﻨ ﱢ ﻲ ِﺑ ُﻜ ﱢﻞ ُﻣ ﺤ ﺘ ﻘِ ﺮ َﻛﻲ َﻻ ﻳُ َﺮى أ َ ْ ﺻ ُﻞ ﻫِ ﺠْ َﺮ ٍة وَﻗ ًﻠﻰ ﺻ ُﻞ ﻋُ ْ وأ َ ْ ﻮر أ َ ْﻫ َﻮﻧ ُ ﻬَ ﺎ ﻈ ِﻢ اﻷ ُ ُﻣ ِ ﺗ ﺄﺗ ﻲ ِﺑ ِﻪ واﻟ ﺤَ ﻘِ ﻴ ُﺮ ﻣَ ْﻦ ﺣَ َﻘ ْﺮ َﻓ ﺎﻟ ﻨ ﱠ ﺎ ُر ﻓِ ﻲ ﺑَ ْﺪءِ أَﻣْ ِﺮ َﻫ ﺎ َﺷ َﺮ ْر َو ِﻣ ْﻦ َ ﺻﻐِ ﻴ ِﺮ اﻟﻨ ﱠﻮَى ﺗَ َﺮى اﻟ ﱠﺸﺠَ ْﺮ ﱠ ﻳﺘﺤﻔﻆ وﺗﺮى ا ُملﺤﺐ ،إذا ﻟﻢ ﻳَﺜِﻖ ﺑﻨﻘﺎء ﻃﻮﻳﱠﺔ ﻣﺤﺒﻮﺑﻪ ﻟﻪ ،ﻛﺜريَ اﻟﺘﺤﻔﻆ ﻣﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ً ﱟ ﺑﻤﺘﺠﻦ، ﻣﺜﻘﻔﺎ ﻟﻜﻼﻣﻪ ،ﻣﺰﻳﻨًﺎ ﻟﺤﺮﻛﺎﺗﻪ وﻣﺮاﻣﻲ ﻃﺮﻓﻪ ،وﻻ ﺳﻴﻤﺎ إن دُﻫﻲ ﻣﻨﻪ ﻗﺒﻞ ذﻟﻚ، وﺑُﲇ ﺑﻤُﻌﺮﺑﺪ. وﻣﻦ آﻳﺎﺗﻪ ﻣﺮاﻋﺎة املﺤﺐ ملﺤﺒﻮﺑﻪ ،وﺣﻔ ُ ﻈﻪ ﻟ ُﻜﻞ ﻣﺎ ﻳﻘﻊ ﻣﻨﻪ ،وﺑﺤﺜﻪ ﻋﻦ أﺧﺒﺎره ﺣﺘﻰ ﻻ ﺗﺴﻘﻂ ﻋﻨﻪ دﻗﻴﻘﺔ وﻻ ﺟﻠﻴﻠﺔ ،وﺗﺘﺒﱡﻌﻪ ﻟﺤﺮﻛﺎﺗﻪ .وﻟﻌﻤﺮي ﻟﻘﺪ ﺗَﺮى اﻟﺒﻠﻴﺪ ﺑﺼريًا ﰲ ﻫﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ ذﻛﻴٍّﺎ ،واﻟﻐﺎﻓﻞ ﻓﻄﻨًﺎ. 23 ﻃﻮق اﻟﺤﻤﺎﻣﺔ ﰲ اﻷ ُ َ ﻟﻔﺔِ واﻷ ُ ﱠﻻف ﺧﱪ وﻟﻘﺪ ُ ﻛﻨﺖ ﻳﻮﻣً ﺎ ﺑﺎملﺮﻳﱠﺔ ﻗﺎﻋﺪًا ﰲ د ﱠﻛﺎن إﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ﺑﻦ ﻳﻮﻧﺲ اﻟﻄﺒﻴﺐ اﻹﴎاﺋﻴﲇ ،وﻛﺎن ﺑﺼريًا ﺑﺎﻟﻔِ ﺮاﺳﺔ ﻣُﺤﺴﻨًﺎ ﻟﻬﺎ ،و ُﻛﻨﱠﺎ ﰲ ﱠملﺔ ،ﻓﻘﺎل ﻟﻪ ﻣﺠﺎﻫﺪ ﺑﻦ اﻟﺤﺼني اﻟﻘﻴﴘ :ﻣﺎ ﺗﻘﻮل ﰲ ﻫﺬا؟ ً وأﺷﺎر إﱃ رﺟﻞ ﻣُﻨﺘﺒﺬ ﻋﻨﱠﺎ ﻧﺎﺣﻴﺔ اﺳﻤﻪ ﺣﺎﺗﻢ ،وﻳُﻜﻨﻰ أﺑﺎ اﻟﺒﻘﺎء ،ﻓﻨﻈﺮ إﻟﻴﻪ ﺳﺎﻋﺔ ﻳﺴري ًة ﺛﻢ ﻗﺎل :ﻫﻮ رﺟﻞ ﻋﺎﺷﻖ ،ﻓﻘﺎل ﻟﻪ :ﺻﺪﻗﺖ ،ﻓﻤﻦ أﻳﻦ ﻗﻠﺖ ﻫﺬا؟ ﻗﺎلِ :ﻟﺒُﻬْ ﺖ ﻣُﻔﺮط ﻇﺎﻫﺮ ﻋﲆ وﺟﻬﻪ ﻓﻘﻂ دون ﺳﺎﺋﺮ ﺣﺮﻛﺎﺗﻪ ،ﻓﻌﻠﻤﺖ أﻧﻪ ﻋﺎﺷﻖ وﻟﻴﺲ ﺑﻤُﺮﻳﺐ. 24 ﺑﺎب ﻣﻦ أﺣﺐ ﰲ اﻟﻨﻮم ً أﺻﻼ ،وأﻧﺎ ﻣﺒﺘﺪئ ﺑﺄﺑﻌﺪ ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻜﻮن ﻣﻦ وﻻ ﺑُﺪ ﻟﻜﻞ ﺣُ ﺐ ﻣﻦ ﺳﺒﺐ ﻳﻜﻮن ﻟﻪ أﺳﺒﺎﺑﻪ ﻟﻴﺠﺮي اﻟﻜﻼ ُم ﻋﲆ ﻧﺴﻖ ،أو أن ﻳُﺒﺘﺪأ أﺑﺪًا ﺑﺎﻟﺴﻬﻞ واﻷﻫﻮن؛ ﻓﻤﻦ أﺳﺒﺎﺑﻪ ﳾء ﻟﻮﻻ أﻧﻲ ﺷﺎﻫﺪﺗﻪ ﻟﻢ أذﻛﺮه ﻟﻐﺮاﺑﺘﻪ. ﺧﱪ ُ دﺧﻠﺖ ﻳﻮﻣً ﺎ ﻋﲆ أﺑﻲ اﻟﴪيﱢ ﻋﻤﱠ ﺎر ﺑﻦ زﻳﺎد ﺻﺎﺣﺒﻨﺎ ﻣﻮﱃ املﺆﻳﺪ ﻓﻮﺟﺪﺗﻪ ﻣﻔﻜ ًﺮا وذﻟﻚ أﻧﻲ ُ ً ﺳﺎﻋﺔ ﺛﻢ ﻗﺎل :ﱄ أﻋﺠﻮﺑﺔ ﻣﺎ ُﺳ ِﻤ ْ ﻌﺖ ﻗﻂ .ﻗﻠﺖ :وﻣﺎ ذاك؟ ﻣﻬﺘﻤٍّ ﺎ ،ﻓﺴﺄﻟﺘﻪ ﻋﻤﱠ ﺎ ﺑﻪ ،ﻓﺘﻤﻨﱠﻊ ً َ ُ ﻓﺎﺳﺘﻴﻘﻈﺖ وﻗﺪ َ ذﻫﺐ ﻗﻠﺒﻲ ﻓﻴﻬﺎ وﻫِ ﻤْ ﺖ ﺑﻬﺎ ،وإﻧﻲ ﺟﺎرﻳﺔ، اﻟﻠﻴﻠﺔ ﻗﺎل :رأﻳﺖ ﰲ ﻧَﻮﻣﻲ ﻟﻔﻲ أﺻﻌﺐ ﺣﺎل ﻣﻦ ﺣﺒﻬﺎ .وﻟﻘﺪ ﺑﻘﻲ أﻳﺎﻣً ﺎ ﻛﺜري ًة ﺗﺰﻳﺪ ﻋﲆ اﻟﺸﻬﺮ ﻣﻐﻤﻮﻣً ﺎ ﻻ ﻳﻬﻨﺌﻪ ﳾء ُ وﻗﻠﺖ ﻟﻪ :ﻣﻦ اﻟﺨﻄﺄ اﻟﻌﻈﻴﻢ أن ﺗﺸﻐﻞ ﻧﻔﺴﻚ ﺑﻐري ﺣﻘﻴﻘﺔ ،وﺗُﻌ ﱢﻠﻖ وَﺟْ ﺪًا ،إﱃ أن ﻋﺬﻟﺘُﻪ وﻫﻤﻚ ﺑﻤﻌﺪوم ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ،ﻫﻞ ﺗﻌﻠﻢ ﻣَ ﻦ ﻫﻲ؟ ﻗﺎل :ﻻ وﷲ .ﻗﻠﺖ :إﻧﻚ َ ﻟﻘﻴْﻞ اﻟﺮأي ﻣُﺼﺎب َ ﻋﺸﻘﺖ ﺻﻮر ًة ﻣﻦ ﺻﻮر اﻟﺒﺼرية إذ ﺗﺤﺐ ﻣَ ﻦ ﻟﻢ ﺗﺮه ﻗﻂ وﻻ ُﺧﻠِﻖ وﻻ ﻫﻮ ﰲ اﻟﺪﻧﻴﺎ ،وﻟﻮ اﻟﺤﻤﺎم ﻟﻜﻨﺖ ﻋﻨﺪي أﻋﺬر .ﻓﻤﺎ ِز ُ ﻟﺖ ﺑﻪ ﺣﺘﻰ ﺳﻼ وﻣﺎ ﻛﺎد. وﻫﺬا ﻋﻨﺪي ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺚ اﻟﻨﻔﺲ وأﺿﻐﺎﺛﻬﺎ ،وداﺧﻞ ﰲ ﺑﺎب اﻟﺘﻤﻨﻲ وﺗﺨﻴﻞ اﻟﻔﻜﺮ .وﰲ ذﻟﻚ أﻗﻮل ﺷﻌ ًﺮا ،ﻣﻨﻪ: ﻳَﺎ َﻟﻴْ َﺖ ِﺷﻌْ ِﺮيَ ﻣَ ْﻦ َﻛﺎﻧ َ ْﺖ َو َﻛﻴْ َ ﻒ َﺳ َﺮ ْت أَﻇ ﻨ ﱠ ُﻪ اﻟ ﻌَ ْﻘ ُﻞ أَﺑْ ﺪَا ُه ﺗَ َﺪﺑﱡ ُﺮ ُه أَ َ ﻃ ْﻠﻌَ َﺔ اﻟ ﱠﺸﻤْ ِﺲ َﻛﺎﻧ َ ْﺖ أ َ ْم ﻫِ َﻲ اﻟ َﻘﻤَ ُﺮ؟ أ َ ْو ُ وح أَﺑْ َﺪﺗْ ﻬَ ﺎ ِﻟ َﻲ اﻟ ﻔِ َﻜ ُﺮ ﺻ ﻮ َر ُة اﻟ ﱡﺮ ِ ﻃﻮق اﻟﺤﻤﺎﻣﺔ ﰲ اﻷ ُ َ ﻟﻔﺔِ واﻷ ُ ﱠﻻف أ َ ْو ُ ﺻﻮ َرة ﻣﺜﻠﺖ ﻓﻲ اﻟﻨ ﱠ ْﻔ ِﺲ ِﻣ ْﻦ أَﻣَ ِﻠﻲ أ َ ْو َﻟ ْﻢ ﻳَ ُﻜ ْﻦ ُﻛ ﻞ َﻫ ﺬَا َﻓ ﻬْ ﻲ ﺣَ ﺎدِ ﺛ َ ٌﺔ َﻓ َﻘ ْﺪ ﺗَ َﺨ ﻴﱠ َﻞ ﻓِ ﻲ إ ِ ْد َرا ِﻛ ﻬَ ﺎ اﻟ ﺒَ َ ﺼ ُﺮ أَﺗَ ﻰ ِﺑ ﻬَ ﺎ َﺳ ﺒَ ﺒً ﺎ ﻓِ ﻲ ﺣَ ﺘْ ﻔِ َﻲ اﻟ َﻘ َﺪ ُر 26 ﺑﺎب ﻣﻦ أﺣﺐ ﺑﺎﻟﻮﺻﻒ وﻣﻦ ﻏﺮﻳﺐ أﺻﻮل اﻟﻌﺸﻖ أن ﺗﻘﻊ ا َملﺤﺒﺔ ﺑﺎﻟﻮﺻﻒ دون ا ُملﻌﺎﻳﻨﺔ ،وﻫﺬا أﻣﺮ ﻳ ﱠ ُﱰﻗﻰ ﻣﻨﻪ إﱃ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺤﺐ ،ﻓﺘﻜﻮن املﺮاﺳﻠﺔ واملﻜﺎﺗﺒﺔ واﻟﻬﻢ واﻟﻮﺟﺪ واﻟﺴﻬﺮ ﻋﲆ ﻏري اﻷﺑﺼﺎر ،ﻓﺈن ﻟﻠﺤﻜﺎﻳﺎت وﻧﻌﺖ املﺤﺎﺳﻦ ورﺻﻒ اﻷﺧﺒﺎر ﺗﺄﺛريًا ﰲ اﻟﻨﻔﺲ ﻇﺎﻫ ًﺮا. وأن ﺗﺴﻤﻊ ﻧَﻐﻤﺘﻬﺎ ﻣﻦ وراء ﺟﺪار ،ﻓﻴﻜﻮن ﺳﺒﺒًﺎ ﻟﻠﺤﺐ واﺷﺘﻐﺎل اﻟﺒﺎل. ﻫﺎر ﻋﲆ ﻏري أ ُ ﱟس ،وذﻟﻚ أن وﻫﺬا ﻛﻠﻪ ﻗﺪ وﻗﻊ ﻟﻐري ﻣﺎ واﺣﺪ ،وﻟﻜﻨﻪ ﻋﻨﺪي ﺑُﻨﻴﺎن ٍ اﻟﺬي أﻓﺮغ ذﻫﻨﻪ ﰲ ﻫﻮى ﻣَ ﻦ ﻟﻢ ﻳ َﺮ ﻻ ﺑُﺪ ﻟﻪ إذ ﻳﺨﻠﻮ ﺑﻔﻜﺮه أن ﻳُﻤﺜﻞ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﺻﻮر ًة ِ ﻫﺎﺟﺴﻪ ﻏريَﻫﺎ ،ﻗﺪ ﻣﺎل ﺑﻮﻫﻤﻪ ﻧﺤﻮﻫﺎ، ﻳﺘﻮﻫﻤﻬﺎ ،وﻋﻴﻨًﺎ ﻳُﻘﻴﻤﻬﺎ ﻧُﺼﺐ ﺿﻤريه ،ﻻ ﻳﺘﻤﺜﱠﻞ ﰲ ﻓﺈن وﻗﻌﺖ ا ُملﻌﺎﻳﻨﺔ ﻳﻮﻣً ﺎ ﻣﺎ ﻓﺤﻴﻨﺌ ٍﺬ ﻳﺘﺄ ﱠﻛﺪ اﻷﻣﺮ أو ﻳﺒﻄﻞ ﺑﺎﻟﻜﻠﻴﺔ ،وﻛﻼ اﻟﻮﺟﻬني ﻗﺪ ﻋَ ﺮض وﻋُ ﺮف .وأﻛﺜ ُﺮ ﻣﺎ ﻳﻘﻊ ﻫﺬا ﰲ رﺑﱠﺎت ُ اﻟﻘﺼﻮر املﺤﺠﻮﺑﺎت ﻣﻦ أﻫﻞ اﻟﺒﻴﻮﺗﺎت ﻣﻊ أﻗﺎرﺑﻬﻦ ﻣﻦ اﻟﺮﺟﺎل ،وﺣُ ﺐ اﻟﻨﺴﺎء ﰲ ﻫﺬا أﺛﺒﺖ ﻣﻦ ﺣُ ﺐ اﻟﺮﺟﺎل؛ ﻟﻀﻌﻔﻬﻦ ُ وﴎﻋﺔ إﺟﺎﺑﺔ ﻃﺒﺎﺋﻌﻬﻦ إﱃ ﻫﺬا اﻟﺸﺄن ،وﺗﻤ ﱡﻜﻨﻪ ﻣﻨﻬﻦ .وﰲ ذﻟﻚ أﻗﻮل ﺷﻌ ًﺮا ،ﻣﻨﻪ: َوﻳَ ﺎ ﻣَ ْﻦ َﻻﻣَ ِﻨ ﻲ ﻓِ ﻲ ﺣُ ﺐﱢ َﻟ َﻘ ْﺪ أ َ ْﻓ َﺮ ْ ﻃ َﺖ ﻓِ ﻲ و ْ َﺻ ﻔِ ـ َﻓ ُﻘ ْﻞَ :ﻫ ْﻞ ﺗُ ﻌْ َﺮ ُ ف اﻟ ﺠَ ﻨ ﱠ ـ ﻣَ ْﻦ َﻟ ْﻢ ﻳَ َﺮ ُه َ ﻃ ْﺮ ِﻓ ﻲ ـ َﻚ ِﻟﻲ ﻓِ ﻲ اﻟﺤُ ﺐﱢ ِﺑﺎﻟ ﱠﻀﻌْ ِﻒ ـ ُﺔ ﻳَ ﻮْﻣً ﺎ ِﺑ ِﺴ ﻮَى اﻟ ﻮ ْ َﺻ ِﻒ وأﻗﻮل ﺷﻌ ًﺮا ﰲ اﺳﺘﺤﺴﺎن اﻟﻨﱠﻐﻤﺔ دون وﻗﻮع اﻟﻌني ﻋﲆ اﻟﻌﻴﺎن ،ﻣﻨﻪ: ﻃﻮق اﻟﺤﻤﺎﻣﺔ ﰲ اﻷ ُ َ ﻟﻔﺔِ واﻷ ُ ﱠﻻف َﻗ ْﺪ ﺣَ ﱠﻞ ﺟَ ﻴْ ُﺶ اﻟ َﻐ َﺮا ِم َﺳﻤْ ﻌِ ﻲ و َْﻫ َﻮ ﻋَ َﻠ ﻰ ُﻣ ْﻘ َﻠ ﺘَ ﱠﻲ ﻳَ ﺒْ ﺪُو وأﻗﻮل ً أﻳﻀﺎ ﰲ ﻣﺨﺎﻟﻔﺔ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﱢ ﻟﻈﻦ املﺤﺒﻮب ﻋﻨﺪ وﻗﻮع اﻟﺮؤﻳﺔ: و َ َﺻ ُﻔ ﻮا ﻋ ﻠ ﻤ ُﺖ ِﺑ ﺄَﻧ ﱠ ُﻪ َﻫ ﺬَﻳَ ﺎ ُن ﻳَ ْﺮﺗَ ﺎ ُع ِﻣ ﻨ ْ ُﻪ َوﻳَ ْﻔ َﺮ ُق ا ِﻹﻧ ْ َﺴ ﺎ ُن َﺻ ُﻔﻮ َك ِﻟﻲ ﺣَ ﺘﱠﻰ إِذَا أَﺑْ َ و َ ﺼ ْﺮ ُت ﻣَ ﺎ َﻓ ﺎﻟ ﱠ ﻄ ﺒْ ُﻞ ِﺟ ْﻠ ٌﺪ َﻓ ِﺎر ٌغ َو َ ﻃ ِﻨ ﻴ ﻨ ُ ُﻪ وﰲ ﺿﺪ ﻫﺬا أﻗﻮل: ﺼﺎ َر اﻟ ﱠ َﻓ َ ﺎن ﻈ ﱡﻦ ﺣَ ٍّﻘﺎ ﻓِ ﻲ اﻟﻌِ ﻴَ ِ ﺎن ﻋَ َﻠﻰ اﻟﺘﱠﺤْ ﻘِ ﻴ ِﻖ ﻋَ ْﻦ َﻗ ِ ﺪر اﻟ ِﺠﻨ َ ِ َﻟ َﻘ ْﺪ و َ َﺻ ُﻔﻮ َك ِﻟﻲ ﺣَ ﺘﱠﻰ ا ْﻟﺘَ َﻘﻴْﻨ َﺎ ْﺻ ُ ﺼ َﺮ ٌ ﺎن ُﻣ َﻘ ﱢ َﻓ ﺄَو َ ات ﺎف اﻟ ِﺠ ﻨ َ ِ وإن ﻫﺬه اﻷﺣﻮال ﻟﺘﺤﺪُث ﺑني اﻷﺻﺪﻗﺎء واﻹﺧﻮان ،وﻋﻨﻲ أُﺣﺪث. ﺧﱪ إﻧﻪ ﻛﺎن ﺑﻴﻨﻲ وﺑني رﺟﻞ ﻣﻦ اﻷﴍاف و ﱞد وﻛﻴﺪ وﺧﻄﺎب ﻛﺜري ،وﻣﺎ ﺗﺮاءﻳﻨﺎ ﻗﻂ ،ﺛﻢ ﻣﻨﺢ ﷲ ﱄ ﻟﻘﺎءه ،ﻓﻤﺎ ﻣ ﱠﺮت إﻻ أﻳﺎم ﻗﻼﺋﻞ ﺣﺘﻰ وﻗﻌﺖ ﻟﻨﺎ ﻣُﻨﺎﻓﺮة ﻋﻈﻴﻤﺔ ووﺣﺸﺔ ﺷﺪﻳﺪة ﻣﺘﺼﻠﺔ ً ﻗﻄﻌﺔ ،ﻣﻨﻬﺎ: إﱃ اﻵن ،ﻓﻘﻠﺖ ﰲ ذﻟﻚ أﺑﺪﻟﺖ أ َ ْﺷ َﺨﺎﺻﻨ َﺎ ُﻛ ْﺮ ًﻫﺎ و ََﻓ ْﺮ َ ط ﻗِ ًﻠﻰ ﺼﺤَ ﺎ ِﺋ ُ َﻛﻤَ ﺎ اﻟ ﱠ ﻒ َﻗ ْﺪ ﻳُﺒْ َﺪ ْﻟ َﻦ ِﺑﺎﻟﻨ ﱠ ْﺴ ِﺦ ووﻗﻊ ﱄ ﺿ ﱡﺪ ﻫﺬا ﻣﻊ أﺑﻲ ﻋﺎﻣﺮ ﺑﻦ أﺑﻲ ﻋﺎﻣﺮ — رﺣﻤﺔ ﷲ ﻋﻠﻴﻪ — ﻓﺈﻧﻲ ﻛﻨﺖ ﻟﻪ ﻋﲆ ﻛﺮاﻫﺔ ﺻﺤﻴﺤﺔ ،وﻫﻮ ﱄ ﻛﺬﻟﻚ ،وﻟﻢ ﻳﺮﻧﻲ وﻻ رأﻳﺘﻪ ،وﻛﺎن أﺻﻞ ذﻟﻚ ﺗَ ً ﻨﻘﻴﻼ ﻳُﺤﻤﻞ إﻟﻴﻪ ﻋﻨﻲ وإﱄ ﱠ ﻋﻨﻪ ،وﻳﺆﻛﺪه اﻧﺤﺮاف ﺑني أﺑﻮﻳﻨﺎ ﻟﺘﻨﺎﻓﺴﻬﻤﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﻛﺎﻧﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ُ ﺻﺤﺒﺔ اﻟﺴﻠﻄﺎن ووﺟﺎﻫﺔ اﻟﺪﻧﻴﺎ ،ﺛﻢ ﱠ ُ وﴏت ﻟﻪ ﻛﺬﻟﻚ وﻓﻖ ﷲ اﻻﺟﺘﻤﺎ َع ﺑﻪ ،ﻓﺼﺎر ﱄ أو ﱠد اﻟﻨﺎس، ً ﻗﻄﻌﺔ ،ﻣﻨﻬﺎ: إﱃ أن ﺣﺎل املﻮت ﺑﻴﻨﻨﺎ .وﰲ ذﻟﻚ أﻗﻮل وَأَوْﺟَ َﺪ ِﻧ ﻲ ﻓِ ﻴ ِﻪ ﻋِ ْﻠ ًﻘ ﺎ َﺷ ِﺮﻳ ًﻔ ﺎ وَﻣَ ﺎ ُﻛ ﻨ ْ ُﺖ أ َ ْر َﻏ ﺒُ ُﻪ ِﻟ ﻲ أ َ ِﻟ ﻴ ًﻔ ﺎ أ َ ٌخ ِﻟ ﻲ َﻛ ﱠﺴ ﺒَ ِﻨ ﻴ ِﻪ اﻟ ﱢﻠ َﻘ ﺎءُ و ََﻗ ْﺪ ُﻛ ﻨ ْ ُﺖ أ َ ْﻛ َﺮ ُه ِﻣ ﻨ ْ ُﻪ اﻟ ِﺠ ﻮَا َر 28 ﺑﺎب ﻣﻦ أﺣﺐ ﺑﺎﻟﻮﺻﻒ َو َﻛ َ ﺎن اﻟﺜ ﱠﻘِ ﻴ َﻞ َﻓ َ ﺼﺎ َر اﻟ َﺨﻔِ ﻴ َﻔﺎ ُ َﻓ ِﺼ ْﺮ ُت أدِ ﻳ ُﻢ إ ِ َﻟ ﻴْ ِﻪ اﻟ ﻮ َِﺟ ﻴ َﻔ ﺎ َو َﻛ َ ﺼﺎ َر اﻟﺤَ ِﺒﻴﺐَ ﺎن اﻟﺒَﻐِ ﻴ َﺾ َﻓ َ ُ و ََﻗ ْﺪ ُﻛﻨ ْ ُﺖ أد ِْﻣ ُﻦ ﻋَ ﻨ ْ ُﻪ اﻟﻮ َِﺟﻴ َ ﻒ ً ﺻﺪﻳﻘﺎ ﻣﺪ ًة ﻋﲆ ﻏري رؤﻳﺔ، وأﻣﺎ أﺑﻮ ﺷﺎﻛﺮ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻘﱪيﱡ ﻓﻜﺎن ﱄ ﺛﻢ اﻟﺘﻘﻴﻨﺎ ﻓﺘﺄ ﱠﻛﺪت املﻮدة واﺗﺼﻠﺖ وﺗﻤﺎدت إﱃ اﻵن. 29 ﺑﺎب ﻣﻦ أﺣﺐ ﻣﻦ ﻧﻈﺮة واﺣﺪة وﻛﺜريًا ﻣﺎ ﻳﻜﻮن ﻟُﺼﻮق اﻟﺤﺐ ﺑﺎﻟﻘﻠﺐ ﻣﻦ ﻧﻈﺮة واﺣﺪة ،وﻫﻮ ﻳﻨﻘﺴﻢ ﻗﺴﻤني ،ﻓﺎﻟﻘﺴﻢ اﻟﻮاﺣﺪ ﻣﺨﺎﻟﻒ ﻟﻠﺬي ﻗﺒﻞ ﻫﺬا ،وﻫﻮ أن ﻳﻌﺸﻖ املﺮء ﺻﻮر ًة ﻻ ﻳﻌﻠﻢ ﻣﻦ ﻫﻲ ،وﻻ ﻳﺪري ﻟﻬﺎ اﺳﻤً ﺎ وﻻ ﻣﺴﺘﻘ ٍّﺮا .وﻗﺪ ﻋﺮض ﻫﺬا ﻟﻐري واﺣﺪ. ﺧﱪ ﺣﺪﺛﻨﻲ ﺻﺎﺣﺒﻨﺎ أﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ إﺳﺤﺎق ﻋﻦ ﺛﻘﺔ أﺧﱪه — ﺳﻘﻂ ﻋﻨﻲ اﺳﻤﻪ، وأﻇﻨﻪ اﻟﻘﺎﴈ اﺑﻦ اﻟﺤﺬاء — أن ﻳﻮﺳﻒ ﺑﻦ ﻫﺎرون اﻟﺸﺎﻋﺮ املﻌﺮوف ﺑﺎﻟ ﱠﺮﻣﺎديﱢ ﻛﺎن ﻣﺠﺘﺎ ًزا ﻋﻨﺪ ﺑﺎب اﻟﻌﻄﺎرﻳﻦ ُ ً ﺟﺎرﻳﺔ ﺑﻘﺮﻃﺒﺔ — وﻫﺬا املﻮﺿﻊ ﻛﺎن ﻣﺠﺘﻤ َﻊ اﻟﻨﺴﺎء — ﻓﺮأى أﺧﺬت ﺑﻤﺠﺎﻣﻊ ﻗﻠﺒﻪ ،وﺗﺨ ﱠﻠﻞ ﺣﺒﱡﻬﺎ ﺟﻤﻴ َﻊ أﻋﻀﺎﺋﻪ ،ﻓﺎﻧﴫف ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺠﺎﻣﻊ وﺟﻌﻞ ﻳَﺘﺒﻌﻬﺎ وﻫﻲ ﻧﺎﻫﻀﺔ ﻧﺤﻮ اﻟﻘﻨﻄﺮة ،ﻓﺠﺎزﺗﻬﺎ إﱃ املﻮﺿﻊ املﻌﺮوف ﺑﺎﻟ ﱠﺮﺑَﺾ .ﻓﻠﻤﺎ ﺻﺎرت ﺑني رﻳﺎض ﺑﻨﻲ ﻣﺮوان — رﺣﻤﻬﻢ ﷲ — املﺒﻨﻴﺔ ﻋﲆ ﻗﺒﻮرﻫﻢ ﰲ ﻣﻘﱪة اﻟﺮﺑﺾ َﺧ ْﻠﻒ اﻟﻨﻬﺮ ،ﻧَﻈﺮت ﻣﻨﻪ ﻣُﻨﻔﺮدًا ﻋﻦ اﻟﻨﺎس ﻻ ﻫﻤﱠ ﺔ ﻟﻪ ﻏريﻫﺎ ،ﻓﺎﻧﴫﻓﺖ إﻟﻴﻪ ﻓﻘﺎﻟﺖ ﻟﻪ :ﻣﺎ ﻟﻚ ﺗﻤﴚ وراﺋﻲ؟ ﻓﺄﺧﱪﻫﺎ ﺑﻌﻈﻴﻢ ﺑﻠﻴﱠﺘﻪ ﺑﻬﺎ ،ﻓﻘﺎﻟﺖ ﻟﻪَ :د ْع ﻋﻨﻚ ﻫﺬا وﻻ ﺗﻄﻠُﺐ ﻓﻀﻴﺤﺘﻲ؛ ﻓﻼ ﻣﻄﻤﻊ ﻟﻚ ﰲ اﻟﻨﱢﻴﺔ ،وﻻ إﱃ ﻣﺎ ﺗﺮﻏﺒﻪ ﺳﺒﻴﻞ .ﻓﻘﺎل :إﻧﻲ أﻗﻨﻊ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ .ﻓﻘﺎﻟﺖ :ذﻟﻚ ﻣُﺒﺎح ﻟﻚ .ﻓﻘﺎل ﻟﻬﺎ :ﻳﺎ ﺳﻴﺪﺗﻲ ،أﺣُ ﱠﺮة أم ﻣﻤﻠﻮﻛﺔ؟ ﻗﺎﻟﺖ :ﻣﻤﻠﻮﻛﺔ .ﻓﻘﺎل ﻟﻬﺎ :ﻣﺎ اﺳﻤﻚ؟ ﻗﺎﻟﺖ: ﺧﻠﻮة .ﻗﺎل :وملﻦ أﻧﺖ؟ ﻓﻘﺎﻟﺖ ﻟﻪ :ﻋﻠﻤﻚ وﷲ ﺑﻤﺎ ﰲ اﻟﺴﻤﺎء اﻟﺴﺎﺑﻌﺔ أﻗﺮب إﻟﻴﻚ ﻣﻤﺎ ﺳﺄﻟﺖ ﻋﻨﻪ؛ ﻓﺪع املﺤﺎل .ﻓﻘﺎل ﻟﻬﺎ :ﻳﺎ ﺳﻴﺪﺗﻲ ،وأﻳﻦ أراكِ ﺑﻌﺪ ﻫﺬا؟ ﻗﺎﻟﺖ :ﺣﻴﺚ رأﻳﺘَﻨﻲ اﻟﻴﻮ َم ﰲ ﻣﺜﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﺴﺎﻋﺔ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺟُ ﻤﻌﺔ .ﻓﻘﺎﻟﺖ ﻟﻪ :إﻣﺎ أن ﺗَﻨﻬﺾ أﻧﺖ وإﻣﺎ أﻧﻬﺾ أﻧﺎ .ﻓﻘﺎل ﻟﻬﺎ: ﻃﻮق اﻟﺤﻤﺎﻣﺔ ﰲ اﻷ ُ َ ﻟﻔﺔِ واﻷ ُ ﱠﻻف اﻧﻬﴤ ﰲ ﺣﻔﻆ ﷲ .ﻓﻨﻬﻀﺖ ﻧﺤﻮ َ اﻟﻘﻨﻄﺮة وﻟﻢ ﻳﻤﻜﻨﻪ اﺗﺒﺎﻋﻬﺎ؛ ﻷﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﺘﻔﺖ ﻧﺤﻮه ﻟﱰى أﻳُﺴﺎﻳﺮﻫﺎ أم ﻻ ،ﻓﻠﻤﺎ ﺗﺠﺎوزت ﺑﺎب اﻟﻘﻨﻄﺮة أﺗﻰ ﻳﻘﻔﻮﻫﺎ ﻓﻠﻢ ﻳﻘﻊ ﻟﻬﺎ ﻋﲆ ﻣﺴﺄﻟﺔ. ﻗﺎل أﺑﻮ ﻋﻤﺮ ،وﻫﻮ ﻳﻮﺳﻒ ﺑﻦ ﻫﺎرون :ﻓﻮﷲ ﻟﻘﺪ ﻻزﻣﺖ ﺑﺎب اﻟﻌ ﱠ ﻄﺎرﻳﻦ واﻟ ﱠﺮﺑﺾ ﻣﻦ أﺳﻤﺎءٌ َﻟﺤَ ﺴﺘْﻬﺎ أم ٌ ُ وﻗﻌﺖ ﻟﻬﺎ ﻋﲆ ﺧﱪ ،وﻻ أدري َ أرض ﺑﻠﻌﺘْﻬﺎ، ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ إﱃ اﻵن ،ﻓﻤﺎ وإن ﰲ ﻗﻠﺒﻲ ﻣﻨﻬﺎ ﻷﺣَ ﱠﺮ ﻣﻦ اﻟﺠﻤﺮ .وﻫﻲ ﺧﻠﻮة اﻟﺘﻲ ﻳَﺘﻐ ﱠﺰل ﺑﻬﺎ ﰲ أﺷﻌﺎره. ﴎﻗﺴﻄﺔ ﰲ ﻗﺼﺔ ﻃﻮﻳﻠﺔ. ﺛﻢ وﻗﻊ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻋﲆ َﺧﱪﻫﺎ ﺑﻌﺪ رﺣﻴﻠﻪ ﰲ ﺳﺒﺒﻬﺎ إﱃ َ َ ً ﻗﻄﻌﺔ ،ﻣﻨﻬﺎ: وﻣﺜﻞ ذﻟﻚ ﻛﺜري ،وﰲ ذﻟﻚ أﻗﻮل َﻓﺄُرﺳ ُﻞ اﻟﺪﱠﻣْ َﻊ ُﻣ ْﻘﺘَ ٍّ ﺼﺎ ِﻣ َﻦ اﻟﺒَ َ ﺼ ِﺮ ِﻣﻨ ْﻬَ ﺎ ِﺑ ْ ﺈﻏ َﺮاﻗِ ﻬَ ﺎ ﻓِ ﻲ دَﻣْ ﻌِ ﻬَ ﺎ اﻟ ﱡﺪ َر ِر وَآﺧِ ُﺮ اﻟ ﻌَ ﻬْ ِﺪ ِﻣ ﻨ ْﻬَ ﺎ َﺳ ﺎﻋَ ُﺔ اﻟ ﻨ ﱠ َ ﻈ ِﺮ ﻋَ ﻴْ ِﻨﻲ ﺟَ ﻨ َ ْﺖ ﻓِ ﻲ ُﻓ َﺆادِي َﻟﻮْﻋَ َﺔ اﻟﻔِ َﻜ ِﺮ َﻓ َﻜﻴْ َ ﻒ ﺗُﺒْ ِﺼ ُﺮ ﻓﻌﻞ اﻟﺪﱠﻣْ ﻊ ُﻣﻨ ْﺘَ ِﺼ ًﻔﺎ َﻟ ْﻢ أ َ ْﻟ َﻘ ﻬَ ﺎ َﻗ ﺒْ َﻞ إِﺑْ َ ﺼ ِﺎري َﻓ ﺄَﻋْ ِﺮ َﻓ ﻬَ ﺎ واﻟﻘﺴﻢ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﺨﺎﻟﻒ ﻟﻠﺒﺎب اﻟﺬي ﻳﺄﺗﻲ ﺑﻌﺪ ﻫﺬا اﻟﺒﺎب إن ﺷﺎء ﷲ ،وﻫﻮ أن ﻳﻌﻠﻖ ً ﺟﺎرﻳﺔ ﻣﻌﺮوﻓﺔ اﻻﺳﻢ واملﻜﺎن وا َملﻨﺸﺄ ،وﻟﻜﻦ اﻟﺘﻔﺎﺿﻞ ﻳﻘﻊ ﰲ ﻫﺬا املﺮءُ ﻣﻦ ﻧﻈﺮ ٍة واﺣﺪ ٍة ﰲ ُﴎﻋﺔ اﻟﻔﻨﺎء وإﺑﻄﺎﺋﻪ ،ﻓﻤﻦ أﺣﺐ ﻣﻦ ﻧﻈﺮة واﺣﺪة وأﴎع اﻟﻌﻼﻗﺔ ﻣﻦ ملﺤﺔ ﺧﺎﻃﺮة؛ ﻓﻬﻮ دﻟﻴﻞ ﻋﲆ ﻗ ﱠﻠﺔ اﻟﺼﱪ ،وﻣُﺨﱪٌ ﺑﴪﻋﺔ اﻟﺴﻠﻮ ،وﺷﺎﻫﺪ اﻟﻈﺮاﻓﺔ واملﻠﻞ ،وﻫﻜﺬا ﰲ ﺟﻤﻴﻊ اﻷﺷﻴﺎء أﴎﻋُ ﻬﺎ ﻧﻤﻮٍّا أﴎﻋﻬﺎ ﻓﻨﺎءً ،وأﺑﻄﺆﻫﺎ ﺣﺪوﺛًﺎ أﺑﻄﺆﻫﺎ ﻧﻔﺎذًا. ﺧﱪ إﻧﻲ ﻷﻋﻠﻢ ﻓﺘًﻰ ﻣﻦ أﺑﻨﺎء اﻟ ُﻜﺘﱠﺎب ورأﺗﻪ اﻣﺮأة ﴎﻳﺔ اﻟﻨﺸﺄة ،ﻋﺎﻟﻴﺔ املﻨﺼﺐ ،ﻏﻠﻴﻈﺔ اﻟﺤﺠﺎب، وﻫﻮ ﻣُﺠﺘﺎز ،ورأﺗﻪ ﰲ ﻣﻮﺿﻊ ﺗَﻄ ﱠﻠ َﻊ ﻣﻨﻪ ﻛﺎن ﰲ ﻣﻨﺰﻟﻬﺎ ،ﻓﻌﻠﻘﺘْﻪ وﻋَ ﻠﻘﻬﺎ ،وﺗﻬﺎدﻳﺎ املﺮاﺳﻠﺔ َ ﻛﺸﻒ اﻟﺤﻴﻞ وذﻛﺮ زﻣﺎﻧًﺎ ﻋﲆ أرق ﻣﻦ ﺣﺪ اﻟﺴﻴﻒ ،وﻟﻮﻻ أﻧﻲ ﻟﻢ أﻗﺼﺪ ﰲ رﺳﺎﻟﺘﻲ ﻫﺬه ُ ﻷوردت ﻣﻤﺎ ﺻﺢﱠ ﻋﻨﺪي أﺷﻴﺎء ﺗُ ﱢ ﺤري اﻟﻠﺒﻴﺐ وﺗﺪﻫﺶ اﻟﻌﺎﻗﻞ .أﺳﺒﻞ ﷲ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺳﱰه املﻜﺎﺋﺪ وﻋﲆ ﺟﻤﻴﻊ املﺴﻠﻤني ﺑﻤَ ﻨﱢﻪ ،وﻛﻔﺎﻧﺎ. 32 ﺑﺎب ﻣﻦ ﻻ ﳛﺐ إﻻ ﻣﻊ اﳌﻄﺎوﻟﺔ ري ا ُملﺸﺎﻫﺪة ،وﻣﺘﻤﺎدي اﻷُﻧﺲ، وﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﻣﻦ ﻻ ﺗﺼﺢﱡ ﻣﺤﺒﺘﻪ إﻻ ﺑﻌﺪ ِ ﻃﻮل ا ُملﺨﺎﻓﺘﺔ ،وﻛﺜ ِ وﻫﺬا اﻟﺬي ﻳﻮﺷﻚ أن ﻳﺪوم وﻳﺜﺒﺖ وﻻ ﻳَﺤﻴﻚ ﻓﻴﻪ ﻣ ﱡﺮ اﻟﻠﻴﺎﱄ ،ﻓﻤﺎ دَﺧﻞ ﻋﺴريًا ﻟﻢ ﻳﺨﺮج ﻳﺴريًا؛ وﻫﺬا ﻣﺬﻫﺒﻲ .وﻗﺪ ﺟﺎء ﰲ اﻷﺛﺮ أن ﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ ﻗﺎل ﻟﻠﺮوح — ﺣني أﻣﺮه أن ﻳﺪﺧﻞ ﻓﺨﺎر ﻓﻬﺎبَ وﺟَ ﺰ َعُ : ﺟﺴ َﺪ آدم وﻫﻮ ﱠ ﻛﺮﻫﺎ واﺧ ُﺮج ً ادﺧﻞ ً ﻛﺮﻫﺎ .ﺣُ ﺪﱢﺛﻨﺎه ﻋﻦ ﺷﻴﻮﺧﻨﺎ. وﻟﻘﺪ رأﻳﺖ ﻣﻦ أﻫﻞ ﻫﺬه اﻟﺼﻔﺔ ﻣَ ﻦ إن أ َ ﱠ ﺣﺲ ﻣﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﺎﺑﺘﺪاء ﻫﻮًى ،أو ﺗﻮَﺟﱠ ﺲ ِﻣﻦ اﺳﺘﺤﺴﺎﻧﻪ ً ﻣﻴﻼ إﱃ ﺑﻌﺾ اﻟﺼﻮر؛ اﺳﺘﻌﻤﻞ اﻟﻬﺠﺮ وﺗﺮك اﻹملﺎم ﻟﺌﻼ ﻳﺰﻳﺪ ﻣﺎ ﻳﺠﺪ ﻓﻴﺨﺮج اﻷﻣﺮ ﻋﻦ ﻳﺪه ،وﻳُﺤﺎل ﺑني اﻟﻌَ ْري واﻟﻨ ﱠ َﺰوان .وﻫﺬا ﻳﺪل ﻋﲆ ﻟُﺼﻮق اﻟﺤُ ﺐ ﺑﺄﻛﺒﺎد أﻫﻞ ﻫﺬه ً ﻗﻄﻌﺔ ،ﻣﻨﻬﺎ: اﻟﺼﻔﺔ ،وأﻧﻪ إذا ﺗﻤ ﱠﻜﻦ ﻣﻨﻬﻢ ﻟﻢ ﻳُﺤَ ﱠﻞ أﺑﺪًا .وﰲ ذﻟﻚ أﻗﻮل َﺳﺄﺑﻌ ُﺪ ﻋَ ْﻦ َدوَاﻋِ ﻲ اﻟﺤُ ﺐﱢ إِﻧ ﱢﻲ َرأَﻳْ ُﺖ اﻟ ﺤُ ﺐﱠ أ َ ﱠوﻟُ ُﻪ اﻟ ﺘﱠ َ ﺼ ﺪﱢي َﻓ ﺒَ ﻴْ ﻨ َ ﺎ أَﻧ ْ َﺖ ُﻣ ْﻐ ﺘَ ِﺒ ٌ ﻂ ُﻣ َﺨ ٍّﻠ ﻰ ﺎح َﻗ ِﺮﻳ ٍﺐ َﻛ ُﻤ ْﻐ ﺘَ ﱟﺮ ِﺑ َﻀ ﺤْ َﻀ ٍ َرأَﻳْ ُﺖ اﻟﺤَ ْﺰ َم ِﻣ ْﻦ ِﺻ َﻔ ِﺔ اﻟ ﱠﺮ ِﺷﻴ ِﺪ ﺑَ ﻌَ ﻴْ ِﻨ َﻚ ﻓِ ﻲ أ َ َزاﻫِ ﻴ ِﺮ اﻟ ُﺨ ﺪُو ِد إِذَا َﻗ ْﺪ ِﺻ ْﺮ َت ﻓِ ﻲ ﺣَ َﻠ ِﻖ اﻟ ُﻘﻴُﻮ ِد َﻓ ﺬَ ﱠل َﻓ َﻐ ﺎبَ ﻓِ ﻲ ﻏ ﻤ ِﺮ اﻟ ﻤ ﺪو ِد وإﻧﻲ ﻷﻃﻴﻞ اﻟﻌﺠﺐ ِﻣﻦ ﻛﻞ ﻣَ ﻦ ﻳﺪﻋﻲ أﻧﻪ ﻳﺤﺐ ِﻣﻦ ﻧﻈﺮة واﺣﺪة ،وﻻ أﻛﺎد أﺻﺪﻗﻪ، وﻻ أﺟﻌﻞ ﺣُ ﺒﱠﻪ إﻻ ﴐﺑًﺎ ﻣﻦ اﻟﺸﻬﻮة ،وأﻣﺎ أن ﻳﻜﻮن ﰲ ﻇﻨﱢﻲ ﻣﺘﻤﻜﻨًﺎ ﻣﻦ ﺻﻤﻴﻢ اﻟﻔﺆاد ﻧﺎﻓﺬًا ﰲ ﺣﺠﺎب اﻟﻘﻠﺐ ﻓﻤﺎ أُﻗﺪﱢر ذﻟﻚ ،وﻣﺎ ﻟﺼﻖ ﺑﺄﺣﺸﺎﺋﻲ ﺣُ ﺐﱞ ﻗ ﱡ ﻂ إﻻ ﻣﻊ اﻟﺰﻣﻦ اﻟﻄﻮﻳﻞ ،وﺑﻌﺪ ﻣﻼزﻣﺔ اﻟﺸﺨﺺ ﱄ دﻫ ًﺮا ،وأﺧﺬي ﻣﻌﻪ ﰲ ﻛﻞ ﺟ ﱟﺪ وﻫﺰل ،وﻛﺬﻟﻚ أﻧﺎ ﰲ اﻟﺴﻠ ﱢﻮ واﻟﺘﻮﻗﻲ، ﻓﻤﺎ ﻧﺴﻴﺖ ودٍّا ﱄ ﻗ ﱡ ﻂ ،وإن ﺣَ ﻨﻴﻨﻲ إﱃ ﻛﻞ ﻋﻬﺪ ﺗﻘﺪﱠم ﱄ ﻟﻴُﻐِ ﱡ ﺼﻨﻲ ﺑﺎﻟﻄﻌﺎم ،وﻳُﴩﻗﻨﻲ ﻃﻮق اﻟﺤﻤﺎﻣﺔ ﰲ اﻷ ُ َ ﻟﻔﺔِ واﻷ ُ ﱠﻻف ُ ﻣﻠﻠﺖ ﺷﻴﺌًﺎ ﻗﻂ ﺑﻌﺪ ﻣﻌﺮﻓﺘﻲ ﺑﻪ، ﺑﺎملﺎء — وﻗﺪ اﺳﱰاح ﻣَ ﻦ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻫﺬه ﺻﻔﺘُﻪ — وﻣﺎ ُ رﻏﺒﺖ ﰲ اﻻﺳﺘﺒﺪال إﱃ ﺳﺒﺐ ﻣﻦ وﻻ أﴎﻋﺖ إﱃ اﻷﻧﺲ ﺑﴚء ﻗﻂ أو َل ﻟﻘﺎﺋﻲ ﻟﻪ ،وﻣﺎ أﺳﺒﺎﺑﻲ ﻣﺬ ﻛﻨﺖ ،ﻻ أﻗﻮل ﰲ اﻷ ُ ﱠﻻف واﻹﺧﻮان وﺣﺪﻫﻢ ،ﻟﻜﻦ ﰲ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳَﺴﺘﻌﻤﻞ اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻦ ُ اﻧﺘﻔﻌﺖ ﺑﻌﻴﺶ وﻻ ﻓﺎرﻗﻨﻲ اﻹﻃﺮاق واﻻﻧﻔﻼق ﻣﻠﺒﻮس وﻣﺮﻛﻮب وﻣﻄﻌﻮم وﻏري ذﻟﻚ ،وﻣﺎ ﻣﺬ ذﻗﺖ ﻃﻌﻢ ﻓﺮاق اﻷﺣﺒﺔ ،وإﻧﻪ َ ﻟﺸﺠً ﻰ ﻳﻌﺘﺎدﻧﻲ ووﻟﻮع ﻫ ﱟﻢ ﻣﺎ ﻳﻨﻔ ﱡﻚ ﻳَ ْ ﻄ ُﺮﻗﻨﻲ ،وﻟﻘﺪ ﱠ ﻋﻴﺶ أﺳﺘﺄﻧﻔﻪ ،وإﻧﻲ َ ﻧﻐ َ ﻟﻘﺘﻴﻞ اﻟﻬﻤﻮم ﰲ ﻋﺪاد اﻷﺣﻴﺎء ،ودﻓني ﺺ ﺗﺬﻛﺮي ﻣﺎ ﻣَ ﴣ ﻛ ﱠﻞ ٍ اﻷﳻ ﺑني أﻫﻞ اﻟﺪﻧﻴﺎ .وﷲ املﺤﻤﻮد ﻋﲆ ﻛﻞ ﺣﺎل ﻻ إﻟﻪ إﻻ ﻫﻮ .وﰲ ذﻟﻚ أﻗﻮل ﺷﻌ ًﺮا ،ﻣﻨﻪ: ﻣَ ﺤَ ﺒﱠ ُﺔ ِﺻﺪ ٍْق َﻟ ْﻢ ﺗَ ُﻜ ْﻦ ِﺑﻨ ْ َﺖ َﺳﺎﻋَ ٍﺔ َو َﻟ ِﻜ ْﻦ ﻋَ َﻠﻰ ﻣَ ﻬ ٍﻞ َﺳ َﺮ ْت َوﺗَ َﻮ ﱠﻟﺪ ْ َت َﻓ َﻠ ْﻢ ﻳَ ْﺪ ُن ِﻣﻨ ْﻬَ ﺎ ﻋَ ْﺰ ُﻣﻬَ ﺎ وَاﻧ ْ ِﺘ َﻔ ُ ﺎﺿﻬَ ﺎ ﻳُ َﺆ ﱢﻛ ُﺪ ذَا أَﻧ ﱠ ﺎ ﻧ َ َﺮى ُﻛ ﱠﻞ ﻧ َ ْﺸ ﺄ َ ٍة َو َﻟ ِﻜ ﻨ ﱠ ِﻨ ﻲ أ َ ْر ٌ ض ﻋ َﺰا ٌز ﺻ ﻠ ﻴ ﺒ ٌﺔ ﺪت ِﻣﻨ ْﻬَ ﺎ َﻟ َﺪﻳْﻬَ ﺎ ﻋُ ُﺮ ُ َﻓﻤَ ﺎ ﻧ َﻔِ ْ وﻗﻬَ ﺎ و ََﻻ و َِرﻳَ ْﺖ ﺣِ ﻴ َﻦ ا ْر ِﺗ ﻴَ ﺎدٍ ِزﻧ َﺎد َُﻫ ﺎ ِﺑ ُ اج َﻓ ْ ﺎﺳﺘَ َﻘ ﱠﺮ ﻋِ ﻤَ ﺎد َُﻫﺎ ﻄ ِ ﻮل اﻣْ ِﺘ َﺰ ٍ َو َﻟ ْﻢ ﻳَﻨ ْﺄ َ ﻋَ ﻨ ْﻬَ ﺎ ُﻣ ْﻜﺜ ُﻬَ ﺎ وَا ْز ِدﻳَﺎد َُﻫﺎ ﺗَ ِﺘ ﱡﻢ َﺳ ِﺮﻳﻌً ﺎ ﻋَ ْﻦ َﻗ ِﺮﻳ ٍﺐ ﻣﻌﺎد َُﻫﺎ وس اﻧ ْﻘِ ﻴَﺎد َُﻫﺎ ﻣَ ِﻨﻴ ٌﻊ إﻟﻰ ُﻛﻞ اﻟ ُﻐ ُﺮ ِ َﻓ َﻠﻴْ َﺴ ْﺖ ﺗُﺒَﺎ ِﻟﻲ أ َ ْن ﺗَﺠُ ﻮ َد ﻋِ ﻬَ ﺎد َُﻫﺎ وﻻ ﻳﻈﻦ ﱞ ﻇﺎن وﻻ ﱠ ﱢ ﻣﺘﻮﻫﻢ أن ﻛﻞ ﻫﺬا ﻣﺨﺎﻟﻒ ﻟﻘﻮﱄ املﺴﻄﺮ ﰲ ﺻﺪر اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ، ﻳﺘﻮﻫﻢ أن اﻟﺤﺐ اﺗﺼﺎل ﺑني اﻟﻨﻔﻮس ﰲ أﺻﻞ ﻋﺎملﻬﺎ اﻟﻌُ ﻠﻮي ،ﺑﻞ ﻫﻮ ﻣﺆ ﱢﻛﺪ ﻟﻪ؛ ﻓﻘﺪ ﻋﻠﻤﻨﺎ أن ْ وأﺣﺎﻃﺖ ﺑﻬﺎ اﻟﻄﺒﺎﺋﻊ اﻟﻨﻔﺲ ﰲ ﻫﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻷدﻧﻰ ﻗﺪ ﻏﻤﺮﺗْﻬﺎ اﻟﺤُ ﺠﺐ ،وﻟﺤﻘﺘْﻬﺎ اﻷﻏﺮاض، اﻷرﺿﻴﺔ اﻟﻜﻮﻧﻴﺔ ،ﻓﺴﱰت ﻛﺜريًا ﻣﻦ ﺻﻔﺎﺗﻬﺎ وإن ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻢ ﺗﺤﻠﻪ ،ﻟﻜﻦ ﺣﺎﻟﺖ دوﻧﻪ ﻓﻼ ﻳُﺮﺟَ ﻰ اﻻﺗﺼﺎل ﻋﲆ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ إﻻ ﺑﻌﺪ اﻟﺘﻬﻴﺆ ﻣﻦ اﻟﻨﻔﺲ واﻻﺳﺘﻌﺪاد ﻟﻪ ،وﺑﻌﺪ إﻳﺼﺎل املﻌﺮﻓﺔ إﻟﻴﻬﺎ ﺑﻤﺎ ﻳﺸﺎﻛﻠﻬﺎ وﻳﻮاﻓﻘﻬﺎ ،وﻣﻘﺎﺑﻠﺔ اﻟﻄﺒﺎﺋﻊ اﻟﺘﻲ ﺧﻔﻴﺖ ﻣﻤﺎ ﻳُﺸﺎﺑﻬﻬﺎ ﻣﻦ ﻃﺒﺎﺋﻊ ً اﺗﺼﺎﻻ ﺻﺤﻴﺤً ﺎ ﺑﻼ ﻣﺎﻧﻊ. املﺤﺒﻮب ،ﻓﺤﻴﻨﺌ ٍﺬ ﻳﺘﺼﻞ وأﻣﺎ ﻣﺎ ﻳﻘﻊ ﻣﻦ أول وﻫﻠﺔ ﺑﺒﻌﺾ أﻋﺮاض اﻻﺳﺘﺤﺴﺎن اﻟﺠﺴﺪي ،واﺳﺘﻄﺮاف اﻟﺒﴫ اﻟﺬي ﻻ ﻳﺠﺎوز اﻷﻟﻮان ،ﻓﻬﺬا ﴎ اﻟﺸﻬﻮة وﻣﻌﻨﺎﻫﺎ ﻋﲆ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ،ﻓﺈذا َﻏﻠﺒﺖ اﻟﺸﻬﻮة وﺗﺠﺎوزت ﻫﺬا اﻟﺤﺪ ،وواﻓﻖ اﻟﻔﺼ َﻞ اﺗﺼﺎ ٌل ﻧﻔﺴﺎﻧﻲ ﺗﺸﱰك ﻓﻴﻪ اﻟﻄﺒﺎﺋﻊ ﻣﻊ اﻟﻨﻔﺲ ﻋﺸﻘﺎ .وﻣﻦ ﻫﺬا دﺧﻞ َ ً اﻟﻐ َﻠﻂ ﻋﲆ ﻣﻦ ﻳﺰﻋُ ﻢ أﻧﻪ ﻳُﺤﺐ اﺛﻨني ،وﻳﻌﺸﻖ ﺷﺨﺼني ﻳُﺴﻤﱠ ﻰ ً ﻣﺘﻐﺎﻳﺮﻳﻦ ،ﻓﺈﻧﻤﺎ ﻫﺬا ﻣﻦ ﺟﻬﺔ اﻟﺸﻬﻮة اﻟﺘﻲ ذﻛﺮﻧﺎ ً ﻣﺤﺒﺔ ﻻ آﻧﻔﺎ ،وﻫﻲ ﻋﲆ املﺠﺎز ﺗﺴﻤﻰ ﻋﲆ اﻟﺘﺤﻘﻴﻖ .وأﻣﺎ ﻧﻔﺲ املﺤﺐ ﻓﻤﺎ ﰲ ا َملﻴﻞ ﺑﻪ ﻓﻀﻞ ﻳﴫﻓﻪ ﻣﻦ أﺳﺒﺎب دﻳﻨﻪ ودﻧﻴﺎه، ﺛﺎن .وﰲ ذﻟﻚ أﻗﻮل: ﻓﻜﻴﻒ ﺑﺎﻻﺷﺘﻐﺎل ﺑﺤﺐﱟ ٍ 34 ﺑﺎب ﻣﻦ ﻻ ﻳﺤﺐ إﻻ ﻣﻊ املﻄﺎوﻟﺔ ِﻣﺜ ْ َﻠﻤَ ﺎ ﻓِ ﻲ اﻷ ُ ُ ﻮل أ ُ ْﻛﺬِب ﻣَ ﺎ ِﻧﻲ ﺻ ِ ـ ِﻦ و ََﻻ أَﺣْ ﺪ ُ ﻮر ِﺑ ﺜ َ ﺎ ِﻧ ﻲ َث اﻷ ُ ُﻣ ِ َﺧ ﺎ ِﻟ ًﻘ ﺎ َﻏ ﻴْ َﺮ وَاﺣِ ٍﺪ َرﺣْ ﻤَ ِﻦ َ َان َﻏ ﻴْ َﺮ َﻓ ْﺮ ٍد ُﻣ ﺒَ ﺎﻋِ ٍﺪ أ ْو ُﻣ ﺪ ِ ﺎن ﺑَ ﻌِ ﻴ ٍﺪ ِﻣ ْﻦ ِﺻ ﺤﱠ ِﺔ ا ِﻹﻳ ﻤَ ِ ﺎن َو َﻛ ُﻔ ﻮ ٌر ِﻣ ْﻦ ﻋ ﻨ ﺪ ِه دِ ﻳ ﻨ َ ِ َﻛﺬبَ اﻟ ُﻤﺪﱠﻋِ ﻲ َﻫﻮَى اﺛ ْﻨ َﻴْ ِﻦ ﺣَ ﺘْﻤً ﺎ َﻟﻴْ َﺲ ﻓِ ﻲ اﻟ َﻘ ْﻠ ِﺐ ﻣَ ﻮ ِْﺿ ٌﻊ َﻟﺤَ ِﺒﻴﺒَﻴْـ َﻓ َﻜﻤَ ﺎ اﻟﻌَ ْﻘ ُﻞ وَاﺣِ ٌﺪ َﻟﻴْ َﺲ ﻳَﺪ ِْري َﻓ َﻜﺬَا اﻟ َﻘ ْﻠﺐُ وَاﺣِ ٌﺪ َﻟﻴْ َﺲ ﻳَﻬْ ﻮَى ﻫﻮ ﻓﻲ ِﺷ ْﺮﻋَ ﺔ اﻟﻤَ َﻮ ﱠد ِة ذُو َﺷ ﱟﻚ َو َﻛ ﺬَا اﻟ ﱢﺪﻳْ ُﻦ وَاﺣِ ٌﺪ ُﻣ ْﺴ ﺘَ ﻘِ ﻴ ٌﻢ وإﻧﻲ ﻷﻋﺮف ﻓﺘًﻰ ﻣﻦ أﻫﻞ اﻟﺠ ﱢﺪ واﻟﺤﺴﺐ واﻷدب ﻛﺎن ﻳﺒﺘﺎع اﻟﺠﺎرﻳﺔ وﻫﻲ ﺳﺎملﺔ اﻟﺼﺪر ﻣﻦ ﺣُ ﺒﱢﻪ ،وأﻛﺜﺮ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻛﺎرﻫﺔ ﻟﻪ ﻟﻘﻠﺔ ﺣﻼوة ﺷﻤﺎﺋﻞ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻴﻪُ ، وﻗﻄﻮب داﺋﻢ ﻛﺎن ﻻ ﻳﻔﺎرﻗﻪ ،وﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﻣﻊ اﻟﻨﺴﺎء ،ﻓﻜﺎن ﻻ ﻳﻠﺒﺚ إﻻ ﻳﺴريًا رﻳﺜﻤﺎ ﻳﺼﻞ إﻟﻴﻬﺎ ﺑﺎﻟﺠﻤﺎع ً ﻃﺎً ، وﻳﻌﻮد ذﻟﻚ اﻟ ُﻜﺮه ﺣﺒٍّﺎ ﻣﻔﺮ ً ﻣﻜﺸﻮﻓﺎ ،وﻳﺘﺤﻮل اﻟﻀﺠﺮ ﻟﺼﺤﺒﺘﻪ وﻛﻠﻔﺎ زاﺋﺪًا ،واﺳﺘﻬﺘﺎ ًرا ُ ﺑﻌﺾ إﺧﻮاﻧﻲ :ﻓﺴﺄﻟﺘﻪ ﻋﻦ ذﻟﻚ ﺿﺠ ًﺮا ﻟﻔﺮاﻗﻪ .ﺻﺤﺒﻪ ﻫﺬا اﻷﻣﺮ ﰲ ﻋﺪة ﻣﻨﻬﻦ ،ﻓﻘﺎل ً إﻧﺰاﻻ ،ﺗﻘﴤ املﺮأة ﺷﻬﻮﺗﻬﺎ ورﺑﻤﺎ ﻓﺘﺒﺴﻢ ﻧﺤﻮي وﻗﺎل :إذًا وﷲ أﺧﱪك؛ أﻧﺎ أﺑﻄﺄ اﻟﻨﺎس ﺛﻨﱠﺖ وإﻧﺰاﱄ وﺷﻬﻮﺗﻲ ﻟﻢ ﻳﻨﻘﻀﻴﺎ ﺑﻌﺪُ ،وﻣﺎ ﻓﱰت ﺑﻌﺪﻫﺎ ﻗﻂ ،وإﻧﻲ ﻷﺑﻘﻰ ﺑ ُﻤﻨﱠﺘﻲ ﺑﻌﺪ اﻧﻘﻀﺎﺋﻬﺎ اﻟﺤني اﻟﺼﺎﻟﺢ ،وﻣﺎ ﻻﻗﻰ ﺻﺪري ﺻﺪر اﻣﺮأة ﻗﻂ ﻋﻨﺪ اﻟﺨﻠﻮة إﻻ ﻋﻨﺪ ﺗﻌﻤﺪي املﻌﺎﻧﻘﺔ ،وﺑﺤﺴﺐ ارﺗﻔﺎع ﺻﺪري ﻧﺰول ﻣﺆﺧﺮي. ﱠ اﻟﺤﺴﺎﺳﺔ ﻣﺴﺎﻟﻚ ﻓﻤﺜﻞ ﻫﺬا وﺷﺒﻬﻪ إذا واﻓﻖ أﺧﻼق اﻟﻨﻔﺲ و ﱠﻟﺪ املﺤﺒﺔ؛ إذ اﻷﻋﻀﺎء إﱃ اﻟﻨﻔﻮس وﻣﺆدﻳﺎت ﻧﺤﻮﻫﺎ. 35 ً ﺻﻔﺔ ﱂ ﻳﺴﺘﺤﺴﻦ ﺑﻌﺪﻫﺎ ﺑﺎب ﻣﻦ أﺣﺐ ﻏﲑﻫﺎ ﳑﺎ ﳜﺎﻟﻔﻬﺎ واﻋﻠﻢ — أﻋ ﱠﺰك ﷲ — أن ﻟﻠﺤُ ﺐ ﺣﻜﻤً ﺎ ﻋﲆ اﻟﻨﻔﻮس ﻣﺎﺿﻴًﺎ ،وﺳﻠﻄﺎﻧًﺎ ﻗﺎﺿﻴًﺎ ،وأﻣ ًﺮا ﻻ ً وﻃﺎﻋﺔ ﻻ ﺗُﴫف ،وﻧﻔﺎذًا ﻻ ﻳُﺮد؛ وأﻧﻪ ﻳﻨﻘﺾ ﻳﺨﺎ َﻟﻒ ،وﺣﺪٍّا ﻻ ﻳُﻌﴡ ،وﻣﻠ ًﻜﺎ ﻻ ﻳُﺘﻌﺪﱠى، َ اﻟﺸﻐﺎف ،وﻳُﺤِ ﱡﻞ املﻤﻨﻮع .وﻟﻘﺪ املِ َﺮر ،وﻳَﺤُ ﱡﻞ ا ُملﱪَم ،وﻳُﺤ ﱢﻠﻞ اﻟﺠﺎﻣﺪ ،وﻳُﺨِ ﱡﻞ اﻟﺜﺎﺑﺖ ،وﻳَﺤِ ﱡﻞ ﺷﺎﻫﺪت ﻛﺜريًا ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﻻ ﻳُﺘﱠﻬﻤﻮن ﰲ ﺗﻤﻴﻴﺰﻫﻢ ،وﻻ ﻳُﺨﺎف ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺳﻘﻮط ﰲ ﻣﻌﺮﻓﺘﻬﻢ، وﻻ اﺧﺘﻼل ﺑﺤُ ﺴﻦ اﺧﺘﻴﺎرﻫﻢ ،وﻻ ﺗَﻘﺼري ﰲ ﺣَ ﺪْﺳﻬﻢ ،ﻗﺪ وﺻﻔﻮا أﺣﺒﺎﺑًﺎ ﻟﻬﻢ ﰲ ﺑﻌﺾ ﺻﻔﺎﺗﻬﻢ ﺑﻤﺎ ﻟﻴﺲ ﺑﻤُﺴﺘﺤﺴﻦ ﻋﻨﺪ اﻟﻨﺎس ،وﻻ ﻳُﺮﴇ ﰲ اﻟﺠﻤﺎل ،ﻓﺼﺎرت ﻫِ ﺠﱢ رياﻫﻢ، َني أو ﻫﺠﺮ ،أو وﻋُ ﺮﺿﺔ ﻷﻫﻮاﺋﻬﻢ ،وﻣﻨﺘﻬﻰ اﺳﺘﺤﺴﺎﻧﻬﻢ .ﺛﻢ ﻣﴣ أوﻟﺌﻚ إﻣﱠ ﺎ ﺑﺴﻠ ﱟﻮ أو ﺑ ْ ٍ ﺑﻌﺾ ﻋﻮارض اﻟﺤﺐ ،وﻣﺎ ﻓﺎرﻗﻬﻢ اﺳﺘﺤﺴﺎن ﺗﻠﻚ اﻟﺼﻔﺎت وﻻ ﺑﺎن ﻋﻨﻬﻢ ﺗﻔﻀﻴﻠُﻬﺎ ﻋﲆ ﻣﺎ ﻫﻮ أﻓﻀﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﰲ اﻟﺨﻠﻴﻘﺔ ،وﻻ ﻣﺎﻟﻮا إﱃ ﺳﻮاﻫﺎ ،ﺑﻞ ﺻﺎرت ﺗﻠﻚ اﻟﺼﻔﺎت ا ُملﺴﺘﺠﺎدة ً وﺳﺎﻗﻄﺔ ﻟﺪﻳﻬﻢ إﱃ أن ﻓﺎرﻗﻮا اﻟﺪﻧﻴﺎ واﻧﻘﻀﺖ أﻋﻤﺎرﻫﻢ ،ﺣﻨﻴﻨًﺎ ﻋﻨﺪ اﻟﻨﺎس ﻣﻬﺠﻮر ًة ﻋﻨﺪﻫﻢ ﻣﻨﻬﻢ إﱃ ﻣَ ﻦ ﻓﻘﺪوه ،وأﻟﻔﺔ ملﻦ ﺻﺤﺒﻮه. وﻣﺎ أﻗﻮل إن ذﻟﻚ ﻛﺎن ﺗﺼﻨﱡﻌً ﺎ ،ﻟﻜﻦ ﻃﺒﻌً ﺎ ﺣﻘﻴﻘﻴٍّﺎ واﺧﺘﻴﺎ ًرا ﻻ د َ َﺧﻞ ﻓﻴﻪ ،وﻻ ﻳ َﺮوْن ُ ﺑﻌﺾ ﻃﻲ ﻋَ ْﻘﺪﻫﻢ ﺑﻐريه .وإﻧﻲ ﻷﻋﺮف ﻣﻦ ﻛﺎن ﰲ ِﺟﻴﺪ ﺣﺒﻴﺒﻪ ﺳﻮاه ،وﻻ ﻳﻘﻮﻟﻮن ﰲ ﱢ اﻟﻮﻗﺺ ﻓﻤﺎ اﺳﺘﺤﺴﻦ أﻏﻴﺪ وﻻ ﻏﻴﺪاء ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ .وأﻋﺮف ﻣﻦ ﻛﺎن أول ﻋﻼﻗﺘﻪ ﺑﺠﺎرﻳﺔ ً ً ﻃﻮﻳﻠﺔ ﺑﻌﺪ ﻫﺬا ،وأﻋﺮف ً ﻣﺎﺋﻠﺔ إﱃ اﻟﻘِ َﴫ ﻓﻤﺎ أﺣﺐﱠ ﺟﺎرﻳﺔ ﰲ ﻓﻤﻬﺎ َﻓﻮَه أﻳﻀﺎ ﻣﻦ ﻫﻮَى ﻟﻄﻴﻒ ،ﻓﻠﻘﺪ ﻛﺎن ﻳﺘﻘﺬﱠر ﻛﻞ ﻓﻢ ﺻﻐري وﻳﺬُﻣﱡ ﻪ وﻳﻜﺮﻫﻪ اﻟﻜﺮاﻫﻴﺔ اﻟﺼﺤﻴﺤﺔ .وﻣﺎ أﺻﻒ ﻋﻦ ﻣَ ﻨﻘﻮﴆ اﻟﺤ ُ ﻈﻮظ ﰲ اﻟﻌﻠﻢ واﻷدب ،ﻟﻜﻦ ﻋﻦ أوﻓﺮ اﻟﻨﺎس ﻗﺴ ً ﻄﺎ ﰲ اﻹدراك ،وأﺣﻘﻬﻢ ﺑﺎﺳﻢ اﻟﻔﻬﻢ واﻟﺪﱢراﻳﺔ. ﻃﻮق اﻟﺤﻤﺎﻣﺔ ﰲ اﻷ ُ َ ﻟﻔﺔِ واﻷ ُ ﱠﻻف ً ُ ُ اﺳﺘﺤﺴﻨﺖ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﺟﺎرﻳﺔ ﱄ ﺷﻘﺮاء اﻟﺸﻌﺮ ،ﻓﻤﺎ أﺣﺒﺒﺖ ﰲ ﺻﺒﺎي وﻋﻨﱢﻲ أﺧﱪك أﻧﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﺳﻮداء اﻟﺸﻌﺮ ،وﻟﻮ أﻧﻪ ﻋﲆ اﻟﺸﻤﺲ أو ﻋﲆ ﺻﻮرة اﻟﺤﺴﻦ ﻧﻔﺴﻪ .وإﻧﻲ ﻷﺟﺪ ﻫﺬا ﰲ أﺻﻞ ﺗﺮﻛﻴﺒﻲ ﻣﻦ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ،ﻻ ﺗُﺆاﺗﻴﻨﻲ ﻧﻔﴘ ﻋﲆ ﺳﻮاه ،وﻻ ﺗﺤﺐ ﻏريه اﻟﺒﺘﺔ .وﻫﺬا اﻟﻌﺎرض ﺑﻌﻴﻨﻪ ﻋَ ﺮض ﻷﺑﻲ — رﴈ ﷲ ﻋﻨﻪ — وﻋﲆ ذﻟﻚ ﺟﺮى إﱃ أن واﻓﺎه أﺟﻠُﻪ. وأﻣﺎ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﺧﻠﻔﺎء ﺑﻨﻲ ﻣﺮوان — رﺣﻤﻬﻢ ﷲ — وﻻ ﺳﻴﻤﺎ وﻟ ُﺪ اﻟﻨﺎﴏ ﻣﻨﻬﻢ ،ﻓﻜﻠﻬﻢ ﻣﺠﺒﻮﻟﻮن ﻋﲆ ﺗﻔﻀﻴﻞ اﻟﺸﻘﺮة ،ﻻ ﻳﺨﺘﻠﻒ ﰲ ذﻟﻚ ﻣﻨﻬﻢ ﻣﺨﺘﻠﻒ ،وﻗﺪ رأﻳﻨﺎﻫﻢ ورأﻳﻨﺎ ﻣﻦ رآﻫﻢ ﻣﻦ َﻟﺪُن دوﻟﺔ اﻟﻨﺎﴏ إﱃ اﻵن ﻓﻤﺎ ﻣﻨﻬﻢ إﻻ أﺷﻘﺮ؛ ﻧﺰاﻋً ﺎ إﱃ أﻣﻬﺎﺗﻬﻢ ،ﺣﺘﻰ ﻗﺪ ﺻﺎر ذﻟﻚ ﻓﻴﻬﻢ ﺧِ ﻠﻘﺔ ،ﺣﺎﺷﺎ ﺳﻠﻴﻤﺎن اﻟﻈﺎﻓﺮ — رﺣﻤﻪ ﷲ — ﻓﺈﻧﻲ رأﻳﺘﻪ أﺳﻮد اﻟﻠﻤﱠ ﺔ واﻟﻠﺤﻴﺔ. وأﻣﺎ اﻟﻨﺎﴏ واﻟﺤﻜﻢ ا ُملﺴﺘﻨﴫ — رﴈ ﷲ ﻋﻨﻬﻤﺎ — ﻓﺤﺪﺛﻨﻲ اﻟﻮزﻳﺮ أﺑﻲ — رﺣﻤﻪ ﷲ — وﻏريه أﻧﻬﻤﺎ ﻛﺎﻧﺎ أﺷﻘ َﺮﻳﻦ أﺷﻬﻠني ،وﻛﺬﻟﻚ ﻫﺸﺎم املﺆﻳﱠﺪ ،وﻣﺤﻤﺪ املﻬﺪي ،وﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ املﺮﺗﴤ — رﺣﻤﻬﻢ ﷲ — ﻓﺈﻧﻲ ﻗﺪ رأﻳﺘﻬﻢ ﻣﺮا ًرا ،ودﺧﻠﺖ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻓﺮأﻳﺘﻬﻢ ُﺷﻘ ًﺮا ُﺷ ً ﻬﻼ ،وﻫﻜﺬا أوﻻدﻫﻢ وإﺧﻮﺗﻬﻢ وﺟﻤﻴﻊ أﻗﺎرﺑﻬﻢ ،ﻓﻼ أدري أذﻟﻚ اﺳﺘﺤﺴﺎن ﻣﺮ ﱠﻛﺐ ﰲ ﺟﻤﻴﻌﻬﻢ أم ﻟﺮواﻳﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻨﺪ أﺳﻼﻓﻬﻢ ﰲ ذﻟﻚ ﻓﺠ َﺮوْا ﻋﻠﻴﻬﺎ .وﻫﺬا ﻇﺎﻫﺮ ﰲ ﺷﻌﺮ ﻋﺒﺪ املﻠﻚ ﺑﻦ ﻣﺮوان ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﻣﺮوان ﺑﻦ أﻣري املﺆﻣﻨني اﻟﻨﺎﴏ ،وﻫﻮ املﻌﺮوف ﺑﺎﻟﻄﻠﻴﻖ، ﱡ ﻓﺒﺎﻟﺸﻘﺮ ،وﻗﺪ رأﻳﺘﻪ وﺟﺎﻟﺴﺘﻪ. وﻛﺎن أﺷﻌﺮ أﻫﻞ اﻷﻧﺪﻟﺲ ﰲ زﻣﺎﻧﻬﻢ ،وأﻛﺜﺮ ﺗﻐﺰﻟﻪ وﻟﻴﺲ اﻟﻌﺠﺐ ﻓﻴﻤﻦ أﺣﺐﱠ ﻗﺒﻴﺤً ﺎ ﺛﻢ ﻟﻢ ﻳَﺼﺤﺒﻪ ذﻟﻚ ﰲ ﺳﻮاه ،ﻓﻘﺪ وﻗﻊ ﻣﻦ ذﻟﻚ، ﻃﺒﻊ ﻣﺬ ﻛﺎن ﻋﲆ ﺗﻔﻀﻴﻞ اﻷدﻧﻰ ،وﻟﻜﻦ ﻓﻴﻤﻦ ﻛﺎن ﻳﻨ ُ وﻻ ﻓﻴﻤﻦ ُ ﻈﺮ ﺑﻌني اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺛﻢ ً ٌ ﻋﺎرض ﺑﻌﺪ ﻃﻮل ﺑﻘﺎﺋﻪ ﰲ اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ،ﻓﺄﺣﺎﻟﻪ ﻋﻤﺎ ﻋﻬﺪﺗْﻪ ُ ﺣﻮاﻟﺔ ﻧﻔﺴﻪ َﻏﻠﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﻫﻮًى ﺻﺎرت ﻟﻪ ﻃﺒﻌً ﺎ ،وذﻫﺐ ﻃﺒﻌﻪ اﻷول وﻫﻮ ﻳﻌﺮف ﻓﻀﻞ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻋﻠﻴﻪ أو ًﱠﻻ ،ﻓﺈذا رﺟﻊ إﱃ ﻧﻔﺴﻪ وﺟﺪﻫﺎ ﺗﺄﺑَﻰ إﻻ اﻷدﻧﻰ ،ﻓﺄﻋﺠﺐ ﻟﻬﺬا اﻟﺘﻐﻠﺐ اﻟﺸﺪﻳﺪ واﻟﺘﺴﻠﻂ اﻟﻌﻈﻴﻢ ،وﻫﻮ أﺻﺪق املﺤﺒﺔ ٍّ ﱠ ﱠ ﻳﺘﺤﲆ ِ ﻳﺘﺨري ﺑﺸﻴَﻢ ﻗﻮم ﻟﻴﺲ ﻣﻨﻬﻢ ،وﻳﺪﱠﻋﻲ ﻏﺮﻳﺰ ًة ﻻ ﺗﻘﺒﻠﻪ ،ﻓﻴﺰﻋﻢ أﻧﻪ ﺣﻘﺎ ،ﻻ ﻣﻦ ﻣﻦ ﻳﺤﺐ .أﻣﺎ ﻟﻮ ﺷﻐﻞ اﻟﺤﺐ ﺑﺼريﺗﻪ وأﻃﺎح ﻓﻜﺮﺗﻪ ،وأﺟﺤﻒ ﺑﺘﻤﻴﻴﺰه؛ ﻟﺤﺎل ﺑﻴﻨﻪ وﺑني اﻟﺘﺨﻴﱡﻞ واﻻرﺗﻴﺎد .وﰲ ذﻟﻚ أﻗﻮل ﺷﻌ ًﺮا ،ﻣﻨﻪ: َﻛ ﺄَﻧ ﱠ ﻤَ ﺎ اﻟ ﻐ ﻴ ُﺪ ﻓِ ﻲ ﻋَ ﻴْ ﻨ َ ﻴْ ِﻪ ﺟ ﻨ ﱠ ﺎ ُن ِﺑ ﺤُ ﺠﱠ ٍﺔ ﺣَ ﱡﻘ ﻬَ ﺎ ﻓِ ﻲ اﻟ َﻘ ﻮ ِْل ِﺗ ﺒْ ﻴَ ﺎ ُن َﻻ ﻳُﻨ ْ ِﻜ ُﺮ اﻟﺤُ ْﺴ َﻦ ﻓِ ﻴﻬَ ﺎ اﻟﺪ ْﱠﻫ َﺮ إِﻧ ْ َﺴﺎ ُن و ََﻫ ْﻞ ﺗُ َﺰا ُن ِﺑ ُ ﻮل اﻟ ِﺠ ﻴ ِﺪ ﺑُ ﻌْ َﺮا ُن ﻄ ِ ِﻣﻨ ْﻬُ ْﻢ َﻓﺘًﻰ َﻛ َ ﺎن ﻓِ ﻲ ﻣَ ﺤْ ﺒُﻮ ِﺑ ِﻪ و ََﻗﺺ ﺎن ُﻣﻨ ْﺒَ ِﺴ ً َو َﻛ َ ﻄﺎ ﻓِ ﻲ َﻓ ْﻀ ِﻞ ﺧِ ﺒْ َﺮﺗِ ِﻪ َ إ ِ ﱠن اﻟ ﻤَ ﻬَ ﺎ َو ِﺑ ﻬَ ﺎ اﻷﻣْ ﺜ َ ﺎ ُل َﺳ ﺎ ِﺋ َﺮ ٌة و ُْﻗ ٌ ﺺ َﻓ َﻠ ﻴْ َﺲ ِﺑ ﻬَ ﺎ ﻋَ ﻨ ْ َﻘ ﺎءُ وَاﺣِ َﺪ ٌة 38 ً ﺻﻔﺔ ﻟﻢ ﻳﺴﺘﺤﺴﻦ ﺑﻌﺪﻫﺎ ﻏريﻫﺎ ﻣﻤﺎ ﻳﺨﺎﻟﻔﻬﺎ ﺑﺎب ﻣﻦ أﺣﺐ ﻳَ ُﻘ ﻮ ُل ﺣَ ْﺴ ِﺒ َﻲ ﻓِ ﻲ اﻷ َ ْﻓ ﻮَا ِه ﻏِ َ ﺰﻻ ُن َات اﻟ ﱡ ﻳَ ُﻘ ﻮ ُل إ ِ ﱠن ذَو ِ ﻮل ﻏِ ﻴ َﻼ ُن ﻄ ِ و َ َآﺧ ٌﺮ َﻛ َ ﺎن ﻓِ ﻲ ﻣَ ﺤْ ﺒُ ﻮ ِﺑ ِﻪ َﻓ َﻮ ٌه َوﺛ َ ﺎ ِﻟ ٌﺚ َﻛ َ ﺎن ﻓِ ﻲ ﻣَ ﺤْ ﺒُ ﻮ ِﺑ ﻪ ﻗِ َ ﺼ ٌﺮ وأﻗﻮل ً أﻳﻀﺎ: َﻓ ُﻘ ْﻠ ُﺖ َﻟ ﻬُ ْﻢ َﻫ ﺬَا ا ﱠﻟ ﺬِي َزاﻧ َ ﻬَ ﺎ ﻋِ ﻨ ْ ﺪِي ْ ﻮل ﻓِ ﻲ اﻟ ﻐِ ﻮَاﻳَ ِﺔ ُﻣ ﻤْ ﺘَ ﱢﺪ ي ﺟَ ﻬُ ٍ ِﻟ َﺮأ ِ َو َﻟ ﻮ َْن اﻟ ﻨ ﱡﺠُ ﻮ ِم اﻟ ﱠﺰاﻫِ َﺮ ِ ات ﻋَ َﻠ ﻰ اﻟ ﺒُ ﻌْ ﺪ ُﻣ َﻔ ﱢﻀ ُﻞ ِﺟ ْﺮ ٍم َﻓ ﺎﺣِ ِﻢ اﻟ ﱠﻠ ﻮ ِْن ُﻣ ْﺴ َﻮ ﱢد َوﻟِ ﺒْ َﺴ ُﺔ ِﺑ ﺎكٍ ُﻣ ﺜ ْ َﻜ ِﻞ اﻷ َ ْﻫ ِﻞ ُﻣ ﺤْ ﺘَ ﱢﺪ ﻧ ُ ُﻔ ُ ﻮس اﻟ َﻮ َرى أ َ ْن َﻻ َﺳ ِﺒﻴ َﻞ إ ِ َﻟﻰ اﻟ ﱡﺮ ْﺷ ِﺪ ﻳَ ﻌِ ﻴ ﺒُ ﻮﻧ َ ﻬَ ﺎ ﻋِ ﻨ ْ ﺪِي ِﺑ ُﺸ ْﻘ َﺮ ِة َﺷ ﻌْ ِﺮ َﻫ ﺎ ﻳَ ﻌِ ﻴ ﺒُ َ ﻮر وَاﻟ ﺘﱢ ﺒْ ِﺮ ِﺿ ﱠﻠ ًﺔ ﻮن َﻟ ﻮ َْن اﻟ ﻨ ﱠ ِ و ََﻫ ْﻞ ﻋَ ﺎبَ َﻟﻮ َْن اﻟﻨ ﱠ ْﺮ ِﺟ ِﺲ اﻟ َﻐ ﱢﺾ ﻋَ ﺎ ِﺋﺐٌ وَأَﺑْ ﻌَ ُﺪ َﺧ ْﻠ ِﻖ اﻟ ﻠ ﻪ ِﻣ ْﻦ ُﻛ ﱢﻞ ﺣِ ْﻜ ﻤَ ٍﺔ ِﺑ ِﻪ و ُِﺻ َﻔ ْﺖ أ َ ْﻟ ﻮَا ُن أ َ ْﻫ ِﻞ ﺟَ ﻬَ ﻨ ﱠ ٍﻢ َو ُﻣ ﺬْ َﻻﺣَ ِﺖ اﻟ ﱠﺮاﻳَ ُ ﺎت ُﺳ ﻮدًا ﺗَ ﻴَ ﱠﻘ ﻨ ْﺖ 39 ﺑﺎب اﻟﺘﻌﺮﻳﺾ ﺑﺎﻟﻘﻮل وﺳﺒﺐ ﻳ ﱠ وﻻ ﺑُﺪ ﻟﻜﻞ ﻣَ ُﺘﻮﺻﻞ ﺑﻪ ﻧﺤﻮه ،ﻓﻠﻢ ﻳﻨﻔﺮد ﺑﺎﻻﺧﱰاع دون ﻄﻠﻮب ﻣﻦ ﻣﺪﺧﻞ إﻟﻴﻪ، ٍ ٍ واﺳﻄﺔ إﻻ اﻟﻌﻠﻴ ُﻢ اﻷول ﺟ ﱠﻞ ﺛﻨﺎؤه .ﻓﺄول ﻣﺎ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ُ ﻃ ﱠﻼب اﻟﻮﺻﻞ وأﻫﻞ املﺤﺒﺔ ﰲ ﻛﺸﻒ ُ اﻟﺘﻌﺮﻳﺾ ﺑﺎﻟﻘﻮل؛ إﻣﺎ ﺑﺈﻧﺸﺎد ﺷﻌﺮ ،أو ﺑﺈرﺳﺎل ُﻣﺜُﻞ ،أو ﺗﻌﻤﻴﺔ ﻣﺎ ﻳﺠﺪوﻧﻪ إﱃ أﺣِ ﺒﱠﺘِﻬﻢ ﺑﻴﺖ ،أو ﻃﺮح ﻟﻐﺰ ،أو ﺗﺴﻠﻴﻂ ﻛﻼم. واﻟﻨﺎس ﻳﺨﺘﻠﻔﻮن ﰲ ذﻟﻚ ﻋﲆ ﻗﺪر إدراﻛﻬﻢ ،وﻋﲆ ﺣﺴﺐ ﻣﺎ ﻳﺮوﻧﻪ ﻣﻦ أﺣﺒﺘﻬﻢ ﻣﻦ ﻧﻔﺎر أو أُﻧﺲ أو ﻓﻄﻨﺔ أو ﺑﻼدة .وإﻧﻲ ﻷﻋﺮف ﻣﻦ اﺑﺘﺪأ ﻛﺸﻒ ﻣﺤﺒﺘﻪ إﱃ ﻣﻦ ﻛﺎن ﻳُﺤﺐ ً ﺑﺄﺑﻴﺎت ﻗﻠﺘُﻬﺎ؛ ﻓﻬﺬا وﺷﺒﻬﻪ ﻳَﺒﺘﺪئ ﺑﻪ اﻟﻄﺎﻟﺐ ﻟﻠﻤﻮدة ،ﻓﺈن رأى أ ُ ً وﺗﺴﻬﻴﻼ زاد ،وإن ﻧﺴﺎ ﻳُﻌﺎﻳﻦ ﺷﻴﺌًﺎ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻷﻣﻮر ﰲ ﺣني إﻧﺸﺎده ﻟﴚء ﻣﻤﺎ ذﻛﺮﻧﺎ ،أو إﻳﺮاده ﻟﺒﻌﺾ املﻌﺎﻧﻲ اﻟﺘﻲ ﺣﺪﱠدﻧﺎ ،ﻓﺎﻧﺘﻈﺎره اﻟﺠﻮاب إﻣﺎ ﺑﻠﻔﻆ أو ﺑﻬﻴﺌﺔ اﻟﻮﺟﻪ واﻟﺤﺮﻛﺎت َﻟﻤَ ْﻮﻗ ٌ ِﻒ ﺑني اﻟﺮﺟﺎء واﻟﻴﺄس ﻫﺎﺋﻞ ،وإن ﻛﺎن ﺣﻴﻨًﺎ ﻗﺼريًا ،وﻟﻜﻨﻪ إﴍاف ﻋﲆ ﺑﻠﻮغ اﻷﻣﻞ أو اﻧﻘﻄﺎﻋﻪ. ٌ ﺛﺎن ،وﻻ ﻳﻜﻮن إﻻ ﺑﻌﺪ اﻻﺗﻔﺎق وﻣﻌﺮﻓﺔ املﺤﺒﱠﺔ ﻣﻦ وﻣﻦ اﻟﺘﻌﺮﻳﺾ ﺑﺎﻟﻘﻮل: ﺟﻨﺲ ٍ املﺤﺒﻮب ،ﻓﺤﻴﻨﺌ ٍﺬ ﻳﻘﻊ اﻟﺘﺸ ﱢﻜﻲ ،وﻋﻘﺪ املﻮاﻋﻴﺪ ،واﻟﺘﻐﺮﻳﺮ ،وإﺣﻜﺎم املﻮدات ﺑﺎﻟﺘﻌﺮﻳﺾ، ِ وﺑﻜﻼم ﻳﻈﻬﺮ ﻟﺴﺎﻣﻌﻪ ﻣﻨﻪ ﻣﻌﻨًﻰ ﻏري ﻣﺎ ﻳﺬﻫﺒﺎن إﻟﻴﻪ ،ﻓﻴﺠﻴﺐ اﻟﺴﺎﻣﻊ ﻋﻨﻪ ﺑﺠﻮاب ﻏري ﻣﺎ ﻳﺘﺄدﱠى إﱃ املﻘﺼﻮد ﺑﺎﻟﻜﻼم ،ﻋﲆ ﺣﺴﺐ ﻣﺎ ﻳﺘﺄدﱠى إﱃ ﺳﻤﻌﻪ ،وﻳﺴﺒﻖ إﱃ وﻫﻤﻪ ،وﻗﺪ ﻓﻬﻢ ﱟ ﺑﺤﺲ ﻧﺎﻓﺬ ،وأُﻋني ﻛ ﱡﻞ واﺣﺪ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻋﻦ ﺻﺎﺣﺒﻪ ،وأﺟﺎﺑﻪ ﺑﻤﺎ ﻻ ﻳﻔﻬﻤﻪ ﻏريُﻫﻤﺎ ،ﱠإﻻ ﻣﻦ أُﻳﱢﺪ ﺑﺬﻛﺎء ،وأُﻣ ﱠﺪ ﺑﺘﺠﺮﺑﺔ ،وﻻ ﺳﻴﻤﺎ إن أﺣﺲ ﻣﻦ ﻣﻌﺎﻧﻴﻬﻤﺎ ﺑﴚءَ ، ﱢ املﺘﻮﺳﻢ وﻗ ﱠﻠﻤﺎ ﻳﻐﻴﺐ ﻋﻦ املﺠﻴﺪ؛ ﻓﻬﻨﺎﻟﻚ ﻻ ﺧﻔﺎء ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺮﻳﺪان. ﻃﻮق اﻟﺤﻤﺎﻣﺔ ﰲ اﻷ ُ َ ﻟﻔﺔِ واﻷ ُ ﱠﻻف ً وﺟﺎرﻳﺔ ﻛﺎﻧﺎ ﻳﺘﺤﺎﺑﺎن ،ﻓﺄرادﻫﺎ ﰲ ﺑﻌﺾ و ْ َﺻﻠﻬﺎ ﻋﲆ ﺑﻌﺾ ﻣﺎ ﻻ وأﻧﺎ أﻋﺮف ﻓﺘًﻰ ً ً ﻓﻀﻴﺤﺔ ﻣﺴﺘﻮر ًة .ﻓﻠﻤﺎ ﻛﺎن ﺑﻌﺪ ﻋﻼﻧﻴﺔ ،وﻷﻓﻀﺤﻨﻚ ﻳﺠﻤﻞ ،ﻓﻘﺎﻟﺖ :وﷲ ﻷﺷﻜﻮﻧﱠﻚ ﰲ املﻸ ُ اﻟﺠﺎرﻳﺔ ﻣﺠﻠﺲ ﺑﻌﺾ أﻛﺎﺑﺮ ا ُملﻠﻮك وأرﻛﺎن اﻟﺪوﻟﺔ وأﺟ ﱢﻞ رﺟﺎل اﻟﺨﻼﻓﺔ، أﻳﺎم ﺣﴬت ﱠ وﻓﻴﻪ ﻣﻤﻦ ﻳُﺘﻮﻗﻰ أﻣﺮه ﻣﻦ اﻟﻨﺴﺎء واﻟﺨﺪم ﻋﺪ ٌد ﻛﺜري ،وﰲ ﺟﻤﻠﺔ اﻟﺤﺎﴐﻳﻦ ذﻟﻚ اﻟﻔﺘﻰ؛ ٌ ﻣﻐﻨﻴﺎت ﻏريُﻫﺎ ،ﻓﻠﻤﺎ اﻧﺘﻬﻰ اﻟﻐﻨﺎء إﻟﻴﻬﺎ ﺳﻮﱠت ﻷﻧﻪ ﻛﺎن ﺑﺴﺒﺐ ﻣﻦ اﻟﺮﺋﻴﺲ ،وﰲ املﺠﻠﺲ ﻋﻮدﻫﺎ ،واﻧﺪﻓﻌﺖ ﺗﻐﻨﻲ ﺑﺄﺑﻴﺎت ﻗﺪﻳﻤﺔ ،وﻫﻲ: َﻛ َﺸ ﻤْ ٍﺲ َﻗ ْﺪ ﺗَ ﺠَ ﱠﻠ ْﺖ ِﻣ ْﻦ َﻏ ﻤَ ﺎ ِم َ وﻗ ﱢﺪ اﻟ ُﻐ ْ ﺼ ِﻦ ﻓِ ﻲ ﺣُ ْﺴ ِﻦ اﻟ َﻘ ﻮَا ِم َﻟ ُﻪ وذَﻟ ﻠ ُﺖ ذِ ﱠﻟ َﺔ ُﻣ ْﺴ ﺘَ ﻬَ ﺎ ِم َﻓ ﻤَ ﺎ أ َ ْﻫ ﻮَى ِو َ ﺻ ًﺎﻻ ﻓِ ﻲ ﺣَ َﺮام َﻏ َﺰا ٌل َﻗ ْﺪ ﺣَ َﻜ ﻰ ﺑَ ْﺪ َر اﻟ ﺘﱠ ﻤَ ﺎ ِم َﺳ ﺒَ ﻰ َﻗ ْﻠ ِﺒ ﻲ ِﺑ ﺄ َ ْﻟ ﺤَ ٍ اض ﺎظ ِﻣ َﺮ ٍ َﺧ َﻀﻌ ُﺖ ُﺧ ُ ﻀﻮ َع َ ﺻﺐﱟ ُﻣ ْﺴﺘَ ِﻜﻴ ٍﻦ َﻓ ِﺼ ْﻠ ِﻨ ﻲ ﻳَ ﺎ َﻓ َﺪﻳْ ﺘُ َﻚ ﻓِ ﻲ ﺣَ َﻼ ٍل وﻋﻠﻤﺖ أﻧﺎ ﻫﺬا اﻷﻣﺮ ﻓﻘﻠﺖ: أَﺗَ ْﺖ ِﻣ ْﻦ َ ﻇ ﺎ ِﻟ ٍﻢ ﺣَ َﻜ ٍﻢ و ََﺧ ْ ﺼ ِﻢ ِﺳﻮَى اﻟﻤَ ْﺸ ُﻜ ﱢﻮ ﻣَ ﺎ َﻛﺎﻧ َ ْﺖ ﺗُ َﺴﻤﱢ ﻲ ﻋِ ﺘَ ﺎبٌ وَاﻗِ ٌﻊ وَﺷ َﻜ ﺎ ُة ُ ﻇ ْﻠ ِﻢ ﺗَ َﺸ ﱠﻜ ْﺖ ﻣَ ﺎ ِﺑ ﻬَ ﺎ َﻟ ْﻢ ﻳَ ﺪ ِْر َﺧ ْﻠ ٌﻖ 42 ﺑﺎب اﻹﺷﺎرة ﺑﺎﻟﻌﲔ َ اﻟﺘﻌﺮﻳﺾ ﺑﺎﻟﻘﻮل ،إذا وﻗﻊ اﻟﻘﺒﻮ ُل واملﻮاﻓﻘﺔ ،اﻹﺷﺎر ُة ﺑﻠﺤﻆ اﻟﻌني ،وإﻧﻪ ﻟﻴﻘﻮم ﺛﻢ ﻳﺘﻠﻮ ﰲ ﻫﺬا املﻌﻨﻰ املﻘﺎ َم املﺤﻤﻮد ،وﻳﺒﻠﻎ املﺒﻠﻎ اﻟﻌﺠﻴﺐ ،وﻳُﻘ َ ﻄﻊ ﺑﻪ وﻳُﺘﻮاﺻﻞ ،وﻳُﻮﻋﺪ وﻳُﻬﺪد، وﻳﻨﺘﻬﺮ وﻳﺒﺴﻂ ،وﻳُ ْﺆﻣﺮ وﻳُﻨْﻬﻰ ،وﺗُﴬب ﺑﻪ اﻟﻮﻋﻮد ،وﻳُﻨﺒﱠﻪ ﻋﲆ اﻟﺮﻗﻴﺐ ،وﻳُﻀﺤَ ﻚ وﻳُﺤ َﺰن، وﻳُﺴﺄل وﻳُﺠﺎب ،وﻳُﻤﻨﻊ وﻳُﻌﻄﻰ. وﻟﻜﻞ واﺣﺪ ﻣﻦ ﻫﺬه املﻌﺎﻧﻲ ﴐب ﻣﻦ ﻫﻴﺌﺔ اﻟﻠﺤﻆ ﻻ ﻳُﻮﻗﻒ ﻋﲆ ﺗﺤﺪﻳﺪه إﻻ ﺑﺎﻟﺮؤﻳﺔ، ُ وﺻﻔﻪ إﻻ ﺑﺎﻷﻗﻞ ﻣﻨﻪ ،وأﻧﺎ واﺻﻒ ﻣﺎ ﺗﻴﴪ ﻣﻦ ﻫﺬه املﻌﺎﻧﻲ: وﻻ ﻳُﻤﻜﻦ ﺗﺼﻮﻳ ُﺮه وﻻ ُﺆﺧﺮ اﻟﻌني اﻟﻮاﺣﺪة ﻧَﻬﻲ ﻋﻦ اﻷﻣﺮ ،وﺗﻔﺘريﻫﺎ إﻋﻼم َ ﻓﺎﻹﺷﺎرة ﺑﻤ ﱢ ﺑﺎﻟﻘﺒﻮل ،وإداﻣﺔ ﻧﻈﺮﻫﺎ دﻟﻴﻞ ﻋﲆ اﻟﺘﻮﺟﻊ واﻷﺳﻒ ،وﻛﴪ ﻧﻈﺮﻫﺎ آﻳﺔ اﻟﻔﺮح. واﻹﺷﺎرة إﱃ إﻃﺒﺎﻗﻬﺎ دﻟﻴﻞ ﻋﲆ اﻟﺘﻬﺪﻳﺪ ،وﻗﻠﺐ اﻟﺤﺪﻗﺔ إﱃ ﺟﻬﺔ ﻣﺎ ﺛﻢ ﴏﻓﻬﺎ ﺑﴪﻋﺔ ﺗﻨﺒﻴﻪ ﻋﲆ ﻣُﺸﺎر إﻟﻴﻪ. واﻹﺷﺎرة اﻟﺨﻔﻴﱠﺔ ﺑﻤﺆﺧﺮ اﻟﻌﻴﻨني ﻛﻠﺘﻴﻬﻤﺎ ﺳﺆال ،وﻗﻠﺐ اﻟﺤﺪﻗﺔ ﻣﻦ وﺳﻂ اﻟﻌني إﱃ ا ُملﻮق ﺑﴪﻋﺔ ﺷﺎﻫ ُﺪ املﻨﻊ ،وﺗﺮﻋﻴﺪ اﻟﺤﺪﻗﺘني ﻣﻦ وﺳﻂ اﻟﻌﻴﻨني ﻧﻬﻲ ﻋﺎم ،وﺳﺎﺋﺮ ذﻟﻚ ﻻ ﻳُﺪ َرك إﻻ ﺑﺎملﺸﺎﻫﺪة. واﻋﻠﻢ أن اﻟﻌني ﺗﻨﻮب ﻋﻦ اﻟ ﱡﺮﺳﻞ ،وﻳُﺪ َرك ﺑﻬﺎ املﺮاد ،واﻟﺤﻮاس اﻷرﺑﻊ أﺑﻮاب إﱃ اﻟﻘﻠﺐ ً دﻻﻟﺔ ،وأوﻋﺎﻫﺎ ً ﻋﻤﻼ ،وﻫﻲ راﺋﺪ اﻟﻨﻔﺲ وﻣﻨﺎﻓﺬ ﻧﺤﻮ اﻟﻨﻔﺲ ،واﻟﻌني أﺑﻠﻐﻬﺎ ،وأﺻﺤﻬﺎ اﻟﺼﺎدق ،ودﻟﻴﻠﻬﺎ اﻟﻬﺎدي ،وﻣﺮآﺗﻬﺎ ا َملﺠْ ﻠُﻮﱠة اﻟﺘﻲ ﺑﻬﺎ ﺗَﻘﻒ ﻋﲆ اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ،وﺗﻤﻴﱢﺰ اﻟﺼﻔﺎت، وﺗﻔﻬﻢ املﺤﺴﻮﺳﺎت ،وﻗﺪ ﻗﻴﻞ :ﻟﻴﺲ ا ُمل َ ﺨﱪ ﻛﺎملﻌﺎ ِﻳﻦ .وﻗﺪ ذﻛﺮ ذﻟﻚ أﻓﻠﻴﻤﻮن ﺻﺎﺣﺐُ اﻟﻔِ ﺮاﺳﺔ ،وﺟﻌﻠﻬﺎ ﻣُﻌﺘﻤﺪه ﰲ اﻟﺤﻜﻢ .وﺑﺤﺴﺒﻚ ﻣﻦ ﻗﻮة إدراك اﻟﻌني أﻧﻬﺎ إذا ﻻﻗﻰ ﺷﻌﺎﻋُ ﻬﺎ ً ﻣﻔﺼﻮﻻ أو زﺟﺎﺟً ﺎ أو ﻣﺎءً أو ﺑﻌﺾ اﻟﺤﺠﺎرة اﻟﺼﺎﻓﻴﺔ ﺷﻌﺎﻋً ﺎ ﻣﺠﻠﻮٍّا ﺻﺎﻓﻴًﺎ ،إﻣﺎ ﺣﺪﻳﺪًا ﻃﻮق اﻟﺤﻤﺎﻣﺔ ﰲ اﻷ ُ َ ﻟﻔﺔِ واﻷ ُ ﱠﻻف أو ﺳﺎﺋﺮ اﻷﺷﻴﺎء املﺠﻠﻮة اﻟﱪاﻗﺔ ذوات اﻟﺮﻓﻴﻒ واﻟﺒﺼﻴﺺ واﻟﻠﻤﻌﺎن ،ﻳﺘﺼﻞ أﻗﴡ ﺣﺪوده ﺑﺠﺴﻢ ﻛﺜﻴﻒ ﺳﺎﺗﺮ ﻣﻨﱠﺎع ﻛﺪِر ،اﻧﻌﻜﺲ ﺷﻌﺎﻋُ ﻬﺎ؛ ﻓﺄدرك اﻟﻨﺎﻇ ُﺮ َ ﻧﻔﺴﻪ وﻣﺎزﻫﺎ ﻋﻴﺎﻧًﺎ. ﻋﻴﺎﻧﻲ ﻋﲆ وﻫﻮ اﻟﺬي ﺗﺮى ﰲ املﺮآة ،ﻓﺄﻧﺖ ﺣﻴﻨﺌ ٍﺬ ﻛﺎﻟﻨﺎﻇﺮ إﻟﻴﻚ ﺑﻌني ﻏريك .ودﻟﻴﻞ ﱞ ﻫﺬا أﻧﻚ ﺗﺄﺧﺬ ﻣﺮآﺗني ﻛﺒريﺗني ﻓﺘُﻤﺴﻚ إﺣﺪاﻫﻤﺎ ﺑﻴﻤﻴﻨﻚ ﺧﻠﻒ رأﺳﻚ ،واﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺑﻴﺴﺎرك ﻗﺒﺎﻟﺔ وﺟﻬﻚ ،ﺛﻢ ﺗﺰوﻳﻬﺎ ً ﻗﻠﻴﻼ ﺣﺘﻰ ﻳﻠﺘﻘﻴﺎن ﺑﺎملﻘﺎﺑﻠﺔ ،ﻓﺈﻧﻚ ﺗﺮى ﻗﻔﺎك وﻛ ﱠﻞ ﻣﺎ وراءك، وذﻟﻚ ﻻﻧﻌﻜﺎس ﺿﻮء اﻟﻌني إﱃ ﺿﻮء املﺮآة اﻟﺘﻲ ﺧﻠﻔﻚ إذ ﻟﻢ ﺗﺠﺪ ﻣﻨﻔﺬًا ﰲ اﻟﺘﻲ ﺑني ﻳﺪﻳﻚ، وملﺎ ﻟﻢ ﻳﺠﺪ وراء ﻫﺬه اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻣﻨﻔﺬًا اﻧﴫف إﱃ ﻣﺎ ﻗﺎﺑﻠﻪ ﻣﻦ اﻟﺠﺴﻢ .وإن ﻛﺎن ﺻﺎﻟﺢ ﻏﻼم أﺑﻲ إﺳﺤﺎق اﻟﻨ ﱠ ﻈﺎم ﺧﺎﻟﻒ ﰲ اﻹدراك ،ﻓﻬﻮ ﻗﻮل ﺳﺎﻗﻂ ﻟﻢ ﻳﻮاﻓﻘﻪ ﻋﻠﻴﻪ أﺣﺪ. وﻟﻮ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻦ ﻓﻀﻞ اﻟﻌني إﻻ ﱠ أن ﺟﻮﻫﺮﻫﺎ أرﻓﻊ اﻟﺠﻮاﻫﺮ وأﻋﻼﻫﺎ ﻣﻜﺎﻧًﺎ ﻷﻧﻬﺎ ﻧﻮرﻳﺔ ﻻ ﺗُﺪ َرك اﻷﻟﻮان ﺑﺴﻮاﻫﺎ ،وﻻ ﳾء أﺑﻌﺪ ﻣﺮﻣً ﻰ وﻻ أﻧﺄى ً ﻏﺎﻳﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﻷﻧﻬﺎ ﺗُﺪ َرك ﺑﻬﺎ أﺟﺮام اﻟﻜﻮاﻛﺐ اﻟﺘﻲ ﰲ اﻷﻓﻼك اﻟﺒﻌﻴﺪة ،وﺗُﺮى ﺑﻬﺎ اﻟﺴﻤﺎء ﻋﲆ ﺷﺪﱠة ارﺗﻔﺎﻋﻬﺎ وﺑُﻌﺪﻫﺎ ،وﻟﻴﺲ ذﻟﻚ إﻻ ﻻﺗﺼﺎﻟﻬﺎ ﰲ ﻃﺒﻊ ﺧِ ﻠﻘﺘﻬﺎ ﺑﻬﺬه املﺮآة ،ﻓﻬﻲ ﺗﺪرﻛﻬﺎ وﺗﺼﻞ إﻟﻴﻬﺎ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ ،ﻻ ﻋﲆ ﱡ وﺗﻨﻘﻞ اﻟﺤﺮﻛﺎت ،وﻟﻴﺲ ﻫﺬا ﻟﴚء ﻣﻦ اﻟﺤﻮاس ﻣﺜﻞ ﻗﻄﻊ اﻷﻣﺎﻛﻦ واﻟﺤﻠﻮل ﰲ املﻮاﺿﻊ اﻟﺬوق واﻟﻠﻤﺲ ﻻ ﻳُﺪرﻛﺎن إﻻ ﺑﺎملﺠﺎورة ،واﻟﺴﻤﻊ واﻟﺸﻢ ﻻ ﻳُﺪرﻛﺎن إﻻ ﻣﻦ ﻗﺮﻳﺐ ،ودﻟﻴﻞ ﻋﲆ ﻣﺎ ذﻛﺮﻧﺎه ﻣﻦ اﻟﻨﻈﺮ أﻧﻚ ﺗﺮى ا ُملﺼﻮﱢت ﻗﺒﻞ ﺳﻤﺎع اﻟﺼﻮت ،وإن ﺗﻌﻤﱠ ﺪت إدراﻛﻬﻤﺎ ﻣﻌً ﺎ ،وإن ﻛﺎن إدراﻛﻬﻤﺎ واﺣﺪًا ملﺎ ﺗﻘﺪﱠﻣﺖ اﻟﻌ ُ ني اﻟﺴﻤﻊَ. 44 ﺑﺎب اﳌﺮاﺳﻠﺔ ُ ُ رأﻳﺖ أﻫﻞ ﻫﺬا اﻟﺸﺄن املﺮاﺳﻠﺔ ﺑﺎﻟﻜﺘﺐ ،وﻟﻠﻜﺘﺐ آﻳﺎت .وﻟﻘﺪ ﺛﻢ ﻳﺘﻠﻮ ذﻟﻚ إذا اﻣﺘﺰﺟﺎ ﺑﺴﺒﺐ ﻛﺘﺎب. ﺘﺐ ،وﺑﺤﻠﻬﺎ ﰲ املﺎء ،وﺑﻤﺤﻮ أﺛﺮﻫﺎ ،ﻓ ُﺮبﱠ ﻓﻀﻴﺤﺔ ﻛﺎﻧﺖ ِ ﻳُﺒﺎدرون ﻟﻘﻄﻊ اﻟ ُﻜ ِ وﰲ ذﻟﻚ أﻗﻮل: ﻋَ ِﺰﻳ ٌﺰ ﻋَ َﻠ ﱠﻲ اﻟﻴَ ْﻮ َم َﻗ ْ ﻄ ُﻊ ِﻛﺘَﺎ ِﺑ ُﻜﻢ َﻓﺂﺛ َ ْﺮ ُت أ َ ْن ﻳَﺒْ َﻘﻰ ِودَا ٌد َوﻳَﻨ ْﻤَ ﺤِ ﻲ ﺎب ﻓِ ﻴ ِﻪ ِﻣﻴﺘَ ُﺔ َرﺑﱢﻪ َﻓ َﻜ ْﻢ ِﻣ ْﻦ ِﻛﺘَ ٍ و َﻟ ِﻜ ﻨ ﱠ ُﻪ َﻟ ْﻢ ﻳُ ْﻠ َ ﻒ ِﻟ ْﻠ ُﻮ ﱢد َﻗ ِ ﺎﻃ ُﻊ ِﻣﺪَاد َﻓ ِﺈ ﱠن اﻟ َﻔ ْﺮ َع ِﻟﻸ َ ْ ﺻ ِﻞ ﺗَﺎ ِﺑ ُﻊ َو َﻟ ْﻢ ﻳَ ﺪ ِْر ِه إِذْ ﻧ َﻤﱠ َﻘ ﺘْ ُﻪ اﻷ َ َ ﺻ ﺎ ِﺑ ُﻊ َ ُ وﺟﻨﺴﻪ أﻣﻠﺢَ اﻷﺟﻨﺎس .وﻟﻌﻤﺮي أﻟﻄﻒ اﻷﺷﻜﺎل، وﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻜﻮن ﺷﻜﻞ اﻟﻜﺘﺎب ﻟﺤﴫ ﰲ اﻹﻧﺴﺎن وإﻣﺎ ﻟﺤﻴﺎء وإﻣﺎ ﻟﻬﻴﺒﺔ .ﻧﻌﻢ، إن اﻟﻜﺘﺎب َﻟﻠِﺴﺎن ﰲ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﺎﻳني ،إﻣﺎ ٍ ﺣﺘﻰ ﱠ إن ﻟﻮﺻﻮل اﻟﻜﺘﺎب إﱃ املﺤﺒﻮب و ِﻋ ْﻠﻢ ا ُملﺤﺐ أﻧﻪ ﻗﺪ وﻗﻊ ﺑﻴﺪه ورآه ﻟﻠﺬ ًة ﻳﺠﺪﻫﺎ املﺤﺐ ً ﻋﺠﻴﺒﺔ ﺗﻘﻮم ﻣﻘﺎم اﻟﺮؤﻳﺔ ،وإن ﻟﺮد اﻟﺠﻮاب واﻟﻨﻈﺮ إﻟﻴﻪ ﴎو ًرا ﻳَﻌﺪِل اﻟﻠﻘﺎء ،وﻟﻬﺬا ﻣﺎ ﺗﺮى اﻟﻌﺎﺷﻖ ﻳَﻀﻊ اﻟﻜﺘﺎب ﻋﲆ ﻋﻴﻨﻴﻪ وﻗﻠﺒﻪ وﻳُﻌﺎﻧﻘﻪ .وﻟﻌﻬﺪي ﺑﺒﻌﺾ أﻫﻞ املﺤﺒﺔ ،ﻣﻤﻦ ﻛﺎن ﻳَﺪري ﻣﺎ ﻳﻘﻮل وﻳُﺤﺴﻦ اﻟﻮﺻﻒ وﻳ ﱢ ُﻌﱪ ﻋﻤﺎ ﰲ ﺿﻤريه ﺑﻠﺴﺎﻧﻪ ﻋﺒﺎرة ﺟﻴﺪ ًة ،وﻳُﺠﻴﺪ أﺗﻲ ا َملﺰار، اﻟﻨﻈﺮ ،وﻳﺪﻗﻖ ﰲ اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ،ﻻ ﻳَﺪع ا ُملﺮاﺳﻠﺔ وﻫﻮ ﻣُﻤﻜﻦ اﻟﻮﺻﻞ ﻗﺮﻳﺐُ اﻟﺪار ﱡ وﻳَﺤﻜﻲ أﻧﻬﺎ وﺟﻮه اﻟﻠﺬة .وﻟﻘﺪ أُﺧﱪت ﻋﻦ ﺑﻌﺾ ﱡ اﻟﺴ ﱠﻘﺎط اﻟﻮُﺿﻌﺎء أﻧﻪ ﻛﺎن ﻳﻀﻊ ﻛﺘﺎب وﴐب ﻣﻦ ﱠ ﻣﺤﺒﻮﺑﻪ ﻋﲆ إﺣﻠﻴﻠﻪ ،وأن ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻻﻏﺘﻼم َﻗﺒﻴﺢَ ، اﻟﺸﺒﻖ ﻓﺎﺣﺶ. ﻃﻮق اﻟﺤﻤﺎﻣﺔ ﰲ اﻷ ُ َ ﻟﻔﺔِ واﻷ ُ ﱠﻻف ﻘﻲ اﻟﺤِ ْ ِﱪ ﺑﺎﻟﺪﱠﻣﻊ ﻓﺄﻋﺮف ﻣَ ﻦ ﻛﺎن ﻳﻔﻌﻞ ذﻟﻚ وﻳُﻘﺎرﺿﻪ ﻣﺤﺒﻮﺑﻪ ،ﻳﺴﻘﻲ وأﻣﺎ َﺳ ُ اﻟﺤﱪ ﺑﺎﻟ ﱢﺮﻳﻖ .وﰲ ذﻟﻚ أﻗﻮل: ﺎب ﺑَ ﻌَ ﺜ ْ ﺘُ ُﻪ ﺟَ ﻮَابٌ أَﺗَ ﺎ ِﻧ ﻲ ﻋَ ْﻦ ِﻛ ﺘَ ٍ َﺳ ﻘِ ﻴ ُﺖ ِﺑ ﺪَﻣْ ِﻊ اﻟ ﻌَ ﻴْ ِﻦ َﻟ ﻤﱠ ﺎ َﻛ ﺘَ ﺒْ ﺘُ ُﻪ َﻓﻤَ ﺎ َزا َل ﻣَ ﺎءُ اﻟﻌَ ﻴْ ِﻦ ﻳَﻤْ ﺤُ ﻮ ُﺳ ُ ﻄﻮ َر ُه َﻏ ﺪَا ِﺑ ُﺪ ُﻣ ﻮ ِﻋ ﻲ أ َ ﱠو ُل اﻟ ﺤَ ﱢ ﻆ ﺑَ ﻴ ْ ﻨ َ ﻨ َ ﺎ َﻓ َﺴ ﱠﻜ َﻦ ُﻣ ﻬْ ﺘَ ﺎﺟً ﺎ و ََﻫ ﻴﱠ ﺞَ َﺳ ﺎ ِﻛ ﻨ َ ﺎ ﻓِ ﻌَ ﺎ َل ُﻣﺤِ ﺐﱟ َﻟﻴْ َﺲ ﻓِ ﻲ اﻟ ُﻮ ﱢد َﺧﺎ ِﺋﻨ َﺎ َﻓﻴَﺎ ﻣَ ﺎءَ ﻋَ ﻴْ ِﻨﻲ َﻗ ْﺪ ﻣَ ﺤَ ﻮ َ ْت اﻟﻤَ ﺤَ ِ ﺎﺳﻨ َﺎ ﺿﺤَ ﻰ ِﺑﺪَﻣْ ﻌِ ﻲ آﺧِ ُﺮ اﻟﺤَ ﱢ وَأ َ ْ ﻆ ﺑَﺎ ِﺋﻨ ًﺎ ﺧﱪ ُ رأﻳﺖ ﻛﺘﺎبَ ا ُملﺤﺐ إﱃ ﻣﺤﺒﻮﺑﻪ ،وﻗﺪ َﻗﻄﻊ ﰲ ﻳﺪه ﺑﺴﻜني ﻟﻪ ﻓﺴﺎل اﻟﺪم ،واﺳﺘﻤﺪ ﻣﻨﻪ وﻟﻘﺪ وﻛﺘﺐ ﺑﻪ اﻟﻜﺘﺎب أﺟﻤﻊَ ،وﻟﻘﺪ رأﻳﺖ اﻟﻜﺘﺎب ﺑﻌﺪ ﺟُ ﻔﻮﻓﻪ ﻓﻤﺎ ﺷﻜﻜﺖ أﻧﻪ ﺑﺼﺒﻎ اﻟﻠ ﱢﻚ. 46 ﺑﺎب اﻟﺴﻔﲑ وﻳﻘﻊ ﰲ اﻟﺤﺐ ﺑﻌﺪ ﻫﺬا ،ﺑﻌﺪ ﺣُ ﻠﻮل اﻟﺜﻘﺔ وﺗﻤﺎم اﻻﺳﺘﺌﻨﺎس ،إدﺧﺎل اﻟﺴﻔري ،وﻳﺠﺐ ﱡ ﺗﺨريه وارﺗﻴﺎده واﺳﺘﺠﺎدﺗﻪ واﺳﺘﻔﺮاﻫﻪ؛ ﻓﻬﻮ دﻟﻴﻞ ﻋﻘﻞ املﺮء ،وﺑﻴﺪه ﺣﻴﺎﺗﻪ وﻣﻮﺗﻪ ،وﺳﱰه ً وﻓﻀﻴﺤﺘﻪ ،ﺑﻌﺪ ﷲ ﺗﻌﺎﱃ ،ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻜﻮن اﻟﺮﺳﻮل ذا ﻫﻴﺌﺔ ،ﺣﺎذﻗﺎ ﻳﻜﺘﻔﻲ ﺑﺎﻹﺷﺎرة، وﻳُﻘﺮﻃﺲ ﻋﻦ اﻟﻐﺎﺋﺐ ،وﻳُﺤﺴﻦ ﻣﻦ ذات ﻧﻔﺴﻪ وﻳَﻀﻊ ﻣﻦ ﻋَ ﻘﻠﻪ ﻣﺎ أﻏﻔﻠﻪ ﺑﺎﻋﺜُﻪ ،وﻳﺆدي إﱃ اﻟﺬي أرﺳﻠﻪ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺸﺎﻫﺪ ﻋﲆ وﺟﻬﻪ ﻛﺄﻧﻤﺎ ﻛﺎن ﻟﻸﴎار ﺣﺎﻓ ً ﻈﺎ ،وﻟﻠﻌﻬﺪ وﻓﻴٍّﺎ ،ﻗﻨﻮﻋً ﺎ ﻧﺎﺻﺤً ﺎ .وﻣﻦ ﺗﻌﺪﱠى ﻫﺬه اﻟﺼﻔﺎت ﻛﺎن ﴐره ﻋﲆ ﺑﺎﻋﺜﻪ ﺑﻤﻘﺪار ﻣﺎ َ ﻧﻘﺼﻪ ﻣﻨﻬﺎ .وﰲ ذﻟﻚ أﻗﻮل ﺷﻌ ًﺮا ،ﻣﻨﻪ: َر ُﺳﻮﻟُ َﻚ َﺳﻴْ ٌ ﻒ ﻓِ ﻲ ﻳَ ِﻤﻴ ِﻨ َﻚ َﻓ ْ ﺎﺳﺘَ ِﺠ ْﺪ َﻓ ﻤَ ْﻦ ﻳَ ُﻚ ذَا َﺳ ﻴْ ٍﻒ َﻛ ﻬَ ﺎ ٍم َﻓ ُ ﻀ ﱡﺮه ﺣُ َﺴﺎﻣً ﺎ و ََﻻ ﺗَ ْﻀ ِﺮبْ ِﺑ ِﻪ َﻗﺒْ َﻞ َ ﺻ ْﻘ ِﻠ ِﻪ ﻳَ ﻌُ ﻮ ُد ﻋَ َﻠ ﻰ اﻟ ﻤَ ﻌْ ﻨ ﱢﻲ ِﻣ ﻨ ْ ُﻪ ِﺑ ﺠَ ﻬْ ِﻠ ِﻪ ً ﺧﺎﻣﻼ ﻻ ﻳُﺆﺑﻪ ﻟﻪ ،وﻻ وأﻛﺜﺮ ﻣﺎ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ا ُملﺤﺒﱡﻮن ﰲ إرﺳﺎﻟﻬﻢ إﱃ ﻣﻦ ﻳُﺤﺒﻮﻧﻪ إﻣﺎ ﻳُﻬﺘﺪَى ﻟﻠﺘﺤﻔﻆ ﻣﻨﻪ ﻟﺼﺒﺎه أو ﻟﻬﻴﺌﺔ رﺛﺔ أو ﺑﺪادة ﰲ ﻃﻠﻌﺘﻪ. ﺟﻠﻴﻼ ﻻ ﺗﻠﺤﻘﻪ اﻟ ﱢ ً ﱟ ﻟﺴﻦ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﻗﺪ ﺑﻠﻐﻬﺎ .وﻣﺎ أﻛﺜﺮ ﻫﺬا ﻈﻨﻦ ﻟﻨُﺴﻚ ﻳُﻈﻬﺮه ،أو وإﻣﺎ ﰲ اﻟﻨﺴﺎء ،وﻻ ﺳﻴﻤﺎ ذوات اﻟﻌﻜﺎﻛﻴﺰ واﻟﺘﱠﺴﺎﺑﻴﺢ واﻟﺜﱠﻮﺑني اﻷﺣﻤﺮﻳﻦ .وإﻧﻲ ﻷذﻛﺮ ُ ﺑﻘﺮﻃﺒﺔَ اﻟﺘﺤﺬﻳ َﺮ ﻟﻠﻨﺴﺎء ا ُملﺤﺪَﺛﺎت ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﺼﻔﺎت ﺣﻴﺜﻤﺎ رأﻳﺘﻬﺎ. أو ذوات ﺻﻨﺎﻋﺔ ﻳﻘ ﱠﺮب ﺑﻬﺎ ﻣﻦ اﻷﺷﺨﺎص؛ ﻓﻤﻦ اﻟﻨﺴﺎء ﻛﺎﻟﻄﺒﻴﺒﺔ واﻟﺤﺠﱠ ﺎﻣﺔ واﻟﴪاﻗﺔ واﻟﺪﻻﻟﺔ واملﺎﺷﻄﺔ واﻟﻨﺎﺋﺤﺔ واملﻐﻨﻴﺔ واﻟﻜﺎﻫﻨﺔ وا ُملﻌﻠﻤﺔ وا ُملﺴﺘﺨﻔﺔ واﻟﺼﻨﺎع ﰲ املﻐﺰل واﻟﻨﺴﻴﺞ وﻣﺎ أﺷﺒﻪ ذﻟﻚ. ﻃﻮق اﻟﺤﻤﺎﻣﺔ ﰲ اﻷ ُ َ ﻟﻔﺔِ واﻷ ُ ﱠﻻف َ املﺮﺳﻞ إﻟﻴﻪ ﻻ ﻳﺸﺢ ﺑﻬﺎ ﻋﻠﻴﻪ .ﻓﻜﻢ ﻣَ ﻨﻴﻊ ﺳﻬُ ﻞ ﺑﻬﺬه اﻷوﺻﺎف، أو ذا ﻗﺮاﺑﺔ ﻣﻦ َ َﴪ ،وﺑﻌﻴﺪ ﻗ ُﺮب .وﺟَ ﻤُﻮح أﻧﺲ! وﻛﻢ داﻫﻴﺔ دﻫﺖ اﻟﺤُ ﺠﺐ املﺼﻮﻧﺔ ،واﻷﺳﺘﺎر وﻋﺴري ﻳ ُ َ اﻟﻜﺜﻴﻔﺔ ،واملﻘﺎﺻري املﺤﺮوﺳﺔ ،واﻟﺴﺪد املﻀﺒﻮﻃﺔ ﻷرﺑﺎب ﻫﺬه اﻟﻨﻌﻮت! وﻟﻮﻻ أن أﻧﺒﻪ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻟﺬﻛﺮﺗﻬﺎ ،وﻟﻜﻦ ﻟﻘﻄﻊ اﻟﻨﻈﺮ ﻓﻴﻬﺎ ،وﻗﻠﺔ اﻟﺜﻘﺔ ﺑﻜﻞ واﺣﺪ ،واﻟﺴﻌﻴ ُﺪ ﻣﻦ وُﻋﻆ ﺑﻐريه، وﺑﺎﻟﻀﺪ ﺗﺘﻤﻴﺰ اﻷﺷﻴﺎء .أﺳﺒﻞ ﷲ ﻋﻠﻴﻨﺎ وﻋﲆ ﺟﻤﻴﻊ املﺴﻠﻤني ﺳﱰه ،وﻻ أزا َل ﻋﻦ اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻇﻞ اﻟﻌﺎﻓﻴﺔ. ﺧﱪ ً ﺣﻤﺎﻣﺔ ﻣﺆدﱠﺑﺔ ،وﻳُﻌﻘﺪ اﻟﻜﺘﺎب ﰲ ﺟﻨﺎﺣِ ﻬﺎ .وﰲ ذﻟﻚ وإﻧﻲ ﻷﻋﺮف ﻣﻦ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺮﺳﻮل ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ً ﻗﻄﻌﺔ ،ﻣﻨﻬﺎ: أﻗﻮل َﻟ َﺪﻳْﻬَ ﺎ وَﺟَ ﺎء َْت ﻧ َﺤْ َﻮ ُه ِﺑﺎﻟﺒَ َﺸﺎ ِﺋ ِﺮ َر َﺳﺎ ِﺋ َﻞ ﺗُﻬْ ﺪَى ﻓِ ﻲ َﻗﻮادِ ِم َ ﻃﺎ ِﺋ ِﺮ ﺗَ َﺨ ﻴﱠ َﺮ َﻫ ﺎ ﻧ ﻮحٌ َﻓ ﻤَ ﺎ َﺧ ﺎبَ َ ﻇ ﻨ ﱡﻪ َﺳﺄُودِﻋُ ﻬﺎ ُﻛﺘْﺒﻲ إ ِ َﻟﻴْ َﻚ َﻓﻬَ ﺎﻛﻬَ ﺎ 48 ﺑﺎب ﻃﻲ اﻟﴪ ِ ﺻﻔﺎت اﻟﺤُ ﺐ اﻟﻜﺘﻤﺎ ُن ﺑﺎﻟﻠﺴﺎن ،وﺟﺤﻮد املﺤﺐ إن ُﺳﺌﻞ ،واﻟﺘﺼﻨﱡﻊ ﺑﺈﻇﻬﺎر وﻣﻦ ﺑﻌﺾ َ ٌ اﻟﴪ اﻟﺪﻗﻴﻖ ،وﻧﺎ ُر اﻟﻜﻠﻒ املﺘﺄﺟﺠﺔ ﰲ اﻟﻀﻠﻮع، اﻟﺼﱪ ،وأن ﻳُﺮى أﻧﻪ ﻋِ ْﺰﻫﺎة ﺧ ِﲇﱞ .وﻳﺄﺑﻰ ﱡ َ إﻻ ﻇﻬﻮ ًرا ﰲ اﻟﺤﺮﻛﺎت واﻟﻌني ،ودﺑﻴﺒًﺎ ﻛﺪﺑﻴﺐ اﻟﻨﺎر ﰲ اﻟﻔﺤﻢ ،واملﺎء ﰲ ﻳﺒﻴﺲ املﺪر .وﻗﺪ ﱢ اﻟﺤﺲ اﻟﻠﻄﻴﻒ ،وأﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﺳﺘﺤﻜﺎﻣﻪ ﻓﻤﺤﺎل. ﻳُﻤﻜﻦ اﻟﺘﱠﻤﻮﻳﻪ ﰲ أول اﻷﻣﺮ ﻋﲆ ﻏري ذي ورﺑﻤﺎ ﻳﻜﻮن اﻟﺴﺒﺐ ﰲ اﻟﻜﺘﻤﺎن ﺗَﺼﺎون ا ُملﺤﺐ ﻋﻦ أن ﻳ َِﺴ َﻢ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﻬﺬه اﻟﺴﻤﺔ ﻋﻨﺪ اﻟﻨﺎس؛ ﻷﻧﻬﺎ ﺑﺰﻋﻤﻪ ﻣﻦ ﺻﻔﺎت أﻫﻞ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ،ﻓﻴﻔﺮ ﻣﻨﻬﺎ وﻳﺘﻔﺎدى .وﻣﺎ ﻫﺬا وﺟﻪ اﻟﺘﺼﺤﻴﺢ، ﱠ ﻳﻌﻒ ﻋﻦ ﻣﺤﺎرم ﷲ ﻋ ﱠﺰ وﺟﻞ اﻟﺘﻲ ﻳﺄﺗﻴﻬﺎ ﺑﺎﺧﺘﻴﺎره وﻳُﺤﺎﺳﺐ ﻓﺒﺤﺴﺐ املﺮء ا ُملﺴﻠﻢ أن ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻳﻮم اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ. وأﻣﺎ اﺳﺘﺤﺴﺎن اﻟﺤُ ﺴﻦ وﺗﻤ ﱡﻜﻦ اﻟﺤﺐ ﻓ َ ﻄﺒﻊ ﻻ ﻳُﺆﻣﺮ ﺑﻪ وﻻ ﻳُﻨﻬﻰ ﻋﻨﻪ؛ إذ اﻟﻘﻠﻮب ﺑﻴﺪ ﻣُﻘﻠﺒﻬﺎ ،وﻻ ﻳَ ْﻠﺰﻣﻪ ﻏريُ املﻌﺮﻓﺔ واﻟﻨﻈﺮ ﰲ ﻓﺮق ﻣﺎ ﺑني اﻟﺨﻄﺄ واﻟﺼﻮاب ،وأن ﻳﻌﺘﻘﺪ اﻟﺼﺤﻴﺢ ﺑﺎﻟﻴﻘني ،وأﻣﺎ املﺤﺒﺔ ﻓﺨِ ﻠﻘﺔ ،وإﻧﻤﺎ ﻳﻤﻠﻚ اﻹﻧﺴﺎن ﺣﺮﻛﺎت ﺟﻮارﺣِ ﻪ املﻜﺘﺴﺒﺔ .وﰲ ذﻟﻚ أﻗﻮل: ﻳَﻠُﻮ ُم ِرﺟَ ﺎ ٌل ﻓِ ﻴﻚ َﻟ ْﻢ ﻳَﻌْ ِﺮ ُﻓﻮا اﻟﻬَ ﻮَى ﻳَ ُﻘ ﻮﻟُ َ ﻮن ﺟَ ﺎﻧ َﺒْ َﺖ اﻟ ﺘﱠ َ ﺼ ﺎو َُن ﺟُ ﻤْ َﻠ ًﺔ َﻓ ُﻘ ْﻠ ُﺖ َﻟ ﻬُ ْﻢ َﻫ ﺬَا اﻟ ﱢﺮﻳَ ﺎءُ ِﺑ ﻌَ ﻴْ ِﻨ ﻪ ﻣَ ﺘَﻰ ﺟَ ﺎءَ ﺗَﺤْ ِﺮﻳ ُﻢ اﻟﻬَ ﻮَى ﻋَ ْﻦ ُﻣﺤَ ﻤﱠ ٍﺪ إِذَا َﻟ ْﻢ أُوَاﻗِ ْﻊ ﻣَ ﺤْ َﺮﻣً ﺎ أَﺗﱠ ﻘِ ﻲ ِﺑ ﻪ َﻓ َﻠ ْﺴ ُﺖ أُﺑَﺎ ِﻟﻲ ﻓِ ﻲ اﻟﻬَ ﻮَى َﻗ ْﻮ َل َﻻ ِﺋ ٍﻢ ﺎن ﻋِ ﻨ ْﺪِي ﻓِ ﻴ ﻚ َﻻ ٍح و ََﺳ ﺎ ِﻛ ُﺖ و َِﺳ ﻴﱠ ِ وَأَﻧ ْ ﺖ ﻋَ َﻠ ﻴْ ِﻬ ْﻢ ِﺑ ﺎﻟ ﱠﺸ ِﺮﻳ ﻌَ ِﺔ َﻗ ﺎ ِﻧ ﺖ ُ ﺻ َﺮاﺣً ﺎ و َِزيﱞ ِﻟ ْﻠ ﻤ ﺮا ِﺋ ﻴ َﻦ ﻣَ ﺎﻗِ ﺖ و ََﻫ ْﻞ ﻣَ ﻨ ْﻌُ ُﻪ ﻓِ ﻲ ُﻣﺤْ َﻜ ِﻢ اﻟﺬﱢ ْﻛ ِﺮ ﺛ َﺎ ِﺑﺖ ﻣَ ِﺠﻴ ِﺌ َﻲ ﻳَ ْﻮ َم اﻟﺒَﻌْ ِﺚ وَاﻟﻮَﺟْ ُﻪ ﺑَﺎﻫِ ﺖ َﺳ ﻮَاءٌ َﻟ ﻌَ ﻤْ ِﺮي ﺟَ ﺎﻫِ ٌﺮ أ َ ْو ُﻣ َﺨ ﺎﻓِ ﺖ ﻃﻮق اﻟﺤﻤﺎﻣﺔ ﰲ اﻷ ُ َ ﻟﻔﺔِ واﻷ ُ ﱠﻻف و ََﻫ ْﻞ ِﺑ َﺨﺒَﺎﻳَﺎ اﻟ ﱠﻠ ْﻔ ِﻆ ﻳُ ْﺆ َﺧﺬُ َ ﺻ ِﺎﻣﺖ ﺎن إ ِ ﱠﻻ ْ و ََﻫ ْﻞ ﻳَ ْﻠ َﺰ ُم ا ِﻹﻧ ْ َﺴ َ اﺧ ِﺘ ﻴَ ﺎ ُر ُه ﺧﱪ َ ﺑﻌﺾ ﻣﻦ اﻣﺘُﺤﻦ ﺑﴚء ﻣﻦ ﻫﺬا ﻓﺴﻜﻦ اﻟﻮﺟ ُﺪ ﺑني ﺟﻮاﻧﺤﻪ ،ﻓﺮام ﺟَ ﺤْ ﺪه وإﻧﻲ ﻷﻋﺮف إﱃ أن َﻏﻠﻆ اﻷﻣﺮ ،وﻋُ ﺮف ذﻟﻚ ﰲ ﺷﻤﺎﺋﻠﻪ ﻣَ ﻦ ﺗﻌ ﱠﺮض ﻟﻠﻤﻌﺮﻓﺔ وﻣﻦ ﻟﻢ ﻳﺘﻌﺮض .وﻛﺎن ﻣَ ﻦ ﻋَ ﺮض ﻟﻪ ﺑﴚء ﻧَﺠَ ﻬَ ﻪ َ وﻗﺒﱠﺤﻪ ،إﱃ أن ﻛﺎن ﻣَ ﻦ أراد اﻟﺤﻈﻮة ﻟﺪﻳﻪ ﻣﻦ إﺧﻮاﻧﻪ ﻳُﻮﻫﻤﻪ َ ﻓﴪ ﺑﻬﺬا .وﻟﻌﻬﺪي ﺑﻪ ﻳﻮﻣً ﺎ ﻗﺎﻋﺪًا ﺗﺼﺪﻳﻘﻪ ﰲ إﻧﻜﺎره ،وﺗﻜﺬﻳﺐَ ﻣﻦ ﻇﻦ ﺑﻪ ﻏري ذﻟﻚ ُ ،ﱠ وﻣﻌﻪ ُ ﺑﻌﺾ ﻣﻦ ﻛﺎن ﻳَﻌﺮض ﻟﻪ ﺑﻤﺎ ﰲ ﺿﻤريه ،وﻫﻮ ﻳﻨﺘﻔﻲ ﻏﺎﻳﺔ اﻻﻧﺘﻔﺎء ،إذ اﺟﺘﺎز ﺑﻬﻤﺎ اﻟﺸﺨﺺ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳُﺘﻬﻢ ﺑﻌﻼﻗﺘﻪ ،ﻓﻤﺎ ﻫﻮ إﻻ أن وﻗﻌﺖ ﻋﻴﻨﻪ ﻋﲆ ﻣﺤﺒﻮﺑﻪ ﺣﺘﻰ اﺿﻄﺮب وﻓﺎرق ﻫﻴﺌﺘﻪ اﻷوﱃ ،واﺻﻔﺮ ﻟﻮﻧﻪ ،وﺗﻔﺎوﺗﺖ ﻣﻌﺎﻧﻲ ﻛﻼﻣﻪ ﺑﻌﺪ ﺣُ ﺴﻦ ﺗﺜﻘﻴﻒ ،ﻓﻘﻄﻊ ﻛﻼﻣَ ﻪ املﺘﻜﻠ ُﻢ ﻣﻌﻪ؛ ﻓﻠﻘﺪ اﺳﺘﺪﻋﻰ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ذﻛﺮه ،ﻓﻘﻴﻞ ﻟﻪ :ﻣﺎ ﻋﺪا ﻋﻤﱠ ﺎ ﺑﺪا .ﻓﻘﺎل :ﻫﻮ ﻣﺎ ﺗﻈﻨﻮن ،ﻋﺬَر ﻣﻦ ﻋﺬَر ،وﻋﺬَل ﻣﻦ ﻋﺬَل .ﻓﻔﻲ ذﻟﻚ أﻗﻮل ﺷﻌ ًﺮا ،ﻣﻨﻪ: ﻣَ ﺎ ﻋَ َ ﺎش إ ِ ﱠﻻ ِﻷ َ ﱠن اﻟ ﻤَ ﻮ َ ْت ﻳَ ْﺮﺣَ ُﻤ ُﻪ ِﻣﻤﱠ ﺎ ﻳَ َﺮى ِﻣﻦ ﺗَﺒَ ِﺎرﻳﺢَ اﻟ ﱠﻀﻨ َﻰ ﻓِ ﻴ ِﻪ وأﻧﺎ أﻗﻮل: و َِﺳﺘْ ُﺮ اﻟ ﱠ ﺼﺐﱢ ﻳَﻨ ْﻬَ ِﺘ ُﻚ ﻄ ﺎ ٌة َ َﻗ َ ﺿ ﻤﱠ ﻬَ ﺎ َﺷ َﺮ ُك َﻓ ِﺈ ﱠن اﻟ ﱠﺮأْيَ ُﻣ ْﺸ ﺘَ ﺮ ُك وَﻣَ ﺎ ِﻟ ﻲ ﻋَ ﻨ ْ ُﻪ ُﻣ ﺘﱠ َﺮ ُك ُد ُﻣﻮ ُع اﻟ ﱠ ﺼﺐﱢ ﺗَﻨ ْ َﺴﻔِ ُﻚ َﻛ ﺄ َ ﱠن اﻟ َﻘ ْﻠ ﺐَ إِذْ ﻳَ ﺒْ ﺪُو َﻓ ﻴَ ﺎ أ َ ْ ﺻ ﺤَ ﺎﺑَ ﻨ َﺎ ُﻗ ﻮﻟُ ﻮا إ ِ َﻟ ﻰ َﻛ ْﻢ ذَا أ ُ َﻛ ﺎ ِﺗ ُﻤ ُﻪ وﻫﺬا إﻧﻤﺎ ﻳَﻌﺮض ﻋﻨﺪ ﻣُﻘﺎوﻣﺔ ﻃﺒﻊ اﻟﻜﺘﻤﺎن واﻟﺘﺼﺎون ﻟﻄﺒﻊ ا ُملﺤﺐ وﻏﻠﺒﺘﻪ ،ﻓﻴﻜﻮن ﱢ ﻣﺘﺤريًا ﺑني ﻧﺎرﻳﻦ ﻣﺤﺮﻗﺘني .ورﺑﻤﺎ ﻛﺎن ﺳﺒﺐ اﻟﻜﺘﻤﺎن إﺑﻘﺎء املﺤﺐ ﻋﲆ ﻣﺤﺒﻮﺑﻪ، ﺻﺎﺣﺒﻪ وإن ﻫﺬا ملﻦ دﻻﺋﻞ اﻟﻮﻓﺎء وﻛﺮم اﻟﻄﺒﻊ .وﰲ ذﻟﻚ أﻗﻮل: ﺎس أَﻧ ﱢﻲ َﻓﺘًﻰ ﻋَ ِ َد َرى اﻟﻨ ﱠ ُ ﺎﺷ ٌﻖ َ إِذَا ﻋَ ﺎﻳَ ﻨ ُ ﻮا ﺣَ ﺎ َﻟ ِﺘ ﻲ أﻳْ َﻘ ﻨ ُ ﻮا َﻛ ِﺌ ﻴ ﺐٌ ُﻣ ﻌَ ﻨ ٍّ ﻰ َو َﻟ ِﻜ ْﻦ ِﺑ ﻤَ ْﻦ َوإ ِ ْن َﻓﺘﱠ ُﺸﻮا َرﺟَ ﻌُ ﻮا ﻓِ ﻲ اﻟ ﱢ ﻈﻨ َﻦ 50 ﺑﺎب ﻃﻲ اﻟﴪ َوإ ِ ْن َ ﻃ َﻠ ﺒُ ﻮا َﺷ ْﺮﺣَ ُﻪ َﻟ ْﻢ ﻳُ ِﺒ ﻦ ﻳُ َﺮﺟﱢ ُﻊ ِﺑ ﺎﻟ ﱠ ﺼ ﻮ ِْت ﻓِ ﻲ ُﻛ ﱢﻞ َﻓ ﻦ وَﻣَ ﻌْ ﻨ َ ﺎ ُه ُﻣ ْﺴ ﺘَ ﻌْ ِﺠ ٌﻢ َﻟ ْﻢ ﻳَ ِﺒ ﻦ ﻧ َ َﻔﻰ ﺣُ ﺒﱠ ُﻪ ﻋَ ﻨ ْ َﻚ ِﻃﻴﺐ اﻟﻮ ََﺳﻦ ﻮل و ََﺧﻮ ُ ْض اﻟﻔِ ﺘَﻦ ذَ َﻫﺎبُ اﻟﻌُ ُﻘ ِ ﻄ ٍﻊ َ ﻄ ٍﻊ َﻛ َ وﻗ ْ ﻈ ﱟﻦ َﻛ َﻘ ْ ِﺑ َ ﻈﻦ ﻂ ﻳُ ﺮى َر ْﺳ ُﻤ ُﻪ َ َﻛ َﺨ ﱟ ﻇ ﺎﻫِ ًﺮا َﻛ َ ﺼ ﻮ ِْت ﺣَ ﻤَ ﺎ ٍم ﻋَ َﻠ ﻰ أَﻳْ َﻜ ٍﺔ َ ﺗَ َﻠ ﺬﱡ ِﺑ َﻔ ﺤْ ﻮَا ُه أ ْﺳ ﻤَ ﺎﻋُ ﻨ َ ﺎ ﻳَ ُﻘ ﻮﻟُ َ ﻮن ِﺑ ﺎﻟ ﻠ ﻪ َﺳ ﱢﻢ ا ﱠﻟ ﺬِي ﺎت د َ و ََﻫ ﻴْ ﻬَ َ ُون ا ﱠﻟ ﺬِي ﺣَ ﺎ َوﻟُ ﻮا ﱡ َﻓﻬُ ْﻢ أَﺑَﺪًا ﻓِ ﻲ ْ اﺧ ِﺘ َﻼ ِج اﻟﺸ ُﻜﻮكِ ً ﻗﻄﻌﺔ ،ﻣﻨﻬﺎ: وﰲ ﻛﺘﻤﺎن اﻟﴪ أﻗﻮل ﺣَ ﱞﻲ إِذًا َﻻ ْ ﻮن َﻟ ُﻪ اﻫﺘَﺪَى َرﻳْﺐُ اﻟﻤَ ﻨ ُ ِ َﻛﻤَ ﺎ ُﺳ ُﺮو ُر اﻟ ُﻤﻌَ ﻨ ﱠﻰ ﻓِ ﻲ اﻟﻬَ ﻮَى اﻟﻮَﻟﻪ ِﻟ ﻠ ﱢﺴ ﱢﺮ ﻋِ ﻨ ْ ﺪِي ﻣَ َﻜ ﺎ ٌن َﻟ ْﻮ ﻳَ ﺤ ﱡﻞ ِﺑ ِﻪ أ ُ ِﻣ ﻴ ﺘُ ُﻪ وَﺣَ ﻴَ ﺎ ُة اﻟ ﱢﺴ ﱢﺮ ِﻣ ﻴ ﺘَ ﺘُ ُﻪ ورﺑﻤﺎ ﻛﺎن ﺳﺒﺐُ اﻟﻜﺘﻤﺎن ﱢ ﺗﻮﻗ َﻲ املﺤﺐ ﻋﲆ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﻦ إﻇﻬﺎر ﴎه ،ﻟﺠﻼﻟﺔ ﻗﺪر املﺤﺒﻮب. ﺧﱪ وﻟﻘﺪ ﻗﺎل ﺑﻌﺾ اﻟﺸﻌﺮاء ُ ﺑﻘﺮﻃﺒﺔ ﺷﻌ ًﺮا ﺗﻐﺰل ﻓﻴﻪ ﺑﺼﺒﺢ أُم ا ُملﺆﻳﱠﺪ — رﺣﻤﻪ ﷲ — ﻓﻐﻨﱠﺖ ﺑﻪ ﺟﺎرﻳﺔ أُدﺧﻠﺖ ﻋﲆ املﻨﺼﻮر ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ أﺑﻲ ﻋﺎﻣﺮ ﻟﻴﺒﺘﺎﻋَ ﻬﺎ ،ﻓﺄﻣَ ﺮ ﺑﻘﺘﻠِﻬﺎ. ﺧﱪ وﻋﲆ ﻣﺜﻞ ﻫﺬا ُﻗﺘﻞ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻣُﻐﻴﺚ ،واﺳﺘﺌﺼﺎ ُل آل ﻣُﻐﻴﺚ واﻟﺘﱠﺴﺠﻴﻞ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﱠأﻻ ﻳُﺴﺘﺨﺪَم ﺑﻮاﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ أﺑﺪًا ،ﺣﺘﻰ ﻛﺎن ﺳﺒﺒًﺎ ﻟﻬﻼﻛﻬﻢ واﻧﻘﺮاض ﺑﻴﺘﻬﻢ ،ﻓﻠﻢ ﻳﺒﻖ ﻣﻨﻬﻢ إﻻ اﻟﴩﻳﺪ اﻟﻀﺎل .وﻛﺎن ﺳﺒﺐُ ذﻟﻚ ﺗﻐ ﱡﺰ َﻟﻪ ﺑﺈﺣﺪى ﺑﻨﺎت ُ اﻟﺨﻠﻔﺎء .وﻣﺜﻞ ﻫﺬا ﻛﺜري. وﻳُﺤﻜﻰ ﻋﻦ اﻟﺤَ ﺴﻦ ﺑﻦ ﻫﺎﻧﺊ أﻧﻪ ﻛﺎن ﻣُﻐﺮﻣً ﺎ ﺑﺤُ ﺐ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻫﺎرون ،املﻌﺮوف ﺑﺎﺑﻦ ﱠ وأﺣﺲ ﻣﻨﻪ ﺑﺒﻌﺾ ذﻟﻚ ﻓﺎﻧﺘﻬﺮه ﻋﲆ إداﻣﺔ اﻟﻨﻈﺮ إﻟﻴﻪ ،ﻓﺬُﻛﺮ ﻋﻨﻪ أﻧﻪ ﻛﺎن ﻻ ﻳﻘﺪر ُزﺑﻴﺪة، أن ﻳُﺪﻳﻢ اﻟﻨﻈﺮ إﻟﻴﻪ إﻻ ﻣﻊ ﻏﻠﺒﺔ ﱡ اﻟﺴﻜﺮ ﻋﲆ ﻣﺤﻤﺪ .ورﺑﻤﺎ ﻛﺎن ﺳﺒﺐ اﻟﻜﺘﻤﺎن ﱠأﻻ ﻳَﻨْﻔِ ﺮ ً وﺟﻠﻴﺴﺎ ،ﻟﻮ ﺑﺎح ﺑﺄﻗﻞ ﺳﺒﺐ املﺤﺒﻮبُ أو ﻳُﻨ ْ َﻔﺮ ﺑﻪ .ﻓﺈﻧﻲ أدري ﻣَ ﻦ ﻛﺎن ﻣﺤﺒﻮﺑﻪ ﻟﻪ ﺳﻜﻨًﺎ ﻣﻦ أﻧﻪ ﻳﻬﻮاه ﻟﻜﺎن ﻣﻨﻪ ﻣﻨﺎط اﻟﺜﺮﻳﺎ ﻗﺪ ﺗﻌ ﱠﻠﺖ ﻧﺠﻮﻣﻬﺎ .وﻫﺬا ﴐب ﻣﻦ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ،وﻟﻘﺪ 51 ﻃﻮق اﻟﺤﻤﺎﻣﺔ ﰲ اﻷ ُ َ ﻟﻔﺔِ واﻷ ُ ﱠﻻف ﻛﺎن ﻳﺒﻠُﻎ ﻣﻦ اﻧﺒﺴﺎط ﻫﺬا املﺬﻛﻮر ﻣﻊ ﻣﺤﺒﻮﺑﻪ إﱃ ﻓﻮق اﻟﻐﺎﻳﺔ وأﺑﻌﺪ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ،ﻓﻤﺎ ﻫﻮ إﻻ أن ﺑﺎح إﻟﻴﻪ ﺑﻤﺎ ﻳﺠﺪ؛ ﻓﺼﺎر ﻻ ﻳﺼﻞ إﱃ اﻟﺘﺎﻓﻪ اﻟﻴﺴري ﻣﻊ اﻟﺘﻴﻪ ودا ﱠﻟﺔ اﻟﺤﺐ وﺗﻤﻨﻊ اﻟﺜﻘﺔ ﺑﻤﻠﻚ اﻟﻔﺆاد ،وذﻫﺐ ذﻟﻚ اﻻﻧﺒﺴﺎط ،ووﻗﻊ اﻟﺘﺼﻨﱡﻊ واﻟﺘﺠﻨﱢﻲ ،ﻓﻜﺎن ً أﺧﺎ ﻓﺼﺎر ﻋﺒﺪًا، ﱠ ﺧﺎﺻﺔ املﺤﺒﻮب ذﻟﻚ ملﺎ رآه إﻻ ﰲ وﻧﻈريًا ﻓﻌﺎد أﺳريًا ،وﻟﻮ زاد ﰲ ﺑَﻮﺣﻪ ﺷﻴﺌًﺎ إﱃ أن ﻳﻌﻠﻢ اﻟﻄﻴﻒ ،وﻻﻧﻘﻄﻊ اﻟﻘﻠﻴﻞ واﻟﻜﺜري ،وﻟﻌﺎد ذﻟﻚ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺎﻟﴬر. ورﺑﻤﺎ ﻛﺎن ﻣﻦ أﺳﺒﺎب اﻟﻜِﺘﻤﺎن اﻟﺤَ ﻴﺎء اﻟﻐﺎﻟﺐ ﻋﲆ اﻹﻧﺴﺎن ،ورﺑﻤﺎ ﻛﺎن ﻣﻦ أﺳﺒﺎب ً اﻧﺤﺮاﻓﺎ وﺻﺪٍّا ،وﻳﻜﻮن ذا ﻧﻔﺲ أﺑﻴﱠﺔ ،ﻓﻴﺴﺘﱰ ﺑﻤﺎ اﻟﻜﺘﻤﺎن أن ﻳﺮى املﺤﺐ ﻣﻦ ﻣَ ﺤﺒﻮﺑﻪ َ ﻫﻮان ذﻟﻚ ﻋﻠﻴﻪ. ﻳﺠﺪ ﻟﺌﻼ ﻳَﺸﻤﺖ ﺑﻪ ﻋﺪو ،أو ﻳﺮﻳﻬﻢ وﻣَ ﻦ ﻳُﺤﺐ 52 ﺑﺎب اﻹذاﻋﺔ وﻗﺪ ﺗَﻌْ ِﺮض ﰲ اﻟﺤُ ﺐ اﻹذاﻋﺔ ،وﻫﻮ ﻣﻦ ﻣُﻨﻜﺮ ﻣﺎ ﻳﺤﺪُث ﻣﻦ أﻋﺮاﺿﻪ ،وﻟﻬﺎ أﺳﺒﺎب ،ﻣﻨﻬﺎ: أن ﻳُﺮﻳﺪ ﺻﺎﺣﺐُ ﻫﺬا اﻟﻔﻌﻞ أن ﻳﺘﺰﻳﱠﺎ ﺑﺰيﱢ املﺤﺒني ،وﻳﺪﺧﻞ ﰲ ﻋِ ﺪادﻫﻢ ،وﻫﺬه ﺧﻼﻓﺔ ﻻ ﺗُﺮﴇ ،وﺗﺨﻠﻴﺞ ﺑﻐﻴﺾ ،ودﻋﻮى ﰲ اﻟﺤﺐ زاﺋﻔﺔ. ُ ﻏﻠﺒﺔ اﻟﺤﺐ ،وﺗﺴﻮﱡر اﻟﺠﻬﺮ ﻋﲆ اﻟﺤﻴﺎء ،ﻓﻼ ﻳﻤﻠﻚ ورﺑﻤﺎ ﻛﺎن ﻣﻦ أﺳﺒﺎب اﻟ َﻜﺸﻒ ً ﴏﻓﺎ وﻻ ﻋَ ﺪ ًْﻻ .وﻫﺬا ﻣﻦ أﺑﻌﺪ ﻏﺎﻳﺎت اﻟﻌﺸﻖ وأﻗﻮى ﺗﺤ ﱡﻜﻤﻪ ﻋﲆ اﻹﻧﺴﺎن ﺣﻴﻨﺌ ٍﺬ ﻟﻨﻔﺴﻪ اﻟﻌﻘﻞ ،ﺣﺘﻰ ﻳﻤﺜﻞ اﻟﺤﺴﻦ ﰲ ﺗﻤﺜﺎل اﻟﻘﺒﻴﺢ ،واﻟﻘﺒﻴﺢ ﰲ ﻫﻴﺌﺔ اﻟﺤﺴﻦ ،وﻫﻨﺎﻟﻚ ﻳﺮى اﻟﺨري ﴍٍّا ،واﻟﴩ ﺧريًا .وﻛﻢ ﻣﻦ ﻣَ ﺼﻮن اﻟﺴﱰ ،ﻣُﺴﺒﻞ اﻟﻘﻨﺎع ،ﻣَ ﺴﺪول اﻟﻐِ ﻄﺎء ،ﻗﺪ َﻛﺸﻒ اﻟﺤﺐﱡ ْ ﺳﱰه ،وأﺑﺎح ﺣﺮﻳﻤﻪ ،وأﻫﻤﻞ ﺣِ ﻤﺎه! ﻓﺼﺎر ﺑﻌﺪ اﻟﺼﻴﺎﻧﺔ ﻋَ َﻠﻤً ﺎ ،وﺑﻌﺪ اﻟﺴﻜﻮن ً ﻣﺜﻼ، وأﺣﺐﱡ ﳾء إﻟﻴﻪ اﻟﻔﻀﻴﺤﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﻟﻮ ﻣﺜﻞ ﻟﻪ ﻗﺒﻞ اﻟﻴﻮم ﻻﻋﱰاه اﻟﻨﺎﻓﺾ ﻋﻦ ذﻛﺮه ،وﻟﻄﺎﻟﺖ ﻓﺴﻬُ ﻞ ﻣﺎ ﻛﺎن وﻋ ًﺮا ،وﻫﺎن ﻣﺎ ﻛﺎن ﻋﺰﻳ ًﺰاَ ، اﺳﺘﻌﺎذﺗﻪ ﻣﻨﻪَ ، وﻻن ﻣﺎ ﻛﺎن ﺷﺪﻳﺪًا. ﴎوات اﻟﺮﺟﺎل و ِﻋ ْﻠﻴﺔ إﺧﻮاﻧﻲ ﻗﺪ دُﻫِ ﻲ ﺑﻤﺤﺒﱠﺔ ﺟﺎرﻳ ٍﺔ ﻣﻘﺼﻮرة وﻟﻌﻬﺪي ﺑﻔﺘًﻰ ﻣﻦ َ َ ﻫﺎم ﺑﻬﺎ ،وﻗﻄﻌﻪ ﺣُ ﺒﱡﻬﺎ ﻋﻦ ﻛﺜري ﻣﻦ ﻣﺼﺎﻟﺤﻪ ،وﻇﻬﺮت آﻳﺎت ﻫﻮاه ﻟﻜﻞ ذي ﺑﴫ ،إﱃ أن ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻲ ﺗﻌﺬﻟﻪ ﻋﲆ ﻣﺎ ﻇﻬﺮ ﻣﻨﻪ ﻣﻤﺎ ﻳﻘﻮده إﻟﻴﻪ ﻫﻮاه. ﺧﱪ وﺣﺪﱠﺛﻨﻲ ﻣﻮﳻ ﺑﻦ ﻋﺎﺻﻢ ﺑﻦ ﻋﻤﺮو ﻗﺎل :ﻛﻨﺖ ﺑني ﻳﺪي أﺑﻲ اﻟﻔﺘﺢ واﻟﺪي — رﺣﻤﻪ ﷲ — ُ ْ ورﻣﻴﺖ ملﺤﺖ ﻋﻴﻨﻲ ﺟﺎرﻳﺔ ﻛﻨﺖ أﻛ َﻠﻒ ﺑﻬﺎ ،ﻓﻠﻢ أﻣﻠﻚ ﻧﻔﴘ ﺑﻜﺘﺎب أﻛﺘﺒﻪ ،إذ وﻗﺪ أﻣﺮﻧﻲ ٍ ُ وﺑﺎدرت ﻧﺤﻮﻫﺎ ،وﺑُﻬﺖ أﺑﻲ وﻇﻦ أﻧﻪ ﻋ َﺮض ﱄ ﻋﺎرض ،ﺛﻢ راﺟﻌﻨﻲ ﻋﻘﲇ اﻟﻜﺘﺎب ﻋﻦ ﻳﺪي ُ ﻓﻤﺴﺤﺖ وﺟﻬﻲ ﺛﻢ ﻋُ ﺪت واﻋﺘﺬرت ﺑﺄﻧﻪ َﻏﻠﺒﻨﻲ اﻟ ﱡﺮﻋﺎف. ﻃﻮق اﻟﺤﻤﺎﻣﺔ ﰲ اﻷ ُ َ ﻟﻔﺔِ واﻷ ُ ﱠﻻف ُ داﻋﻴﺔ ﻧِﻔﺎر املﺤﺒﻮب ،وﻓﺴﺎد ﰲ اﻟﺘﺪﺑري ،وﺿﻌﻒ ﰲ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ،وﻣﺎ واﻋﻠﻢ أن ﻫﺬا ﳾء ﻣﻦ اﻷﺷﻴﺎء إﻻ وﻟﻠﻤﺄﺧﺬ ﻓﻴﻪ ُﺳﻨﺔ وﻃﺮﻳﻘﺔ ،ﻣﺘﻰ ﺗﻌﺪﱠاﻫﺎ اﻟﻄﺎﻟﺐ أو َﺧ ِﺮق ﰲ ﺳﻠﻮﻛﻬﺎ اﻧﻌﻜﺲ ﻋﻤﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ،وﻛﺎن َﻛﺪﱡه ﻋﻨﺎءً ،وﺗﻌﺒﻪ ﻫﺒﺎءً ،وﺑﺤﺜﻪ وﺑﺎءً ،وﻛﻠﻤﺎ زاد ﻋﻦ وﺟﻪ ﱢ اﻟﺴرية ً ً ً إﻳﻐﺎﻻ ،ازداد ﻋﻦ ﺑﻠﻮغ ﻣﺮاده ﺑُﻌﺪًا .وﰲ ذﻟﻚ إﻏﺮاﻗﺎ ،وﰲ ﻏري اﻟﻄﺮﻳﻖ اﻧﺤﺮاﻓﺎ ،وﰲ ﺗﺠﻨﱡﺒﻬﺎ أﻗﻮل ﻗﻄﻌﺔ ،ﻣﻨﻬﺎ: و ََﻻ ﺗَ ْﺴ َﻊ ﻓِ ﻲ اﻷَﻣْ ِﺮ اﻟ ﺠَ ِﺴ ﻴ ِﻢ ﺗَﻬَ ﺎ ُز ًؤا َ ﺎن ﻣَ ﺘَ ﻰ ﻳَ ِﺮ ْد و ََﻗ ﺎ ِﺑ ْﻞ أ َﻓ ﺎ ِﻧ ﻴ َﻦ اﻟ ﱠﺰﻣَ ِ َﻓﺄ َ ْﺷ َﻜﺎﻟُﻬَ ﺎ ِﻣ ْﻦ ﺣُ ْﺴ ِﻦ َﺳﻌْ ِﻴ َﻚ ﻳَ ْﻜﻔِ َﻚ اﻟـ أ َ َﻟ ْﻢ ﺗُ ﺒْ ِﺼ ِﺮ اﻟ ِﻤ ْ ﺼ ﺒَ ﺎحَ أ َ ﱠو َل و َْﻗ ِﺪ ِه َوإ ِ ْن ﻳَ ﺘَ َ ﺼ ﱠﺮ ْم َﻟ ْﻔ ﺤ ﻪ َو َﻟ ِﻬ ﻴ ﺒُ ﻪ و ََﻻ ﺗَ ْﺴ َﻊ ﺟَ ﻬْ ًﺮا ﻓِ ﻲ اﻟ ﻴَ ِﺴ ﻴ ِﺮ ﺗُ ِﺮﻳ ُﺪ ُه ﻋَ َﻠ ﻴْ َﻚ َﻓ ِﺈ ﱠن اﻟ ﺪ ْﱠﻫ َﺮ ﺟَ ﱞﻢ ُو ُرو ُد ُه ـ ﻴَ ِﺴ ﻴ ﺮ ِﺑ َﻐ ﻴْ ٍﺮ وَاﻟ ﱠﺸ ِﺮﻳ ﺪ َﺷ ِﺮﻳ ﺪ ُه ِوإ ِ ْﺷ ﻌَ ﺎ ِﻟ ِﻪ ِﺑ ﺎﻟ ﻨ ﱠ ْﻔ ِﺦ ﻳُ ْ ﻄ َﻔ ﺎ و َُﻗ ﻮ ُد ُه َﻓ ﻨ َ ْﻔ ُﺨ َﻚ ﻳُ ﺬْ ِﻛ ﻴ ِﻪ َوﺗَ ﺒْ ﺪُو ُﻣ ﺪُو ُد ُه ﺧﱪ وإﻧﻲ ﻷﻋﺮف ﻣﻦ أﻫﻞ ُﻗﺮﻃﺒﺔ ﻣﻦ أﺑﻨﺎء اﻟﻜﺘﺎب وﺟﻠﺔ اﻟﺨﺪَﻣﺔ ﻣﻦ اﺳﻤﻪ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ َﻓﺘْﺢ ،ﻛﻨﺖ ﻃﻼب اﻷدب ،ﻳﺒ ﱡﺰ أﺻﺤﺎﺑﻪ ﰲ اﻻﻧﻘﺒﺎضُ ، أﻋﻬﺪه ﻛﺜري اﻟﺘﺼﺎون ،ﻣﻦ ﺑُﻐﺎة اﻟﻌﻠﻢ و ُ وﻳﻔﻮﺗﻬﻢ ﱠ ﻣﺮﴇ ،ﻣﺤﻤﻮد املﺬاﻫﺐ، ﰲ اﻟﺪﱠﻋﺔ ،ﻻ ﻳﻨﻈﺮ إﻻ ﰲ ﺣَ ْﻠﻘﺔ ﻓﻀﻞ ،وﻻ ﻳُﺮى إﻻ ﰲ ﻣﺤﻔﻞ ﺟﻤﻴﻞ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ،ﺑﺎﺋﻨًﺎ ﺑﻨﻔﺴﻪ ذاﻫﺒًﺎ ﺑﻬﺎ ،ﺛﻢ أﺑﻌﺪت اﻷﻗﺪا ُر داري ﻣﻦ داره ،ﻓﺄول ﺧﱪ ﻃﺮأ ﻋﲇ ﱠ ﺑﻌﺪ ﻧﺰوﱄ ﺷﺎﻃﺒﺔ أﻧﻪ ﺧ َﻠﻊ ﻋﺬاره ﰲ ﺣُ ﺐ ﻓﺘًﻰ ﻣﻦ أﺑﻨﺎء اﻟﻔﺘﱠﺎﻧني ﻳُﺴﻤﱠ ﻰ إﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ؛ أﻋﺮﻓﻪ ،ﻻ ﺗﺴﺘﺄﻫﻞ ﺻﻔﺎﺗﻪ ﻣﺤﺒﺔ ﻣَ ﻦ ﺑﻴﺘُﻪ ﺧري وﺗﻘﺪﱡم ،وأﻣﻮال ﻋﺮﻳﻀﺔ ،ووﻓﺮ ﺗﺎﻟِﺪ، وﺻﺢ ﻋﻨﺪي أﻧﻪ َﻛﺸﻒ رأﺳﻪ ،وأﺑﺪى وﺟﻬﻪ ،و َرﻣَ ﻰ َر َﺳﻨﻪ ،وﺣَ ﴪ ﻣُﺤﻴﱠﺎهَ ، وﺷﻤﱠ ﺮ ﻋﻦ ﻟﻠﺴﻤﺎر ،وﻣ َ ﺻﻤْ ﺪ اﻟﺸﻬﻮة ،ﻓﺼﺎر ﺣﺪﻳﺜًﺎ ﱡ ذراﻋﻴﻪ ،وﺻﻤَ ﺪ َ ُﺪاﻓﻌً ﺎ ﺑني ﻧﻘﻠﺔ اﻷﺧﺒﺎر ،وﺗُﻬﻮدي ً راﺣﻠﺔ ﺑﺎﻟﺘﻌﺠﺐ ،وﻟﻢ ﻳﺤﺼﻞ ﻣﻦ ذﻟﻚ إﻻ ﻋﲆ ذِ ﻛﺮه ﰲ اﻷﻗﻄﺎر ،وﺟﺮت ﻧﻘﻠﺘﻪ ﰲ اﻷرض وﻓﺘْﺢ اﻷﺣﺪوﺛﺔُ ، ﻛﺸﻒ اﻟﻐﻄﺎء ،وإذاﻋﺔ اﻟﴪ ،وﺷﻨﻌﺔ اﻟﺤﺪﻳﺚَ ، وﴍُود ﻣﺤﺒﻮﺑﻪ ﻋﻨﻪ ﺟﻤﻠﺔ، واﻟﺘﱠﺤﻈري ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ رؤﻳﺘﻪ اﻟﺒﺘﺔ. ٍ رﺣﺐ ﻋﻨﻪ ،وﻟﻮ ﻃﻮى ﻣﻜﻨﻮن ﴎه وأﺧﻔﻰ وﻣﻌﺰل وﺑﻤﻨﺪوﺣﺔ وﻛﺎن ﻏﻨﻴٍّﺎ ﻋﻦ ذﻟﻚ ٍ ٍ ﺑﻠﻴﱠﺎت ﺿﻤريه ﻻﺳﺘﺪام ﻟﺒﺎس اﻟﻌﺎﻓﻴﺔ ،وﻟﻢ ﻳُﻨﻬﺞ ﺑُﺮد اﻟﺼﻴﺎﻧﺔ ،وﻟﻜﺎن ﻟﻪ ﰲ ﻟِﻘﺎء ﻣﻦ ﺑُﲇ ﻛﺎف ،ﱠ ﺑﻪ وﻣﺤﺎدﺛﺘﻪ وﻣﺠﺎﻟﺴﺘﻪ أﻣ ٌﻞ ﻣﻦ اﻵﻣﺎل ،وﺗﻌ ﱡﻠ ٌﻞ ٍ وإن ﺣَ ﺒﻞ اﻟﻌﺬر ﻟﻴﻘﻄﻊ ﺑﻪ ،واﻟﺤُ ﺠﺔ ﻋﻠﻴﻪ ﻗﺎﺋﻤﺔ ،إﻻ أن ﻳﻜﻮن ﻣُﺨﺘﻠ ً ﻄﺎ ﰲ ﺗﻤﻴﻴﺰه ،أو ﻣﺼﺎﺑًﺎ ﰲ ﻋﻘﻠﻪ ﺑﺠﻠﻴﻞ ﻣﺎ ﻓﺪﺣﻪ ،ﻓﺮﺑﻤﺎ آل 54 ﺑﺎب اﻹذاﻋﺔ ذﻟﻚ ﻟﻌﺬر ﺻﺤﻴﺢ ،وأﻣﺎ إن ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻪ ﺑﻘﻴﺔ ﻣﻦ ﻋﻘﻞ أو ﺛﺒﺘﺖ ﻣُﺴﻜﻪ ،ﻓﻬﻮ ﻇﺎﻟﻢ ﰲ ﺗﻌ ﱡﺮﺿﻪ ﻣﺎ ﻳﻌﻠﻢ أن ﻣﺤﺒﻮﺑﻪ ﻳﻜﺮﻫﻪ وﻳﺘﺄذﱠى ﺑﻪ. ﻣﻔﴪا ﰲ ﺑﺎب اﻟﻄﺎﻋﺔ إن ﺷﺎء ﷲ ﺗﻌﺎﱃ. ﻫﺬا ﻏري ﺻﻔﺔ أﻫﻞ اﻟﺤﺐ ،وﺳﻴﺄﺗﻲ ﻫﺬا ً وﻣﻦ أﺳﺒﺎب اﻟﻜﺸﻒ وﺟﻪ ﺛﺎﻟﺚ وﻫﻮ ﻋﻨﺪ أﻫﻞ اﻟﻌﻘﻮل وﺟﻪ ﻣﺮذول وﻓﻌﻞ ﺳﺎﻗﻂ؛ وذﻟﻚ أن ﻳﺮى ا ُملﺤﺐ ِﻣﻦ ﻣﺤﺒﻮﺑﻪ ﻏﺪ ًرا أو ً َ ً ﻃﺮﻳﻖ اﻻﻧﺘﺼﺎف ﻣﻨﻪ إﻻ ﺑﻤﺎ ﴐره ﻋﻠﻴﻪ أﻋﻮد ﻣﻨﻪ ﻋﲆ املﻘﺼﻮد ﻛﺮاﻫﺔ ،ﻓﻼ ﻳﺠﺪ ﻣﻠﻼ أو ﻣﻦ اﻟﻜﺸﻒ واﻻﺷﺘﻬﺎر .وﻫﺬا أﺷ ﱡﺪ اﻟﻌﺎر وأﻗﺒﺢ اﻟﺸﻨﺎر ،وأﻗﻮى ﺑﺸﻮاﻫﺪ ﻋﺪم اﻟﻌﻘﻞ ووﺟﻮد اﻟﺴﺨﻒ .ورﺑﻤﺎ ﻛﺎن اﻟﻜﺸﻒ ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺚ ﻳَﻨﺘﴩ وأﻗﺎوﻳﻞ ﺗﻔﺸﻮ ﺗﻮاﻓﻖ ﻗﻠﺔ ﻣﺒﺎﻻ ٍة ﻣﻦ املﺤﺐ ً ورﴇ ﺑﻈﻬﻮر ﴎه؛ إﻣﺎ ﻹﻋﺠﺎب أو ﻻﺳﺘﻈﻬﺎر ﻋﲆ ﺑﻌﺾ ﻣﺎ ﻳُﺆﻣﱢ ﻠﻪ .وﻗﺪ رأﻳﺖ ﺑﺬﻟﻚ، ﻫﺬا اﻟﻔﻌﻞ ﻟﺒﻌﺾ إﺧﻮاﻧﻲ ﻣﻦ أﺑﻨﺎء اﻟﻘﻮﱠاد ،وﻗﺮأت ﰲ ﺑﻌﺾ أﺧﺒﺎر اﻷﻋﺮاب أن ﻧﺴﺎءﻫﻢ ﻻ ﻳﻘﻨﻌﻦ وﻻ ﻳﺼﺪﻗﻦ ﻋﺸﻖ ﻋﺎﺷﻖ ﻟﻬﻦ ﺣﺘﻰ ﻳُﺸﺘﻬﺮ وﻳﻜﺸﻒ ﺣُ ﺒﻪ وﻳﺠﺎﻫﺮ وﻳﻌﻠﻦ وﻳﻨﻮﱢه ﺑﺬﻛﺮﻫﻦ .وﻻ أدري ﻣﺎ ﻣﻌﻨﻰ ﻫﺬا ،ﻋﲆ أﻧﻪ ﻳُﺬﻛﺮ ﻋﻨﻬﻦ اﻟﻌﻔﺎف ،وأي ﻋﻔﺎف ﻣﻊ اﻣﺮأة أﻗﴡ ﻣُﻨﺎﻫﺎ وﴎورﻫﺎ اﻟﺸﻬﺮة ﰲ ﻫﺬا املﻌﻨﻰ؟! 55 ﺑﺎب اﻟﻄﺎﻋﺔ ُ ُ ﻗﴪا إﱃ ﻃﺒﺎع ﻣﻦ ﻃﺎﻋﺔ املﺤﺐ ملﺤﺒﻮﺑﻪ، وﻣﻦ ﻋﺠﻴﺐ ﻣﺎ ﻳَﻘﻊ ﰲ اﻟﺤُ ﺐ وﴏﻓﻪ ﻃﺒﺎﻋَ ﻪ ً ﴍ َس ُ اﻟﺨﻠُﻖ ،ﺻﻌﺐ اﻟﺸﻜﻴﻤﺔ ،ﺟﻤﻮح اﻟﻘﻴﺎد ،ﻣﺎﴈ اﻟﻌﺰﻳﻤﺔ، ﻳُﺤﺒﻪ ،ورﺑﻤﺎ ﻳﻜﻮن املﺮء َ ِ أﺑﻲ َ اﻟﺨﺴﻒ ،ﻓﻤﺎ ﻫﻮ إﻻ أن ﻳﺘﻨﺴﻢ ﻧﺴﻴ َﻢ اﻟﺤﺐ ،وﻳﺘﻮ ﱠرط ﻏﻤﺮه ،وﻳﻌﻮم ﰲ ﺣﻤﻲ اﻷﻧﻒ ،ﱠ ﱠ ً ً ﻛﻼﻟﺔ ،واﻟﺤﻤﻴﺔ اﺳﺘﺴﻼﻣً ﺎ .وﰲ ﺳﻬﻠﺔ ،واملﻀﺎء ﺑﺤﺮه ،ﻓﺘﻌﻮد اﻟﴩاﺳﺔ ﻟِﻴﺎﻧًﺎ ،واﻟﺼﻌﻮﺑﺔ ً ﻗﻄﻌﺔ ،ﻣﻨﻬﺎ: ذﻟﻚ أﻗﻮل َﻓ ﻬَ ْﻞ ِﻟ ْﻠ ِﻮ َ ﺎل إ ِ َﻟ ﻴْ ﻨ َ ﺎ ﻣَ ﻌَ ﺎد ﺻ ِ ﺻﺒَﺢَ اﻟ ﱠﺴﻴْ ُ َﻓ َﻘ ْﺪ أ َ ْ ﻒ ﻋَ ﺒْ َﺪ اﻟ َﻘ ِﻀﻴ ِﺐ و ََﻫ ْﻞ ِﻟ ﺘَ َ ﺼ ِﺎرﻳ ِﻒ ذَا اﻟ ﺪ ْﱠﻫ ِﺮ ﺣَ ﺪ َ وَأ َ ْ ﺿ ﺤَ ﻰ اﻟ َﻐ َﺰا ُل اﻷ َ ِﺳ ﻴ ُﺮ أ َﺳ ﺪ وأﻗﻮل ﺷﻌ ًﺮا ،ﻣﻨﻪ: َوإِﻧ ﱢﻲ َوإ ِ ْن ﺗَﻌْ ِﺘﺐْ َﻷ َ ْﻫ َﻮ ُن َﻫﺎ ِﻟﻚٍ ﻋَ َﻠﻰ أ َ ﱠن َﻗﺘْ ِﻠﻲ ﻓِ ﻲ َﻫﻮَا َك َﻟﺬَاذَ ٌة َﻛﺬَا ِﺋ ِﺐ ﻧ ُ ْﻘ ٍﺮ َز ﱠل ِﻣ ْﻦ ﻳَ ِﺪ ﺟﻬﺒ ِﺬ َﻓ ﻴَ ﺎ ﻋَ ﺠَ ﺒً ﺎ ِﻣ ْﻦ َﻫ ﺎ ِﻟ ﻚٍ ُﻣ ﺘَ َﻠ ﺬﱢذِ وﻣﻨﻬﺎ: و َﻟ ْﻮ أَﺑْ َ ﺼ َﺮ ْت أَﻧ ْﻮا َر وﺟﻬﻚ َﻓ ِﺎر ٌس َﻷ َ ْﻏ ﻨ َ ُ ﺎﻫ ُﻢ ﻋَ ْﻦ ﻫ ﺮﻣ ﺰان وﻣَ ﻮﺑ ﺬ ً ﻛﺎرﻫﺎ ﻹﻇﻬﺎر اﻟﺸﻜﻮى ،ﻣﺘﱪﻣً ﺎ ﺑﺴﻤﺎع اﻟﻮَﺟﺪ؛ ﻓﱰى ا ُملﺤﺐ ورﺑﻤﺎ ﻛﺎن املﺤﺒﻮب وﻳﻜﻈﻢ أﺳﻔﻪ ،وﻳَﻨﻄﻮي ﻋﲆ ﻋ ﱠﻠﺘﻪ ،وإن اﻟﺤﺒﻴﺐ ﻣ ﱟ ِ ُﺘﺠﻦ ،ﻓﻌﻨﺪﻫﺎ ﻳﻘﻊ ﺣﻴﻨﺌ ٍﺬ ﻳﻜﺘُﻢ ﺣﺰﻧﻪ، اﻻﻋﺘﺬار ﻋﻦ ﻛﻞ ذﻧﺐ واﻹﻗﺮار ﺑﺎﻟﺠﺮﻳﻤﺔ واملﺮء ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺮيء؛ ﺗﺴﻠﻴﻤً ﺎ ﻟﻘﻮﻟﻪ ،وﺗﺮ ًﻛﺎ ملﺨﺎﻟﻔﺘﻪ. ﻃﻮق اﻟﺤﻤﺎﻣﺔ ﰲ اﻷ ُ َ ﻟﻔﺔِ واﻷ ُ ﱠﻻف وإﻧﻲ ﻷﻋﺮف ﻣﻦ دُﻫﻲ ﺑﻤﺜﻞ ﻫﺬا ﻓﻤﺎ ﻛﺎن ﻳﻨﻔ ﱡﻚ ﻣﻦ ﺗﻮﺟﻴﻪ اﻟﺬﻧﻮب ﻧﺤﻮه وﻻ ذﻧﺐ ﻟﻪ، وإﻳﻘﺎع اﻟﻌﺘﺎب ﻋﻠﻴﻪ واﻟﺴﺨﻂ وﻫﻮ ﻧﻘﻲ اﻟﺠﻠﺪ. وأﻗﻮل ﺷﻌ ًﺮا إﱃ ﺑﻌﺾ إﺧﻮاﻧﻲ وﻳﻘﺮب ﻣﻤﺎ ﻧﺤﻦ ﻓﻴﻪ وإن ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻨﻪ: ان ﻋَ ْﻦ ُﻗ ْﺮ ِﺑ ِﻪ ﺳ ﺨ ُ ﻂ َانَ ،و ِﻟ ْﻠ ﻬُ ﺠْ َﺮ ِ ﺗَ ﺪ ٍ ﻋَ َﻠﻰ أَﻧ ﱠ ُﻪ َﻗ ْﺪ ﻋِ ﻴﺐَ ﻓِ ﻲ اﻟ ﱠﺸﻌَ ِﺮ اﻟﻮ َْﺧ ُ ﻂ و ََﻗ ْﺪ ﻳﺤﺴ ُﻦ اﻟﺨِ ﻴ َﻼ ُن ﻓِ ﻲ اﻟﻮَﺟْ ِﻪ وَاﻟﻨ ﱠ ْﻘ ُ ﻂ ﻃ ْﺖ ﻳَ ﻮْﻣً ﺎ و ََﻫ ْﻞ ﻳُ ﺤْ ﻤَ ُﺪ اﻟ َﻔ ْﺮ ُ إِذَا أ َ ْﻓ َﺮ َ ط و ََﻗ ْﺪ ُﻛ ﻨ ْ َﺖ ﺗَ ْﻠ َﻘ ﺎ ِﻧ ﻲ ِﺑ ﻮَﺟْ ٍﻪ ِﻟ ُﻘ ْﺮ ِﺑ ﻪ وَﻣَ ﺎ ﺗَ ْﻜ َﺮ ُه اﻟ ﻌ ﺘ ﺐَ اﻟ ﻴَ ِﺴ ﻴ َﺮ َﺳ ِﺠ ﻴﱠ ِﺘ ﻲ َﻓ َﻘ ْﺪ ﻳُﺘْﻌِ ﺐُ ا ِﻹﻧ ْ َﺴﺎ ُن ﻓِ ﻲ اﻟﻔِ ْﻜ ِﺮ ﻧ َ ْﻔ َﺴﻪ ﺗَ ِﺰﻳ ُﻦ إِذَا َﻗ ﱠﻠ ْﺖ وﻳَ ﻔ ﺤُ ُﺶ أَﻣْ ُﺮﻫ ﺎ وﻣﻨﻪ: أَﻋِ ﻨ ْ ُﻪ َﻓ َﻘ ْﺪ أ َ ْ ﺿ ﺤَ ﻰ ِﻟ َﻔ ْﺮ ِط ُﻫ ُﻤ ﻮ ِﻣ ِﻪ ﺎس وَاﻟﺤِ ﺒْ ُﺮ وَاﻟ َﺨ ﱡ ﻳُﺒَ ﱠﻜﻰ ﻟﻪ اﻟﻘِ ْﺮ َ ﻃ ُ ﻂ ﱠ ﻳﻘﻮﻟﻦ ﻗﺎﺋﻞ إن ﺻﱪ املﺤﺐ ﻋﲆ ذ ﱠﻟﺔ املﺤﺒﻮب دَﻧﺎء ٌة ﰲ اﻟﻨﻔﺲ؛ ﻓﻘﺪ أﺧﻄﺄ ،وﻗﺪ وﻻ ﻋﻠﻤﻨﺎ أن املﺤﺒﻮب ﻟﻴﺲ ﻛﻔﻮًا وﻻ ﻧﻈريًا ﻓﻴُﻘﺎرض ﺑﺄذاه ،وﻟﻴﺲ ﺳﺒﱡﻪ وﺟﻔﺎه ﻣﻤﺎ ﻳ ﱠ ُﻌري ﺑﻪ اﻹﻧﺴﺎن وﻳﺒﻘﻰ ذﻛﺮه ﻋﲆ اﻷﺣﻘﺎب ،وﻻ ﻳﻘﻊ ذﻟﻚ ﰲ ﻣﺠﺎﻟﺲ اﻟﺨﻠﻔﺎء وﻻ ﰲ ﻣﻘﺎﻋﺪ اﻟﺮؤﺳﺎء ﻓﻴﻜﻮن اﻟﺼﱪُ ﺟﺎ ٍّرا ﻟﻠﻤﺬﻟﺔ ،وﴐاﻋﺔ ﻗﺎﺋﺪة ﻟﻼﺳﺘﻬﺎﻧﺔ؛ ﻓﻘﺪ ﺗﺮى اﻹﻧﺴﺎن ﻻ ﻳﻜ َﻠﻒ ﺑﺄَﻣَ ﺘﻪ اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻠﻚ رﻗﻬﺎ ،وﻻ ﻳﺤﻮل ﺣﺎﺋﻞ ﺑﻴﻨﻪ وﺑني اﻟﺘﻌﺪي ﻋﻠﻴﻬﺎ ،ﻓﻜﻴﻒ اﻻﻧﺘﺼﺎ ُر ﻣﻨﻬﺎ؟ وﺳﺒﻞ اﻻﻣﺘﻌﺎض ﻣﻦ اﻟﺴﺐﱢ ﻏري ﻫﺬه ،إﻧﻤﺎ ذﻟﻚ ﺑني ﻋِ ْﻠﻴﺔ اﻟﺮﺟﺎل اﻟﺬﻳﻦ ﺗﺤﺼﻞ أﻧﻔﺎﺳﻬﻢ وﺗﺘﺒﻊ ﻣﻌﺎﻧﻲ ﻛﻼﻣﻬﻢ ﻓﺘﻮﺟﻪ ﻟﻬﺎ اﻟﻮﺟﻮه اﻟﺒﻌﻴﺪة ،ﻷﻧﻬﻢ ﻻ ﻳُﻮﻗﻌﻮﻧﻬﺎ ﺳﺪًى ،وﻻ ﻳُﻠﻘﻮﻧﻬﺎ ً ﻫﻤﻼ. وأﻣﺎ املﺤﺒﻮب ﻓﺼﻤﺪة ﺛﺎﺑﺘﺔ ،وﻗﻀﻴﺐ ﻣُﻨﺂد ،ﻳﺠﻔﻮ وﻳﺮﴇ ﻣﺘﻰ ﺷﺎء ﻻ ملﻌﻨًﻰ .وﰲ ذﻟﻚ أﻗﻮل: َﻓﺎﻟﺤُ ﺐﱡ ﻓِ ﻴ ِﻪ ﻳَﺨ َﻀ ُﻊ اﻟ ُﻤ ْﺴﺘَ ْﻜ ِﺒ ُﺮ َﻗ ْﺪ ذَ ﱠل ﻓِ ﻴﻬَ ﺎ َﻗﺒْ ِﻠ َﻲ اﻟ ُﻤ ْﺴﺘَﺒْ ِﺼ ُﺮ َﻓ ﻴَ ُﻜ َ ﺻ ﺒْ ُﺮ َك ذِ ﱠﻟ ًﺔ إِذْ ﺗَ ْ ﻮن َ ﺼ ِﺒ ُﺮ َﻫ ْﻞ َﻗ ْ ﻄﻌُ ﻬَ ﺎ ِﻣﻨ ْ َﻚ اﻧ ْ ِﺘ َ ﺼﺎ ٌر ﻳُﺬْ َﻛ ُﺮ َﻟﻴْ َﺲ اﻟﺘﱠﺬَ ﱡﻟ ُﻞ ﻓِ ﻲ اﻟﻬَ ﻮَى ﻳُ ْﺴﺘَﻨ ْ َﻜ ُﺮ َﻻ ﺗَﻌْ ﺠَ ﺒُﻮا ِﻣ ْﻦ ذِ ﱠﻟ ِﺘﻲ ﻓِ ﻲ ﺣَ ﺎ َﻟ ٍﺔ َﻟﻴْ َﺲ اﻟﺤَ ِﺒﻴﺐُ ُﻣﻤَ ﺎﺛ ًﻼ وُﻣ َﻜﺎﻓِ ﻴًﺎ ﺗُ ﱠﻔ ﺎﺣَ ٌﺔ و ََﻗ ﻌَ ْﺖ َﻓ ﺂ َﻟ َﻢ و َْﻗ ﻌُ ﻬَ ﺎ 58 ﺑﺎب اﻟﻄﺎﻋﺔ ﺧﱪ وﺣﺪﺛﻨﻲ أﺑﻮ دﻟﻒ اﻟﻮ ﱠراق ﻋﻦ ﻣَ ﺴﻠﻤﺔ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ اﻟﻔﻴﻠﺴﻮف املﻌﺮوف ﺑﺎ َملﺮﺟﻴﻄﻲ أﻧﻪ ﻗﺎل ﺑﴩﻗﻲ ﻣﻘﱪة ﻗﺮﻳﺶ ﺑﻘﺮﻃﺒﺔ املﻮازي ﻟﺪار اﻟﻮزﻳﺮ اﺑﻦ ﻋﻤﺮو أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﰲ املﺴﺠﺪ اﻟﺬي ﱢ ً ﻣﺮﻳﻀﺎ أﻳﺎم ﺣﺪاﺛﺘﻪ ﻣﺤﻤﺪ ﺟﺪﻳﺮ — رﺣﻤﻪ ﷲ :ﰲ ﻫﺬا املﺴﺠﺪ ﻛﺎن ﻣﻘﺪم ﺑﻦ اﻷﺻﻔﺮ ﻟﻌﺸﻖ ﺑﻌﺠﻴﺐ ،ﻓﺘﻰ اﻟﻮزﻳﺮ أﺑﻲ ﻋﻤﺮو املﺬﻛﻮر ،وﻛﺎن ﻳﱰك اﻟﺼﻼة ﰲ ﻣﺴﺠﺪ ﻣﴪور — وﺑﻬﺎ ﻛﺎن ﺳﻜﻨﺎه — وﻳﻘﺼﺪ ﰲ اﻟﻠﻴﻞ واﻟﻨﻬﺎر إﱃ ﻫﺬا املﺴﺠﺪ ﺑﺴﺒﺐ ﻋﺠﻴﺐ ،ﺣﺘﻰ أﺧﺬه اﻟﺤﺮس ﻏري ﻣﺎ ﻣ ﱠﺮة ﰲ اﻟﻠﻴﻞ ﰲ ﺣني اﻧﴫاﻓﻪ ﻋﻦ ﺻﻼة اﻟﻌﺸﺎء اﻵﺧﺮة ،وﻛﺎن ﻳﻘﻌﺪ وﻳﻨﻈﺮ ﻣﻨﻪ إﱃ أن ﻛﺎن اﻟﻔﺘﻰ ﻳﻐﻀﺐ وﻳﻀﺠﺮ وﻳﻘﻮم إﻟﻴﻪ ﻓﻴُﻮﺟﻌﻪ ﴐﺑًﺎ ،وﻳﻠﻄﻢ ﺧﺪﱠﻳﻪ ُﴪ ﺑﺬﻟﻚ وﻳﻘﻮل :ﻫﺬا وﷲ أﻗﴡ أﻣﻨﻴﺘﻲ ،واﻵن َﻗ ﱠﺮت ﻋﻴﻨﻲ .وﻛﺎن ﻋﲆ ﻫﺬا وﻋﻴﻨﻴﻪ ،ﻓﻴ ﱡ زﻣﺎﻧًﺎ ﻳﻤﺎﺷﻴﻪ. ﻗﺎل أﺑﻮ دﻟﻒ :وﻟﻘﺪ ﺣﺪﱠﺛﻨﺎ ﻣُﺴﻠﻢ ﺑﻬﺬا اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻏري ﻣﺮة ﺑﺤﴬة ﻋﺠﻴﺐ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎن ﻳَﺮى ﻣﻦ وﺟﺎﻫﺔ ﻣﻘﺪم ﺑﻦ اﻷﺻﻔﺮ وﻋﺮض ﺟﺎﻫﻪ وﻋﺎﻓﻴﺘﻪ ،ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺣﺎل ﻣﻘﺪم ﺑﻦ اﻷﺻﻔﺮ ً اﺧﺘﺼﺎﺻﺎ ﺷﺪﻳﺪًا واﺗﺼﻞ ﺑﻮاﻟﺪﺗﻪ وأﻫﻠﻪ، ﻫﺬا ﻗﺪ ﺟﻠﺖ ﺟﺪٍّا واﺧﺘﺺ ﺑﺎملﻈﻔﺮ ﺑﻦ أﺑﻲ ﻋﺎﻣﺮ وﺟﺮى ﻋﲆ ﻳﺪﻳﻪ ﻣﻦ ﺑﻨﻴﺎن املﺴﺎﺟﺪ واﻟﺴﻘﺎﻳﺎت وﺗﺴﻬﻴﻞ وﺟﻮه اﻟﺨري ﻏريُ ﻗﻠﻴﻞ ،ﻣﻊ ﺗﴫﱡﻓﻪ ﰲ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺘﴫف ﻓﻴﻪ أﺻﺤﺎب اﻟﺴﻠﻄﺎن ﻣﻦ اﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺑﺎﻟﻨﺎس وﻏري ذﻟﻚ. ﺧﱪ وأﺷﻨﻊ ﻣﻦ ﻫﺬا أﻧﻪ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﺴﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﻣُﻨﺬر ﺑﻦ ﺳﻌﻴﺪ — ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺼﻼة ﰲ ﺟﺎﻣﻊ ﻗﺮﻃﺒﺔ ٌ ﺟﺎرﻳﺔ ﻳﺤﺒﻬﺎ ﺣﺒٍّﺎ ﺷﺪﻳﺪًا ،ﻓﻌﺮض ﻋﻠﻴﻬﺎ أن ﻳُﻌﺘﻘﻬﺎ أﻳﺎم ﺣﻜﻢ املﺴﺘﻨﴫ ﺑﺎهلل رﺣﻤﻪ ﷲ — َ وﻳﺘﺰوﺟﻬﺎ ،ﻓﻘﺎﻟﺖ ﻟﻪ ﺳﺎﺧﺮ ًة ﺑﻪ ،وﻛﺎن ﻋﻈﻴﻢ اﻟﻠﺤﻴﺔ :إن ﻟﺤﻴﺘﻚ أﺳﺘﺒﺸ ُﻊ ﻋِ َ ﻈﻤﻬﺎ؛ ﻓﺈن ﺣﺬﻓﺖ ﻣﻨﻬﺎ ﻛﺎن ﻣﺎ ﺗَﺮﻏﺒﻪ .ﻓﺄﻋﻤﻞ اﻟﺠﻤﻠني ﻓﻴﻬﺎ ﺣﺘﻰ َﻟ ُ ﻄﻔﺖ ،ﺛﻢ دﻋﺎ ﺑﺠﻤﺎﻋﺔ ﺷﻬﻮد وأﺷﻬﺪﻫﻢ ﻋﲆ ﻋﺘﻘﻬﺎ ،ﺛﻢ َﺧﻄﺒﻬﺎ إﱃ ﻧﻔﺴﻪ ﻓﻠﻢ َ ﺗﺮض ﺑﻪ .وﻛﺎن ﰲ ﺟﻤﻠﺔ ﻣﻦ ﺣﴬ أﺧﻮه اﻋﺮ ْ ض ﻋﻠﻴﻬﺎ أﻧﻲ أﺧﻄﺒﻬﺎ أﻧﺎ .ﻓﻔﻌﻞ ،ﻓﺄﺟﺎﺑﺖ إﻟﻴﻪ، ﺣﻜﻢ ﺑﻦ ﻣﻨﺬر ،ﻓﻘﺎل ملﻦ ﺣﴬِ : ﻓﺘﺰوﺟﻬﺎ ﰲ ذﻟﻚ املﺠﻠﺲ ﺑﻌﻴﻨﻪ ورﴈ ﺑﻬﺬا اﻟﻌﺎر اﻟﻔﺎدح ﻋﲆ ورﻋﻪ وﻧُﺴﻜﻪ واﺟﺘﻬﺎده. ﻓﺄﻧﺎ أدرﻛﺖ ﺳﻌﻴﺪًا ﻫﺬا وﻗﺪ َﻗﺘﻠﻪ اﻟﱪﺑﺮ ﻳﻮم دﺧﻮﻟﻬﻢ ﻗﺮﻃﺒﺔ ﻋَ ﻨﻮ ًة واﻧﺘﻬﺎﺑﻬﻢ إﻳﺎﻫﺎ، وﺣﻜﻢ املﺬﻛﻮر أﺧﻮه ﻫﻮ رأس املﻌﺘﺰﻟﺔ ﺑﺎﻷﻧﺪﻟﺲ وﻛﺒريﻫﻢ وأﺳﺘﺎذﻫﻢ وﻣﺘﻜﻠﻤﻬﻢ وﻧﺎﺳﻜﻬﻢ، وﻫﻮ ﻣﻊ ذﻟﻚ ﺷﺎﻋﺮ ﻃﻴﺐ وﻓﻘﻴﻪ ،وﻛﺎن أﺧﻮه ﻋﺒﺪ املﻠﻚ ﺑﻦ ﻣُﻨﺬر ﻣﺘﻬﻤً ﺎ ﺑﻬﺬا املﺬﻫﺐ ً أﻳﻀﺎ، 59 ﻃﻮق اﻟﺤﻤﺎﻣﺔ ﰲ اﻷ ُ َ ﻟﻔﺔِ واﻷ ُ ﱠﻻف و َِﱄ َ ُﺧﻄﺒﺔ اﻟﺮد أﻳﺎم اﻟﺤﻜﻢ — رﴈ ﷲ ﻋﻨﻪ — وﻫﻮ اﻟﺬي َ ﺻﻠﺒﻪ املﻨﺼﻮر ﺑﻦ أﺑﻲ ﻋﺎﻣﺮ ﴎا ﻟﻌﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ إذ اﺗﻬﻤﻪ ﻫﻮ وﺟﻤﺎﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻔﻘﻬﺎء واﻟﻘﻀﺎة ﺑﻘﺮﻃﺒﺔ أﻧﻬﻢ ﻳُﺒﺎﻳﻌﻮن ٍّ ﻋﺒﻴﺪ ﷲ اﺑﻦ أﻣري املﺆﻣﻨني اﻟﻨﺎﴏ — رﴈ ﷲ ﻋﻨﻬﻢ — ُ ﻓﻘﺘﻞ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦُ ، وﺻﻠﺐ ﻋﺒﺪ املﻠﻚ ﺑﻦ ﻣﻨﺬر ،وﺑُﺪﱢد ﺷﻤﻞ ﺟﻤﻴﻊ ﻣﻦ اﺗﱡﻬﻢ .وﻛﺎن أﺑﻮﻫﻢ ﻗﺎﴈ اﻟﻘﻀﺎة ﻣﻨﺬر ﺑﻦ ﺳﻌﻴﺪ ﻣﺘﻬﻤً ﺎ ﺑﻤﺬﻫﺐ اﻻﻋﺘﺰال ً أﻳﻀﺎ ،وﻛﺎن أﺧﻄﺐ اﻟﻨﺎس وأﻋﻠﻤﻬﻢ ﺑﻜﻞ ﻓﻦ ،وأورﻋﻬﻢ ،وأﻛﺜﺮﻫﻢ ﻫﺰﻻ ود ً ً ُﻋﺎﺑﺔ .وﺣَ َﻜﻢ املﺬﻛﻮر ﰲ اﻟﺤﻴﺎة ﰲ ﺣني ﻛﺘﺎﺑﺘﻲ إﻟﻴﻚ ﺑﻬﺬه اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﻗﺪ ُﻛﻒ ﺑﴫه ﱠ وأﺳﻦ ﺟﺪٍّا. ﺧﱪ وﻣﻦ ﻋﺠﻴﺐ ﻃﺎﻋﺔ ا ُملﺤﺐ ملﺤﺒﻮﺑﻪ أﻧﻲ أﻋﺮف ﻣَ ﻦ ﻛﺎن َﺳ ِﻬﺮ اﻟﻠﻴﺎﱄ َ اﻟﻜﺜرية ،وﻟﻘﻲ اﻟﺠﻬﺪ اﻟﺠﺎﻫِ ﺪ ،ﻓﻘﻄﻌﺖ ﻗﻠﺒَﻪ ﴐوبُ اﻟﻮَﺟْ ﺪ ،ﺛﻢ ﻇﻔﺮ ِﺑﻤﻦ ﻳُﺤﺐ وﻟﻴﺲ ﺑﻪ اﻣﺘﻨﺎع وﻻ ﻋﻨﺪه دﻓﻊ، ﺗﻌﻔﻔﺎ وﻻ ﺗﺨﻮ ًﱡﻓﺎ ،ﻟﻜﻦ ﱡ ً ﻓﺤني رأى ﻣﻨﻪ َ ﺗﻮﻗ ًﻔﺎ ﺑﻌﺾ اﻟﻜﺮاﻫﺔ ملﺎ ﻧَﻮاه ﺗﺮﻛﻪ واﻧﴫف ﻋﻨﻪ ،ﻻ ﻋﻨﺪ ﻣُﻮاﻓﻘﺘﻪ رﺿﺎه ،وﻟﻢ ﻳﺠﺪ ﻣﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﻣُﻌﻴﻨًﺎ ﻋﲆ إﺗﻴﺎن ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳَ َﺮ ﻟﻪ إﻟﻴﻪ ﻧﺸﺎ ً ﻃﺎ وﻫﻮ ﻳَﺠﺪ ﻣﺎ ﻳﺠﺪ .وإﻧﻲ ﻷﻋﺮف ﻣﻦ ﻓﻌﻞ ﻫﺬا اﻟﻔﻌﻞ ﺛﻢ ﺗﻨﺪﱠم ﻟﻌﺬر ﻇﻬﺮ ﻣﻦ املﺤﺒﻮب ،ﻓﻘﻠﺖ ﰲ ذﻟﻚ: َﻏ ﺎﻓِ ِﺺ اﻟ ُﻔ ْﺮ َ ﺻ َﺔ وَاﻋْ َﻠ ْﻢ أَﻧ ﱠﻬَ ﺎ َﻛ ْﻢ أ ُ ُﻣ ﻮر أَﻣْ َﻜ ﻨ َ ْﺖ أُﻣْ ِﻬ ﻠُ ﻬَ ﺎ ﺑَ ﺎدِ ِر اﻟ َﻜ ﻨ ْ َﺰ ا ﱠﻟ ﺬِي أ َ ْﻟ َﻔ ﻴْ ﺘَ ُﻪ َﻛ ُﻤ ِﻀ ﱢﻲ اﻟﺒَ ْﺮ ِق ﺗَﻤْ ِﻀﻲ اﻟ ُﻔ َﺮ ُ ص ﺼ ُ ﻫِ َﻲ ﻋِ ﻨ ْﺪِي إِذْ ﺗَ َﻮ ﱠﻟ ْﺖ ُﻏ َ ﺺ ﺻ ﻴْ ﺪًا َﻛ ﺒَ ٍﺎز ﻳَ ْﻘ ﻨ ُ وَاﻧ ْﺘَ ِﻬ ْﺰ َ ﺺ ﱠ املﻈﻔﺮ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﻮد ﺻﺪﻳﻘﻨﺎ، وﻟﻘﺪ ﻋﺮض ﻣﺜ ُﻞ ﻫﺬا ﺑﻌﻴﻨﻪ ﻷﺑﻲ وأﻧﺸﺪﺗﻪ أﺑﻴﺎﺗًﺎ ﱄ؛ ﻓﻄﺎر ﺑﻬﺎ ﻛﻞ ﻣﻄﺎر ،وأﺧﺬﻫﺎ ﻣﻨﻲ ﻓﻜﺎﻧﺖ ﻫﺠﱢ رياه. ﺧﱪ وﻟﻘﺪ ﺳﺄﻟﻨﻲ ﻳﻮﻣً ﺎ أﺑﻮ ﻋﺒﺪ ﷲ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ُﻛﻠﻴﺐ ،ﻣﻦ أﻫﻞ اﻟﻘريوان ،أﻳﺎم ﻛﻮﻧﻲ ﺑﺎملﺪﻳﻨﺔ، ً ﻣﺜﻘﻔﺎ ﻟﻠﺴﺆال ﰲ ﻛﻞ ﻓﻦ ،ﻓﻘﺎل ﱄ وﻗﺪ ﺟﺮى ﺑﻌﺾ ذﻛﺮ اﻟﺤﺐ وﻛﺎن ﻃﻮﻳﻞ اﻟﻠﺴﺎن ﺟﺪٍّا، وﻣﻌﺎﻧﻴﻪ :إذا ﻛﺮه ﻣَ ﻦ أﺣﺐ ﻟﻘﺎﺋﻲ وﺗﺠﻨﱠﺐ ُﻗﺮﺑﻲ ،ﻓﻤﺎ أﺻﻨﻊ؟ ﻗﻠﺖ :أرى أن ﺗﺴﻌﻰ ﰲ 60 ﺑﺎب اﻟﻄﺎﻋﺔ إدﺧﺎل اﻟ ﱠﺮ ْوح ﻋﲆ ﻧﻔﺴﻚ ﺑﻠﻘﺎﺋﻪ وإن ﻛﺮه .ﻓﻘﺎل :ﻟﻜﻨﻲ ﻻ أرى ذﻟﻚ ،ﺑﻞ أوﺛﺮ ﻫﻮاه ﻋﲆ ﻫﻮاي ،وﻣُﺮاده ﻋﲆ ﻣﺮادي ،وأﺻﱪ وﻟﻮ ﻛﺎن ﰲ ذﻟﻚ اﻟﺤَ ﺘﻒ .ﻓﻘﻠﺖ ﻟﻪ :إﻧﻲ إﻧﻤﺎ أﺣﺒﺒﺘُﻪ ﻟﻨﻔﴘ وﻻﻟﺘﺬاذﻫﺎ ﺑﺼﻮرﺗﻪ ،ﻓﺄﻧﺎ أﺗﺒﻊ ﻗﻴﺎﳼ وأﻗﻮد أَﺻﲇ وأﻗﻔﻮ ﻃﺮﻳﻘﺘﻲ ﰲ اﻟﺮﻏﺒﺔ ﰲ ﴎورﻫﺎ .ﻓﻘﺎل ﱄ :ﻫﺬا ﻇﻠﻢ ﻣﻦ اﻟﻘﻴﺎس ،أﺷﺪ ﻣﻦ املﻮت ﻣﺎ ﺗﻤﻨﻲ ﻟﻪ املﻮت ،وأﻋﺰ ﻣﻦ اﻟﻨﻔﺲ ﻣﺎ ﺑﺬﻟﺖ ﻟﻪ اﻟﻨﻔﺲ .ﻓﻘﻠﺖ ﻟﻪ :إن ﺑﺬﻟﺖ ﻧﻔﺴﻚ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ اﺧﺘﻴﺎ ًرا ،ﺑﻞ ﻛﺎن اﺿﻄﺮا ًرا ،وﻟﻮ أﻣﻜﻨﻚ ﱠأﻻ ﺗﺒﺬﻟﻬﺎ ملﺎ ﺑﺬﻟﺘﻬﺎ ،وﺗﺮ ُﻛﻚ ﻟﻘﺎءه اﺧﺘﻴﺎ ًرا ﻣﻨﻚ أﻧﺖ ﻓﻴﻪ ﻣﻠﻮم ﻹﴐارك ﺑﻨﻔﺴﻚ، وإدﺧﺎﻟﻚ اﻟﺤﺘﻒ ﻋﻠﻴﻬﺎ .ﻓﻘﺎل ﱄ :أﻧﺖ رﺟﻞ ﺟﺪﱄ ﱞ ،وﻻ ﺟﺪل ﰲ اﻟﺤﺐ ﻳﻠﺘﻔﺖ إﻟﻴﻪ .ﻓﻘﻠﺖ ً ﻣﺌﻮﻓﺎ .ﻓﻘﺎل :وأيﱡ آﻓﺔ أﻋﻈﻢ ﻣﻦ اﻟﺤﺐ؟! ﻟﻪ :إذًا ﻛﺎن ﺻﺎﺣﺒﻪ 61 ﺑﺎب اﳌﺨﺎﻟﻔﺔ ورﺑﻤﺎ اﺗﺒﻊ املﺤﺐ ﺷﻬﻮﺗَﻪ ورﻛﺐ رأﺳﻪ ﻓﺒﻠﻎ ِﺷﻔﺎءه ﻣﻦ ﻣﺤﺒﻮﺑﻪ ،وﺗﻌﻤﱠ ﺪ ﻣﴪﺗﻪ ﻣﻨﻪ ﻋﲆ ﻛﻞ اﻟﻮﺟﻮه ﺳﺨﻂ أو رﴈ .وﻣَ ﻦ ﺳﺎﻋﺪه ﻋﲆ اﻟﻮﻗﺖ ﻫﺬا وﺛﺒﺖ ﺟﻨﺎﻧُﻪ وأُﺗِﻴﺤﺖ ﻟﻪ اﻷﻗﺪار، ُ رأﻳﺖ اﺳﺘﻮﰱ ﻟﺬﺗﻪ ﺟﻤﻴﻌﻬﺎ ،وذﻫﺐ ﻏﻤﱡ ﻪ ،واﻧﻘﻄﻊ ﻫﻤﱡ ﻪ ،ورأى أﻣﻠﻪ ،وﺑﻠﻎ ﻣﺮﻏﻮﺑﻪ .وﻗﺪ ﻣَ ﻦ ﻫﺬه ﺻﻔﺘُﻪ ،وﰲ ذﻟﻚ أﻗﻮل أﺑﻴﺎﺗًﺎ ،ﻣﻨﻬﺎ: إِذَا أَﻧ َﺎ ﺑَ ﱠﻠ ْﻐ ُﺖ ﻧ َ ْﻔ ِﺴ ﻲ اﻟ ُﻤ ﻨ َﻰ َﻓ ﻤَ ﺎ أُﺑَ ﺎ ِﻟ ﻲ اﻟ ُﻜ ْﺮ َه ِﻣ ْﻦ َ ﻃ ﺎﻋَ ٍﺔ إِذَا وَﺟَ ﺪ ُ ْت اﻟ ﻤَ ﺎءَ َﻻ ﺑُ ﱠﺪ أ َ ْن ِﻣ ْﻦ َر َﺷﺄٍ ﻣَ ﺎ َزا َل ِﻟﻲ ُﻣﻤْ ِﺮﺿﺎ و ََﻻ أُﺑَ ﺎ ِﻟ ﻲ َﺳ َﺨ ً ﻄ ﺎ ِﻣ ْﻦ ِرﺿ ﺎ أُ ْ ﻃﻔِ ﻲ ِﺑ ِﻪ ُﻣ ْﺸﻌَ َﻞ ﺟَ ﻤْ ِﺮ اﻟ َﻐ َﻀﺎ ﺑﺎب اﻟﻌﺎذل َ ٌ َ ﻣﺌﻮﻧﺔ اﻟﺘﺤﻔﻆ أﺳﻘﻄﺖ ﺻﺪﻳﻖ ﻗﺪ وﻟﻠﺤﺐ آﻓﺎت ،ﻓﺄوﱠﻟﻬﺎ اﻟﻌﺎذل .واﻟﻌﺬﱠال أﻗﺴﺎم ،ﻓﺄﺻﻠﻬﻢ ﺑﻴﻨﻚ وﺑﻴﻨﻪ ،ﻓﻌَ ﺬْﻟُﻪ أﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﻛﺜري املﺴﺎﻋﺪات؟ وﻫﻲ ﻣﻦ اﻟﺤﻆ واﻟﻨﻬﻲ ،وﰲ ذﻟﻚ زاﺟﺮ ﻟﻠﻨﻔﺲ ﻋﺠﻴﺐ ،وﺗﻘﻮﻳﺔ ﻟﻄﻴﻔﺔ ﻟﻬﺎ ﻋﺮض ،وﻋﻤﻞ ودواء ﺗﺸﺘﺪ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺸﻬﻮة ،وﻻ ﺳﻴﻤﺎ إن ً رﻓﻴﻘﺎ ﰲ ﻗﻮﻟﻪ ،ﺣﺴﻦ اﻟﺘﻮﺻﻞ إﱃ ﻣﺎ ﻳﻮرد ﻣﻦ املﻌﺎﻧﻲ ﺑﻠﻔﻈﻪ ،ﻋﺎ ًملﺎ ﺑﺎﻷوﻗﺎت اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﻳﺆ ﱢﻛﺪ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻨﻬﻲ ،وﺑﺎﻷﺣﻴﺎن اﻟﺘﻲ ﻳﺰﻳﺪ ﻓﻴﻬﺎ اﻷﻣﺮ ،واﻟﺴﺎﻋﺎت اﻟﺘﻲ ﻳﻜﻮن ﻓﻴﻬﺎ ً واﻗﻔﺎ ﺑني ﻫﺬﻳﻦ ،ﻋﲆ ﻗﺪر ﻣﺎ ﻳﺮى ﻣﻦ ﺗﺴﻬﻞ اﻟﻌﺎﺷﻖ وﺗﻮﻋﱡ ﺮهَ ، وﻗﺒﻮﻟﻪ وﻋﺼﻴﺎﻧﻪ. ﺛﻢ ﻋﺎذل زاﺟﺮ ﻻ ﻳُﻔﻴﻖ أﺑﺪًا ﻣﻦ املﻼﻣﺔ ،وذﻟﻚ ﺧﻄﺐ ﺷﺪﻳﺪ وﻋﺐء ﺛﻘﻴﻞ .وَوﻗﻊ ﱄ ﻣﺜ ُﻞ ﻫﺬا ،وإن ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻦ ﺟﻨﺲ اﻟﻜﺘﺎب وﻟﻜﻨﻪ ﻳُﺸﺒﻬﻪ ،وذﻟﻚ أن أﺑﺎ اﻟﴪيﱢ ﻋﻤﺎر ﺑﻦ زﻳﺎد َ ﺻﺪﻳﻘﻨﺎ أﻛﺜ َﺮ ﻣﻦ ﻋﺬﱄ ﻋﲆ ﻧﺤﻮ ﻧﺤﻮﺗُﻪ ،وأﻋﺎن ﻋﲇ ﱠ ﺑﻌﺾ ﻣﻦ ﻻﻣﻨﻲ ﰲ ذﻟﻚ اﻟﻮﺟﻪ ً أﻳﻀﺎ، وﻛﻨﺖ أﻇﻦ أﻧﻪ ﺳﻴﻜﻮن ﻣﻌﻲ ،ﻣُﺨﻄﺌًﺎ ُ ﻛﻨﺖ أو ﻣﺼﻴﺒًﺎ؛ ﻟﻮَﻛﻴﺪ ﺻﺪاﻗﺘﻲ وﺻﺤﻴﺢ أُﺧﻮﱠﺗﻲ ﺑﻪ. وﻟﻘﺪ رأﻳﺖ ﻣَ ﻦ اﺷﺘ ﱠﺪ وَﺟْ ﺪه وﻋَ ُ ﻈﻢ ﻛﻠﻔﻪ ﺣﺘﻰ ﻛﺎن اﻟﻌَ ﺬْل أﺣﺐﱠ ﳾء إﻟﻴﻪُ ،ﻟريي اﻟﻌﺎذ َل ﱢ وﻳﺤﺼﻞ ﻣﻘﺎوﻣﺘﻪ ﻟﻸﺋﻤﺔ وﻏﻠﺒﺘﻪ إﻳﺎه؛ ﻛﺎملﻠﻚ اﻟﻬﺎزم ﻟﻌﺪوه، ﻋﺼﻴﺎﻧَﻪ وﻳﺴﺘﻠﺬﱠ ﻣﺨﺎﻟﻔﺘﻪ، واملﺠﺎدل املﺎﻫﺮ اﻟﻐﺎﻟﺐ ﻟﺨﺼﻤﻪ ،وﻳ َُﴪ ﺑﻤﺎ ﻳﻘﻊ ﻣﻨﻪ ﰲ ذﻟﻚ ،ورﺑﻤﺎ ﻛﺎن ﻫﻮ املﺴﺘﺠﻠﺐ ﻟﻌﺬل اﻟﻌﺎذل ﺑﺄﺷﻴﺎء ﻳﻮردﻫﺎ ﺗﻮﺟﺐ اﺑﺘﺪاء اﻟﻌﺬل .وﰲ ذﻟﻚ أﻗﻮل أﺑﻴﺎﺗًﺎ ،ﻣﻨﻬﺎ: أَﺣَ ﺐﱡ َﺷ ْﻲءٍ إ ِ َﻟ ﱠﻲ اﻟ ﱠﻠ ْﻮ ُم وَاﻟ ﻌَ ﺬل ﺬل َ ﺻ ﺎﻓِ ﻴَ ًﺔ َﻛ ﺄَﻧ ﱠ ِﻨ ﻲ َﺷ ِﺎربٌ ِﺑ ﺎﻟ ﻌ ِ َﻛ ْﻲ أ َ ْﺳﻤَ َﻊ ْ اﺳ َﻢ ا ﱠﻟﺬِي ذِ ْﻛ َﺮا ُه ِﻟﻲ أَﻣَ ُﻞ َو ِﺑ ْ ﺎﺳ ِﻢ ﻣَ ﻮ َْﻻيَ ﺑَ ﻌْ َﺪ اﻟ ﱡﺸ ْﺮ ِب أَﻧ ْﺘَ ﻘِ ُﻞ ﺑﺎب اﳌﺴﺎﻋﺪ ﻣﻦ اﻹﺧﻮان ً َ ﺻﺪﻳﻘﺎ ﻣ ً ﻟﻄﻴﻒ ُﺨﻠﺼﺎ، وﻣﻦ اﻷﺳﺒﺎب املﺘﻤﻨﱠﺎة ﰲ اﻟﺤُ ﺐ أن ﻳﻬﺐ ﷲ ﻋ ﱠﺰ وﺟﻞ ﻟﻺﻧﺴﺎن ﻂ اﻟ ﱠ َ اﻟﻘﻮل ،ﺑﺴﻴ َ َ َ ﻣﺘﻤﻜﻦ اﻟﺒﻴﺎن ،ﻣُﺮﻫﻒ اﻟﻠﺴﺎن ،ﺟﻠﻴﻞ دﻗﻴﻖ املﻨﻔﺬ، ﺣﺴﻦ املﺄﺧﺬ، ﻄﻮل، اﻟﺤﻠﻢ ،واﺳﻊ اﻟﻌﻠﻢ ،ﻗﻠﻴﻞ املﺨﺎﻟﻔﺔ ،ﻋﻈﻴﻢ املﺴﺎﻋﻔﺔ ،ﺷﺪﻳﺪ اﻻﺣﺘﻤﺎل ،ﺻﺎﺑ ًﺮا ﻋﲆ اﻹدﻻل، ﺟﻢ املﻮاﻓﻘﺔ ،ﺟﻤﻴﻞ املﺨﺎﻟﻔﺔ ،ﻣﺴﺘﻮي املﻄﺎﺑﻘﺔ ،ﻣﺤﻤﻮد اﻟﺨﻼﺋﻖ ،ﻣﻜﻔﻮف اﻟﺒﻮاﺋﻖ ،ﻣﺤﺘﻮم ً ً ﻋﺎرﻓﺎ ﺑﺎﻷﻣﺎﻧﻲ، ﻛﺎرﻫﺎ ﻟﻠﻤﺒﺎﻋﺪة ،ﻧﺒﻴﻞ املﺪﺧﻞ ،ﻣﴫوف اﻟﻐﻮاﺋﻞ ،ﻏﺎﻣﺾ املﻌﺎﻧﻲ، املﺴﺎﻋﺪة، ﻃﻴﺐ اﻷﺧﻼق ،ﴎيﱠ اﻷﻋﺮاق ،ﻣﻜﺘﻮم اﻟﴪ ،ﻛﺜري اﻟﱪ ،ﺻﺤﻴﺢ اﻷﻣﺎﻧﺔ ،ﻣﺄﻣﻮن اﻟﺨﻴﺎﻧﺔ، ﻛﺮﻳﻢ اﻟﻨﻔﺲ ،ﻧﺎﻓﺬ اﻟﺤﺲ ،ﺻﺤﻴﺢ اﻟﺤﺪْس ،ﻣﻀﻤﻮن اﻟﻌﻮن ،ﻛﺎﻣﻞ اﻟﺼﻮن ،ﻣﺸﻬﻮر اﻟﻮﻓﺎء ،ﻇﺎﻫﺮ َ اﻟﻐﻨﺎء ،ﺛﺎﺑﺖ اﻟﻘﺮﻳﺤﺔ ،ﻣﺒﺬول اﻟﻨﺼﻴﺤﺔ ،ﻣﺴﺘﻴﻘﻦ اﻟﻮداد ،ﺳﻬﻞ اﻻﻧﻘﻴﺎد، ﺣﺴﻦ اﻻﻋﺘﻘﺎد ،ﺻﺎدق اﻟﻠﻬﺠﺔ ،ﺧﻔﻴﻒ املﻬﺠﺔ ،ﻋﻔﻴﻒ اﻟﻄﺒﺎع ،رﺣﺐ اﻟﺬراع ،واﺳﻊ اﻟﺼﺪر، ً ﻣﺘﺨﻠﻘﺎ ﺑﺎﻟﺼﱪ ،ﻳﺄﻟﻒ اﻹﻣﺤﺎض ،وﻻ ﻳﻌﺮف اﻹﻋﺮاض ،ﻳﺴﱰﻳﺢ إﻟﻴﻪ ﺑﺒﻼﺑﻠﻪ ،وﻳﺸﺎرﻛﻪ ﰲ ﺧﻠﻮة ﻓﻜﺮه ،وﻳﻔﺎوﺿﻪ ﰲ ﻣﻜﺘﻮﻣﺎﺗﻪ. ُ ْ ﻇﻔﺮت ﺑﻪ ﻳﺪاك ﻓﺸﺪﱠﻫﻤﺎ ﻋﻠﻴﻪ وإن ﻓﻴﻪ ﻟﻠﻤﺤﺐ ﻷﻋﻈ َﻢ اﻟﺮاﺣﺎت ،وأﻳﻦ ﻫﺬا ،ﻓﺈن ﺷﺪ اﻟﻀﻨني ،وأﻣﺴﻚ ﺑﻬﻤﺎ إﻣﺴﺎك اﻟﺒﺨﻴﻞُ ، وﺻﻨْﻪ ﺑﻄﺎرﻓﻚ وﺗﺎﻟﺪك ،ﻓﻤﻌﻪ ﻳﻜﻤﻞ اﻷﻧﺲ، وﺗﻨﺠﲇ اﻷﺣﺰان ،وﻳﻘﴫ اﻟﺰﻣﺎن ،وﺗﻄﻴﺐ اﻷﺣﻮال ،وﻟﻦ ﻳﻔﻘﺪ اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻦ ﺻﺎﺣﺐ ﻫﺬه ً ﺟﻤﻴﻼ ،ورأﻳًﺎ ﺣﺴﻨًﺎ؛ وﻟﺬﻟﻚ اﺗﺨﺬ املﻠﻮك اﻟﻮزراء واﻟﺪﺧﻼء ﻛﻲ ﻳﺨﻔﻔﻮا ﻋﻨﻬﻢ اﻟﺼﻔﺔ ﻋﻮﻧًﺎ اﻷﻣﻮر ،و ُ َ ﻃﻮﱢﻗﻮه ﻣﻦ ﺑﺎﻫﺾ اﻷﺣﻤﺎل ،وﻟﻜﻲ ﻳﺴﺘﻐﻨﻮا ﺑﺂراﺋﻬﻢ، ﺑﻌﺾ ﻣﺎ ﺣﻤﻠﻮه ﻣﻦ ﺷﺪﻳﺪ ِ وﻳﺴﺘﻤﺪوا ﺑﻜﻔﺎﻳﺘﻬﻢ ،وإﻻ ﻓﻠﻴﺲ ﰲ ﻗﻮة اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ أن ﺗﻘﺎوم ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳ َِﺮد ﻋﻠﻴﻬﺎ دون اﺳﺘﻌﺎﻧﺔ ﺑﻤﺎ ﻳﺸﺎﻛﻠﻬﺎ وﻫﻮ ﻣﻦ ﺟﻨﺴﻬﺎ. وﻟﻘﺪ ﻛﺎن ﺑﻌﺾ املﺤﺒني ،ﻟﻌﺪﻣﻪ ﻫﺬه اﻟﺼﻔﺔ ﻣﻦ اﻹﺧﻮان ،وﻗ ﱠﻠﺔ ﺛﻘﺘﻪ ﻣﻨﻬﻢ ملﺎ ﺟ ﱠﺮﺑﻪ ﴎه أﺣﺪ وﺟﻬني؛ إﻣﺎ إزراءً ﻋﲆ رأﻳﻪ، ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ،وأﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻌﺪم ﻣَ ﻦ ﺑﺎح إﻟﻴﻪ ﺑﴚء ﻣﻦ ﱢ ﻃﻮق اﻟﺤﻤﺎﻣﺔ ﰲ اﻷ ُ َ ﻟﻔﺔِ واﻷ ُ ﱠﻻف ً إذاﻋﺔ ﻟﴪه ،أﻗﺎم اﻟﻮﺣﺪة ﻣﻘﺎم اﻷﻧﺲ ،وﻛﺎن ﻳﻨﻔﺮد ﰲ املﻜﺎن اﻟﻨﺎزح ﻋﻦ اﻷﻧﻴﺲ، وإﻣﺎ وﻳﻨﺎﺟﻲ اﻟﻬﻮى ،وﻳﻜﻠﻢ اﻷرض ،وﻳﺠﺪ ﰲ ذﻟﻚ راﺣﺔ ﻛﻤﺎ ﻳﺠﺪ املﺮﻳﺾ ﰲ اﻟﺘﺄوﱡه ،واملﺤﺰون ﰲ اﻟﺰﻓري؛ ﻓﺈن اﻟﻬﻤﻮم إذا ﺗﺮادﻓﺖ ﰲ اﻟﻘﻠﺐ ﺿﺎق ﺑﻬﺎ ،ﻓﺈن ﻟﻢ ﻳُﻨ ْ ِﺾ ﻣﻨﻬﺎ ﳾء ﺑﺎﻟ ﱢﻠﺴﺎن، وﻟﻢ ﻳﺴﱰح إﱃ اﻟﺸﻜﻮى ،ﻟﻢ ﻳﻠﺒﺚ أن ﻳﻬﻠﻚ ﻏﻤٍّ ﺎ وﻳﻤﻮت ً أﺳﻔﺎ .وﻣﺎ رأﻳﺖ اﻹﺳﻌﺎد أﻛﺜﺮ ﻣﻨﻪ ﰲ اﻟﻨﺴﺎء؛ ﻓﻌﻨﺪﻫﻦ ﻣﻦ املﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﲆ ﻫﺬا اﻟﺸﺄن ،واﻟﺘﻮاﴆ ﺑﻜﺘﻤﺎﻧﻪ ،واﻟﺘﻮاﻃﺆ ﻋﲆ ﻃﻴﱢﻪ إذا ا ﱠ ﴎ ﻣﺘﺤﺎﺑني إﻻ وﻫﻲ ﻋﻨﺪ ﻃﻠﻌﻦ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﺎ ﻟﻴﺲ ﻋﻨﺪ اﻟﺮﺟﺎل ،وﻣﺎ رأﻳﺖ اﻣﺮأة ﻛﺸﻔﺖ ﱠ اﻟﻨﺴﺎء ﻣﻤﻘﻮﺗﺔ ﻣﺴﺘﺜﻘﻠﺔ ﻣﺮﻣﻴﺔ ﻋﻦ ﻗﻮس واﺣﺪة .وإﻧﻪ ﻟﻴﻮﺟﺪ ﻋﻨﺪ اﻟﻌﺠﺎﺋﺰ ﰲ ﻫﺬا اﻟﺸﺄن ﻣﺎ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﻋﻨﺪ اﻟﻔﺘﻴﺎت؛ ﻷن اﻟﻔﺘﻴﺎت ﻣﻨﻬﻦ رﺑﻤﺎ ﻛﺸﻔﻦ ﻣﺎ ﻋﻠﻤﻦ ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﺘﻐﺎﻳﺮ ،وﻫﺬا ً ﻣﺤﻀﺎ ﻻ ﻳﻜﻮن إﻻ ﰲ اﻟﻨﱡﺪرة ،وأﻣﺎ اﻟﻌﺠﺎﺋﺰ ﻓﻘﺪ ﻳَﺌِﺴﻦ ﻣﻦ أﻧﻔﺴﻬﻦ؛ ﻓﺎﻧﴫف اﻹﺷﻔﺎق إﱃ ﻏريﻫﻦ. ﺧﱪ وإﻧﻲ ﻷﻋﻠﻢ اﻣﺮأ ًة ﻣُﻮﴎ ًة ذات ﺟﻮار َ وﺧﺪَم ،ﻓﺸﺎع ﻋﲆ إﺣﺪى ﺟﻮارﻳﻬﺎ أﻧﻬﺎ ﺗﻌﺸﻖ ﻓﺘًﻰ ﻣﻌﺎﻧﻲ ﻣﻜﺮوﻫﺔ ،وﻗﻴﻞ ﻟﻬﺎ :إن ﺟﺎرﻳﺘﻚ ﻓﻼﻧﺔ ﺗﻌﺮف ذﻟﻚ ﻣﻦ أﻫﻠﻬﺎ وﻳﻌﺸﻘﻬﺎ ،وأن ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ َ وﻋﻨﺪﻫﺎ ﺟﻠﻴﺔ أﻣﺮﻫﺎ .ﻓﺄﺧﺬﺗﻬﺎ وﻛﺎﻧﺖ ﻏﻠﻴﻈﺔ اﻟﻌﻘﻮﺑﺔ ﻓﺄذاﻗﺘﻬﺎ ﻣﻦ أﻧﻮاع اﻟﴬب واﻹﻳﺬاء ﻣﺎ ﻻ ﻳَﺼﱪ ﻋﲆ ﻣﺜﻠﻪ ﺟُ ﻠﺪاء اﻟﺮﺟﺎل؛ رﺟﺎءَ أن ﺗﺒﻮح ﻟﻬﺎ ﺑﴚء ﻣﻤﺎ ذُﻛﺮ ﻟﻬﺎ ،ﻓﻠﻢ ﺗﻔﻌﻞ اﻟﺒﺘﺔ. ﺧﱪ ً ً ﺣﺎﻓﻈﺔ ﻟﻜﺘﺎب ﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ ﻧﺎﺳﻜﺔ ﻣﻘﺒﻠﺔ ﻋﲆ اﻟﺨري ،وﻗﺪ َ ﻇﻔﺮت ﺟﻠﻴﻠﺔ وإﻧﻲ ﻷﻋﻠﻢ اﻣﺮأ ًة ﺑﻜﺘﺎب ﻟﻔﺘًﻰ إﱃ ﺟﺎرﻳ ٍﺔ ﻛﺎن ﻳﻜ َﻠﻒ ﺑﻬﺎ ،وﻛﺎن ﰲ ﻏري ﻣﻠﻜﻬﺎ ،ﻓﻌ ﱠﺮﻓﺘﻪ اﻷﻣﺮ ،ﻓﺮام اﻹﻧﻜﺎر ٍ ُ ﺒﺎل ﺑﻬﺬا ،ﻓﻮﷲ ﻻ أﻃﻠﻌﺖ ﻋﲆ ﻓﻠﻢ ﻳﺘﻬﻴﺄ ﻟﻪ ذﻟﻚ ،ﻓﻘﺎﻟﺖ ﻟﻪ :ﻣﺎ ﻟﻚ؟ وﻣﻦ ذا ﻋُ ﺼﻢ؟ ﻓﻼ ﺗ ِ ﴎﻛﻤﺎ أﺣﺪًا أﺑﺪًا ،وﻟﻮ أﻣﻜﻨﺘﻨﻲ أن أﺑﺘﺎﻋﻬﺎ ﻟﻚ ﻣﻦ ﻣﺎﱄ ،وﻟﻮ أﺣﺎط ﺑﻪ ﻛﻠﻪ ،ﻟﺠﻌﻠﺘﻬﺎ ﻟﻚ ﰲ ﱢ ﻣﻜﺎن ﺗﺼﻞ إﻟﻴﻬﺎ ﻓﻴﻪ وﻻ ﻳَﺸﻌﺮ ﺑﺬﻟﻚ أﺣﺪ .وإﻧﻚ ﻟﱰى املﺮأة اﻟﺼﺎﻟﺤﺔ ا ُملﺴﻨﱠﺔ ا ُملﻨﻘﻄﻌﺔ اﻟﺮﺟﺎء ﻣﻦ اﻟﺮﺟﺎل ،وأﺣﺐﱡ أﻋﻤﺎﻟﻬﺎ إﻟﻴﻬﺎ وأرﺟﺎﻫﺎ ﻟﻠﻘﺒﻮل ﻋﻨﺪﻫﺎ ﺳﻌﻴُﻬﺎ ﰲ ﺗَﺰوﻳﺞ ﻳﺘﻴﻤﺔ، وإﻋﺎرة ﺛﻴﺎﺑﻬﺎ وﺣَ ْﻠ ِﻴﻬﺎ ﻟﻌﺮوس ﻣُﻘ ﱠﻠﺔ. وﻣﺎ أﻋﻠﻢ ﻋ ﱠﻠﺔ ﺗﻤ ﱡﻜﻦ ﻫﺬا اﻟﻄﺒﻊ ﻣﻦ اﻟﻨﺴﺎء إﻻ أﻧﻬﻦ ﻣﺘﻔﺮﻏﺎت اﻟﺒﺎل ﻣﻦ ﻛﻞ ﳾء إﻻ ﻣﻦ اﻟﺠﻤﺎع ودواﻋﻴﻪ ،واﻟﻐﺰل وأﺳﺒﺎﺑﻪ ،واﻟﺘﺂﻟﻒ ووﺟﻮﻫﻪ ،ﻻ ﺷﻐﻞ ﻟﻬﻦ ﻏريه ،وﻻ ُﺧﻠﻘﻦ 68 ﺑﺎب املﺴﺎﻋﺪ ﻣﻦ اﻹﺧﻮان ﻟﺴﻮاه ،واﻟﺮﺟﺎل ﻣُﻘﺘﺴﻤﻮن ﰲ ﻛﺴﺐ املﺎل ،وﺻﺤﺒﺔ اﻟﺴﻠﻄﺎن ،و َ ﻃﻠﺐ اﻟﻌﻠﻢ ،وﺣﻴﺎﻃﺔ اﻟﻌﻴﺎل ،وﻣُﻜﺎﺑﺪة اﻷﺳﻔﺎر ،واﻟﺼﻴﺪُ ، وﴐوب اﻟﺼﻨﺎﻋﺎت ،وﻣُﺒﺎﴍة اﻟﺤﺮوب ،وﻣُﻼﻗﺎة اﻟﻔِ ﺘَﻦ ،وﺗﺤﻤﱡ ﻞ املﺨﺎوف ،وﻋﻤﺎرة اﻷرض .وﻫﺬا ﻛﻠﻪ ﻣُﺘﺤﻴﻒ ﻟﻠﻔﺮاغ ،ﺻﺎرف ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺒُ ْ ﻄﻞ. وﻗﺮأت ﰲ ﺳري ﻣﻠﻮك اﻟﺴﻮدان أن املﻠﻚ ﻣﻨﻬﻢ ﻳﻮ ﱢﻛﻞ ً ﱠ ﻋﻠﻴﻬﻦ ﺛﻘﺔ ﻟﻪ ﺑﻨﺴﺎﺋﻪ ﻳُﻠﻘﻲ ً ﴐﻳﺒﺔ ﻣﻦ ﻏﺰل اﻟﺼﻮف ﻳﺸﺘﻐﻠﻦ ﺑﻬﺎ أﺑﺪ اﻟﺪﻫﺮ؛ ﻷﻧﻬﻢ ﻳﻘﻮﻟﻮن :إن املﺮأة إذا ﺑﻘﻴﺖ ﺑﻐري ﱡ ُ ُ وﻋﻠﻤﺖ ﻣﻦ أﴎارﻫﻦ ﺷﺎﻫﺪت اﻟﻨﺴﺎء وﺗﺤﻦ إﱃ اﻟﻨﻜﺎح .وﻟﻘﺪ ﺷﻐﻞ إﻧﻤﺎ ﺗﺸﻮق إﱃ اﻟﺮﺟﺎل، ﻣﺎ ﻻ ﻳﻜﺎد ﻳﻌﻠﻤﻪ ﻏريي ،ﻷﻧﻲ ُرﺑﻴﺖ ﰲ ﺣﺠﻮرﻫﻦ ،وﻧﺸﺄت ﺑني أﻳﺪﻳﻬﻦ ،وﻟﻢ أﻋﺮف ﻏريَﻫﻦ، ُ ﺟﺎﻟﺴﺖ اﻟﺮﺟﺎل إﻻ وأﻧﺎ ﰲ ﺣ ﱢﺪ اﻟﺸﺒﺎب وﺣني ﺗﻔﻴﱠﻞ وﺟﻬﻲ ،وﻫﻦ ﻋ ﱠﻠﻤﻨﻨﻲ اﻟﻘﺮآن، وﻻ وروﱠﻳﻨﻨﻲ ﻛﺜريًا ﻣﻦ اﻷﺷﻌﺎر ،ود ﱠرﺑﻨﻨﻲ ﰲ اﻟﺨﻂ ،وﻟﻢ ﻳﻜﻦ وُﻛﺪي وإﻋﻤﺎل ذﻫﻨﻲ ﻣﺬ أول ﻓﻬﻤﻲ وأﻧﺎ ﰲ ﺳﻦ اﻟﻄﻔﻮﻟﺔ ﺟﺪٍّا إﻻ ﺗﻌ ﱡﺮف أﺳﺒﺎﺑﻬﻦ ،واﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ أﺧﺒﺎرﻫﻦ ،وﺗﺤﺼﻴﻞ ذﻟﻚ .وأﻧﺎ ﻻ أﻧﴗ ﺷﻴﺌًﺎ ﻣﻤﺎ أراه ﻣﻨﻬﻦ ،وأﺻﻞ ذﻟﻚ ﻏرية ﺷﺪﻳﺪة ُ ﻃ ُ ﺒﻌﺖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ،وﺳﻮء ﱟ ُ ﻇﻦ ﰲ ﺟﻬﺘﻬﻦ ُﻓ ُ ﻣﻔﴪا ﰲ ﻓﺄﴍﻓﺖ ﻣﻦ أﺳﺒﺎﺑﻬﻦ ﻋﲆ ﻏري ﻗﻠﻴﻞ ،وﺳﻴﺄﺗﻲ ذﻟﻚ ﻄﺮت ﺑﻪ، ً أﺑﻮاﺑﻪ ،إن ﺷﺎء ﷲ ﺗﻌﺎﱃ. 69 ﺑﺎب اﻟﺮﻗﻴﺐ وﻣﻦ آﻓﺎت اﻟﺤُ ﺐﱢ اﻟﺮﻗﻴﺐُ ،وإﻧﻪ ﻟﺤُ ﻤﱠ ﻰ ﺑﺎﻃﻨﺔ ،وﺑﺮﺳﺎ ٌم ﻣُﻠﺢﱞ ،وﻓﻜ ٌﺮ ُﻣﻜِﺐﱞ .واﻟﺮﻗﺒﺎء أﻗﺴﺎم، ﻣﻜﺎن اﺟﺘﻤﻊ ﻓﻴﻪ املﺮء ﻣﻊ ﻣﺤﺒﻮﺑﻪ ،وﻋﺰﻣﺎ ﻋﲆ ﻓﺄوﻟﻬﻢ ُﻣﺜْﻘِ ﻞ ﺑﺎﻟﺠﻠﻮس ﻏري ﻣﺘﻌﻤﱢ ﺪ ﰲ ٍ إﻇﻬﺎر ﳾءٍ ﻣﻦ ﴎﻫﻤﺎ واﻟﺒﻮح ﺑﻮَﺟْ ﺪﻫﻤﺎ واﻻﻧﻔﺮاد ﺑﺎﻟﺤﺪﻳﺚ .وﻟﻘﺪ ﻳﻌﺮض ﻟﻠﻤُﺤﺐ ﻣﻦ اﻟﻘﻠﻖ ﺑﻬﺬه اﻟﺼﻔﺔ ﻣﺎ ﻻ ﻳﻌﺮض ﻟﻪ ﻣﻤﺎ ﻫﻮ أﺷﺪ ﻣﻨﻬﺎ .وﻫﺬا وإن ﻛﺎن ﻳﺰول ﴎﻳﻌً ﺎ ،ﻓﻬﻮ ﻋﺎﺋﻖ ﺣﺎ َل دون ا ُملﺮاد ،وﻗﻄﻊ ﻣﺘﻮﻓﺮ اﻟﺮﺟﺎء. ﺧﱪ ﻣﻜﺎن ﻗﺪ ﻇﻨﱠﺎ أﻧﻬﻤﺎ اﻧﻔﺮدا ﻓﻴﻪ ،ﱠ وﺗﺄﻫﺒﺎ ﻟﻠﺸﻜﻮى ،ﻓﺎﺳﺘﺤﻠﻴﺎ وﻟﻘﺪ ﺷﺎﻫﺪت ﻳﻮﻣً ﺎ ﻣُﺤﺒني ﰲ ٍ ﻣﺎ ﻫﻤﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ اﻟﺨﻠﻮة ،وﻟﻢ ﻳﻜﻦ املﻮﺿﻊ ﺣﻤً ﻰ ،ﻓﻠﻢ ﻳﻠﺒﺜﺎ أن ﻃﻠﻊ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ ﻣﻦ ﻛﺎﻧﺎ َ رأﻳﺖ اﻟﻔﺘﻰ املﺤﺐ وﻗﺪ ﺗﻤﺎزج ﻳَﺴﺘﺜﻘﻼﻧِﻪ ،ﻓ َﺮأى َﻓﻌَ ﺪل إﱄ ﱠ وأﻃﺎل اﻟﺠﻠﻮس ﻣﻌﻲ ،ﻓﻠﻮ ً ُ ﻗﻄﻌﺔ ،ﻣﻨﻬﺎ: اﻷﺳﻒ اﻟﺒﺎدي ﻋﲆ وﺟﻬﻪ ﻣﻊ اﻟﻐﻀﺐ ﻟﺮأﻳﺖ ﻋﺠﺒًﺎ .وﰲ ذﻟﻚ أﻗﻮل ﻳُ ِﻄﻴ ُﻞ ﺟُ ﻠُ ً ﻮﺳﺎ و َْﻫ َﻮ أَﺛ ْ َﻘ ُﻞ ﺟَ ﺎ ِﻟ ٍﺲ َﺷ ﻤَ ﺎم و َر ْ ﺿ ﻮَى وَاﻟ ﱡﻠ َﻜ ﺎم َوﻳَ ﺬْﺑُﻞ وﻳُﺒْﺪِي ﺣَ ﺪِﻳﺜ ًﺎ َﻟ ْﺴ ُﺖ أ َ ْر َ ﺿﻰ ُﻓﻨ ُﻮﻧ َ ُﻪ وﻟُﺒْﻨ َﺎن واﻟﺼﻤﱠ ﺎن وَاﻟﺤﺮب دُوﻧ َﻪ ﺛﻢ رﻗﻴﺐ ﻗﺪ أﺣﺲ ﻣﻦ أﻣﺮﻫﻤﺎ ﺑ َ ﻄﺮف ،وﺗﻮﺟﱠ ﺲ ﻣﻦ ﻣﺬﻫﺒﻬﻤﺎ ﺷﻴﺌًﺎ ،ﻓﻬﻮ ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﺴﺘﺒني ﺣﻘﻴﻘﺔ ذﻟﻚ ،ﻓﻴُﺪﻣﻦ اﻟﺠﻠﻮس ،وﻳﻄﻴﻞ اﻟﻘﻌﻮد ،وﻳﺘﺨﻔﻰ ﺑﺎﻟﺤﺮﻛﺎت ،وﻳﺮﻣُﻖ ﱢ وﻳﺤﺼﻞ اﻷﻧﻔﺎس .وﻫﺬا أﻋﺪى ﻣﻦ اﻟﺤﺮب .وإﻧﻲ ﻷﻋﺮف ﻣَ ﻦ َﻫ ﱠﻢ أن ﻳُﺒﺎﻃﺶ رﻗﻴﺒًﺎ اﻟﻮُﺟﻮه، ً ﻗﻄﻌﺔ ،ﻣﻨﻬﺎ: ﻫﺬه ﺻﻔﺘُﻪ .وﰲ ذﻟﻚ أﻗﻮل ﻃﻮق اﻟﺤﻤﺎﻣﺔ ﰲ اﻷ ُ َ ﻟﻔﺔِ واﻷ ُ ﱠﻻف أَﻋْ ِﻈ ْﻢ ِﺑﻬَ ﺬَا اﻟ ِﻮ َ ﺎل َﻏﻤٍّ ﺎ ﺻ ِ ﻳَ ُﺰو ُل َﻛﺎ ِﻹ ْﺳ ِﻢ وَاﻟ ُﻤ َﺴﻤﱠ ﻰ ُﻣ ﻮ ِ َاﺻ ٌﻞ َﻻ ﻳُ َﻐ ﺐﱡ َﻗ ْ ﺼ ﺪًا َ َ ﺻﺎ َر و َِﺻ ْﺮﻧ َﺎ ِﻟﻔ ْﺮ ِط ﻣَ ﺎ َﻻ َ ﺣﻴﻠﺔ ﻓﻴﻪ إﻻ ﺑﱰﺿﻴﺔ ،وإذا أ ُ ِ رﴈ ﻓﺬﻟﻚ ﻏﺎﻳﺔ اﻟﻠﺬة، ﺛﻢ رﻗﻴﺐ ﻋﲆ املﺤﺒﻮب ،ﻓﺬﻟﻚ ﻻ ﺷﺎﻫﺪت ﻣﻦ ﺗﻠ ﱠ ُ ﻄﻒ ﰲ اﺳﱰﺿﺎء وﻫﺬا اﻟﺮﻗﻴﺐ ﻫﻮ اﻟﺬي ذﻛﺮﺗْﻪ اﻟﺸﻌﺮاء ﰲ أﺷﻌﺎرﻫﺎ .وﻟﻘﺪ ً وﻣﺘﻐﺎﻓﻼ ﰲ وﻗﺖ اﻟﺘﻐﺎﻓﻞ ،وداﻓﻌً ﺎ ﻋﻨﻪ ،وﺳﺎﻋﻴًﺎ رﻗﻴﺐ ﺣﺘﻰ ﺻﺎر اﻟﺮﻗﻴﺐُ ﻋﻠﻴﻪ رﻗﻴﺒًﺎ ﻟﻪ، ٍ ﻟﻪ .ﻓﻔﻲ ذﻟﻚ أﻗﻮل: َو ُربﱠ َر ِﻗ ﻴ ٍﺐ أ َ ْر َﻗ ﺒُ ﻮ ُه َﻓ َﻠ ْﻢ ﻳَ َﺰل ﻄ ُ َﻓﻤَ ﺎ َزا َﻟ ِﺖ اﻷ َ ْﻟ َ ﺎف ﺗَﺤْ ُﻜ ُﻢ أَﻣْ َﺮه َو َﻛ َ ﺎن ﺣُ َﺴﺎﻣً ﺎ ُﺳ ﱠﻞ ﺣَ ﺘﱠﻰ ﻳَﻬُ ﺪﻧﻲ ﻋَ َﻠﻰ َﺳﻴﱢﺪِي ﻋَ ﻤْ ﺪًا ِﻟﻴُﺒْﻌِ َﺪ ِﻧﻲ ﻋَ ﻨ ْ ُﻪ إ ِ َﻟﻰ أ َ ْن َﻏﺪَا َﺧ ْﻮ ِﻓﻲ َﻟ ُﻪ آﻣﻨ ًﺎ ِﻣﻨ ْ ُﻪ َﻓ ﻌَ ﺎ َد ُﻣ ﺤِ ﺒٍّ ﺎ ﻣَ ﺎ ِﻟ ِﻨ ﻌْ ﻤَ ِﺘ ِﻪ ُﻛ ﻨ ْ ُﻪ ً ﻗﻄﻌﺔ ،ﻣﻨﻬﺎ: وأﻗﻮل َو َﻛ َ ﺎن ُﺳ ﻤٍّ ﺎ َﻓ َ ﺼ ﺎ َر دِ ْرﻳَ ﺎﻗ ﺎ ﺻﺎ َر ﺣَ ﻴَﺎ ًة َو َﻛ َ َ ﺎن َﺳﻬْ َﻢ َردًى وإﻧﻲ ﻷﻋﺮف ﻣَ ﻦ ﱠ رﻗﺐ ﻋﲆ ﺑﻌﺾ ﻣَ ﻦ ﻛﺎن ﻳُﺸﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ رﻗﻴﺒًﺎ َوﺛِﻖ ﺑﻪ ﻋﻨﺪ ﻧﻔﺴﻪ، ﻓﻜﺎن أﻋﻈ َﻢ اﻵﻓﺔ ﻋﻠﻴﻪ ،وأﺻ َﻞ اﻟﺒﻼء ﻓﻴﻪ. وأﻣﺎ إذا ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﰲ اﻟﺮﻗﻴﺐ ﺣﻴﻠﺔ ،وﻻ وُﺟﺪ إﱃ ﱢ ﺗﺮﺿﻴﻪ ﺳﺒﻴﻞ؛ ﻓﻼ ﻃﻤﻊ إﻻ ﺑﺎﻹﺷﺎرة ً ﻫﻤﺴﺎ وﺑﺎﻟﺤﺎﺟﺐ أﺣﻴﺎﻧًﺎ ،واﻟﺘﻌﺮﻳﺾ اﻟﻠﻄﻴﻒ ﺑﺎﻟﻘﻮل ،وﰲ ذﻟﻚ ﻣُﺘﻌﺔ وﺑﻼغ إﱃ ﺑﺎﻟﻌني ﺣني ﻳﻘﻨﻊ ﺑﻪ ا ُملﺸﺘﺎق .وﰲ ذﻟﻚ أﻗﻮل ﺷﻌ ًﺮا ،أوﱠﻟﻪ: َو ِﻓ ﱞﻲ ِﻟ ﻤَ ْﻦ و ََاﻻ ُه َﻟ ﻴْ َﺲ ِﺑ ﻨ َ ﺎ ِﻛ ِﺚ ﻋَ َﻠﻰ َﺳﻴﱢﺪِي ِﻣﻨ ﱢﻲ َر ِﻗﻴﺐٌ ُﻣﺤَ ﺎﻓِ ٌ ﻆ وﻣﻨﻪ: َوﻳَ ْﻘ َ ﻄ ُﻊ أ َ ْﺳﺒَﺎبَ اﻟ ﱡﻠﺒَﺎﻧ َ ِﺔ ﻓِ ﻲ اﻟﻬَ ﻮَى َﻛ ﺄ َ ﱠن َﻟ ُﻪ ﻓِ ﻲ َﻗ ْﻠ ِﺒ ِﻪ ِرﻳ ﺒَ ًﺔ ﺗُ َﺮى َوﻳَ ْﻔﻌَ ُﻞ ﻓِ ﻴﻬَ ﺎ ﻓِ ﻌْ َﻞ ﺑَﻌْ ِﺾ اﻟﺤَ ﻮ َِار ِث َو ِﻓ ﻲ ُﻛ ﱢﻞ ﻋَ ﻴْ ٍﻦ ُﻣ ْﺨ ِﺒ ٌﺮ ِﺑ ﺎﻷَﺣَ ﺎدِ ِث 72 ﺑﺎب اﻟﺮﻗﻴﺐ وﻣﻨﻪ: و ََﻗ ْﺪ َﺧ ﱠ ﺼ ِﻨﻲ ذُو اﻟﻌَ ْﺮ ِش ِﻣﻨ ْﻬُ ْﻢ ِﺑﺜ َﺎ ِﻟ ِﺚ ﺎن ُرﺗﱢ ﺒَ ﺎ ﻋَ َﻠ ﻰ ُﻛ ﱢﻞ ﻣَ ْﻦ ﺣَ ْﻮﻟِ ﻲ َر ِﻗ ﻴ ﺒَ ِ وأﺷﻨﻊ ﻣﺎ ﻳﻜﻮن اﻟﺮﻗﻴﺐ إذا ﻛﺎن ﻣﻤﻦ اﻣﺘُﺤﻦ ﺑﺎﻟﻌﺸﻖ ﻗﺪﻳﻤً ﺎ ،ودُﻫﻲ ﺑﻪ ،وﻃﺎﻟﺖ ﻣﺪﺗﻪ ﻓﻴﻪ ﺛﻢ ﻋُ ﺮي ﻋﻨﻪ ﺑﻌﺪ إﺣﻜﺎﻣﻪ ملﻌﺎﻧﻴﻪ ،ﻓﻜﺎن راﻏﺒًﺎ ﰲ ﺻﻴﺎﻧﺔ ﻣَ ﻦ ُر ﱢﻗﺐ ﻋﻠﻴﻪ ،ﻓﺘﺒﺎرك ﷲ أي رﻗﺒﺔ ﺗﺄﺗﻲ ﻣﻨﻪ؟! وأي ﺑﻼء ﻣﺼﺒﻮب ﻳﺤ ﱡﻞ ﻋﲆ أﻫﻞ اﻟﻬﻮى ﻣﻦ ﺟﻬﺘﻪ؟! وﰲ ذﻟﻚ أﻗﻮل: و ََﻗ َ ﺎﺳﻰ اﻟﻮَﺟْ َﺪ وَاﻣْ ﺘَﻨ َ َﻊ اﻟﻤَ ﻨ َﺎﻣَ ﺎ ﻮر ُد ُه اﻟ ﺤِ ﻤَ ﺎﻣَ ﺎ َو َﻛ ﺎ َد اﻟ ﺤُ ﺐﱡ ﻳُ ِ َو َﻟ ْﻢ ﻳَ َﻀ ِﻊ ا ِﻹ َﺷ ﺎ َر َة وَاﻟ َﻜ َﻼﻣَ ﺎ و َ َﺻﺎ َر ﻳَ َﺮى اﻟﻬَ ﻮَى ﻋَ ﺎ ًرا َوذَاﻣَ ﺎ ِﻟ ﻴُ ﺒْ ﻌِ َﺪ ﻋَ ﻨ ْ ُﻪ َ ﺻ ﺒٍّ ﺎ ُﻣ ْﺴ ﺘَ ﻬَ ﺎﻣَ ﺎ وَأَيﱡ ُﻣ ِﺼ ﻴ ﺒَ ٍﺔ ﺣَ ﱠﻠ ْﺖ ِﻟ ﻤَ ﺎﻣ ﺎ؟ ﻃ ﺎ َﻟ ﻤَ ﺎ ﻋَ َﺮ َ َر ِﻗ ﻴ ﺐٌ َ ف اﻟ َﻐ َﺮاﻣَ ﺎ و ََﻻ َﻗ ﻰ ﻓِ ﻲ اﻟ ﻬَ ﻮَى أ َ َﻟ ﻤً ﺎ أ َ ِﻟ ﻴ ﻤً ﺎ وَأَﺗْ َﻘ َﻦ ﺣِ ﻴ َﻠ َﺔ اﻟ ﱠ ﺼ ﺐﱢ اﻟ ُﻤ ﻌَ ﻨ ﱠﻰ وَأَﻋْ َﻘ ﺒَ ُﻪ اﻟ ﺘﱠ َﺴ ﱢﻠ ﻲ ﺑَ ﻌْ َﺪ َﻫ ﺬَا َﺻﻴﱠﺮ د َ و َ ُون ﻣَ ْﻦ أ َ ْﻫﻮَى َر ِﻗﻴﺒًﺎ َﻓ ﺄَيﱡ ﺑَ ِﻠ ﻴﱠ ٍﺔ ُ ﺻ ﺒ ﺖ ﻋَ َﻠ ﻴْ ﻨ َ ﺎ وﻣﻦ ﻃﺮﻳﻒ ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﺮﻗﺒﺎء أﻧﻲ أﻋﺮف ﻣﺤﺒﱠني ﻣﺬﻫﺒُﻬﻤﺎ واﺣﺪ ﰲ ﺣُ ﺐ ﻣﺤﺒﻮب واﺣﺪ ﺑﻌﻴﻨﻪ ،ﻓﻠﻌﻬﺪي ﺑﻬﻤﺎ ُﻛﻞ واﺣﺪ ﻣﻨﻬﻤﺎ رﻗﻴﺐ ﻋﲆ ﺻﺎﺣﺒﻪ .وﰲ ذﻟﻚ أﻗﻮل: ِﻛ َﻼ ُﻫﻤَ ﺎ ﻋَ ْﻦ ﺧِ ْﺪ ِﻧ ِﻪ ُﻣﻨ ْﺤَ ِﺮف و ََﻻ ﻳُ َﺨ ﱢﻠﻲ اﻟ َﻐﻴْ َﺮ أ َ ْن ﻳَﻌْ ﺘَ ِﻠﻒ َ ﺎن ﻓِ ﻲ وَاﺣِ ٍﺪ ﺎن َﻫ ﻴْﻤَ ﺎﻧ َ ِ ﺻ ﺒﱠ ِ اﻵري َﻻ ﻳَﻌْ ﺘَ ِﻠﻒ َﻛﺎﻟ َﻜ ْﻠ ِﺐ ﻓِ ﻲ ِ 73 ﺑﺎب اﻟﻮاﳾ واش ﻳﺮﻳﺪ َ اﻟﻘﻄﻊ ﺑني املﺘﺤﺎﺑني وﻣﻦ آﻓﺎت اﻟﺤُ ﺐ اﻟﻮاﳾ ،وﻫﻮ ﻋﲆ ﴐﺑني؛ أﺣﺪﻫﻤﺎ ٍ ﻓﻘﻂ ،وإن ﻫﺬا ﻷﻓﱰﻫﻤﺎ ﺳﻮأ ًة ،ﻋﲆ أﻧﻪ اﻟﺴﻢ اﻟﺬﱡﻋﺎف ،واﻟﺼﺎب ا ُملﻤﻘﺮ ،واﻟﺤﺘﻒ اﻟﻘﺎﺻﺪ، واﻟﺒﻼء اﻟﻮارد .ورﺑﻤﺎ ﻟﻢ ﻳَﻨﺠﻊ ﺗﺮﻗﻴﺸﻪ .وأﻛﺜﺮ ﻣﺎ ﻳﻜﻮن اﻟﻮاﳾ ﻓﺈﱃ املﺤﺒﻮب ،وأﻣﺎ املﺤﺐ ﻓﻬﻴﻬﺎت؛ ﺣﺎل اﻟﺠﺮﻳﺾ دون اﻟﻘﺮﻳﺾ ،وﻣﻨﻊ اﻟﺤَ َﺮب ﻣﻦ اﻟﻄ َﺮب؛ ﺷﻐﻠﻪ ﺑﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﺎﻧﻊ ﻟﻪ ﻣﻦ اﺳﺘﻤﺎع اﻟﻮاﳾ .وﻗﺪ ﻋﻠﻢ اﻟﻮُﺷﺎة ذﻟﻚ ،وإﻧﻤﺎ ﻳﻘﺼﺪون إﱃ اﻟﺨﲇ ﱢ اﻟﺒﺎل ،اﻟﺼﺎﺋﻞ ﺑﺤﻮزة املﻠﻚ ،املﺘﻌﺘﺐ ﻋﻨﺪ أﻗﻞ ﺳﺒﺐ. وإن ﻟﻠﻮُﺷﺎة ﴐوﺑًﺎ ﻣﻦ اﻟﺘﱠﻨﻘﻴﻞ ،ﻓﻤﻨﻬﺎ أن ﻳﺬﻛﺮ ﻟﻠﻤﺤﺒﻮب ﻋﻤﻦ ﻳﺤﺐ أﻧﻪ ﻏري ﻛﺎﺗﻢ ً ﻟﻠﴪ .وﻫﺬا ﻣﻜﺎن ﺻﻌﺐ ا ُملﻌﺎﻧﺎة ،ﺑﻄﻲء ُ ﻣﻌﺎرﺿﺎ ﻟﻠﻤُﺤﺐ ﰲ ﻣﺤﺒﺘﻪ، اﻟﱪء إﻻ أن ﻳﻮاﻓﻖ وﻫﺬا أﻣﺮ ﻳﻮﺟﺐ اﻟﻨﱢﻔﺎر ،ﻓﻼ ﻓﺮج ﻟﻠﻤﺤﺒﻮب إﻻ ﺑﺄن ﺗُﺴﺎﻋﺪه اﻷﻗﺪار ﺑﺎﻻﻃﻼع ﻋﲆ ﺑﻌﺾ أﴎار ﻣﻦ ﻳُﺤﺐ ،ﺑﻌﺪ أن ﻳﻜﻮن املﺤﺒﻮب ذا ﻋﻘﻞ ،وﻟﻪ ﺣﻆ ﻣﻦ ﺗﻤﻴﻴﺰ ،ﺛﻢ ﻳَﺪﻋﻪ وا ُملﻄﺎوﻟﺔ، ﻓﺈذا ﺗﻜﺬﱠب ﻋﻨﺪه ﻧ َ ْﻘﻞ اﻟﻮاﳾ ﻣﻊ ﻣﺎ أﻇﻬﺮ ﻣﻦ اﻟﺠﻔﺎء واﻟﺘﺤﻔﻆ وﻟﻢ ﻳﺴﻤﻊ ﻟﴪه إذاﻋﺔ؛ ﻋﻠﻢ أﻧﻪ إﻧﻤﺎ زور ﻟﻪ اﻟﺒﺎﻃﻞ ،واﺿﻤﺤﻞ ﻣﺎ ﻗﺎم ﰲ ﻧﻔﺴﻪ .وﻟﻘﺪ ﺷﺎﻫﺪت ﻫﺬا ﺑﻌﻴﻨﻪ ﻟﺒﻌﺾ ا ُملﺤﺒني ﻣﻊ ﺑﻌﺾ ﻣﻦ ﻛﺎن ﻳﺤﺐ ،وﻛﺎن املﺤﺒﻮب ﺷﺪﻳ َﺪ املﺮاﻗﺒﺔ ﻋﻈﻴﻢ اﻟﻜﺘﻤﺎن ،وﻛﺜﺮ اﻟﻮﺷﺎة ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﺣﺘﻰ ﻇﻬﺮت أﻋﻼم ذﻟﻚ ﰲ وﺟﻬﻪ ،وﺣﺪَث ﰲ ﺣُ ﺐ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ،ورﻛﺒﺘﻪ وﺟﻤﺔ، وأﻇﻠﺘﻪ ﻓﻜﺮة ،ودﻫﻤﺘﻪ ﺣرية ،إﱃ أن ﺿﺎق ﺻﺪره وﺑﺎح ﺑﻤﺎ ﻧُﻘﻞ إﻟﻴﻪ .ﻓﻠﻮ ﺷﺎﻫﺪت ﻣﻘﺎم املﺤﺐ ﰲ اﻋﺘﺬاره ،ﻟﻌﻠﻤﺖ أن اﻟﻬﻮى ﺳﻠﻄﺎن ﻣُﻄﺎع ،وﺑﻨﺎء ﻣﺸﺪود اﻷواﺧﻲ ،وﺳﻨﺎن ﻧﺎﻓﺬ، ﻷي ﻣﺎ وﻛﺎن اﻋﺘﺬاره ﺑني اﻻﺳﺘﺴﻼم واﻻﻋﱰاف ،واﻹﻧﻜﺎر واﻟﺘﻮﺑﺔ واﻟﺮﻣﻲ ﺑﺎملﻘﺎﻟﻴﺪ ،ﻓﺒﻌﺪ ٍ ﺻﻠﺢ اﻷﻣﺮ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ. ﻃﻮق اﻟﺤﻤﺎﻣﺔ ﰲ اﻷ ُ َ ﻟﻔﺔِ واﻷ ُ ﱠﻻف ورﺑﻤﺎ ذﻛﺮ اﻟﻮاﳾ أن ﻣﺎ ﻳُﻈﻬﺮ املﺤﺐ ﻣﻦ املﺤﺒﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﺑﺼﺤﻴﺤﺔ ،وأن ﻣﺬﻫﺒﻪ ﰲ ذﻟﻚ ِﺷﻔﺎء ﻧﻔﺴﻪ وﺑﻠﻮغ وَﻃﺮه .وﻫﺬا ﻓﺼﻞ وإن ﻛﺎن ﺷﺪﻳﺪًا ﰲ اﻟﻨﻘﻞ ﻓﻬﻮ أﻳﴪ ﻣُﻌﺎﻧﺎة ﻣﻤﺎ ﻗﺒﻠﻪ ،ﻓﺤﺎﻟﺔ املﺤﺐ ﻏري ﺣﺎﻟﺔ املﺘﻠﺬذ ،وﺷﻮاﻫﺪ اﻟﻮﺟﺪ ﻣﺘﻔﺮﻗﺔ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ .وﻗﺪ وﻗﻊ ﻣﻦ ﻫﺬا ﻧُﺒﺬ ﻛﺎﻓﻴﺔ ﰲ ﺑﺎب اﻟﻄﺎﻋﺔ .ورﺑﻤﺎ ﻧﻘﻞ اﻟﻮاﳾ أن ﻫﻮى اﻟﻌﺎﺷﻖ ﻣﺸﱰك ،وﻫﺬه اﻟﻨﺎر ا ُملﺤﺮﻗﺔ ،واﻟﻮَﺟﻊ اﻟﻔﺎﳾ ﰲ اﻷﻋﻀﺎء ،وإذا واﻓﻖ اﻟﻨﺎﻗﻞ ﻟﻬﺬه املﻘﺎﻟﺔ أن ﻳﻜﻮن ا ُملﺤﺐ ﻓﺘًﻰ ً َ ﻣﺎﺋﻼ إﱃ اﻟﻠﺬات ،دُﻧﻴﺎوي اﻟﻄﺒﻊ ،واملﺤﺒﻮب ﺣﺴﻦ اﻟﻮﺟﻪ ،ﺣُ ﻠﻮ اﻟﺤﺮﻛﺎت ،ﻣﺮﻏﻮﺑًﺎ ﻓﻴﻪ، اﻣﺮأة ﺟﻠﻴﻠﺔ اﻟﻘﺪر ﴎﻳﺔ املﻨﺼﺐ ،ﻓﺄﻗﺮب اﻷﺷﻴﺎء َﺳﻌْ ﻴﻬﺎ ﰲ إﻫﻼﻛﻪ ،وﺗﺼﺪﱢﻳﻬﺎ ﻟﺤﺘﻔﻪ .ﻓﻜﻢ ﴏﻳﻊ ﻋﲆ ﻫﺬا اﻟﺴﺒﺐ! وﻛﻢ ﻣَ ﻦ ُﺳﻘﻲ اﻟﺴﻢ َ ﻓﻘﻄﻊ أﻣﻌﺎءه ﻟﻬﺬا اﻟﻮﺟﻪ! وﻫﺬه ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻴﺘﺔ َ املﻌﺮوﻓني ﺑﺎﺑﻨَﻲ ﻣﺮوان ﺑﻦ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﺪﻳﺮ ،واﻟﺪ أﺣﻤﺪ املﺘﻨﺴﻚ ،وﻣﻮﳻ وﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ، ً ﻟﺒﻨﻰ ،ﻣﻦ ﻗِ ﺒﻞ َﻗ ْ ﻗﻄﻌﺔ ،ﻣﻨﻬﺎ: ﻄﺮ اﻟﻨﺪى ﺟﺎرﻳﺘﻪ .وﰲ ذﻟﻚ أﻗﻮل ﻣﺤﺬﱢ ًرا ﻟﺒﻌﺾ إﺧﻮاﻧﻲ ﺎب اﻟ ﱠﺮدَى ُﻣ ﺘَ ﺄ َ ﱢرض ﺟَ ﻬُ ٍ ﻮل ِﻷ َ ْﺳ ﺒَ ِ َ ﺗَ َﺮ ﱠﺷ َﻔ ُﻪ ِﻣ ْﻦ ﻃ ﻴﱢ ِﺐ اﻟ ﱠ ﻄ ﻌْ ِﻢ أﺑْ ﻴَ ﺾ و ََﻫ ْﻞ ﻳَ ﺄْﻣَ ُﻦ اﻟ ﻨ ﱢ ْﺴ ﻮ َ َان َﻏ ﻴْ ُﺮ ُﻣ َﻐ ﱠﻔ ٍﻞ َو َﻛ ْﻢ و َِار ٍد ﺣَ ﻮ ً ْﺿﺎ ِﻣ َﻦ اﻟﻤَ ﻮ ِْت أ َ ْﺳﻮَد واش ﻳَﺴﻌَ ﻰ َ ﻟﻠﻘ ْ ﻄﻊ ﺑني ا ُملﺤﺒني ﻟﻴﻨﻔﺮد ﺑﺎملﺤﺒﻮب وﻳﺴﺘﺄﺛﺮ ﺑﻪ .وﻫﺬا أﺷﺪ واﻟﺜﺎﻧﻲ ٍ ﳾء وأﻗﻄﻌﻪ ،وأﺟﺰم ﻻﺟﺘﻬﺎد اﻟﻮاﳾ واﺳﺘﻔﺎدة ﺟُ ﻬﺪه. ﴎﻫﻤﺎ ،وﻫﺬا ﻻ وﻣﻦ اﻟﻮُﺷﺎة ﺟﻨﺲ ﺛﺎﻟﺚ ،وﻫﻮ ٍ واش ﻳَﺴﻌﻰ ﺑﻬﻤﺎ ﺟﻤﻴﻌً ﺎ ،وﻳﻜﺸﻒ ﱠ ﻳُﻠﺘﻔﺖ إﻟﻴﻪ إذا ﻛﺎن املﺤﺐ ﻣﺴﺎﻋﺪًا .وﰲ ذﻟﻚ أﻗﻮل: وَﻣَ ﺎ ِﺑ ِﺴ ﻮَى أ َ ْﺧ ﺒَ ِﺎرﻧ َ ﺎ ﻳَ ﺘَ ﻨ َ ﱠﻔ ُﺲ أَﻧ َﺎ آ ُﻛ ُﻞ اﻟ ﱡﺮﻣﱠ َ ﺎن وَاﻟ ُﻮ ْﻟﺪ ﺗَ ْﻀﺮس ﻇ ﱠﻞ ﻳَ ْﻜ ِﺸ ُ َاش َ ﻒ أَﻣْ َﺮﻧ َﺎ ﻋَ ِﺠﺒْ ُﺖ ِﻟﻮ ٍ وَﻣَ ﺎذَا ﻋَ َﻠﻴْ ِﻪ ِﻣ ْﻦ ﻋَ ﻨ َﺎ ِﺋﻲ َو َﻟﻮْﻋَ ِﺘﻲ وﻻ ﺑﺪ أن أورد ﻣﺎ ﻳُﺸﺒﻪ ﻣﺎ ﻧﺤﻦ ﻓﻴﻪ ،وإن ﻛﺎن ﺧﺎرﺟً ﺎ ﻣﻨﻪ ،وﻫﻮ ﳾء ﰲ ﺑﻴﺎن ُ ً ﺑﻌﻀﺎ ﻛﻤﺎ ﴍﻃﻨﺎ ﰲ أول اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ،وﻣﺎ ﰲ ﺟﻤﻴﻊ ﺑﻌﻀﻪ اﻟﺘﻨﻘﻴﻞ واﻟﻨﻤﺎﺋﻢ؛ ﻓﺎﻟﻜﻼم ﻳﺪﻋﻮ اﻟﻨﺎس ﴍ ﻣﻦ اﻟﻮُﺷﺎة ،وﻫﻢ اﻟﻨﻤﺎﻣﻮن ،وإن اﻟﻨﻤﻴﻤﺔ ﻟ َ ﻄﺒْ ٌﻊ ﻳﺪُل ﻋﲆ ﻧﺘﻦ اﻷﺻﻞ ،ورداءة َ اﻟﻔﺮع ،وﻓﺴﺎد اﻟﻄﺒﻊُ ، وﺧﺒﺚ اﻟﻨﺸﺄة ،وﻻ ﺑﺪ ﻟﺼﺎﺣﺒﻪ ﻣﻦ اﻟﻜﺬب. واﻟﻨﻤﻴﻤﺔ ﻓﺮع ﻣﻦ ﻓﺮوع اﻟﻜﺬب ،وﻧﻮع ﻣﻦ أﻧﻮاﻋﻪ ،وﻛﻞ ﻧﻤﱠ ﺎم ﻛﺬﱠاب ،وﻣﺎ أﺣﺒﺒﺖ ﻛﺬاﺑًﺎ ﻗﻂ ،وإﻧﻲ ﻷﺳﺎﻣﺢ ﰲ إﺧﺎء ﻛﻞ ذي ﻋَ ﻴﺐ وإن ﻛﺎن ﻋﻈﻴﻤً ﺎ ،وأ ِﻛ ُﻞ أﻣﺮه إﱃ ﺧﺎﻟﻘﻪ ﻋ ﱠﺰ وﺟﻞ ،وآﺧﺬ ﻣﺎ َ ﻣﺎح ﻟﻜﻞ ﻣﺤﺎﺳﻨﻪ، ﻇﻬﺮ ﻣﻦ أﺧﻼﻗﻪ ﺣﺎﺷﺎ ﻣَ ﻦ أﻋﻠﻤﻪ ﻳﻜﺬب؛ ﻓﻬﻮ ﻋﻨﺪي ٍ 76 ﺑﺎب اﻟﻮاﳾ ﻒ ﻋﲆ ﺟﻤﻴﻊ ﺧِ ﺼﺎﻟﻪ ،وﻣُﺬﻫِ ﺐٌ ﻛ ﱠﻞ ﻣﺎ ﻓﻴﻪ ،ﻓﻤﺎ أرﺟﻮ ﻋﻨﺪه ﺧريًا ً وﻣُﻌَ ﱟ أﺻﻼ؛ وذﻟﻚ ﻷن ﻛﻞ ذﻧﺐ ﻓﻬﻮ ﻳﺘﻮب ﻋﻨﻪ ﺻﺎﺣﺒﻪ ،وﻛﻞ ذا ﱟم ﻓﻘﺪ ﻳﻤﻜﻦ اﻻﺳﺘﺘﺎر ﺑﻪ واﻟﺘﻮﺑﺔ ﻣﻨﻪ ﺣﺎﺷﺎ اﻟﻜﺬب؛ ﻓﻼ ﺳﺒﻴ َﻞ إﱃ اﻟﺮﺟﻌﺔ ﻋﻨﻪ ،وﻻ إﱃ ﻛﺘﻤﺎﻧﻪ ﺣﻴﺚ ﻛﺎن .وﻣﺎ رأﻳﺖ ﻗﻂ وﻻ أﺧﱪﻧﻲ ﻣَ ﻦ رأى ﻛﺬﱠاﺑًﺎ ﺗﺮك اﻟﻜﺬب وﻟﻢ ﻳﻌﺪ إﻟﻴﻪ ،وﻻ ﺑﺪأت ﻗﻂ ﺑﻘﻄﻴﻌﺔ ذي ﻣﻌﺮﻓﺔ إﻻ أن أﻃﻠﻊ ﻟﻪ ﻋﲆ اﻟﻜﺬب ،ﻓﺤﻴﻨﺌ ٍﺬ أﻛﻮن أﻧﺎ اﻟﻘﺎﺻﺪ إﱃ ﻣﺠﺎﻧﺒﺘﻪ ،واملﺘﻌ ﱢﺮض ملﺘﺎرﻛﺘﻪ ،وﻫﻲ ِﺳﻤﺔ ﻣﺎ رأﻳﺘُﻬﺎ ﻗﻂ ﰲ أﺣﺪ إﻻ وﻫﻮ ﻣَ ْﺰﻧﻮن ﰲ ﻧﻔﺴﻪ إﻟﻴﻪ ﺑﺸﻖ ،ﻣﻐﻤﻮز ﻋﻠﻴﻪ ﻟﻌﺎﻫﺔ ﺳﻮءٍ ﰲ ذاﺗﻪ .ﻧﻌﻮذ ﺑﺎهلل ﻣﻦ اﻟﺨﺬﻻن. آخ ﻣﻦ ﺷﺌﺖ واﺟﺘﻨﺐ ﺛﻼﺛﺔ :اﻷﺣﻤﻖ؛ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﻨﻔﻌﻚ وﻗﺪ ﻗﺎل ﺑﻌﺾ اﻟﺤﻜﻤﺎءِ : ﻓﻴﴬك ،وا َملﻠُﻮل؛ ﻓﺈﻧﻪ أوﺛﻖ ﻣﺎ ﺗﻜﻮن ﺑﻪ ﻟﻄﻮل اﻟﺼﺤﺒﺔ وﺗﺄ ﱡﻛﺪﻫﺎ ﻳﺨﺬﻟﻚ ،واﻟﻜﺬاب؛ ﻓﺈﻧﻪ ُ ﻳﺠﻨﻲ ﻋﻠﻴﻚ َ ﺣﻴﺚ ﻻ ﺗﺸﻌﺮ. آﻣﻦ ﻣﺎ ﻛﻨﺖ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ وﺣﺪﻳﺚ ﻋﻦ رﺳﻮل ﷲ ﷺ :ﺣُ ﺴﻦ اﻟﻌﻬﺪ ﻣﻦ اﻹﻳﻤﺎن. وﻋﻨﻪ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼم :ﻻ ﻳُﺆﻣِﻦ اﻟﺮﺟ ُﻞ ﺑﺎﻹﻳﻤﺎن ﻛﻠﻪ ﺣﺘﻰ ﻳﺪع اﻟﻜﺬب ﰲ ا ُملﺰاح. ﺣﺪﺛﻨﺎ ﺑﻬﻤﺎ أﺑﻮ ﻋﻤﺮ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ،ﻋﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﲇ ﱢ ﺑﻦ ِرﻓﺎﻋﺔ ،ﻋﻦ ﻋﲇ ﱢ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ ،ﻋﻦ أﺑﻲ ﻋُ ﺒﻴﺪ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﺑﻦ ﱠ ﺳﻼم ﻋﻦ ﺷﻴﻮﺧﻪ ،واﻵﺧﺮ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻣُﺴﻨﺪ إﱃ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎب واﺑﻨﻪ ﻋﺒﺪ ﷲ — رﴈ ﷲ ﻋﻨﻬﻤﺎ. ﻮن ﻣَ ﺎ َﻻ ﺗَ ْﻔﻌَ ﻠُ َ ِﻳﻦ آﻣَ ﻨُﻮا ِﻟ َﻢ ﺗَ ُﻘﻮﻟُ َ وﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ ﻳﻘﻮل﴿ :ﻳَﺎ أَﻳﱡﻬَ ﺎ ا ﱠﻟﺬ َ ﱪ ﻣَ ْﻘﺘًﺎ ﻋِ ﻨ َﺪ ﻮن * َﻛ ُ َ ﷲ أَن ﺗَ ُﻘﻮﻟُﻮا ﻣَ ﺎ َﻻ ﺗَ ْﻔﻌَ ﻠُ َ ِ ﻮن﴾. وﻋﻦ رﺳﻮل ﷲ ﷺ أﻧﻪ ُﺳﺌﻞ :ﻫﻞ ﻳﻜﻮن املﺆﻣﻦ ﺑ ً َﺨﻴﻼ؟ ﻓﻘﺎل :ﻧﻌﻢ .ﻗﻴﻞ :ﻓﻬﻞ ﻳﻜﻮن ا ُملﺆﻣﻦ ﺟَ ﺒﺎﻧًﺎ؟ ﻓﻘﺎل :ﻧﻌﻢ .ﻗﻴﻞ :ﻓﻬﻞ ﻳﻜﻮن املﺆﻣﻦ َﻛﺬﱠاﺑًﺎ؟ ﻗﺎل :ﻻ. ﺣﺪﱠﺛﻨﺎه أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ ،ﻋﻦ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ َﺳﻌﻴﺪ ،ﻋﻦ ﻋُ ﺒﻴﺪ ﷲ ﺑﻦ ﻳﺤﻴﻰ ،ﻋﻦ أﺑﻴﻪ ،ﻋﻦ ﻣﺎﻟﻚ ﺑﻦ أﻧﺲ ،ﻋﻦ َ ﺻﻔﻮان ﺑﻦ ﺳﻠﻴﻢ. ٍ ﺣﺪﻳﺚ ُﺳﺌﻞ ﻓﻴﻪ. وﺑﻬﺬا اﻹﺳﻨﺎد أن رﺳﻮل ﷲ ﷺ ﻗﺎل :ﻻ ﺧريَ ﰲ اﻟﻜﺬب .ﰲ وﺑﻬﺬا اﻹﺳﻨﺎد ﻋﻦ ﻣﺎﻟﻚ أﻧﻪ ﺑﻠﻐﻪ ﻋﻦ اﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮد أﻧﻪ ﻛﺎن ﻳﻘﻮل :ﻻ ﻳﺰال اﻟﻌَ ﺒﺪ ﻳ ْﻜﺬِب وﻳُﻨ َﻜﺖ ﰲ ﻗﻠﺒﻪ ﻧُﻜﺘﺔ ﺳﻮداء ﺣﺘﻰ ﻳَﺴﻮ ﱠد اﻟﻘﻠﺐ؛ ﻓﻴُﻜﺘﺐ ﻋﻨﺪ ﷲ ﻣﻦ اﻟﻜﺬاﺑني. ﱢ ﺑﺎﻟﺼﺪق؛ ﻓﺈﻧﻪ وﺑﻬﺬا اﻹﺳﻨﺎد ﻋﻦ اﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮد — رﴈ ﷲ ﻋﻨﻪ — أﻧﻪ ﻗﺎل :ﻋﻠﻴﻜﻢ ﻳﻬﺪي إﱃ اﻟﱪ ،واﻟﱪ ﻳﻬﺪي إﱃ اﻟﺠﻨﺔ ،وإﻳﺎﻛﻢ واﻟﻜﺬب؛ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻬﺪي إﱃ اﻟﻔﺠﻮر ،واﻟﻔﺠﻮر ﻳﻬﺪي إﱃ اﻟﻨﺎر. 77 ﻃﻮق اﻟﺤﻤﺎﻣﺔ ﰲ اﻷ ُ َ ﻟﻔﺔِ واﻷ ُ ﱠﻻف وروي أﻧﻪ أﺗﺎه ﷺ رﺟ ٌﻞ ﻓﻘﺎل :ﻳﺎ رﺳﻮل ﷲ ،إﻧﻲ أﺳﺘﱰ ﺑﺜﻼث :اﻟﺨﻤﺮ واﻟﺰﻧﺎ واﻟﻜﺬب؛ ﻓﻤُﺮﻧﻲ أﻳﻬﻤﺎ أﺗﺮك .ﻗﺎل :اﺗﺮك اﻟﻜﺬب .ﻓﺬﻫﺐ ﻋﻨﻪ ،ﺛﻢ أراد اﻟﺰﻧﺎ ﻓﻔ ﱠﻜﺮ ﻓﻘﺎل :آﺗﻲ رﺳﻮل ﷲ ﷺ ﻓﻴﺴﺄﻟﻨﻲ :أزﻧﻴﺖ؟ ﻓﺈن ﻗﻠﺖ :ﻧﻌﻢ ،ﺣﺪﱠﻧﻲ ،وإن ﻗﻠﺖ :ﻻ ،ﻧﻘﻀﺖ اﻟﻌﻬﺪ. ﻓﱰﻛﻪ ،ﺛﻢ ﻛﺬﻟﻚ ﰲ اﻟﺨﻤﺮ ،ﻓﻌﺎد إﱃ رﺳﻮل ﷲ ﷺ ﻓﻘﺎل :ﻳﺎ رﺳﻮل ﷲ ،إﻧﻲ ﺗﺮﻛﺖ اﻟﺠﻤﻴﻊ. ﻓﺎﻟﻜﺬب أﺻﻞ ﻛﻞ ﻓﺎﺣﺸﺔ ،وﺟﺎﻣﻊ ﻛﻞ ﺳﻮء ،وﺟﺎﻟﺐٌ ملﻘﺖ ﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ .وﻋﻦ أﺑﻲ ﺑﻜﺮ اﻟﺼﺪﻳﻖ — رﴈ ﷲ ﻋﻨﻪ — أﻧﻪ ﻗﺎل :ﻻ إﻳﻤﺎن ملﻦ ﻻ أﻣﺎﻧﺔ ﻟﻪ. وﻋﻦ اﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮد — رﴈ ﷲ ﻋﻨﻪ — أﻧﻪ ﻗﺎل :ﻛﻞ اﻟﺨﻼل ﻳُﻄﺒﻊ ﻋﻠﻴﻬﺎ املﺆﻣﻦ إﻻ ً ﻣﻨﺎﻓﻘﺎ :ﻣﻦ إذا وﻋﺪ اﻟﺨﻴﺎﻧﺔ واﻟﻜﺬب .وﻋﻦ رﺳﻮل ﷲ ﷺ أﻧﻪ ﻗﺎل :ﺛﻼث ﻣﻦ ُﻛ ﱠﻦ ﻓﻴﻪ ﻛﺎن أﺧﻠﻒ ،وإذا ﺣﺪث ﻛﺬب ،وإذا اؤﺗﻤﻦ ﺧﺎن. وﻫﻞ اﻟ ُﻜﻔﺮ إﻻ ﻛﺬب ﻋﲆ ﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ؟ وﷲ اﻟﺤﻖ ،وﻫﻮ ﻳﺤﺐ اﻟﺤﻖ ،وﺑﺎﻟﺤﻖ ﻗﺎﻣﺖ اﻟﺴﻤﻮات واﻷرض .وﻣﺎ رأﻳﺖ أﺧﺰى ﻣﻦ ﻛﺬﱠاب ،وﻣﺎ ﻫﻠﻜﺖ اﻟﺪول ،وﻻ ﻫﻠﻜﺖ املﻤﺎﻟﻚ ،وﻻ ُﺳﻔﻜﺖ اﻟﺪﻣﺎء ﻇﻠﻤً ﺎ ،وﻻ ُﻫﺘﻜﺖ اﻷﺳﺘﺎر ﺑﻐري اﻟﻨﻤﺎﺋﻢ واﻟﻜﺬب ،وﻻ أ ُ ﱢﻛﺪت اﻟﺒﻐﻀﺎء واﻹﺣَ ﻦ ا ُملﺮدﻳﺔ إﻻ ﺑﻨﻤﺎﺋﻢ ﻻ ﻳَﺤْ ﻈﻰ ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ إﻻ ﺑﺎ َملﻘﺖ واﻟﺨﺰي واﻟﺬل ،وأن ﻳﻨﻈﺮ ﻣﻨﻪ اﻟﺬي ﻳﻨﻘﻞ ً ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ﻏريه ،ﺑﺎﻟﻌني اﻟﺘﻲ ﻳﻨﻈﺮ ﺑﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﻜﻠﺐ .وﷲ ﻋ ﱠﺰ وﺟﻞ ﻳﻘﻮلَ ﴿ :وﻳْ ٌﻞ ﱢﻟ ُﻜ ﱢﻞ إﻟﻴﻪ، ُﻫﻤَ َﺰ ٍة ﱡﻟﻤَ َﺰةٍ﴾ ،وﻳﻘﻮل ﺟ ﱠﻞ ﻣﻦ ﻗﺎﺋﻞ﴿ :ﻳَﺎ أَﻳﱡﻬَ ﺎ ا ﱠﻟﺬ َ ِﻳﻦ آﻣَ ﻨُﻮا إِن ﺟَ ﺎءَ ُﻛ ْﻢ َﻓ ِ ﺎﺳ ٌﻖ ِﺑﻨَﺒَ ٍﺄ َﻓﺘَﺒَﻴﱠﻨُﻮا﴾ — ﻓﺴﻤﻰ اﻟﻨﻘﻞ ﺑﺎﺳﻢ اﻟﻔﺴﻮق ،وﻳﻘﻮل﴿ :و ََﻻ ﺗُ ِﻄ ْﻊ ُﻛ ﱠﻞ ﺣَ ﱠﻼ ٍ ني * َﻫﻤﱠ ٍﺎز ﻣﱠ ﱠﺸﺎءٍ ف ﻣﱠ ِﻬ ٍ ري ﻣُﻌْ ﺘَ ٍﺪ أَﺛِﻴ ٍﻢ * ﻋُ ﺘُ ﱟﻞ ﺑَﻌْ َﺪ ذَ ِﻟ َﻚ َزﻧِﻴ ٍﻢ﴾ .واﻟﺮﺳﻮل ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼم ﻳﻘﻮل: ﺎع ﱢﻟ ْﻠ َﺨ ْ ِ ِﺑﻨ َ ِﻤﻴ ٍﻢ * ﻣﱠ ﻨ ﱠ ٍ ﻻ ﻳﺪﺧﻞ اﻟﺠﻨﺔ َﻗﺘﱠﺎت .وﻳﻘﻮل :وإﻳﺎﻛﻢ وﻗﺎﺗﻞ اﻟﺜﻼﺛﺔ .ﻳﻌﻨﻲ ﱢ املﻨﻘﻞ واملﻨﻘﻮل إﻟﻴﻪ واملﻨﻘﻮل ﻋﻨﻪ .واﻷﺣﻨﻒ ﻳﻘﻮل :اﻟﺜﻘﺔ ﻻ ﻳﺒ ﱢﻠﻎ ،وﺣﻖ ﻟﺬي اﻟﻮَﺟﻬني ﱠأﻻ ﻳﻜﻮن ﻋﻨﺪ ﷲ وﺟﻴﻬً ﺎ .وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳَﺠﻌﻠﻪ ﻣﻦ أﺧﺲ اﻟﻄﺒﺎﺋﻊ وأرذﻟﻬﺎ. َ ﱠ وﱄ إﱃ أﺑﻲ إﺳﺤﺎق إﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﻦ ﻋﻴﴗ اﻟﺜﻘﻔﻲ اﻟﺸﺎﻋﺮ — رﺣﻤﻪ ﷲ — وﻗﺪ ﻧﻘﻞ إﻟﻴﻪ رﺟﻞ ﻣﻦ إﺧﻮاﻧﻲ ﻋﻨﻲ ﻛﺬﺑًﺎ ﻋﲆ ﺟﻬﺔ اﻟﻬﺰل ،وﻛﺎن ﻫﺬا اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻛﺜريَ اﻟﻮﻫﻢ ﻓﺄﻏﻀﺒﻪ ً ﺻﺪﻳﻘﺎ ،وﻣﺎ ﻛﺎن اﻟﻨﺎﻗﻞ إﻟﻴﻪ ﻣﻦ أﻫﻞ ﻫﺬه اﻟﺼﻔﺔ ،وﻟﻜﻨﻪ ﻛﺎن وﺻﺪﱠﻗﻪ ،وﻛﻼﻫﻤﺎ ﻛﺎن ﱄ ﻛﺜري ا ُملﺰاح ﺟ ﱠﻢ اﻟﺪﻋﺎﺑﺔ ،ﻓﻜﺘﺒﺖ إﱃ أﺑﻲ إﺳﺤﺎق ،وﻛﺎن ﻳﻘﻮل ﺑﺎﻟﺨﱪ ،ﺷﻌ ًﺮا ،ﻣﻨﻪ: و ََﻻ ﺗَ ﺘَ ﺒَ ﱠﺪ ْل َﻗ ﺎ َﻟ ًﺔ َﻗ ْﺪ َﺳ ِﻤ ﻌْ ﺘَ ﻬَ ﺎ ﺗُ َﻘﺎ ُل و ََﻻ ﺗَﺪ ِْري اﻟ ﱠ ﺼﺤﻴﺢَ ِﺑﻤَ ﺎ ﺗَﺪ ِْري 78 ﺑﺎب اﻟﻮاﳾ َﻛ ﻤَ ْﻦ َﻗ ْﺪ أ َ َر َ ﻶل إ ِ ْن ﺑَ ﺪَا اق اﻟ ﻤَ ﺎءَ ِﻟ ِ َﻓ َﻼ َﻗﻰ اﻟ ﱠﺮدَى ﻓِ ﻲ اﻷَﻓﻴ ِﺢ اﻟﻤَ ﻬْ ﻤَ ِﻪ اﻟ َﻘ ْﻔﺮ ُ وﻛﺘﺒﺖ إﱃ اﻟﺬي ﻧَﻘﻞ ﻋﻨﻲ ﺷﻌ ًﺮا ،ﻣﻨﻪ: َﻓ َﺴ ﺎد ﻋِ َﻼج اﻟ ﻨ ﱠ ْﻔ ِﺲ َ ﻃﻲ َ ﺻ َﻼﺣِ ﻬ ﺎ َﻛ ِﻤ ﺜ ْ ِﻞ اﻟ ﺤُ ﺒَ ﺎ َرى ﺗَ ﺘﱠ ﻘِ ﻲ ِﺑ ِﺴ َﻼﺣِ ﻬ ﺎ و ََﻻ ﺗُﺪْﻏِ ﻤَ ْﻦ ﻓِ ﻲ اﻟ ِﺠ ﱢﺪ ﻣَ ْﺰﺣً ﺎ ﻛ ُﻤﻮﻟِﺞ ور أَﻣْ َﻀﻰ ِﺳ َﻼﺣِ ﻪ وَﻣَ ْﻦ َﻛﺎن ﻧ َ ْﻘ ُﻞ اﻟ ﱡﺰ ِ وﻛﺎن ﱄ ﺻﺪﻳﻖ ﻣﺮ ًة ،وﻛﺜﺮ اﻟﺘﺪﺧﻴﻞ ﺑﻴﻨﻲ وﺑﻴﻨﻪ ﺣﺘﻰ َﻛﺪح ذﻟﻚ ﻓﻴﻪ واﺳﺘﺒﺎن ﰲ وﺟﻬﻪ وﰲ ﻟﺤﻈﻪ ،و ُ ﻃ ُ ﺒﻌﺖ ﻋﲆ اﻟﺘﺄﻧﻲ واﻟﱰﺑﱡﺺ وا ُملﺴﺎملﺔ ﻣﺎ أﻣﻜﻨﺖ ،ووﺟﺪت ﺑﺎﻻﻧﺨﻔﺎض ً ﺳﺒﻴﻼ إﱃ ﻣﻌﺎودة املﻮدة ،ﻓﻜﺘﺒﺖ إﻟﻴﻪ ﺷﻌ ًﺮا ،ﻣﻨﻪ: َوﻟِﻲ ﻓِ ﻲ ا ﱠﻟﺬي أُﺑْﺪِي ﻣَ َﺮا ٍم َﻟ َﻮ اﻧ ﱠﻬﺎ ﺑَﺪ ْ َت ﻣَ ﺎ ادﱠﻋَ ﻰ ﺣُ ْﺴ َﻦ اﻟ ﱢﺮﻣَ ﺎﻳَ ِﺔ و َْﻫﺮز وأﻗﻮل ﻣﺨﺎﻃﺒًﺎ ﻟﻌُ ﺒﻴﺪ ﷲ ﺑﻦ ﻳﺤﻴﻰ اﻟﺠﺰﻳﺮي اﻟﺬي ﻳﺤﻔﻆ ﻟﻌﻤﱢ ﻪ اﻟﺮﺳﺎﺋﻞ اﻟﺒﻠﻴﻐﺔ، وﻛﺎن ﻃﺒْ ُﻊ اﻟﻜﺬب ﻗﺪ اﺳﺘﻮﱃ ﻋﻠﻴﻪ ،واﺳﺘﺤﻮذ ﻋﲆ ﻋﻘﻠﻪ ،وأﻟﻔﻪ أﻟﻔﺔ اﻟﻨﻔﺲ اﻷﻣﻞ ،وﻳﺆ ﱢﻛﺪ ﻧﻘ َﻠﻪ وﻛﺬﺑَﻪ ﺑﺎﻷﻳﻤﺎن املﺆ ﱢﻛﺪة ا ُملﻐ ﱠﻠﻈﺔ ،ﻣﺠﺎﻫ ًﺮا ﺑﻬﺎ أﻛﺬب ﻣﻦ اﻟﴪاب ،ﻣﺴﺘﻬﱰًا ﺑﺎﻟﻜﺬب ً ﻣﺸﻐﻮﻓﺎ ﺑﻪ ،ﻻ ﻳﺰال ﻳﺤﺪث ﻣﻦ ﻗﺪ ﺻﺢﱠ ﻋﻨﺪه أﻧﻪ ﻻ ﻳﺼﺪﻗﻪ ،ﻓﻼ ﻳﺰﺟﺮه ذﻟﻚ ﻋﻦ أن ﻳﺤﺪث ﺑﺎﻟﻜﺬب: ﺎل أ َ َرﺗْ ِﻨﻲ ُﻗﺒْﺢَ ﻋَ ْﻘ ِﺪ َك ﺑَﻴﱢﻨﺎ وَﺣَ ٍ َ َﻛﻤَ ﺎ ﺗُﺜ ْ ِﺒ ُﺖ اﻷﺣْ َﻜﺎ ُم ِﺑﺎﻟﺤَ ﺒَ ِﻞ اﻟ ﱢﺰﻧﺎ ﺑَ ﺪَا ُﻛ ﱡﻞ ﻣَ ﺎ َﻛ ﺘﱠﻤ ﺘ ﻪ ﺑَ ﻴْ َﻦ ُﻣ ْﺨ ِﺒ ﺮ َو َﻛ ْﻢ ﺣَ ﺎ َﻟ ٍﺔ َ ﺻﺎ َر ْت ﺑَﻴَﺎﻧ ًﺎ ِﺑﺤَ ﺎ َﻟ ٍﺔ ً ﻗﻄﻌﺔ ،ﻣﻨﻬﺎ: وﻓﻴﻪ أﻗﻮل أَﻧ َ ﱡﻢ ِﻣ َﻦ اﻟ ِﻤ ْﺮآ ِة ﻓِ ﻲ ُﻛ ﱢﻞ ﻣَ ﺎ َد َرى أَ ُ ﻇ ﱡﻦ اﻟ ﻤَ ﻨ َ ﺎﻳَ ﺎ وَاﻟ ﱠﺰﻣَ َ ﺎن ﺗَ ﻌَ ﱠﻠ ﻤَ ﺎ وَأ َ ْﻗ َ ﺎس ِﻣ ْﻦ ﻗﺼ ِﺐ اﻟ ِﻬﻨ ْ ِﺪ ﻄ ُﻊ ﺑَﻴْ َﻦ اﻟﻨ ﱠ ِ ﺗَ ﺤَ ﻴﱡ َﻠ ُﻪ ِﺑ ﺎﻟ َﻘ ْ ﻄ ِﻊ ﺑَ ﻴْ َﻦ ذَ ِوي اﻟ ُﻮ ﱢد 79 ﻃﻮق اﻟﺤﻤﺎﻣﺔ ﰲ اﻷ ُ َ ﻟﻔﺔِ واﻷ ُ ﱠﻻف وﻓﻴﻪ ً أﻳﻀﺎ أﻗﻮل ﻣﻦ ﻗﺼﻴﺪة ﻃﻮﻳﻠﺔ: وَأَﻗ ﺒْ ﺢُ ِﻣ ْﻦ َدﻳْ ٍﻦ و ََﻓ ْﻘ ٍﺮ ُﻣ َﻼ ِز ِم وَأ َ ْﻫ َﻮ ُن ِﻣ ْﻦ َﺷ ْﻜﻮَى إ ِ َﻟﻰ َﻏﻴْ ِﺮ َراﺣِ ﻢ ﺎل ِﻟ َﺸﺎ ِﺗﻢ َﻓ َﻠ ْﻢ ﻳُﺒْ ِﻖ َﺷﺘْﻤً ﺎ ﻓِ ﻲ اﻟﻤَ َﻘ ِ وَأَﺑْ َﺮد ﺑَ ْﺮدًا ِﻣ ْﻦ ﻣَ ﺪِﻳ ﻨ َ ِﺔ َﺳ ﺎ ِﻟ ﻢ ان ﺣَ ﻴْ َﺮ َ ﺟُ ِﻤ ﻌْ َﻦ ﻋَ َﻠ ﻰ ﺣَ ﱠﺮ َ ان َﻫ ﺎ ِﺋ ﻢ وَأ َ ْﻛﺬَبُ ِﻣ ْﻦ ﺣُ ْﺴ ِﻦ اﻟ ﱡ ﻮن ﺣَ ﺪِﻳﺜ ُﻪ ﻈﻨ ُ ِ أَو َِاﻣ ُﺮ َربﱢ اﻟ ﻌَ ْﺮ ِش ْ أﺿ ﻴَ ُﻊ ﻋِ ﻨ ْ ﺪَه ي و ََﻓ ْﻀ ﺤَ ٍﺔ ﺗَ ﺠَ ﻤﱠ َﻊ ﻓِ ﻴ ِﻪ ُﻛ ﱡﻞ ﺧِ ْﺰ ٍ وَأَﺛ ْ َﻘ ُﻞ ِﻣ ْﻦ ﻋَ ﺬْ ٍل ﻋَ َﻠ ﻰ َﻏ ﻴْ ِﺮ َﻗ ﺎ ِﺑ ٍﻞ وَأَﺑْ َﻐ ُ ﺾ ِﻣ ْﻦ ﺑَ ﻴْ ٍﻦ و ََﻫ ﺠْ ٍﺮ و َِر ْﻗ ﺒَ ٍﺔ ً وﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﻧَﺒﱠﻪ ً ﺻﺪﻳﻘﺎ ،أو ﺣﻔﻆ ﻣﺴﻠﻤً ﺎ ،أو ﺣﻜﻰ ﻋﻦ ﻓﺎﺳﻖ ،أو ﺣﺪﱠث ﻏﺎﻓﻼ ،أو ﻧﺼﺢ ﻋﻦ ﻋﺪو — ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳَﻜﺬِب وﻻ ﻳﻜﺬب وﻻ ﺗﻌﻤﺪ اﻟﻀﻐﺎﺋﻦ — ﱢ ﻣﺘﻨﻘ ًﻼ .وﻫﻞ ﻫﻠﻚ اﻟﻀﻌﻔﺎء وﺳﻘﻂ ﻣﻦ ﻻ ﻋﻘﻞ ﻟﻪ إﻻ ﰲ ﻗﻠﺔ املﻌﺮﻓﺔ ﺑﺎﻟﻨﺎﺻﺢ ﻣﻦ اﻟﻨﻤﺎم؟ وﻫﻤﺎ ﺻﻔﺘﺎن ﻣﺘﻘﺎرﺑﺘﺎن ﰲ اﻟﻈﺎﻫﺮ ،ﻣﺘﻔﺎوﺗﺘﺎن ﰲ اﻟﺒﺎﻃﻦ ،إﺣﺪاﻫﻤﺎ داء واﻷﺧﺮى دواء ،واﻟﺜﺎﻗﺐ اﻟﻘﺮﻳﺤﺔ ﻻ ﻳﺨﻔﻰ ﻋﻠﻴﻪ أﻣﺮﻫﻤﺎ ،ﻟﻜﻦ اﻟﻨﺎﻗﻞ ﻣﻦ ﻛﺎن ﺗﻨﻘﻴﻠﻪ ﻏريَ ﻣﺮﴈﱟ ﰲ اﻟﺪﻳﺎﻧﺔ ،وﻧﻮى ﺑﻪ اﻟﺘﺸﺘﻴﺖ ﺑني اﻷوﻟﻴﺎء ،واﻟﺘﴬﻳﺐ ﺑني اﻹﺧﻮان ،واﻟﺘﺤﺮﻳﺶ واﻟﺘﻮﺑﻴﺶ واﻟﱰﻗﻴﺶ .ﻓﻤﻦ ﺧﺎف إن ﺳﻠﻚ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﻨﺼﻴﺤﺔ أن ﻳﻘﻊ ﰲ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﻨﻤﻴﻤﺔ ،وﻟﻢ ﻳﺜﻖ ﻟﻨﻔﺎذ ﺗﻤﻴﻴﺰه وﻣﻀﺎء ﺗﻘﺪﻳﺮه ﻓﻴﻤﺎ ﻳ َِﺮدُه ﻣﻦ أﻣﻮر دﻧﻴﺎه وﻣﻌﺎﻣﻠﺔ أﻫﻞ زﻣﺎﻧﻪ ،ﻓﻠﻴﺠﻌﻞ دﻳﻨﻪ ً دﻟﻴﻼ ﻟﻪ وﴎاﺟً ﺎ ﻳﺴﺘﴤء ﺑﻪ، ﻓﺤﻴﺜﻤﺎ ﺳﻠﻚ ﺑﻪ ﺳﻠﻚ ،وﺣﻴﺜﻤﺎ أوﻗﻔﻪ وﻗﻒ؛ ﻓﺸﺎرع اﻟﴩﻳﻌﺔ وﺑﺎﻋﺚ اﻟﺮﺳﻮل ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼم وﻣﺮﺗﺐ اﻷواﻣﺮ واﻟﻨﻮاﻫﻲ أﻋﻠﻢ ﺑﻄﺮﻳﻖ اﻟﺤﻖ ،وأدرى ﺑﻌﻮاﻗﺐ اﻟﺴﻼﻣﺔ وﻣﻐﺒﱠﺎت اﻟﻨﺠﺎة ﻣﻦ ﻛﻞ ﻧﺎﻇﺮ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﺑﺰﻋﻤﻪ ،وﺑﺎﺣﺚ ﺑﻘﻴﺎﺳﻪ ﰲ ﻇﻨﻪ. 80 ﺑﺎب اﻟﻮﺻﻞ ﺸﻖ اﻟﻮﺻ ُﻞ ،وﻫﻮ ﺣﻆ رﻓﻴﻊ ،وﻣﺮﺗﺒﺔ ﴎﻳﱠﺔ ،ودرﺟﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ ،وﺳﻌﺪ ﻃﺎﻟﻊ، وﻣﻦ وﺟﻮه اﻟﻌِ ِ اﻟﺴﻨﻲ ،واﻟﴪور اﻟﺪاﺋﻢ ،ورﺣﻤﺔ ﻣﻦ ﷲ ﻋﻈﻴﻤﺔ .وﻟﻮﻻ أن ﺑﻞ ﻫﻮ اﻟﺤﻴﺎة املﺠﺪدة ،واﻟﻌﻴﺶ ﱡ اﻟﺪﻧﻴﺎ دار ﻣَ ﻤَ ﱟﺮ وﻣﺤﻨﺔ وﻛﺪر ،واﻟﺠﻨﺔ دار ﺟﺰاء وأﻣﺎن ﻣﻦ املﻜﺎره؛ ﻟﻘﻠﻨﺎ إن وﺻﻞ املﺤﺒﻮب ﻫﻮ اﻟﺼﻔﺎء اﻟﺬي ﻻ َﻛﺪر ﻓﻴﻪَ ، واﻟﻔﺮح اﻟﺬي ﻻ ﺷﺎﺋﺒﺔ وﻻ ﺣﺰن ﻣﻌﻪ ،وﻛﻤﺎل اﻷﻣﺎﻧﻲ، وﻣﻨﺘﻬﻰ اﻷراﺟﻲ .وﻟﻘﺪ ﺟ ﱠﺮﺑﺖ اﻟﻠﺬات ﻋﲆ ﺗﴫﱡ ﻓﻬﺎ ،وأدرﻛﺖ اﻟﺤﻈﻮظ ﻋﲆ اﺧﺘﻼﻓﻬﺎ ،ﻓﻤﺎ ﻟﻠﺪﻧ ﱢﻮ ﻣﻦ اﻟﺴﻠﻄﺎن ،وﻻ املﺎل ا ُملﺴﺘﻔﺎد ،وﻻ اﻟﻮﺟﻮد ﺑﻌﺪ اﻟﻌﺪم ،وﻻ اﻷوﺑﺔ ﺑﻌﺪ ﻃﻮل َ اﻟﻐﻴﺒﺔ، وﻻ اﻷﻣﻦ ﺑﻌﺪ اﻟﺨﻮف ،وﻻ اﻟﱰوﱡح ﻋﲆ املﺎل ،ﻣﻦ املﻮﻗﻊ ﰲ اﻟﻨﻔﺲ ،ﻣﺎ ﻟﻠﻮﺻﻞ؛ وﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﻃﻮل اﻻﻣﺘﻨﺎع ،وﺣﻠﻮل اﻟﻬﺠﺮ ،ﺣﺘﻰ ﻳﺘﺄﺟﺞ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺠﻮى ،وﻳﺘﻮﻗﺪ ﻟﻬﻴﺐ اﻟﺸﻮق ،وﺗﻨﴫم ﻧﺎر اﻟﺮﺟﺎء .وﻣﺎ أﺻﻨﺎف اﻟﻨﺒﺎت ﺑﻌﺪ ﻏِ ﺐﱢ اﻟﻘﻄﺮ ،وﻻ إﴍاق اﻷزاﻫري ﺑﻌﺪ إﻗﻼع اﻟﺴﺤﺎب اﻟﺴﺎرﻳﺎت ﰲ اﻟﺰﻣﺎن اﻟﺴﺠﺴﺞ ،وﻻ ﺧﺮﻳﺮ املﻴﺎه املﺘﺨﻠﻠﺔ ﻷﻓﺎﻧني اﻟﻨﻮار ،وﻻ ﺗﺄﻧﻖ اﻟﻘﺼﻮر َ ﺑﺄﺣﺴﻦ ﻣﻦ وﺻﻞ ﺣَ ﺒﻴﺐ ﻗﺪ ُرﺿﻴﺖ أﺧﻼﻗﻪ، اﻟﺒﻴﺾ ﻗﺪ أﺣﺪﻗﺖ ﺑﻬﺎ اﻟﺮﻳﺎض اﻟﺨﴬ؛ ﱢ وﻣﻘﴫ ﻓﻴﻪ وﺣُ ﻤﺪت ﻏﺮاﺋﺰه ،وﺗﻘﺎﺑﻠﺖ ﰲ اﻟﺤﺴﻦ أوﺻﺎﻓﻪ ،وإﻧﻪ ُملﻌﺠﺰ أﻟﺴﻨﺔ اﻟﺒﻠﻐﺎء، ﺑﻴﺎن اﻟﻔﺼﺤﺎء ،وﻋﻨﺪه ﺗﻄﻴﺶ اﻷﻟﺒﺎب ،وﺗﻌﺰب اﻷﻓﻬﺎم .وﰲ ذﻟﻚ أﻗﻮل: و ََﺳ ﺎ ِﺋ ٍﻞ ِﻟ َﻲ ﻋَ ﻤﱠ ﺎ ِﻟ ﻲ ِﻣ َﻦ اﻟ ﻌُ ُﻤ ﺮ أَﺟَ ﺒْ ﺘُ ُﻪ َﺳ ﺎﻋَ ًﺔ َﻻ َﺷ ْﻲءَ أَﺣْ َﺴ ﺒُ ﻪ َﻓ َﻘ ﺎ َل ِﻟ ﻲ َﻛ ﻴْ َ ﻒ ذَا ﺑَ ﻴﱢ ﻨ ْ ُﻪ ِﻟ ﻲ َﻓ َﻠ َﻘ ْﺪ َﻓ ُﻘ ْﻠ ُﺖ إ ِ ﱠن ا ﱠﻟ ِﺘ ﻲ َﻗ ْﻠ ِﺒ ﻲ ِﺑ ﻬَ ﺎ ﻋَ ِﻠ ٌﻖ َﻓ ﻤَ ﺎ أَﻋُ ﱡﺪ َو َﻟ ْﻮ َ ﻃ ﺎ َﻟ ْﺖ ِﺳ ِﻨ ﱠﻲ ِﺳ ﻮَى و ََﻗ ْﺪ َرأَى اﻟ ﱠﺸﻴﺐَ ﻓِ ﻲ اﻟ َﻔ ْﻮ َدﻳْ ِﻦ وَاﻟﻌُ ﺬُر َاﻫ ﺎ ِﺑ ﺤُ ْﻜ ِﻢ اﻟ ﻌَ ْﻘ ِﻞ وَاﻟ ﻨ ﱠ َ ﻋُ ﻤْ ًﺮا ِﺳ ﻮ َ ﻈﺮ َ َ أ َ ْﺧ ﺒَ ْﺮﺗَ ِﻨ ﻲ أ ْﺷ ﻨ َ َﻊ اﻷﻧ ْ ﺒَ ﺎءِ وَاﻟ َﺨ ﺒَ ِﺮ َﻗ ﺒﱠ ْﻠ ﺘُ ﻬَ ﺎ ُﻗ ﺒْ َﻠ ًﺔ ﻳَ ﻮْﻣً ﺎ ﻋَ َﻠ ﻰ َﺧ َ ﻄﺮ ِﺗ ْﻠ َﻚ اﻟ ﱡﺴ َﻮﻳْﻌَ ِﺔ ِﺑﺎﻟﺘﱠﺤْ ﻘِ ﻴ ِﻖ ِﻣ ْﻦ ﻋُ ُﻤ ِﺮي ﻃﻮق اﻟﺤﻤﺎﻣﺔ ﰲ اﻷ ُ َ ﻟﻔﺔِ واﻷ ُ ﱠﻻف ً ﻟﻄﻴﻔﺎ ﻣﻦ ِﺷﻐﺎف اﻟﻘﻠﺐ، اﻟﻮﺻﻞ املﻮاﻋﻴﺪُ ،وإن ﻟﻠﻮﻋﺪ ا ُملﻨﺘﻈﺮ ﻣﻜﺎﻧًﺎ وﻣﻦ ﻟﺬﻳﺬ ﻣﻌﺎﻧﻲ ِ ً وﻫﻮ ﻳﻨﻘﺴﻢ ﻗﺴﻤني؛ أﺣﺪﻫﻤﺎ :اﻟﻮﻋﺪ ﺑﺰﻳﺎرة املﺤﺐ ملﺤﺒﻮﺑﻪ ،وﻓﻴﻪ أﻗﻮل ﻗﻄﻌﺔ ،ﻣﻨﻬﺎ: أ ُ َﺳ ِﺎﻣ ُﺮ اﻟ ﺒَ ْﺪ َر َﻟ ﻤﱠ ﺎ أَﺑْ َ ﻄ ﺄْت وَأ َ َرى ﻃ ﺎ وَاﻟ ُﻮ ﱡد ُﻣ ْﺨ ﺘَ ِﻠ ً َﻓ ِﺒ ﱡﺖ ُﻣ ْﺸ ﺘَ ِﺮ ً ﻄﺎ ﻮره ِﻣ ْﻦ َﺳﻨ َﺎ إ ِ ْﺷ َﺮاﻗِ ﻬَ ﺎ ﻋَ َﺮﺿﺎ ﻓِ ﻲ ﻧ ُ ِ َﺻ ُﻞ ُﻣﻨ ْﺒَ ِﺴ ً وَاﻟﻮ ْ ﻄﺎ وَاﻟﻬَ ﺠْ ُﺮ ُﻣﻨ ْ َﻘ ِﺒﻀﺎ واﻟﺜﺎﻧﻲ اﻧﺘﻈﺎر اﻟﻮﻋﺪ ﻣﻦ املﺤﺐ أن ﻳﺰور ﻣﺤﺒﻮﺑﻪ .ﱠ وإن ملﺒﺎدي اﻟﻮﺻﻞ وأواﺋﻞ اﻹﺳﻌﺎف ﻟﺘَ َﻮ ﱡﻟﺠً ﺎ ﻋﲆ اﻟﻔﺆاد ﻟﻴﺲ ﻟﴚء ﻣﻦ اﻷﺷﻴﺎء .وإﻧﻲ ﻷﻋﺮف ﻣﻦ ﻛﺎن ﻣُﻤﺘﺤﻨًﺎ ﺑﻬﻮًى ﰲ ﺑﻌﺾ املﻨﺎزل ا ُملﺼﺎﻗﺒﺔ ،ﻓﻜﺎن ﻳﺼﻞ ﻣﺘﻰ ﺷﺎء ﺑﻼ ﻣﺎﻧﻊ ،وﻻ ﺳﺒﻴﻞ إﱃ ﻏري اﻟﻨﻈﺮ ﻃﻮﻳﻼً ، ً ﻟﻴﻼ ﻣﺘﻰ أﺣﺐ وﻧﻬﺎ ًرا ،إﱃ أن ﺳﺎﻋﺪﺗﻪ اﻷﻗﺪار ﺑﺈﺟﺎﺑﺔ ،وﻣ ﱠﻜﻨﺘﻪ وا ُملﺤﺎدﺛﺔ زﻣﺎﻧًﺎ ﺑﺈﺳﻌﺎدٍ ﺑﻌﺪ ﻳﺄﺳﻪ ،ﻟﻄﻮل املﺪة .وﻟﻌﻬﺪي ﺑﻪ ﻗﺪ ﻛﺎد أن ﻳﺨﺘﻠﻂ ﻋﻘﻠﻪ ﻓﺮﺣً ﺎ ،وﻣﺎ ﻛﺎد ﻳﺘﻼﺣﻖ ﻛﻼﻣﻪ ﴎو ًرا ،ﻓﻘﻠﺖ ﰲ ذﻟﻚ: َﻟ َﻜ َ ﺎن ذَﻧ ْ ِﺒ َﻲ ﻋِ ﻨ ْ َﺪ اﻟ ﻠ ِﻪ ﻣَ ْﻐ ُﻔ ﻮرا إِ ْ ﺎس ﻣَ ْﻘ ُ ﺼﻮرا ﺿ َﺮا ُر َﻫﺎ ﻋَ ْﻦ ﺟَ ِﻤﻴ ِﻊ اﻟﻨ ﱠ ِ ﺎﻫﺘَﺎجَ ِﻣ ْﻦ َﻟﻮْﻋَ ِﺘﻲ ﻣَ ﺎ َﻛ َ َﻓ ْ ﺎن ﻣَ ْﻐ ُﻤﻮرا ﺼﺎ َع ﻓِ ﻲ اﻷَﺟْ ﺪ ِ َﻓ ُﻐ ﱠ ﺺ َﻓﺎﻧ ْ َ َاث ﻣَ ْﻘﺒُﻮرا ِﺑ َﺮ ْﻏ ﺒَ ٍﺔ َﻟ ْﻮ إ ِ َﻟ ﻰ َرﺑﱢ ﻲ دَﻋَ ﻮ ُ ْت ِﺑ ﻬَ ﺎ َو َﻟ ْﻮ دَﻋَ ﻮ ُ ْت ِﺑ ﻬَ ﺎ أ ُ ْﺳ َﺪ اﻟ َﻔ َﻼ َﻟ َﻐ ﺪَا َﻓ ﺠَ ﺎ َد ِﺑ ﺎﻟ ﱠﻠ ﺜ ْ ِﻢ ِﻟ ﻲ ِﻣ ْﻦ ﺑَ ﻌْ ِﺪ ﻣَ ﻨ ْﻌَ ِﺘ ِﻪ َﻛ َﺸ ِﺎر ِب اﻟﻤَ ﺎءِ َﻛ ْﻲ ﻳُ ْ ﻄﻔِ ﻲ اﻟ َﻐ ِﻠﻴ َﻞ ِﺑ ِﻪ وﻗﻠﺖ: وَأﻋ ﻄ ﻴ ُﺖ ﻋ ﻴ ﻨ ﻲ ﻋ ﻨ ﺎن اﻟ َﻔ َﺮ ْس َو ُرﺑﱠ ﺘَ ﻤَ ﺎ ﺟَ ﺎ َد ِﻟ ﻲ ﻓِ ﻲ اﻟ ﺨِ َﻠ ﺲ َﻓ َﺰا َد أ َ ِﻟ ﻴ ًﻼ ِﺑ َﻘ ْﻠ ﺒ ﻲ اﻟ ﻴَ ﺒ ﺲ ﻳَ ِﺒ ﻴ ٍﺲ َرﻣَ ﻰ ﻓِ ﻴ ِﻪ َرا ٍم َﻗ ﺒَ ﺲ ﺟَ َﺮى اﻟﺤُ ﺐﱡ ِﻣﻨ ﱢ َﻲ ﻣَ ﺠْ َﺮى اﻟﻨ ﱠ َﻔﺲ َوﻟِ ﻲ َﺳ ﻴﱢ ٌﺪ َﻟ ْﻢ ﻳَ َﺰ ْل ﻧ َ ﺎﻓِ ًﺮا َﻓ َﻘ ﺒﱠ ْﻠ ﺘُ ﻪ َ ﻃ ﺎ ِﻟ ﺒً ﺎ َراﺣَ ًﺔ َو َﻛ ﺎن ُﻓ َﺆادِي َﻛ ﻨ َ ﺒْ ٍﺖ َﻫ ِﺸ ﻴ ٍﻢ وﻣﻨﻬﺎ: َﻏ ِﻨ ﻴ ﺖ ﺑَ ﻴَ ُﺎﻗ ﻮﺗَ ِﺔ اﻷَﻧ ْ َﺪﻟُ ﺲ َوﻳَﺎ ﺟَ ﻮ َْﻫ َﺮ اﻟ ﱢ ﺼﻴ ِﻦ ُﺳﺤْ ًﻘﺎ َﻓ َﻘ ْﺪ 82 ﺑﺎب اﻟﻮﺻﻞ ﺧﱪ ً ﺟﺎرﻳﺔ اﺷﺘﺪ وَﺟْ ﺪﻫﺎ ﺑﻔﺘًﻰ ﻣﻦ أﺑﻨﺎء اﻟﺮؤﺳﺎء ،وﻫﻮ ﻻ ﻋﻠﻢ ﻋﻨﺪه ،وﻛﺜﺮ ﻏﻤﱡ ﻬﺎ وإﻧﻲ ﻷﻋﺮف وﻃﺎل أﺳﻔﻬﺎ إﱃ أن َ ﺿﻨ ْ ِﻴﺖ ﺑﺤُ ﺒﻪ ،وﻫﻮ ﺑﻐﺮارة ﱢ اﻟﺼﺒَﺎ ﻻ ﻳﺸﻌﺮ ،وﻳَﻤﻨﻌُ ﻬﺎ ﻣﻦ إﺑﺪاء أﻣﺮﻫﺎ إﻟﻴﻪ اﻟﺤﻴﺎءُ ﻣﻨﻪ؛ ﻷﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﻜ ًﺮا ﺑﺨﺎﺗَﻤﻬﺎ ،ﻣﻊ اﻹﺟﻼل ﻟﻪ ﻋﻦ اﻟﻬﺠﻮم ﻋﻠﻴﻪ ﺑﻤﺎ ﻻ ﺗﺪري ﻟﻌﻠﻪ ﻻ ﻳﻮاﻓﻘﻪ؛ ﻓﻠﻤﺎ ﺗﻤﺎدى اﻷﻣﺮ وﻛﺎﻧﺎ إﻟﻔني ﰲ اﻟﻨﺸﺄة ،ﺷ َﻜﺖ ذﻟﻚ إﱃ اﻣﺮأة ﺟﺰﻟﺔ اﻟﺮأي ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺜﻖ ﺑﻬﺎ ﻟﺘَﻮ ﱢﻟﻴﻬﺎ ﺗﺮﺑﻴﺘَﻬﺎ ،ﻓﻘﺎﻟﺖ ﻟﻬﺎ :ﻋ ﱢﺮﴈ ﻟﻪ ﺑﺎﻟﺸﻌﺮ .ﻓﻔﻌﻠﺖ امل ﱠﺮة ﺑﻌﺪ امل ﱠﺮة وﻫﻮ ﻻ ﻳﺄﺑﻪ ﰲ ﻛﻞ ﻫﺬا ،وﻟﻘﺪ ﻛﺎن َﻟﻘِ ﻨًﺎ ذﻛﻴٍّﺎ ﻟﻢ ﻳﻈﻦ ذﻟﻚ ﻓﻴﻤﻴﻞ إﱃ ﺗﻨﺘﻴﺶ اﻟﻜﻼم ﺑﻮﻫﻤﻪ، إﱃ أن ﻋِ ﻴﻞ ﺻﱪُﻫﺎ ،وﺿﺎق ﺻﺪرﻫﺎ ،وﻟﻢ ﺗُﻤﺴﻚ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﰲ َﻗﻌﺪة ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻬﺎ ﻣﻌﻪ ﰲ ﺑﻌﺾ ً ﻋﻔﻴﻔﺎ ﻣُﺘﺼﺎوﻧًﺎ ﺑﻌﻴﺪًا ﻋﻦ املﻌﺎﴆ ،ﻓﻠﻤﺎ ﺣﺎن ﻗﻴﺎﻣﻬﺎ اﻟﻠﻴﺎﱄ ﻣﻨﻔﺮ َدﻳْﻦ ،وﻟﻘﺪ ﻛﺎن ﻳﻌﻠﻢ ﷲ ﻋﻨﻪ ﺑَﺪرت إﻟﻴﻪ ﻓﻘﺒﱠﻠﺘﻪ ﰲ ﻓﻤﻪ ،ﺛﻢ وﻟﺖ ﰲ ذﻟﻚ اﻟﺤني وﻟﻢ ﺗﻜﻠﻤﻪ ﺑﻜﻠﻤﺔ ،وﻫﻲ ﺗﺘﻬﺎدى ﰲ ﻣﺸﻴﻬﺎ ،ﻛﻤﺎ أﻗﻮل ﰲ أﺑﻴﺎت ﱄ: َﻛ ﺄَﻧ ﱠ ﻬَ ﺎ ﺣِ ﻴ َﻦ ﺗَ ْﺨ ُ ﻄ ﻮ ﻓِ ﻲ ﺗَ ﺄ ﱡود َِﻫ ﺎ َﻛ ﺄَﻧ ﱠﻤَ ﺎ ُﺧ ْﻠ ﺪ َُﻫ ﺎ ﻓِ ﻲ َﻗ ْﻠ ِﺐ ﻋَ ِ ﺎﺷ ﻘِ ﻬَ ﺎ َﻛ ﺄَﻧ ﱠﻤَ ﺎ ﻣَ ْﺸ ﻴُ ﻬَ ﺎ ﻣَ ْﺸ ُﻲ اﻟ ﺤَ ﻤَ ﺎﻣَ ِﺔ َﻻ َﻗ ِﻀﻴﺐُ ﻧ َ ْﺮﺟ َﺴ ٍﺔ ﻓِ ﻲ اﻟ ﱠﺮو ِْض ﻣَ ﻴﱠ ُ ﺎس َﻓﻔِ ﻴ ِﻪ ِﻣ ْﻦ و َْﻗﻌِ ﻬَ ﺎ َﺧ ْ ﻄ ٌﺮ َوو َْﺳﻮَاس َﻛ ﱞﺪ ﻳُ ﻌَ ﺎبُ و ََﻻ ﺑُ ْ ﻂءٌ ِﺑ ِﻪ ﺑَ ﺎس وﺳﻘﻂ ﰲ ﻳﺪه ُ ﻓﺒ َ ُﻬﺖ ُ وﻓﺖ ﰲ ﻋﻀﺪه ،ووَﺟﺪ ﰲ ﻛﺒﺪه ،وﻋ َﻠﺘْﻪ وﺟﻤﺔ ،ﻓﻤﺎ ﻫﻮ إﻻ أن ﻏﺎﺑﺖ ﻋﻨﻪ ووﻗﻊ ﰲ َﴍَك اﻟ ﱠﺮدى ،واﺷﺘﻌﻠﺖ ﰲ ﻗﻠﺒﻪ اﻟﻨﺎر ،وﺗﺼﻌﺪت أﻧﻔﺎﺳﻪ ،وﺗﺮادﻓﺖ أوﺟﺎﻟﻪ ،وﻛﺜﺮ ﻗﻠﻘﻪ ،وﻃﺎل أرﻗﻪ ،ﻓﻤﺎ ﻏﻤﺾ ﺗﻠﻚ اﻟﻠﻴﻠﺔ ﻋﻴﻨًﺎ ،وﻛﺎن ﻫﺬا ﺑﺪء اﻟﺤﺐ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ دﻫ ًﺮا ،إﱃ أن ﺟَ ﺬﱠت ﺟﻤﻠﺘﻬﺎ ﻳ ُﺪ اﻟﻨﻮى .وإن ﻫﺬا ملﻦ ﻣﺼﺎﺋﺪ إﺑﻠﻴﺲ ،ودواﻋﻲ اﻟﻬﻮى اﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﻘﻒ ﻟﻬﺎ أﺣﺪ إﻻ ﻣﻦ ﻋﺼﻤﻪ ﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ .وﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﻣﻦ ﻳﻘﻮل :إن دوام اﻟﻮﺻﻞ ﻳُﻮدي ً ً اﺗﺼﺎﻻ. وﺻﻼ زاد ﺑﺎﻟﺤﺐ .وﻫﺬا ﻫﺠني ﻣﻦ اﻟﻘﻮل ،إﻧﻤﺎ ذﻟﻚ ﻷﻫﻞ ا َمل َﻠﻞ ،ﺑﻞ ﻛﻠﻤﺎ زاد رو ُ ﻳﺖ ﻗﻂ ﻣﻦ ﻣﺎء اﻟﻮﺻﻞ وﻻ زادﻧﻲ إﻻ ﻇﻤﺄً .وﻫﺬا ﺣﻜﻢ ﻣَ ﻦ وﻋﻨﻲ أﺧﱪك أﻧﻲ ﻣﺎ ِ ﺗﺪاوى ﺑﺮأﻳﻪ ْ ُ ﺑﻠﻐﺖ ﻣﻦ اﻟﺘﻤ ﱡﻜﻦ ﺑﻤﻦ أُﺣﺐ أﺑﻌﺪ اﻟﻐﺎﻳﺎت اﻟﺘﻲ ﻻ وإن َرﺑﱠ ُﻪ ﻋﻨﻪ ﴎﻳﻌً ﺎ .وﻟﻘﺪ ﻳﺠﺪ اﻹﻧﺴﺎن وراءﻫﺎ ﻣﺮﻣً ﻰ ،ﻓﻤﺎ وﺟﺪﺗُﻨﻲ إﻻ ﻣﺴﺘﺰﻳﺪًا ،وﻟﻘﺪ ﻃﺎل ﺑﻲ ذﻟﻚ ﻓﻤﺎ أﺣﺴﺴﺖ ﺑﺴﺂﻣﺔ وﻻ رﻫﻘﺘﻨﻲ ﻓﱰة .وﻗﺪ ﺿﻤﱠ ﻨﻲ ﻣﺠﻠﺲ ﻣﻊ ﺑﻌﺾ ﻣﻦ ُ ٍ ﻛﻨﺖ أﺣﺐ ،ﻓﻠﻢ أُﺟﻞ ﺧﺎﻃﺮي ٍ ﻗﺎض أﻗ ﱠﻞ ﰲ ﻓﻦ ﻣﻦ ﻓﻨﻮن اﻟﻮﺻﻞ إﻻ وﺟﺪﺗﻪ ﻣﻘﴫًا ﻋﻦ ﻣﺮادي ،وﻏري ﺷﺎف وَﺟْ ﺪي ،وﻻ ٍ 83 ﻃﻮق اﻟﺤﻤﺎﻣﺔ ﰲ اﻷ ُ َ ﻟﻔﺔِ واﻷ ُ ﱠﻻف ُ ُ ازددت وﻟﻮﻋً ﺎ ،وﻗﺪﺣﺖ زﻧﺎد اﻟﺸﻮق ﻧﺎر ازددت دﻧﻮٍّا ﻟُﺒﺎﻧﺔ ﻣﻦ ﻟﺒﺎﻧﺎﺗﻲ ،ووﺟﺪﺗُﻨﻲ ﻛﻠﻤﺎ اﻟﻮﺟﺪ ﺑني ﺿﻠﻮﻋﻲ ،ﻓﻘﻠﺖ ﰲ ذﻟﻚ املﺠﻠﺲ: وَأُدْﺧﻠ ِﺖ ﻓِ ﻴ ِﻪ ﺛ ُ ﱠﻢ أ ُ ْ ﻃ ِﺒ َﻖ ﻓِ ﻲ َ ﺻﺪ ِْري إ ِ َﻟﻰ ُﻣ ْﻘﺘَ َﻀﻰ ﻳَ ْﻮ ِم اﻟﻘِ ﻴَﺎﻣَ ِﺔ وَاﻟﺤَ ْﺸ ِﺮ ﺎف اﻟ َﻘ ْﻠ ِﺐ ﻓِ ﻲ ُ َﺳ َﻜﻨ ْ ِﺖ ِﺷ َﻐ َ ﻇ َﻠ ِﻢ اﻟ َﻘﺒْ ِﺮ َو ِدد ُ ْت ﺑ ﺄ َ ﱠن اﻟ َﻘ ْﻠ ﺐَ ُﺷ ﱠﻖ ِﺑ ُﻤ ْﺪﻳَ ٍﺔ َﻓ ﺄ َ ْ ﺻ ﺒَ ﺤْ ِﺖ ﻓِ ﻴ ِﻪ َﻻ ﺗَ ﺤُ ﱢﻠ ﻴ َﻦ َﻏ ﻴْ َﺮ ُه ﺗَﻌِ ﻴ ِﺸ ﻴ َﻦ ﻓِ ﻴ ِﻪ ِﻣ ﺎ ﺣَ ِﻴ ﻴ ُﺖ َﻓ ِﺈ ْن أ َ ُﻣ ْﺖ وﻣﺎ ﰲ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﺣﺎﻟﺔ ﺗَﻌﺪل ﻣﺤﺒﱠني إذا ﻋُ ﺪﻣﺎ اﻟﺮﻗﺒﺎء ،وأﻣﻨﺎ اﻟﻮﺷﺎة ،وﺳﻠﻤﺎ ﻣﻦ اﻟﺒ َْني، ورﻏﺒﺎ ﻋﻦ اﻟﻬﺠﺮ ،وﺑَﻌُ ﺪا ﻋﻦ املﻠﻞ ،وﻓﻘﺪا اﻟﻌُ ﺬﱠال ،وﺗﻮاﻓﻘﺎ ﰲ اﻷﺧﻼق ،وﺗﻜﺎﻓﻴﺎ ﰲ املﺤﺒﺔ، وأﺗﺎح ﷲ ﻟﻬﻤﺎ ً ً وﻋﻴﺸﺎ ﻗﺎ ٍّرا ،وزﻣﺎﻧًﺎ ﻫﺎدﻳًﺎ ،وﻛﺎن اﺟﺘﻤﺎﻋُ ﻬﻤﺎ ﻋﲆ ﻣﺎ ﻳُﺮﴈ اﻟﺮب رزﻗﺎ دا ٍّرا، ﻣﻦ اﻟﺤﺎل ،وﻃﺎﻟﺖ ُ ﺻﺤﺒﺘﻬﻤﺎ واﺗﺼﻠﺖ إﱃ وﻗﺖ ﺣُ ﻠﻮل اﻟﺤِ ﻤﺎ ِم اﻟﺬي ﻻ ﻣﺮ ﱠد ﻟﻪ وﻻ ﺑﺪ ﻣﻨﻪ. ُ ﻳﺤﺼﻞ ﻋﻠﻴﻪ أﺣﺪ ،وﺣﺎﺟﺔ ﻟﻢ ﺗُ ْﻘﺾ ﻟﻜﻞ ﻃﺎﻟﺐ ،وﻟﻮﻻ أن ﻣﻊ ﻫﺬه اﻟﺤﺎل ﻫﺬا ﻋﻄﺎء ﻟﻢ اﻹﺷﻔﺎق ﻣﻦ ﺑَﻐﺘﺎت املﻘﺎدﻳﺮ املﺤﻜﻤﺔ ﰲ ﻏﻴﺐ ﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ ،ﻣﻦ ﺣُ ﻠﻮل ﻓﺮاق ﻟﻢ ﻳﻜﺘﺴﺐ، واﺧﱰام ﻣﻨﻴﺔ ﰲ ﺣﺎل اﻟﺸﺒﺎب أو ﻣﺎ أﺷﺒﻪ ذﻟﻚ ،ﻟﻘﻠﺖ إﻧﻬﺎ ﺣﺎل ﺑﻌﻴﺪة ﻣﻦ ﻛﻞ آﻓﺔ ،وﺳﻠﻴﻤﺔ ﻣﻦ ﻛﻞ داﺧﻠﺔ .وﻟﻘﺪ رأﻳﺖ ﻣَ ﻦ اﺟﺘﻤﻊ ﻟﻪ ﻫﺬا ُﻛﻠﻪ ،إﻻ أﻧﻪ ﻛﺎن دُﻫﻲ ﻓﻴﻤﻦ ﻛﺎن ﻳﺤﺒﻪ َ ﺑﴩاﺳﺔ اﻷﺧﻼق ،ودا ﱠﻟﺔ ﻋﲆ املﺤﺒﺔ ،ﻓﻜﺎﻧﺎ ﻻ ﻳﺘﻬﻨﱠﻴﺎن اﻟﻌﻴﺶ ،وﻻ ﺗﻄﻠﻊ اﻟﺸﻤﺲ ﰲ ﻳﻮم إﻻ وﻛﺎن ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﺧﻼف ﻓﻴﻪ ،وﻛﻼﻫﻤﺎ ﻛﺎن ﻣﻄﺒﻮﻋً ﺎ ﺑﻬﺬا ُ اﻟﺨﻠﻖ؛ ﻟﺜﻘﺔ ﻛﻞ واﺣﺪ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﺑﻤﺤﺒﺔ ﺻﺎﺣﺒﻪ ،إﱃ أن دﻧﺖ اﻟﻨﱠﻮى ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ،ﻓﺘﻔ ﱠﺮﻗﺎ ﺑﺎملﻮت املﺮﺗﱠﺐ ﻟﻬﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ ،وﰲ ذﻟﻚ أﻗﻮل: َو ُﻛ ﱡﻞ أ َ ْﺧ َﻼ ِق ﻣَ ْﻦ أُﺣِ ﺐﱡ ﻧ َ ﻮى َﻓ َﻜﻴْ َ ﻒ إِذْ ﺣَ ﱠﻞ ِﺑﻲ ﻧ َﻮًى و ََﻫﻮى ﻒ أَذُ ﱡم اﻟ ﻨ ﱠ ﻮَى وَأ َ ْ َﻛ ﻴْ َ ﻇ ِﻠ ُﻤ ﻬَ ﺎ َﻗ ْﺪ َﻛ َ ﺎن ﻳَ ْﻜﻔِ ﻲ َﻫﻮًى أ َ ِﺿﻴ ُﻖ ِﺑ ِﻪ و ُرويَ ﻋﻦ ِزﻳﺎد ﺑﻦ أﺑﻲ ﺳﻔﻴﺎن — رﺣﻤﻪ ﷲ — أﻧﻪ ﻗﺎل ﻟﺠُ ﻠﺴﺎﺋﻪ :ﻣﻦ أﻧﻌ ُﻢ اﻟﻨﺎس ً ﻋﻴﺸﺔ؟ ﻗﺎﻟﻮا :أﻣري املﺆﻣﻨني .ﻓﻘﺎل :وأﻳﻦ ﻣﺎ ﻳﻠﻘﻰ ﻣﻦ ﻗﺮﻳﺶ؟ ﻗﻴﻞ :ﻓﺄﻧﺖ .ﻗﺎل :أﻳﻦ ﻣﺎ أﻟﻘﻰ ﻣﻦ اﻟﺨﻮارج واﻟﺜﻐﻮر؟ ﻗﻴﻞ :ﻓﻤَ ﻦ أﻳﻬﺎ اﻷﻣري؟ ﻗﺎل :رﺟﻞ ﻣُﺴﻠﻢ ﻟﻪ زوﺟﺔ ﻣﺴﻠﻤﺔ، ﻟﻬﻤﺎ ﻛﻔﺎف ﻣﻦ اﻟﻌﻴﺶ ،ﻗﺪ رﺿﻴﺖ ﺑﻪ ورﴈ ﺑﻬﺎ ،ﻻ ﻳَﻌﺮﻓﻨﺎ وﻻ ﻧﻌﺮﻓﻪ. 84 ﺑﺎب اﻟﻮﺻﻞ وﻫﻞ ﻓﻴﻤﺎ واﻓﻖ إﻋﺠﺎب املﺨﻠﻮﻗني ،وﺟﻼ اﻟﻘﻠﻮب ،واﺳﺘﻤﺎل اﻟﺤﻮاس ،واﺳﺘﻬﻮى اﻟﻨﻔﻮس ،واﺳﺘﻮﱃ ﻋﲆ اﻷﻫﻮاء ،واﻗﺘﻄﻊ اﻷﻟﺒﺎب ،واﺧﺘﻠﺲ اﻟﻌﻘﻮل؛ ﻣﺴﺘﺤﺴﻦ ﻳﻌﺪل إﺷﻔﺎق ﻣُﺤﺐ ﻋﲆ ﻣﺤﺒﻮب؟ وﻟﻘﺪ ﺷﺎﻫﺪت ِﻣﻦ ﻫﺬا املﻌﻨﻰ ﻛﺜريًا ،وإﻧﻪ ملﻦ ا َملﻨﺎﻇﺮ اﻟﻌﺠﻴﺒﺔ اﻟﺒﺎﻋﺜﺔ ﻋﲆ ﱠ اﻟﺮﻗﺔ اﻟﺮاﺋﻘﺔ املﻌﻨﻰ ،ﻻ ﺳﻴﻤﺎ إن ﻛﺎن ﻫﻮًى ﻳﺘﻜﺘﻢ ﺑﻪ .ﻓﻠﻮ رأﻳﺖ املﺤﺒﻮب ﺣني ﻳﻌﺮض ﺑﺎﻟﺴﺆال ﻋﻦ ﺳﺒﺐ ﺗَ ﱡ ﻐﻀﺒﻪ ﺑﻤُﺤﺒﱢﻪ ،وﺧﺠﻠﺘﻪ ﰲ اﻟﺨﺮوج ﻣﻤﺎ وﻗﻊ ﻓﻴﻪ ﺑﺎﻻﻋﺘﺬار ،وﺗﻮﺟﻴﻬﻪ إﱃ ﻏري وﺟﻬﻪ ،وﺗﺤﻴﱡﻠﻪ ﰲ اﺳﺘﻨﺒﺎط ﻣﻌﻨًﻰ ﻳُﻘﻴﻤﻪ ﻋﻨﺪ ﺟﻠﺴﺎﺋﻪ ،ﻟﺮأﻳﺖ ﻋﺠﺒًﺎ وﻟﺬة ﻣﺨﻔﻴﺔ ﻻ ﺗﻘﺎوﻣﻬﺎ ﻟﺬة .وﻣﺎ رأﻳﺖ أﺟﻠﺐ ﻟﻠﻘﻠﻮب ،وﻻ أﻏﻮص ﻋﲆ ﺣﻴﺎﺗﻬﺎ ،وﻻ أﻧﻔﺬ ﻟﻠﻤﻘﺎﺗﻞ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻔﻌﻞ .وإن ﻟﻠﻤُﺤﺒني ﰲ اﻟﻮﺻﻞ ﻣﻦ اﻻﻋﺘﺬار ﻣﺎ أﻋﺠ َﺰ أﻫ َﻞ اﻷذﻫﺎن اﻟﺬﻛﻴﺔ واﻷﻓﻜﺎر اﻟﻘﻮﻳﺔ ،وﻟﻘﺪ رأﻳﺖ ﰲ ﺑﻌﺾ املﺮات ﻫﺬا ﻓﻘﻠﺖ: ﺟَ ﱠﻮ ْز َت ﻣَ ﺎ ِﺷﺌْ َﺖ ﻋَ َﻠﻰ اﻟ َﻐﺎﻓِ ِﻞ ﻋَ َﻼﻣَ ٌﺔ ﺗَ ﺒْ ﺪُو إ ِ َﻟ ﻰ اﻟ ﻌَ ﺎﻗِ ﻞ ﺟَ ﺎ َز ْت ﻋَ َﻠﻰ ُﻛ ﱢﻞ َﻓﺘًﻰ ﺟَ ﺎﻫِ ﻞ ﻣَ ﻴﱠ َﺰ ﺑَﻴْ َﻦ اﻟﻤَ ﺤْ ِﺾ وَاﻟﺤَ ﺎ ِﺋﻞ إِذَا ﻣَ َﺰﺟْ َﺖ اﻟ ﺤَ ﱠﻖ ِﺑ ﺎﻟ ﺒَ ِ ﺎﻃ ِﻞ َو ِﻓ ﻴ ِﻬ ﻤَ ﺎ َﻓ ٌ ﺮق َ ﺻ ﺤِ ﻴ ﺢٌ َﻟ ﻪ َﻛ ﺎﻟ ﺘﱢ ﺒْ ِﺮ إ ِ ْن ﺗَ ﻤ ﺰجْ ِﺑ ِﻪ ﻓِ ﱠﻀ ًﺔ ﺼﺎدِ ْ ف َ َوإ ِ ْن ﺗُ َ ﺻﺎ ِﺋ ًﻐﺎ ﻣَ ﺎﻫِ ًﺮا ً وﺟﺎرﻳﺔ ،ﻛﺎن ﻳﻜﻠﻒ ﻛ ﱡﻞ واﺣﺪ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﺑﺼﺎﺣﺒﻪ ،ﻓﻜﺎﻧﺎ ﻳَﻀﻄﺠﻌﺎن وإﻧﻲ ﻷﻋﻠﻢ ﻓﺘًﻰ إذا ﺣﴬﻫﻤﺎ أﺣﺪ وﺑﻴﻨﻬﻤﺎ املﺴﻨﺪ اﻟﻌﻈﻴﻢ ﻣﻦ املﺴﺎﻧﺪ املﻮﺿﻮﻋﺔ ﻋﻨﺪ ﻇﻬﻮر اﻟﺮؤﺳﺎء ﻋﲆ اﻟﻔﺮش ،وﻳﻠﺘﻘﻲ رأﺳﺎﻫﻤﺎ وراء املﺴﻨﺪ ،وﻳ َُﻘﺒﱢﻞ ﻛﻞ واﺣﺪ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﺻﺎﺣﺒﻪ وﻻ ﻳُ َﺮﻳﺎن ،وﻛﺄﻧﻬﻤﺎ إﻧﻤﺎ ﻳﺘﻤﺪﱠدان ﻣﻦ اﻟﻜﻠﻞ .وﻟﻘﺪ ﻛﺎن ﺑﻠﻎ ﻣﻦ ﺗﻜﺎﻓﺌﻬﻤﺎ ﰲ املﻮدة أﻣ ًﺮا ﻋﻈﻴﻤً ﺎ ،إﱃ أن ﻛﺎن اﻟﻔﺘﻰ املﺤﺐ رﺑﻤﺎ اﺳﺘﻄﺎل ﻋﻠﻴﻬﺎ .وﰲ ذﻟﻚ أﻗﻮل: ﺎن ا ﱠﻟ ِﺘ ﻲ َو ِﻣ ْﻦ أَﻋَ ِ ﺎﺟ ﻴ ِﺐ اﻟ ﱠﺰﻣَ ِ ﻮب إ ِ َﻟ ﻰ َرا ِﻛ ٍﺐ َر ْﻏ ﺒَ ُﺔ ﻣَ ْﺮ ُﻛ ٍ َو َ ﻮر إ ِ َﻟ ﻰ ِ آﺳ ٍﺮ ﻃ ْﻮ ُل ﻣَ ﺄ ْ ُﺳ ٍ ﻣَ ﺎ إ ِ ْن َﺳ ِﻤﻌْ ﻨ َﺎ ﻓِ ﻲ اﻟ َﻮ َرى َﻗﺒْ َﻠﻬَ ﺎ َﻫ ْﻞ َﻫ ﺎ ُﻫ ﻨ َﺎ وَﺟْ ٌﻪ ﺗَ َﺮا ُه ِﺳ ﻮَى َ ﻃ ﻤﱠ ْﺖ ﻋَ َﻠ ﻰ اﻟ ﱠﺴ ِﺎﻣ ِﻊ وَاﻟ َﻘ ﺎ ِﺋ ﻞ ﻮل ِﻟ ﻠ ﱠﺴ ﺎ ِﺋ ﻞ َو ِذ ﱠﻟ ُﺔ اﻟ ﻤَ ْﺴ ﺌُ ِ و َ ﻮل ِﻟ ﻠ َﻘ ﺎ ِﺗ ﻞ َﺻ ْﻮ َﻟ ُﺔ اﻟ ﻤَ ْﻘ ﺘُ ِ ْ ُ َ ﻮل إِﻟ ﻰ ِآﻣ ِﻞ ُﺧ ﻀ ﻮ َع ﻣَ ﺄ ُﻣ ٍ ﺗَ ﻮ ُ ﻮل ِﻟ ْﻠ َﻔ ﺎﻋِ ِﻞ َاﺿ ِﻊ اﻟ ﻤَ ْﻔ ﻌُ ِ ً وﺟﺎرﻳﺔ ﻛﺎن ﻳَﺠﺪ ﻛﻞ واﺣﺪ ﻣﻨﻬﻤﺎ وﻟﻘﺪ ﺣﺪﱠﺛﺘﻨﻲ اﻣﺮأة أﺛﻖ ﺑﻬﺎ أﻧﻬﺎ ﺷﺎﻫﺪت ﻓﺘًﻰ ﺑﺼﺎﺣﺒﻪ ﻓﻀﻞ وَﺟْ ﺪ ،ﻗﺪ اﺟﺘﻤﻌﺎ ﰲ ﻣﻜﺎن ﻋﲆ َ ﻃﺮب ،وﰲ ﻳﺪ اﻟﻔﺘﻰ ِﺳ ﱢﻜني ﻳﻘﻄﻊ ﺑﻬﺎ 85 ﻃﻮق اﻟﺤﻤﺎﻣﺔ ﰲ اﻷ ُ َ ﻟﻔﺔِ واﻷ ُ ﱠﻻف ً ﻟﻄﻴﻔﺎ ﻇﻬﺮ ﻓﻴﻪ دم ،وﻛﺎن ﻋﲆ ﺑﻌﺾ اﻟﻔﻮاﻛﻪ ،ﻓﺠ ﱠﺮﻫﺎ ﺟ ٍّﺮا زاﺋﺪًا ﻓﻘﻄﻊ إﺑﻬﺎﻣﻪ ﻗﻄﻌً ﺎ اﻟﺠﺎرﻳﺔ ﻏﻼﻟﺔ ﻗﺼﺐ َﺧﺰاﺋﻨﻴﺔ ﻟﻬﺎ ﻗﻴﻤﺔ ،ﻓﴫﻓﺖ ﻳﺪﻫﺎ وﺧﺮﻗﺘﻬﺎ وأﺧﺮﺟﺖ ﻣﻨﻬﺎ ﻓﻀﻠﺔ ﺷ ﱠﺪ ﺑﻬﺎ إﺑﻬﺎﻣﻪ .وأﻣﺎ ﻫﺬا اﻟﻔﻌﻞ ﻟﻠﻤُﺤﺐ ﻓﻘﻠﻴﻞ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻴﻪ ،وﻓﺮض ﻻزم وﴍﻳﻌﺔ ﻣﺆداة، وﻛﻴﻒ ﻻ وﻗﺪ ﺑﺬل ﻧﻔﺴﻪ ووﻫﺐ روﺣﻪ ،ﻓﻤﺎ ﻳﻤﻨﻊ ﺑﻌﺪﻫﺎ؟! ﺧﱪ وأﻧﺎ أدرﻛﺖ ﺑﻨﺖ زﻛﺮﻳﺎ ﺑﻦ ﻳﺤﻴﻰ اﻟﺘﱠﻤﻴﻤﻲ املﻌﺮوف ﺑﺎﺑﻦ ﺑﺮﻃﺎل ،وﻋﻤﱡ ﻬﺎ ﻛﺎن ﻗﺎﴈ اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ُ ﺑﻘﺮﻃﺒﺔ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻳﺤﻴﻰ ،وأﺧﻮه اﻟﻮزﻳﺮ اﻟﻘﺎﺋﺪ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻗﺘﻠﻪ ﻏﺎﻟﺐٌ وﻗﺎﺋﺪﻳﻦ ﻟﻪ ﰲ اﻟﻮﻗﻌﺔ املﺸﻬﻮرة ﺑﺎﻟﺜﻐﻮر ،وﻫﻤﺎ :ﻣﺮوان ﺑﻦ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺷﻬﻴﺪ ،وﻳﻮﺳﻒ ﺑﻦ ﺳﻌﻴﺪ اﻟﻌﻜﻲ؛ وﻛﺎﻧﺖ ﻣﺘﺰوﺟﺔ ﺑﻴﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ اﺑﻦ اﻟﻮزﻳﺮ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ إﺳﺤﺎق ،ﻓﻌﺎﺟﻠﺘﻪ املﻨﻴﺔ وﻫﻮ ﰲ أﻏﺾ ﻋﻴﺸﻪ وأﻧﴬ ﴎورﻫﻤﺎ ،ﻓﺒﻠﻎ ﻣﻦ أﺳﻔﻬﺎ ﻋﻠﻴﻪ أن ﺑﺎﺗﺖ ﻣﻌﻪ ﰲ دِ ﺛﺎر واﺣﺪ ﻟﻴﻠﺔ ﻣﺎت ،وﺟﻌﻠﺘﻪ آﺧﺮ اﻟﻌﻬﺪ ﺑﻪ وﺑﻮﺻﻠﻪ ،ﺛﻢ ﻟﻢ ﻳﻔﺎرﻗﻬﺎ اﻷﺳﻒ ﺑﻌﺪه إﱃ ﺣني ﻣﻮﺗﻬﺎ. وإن ﻟﻠﻮﺻﻞ املﺨﺘﻠﺲ اﻟﺬي ﻳُﺨﺎﺗﻞ ﺑﻪ اﻟﺮﻗﺒﺎء وﻳﺘﺤﻔﻆ ﺑﻪ ﻣﻦ اﻟﺤُ ﱠﴬ ،ﻣﺜﻞ اﻟﻀﺤﻚ املﺴﺘﻮر ،واﻟﻨﺤﻨﺤﺔ ،وﺟَ ﻮَﻻن اﻷﻳﺪي ،واﻟﻀﻐﻂ ﺑﺎﻷﺟﻨﺎب ،واﻟﻘﺮص ﺑﺎﻟﻴﺪ واﻟﺮﺟﻞ ،ملﻮﻗﻌً ﺎ ﻣﻦ اﻟﻨﻔﺲ ﺷﻬﻴٍّﺎ .وﰲ ذﻟﻚ أﻗﻮل: إ ِ ﱠن ِﻟ ْﻠ ﻮ ْ َﺻ ِﻞ اﻟ َﺨ ﻔِ ﱢﻲ ﻣَ ﺤ ٍّﻼ ﺎب َﻟ ﺬﱠ ٌة أَﻣْ ُﺮﻫ ﺎ ِﺑ ﺎ ْرﺗِ َﻘ ٍ َﻟﻴْ َﺲ ِﻟ ْﻠﻮ ْ َﺻ ِﻞ اﻟﻤَ ِﻜﻴ ِﻦ اﻟﺠَ ِﻠ ﱢﻲ َﻛ ﻤ ﺴ ﻴ ٍﺮ ﻓِ ﻲ ﺧِ َﻼ ِل اﻟ ﻨ ﻘ ﱢﻲ ﺧﱪ وﻟﻘﺪ ﺣﺪﺛﻨﻲ ﺛﻘﺔ ﻣﻦ إﺧﻮاﻧﻲ ﺟﻠﻴﻞ ﻣﻦ أﻫﻞ اﻟﺒﻴﻮﺗﺎت أﻧﻪ ﻛﺎن ﻋﻠﻖ ﰲ ﺻﺒﺎه ﺟﺎرﻳﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﰲ ﺑﻌﺾ دور آﻟﻪ ،وﻛﺎن ﻣﻤﻨﻮﻋً ﺎ ﻣﻨﻬﺎ ،ﻓﻬﺎم ﻋﻘﻠُﻪ ﺑﻬﺎ .ﻗﺎل ﱄ :ﻓﺘﻨﺰﻫﻨﺎ ﻳﻮﻣً ﺎ إﱃ ﺑﻌﺾ ﱠ ﻓﺘﻤﺸﻴﻨﺎ ﰲ اﻟﺒﺴﺎﺗني ،وأُﺑﻌﺪﻧﺎ ﻋﻦ ﻏﺮﺑﻲ ﻗﺮﻃﺒﺔ ﻣﻊ ﺑﻌﺾ أﻋﻤﺎﻣﻲ، ﺿﻴﺎﻋﻨﺎ ﺑﺎﻟﺴﻬﻠﺔ ﱠ املﻨﺎزل ،واﻧﺒﺴﻄﻨﺎ ﻋﲆ اﻷﻧﻬﺎر ،إﱃ أن ﻏﻴﱠﻤﺖ اﻟﺴﻤﺎء وأﻗﺒﻞ اﻟﻐﻴﺚ ،ﻓﻠﻢ ﻳﻜﻦ ﺑﺎﻟﺤﴬة ﻣﻦ اﻟﻐﻄﺎء ﻣﺎ ﻳﻜﻔﻲ اﻟﺠﻤﻴﻊ .ﻗﺎل :ﻓﺄﻣﺮ ﻋﻤﻲ ﺑﺒﻌﺾ اﻷﻏﻄﻴﺔ ﻓﺄُﻟﻘﻲ ﻋﲇﱠ ،وأﻣﺮﻫﺎ ﺑﺎﻻﻛﺘﻨﺎن ﻣﻌﻲ ،ﻓﻈﻦ ﺑﻤﺎ ﺷﺌﺖ ﻣﻦ اﻟﺘﻤ ﱡﻜﻦ ﻋﲆ أﻋني املﻸ وﻫﻢ ﻻ ﻳﺸﻌﺮون ،وﻳﺎ ﻟﻚ ﻣﻦ ﺟﻤﻊ َ ﻛﺨﻼء، واﺣﺘﻔﺎل ﻛﺎﻧﻔﺮاد! ﻗﺎل ﱄ :ﻓﻮﷲ ﻻ ﻧﺴﻴﺖ ذﻟﻚ اﻟﻴﻮم أﺑﺪًا ،وﻟﻌﻬﺪي ﺑﻪ وﻫﻮ ﻳﺤﺪﺛﻨﻲ ﺑﻬﺬا 86 ﺑﺎب اﻟﻮﺻﻞ اﻟﺤﺪﻳﺚ وأﻋﻀﺎؤه ﻛﻠﻬﺎ ﺗﻀﺤﻚ ،وﻫﻮ ﻳﻬﺘﺰ ﻓﺮﺣً ﺎ ﻋﲆ ﺑُﻌﺪ اﻟﻌﻬﺪ واﻣﺘﺪاد اﻟﺰﻣﺎن .ﻓﻔﻲ ذﻟﻚ أﻗﻮل ﺷﻌ ًﺮا ،ﻣﻨﻪ: َﻛ ﺤَ ِﺒ ﻴ ٍﺐ َرآ ُه َ ﺻ ﺐﱞ ُﻣ ﻌَ ﻨ ﱠ ﻰ ﻳَ ْﻀﺤَ ُﻚ اﻟ ﱠﺮو ُ ْض وَاﻟ ﱠﺴﺤَ ﺎ ِﺋﺐُ ﺗَﺒْ ِﻜﻲ ﺧﱪ وﻣﻦ ﺑﺪﻳﻊ اﻟﻮﺻﻞ ﻣﺎ ﺣﺪﱠﺛﻨﻲ ﺑﻪ ﺑﻌﺾ إﺧﻮاﻧﻲ أﻧﻪ ﻛﺎن ﰲ ﺑﻌﺾ املﻨﺎزل ا ُملﺼﺎﻗﺒﺔ ﻟﻪ ﻫﻮًى، وﻛﺎن ﰲ املﻨﺰﻟني ﻣﻮﺿﻊ ﻣﻄﻠﻊ ﻣﻦ أﺣﺪﻫﻤﺎ ﻋﲆ اﻵﺧﺮ ،ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺗﻘﻒ ﻟﻪ ﰲ ذﻟﻚ املﻮﺿﻊ، ُ ﺑﻌﺾ اﻟﺒُﻌﺪ ،ﻓﺘﺴﻠﻢ ﻋﻠﻴﻪ وﻳﺪﻫﺎ ﻣﻠﻔﻮﻓﺔ ﰲ ﻗﻤﻴﺼﻬﺎ ،ﻓﺨﺎﻃﺒﻬﺎ ﻣﺴﺘﺨﱪًا ﻟﻬﺎ وﻛﺎن ﻓﻴﻪ َ ﻓﺮددت ﻋﻦ ذﻟﻚ ،ﻓﺄﺟﺎﺑﺘﻪ :إﻧﻪ رﺑﻤﺎ أُﺣِ ﱠﺲ ﻣﻦ أﻣﺮﻧﺎ ﳾء ﻓﻮﻗﻒ ﻟﻚ ﻏريي ﻓﺴ ﱠﻠﻢ ﻋﻠﻴﻚ ﻋﻠﻴﻪ ،ﻓﺼﺢ اﻟﻈﻦ ،ﻓﻬﺬه ﻋﻼﻣﺔ ﺑﻴﻨﻲ وﺑﻴﻨﻚ؛ ﻓﺈذا رأﻳﺖ ﻳﺪًا ﻣﻜﺸﻮﻓﺔ ﺗﺸري ﻧﺤﻮك ﺑﺎﻟﺴﻼم ﻓﻠﻴﺴﺖ ﻳﺪي ،ﻓﻼ ﺗُﺠﺎوب. ورﺑﻤﺎ اﺳﺘُﺤﲇ اﻟﻮﺻﺎل واﺗﻔﻘﺖ اﻟﻘﻠﻮب ﺣﺘﻰ ﻳﻘﻊ اﻟﺘﺨﻠﺞ ﰲ اﻟﻮﺻﺎل ،ﻓﻼ ﻳُﻠﺘﻔﺖ إﱃ ﻻﺋﻢ ،وﻻ ﻳُﺴﺘﱰ ﻣﻦ ﺣﺎﻓﻆ ،وﻻ ﻳ َ ُﺒﺎﱃ ﺑﻨﺎﻗﻞ ،ﺑﻞ اﻟﻌﺬل ﺣﻴﻨﺌ ٍﺬ ﻳُﻐﺮي .وﰲ ﺻﻔﺔ اﻟﻮﺻﻞ أﻗﻮل ﺷﻌ ًﺮا ،ﻣﻨﻪ: ﺣَ ﺼﻠ ُﺖ ﻓِ ﻴ ِﻪ َﻛﺤُ ُ اش ﻮل اﻟ َﻔ َﺮ ِ ﺼ ِ َﻛ ْﻢ ُد ْر ُت ﺣَ ْﻮ َل اﻟﺤُ ﺐﱢ ﺣَ ﺘﱠﻰ َﻟ َﻘ ْﺪ وﻣﻨﻪ: ﺗَﻌْ ُﺸﻮ إ ِ َﻟﻰ اﻟﻮ ْ َﺻ ِﻞ َدوَاﻋِ ﻲ اﻟﻬَ ﻮَى ﺎش َﻛﻤَ ﺎ َﺳ َﺮى ﻧ َﺤْ َﻮ َﺳﻨ َﺎ اﻟﻨ ﱠ ِﺎر ﻋَ ِ وﻣﻨﻪ: ﻈﻤَ ﺎءِ اﻟﻌِ َ َﻛ ِﻤﺜ ْ ِﻞ ﺗَﻌْ ِﻠﻴ ِﻞ اﻟ ﱢ ﺎش ﻄ ِ ﻋَ ﱠﻠ َﻠ ِﻨ ﻲ ِﺑ ﺎﻟ ﻮ ْ َﺻ ِﻞ ﻣ ﻦ َﺳ ﻴﱢﺪِي وﻣﻨﻪ: ﺎش َﻓﺎﻟﺤُ ْﺴ ُﻦ ﻓِ ﻴ ِﻪ ُﻣ ْﺴﺘَ ِﺰﻳ ٌﺪ َوﺑَ ِ َﻻ ﺗُﻮ ِﻗ ِﻒ اﻟ ﻌَ ﻴْ َﻦ ﻋَ َﻠ ﻰ َﻏ ﺎﻳَ ٍﺔ 87 ﻃﻮق اﻟﺤﻤﺎﻣﺔ ﰲ اﻷ ُ َ ﻟﻔﺔِ واﻷ ُ ﱠﻻف وأﻗﻮل ﻣﻦ ﻗﺼﻴﺪة ﱄ: أ َ ْم َﻫ ْﻞ ِﻟﻌَ ﺎ ِﻧﻲ اﻟﺤُ ﺐﱢ ِﻣ ْﻦ َﻓﺎدِي َﻛ ِﻤ ﺜ ْ ِﻞ ﻳَ ْﻮ ٍم ﻣَ ﱠﺮ ﻓِ ﻲ اﻟ ﻮَادِي ﻳَ ﺎ ﻋَ ﺠَ ﺒً ﺎ ِﻟ ﻠ ﱠﺴ ﺎ ِﺑ ِﺢ اﻟ ﱠ ﺼ ﺎدِي ﺗُ ﺒْ ِﺼ ُﺮﻧِ ﻲ أ َ ْﻟ ﺤَ ﺎ ُ ظ ﻋُ ﻮﱠادِي ﻋَ ْﻦ أَﻋْ ﻴُ ِﻦ اﻟ ﺤَ ِ ﺎﺿ ِﺮ وَاﻟ ﺒَ ﺎدِي ﻳَ ْﺮﺣَ ُﻤ ِﻨ ﻲ ِﻟ ﻠ ﱡﺴ ْﻘ ِﻢ ﺣُ ﱠﺴ ﺎدِي َﻫ ْﻞ ِﻟ َﻘ ِﺘ ﻴ ِﻞ اﻟ ﺤُ ﺐﱢ ِﻣ ْﻦ وَادِي أ َ ْم َﻫ ْﻞ ِﻟ ﺪ َْﻫ ِﺮي ﻋَ ْﻮ َد ٌة ﻧ َﺤْ ﻮ ََﻫ ﺎ َ ﻇ ِﻠ ْﻠ ُﺖ ﻓِ ﻴ ِﻪ َﺳ ﺎ ِﺑ ﺤً ﺎ َ ﺻ ﺎدِ ﻳً ﺎ َ ﺿ ﻨ ﻴ ُﺖ ﻳَ ﺎ ﻣَ ﻮ َْﻻيَ وَﺟْ ﺪًا َﻓ ﻤَ ﺎ َﻛﻴْ َ ﻒ ْ اﻫﺘَﺪَى اﻟﻮَﺟْ ُﺪ إ ِ َﻟﻰ َﻏﺎ ِﺋ ٍﺐ ﻣَ ﱠﻞ ُﻣ ﺪَاوَا ِﺗ ﻲ َ ﻃ ِﺒ ﻴ ِﺒ ﻲ َﻓ َﻘ ْﺪ 88 ﺑﺎب اﳍﺠﺮ أﻳﻀﺎ اﻟﻬﺠ ُﺮ ،وﻫﻮ ﻋﲆ ﴐوب؛ ﻓﺄوﻟﻬﺎ ﻫﺠﺮ ﻳُﻮﺟﺒﻪ ﱡ وﻣﻦ آﻓﺎت اﻟﺤُ ﺐﱢ ً ﺗﺤﻔﻆ ﻣﻦ رﻗﻴﺐ ﺣﺎﴐ ،وإﻧﻪ ﻷﺣﲆ ﻣﻦ ﻛﻞ وﺻﻞ ،وﻟﻮﻻ أن ﻇﺎﻫﺮ اﻟﻠﻔﻆ وﺣﻜﻢ اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻳُﻮﺟﺐ إدﺧﺎﻟﻪ ﰲ ﻫﺬا اﻟﺒﺎب ﻟﺮﺟﻌﺖ ﺑﻪ ﻋﻨﻪ ،وﻷﺟْ ﻠﻠﺘﻪ ﻋﻦ ﺗﺴﻄريه ﻓﻴﻪ؛ ﻓﺤﻴﻨﺌ ٍﺬ ﺗﺮى اﻟﺤﺒﻴﺐ ﻣ ً ُﻨﺤﺮﻓﺎ ﻋﻦ ﻣﻘﺒﻼ ﺑﺎﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﲆ ﻏريه ،ﻣ ً ً ُﻌﺮﺿﺎ ﺑﻤﻌﺮض ﻟﺌﻼ ﺗﻠﺤﻖ ﻇﻨﺘﻪ أو ﺗﺴﺒﻖ اﺳﱰاﺑﺘﻪ، ﻣُﺤﺒﻪ، وﺗﺮى املﺤﺐ ً ﱠ وﻟﻜﻦ ﻃﺒﻌﻪ ﻟﻪ ﺟﺎذب ،وﻧﻔﺴﻪ ﻟﻪ ﺻﺎرﻓﺔ ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ؛ ﻓﱰاه ﺣﻴﻨﺌ ٍﺬ أﻳﻀﺎ ﻛﺬﻟﻚ، ﻣ ً ُﻨﺤﺮﻓﺎ ﻛﻤُﻘ ِﺒﻞ ،وﺳﺎﻛﺘًﺎ ﻛﻨﺎﻃﻖ ،وﻧﺎﻇ ًﺮا إﱃ ﺟﻬﺔ ﻧﻔﺴﻪ ﰲ ﻏريﻫﺎ .واﻟﺤﺎذق اﻟﻔﻄﻦ إذا ﻛﺸﻒ ﺑﻮﻫﻤﻪ ﻋﻦ ﺑﺎﻃﻦ ﺣﺪﻳﺜﻬﻤﺎ ﻋَ ِﻠ َﻢ أن اﻟﺨﺎﰲ ﻏري اﻟﺒﺎدي ،وﻣﺎ ﺟَ ﻬَ ﺮ ﺑﻪ ﻏري ﻧﻔﺲ َ اﻟﺨﱪ. وإﻧﻪ ملﻦ ا َملﺸﺎﻫﺪ اﻟﺠﺎﻟﺒﺔ ﻟﻠﻔﺘﻦ ،واملﻨﺎﻇﺮ املﺤﺮﻛﺔ ﻟﻠﺴﻮاﻛﻦ ،اﻟﺒﺎﻋﺜﺔ ﻟﻠﺨﻮاﻃﺮ ،املﻬﻴﺠﺔ ﻟﻠﻀﻤﺎﺋﺮ ،اﻟﺠﺎذﺑﺔ ﻟﻠﻔﺘﻮة .وﱄ أﺑﻴﺎت ﰲ ﳾء ﻣﻦ ﻫﺬا أوردﺗﻬﺎ ،وإن ﻛﺎن ﻓﻴﻬﺎ ﻏري ﻫﺬا املﻌﻨﻰ ﻋﲆ ﻣﺎ ﴍﻃﻨﺎ ،ﻣﻨﻬﺎ: ﺎس ﺟَ ﻬْ ًﻼ ِﺑ َ ﻄﺒْﻌِ ِﻪ ﻳَﻠُﻮ ُم أَﺑُﻮ اﻟﻌَ ﺒﱠ ِ َﻛﻤَ ﺎ ﻋَ ﻴﱠ َﺮ اﻟﺤُ ُ ﻮت اﻟﻨ ﱠﻌَ ﺎﻣَ َﺔ ِﺑﺎﻟ ﱠ ﺼﺪَى وﻣﻨﻬﺎ: ﺻﺎﺣِ ٍﺐ أ َ ْﻛ َﺮﻣْ ﺘُ ُﻪ َﻏﻴْ َﺮ َ َو َﻛ ْﻢ َ ﻃﺎ ِﺋ ٍﻊ وَﻣَ ﺎ َﻛ َ ﺎن ذَا َك اﻟ ِﺒ ﱡﺮ إ ِ ﱠﻻ ِﻟ َﻐ ﻴْ ِﺮ ِه و ََﻻ ُﻣ ْﻜ َﺮ ٍه إ ِ ﱠﻻ ِﻷَﻣْ ٍﺮ ﺗَ ﻌَ ﻤﱠ ﺪَا ﺼﺒُﻮا ِﻟﻠ ﱠ ﻄﻴْ ِﺮ ِﺑﺎﻟﺤﺐﱢ ِﻣ ْ َﻛﻤَ ﺎ ﻧ َ َ ﺼﻴَﺪا ﻃﻮق اﻟﺤﻤﺎﻣﺔ ﰲ اﻷ ُ َ ﻟﻔﺔِ واﻷ ُ ﱠﻻف وأﻗﻮل ﻣﻦ ﻗﺼﻴﺪة ﻣﺤﺘﻮﻳﺔ ﻋﲆ ﴐوب ﻣﻦ اﻟﺤِ َﻜﻢ وﻓﻨﻮن ﻣﻦ اﻵداب اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ: و ََﺳ ﱠﺮاءُ أَﺑْ ﻨ َ ﺎ ِﺋ ﻲ ِﻟ ﻤَ ْﻦ أَﺗَ ﺤَ ﺒﱠ ﺐُ ﺻ ﻔ ُﻮ اﻟ ﺸ ﻬْ ِﺪ وﻫ ﻮ ُﻣ ﺤَ ﺒﱠ ﺐُ َوﻳُ ﺘْ َﺮ ُك َ أ ُ ِرﻳ ُﺪ َوإِﻧ ﱢ ﻲ ﻓِ ﻴ ِﻪ أ َ ْﺷ َﻘ ﻰ وَأَﺗْ ﻌَ ﺐُ َرأَﻳْ َﺖ ِﺑ َﻐﻴْ ِﺮ اﻟ َﻐﻮ ِْص ﻓِ ﻲ اﻟﺒَﺤْ ِﺮ ﻳُ ْ ﻄ َﻠﺐُ إِذَا ﻓِ ﻲ ِﺳ ﻮ َ ﺻ ﺢﱠ ﻣَ ﺎ أَﻧ َ ﺎ أ َ ْر َﻏ ﺐُ َاﻫ ﺎ َ ﺼ َﻼ ِح وَأ َ ْﻗ َﺮبُ ِﺑ ﻤَ ﺎ ُﻫ َﻮ أ َ ْدﻧ َ ﻰ ِﻟ ﻠ ﱠ وﻧ َﻌ ُﺖ َﺳ ﺠَ ﺎﻳَﺎيَ اﻟ ﱠ ﺼ ﺤِ ﻴ ﺢُ اﻟ ُﻤ ﻬ ﺬب ﺻ ِﻞ َﻟ ْﻮ ُن اﻟﻤَ ﺎءِ أَﺑْﻴَ ُ ﺾ ُﻣﻌْ ﺠﺐُ َو ِﻓﻲ اﻷ َ ْ و ََﺳ ﱠﺮاءُ أَﺣْ َﺸ ﺎ ِﺋ ﻲ ِﻟ ﻤَ ْﻦ أَﻧ َ ﺎ ُﻣ ْﺆﺛِ ٌﺮ َﻓ َﻘ ْﺪ ﻳُ ْﺸ َﺮبُ اﻟ ﱠ ﺼ ﺎبُ اﻟ َﻜ ِﺮﻳ ُﻪ ِﻟ ﻌِ ﱠﻠ ٍﺔ وَأَﻋ ﺪ ُل ﻓِ ﻲ إِﺟْ ﻬَ ﺎدِ ﻧ َ ْﻔ ِﺴ َﻲ ﻓِ ﻲ ا ﱠﻟ ﺬِي َﻫ ِﻞ اﻟ ﱡﻠ ْﺆﻟُ ﺆ اﻟ ﻤَ ْﻜ ﻨ ُ ﻮن وَاﻟ ﺪﱡر ُﻛ ﻠ ُﻪ ﺻ ِﺮ ُ وَأ َ ْ ف ﻧ َ ْﻔ ِﺴﻲ ﻋَ ْﻦ وُﺟُ ﻮ ِه ِﻃﺒَﺎﻋِ ﻬَ ﺎ َﻛ ﻤَ ﺎ ﻧ َ َﺴ َﺦ اﻟ ﻠ ﻪ اﻟ ﱠﺸ َﺮا ِﺋ َﻊ َﻗ ﺒْ َﻠ ﻨ َ ﺎ وَأ َ ْﻟ َﻘ ﻰ َﺳ ﺠَ ﺎﻳَ ﺎ ُﻛ ﱢﻞ َﺧ ْﻠ ٍﻖ ِﺑ ِﻤ ﺜ ْ ِﻠ ﻬَ ﺎ َﻛ ﻤَ ﺎ َ ﺻ ﺎ َر َﻟ ْﻮ ُن اﻟ ﻤَ ﺎءِ َﻟ ﻮ َْن إِﻧ َ ﺎ ِﺋ ِﻪ وﻣﻨﻬﺎ: أَﻗﻤ ُﺖ ذَ ِوي ُودﱢي ُﻣ َﻘﺎ َم َ ﻃﺒَﺎ ِﺋﻌِ ﻲ ﺣَ ﻴَﺎ ِﺗﻲ ِﺑﻬَ ﺎ وَاﻟﻤَ ﻮ ُ ْت ِﻣﻨ ْﻬُ ﱠﻦ ﻳَ ْﺮ َﻫﺐُ وﻣﻨﻬﺎ: ﻄ ِﺒ ﻴ ِﻪ ﺑَ َﺸ َ وَﻣَ ﺎ أَﻧ َ ﺎ ِﻣ ﻤﱠ ْﻦ ﺗ ﱠ ﺎﺷ ٌﺔ أ َ ِزﻳ ُﺪ ِﻧ َﻔ ﺎ ًرا ﻋِ ﻨ ْ َﺪ ذَ ِﻟ َﻚ ﺑَ ِ ﺎﻃ ﻨ ً ﺎ َﻓ ِﺈﻧ ﱢﻲ َرأَﻳْ ُﺖ اﻟ ﺤَ ْﺮبَ ﻳَﻌْ ﻠُ ﻮ ْ اﺷ ِﺘ ﻌَ ﺎﻟُ ﻬَ ﺎ َوﻟِ ْﻠ ﺤَ ﻴﱠ ِﺔ اﻟ ﱠﺮ ْﻗ َﺸ ﺎءِ و َْﺷ ٌﻲ َو َﻟ ْﻮﻧ ُ ﻬَ ﺎ َوإ ِ ﱠن ﻓِ ﺮﻧ ْ َﺪ اﻟ ﱠﺴ ﻴْ ِﻒ أَﻋْ ﺠَ ﺐُ ﻣَ ﻨ ْ َ ﻈ ًﺮا وَأَﺟْ ﻌَ ُﻞ ذُ ﱠل اﻟ ﻨ ﱠ ْﻔ ِﺲ ﻋِ ﱠﺰ َة أ َ ْﻫ ِﻠ ﻬَ ﺎ َﻓ َﻘ ْﺪ ﻳَ َﻀ ُﻊ ا ِﻹﻧ ْ َﺴﺎ ُن ﻓِ ﻲ اﻟﺘﱡ ْﺮ ِب وَﺟْ ﻬَ ُﻪ َﻓ ﺬُ ﱞل ﻳَ ُﺴ ُ ﻮق اﻟ ﻌِ ﱠﺰ أَﺟْ َﻮ ُد ِﻟ ْﻠ َﻔ ﺘَ ﻰ َو َﻛ ْﻢ ﻣَ ﺄ ْ َﻛ ٍﻞ أ َ َرﺑ ْﺖ ﻋَ ﻮَاﻗِ ﺐُ َﻏ ﻴﱢ ِﻪ وَﻣَ ﺎ ذَ َ اق ﻋِ ﱠﺰ اﻟ ﻨ ﱠ ْﻔ ِﺲ ﻣَ ْﻦ َﻻ ﻳُ ِﺬ ﱡﻟ ﻬَ ﺎ ﻇ ﻤْ ﺄ ٍةَ ُو ُرو ُد َك ﻧ َ ﻬْ َﻞ اﻟ ﻤَ ﺎءِ ِﻣ ْﻦ ﺑَ ﻌْ ِﺪ َ و ََﻻ ﻳَ ْﻘﺘَ ِﻀﻲ ﻣَ ﺎ ﻓِ ﻲ َ ﺿ ِﻤﻴ ِﺮي اﻟﺘﱠﺠَ ﻨ ﱡﺐُ َو ِﻓ ﻲ َ ﻇ ﺎﻫِ ِﺮي أ َ ْﻫ ٌﻞ و ََﺳ ﻬْ ٌﻞ وَﻣَ ْﺮﺣَ ﺐُ َ وَﻣَ ﺒْ َﺪ ُؤ َﻫ ﺎ ﻓِ ﻲ أو ِﱠل اﻷَﻣْ ِﺮ ﻣَ ْﻠ ﻌَ ﺐ ﻋَ ِﺠ ﻴ ﺐٌ َوﺗَ ﺤْ َﺖ اﻟ ﻮ َْﺷ ِﻲ ُﺳ ﱞﻢ ُﻣ َﺮ ﱠﻛ ﺐ َو ِﻓ ﻴ ِﻪ إِذَا ُﻫ ﱠﺰ اﻟ ﺤِ ﻤَ ﺎ ُم اﻟ ُﻤ ﺬَ ﱠربُ إِذَا ﻫِ َﻲ ﻧ َ ﺎ َﻟ ْﺖ ﻣَ ﺎ ﻟ ﻬَ ﺎ ﻓِ ﻴ ِﻪ ﻣَ ﺬﻫ ﺐُ ﺼ ﻮ ُن اﻟ ُﻤ َﻘ ﱠﺮبُ ِﻟ ﻴَ ﺄ ْ ِﺗ ﻲ َﻏ ﺪًا و َْﻫ َﻮ اﻟ ﻤَ ُ ِﻣ َﻦ اﻟ ﻌِ ﱢﺰ ﻳَ ﺘْ ﻠُ ﻮ ُه ِﻣ َﻦ اﻟ ﺬﱡ ﱢل ﻣَ ْﺮ َﻛ ﺐ َو ُربﱠ َ ﺼ ِﺐ ٍ ﻃ ﻮًى ِﺑ ﺎﻟ ﺨِ ْ آت َو ُﻣ ﻌْ ﻘِ ﺐ و ََﻻ ا ْﻟﺘَﺬﱠ َ ﺼﺐُ وح ﻣَ ْﻦ َﻟﻴْ َﺲ ﻳَﻨ ْ َ ﻃﻌْ َﻢ اﻟ ﱠﺮ ِ أ َ َﻟ ﺬﱡ ِﻣ َﻦ اﻟ ﻌَ ﱢﻞ اﻟ ﻤَ ِﻜ ﻴ ِﻦ وَأَﻋْ ﺬَبُ 90 ﺑﺎب اﻟﻬﺠﺮ وﻣﻨﻬﺎ: ﻃ ﻴﱢ ﺒً ﺎ إ ِ ْن َﻟ ْﻢ ﻳُ ﺘَ ﺢْ َﻟ َﻚ أ َ ْ َﻓ ِﺮ ْد َ ﻃ ﻴَ ﺐ إِذَا َﻟ ْﻢ ﻳَ ُﻜ ْﻦ ﻓِ ﻲ اﻷ ْر ِض ﺣَ َ ﺎﺷﺎ ُه ﻣَ ْﺸ َﺮب َﺷﺠً ﻰ وَاﻟ ﱠ ﺼﺪى ِﺑﺎﻟﺤَ ﱢﺮ أ َ ْو َﻟﻰ وَأَوْﺟَ ﺐ ﻮق ﺗَ َﺮا ُه ﺗَ َﻔ ُ ﺎﺿ ٌﻞ َو ِﻓ ﻲ ُﻛ ﱢﻞ ﻣَ ْﺨ ﻠُ ٍ ض ِو ْر َد اﻟ ﱢﺮﻳ ِﻖ إ ِ ﱠﻻ َ و ََﻻ ﺗَ ْﺮ َ ﺿ ُﺮو َر ًة و ََﻻ ﺗَ ْﻘ ﺮﺑَ ْﻦ ِﻣ ْﻠ ﺢَ اﻟ ِﻤ ﻴَ ﺎ ِه َﻓ ِﺈﻧ ﱠ ﻬَ ﺎ وﻣﻨﻬﺎ: و ََﻻ ﺗَ ُﻚ ﻣَ ْﺸ ُﻐ ً ﻮﻻ ِﺑﻤَ ْﻦ ُﻫ َﻮ ﻳَ ْﻐ ِﻠﺐ و ََﻻ ﻫِ َﻲ إ ِ ْن ﺣَ ﱠ ﺼ ْﻠ َﺖ أ ﱞم و ََﻻ أَب َﻓ ُﺨﺬْ ِﻣ ْﻦ ﺟَ َﺮ َ اﻫﺎ ﻣَ ﺎ ﺗَﻴَ ﱠﺴ َﺮ وَاﻗﺘ ِﻨ ْﻊ َﻓ ﻤَ ﺎ َﻟ َﻚ َﺷ ْﺮ ٌ ط ﻋِ ﻨ ْﺪ ََﻫ ﺎ َﻻ و ََﻻ ﻳَ ٌﺪ وﻣﻨﻬﺎ: َوإ ِ ْن ﺑَﻌُ ﺪ ْ َت َﻓ ﺎﻷَﻣْ ُﺮ ﻳَﻨ ْﺄَى َوﻳَ ْ ﺼ ﻌُ ﺐ و ََﻻ ﺗَ ْﻠﺘَ ِﺒ ْﺲ ِﺑﺎﻟ ﱠﻀ ْﻮءِ َﻓﺎﻟ ﱠﺸﻤْ ُﺲ ﺗَ ْﻐ ُﺮب و ََﻻ ﺗَ ﻴْ ﺄ َ َﺳ ْﻦ ِﻣ ﻤﱠ ﺎ ﻳُ ﻨ َ ﺎ ُل ِﺑ ﺤِ ﻴ َﻠ ٍﺔ ﻇ َﻼ َم َﻓ ﺎﻟ َﻔ ﺠْ ُﺮ َ و ََﻻ ﺗَ ﺄْﻣَ ِﻦ ا ِﻹ ْ ﻃ ﺎ ِﻟ ٌﻊ وﻣﻨﻬﺎ: إِذَا َ ﻃﺎ َل ﻣَ ﺎ ﻳَﺄ ْ ِﺗﻲ ﻋَ َﻠﻴْ ِﻪ َوﻳَﺬْ َﻫﺐ َﻓﻌ ْﻠ َﺖ َﻓﻤَ ﺎءُ اﻟ ُﻤ ْﺰ ِن ﺟَ ﱞﻢ َوﻳَﻨ ْ ُ ﻀﺐ و ََﻗ ﺎ َم َﻟ ُﻪ ِﻣ ﻨ ْ ُﻪ ﻏِ ﺬَاءٌ ُﻣ ﺠَ ﱠﺮب أ َ ِﻟﺢﱠ َﻓ ِﺈ ﱠن اﻟﻤَ ﺎءَ ﻳَ ْﻜﺪَحُ ﻓِ ﻲ اﻟ ﱠ ﺼ َﻔﺎ َو َﻛﺜ ﱢ ْﺮ و ََﻻ ﺗَ ْﻔ َﺸ ْﻞ و ََﻗ ﱢﻠ ْﻞ َﻛ ِﺜﻴ َﺮ ﻣَ ﺎ َﻓ َﻠ ْﻮ ﻳَﺘَ َﻐﺬﱠى اﻟﻤَ ْﺮءُ ِﺑﺎﻟ ﱡﺴ ﱢﻢ َﻗﺎﺗَ ُﻪ ﺛﻢ َﻫﺠْ ﺮ ﻳُﻮﺟﺒﻪ اﻟﺘﺬ ﱡﻟﻞ ،وﻫﻮ أﻟﺬﱡ ﻣﻦ ﻛﺜري اﻟﻮﺻﺎل؛ وﻟﺬﻟﻚ ﻻ ﻳﻜﻮن إﻻ ﻋﻦ ﺛِﻘﺔ ُﻛﻞ واﺣﺪ ﻣﻦ املﺘﺤﺎﺑﱢني ﺑﺼﺎﺣﺒﻪ ،واﺳﺘﺤﻜﺎم اﻟﺒﺼرية ﰲ ﺻﺤﺔ ﻋَ ﻘﺪه؛ ﻓﺤﻴﻨﺌ ٍﺬ ﻳُﻈﻬﺮ املﺤﺒﻮب ﻫﺠﺮاﻧًﺎ ﻟريى ﺻﱪ ﻣُﺤﺒﻪ؛ وذﻟﻚ ﻟﺌﻼ ﻳﺼﻔ َﻮ اﻟﺪﻫ َﺮ اﻟﺒﺘﺔ ،وﻟﻴﺄﺳﻒ املﺤﺐ إن ﻛﺎن ﻣﻔﺮط اﻟﻌﺸﻖ ﻋﻨﺪ ذﻟﻚ ﻻ ملﺎ ﺣ ﱠﻞ ،ﻟﻜﻦ ﻣﺨﺎﻓﺔ أن ﱠ ﻳﱰﻗﻰ اﻷﻣﺮ إﱃ ﻣﺎ ﻫﻮ أﺟ ﱡﻞ .ﻳﻜﻮن ذﻟﻚ اﻟﻬﺠﺮ ﺳﺒﺒًﺎ إﱃ ﻏريه ،أو ً ﺧﻮﻓﺎ ﻣﻦ آﻓﺔ ﺣﺎدث ﻣﻠﻞ .وﻟﻘﺪ ﻋﺮض ﱄ ﰲ اﻟﺼﺒﺎ ﻫﺠﺮ ﻣﻊ ﺑﻌﺾ ﻣﻦ ﻛﻨﺖ آﻟﻒ ،ﻋﲆ ﻫﺬه اﻟﺼﻔﺔ ،وﻫﻮ ﻻ ﻳﻠﺒﺚ أن ﻳﻀﻤﺤﻞ ﺛﻢ ﻳﻌﻮد ،ﻓﻠﻤﺎ ﻛﺜﺮ ذﻟﻚ ﻗﻠﺖ ﻋﲆ ُ ﺧﺘﻤﺖ ﻛﻞ ﺑﻴﺖ ﻣﻨﻪ ﺑﻘﺴﻢ ﻣﻦ أول ﻗﺼﻴﺪة ﻃﺮﻓﺔ ﺑﻦ اﻟﻌﺒﺪ ﺳﺒﻴﻞ املﺰاح ﺷﻌ ًﺮا ﺑﺪﻳﻬﻴٍّﺎ 91 ﻃﻮق اﻟﺤﻤﺎﻣﺔ ﰲ اﻷ ُ َ ﻟﻔﺔِ واﻷ ُ ﱠﻻف ً ﻣﴩوﺣﺔ ﻋﲆ أﺑﻲ ﺳﻌﻴﺪ اﻟﻔﺘﻰ اﻟﺠﻌﻔﺮي ،ﻋﻦ أﺑﻲ ﺑﻜﺮ املﻘﺮئ، ا ُملﻌ ﱠﻠﻘﺔ ،وﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﻗﺮأﻧﺎﻫﺎ ﻋﻦ أﺑﻲ ﺟﻌﻔﺮ اﻟﻨﺤﺎس — رﺣﻤﻬﻢ ﷲ — ﰲ املﺴﺠﺪ اﻟﺠﺎﻣﻊ ﺑﻘﺮﻃﺒﺔ ،وﻫﻲ: ﺗَ ﺬَ ﱠﻛ ْﺮ ُت ُودٍّا ِﻟ ْﻠ ﺤَ ِﺒ ﻴ ِﺐ َﻛ ﺄَﻧ ﱠ ُﻪ وَﻋَ ﻬْ ﺪِي ِﺑ ﻌَ ﻬْ ٍﺪ َﻛ َ ﺎن ِﻟ ﻲ ِﻣ ﻨ ْ ُﻪ ﺛ َﺎ ِﺑ ٍﺖ و ََﻗ ْﻔ ُﺖ ِﺑ ِﻪ َﻻ ُﻣ ﻮ ِﻗ ﻨ ً ﺎ ِﺑ ُﺮﺟُ ﻮ ِﻋ ِﻪ إ ِ َﻟﻰ أ َ ْن أ َ َ ﻃﺎ َل اﻟﻨ ﱠ ُ ﺎس ﻋَ ﺬْ ِﻟﻲ وَأ َ ْﻛﺜ َ ُﺮوا َﻛ ﺄ َ ﱠن ُﻓ ﻨ ُ َ ﻮن اﻟ ﱡﺴ ْﺨ ِﻂ ِﻣ ﻤﱠ ْﻦ أُﺣِ ﺒﱡ ُﻪ َﺻ ِﻞ ﻣَ ْﺮ َﻛﺐٌ َﻛﺄ َ ﱠن اﻧ ْﻘِ َﻼبَ اﻟﻬَ ﺠْ ِﺮ وَاﻟﻮ ْ َﻓ ﻮ َْﻗ ُﺖ ِر ً ﺿ ﻰ ﻳَ ﺘْ ﻠُ ﻮ ُه و َْﻗ ُﺖ ﺗَ َﺴ ﱡﺨ ٍﻂ َوﻳَﺒْ ِﺴ ُﻢ ﻧ َﺤْ ِﻮي وﻫﻮ َﻏ ْﻀﺒَﺎ ُن ُﻣﻌْ ِﺮ ٌ ض ِﻟ َﺨ ْﻮ َﻟ َﺔ أ َ ْ ﻃ َﻼ ٌل ِﺑ ﺒُ ْﺮ َﻗ ﺔ ﺛ َ ﻬْ ﻤَ ِﺪ ﻳَﻠُﻮحُ َﻛﺒَﺎﻗِ ﻲ اﻟﻮ َْﺷ ِﻢ ﻓِ ﻲ َ ﻇﺎﻫِ ِﺮ اﻟﻴَ ِﺪ و ََﻻ آ ِﻳ ًﺴ ﺎ أَﺑْ ِﻜ ﻲ وَأَﺑْ ِﻜ ﻲ إ ِ َﻟ ﻰ اﻟ َﻐ ِﺪ ﻳَ ُﻘ ﻮﻟُ َ ﻮن َﻻ ﺗَ ﻬْ ِﻠ ْﻚ أ َ ًﺳ ﻰ َوﺗَ ﺠَ ﱠﻠ ِﺪ َﺧ َﻼﻳَ ﺎ َﺳ ﻔ ﻴ ٍﻦ ِﺑ ﺎﻟ ﻨ ﱠ ﻮ ِ َاﺻ ِﻒ ِﻣ ْﻦ دَد ﻳَ ﺠُ ﻮ ُر ِﺑ ِﻪ اﻟ ﻤَ ﱠﻼحُ َ ﻃ ْﻮ ًرا َوﻳَ ﻬْ ﺘَ ﺪِي َﻛ ﻤَ ﺎ َﻗ َﺴ َﻢ اﻟ ﺘﱡ ْﺮبَ اﻟ ُﻤ َﻔ ﺎ ِﻳ ُﻞ ِﺑ ﺎﻟ ﻴَ ِﺪ ﻈ ﺎﻫِ ُﺮ ِﺳ ﻤْ َ ُﻣ َ ﻄ ْﻲ ﻟُ ْﺆﻟُ ٍﺆ َو َزﺑَ ْﺮﺟَ ِﺪ ُ ﺑﻌﺾ اﻟﺸﺪة ،ﻟﻜﻦ ﻓﺮﺣﺔ ﺛﻢ َﻫﺠْ ﺮ ﻳُﻮﺟﺒﻪ اﻟﻌِ ﺘﺎب ﻟﺬﻧﺐ ﻳﻘﻊ ﻣﻦ املﺤﺐ ،وﻫﺬا ﻓﻴﻪ اﻟﺮﺟﻌﺔ ُ وﴎور اﻟﺮﴇ ﻳﻌﺪل ﻣﺎ ﻣﴣ؛ ﻓﺈن ﻟﺮﴇ ا َملﺤﺒﻮب ﺑﻌﺪ ﺳﺨﻄﻪ ﻟﺬ ًة ﰲ اﻟﻘﻠﺐ ً وﻣﻮﻗﻔﺎ ﻣﻦ اﻟﺮوح ﻻ ﻳﻔﻮﻗﻪ ﳾء ﻣﻦ أﺳﺒﺎب اﻟﺪﻧﻴﺎ .وﻫﻞ ﺷﺎﻫﺪ ﻣُﺸﺎﻫﺪ ﻻ ﺗﻌﺪﻟﻬﺎ ﻟﺬة، ﻓﻜﺮ أﻟﺬﱡ وأﺷﻬﻰ ﻣﻦ ﻣﻘﺎم ﻗﺪ ﻗﺎم ﻋﻨﻪ ﻛﻞ رﻗﻴﺐ ،وﺑَﻌُ ﺪ ﻋﻨﻪ ﻛﻞ أو رأت ﻋني أو ﻗﺎم ﰲ ٍ واش ،واﺟﺘﻤﻊ ﻓﻴﻪ ﻣُﺤﺒﱠﺎن ﻗﺪ ﺗﺼﺎرﻣﺎ ﻟﺬﻧﺐ وﻗﻊ ﻣﻦ املﺤﺐ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﺑﻐﻴﺾ ،وﻏﺎب ﻋﻨﻪ ﻛﻞ ٍ َ ُ وﻃﺎل ذﻟﻚ ً ﻗﻠﻴﻼ ،وﺑﺪأ ﺑﻌﺾ اﻟﻬﺠﺮ وﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺛ ﱠﻢ ﻣﺎﻧﻊ ﻣﻦ اﻹﻃﺎﻟﺔ ﻟﻠﺤﺪﻳﺚ ،ﻓﺎﺑﺘﺪأ املﺤﺐ ﰲ اﻻﻋﺘﺬار واﻟﺨﻀﻮع واﻟﺘﺬ ﱡﻟﻞ واﻷدﻟﺔ ﺑﺤﺠﺘﻪ اﻟﻮاﺿﺤﺔ ﻣﻦ اﻹدﻻل واﻹذﻻل واﻟﺘﺬﻣﻢ ﺑﻤﺎ ﺳﻠﻒ ،ﻓﻄﻮ ًرا ﻳُﺪﱄ ﺑﱪاءﺗﻪ ،وﻃﻮ ًرا ﻳﺮ ﱡد ﺑﺎﻟﻌﻔﻮ وﻳﺴﺘﺪﻋﻲ املﻐﻔﺮة وﻳُﻘﺮ ﺑﺎﻟﺬﱠﻧﺐ وﻻ ذﻧﺐ ﻟﻪ ،واملﺤﺒﻮب ﰲ ﻛﻞ ذﻟﻚ ﻧﺎﻇﺮ إﱃ اﻷرض ﻳُﺴﺎرﻗﻪ اﻟﻠﺤ َ ﻆ اﻟﺨﻔﻲ ،ورﺑﻤﺎ أداﻣﻪ ﻓﻴﻪ ،ﺛﻢ ﻳﺒﺴﻢ ﻣُﺨﻔﻴًﺎ ﻟﺘﺒﺴﻤﻪ ،وذﻟﻚ ﻋﻼﻣﺔ اﻟﺮﴇ ،ﺛﻢ ﻳﻨﺠﲇ ﻣﺠﻠﺴﻬﻤﺎ ﻋﻦ َﻗﺒﻮل اﻟﻌﺬر ،وﻳﻘﺒﻞ اﻟﻘﻮل ،واﻣﺘﺤﺖ ذﻧﻮب اﻟﻨﻘﻞ ،وذﻫﺒﺖ آﺛﺎر اﻟﺴﺨﻂ ،ووﻗﻊ اﻟﺠﻮاب ﺑﻨﻌﻢ وذﻧﺒﻚ ﻣﻐﻔﻮر، وﻟﻮ ﻛﺎن ،ﻓﻜﻴﻒ وﻻ ذﻧﺐ؟ وﺧﺘﻤﺎ أﻣﺮﻫﻤﺎ ﺑﺎﻟﻮﺻﻞ املﻤﻜﻦُ ، وﺳﻘﻮط اﻟﻌﺘﺎب ،واﻹﺳﻌﺎد، وﺗﻔﺮﻗﺎ ﻋﲆ ﻫﺬا. ُ وﻃﺌﺖ ﺑﺴﺎط ﻫﺬا ﻣﻜﺎن ﺗَﺘﻘﺎﴏ دوﻧﻪ اﻟﺼﻔﺎت ،وﺗﺘﻠ ﱠﻜﻦ ﺑﺘﺤﺪﻳﺪه اﻷﻟﺴﻨﺔ .وﻟﻘﺪ ً ُ ُ ﻫﻴﺒﺔ ﺗﻌﺪل ﻫﻴﺒﺔ ﻣﺤﺐ ملﺤﺒﻮﺑﻪ ،ورأﻳﺖ ﺗﻤ ﱡﻜﻦ رأﻳﺖ وﺷﺎﻫﺪت ﻣﺤﺎﴐ املﻠﻮك ﻓﻤﺎ اﻟﺨﻠﻔﺎء املﺘﻐﻠﺒني ﻋﲆ اﻟﺮؤﺳﺎء وﺗﺤ ﱡﻜﻢ اﻟﻮزراء واﻧﺒﺴﺎط ﻣﺪﺑﺮي اﻟﺪول ،ﻓﻤﺎ رأﻳﺖ أﺷﺪ ﺗﺒﺠﱡ ﺤً ﺎ وﻻ 92 ﺑﺎب اﻟﻬﺠﺮ أﻋﻈﻢ ﴎو ًرا ﺑﻤﺎ ﻫﻮ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﻣﺤﺐ أﻳﻘﻦ أن ﻗﻠﺐ ﻣﺤﺒﻮﺑﻪ ﻋﻨﺪه ،ووﺛﻖ ﺑﻤﻴﻠﻪ إﻟﻴﻪ ،وﺻﺤﺔ ﻣﻮدﺗﻪ ﻟﻪ. وﺣﴬت ﻣﻘﺎم املﻌﺘﺬرﻳﻦ ﺑني أﻳﺪي اﻟﺴﻼﻃني ،وﻣﻮاﻗﻒ املﺘﻬﻤني ﺑﻌﻈﻴﻢ اﻟﺬﻧﻮب ﻣﻊ املﺘﻤﺮدﻳﻦ اﻟﻄﺎﻏني ،ﻓﻤﺎ رأﻳﺖ أذل ﻣﻦ ﻣﻮﻗﻒ ﻣُﺤﺐ َﻫﻴﻤﺎن ﺑني ﻳﺪي ﻣﺤﺒﻮب ﻏﻀﺒﺎن ﻗﺪ َﻏﻤﺮه اﻟﺴﺨﻂ ،وﻏﻠﺐ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺠﻔﺎء .وﻟﻘﺪ اﻣﺘﺤﻨﺖ اﻷﻣﺮﻳﻦ ،وﻛﻨﺖ ﰲ اﻟﺤﺎﻟﺔ اﻷوﱃ أﺷ ﱠﺪ ﻣﻦ اﻟﺤﺪﻳﺪ ،وأﻧﻔﺬ ﻣﻦ اﻟﺴﻴﻒ ،ﻻ أﺟﻴﺐ إﱃ اﻟﺪﻧﻴﺔ ،وﻻ أﺳﺎﻋﺪ ﻋﲆ اﻟﺨﻀﻮع ،وﰲ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ أذل ﻣﻦ اﻟﺮداء ،وأﻟني ﻣﻦ اﻟﻘﻄﻦ ،أﺑﺎدر إﱃ أﻗﴡ ﻏﺎﻳﺎت اﻟﺘﺬ ﱡﻟﻞ ،وأﻏﺘﻨﻢ ُﻓﺮﺻﺔ اﻟﺨﻀﻮع ﻟﻮ ﻧﺠﻊ ،وأﺗﺤ ﱠﻠﻞ ﺑﻠﺴﺎﻧﻲ ،وأﻏﻮص ﻋﲆ دﻗﺎﺋﻖ املﻌﺎﻧﻲ ﺑﺒﻴﺎﻧﻲ ،وأﻓﻨﻦ اﻟﻘﻮل ﻓﻨﻮﻧًﺎ ،وأﺗﺼﺪى ﱢ اﻟﱰﴈ. ﻟﻜﻞ ﻣﺎ ﻳﻮﺟﺐ واﻟﺘﺠﻨﱢﻲ ُ ﺑﻌﺾ ﻋﻮارض اﻟﻬﺠﺮان ،وﻫﻮ ﻳﻘﻊ ﰲ أول اﻟﺤﺐ وآﺧﺮه ،ﻓﻬﻮ ﰲ أوﻟﻪ ﻋﻼﻣﺔ ﻟﺼﺤﱠ ﺔ املﺤﺒﺔ ،وﰲ آﺧﺮه ﻋﻼﻣﺔ ﻟﻔﺘﻮرﻫﺎ وﺑﺎب ﻟﻠﺴﻠﻮ. ﺧﱪ وأذﻛﺮ ﰲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬا أﻧﻲ ﻛﻨﺖ ﻣﺠﺘﺎ ًزا ﰲ ﺑﻌﺾ اﻷﻳﺎم ﺑﻘﺮﻃﺒﺔ ﰲ ﻣﻘﱪة ﺑﺎب ﻋﺎﻣﺮ ،ﰲ َﻟﻤﱠ ﺔ ﻣﻦ اﻟﻄﻼب وأﺻﺤﺎب اﻟﺤﺪﻳﺚ ،وﻧﺤﻦ ﻧﺮﻳﺪ ﻣﺠﻠﺲ اﻟﺸﻴﺦ أﺑﻲ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ أﺑﻲ ﻳﺰﻳﺪ املﴫي ﺑﺎﻟﺮﺻﺎﻓﺔ أﺳﺘﺎذي — رﴈ ﷲ ﻋﻨﻪ — وﻣﻌﻨﺎ أﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ً ﱟ ﻣﺘﺠﻦ ﻣﻔﻠﻘﺎ ،وﻫﻮ ﻳﻨﺸﺪ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﰲ ﺻﻔﺔ ﺑﻦ ﺳﻠﻴﻤﺎن اﻟﺒﻠﻮي ﻣﻦ أﻫﻞ ِﺳﺒﺘﺔ ،وﻛﺎن ﺷﺎﻋ ًﺮا ﻣﻌﻬﻮد أﺑﻴﺎﺗًﺎ ﻟﻪ ،ﻣﻨﻬﺎ: ﺎب اﻟﻤَ َﻮ ﱠد ِة ﻳُ ْﺴ ِﺮ ُع إ ِ َﻟﻰ ﻧ َ ْﻘ ِﺾ أ َ ْﺳﺒَ ِ ﺎن ﻓِ ﻲ ﺗَ ْﺮ ِﻗ ﻴ ﻌِ ِﻪ ﻳَ ﺘَ َﻘ ﱠ إِذَا َﻛ َ ﻄ ُﻊ ﻇ ﻬْ ِﺮ اﻟ ﱠ َﺳ ِﺮﻳ ٌﻊ إ ِ َﻟ ﻰ َ ﻄ ِﺮﻳ ِﻖ َوإِﻧ ﱠ ُﻪ ﻳَ ُ ﻄ ﻮ ُل ﻋَ َﻠ ﻴْ ﻨ َ ﺎ أ َ ْن ﻧ ُ ِﺮ ﱢﻗ َﻊ ُو ﱠد ُه ﻓﻮاﻓﻖ إﻧﺸﺎد اﻟﺒﻴﺖ اﻷول ﻣﻦ ﻫﺬﻳﻦ اﻟﺒﻴﺘني ﺧﻄﻮر أﺑﻲ اﻟﺤﺴني ﺑﻦ ﻋﲇ اﻟﻔﺎﳼ — رﺣﻤﻪ ﷲ ﺗﻌﺎﱃ — وﻫﻮ ﻳﺆم ً أﻳﻀﺎ ﻣﺠﻠﺲ اﺑﻦ أﺑﻲ ﻳﺰﻳﺪ ،ﻓﺴﻤﻌﻪ ﻓﺘﺒﺴﻢ — رﺣﻤﻪ ﷲ — ﻧﺤﻮﻧﺎ ،وﻃﻮاﻧﺎ ﻣﺎﺷﻴًﺎ وﻫﻮ ﻳﻘﻮل :ﺑﻞ إﱃ ﻋﻘﺪ املﻮدة إن ﺷﺎء ﷲ؛ ﻓﻬﻮ أوﱃ .ﻫﺬا ﻋﲆ ِﺟﺪ أﺑﻲ اﻟﺤﺴني — رﺣﻤﻪ ﷲ — وﻓﻀﻠﻪ وﺗﻘ ﱡﺮﺑﻪ وﺑﺮاءﺗﻪ وﻧﺴﻜﻪ وزﻫﺪه وﻋﻠﻤﻪ ،ﻓﻘﻠﺖ ﰲ ذﻟﻚ: 93 ﻃﻮق اﻟﺤﻤﺎﻣﺔ ﰲ اﻷ ُ َ ﻟﻔﺔِ واﻷ ُ ﱠﻻف َد ْع ﻋَ ﻨ ْ َﻚ ﻧ َ ْﻘ َﺾ ﻣَ َﻮ ﱠد ِﺗﻲ ُﻣﺘَﻌَ ﻤﱢ ﺪًا َو َﻟ ﺘَ ْﺮ ِﺟ ﻌَ ﱠﻦ أ َ َر ْدﺗَ ُﻪ أ َ ْو َﻟ ْﻢ ﺗُ ِﺮد ﺻﺎ ِﻟﻨ َﺎ ﻳَﺎ َ وَاﻋْ ﻘِ ْﺪ ﺣِ ﺒَﺎ َل ِو َ ﻇﺎ ِﻟ ُﻢ َ ُﻛ ْﺮ ًﻫ ﺎ ِﻟ ﻤَ ﺎ َﻗ ﺎ َل اﻟ ﻔ ﻘِ ﻴ ُﻪ اﻟ ﻌَ ﺎ ِﻟ ُﻢ وﻳﻘﻊ ﻓﻴﻪ اﻟﻬﺠﺮ واﻟﻌﺘﺎب .وﻟﻌﻤﺮي إن ﻓﻴﻪ إذا ﻛﺎن ً ﻗﻠﻴﻼ ﻟﻠﺬة ،وأﻣﺎ إذا ﺗﻔﺎﻗﻢ ﻓﻬﻮ ﻓﺄل ﻏري ﻣﺤﻤﻮد ،وأﻣﺎرة وﺑﻴﺌﺔ املﺼﺪر ،وﻋﻼﻣﺔ ﺳﻮء ،وﻫﻲ ﺑﺠﻤﻠﺔ اﻷﻣﺮ ﻣﻄﻴﺔ اﻟﻬﺠﺮان، وراﺋﺪ اﻟﴫﻳﻤﺔ ،وﻧﺘﻴﺠﺔ اﻟﺘﺠﻨﱢﻲ ،وﻋﻨﻮان اﻟﺜﻘﻞ ،ورﺳﻮل اﻻﻧﻔﺼﺎل ،وداﻋﻴﺔ اﻟﻘﲆ ،وﻣﻘﺪﱢﻣﺔ اﻟﺼﺪ ،وإﻧﻤﺎ ﻳُﺴﺘﺤﺴﻦ إذا َﻟ ُ ﻄﻒ وﻛﺎن أﺻﻠﻪ اﻹﺷﻔﺎق .وﰲ ذﻟﻚ أﻗﻮل: ِﺑ ﻤَ ﺎ ِﻣ ﻨ ْ ُﻪ ﻋَ ﺘَ ﺒْ َﺖ وَأ َ ْن ﺗَ ِﺰﻳ ﺪَا وَأ َ ْﺳ ﻤَ ﻌَ ﻨ َ ﺎ ِﺑ ﺂﺧِ ِﺮ ِه اﻟ ﱡﺮﻋُ ﻮدَا وَأَﻧ ْ َﺖ َﻛﺬَا َك ﻧ َ ْﺮﺟُ ﻮ أ َ ْن ﺗَﻌُ ﻮدَا َﻟﻌَ ﱠﻠ َﻚ ﺑَﻌْ َﺪ ﻋَ ﺘ ِﺒ َﻚ أ َ ْن ﺗَﺠُ ﻮدَا َﻓ َﻜ ْﻢ ﻳَ ْﻮ ٍم َرأَﻳْﻨ َﺎ ﻓِ ﻴ ِﻪ َ ﺻ ﺤْ ﻮًا وَﻋَ ﺎ َد اﻟ ﱠ ﺼﺤْ ُﻮ ﺑَﻌْ ُﺪ َﻛﻤَ ﺎ ﻋَ ِﻠﻤْ ﻨ َﺎ وﻛﺎن ﺳﺒﺐ ﻗﻮﱄ ﻫﺬه اﻷﺑﻴﺎت ﻋِ ﺘﺎب وﻗﻊ ﰲ ﻳﻮ ٍم ﻫﺬه ﺻﻔﺘُﻪ ﻣﻦ أﻳﺎم اﻟﺮﺑﻴﻊ ،ﻓﻘﻠﺘُﻬﺎ ﰲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ،وﻛﺎن ﱄ ﰲ ﺑﻌﺾ اﻟﺰﻣﻦ ﺻﺪﻳﻘﺎن ،وﻛﺎﻧﺎ أﺧﻮﻳﻦ ،ﻓﻐﺎﺑﺎ ﰲ ﺳﻔﺮ ﺛﻢ َﻗﺪِﻣﺎ ﱠ ُ ﻓﻜﺘﺒﺖ إﻟﻴﻬﻤﺎ — واملﺨﺎﻃﺒﺔ ﻟﻸﻛﱪ ﻣﻨﻬﻤﺎ — ﺷﻌ ًﺮا، ﻓﺘﺄﺧﺮا ﻋﻦ ﻋﻴﺎدﺗﻲ، وﻗﺪ أﺻﺎﺑﻨﻲ َرﻣَ ٌﺪ ﻣﻨﻪ: َو ُﻛ ﻨ ْ ُﺖ أُﻋَ ﱢﺪ ُد أُﻳْ ًﻀ ﺎ ﻋَ َﻠ ﻰ َو َﻟ ِﻜ ْﻦ إِذَا اﻟﺪﱠﺟْ ُﻦ َﻏ ﱠ ﻄﻰ ذُ َﻛﺎءً أَﺧِ ﻴ َﻚ ِﺑ ُﻤ ْﺆﻟِ ﻤَ ِﺔ اﻟ ﱠﺴ ِﺎﻣ ِﻊ ﻈ ﱡﻦ ِﺑﺎﻟ َﻘﻤَ ِﺮ اﻟ ﱠ َﻓﻤَ ﺎ اﻟ ﱠ ﻄﺎ ِﻟ ِﻊ؟ ﺛﻢ ﻫﺠﺮ ﻳُﻮﺟﺒﻪ اﻟﻮُﺷﺎة .وﻗﺪ ﺗﻘﺪم اﻟﻘﻮل ﻓﻴﻬﻢ وﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻮﻟﺪ ﻣﻦ دﺑﻴﺐ ﻋﻘﺎرﺑﻬﻢ، ورﺑﻤﺎ ﻛﺎن ﺳﺒﺒًﺎ ﻟﻠﻤﻘﺎﻃﻌﺔ اﻟﺒﺘﺔ. ﺛﻢ ﻫﺠﺮ املﻠﻞ .واملﻠﻞ ﻣﻦ اﻷﺧﻼق املﻄﺒﻮﻋﺔ ﰲ اﻹﻧﺴﺎن ،وأﺣﺮى ملﻦ دُﻫﻲ ﺑﻪ أﻻ ﻳﺼﻔ َﻮ ﻟﻪ ﺻﺪﻳﻖ ،وﻻ ﻳَﺼﺢﱠ ﻟﻪ إﺧﺎء ،وﻻ ﻳﺜﺒﺖ ﻋﲆ ﻋﻬﺪ ،وﻻ ﻳﺼﱪ ﻋﲆ إﻟﻒ ،وﻻ ﺗﻄﻮل ﻣُﺴﺎﻋﺪﺗﻪ ُملﺤﺐ ،وﻻ ﻳُﻌﺘﻘﺪ ﻣﻨﻪ ُو ﱞد وﻻ ﺑﻐﺾ .وأوﱃ اﻷﻣﻮر ﺑﺎﻟﻨﺎس ﱠأﻻ ﻳﻐﺮوه ﻣﻨﻬﻢ ،وأن ﻳﻔﺮوا ﻋﻦ ﺻﺤﺒﺘﻪ وﻟﻘﺎﺋﻪ؛ ﻓﻠﻦ ﻳﻈﻔﺮوا ﻣﻨﻪ ﺑﻄﺎﺋﻞ؛ وﻟﺬﻟﻚ أﺑﻌﺪﻧﺎ ﻫﺬه اﻟﺼﻔﺔ ﻋﻦ ا ُملﺤﺒني ،وﺟﻌﻠﻨﺎﻫﺎ ﰲ املﺤﺒﻮﺑني ،ﻓﻬﻢ ﺑﺎﻟﺠﻤﻠﺔ أﻫﻞ اﻟﺘﺠﻨﱢﻲ واﻟﺘﻈﻨﱢﻲ واﻟﺘﻌﺮض ﻟﻠﻤﻘﺎﻃﻌﺔ .وأﻣﺎ ﻣﻦ ﺗﺰﻳﱠﺎ ﺑﺎﺳﻢ اﻟﺤُ ﺐﱢ وﻫﻮ ﻣَ ﻠُﻮ ٌل ﻓﻠﻴﺲ ﻣﻨﻬﻢ ،ﱡ وﺣﻘﻪ أﻻ ﻳﺘﺠﺮع ﻣﺬاﻗﻪ ،وﻳُﻨﻔﻰ ﻋﻦ أﻫﻞ ﻫﺬه اﻟﺼﻔﺔ وﻻ ﻳﺪﺧﻞ ﰲ ﺟﻤﻠﺘﻬﻢ. 94 ﺑﺎب اﻟﻬﺠﺮ وﻣﺎ رأﻳﺖ ﻗﻂ ﻫﺬه اﻟﺼﻔﺔ أﺷﺪ ﺗﻐﻠﺒًﺎ ﻣﻨﻬﺎ ﻋﲆ أﺑﻲ ﻋﺎﻣﺮ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺎﻣﺮ — رﺣﻤﻪ َ ﺑﻌﺾ ﻣﺎ ﻋﻠﻤﺘُﻪ ﻣﻨﻪ ملﺎ ﺻﺪﻗﺘُﻪ .وأﻫﻞ ﻫﺬا اﻟﻄﺒﻊ أﴎع ﷲ — ﻓﻠﻮ وﺻﻒ ﱄ واﺻﻒ ً ﻣﺤﺒﺔ ،وأﻗ ﱡﻠﻬﻢ ﺻﱪًا ﻋﲆ املﺤﺒﻮب ،وﻋﲆ املﻜﺮوه واﻟﺼﺪ ،واﻧﻘﻼﺑﻬﻢ ﻋﻦ اﻟﻮ ﱢد ﻋﲆ اﻟﺨﻠﻖ ُ ﱢ َ ﺗﴪﻋﻬﻢ إﻟﻴﻪ؛ ﻓﻼ ﺗﺜِﻖ ﺑﻤﻠﻮل ،وﻻ ﺗﺸﻐﻞ ﺑﻪ ﻧﻔﺴﻚ ،وﻻ ﺗﻌﻨﻬﺎ ﺑﺎﻟﺮﺟﺎء ﰲ وﻓﺎﺋﻪ ،ﻓﺈن ﻗﺪر ﱡ دُﻓﻌﺖ إﱃ ﻣﺤﺒﺘﻪ ﴐور ًة َﻓﻌُ ﺪﱠه َ اﺑﻦ ﺳﺎﻋﺘﻪ ،واﺳﺘﺄﻧﻔﻪ ﻛﻞ ﺣني ﻣﻦ أﺣﻴﺎﻧﻪ ﺑﺤﺴﺐ ﻣﺎ ﺗﺮاه ﻣﻦ ﺗﻠﻮﱡﻧﻪ ،وﻗﺎﺑﻠﻪ ﺑﻤﺎ ﻳﺸﺎﻛﻠﻪ. َ وﻟﻘﺪ ﻛﺎن أﺑﻮ ﻋﺎﻣﺮ ا ُملﺤﺪﱠث ﻋﻨﻪ ﻳﺮى اﻟﺠﺎرﻳﺔ ﻓﻼ ﻳَﺼﱪ ﻋﻨﻬﺎ ،وﻳُﺤﻴﻖ ﺑﻪ ﻣﻦ اﻻﻏﺘﻤﺎم ﻳﺄﺗﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﺣﺘﻰ ﻳﻤﻠﻜﻬﺎ ،وﻟﻮ ﺣﺎل دون ذﻟﻚ ﺷﻮ ُك اﻟﻘﺘﺎد ،ﻓﺈذا أﻳﻘﻦ واﻟﻬﻢ ﻣﺎ ﻳﻜﺎد أن َ ﺑﺘﺼريﻫﺎ إﻟﻴﻪ ﻋﺎدت املﺤﺒﺔ ﻧﻔﺎ ًرا ،وذﻟﻚ اﻷﻧﺲ ُﴍودًا ،واﻟﻘﻠﻖ إﻟﻴﻬﺎ ً ﱡ ﻗﻠﻘﺎ ﻣﻨﻬﺎ ،وﻧﺰاﻋﻪ ﻧﺤﻮﻫﺎ ﻧﺰاﻋً ﺎ ﻋﻨﻬﺎ ،ﻓﻴﺒﻴﻌﻬﺎ ﺑﺄوﻛﺲ اﻷﺛﻤﺎن .ﻫﺬا ﻛﺎن دأﺑﻪ ﺣﺘﻰ أﺗﻠﻒ ﻓﻴﻤﺎ ذﻛﺮﻧﺎ ﻣﻦ ﻋﴩات أﻟﻮف اﻟﺪﻧﺎﻧري ﻋﺪدًا ﻋﻈﻴﻤً ﺎ .وﻛﺎن — رﺣﻤﻪ ﷲ — ﻣﻊ ﻫﺬا ﻣﻦ أﻫﻞ اﻷدب واﻟﺤﺬق ﱡ واﻟﺘﻮﻗﺪ ﻣﻊ اﻟﴩف اﻟﻌﻈﻴﻢ واملﻨﺼﺐ اﻟﻔﺨﻢ واﻟﺠﺎه اﻟﻌﺮﻳﺾ. واﻟﺬﻛﺎء واﻟﻨﺒﻞ واﻟﺤﻼوة وأﻣﺎ ﺣﺴﻦ وﺟﻬﻪ وﻛﻤﺎل ُ ﺻﻮرﺗﻪ ﻓﴚء ﺗَﻘﻒ اﻟﺤﺪود ﻋﻨﻪ ،وﺗَ ِﻜ ﱡﻞ اﻷوﻫﺎم ﻋﻦ وﺻﻒ أﻗﻠﻪ ،وﻻ ﻳﺘﻌﺎﻃﻰ أﺣﺪ وﺻﻔﻪ .وﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺸﻮارع ﺗﺨﻠﻮ ﻣﻦ اﻟﺴﻴﱠﺎرة وﻳﺘﻌﻤﺪون ُ اﻟﺨﻄﻮر ﻋﲆ ﺑﺎب داره ﰲ اﻟﺸﺎرع اﻵﺧﺬ ﻣﻦ اﻟﻨﻬﺮ اﻟﺼﻐري ﻋﲆ ﺑﺎب دارﻧﺎ ﰲ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻟﴩﻗﻲ ُ ﺑﻘﺮﻃﺒﺔ إﱃ اﻟﺪرب املﺘﺼﻞ ﺑﻘﴫ اﻟﺰاﻫﺮة — وﰲ ﻫﺬا اﻟﺪرب ﻛﺎﻧﺖ داره ،رﺣﻤﻪ ﷲ، ً ﻮار ُﻛ ﱠﻦ ﻋ ﱠﻠ ْﻘﻦ أوﻫﺎﻣﻬﻦ ﻣﻼﺻﻘﺔ ﻟﻨﺎ — ﻻ ﻟﴚء إﻻ ﻟﻠﻨﻈﺮ ﻣﻨﻪ .وﻟﻘﺪ ﻣﺎت ﻣﻦ ﻣﺤﺒﱠﺘﻪ ﺟَ ٍ ﱠ ني ﻟﻪ ﻓﺨﺎﻧ َ ﱠ َ ﺑﻪ ،ورﺛ َ َ وﻗﺘﻠﺘﻬﻦ اﻟﻮﺣﺪة. رﻫﺎﺋﻦ اﻟ ِﺒ َﲆ ﻓﴫ َن ﻬﻦ ﻣﻤﺎ أﻣﱠ ْﻠﻨﻪ ﻣﻨﻪْ ِ ، ً ﺟﺎرﻳﺔ ﻣﻨﻬﻦ ﻛﺎﻧﺖ ﺗُﺴﻤﻰ ﻋﻔﺮاء ،ﻋﻬﺪي ﺑﻬﺎ ﻻ ﺗﺘﺴﱰ ﺑﻤﺤﺒﺘﻪ ﺣﻴﺜﻤﺎ وأﻧﺎ أﻋﺮف ﺟﻠﺴﺖ ،وﻻ ﺗﺠﻒ دﻣﻮﻋﻬﺎ ،وﻛﺎﻧﺖ ﻗﺪ ﺗﺼريت ﻣﻦ داره إﱃ اﻟﱪﻛﺎت اﻟﺨﻴﱠﺎل ﺻﺎﺣﺐ ً ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ﻏري ذﻟﻚ. اﻟﻔﺘﻴﺎن .وﻟﻘﺪ ﻛﺎن — رﺣﻤﻪ ﷲ — ﻳُﺨﱪﻧﻲ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻪ أﻧﻪ ﻳﻤ ﱡﻞ اﺳﻤَ ﻪ وأﻣﺎ إﺧﻮاﻧﻪ ﻓﺈﻧﻪ ﺗﺒﺪﱠل ﺑﻬﻢ ﰲ ﻋُ ﻤﺮه ﻋﲆ ﻗِ َﴫه ﻣﺮا ًرا ،وﻛﺎن ﻻ ﻳﺜﺒ ُُﺖ ﻋﲆ زي واﺣﺪ ﻛﺄﺑﻲ ﺑَﺮاﻗﺶ؛ ﺣﻴﻨًﺎ ﻳﻜﻮن ﰲ ﻣﻼﺑﺲ املﻠﻮك ،وﺣﻴﻨًﺎ ﰲ ﻣﻼﺑﺲ اﻟﻔﺘﱠﺎك. ﻓﻴﺠﺐ ﻋﲆ ﻣَ ﻦ اﻣﺘُﺤﻦ ﺑﻤﺨﺎﻟﻄﺔ ﻣَ ﻦ ﻫﺬه ﺻﻔﺘﻪ ﻋﲆ أي ٍ وﺟﻪ ﻛﺎن ﱠأﻻ ﻳﺴﺘﻔﺮغ ﻋﺎﻣﺔ ﺟُ ﻬْ ﺪه ﰲ ﻣﺤﺒﱠﺘﻪ ،وأن ﻳُﻘﻴﻢ اﻟﻴﺄس ﻣﻦ دواﻣﻪ َﺧﺼﻤً ﺎ ﻟﻨﻔﺴﻪ؛ ﻓﺈذا ﻻﺣﺖ ﻟﻪ ﻣﺨﺎﻳﻞ املﻠﻞ ﻗﺎﻃﻌﻪ أﻳﺎﻣً ﺎ ﺣﺘﻰ ﻳﻨﺸﻂ ﺑﺎﻟُﻪ ،وﻳﺒﻌﺪ ﺑﻪ ﻋﻨﻪ ،ﺛﻢ ﻳُﻌﺎوده ،ﻓﺮﺑﻤﺎ داﻣﺖ املﻮدﱠة ﻣﻊ ﻫﺬا .وﰲ ذﻟﻚ أﻗﻮل: 95 ﻃﻮق اﻟﺤﻤﺎﻣﺔ ﰲ اﻷ ُ َ ﻟﻔﺔِ واﻷ ُ ﱠﻻف َﻟﻴْ َﺲ اﻟﻤَ ﻠُﻮ ُل ِﺑﻌُ ﱠﺪ ْه ﻋَ ِﺎرﻳَ ﺔ ُﻣ ْﺴ ﺘَ َﺮ ﱠد ْه َﻻ ﺗَ ْﺮﺟُ ﻮ ﱠَن ﻣَ ﻠُ ً ﻮﻻ ﻮل َﻓ ﺪَﻋْ ُﻪ ُو ﱠد اﻟ ﻤَ ﻠُ ِ وﻣﻦ اﻟﻬَ ﺠْ ﺮ َﴐبٌ ﻳﻜﻮن ﻣﺘﻮ ﱢﻟﻴﻪ املﺤﺐ ،وذﻟﻚ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺮى ﻣﻦ ﺟَ ﻔﺎء ﻣﺤﺒﻮﺑﻪ واملﻴﻞ ﻋﻨﻪ إﱃ ﻏريه ،أو ﻟﺜﻘﻴﻞ ﻳﻼزﻣﻪ ،ﻓريى املﻮت وﻳﺘﺠ ﱠﺮع ُﻏﺼﺺ اﻷﳻ ،واﻟﻌﺾ ﻋﲆ ﻧﻘﻴﻒ اﻟﺤﻨﻈﻞ أﻫﻮن ﻣﻦ رؤﻳﺔ ﻣﺎ ﻳﻜﺮه ،ﻓﻴﻨﻘﻄﻊ وﻛﺒﺪه ﺗﺘﻘﻄﻊ .وﰲ ذﻟﻚ أﻗﻮل: َﻫ ﺠَ ْﺮ ُت ﻣَ ْﻦ أ َ ْﻫ ﻮَا ُه َﻻ ﻋَ ْﻦ ﻗِ ًﻠ ﻰ َﻟ ِﻜ ﱠﻦ ﻋَ ﻴْ ِﻨ ﻲ َﻟ ْﻢ ﺗُ ِﻄ ْﻖ ﻧ َ ْ ﻈ َﺮ ًة ْت أَﺣْ َﻠﻰ ﻣَ ْ َﻓﺎﻟﻤَ ﻮ ُ ﻄﻤَ ﻌً ﺎ ِﻣ ْﻦ َﻫﻮًى َو ِﻓ ﻲ اﻟ ُﻔ َﺆادِ اﻟ ﻨ ﱠ ﺎ ُر ﻣَ ﺬْ ِﻛ ﻴﱠ ٌﺔ و ََﻗ ْﺪ أَﺑَ ﺎحَ اﻟ ﻠ ﻪ ﻓِ ﻲ دِ ﻳ ِﻨ ِﻪ و ََﻗ ْﺪ أَﺣَ ﱠﻞ اﻟ ُﻜ ْﻔ َﺮ َﺧ ﻮ ُ ْف اﻟ ﱠﺮدَى ﻳَ ﺎ ﻋَ ﺠَ ﺒً ﺎ ِﻟ ﻠ ﻌَ ِ ﺎﺟ ِﺮ ﺎﺷ ِﻖ اﻟ ﻬَ ِ إ ِ َﻟ ﻰ ُﻣ ﺤَ ﻴﱠ ﺎ اﻟ ﱠﺮ َﺷ ﺄ اﻟ َﻐ ﺎدِ ِر ﻳُ ﺒَ ﺎحُ ِﻟ ْﻠ ﻮ َِار ِد وَاﻟ ﱠ ﺼ ﺎدِ ِر ﺼ ﺐﱟ ﺟَ ِﺰ ٍع َ َﻓ ﺎﻋ ﺠ ﺐْ ِﻟ َ ﺻ ﺎ ِﺑ ِﺮ ﻮر ِﻟ ِ ﻶﺳ ِﺮ ﺗَ ﻘِ ﻴﱠ َﺔ اﻟ ﻤَ ﺄ ْ ُﺳ ِ ﺣَ ﺘﱠ ﻰ ﺗَ َﺮى اﻟ ُﻤ ْﺆ ِﻣ َﻦ َﻛ ﺎﻟ َﻜ ﺎﻓِ ِﺮ ﺧﱪ ﻧﺎﻓﺮ ﻣﻨﻪ ،ﻓﻘﺎﳻ وﻣﻦ ﻋﺠﻴﺐ ﻣﺎ ﻳﻜﻮن ﻓﻴﻬﺎ وﺷﻨﻴﻌﻪ أﻧﻲ أﻋﺮف ﻣَ ﻦ ﻫﺎم ﻗﻠﺒُﻪ ﺑﻤﺘﻨﺎءٍ ﻋﻨﻪ ٍ ً ﻃﻮﻳﻼ ،ﺛﻢ َﺳﻨﺤﺖ ﻟﻪ اﻷﻳﺎم ﺑﺴﺎﻧﺤﺔ ﻋﺠﻴﺒﺔ ﻣﻦ اﻟﻮﺻﻞ أﴍف ﺑﻬﺎ ﻋﲆ ﺑﻠﻮغ اﻟﻮﺟﺪ زﻣﻨًﺎ أﻣﻠﻪ ،ﻓﺤني ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺑﻴﻨﻪ وﺑني ﻏﺎﻳﺔ رﺟﺎﺋﻪ إﻻ ﻛﻬﺆﻻء ﻋﺎد اﻟﻬَ ﺠﺮ واﻟﺒُﻌﺪ إﱃ أﻛﺜﺮ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻗﺒ ُﻞ ،ﻓﻘﻠﺖ ﰲ ذﻟﻚ: ﻣَ ْﻘ ُﺮوﻧ َ ٌﺔ ﻓِ ﻲ اﻟﺒُﻌْ ِﺪ ِﺑﺎﻟ ُﻤ ْﺸﺘَ ِﺮي َﻛﺎﻧ َ ْﺖ ِﻣ َﻦ اﻟ ُﻘ ْﺮ ِب ﻋَ َﻠﻰ ﻣَ ﺤْ ﺠﺮ َﻟ ْﻢ ﺗَ ﺒْ ُﺪ ِﻟ ْﻠ ﻌَ ﻴْ ِﻦ َو َﻟ ْﻢ ﺗَ ْ ﻈ ﻬَ ِﺮ َﻛﺎﻧ َ ْﺖ إ ِ َﻟﻰ د َْﻫ ِﺮيَ ِﻟﻲ ﺣَ ﺎﺟَ ٌﺔ َﻓ َﺴ َﺎﻗ ﻬَ ﺎ ِﺑ ﺎﻟ ﱡﻠ ْ ﻄ ِﻒ ﺣَ ﺘﱠ ﻰ إِذَا أَﺑْ ﻌَ ﺪ ََﻫ ﺎ ﻋَ ﻨ ﱢ ﻲ َﻓ ﻌَ ﺎد ْ َت َﻛ ﺄ َ ْن وﻗﻠﺖ: َدﻧ َ ﺎ أَﻣَ ِﻠ ﻲ ﺣَ ﺘﱠ ﻰ ﻣَ َﺪد ُ ْت ِﻷ َ ْﺧ ِﺬ ِه َﻓ ﺄ َ ْ ﺻ ﺒَ ﺤْ ُﺖ َﻻ أ َ ْرﺟُ ﻮ و ََﻗ ْﺪ ُﻛ ﻨ ْ ُﺖ ُﻣ ﻮ ِﻗ ﻨ ً ﺎ ﻳَ ﺪًا َﻓ ﺎﻧ ْ ﺜ َ ﻨ َ ﻰ ﻧ َ ﺤْ َﻮ اﻟ ﻤَ ﺠَ ﱠﺮ ِة َراﺣِ َﻼ وَأ ُ ْ ﺿﺤﻲ ﻣَ َﻊ اﻟ ﱢﺸﻌْ َﺮى و ََﻗ ْﺪ َﻛ َ ﺎن ﺣَ ِ ﺎﺻﻼ 96 ﺑﺎب اﻟﻬﺠﺮ و ََﻗ ْﺪ ُﻛ ﻨ ْ ُﺖ ﻣَ ﺄ ْ ُﻣ ً ﻮﻻ َﻓ ﺄ َ ْ ﺻ ﺒَ ﺤْ ُﺖ ِآﻣ ﻼ َﻓ َﻼ ﻳَ ﺄْﻣَ ﻨ َ ﱠﻦ اﻟ ﺪ ْﱠﻫ َﺮ ﻣَ ْﻦ َﻛ َ ﺎن ﻋَ ﺎﻗِ ﻼ ﺻﺒَﺤْ ُﺖ ﺣَ ِ و ََﻗ ْﺪ ُﻛﻨ ْ ُﺖ ﻣَ ﺤْ ُﺴﻮدًا َﻓﺄ َ ْ ﺎﺳﺪًا َﻛ ﺬَا اﻟ ﺪ ْﱠﻫ ُﺮ ﻓِ ﻲ َﻛ ﱠﺮا ِﺗ ِﻪ وَاﻧ ْ ِﺘ َﻘ ﺎ ِﻟ ِﻪ ﺛﻢ َﻫﺠْ ﺮ اﻟﻘِ َﲆ ،وﻫﻨﺎ ﺿﻠﺖ اﻷﺳﺎﻃري ،وﻧﻔﺪت اﻟﺤِ ﻴﻞ ،وﻋﻈﻢ اﻟﺒﻼء؛ وﻫﻮ اﻟﺬي ﱠ ﺧﲆ اﻟﻌﻘﻮ َل ذواﻫ َﻞ ،ﻓﻤﻦ دُﻫﻲ ﺑﻬﺬه اﻟﺪاﻫﻴﺔ ﻓﻠﻴﺘﺼ ﱠﺪ ملﺤﺒﻮب ﻣﺤﺒﻮﺑﻪ ،وﻟﻴﺘﻌﻤﱠ ﺪ ﻣﺎ ﻳﻌﺮف أﻧﻪ ﻳﺴﺘﺤﺴﻨﻪ ،وﻳﺠﺐ أن ﻳﺠﺘﻨﺐ ﻣﺎ ﻳﺪري أﻧﻪ ﻳﻜﺮﻫﻪ ،ﻓﺮﺑﻤﺎ ﻋ ﱠ ﻄﻔﻪ ذﻟﻚ ﻋﻠﻴﻪ إن ﻛﺎن املﺤﺒﻮب ﻣﻤﻦ ﻳﺪري ﻗﺪر املﻮاﻓﻘﺔ واﻟﺮﻏﺒﺔ ﻓﻴﻪ ،وأﻣﺎ ﻣﻦ ﻟﻢ ﻳﻌﻠﻢ ﻗﺪر ﻫﺬا ﻓﻼ َ ﻃﻤﻊ ﰲ اﺳﺘﴫاﻓﻪ، ﺑﻞ ﺣﺴﻨﺎﺗﻚ ﻋﻨﺪه ذﻧﻮب؛ ﻓﺈن ﻟﻢ ﻳﻘﺪر املﺮء ﻋﲆ اﺳﺘﴫاﻓﻪ؛ ﻓﻠﻴﺘﻌﻤﱠ ﺪ ﱡ اﻟﺴﻠﻮان ،وﻟﻴﺤﺎﺳﺐ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﻤﺎ ﻫﻮ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ اﻟﺒﻼء واﻟﺤﺮﻣﺎن ،وﻳﺴﻌﻰ ﰲ ﻧﻴﻞ رﻏﺒﺘﻪ ﻋﲆ أي وﺟﻪ أﻣﻜﻨﻪ .وﻟﻘﺪ ً ﻗﻄﻌﺔ ،أوﱠﻟﻬﺎ: رأﻳﺖ ﻣَ ﻦ ﻫﺬه ﺻﻔﺘﻪ ،وﰲ ذﻟﻚ أﻗﻮل دُﻫِ ﻴ ُﺖ ِﺑﻤَ ْﻦ َﻟ ْﻮ أَد َْﻓ ُﻊ اﻟﻤَ ﻮ َ ْت دُوﻧ َ ُﻪ َﻟ َﻘ ﺎ َل إِذًا ﻳ ﺎ َﻟ ﻴْﺘَ ِﻨ ﻲ ﻓِ ﻲ اﻟ ﻤَ َﻘ ﺎ ِﺑ ِﺮ وﻣﻨﻬﺎ: و ََﻻ َذﻧ ْﺐَ ِﻟﻲ إِذْ ِﺻ ْﺮ ُت أَﺣْ ﺪُو َر َﻛﺎ ِﺋ ِﺒﻲ وَﻣَ ﺎذَا ﻋَ َﻠﻰ اﻟ ﱠﺸﻤْ ِﺲ اﻟ ُﻤ ِﻨﻴ َﺮ ِة ِﺑﺎﻟ ﱡﻀﺤَ ﻰ إ ِ َﻟﻰ اﻟﻮ ْر ِد وَاﻟ ﱡﺪﻧ ْﻴَﺎ ﺗُ ِﺴﻲءُ ﻣَ َ ﺼﺎدِ ِري ﺼ َﺮ ْت ﻋَ ﻨ ْﻬَ ﺎ ِﺿ ﻌَ ُ إِذَا َﻗ ُ ﺎف اﻟ ﺒَ َ ﺼ ﺎ ِﺋ ِﺮ وأﻗﻮل: ﻣَ ﺎ أ َ ْﻗﺒَﺢَ اﻟﻬَ ﺠْ َﺮ ﺑَﻌْ َﺪ و ْ َﺻ ٍﻞ َﻛ ﺎﻟ ﻮ َْﻓ ِﺮ ﺗَﺤْ ِﻮﻳ ِﻪ ﺑَﻌْ َﺪ َﻓ ْﻘ ٍﺮ وَأَﺣْ َﺴ َﻦ اﻟﻮ ْ َﺻ َﻞ ﺑَﻌْ َﺪ َﻫﺠْ ِﺮ وَاﻟ َﻔ ْﻘ ِﺮ ﻳَ ﺄ ْ ِﺗ ﻴ َﻚ ﺑَ ﻌْ َﺪ و َْﻓ ِﺮ وأﻗﻮل: َ ﺎن ﻣَ ﻌْ ﻬُ ﻮد أ ْﺧ َﻼﻗ ﻚ ﻗِ ْﺴ ﻤ ِ َﻓ ِﺈﻧ ﱠ َﻚ اﻟﻨ ﱡﻌْ ﻤﺎ ُن ﻓِ ﻴﻤﺎ ﻣَ َﻀﻰ ﻳَ ْﻮ ُم ﻧ َﻌِ ﻴ ٍﻢ ﻓِ ﻴ ِﻪ َﺳﻌْ ُﺪ اﻟ َﻮ َرى َﻓ ﻴَ ﻮْم ﻧ ُﻌْ ﻤَ ﺎ َك ِﻟ َﻐ ﻴْ ِﺮي َوﻳَ ْﻮ وَاﻟﺪ ْﱠﻫ ُﺮ ﻓِ ﻴ َﻚ اﻟﻴَ ْﻮ َم ِﺻﻨ ْﻔﺎن َو َﻛ َ ﺎن ﻳَ ﻮْﻣَ ﺎن ﺎن ِﻟ ﻠ ﻨ ﱡ ﻌْ ﻤَ ِ ْ َان َوﻳَ ْﻮ ُم ﺑَ ﺄ َﺳ ﺎء وَﻋُ ْﺪو ِ ان ِﻣﻲ ِﻣﻨ ْ َﻚ ذُو ﺑُ ْﺆ ٍس وَﻫﺠْ َﺮ ِ 97 ﻃﻮق اﻟﺤﻤﺎﻣﺔ ﰲ اﻷ ُ َ ﻟﻔﺔِ واﻷ ُ ﱠﻻف أ َ َﻟ ﻴْ َﺲ ﺣُ ﺒﱢ ﻲ َﻟ َﻚ ُﻣ ْﺴ ﺘَ ﺎﻫِ ًﻼ ﺎن ِﻷ َ ْن ﺗُ ﺠَ ِﺎزﻳ ِﻪ ِﺑ ِﺈﺣْ َﺴ ِ ً ﻗﻄﻌﺔ ،ﻣﻨﻬﺎ: وأﻗﻮل ﻓِ ﻴ ِﻪ َﻛ ﻨ َ ْ ﻈ ِﻢ اﻟ ﱡﺪ ﱢر ﻓِ ﻲ اﻟ ﻌِ ْﻘ ِﺪ ﺼﺪًا َووَﺟْ ﻬُ َﻚ َ َﻗ ْ ﻃﺎ ِﻟ ُﻊ اﻟ ﱠﺴﻌْ ِﺪ ﻳَﺎ ﻣَ ْﻦ ﺟَ ِﻤﻴ ُﻊ اﻟﺤُ ْﺴ ِﻦ ُﻣﻨ ْﺘَ ِﻈ ٌﻢ ﻣَ ﺎ ﺑَﺎ ُل ﺣَ ﺘْﻔِ ﻲ ِﻣﻨ ْ َﻚ ﻳَ ْ ﻄ ُﺮ ُﻗ ِﻨﻲ وأﻗﻮل ﻗﺼﻴﺪة ،أوﻟﻬﺎ: َو َﻟ ﻴْ َﻠ ُﺔ ﺑَ ﻴْ ِﻨ ﻲ ِﻣ ﻨ ْ َﻚ أ َ ْم َﻟ ﻴْ َﻠ ُﺔ اﻟ ﻨ ﱠ ْﺸ ِﺮ َوﻳَ ْﺮﺟُ ﻮ اﻟﺘﱠ َﻼﻗِ ﻲ أ َ ْم ﻋَ ﺬَابُ ذَ ِوي اﻟ ُﻜ ْﻔ ِﺮ أ َ َﺳ ﺎﻋَ ُﺔ ﺗَ ْﻮدِﻳ ﻌِ َﻚ أ َ ْم َﺳ ﺎﻋَ ُﺔ اﻟ ﺤَ ْﺸ ِﺮ و ََﻫ ﺠْ ُﺮ َك ﺗَ ﻌْ ﺬِﻳ ﺐُ اﻟ ُﻤ ﻮَﺣﱢ ِﺪ ﻳَ ﻨ ْ َﻘ ِﻀ ﻲ وﻣﻨﻬﺎ: َﺳ َﻘ ﻰ اﻟ ﻠ ﻪ أَﻳﱠ ﺎﻣً ﺎ ﻣَ َﻀ ْﺖ َو َﻟ ﻴَ ﺎ ِﻟ ﻴً ﺎ َﻓ ﺄ َ ْو َر ُاﻗ ُﻪ اﻷَﻳﱠ ﺎ ُم ﺣُ ْﺴ ﻨ ً ﺎ َوﺑَ ﻬْ ﺠَ ًﺔ َﻟ ﻬَ ْﻮﻧ َ ﺎ ِﺑ ﻬَ ﺎ ﻓِ ﻲ َﻏ ﻤْ َﺮ ٍة َوﺗَ ﺂﻟُ ٍﻒ َﻓ ﺄَﻋْ َﻘ ﺒَ ﻨ َ ﺎ ِﻣ ﻨ ْ ُﻪ َزﻣَ ﺎ ٌن َﻛ ﺄَﻧ ﱠ ُﻪ ﺗُﺤَ ﺎ ِﻛﻲ َﻟﻨ َﺎ اﻟﻨ ﱠﻴْﻠُ َ ﻮﻓ َﺮ اﻟ َﻐ ﱠﺾ ﻓِ ﻲ اﻟﻨ ﱠ ْﺸ ِﺮ وَأَو َْﺳ ُ ﻄ ُﻪ اﻟ ﱠﻠ ﻴْ ُﻞ اﻟ ُﻤ َﻘ ﱢ ﺼ ُﺮ ِﻟ ْﻠ ﻌُ ﻤْ ِﺮ ﺗَ ُﻤ ﱡﺮ َﻓ َﻼ ﻧ َ ﺪ ِْري َوﺗَ ﺄ ِﺗ ﻲ َﻓ َﻼ ﻧ َ ﺪ ِْري و ََﻻ َﺷ ﱠﻚ ﺣُ ْﺴ ُﻦ اﻟﻌ ْﻘ ِﺪ أﻋﻘﺐ ِﺑﺎﻟ َﻐﺪ ِْر وﻣﻨﻬﺎ: َﻓ َﻼ ﺗَﻴْﺄ َ ِﺳﻲ ﻳَﺎ ﻧ َ ْﻔ ُﺲ ﻋَ ﱠﻞ َزﻣَ ﺎﻧ َﻨ َﺎ ﺻ َ َﻛﻤَ ﺎ َ ﺮف اﻟ ﱠﺮﺣْ ﻤَ ُﻦ ُﻣ ْﻠ َﻚ أُﻣَ ﻴﱠﺔ ﻳَ ﻌُ ﻮ ُد ِﺑ ﻮَﺟْ ٍﻪ ُﻣ ْﻘ ِﺒ ٍﻞ َﻏ ﻴْ ِﺮ ُﻣ ْﺪ ِﺑ ِﺮ إ ِ َﻟﻴْ ِﻬﻢَْ ،وﻟُﻮذِيَ ِﺑﺎﻟﺘﱠﺠَ ﻤﱡ ِﻞ وَاﻟ ﱠ ﺼﺒْ ِﺮ وﰲ ﻫﺬه اﻟﻘﺼﻴﺪة أﻣﺪح أﺑﺎ ﺑﻜﺮ ﻫﺸﺎم ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ،أﺧﺎ أﻣري املﺆﻣﻨني ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ املﺮﺗﴣ — رﺣﻤﻪ ﷲ — ﻓﺄﻗﻮل: أ َ َﻟ ﻴْ َﺲ ﻳُ ﺤِ ﻴ ُ ﻂ اﻟ ﱡﺮوحَ ﻓِ ﻴ ﻨ َ ﺎ ِﺑ ُﻜ ﱢﻞ ﻣَ ﺎ َﻛﺬَا اﻟﺪ ْﱠﻫ ُﺮ ِﺟ ْﺴ ٌﻢ وﻫﻮ ﻓِ ﻲ اﻟﺪ ْﱠﻫ ِﺮ ُروﺣُ ُﻪ َدﻧ َﺎ َوﺗَ ﻨ َﺎءَى و َْﻫ َﻮ ﻓِ ﻲ ﺣُ ﺠُ ِﺐ اﻟ ﱠ ﺼ ﺪ ِْر ُﻣ ﺤِ ﻴ ٌ ﻂ ِﺑ ﻤَ ﺎ ﻓِ ﻴ ِﻪ َوإ ِ ْن ِﺷ ﺌْ َﺖ َﻓ ْ ﺎﺳ ﺘ ْﻘ ِﺮ 98 ﺑﺎب اﻟﻬﺠﺮ وﻣﻨﻬﺎ: ﺗَ ﻘ ﺒﱡ ﻠُ ﻬَ ﺎ ِﻣ ﻨ ْ ﻬُ ْﻢ ﻳُ َﻘ ﺎ َو ُم ِﺑ ﺎﻟ ﱡﺸ ْﻜ ِﺮ َﻏ َﺰا َرﺗُ ُﻪ ﻳَﻨ ْ َ ﺼ ﺐﱡ ﻓِ ﻲ ﻟُ ﺠَ ِﺞ اﻟ ﺒَ ﺤْ ِﺮ إِﺗَ ﺎ َوﺗُ ﻬَ ﺎ ﺗُ ﻬْ ﺪى إ ِ َﻟ ﻴْ ِﻪ َو ِﻣ ﻨ ﱠ ٌﺔ َﻛﺬَا ُﻛ ﱡﻞ ﻧ َﻬْ ٍﺮ ﻓِ ﻲ اﻟ ِﺒ َﻼدِ َوإ ِ ْن َ ﻃﻤَ ْﺖ 99 ﺑﺎب اﻟﻮﻓﺎء وﻣﻦ ﺣﻤﻴﺪ اﻟﻐﺮاﺋﺰ وﻛﺮﻳﻢ ﱢ ريه اﻟﻮﻓﺎءُ ،وإﻧﻪ ملﻦ أﻗﻮى اﻟﺸﻴﻢ وﻓﺎﺿﻞ اﻷﺧﻼق ﰲ اﻟﺤُ ﺐﱢ وﻏ ِ اﻟﺪﻻﺋﻞ وأوﺿﺢ اﻟﱪاﻫني ﻋﲆ ِﻃﻴﺐ اﻷﺻﻞَ ، وﴍف اﻟﻌُ ﻨﴫ ،وﻫﻮ ﻳﺘﻔﺎﺿﻞ ﺑﺎﻟﺘﻔﺎﺿﻞ ً ﻗﻄﻌﺔ ،ﻣﻨﻬﺎ: اﻟﻼزم ﻟﻠﻤﺨﻠﻮﻗﺎت .وﰲ ذﻟﻚ أﻗﻮل أ َ ْﻓ ﻌَ ﺎ ُل ُﻛ ﱢﻞ اﻣْ ِﺮ ٍئ ﺗُﻨ ْ ِﺒ ﻲ ِﺑ ﻌُ ﻨ ْ ُ ﺼ ِﺮ ِه وَاﻟﻌَ ﻴْ ُﻦ ﺗُ ْﻐ ِﻨﻴ َﻚ ﻋَ ْﻦ أ َ ْن ﺗَ ْ ﻄﻠُﺐَ اﻷَﺛ َ َﺮا وﻣﻨﻬﺎ: و ََﻫ ْﻞ ﺗَ َﺮى َﻗ ﱡ ﻂ دِ ْﻓ ﻠ ﻰ أَﻧ ْﺒَ ﺘَ ْﺖ ﻋِ ﻨ َﺒً ﺎ أ َ ْو ﺗَﺬْﺧ ُﺮ اﻟﻨ ﱠﺤْ ﻞ ﻓِ ﻲ أ َ ْو َﻛ ِﺎر َﻫﺎ اﻟ ﱠ ﺼ ِﺒ َﺮا ﻳﻔﻲ اﻹﻧﺴﺎن ملﻦ ﻳﻔﻲ ﻟﻪ .وﻫﺬا ﻓﺮض ﻻزم ،وﺣﻖ واﺟﺐ وأول ﻣﺮاﺗﺐ اﻟﻮﻓﺎء أن َ ﻋﲆ املﺤﺐ واملﺤﺒﻮب ،ﻻ ﻳﺤﻮل ﻋﻨﻪ إﻻ ﺧﺒﻴﺚ املﺤﺘﺪ ﻻ َﺧ َ ﻼق ﻟﻪ وﻻ ﺧري ﻋﻨﺪه .وﻟﻮﻻ أن رﺳﺎﻟﺘﻨﺎ ﻫﺬه ﻟﻢ ﻧﻘﺼﺪ ﺑﻬﺎ اﻟﻜﻼم ﰲ أﺧﻼق اﻹﻧﺴﺎن وﺻﻔﺎﺗﻪ املﻄﺒﻮﻋﺔ واﻟﺘﻄﺒﱡﻊ ﺑﻬﺎ ،وﻣﺎ ُ ﻟﺰدت ﰲ ﻫﺬا املﻜﺎن ﻣﺎ ﻳﺰﻳﺪ ﻣﻦ املﻄﺒﻮع ﺑﺎﻟﺘﻄﺒﻊ وﻣﺎ ﻳﻀﻤﺤﻞ ﻣﻦ اﻟﺘﻄﺒﱡﻊ ﺑﻌﺪم اﻟﻄﺒﻊ، ﻳﺠﺐ أن ﻳﻮﺿﻊ ﰲ ﻣﺜﻠﻪ ،وﻟﻜﻨﺎ إﻧﻤﺎ ﻗﺼﺪﻧﺎ اﻟﺘﻜ ﱡﻠﻢ ﻓﻴﻤﺎ رﻏﺒﺘﻪ ﻣﻦ أﻣﺮ اﻟﺤﺐ ﻓﻘﻂ .وﻫﺬا أﻣﺮ ﻛﺎن ﻳﻄﻮل ﺟﺪٍّا؛ إذ اﻟﻜﻼم ﻓﻴﻪ ﻳﺘﻔﻨﻦ ﻛﺜريًا. ﺧﱪ وﻣﻦ أرﻓﻊ ﻣﺎ ﺷﺎﻫﺪﺗﻪ ﻣﻦ اﻟﻮﻓﺎء ﰲ ﻫﺬا املﻌﻨﻰ وأﻫﻮﻟﻪ ﺷﺄﻧًﺎ ﱠ ﻗﺼﺔ رأﻳﺘﻬﺎ ﻋِ ﻴﺎﻧًﺎ ،وﻫﻮ أﻧﻲ أﻋﺮف ﻣَ ﻦ َر ِﴈ ﺑﻘﻄﻴﻌﺔ ﻣﺤﺒﻮﺑﻪ وأﻋ ﱢﺰ اﻟﻨﺎس ﻋﻠﻴﻪ ،وﻣﻦ ﻛﺎن املﻮت ﻋﻨﺪه أﺣﲆ ﻣﻦ ﻫﺠﺮ ﻃﻮق اﻟﺤﻤﺎﻣﺔ ﰲ اﻷ ُ َ ﻟﻔﺔِ واﻷ ُ ﱠﻻف ً ﻏﻠﻴﻈﺔ ﱠأﻻ ﻳﻜﻠﻤﻪ أﺑﺪًا ،وﻻ ﻳﻜﻮن ﻟﴪ أودﻋﻪ ،واﻟﺘﺰم ﻣﺤﺒﻮﺑﻪ ﻳﻤﻴﻨًﺎ ﺳﺎﻋﺔ ﰲ ﺟَ ﻨﺐ ﻃﻴﱢﻪ ﱟ اﻟﴪ ﻛﺎن ﻏﺎﺋﺒًﺎ ،ﻓﺄﺑﻰ ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﺧﱪٌ أو ﻳﻔﻀﺢ إﻟﻴﻪ ذﻟﻚ اﻟﴪ .ﻋﲆ أن ﺻﺎﺣﺐ ذﻟﻚ ﱢ ذﻟﻚ ،وﺗﻤﺎدى ﻫﻮ ﻋﲆ ﻛﺘﻤﺎﻧﻪ ،واﻟﺜﺎﻧﻲ ﻋﲆ ﻫﺠﺮاﻧﻪ إﱃ أن ﻓ ﱠﺮﻗﺖ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ اﻷﻳﺎم. ﺛﻢ ﻣﺮﺗﺒﺔ ﺛﺎﻧﻴﺔ ،وﻫﻮ اﻟﻮﻓﺎء ملﻦ َﻏﺪر ،وﻫﻲ ﻟﻠﻤُﺤﺐ دون املﺤﺒﻮب ،وﻟﻴﺲ ﻟﻠﻤﺤﺒﻮب ﻫﺎ ﻫﻨﺎ ﻃﺮﻳﻖ وﻻ ﻳﻠﺰﻣﻪ ذﻟﻚ ،وﻫﻲ ُﺧﻄﺔ ﻻ ﻳُﻄﻴﻘﻬﺎ إﻻ ﺟَ ْﻠﺪ ﻗﻮيﱞ واﺳﻊ اﻟﺼﺪر ،ﺣ ﱡﺮ اﻟﻨﻔﺲ ،ﻋﻈﻴﻢ اﻟﺤِ ْﻠﻢ ،ﺟﻠﻴﻞ اﻟﺼﱪ ،ﺣَ ِﺼﻴﻒ اﻟﻌﻘﻞ ،ﻣﺎﺟﺪ ُ اﻟﺨﻠُﻖ ،ﺳﺎﻟﻢ اﻟﻨﻴﺔ .وﻣﻦ ﻗﺎﺑﻞ اﻟﻐﺪر ﺑﻤﺜﻠﻪ ﻓﻠﻴﺲ ﺑﻤُﺴﺘﺄﻫﻞ ﻟﻠﻤﻼﻣﺔ ،وﻟﻜﻦ اﻟﺤﺎل اﻟﺘﻲ ﻗﺪﻣﻨﺎ ﺗﻔﻮﻗﻬﺎ ﺟﺪٍّا وﺗﻔﻮﺗﻬﺎ ﺑُﻌﺪًا. وﻏﺎﻳﺔ اﻟﻮﻓﺎء ﰲ ﻫﺬه اﻟﺤﺎل ﺗﺮ ُك ﻣﻜﺎﻓﺄة اﻷذى ﺑﻤﺜﻠﻪ ،واﻟﻜﻒ ﻋﻦ ﺳﻴﺊ املﻌﺎرﺿﺔ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ واﻟﻘﻮل ،واﻟﺘﺄﻧﻲ ﰲ ﺟ ﱢﺮ ﺣَ ﺒﻞ اﻟﺼﺤﺒﺔ ﻣﺎ أﻣﻜﻦ ،و ُرﺟﻴﺖ اﻷﻟﻔﺔ ،و ُ ﻃﻤﻊ ﰲ اﻟﺮﺟﻌﺔ ،وﻻﺣﺖ ﻟﻠﻌﻮدة أدﻧﻰ ﻣﺨﻴﻠﺔ ،وﺷﻴﻤﺖ ﻣﻨﻬﺎ أﻗﻞ ﺑﺎرﻗﺔ ،أو ﺗﻮﺟﺲ ﻣﻨﻬﺎ أﻳﴪ ﻋﻼﻣﺔ. ﻓﺈذا وﻗﻊ اﻟﻴﺄس واﺳﺘﺤﻜﻢ اﻟﻐﻴﻆ ﺣﻴﻨﺌ ٍﺬ واﻟﺴﻼﻣﺔ ﻣﻦ ﻏﺮك ،واﻷﻣﻦ ﻣﻦ ﴐك، واﻟﻨﺠﺎة ﻣﻦ أذاك ،وأن ﻳﻜﻮن ذﻛﺮ ﻣﺎ ﺳﻠﻒ ﻣﺎﻧﻌً ﺎ ﻣﻦ ﺷﻔﺎء اﻟﻐﻴﻆ ﻓﻴﻤﺎ وﻗﻊ ،ﻓ َﺮﻋْ ﻲ اﻷذﻣﺔ ﺣﻖ َوﻛِﻴﺪ ﻋﲆ أﻫﻞ اﻟﻌﻘﻮل ،واﻟﺤﻨني إﱃ ﻣﺎ ﻣﴣ ،وأﻻ ﻳﻨﴗ ﻣﺎ ﻗﺪ ﻓﺮغ ﻣﻨﻪ وﻓﻨﻴﺖ ﻣﺪﺗﻪ أﺛﺒﺖ اﻟﺪﻻﺋﻞ ﻋﲆ ﺻﺤﺔ اﻟﻮﻓﺎء .وﻫﺬه اﻟﺼﻔﺔ ﺣﺴﻨﺔ ﺟﺪٍّا ،وواﺟﺐ اﺳﺘﻌﻤﺎﻟﻬﺎ ﰲ ﻛﻞ ٍ وﺟﻪ ﺣﺎل ﻛﺎﻧﺖ. ﻣﻦ وﺟﻮه ﻣﻌﺎﻣﻼت اﻟﻨﺎس ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻋﲆ أي ٍ ﺧﱪ وﻟﻌﻬﺪي ﺑﺮﺟﻞ ﻣﻦ َ ﺻﻔﻮة إﺧﻮاﻧﻲ ﻗﺪ ﻋﻠﻖ ﺑﺠﺎرﻳ ٍﺔ ﻓﺘﺄﻛﺪ اﻟﻮد ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ،ﺛﻢ ﻏﺪرت ﺑﻌﻬﺪه، َ وﻧﻘﻀﺖ ُودﱠه ،وﺷﺎع ﺧﱪﻫﻤﺎ ،ﻓﻮﺟﺪ ﻟﺬﻟﻚ وﺟﺪًا ﺷﺪﻳﺪًا. ﺧﱪ وﻛﺎن ﱄ ﻣﺮ ًة ﺻﺪﻳﻖ ،ﻓﻔﺴﺪت ﻧﻴﱠﺘُﻪ ﺑﻌﺪ َوﻛِﻴﺪ ﻣﻮدة ﻻ ﻳُﻜﻔﺮ ﺑﻤﺜﻠﻬﺎ ،وﻛﺎن ﻋﻠﻢ ﻛﻞ واﺣﺪ ﻣﻨﺎ ﴎ ﺻﺎﺣﺒﻪ ،وﺳﻘﻄﺖ املﺌﻮﻧﺔ ،ﻓﻠﻤﺎ ﺗﻐري ﻋﲇ ﱠ أﻓﴙ ﻛﻞ ﻣﺎ ا ﱠ ﻃﻠﻊ ﱄ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻤﺎ ﻛﻨﺖ اﻃﻠﻌﺖ ﱠ ﻣﻨﻪ ﻋﲆ أﺿﻌﺎﻓﻪ ،ﺛﻢ اﺗﱠﺼﻞ ﺑﻪ أن ﻗﻮﻟﻪ ﰲ ﱠ ﻗﺪ ﺑﻠﻐﻨﻲ؛ ﻓﺠﺰع ﻟﺬﻟﻚ وﺧﴚ أن أُﻗﺎرﺿﻪ ﻋﲆ ُ ﻓﻜﺘﺒﺖ إﻟﻴﻪ ﺷﻌ ًﺮا أؤﻧﺴﻪ ﻓﻴﻪ وأﻋﻠﻤﻪ أﻧﻲ ﻻ أﻗﺎرﺿﻪ. ﻗﺒﻴﺢ ﻓﻌﻠﺘﻪ ،وﺑﻠﻐﻨﻲ ذﻟﻚ ﺧﱪ 102 ﺑﺎب اﻟﻮﻓﺎء وﻣﻤﺎ ﻳﺪﺧﻞ ﰲ ﻫﺬا اﻟﺪرج ،وإن ﻛﺎن ﻟﻴﺲ ﻣﻨﻪ وﻻ ﻫﺬا اﻟﻔﺼﻞ املﺘﻘﺪم ﻣﻦ ﺟﻨﺲ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ واﻟﺒﺎب ،وﻟﻜﻨﻪ ﺷﺒﻴﻪ ﻟﻪ ﻋﲆ ﻣﺎ ﻗﺪ ذﻛﺮﻧﺎ وﴍﻃﻨﺎ ،وذﻟﻚ أن ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ وﻟﻴﺪ ﺑﻦ ﻣﻜﺴري اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻛﺎن ﻣ ً ُﺘﺼﻼ ﺑﻲ وﻣُﻨﻘﻄﻌً ﺎ إﱄ ﱠ أﻳﺎم وزارة أﺑﻲ — رﺣﻤﺔ ﷲ ﻋﻠﻴﻪ — ﻓﻠﻤﺎ وﻗﻊ ُ ﺑﻘﺮﻃﺒﺔ ﻣﺎ وﻗﻊ وﺗﻐريت أﺣﻮا ٌل ﺧﺮج إﱃ ﺑﻌﺾ اﻟﻨﻮاﺣﻲ ﻓﺎﺗﱠﺼﻞ ﺑﺼﺎﺣﺒﻬﺎ ،ﻓﻌﺮض ُ ﺟﺎﻫﻪ ُ ﻓﺤﻠﻠﺖ أﻧﺎ ﺗﻠﻚ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ ﰲ ﺑﻌﺾ رﺣﻠﺘﻲ ﻓﻠﻢ ﻳُﻮ ﱢَﻓﻨﻲ وﺣﺪﺛﺖ ﻟﻪ وَﺟﺎﻫﺔ وﺣﺎ ٌل ﺣﺴﻨﺔ، ً ﺣﻘﻲ ،ﺑﻞ ﺛ َ ُﻘﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻜﺎﻧﻲ وأﺳﺎء ﻣﻌﺎﻣﻠﺘﻲ ُ ﺣﺎﺟﺔ ﻟﻢ وﺻﺤْ ﺒﺘﻲ ،وﻛ ﱠﻠﻔﺘﻪ ﰲ ﺧﻼل ذﻟﻚ ُ ُ ﻓﻜﺘﺒﺖ إﻟﻴﻪ ﺷﻌ ًﺮا أﻋﺎﺗﺒﻪ ﻓﻴﻪ، ﻳﻘﻢ ﻓﻴﻬﺎ وﻻ ﻗﻌَ ﺪ ،واﺷﺘﻐﻞ ﻋﻨﻬﺎ ﺑﻤﺎ ﻟﻴﺲ ﰲ ﻣﺜﻠﻪ ُﺷﻐﻞ، ً ﺣﺎﺟﺔ ﺑﻌﺪﻫﺎ .وﻣﻤﺎ ﱄ ﰲ ﻫﺬا املﻌﻨﻰ ،وﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﻓﺠﺎوﺑﻨﻲ ﻣﺴﺘﻌﺘﺒًﺎ ﻋﲆ ذﻟﻚ ،ﻓﻤﺎ ﻛ ﱠﻠﻔﺘﻪ ﺟﻨﺲ اﻟﺒﺎب وﻟﻜﻨﻪ ﻳﺸﺒﻬﻪ ،أﺑﻴﺎت ﻗﻠﺘﻬﺎ ،ﻣﻨﻬﺎ: َﻟ ِﻜ ﱠﻦ َﻛ ﺘْ ﻤَ َﻚ ﻣَ ﺎ أ َ ْﻓ َﺸ ﺎ ُه ُﻣ ْﻔ ِﺸ ﻴ ِﻪ َﻗ ﱠﻞ اﻟ ﻮُﺟُ ﻮ ُد َﻟ ُﻪ أ َ ْو َ ﺿ ﱠﻦ ُﻣ ﻌْ ِﻄ ﻴ ِﻪ َو َﻟ ﻴْ َﺲ ﻳُ ﺤْ ﻤَ ُﺪ ِﻛ ﺘْ ﻤَ ﺎ ٌن ِﻟ ُﻤ ْﻜ ﺘَ ِﺘ ٍﻢ َﻛﺎﻟﺠُ ﻮ ِد ِﺑﺎﻟﻮ َْﻓ ِﺮ أ َ ْﺳﻨ َﻰ ﻣَ ﺎ ﻳَ ُﻜﻮ ُن إِذَا ﱢ اﻟﺒﺎت ،وﺑﻌﺪ ﺣﻠﻮل املﻨﺎﻳﺎ وﻓﺠﺎءات املﻨﻮن. ﺛﻢ ﻣَ ﺮﺗﺒﺔ ﺛﺎﻟﺜﺔ؛ وﻫﻲ اﻟﻮﻓﺎء ﻣﻊ اﻟﻴﺄس وإن اﻟﻮﻓﺎء ﰲ ﻫﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ ﻷﺟ ﱡﻞ وأﺣﺴﻦ ﻣﻨﻪ ﰲ اﻟﺤﻴﺎة ،وﻣﻊ رﺟﺎء اﻟﻠﻘﺎء. ﺧﱪ وﻟﻘﺪ ﺣﺪﱠﺛﺘﻨﻲ اﻣﺮأة أﺛﻖ ﺑﻬﺎ أﻧﻬﺎ رأت ﰲ دار ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ وﻫﺐ ،املﻌﺮوف ﺑﺎﺑﻦ اﻟﺮﻛﻴﺰة ،ﻣﻦ وَﻟﺪ ﺑﺪر اﻟﺪاﺧﻞ ﻣﻊ اﻹﻣﺎم ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﻣﻌﺎوﻳﺔ — رﴈ ﷲ ﻋﻨﻪ — ً ً ً ً ﻣﻮﱃ ﻓﺠﺎءﺗﻪ املﻨﻴﱠﺔ ،ﻓﺒﻴﻌﺖ ﰲ ﺗﺮﻛﺘﻪ ،ﻓﺄﺑﺖ أن ﺗﺮﴇ ﺟﻤﻴﻠﺔ ﻛﺎن ﻟﻬﺎ راﺋﻌﺔ ﺟﺎرﻳﺔ ﺑﺎﻟﺮﺟﺎل ﺑﻌﺪه ،وﻣﺎ ﺟﺎﻣَ ﻌﻬﺎ رﺟﻞ إﱃ أن ﻟﻘﻴﺖ ﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ ،وﻛﺎﻧﺖ ﺗُﺤﺴ ُﻦ اﻟﻐﻨﺎء ﻓﺄﻧﻜﺮت ﻋﻠﻤَ ﻬﺎ ﺑﻪ ،ورﺿﻴﺖ ﺑﺎﻟﺨﺪﻣﺔ واﻟﺨﺮوج ﻋﻦ ﺟﻤﻠﺔ املﺘﺨﺬات ﻟﻠﻨﱠﺴﻞ واﻟﻠﺬة واﻟﺤﺎل اﻟﺤﺴﻨﺔ وﻓﺎءً ﻣﻨﻬﺎ ملﻦ دﺛﺮ ووارﺗﻪ اﻷرض وا ْﻟﺘﺄﻣﺖ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺼﻔﺎﺋﺢ .وﻟﻘﺪ راﻣﻬﺎ ﺳﻴﺪُﻫﺎ املﺬﻛﻮ ُر ْ ﻓﺄﺑﺖ ،ﻓﴬﺑﻬﺎ ﻏري ﻣﺮ ٍة أن ﻳﻀﻤﱠ ﻬﺎ إﱃ ﻓﺮاﺷﻪ ﻣﻊ ﺳﺎﺋﺮ ﺟﻮارﻳﻪ وﻳُﺨﺮﺟﻬﺎ ﻣﻤﺎ ﻫﻲ ﻓﻴﻪ وأوﻗﻊ ﺑﻬﺎ اﻷدب ،ﻓﺼﱪت ﻋﲆ ذﻟﻚ ﻛﻠﻪ ،ﻓﺄﻗﺎﻣﺖ ﻋﲆ اﻣﺘﻨﺎﻋﻬﺎ .وإن ﻫﺬا ﻣﻦ اﻟﻮﻓﺎء ﻏﺮﻳﺐ ﺟﺪٍّا. واﻋﻠﻢ أن اﻟﻮﻓﺎء ﻋﲆ املﺤﺐ أوﺟﺐ ﻣﻨﻪ ﻋﲆ املﺤﺒﻮب ،وﴍﻃﻪ ﻟﻪ أﻟﺰم؛ ﻷن املﺤﺐ ﻫﻮ اﻟﺒﺎدي ﺑﺎﻟ ﱡﻠﺼﻮق واﻟﺘﻌ ﱡﺮض ﻟﻌﻘﺪ اﻷذﻣﺔ ،واﻟﻘﺎﺻﺪ ﻟﺘﺄﻛﻴﺪ املﻮدة ،واملﺴﺘﺪﻋﻲ ﺻﺤﺔ 103 ﻃﻮق اﻟﺤﻤﺎﻣﺔ ﰲ اﻷ ُ َ ﻟﻔﺔِ واﻷ ُ ﱠﻻف اﻟﻌﴩة ،واﻷول ﰲ ﻋﺪد ﻃﻼب اﻷﺻﻔﻴﺎء ،واﻟﺴﺎﺑﻖ ﰲ اﺑﺘﻐﺎء اﻟﻠﺬة ﺑﺎﻛﺘﺴﺎب اﻟﺨﻠﺔ ،واملﻘﻴﺪ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﺰﻣﺎم املﺤﺒﺔ ﻗﺪ ﻋﻘﻠﻬﺎ ﺑﺄوﺛﻖ ﻋﻘﺎل ،وﺧﻄﻤﻬﺎ ﺑﺄﺷﺪ ﺧﻄﺎم ،ﻓﻤﻦ ﻗﴪه ﻋﲆ ﻫﺬا ﻛﻠﻪ إن ﻟﻢ ﻳُﺮد إﺗﻤﺎﻣﻪ؟ وﻣﻦ أﺟﱪه ﻋﲆ اﺳﺘﺠﻼب املِ ﻘﺔ إن ﻟﻢ ﻳَﻨ ْ ِﻮ ﺧﺘﻤﻬﺎ ﺑﺎﻟﻮﻓﺎء ملﻦ أراده ﻋﻠﻴﻬﺎ؟ واملﺤﺒﻮب إﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﺠﻠﻮب إﻟﻴﻪ ،وﻣﻘﺼﻮد ﻧﺤﻮه ،وﻣ ﱠ ُﺨري ﰲ اﻟﻘﺒﻮل أو اﻟﱰك ،ﻓﺈن ﱟ ﻣﺴﺘﺤﻖ ﻟﻠﺬم .وﻟﻴﺲ اﻟﺘﻌ ﱡﺮض ﻟﻠﻮﺻﻞ واﻹﻟﺤﺎح ﻓﻴﻪ ﻗﺒﻞ ﻓﻐﺎﻳﺔ اﻟﺮﺟﺎء ،وإن أﺑﻰ ﻓﻐري واﻟﺘﺄﻧﻲ ﻟﻜﻞ ﻣﺎ ﻳُﺴﺘﺠﻠﺐ ﺑﻪ ﻣﻦ املﻮاﻓﻘﺔ وﺗﺼﻔﻴﺔ اﻟﺤﴬة واملﻐﻴﺐ ﻣﻦ اﻟﻮﻓﺎء ﰲ ﳾء؛ ﻓﺤﻆ ﻧﻔﺴﻪ أراد اﻟﻄﺎﻟﺐ ،وﰲ ُﴎوره َﺳﻌﻰ ،وﻟﻪ اﺣﺘﻄﺐ ،واﻟﺤﺐ ﻳﺪﻋﻮه وﻳَﺤْ ﺪوه ﻋﲆ ذﻟﻚ ﺷﺎء أو أﺑَﻰ ،وإﻧﻤﺎ ﻳُﺤﻤﺪ اﻟﻮﻓﺎء ﻣﻤﻦ ﻳﻘﺪر ﻋﲆ ﺗﺮﻛﻪ. وﻟﻠﻮﻓﺎء ُﴍوط ﻋﲆ املﺤﺒني ﻻزﻣﺔ؛ ﻓﺄوﻟﻬﺎ أن ﻳﺤﻔﻆ ﻋﻬ َﺪ ﻣﺤﺒﻮﺑﻪ وﻳﺮﻋﻰ ﻏﻴﺒﺘﻪ، وﺗﺴﺘﻮي ﻋﻼﻧﻴﺘﻪ وﴎﻳﺮﺗﻪ ،وﻳﻄﻮي ﴍه وﻳﻨﴩ ﺧريه ،وﻳﻐﻄﻲ ﻋﲆ ﻋﻴﻮﺑﻪ ،وﻳﺤﺴﻦ أﻓﻌﺎﻟﻪ ،وﻳﺘﻐﺎﻓﻞ ﻋﻤﺎ ﻳﻘﻊ ﻣﻨﻪ ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻬﻔﻮة ،وﻳﺮﴇ ﺑﻤﺎ ﺣﻤﻠﻪ ،وﻻ ﻳﻜﺜﺮ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﻤﺎ ﻃ ً ﻃ ً ﻳﻨﻔﺮ ﻣﻨﻪ ،وأﻻ ﻳﻜﻮن ُ ﻠﻌﺔ ﺛﺌُﻮﺑًﺎ وﻻ ﻣَ ﱠﻠ ًﺔ َ ﺮوﻗﺎ .وﻋﲆ املﺤﺒﻮب إن ﺳﺎواه ﰲ املﺤﺒﱠﺔ ﻣﺜ ُﻞ ذﻟﻚ ،وإن ﻛﺎن دوﻧﻪ ﻓﻴﻬﺎ ﻓﻠﻴﺲ ﻟﻠﻤﺤﺐ أن ﻳﻜﻠﻔﻪ اﻟﺼﻌﻮد إﱃ ﻣﺮﺗﺒﺘﻪ ،وﻻ ﻟﻪ اﻻﺳﺘﺸﺎﻃﺔ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺄن ﻳﺴﻮﻣﻪ اﻻﺳﺘﻮاء ﻣﻌﻪ ﰲ درﺟﺘﻪ ،وﺑﺤﺴﺒﻪ ﻣﻨﻪ ﺣﻴﻨﺌ ٍﺬ ﻛﺘﻤﺎن ﺧﱪه ،وأﻻ ﻳﻘﺎﺑﻠﻪ ﺑﻤﺎ ﻳﻜﺮه وﻻ ﻳُﺨﻴﻔﻪ ﺑﻪ ،وإن ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ؛ وﻫﻲ اﻟﺴﻼﻣﺔ ﻣﻤﺎ ﻳﻠﻘﻰ ﺑﺎﻟﺠﻤﻠﺔَ ،ﻓ ْﻠﻴَﻘﻨﻊ ﺑﻤﺎ ﻃﺎ وﻻ ﻳﻘﱰح ٍّ وﺟﺪ ،وﻟﻴﺄﺧﺬ ﻣﻦ اﻷﻣﺮ ﻣﺎ اﺳﺘﺪف ،وﻻ ﻳﻄﻠﺐ ﴍ ً ﺣﻘﺎ ،وإﻧﻤﺎ ﻟﻪ ﻣﺎ ﺳﻨﺢ ﺑﺠﺪه أو ﻣﺎ ﺣﺎن ﺑﻜﺪه .واﻋﻠﻢ أﻧﻪ ﻻ ﻳﺴﺘﺒني ُﻗﺒﺢ اﻟﻔﻌﻞ ﻷﻫﻠﻪ؛ وﻟﺬﻟﻚ ﻳﺘﻀﺎﻋﻒ ُﻗﺒﺤﻪ ﻋﻨﺪ ﻣﻦ ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ذوﻳﻪ ،وﻻ أﻗﻮل ﻗﻮﱄ ﻫﺬا ﻣُﻤﺘﺪﺣً ﺎ ،وﻟﻜﻦ آﺧﺬًا ﺑﺄدب ﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ﴿ :وَأَﻣﱠ ﺎ ِﺑﻨِﻌْ ﻤَ ِﺔ َرﺑﱢ َﻚ َﻓﺤَ ﺪ ْ ﱢث﴾. ﻟﻘﺪ ﻣَ ﻨﺤﻨﻲ ﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ ﻣﻦ اﻟﻮﻓﺎء ﻟ ُﻜﻞ ﻣﻦ ﻳَﻤ ﱡ ُﺖ إﱄ ﱠ ﺑﻠﻘﻴﺔ واﺣﺪة ،ووﻫﺒﻨﻲ ﻣﻦ املﺤﺎﻓﻈﺔ ملﻦ ﻳﺘﺬﻣﱠ ﻢ ﻣﻨﻲ وﻟﻮ ﺑﻤُﺤﺎدﺛﺘﻪ ﺳﺎﻋﺔ ﺣ ٍّ ﻈﺎ ،أﻧﺎ ﻟﻪ ﺷﺎﻛﺮ وﺣﺎﻣﺪ ،وﻣﻨﻪ ﻣُﺴﺘﻤﺪ وﻣﺴﺘﺰﻳﺪ .وﻣﺎ ﳾء أﺛﻘﻞ ﻋﲇ ﱠ ﻣﻦ اﻟﻐﺪر ،وﻟﻌﻤﺮي ﻣﺎ ﺳﻤﺤﺖ ﻧﻔﴘ ﻗﻂ ﰲ اﻟﻔِ ﻜﺮة ﰲ إﴐار ﻣَ ﻦ ﺑﻴﻨﻲ وﺑﻴﻨﻪ أﻗﻞ ذﻣﺎم ،وإن ﻋﻈﻤﺖ ﺟﺮﻳﺮﺗﻪ ،وﻛﺜﺮت إﱄ ﱠ ذﻧﻮﺑﻪ .وﻟﻘﺪ دﻫﻤﻨﻲ ﻣﻦ ﻫﺬا ﻏريُ ﻗﻠﻴﻞ ،ﻓﻤﺎ ﺟﺰﻳﺖ ﻋﲆ ﱡ اﻟﺴﻮأَى إﻻ ﺑﺎﻟﺤُ ﺴﻨﻰ ،واﻟﺤﻤﺪ هلل ﻋﲆ ذﻟﻚ ﻛﺜريًا. وﺑﺎﻟﻮﻓﺎء أﻓﺘﺨﺮ ﰲ ﻛﻠﻤﺔ ﻃﻮﻳﻠﺔ ذﻛﺮت ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺎ ﱠ ﻣﻀﻨَﺎ ﻣﻦ اﻟﻨﻜﺒﺎت ،ودﻫﻤﻨﺎ ﻣﻦ اﻟﺤﻞ واﻟﱰﺣﺎل واﻟﺘﺤﻮل ﰲ اﻵﻓﺎق ،أوﱠﻟﻬﺎ: 104 ﺑﺎب اﻟﻮﻓﺎء َﺻ ﱠﺮحَ اﻟﺪﱠﻣْ ُﻊ ﻣَ ﺎ ﺗُ ْﺨﻔِ ﻴ ِﻪ أ َ ْ و َ ﺿﻠُﻌُ ُﻪ ﺣَ ﱠﻞ اﻟ ﻔِ َﺮ ُ ﻮﺟ ﻌُ ُﻪ اق ﻋَ َﻠ ﻴْ ِﻪ َﻓ ﻬْ َﻮ ُﻣ ِ و ََﻻ ﺗَ ﺪ ﱠَﻓ ﺄ َ ِﻣ ﻨ ْ ُﻪ َﻗ ﱡ ﻂ ﻣَ ْﻀ ﺠ ﻌُ ُﻪ ﺗَ َﺰا ُل ِرﻳ ﺢٌ إ ِ َﻟ ﻰ َ ﺎق ﺗَ ﺪ َْﻓ ﻌُ ُﻪ اﻵﻓ ِ ﻮر َﻓﺘَﺄْﺑَﻰ ﺣِ ﻴ َﻦ ﺗُﻮدﻋُ ُﻪ ﻧ َ ْﻔ ُﺲ اﻟ َﻜ ُﻔ ِ َﻓ ﺎﻟ ﱠﺴ ﻴْ ُﺮ ﻳُ ْﻐ ِﺮﺑُ ُﻪ ﺣِ ﻴ ﻨ ً ﺎ َوﻳُ ْ ﻄ ِﻠ ﻌُ ُﻪ أ َ ْﻟ َﻘ ْﺖ ﻋَ َﻠ ﻴْ ِﻪ اﻧ ْ ِﻬ ﻤَ ﺎ َل اﻟ ﺪﱠﻣْ ِﻊ ﻳَﺘْﺒَﻌُ ُﻪ َو ﱠﻟ ﻰ َﻓ َﻮ ﱠﻟ ﻰ ﺟَ ِﻤ ﻴ ُﻞ اﻟ ﱠ ﺼ ﺒْ ِﺮ ﻳَﺘْﺒَ ﻌُ ُﻪ ِﺟ ْﺴ ٌﻢ ﻣَ ﻠُ ﻮ ٌل و ََﻗ ْﻠ ﺐٌ آ ِﻟ ٌ ﻒ َﻓ ِﺈذَا َﻟ ْﻢ ﺗَ ْﺴ ﺘَ ﻘ ﱠﺮ ِﺑ ِﻪ دَا ٌر و ََﻻ َو َ ﻃ ٌﻦ ﺎب َﻓﻤَ ﺎ َﻛﺄَﻧ ﱠﻤَ ﺎ ِﺻﻴ َﻎ ِﻣ ْﻦ َر ْﻫ ِﻮ اﻟ ﱠﺴﺤَ ِ َﻛ ﺄَﻧ ﱠ ﻤَ ﺎ ُﻫ َﻮ ﺗَ ﻮْﺣِ ﻴ ٌﺪ ﺗَ ِﻀ ﻴ ُﻖ ِﺑ ِﻪ أ ُ ْو َﻛ ْﻮ َﻛﺐٌ َﻗ ِ ﺎﻃ ٌﻊ ﻓِ ﻲ اﻷ ُ ْﻓ ِﻖ ُﻣﻨ ْﺘَﻘِ ٌﻞ أَ ُ ﻇ ﻨ ﱡ ُﻪ َﻟ ْﻮ ﺟ ﺰﺗ ﻪ أ َ ْو ﺗُ َﺴ ﺎﻋِ ُﺪ ُه وﺑﺎﻟﻮﻓﺎء ً أﻳﻀﺎ أﻓﺘﺨﺮ ﰲ ﻗﺼﻴﺪة ﱄ ﻃﻮﻳﻠﺔ أوردﺗﻬﺎ ،وإن ﻛﺎن أﻛﺜﺮﻫﺎ ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺟﻨﺲ ُﺨﺎﻟﻔﻲ ﴍﻗﻮا ﺑﻲ ﻓﺄﺳﺎءوا اﻟﻌﺘﺐ ﰲ وﺟﻬﻲ، اﻟﻜﺘﺎب ،ﻓﻜﺎن ﺳﺒﺐ ﻗﻮﱄ ﻟﻬﺎ أن ﻗﻮﻣً ﺎ ﻣﻦ ﻣ ﱠ وﻗﺬﻓﻮﻧﻲ ﺑﺄﻧﻲ أﻋﻀ ُﺪ اﻟﺒﺎﻃﻞ ﺑﺤُ ﺠﺘﻲ ،ﻋﺠ ًﺰا ﻣﻨﻬﻢ ﻋﻦ ﻣُﻘﺎوﻣﺔ ﻣﺎ أوردﺗﻪ ﻣﻦ ﻧَﴫ اﻟﺤﻖ وأﻫﻠﻪ ،وﺣﺴﺪًا ﱄ ،ﻓﻘﻠﺖ وﺧﺎﻃﺒﺖ ﺑﻘﺼﻴﺪﺗﻲ ﺑﻌﺾ إﺧﻮاﻧﻲ ،وﻛﺎن ذا ﻓﻬﻢ ،ﻣﻨﻬﺎ: ﺎل ﻧ َ َﻀ ﺎ ِﻧ ُ ﺎت َ َو َﻟ ﻮ أَﻧ ﱠ ﻬُ ْﻢ ﺣَ ﻴﱠ ُ ﺾ ﺿ ٍ ﻮﺳﻰ و ََﻫ ِ ﺼﺎ ُﻣ َ و َُﺧﺬْ ِﻧﻲ ﻋَ َ ﺎت ﺟَ ِﻤﻴﻌَ ﻬُ ْﻢ وﻣﻨﻬﺎ: و ََﻗ ْﺪ ﻳَﺘَﻤَ ﻨ ﱠﻰ اﻟ ﱠﻠﻴْ ُﺚ وَاﻟ ﱠﻠﻴْ ُﺚ َرا ِﺑ ُ ﺾ ﻳُ ِﺮﻳ ُﻐ َ ﻮن ﻓِ ﻲ ﻋﻴﻨﻲ ﻋَ ﺠَ ﺎ ِﺋﺐ ﺟَ ﻤﱠ ﺔ وﻣﻨﻬﺎ: ﻮن ﻣَ ﺎ َﻻ ﻳَﺒْﻠُ ُﻐ َ َوﻳَ ْﺮﺟُ َ ﻮن َﻛ ِﻤﺜ ْ ِﻞ ﻣَ ﺎ ﻳُ َﺮﺟﱢ ﻲ ُﻣﺤَ ًﺎﻻ ﻓِ ﻲ ا ِﻹﻣَ ﺎ ِم اﻟ ﱠﺮوَاﻓِ ُ ﺾ وﻣﻨﻬﺎ: َﻟ ﻤَ ﺎ أَﺛ ﱠ َﺮ ْت ﻓِ ﻴ ﻬَ ﺎ اﻟ ﻌُ ﻴُ ﻮ ُن اﻟ ﻤَ َﺮا ِﺋ ُ ﺾ وف اﻟ َﺨﻮَاﻓِ ُ َﻛﻤَ ﺎ أَﺑَ ِﺖ اﻟﻔِ ﻌْ َﻞ اﻟﺤُ ُﺮ ُ ﺾ َو َﻟ ْﻮ ﺟَ َﻠ ﺪِي ﻓِ ﻲ ُﻛ ﱢﻞ َﻗ ْﻠ ٍﺐ َو ُﻣ ﻬْ ﺠَ ٍﺔ َﺻ ِﻒ َ أَﺑَ ْﺖ ﻋَ ْﻦ َد ِﻧﻲءِ اﻟﻮ ْ ﺿ ْﺮﺑَ ُﺔ َﻻ ِز ٍب 105 ﻃﻮق اﻟﺤﻤﺎﻣﺔ ﰲ اﻷ ُ َ ﻟﻔﺔِ واﻷ ُ ﱠﻻف وﻣﻨﻬﺎ: َو َرأ ْ ِﻳ ﻲ َﻟ ُﻪ ﻓِ ﻲ ُﻛ ﱢﻞ ﻣَ ﺎ َﻏ ﺎبَ ﻣَ ْﺴ َﻠ ٌﻚ ﻳَ ِﺒﻴ ُﻦ ﻣَ ﺪَبﱡ اﻟﻨ ﱠﻤْ ِﻞ ﻓِ ﻲ َﻏﻴْ ِﺮ ُﻣ ْﺸ َﻜ ٍﻞ وق اﻟﻨ ﱠﻮَا ِﺑ ُ َﻛﻤَ ﺎ ﺗَ ْﺴﻠُ ُﻚ اﻟ ِﺠ ْﺴ َﻢ اﻟﻌُ ُﺮ ُ ﺾ ﻮل اﻟ ﻤَ َﺮا ِﺑ ُ ﺾ وﻳُ ﺴ ﺘ ُﺮ ﻋَ ﻨ ْ ﻬُ ْﻢ ِﻟ ْﻠ ُﻔ ﻴُ ِ 106 ﺑﺎب اﻟﻐﺪر وﻛﻤﺎ ﱠ أن اﻟﻮﻓﺎء ﻣﻦ ﴎيﱢ اﻟﻨﻌﻮت وﻧَﺒﻴﻞ اﻟﺼﻔﺎت ،ﻓﻜﺬﻟﻚ اﻟﻐﺪر ﻣﻦ ذَﻣﻴﻤﻬﺎ وﻣﻜﺮوﻫﻬﺎ، وإﻧﻤﺎ ﻳُﺴﻤﻰ ﻏﺪ ًرا ﻣﻦ اﻟﺒﺎدي .وأﻣﺎ ا ُملﻘﺎرض ﺑﺎﻟﻐﺪر ﻋﲆ ﻣﺜﻠﻪ ،وإن اﺳﺘﻮى ﻣﻌﻪ ﰲ ﺑﻐﺪر وﻻ ﻫﻮ ﻣَ ﻌﻴﺒًﺎ ﺑﺬﻟﻚ ،وﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ ﻳﻘﻮل﴿ :وَﺟَ َﺰاءُ َﺳﻴﱢﺌَ ٍﺔ ﺣﻘﻴﻘﺔ اﻟﻔﻌﻞ ،ﻓﻠﻴﺲ ٍ َﺳﻴﱢﺌَ ٌﺔ ﻣﱢ ﺜْﻠُﻬَ ﺎ﴾ .وﻗﺪ ﻋﻠﻤﻨﺎ ﱠ أن اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﺑﺴﻴﱢﺌﺔ ،وﻟﻜﻦ ملﺎ ﺟﺎﻧﺴﺖ اﻷوﱃ ﰲ اﻟﺸﺒﻪ أُوﻗﻊ ﻣﻔﴪا ﰲ ﺑﺎب اﻟﺴﻠﻮ إن ﺷﺎء ﷲ .وﻟﻜﺜﺮة وﺟﻮد اﻟﻐﺪر ﰲ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﺜﻞ اﺳﻤﻬﺎ .وﺳﻴﺄﺗﻲ ﻫﺬا ﱠ ً املﺤﺒﻮب اﺳﺘُﻐﺮب اﻟﻮﻓﺎء ﻣﻨﻪ ،ﻓﺼﺎر ﻗﻠﻴﻠﻪ اﻟﻮاﻗﻊ ﻣﻨﻬﻢ ﻳﻘﺎوم اﻟﻜﺜريَ املﻮﺟﻮد ﰲ ﺳﻮاﻫﻢ. وﰲ ذﻟﻚ أﻗﻮل: َﻗ ِﻠﻴ ُﻞ و ََﻓﺎءِ ﻣَ ْﻦ ﻳُﻬْ ﻮَى ﻳَ ِﺠ ﱡﻞ ﺎن أَﺟَ ﱡﻞ ِﻣ ﻤﱠ ﺎ َﻓ ﻨ َﺎدِ َر ُة اﻟ ﺠَ ﺒَ ِ وَﻋُ ْ ﻈ ُﻢ و ََﻓﺎءِ ﻣَ ْﻦ ﻳَﻬْ ﻮَى ﻳَﻘِ ﱡﻞ ﻳَ ِﺠﻲءُ ِﺑ ِﻪ اﻟ ﱡﺸﺠَ ﺎ ُع اﻟ ُﻤ ْﺴﺘَﻘِ ﱡﻞ وﻣﻦ ﻗﺒﻴﺢ اﻟﻐﺪر أن ﻳﻜﻮن ﻟﻠﻤﺤﺐ ﺳﻔري إﱃ ﻣﺤﺒﻮﺑﻪ ﻳﺴﱰﻳﺢ إﻟﻴﻪ ﺑﺄﴎاره ،ﻓﻴﺴﻌﻰ ﺣﺘﻰ ﻳﻘﻠﺒﻪ إﱃ ﻧﻔﺴﻪ وﻳﺴﺘﺄﺛﺮ ﺑﻪ دوﻧﻪ .وﻓﻴﻪ أﻗﻮل: ﺎﺻﺪًا ﻓِ ﻲ ﻣَ َ أ َ َﻗﻤْ ُﺖ َﺳﻔِ ﻴ ًﺮا َﻗ ِ ﻄﺎ ِﻟ ِﺒﻲ وَﺣَ ﱠﻞ ﻋُ َﺮى ُودﱢي وَأَﺛ ْ ﺒَ َﺖ ُو ﱠد ُه َﻓ ِﺼ ْﺮ ُت َﺷ ِﻬﻴﺪًا ﺑَﻌْ ﺪَﻣَ ﺎ ُﻛﻨ ْ ُﺖ ُﻣ ْﺸ ِﻬﺪًا َوﺛِ ْﻘ ُﺖ ِﺑ ِﻪ ﺟَ ﻬْ ًﻼ َﻓ َﻀ ﱠﺮبَ ﺑَ ﻴْ ﻨ َ ﻨ َ ﺎ وَأَﺑْ ﻌَ َﺪ ﻋَ ﻨ ﱢ ﻲ ُﻛ ﱠﻞ ﻣَ ﺎ َﻛ َ ﺎن ُﻣ ﻤْ ِﻜ ﻨ َ ﺎ ﺎن َ ﺻﺒَﺤْ ُﺖ َ ﺿﻴْ ًﻔﺎ ﺑَﻌْ ﺪَﻣَ ﺎ َﻛ َ وَأ َ ْ ﺿﻴْ َﻔﻨ َﺎ ﻃﻮق اﻟﺤﻤﺎﻣﺔ ﰲ اﻷ ُ َ ﻟﻔﺔِ واﻷ ُ ﱠﻻف ﺧﱪ ً وﻟﻘﺪ ﺣﺪﱠﺛﻨﻲ اﻟﻘﺎﴈ ﻳﻮﻧﺲ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﷲ ﻗﺎل :أذﻛﺮ ﰲ ﱢ ﺟﺎرﻳﺔ ﰲ ﺑﻌﺾ اﻟﺴﺪد ﻳَﻬﻮاﻫﺎ اﻟﺼﺒَﺎ ﻓﺘًﻰ ﻣﻦ أﻫﻞ اﻷدب ﻣﻦ أﺑﻨﺎء املﻠﻮك وﺗَﻬﻮاه وﻳَﱰاﺳﻼن ،وﻛﺎن اﻟﺴﻔري ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ واﻟﺮﺳﻮل ﺑﻜﺘﺒﻬﻤﺎ ﻓﺘًﻰ ﻣﻦ أﺗﺮاﺑﻪ ﻛﺎن ﻳﺼﻞ إﻟﻴﻬﺎ ،ﻓﻠﻤﺎ ﻋُ ﺮﺿﺖ اﻟﺠﺎرﻳﺔ ﻟﻠﺒﻴﻊ أراد اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳُﺤﺒﻬﺎ ً رﺳﻮﻻ ﻓﺎﺷﱰاﻫﺎ ،ﻓﺪﺧﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻳﻮﻣً ﺎ ﻓﻮﺟﺪﻫﺎ ﻗﺪ ﻓﺘﺤﺖ دُرﺟً ﺎ ﻟﻬﺎ اﺑﺘﻴﺎﻋﻬﺎ ،ﻓﺒﺪر اﻟﺬي ﻛﺎن ﺗﻄﻠﺐ ﻓﻴﻪ ﺑﻌﺾ ﺣﻮاﺋﺠﻬﺎ ،ﻓﺄﺗﻰ إﻟﻴﻬﺎ وﺟﻌﻞ ﻳُﻔﺘﱢﺶ اﻟﺪرج ،ﻓﺨﺮج إﻟﻴﻪ ﻛﺘﺎب ﻣﻦ ذﻟﻚ اﻟﻔﺘﻰ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳَﻬﻮاﻫﺎ ﻣُﻀﻤﱠ ًﺨﺎ ﺑﺎﻟﻐﺎﻟﻴﺔ ﻣَ ﺼﻮﻧًﺎ ﻣُﻜﺮﻣً ﺎ ،ﻓﻐﻀﺐ وﻗﺎل :ﻣﻦ أﻳﻦ ﻫﺬا ﻳﺎ ﻓﺎﺳﻘﺔ؟ ﻗﺎﻟﺖ :أﻧﺖ ُﺳﻘﺘَﻪ إﱄ ﱠ .ﻓﻘﺎل :ﻟﻌﻠﻪ ﻣُﺤﺪَث ﺑﻌﺪ ذاك اﻟﺤني .ﻓﻘﺎﻟﺖ :ﻣﺎ ﻫﻮ إﻻ ﻣﻦ ﻗﺪﻳﻢ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺮف .ﻗﺎل :ﻓﻜﺄﻧﻤﺎ أﻟﻘﻤﺘْﻪ ﺣﺠ ًﺮاُ ، ﻓﺴﻘِ ﻂ ﰲ ﻳﺪﻳﻪ وﺳﻜﺖ. 108 ﺑﺎب اﻟ َﺒ ْﲔ وﻗﺪ ﻋﻠﻤﻨﺎ أﻧﻪ ﻻ ﺑﺪ ﻟﻜﻞ ﻣ ِ دان ﻣﻦ ﺗَﻨﺎء ،وﺗﻠﻚ ﻋﺎدة ﷲ ﰲ اﻟﻌﺒﺎد ُﺠﺘﻤﻊ ﻣﻦ اﻓﱰاق ،وﻟﻜﻞ ٍ واﻟﺒﻼد ﺣﺘﻰ ﻳﺮث ﷲ اﻷرض وﻣَ ﻦ ﻋﻠﻴﻬﺎ وﻫﻮ ﺧري اﻟﻮارﺛني ،وﻣﺎ ﳾء ﻣﻦ دواﻫﻲ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻗﻠﻴﻼ .وﺳﻤﻊ ُ ﻓﻀﻼ ﻋﻦ اﻟﺪﻣﻮع ﻛﺎن ً ً ﺑﻌﺾ اﻟﺤﻜﻤﺎء ﻳَﻌﺪل اﻻﻓﱰاق ،وﻟﻮ ﺳﺎﻟﺖ اﻷرواحُ ﺑﻪ ً ﻗﺎﺋﻼ ﻳﻘﻮل :اﻟﻔِ ﺮاق أﺧﻮ املﻮت .ﻓﻘﺎل :ﺑﻞ املﻮت أﺧﻮ اﻟﻔﺮاق. واﻟﺒني ﻳﻨﻘﺴﻢ أﻗﺴﺎﻣً ﺎ؛ ﻓﺄوﻟﻬﺎ ﻣُﺪة ﻳ َ ﺑﺎﻧﴫاﻣﻬﺎ وﺑﺎﻟﻌﻮدة ﻋﻦ ﻗﺮﻳﺐ ،وإﻧﻪ َ ِ ﻟﺸﺠً ﻰ ُﻮﻗﻦ ﰲ اﻟﻘﻠﺐُ ، وﻏ ﱠ ﺼﺔ ﰲ اﻟﺤﻠﻖ ﻻ ﺗﱪأ إﻻ ﺑﺎﻟ ﱠﺮﺟﻌﺔ .وأﻧﺎ أﻋﻠﻢ ﻣﻦ ﻛﺎن ﻳَﻐﻴﺐ ﻣﻦ ﻳُﺤﺐ ﻋﻦ ﺑﴫه ﻳﻮﻣً ﺎ واﺣﺪًا ﻓﻴﻌﱰﻳﻪ ﻣﻦ اﻟﻬ َﻠﻊ واﻟﺠ َﺰع ُ وﺷﻐﻞ اﻟﺒﺎل وﺗُﺮادُف اﻟ ُﻜ َﺮب ﻣﺎ ﻳﻜﺎد ﻳﺄﺗﻲ ﻋﻠﻴﻪ. ﺛﻢ ﺑ ْ ٌ َني ﻣَ ﻨ ْ ٌﻊ ﻣﻦ اﻟ ﱢﻠﻘﺎء ،وﺗَﺤﻈريٌ ﻋﲆ املﺤﺒﻮب ﻣﻦ أن ﻳﺮاه ﻣُﺤﺒﱡﻪ ،ﻓﻬﺬا — وﻟﻮ ﻛﺎن دار واﺣﺪة — ﻓﻬﻮ ﺑَ ٌ ني؛ ﻷﻧﻪ ﺑﺎﺋ ٌﻦ ﻋﻨﻚ .وإن ﻫﺬا ﻟﻴﻮ ﱢﻟﺪ ﻣﻦ اﻟﺤﺰن ﻣَ ﻦ ﺗُﺤﺒﱡﻪ ﻣﻌﻚ ﰲ ٍ ِ واﻷﺳﻒ ﻏري ﻗﻠﻴﻞ ،وﻟﻘﺪ ﺟ ﱠﺮﺑﻨﺎه ﻓﻜﺎن ُﻣ ٍّﺮا ،وﰲ ذﻟﻚ أﻗﻮل: أ َ َرى دَا َر َﻫﺎ ﻓِ ﻲ ُﻛ ﱢﻞ ﺣِ ﻴ ٍﻦ و ََﺳﺎﻋَ ٍﺔ و ََﻫ ْﻞ ﻧ َﺎﻓِ ﻌِ ﻲ ُﻗ ْﺮبُ اﻟ ﱢﺪﻳَ ِﺎر وَأ َ ْﻫ ِﻠﻬَ ﺎ َﻓﻴَﺎ َﻟﻚ ﺟﺎر اﻟﺠَ ﻨ ْ ِﺐ أَﺳﻤَ ُﻊ ﺣِ ﱠﺴ ُﻪ ﺼﺎدٍ ﻳَ َﺮى ﻣَ ﺎءَ اﻟ ﱠ َﻛ َ ﻄ ِﻮيﱢ ِﺑﻌَ ﻴْ ِﻨ ِﻪ َﻛ ِﺬ َﻟ َﻚ ﻣَ ْﻦ ﻓِ ﻲ اﻟ ﱠﻠﺤْ ِﺪ ﻋَ ﻨ ْ َﻚ ُﻣ َﻐﻴﱠﺐٌ ﱠار ﻋَ ﻨ ﱢﻲ ُﻣ َﻐﻴﱠﺐُ َو َﻟ ِﻜ ﱠﻦ ﻣَ ْﻦ ﻓِ ﻲ اﻟﺪ ِ َﺻ ِﻠ ِﻬ ْﻢ ِﻣﻨ ﱢﻲ َر ِﻗﻴﺐٌ ُﻣ َﺮاﻗِ ﺐُ ﻋَ َﻠﻰ و ْ ﺼ ﻴ َﻦ أ َ ْدﻧ َﻰ وَأ َ ْﻗ َﺮبُ وَأَﻋْ َﻠ ُﻢ أ َ ﱠن اﻟ ﱢ َو َﻟ ﻴْ َﺲ إ ِ َﻟ ﻴْ ِﻪ ِﻣ ْﻦ َﺳ ِﺒ ﻴ ٍﻞ ﻳُ َﺴ ﺒﱢ ﺐُ ﺼﺐُ ﺼﻔِ ﻴﺢُ اﻟ ُﻤﻨ َ ﱠ وَﻣَ ﺎ دُوﻧ َ ُﻪ إ ِ ﱠﻻ اﻟ ﱠ ﻃﻮق اﻟﺤﻤﺎﻣﺔ ﰲ اﻷ ُ َ ﻟﻔﺔِ واﻷ ُ ﱠﻻف وأﻗﻮل ﻣﻦ ﻗﺼﻴﺪة ﻣُﻄﻮﱠﻟﺔ: ﺼ َﻘﺐُ دَا ٌر َﻗ ْﺪ َ َوﺗَ ْ ﻃﻮَى أ َ ْﻫ َﻠﻬَ ﺎ اﻟﺒُﻌْ ُﺪ وَأ َ ْﻗ َﺮبُ ِﻣ ْﻦ ﻫِ ﻨ ْ ٍﺪ ِﻟ َ ﻄ ﺎ ِﻟ ِﺒ ﻬَ ﺎ اﻟ ِﻬ ﻨ ْ ُﺪ َﻛﻤَ ﺎ ﻳُﻤْ ِﺴ ُﻚ اﻟ ﱠ ﻈﻤْ ﺂ ُن أ َ ْن ﻳَ ْﺪﻧ ُ َﻮ اﻟ ِﻮ ْر ُد ﻣَ ﺘَﻰ ﺗَ ْﺸﺘَﻔِ ﻲ ﻧ َ ْﻔ ٌﺲ أ َ َ ﺿ ﱠﺮ ِﺑﻬَ ﺎ اﻟﻮَﺟْ ُﺪ وَﻋَ ﻬْ ﺪِي ِﺑ ِﻬ ﻨ ْ ٍﺪ و َْﻫ َﻲ ﺟَ ﺎ َر ُة ﺑَ ﻴْ ِﺘ ﻨ َ ﺎ ﺑَ َﻠ ﻰ إ ِ ﱠن ﻓِ ﻲ ُﻗ ْﺮ ِب اﻟ ﱢﺪﻳَ ِﺎر َﻟ َﺮاﺣَ ًﺔ ً ﺛﻢ ﺑ ْ ٌ وﺧﻮﻓﺎ أن ﻳﻜﻮن ﺑﻘﺎؤه ﺳﺒﺒًﺎ إﱃ ﻣﻨﻊ َني ﻳﺘﻌﻤﱠ ﺪه املﺤﺐﱡ ﺑُﻌْ ﺪًا ﻋﻦ ﻗﻮل اﻟﻮُﺷﺎة، وذرﻳﻌﺔ إﱃ أن ﻳَﻔﺸ َﻮ اﻟﻜﻼم َﻓ َ ً ﻴﻘﻊ اﻟﺤﺠﺎبُ اﻟﻐﻠﻴﻆ. اﻟﻠﻘﺎء، ﺛﻢ ﺑ ْ ٌ َني ﻳﻮ ﱢﻟﺪه ا ُملﺤﺐﱡ ﻟﺒﻌﺾ ﻣﺎ ﻳﺪﻋﻮه إﱃ ذﻟﻚ ﻣﻦ آﻓﺎت اﻟﺰﻣﺎن ،وﻋُ ﺬره ﻣﻘﺒﻮل أو ﻣُﻄﺮح ﻋﲆ ﻗﺪر اﻟﺤﺎﻓﺰ ﻟﻪ إﱃ اﻟﺮﺣﻴﻞ. ﺧﱪ ﺷﺎﻃﺒﺔ ﻓﻘﺼﺪﻫﺎ ،وﻛﺎن ً ِ ﻧﺎزﻻ ﺑﻬﺎ وﻟﻌﻬﺪي ﺑﺼﺪﻳﻖ ﱄ دا ُره املﺮﻳﱠﺔ ،ﻓﻌَ ﻨ ﱠ ْﺖ ﻟﻪ ﺣﻮاﺋﺞُ إﱃ ﰲ ﻣﻨﺰﱄ ﻣﺪ َة إﻗﺎﻣﺘﻪ ﺑﻬﺎ ،وﻛﺎن ﻟﻪ ﺑﺎملﺮﻳﱠﺔ ﻋﻼﻗﺔ ﻫﻲ أﻛﱪ ﻫﻤﱢ ﻪ ،وأدﻫﻰ َﻏﻤﱢ ﻪ ،وﻛﺎن ﻳُﺆﻣﱢ ُﻞ ﺑَﺘﱠﻬﺎ وﻓﺮاغ أﺳﺒﺎﺑﻪ ،وأن ﻳُﻮﺷﻚ اﻟ ﱠﺮﺟﻌﺔ وﻳُﴪع اﻷوﺑﺔ ،ﻓﻠﻢ ﻳﻜﻦ إﻻ ﺣِ ٌ ني ﻟﻄﻴﻒ ﺑﻌﺪ املﻮﻓﻖ أﺑﻮ اﻟﺤﺴﻦ ﻣﺠﺎﻫﺪ ،ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺠﺰاﺋﺮ ،اﻟﺠﻴﻮش َ اﺣﺘﻼﻟﻪ ﻋﻨﺪي ﺣﺘﻰ ﺟَ ﻴ َﱠﺶ ﱠ وﻗ ﱠﺮب اﻟﻌﺴﺎﻛﺮ ،وﻧﺎﺑﺬ َﺧريان ﺻﺎﺣﺐ املﺮﻳﱠﺔ ،وﻋﺰم ﻋﲆ اﺳﺘﺌﺼﺎﻟﻪ ،ﻓﺎﻧﻘﻄﻌﺖ اﻟﻄﺮق ﺑﺴﺒﺐ ُ ﻫﺬه اﻟﺤﺮب ،وﺗُﺤﻮﻣﻴﺖ ﱡ واﺣﱰس اﻟﺒﺤﺮ ﺑﺎﻷﺳﺎﻃﻴﻞ ،ﻓﺘﻀﺎﻋﻒ َﻛ ْﺮﺑﻪ إذ ﻟﻢ ﻳﺠﺪ إﱃ اﻟﺴﺒﻞ، َﻄﻔﺄ ً ﺳﺒﻴﻼ اﻟﺒﺘﺔ ،وﻛﺎد ﻳ َ ً أﺳﻔﺎ ،وﺻﺎر ﻻ ﻳﺄﻧﺲ ﺑﻐري اﻟﻮﺣﺪة ،وﻻ ﻳﻠﺠﺄ إﻻ إﱃ اﻻﻧﴫاف أن ﻗﻠﺒﻪ ﻳُﺬﻋﻦ ﻟﻠﻮد ،وﻻ ﴍاﺳﺔَ اﻟﺰﻓري واﻟﻮُﺟﻮم ،وﻟﻌﻤﺮي ﻟﻘﺪ ﻛﺎن ﻣﻤﻦ ﻟﻢ أﻗﺪُر ﻗﻂ ﻓﻴﻪ ﱠ َ ﻃﺒﻌِ ﻪ ﺗﺠﻴﺐ إﱃ اﻟﻬﻮى. ً ُ ُ ﻣﻨﴫﻓﺎ ﻋﻨﻬﺎ ،ﻓﻀﻤﱠ ﻨﻲ ﺧﺮﺟﺖ دﺧﻠﺖ ﻗﺮﻃﺒﺔ ﺑﻌﺪ رﺣﻴﲇ ﻋﻨﻬﺎ ،ﺛﻢ وأذﻛﺮ أﻧﻲ اﻟﻄﺮﻳﻖ ﻣﻊ رﺟﻞ ﻣﻦ اﻟ ُﻜﺘﱠﺎب ﻗﺪ رﺣﻞ ﻷﻣﺮ ﻣُﻬ ﱟﻢ وﺗَﺨ ﱠﻠﻒ َﺳ ْﻜ ٌﻦ ﻟﻪ ،ﻓﻜﺎن ﻳَﺮﺗﻤﺾ ﻟﺬﻟﻚ. وإﻧﻲ ﻷﻋﻠﻢ ﻣَ ﻦ ﻋَ ﻠِﻖ ﺑﻬﻮًى ﻟﻪ ،وﻛﺎن ﰲ ﺣﺎل َﺷﻈﻒ ،وﻛﺎﻧﺖ ﻟﻪ ﰲ اﻷرض ﻣﺬاﻫﺐُ واﺳﻌﺔ، وﻣﻨﺎدﻳﺢ َرﺣْ ﺒﺔ ،ووُﺟﻮه ﻣﺘﴫف ﻛﺜرية ،ﻓﻬﺎن ﻋﻠﻴﻪ ذﻟﻚ وآﺛﺮ اﻹﻗﺎﻣﺔ ﻣﻊ ﻣﻦ ﻳﺤﺐ .وﰲ ذﻟﻚ أﻗﻮل ﺷﻌ ًﺮا ،ﻣﻨﻪ: 110 ﺑﺎب اﻟﺒ َْني وَاﻟ ﱠﺴﻴْ ُ ﻒ ُﻏ ْﻔ ٌﻞ أ َ ْو ﻳَ ِﺒﻴ ُﻦ ﻗِ َﺮاﺑﻪ َﻟ َﻚ ﻓِ ﻲ اﻟ ِﺒ َﻼدِ ﻣَ ﻨ َﺎدِحٌ ﻣَ ﻌْ ﻠُﻮﻣَ ٌﺔ ﺛﻢ ﺑ ْ ُ رﺣﻴﻞ وﺗﺒﺎﻋ ِﺪ دﻳﺎر ،وﻻ ﻳﻜﻮن ﻣﻦ اﻷوﺑﺔ ﻓﻴﻪ ﻋﲆ ﻳﻘني ﺧﱪ ،وﻻ ﻳَﺤﺪُث َني ٍ ﺗﻼق ،وﻫﻮ َ اﻟﺨﻄﺐ ا ُملﻮﺟﻊ ،واﻟﻬﻢ ا ُملﻔﻈﻊ ،واﻟﺤﺎدث اﻷﺷﻨﻊ ،واﻟﺪاء اﻟﺪويﱡ .وأﻛﺜﺮ ﻣﺎ ﻳﻜﻮن ٍ اﻟﻬ َﻠﻊ ﻓﻴﻪ إذا ﻛﺎن اﻟﻨﺎﺋﻲ ﻫﻮ املﺤﺒﻮب ،وﻫﻮ اﻟﺬي ﻗﺎﻟﺖ ﻓﻴﻪ اﻟﺸﻌﺮاء ﻛﺜريًا .وﰲ ذﻟﻚ أﻗﻮل ﻗﺼﻴﺪ ًة ،ﻣﻨﻬﺎ: َوذِي ﻋِ ﱠﻠ ٍﺔ أَﻋْ ﻴَﺎ اﻟ ﱠ ﻄ ِﺒ ﻴ ﺐَ ﻋِ َﻼﺟُ ﻬَ ﺎ َر ِﺿﻴ ُﺖ ِﺑﺄ َ ْن أ ُ ْ ﺿﺤِ ﻲ َﻗ ِﺘﻴ َﻞ ِودَادِ ِه َﻓ ﻤَ ﺎ ِﻟ ﱠﻠ ﻴَ ﺎ ِﻟ ﻲ ،ﻣَ ﺎ أَﻗ ﱠﻞ ﺣَ ﻴَ ﺎء ََﻫ ﺎ َﻛ ﺄ َ ﱠن َزﻣَ ﺎﻧ َ ﻲ ﻋَ ﺒْ َﺸ ِﻤ ﱞﻲ ﻳَ َﺨ ﺎﻟُ ِﻨ ﻲ ﻮر ُد ِﻧﻲ َﻻ َﺷ ﱠﻚ ﻣَ ﻨ ْﻬَ َﻞ ﻣَ ْ ﺼ َﺮ ِﻋﻲ َﺳﺘُ ِ َﻛﺠَ ِﺎر ِع ُﺳ ﱟﻢ ﻓِ ﻲ َرﺣِ ﻴ ٍﻖ ُﻣ َﺸﻌْ ﺸ ِﻊ وَأ َ ْو َﻟ ﻌَ ﻬَ ﺎ ِﺑ ﺎﻟ ﻨ ﱠ ْﻔ ِﺲ ِﻣ ْﻦ ُﻛ ﱢﻞ ُﻣ ﻮ َﻟ ﻊ أَﻋَ ﻨ ْ ُﺖ ﻋَ َﻠ ﻰ ﻋُ ﺜ ْﻤَ َ ﺎن أ َ ْﻫ َﻞ اﻟ ﺘﱠ َﺸ ﻴﱡ ِﻊ وأﻗﻮل ﻣﻦ ﻗﺼﻴﺪة: ِﻟ ُﻤﺠْ ﺘَ ِﻬ ِﺪ اﻟﻨ ﱡ ﱠﺴﺎكِ ِﻣ ْﻦ أ َ ْوﻟِﻴَﺎ ِﺋ ِﻪ أَ ُ ﺎن أَﺑَﺎﺣَ ُﻪ ﻇﻨ ﱡ َﻚ ِﺗﻤْ ﺜ َﺎل اﻟ ِﺠﻨ َ ِ وأﻗﻮل ﻣﻦ ﻗﺼﻴﺪة: ﺗَﻮ ﱠَﻗﻊ ِﻧﻴ َﺮان اﻟ َﻐ َﻀﻰ َﻫﻴﻤَ ﺎﻧﻪ ﻷﺑْﺮد ِﺑﺎﻟ ﱡﻠ ْﻘﻴَﺎ َﻏ ِﻠﻴ ًﻼ ِﻣ َﻦ اﻟﻬَ ﻮَى وأﻗﻮل ﺷﻌ ًﺮا ،ﻣﻨﻪ: اض ﺗَ ِﺒﻴ ُﻦ و ََﻻ َﺷ ْﺨﺺ َﻓﺎﻋْ ﺠﺐْ ِﺑﺄَﻋْ َﺮ ٍ ُﻣ ﺤِ ﻴ ٍﻂ ِﺑ ﻤَ ﺎ ﻓِ ﻴ ِﻪ وَأَﻧ ْ ِﺖ َﻟ ُﻪ َﻓ ﺺ ﺼ ِﺎر وَاﻟﻮَﺟْ ُﺪ َ َﺧﻔِ ﻴﺖ ﻋﻦ اﻷَﺑْ َ ﻇﺎﻫِ ٌﺮ َﻏ ﺪَا اﻟ َﻔ َﻠ ُﻚ اﻟ ﱠﺪوﱠا ُر ﺣَ ْﻠ َﻘ َﺔ َﺧ ﺎﺗَ ٍﻢ وأﻗﻮل ﻣﻦ ﻗﺼﻴﺪة: َﻏ ِﻨﻴﺖ ﻋَ ﻦ اﻟﺘﱠ ْﺸ ِﺒﻴ ِﻪ ﺣُ ْﺴﻨ ًﺎ َوﺑَﻬْ ﺠَ ًﺔ ﻋَ ِﺠﺒْ ُﺖ ِﻟﻨ َ ْﻔ ِﺴﻲ ﺑَﻌْ َﺪ ُه َﻛﻴْ َ ﻒ َﻟ ْﻢ ﺗَ ُﻤ ْﺖ َﻛﻤَ ﺎ َﻏ ِﻨﻴﺖ َﺷﻤْ ُﺲ اﻟ ﱠﺴﻤَ ﺎءِ ﻋَ ِﻦ اﻟﺤَ ْﻠﻲ وﻫ ﺠْ َﺮاﻧ ُ ُﻪ د َْﻓ ِﻨ ﻲ و َُﻓ ْﻘ ﺪَاﻧ ُ ُﻪ ﻧ َ ﻌ ﻴ ﻲ 111 ﻃﻮق اﻟﺤﻤﺎﻣﺔ ﰲ اﻷ ُ َ ﻟﻔﺔِ واﻷ ُ ﱠﻻف ﺗُ ِﺬﺑْ ُﻪ ﻳَ ٌﺪ َﺧ ْﺸ ﻨ َ ﺎء … … َوﻟِ ْﻠ ﺠَ َﺴ ِﺪ اﻟ َﻐ ﱢﺾ اﻟ ُﻤ ﻨ َﻌﱠ ِﻢ َﻛ ﻴْ َ ﻒ َﻟ ْﻢ وإن ﻟﻸوﺑﺔ ﻣﻦ اﻟﺒ َْني اﻟﺬي ﺗُﺸﻔﻖ ﻣﻨﻪ اﻟﻨﻔﺲ ِﻟ ُ ﱠ ﻄﻮل ﻣﺴﺎﻓﺘﻪ ،وﺗﻜﺎد ﺗﻴﺄس ﻣﻦ اﻟﻌﻮدة ً ﻓﻴﻪ ﻟﺮوﻋﺔ ﺗﺒﻠﻎ ﻣﺎ ﻻ ﺣ ﱠﺪ وراءه ،ورﺑﻤﺎ ﻗﺘﻠﺖ .وﰲ ذﻟﻚ أﻗﻮل: ور اﻟ ُﻤ ﻔِ ﻴ ِﻖ ﺣَ ﺎﻧ َ ْﺖ و ََﻓ ﺎﺗُ ْﻪ َﻛ ُﺴ ُﺮ ِ اق ﻣَ ﻤَ ﺎﺗُ ﻪ ﻣَ ْﻦ َدﻧ َ ﺎ ِﻣ ﻨ ْ ُﻪ ِﺑ ﺎﻟ ﻔ َﺮ ِ ِت َوﺗُ ﻮدِي ِﺑ ﺄَﻫ ِﻠ ِﻪ َﻫ ﺠَ ﻤَ ﺎﺗُ ﻪ َن ﻓ ﺰا َر اﻟ ﺤِ ﻤ ﺎم وﻫ ﻮ ﺣَ ﻴ ﺎﺗُ ﻪ! اق ُﺳ ُﺮو ٌر ِﻟ ﻠ ﺘﱠ َﻼﻗِ ﻲ ﺑَ ﻌْ َﺪ اﻟ ﻔِ َﺮ ِ َﻓ ْﺮﺣَ ٌﺔ ﺗُ ﺒْ ِﻬ ﺞُ اﻟ ﻨ ﱡ ُﻔ َ ﻮس َوﺗُ ﺤْ ﻴ ﻲ ُرﺑ ﻤَ ﺎ َﻗ ْﺪ ﺗَ ُﻜ ﻮ ُن دَاﻫِ ﻴَ ُﺔ اﻟ ﻤَ ْﻮ ﻛﻢ رأﻳﻨﺎ ﻣَ ﻦ ﻋَ ﺐﱠ ﻓﻲ اﻟﻤﺎء ﻋﻄﺸﺎ ﺗﻴﴪت ﻟﻪ أوﺑﺔ ،ﻓﻠﻢ ﻳﻜﻦ إﻻ َ وإﻧﻲ ﻷﻋﻠﻢ ﻣَ ﻦ ﻧﺄت دا ُر ﻣﺤﺒﻮﺑﻪ زﻣﻨًﺎ ﺛﻢ ﱠ ﺑﻘﺪْر اﻟﺘﺴﻠﻴﻢ واﺳﺘﻴﻔﺎﺋﻪ ،ﺣﺘﻰ دﻋﺘْﻪ ﻧﻮًى ﺛﺎﻧﻴﺔ ﻓﻜﺎد أن ﻳَﻬﻠِﻚ .وﰲ ذﻟﻚ أﻗﻮل: أَ َ ﻃ ْﻠ ُﺖ َزﻣَ َ ﺎن اﻟﺒُﻌْ ِﺪ ﺣَ ﺘﱠﻰ إِذَا اﻧ ْ َﻘ َﻀﻰ َﻓ َﻠ ْﻢ ﻳَ ُﻚ إ ِ ﱠﻻ َﻛ ﱠﺮة اﻟ ﱠ ﻄ ْﺮ ِ ف ُﻗ ْﺮﺑَ ُﻜ ْﻢ َﻛﺬَا ﺣَ ﺎ ِﺋ ٌﺮ ﻓِ ﻲ اﻟ ﱠﻠﻴْ ِﻞ َ ﺿ َﺎﻗ ْﺖ وُﺟُ ُ ﻮﻫ ُﻪ َﻓ ﺄَﺧ َﻠ ﻔ ُﻪ ِﻣ ﻨ ُﻪ َرﺟ ﺎءُ د ِ َواﻣ ﻪ َزﻣَ ﺎ ُن اﻟﻨ ﱠﻮَى ِﺑﺎﻟ ُﻘ ْﺮ ِب ﻋُ ﺪ َ ْت إ ِ َﻟﻰ اﻟﺒُﻌْ ِﺪ وَﻋَ ﺎ َو َد ُﻛ ْﻢ ﺑَ ﻌْ ﺪِي وَﻋَ ﺎ َو َد ِﻧ ﻲ وَﺟْ ﺪِي َ َاج ِﻣ َﻦ اﻟ ﱠﻠﻴْ ِﻞ ُﻣ ْﺴ َﻮ ﱢد َرأى اﻟﺒَ ْﺮ َق ﻓِ ﻲ د ٍ وﺑَﻌ ُ اﺟﻲ ﻻ ﺗُﻔﻴ ُﺪ وﻻ ﺗُﺠﺪِي ﺾ اﻷ َر ِ ً ﻗﻄﻌﺔ ،ﻣﻨﻬﺎ: وﰲ اﻷوﺑﺔ ﺑﻌﺪ اﻟﻔﺮاق أﻗﻮل َﻛ ﻤَ ﺎ َﺳ ُﺨ ﻨ َ ْﺖ أَﻳﱠ ﺎم ﻳَ ْ ﻄ ِﻮﻳ ُﻜ ُﻢ اﻟ ﺒُ ﻌْ ُﺪ وَﻟﻠﻪ ﻓِ ﻴﻤَ ﺎ َﻗ ْﺪ َﻗ َﻀﻰ اﻟ ﱡﺸ ْﻜ ُﺮ وَاﻟﺤَ ﻤْ ُﺪ ﺎن ِﺑ ﺎﻟ ُﻘ ْﺮ ِب ِﻣ ﻨ ْ ُﻜ ُﻢ َﻟ َﻘ ْﺪ َﻗ ﱠﺮ ِت اﻟ ﻌَ ﻴْ ﻨ َ ِ ﺼﺒْ ُﺮ وَاﻟ ﱢﺮ َ َﻓﻠﻠﻪ ﻓِ ﻴﻤَ ﺎ ﻗﺪ ﻣَ َﻀﻰ اﻟ ﱠ ﺿﻰ ﺧﱪ ُ ُ ُ ﻓﻘﻤﺖ ﻓﺎ ٍّرا ﺑﻨﻔﴘ ﻧﺤﻮ املﻘﺎﺑﺮ ﻛﻨﺖ أﺣﺐﱡ ﻣﻦ ﺑﻠﺪة ﻧﺎزﺣﺔ، ﺑﻌﺾ ﻣَ ﻦ وﻟﻘﺪ ﻧُﻌﻲ إﱄ ﱠ ُ وﺟﻌﻠﺖ أﻣﴚ ﺑﻴﻨﻬﺎ وأﻗﻮل: ﻇﻬْ َﺮ اﻷ َ ْر ِض ﺑَ ْ ْت ِﺑﺄ َ ﱠن َ َو ِدد ُ ﻄ ٌﻦ وَأَﻧ ﱢﻲ ِﻣ ﱡﺖ َﻗ ﺒْ َﻞ ُو ُرو ِد َﺧ ْ ﻄ ٍﺐ ﺻﺎ َر َ وَأ َ ﱠن اﻟﺒَ ْ ﻄ َﻦ ِﻣﻨ ْﻬَ ﺎ َ ﻇﻬْ َﺮا أَﺗَ ﻰ َﻓ ﺄَﺛ َﺎ َر ﻓِ ﻲ اﻷ َ ْﻛ ﺒَ ﺎدِ ﺟَ ﻤْ ﺮا 112 ﺑﺎب اﻟﺒ َْني وَأ َ ﱠن ُ ﺿﻠُﻮ َع َ ﺻﺪ ِْري ُﻛ ﱠﻦ ﻗﺒﺮا وَأ َ ﱠن د َِﻣﻲ ِﻟﻤَ ْﻦ َﻗ ْﺪ ﺑَ َ ﺎن ُﻏ ْﺴ ٌﻞ ﺣني ﺗﻜﺬﻳﺐُ ذﻟﻚ اﻟﺨ ِﱪ ،ﻓﻘﻠﺖ: ﺛﻢ اﺗﺼﻞ ﺑﻌﺪ ٍ ﺑُ ْﺸ ﺮى أَﺗَ ْﺖ وَاﻟ ﻴَ ﺄ ْ ُس ُﻣ ْﺴ ﺘَﺤْ ﻜ ﻢ َﻛ َﺴ ْﺖ ُﻓ َﺆادِي ُﺧ ْﻀ َﺮة ﺑَ ﻌْ ﺪَﻣَ ﺎ ﺟَ ﱠﻠ ﻰ َﺳ ﻮَا َد اﻟ َﻐ ﱢﻢ ﻋَ ﻨ ﱢ ﻲ َﻛ ﻤَ ﺎ َﻫ ﺬَا وَﻣَ ﺎ آ ُﻣ ُﻞ و ْ َﺻ ًﻼ ِﺳ ﻮَى َﻓ ﺎﻟ ُﻤ ْﺰ ُن َﻗ ْﺪ ﺗُ ْ ﻄ َﻠ ﺐُ َﻻ ِﻟ ْﻠ ﺤَ ﻴَ ﺎ ﺎق ِﺷ ﺪَادِ وَاﻟ َﻘ ْﻠ ﺐُ ﻓِ ﻲ َﺳ ﺒْ ٍﻊ ِﻃ ﺒَ ٍ َﻛ َ ﺎن ُﻓ َﺆادِي َﻻ ِﺑ ًﺴ ﺎ ِﻟ ﻠ ﺤِ ﺪَادِ ﻳُﺠْ َﻠﻰ ِﺑ َﻠﻮ ِْن اﻟ ﱠﺸﻤْ ِﺲ َﻟ ْﻮ ُن اﻟ ﱠﺴﻮَاد ِﺻ ﺪ ِْق و ََﻓ ﺎءٍ ِﺑ َﻘ ﺪِﻳ ِﻢ اﻟ ِﻮدَادِ َﻟ ِﻜ ْﻦ ِﻟ ِﻈ ﱟﻞ ﺑَ ِﺎر ٍد ذِي اﻣْ ِﺘ ﺪَادِ َني اﻟﻮدا ُع؛ أﻋﻨﻲ رﺣِ ﻴ َﻞ ا ُملﺤﺐ أو رﺣﻴﻞ املﺤﺒﻮب. وﻳﻘﻊ ﰲ ﻫﺬﻳﻦ اﻟﺼﻨﻔني ﻣﻦ اﻟﺒ ِ َ وإﻧﻪ ملﻦ املﻨﺎﻇﺮ اﻟﻬﺎﺋﻠﺔ واملﻮاﻗﻒ اﻟﺼﻌﺒﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻔﺘﻀﺢ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﺰﻳﻤﺔ ﻛﻞ ﻣﺎﴈ اﻟﻌﺰاﺋﻢ، ﻋني ﺟﻤﻮد ،وﻳَﻈﻬﺮ ﻣﻜﻨﻮن اﻟﺠﻮى .وﻫﻮ ﻓﺼﻞ وﺗﺬﻫﺐ ﻗﻮة ﻛﻞ ذي ﺑﺼرية ،وﺗَﺴﻜﺐ ﻛ ﱡﻞ ٍ ً ﻇﺮﻳﻔﺎ ﻳﻤﻮت ﻣﻦ ﻓﺼﻮل اﻟﺒ َْني ﻳﺠﺐ اﻟﺘﻜ ﱡﻠﻢ ﻓﻴﻪ ،ﻛﺎﻟﻌﺘﺎب ﰲ ﺑﺎب اﻟﻬﺠﺮ .وﻟﻌﻤﺮي ﻟﻮ أن ﰲ ﺳﺎﻋﺔ اﻟﻮداع ﻟﻜﺎن ﻣﻌﺬو ًرا إذا ﺗﻔ ﱠﻜﺮ ﻓﻴﻤﺎ ﻳَﺤُ ﱡﻞ ﺑﻪ ﺑﻌﺪ ﺳﺎﻋﺔ ﻣﻦ اﻧﻘﻄﺎع اﻵﻣﺎل ،وﺣﻠﻮل اﻷوﺟﺎل ،وﺗﺒﺪﱡل اﻟﴪور ﺑﺎﻟﺤﺰن .وإﻧﻬﺎ ﺳﺎﻋﺔ ﺗُ ِﺮ ﱡق اﻟﻘﻠﻮب اﻟﻘﺎﺳﻴﺔ ،وﺗُﻠني اﻷﻓﺌﺪة اﻟﻐﻼظ. ٌ ﻟﻬﺎﺗﻜﺔ ﺣﺠﺎبَ اﻟﻘﻠﺐ ،وﻣُﻮﺻﻠﺔ إﻟﻴﻪ وإن ﺣﺮﻛﺔ اﻟﺮأس وإدﻣﺎن اﻟﻨﻈﺮ واﻟ ﱠﺰﻓﺮة ﺑﻌﺪ اﻟﻮداع ُ ﺣﺮﻛﺔ اﻟﻮﺟﻪ ﰲ ﺿﺪ ﻫﺬا. ﻣﻦ اﻟﺠﺰع ﺑﻤﻘﺪار ﻣﺎ ﺗﻔﻌﻞ ﱡ واﻟﺘﺒﺴﻢ ﰲ ﻣﻮاﻃﻦ ا ُملﻮاﻓﻘﺔ واﻟﻮداع ﻳﻨﻘﺴﻢ ﻗﺴﻤني؛ أﺣﺪﻫﻤﺎ ﻻ واﻹﺷﺎرة ﺑﺎﻟﻌني ﱠ ﻳﺘﻤ ﱠﻜﻦ ﻓﻴﻪ إﻻ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ واﻹﺷﺎرة ،واﻟﺜﺎﻧﻲ ﻳﺘﻤﻜﻦ ﻓﻴﻪ ﺑﺎﻟﻌﻨﺎق واملﻼزﻣﺔ ،ورﺑﻤﺎ ﻟﻌﻠﻪ ﻛﺎن ُ ﺑﻌﺾ اﻟﺸﻌﺮاء ﻻ ﻳُﻤﻜﻦ ﻗﺒﻞ ذﻟﻚ اﻟﺒﺘﺔ ﻣﻊ ﺗﺠﺎور املﺤﺎل وإﻣﻜﺎن اﻟﺘﻼﻗﻲ؛ وﻟﻬﺬا ﺗﻤﻨﱠﻰ اﻟﺒ ْ َ َني وﻣﺪَﺣﻮا ﻳﻮم اﻟﻨﱠﻮَى ،وﻣﺎ ذاك ﺑﺤَ ﺴﻦ وﻻ ﺑﺼﻮاب وﻻ ﺑﺎﻷﺻﻴﻞ ﻣﻦ اﻟﺮأي؛ ﻓﻤﺎ ﻳﻔﻲ ﴎو ُر ﺳﺎﻋﺔ ﺑﺤﺰن ﺳﺎﻋﺎت ،ﻓﻜﻴﻒ إذا ﻛﺎن اﻟﺒني أﻳﺎﻣً ﺎ وﺷﻬﻮ ًرا ورﺑﻤﺎ أﻋﻮاﻣً ﺎ! وﻫﺬا ﺳﻮء ُ أﺛﻨﻴﺖ ﻋﲆ اﻟﻨﻮى ﰲ ﺷﻌﺮي ﺗﻤﻨﱢﻴًﺎ ﻟﺮﺟﻮع ﻳﻮﻣﻬﺎ، ﻣﻦ اﻟﻨﻈﺮ وﻣﻌْ ﻮجﱞ ﻣﻦ اﻟﻘﻴﺎس ،وإﻧﻤﺎ ﻓﻴﻜﻮن ﰲ ﻛﻞ ﻳﻮم ﻟﻘﺎء ووداع .ﻋﲆ أن ﺗَﺤﻤﱡ ﻞ ﻣﻀﺾ ﻫﺬا اﻻﺳﻢ اﻟﻜﺮﻳﻪ ،وذﻟﻚ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻤﴤ ﻣﻦ اﻷﻳﺎم اﻟﺘﻲ ﻻ اﻟﺘﻘﺎء ﻓﻴﻬﺎ ،ﱢ ﻳﺮﻏﺐ املﺤﺐ ﻋﻦ ﻳﻮم اﻟﻔﺮاق ﻟﻮ أﻣﻜﻨﻪ ﰲ ﻛﻞ ﻳﻮم. وﰲ اﻟﺼﻨﻒ اﻷول ﻣﻦ اﻟﻮداع أﻗﻮل ﺷﻌ ًﺮا ،ﻣﻨﻪ: 113 ﻃﻮق اﻟﺤﻤﺎﻣﺔ ﰲ اﻷ ُ َ ﻟﻔﺔِ واﻷ ُ ﱠﻻف ان أَﻧ ْ َﻔ ِ ﺎﺳﻲ َﻛﻤَ ﺎ ﺗَﻨ ُﻮبُ ﻋَ ﻦ اﻟﻨ ﱢﻴ َﺮ ِ ﺗَﻨ ُﻮبُ ﻋَ ْﻦ ﺑَﻬْ ﺠَ ِﺔ اﻷَﻧ ْﻮ َِار ﺑَﻬْ ﺠَ ﺘُ ُﻪ وﰲ اﻟﺼﻨﻒ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﻮداع أﻗﻮل ﺷﻌ ًﺮا ،ﻣﻨﻪ: ﺎﺟ َﺪ ًة وَﺟْ ٌﻪ ﺗَ ﺨِ ﱡﺮ َﻟ ُﻪ اﻷَﻧ ْ ﻮَا ُر َﺳ ِ دِ ْ ْي ﻧ َ ِﺎز َﻟ ٌﺔ فءٌ و ََﺷﻤْ ُﺲ اﻟ ﱡﻀﺤَ ﻰ ِﺑﺎﻟﺠَ ﺪ ِ وَاﻟ ﻮَﺟْ ُﻪ ِﺗ ﱞﻢ َﻓ َﻠ ْﻢ ﻳَ ﻨ ْ ُﻘ ْ ﺺ َو َﻟ ْﻢ ﻳَ ِﺰ ِد َوﺑَ ِﺎر ٌد ﻧ َ ﺎﻋِ ٌﻢ وَاﻟ ﱠﺸ ﻤْ ُﺲ ﻓِ ﻲ اﻷ َ َﺳ ِﺪ وﻣﻨﻪ: أَ ْ وح ﻋَ ْﻦ ﺟَ َﺴﺪِي ﺻ ًﻼ َوإ ِ ْن َﺷ ﱠﺖ َﺷﻤْ ُﻞ اﻟ ﱡﺮ ِ َو َﻛ َ ﺎن ِﻣ ْﻦ َﻗ ﺒْ ِﻠ ِﻪ إ ِ ْن ِﺳ ﻴ َﻞ َﻟ ْﻢ ﻳَ ﺠُ ِﺪ ﻳَ ْﻮ ُم اﻟ ِﻮ َ ﺎل ِﻟ ﻴَ ْﻮ ِم اﻟ ﺒَ ﻴْ ِﻦ ذُو ﺣَ َﺴ ِﺪ ﺻ ِ اق َﻟ ﻌَ ﻤْ ِﺮي َﻟ ْﺴ ُﺖ أ َ ْﻛ َﺮ ُﻫ ُﻪ ﻳَ ْﻮ ُم اﻟ ﻔِ َﺮ ِ َ َﻓ ﻔِ ﻴ ِﻪ ﻋَ ﺎﻧ َ ْﻘ ُﺖ ﻣَ ْﻦ أ ْﻫ ﻮَى ِﺑ َﻼ ﺟَ َﺰ ٍع أ َ َﻟ ﻴْ َﺲ ِﻣ ْﻦ ﻋَ ﺠَ ٍﺐ دَﻣْ ﻌِ ﻲ وَﻋَ ﺒْ َﺮﺗِ ﻬَ ﺎ وﻫﻞ ﻫﺠﺲ ﰲ اﻷﻓﻜﺎر أو ﻗﺎم ﰲ اﻟﻈﻨﻮن أﺷﻨ ُﻊ وأوﺟﻊ ﻣﻦ َﻫﺠﺮ ﻋِ ﺘﺎب وﻗﻊ ﺑني ﻣُﺤﺒﱠني ،ﺛﻢ ﻓﺠﺄﺗْﻬﻤﺎ اﻟﻨﻮى ﻗﺒﻞ ﺣﻠﻮل ﱡ اﻟﺼﻠﺢ واﻧﺤﻼل ﻋُ ﻘﺪة اﻟﻬﺠﺮان ،ﻓﻘﺎﻣﺎ إﱃ اﻟﻮداع ﻃ ﱠﻢ ﻋﲆ ُ وﻗﺪ ﻧُﴘ اﻟﻌِ ﺘﺎب ،وﺟﺎء ﻣﺎ َ اﻟﻘﻮى وأﻃﺎر اﻟﻜﺮى .وﻓﻴﻪ أﻗﻮل ﺷﻌ ًﺮا ،ﻣﻨﻪ: و ََﻗ ْﺪ َﺳ َﻘ َ ﻂ اﻟ ﻌَ ﺘ ﺐُ اﻟ ُﻤ َﻘ ﱠﺪ ُم وَاﻣﱠ ﺤَ ﻰ و ََﻗ ْﺪ ذَﻋَ َﺮ اﻟ ﺒَ ﻴْ ُﻦ اﻟ ﱡ ﺼ ﺪُو َد َﻓ َﺮاﻋَ ُﻪ ﺼ ﻴْ ِﺪ ﺣَ ﺘﱠ ﻰ أ َ َ َﻛ ِﺬﺋْ ٍﺐ َﺧ َﻼ ِﺑ ﺎﻟ ﱠ ﺿ ﱠﻠ ُﻪ َﻟ ِﺌ ْﻦ َﺳ ﱠﺮﻧِ ﻲ ﻓِ ﻲ َ ﻃ ْﺮ ِد ِه اﻟ ﻬَ ﺠْ َﺮ إِﻧ ﱠ ِﻨ ﻲ و ََﻻ ﺑُ ﱠﺪ ﻋِ ﻨ ْ َﺪ اﻟﻤَ ﻮ ِْت ِﻣ ْﻦ ﺑَﻌْ ِﺾ َراﺣَ ٍﺔ وَﺟَ ﺎء َْت ﺟُ ﻴُ ُ ﻮش اﻟﺒَﻴْ ِﻦ ﺗَﺠْ ِﺮي َوﺗُ ْﺴ ِﺮ ُع َﻓ َﻮ ﱠﻟ ﻰ َﻓ ﻤَ ﺎ ﻳُ ْﺪ َرى َﻟ ُﻪ اﻟ ﻴَ ْﻮ َم ﻣَ ﻮ ِْﺿ ُﻊ ﻫِ َﺰﺑْ ٌﺮ َﻟ ُﻪ ِﻣ ْﻦ ﺟَ ﺎ ِﻧ ِﺐ اﻟ ﻐِ ﻴ ِﻞ ﻣَ ْ ﻄ ﻠ ُﻊ ِﻹﺑْ ﻌَ ﺎدِ ِه ﻋَ ﻨ ﱢ ﻲ اﻟ ﺤَ ِﺒ ﻴ ﺐَ َﻟ ُﻤ ﻮﺟَ ﻊ َو ِﻓ ﻲ َﻏ ﻴﱢﻬَ ﺎ اﻟ ﻤَ ﻮ ُ ْت اﻟ ﻮَﺣِ ﱢﻲ اﻟ ُﻤ َ ﺼ ﱢﺮ ُع ً ﺳﺎﻋﺔ وأﻋﺮف ﻣﻦ أﺗﻰ ﻟﻴُﻮدﱢع ﻣﺤﺒﻮﺑَﻪ ﻳﻮم اﻟﻔِ ﺮاق ﻓﻮﺟﺪه ﻗﺪ ﻓﺎت ،ﻓﻮﻗﻒ ﻋﲆ آﺛﺎره ﱢ ﻣﺘﻐري اﻟﻠﻮن ﻛﺎﺳﻒ اﻟﺒﺎل ،ﻓﻤﺎ ﻛﺎن ﺑﻌﺪ وﺗﺮدﱠد ﰲ املﻮﺿﻊ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻓﻴﻪ ﺛﻢ اﻧﴫف ﻛﺌﻴﺒًﺎ أﻳﺎم ﻗﻼﺋﻞ ﺣﺘﻰ اﻋﺘ ﱠﻞ وﻣﺎت — رﺣﻤﻪ ﷲ. وإن ﻟﻠﺒني ﰲ إﻇﻬﺎر اﻟﴪاﺋﺮ املﻄﻮﻳﺔ ً ُ رأﻳﺖ ﻣﻦ ﻛﺎن ﺣﺒﱡﻪ ﻣﻜﺘﻮﻣً ﺎ، ﻋﻤﻼ ﻋﺠﺒًﺎ ،وﻟﻘﺪ وﺑﻤﺎ ﻳ َِﺠﺪ ﻓﻴﻪ ﻣﺴﺘﱰًا ﺣﺘﻰ وﻗﻊ ﺣﺎدث اﻟﻔﺮاق ﻓﺒﺎح املﻜﻨﻮن وﻇﻬﺮ اﻟﺨﻔﻲ .وﰲ ذﻟﻚ أﻗﻮل ً ﻗﻄﻌﺔ ،ﻣﻨﻬﺎ: 114 ﺑﺎب اﻟﺒ َْني ﻣَ ﻨ َ ﻌْ َﺖ وَأَﻋْ َ ﻄ ﻴْ ﺘَ ِﻨ ﻴ ِﻪ ﺟُ َﺰ َاﻓ ﺎ َو َﻟ ْﻮ ﺟُ ﺪ َ ْت َﻗﺒْ ُﻞ ﺑَ َﻠ ْﻐ َﺖ اﻟ ﱢﺸ َﻐ َﺎﻓﺎ َوﻳَﻨ ْ َﻔ ُﻊ َﻗﺒْ َﻞ اﻟ ﱠﺮدَى ِﻣ ْﻦ ِﺗ َﻼ َﻓﺎ ﺑَﺬَ ْﻟ َﺖ ِﻣ َﻦ اﻟ ُﻮ ﱢد ﻣَ ﺎ ُﻛﻨ ْ َﺖ َﻗﺒْ ُﻞ وَﻣَ ﺎ ِﻟ ﻲ ِﺑ ِﻪ ﺣَ ﺎﺟَ ٌﺔ ﻋِ ﻨ ْ َﺪ ذَا َك وَﻣَ ﺎ ﻳَﻨ ْ َﻔ ُﻊ اﻟ ﱢ ﻄﺐﱡ ﻋِ ﻨ ْ َﺪ اﻟﺤِ ﻤَ ﺎ ِم وأﻗﻮل: ِﺑ َﺨﻔِ ﱢﻲ ﺣُ ﺐﱟ ُﻛﻨ ْ َﺖ ﺗُﺒْﺪِي ﺑُ ْﺨ َﻠ ُﻪ وﻳ ﺤ ﻲ َﻓ ﻬَ ﱠﻼ َﻛ َ ﺎن َﻫ ﺬَا َﻗ ﺒْ َﻠ ُﻪ اﻵن إِذْ ﺣَ ﱠﻞ اﻟ ﻔِ َﺮ ُ َ اق ﺟُ ﺪ َ ْت ِﻟ ﻲ َﻓ ِﺰ ْدﺗَ ِﻨﻲ ﻓِ ﻲ ﺣَ ْﺴ َﺮﺗِﻲ أ َ ْ ﺿﻌَ َﺎﻓﻬَ ﺎ وﻟﻘﺪ أذﻛﺮﻧﻲ ﻫﺬا أﻧﻲ ﺣَ ُ ﻈﻴﺖ ﰲ ﺑﻌﺾ اﻷزﻣﺎن ﺑﻤﻮدة رﺟﻞ ﻣﻦ وزراء اﻟﺴﻠﻄﺎن أﻳﺎم ﺟﺎﻫﻪ ،ﻓﺄﻇﻬﺮ ﺑﻌﺾ اﻻﻣﺘﺴﺎك ،ﻓﱰﻛﺘﻪ ﺣﺘﻰ ذﻫﺒﺖ أﻳﺎﻣﻪ واﻧﻘﻀﺖ دوﻟﺘﻪ ،ﻓﺄﺑﺪى ﱄ ﻣﻦ املﻮدة واﻷُﺧﻮﱠة ﻏري ﻗﻠﻴﻞ ،ﻓﻘﻠﺖ: َوﺗَﺒْﺬُ ُل ِﻟﻲ ا ِﻹ ْﻗﺒَﺎ َل وَاﻟﺪ ْﱠﻫ ُﺮ ُﻣﻌْ ِﺮ ُ ض ﻂ إِذْ ُﻛﻨ ْ َﺖ ﺗَ ْﻘ ِﺒ ُ َﻓﻬَ ﱠﻼ أَﺑَﺤْ َﺖ اﻟﺒَ ْﺴ َ ﺾ ﺑَﺬَ ْﻟ َﺖ ِﻟ َﻲ ا ِﻹﻋْ َﺮ َ اض وَاﻟﺪ ْﱠﻫ ُﺮ ُﻣ ْﻘ ِﺒ ٌﻞ ﻄﻨﻲ إِذْ َﻟ ِﻴ َﺲ ﻳَﻨ ْ َﻔ ُﻊ ﺑَ ْﺴ ُ َوﺗَﺒْ ُﺴ ُ ﻄ ُﻜ ْﻢ ﺛﻢ ﺑَ ُ ني املﻮت؛ وﻫﻮ اﻟﻔﻮت ،وﻫﻮ اﻟﺬي ﻻ ﻳُﺮﺟﻰ ﻟﻪ إﻳﺎب ،وﻫﻮ املﺼﻴﺒﺔ اﻟﺤﺎ ﱠﻟﺔ ،وﻫﻮ ﻗﺎﺻﻤﺔ اﻟﻈﻬﺮ ،وداﻫﻴﺔ اﻟﺪﻫﺮ ،وﻫﻮ اﻟﻮﻳﻞ ،وﻫﻮ ا ُمل َﻐ ﱢ ﻄﻲ ﻋﲆ ﻇﻠﻤﺔ اﻟﻠﻴﻞ ،وﻫﻮ ﻗﺎﻃﻊ ﻛﻞ رﺟﺎء ،وﻣﺎﺣﻲ ﻛﻞ ﻃﻤﻊ ،واملﺆﻳﺲ ﻣﻦ اﻟﻠﻘﺎء .وﻫﻨﺎ ﺣﺎدت اﻷﻟﺴﻦ ،واﻧﺠﺬم ﺣﺒﻞ اﻟﻌﻼج، ﻓﻼ ﺣﻴﻠﺔ إﻻ اﻟﺼﱪ ﻃﻮﻋً ﺎ أو ً ﻛﺮﻫﺎ .وﻫﻮ أﺟ ﱡﻞ ﻣﺎ ﻳُﺒﺘﲆ ﺑﻪ املﺤﺒﻮن ،ﻓﻤﺎ ملﻦ دُﻫﻲ ﺑﻪ إﻻ اﻟﻨﻮح واﻟﺒﻜﺎء إﱃ أن ﻳﺘ َﻠﻒ أو ﻳَﻤ ﱠﻞ ،ﻓﻬﻲ اﻟﻘﺮﺣﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗُﻨﻜﻰ ،واﻟﻮﺟﻊ اﻟﺬي ﻻ ﻳﻔﻨﻰ، وﻫﻮ اﻟﻐ ﱡﻢ اﻟﺬي ﻳﺘﺠﺪﱠد ﻋﲆ ﻗﺪر ﺑﻼء ﻣﻦ اﻋﺘﻤﺪﺗﻪ ،وﻓﻴﻪ أﻗﻮل: َﻓ ُﻤ َﺮﺟٍّ ﻰ َﻟ ْﻢ ﻳَ ُﻔ ْﺖ َﻟ ْﻢ ﻳَ ُﻔ ْﺖ ﻣَ ْﻦ َﻟ ْﻢ ﻳَ ُﻤ ْﺖ ـﻴَﺄ ْ ُس ﻋَ ﻨ ْ ُﻪ َﻗ ْﺪ ﺛ َﺒ ْﺖ ُﻛ ﻞ ﺑَ ﻴْ ٍﻦ وَاﻗِ ٍﻊ َﻻ ﺗ ﻌ ﺠ ﻞ َﻗ ﻨ ً ﻄﺎ وَا ﱠﻟﺬِي َﻗ ْﺪ ﻣَ َ ﺎت َﻓﺎ ْﻟـ 115 ﻃﻮق اﻟﺤﻤﺎﻣﺔ ﰲ اﻷ ُ َ ﻟﻔﺔِ واﻷ ُ ﱠﻻف وﻗﺪ رأﻳﻨﺎ ﻣَ ﻦ ﻋَ ﺮض ﻟﻪ ﻫﺬا ﻛﺜريًا ،وﻋﻨﱢﻲ أﺧﱪك أﻧﻲ أﺣ ُﺪ ﻣﻦ دُﻫﻲ ﺑﻬﺬه اﻟﻔﺎدﺣﺔ، ﻛﻨﺖ أﺷ ﱠﺪ اﻟﻨﺎس ً ُ ﻛﻠﻔﺎ وأﻋﻈﻤﻬﻢ ﺣُ ﺒٍّﺎ ﺑﺠﺎرﻳ ٍﺔ ﱄ، وﺗﻌﺠﱠ ﻠﺖ ﻟﻪ ﻫﺬه املﺼﻴﺒﺔ ،وذﻟﻚ أﻧﻲ ُﻮاﻓ ً وﺧﻠُ ًﻘﺎ وﻣ َ َ َ وﻏﺎﻳﺔ اﻟﺤﺴﻦ َﺧ ْﻠ ًﻘﺎ ُ ﻘﺔ ﱄ، أﻣﻨﻴﺔ املﺘﻤﻨﱢﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻴﻤﺎ ﺧﻼ اﺳﻤﻬﺎ ﻧُﻌْ ﻢ ،وﻛﺎﻧﺖ وﻛﻨﺖ أﻧﺎ ﻋﺬرﻫﺎ ،وﻛﻨﺎ ﻗﺪ ﺗﻜﺎﻓﺄﻧﺎ املﻮدة ،ﻓﻔﺠﻌﺘْﻨﻲ ﺑﻬﺎ اﻷﻗﺪار ،واﺧﱰﻣﺘﻬﺎ اﻟﻠﻴﺎﱄ وﻣ ﱡﺮ َ ﺛﺎﻟﺜﺔ اﻟﱰاب واﻷﺣﺠﺎر ،وﺳﻨﱢﻲ ﺣني وﻓﺎﺗﻬﺎ دون اﻟﻌﴩﻳﻦ ﺳﻨﺔ ،وﻛﺎﻧﺖ اﻟﻨﻬﺎر ،وﺻﺎرت َ ُ أﻗﻤﺖ ﺑﻌﺪﻫﺎ ﺳﺒﻌﺔ أﺷﻬﺮ ﻻ أﺗﺠ ﱠﺮد ﻋﻦ ﺛﻴﺎﺑﻲ ،وﻻ ﺗَﻔﱰ ﱄ ﻫﻲ دوﻧﻲ ﰲ اﻟﺴﻦ ،ﻓﻠﻘﺪ ُ ﺳﻠﻮت ﺣﺘﻰ اﻵن ،وﻟﻮ ُﻗﺒﻞ ﻓﺪاء دﻣﻌﺔ ﻋﲆ ﺟُ ﻤﻮد ﻋﻴﻨﻲ وﻗﻠﺔ إﺳﻌﺎدﻫﺎ .وﻋﲆ ذﻟﻚ ﻓﻮﷲ ﻣﺎ ﻟﻔﺪﻳﺘﻬﺎ ﺑﻜﻞ ﻣﺎ أﻣﻠﻚ ﻣﻦ ﺗﺎﻟﺪ وﻃﺎرف ،وﺑﺒﻌﺾ أﻋﻀﺎء ﺟﺴﻤﻲ اﻟﻌﺰﻳﺰة ﻋﲇ ﱠ ﻣﺴﺎرﻋً ﺎ ُ ﻧﺴﻴﺖ ذِ ﻛﺮﻫﺎ ،وﻻ أﻧ ِْﺴ ُﺖ ﺑﺴﻮاﻫﺎ .وﻟﻘﺪ ﻋَ ﱠﻔﻰ ﺣُ ﺒﻲ ﻃﺎﺋﻌً ﺎ ،وﻣﺎ ﻃﺎب ﱄ ﻋﻴﺶ ﺑﻌﺪﻫﺎ ،وﻻ ﻟﻬﺎ ﻋﲆ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻗﺒﻠﻪ ،وﺣ ﱠﺮم ﻣﺎ ﻛﺎن ﺑﻌﺪه .وﻣﻤﺎ ُ ﻗﻠﺖ ﻓﻴﻬﺎ: ُﻣﻬَ ﺬﱠﺑَ ٌﺔ ﺑَﻴْ َﻀﺎءُ َﻛﺎﻟ ﱠﺸﻤْ ِﺲ إ ِ ْن ﺑَﺪ ْ َت أَ َ ﻃﺎ َر َﻫﻮ َ َاﻫﺎ اﻟ َﻘ ْﻠﺐَ ﻋَ ْﻦ ُﻣ ْﺴﺘَ َﻘ ﱢﺮ ِه و ََﺳ ﺎ ِﺋ ُﺮ َرﺑﱠ ِ ﺎل ﻧ ُ ﺠُ ﻮ ُم ﺎت اﻟ ﺤِ ﺠَ ِ ﻮع َ ﻇ ﱠﻞ وﻫ ﻮ ﻳ ﺤ ﻮ ُم َﻓ ﺒَ ﻌْ َﺪ و ُُﻗ ٍ ﻣﺮاﺛﻲ ﻓﻴﻬﺎ ﻗﺼﻴﺪة ،ﻣﻨﻬﺎ: وﻣﻦ ﱠ َﻛﺄَﻧ ﱢ َﻲ َﻟ ْﻢ آﻧ َ ْﺲ ِﺑﺄ َ ْﻟ َﻔ ِ ﺎﻇﻚِ ا ﱠﻟ ِﺘﻲ َو َﻟ ْﻢ أَﺗَﺤَ ﱠﻜ ْﻢ ﻓِ ﻲ اﻷَﻣَ ﺎ ِﻧﻲ َﻛﺄَﻧ ﱠ ِﻨﻲ ﺎب ُﻫ ﱠﻦ ﻧ َﻮَاﻓِ ُﺚ ﻋَ َﻠﻰ ﻋُ َﻘ ِﺪ اﻷ َ ْﻟﺒَ ِ ِﻹ ْﻓ َﺮ ِ اط ﻣَ ﺎ ﺣُ ﱢﻜﻤ ُﺖ ﻓﻴ ِﻬ ﱠﻦ ﻋَ ﺎ ِﺑ ُﺚ وﻣﻨﻬﺎ: اﺿ ﺎ و َُﻫ ﱠﻦ أَوَا ِﻟ ٌ َوﻳُ ﺒْ ﺪِﻳ َﻦ إِﻋْ َﺮ ً ﻒ َوﻳُ ْﻘ ِﺴﻤ َﻦ ﻓِ ﻲ َﻫﺠْ ِﺮي و َُﻫ ﱠﻦ ﺣَ ﻮَا ِﻧ ُﺚ وأﻗﻮل ً أﻳﻀﺎ ﰲ ﻗﺼﻴﺪ ٍة أﺧﺎﻃﺐ ﻓﻴﻬﺎ اﺑﻦ ﻋﻤﻲ أﺑﺎ ا ُملﻐرية ﻋﺒ َﺪ اﻟﻮﻫﺎب ﺑﻦ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﺣَ ﺰم ﺑﻦ ﻏﺎﻟﺐ وأﻗﺮﺿﻪ ،ﻓﺄﻗﻮل: ﺎﺳﺄ َ َﻻ اﻷ َ ْ ﻗِ َﻔﺎ َﻓ ْ ﻃ َﻼ َل أَﻳْ َﻦ َﻗ ِﻄﻴﻨ ُﻬَ ﺎ َ َان أﻣَ ﱠﺮ ْت ﻋَ َﻠ ﻴْ ﻬَ ﺎ ِﺑ ﺎﻟ ِﺒ َﻠ ﻰ اﻟ ﻤَ ﻠ ﻮ ِ 116 ﺑﺎب اﻟﺒ َْني َﻛﺄ َ ﱠن اﻟﻤَ َﻐﺎ ِﻧﻲ ﻓِ ﻲ اﻟ َﺨ َﻔﺎءِ ﻣَ ﻌَ ﺎ ِﻧﻲ ات ﻋَ ﻮ ِ ﺎت ُﻣ ْﻘﻔِ َﺮ ٍ َار َﺳ ٍ َاﻃ ٍﻞ ﻋَ َﻠﻰ د ِ ني أم اﻟﻬﺠﺮ؟ وﻛﻼﻫﻤﺎ ﻣ ً اﻟﻨﺎس ﰲ أي اﻷﻣﺮﻳﻦ أﺷﺪ؛ اﻟﺒ ُ ُ ُﺮﺗﻘﻰ ﺻﻌﺐٌ ،وﻣﻮت واﺧﺘﻠﻒ َ أﺣﻤﺮ ،وﺑﻠﻴﱠﺔ ﺳﻮداء ،وﺳﻨﺔ ﺷﻬﺒﺎء .و ُﻛ ﱞﻞ ﻳَﺴﺘﺒﺸﻊ ﻣﻦ ﻫﺬﻳﻦ ﻣﺎ ﺿﺎ ﱠد ﻃﺒﻌﻪ ،ﻓﺄﻣﺎ ذو اﻟﻨﻔﺲ اﻷﺑﻴﺔ اﻷﻟﻮف اﻟﺤﻨﺎﻧﺔ ،اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻋﲆ اﻟﻌﻬﺪ ،ﻓﻼ ﳾء ﻳﻌﺪل ﻋﻨﺪه ﻣُﺼﻴﺒﺔ اﻟﺒَني؛ ﻷﻧﻪ أﺗﻰ ﻗﺼﺪًا ،وﺗﻌﻤﺪﺗْﻪ اﻟﻨﻮاﺋﺐ ﻋﻤﺪًا ،ﻓﻼ ﻳﺠﺪ ﺷﻴﺌًﺎ ﻳ ﱢ ُﺴﲇ ﻧﻔﺴﻪ وﻻ ﻳﴫف ﻓﻜﺮﺗﻪ ﰲ ﻣﻌﻨًﻰ ﻣﻦ املﻌﺎﻧﻲ إﻻ وﺟﺪ ﺑﺎﻋﺜًﺎ ﻋﲆ ﺻﺒﺎﺑﺘﻪ ،وﻣﺤﺮ ًﻛﺎ ﻷﺷﺠﺎﻧﻪ ،وﻋﻠﻴﻪ ﻻ ﻟﻪ ،وﺣﺠﱠ ﺔ ﻟﻮﺟﺪه، ٍّ وﺣﺎﺿﺎ ﻋﲆ اﻟﺒﻜﺎء ﻋﲆ إﻟﻔﻪ .وأﻣﺎ اﻟﻬﺠﺮ ﻓﻬﻮ داﻋﻴﺔ اﻟﺴﻠﻮ ،وراﺋﺪ اﻹﻗﻼع. وأﻣﺎ ذو اﻟﻨﻔﺲ اﻟﺘﻮﱠاﻗﺔ اﻟﻜﺜرية اﻟﻨﺰوع واﻟﺘﻄﻠﻊ ،اﻟﻘﻠﻮق اﻟﻌﺰوف ،ﻓﺎﻟﻬﺠﺮ داؤه، وﺟﺎﻟﺐُ ﺣﺘﻔﻪ ،واﻟﺒَني ﻟﻪ ﻣَ ﺴﻼة وﻣﻨﺴﺎة. وأﻣﺎ أﻧﺎ ﻓﺎملﻮت ﻋﻨﺪي أﺳﻬﻞ ﻣﻦ اﻟﻔﺮاق ،وﻣﺎ اﻟﻬﺠﺮ إﻻ ﺟﺎﻟﺐ ﻟﻠﻜﻤﺪ ﻓﻘﻂ ،وﻳﻮﺷﻚ إن دام أن ﻳُﺤﺪث إﴐا ًرا ،وﰲ ذﻟﻚ أﻗﻮل: ﻳَ ُﻜ ﻮ ُن َوﺗَ ْﺮ َﻏ ﺐُ أ َ ْن ﺗَ ْﺮ َﻏ ﺒَ ْﻪ وَﻣَ ْﻦ ﻳَ ْﺸ َﺮب اﻟ ﱡﺴ ﱠﻢ ﻋَ ْﻦ ﺗَﺠْ ﺮﺑَ ْﻪ وَﻗ ﺎﻟُﻮا ا ْرﺗَﺤِ ْﻞَ ،ﻓ َﻠ ﻌَ ﱠﻞ اﻟ ﱡﺴ ﻠُ ﱠﻮ َﻓ ُﻘ ْﻠ ُﺖ اﻟ ﱠﺮدَى ِﻟ َﻲ َﻗﺒْ َﻞ اﻟ ﱡﺴﻠُ ﱢﻮ وأﻗﻮل: وَأ َ ْود ْ َت ِﺑ ﻬَ ﺎ ﻧ َ ﻮَا ُه َو ُروﺣِ ﻲ َﻏ ﺪَا ﻗِ َﺮا ُه َﺳﺒَﻰ ُﻣﻬْ ﺠَ ِﺘﻲ َﻫﻮَا ُه ﺿﻴ ْ ٌ َﻛﺄ َ ﱠن اﻟ َﻐ َﺮا َم َ ﻒ ً ﺧﻮﻓﺎ ﻣﻦ ﻣﺮارة ﻳﻮم اﻟﺒ َْني وﻣﺎ وﻟﻘﺪ رأﻳﺖ ﻣَ ﻦ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﻫﺠﺮ ﻣﺤﺒﻮﺑﻪ وﻳﺘﻌﻤﺪه ﻳَﺤﺪُث ﺑﻪ ﻣﻦ ﻟﻮﻋﺔ اﻷﺳﻒ ﻋﻨﺪ اﻟﺘﻔ ﱡﺮق .وﻫﺬا وإن ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻋﻨﺪي ﻣﻦ املﺬاﻫﺐ املﺮﺿﻴﺔ، ﻓﻬﻮ ﺣﺠﺔ ﻗﺎﻃﻌﺔ ﻋﲆ أن اﻟﺒني أﺻﻌﺐ ﻣﻦ اﻟﻬﺠﺮ ،وﻛﻴﻒ ﻻ وﰲ اﻟﻨﺎس ﻣﻦ ﻳﻠﻮذ ﺑﺎﻟﻬﺠﺮ ﺧﻮﻓﺎ ﻣﻦ اﻟﺒني! وﻟﻢ أﺟﺪ أﺣﺪًا ﰲ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻳﻠﻮذ ﺑﺎﻟﺒني ً ً ُ اﻟﻨﺎس ﺧﻮﻓﺎ ﻣﻦ اﻟﻬﺠﺮ ،وإﻧﻤﺎ ﻳﺄﺧﺬ أﺑﺪًا اﻷﺳﻬﻞ وﻳﺘﻜ ﱠﻠﻔﻮن اﻷﻫﻮن .وإﻧﻤﺎ ﻗﻠﻨﺎ إﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻣﻦ املﺬاﻫﺐ املﺤﻤﻮدة ﻷن أﺻﺤﺎﺑﻪ ﻗﺪ اﺳﺘﻌﺠﻠﻮا اﻟﺒﻼء ﻗﺒﻞ ﻧﺰوﻟﻪ ،وﺗﺠﺮﻋﻮا ﻏﺼﺔ اﻟﺼﱪ ﻗﺒﻞ وﻗﺘﻬﺎ ،وﻟﻌﻞ ﻣﺎ ﺗﺨﻮﱠﻓﻮه ﻻ ﻳﻜﻮن، وﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﻳﺘﻌﺠﻞ املﻜﺮوه ،وﻫﻮ ﻋﲆ ﻏري ﻳﻘني ﻣﻤﺎ ﻳﺘﻌﺠﻞ ،ﺑﺤﻜﻴﻢ .وﻓﻴﻪ أﻗﻮل ﺷﻌ ًﺮا، ﻣﻨﻪ: 117 ﻃﻮق اﻟﺤﻤﺎﻣﺔ ﰲ اﻷ ُ َ ﻟﻔﺔِ واﻷ ُ ﱠﻻف َﻟﻴْ َﺲ ﻣَ ْﻦ ﺟَ ﺎﻧ َﺐَ اﻷَﺣِ ﺒﱠ َﺔ ِﻣﻨ ﱠﺎ َﺧﻮ َ ْف َﻓ ْﻘ ٍﺮ و ََﻓ ْﻘ ُﺮ ُه َﻗ ْﺪ أَﺑَﻨ ﱠﺎ ﺼﺐﱡ ِﻟﻠ ﱠ َﻟ ِﺒ َﺲ اﻟ ﱠ ﺼﺒَﺎﺑَ ِﺔ ﺑَﻴْﻨ ًﺎ َﻛ َﻐ ِﻨ ﱟﻲ ﻳَﻌِ ﻴ ُﺶ ﻋَ ﻴْ َﺶ َﻓﻘِ ﻴ ٍﺮ وأذﻛ ُﺮ ﻻﺑﻦ ﻋﻤﻲ أﺑﻲ املﻐرية ﰲ ﻫﺬا املﻌﻨﻰ ،ﻣﻦ أن اﻟﺒ َ ني أﺻﻌﺐُ ﻣﻦ اﻟﺼﺪﱢ ،أﺑﻴﺎﺗًﺎ ﻣﻦ ﻗﺼﻴﺪة ﺧﺎﻃﺒﻨﻲ ﺑﻬﺎ وﻫﻮ اﺑﻦ ﺳﺒﻌﺔ ﻋﴩ ﻋﺎﻣً ﺎ أو ﻧﺤﻮﻫﺎ ،وﻫﻲ: َووَﻟﻬْ َﺖ أ َ ْن ﻧ ُ ﱠ ﺺ اﻟﺬﱠ ِﻣﻴ ُﻞ وَأَﺟَ ْﻞ ﻓ َﺮ ُاﻗ ﻬُ ُﻢ ﺟَ ِﻠ ﻴ ُﻞ اﻟ ﱠ ﺼ ﱠﺪ ﻣَ ْﺮﺗَ ﻌُ ُﻪ َو ِﺑ ﻴ ُﻞ ـ ِﻞ و ََﻗ ْﺪ ﺗﺤﻤﻠ ِﺖ اﻟﺤُ ُﻤﻮ ُل ِﻟ ْﻠ ﻤَ ﻮ ِْت إ ِ ْن أ َ ْﻫ ﻮَى َد ِﻟ ﻴ ُﻞ أَﺟَ ِﺰﻋْ َﺖ أ َ ْن أ َ ِز َ ف اﻟ ﱠﺮﺣِ ﻴ ُﻞ ﺼ ﺎﺑ َﻚ َﻓ ﺎدِحٌ ﻛ ﱠﻼ ُﻣ َ َﻛ ﺬَبَ اﻷ ُ َﻟ ﻰ َزﻋَ ُﻤ ﻮا ِﺑ ﺄ َ ﱠن َﻟ ْﻢ ﻳَ ﻌْ ِﺮ ُﻓ ﻮا ُﻛ ﻨ ْ َﻪ اﻟ َﻐ ِﻠ ﻴ ـ أَﻣﱠ ﺎ اﻟ ﻔ َﺮ ُ اق َﻓ ِﺈﻧ ﱠ ُﻪ وﱄ ﰲ ﻫﺬا املﻌﻨﻰ ﻗﺼﻴﺪة ﻣﻄﻮﻟﺔ ،أوﻟﻬﺎ: َﻻ ِﻣ ﺜ ْ ﻞ ﻳَ ْﻮ ِﻣ َﻚ َ ﺿ ﺤْ َﻮ ُة اﻟ ﺘﱠ ﻨ ْ ﻌِ ﻴ ِﻢ َﻗ ْﺪ َﻛ َ ﺎن ذَا َك اﻟ ﻴَ ْﻮ ُم ﻧ ُ ْﺪ َر َة ﻋَ ﺎﻗِ ٍﺮ أَﻳﱠ ﺎ َم ﺑَ ْﺮ ُق اﻟ ﻮ ْ َﺻ ِﻞ َﻟ ﻴْ َﺲ ِﺑ ُﺨ ﱠﻠ ٍﺐ ِﻣ ْﻦ ُﻛ ﱢﻞ َﻏ ﺎ ِﻧ ﻴَ ٍﺔ ﺗَ ُﻘ ﻮ ُل ﺛ ُ ﺪﻳﱡ ﻬَ ﺎ ُﻛ ﱞﻞ ﻳُ ﺠَ ﺎذِ ﺑُ ﻬَ ﺎ َﻓ ﺤُ ﻤْ َﺮ ُة َﺧ ﺪ َﱢﻫ ﺎ ﻮن َو َﻟﻴْ َﺲ ﻓِ ﻲ ﻣَ ﺎ ِﺑﻲ ِﺳﻮَى ِﺗ ْﻠ َﻚ اﻟﻌُ ﻴُ ِ ِﻣﺜ ْﻞ اﻷ َ َﻓﺎﻋِ ﻲ َﻟﻴْ َﺲ ﻓِ ﻲ َﺷ ْﻲءٍ ِﺳﻮَى ﻓِ ﻲ ﻣَ ﻨ ْ َ ﻈ ٍﺮ ﺣَ َﺴ ٍﻦ َو ِﻓ ﻲ ﺗَ ﻨ ْ ﻐِ ﻴ ِﻢ َﺻ ﻮَابَ َﺧ ِ و َ ﺎﻃ ﺌَ ٍﺔ َو ُو ْﻟ َﺪ ﻋَ ﻘِ ﻴ ِﻢ ﻋِ ﻨ ْ ﺪِي و ََﻻ َرو ُ ْض اﻟ ﻬَ ﻮَى ﺑَ ﻬَ ِﺸ ﻴ ِﻢ ِﺳ ﻴ ﺮي أﻣ ﺎﻣ ﻚ وَا ِﻹ َزار أَﻗِ ﻴ ِﻤ ﻲ َﺧ ﺠَ ٌﻞ ِﻣ َﻦ اﻟ ﺘﱠ ﺄْﺧِ ﻴ ِﺮ وَاﻟ ﺘﱠ ْﻘ ﺪِﻳ ِﻢ ﺑُ ْﺮﺋِ ﻲ ِﺳ ﻮ َ َاﻫ ﺎ ﻓِ ﻲ اﻟ َﻮ َرى ِﺑ َﺰ ِﻋ ﻴ ِﻢ أَﺟْ َﺴ ﺎدِ َﻫ ﺎ إِﺑْ َﺮاءُ َﻟ ﺪْغ َﺳ ِﻠ ﻴ ِﻢ واﻟﺒ َْني أﺑﻜﻰ اﻟﺸﻌﺮاء ﻋﲆ املﻌﺎﻫﺪ ،ﻓﺄد ﱡروا ﻋﲆ اﻟﺮﺳﻮم اﻟﺪﻣﻮع ،وﺳﻘﻮا اﻟﺪﻳﺎر ﻣﺎء اﻟﺸﻮق ،وﺗﺬﻛﺮوا ﻣﺎ ﻗﺪ ﺳﻠﻒ ﻟﻬﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﻓﺄﻋﻮﻟﻮا واﻧﺘﺤﺒﻮا ،وأﺣﻴﺖ اﻵﺛﺎر دﻓني ﺷﻮﻗﻬﻢ ﻓﻨﺎﺣُ ﻮا وﺑ َﻜﻮْا. ُ ﺑﻌﺾ اﻟﻮ ﱠراد ﻣﻦ ﻗﺮﻃﺒﺔ ،وﻗﺪ اﺳﺘﺨﱪﺗُﻪ ﻋﻨﻬﺎ ،أﻧﻪ رأى دورﻧﺎ ﺑﺒﻼط وﻟﻘﺪ أﺧﱪﻧﻲ ﻣُﻐﻴﺚ ،ﰲ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻟﻐﺮﺑﻲ ﻣﻨﻬﺎ ،وﻗﺪ اﻣﱠ ﺤﺖ رﺳﻮﻣﻬﺎ ،و ُ ﻃﻤﺴﺖ أﻋﻼﻣﻬﺎ ،وﺧﻔﻴﺖ ﻣﻌﺎﻫﺪﻫﺎ، ﱠ وﻏريﻫﺎ اﻟﺒﲆ ،وﺻﺎرت ﺻﺤﺎريَ ﻣﺠﺪﺑﺔ ﺑﻌﺪ اﻟﻌﻤﺮان ،وﻓﻴﺎﰲ َ ﻣُﻮﺣﺸﺔ ﺑﻌﺪ اﻷﻧﺲ ،وﺧﺮاﺋﺐَ َ ﻣُﻨﻘﻄﻌﺔ ﺑﻌﺪ اﻟﺤُ ﺴﻦِ ، وﻣﻌﺎزف ﻟﻠﻐِ ﻴﻼن، وﺷﻌﺎﺑًﺎ ﻣُﻔ ﱢﺰﻋﺔ ﺑﻌﺪ اﻷﻣﻦ ،وﻣﺄوًى ﻟﻠﺬﺋﺎب، 118 ﺑﺎب اﻟﺒ َْني َ وﻣﻜﺎﻣﻦ ﻟﻠﻮﺣﻮش ،ﺑﻌﺪ رﺟﺎل ﻛﺎﻟﻠﻴﻮث ،وﺧﺮاﺋ َﺪ ﻛﺎﻟﺪﱡﻣﻰ ﺗﻔﻴﺾ ﻟﺪﻳﻬﻢ وﻣﻼﻋﺐَ ﻟﻠﺠﺎن، اﻟﻨﱢﻌَ ﻢ اﻟﻔﺎﺷﻴﺔ .ﺗﺒﺪﱠد ﺷﻤﻠﻬﻢ ﻓﺼﺎروا ﰲ اﻟﺒﻼد أﻳﺎديَ ﺳﺒﺄ ،ﻓﻜﺄن ﺗﻠﻚ املﺤﺎرﻳﺐ املﻨﻤﱠ ﻘﺔ، واملﻘﺎﺻري املﺰﻳﻨﺔ ،اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗُﴩق إﴍاق اﻟﺸﻤﺲ ،وﻳﺠﻠﻮ اﻟﻬﻤﻮم ﺣﺴﻦ ﻣﻨﻈﺮﻫﺎ ،ﺣني َﺷ ِﻤﻠﻬﺎ اﻟﺨﺮابُ وﻋﻤﱠ ﻬﺎ اﻟﻬَ ﺪْم ﻛﺄﻓﻮاه اﻟﺴﺒﺎع ﻓﺎﻏﺮة ،ﺗُﺆذن ﺑﻔﻨﺎء اﻟﺪﻧﻴﺎ ،وﺗُﺮﻳﻚ ﻋﻮاﻗﺐ أﻫﻠﻬﺎ ،وﺗُﺨﱪك ﻋﻤﱠ ﺎ ﻳﺼري إﻟﻴﻪ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺗﺮاه ﻗﺎﺋﻤً ﺎ ﻓﻴﻬﺎ ،وﺗَﺰﻫﺪ ﰲ ﻃﻠﺒﻬﺎ ﺑﻌﺪ أن ﻃﺎملﺎ زﻫﺪت ﰲ ﺗﺮﻛﻬﺎ. ُ وﺗﺬﻛﺮت أﻳﺎﻣﻲ ﺑﻬﺎ و َﻟﺬﱠاﺗﻲ ﻓﻴﻬﺎ ،وﺷﻬﻮر ﺻﺒﺎيَ ﻟﺪﻳﻬﺎ ،ﻣﻊ ﻛﻮاﻋﺐ إﱃ ﻣﺜﻠﻬﻦ ﺻﺒﺎ اﻟﺤﻠﻴﻢ ،وﻣﺜﱠﻠﺖ ﻟﻨﻔﴘ َﻛﻮﻧﻬﻦ ﺗﺤﺖ اﻟﺜﺮى ،وﰲ اﻵﺛﺎر اﻟﻨﺎﺋﻴﺔ ،واﻟﻨﻮاﺣﻲ اﻟﺒﻌﻴﺪة ،وﻗﺪ أﻛﻒ اﻟﻨﻮىُ ، ﻓ ﱠﺮﻗﺘﻬﻦ ﻳ ُﺪ اﻟﺠﻼء ،وﻣﺰﻗﺘﻬﻦ ﱡ وﺧﻴﻞ إﱃ ﺑَﴫي ﺑﻘﺎء ﺗﻠﻚ اﻟﻨﺼﺒﺔ ﺑﻌﺪﻣﺎ ﻋﻠﻤﺘُ ُﻪ ﻣﻦ ﺣﺴﻨﻬﺎ وﻏﻀﺎرﺗﻬﺎ ،واملﺮاﺗﺐ املﺤﻜﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﺸﺄت ﻓﻴﻬﺎ ﻟﺪﻳﻬﺎ ،وﺧﻼء ﺗﻠﻚ اﻷﻓﻨﻴﺔ ﺑﻌﺪ ُ َ ﺻﻮت اﻟﺼﺪى واﻟﻬﺎم ﻋﻠﻴﻬﺎ ،ﺑﻌﺪ ﺣﺮﻛﺔ ﺗﻠﻚ اﻟﺠﻤﺎﻋﺎت وأوﻫﻤﺖ ﺳﻤﻌﻲ ﺗﻀﺎﻳﻘﻬﺎ ﺑﺄﻫﻠﻬﺎ، اﻟﺘﻲ ُرﺑﱢﻴﺖ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻓﻴﻬﺎ ،وﻛﺎن ﻟﻴﻠﻬﺎ ﺗﺒﻌً ﺎ ﻟﻨﻬﺎرﻫﺎ ﰲ اﻧﺘﺸﺎر ﺳﺎﻛﻨﻬﺎ ،واﻟﺘﻘﺎء ﻋﻤﺎرﻫﺎ، ﻓﻌﺎد ﻧﻬﺎ ُرﻫﺎ ﺗﺒﻌً ﺎ ﻟﻠﻴﻠﻬﺎ ﰲ اﻟﻬﺪوء واﻻﺳﺘﻴﺤﺎش ،ﻓﺄﺑﻜﻰ ﻋﻴﻨﻲ ،وأوﺟﻊ ﻗﻠﺒﻲ ،وﻗﺮع ﺻﻔﺎة ﻛﺒﺪي ،وزاد ﰲ ﺑﻼء ﻟُﺒﻲ ،ﻓﻘﻠﺖ ﺷﻌ ًﺮا ،ﻣﻨﻪ: ﻇﻤَ ﺎﻧ َﺎ َﻓ َﻘ ْﺪ َ ﺎن أ َ ْ َﻟ ِﺌ ْﻦ َﻛ َ ﻃﺎ َﻟﻤَ ﺎ َﺳ َﻘﻰ َوإ ِ ْن َﺳﺎءَﻧ َﺎ ﻓِ ﻴﻬَ ﺎ َﻓ َﻘ ْﺪ َ ﻃﺎ َﻟﻤَ ﺎ َﺳ ﱠﺮا واﻟﺒ ْ ُ َني ﻳَﻮ ﱢﻟﺪ اﻟﺤﻨني واﻻﻫﺘﻴﺎج واﻟﺘﺬ ﱡﻛﺮ ،وﰲ ذﻟﻚ أﻗﻮل: ﻳَ ِﺒ ﻴ ُﻦ ﺑَ ﻴْ ﻨ َ ﻬُ ُﻢ ﻋَ ﻨ ﱢ ﻲ َﻓ َﻘ ْﺪ و ََﻗ َﻔ ﺎ و ََﻗ ْﺪ ﺗَ ﺄ َ ﱠﻟ ﻰ ِﺑ ﺄ َ ﱠﻻ ﻳَ ﻨ ْ َﻘ ِﻀ ﻲ َﻓ ﻮ ََﻓ ﻰ ﻳَ ﻤْ ِﻀ ﻲ و ََﻻ ﻫ َﻮ ِﻟ ﻠ ﺘ ﻐ ِﻮﻳ ِﺮ ُﻣ ﻨ ْ َ ﺼ ِﺮﻓ ﺎ أ َ ْو َراﻗِ ﺒً ﺎ ﻣَ ْﻮ ِﻋ ﺪًا أ َ ْو ﻋَ ِ ﺎﺷ ًﻘ ﺎ َد ِﻧ ﻔ ﺎ َﻟﻴْ َﺖ اﻟ ُﻐ َﺮابَ ﻳُﻌِ ﻴ ُﺪ اﻟﻴَ ْﻮ َم ِﻟﻲ َﻓﻌَ َﺴﻰ أ َ ُﻗ ﻮ ُل وَاﻟ ﱠﻠ ﻴْ ُﻞ َﻗ ْﺪ أ َ ْر َﺧ ﻰ أ َ ِﺟ ﱠﻠ ﺘَ ُﻪ وَاﻟﻨ ﱠﺠْ ُﻢ َﻗ ْﺪ ﺣَ ﺎ َر ﻓِ ﻲ أُﻓ ِﻖ اﻟ ﱠﺴﻤَ ﺎءِ َﻓﻤَ ﺎ ﺗَ َﺨ ﺎﻟُ ُﻪ ُﻣ ْﺨ ِﻄ ﺌً ﺎ أ َ ْو َﺧ ﺎ ِﺋ ًﻔ ﺎ و َِﺟ ًﻼ 119 ﺑﺎب اﻟﻘﻨﻮع ً ً وﺷﻐﻼ ملﺘﻌﻠﻼ ﻟﻠﻨﻔﺲ، وﻻ ﺑﺪ ﻟﻠﻤُﺤﺐ ،إذا ﺣُ ﺮم اﻟﻮﺻﻞ ،ﻣﻦ اﻟﻘﻨﻮع ﺑﻤﺎ ﻳﺠﺪ ،وإن ﰲ ذﻟﻚ َ وﺑﻌﺾ اﻟﺮاﺣﺔ .وﻫﻮ ﻣﺮاﺗﺐ ﻋﲆ ﻗﺪر اﻹﺻﺎﺑﺔ واﻟﺘﻤ ﱡﻜﻦ؛ ﻓﺄوﻟﻬﺎ ﻟﻠﺮﺟَ ﺎء ،وﺗﺠﺪﻳﺪًا ﻟﻠﻤُﻨﻰ، اﻟﺨﻔﺮَ اﻟﺰﻳﺎرة ،وإﻧﻬﺎ ﻷﻣﻞ ﻣﻦ اﻵﻣﺎل ،وﻣِﻦ ﴎيﱢ ﻣﺎ ﻳَﺴﻨﺢ ﰲ اﻟﺪﻫﺮ ﻣﻊ ﻣﺎ ﺗﺒﺪﱠى ﻣﻦ َ واﻟﺤﻴﺎء؛ ملﺎ ﻳﻌﻠﻤﻪ ﻛﻞ واﺣ ٍﺪ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻣﻤﺎ ﰲ ﻧﻔﺲ ﺻﺎﺣﺒﻪ .وﻫﻲ ﻋﲆ وﺟﻬني؛ أﺣﺪﻫﻤﺎ أن ﻳﺰور املﺤﺐ ﻣﺤﺒﻮﺑﻪ ،وﻫﺬا اﻟﻮﺟﻪ واﺳﻊ ،واﻟﻮﺟﻪ اﻟﺜﺎﻧﻲ أن ﻳﺰور املﺤﺒﻮبُ ﻣُﺤﺒﱠﻪ ،وﻟﻜﻦ ﻻ ﺳﺒﻴﻞ إﱃ ﻏري اﻟﻨﻈﺮ واﻟﺤﺪﻳﺚ اﻟﻈﺎﻫﺮ .وﰲ ذﻟﻚ أﻗﻮل: َﻓ ِﺈ ْن ﺗَ ﻨ ْ ﺄ َ ﻋ ﻨ ﱢ ﻲ ِﺑ ﺎﻟ ِﻮ َ ﺎل َﻓ ِﺈﻧ ﱠ ِﻨ ﻲ ﺻ ِ َﻓ ﺤَ ْﺴ ِﺒ َﻲ أ َ ْن أ َ ْﻟ َﻘ ﺎ َك ﻓِ ﻲ اﻟ ﻴَ ْﻮ ِم ﻣَ ﱠﺮ ًة َﻛ ﺬَا ﻫِ ﻤﱠ ُﺔ اﻟ ﻮَا ِﻟ ﻲ ﺗَ ُﻜ ﻮ ُن َر ِﻓ ﻴ ﻌَ ًﺔ َﺳﺄ َ ْر َ ﺿﻰ ِﺑ َﻠﺤْ ِﻆ اﻟﻌَ ﻴْ ِﻦ إ ِ ْن َﻟ ْﻢ ﻳَ ُﻜ ْﻦ و ْ َﺻ ُﻞ ﺿﻰ ِﺿﻌْ َ وَﻣَ ﺎ ُﻛﻨ ْ ُﺖ أ َ ْر َ ﻒ ذَا ِﻣﻨ ْ َﻚ ِﻟﻲ َﻗﺒْ ُﻞ َوﻳَ ْﺮ َ ﺿﻰ َﺧ َﻼ َ ص اﻟﻨ ﱠ ْﻔ ِﺲ إ ِ ْن و ََﻗ َﻊ اﻟﻌَ ْﺰ ُل وأﻣﺎ َرﺟﻊ اﻟﺴﻼم واملﺨﺎﻃﺒﺔ ﻓﺄﻣﻞ ﻣﻦ اﻵﻣﺎل ،وإن ﻛﻨﺖ أﻧﺎ أﻗﻮل ﰲ ﻗﺼﻴﺪة ﱄ: َﻓ ﻬَ ﺎ أَﻧ َﺎ ذَا أ ُ ْﺧ ﻔِ ﻲ وَأ َ ْﻗﻨ َ ُﻊ َر ِ اﺿﻴًﺎ ِﺑ َﺮﺟْ ِﻊ َﺳ َﻼ ٍم إ ِ ْن ﺗَﻴَ ﱠﺴ َﺮ ﻓِ ﻲ اﻟﺤِ ﻴ ِﻦ ﻓﺈﻧﻤﺎ ﻫﺬا ملﻦ ﻳﻨﺘﻘﻞ ﻣﻦ ﻣَ ﺮﺗﺒﺔ إﱃ ﻣﺎ ﻫﻮ أدﻧﻰ ﻣﻨﻬﺎ ،وإﻧﻤﺎ ﻳﺘﻔﺎﺿﻞ املﺨﻠﻮﻗﺎت ﰲ ﺟﻤﻴﻊ اﻷوﺻﺎف ﻋﲆ ﻗﺪر إﺿﺎﻓﺘﻬﺎ إﱃ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻓﻮﻗﻬﺎ أو دوﻧﻬﺎ .وأﻧﻲ ﻷﻋﻠﻢ ﻣَ ﻦ ﻛﺎن ﻳﻘﻮل ملﺤﺒﻮﺑﻪ :ﻋِ ﺪﻧﻲ واﻛﺬبُ .ﻗﻨﻮﻋً ﺎ ﺑﺄن ﻳ ﱢ ُ ﻓﻘﻠﺖ ﰲ ُﺴﲇ َ ﻧﻔﺴﻪ ﰲ وﻋﺪه وإن ﻛﺎن ﻏريَ ﺻﺎدق، ذﻟﻚ: ﻃﻮق اﻟﺤﻤﺎﻣﺔ ﰲ اﻷ ُ َ ﻟﻔﺔِ واﻷ ُ ﱠﻻف وَاﻟ ُﻘ ْﺮبُ ﻣَ ﻤْ ﻨ ُﻮ ٌع َﻓﻌِ ْﺪ ِﻧﻲ وَا ْﻛﺬ ِِب ِﻟ ﺤَ ﻴَ ﺎ ِة َﻗ ْﻠ ٍﺐ ِﺑ ﺎﻟ ﱡ ﺼ ﺪُو ِد ُﻣ ﻌَ ﺬﱠ ِب ﻓِ ﻲ اﻷ ُ ْﻓ ِﻖ ﻳَ ْﻠﻤَ ُﻊ َ ﺿ ْﻮءُ ﺑَ ْﺮ ٍق ُﺧ ﱠﻠ ِﺐ َﺻﻠُ َﻚ َﻟﻴْ َﺲ ﻓِ ﻴ ِﻪ ﻣَ ْ إ ِ ْن َﻛ َ ﺎن و ْ ﻄﻤَ ٌﻊ َﻓﻌَ َﺴﻰ اﻟﺘﱠﻌَ ﱡﻠ ُﻞ ِﺑﺎ ْﻟ ِﺘ َﻘﺎ ِﺋ َﻚ ُﻣﻤْ ِﺴ ٌﻚ َﻓ َﻠ َﻘ ْﺪ ﻳُ َﺴ ﱢﻠﻲ اﻟ ُﻤﺠْ َﺪ ِﺑﻴ َﻦ إِذَا َرأَوْا وﻣﻤﺎ ﻳﺪﺧﻞ ﰲ ﻫﺬا اﻟﺒﺎب ﳾءٌ رأﻳﺘﻪ ورآه ﻏريي ﻣﻌﻲ ،أن ً رﺟﻼ ﻣﻦ إﺧﻮاﻧﻲ ﺟَ ﺮﺣﻪ ﻣﻦ ﻛﺎن ﻳُﺤﺒﻪ ﺑﻤُﺪﻳﺔ ،ﻓﻠﻘﺪ رأﻳﺘﻪ وﻫﻮ ﻳُﻘﺒﱢﻞ ﻣﻜﺎن اﻟﺠُ ﺮح وﻳﻨﺪُﺑﻪ ﻣﺮة ﺑﻌﺪ ﻣﺮة ،ﻓﻘﻠﺖ ﰲ ذﻟﻚ: َﻓ ُﻘ ْﻠ ُﺖ َﻟ ﻌَ ﻤْ ِﺮيَ ﻣَ ﺎ َﺷ ﺠﱠ ِﻨ ﻲ َﻓ َ ﻄ ﺎ َر إ ِ َﻟ ﻴْ ِﻪ َو َﻟ ْﻢ ﻳَ ﻨ ْ ﺜ َ ِﻦ َﻓ َﺪﻳْ ﺘُ َﻚ ِﻣ ْﻦ َ ﻇ ﺎ ِﻟ ٍﻢ ُﻣ ﺤْ ِﺴ ﻦ ﻳَ ُﻘﻮﻟُ َ ﻮن َﺷﺠﱠ َﻚ ﻣَ ْﻦ ﻫِ ﻤْ َﺖ ﻓِ ﻴ ِﻪ َو َﻟ ِﻜ ْﻦ أَﺣ ﱠﺲ د َِﻣ ﻲ ُﻗ ْﺮﺑَ ُﻪ َﻓ ﻴَ ﺎ َﻗ ﺎ ِﺗ ِﻠ ﻲ َ ﻇ ﺎ ِﻟ ﻤً ﺎ ُﻣ ﺤْ ِﺴ ﻨ ًﺎ وﻣﻦ اﻟﻘﻨﻮع أن ﻳُﴪ اﻹﻧﺴﺎن وﻳَﺮﴇ ﺑﺒﻌﺾ آﻻت ﻣﺤﺒﻮﺑﻪ ،ﱠ وإن ﻟﻪ ﻣﻦ اﻟﻨﻔﺲ ملﻮﻗﻌً ﺎ ﺣَ ﺴﻨًﺎ وإن ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻓﻴﻪ إﻻ ﻣﺎ ﻧَﺺ ﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﻋﻠﻴﻨﺎ ،ﻣﻦ ارﺗﺪاد ﻳﻌﻘﻮب ﺑﺼريًا ﺣني َﺷﻢ ﻗﻤﻴﺺ ﻳﻮﺳﻒ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ اﻟﺴﻼم .وﰲ ذﻟﻚ أﻗﻮل: َﻟﻤﱠ ﺎ ُﻣ ِﻨﻌْ ُﺖ اﻟ ُﻘ ْﺮبَ ِﻣ ْﻦ َﺳﻴﱢﺪِي ِﺻ ْﺮ ُت ِﺑ ِﺈﺑْ َ ﺼ ِﺎريَ أَﺛ ْ ﻮَاﺑَ ُﻪ َﻛ ﺬَا َك ﻳَ ﻌْ ُﻘ ﻮبُ ﻧ َ ِﺒ ﱡﻲ اﻟ ﻬُ ﺪَى َﺷ ﱠﻢ َﻗ ِﻤ ﻴ ً ﺼ ﺎ ﺟَ ﺎءَ ِﻣ ْﻦ ﻋِ ﻨ ْ ِﺪ ِه َو َﻟﺞﱠ ﻓِ ﻲ َﻫﺠْ ِﺮي َو َﻟ ْﻢ ﻳُﻨ ْ ِﺼ ِﻒ أ َ ْو ﺑَﻌْ َﺾ ﻣَ ﺎ َﻗ ْﺪ ﻣَ ﱠﺴ ُﻪ أ َ ْﻛﺘﻔِ ﻲ إِذْ َﺷ ﱠﻔ ُﻪ اﻟﺤُ ْﺰ ُن ﻋَ َﻠﻰ ﻳُ ُ ﻮﺳ ِﻒ ﺎن ﻣَ ْﻜ ُﻔ ً َو َﻛ َ ﻮﻓ ﺎ َﻓ ِﻤ ﻨ ْ ُﻪ ُﺷ ﻔِ ﻲ ً َ ﻣﺘﻌﺎﺷﻘني ﱠإﻻ وﻫﻤﺎ ﻳﺘﻬﺎدﻳﺎن ُﺧﺼﻞ اﻟﺸﻌﺮ ﻣ ﱠ ُ ﻣﺮﺷﻮﺷﺔ ُﺒﺨﺮ ًة ﺑﺎﻟﻌﻨﱪ، رأﻳﺖ ﻗﻂ وﻣﺎ ﱠ ﺑﻤﺎء اﻟﻮرد ،وﻗﺪ ﺟُ ﻤﻌﺖ ﰲ أﺻﻠﻬﺎ ﺑﺎ ُمل ْ املﺼﻔﻰ ،وﻟُ ﱠﻔﺖ ﰲ ﺗﻄﺎرﻳﻒ ﺼﻄﻜﻲ وﺑﺎﻟﺸﻤﻊ اﻷﺑﻴﺾ اﻟﻮﳾ واﻟﺨﺰ وﻣﺎ أﺷﺒﻪ ذﻟﻚ؛ ﻟﺘﻜﻮن ﺗﺬﻛﺮ ًة ﻋﻨﺪ اﻟﺒني. وأﻣﺎ ﺗﻬﺎدي ا َملﺴﺎوﻳﻚ ﺑﻌﺪ ﻣَ ﻀﻐﻬﺎ ،وا ُمل ْ ﺼﻄﻜﻲ إﺛﺮ اﺳﺘﻌﻤﺎﻟﻬﺎ ،ﻓﻜﺜري ﺑني ُﻛﻞ ً ﻗﻄﻌﺔ ،ﻣﻨﻬﺎ: ﻣﺘﺤﺎﺑﱠني ﻗﺪ ﺣُ ِﻈﺮ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ اﻟﻠﻘﺎء .وﰲ ذﻟﻚ أﻗﻮل ﻋَ َﻠﻰ أَﻧ ﱠﻬَ ﺎ َﻟ ْﻢ ﺗُﺒْ ِﻖ ِﻟﻲ ﻓِ ﻲ اﻟﻬَ ﻮَى ﺣَ ﺸﻰ أ َ َرى ِرﻳ َﻘ ﻬَ ﺎ ﻣَ ﺎءَ اﻟ ﺤَ ﻴَ ﺎ ِة ﺗَ ﻴَ ﱡﻘ ﻨ ً ﺎ 122 ﺑﺎب اﻟﻘﻨﻮع ﺧﱪ وأﺧﱪﻧﻲ ﺑﻌﺾ إﺧﻮاﻧﻲ ﻋﻦ ﺳﻠﻴﻤﺎن ﺑﻦ أﺣﻤﺪ اﻟﺸﺎﻋﺮ أﻧﻪ رأى اﺑﻦ ﺳﻬﻞ اﻟﺤﺎﺟﺐ ﺑﺠﺰﻳﺮة ِﺻﻘِ ﱢﻠﻴﺔ ،وذﻛﺮ أﻧﻪ ﻛﺎن ً ﻏﺎﻳﺔ ﰲ اﻟﺠﻤﺎل ،ﻓﺸﺎﻫﺪه ﻳﻮﻣً ﺎ ﰲ ﺑﻌﺾ املﺘﻨﺰﻫﺎت ﻣﺎﺷﻴًﺎ واﻣﺮأة ﺧﻠﻔﻪ ﺗﻨﻈﺮ إﻟﻴﻪ ،ﻓﻠﻤﺎ أﺑﻌﺪ أﺗﺖ إﱃ املﻜﺎن اﻟﺬي ﻗﺪ أﺛﱠﺮ ﻓﻴﻪ ﻣﺸﻴُﻪ ﻓﺠﻌﻠﺖ ﺗُ َﻘﺒﱢﻠﻪ وﺗﻠﺜﻢ ً ﻗﻄﻌﺔ أوﻟُﻬﺎ: اﻷرض اﻟﺘﻲ ﻓﻴﻬﺎ أﺛ ُﺮ رﺟﻠﻪ .وﰲ ذﻟﻚ أﻗﻮل ﻳَ ﻠُ ﻮ ُﻣ ﻮﻧ َ ِﻨ ﻲ ﻓِ ﻲ ﻣَ ﻮ ِْﻃ ٍﺊ ُﺧ ﱡﻔ ُﻪ َﺧ َ ﻄﺎ َﻓ ﻴَ ﺎ أ َ ْﻫ َﻞ أ َ ْر ٍض َﻻ ﺗَ ﺠُ ﻮ ُد َﺳ ﺤَ ﺎﺑُ ﻬَ ﺎ اب ﻓِ ﻴ ِﻪ ﻣَ ﻮ ِْﺿ ُﻊ َو ْ ﻃ ِﺌ ِﻪ ُﺧﺬُوا ِﻣ ْﻦ ﺗُ َﺮ ٍ اب وَاﻗِ ﻊ ﻓِ ﻴ ِﻪ ِرﺟْ ﻠ ُﻪ َﻓ ُﻜ ﱡﻞ ﺗُ َﺮ ٍ َﻛ ﺬَ ِﻟ َﻚ ﻓِ ﻌْ ُﻞ اﻟ ﱠﺴ ِﺎﻣ ِﺮيﱢ و ََﻗ ْﺪ ﺑَ ﺪَا ﺼﻴﱠ َﺮ ﺟَ ﻮ َ َﻓ َ ْف اﻟﻌِ ﺠْ ِﻞ ِﻣ ْﻦ ذَ ِﻟ َﻚ اﻟﺜ ﱠ َﺮى َو َﻟ ْﻮ ﻋَ ِﻠ ُﻤ ﻮا ﻋَ ﺎ َد ا ﱠﻟ ﺬِي َﻻ َم ﻳَ ﺤْ ُﺴ ُﺪ ُﺧﺬُوا ِﺑ َ ﻮﺻ ﺎ ِﺗﻲ ﺗَ ْﺴﺘَﻘِ ﱡﻠﻮا َوﺗُﺤْ ﻤَ ﺪُوا وَأ َ ْ ﺿ ﻤَ ُﻦ أ َ ﱠن اﻟ ﻤَ ﺤْ َﻞ ﻋَ ﻨ ْ ُﻜ ْﻢ ﻳُ ﺒ ﻌﱠ ُﺪ ﺻ ﻌِ ﻴ ٌﺪ َ َﻓ ﺬَا َك َ ﻃ ﻴﱢ ﺐٌ َﻟ ﻴْ َﺲ ﻳُ ﺠْ ﺤَ ُﺪ ِﻟ ﻌَ ﻴْ ﻨ َ ﻴْ ِﻪ ِﻣ ْﻦ ِﺟ ﺒْ ِﺮﻳ َﻞ إِﺛ ْ ﺮ ُﻣ ﻤَ ﺠﱠ ُﺪ َﻓ َﻘ ﺎ َم َﻟ ُﻪ ِﻣ ﻨ ْ ُﻪ ُﺧ ﻮَا ٌر ُﻣ ﻤَ ﱠﺪ ُد وأﻗﻮل: ﻮر َﻛ ْﺖ أ َ ْر ٌ ض ِﺑﻬَ ﺎ أَﻧ ْ َﺖ َﻗ ِ ﺎﻃ ٌﻦ َﻟ َﻘ ْﺪ ﺑُ ِ َﻓ ﺄَﺣْ ﺠَ ﺎ ُر َﻫ ﺎ ُد ﱞر و ََﺳ ﻌْ ﺪَاﻧ ُﻬَ ﺎ َو ْر ٌد ﻮر َك ﻣَ ْﻦ ﻓِ ﻴﻬَ ﺎ وَﺣَ ﱠﻞ ِﺑﻬَ ﺎ اﻟ ﱠﺴﻌْ ُﺪ َوﺑُ ِ وَأَﻣْ ﻮ ُ َاﻫ ﻬَ ﺎ ُﺷ ﻬْ ٌﺪ َوﺗُ ْﺮﺑَ ﺘُ ﻬَ ﺎ ﻧ َ ﱡﺪ وﻣﻦ ُ اﻟﻘﻨﻮع اﻟ ﱢﺮﺿﺎ ﺑﻤَ ﺰار اﻟ ﱠ ﻄﻴﻒ وﺗَﺴﻠﻴﻢ اﻟﺨﻴﺎل .وﻫﺬا إﻧﻤﺎ ﻳﺤﺪُث ﻋﻦ ذﻛﺮ ﻻ ﴎى ﻳﻔﺎرق ،وﻋﻬﺪ ﻻ ﻳﺤﻮل ،وﻓﻜﺮ ﻻ ﻳﻨﻘﴤ ،ﻓﺈذا ﻧﺎﻣﺖ اﻟﻌﻴﻮن وﻫﺪأت اﻟﺤﺮﻛﺎت َ اﻟﻄﻴﻒ .وﰲ ذﻟﻚ أﻗﻮل: اس وَاﻟﺤَ َﻔ َ ﻋَ َﻠﻰ اﺣْ ِﺘ َﻔ ٍ ﻈ ْﻪ ﺎظ ِﻣ َﻦ اﻟﺤُ ﱠﺮ ِ َو َﻟ ﺬﱠ ُة اﻟ ﱠ ﻄ ﻴْ ِﻒ ﺗُ ﻨ ْ ِﺴ ﻲ َﻟ ﺬﱠ َة اﻟ ﻴَ َﻘ َ ﻈ ْﻪ َزا َر اﻟ َﺨ ﻴَ ﺎ ُل َﻓ ﺘً ﻰ َ ﻃ ﺎ َﻟ ْﺖ َ ﺻ ﺒَ ﺎﺑَ ﺘُ ُﻪ َﻓ ِﺒ ﱡﺖ ﻓِ ﻲ َﻟ ﻴْ َﻠ ِﺘ ﻲ ﺟَ ﺬْ َﻻ َن ُﻣ ﺒْ ﺘَ ِﻬ ﺠً ﺎ وأﻗﻮل: ﻃﻴْ ُ أَﺗَﻰ َ ﻒ ﻧ ُﻌْ ﻢ ﻣَ ْﻀﺠَ ﻌِ ﻲ ﺑَﻌْ َﺪ َﻫﺪْأ َ ٍة اب ُﻣ ﻘِ ﻴ ﻤَ ٌﺔ وَﻋَ ﻬْ ﺪِي ِﺑ ﻬَ ﺎ ﺗَﺤْ َﺖ اﻟ ﺘﱡ َﺮ ِ َو ِﻟ ﱠﻠ ﻴْ ِﻞ ُﺳ ْﻠ َ ﻄ ﺎ ٌن و َِﻇ ﱞﻞ ُﻣ ﻤَ ﱠﺪ ُد َ وَﺟَ ﺎء َْت َﻛﻤَ ﺎ َﻗ ْﺪ ُﻛﻨ ْ ُﺖ ِﻣ ْﻦ َﻗﺒْ ُﻞ أﻋْ ﻬَ ُﺪ 123 ﻃﻮق اﻟﺤﻤﺎﻣﺔ ﰲ اﻷ ُ َ ﻟﻔﺔِ واﻷ ُ ﱠﻻف َﻛ ﻤَ ﺎ َﻗ ْﺪ ﻋَ ِﻬ ﺪﻧ َﺎ َﻗ ﺒْ ُﻞ وَاﻟ ﻌَ ْﻮ ُد أَﺣْ ﻤَ ُﺪ َﻓ ﻌُ ﺪﻧ َ ﺎ َﻛ ﻤَ ﺎ ُﻛ ﻨ ﱠ ﺎ وَﻋَ ﺎ َد َزﻣَ ﺎﻧ ُ ﻨ َ ﺎ وﻟﻠﺸﻌﺮاء ﰲ ﻋ ﱠﻠﺔ ﻣَ ﺰار اﻟﻄﻴﻒ أﻗﺎوﻳﻞ ﺑﺪﻳﻌﺔ ﺑﻌﻴﺪة املﺮﻣﻰ ،ﻣُﺨﱰﻋﺔ ،ﻛ ﱞﻞ ﺳﺒﻖ إﱃ ﻈﺎم ،رأس ا ُملﻌﺘﺰﻟﺔ ،ﺟﻌﻞ ﻋﻠﺔ ﻣﺰار اﻟ ﱠ ﻣﻌﻨًﻰ ﻣﻦ املﻌﺎﻧﻲ؛ ﻓﺄﺑﻮ إﺳﺤﺎق ﺑﻦ ﺳﻴﱠﺎر اﻟﻨ ﱠ ﻄﻴﻒ ﺧﻮف اﻷرواح ﻣﻦ اﻟﺮﻗﻴﺐ ﱠ َ املﺮﻗﺐ ﻋﲆ ﺑﻬﺎء اﻷﺑﺪان ،وأﺑﻮ ﺗﻤﺎم ﺣﺒﻴﺐ ﺑﻦ أوس اﻟﻄﺎﺋﻲ ﺟﻌﻞ ﻋ ﱠﻠﺘﻪ أن ﻧِﻜﺎح اﻟﻄﻴﻒ ﻻ ﻳُﻔﺴﺪ اﻟﺤُ ﺐﱠ ،وﻧِﻜﺎحَ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻳﻔﺴﺪه ،واﻟﺒُﺤﱰي ﺟﻌﻞ ﻋ ﱠﻠﺔ إﻗﺒﺎﻟﻪ اﺳﺘﻀﺎءﺗﻪ ﺑﻨﺎر وَﺟﺪه ،وﻋ ﱠﻠﺔ زواﻟﻪ ﺧﻮف اﻟﻐﺮق ﰲ دﻣﻮﻋﻪ ،وأﻧﺎ أﻗﻮل ﻣﻦ ﻏري أن أﻣﺜﻞ ﺷﻌﺮي ﺑﺄﺷﻌﺎرﻫﻢ — ﻓﻠﻬﻢ ﻓﻀﻞ اﻟﺘﻘﺪم واﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ،وإﻧﻤﺎ ﻧﺤﻦ ﻻﻗﻄﻮن وﻫﻢ اﻟﺤﺎﺻﺪون، وﻟﻜﻦ اﻗﺘﺪاءً ﺑﻬﻢ ،وﺟﺮﻳًﺎ ﰲ ﻣﻴﺪاﻧﻬﻢ ،وﺗﺘﺒﻌً ﺎ ﻟﻄﺮﻳﻘﺘﻬﻢ اﻟﺘﻲ ﻧﻬﺠﻮا وأوﺿﺤﻮا — أﺑﻴﺎﺗًﺎ ﻄ ً ﺑﻴﱠﻨﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺰا َر اﻟﻄﻴﻒ ﻣﻘ ﱠ ﻌﺔ: وَأ ُ ْﺷ ﻔِ ُﻖ أ َ ْن ﻳُ ﺬِﻳ ﺒَ ﻚِ َﻟ ﻤْ ُﺲ َﻛ ﱢﻔ ﻲ وَأَﻋْ ﺘَ ِﻤ ُﺪ اﻟ ﺘﱠ َﻼﻗِ َﻲ ﺣِ ﻴ َﻦ أ ُ ْﻏ ﻔِ ﻲ ِﻣ َﻦ اﻷَﻋْ َﻀ ﺎءِ ُﻣ ْﺴ ﺘَ ِﺘ ٌﺮ وَﻣَ ْﺨ ﻔِ ﻲ َاﺻ ِﻞ أ َ ْﻟ َ ِﻣ َﻦ اﻟ ِﺠ ْﺴ ِﻢ اﻟ ُﻤﻮ ِ ﻒ ِﺿﻌْ ﻒ أ َ َﻏ ﺎ ُر ﻋَ َﻠ ﻴْ ﻚِ ِﻣ ْﻦ إ ِ ْد َراكِ َ ﻃ ْﺮ ِﻓ ﻲ َﻓ ﺄَﻣْ ﺘَ ِﻨ ُﻊ اﻟ ﱢﻠ َﻘ ﺎءَ ﺣِ ﺬَا َر َﻫ ﺬَا َﻓ ُﺮوﺣِ ﻲ إ ِ ْن أَﻧ َ ْﻢ ِﺑ ﻚِ ذُو اﻧ ْ ﻔِ َﺮادٍ ﻄ ُ وح أ َ ْﻟ َ َوو ْ ﻒ ﻓِ ﻴﻚِ و َْﻗﻌً ﺎ َﺻ ُﻞ اﻟ ﱡﺮ ِ ً أرﺑﻌﺔ؛ أﺣﺪﻫﺎ ﻣُﺤﺐ ﻣﻬﺠﻮر ﻗﺪ ﺗﻄﺎول ﻏﻤﱡ ﻪ، وﺣﺎل ا َملﺰور ﰲ املﻨﺎم ﻳﻨﻘﺴﻢ أﻗﺴﺎﻣً ﺎ ﺛﻢ َرأى ﰲ ﻫﺠﻌﺘﻪ ﱠ ﻓﴪ ﺑﺬﻟﻚ واﺑﺘﻬﺞ ،ﺛﻢ اﺳﺘﻴﻘﻆ ِ ﻓﺄﺳﻒ وﺗﻠﻬﱠ ﻒ ،ﺣﻴﺚ أن ﺣﺒﻴﺒﻪ وَﺻﻠﻪ ُ ﱠ أﻣﺎﻧﻲ اﻟﻨﻔﺲ وﺣﺪﻳﺜﻬﺎ .وﰲ ذﻟﻚ أﻗﻮل: ﻋﻠﻢ أن ﻣﺎ ﻛﺎن ﻓﻴﻪ ﱠ أَﻧ ْ َﺖ ﻓِ ﻲ ﻣَ ْﺸ ِﺮ ِق اﻟ ﻨ ﱠ ﻬَ ِﺎر ﺑَ ﺨِ ﻴ ٌﻞ ﺗَﺠْ ﻌَ ُﻞ اﻟ ﱠﺸﻤْ َﺲ ِﻣﻨ ْ َﻚ ِﻟﻲ ﻋَ ﻮ ً َﺿﺎ َﻫﻴْـ َزا َرﻧِ ﻲ َ ﻃ ﻴْ ُﻔ َﻚ اﻟ ﺒَ ﻌِ ﻴ ُﺪ َﻓ ﻴَ ﺄ ْ ِﺗ ﻲ َﻏ ﻴْ َﺮ أَﻧ ﱢ ﻲ ﻣَ ﻨ َ ﻌ ﺘ ﻨ ﻲ ِﻣ ْﻦ ﺗَ ﻤَ ﺎ ِم اﻟ ـ َﻓ َﻜ ﺄَﻧ ﱢﻲ ِﻣ ْﻦ أ َ ْﻫ ِﻞ َاﻻﻋْ َﺮ ِ اف َﻻ اﻟ ﻔِ ْﺮ َوإِذَا اﻟ ﱠﻠ ﻴْ ُﻞ ﺟُ ﱠﻦ ُﻛ ﻨ ْ َﺖ َﻛ ِﺮﻳ ﻤ ﺎ ـ ﻬَ َ ﺎت ﻣَ ﺎ ذَا اﻟ ﻔِ ﻌَ ﺎ ُل ِﻣ ﻨ ْ َﻚ َﻗ ِﻮﻳ ﻤ ﺎ و ِ َاﺻ ًﻼ ِﻟ ﻲ وَﻋَ ﺎﺋ ﺪًا َوﻧ َ ﺪِﻳ ﻤ ﺎ ـ ﻌَ ﻴْ ِﺶ َﻟ ِﻜ ْﻦ أَﺑَ ﺤْ َﺖ ِﻟ ﻲ اﻟ ﺘﱠ ْﺸ ِﻤ ﻴ ﻤ ﺎ َاري و ََﻻ أ َ َﺧ ُ ﺎف اﻟ ﺠَ ﺤِ ﻴ ﻤ ﺎ َدو ِْس د ِ ﺗﻐري ﻳﻘﻊ ،ﻗﺪ رأى ﰲ و ََﺳﻨﻪ أن ﺣﺒﻴﺒﻪ ﻳﻬﺠﺮه؛ واﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣُﺤﺐﱞ ﻣﻮاﺻﻞ ﻣُﺸﻔﻖ ﻣﻦ ﱡ ٍ ﻓﺎﻫﺘﻢ ﻟﺬﻟﻚ ﻫﻤٍّ ﺎ ﺷﺪﻳﺪًا ،ﺛﻢ ﻫﺐﱠ ﻣﻦ ﻧﻮﻣﻪ ﻓﻌﻠﻢ أن ذﻟﻚ ﺑﺎﻃﻞ وﺑﻌﺾ وﺳﺎوس اﻹﺷﻔﺎق. 124 ﺑﺎب اﻟﻘﻨﻮع اﻟﺘﻨﺎﺋﻲ ﻗﺪ ﻓﺪَﺣﻪ ،ﻓﻴﻜﱰث وﻳَﻮْﺟَ ﻞ ،ﺛﻢ ﻳﻨﺘﺒﻪ واﻟﺜﺎﻟﺚ ﻣُﺤﺐ داﻧﻲ اﻟﺪﻳﺎر ﻳﺮى أن َ ً ﻓﻴﺬﻫﺐ ﻣﺎ ﺑﻪ وﻳﻌﻮد َﻓ ِﺮﺣً ﺎ ،وﰲ ذﻟﻚ أﻗﻮل ﻗﻄﻌﺔ ،ﻣﻨﻬﺎ: َرأَﻳْ ﺘُ َﻚ ﻓِ ﻲ ﻧ َ ْﻮ ِﻣ ﻲ َﻛ ﺄَﻧ ﱠ َﻚ َراﺣِ ٌﻞ َو َزا َل اﻟ َﻜ َﺮى ﻋَ ﻨ ﱢﻲ وَأَﻧ ْ َﺖ ُﻣﻌَ ﺎ ِﻧﻘِ ﻲ ْت ﺗَﻌْ ِﻨ ﻴ ًﻘ ﺎ و َ َﻓ ﺠَ ﱠﺪد ُ َﺿ ﻤٍّ ﺎ َﻛ ﺄَﻧ ﱠ ِﻨ ﻲ و َُﻗﻤْ ﻨ َﺎ إ ِ َﻟﻰ اﻟﺘﱠ ْﻮدِﻳ ِﻊ وَاﻟﺪﱠﻣْ ُﻊ َﻫ ِﺎﻣﻞ و ََﻏ ﻤﱢ ﻲ إِذَا ﻋَ ﺎﻳَ ﻨ ْ ُﺖ ذَ ِﻟ َﻚ َزا ِﺋ ﻞ َاﺟ ﻞ ﻋَ َﻠ ﻴْﻚ ِﻣ َﻦ اﻟ ﺒَﻴْ ِﻦ اﻟ ُﻤ َﻔ ﱢﺮ ِق و ِ أن املﺰار ﻗﺪ دﻧﺎ ،واملﻨﺎزل ﻗﺪ ﺗَ َ واﻟﺮاﺑﻊ ﻣُﺤﺐ ﻧﺎﺋﻲ املﺰار ،ﻳﺮى ﱠ ﺼﺎﻗ ْ ﺒﺖ ،ﻓريﺗﺎح وﻳﺄﻧﺲ إﱃ ﻓﻘﺪ اﻷﳻ ،ﺛﻢ ﻳﻘﻮم ﻣﻦ ِﺳﻨﺘﻪ ﻓريى أن ذﻟﻚ ﻏريُ ﺻﺤﻴﺢ ،ﻓﻴﻌﻮد إﱃ أﺷﺪ ﻣﺎ ﺟﻌﻠﺖ ﰲ ﺑﻌﺾ ﻗﻮﱄ َ ﻋﻠﺔ اﻟﻨﻮ ِم اﻟﻄﻤ َﻊ ﰲ َ ُ ﻃﻴﻒ اﻟﺨﻴﺎل ،ﻓﻘﻠﺖ: ﻛﺎن ﻓﻴﻪ ﻣﻦ اﻟﻐﻢ .وﻗﺪ َﻟﻮ َْﻻ ا ْرﺗِ َﻘﺎبُ ﻣَ َﺰ ِار اﻟ ﱠ ﻄﻴْ ِﻒ َﻟ ْﻢ ﻳَﻨ َ ِﻢ ﻮﻫﺐٌ ﻓِ ﻲ اﻷ َ ْر ِض ِﻟﻠ ﱡ َﻓﻨ ُﻮ ُره ُﻣ َ ﻈ َﻠ ِﻢ ﻃ َ َ ﺎف اﻟ َﺨﻴَﺎ ُل ﻋَ َﻠﻰ ُﻣ ْﺴﺘَﻬْ ﺘ ٍﺮ َﻛ ِﻠ ٍﻒ َﻻ ﺗَﻌْ ﺠَ ﺒُﻮا إِذْ َﺳ َﺮى وَاﻟ ﱠﻠﻴْ ُﻞ ُﻣﻌْ ﺘَﻜ ٌﺮ وﻣﻦ ُ اﻟﻘﻨﻮع أن ﻳَﻘﻨﻊ ا ُملﺤﺐ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ إﱃ اﻟﺠﺪران و ُرؤﻳﺔ اﻟﺤﻴﻄﺎن اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺘﻮي ﻋﲆ ﻣﻦ ﻳُﺤﺐ ،وﻗﺪ رأﻳﻨﺎ ﻣَ ﻦ ﻫﺬه ﺻﻔﺘُﻪ .وﻟﻘﺪ ﺣﺪﺛﻨﻲ أﺑﻮ اﻟﻮﻟﻴﺪ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ إﺳﺤﺎق اﻟﺨﺎزن — رﺣﻤﻪ ﷲ — ﻋﻦ رﺟﻞ ﺟﻠﻴﻞ أﻧﻪ ﺣﺪث ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﻤﺜﻞ ﻫﺬا. وﻣﻦ اﻟﻘﻨﻮع أن ﻳﺮﺗﺎح ا ُملﺤﺐ إﱃ أن ﻳﺮى ﻣَ ﻦ رأى ﻣﺤﺒﻮﺑﻪ ،وﻳﺄﻧﺲ ﺑﻪ وﻣَ ﻦ أﺗَﻰ ﻣﻦ ﺑﻼده .وﻫﺬا ﻛﺜري ،وﰲ ذﻟﻚ أﻗﻮل: ﺗَﻮَﺣﱠ َﺶ ِﻣ ْﻦ ُﺳ ﱠﻜﺎ ِﻧ ِﻪ َﻓ َﻜﺄَﻧ ﱠﻬُ ْﻢ ﻣَ َﺴﺎ ِﻛ ُﻦ ﻋَ ﺎدٍ أَﻋْ َﻘﺒَﺘْ ُﻪ ﺛ َ ُﻤﻮ ُد ٌ أﺑﻴﺎت ﱄ ﻣُﻮﺟﺒُﻬﺎ أﻧﻲ ﺗﻨ ﱠﺰﻫﺖ أﻧﺎ وﺟﻤﺎﻋﺔ ﻣﻦ إﺧﻮاﻧﻲ ﻣﻦ وﻣﻤﺎ ﻳﺪﺧﻞ ﰲ ﻫﺬا اﻟﺒﺎب ﺳﺎﻋﺔ ﺛﻢ أﻓﴣ ﺑﻨﺎ ُ ً اﻟﻘﻌﻮد ﻟﺮﺟﻞ ﻣﻦ أﺻﺤﺎﺑﻨﺎ ،ﻓﺠُ ْﻠﻨﺎ ﺑﺴﺘﺎن أﻫﻞ اﻷدب واﻟﴩف إﱃ ٍ ٍ وأرض ﻋﺮﻳﻀﺔ ،ﻟﻠﺒﴫ ﻓﻴﻬﺎ ﻣُﻨﻔﺴﺢ، رﻳﺎض أرﻳﻀﺔ، ﻣﻜﺎن دوﻧﻪ ﻳُﺘﻤﻨﱠﻰ ،ﻓﺘﻤﺪدﻧﺎ ﰲ إﱃ ٍ ٍ ٍ وﻟﻠﻨﻔﺲ ﻟﺪﻳﻬﺎ ﻣﴪح ،ﺑني ﺟَ ﺪاول ﺗ ﱠ وأﻃﻴﺎر ﺗُﻐ ﱢﺮد ﺑﺄﻟﺤﺎن ﺗﺰري ﻄﺮد ﻛﺄﺑﺎرﻳﻖ اﻟﻠﺠني، ٍ ْ وﻇﻼل ﻣُﻈ ﱠﻠﺔ ودﻧﺖ ﻟﻠﻤﺘﻨﺎول، ﺑﻤﺎ أﺑﺪﻋﻪ ﻣﻌﺒﺪ واﻟﻐﺮﻳﺾ ،وﺛﻤﺎر ﻣﻬﺪﱠﻟﺔ ﻗﺪ ذُﻟﻠﺖ ﻟﻸﻳﺪي، ٍ ﺗُﻼﺣﻈﻨﺎ اﻟﺸﻤﺲ ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻓﺘﺘﺼﻮﱠر ﺑني أﻳﺪﻳﻨﺎ ﻛﺮﻗﺎع اﻟﺸﻄﺮﻧﺞ واﻟﺜﻴﺎب املﺪﺑﱠﺠﺔ ،وﻣﺎءٍ وأﻧﻬﺎر ﻣﺘﺪﻓﻘﺔ ﺗَﻨﺴﺎب ﻛﺒُﻄﻮن اﻟﺤﻴﺎت ﻟﻬﺎ ﺧﺮﻳﺮ ﻳﻘﻮم ﻋَ ﺬْب ﻳﻮﺟﺪك ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻃﻌﻢ اﻟﺤﻴﺎة، ٍ 125 ﻃﻮق اﻟﺤﻤﺎﻣﺔ ﰲ اﻷ ُ َ ﻟﻔﺔِ واﻷ ُ ﱠﻻف وﻳَﻬﺪأ ،وﻧَﻮاوﻳﺮ ﻣُﻮﻧِﻘﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ اﻷﻟﻮان ﺗُ ﱢ ﺼﻔ ُﻘﻬﺎ اﻟﺮﻳﺎح اﻟﻄﻴﺒﺔ اﻟﻨﺴﻴﻢ ،وﻫﻮاء َﺳﺠْ َﺴﺞ، رﺑﻴﻌﻲ ذي َﺷﻤﺲ ﻇﻠﻴﻠﺔ ،ﺗﺎرة ﻳُﻐﻄﻴﻬﺎ اﻟﻐﻴ ُﻢ وأﺧﻼق ﺟُ ﱠﻼ ٍس ﺗﻔﻮق ﻛﻞ ﻫﺬا ،ﰲ ﻳﻮ ٍم ﱟ َ ﺗﺘﺠﲆ ،ﻓﻬﻲ ﻛﺎﻟﻌﺬراء َ ﱠ واﻟﺨﺮﻳﺪة اﻟﺨﺠﻠﺔ ﺗﱰاءى اﻟﺨﻔِ ﺮة، اﻟﺮﻗﻴﻖ وا ُملﺰن اﻟﻠﻄﻴﻒ ،وﺗﺎر ًة ﺑﻌﻀﻨﺎ ﻣ ً ُ ُﻄﺮﻗﺎ ﻛﺄﻧﻪ ني ﻣﺮاﻗِ ﺒﺔ .وﻛﺎن ﻟﻌﺎﺷﻘﻬﺎ ﻣﻦ ﺑني اﻷﺳﺘﺎر ﺛﻢ ﺗﻐﻴﺐ ﻓﻴﻬﺎ ،ﺣَ ﺬَ َر ﻋَ ٍ ﻟﴪ ﻛﺎن ﻟﻪ ،ﻓﻌُ ﱢﺮض ﱄ ﺑﺬﻟﻚ ،وﺗﺪاﻋﺒﻨﺎ ﺣﻴﻨًﺎ ﻓ َﻜﻠِﻔﺖ أن أﻗﻮل ﻋﲆ ﻳﺤﺎدث أﺧﺮى ،وذﻟﻚ ﱟ ُ ﻓﻘﻠﺖ ﺑﺪﻳﻬﺔ ،وﻣﺎ ﻛﺘﺒﻮﻫﺎ إﻻ ﻣﻦ ﺗﺬﻛﺮﻫﺎ ﺑﻌﺪ اﻧﴫاﻓﻨﺎ ،وﻫﻲ: ﻟﺴﺎﻧﻪ ﺷﻴﺌًﺎ ﰲ ذﻟﻚ، ﺎف َرو َ َو َﻟ ﻤﱠ ﺎ ﺗَ َﺮوﱠﺣْ ﻨ َ ﺎ ِﺑ ﺄ َ ْﻛ ﻨ َ ِ ْﺿ ٍﺔ و ََﻗ ْﺪ َ ﺿ ﺤِ َﻜ ْﺖ أَﻧ ْﻮَا ُر َﻫ ﺎ َوﺗَ َﻀ ﻮﱠﻋَ ْﺖ َت َﻟﻨ َﺎ اﻷ َ ْ وَأَﺑْﺪ ْ ﻃﻴَﺎ ُر ﺣُ ْﺴ َﻦ َ ﺻ ِﺮﻳﻔِ ﻬَ ﺎ ﺼ ٌ َوﻟِ ﻠ ﻤَ ﺎءِ ﻓِ ﻴ ﻤَ ﺎ ﺑَ ﻴْ ﻨ َ ﻨ َ ﺎ ُﻣ ﺘَ َ ﺮف ﺎﺟ ٍﺪ وَﻣَ ﺎ ِﺷﺌْ َﺖ ِﻣ ْﻦ أ َ ْﺧ َﻼ ِق أ َ ْروَع ﻣَ ِ ﺗُﻨ َ ﱢﻐ ُ ﺺ ﻋِ ﻨ ْﺪِي ُﻛ ﱠﻞ ﻣَ ﺎ َﻗ ْﺪ و َ َﺻ ْﻔ ﺘَ ُﻪ َﻓﻴَﺎ َﻟﻴْﺘَ ِﻨﻲ ﻓِ ﻲ اﻟ ﱢﺴﺠْ ِﻦ وﻫ َﻮ ُﻣﻌَ ﺎ ِﻧﻘِ ﻲ َﻓ ﻤَ ْﻦ َرا َم ِﻣ ﻨ ﱠ ﺎ أ َ ْن ﻳُ ﺒَ ﱢﺪ َل ﺣَ ﺎ َﻟ ُﻪ َﻓ َﻼ ﻋَ َ ﺎش إ ِ ﱠﻻ ﻓِ ﻲ َﺷ َﻘ ﺎءٍ َوﻧ َ ْﻜ ﺒَ ٍﺔ ﺎن ﻓِ ﻲ ﺗُ ْﺮ ِﺑ ﻬَ ﺎ اﻟ ﻨ ﱠﺪِي ُﻣ ﻬَ ﱠﺪ َﻟ ِﺔ اﻷ َ ْﻓ ﻨ َ ِ أ َ َﺳ ِﺎو ُر َﻫ ﺎ ﻓِ ﻲ ِﻇ ﱢﻞ َﻓ ْﻲءٍ ُﻣ ﻤَ ﺪﱠدِ َﻓ ِﻤ ْﻦ ﺑَ ﻴْ ِﻦ َﺷ ﺎكٍ َﺷ ﺠْ َﻮ ُه َو ُﻣ َﻐ ﱢﺮ ِد َوﻟِ ْﻠ ﻌَ ﻴْ ِﻦ ُﻣ ْﺮﺗَ ﺎ ٌد ُﻫ ﻨ َ ﺎ َك َوﻟِ ْﻠ ﻴَ ِﺪ َﻛ ِﺮﻳ ِﻢ اﻟ ﱠﺴ ﺠَ ﺎﻳَ ﺎ ِﻟ ْﻠ َﻔ َﺨ ِﺎر ُﻣ َﺸ ﻴﱢ ِﺪ َو َﻟ ْﻢ ﻳَ ﻬْ ﻨ ﻨ ﻲ إِذْ َﻏ ﺎبَ ﻋَ ﻨ ﱢ َﻲ َﺳ ﻴﱢ ﺪِي َار اﻟ ُﻤ ﺠَ ﺪدِ وَأَﻧ ْﺘُ ْﻢ ﻣَ ﻌً ﺎ ﻓِ ﻲ َﻗ ْ ﺼ ِﺮ د ِ ﺎل أَﺧِ ﻴ ِﻪ أ َ ْو ِﺑ ُﻤ ْﻠ ﻚٍ ُﻣ َﺨ ﱠﻠ ِﺪ ِﺑ ﺤَ ِ و ََﻻ َزا َل ﻓِ ﻲ ﺑُ ْﺆﺳ ﻰ وَﺧِ ْﺰي ُﻣ ﺮددِ ُ ﻓﻘﺎل ﻫﻮ وﻣﻦ ﺣﴬ :آﻣني ،آﻣني .وﻫﺬه اﻟﻮُﺟﻮه اﻟﺘﻲ ﻋَ ﺪ ُ وأوردت ﰲ ﺣﻘﺎﺋﻖ ﱠدت اﻟﻘﻨﺎﻋﺔ ﻫﻲ املﻮﺟﻮدة ﰲ أﻫﻞ املﻮدة ﺑﻼ ﺗﺰﻳﱡﺪ وﻻ إﻋﻴﺎء. وﻟﻠﺸﻌﺮاء َﻓ ﱞﻦ ﻣﻦ ُ اﻟﻘﻨﻮع أرادوا ﻓﻴﻪ إﻇﻬﺎ َر ﻏﺮﺿﻬﻢ وإﺑﺎﻧﺔ اﻗﺘﺪارﻫﻢ ﻋﲆ املﻌﺎﻧﻲ اﻟﻐﺎﻣﻀﺔ وا َملﺮاﻣﻲ اﻟﺒﻌﻴﺪة ،وﻛ ﱞﻞ ﻗﺎل ﻋﲆ ﻗﺪر ﻗﻮة ﻃﺒﻌﻪ ،إﻻ أﻧﻪ ﺗﺤ ﱠﻜﻢ ﺑﺎﻟﻠﺴﺎن ،وﺗﺸﺪﱠق ﰲ اﻟﻜﻼم ،واﺳﺘﻄﺎل ﺑﺎﻟﺒﻴﺎن ،وﻫﻮ ﻏري ﺻﺤﻴﺢ ﰲ اﻷﺻﻞ. ﻓﻤﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻗﻨﻊ ﺑﺄن اﻟﺴﻤﺎء ﺗُﻈﻠﻪ ﻫﻮ وﻣﺤﺒﻮﺑﻪ واﻷرض ﺗﻘ ﱡﻠﻬﻤﺎ ،وﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ َﻗﻨﻊ ﺑﺎﺳﺘﻮاﺋﻬﻤﺎ ﰲ إﺣﺎﻃﺔ اﻟﻠﻴﻞ واﻟﻨﻬﺎر ﺑﻬﻤﺎ ،وأﺷﺒﺎه ﻫﺬا .وﻛ ﱞﻞ ﻣُﺒﺎد ٌر إﱃ اﺣﺘﻮاء اﻟﻐﺎﻳﺔ ﰲ ﺼﺐ ﱠ اﻻﺳﺘﻘﺼﺎء ،وإﺣﺮاز َﻗ َ اﻟﺴﺒْﻖ ﰲ اﻟﺘﺪﻗﻴﻖ ،وﱄ ﰲ ﻫﺬا املﻌﻨﻰ ﻗﻮ ٌل ﻻ ﻳُﻤﻜﻦ ملﺘﻌﻘﺐ أن ﻳﺠﺪ ﺑﻌﺪه ﻣ ً ُﺘﻨﺎوﻻ ،وﻻ وراءه ﻣﻜﺎﻧًﺎ ،ﻣﻊ ﺗَﺒْ ِﻴﻴﻨﻲ ﻋ ﱠﻠﺔ ﻗﺮب املﺴﺎﻓﺔ اﻟﺒﻌﻴﺪة ،وﻫﻮ: و ََﻗ ﺎﻟُ ﻮا ﺑَ ﻌِ ﻴ ٌﺪ ُﻗ ْﻠ ُﺖ ﺣَ ْﺴ ِﺒ ﻲ ِﺑ ﺄَﻧ ﱠ ُﻪ ﺎن َﻻ ﻳُ ِﻄﻴ ُﻖ ﻣَ ﺤِ ﻴﺪا ﻣَ ﻌِ ﻲ ﻓِ ﻲ َزﻣَ ٍ 126 ﺑﺎب اﻟﻘﻨﻮع ور َﻫ ﺎ ﺗَ ُﻤ ﱡﺮ ﻋَ َﻠ ﱠﻲ اﻟ ﱠﺸ ﻤْ ُﺲ ِﻣ ﺜ ْ َﻞ ُﻣ ُﺮ ِ َﻓﻤَ ْﻦ َﻟﻴْ َﺲ ﺑَﻴْ ِﻨﻲ ﻓِ ﻲ اﻟﻤَ ِﺴﻴ ِﺮ َوﺑَﻴْﻨ َ ُﻪ َو ِﻋ ْﻠ ُﻢ إ ِ َﻟ ِﻪ اﻟ َﺨ ْﻠ ِﻖ ﻳَ ﺠْ ﻤَ ﻌُ ﻨ َ ﺎ ﻣَ ﻌً ﺎ ِﺑ ِﻪ ُﻛ ﱠﻞ ﻳَ ْﻮ ٍم ﻳَ ْﺴ ﺘَ ِﻨ ﻴ ُﺮ ﺟَ ﺪِﻳ ﺪًا ِﺳﻮَى َﻗ ْ ﻄ ِﻊ ﻳَ ْﻮ ٍم َﻫ ْﻞ ﻳَ ُﻜﻮ ُن ﺑَﻌِ ﻴﺪا ُ َﻛ َﻔ ﻰ ذَا اﻟ ﺘﱠ ﺪَا ِﻧ ﻲ ﻣَ ﺎ أ ِرﻳ ُﺪ ﻣَ ِﺰﻳ ﺪا ُ ﻓﺒﻴ ُ اﻟﺴﻤﻮات ﱠﻨﺖ — ﻛﻤﺎ ﺗﺮى — أﻧﻲ ﻗﺎﻧ ٌﻊ ﺑﺎﻻﺟﺘﻤﺎع ﻣﻊ ﻣَ ﻦ أُﺣﺐﱡ ﰲ ﻋﻠﻢ ﷲ ،اﻟﺬي واﻷﻓﻼك واﻟﻌﻮاﻟﻢ ﻛﻠﻬﺎ وﺟﻤﻴﻊ املﻮﺟﻮدات ﻻ ﺗﻨﻔﺼﻞ ﻣﻨﻪ ،وﻻ ﺗﺘﺠﺰأ ﻓﻴﻪ ،وﻻ ﻳﺸﺬ ﻋﻨﻪ ﻣﻨﻬﺎ ﳾء ،ﺛﻢ اﻗﺘﴫت ِﻣﻦ ﻋﻠﻢ ﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﻋﲆ أﻧﻪ ﰲ زﻣﺎن .وﻫﺬا أﻋ ﱡﻢ ﻣﻤﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﻏريي ﰲ إﺣﺎﻃﺔ اﻟﻠﻴﻞ واﻟﻨﻬﺎر ،وإن ﻛﺎن اﻟﻈﺎﻫﺮ واﺣﺪًا ﰲ اﻟﺒﺎدي إﱃ اﻟﺴﺎﻣﻊ؛ ﻷن ﻛﻞ املﺨﻠﻮﻗﺎت واﻗﻌﺔ ﺗﺤﺖ اﻟﺰﻣﺎن ،وإﻧﻤﺎ اﻟﺰﻣﺎن اﺳﻢ ﻣﻮﺿﻮع ملﺮور اﻟﺴﺎﻋﺎت َ وﻗﻄﻊ اﻟﻔﻠﻚ وﺣﺮﻛﺎﺗﻪ وأﺟﺮاﻣﻪ ،واﻟﻠﻴﻞ واﻟﻨﻬﺎر ﻣﺘﻮﻟﺪان ﻋﻦ ُ ُﺘﻨﺎﻫﻴﺎن ﰲ ﺑﻌﺾ ﻃﻠﻮع اﻟﺸﻤﺲ وﻏﺮوﺑﻬﺎ ،وﻫﻤﺎ ﻣ ِ اﻟﻌﺎ َﻟﻢ اﻷﻋﲆ ،وﻟﻴﺲ ﻫﻜﺬا اﻟﺰﻣﺎن ،ﻓﺈﻧﻬﻤﺎ ﺑﻌﺾ اﻟﺰﻣﺎن ،وإن ﻛﺎن ﻟﺒﻌﺾ اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﻗﻮ ٌل »إن اﻟﻈﻞ ﻣﺘﻤﺎدٍ «.ﻓﻬﺬا ﻳﺨﻄﺌﻪ اﻟﻌﻴﺎن ،و ِﻋ َﻠ ُﻞ اﻟﺮ ﱢد ﻋﻠﻴﻪ ﺑﻴﱢﻨﺔ ﻟﻴﺲ ﻫﺬا ﻣﻮﺿﻌﻬﺎ ،ﺛﻢ ﺑﻴﱠﻨﺖ أﻧﻪ وإن ﻛﺎن ﰲ أﻗﴡ املﻌﻤﻮر ﻣﻦ املﴩق وأﻧﺎ ﰲ أﻗﴡ ا َملﻌﻤﻮر ﻣﻦ املﻐﺮب ،وﻫﺬا ﻃﻮل اﻟﺴﻜﻨﻰ ،ﻓﻠﻴﺲ ﺑﻴﻨﻲ وﺑﻴﻨﻪ إﻻ ﻣﺴﺎﻓﺔ ﻳﻮم؛ إذ اﻟﺸﻤﺲ ﺗﺒﺪو ﰲ أول اﻟﻨﻬﺎر ﰲ أول املﺸﺎرق ،وﺗﻐﺮب ﰲ آﺧﺮ اﻟﻨﻬﺎر ﰲ آﺧﺮ املﻐﺎرب. وﻣﻦ اﻟﻘﻨﻮع ﻓﺼ ٌﻞ أُوردُه ،وأﺳﺘﻌﻴﺬُ ﺑﺎهلل ﻣﻨﻪ وﻣﻦ أﻫﻠﻪ ،وأﺣﻤَ ﺪُه ﻋﲆ ﻣﺎ ﻋَ ﱠﺮف ﻧﻔﻮﺳﻨﺎ ﻣﻦ ﻣﻨﺎﻓﺮﺗﻪ؛ وﻫﻮ أن ﻳﻀﻞ اﻟﻌﻘ ُﻞ ﺟُ ﻤﻠﺔ ،وﻳ ُْﻔ ِﺴﺪ اﻟﻘﺮﻳﺤﺔ ،وﻳُﺘﻠﻒ اﻟﺘﻤﻴﻴﺰ، وﻳﻬﻮن اﻟﺼﻌﺐ ،وﻳُﺬﻫﺐ َ اﻟﻐرية ،وﻳُﻌﺪم اﻷﻧﻔﺔ ،ﻓريﴇ اﻹﻧﺴﺎن ﺑﺎملﺸﺎرﻛﺔ ﻓﻴﻤﻦ ﻳﺤﺐ. وﻗﺪ ﻋ َﺮض ﻫﺬا ﻟﻘﻮم — أﻋﺎذﻧﺎ ﷲ ﻣﻦ اﻟﺒﻼء — وﻫﺬا ﻻ ﻳﺼﺢ إﻻ ﻣﻊ ﻛﻠﺒﻴﱠﺔ ﰲ اﻟﻄﺒﻊ، ُ وﺳﻘﻮط ﻣﻦ اﻟﻌﻘﻞ اﻟﺬي ﻫﻮ ﻋَ ﻴﱠﺎر ﻋﲆ ﻣﺎ ﺗﺤﺘﻪ ،وﺿﻌﻒ ﱟ ﺣﺲ ،وﻳﺆﻳﺪ ﻫﺬا ﻛﻠﻪ ﺣُ ﺐﱞ ﺷﺪﻳﺪ ﻣُﻌْ ٍﻢ ،ﻓﺈذا اﺟﺘﻤﻌﺖ ﻫﺬه اﻷﺷﻴﺎء وﺗﻼﺣﻘﺖ ﺑﻤﺰاج اﻟﻄﺒﺎﺋﻊ ودُﺧﻮل ﺑﻌﻀﻬﺎ ﰲ ﺑﻌﺾ ،ﻧﺘﺞ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻫﺬا اﻟﻄﺒﻊ اﻟﺨﺴﻴﺲ ،وﺗﻮﻟﺪت ﻫﺬه اﻟﺼﻔﺔ اﻟﺮذﻟﺔ ،وﻗﺎم ﻣﻨﻬﺎ ﻫﺬا اﻟﻔﻌﻞ املﻘﺬور اﻟﻘﺒﻴﺢ ،وأﻣﺎ رﺟ ٌﻞ ﻣﻌﻪ أﻗﻞ ﻫﻤﺔ وأﻳﴪ ﻣﺮوءة ﻓﻬﺬا ﻣﻨﻪ أﺑﻌ ُﺪ ﻣﻦ اﻟﺜﺮﻳﱠﺎ ،وﻟﻮ ﻣﺎت وﺟﺪًا وﺗﻘﻄﻊ ﺣُ ﺒٍّﺎ .وﰲ ذﻟﻚ أﻗﻮل زارﻳًﺎ ﻋﲆ ﺑﻌﺾ ا ُملﺴﺎﻣﺤني ﰲ ﻫﺬا اﻟﻔﺼﻞ: وَأ َ ْﻓ َﻀ ُﻞ َﺷ ْﻲءٍ أ َ ْن ﺗَ ِﻠ ﻴ َﻦ َوﺗَ ْﺴ ﻤَ ﺤَ ﺎ ﻋَ َﻠﻰ أ َ ْن ﻳَﺤُ ﻮَز اﻟﻤﻠ ُﻚ ِﻣ ْﻦ أ َ ْ ﺻ ِﻠﻬَ ﺎ اﻟ ﱠﺮﺣَ ﻰ ْيَ ،ﻓﺎﻋْ ِﺺ ا ﱠﻟﺬِي َﻟﺤَ ﺎ ﺗُ َﻘ ﱢﺪ ُر ُه ﻓِ ﻲ اﻟﺠَ ﺪ ِ ﺼ ﺪ ِْر ﺗَ ْﺮ َ َرأَﻳْﺘُ َﻚ َرﺣْ ﺐَ اﻟ ﱠ ﺿ ﻰ ِﺑ ﻤَ ﺎ أَﺗَﻰ َﻓ ﺤَ ﱡ ﻈ َﻚ ِﻣ ْﻦ ﺑَ ﻌْ ِﺾ اﻟ ﱠﺴ ﻮَا ِﻧ ﻲ ُﻣ َﻔ ﱠﻀ ٌﻞ وَﻋُ ْﻀ ُﻮ ﺑَﻌِ ﻴ ٍﺮ ﻓِ ﻴ ِﻪ ﻓِ ﻲ اﻟ َﻮ ْز ِن ِﺿﻌْ ُ ﻒ ﻣَ ﺎ 127 ﻃﻮق اﻟﺤﻤﺎﻣﺔ ﰲ اﻷ ُ َ ﻟﻔﺔِ واﻷ ُ ﱠﻻف َﻓ ُﻜ ْﻦ ﻧ َ ﺎﺣِ ﻴً ﺎ ﻓِ ﻲ ﻧ َ ﺤْ ِﻮ ِه َﻛ ﻴْ َﻔ ﻤَ ﺎ ﻧ َ ﺤَ ﺎ وَﻟ ﻌْ ﺐُ ا ﱠﻟ ﺬِي ﺗَ ﻬْ ﻮَى ِﺑ َﺴ ﻴْ َﻔ ﻴْ ِﻦ ُﻣ ﻌْ ِﺠ ﺐ 128 ﺑﺎب اﻟﻀﻨﻰ واﻗﻊ وﻻ ﺑﺪ ﻟﻜﻞ ﻣُﺤﺐ ﺻﺎدق املﻮدﱠة ﻣﻤﻨﻮع اﻟﻮﺻﻞ ،إﻣﱠ ﺎ ِﺑﺒ َْني وإﻣﱠ ﺎ ﺑﻬَ ﺠﺮ وإﻣﺎ ﺑﻜﺘﻤﺎن ٍ ملﻌﻨًﻰ ،ﻣﻦ أن ﻳﺌﻮل إﱃ ﺣﺪ اﻟﺴﻘﺎم واﻟﻀﻨﻰ واﻟﻨﱡﺤﻮل ،ورﺑﻤﺎ أﺿﺠﻌﻪ ذﻟﻚ .وﻫﺬا اﻷﻣﺮ ﻛﺜري ﺟﺪٍّا ﻣﻮﺟﻮد أﺑﺪًا .واﻷﻋﺮاض اﻟﻮاﻗﻌﺔ ﻣﻦ ا َملﺤﺒﺔ ﻏري اﻟﻌﻠﻞ اﻟﻮاﻗﻌﺔ ﻣﻦ َﻫﺠﻤﺎت اﻟﻌِ ﻠﻞ، وﻳﻤﻴﺰﻫﺎ اﻟﻄﺒﻴﺐُ اﻟﺤﺎذق واملﺘﻔ ﱢﺮس اﻟﻨﺎﻗﺪ .وﰲ ذﻟﻚ أﻗﻮل: ﻳَ ُﻘ ﻮ ُل ِﻟ َﻲ اﻟ ﱠ ﻄ ِﺒ ﻴ ﺐُ ِﺑ َﻐ ﻴْ ِﺮ ﻋِ ْﻠ ٍﻢ َودَا ِﺋ ﻲ َﻟ ﻴْ َﺲ ﻳَ ﺪ ِْرﻳ ِﻪ َﺳ ﻮَا ِﺋ ﻲ أَأ َ ْﻛ ﺘُ ُﻤ ُﻪ َوﻳَ ْﻜ ِﺸ ُﻔ ُﻪ َﺷ ِﻬ ﻴ ٌﻖ َووَﺟْ ٌﻪ َﺷ ﺎﻫِ ﺪ ُ َات اﻟ ﺤُ ْﺰ ِن ﻓِ ﻴ ِﻪ وَأَﺛ ْ ﺒَ ُﺖ ﻣَ ﺎ ﻳَ ُﻜ ﻮ ُن اﻷَﻣْ ُﺮ ﻳَ ﻮْﻣً ﺎ َﻓ ُﻘ ْﻠ ُﺖ َﻟ ُﻪ أ َ ِﺑ ْﻦ ﻋَ ﻨ ﱢ ﻲ َﻗ ِﻠ ﻴ ًﻼ َﻓ َﻘ ﺎ َل أ َ َرى ﻧ ُ ﺤُ ً ﻮﻻ َزا َد ِﺟ ﺪٍّا َﻓ ُﻘ ْﻠ ُﺖ َﻟ ُﻪ اﻟﺬﱡﺑُﻮ ُل ﺗَﻌِ ﱡﻞ ِﻣﻨ ْ ُﻪ اﻟـ وَﻣَ ﺎ أ َ ْﺷ ُﻜ ﻮ َﻟ ﻌَ ﻤْ ُﺮ اﻟ ﻠ ﻪ ﺣُ ﻤﱠ ﻰ َﻓ َﻘ ﺎ َل أ َ َرى ا ْﻟ ِﺘ َﻔ ﺎﺗً ﺎ وَا ْرﺗِ َﻘ ﺎﺑً ﺎ وَأَﺣْ َﺴﺐُ أَﻧ ﱠﻬَ ﺎ اﻟ ﱠﺴ ْﻮدَاءُ َﻓﺎﻧ ْ ُ ﻈ ْﺮ َﻓ ُﻘ ْﻠ ُﺖ َﻟ ُﻪ َﻛ َﻼ ُﻣ َﻚ ذَا ُﻣ ﺤَ ﺎ ٌل َﻓ ﺄ َ ْ ﻃ َﺮ َق ﺑَ ﺎﻫِ ﺘً ﺎ ِﻣ ﻤﱠ ﺎ َرآ ُه َﻓ ُﻘ ْﻠ ُﺖ َﻟ ُﻪ َدوَا ِﺋ ﻲ ِﻣ ﻨ ْ ُﻪ دَا ِﺋ ﻲ ﺗَ ﺪَا َو َﻓ ﺄَﻧ ْ َﺖ ﻳَ ﺎ َﻫ ﺬَا ﻋَ ِﻠ ﻴ ُﻞ َو َربﱞ َﻗ ﺎدِ ٌر ﻣَ ِﻠ ٌﻚ ﺟَ ِﻠ ﻴ ﻞ اق َ ﻃ َﺮ ٌ ﻳُ َﻼ ِز ُﻣ ِﻨ ﻲ َوإ ِ ْ ﻃ ِﻮﻳ ﻞ ﺎل َ ﺿ ٍﻦ ﻧ َﺤِ ﻴ ﻞ و َِﺟ ْﺴ ٌﻢ َﻛ ﺎﻟ َﺨ ﻴَ ِ ِﺑ َﻼ َﺷ ﱟﻚ إِذَا َ ﺻ ﺢﱠ اﻟ ﱠﺪ ِﻟ ﻴ ﻞ َﻓ َﻼ وَاﻟ ﻠ ﻪ ﺗَ ﻌْ ِﺮ ُ ف ﻣَ ﺎ ﺗَ ُﻘ ﻮل َو ِﻋ ﱠﻠ ﺘُ َﻚ ا ﱠﻟ ِﺘ ﻲ ﺗَ ْﺸ ُﻜ ﻮ ذُﺑُ ﻮل ـﺠَ ﻮ َِارحُ و َْﻫ َﻲ ﺣُ ﻤﱠ ﻰ ﺗَ ْﺴﺘَﺤِ ﻴﻞ َوإ ِ ﱠن اﻟ ﺤَ ﱠﺮ ﻓِ ﻲ ِﺟ ْﺴ ِﻤ ﻲ َﻗ ِﻠ ﻴ ﻞ وَأ َ ْﻓ َﻜ ﺎ ًرا و َ َﺻ ﻤْ ﺘً ﺎ َﻻ ﻳَ ُﺰول ِﻟ ﻨ َ ْﻔ ِﺴ َﻚ إِﻧ ﱠ ﻬَ ﺎ ﻋَ َﺮ ٌ ض ﺛ َ ﻘِ ﻴ ﻞ َﻓ ﻤَ ﺎ ِﻟ ﻠ ﺪﱠﻣْ ِﻊ ِﻣ ْﻦ ﻋَ ﻴْ ِﻨ ﻲ ﻳَ ِﺴ ﻴ ﻞ أ َ َﻻ ﻓِ ﻲ ِﻣ ﺜ ْ ِﻞ ذَا ﺑُ ِﻬ َﺖ اﻟ ﻨ ﱠ ِﺒ ﻴ ﻞ أ َ َﻻ ﻓِ ﻲ ِﻣ ﺜ ْ ِﻞ ذَا َ ﺿ ﱠﻠ ْﺖ ﻋُ ُﻘ ﻮل ﻃﻮق اﻟﺤﻤﺎﻣﺔ ﰲ اﻷ ُ َ ﻟﻔﺔِ واﻷ ُ ﱠﻻف ُﻓ ُﺮو ُع اﻟﻨ ﱠﺒْ ِﺖ إ ِ ْن ﻋُ ِﻜ َﺴ ْﺖ أ ُ ُ ﺻﻮل ِﺳ ﻮَا ُه ِﺑ ﺒُ ْﺮءِ ﻣَ ﺎ َﻟ ﺪ ََﻏ ْﺖ َﻛ ﻔِ ﻴ ﻞ و ََﺷ ﺎﻫِ ْﺪ ﻣَ ﺎ أ َ ُﻗ ﻮ ُل ﻳُ َﺮى ﻋِ ﻴَ ﺎﻧ ً ﺎ َوﺗِ ْﺮﻳَ ُ ﺎق اﻷ َ َﻓ ﺎﻋِ ﻲ َﻟ ﻴْ َﺲ َﺷ ْﻲءٌ ً ﻋﺎﻗﻼ ﻓﻬﻴﻤً ﺎ ،ﻋﻦ ﺑﻘﻲ اﻟﺤﺠﺮيﱡ ،وﻛﺎن ﺣﻜﻴﻢ اﻟﻄﺒﻊ وﺣﺪﺛﻨﻲ أﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﱟ ﺧﺎن ﻣﻦ ﺧﺎﻧﺎﺗﻬﺎ ،ﻓﺮأى اﺑﻨﺔ ﻟﻮﻛﻴﻠﺔ رﺟﻞ ﻣﻦ ﺷﻴﻮﺧﻨﺎ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ذﻛﺮه ،أﻧﻪ ﻛﺎن ﺑﺒﻐﺪاد ﰲ ٍ ْ ْ وﻛﺎﻧﺖ ِﺑﻜ ًﺮا ،وﻫﻮ ﻗﺪ ﺗﻜﺸﻒ ﻟﺒﻌﺾ ﻧﻈﺮت إﻟﻴﻪ اﻟﺨﺎن ﻓﺄﺣﺒﱠﻬﺎ وﺗﺰوﱠﺟﻬﺎ ،ﻓﻠﻤﺎ ﺧﻼ ﺑﻬﺎ ﺣﺎﺟﺘﻪ ،ﻓﺮاﻋَ ﻬﺎ ﻛ َِﱪ أﻳ ِْﺮه ،ﻓﻔ ﱠﺮت إﱃ أﻣﻬﺎ وﺗﻔﺎدت ﻣﻨﻪ ،ﻓﺮام ﺑﻬﺎ ﻛﻞ ﻣَ ﻦ ﺣﻮاﻟﻴﻬﺎ أن ﺗُﺮ ﱠد ْ ْ وﻛﺎدت أن ﺗﻤﻮت ،ﻓﻔﺎرﻗﻬﺎ ﺛﻢ ﻧﺪم ،ورام أن ﻳُﺮاﺟﻌﻬﺎ ﻓﻠﻢ ﻳُﻤﻜﻨﻪ ،واﺳﺘﻌﺎن ﻓﺄﺑﺖ إﻟﻴﻪ، ﺑﺎﻷﺑﻬﺮي وﻏريه ﻓﻠﻢ ﻳﻘﺪر أﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ ﻋﲆ ﺣﻴﻠﺔ ﰲ أﻣﺮه ،ﻓﺎﺧﺘﻠﻂ ﻋﻘﻠﻪ وأﻗﺎم ﰲ املﺎرﺳﺘﺎن وﺳ َﻼ وﻣﺎ ﻛﺎد ،وﻟﻘﺪ ﻛﺎن إذا ذﻛﺮﻫﺎ ﱠ ً ﻳﺘﻨﻔﺲ ﱡ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﺣﺘﻰ ﻧَﻘِ ﻪ َ اﻟﺼﻌَ ﺪاء. ﻳُﻌﺎﻧﻲ ﻣﺪ ًة ُ اﺳﺘﻐﻨﻴﺖ وﻗﺪ ﺗﻘﺪﱠم ﰲ أﺷﻌﺎري املﺬﻛﻮرة ﰲ ﻫﺬه اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﻣﻦ ﺻﻔﺔ اﻟﻨﱡﺤُ ﻮل ﻣُﻔ ﱠﺮ ًﻗﺎ ﻣﺎ َ ﺧﻮف اﻹﻃﺎﻟﺔ .وﷲ املﻌني واملﺴﺘﻌﺎن. ﺑﻪ ﻋﻦ أن أذﻛﺮ ﻫﻨﺎ ِﻣﻦ ﺳﻮاﻫﺎ ﺷﻴﺌًﺎ ورﺑﻤﺎ ﺗَ ﱠ ﺮﻗﺖ إﱃ أن ﻳُﻐ َﻠﺐ املﺮء ﻋﲆ ﻋﻘﻠﻪ وﻳُﺤﺎل ﺑﻴﻨﻪ وﺑني ذﻫﻨﻪ ﻓﻴﻮﺳﻮس. ﺧﱪ ً ﺟﺎرﻳﺔ ﻣﻦ ذوات ا َملﻨﺎﺻﺐ واﻟﺠﻤﺎل واﻟﴩف ﻣﻦ ﺑﻨﺎت اﻟﻘﻮﱠاد ،وﻗﺪ ﺑﻠﻎ ﺑﻬﺎ وإﻧﻲ ﻷﻋﺮف َ ﻣﺒﻠﻎ ﻫﻴﺠﺎن املﺮار اﻷﺳﻮد ،وﻛﺎدت ﺗﺨﺘﻠﻂ، ﺣُ ﺐ ﻓﺘًﻰ ﻣﻦ إﺧﻮاﻧﻲ ﺟﺪٍّا ،ﻣﻦ أﺑﻨﺎء اﻟ ُﻜﺘﱠﺎب، ﺪور ْ ﻛﺖ ﺑﺎﻟﻌﻼج .وﻫﺬا إﻧﻤﺎ واﺷﺘُﻬﺮ اﻷﻣﺮ وﺷﺎع ﺟﺪٍّا ﺣﺘﻰ ﻋﻠﻤﻨﺎه وﻋﻠﻤﻪ اﻷﺑﺎﻋﺪ ،إﱃ أن ﺗُ ِ ﻳﺘﻮ ﱠﻟﺪ ﻋﻦ إدﻣﺎن اﻟﻔﻜﺮ ،ﻓﺈذا ﻏﻠﺒﺖ اﻟﻔﻜﺮة وﺗﻤﻜﻦ َ اﻟﺨﻠﻂ اﻟﺘﺪاوي ﺧﺮج اﻷﻣﺮ ﻋﻦ ﺣ ﱢﺪ اﻟﺤُ ﺐ إﱃ ﺣﺪ اﻟ َﻮ َﻟ ِﻪ واﻟﺠﻨﻮن ،وإذا أُﻏﻔﻞ اﻟﺘﺪاوي ﰲ اﻷول إﱃ ا ُملﻌﺎﻧﺎة ﻗﻮي ﺟﺪٍّا وﻟﻢ ﻳﻮﺟﺪ ً ُ ﻗﻄﻌﺔ ،ﻣﻨﻬﺎ: ﻛﺘﺒﺖ إﻟﻴﻪ ﻟﻪ دواء ﺳﻮى اﻟﻮﺻﺎل .وﻣﻦ ﺑﻌﺾ ﻣﺎ أَيﱡ َﺧ ْﻠ ٍﻖ ﻳَ ﻌِ ﻴ ُﺶ د َ ُون ُﻓ َﺆادِ َاب ﻳَ ْﻮ َم اﻟ ﻤَ ﻌَ ﺎدِ َوﺗَ ُﻔ ْﺰ ِﺑ ﺎﻟ ﺜ ﱠ ﻮ ِ ِﻣ ْﻦ َﺧ َﻼﺧِ ﻴ ِﻠ ﻬَ ﺎ ﺣُ َﻠ ﻰ اﻷ َ ْﻗ ﻴَ ﺎد ﻋِ ْﺸ ُﻘﻬَ ﺎ ﺑَﻴْ َﻦ ذَا اﻟ َﻮ َرى َﻟ َﻚ ﺑَﺎدِي َﻗ ْﺪ َﺳ َﻠﺒْ َﺖ اﻟ ُﻔ َﺆا َد ِﻣﻨ ْﻬَ ﺎ ْ اﺧ ِﺘ َﻼ ًﺳﺎ َﻓﺄَﻏِ ﺜ ْﻬَ ﺎ ِﺑﺎﻟﻮ ْ َﺻ ِﻞ ﺗَﺤْ َﻲ َﺷ ِﺮﻳ ًﻔﺎ اﻫ ﺎ ﺗَ ﻌْ ﺘَ ُ وَأ َ َر َ ﺎض إ ِ ْن دَا َم َﻫ ﺬَا أَﻧ ْ َﺖ ﺣَ ٍّﻘﺎ ُﻣﺘَﻴﱢ ُﻢ اﻟ ﱠﺸﻤْ ِﺲ ﺣَ ﺘﱠﻰ 130 ﺑﺎب اﻟﻀﻨﻰ ﺧﱪ وﺣﺪﱠﺛﻨﻲ ﺟﻌﻔﺮ ﻣﻮﱃ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺟﺪﻳﺮ ،املﻌﺮوف ﺑﺎﻟﺒﻠﺒﻴﻨﻲ ،أن ﺳﺒﺐ اﺧﺘﻼط ُ اﻋﺘﻼﻗﻪ ﺑﺠﺎرﻳ ٍﺔ ﻷﺧﻴﻪ ،ﻓﻤﻨﻌﻬﺎ ﻣﻨﻪ ﻣﺮوان ﺑﻦ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺟﺪﻳﺮ وذﻫﺎب ﻋﻘﻠﻪ وﺑﺎﻋﻬﺎ ﻟﻐريه ،وﻣﺎ ﻛﺎن ﰲ إﺧﻮﺗﻪ ﻣﺜﻠﻪ وﻻ أﺗﻢ أدﺑًﺎ ﻣﻨﻪ. وأﺧﱪﻧﻲ أﺑﻮ اﻟﻌﺎﻓﻴﺔ ﻣﻮﱃ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺎس ﺑﻦ أﺑﻲ ﻋﺒﺪة ،أن ﺳﺒﺐ ﺟﻨﻮن ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﱠﺎس ﺑﻦ أﺑﻲ ﻋﺒﺪة ﺑَﻴْﻊ ﺟﺎرﻳ ٍﺔ ﻟﻪ ﻛﺎن ﻳ َِﺠﺪ ﺑﻬﺎ وَﺟﺪًا ﺷﺪﻳﺪًا ،ﻛﺎﻧﺖ أﻣﻪ أﺑﺎﻋﺘﻬﺎ وذﻫﺒﺖ إﱃ إﻧﻜﺎﺣﻪ ﻣﻦ ﺑﻌﺾ اﻟﻌﺎﻣﺮﻳﱠﺎت. ﻓﻬﺬان رﺟﻼن ﺟﻠﻴﻼن ﻣﺸﻬﻮران َﻓﻘﺪَا ﻋﻘﻮﻟﻬﻤﺎ واﺧﺘﻠﻄﺎ وﺻﺎرا ﰲ اﻟﻘﻴﻮد واﻷﻏﻼل، اﻟﱪﺑﺮ ُﻗﺮﻃﺒﺔ واﻧﺘﻬﺎﺋﻬﻢ إﻟﻴﻬﺎ ،ﻓﺘُ ﱢ ﻓﺄﻣﺎ ﻣﺮوان ﻓﺄﺻﺎﺑﺘﻪ ﴐﺑﺔ ﻣُﺨﻄﺌﺔ ﻳﻮم دﺧﻮل َ ﻮﰲ ﺣﻲ ﻋﲆ ﺣﺎﻟﺘﻪ املﺬﻛﻮرة ﰲ ﺣني ﻛِﺘﺎﺑﺘﻲ ﻟﺮﺳﺎﻟﺘﻲ رﺣﻤﻪ ﷲ .وأﻣﺎ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﻓﻬﻮ ﱞ ﻫﺬه ،وﻗﺪ رأﻳﺘﻪ أﻧﺎ ﻣﺮا ًرا وﺟﺎﻟﺴﺘﻪ ﰲ اﻟﻘﴫ ﻗﺒﻞ أن ﻳُﻤﺘﺤﻦ ﺑﻬﺬه املﺤﻨﺔ .وﻛﺎن أﺳﺘﺎذي اﻟﻔﺘﻴﺎن ً ﻧﺒﻴﻼ. وأﺳﺘﺎذه اﻟﻔﻘﻴﻪ أﺑﻮ اﻟﺨﻴﺎر اﻟ ﱡﻠﻐﻮي ،وﻛﺎن ﻳﺤﻴﻰ — َﻟﻌَ ﻤْ ﺮي — ﺣُ ﻠﻮًا ﻣﻦ ِ وأﻣﺎ ﻣﻦ دون ﻫﺬه اﻟﻄﺒﻘﺔ ﻓﻘﺪ رأﻳﻨﺎ ﻣﻨﻬﻢ ﻛﺜريًا ،وﻟﻜﻦ ﻟﻢ ﻧُﺴﻤﱢ ﻬﻢ ﻟﺨﻔﺎﺋﻬﻢ ،وﻫﺬه درﺟﺔ إذا ﺑﻠﻎ املﺸﻐﻮف إﻟﻴﻬﺎ ﻓﻘﺪ ﱠ اﻧﺒﺖ اﻟﺮﺟﺎء واﻧﴫم اﻟﻄﻤﻊ ،ﻓﻼ دواء ﻟﻪ ﺑﺎﻟﻮﺻﻞ وﻻ ﺑﻐريه ،إذ ﻗﺪ اﺳﺘﺤﻜﻢ اﻟﻔﺴﺎد ﰲ اﻟﺪﻣﺎغ ،وﺗَﻠِﻔﺖ املﻌﺮﻓﺔ ،وﺗﻐﻠﺒﺖ اﻵﻓﺔ .أﻋﺎذﻧﺎ ﷲ ﻣﻦ اﻟﺒﻼء ﺑ َ ﻄﻮْﻟﻪ ،وﻛﻔﺎﻧﺎ اﻟﻨ ﱢ َﻘﻢ ﺑﻤَ ﻨﱢﻪ. 131 ﺑﺎب اﻟﺴﻠﻮ وﻗﺪ ﻋﻠﻤﻨﺎ أن ﻛ ﱠﻞ ﻣﺎ ﻟﻪ أول ﻓﻼ ﺑُﺪ ﻟﻪ ﻣﻦ آﺧﺮ ،ﺣﺎﺷﺎ ﻧَﻌﻴﻢ ﷲ ﻋ ﱠﺰ وﺟﻞ ،اﻟﺠﻨﺔ ﻷوﻟﻴﺎﺋﻪ، وﻋﺬاﺑﻪ ﺑﺎﻟﻨﺎر ﻷﻋﺪاﺋﻪ .وأﻣﺎ أﻋﺮاض اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻓﻨﺎﻓﺪة ﻓﺎﻧﻴﺔ ،وزاﺋﻠﺔ ﻣﻀﻤﺤﻠﺔ ،وﻋﺎﻗﺒﺔ ﻛﻞ ﺣُ ﺐ ُ ﺑﻌﺾ إﱃ أﺣﺪ أﻣﺮﻳﻦ؛ إﻣﱠ ﺎ اﺧﱰام ﻣﻨﻴﺔ ،وإﻣﺎ ﺳﻠ ﱟﻮ ﺣﺎدث .وﻗﺪ ﻧﺠﺪ اﻟﻨﻔﺲ ﺗَﻐﻠﺐ ﻋﻠﻴﻬﺎ ُ اﻟﻘﻮى املﴫﱢﻓﺔ ﻣﻌﻬﺎ ﰲ اﻟﺠﺴﺪ ،ﻓﻜﻤﺎ ﻧﺠﺪ ﻧ َ ً ﻔﺴﺎ ﺗﺮﻓﺾ اﻟﺮاﺣﺎت واملﻼذﱠ ﻟﻠﻌﻤﻞ ﰲ ﻃﺎﻋﺔ ﷲ ﺗﻌﺎﱃ وﻟﻠﺮﻳﺎء ﰲ اﻟﺪﻧﻴﺎ ،ﺣﺘﻰ ﺗُﺸﺘﻬﺮ ﺑﺎﻟﺰﻫﺪ ،ﻓﻜﺬﻟﻚ ﻧﺠﺪ ً ﻧﻔﺴﺎ ﺗﻨﴫف ﻋﻦ اﻟﺮﻏﺒﺔ ﰲ ﻟﻘﺎء ﺷﻜﻠﻬﺎ ﻟﻸﻧﻔﺔ املﺴﺘﺤﻜﻤﺔ املﻨﺎﻓﺮة ﻟﻠﻐﺪر ،أو اﺳﺘﻤﺮار ﺳﻮء املﻜﺎﻓﺄة ﰲ اﻟﻀﻤري .وﻫﺬا أﺻﺢ اﻟﺴﻠﻮﱢ ،وﻣﺎ ﻛﺎن ﻣﻦ ﻏري ﻫﺬﻳﻦ اﻟﺸﻴﺌني ﻓﻠﻴﺲ إﻻ ﻣﺬﻣﻮﻣً ﺎ .واﻟﺴﻠ ﱡﻮ املﺘﻮ ﱢﻟﺪ ﻣﻦ اﻟﻬﺠﺮ وﻃﻮﻟﻪ إﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﻛﺎﻟﻴﺄس ﻳﺪﺧﻞ ﻋﲆ اﻟﻨﻔﺲ ﻣﻦ ﺑُﻠﻮﻏﻬﺎ إﱃ أﻣﻠﻬﺎ ،ﻓﻴﻔﱰ ﻧﺰاﻋﻬﺎ وﻻ ﺗﻘﻮى رﻏﺒﺘﻬﺎ .وﱄ ﰲ ذم اﻟﺴﻠﻮ ﻗﺼﻴﺪة ،ﻣﻨﻬﺎ: إِذَا ﻣَ ﺎ َرﻧ َ ْﺖ َﻓﺎﻟﺤَ ﱡﻲ ﻣَ ﻴْ ٌﺖ ِﺑ َﻠﺤْ ِﻈﻬَ ﺎ ﺿﻴْ ٌ َﻛﺄ َ ﱠن اﻟﻬَ ﻮَى َ ﻒ أ َ َﻟ ﱠﻢ ِﺑ ُﻤﻬْ ﺠَ ِﺘﻲ ﻄ َﻘ ْﺖ ُﻗ ْﻠﺖ اﻟ ﱠﺴ َﻼ َم ِر َ َوإ ِ ْن ﻧ َ َ ﻃﺎب َﻓ َﻠﺤْ ِﻤ ﻲ َ ﻃ ﻌَ ﺎ ٌم وَاﻟﻨ ﱠ ِﺠﻴ ُﻊ َﺷ َﺮاب وﻣﻨﻬﺎ: َ ﺻﺒُﻮ ٌر ﻋَ َﻠﻰ اﻷ َ ْز ِم ا ﱠﻟﺬِي اﻟﻌِ ﱡﺰ َﺧﻠ َﻔ ُﻪ َ ﺟَ ُﺰوﻋً ﺎ ِﻣ َﻦ اﻟ ﱠﺮاﺣَ ِ ﺎت إ ِ ْن أﻧ ْﺘَﺠَ ْﺖ َﻟ ُﻪ َو َﻟ ْﻮ أَﻣْ َ ﻄ َﺮﺗْ ُﻪ ِﺑ ﺎﻟ ﺤَ ِﺮﻳ ِﻖ َﺳ ﺤَ ﺎب ُﺧ ُﻤ ً ﻮﻻ َو ِﻓﻲ ﺑَﻌْ ِﺾ اﻟﻨ ﱠﻌِ ﻴ ِﻢ ﻋَ ﺬَاب واﻟﺴﻠﻮ ﰲ اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ اﻟﺠﻤﻴﻠﺔ ﻳﻨﻘﺴﻢ ﻗﺴﻤني :ﺳﻠﻮ ﻃﺒﻴﻌﻲ ،وﻫﻮ املﺴﻤﻰ ﺑﺎﻟﻨﺴﻴﺎن، ﻳﺨﻠﻮ ﺑﻪ اﻟﻘﻠﺐَ ، وﻳﻔﺮغ ﺑﻪ اﻟﺒﺎل ،وﻳﻜﻮن اﻹﻧﺴﺎن ﻛﺄﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺤﺐ ﻗﻂ .وﻫﺬا اﻟﻘﺴﻢ رﺑﻤﺎ ﻟﺤِ ﻖ ﺻﺎﺣﺒَﻪ اﻟﺬ ﱡم ﻷﻧﻪ ﺣﺎدث ﻋﻦ أﺧﻼق ﻣﺬﻣﻮﻣﺔ ،وﻋﻦ أﺳﺒﺎب ﻏري ﻣُﻮﺟﺒﺔ اﺳﺘﺤﻘﺎق ﻃﻮق اﻟﺤﻤﺎﻣﺔ ﰲ اﻷ ُ َ ﻟﻔﺔِ واﻷ ُ ﱠﻻف اﻟﻨﺴﻴﺎن — وﺳﺘﺄﺗﻲ ﻣُﺒﻴﱠﻨﺔ إن ﺷﺎء ﷲ ﺗﻌﺎﱃ — ورﺑﻤﺎ ﻟﻢ ﺗَ ْﻠﺤﻘﻪ اﻟﻼﺋﻤﺔ ﻟﻌﺬر ﺻﺤﻴﺢ. ﱡ ﺑﺎﻟﺘﺼﱪ ،ﻓﱰى املﺮء ﻳُﻈﻬﺮ اﻟﺘﺠ ﱡﻠﺪ وﰲ واﻟﺜﺎﻧﻲ ﺳﻠﻮ ﺗﻄﺒﱡﻌﻲ ،ﻗﻬﺮ اﻟﻨﻔﺲ ،وﻫﻮ املﺴﻤﻰ ﻟﺪﻏﺎ ﻣﻦ وﺧﺰ ْ ﻗﻠﺒﻪ أﺷﺪ ً َ َ أﻫﻮن ﻣﻦ ﺑﻌﺾ ،أو ﻳﺤﺎﺳﺐ اﻹﺷ َﻔﻰ ،وﻟﻜﻨﻪ ﻳﺮى ﺑﻌﺾ اﻟﴩ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﺤُ ﺠﺔ ﻻ ﺗُﴫف وﻻ ﺗُ ْﻜﴪ .وﻫﺬا ﻗﺴﻢ ﻻ ﻳُﺬ ﱡم آﺗِﻴﻪ ،وﻻ ﻳُﻼم ﻓﺎﻋﻠﻪ؛ ﻷﻧﻪ ﻻ ﻳﺤﺪُث إﻻ ﻋﻦ ﻋﻈﻴﻤﺔ ،وﻻ ﻳﻘﻊ إﻻ ﻋﻦ ﻓﺎدﺣﺔ؛ إﻣﺎ ﻟﺴﺒﺐ ﻻ ﻳَﺼﱪ ﻋﲆ ﻣﺜﻠﻪ اﻷﺣﺮار ،وإﻣﺎ ﻟﺨﻄﺐ ﻻ ﺑﻨﺎس ﻟﻜﻨﻪ ذاﻛﺮ ،وذو ﺣﻨني ﻣﺮ ﱠد ﻟﻪ ﺗﺠﺮي ﺑﻪ اﻷﻗﺪار .وﻛﻔﺎك ﻣﻦ املﻮﺻﻮف ﺑﻪ أﻧﻪ ﻟﻴﺲ ٍ واﻗﻒ ﻋﲆ اﻟﻌﻬﺪ ،وﻣﺘﺠ ﱢﺮع ﻣﺮارات اﻟﺼﱪ ،واﻟﻔﺮق اﻟﻌﺎﻣﻲ ﺑني املﺘﺼﱪ واﻟﻨﺎﳼ أﻧﻚ ﺗﺮى املﺘﺼﱪ وإن أﺑﺪَى ﻏﺎﻳﺔ اﻟﺠَ َﻠﺪ ،وأﻇﻬﺮ َﺳﺐﱠ ﻣﺤﺒﻮﺑﻪ واﻟﺘﺤﻤﱡ ﻞ ﻋﻠﻴﻪ ،ﻳ ِ َﺤﺘﻤ ُﻞ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﻏريه. وﰲ ذﻟﻚ أﻗﻮل ﻗﻄﻌﺔ ،ﻣﻨﻬﺎ: َوإ ِ ْن ُﻛﻨ ْ ُﺖ أُﺑْﺪِي اﻟﻬَ ﺠْ َﺮ َﻟ ْﺴ ُﺖ ُﻣﻌَ ﺎدِ ﻳَﺎ أَﺟَ ﺎ َد َﻓ َﻠ ﱠﻘ ﺎ ُه ا ِﻹ َﻟ ُﻪ اﻟ ﱠﺪوَاﻫِ ﻴَ ﺎ دَﻋُ ﻮﻧِ ﻲ و ََﺳ ﺒﱢ ﻲ ِﻟ ْﻠ ﺤَ ِﺒ ﻴ ِﺐ َﻓ ِﺈﻧ ﻨ ﻲ َو َﻟ ِﻜ ﱠﻦ َﺳ ﺒﱢ ﻲ ِﻟ ْﻠ ﺤَ ِﺒ ﻴ ِﺐ َﻛ َﻘ ْﻮﻟِ ِﻬ ْﻢ واﻟﻨﺎﳼ ﺿ ﱡﺪ ﻫﺬا ،وﻛ ﱡﻞ ﻫﺬا ﻓﻌﲆ ﻗﺪر ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻹﻧﺴﺎن وإﺟﺎﺑﺘﻬﺎ واﻣﺘﻨﺎﻋﻬﺎُ ، وﻗﻮة ً ﺗﻤ ﱡﻜﻦ اﻟﺤﺐ ﻣﻦ اﻟﻘﻠﺐ أو ﺿﻌﻔﻪ ،وﰲ ذﻟﻚ أﻗﻮل ،وﺳﻤﱠ ُ ﻴﺖ اﻟﺴﺎﱄ َ ﻓﻴﻪ ا ُمل ﱢ ﻗﻄﻌﺔ، ﺘﺼﱪ، ﻣﻨﻬﺎ: ﺎﺳ ﻲ اﻷَﺣِ ﺒﱠ ِﺔ َﻏ ﻴْ ُﺮ ﻣَ ْﻦ ﻳَ ْﺴ ﻠُ ُ ﻧَ ِ ﻮﻫ ُﻢ ﻣَ ﺎ َﻗ ِ ﺎﺻ ٌﺮ ِﻟ ﻠ ﻨ ﱠ ْﻔ ِﺲ َﻏ ﻴْ َﺮ ُﻣ ِﺠ ﻴ ِﺒ ﻬَ ﺎ ﺣُ ْﻜ ُﻢ اﻟ ُﻤ َﻘ ﱢ ﺼ ِﺮ َﻏﻴْ ُﺮ ﺣُ ْﻜ ِﻢ اﻟ ُﻤ ْﻘ ِﺼ ِﺮ ﺼﺎ ِﺑ ُﺮ اﻟﻤَ ْ ﻣَ ﺎ اﻟ ﱠ ﻄﺒُﻮ ُع َﻛﺎﻟ ُﻤﺘَ َ ﺼﺒﱢ ِﺮ واﻷﺳﺒﺎب املﻮﺟﺒﺔ ﻟﻠﺴﻠﻮ املﻨﻘﺴﻢ ﻫﺬﻳﻦ اﻟﻘﺴﻤني ﻛﺜرية ،وﻋﲆ ﺣﺴﺒﻬﺎ وﺑﻤﻘﺪار اﻟﻮاﻗﻊ ﻣﻨﻬﺎ ﻳُﻌﺬر اﻟﺴﺎﱄ وﻳُﺬم. ﻓﻤﻨﻬﺎ ا َملﻠﻞ ،وﻗﺪ ﻗﺪﱠﻣﻨﺎ اﻟﻜﻼم ﻋﻠﻴﻪ ،وإن ﻣﻦ ﻛﺎن ُﺳﻠﻮﱡه ﻋﻦ ﻣَ ﻠﻞ ﻓﻠﻴﺲ ﺣُ ﺒﱡﻪ ﺣﻘﻴﻘﺔ، وا ُملﺘﱠﺴﻢ ﺑﻪ ﺻﺎﺣﺐُ دﻋﻮى زاﺋﻔﺔ ،وإﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﻃﺎﻟﺐ ﻟﺬﱠة وﻣُﺒﺎدر ﺷﻬﻮة .واﻟﺴﺎﱄ ﻣﻦ ﻫﺬا ﻧﺎس ﻣﺬﻣﻮم. اﻟﻮﺟﻪ ٍ وﻣﻨﻬﺎ اﻻﺳﺘﺒﺪال ،وﻫﻮ وإن ﻛﺎن ﻳُﺸﺒﻪ املﻠﻞ ﻓﻔﻴﻪ ﻣﻌﻨًﻰ زاﺋﺪٌ ،وﻫﻮ ﺑﺬﻟﻚ املﻌﻨﻰ أﻗﺒﺢ ﻣﻦ اﻷول ،وﺻﺎﺣﺒﻪ ﱡ أﺣﻖ ﺑﺎﻟﺬم. وﻣﻨﻬﺎ ﺣَ ﻴﺎء ﻣﺮ ﱠﻛﺐ ﻳﻜﻮن ﰲ ا ُملﺤﺐﱢ ﻳَﺤﻮ ُل ﺑﻴﻨﻪ وﺑني اﻟﺘﻌﺮﻳﺾ ﺑﻤﺎ ﻳﺠﺪ ،ﻓﻴﺘﻄﺎول اﻷﻣﺮ ،وﺗﱰاﺧﻰ املﺪة ،وﻳﺒﲆ ﺟﺪﻳﺪ املﻮدة ،وﻳﺤﺪُث اﻟﺴﻠﻮ .وﻫﺬا وﺟﻪ إن ﻛﺎن اﻟﺴﺎﱄ ﻋﻨﻪ 134 ﺑﺎب اﻟﺴﻠﻮ ٍ ُﻨﺼﻒ؛ إذ ﻣﻨﻪ ﺟﺎء ﺳﺒﺐُ اﻟﺤﺮﻣﺎن ،وإن ﻛﺎن ﻣﺘﺼﱪًا ﻓﻠﻴﺲ ﺑﻤﻠﻮم؛ إذ آﺛﺮ ﻧﺎﺳﻴًﺎ ﻓﻠﻴﺲ ﺑﻤ اﻟﺤﻴﺎء ﻋﲆ ﻟﺬة ﻧﻔﺴﻪ .وﻗﺪ ورد ﻋﻦ رﺳﻮل ﷲ ﷺ أﻧﻪ ﻗﺎل» :اﻟﺤَ ﻴﺎء ﻣﻦ اﻹﻳﻤﺎن ،واﻟﺒﺬاء ﻣﻦ اﻟﻨﻔﺎق«. وﺣﺪﺛﻨﺎ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ،ﻋﻦ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﻄﺮف ،ﻋﻦ ﻋﺒﺪ ﷲ ﺑﻦ ﻳﺤﻴﻰ ،ﻋﻦ أﺑﻴﻪ ،ﻋﻦ ﻣﺎﻟﻚ ،ﻋﻦ ﺳﻠﻤﺔ ﺑﻦ َ ﺻﻔﻮان اﻟﺰرﻗﻲ ،ﻋﻦ زﻳﺪ ﺑﻦ ﻃﻠﺤﺔ ﺑﻦ ُرﻛﺎﻧﺔ ﻳﺮﻓﻌﻪ إﱃ رﺳﻮل ﷲ ﻠﻖُ ، وﺧ ُ ﷺ أﻧﻪ ﻗﺎل» :ﻟﻜﻞ دﻳﻦ ُﺧ ٌ ﻠﻖ اﻹﺳﻼم اﻟﺤﻴﺎءُ«. ﻓﻬﺬه اﻷﺳﺒﺎب اﻟﺜﻼﺛﺔ أﺻﻠﻬﺎ ﻣﻦ ا ُملﺤﺐ ،واﺑﺘﺪاؤﻫﺎ ﻣﻦ ﻗِ ﺒَﻠﻪ ،واﻟﺪم ﻻﺻﻖ ﺑﻪ ﰲ ﻧﺴﻴﺎﻧﻪ ملﻦ ﻳُﺤﺐ. ﺛﻢ ﻣﻨﻬﺎ أﺳﺒﺎب أرﺑﻌﺔ ُﻫﻦ ﻣﻦ ﻗِ ﺒﻞ املﺤﺒﻮب ،وأﺻﻠﻬﺎ ﻋﻨﺪه ،ﻓﻤﻨﻬﺎ :اﻟﻬﺠﺮ ،وﻗﺪ ﻣ ﱠﺮ ﺗﻔﺴري وﺟﻮﻫﻪ ،وﻻ ﺑﺪ ﻟﻨﺎ أن ﻧﻮرد ﻣﻨﻪ ﺷﻴﺌًﺎ ﰲ ﻫﺬا اﻟﺒﺎب ﻳﻮاﻓﻘﻪ ،واﻟﻬﺠﺮ إذا ﺗﻄﺎول وﻛﺜُﺮ اﻟﻌﺘﺎب واﺗﺼﻠﺖ املﻔﺎرﻗﺔ ﻳﻜﻮن ﺑﺎﺑًﺎ إﱃ اﻟﺴﻠﻮ .وﻟﻴﺲ ﻣَ ﻦ وﺻﻠﻚ ﺛﻢ َﻗﻄﻌﻚ ﻟﻐريك ﻣﻦ ﺑﺎب اﻟﻬَ ﺠﺮ ﰲ ﳾء؛ ﻷﻧﻪ اﻟﻐﺪر اﻟﺼﺤﻴﺢ ،وﻻ ﻣَ ﻦ ﻣَ ﺎل إﱃ ﻏريك دون أن ﻳﺘﻘﺪﱠم ﻟﻚ ﻣﻌﻪ ِﺻ ٌﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﻬَ ﺠﺮ ً أﻳﻀﺎ ﰲ ﳾء ،إﻧﻤﺎ ذاك ﻫﻮ اﻟﻨﱢﻔﺎر — وﺳﻴﻘﻊ اﻟﻜﻼ ُم ﰲ ﻫﺬﻳﻦ َﺻﻠﻚ ﺛﻢ ﻗ َ اﻟﻔﺼﻠني ﺑﻌﺪ ﻫﺬا إن ﺷﺎء ﷲ ﺗﻌﺎﱃ — ﻟﻜﻦ اﻟﻬﺠﺮ ﻣﻤﻦ و َ واش، ﻄﻌﻚ ﻟﺘﻨﻘﻴﻞ ٍ أو ﻟﺬﻧﺐ واﻗﻊ ،أو ﻟﴚء ﻗﺎم ﰲ اﻟﻨﻔﺲ ،وﻟﻢ ﻳَﻤِ ﻞ إﱃ ﺳﻮاك ،وﻻ أﻗﺎم أﺣﺪًا ﻏريك ﻣﻘﺎﻣﻚ. واﻟﻨﺎﳼ ﰲ ﻫﺬا اﻟﻔﺼﻞ ﻣﻦ ا ُملﺤﺒني ﻣﻠﻮم دون ﺳﺎﺋﺮ اﻷﺳﺒﺎب اﻟﻮاﻗﻌﺔ ﻣﻦ املﺤﺒﻮب؛ ﻷﻧﻪ ﻻ ﺗﻘﻊ ﺣﺎﻟﺔ ﺗُﻘﻴﻢ اﻟﻌﺬر ﰲ ﻧﺴﻴﺎﻧﻪ ،وإﻧﻤﺎ ﻫﻮ راﻏﺐ ﻋﻦ وَﺻﻠﻚ ،وﻫﻮ ﳾء ﻻ ﻳﻠﺰﻣﻪ .وﻗﺪ ﺗﻘﺪم ﻣﻦ أذﻣﱠ ﺔ اﻟﻮﺻﺎل وﺣﻖ أﻳﺎﻣﻪ ﻣﺎ ﻳﻠﺰم اﻟﺘﺬﻛﺮ ،وﻳﻮﺟﺐ ﻋﻬﺪ اﻷﻟﻔﺔ ،وﻟﻜﻦ اﻟﺴﺎﱄ َ ﻋﲆ ﺟﻬﺔ اﻟﺘﺼﱪ واﻟﺘﺠ ﱡﻠﺪ ﻫﺎ ﻫﻨﺎ ﻣﻌﺬور ،إذا رأى اﻟﻬﺠﺮ ﻣﺘﻤﺎدﻳًﺎ ،وﻟﻢ ﻳ َﺮ ﻟﻠﻮﺻﺎل ﻋﻼﻣﺔ ،وﻻ ﻟﻠﻤﺮاﺟﻌﺔ دﻻﻟﺔ .وﻗﺪ اﺳﺘﺠﺎز ﻛﺜري ﻣﻦ اﻟﻨﺎس أن ﻳُﺴﻤﱡ ﻮا ﻫﺬا املﻌﻨﻰ ﻋﺬ ًرا؛ إذ ﻇﺎﻫﺮﻫﻤﺎ واﺣﺪ ،وﻟﻜﻦ ﻋ ﱠﻠﺘﻴﻬﻤﺎ ﻣﺨﺘﻠﻔﺘﺎن؛ ﻓﻠﺬﻟﻚ ﻓ ﱠﺮﻗﻨﺎ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﰲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ .وأﻗﻮل ﰲ ذﻟﻚ ﺷﻌ ًﺮا، ﻣﻨﻪ: َﻓ ُﻜﻮﻧ ُﻮا َﻛﻤَ ْﻦ َﻟ ْﻢ أَد ِْر َﻗ ﱡ ﻂ َﻓ ِﺈﻧ ﱠ ِﻨﻲ أَﻧ َﺎ َﻛﺎﻟ ﱠ ﺼﺪَى ﻣَ ﺎ َﻗﺎ َل ُﻛﻞ أ ُ ِﺟﻴﺒُ ُﻪ َﻛ َ ﺂﺧ َﺮ َﻟ ْﻢ ﺗَ ْﺪ ُروا َو َﻟ ْﻢ ﺗَ ِﺼ ﻠُ ﻮ ُه َﻓﻤَ ﺎ ِﺷﺌْﺘُ ُﻤﻮ ُه اﻟﻴَ ْﻮ َم َﻓﺎﻋْ ﺘَ ِﻤﺪُو ُه 135 ﻃﻮق اﻟﺤﻤﺎﻣﺔ ﰲ اﻷ ُ َ ﻟﻔﺔِ واﻷ ُ ﱠﻻف ً وأﻗﻮل ً ﻗﻄﻌﺔ ،ﺛﻼﺛﺔ أﺑﻴﺎت ﻗﻠﺘُﻬﺎ وأﻧﺎ ﻧﺎﺋﻢ ،واﺳﺘﻴﻘﻈﺖ ﻓﺄﺿﻔﺖ إﻟﻴﻬﺎ اﻟﺒﻴﺖ أﻳﻀﺎ اﻟﺮاﺑﻊ: أَﻋَ ﱡﺰ ﻋَ َﻠ ﱠﻲ ِﻣ ْﻦ ُروﺣِ ﻲ وَأ َ ْﻫ ِﻠ ﻲ ﻃ ﻮَا َك ﺑَ ﻨ َ ﺎﻧ ُ ﻬَ ﺎ َ َ ﻃ ﱠﻲ اﻟ ﱢﺴ ِﺠ ﱢﻞ َﺳ َﻘ ﺎ ِﻧ ﻲ اﻟ ﺤُ ﺐﱠ و ْ َﺻ ﻠُ ُﻜ ُﻢ ِﺑ َﺴ ﺠْ ِﻞ َو ُ ﻃ ﻮ َل اﻟ ﻬَ ﺠْ ِﺮ أ َ ْ ﺻ ًﻼ ِﻟ ﻠ ﺘﱠ َﺴ ﱢﻠ ﻲ أ َ َﻻ ﻟ ﻠ ﻪ د َْﻫ ٌﺮ ُﻛ ﻨ ْ ُﺖ ﻓِ ﻴ ِﻪ ان ﺣَ ﺘﱠ ﻰ َﻓ ﻤَ ﺎ ﺑَ ﺮﺣَ ْﺖ ﻳَ ُﺪ اﻟ ﻬ ﺠْ َﺮ ِ َﺳ َﻘﺎ ِﻧﻲ اﻟ ﱠ ﺼﺒْ َﺮ ﻫﺠ ُﺮ ُﻛ ُﻢ َﻛﻤَ ﺎ َﻗ ْﺪ وَﺟَ ﺪ ُ َﺻ َﻞ أ َ ْ ْت اﻟﻮ ْ ﺻ َﻞ اﻟﻮَﺟْ ِﺪ ﺣَ ٍّﻘﺎ ً وأﻗﻮل ً ﻗﻄﻌﺔ: أﻳﻀﺎ أ َ ْن َﺳﻮ َ ْف ﺗَ ْﺴﻠُﻮ ﻣَ ْﻦ ﺗَﻮَد َﻻ َﻛ َ ﺎن ذَا أَﺑَ ﺪ اﻷَﺑَ ﺪ َان ﺑُ ﺪ ﻣَ ﻌَ ُﻪ ِﻣ َﻦ اﻟ ﱡﺴ ْﻠ ﻮ ِ ﺎع ِﻟ ﺒُ ْﺮﺋِ ﻲ ُﻣ ﺠْ ﺘَ ِﻬ ﺪ َﺳ ٍ َ َو ُﻛ ﻨ ْ ُﺖ أﻋْ ﺠَ ﺐُ ِﻟ ْﻠ ﺠَ َﻠ ﺪ ﺗَ ﺤْ َﺖ اﻟ ﱠﺮﻣَ ﺎدِ َﻟ ﻬَ ﺎ ﻣَ ﺪَد َﻟ ْﻮ ﻗِ ﻴ َﻞ ِﻟ ﻲ ِﻣ ْﻦ َﻗﺒْﻞ ذَا َﻓ ﺤَ َﻠ ْﻔ ُﺖ أ َ ْﻟ َ ﻒ َﻗ َﺴ ﺎﻣَ ٍﺔ َوإِذَا َ ﻃ ِﻮﻳ ُﻞ اﻟ ﻬَ ﺠْ ِﺮ ﻣَ ﺎ ﻟ ﻠ ﻪ ﻫ ﺠ ُﺮك إِﻧ ﱠ ُﻪ َﻓ َ ﺎﻵن أَﻋْ ﺠَ ﺐُ ِﻟ ﻠ ﺴ ﻠُ ﱢﻮ وَأ َ َرى َﻫ ﻮَاك َﻛ ﺠَ ﻤْ َﺮ ٍة وأﻗﻮل: َﻓ َﻠ َﻘ ْﺪ أ َ َر َ اﻫ ﺎ ﻧ َ ﺎ َر إِﺑْ َﺮاﻫِ ﻴ ﻤَ ﺎ َﻛﺎﻧ َ ْﺖ ﺟَ ﻬَ ﻨ ﱠ ُﻢ ﻓِ ﻲ اﻟﺤَ َﺸﺎ ِﻣ ْﻦ ﺣُ ﺒﱢ ُﻜ ْﻢ ﺛﻢ اﻷﺳﺒﺎب اﻟﺜﻼﺛﺔ اﻟﺒﺎﻗﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﻣﻦ ﻗِ ﺒَﻞ املﺤﺒﻮب ،ﻓﺎملﺘﺼﱪ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﻓﻴﻬﺎ ﻏري ﻓﺼﻞ ﻣﻨﻬﺎ. ﻣﺬﻣﻮم؛ ملﺎ ﺳﻨُﻮرده — إن ﺷﺎء ﷲ — ﰲ ﻛﻞ ٍ ﻓﻤﻨﻬﺎ ﻧِﻔﺎ ٌر ﻳﻜﻮن ﰲ املﺤﺒﻮب واﻧﺰواء ﻗﺎﻃﻊ ﻟﻸﻃﻤﺎع. ﺧﱪ ً وإﻧﻲ ﻷﺧﱪ ﻋﻨﱢﻲ أﻧﻲ أﻟﻔﺖ ﰲ أﻳﺎم ﺻﺒﺎي َ ﺟﺎرﻳﺔ ﻧﺸﺄت ﰲ دارﻧﺎ ،وﻛﺎﻧﺖ ﰲ أﻟﻔﺔ املﺤﺒﺔ ﺑﻨﺖ ﺳﺘﺔ ﻋﴩَ ﻋﺎﻣً ﺎ ،وﻛﺎﻧﺖ ً ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ َ ﻏﺎﻳﺔ ﰲ ﺣُ ﺴﻦ وﺟﻬﻬﺎ وﻋﻘﻠﻬﺎ وﻋﻔﺎﻓﻬﺎ وﻃﻬﺎرﺗﻬﺎ َ وﺧ َﻔﺮﻫﺎ ودَﻣﺎﺛﺘﻬﺎ ،ﻋﺪﻳﻤﺔ اﻟﻬﺰل ،ﻣﻨﻴﻌﺔ اﻟﺒَﺬل ،ﺑﺪﻳﻌﺔ اﻟ ِﺒ ْﴩ ،ﻣ ُْﺴﺒﻠﺔ اﻟﺴﱰ؛ ﻓﻘﻴﺪ َة اﻟﺬام، 136 ﺑﺎب اﻟﺴﻠﻮ ﻗﻠﻴﻠﺔ اﻟﻜﻼم ،ﻣﻐﻀﻮﺿﺔ اﻟﺒﴫ ،ﺷﺪﻳﺪة اﻟﺤﺬر ،ﻧﻘﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﻴﻮب ،داﺋﻤﺔ اﻟﻘﻄﻮب ،ﺣﻠﻮة اﻹﻋﺮاض ،ﻣﻄﺒﻮﻋﺔ اﻻﻧﻘﺒﺎض ،ﻣﻠﻴﺤﺔ اﻟﺼﺪود ،رزﻳﻨﺔ اﻟﻌﻘﻮد ،ﻛﺜرية اﻟﻮﻗﺎر ،ﻣﺴﺘﻠﺬة ِ املﻄﺎﻣﻊ ﻋﻠﻴﻬﺎ ،وﻻ ﻣﻌﺮس ﻟﻸﻣﻞ ﻟﺪﻳﻬﺎ ،ﻓﻮﺟﻬﻬﺎ اﻟﻨﻔﺎر ،ﻻ ﺗﻮﺟﻪ اﻷراﺟﻲ ﻧﺤﻮﻫﺎ ،وﻻ ﺗﻘﻒ ﺟﺎﻟﺐٌ ﻛﻞ اﻟﻘﻠﻮب ،وﺣﺎﻟُﻬﺎ ﻃﺎرد ﻣَ ﻦ أﻣﱠ ﻬﺎ ،ﺗﺰدان ﰲ املﻨﻊ واﻟﺒﺨﻞ ﻣﺎ ﻻ ﻳﺰدان ﻏريﻫﺎ ﺑﺎﻟﺴﻤﺎﺣﺔ واﻟﺒﺬل ،ﻣﻮﻗﻮﻓﺔ ﻋﲆ اﻟﺠﺪ ﰲ أﻣﺮﻫﺎ ،ﻏري راﻏﺒﺔ ﰲ اﻟﻠﻬﻮ ،ﻋﲆ أﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺤﺴﻦ اﻟﻌﻮد إﺣﺴﺎﻧًﺎ ﺟﻴﺪًا. ﻓﺠﻨﺤﺖ إﻟﻴﻬﺎ وأﺣﺒﺒﺘﻬﺎ ﺣﺒٍّﺎ ﻣﻔﺮ ً ُ ﻃﺎ ﺷﺪﻳﺪًا ،ﻓﺴﻌﻴﺖ ﻋﺎﻣني أو ﻧﺤﻮﻫﻤﺎ أن ﺗﺠﻴﺒﻨﻲ ً ﻟﻔﻈﺔ ﻏري ﻣﺎ ﻳﻘﻊ ﰲ اﻟﺤﺪﻳﺚ اﻟﻈﺎﻫﺮ إﱃ ﻛﻞ ﺳﺎﻣﻊ ﺑﺄﺑﻠﻎ ﱠ اﻟﺴﻌﻲ؛ ﺑﻜﻠﻤﺔ ،وأﺳﻤﻊ ِﻣﻦ ﻓﻴﻬﺎ ﻓﻤﺎ وﺻﻠﺖ ﻣﻦ ذﻟﻚ إﱃ ﳾء اﻟﺒﺘﺔ .ﻓﻠﻌﻬﺪي ﺑﻤُﺼﻄﻨﻊ ﻛﺎن ﰲ دارﻧﺎ ﻟﺒﻌﺾ ﻣﺎ ﻳﺼﻄﻨﻊ ﻟﻪ ﰲ دُور اﻟﺮؤﺳﺎء ،ﺗﺠﻤﱠ ْ ﻌﺖ ﻓﻴﻪ دﺧﻠﺘُﻨﺎ ودﺧﻠﺔ أﺧﻲ — رﺣﻤﻪ ﷲ — ﻣﻦ اﻟﻨﺴﺎء وﻧﺴﺎء ُ ﱡ ﻓﺘﻴﺎﻧﻨﺎ وﻣﻦ َ وﻳﻠﻄﻒ ﻣﺤﻠﻪ ،ﻓﻠﺒﺜﻦ ﺻﺪ ًرا ﻣﻦ ﻳﺨﻒ ﻣﻮﺿﻌﻪ ﻻث ﺑﻨﺎ ِﻣﻦ َﺧﺪَﻣﻨﺎ ،ﻣﻤﻦ اﻟﻨﻬﺎر ﺛﻢ ﱠ ﺗﻨﻘ َ ﻠﻦ إﱃ ﻗﺼﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﰲ دارﻧﺎ ﻣﴩﻓﺔ ﻋﲆ ﺑﺴﺘﺎن اﻟﺪار ،وﻳﻄﻠﻊ ﻣﻨﻬﺎ ﻋﲆ ﺟﻤﻴﻊ ﻗﺮﻃﺒﺔ ُ وﻓﺤﻮﺻﻬﺎ ،ﻣﻔﺘﺤﺔ اﻷﺑﻮاب. ﻓﴫن ﻳﻨﻈﺮن ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﴩاﺟﻴﺐ وأﻧﺎ ﺑﻴﻨﻬﻦ ،ﻓﺈﻧﻲ ﻷذﻛﺮ أﻧﻲ ﻛﻨﺖ أﻗﺼﺪ ﻧﺤﻮ ﻧﺴﺎ ﺑﻘﺮﺑﻬﺎ ،ﻣُﺘﻌ ﱢﺮ ً اﻟﺒﺎب اﻟﺬي ﻫﻲ ﻓﻴﻪ أ ُ ً ﺿﺎ ﻟﻠﺪﻧﻮ ﻣﻨﻬﺎ ،ﻓﻤﺎ ﻫﻮ إﻻ أن ﺗﺮاﻧﻲ ﰲ ﺟﻮارﻫﺎ ﻓﺘﱰك ذﻟﻚ اﻟﺒﺎب وﺗﻘﺼﺪ ﻏريه ﰲ ﻟُﻄﻒ اﻟﺤﺮﻛﺔ ،ﻓﺄﺗﻌﻤﺪ أﻧﺎ اﻟﻘﺼﺪ إﱃ اﻟﺒﺎب اﻟﺬي ﺻﺎرت ْ ﻋﻠﻤﺖ َﻛ َﻠﻔﻲ ﺑﻬﺎ ،وﻟﻢ إﻟﻴﻪ ،ﻓﺘﻌﻮد إﱃ ﻣﺜﻞ ذﻟﻚ اﻟﻔﻌﻞ ِﻣﻦ اﻟﺰوال إﱃ ﻏريه .وﻛﺎﻧﺖ ﻗﺪ ﻳﺸﻌﺮ ﺳﺎﺋﺮ اﻟﻨﺴﻮان ﺑﻤﺎ ﻧﺤﻦ ﻓﻴﻪ ﻷﻧﻬﻦ ﻛﻦ ﻋﺪدًا ﻛﺜريًا ،وإذ ﻛﻠﻬﻦ ﱠ ﻳﺘﻨﻘﻠﻦ ﻣﻦ ﺑﺎب إﱃ ﻃﻼع ﻣﻦ ﺑﻌﺾ اﻷﺑﻮاب ﻋﲆ ﺟﻬﺎت ﻻ ﻳُ ﱠ ﺑﺎب ﻟﺴﺒﺐ اﻻ ﱢ ﻄﻠﻊ ﻣﻦ ﻏريﻫﺎ ﻋﻠﻴﻬﺎ — واﻋﻠﻢ أن ﻗﻴﺎﻓﺔ اﻟﻨﺴﺎء ﻓﻴﻤﻦ ﻳﻤﻴﻞ إﻟﻴﻬﻦ أﻧﻔﺬ ﻣﻦ ﻗﻴﺎﻓﺔ ﻣُﺪﻟﺞ ﰲ اﻵﺛﺎر — ﺛﻢ ﻧﺰﻟﻦ إﱃ اﻟﺒﺴﺘﺎن، ﻓﺮﻏﺐ ﻋﺠﺎﺋﺰﻧﺎ وﻛﺮاﺋﻤﻨﺎ إﱃ ﺳﻴﺪﺗﻬﺎ ﰲ ﺳﻤﺎع ﻏﻨﺎﺋﻬﺎ ،ﻓﺄﻣﺮﺗﻬﺎ ،ﻓﺄﺧﺬت اﻟﻌﻮد وﺳﻮﱠﺗﻪ ﺑﺨ َﻔﺮ َ َ وﺧﺠَ ﻞ ﻻ ﻋﻬ َﺪ ﱄ ﺑﻤﺜﻠﻪ ،وإن اﻟﴚء ﻳﺘﻀﺎﻋﻒ ﺣُ ﺴﻨُﻪ ﰲ ﻋني ﻣُﺴﺘﺤﺴﻨﻪ ،ﺛﻢ اﻧﺪﻓﻌﺖ ﺗﻐﻨﻲ ﺑﺄﺑﻴﺎت اﻟﻌﺒﺎس ﺑﻦ اﻷﺣﻨﻒ ﺣﻴﺚ ﻳﻘﻮل: َﻛ ﺎﻧ َ ْﺖ ﻣَ َﻐ ِﺎرﺑُ ﻬَ ﺎ ﺟَ ﻮ َ ْف اﻟ ﻤَ َﻘ ِ ﺎﺻ ﻴ ِﺮ ﻃ ﱡﻲ اﻟ ﱠ ﻄ َﺎﻓ ﻬَ ﺎ َ َﻛ ﺄ َ ﱠن أَﻋْ َ ﻄ ﻮ َِاﻣ ﻴ ِﺮ و ََﻻ ِﻣ َﻦ اﻟ ِﺠ ﱢﻦ إ ِ ﱠﻻ ﻓِ ﻲ اﻟ ﺘﱠ َ ﺼ ِﺎوﻳ ِﺮ إِﻧ ﱢﻲ َ ﻃ ِﺮﺑْ ُﺖ إ ِ َﻟ ﻰ َﺷ ﻤْ ٍﺲ إِذَا َﻏ َﺮﺑَ ْﺖ َﺷ ﻤْ ٌﺲ ُﻣ ﻤَ ﺜ ﱠ َﻠ ٌﺔ ﻓِ ﻲ ُﺧ ْﻠ ِﻖ ﺟَ ِﺎرﻳَ ٍﺔ َﻟ ﻴْ َﺴ ْﺖ ِﻣ َﻦ ا ِﻹﻧ ْ ِﺲ إ ِ ﱠﻻ ﻓِ ﻲ ُﻣ ﻨ َ َ ﺎﺳ ﺒَ ٍﺔ 137 ﻃﻮق اﻟﺤﻤﺎﻣﺔ ﰲ اﻷ ُ َ ﻟﻔﺔِ واﻷ ُ ﱠﻻف َﻓ ﺎﻟ ﻮَﺟْ ُﻪ ﺟَ ﻮ َْﻫ َﺮ ٌة ،وَاﻟ ِﺠ ْﺴ ُﻢ ﻋَ ﺒْ ﻬَ َﺮ ٌة َﻛﺄَﻧ ﱠﻬَ ﺎ ﺣِ ﻴ َﻦ ﺗَ ْﺨ ُ ﻄﻮ ﻓِ ﻲ ﻣَ ﺠَ ِ ﺎﺳﺪ َِﻫﺎ ﻮر وَاﻟ ﱢﺮﻳ ﺢُ ﻋَ ﻨ ْ ﺒَ َﺮ ٌة ،وَاﻟ ُﻜ ﱡﻞ ِﻣ ْﻦ ﻧ ُ ِ ﺗَ ْﺨ ُ ﻄﻮ ﻋَ َﻠﻰ اﻟ ِﺒﻴ ِﺾ أ َ ْو ﺣَ ﱢﺪ اﻟ َﻘﻮ َِارﻳ ِﺮ ﻓﻠﻌﻤﺮي ﻟﻜﺄن املِ ﴬاب إﻧﻤﺎ ﻳﻘﻊ ﻋﲆ ﻗﻠﺒﻲ ،وﻣﺎ ﻧﺴﻴﺖ ذﻟﻚ اﻟﻴﻮم وﻻ أﻧﺴﺎه إﱃ ﻳﻮم ﻣﻔﺎرﻗﺘﻲ اﻟﺪﻧﻴﺎ .وﻫﺬا أﻛﺜﺮ ﻣﺎ وﺻﻠﺖ إﻟﻴﻪ ﻣﻦ اﻟﺘﻤ ﱡﻜﻦ ﻣﻦ رؤﻳﺘﻬﺎ وﺳﻤﺎع ﻛﻼﻣﻬﺎ ،وﰲ ذﻟﻚ أﻗﻮل: َﻻ ﺗَﻠُﻤْ ﻬَ ﺎ ﻋَ َﻠﻰ اﻟﻨ ﱢ َﻔﺎر وَﻣَ ﻨ ْ ِﻊ اﻟـ َﻫ ْﻞ ﻳَ ُﻜﻮ ُن اﻟ ِﻬ َﻼ ُل َﻏﻴْ َﺮ ﺑَﻌِ ﻴ ٍﺪ ـﻮ ْ َﺻ ِﻞ ﻣَ ﺎ َﻫ ﺬَا َﻟ ﻬَ ﺎ ِﺑ ﻨ َ ِﻜ ﻴ ِﺮ ُ َ َ ﻮر أ َ ْو ﻳَ ُﻜ ﻮ ُن اﻟ ﻐ َﺰا ُل ﻏ ﻴْ َﺮ ﻧ َﻔ ِ وأﻗﻮل: َو َﻟ ْﻔ ُ ﻈﻚِ َﻗ ْﺪ َ ﺿﻨ َﻨ ْ ِﺖ ِﺑ ِﻪ ﻋَ ﻠﻴﱠﺎ َﻓ َﻠ ْﺴ ِﺖ ﺗُ َﻜ ﱢﻠ ِﻤﻴ َﻦ اﻟﻴَ ْﻮ َم ﺣَ ﻴﱠﺎ ﺎس َﻫ ِﻨ ﻴﱠ ﺎ َﻫ ِﻨ ﻴ ﺌً ﺎ ذَا ِﻟ ﻌَ ﺒﱠ ٍ ِﻟ َﻔ ﻮ ٍْز َﻗ ﺎ ِﻧ ﻴً ﺎَ ،و ِﺑ ُﻜ ْﻢ َﺷ ِﺠ ﻴﱠ ﺎ ﻣَ ﻨ َﻌْ ِﺖ ﺟَ ﻤَ ﺎ َل وَﺟْ ِﻬﻚِ ُﻣ ْﻘ َﻠﺘَﻴﱠﺎ أ َ َراكِ ﻧ َﺬَ ْر ِت ِﻟﻠ ﱠﺮﺣْ ﻤَ ِﻦ َ ﺻﻮْﻣً ﺎ ﺎس ِﺷﻌْ ًﺮا و ََﻗ ْﺪ َﻏﻨ ﱠﻴْ ِﺖ ِﻟﻠﻌَ ﺒﱠ ِ َﻓ َﻠ ْﻮ ﻳَ ْﻠ َﻘﺎكِ ﻋَ ﺒﱠﺎس َﻷ َ ْ ﺿﺤَ ﻰ ﺛﻢ اﻧﺘﻘﻞ أﺑﻲ — رﺣﻤﻪ ﷲ — ﻣﻦ دُورﻧﺎ املﺤﺪﺛﺔ ﺑﺎﻟﺠﺎﻧﺐ اﻟﴩﻗﻲ ﻣﻦ ﻗﺮﻃﺒﺔ ﰲ رﺑﺾ اﻟﺰاﻫﺮة إﱃ دورﻧﺎ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﰲ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻟﻐﺮﺑﻲ ﻣﻦ ﻗﺮﻃﺒﺔ ﺑﺒﻼط ﻣﻐﻴﺚ ﰲ اﻟﻴﻮم اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻣﻦ ﻗﻴﺎم أﻣري املﺆﻣﻨني ﻣﺤﻤﺪ املﻬﺪي ﺑﺎﻟﺨﻼﻓﺔ ،واﻧﺘﻘﻠﺖ أﻧﺎ ﺑﺎﻧﺘﻘﺎﻟﻪ ،وذﻟﻚ ﰲ ﺟﻤﺎدى اﻵﺧﺮة ﺳﻨﺔ ﺗﺴﻊ وﺗﺴﻌني وﺛﻼﺛﻤﺎﺋﺔ ،وﻟﻢ ﺗﻨﺘﻘﻞ ﻫﻲ ﺑﺎﻧﺘﻘﺎﻟﻨﺎ ﻷﻣﻮر أوﺟﺒﺖ ذﻟﻚ، ﺛﻢ ُﺷﻐﻠﻨﺎ ﺑﻌ َﺪ ﻗﻴﺎم أﻣري املﺆﻣﻨني ﻫﺸﺎم املﺆﻳﺪ ﺑﺎﻟﻨﻜﺒﺎت وﺑﺎﻋﺘﺪاء أرﺑﺎب دوﻟﺘﻪ ،واﻣﺘُﺤﻨﱠﺎ ﺑﺎﻻﻋﺘﻘﺎل واﻟﱰﻗﻴﺐ واﻹﻏﺮام اﻟﻔﺎدح واﻻﺳﺘﺘﺎر ،وأ ْر َزﻣَ ﺖ اﻟﻔﺘﻨﺔ وأﻟﻘﺖ ﺑﺎﻋﻬﺎ وﻋﻤﱠ ﺖ اﻟﻨﺎس، ﺼﺘﻨﺎ إﱃ أن ﺗُ ﱢ َ وﺧ ﱠ ﻮﰲ أﺑﻲ اﻟﻮزﻳﺮ — رﺣﻤﻪ ﷲ — وﻧﺤﻦ ﰲ ﻫﺬه اﻷﺣﻮال ﺑﻌﺪ اﻟﻌﴫ ﻳﻮ َم اﻟﺴﺒﺖ ﻟﻠﻴﻠﺘني ﺑﻘﻴﺘﺎ ﻣﻦ ذي اﻟﻘﻌﺪة ﻋﺎم اﺛﻨني وأرﺑﻌﻤﺎﺋﺔ. واﺗﺼﻠﺖ ﺑﻨﺎ ﺗﻠﻚ اﻟﺤﺎل ﺑﻌﺪه إﱃ أن ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﺟﻨﺎزة ﻟﺒﻌﺾ أﻫﻠﻨﺎ ﻓﺮأﻳﺘﻬﺎ ،وﻗﺪ ً ﻗﺎﺋﻤﺔ ﰲ املﺄﺗﻢ وﺳﻂ اﻟﻨﺴﺎء ﰲ ﺟﻤﻠﺔ اﻟﺒﻮاﻛﻲ واﻟﻨﻮادب .ﻓﻠﻘﺪ أﺛﺎرت ارﺗﻔﻌﺖ اﻟﻮاﻋﻴﺔ، وَﺟﺪًا دﻓﻴﻨًﺎ ،وﺣ ﱠﺮﻛﺖ ﺳﺎﻛﻨًﺎ ،وذﻛﺮﺗﻨﻲ ﻋﻬﺪًا ﻗﺪﻳﻤً ﺎ ،وﺣُ ﺒٍّﺎ ﺗﻠﻴﺪًا ،ودﻫ ًﺮا ﻣﺎﺿﻴًﺎ ،وزﻣﻨﺎً ﻋﺎﻓﻴًﺎ ،وﺷﻬﻮ ًرا ﺧﻮاﱄ ،وأﺧﺒﺎ ًرا ﺑﻮاﱄ ،ودﻫﻮ ًرا ﻓﻮاﻧﻲ ،وأﻳﺎﻣً ﺎ ﻗﺪ ذﻫﺒﺖ ،وآﺛﺎ ًرا ﻗﺪ دﺛﺮت، 138 ﺑﺎب اﻟﺴﻠﻮ وﺟﺪﱠدت أﺣﺰاﻧﻲ ،وﻫﻴﱠﺠﺖ ﺑﻼﺑﲇ ،ﻋﲆ أﻧﻲ ﻛﻨﺖ ﰲ ذﻟﻚ اﻟﻨﻬﺎر ﻣُﺮزأ ً ﻣُﺼﺎﺑًﺎ ﻣﻦ وﺟﻮه ،وﻣﺎ ﱠ وﺗﻮﻗﺪت اﻟﻠﻮﻋﺔ ،وﺗﺄﻛﺪ اﻟﺤﺰن ،وﺗﻀﺎﻋﻒ اﻷﺳﻒ ،واﺳﺘﺠﻠﺐ ﻛﻨﺖ ﻧﺴﻴﺖ وﻟﻜﻦ زاد اﻟﺸﺠﺎ، ً اﻟﻮﺟﺪ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻣﻨﻪ ﻛﺎﻣﻨًﺎ ﻓﻠﺒﱠﺎه ﻣﺠﻴﺒًﺎ ،ﻓﻘﻠﺖ ﻗﻄﻌﺔ ،ﻣﻨﻬﺎ: َ ﻮع اﻟﺬﱠو َِار ِ ف َو َﻟ ْﻠﺤَ ﱡﻲ أ ْو َﻟﻰ ِﺑﺎﻟ ﱡﺪ ُﻣ ِ ﻮل ُ ﻇ ْﻠﻤً ﺎ ِﺑ ِ ﺂﺳ ِﻒ وَﻣَ ﺎ َﻫ ُﻮ ِﻟ ْﻠﻤَ ْﻘﺘُ ِ ﻳُﺒَ ﱢﻜ ﻲ ِﻟ ﻤَ ﻴ ٍﺖ ﻣَ َ ﺎت و َْﻫ َﻮ ُﻣ َﻜ ﱠﺮ ٌم َﻓﻴَﺎ ﻋَ ﺠَ ﺒًﺎ ِﻣ ْﻦ ِ آﺳ ٍﻒ ِﻻﻣْ ِﺮ ٍئ ﺛ َﻮَى ﺛﻢ ﴐب اﻟﺪﻫ ُﺮ ﴐﺑﺎﻧَﻪ وأُﺟﻠﻴﻨﺎ ﻋﻦ ﻣﻨﺎزﻟﻨﺎ َ ُ ﻓﺨﺮﺟﺖ ﻋﻦ وﺗﻐ ﱠﻠﺐ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺟﻨﺪ اﻟﱪﺑﺮ، أرﺑﻊ وأرﺑﻌﻤﺎﺋﺔ ،وﻏﺎﺑﺖ ﻋﻦ ﺑﴫي ﺑﻌﺪ ﺗﻠﻚ اﻟﺮؤﻳﺔ اﻟﻮاﺣﺪة ﺳﺘﺔ ﻗﺮﻃﺒﺔ أول املﺤﺮم ﺳﻨﺔ ٍ أﻋﻮام وأﻛﺜﺮ ،ﺛﻢ دﺧﻠﺖ ﻗﺮﻃﺒﺔ ﰲ ﺷﻮال ﺳﻨﺔ ﺗﺴﻊ وأرﺑﻌﻤﺎﺋﺔ ،ﻓﻨﺰﻟﺖ ﻋﲆ ﺑﻌﺾ ﻧﺴﺎﺋﻨﺎ ﻓﺮأﻳﺘﻬﺎ ﻫﻨﺎﻟﻚ ،وﻣﺎ ﻛﺪت أن أﻣﻴﺰﻫﺎ ﺣﺘﻰ ﻗﻴﻞ ﱄ ﻫﺬه ﻓﻼﻧﺔ .وﻗﺪ ﺗﻐري أﻛﺜﺮ ﻣﺤﺎﺳﻨﻬﺎ، وذﻫﺒﺖ ﻧَﻀﺎرﺗﻬﺎ ،وﻓﻨﻴﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﺒﻬﺠﺔ ،وﻏﺎض ذﻟﻚ املﺎء اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳُﺮى ﻛﺎﻟﺴﻴﻒ اﻟﺼﻘﻴﻞ واملﺮآة اﻟﻬﻨﺪﻳﺔ ،وذﺑُﻞ ذﻟﻚ اﻟﻨﻮار اﻟﺬي ﻛﺎن اﻟﺒﴫ ﻳﻘﺼﺪ ﻧﺤﻮه ﻣﺘﻨﻮ ًرا ،وﻳﺮﺗﺎد ﻓﻴﻪ ﻣﺘﺨريًا ،وﻳﻨﴫف ﻋﻨﻪ ﻣﺘﺤريًا. ﻓﻠﻢ َ ﻳﺒﻖ إﻻ اﻟﺒﻌﺾ ا ُملﻨﺒﺊ ﻋﻦ اﻟﻜﻞ ،واﻟﺨﱪ املﺨﱪ ﻋﻦ اﻟﺠﻤﻴﻊ ،وذﻟﻚ ﻟﻘﻠﺔ اﻫﺘﺒﺎﻟﻬﺎ ﺑﻨﻔﺴﻬﺎ ،وﻋﺪﻣﻬﺎ اﻟﺼﻴﺎﻧﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ُﻏﺬﻳﺖ ﺑﻬﺎ أﻳﺎم دوﻟﺘﻨﺎ واﻣﺘﺪاد ﻇﻠﻨﺎ ،وﻟﺘﺒﺬﻟﻬﺎ ﰲ اﻟﺨﺮوج ﻓﻴﻤﺎ ﻻ ﺑُﺪ ﻟﻬﺎ ﻣﻨﻪ ﻣﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗُﺼﺎن وﺗُﺮﻓﻊ ﻋﻨﻪ ﻗﺒﻞ ذﻟﻚ .وإﻧﻤﺎ اﻟﻨﺴﺎء رﻳﺎﺣني ﻣﺘﻰ ﻟﻢ ﺗُﺘﻌﺎﻫﺪ ﻧﻘﺼﺖ ،وﺑﻨﻴﺔ ﻣﺘﻰ ﻟﻢ ﻳُﻬﺘﺒﻞ ﺑﻬﺎ اﺳﺘُﻬﺪﻣﺖ؛ وﻟﺬﻟﻚ ﻗﺎل ﻣﻦ ﻗﺎل :إن ً َ ً ﺑﻌﻀﻪ أﺻﻼ ،وأﻋﺘﻖ ﺟﻮد ًة؛ ﻟﺼﱪه ﻋﲆ ﻣﺎ ﻟﻮ ﻟﻘﻲ ﺻﺪﻗﺎ ،وأﺛﺒﺖ ﺣﺴﻦ اﻟﺮﺟﺎل أﺻﺪق وﺟﻮ ُه اﻟﻨﺴﺎء ﱠ ﻟﺘﻐريت أﺷﺪ اﻟﺘﻐري ،ﻣﺜﻞ اﻟﻬﺠري واﻟﺴﻤﻮم واﻟﺮﻳﺎح واﺧﺘﻼف اﻟﻬﻮاء وﻋﺪم وأﻧﺴﺖ ﱄ ﺑﻌﺾ اﻷﻧﺲ ُ ﱢ ُ ْ ﻮﻟﻄﺖ ﻃﺮﺑًﺎ ،أو ُمل ﱡﺖ ﻟﺨ اﻟﻜﻦ .وإﻧﻲ ﻟﻮ ِﻧ ْﻠ ُﺖ ﻣﻨﻬﺎ أﻗﻞ وﺻﻞ، ﻓﺮﺣً ﺎ ،وﻟﻜﻦ ﻫﺬا اﻟﻨﻔﺎر اﻟﺬي ﱠ ﺻﱪﻧﻲ وأﺳﻼﻧﻲ. وﻫﺬا اﻟﻮﺟﻪ ﻣﻦ أﺳﺒﺎب اﻟﺴﻠﻮ ﺻﺎﺣﺒﻪ ﰲ ﻛﻼ اﻟﻮﺟﻬني ﻣَ ﻌﺬور وﻏري ﻣﻠﻮم؛ إذ ﻟﻢ ﻳﻘﻊ ﺗﺜﺒﱡﺖ ﻳﻮﺟﺐ اﻟﻮﻓﺎء ،وﻻ ﻋﻬﺪ ﻳﻘﺘﴤ ا ُملﺤﺎﻓﻈﺔ ،وﻻ ﺳ َﻠﻒ ذﻣﺎم ،وﻻ ﻓﺮط ﺗﺼﺎدف ﻳُﻼم ﻋﲆ ﺗﻀﻴﻴﻌﻪ وﻧﺴﻴﺎﻧﻪ. وﻣﻨﻬﺎ ﺟﻔﺎء ﻳﻜﻮن ﻣﻦ املﺤﺒﻮب ،ﻓﺈذا أﻓﺮط ﻓﻴﻪ وأﴎف وﺻﺎدف ﻣﻦ املﺤﺐ ً ﻧﻔﺴﺎ ﻟﻬﺎ ﺑﻌﺾ اﻷﻟﻔﺔ واﻟﻌﺰة ﱠ ﺗﺴﲆ ،وإذا ﻛﺎن اﻟﺠﻔﺎء ﻳﺴريًا ﻣﻨﻘﻄﻌً ﺎ ،أو داﺋﻤً ﺎ ،أو ﻛﺒريًا ﻣﻨﻘﻄﻌً ﺎ؛ اﺣﺘﻤﻞ وأﻏﴣ ﻋﻠﻴﻪ ،ﺣﺘﻰ إذا ﻛﺜﺮ ودام ﻓﻼ ﺑﻘﺎء ﻋﻠﻴﻪ ،وﻻ ﻳُﻼم اﻟﻨﺎﳼ َملﻦ ﻳُﺤﺐﱡ ﰲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬا. 139 ﻃﻮق اﻟﺤﻤﺎﻣﺔ ﰲ اﻷ ُ َ ﻟﻔﺔِ واﻷ ُ ﱠﻻف وﻣﻨﻬﺎ اﻟﻐﺪر ،وﻫﻮ اﻟﺬي ﻻ ﻳﺤﺘﻤﻠﻪ أﺣﺪ ،وﻻ ﻳُﻐﴤ ﻋﻠﻴﻪ ﻛﺮﻳﻢ ،وﻫﻮ املﺴﻼة ٍّ ﺣﻘﺎ ،وﻻ ﱢ ﻣﺘﺼﱪًا ،ﺑﻞ اﻟﻼﺋﻤﺔ ﻻﺣﻘﺔ ملﻦ ﺻﱪ ﻋﻠﻴﻪ .وﻟﻮﻻ ﻳﻼم اﻟﺴﺎﱄ ﻋﻨﻪ ﻋﲆ أي وﺟﻪ ﻛﺎن ،ﻧﺎﺳﻴًﺎ أو ﱠ َ أن اﻟﻘﻠﻮب ﺑﻴﺪ ﻣُﻘ ﱢﻠﺒﻬﺎ ﻻ إﻟﻪ إﻻ ﻫﻮ ،وﻻ ﻳﻜﻠﻒ املﺮءُ ﴏف ﻗﻠﺒﻪ ،وﻻ إﺣﺎﻃﺔ اﺳﺘﺤﺴﺎﻧﻪ، ﻟﻮﻻ ذاك ﻟﻘﻠﺖ إن ا ُمل ﱢ ﺘﺼﱪ ﰲ ﺳﻠﻮﱢه ﻣﻊ اﻟﻐﺪر ﻳﻜﺎد أن ﻳﺴﺘﺤﻖ املﻼﻣﺔ واﻟﺘﻌﻨﻴﻒ .وﻻ أدْﻋَ ﻰ اﻟﻨﻔﺲ وذوي اﻟﺤﻔﻴﻈﺔ واﻟﴪيﱢ اﻟﺴﺠﺎﻳﺎ ﻣﻦ اﻟﻐﺪر ،ﻓﻤﺎ ﻳﺼﱪ ﻋﻠﻴﻪ إﱃ اﻟﺴﻠُ ﱢﻮ ﻋﻨﺪ اﻟﺤُ ﱢﺮ ِ ً ﻗﻄﻌﺔ ،ﻣﻨﻬﺎ: إﻻ دﻧﻲء املﺮوءة ،ﺧﺴﻴﺲ اﻟﻨﻔﺲ ،ﻧَﺬْل اﻟﻬﻤﺔ ،ﺳﺎﻗﻂ اﻷﻧﻔﺔ ،وﰲ ذﻟﻚ أﻗﻮل وَأَﻧ ْ ِﺖ ِﻟ ُﻜ ﱢﻞ ﻣَ ْﻦ ﻳَﺄ ْ ِﺗﻲ َﺳ ِﺮﻳﺮ َﻓ ﺤَ ْﻮ َﻟ ﻚِ ِﻣ ﻨ ْ ﻬُ ُﻢ ﻋَ َﺪ ٌد َﻛ ِﺜ ﻴ ﺮ ِﻟ َﻘﺎءَ َك َﺧﻮ َ ْف ﺟَ ﻤْ ﻌِ ِﻬ ُﻢ اﻷ َ ِﻣﻴ ُﺮ ﻳُ ِﻠ ﱡﻢ ِﺑ ﻬَ ﺎ َو َﻟ ْﻮ َﻛ ﺜ ُﺮوا ُﻏ ُﺮور َو َﻟ ْﻮ ﺣُ ِﺸ َﺪ اﻷَﻧ َﺎ ُم َﻟ ﻬُ ﻢ ﻧ َﻔِ ﻴ ﺮ َﻫ ﻮَاكِ َﻓ َﻠ ْﺴ ُﺖ أ َ ْﻗ َﺮﺑُ ُﻪ ﻏ ُﺮو ٌر وَﻣَ ﺎ إ ِ ْن ﺗَ ْ ﺼ ِﺒ ِﺮﻳ َﻦ ﻋَ َﻠﻰ ﺣَ ِﺒﻴ ٍﺐ َﻓ َﻠ ْﻮ ُﻛﻨ ْﺖ اﻷ َ ِﻣﻴﺮ َﻟﻤَ ﺎ ﺗَﻌَ ﺎ َ ﻃﻰ َرأَﻳْﺘُﻚِ َﻛﺎﻷَﻣَ ﺎ ِﻧﻲ ﻣَ ﺎ ﻋَ َﻠﻰ ﻣَ ْﻦ و ََﻻ ﻋَ ﻨ ْ ﻬَ ﺎ ِﻟ ﻤَ ْﻦ ﻳَ ﺄ ْ ِﺗ ﻲ دِ َﻓ ﺎ ٌع ﺛﻢ ﺳﺒﺐ ﺛﺎﻣﻦ ،وﻫﻮ ﻻ ﻣﻦ ا ُملﺤﺐ وﻻ ﻣﻦ املﺤﺒﻮب ،وﻟﻜﻨﻪ ﻣﻦ ﷲ ﺗﻌﺎﱃ؛ وﻫﻮ اﻟﻴﺄس، وﻓﺮوﻋﻪ ﺛﻼﺛﺔ :إﻣﺎ ﻣﻮت ،وإﻣﺎ ﺑَ ٌ ني ﻻ ﻳُﺮﺟَ ﻰ ﻣﻌﻪ أوﺑﺔ ،وإﻣﺎ ﻋﺎرض ﻳﺪﺧﻞ ﻋﲆ املﺘﺤﺎﺑﱠني ﺑﻌﻠﺔ املﺤﺐ اﻟﺘﻲ ﻣﻦ أﺟﻠﻬﺎ َوﺛِﻖ املﺤﺒﻮبُ ﻓﻴﻐريﻫﺎ. ﱡ واﻟﺘﺼﱪ ،وﻋﲆ املﺤﺐ اﻟﻨﺎﳼ ﰲ ﻫﺬا اﻟﻮﺟﻪ وﻛﻞ ﻫﺬه اﻟﻮﺟﻮه ﻣﻦ أﺳﺒﺎب اﻟﺴﻠﻮ ا ُملﻨﻘﺴﻢ إﱃ ﻫﺬه اﻷﻗﺴﺎم اﻟﺜﻼﺛﺔ ﻣﻦ َ اﻟﻐﻀﺎﺿﺔ واﻟﺬم واﺳﺘﺤﻘﺎق اﺳﻢ اﻟﻠﻮم واﻟﻐﺪر ﻏريُ ً ﻟﻌﻤﻼ ﰲ اﻟﻨﻔﻮس ﻋﺠﻴﺒًﺎ ،وﺛﻠﺠً ﺎ ﻟﺤ ﱢﺮ اﻷﻛﺒﺎد ﻛﺒريًا .وﻛﻞ ﻫﺬه اﻟﻮﺟﻮه ﻗﻠﻴﻞ ،وإن ﻟﻠﻴﺄس املﺬﻛﻮرة ً أوﻻ وآﺧ ًﺮا ﻓﺎﻟﺘﺄﻧﻲ ﻓﻴﻬﺎ واﺟﺐ ،واﻟﱰﺑﱡﺺ ﻋﲆ أﻫﻠﻬﺎ ﺣﺴﻦ ،ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﻓﻴﻪ اﻟﺘﺄﻧﻲ وﻳﺼﺢ ﻟﺪﻳﻪ اﻟﱰﺑﺺ ،ﻓﺈذا اﻧﻘﻄﻌﺖ اﻷﻃﻤﺎع ،واﻧﺤﺴﻤﺖ اﻵﻣﺎل ،ﻓﺤﻴﻨﺌ ٍﺬ ﻳﻘﻮم اﻟﻌﺬر. وﻟﻠﺸﻌﺮاء ﱞ اﻟﺒﺎﻛﻲ ﻋﲆ اﻟﺪﱢﻣﻦ ،وﻳُﺜﻨﻮن ﻋﲆ املﺜﺎﺑﺮ ﻋﲆ ﻓﻦ ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺮ ﻳﺬﻣﱡ ﻮن ﻓﻴﻪ َ اﻟﻠﺬات .وﻫﺬا ﻳﺪﺧﻞ ﰲ ﺑﺎب اﻟﺴﻠﻮ .وﻟﻘﺪ أﻛﺜﺮ اﻟﺤﺴﻦ ﺑﻦ ﻫﺎﻧﺊ ﰲ ﻫﺬا اﻟﺒﺎب واﻓﺘﺨﺮ ﺑﻪ، وﻫﻮ ﻛﺜريًا ﻣﺎ ﻳَﺼﻒ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﺎﻟﻐﺪر اﻟﴫﻳﺢ ﰲ أﺷﻌﺎره ﺗﺤﻜﻤً ﺎ ﺑﻠﺴﺎﻧﻪ ،واﻗﺘﺪا ًرا ﻋﲆ اﻟﻘﻮل. وﰲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬا أﻗﻮل ﺷﻌ ًﺮا ،ﻣﻨﻪ: ﺎض اﻟ ﱡﺮﺑَﻰ ﻣَ ِﻄ ﱠﻲ اﻟﻘِ َﻔ ِﺎر ﻓِ ﻲ ِرﻳَ ِ ـ ﻌُ ﻮ ِد َﻛ ﻴْ ﻤَ ﺎ ﺗُ ﺤِ ﱡﺚ ِﺑ ﺎﻟ ِﻤ ْﺰﻣَ ِﺎر َﺧ ﱢﻞ َﻫ ﺬَا َوﺑَ ﺎدِ ِر اﻟ ﺪ ْﱠﻫ َﺮ وَا ْرﺣَ ْﻞ وَاﺣْ ﺪ َُﻫﺎ ِﺑﺎﻟﺒَﺪِﻳ ِﻊ ِﻣ ْﻦ ﻧ َ َﻐﻤَ ِ ﺎت اﻟـ 140 ﺑﺎب اﻟﺴﻠﻮ ِر و ُُﻗ ُ ﺎن ِﺑ ﺎﻷ َ ْوﺗَ ِﺎر ﻮف اﻟ ﺒَ ﻨ َ ِ ﺣَ ﺎ ِﺋ ﺮ اﻟ ﱠ ﻄ ْﺮ ِ َار ف ﻣَ ﺎ ِﺋ ًﻼ َﻛ ﺎﻟ ﻤَ ﺪ ِ و َْﻫ َﻮ َﻻ َﺷ ﱠﻚ َﻫ ﺎ ِﺋ ٌﻢ ِﺑ ﺎﻟ ﺒَ ﻬَ ِﺎر إ ِ ﱠن َﺧﻴْ ًﺮا ِﻣ َﻦ اﻟﻮ ُُﻗ ِ ﻮف ﻋَ َﻠﻰ اﻟﺪﱠا ﺼ ﺐﱟ َوﺑَ ﺪَا اﻟ ﻨ ﱠ ْﺮ ِﺟ ُﺲ اﻟ ﺒَ ﺪِﻳ ُﻊ َﻛ َ َﻟ ْﻮﻧ ُ ُﻪ َﻟ ْﻮ ُن ﻋَ ِ ﺎﺷ ٍﻖ ُﻣ ْﺴ ﺘَ ﻬَ ﺎ ٍم ﻃﺒﻌً ﺎ ،وﻣﻌﺼﻴﺔ ﷲ ﺑﴩب اﻟ ﱠﺮاح ﻟﻨﺎ ً وﻣَ ﻌﺎذ ﷲ أن ﻳﻜﻮن ﻧﺴﻴﺎن ﻣﺎ درس ﻟﻨﺎ َ ﺧﻠﻘﺎ، ُ أﺻﺪق ﻣﻦ ﷲ ً ﻗﻴﻼ — ﰲ وﻛﺴﺎد اﻟﻬﻤﺔ ﻟﻨﺎ ﺻﻔﺔ ،وﻟﻜﻦ ﺣﺴﺒﻨﺎ ﻗﻮل ﷲ ﺗﻌﺎﱃ — وﻣﻦ ْ ُ َ ﻮن ﻣَ ﺎ ﻻ ﻳَﻔﻌَ ﻠ َ ُﻮن * وَأَﻧﱠﻬُ ْﻢ ﻳ َُﻘﻮﻟُ َ اﻟﺸﻌﺮاء﴿ :أ َ َﻟ ْﻢ ﺗَ َﺮ أَﻧﱠﻬُ ْﻢ ِﰲ ُﻛ ﱢﻞ وَادٍ ﻳ َِﻬﻴﻤ َ ﻮن﴾ .ﻓﻬﺬه ﺷﻬﺎدة ﱠ وﻟﻜﻦ ﺷﺬوذ اﻟﻘﺎﺋﻞ ﻟﻠﺸﻌﺮ ﻋﻦ ﻣﺮﺗﺒﺔ اﻟﺸﻌﺮ ﺧﻄﺄ .وﻛﺎن ﺳﺒﺐ ﷲ اﻟﻌﺰﻳﺰ اﻟﺠﺒﱠﺎر ﻟﻬﻢ، ﱠ املﻈﻔﺮ ﻋﺒﺪ املﻠﻚ ﺑﻦ أﺑﻲ ﻋﺎﻣﺮَ ،ﻛﻠﻔﺘْﻨِﻲ ﻫﺬه اﻷﺑﻴﺎت أن ﺣﻔﻨَﻰ اﻟﻌﺎﻣﺮﻳﺔ ،إﺣﺪى ﻛﺮاﺋﻢ ُ َ وﻛﻨﺖ أﺟ ﱡﻠﻬﺎ ،وﻟﻬﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﺻﻨﻌﺔ ﰲ ﻃﺮﻳﻘﺔ اﻟﻨﺸﻴﺪ واﻟﺒﺴﻴﻂ راﺋﻘﺔ ﺟﺪٍّا. ﺻﻨﻌَ ﺘﻬﺎ ﻓﺄَﺟﺒْﺘُﻬﺎ، وﻟﻘﺪ أﻧﺸﺪﺗﻬﺎ ﺑﻌﺾ إﺧﻮاﻧﻲ ﻣﻦ أﻫﻞ اﻷدب ﻓﻘﺎل ﴎو ًرا ﺑﻬﺎ :ﻳﺠﺐ أن ﺗﻮﺿﻊ ﻫﺬه ﰲ ﺟﻤﻠﺔ ﻋﺠﺎﺋﺐ اﻟﺪﻧﻴﺎ. ﻓﺠﻤﻴﻊ ﻓﺼﻮل ﻫﺬا اﻟﺒﺎب ﻛﻤﺎ ﺗﺮى ﺛﻤﺎﻧﻴﺔ؛ ﻣﻨﻬﺎ ﺛﻼﺛﺔ ﻫﻲ ﻣﻦ املﺤﺐ ،اﺛﻨﺎن ﻣﻨﻬﺎ ﻳﺬم اﻟﺴﺎﱄ ﻓﻴﻬﻤﺎ ﻋﲆ ﻛﻞ وﺟﻪ؛ وﻫﻤﺎ املﻠﻞ واﻻﺳﺘﺒﺪال ،وواﺣﺪ ﻣﻨﻬﺎ ﻳﺬم اﻟﺴﺎﱄ ﻓﻴﻪ وﻻ ﻳﺬم ا ُمل ﱢ ﺘﺼﱪ؛ وﻫﻮ اﻟﺤﻴﺎء ،ﻛﻤﺎ ﻗﺪﻣﻨﺎ ،وأرﺑﻌﺔ ﻣﻦ املﺤﺒﻮب ،ﻣﻨﻬﺎ واﺣﺪ ﻳﺬم اﻟﻨﺎﳼ ﻓﻴﻪ وﻻ ﻳﺬم ا ُمل ﱢ ﺘﺼﱪ؛ وﻫﻮ اﻟﻬﺠﺮ اﻟﺪاﺋﻢ ،وﺛﻼﺛﺔ ﻻ ﻳﺬم اﻟﺴﺎﱄ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﲆ أي وﺟﻪ ﻛﺎن ،ﻧﺎﺳﻴًﺎ أو ﻣﺘﺼﱪًا؛ وﻫﻲ اﻟﻨﻔﺎر واﻟﺠﻔﺎء واﻟﻐﺪر ،ووﺟﻪ ﺛﺎﻣﻦ ،وﻫﻮ ﻣﻦ ﻗِ ﺒَﻞ ﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ؛ وﻫﻮ َني أو ٍ آﻓﺔ ﺗﺰﻣﻦ .واملﺘﺼﱪ ﰲ ﻫﺬه ﻣﻌﺬور. اﻟﻴﺄس إﻣﺎ ﺑﻤﻮت أو ﺑ ٍ وﻋﻨﻲ أﺧﱪك أﻧﻲ ﺟُ ِﺒ ُ ﻠﺖ ﻋﲆ ﻃﺒﻴﻌﺘني ﻻ ﻳﻬﻨﺌﻨﻲ ﻣﻌﻬﻤﺎ ﻋﻴﺶ أﺑﺪًا ،وإﻧﻲ ﻷﺑﺮم ﺑﺤﻴﺎﺗﻲ ﺑﺎﺟﺘﻤﺎﻋﻬﻤﺎ ،وأو ﱡد اﻟﺘﺜﺒﱡﺖ ﻣﻦ ﻧﻔﴘ أﺣﻴﺎﻧًﺎ ﻷﻓﻘﺪ ﻣﺎ أﻧﺎ ﺑﺴﺒﺒﻪ ﻣﻦ اﻟﻨﻜﺪ ﻣﻦ أﺟﻠﻬﻤﺎ ،وﻫﻤﺎ :وﻓﺎء ﻻ ﻳﺸﻮﺑﻪ ﺗﻠﻮﱡن ﻗﺪ اﺳﺘﻮت ﻓﻴﻪ اﻟﺤﴬة واملﻐﻴﺐ ،واﻟﺒﺎﻃﻦ واﻟﻈﺎﻫﺮ، ﺗﻮﻟﺪه اﻷﻟﻔﺔ اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗَﻌﺰف ﺑﻬﺎ ﻧﻔﴘ ﻋﻤﱠ ﺎ درﻳﺘُﻪ ،وﻻ ﺗﺘﻄﻠﻊ إﱃ ﻋﺪم ﻣﻦ ﺻﺤﺒﺘﻪ ،وﻋﺰة ﻧﻔﺲ ﻻ ﺗَﻘ ﱡﺮ ﻋﲆ اﻟﻀﻴﻢ ،ﻣﻬﺘﻤﱠ ﺔ ﻷﻗﻞ ﻣﺎ ﻳﺮد ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺗﻐري املﻌﺎرف ،ﻣﺆﺛﺮة ﻟﻠﻤﻮت ﻋﻠﻴﻪ. ﻓﻜﻞ واﺣﺪة ﻣﻦ ﻫﺎﺗني اﻟﺴﺠﻴﺘني ﺗﺪﻋﻮ إﱃ ﻧﻔﺴﻬﺎ ،وإﻧﻲ ﻷﺟﻔﻰ ﻓﺄﺣﺘﻤﻞ ،وأﺳﺘﻌﻤﻞ اﻷﻧﺎة ﱠ ﺗﺼﱪت وﰲ اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ ،واﻟﺘﻠﻮﱡم اﻟﺬي ﻻ ﻳﻜﺎد ﻳُﻄﻴﻘﻪ أﺣﺪ ،ﻓﺈذا أﻓﺮط اﻷﻣﺮ وﺣَ ِﻤﻴﺖ ﻧﻔﴘ ً ﻗﻄﻌﺔ ،ﻣﻨﻬﺎ: اﻟﻘﻠﺐ ﻣﺎ ﻓﻴﻪ .وﰲ ذﻟﻚ أﻗﻮل ﺎن أَذَ َاﻗﺎ ِﻧﻲ اﻷ َ َﺳﻰ ﺟُ َﺮﻋً ﺎ ِﻟﻲ ُﺧ ﱠﻠﺘَ ِ ﺼﺎ ﻋِ ﻴ َﺸ ِﺘﻲ و ْ َوﻧ َ ﱠﻐ َ َاﺳﺘَﻬْ َﻠ َﻜﺎ ﺟَ َﻠﺪِي 141 ﻃﻮق اﻟﺤﻤﺎﻣﺔ ﰲ اﻷ ُ َ ﻟﻔﺔِ واﻷ ُ ﱠﻻف َﻛﺎﻟ ﱠ ﺼﻴْ ِﺪ ﻳَﻨ ْﺸﺐُ ﺑَﻴْ َﻦ اﻟﺬﱢﺋْ ِﺐ وَاﻷ َ َﺳ ِﺪ َ َﻓ َﺰا َل ﺣُ ْﺰﻧِ ﻲ ﻋَ َﻠ ﻴْ ِﻪ آﺧِ َﺮ اﻷﺑَ ِﺪ َ َال وَاﻟ َﻮ َﻟ ِﺪ ﺻ َﺮاﻣَ ًﺔ ﻓِ ﻴ ِﻪ ِﺑ ﺎﻷَﻣْ ﻮ ِ ﺎﻫ ﻤَ ﺎ ﺗَ ﱠ ِﻛ ْﻠ ﺘَ ُ ﻄ ﺒ ﻴ ﻨ ﻲ ﻧ َﺤْ َﻮ ِﺟ ﺒ ﻠ ِﺘ ﻬَ ﺎ و ََﻓ ﺎءُ ِﺻ ﺪ ٍْق َﻓ ﻤَ ﺎ َﻓ ﺎ َر ْﻗ ُﺖ ذَا ِﻣ َﻘ ٍﺔ َو ِﻋ ﱠﺰ ٌة َﻻ ﻳَ ﺤُ ﱡﻞ اﻟ ﱠﻀ ﻴ ُﻢ َﺳ ﺎﺣَ ﺘَ ﻬَ ﺎ ً ُ ﻛﻨﺖ أﺣﻠﻠﺘُﻪ رﺟﻼ ﻣﻦ إﺧﻮاﻧﻲ وﻣﻤﺎ ﻳُﺸﺒﻪ ﻣﺎ ﻧﺤﻦ ﻓﻴﻪ ،وإن ﻛﺎن ﻟﻴﺲ ﻣﻨﻪ ،أن ﻣﻦ ﻧﻔﴘ ﻣﺤ ﱠﻠﻬﺎ ،وأﺳﻘﻄﺖ املﺌﻮﻧﺔ ﺑﻴﻨﻲ وﺑﻴﻨﻪ ،وأﻋﺪدﺗﻪ ذﺧ ًﺮا وﻛﻨ ًﺰا ،وﻛﺎن ﻛﺜري اﻟﺴﻤﻊ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻗﺎﺋﻞ ،ﻓﺪبﱠ ذو اﻟﻨﻤﻴﻤﺔ ﺑﻴﻨﻲ وﺑﻴﻨﻪ ،ﻓﺤﺎﻛﻮا ﻟﻪ وأﻧﺠﺢ ﺳﻌﻴُﻬﻢ ﻋﻨﺪه ،ﻓﺎﻧﻘﺒﺾ ﻋﻤﺎ ُ ﻛﻨﺖ أﻋﻬﺪه ،ﻓﱰﺑﱠﺼﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﺪة ﰲ ﻣﺜﻠﻬﺎ أوب اﻟﻐﺎﺋﺐ ،ورﴇ اﻟﻌﺎﺗﺐ ،ﻓﻠﻢ ﻳﺰدد إﻻ ً اﻧﻘﺒﺎﺿﺎ؛ ﻓﱰﻛﺘﻪ وﺣﺎﻟﻪ. 142 ﺑﺎب اﳌﻮت ورﺑﻤﺎ ﺗﺰاﻳﺪ اﻷﻣﺮ ﱠ ورق اﻟﻄﺒﻊ وﻋﻈﻢ اﻹﺷﻔﺎق ﻓﻜﺎن ﺳﺒﺒًﺎ ﻟﻠﻤﻮت وﻣﻔﺎرﻗﺔ اﻟﺪﻧﻴﺎ ،وﻗﺪ ﺟﺎء ً ﱠ ﻗﻄﻌﺔ ،ﻣﻨﻬﺎ: ﻓﻌﻒ ﻓﻤﺎت ﻓﻬﻮ َﺷﻬﻴﺪ .وﰲ ذﻟﻚ أﻗﻮل ﰲ اﻵﺛﺎر :ﻣﻦ ﻋﺸﻖ َﻓ ِﺈ ْن أ َ ْﻫ ِﻠ ْﻚ َﻫﻮًى أ َ ْﻫ ِﻠ ْﻚ َﺷ ِﻬﻴﺪًا َروَى َﻫ ﺬَا َﻟ ﻨ َ ﺎ َﻗ ْﻮ ٌم ِﺛ َﻘ ٌ ﺎت َوإ ِ ْن ﺗَﻤْ ﻨ ُ ْﻦ ﺑَ ﻘِ ﻴ ُﺖ َﻗ ِﺮﻳ َﺮ ﻋَ ﻴْ ِﻦ ﺛ َﻮَوا ِﺑﺎﻟ ﱢ ﺮح وَﻣَ ﻴْﻦ ﺼﺪ ِْق ﻋَ ْﻦ ﺟ ٍ وﻟﻘﺪ ﺣﺪﱠﺛﻨﻲ أﺑﻮ اﻟﴪيﱢ ﻋﻤﺎر ﺑﻦ زﻳﺎد ﺻﺎﺣﺒُﻨﺎ ﻋﻤﻦ ﻳﺜﻖ ﺑﻪ ،أن اﻟﻜﺎﺗﺐ اﺑﻦ ﻗﺰﻣﺎن اﻣﺘُﺤﻦ ﺑﻤﺤﺒﺔ أﺳﻠﻢ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ ،أﺧﻲ اﻟﺤﺎﺟﺐ ﻫﺎﺷﻢ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ ،وﻛﺎن أﺳﻠﻢ ً ﻏﺎﻳﺔ ﰲ اﻟﺠﻤﺎل ،ﺣﺘﻰ أﺿﺠﺮه ملﺎ ﺑﻪ ،وأوﻗﻌﻪ ﰲ أﺳﺒﺎب املﻨﻴﺔ .وﻛﺎن أﺳﻠﻢ ﻛﺜريَ اﻹملﺎم ﺑﻪ، واﻟﺰﻳﺎرة ﻟﻪ ،وﻻ ﻋﻠﻢ ﻟﻪ ﺑﺄﻧﻪ أﺻﻞ داﺋﻪ ،إﱃ أن ﺗُ ﱢ ً ﻮﰲ ً ودﻧﻔﺎ. أﺳﻔﺎ ﻓﺘﺄﺳﻒ وﻗﺎل :ﱠ ُ ﻓﺄﺧﱪت أﺳﻠﻢ ﺑﻌﺪ وﻓﺎﺗﻪ ﺑﺴﺒﺐ ﻋ ﱠﻠﺘﻪ وﻣﻮﺗﻪ ﱠ ﻫﻼ أﻋﻠﻤﺘﻨﻲ؟ ﻗﺎل ا ُملﺨﱪ: ﻓﻘﻠﺖ :وﻟﻢ؟ ﻗﺎلُ : ﻛﻨﺖ وﷲ أزﻳﺪ ﰲ ﺻﻠﺘﻪ وﻣﺎ أﻛﺎد أﻓﺎرﻗﻪ ،ﻓﻤﺎ ﻋﲇ ﱠ ﰲ ذﻟﻚ ﴐر .وﻛﺎن أﺳﻠﻢ ﻫﺬا ﻣﻦ أﻫﻞ اﻷدب اﻟﺒﺎرع واﻟﺘﻔﻨﱡﻦ ،ﻣﻊ ﺣ ﱟ ﻆ ﻣﻦ اﻟﻔﻘﻪ واﻓﺮ ،وذا ﺑﺼﺎرة ﰲ اﻟﺸﻌﺮ، وﻟﻪ ﺷﻌﺮ ﺟﻴﺪ ،وﻟﻪ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺑﺎﻷﻏﺎﻧﻲ وﺗﴫﻓﻬﺎ ،وﻫﻮ ﺻﺎﺣﺐ ﺗﺂﻟﻴﻒ ﰲ ﻃﺮاﺋﻖ ﻏﻨﺎء ِزرﻳﺎب وأﺧﺒﺎره؛ وﻫﻮ دﻳﻮان ﻋﺠﻴﺐ ﺟﺪٍّا .وﻛﺎن أﺣﺴﻦ اﻟﻨﺎس َﺧ ًﻠﻘﺎ ُ وﺧ ًﻠﻘﺎ ،وﻫﻮ واﻟﺪ أﺑﻲ اﻟﺠﻌﺪ اﻟﺬي ﻛﺎن ﺳﺎﻛﻨًﺎ ﺑﺎﻟﺠﺎﻧﺐ اﻟﻐﺮﺑﻲ ﻣﻦ ﻗﺮﻃﺒﺔ. ً ﺟﺎرﻳﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﺒﻌﺾ اﻟﺮؤﺳﺎء ﻓﻌﺰف ﻋﻨﻬﺎ ﻟﴚء ﺑﻠﻐﻪ ﰲ ِﺟﻬﺘﻬﺎ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ وأﻧﺎ أﻋﻠﻢ ﻳﻮﺟﺐ اﻟﺴﺨﻂ ،ﻓﺒﺎﻋﻬﺎ ،ﻓﺠﺰﻋﺖ ﻟﺬﻟﻚ ﺟﺰﻋً ﺎ ﺷﺪﻳﺪًا وﻣﺎ ﻓﺎرﻗﻬﺎ اﻟﻨﱡﺤﻮل واﻷﺳﻒ ،وﻻ ﺑﺎن ﻋﻦ ﻋﻴﻨﻬﺎ اﻟﺪﻣﻊ إﱃ أن ﺳﻠﺖ — وﻛﺎن ذﻟﻚ ﺳﺒﺐ ﻣﻮﺗﻬﺎ — وﻟﻢ ﺗَﻌِ ﺶ ﺑﻌﺪ ﺧﺮوﺟﻬﺎ ﻋﻨﻪ إﻻ أﺷﻬ ًﺮا ﻟﻴﺴﺖ ﺑﺎﻟﻜﺜرية .وﻟﻘﺪ أﺧﱪﺗﻨﻲ ﻋﻨﻬﺎ اﻣﺮأة أﺛﻖ ﺑﻬﺎ أﻧﻬﺎ ﻟﻘﻴﺘﻬﺎ وﻫﻲ ﻗﺪ ﺻﺎرت ﻃﻮق اﻟﺤﻤﺎﻣﺔ ﰲ اﻷ ُ َ ﻟﻔﺔِ واﻷ ُ ﱠﻻف ﺤﻮﻻ ﱠ ﱠ ﻛﺎﻟﺨﻴﺎل ﻧ ُ ً ﻓﺘﻨﻔﺴﺖ ورﻗ ًﺔ ،ﻓﻘﺎﻟﺖ ﻟﻬﺎ :أﺣﺴﺐ ﻫﺬا اﻟﺬي ﺑﻚ ﻣﻦ ﻣﺤﺒﱠﺘﻚ ﻟﻔﻼن؟ ﱡ اﻟﺼﻌَ ﺪاء ،وﻗﺎﻟﺖ :وﷲ ﻻ ﻧﺴﻴﺘُﻪ أﺑﺪًا وإن ﻛﺎن ﺟﻔﺎﻧﻲ ﺑﻼ ﺳﺒﺐ .وﻣﺎ ﻋﺎﺷﺖ ﺑﻌﺪ ﻫﺬا اﻟﻘﻮل إﻻ ﻳﺴريًا. وأﻧﺎ أﺧﱪك ﻋﻦ أﺑﻲ ﺑﻜﺮ أﺧﻲ — رﺣﻤﻪ ﷲ — وﻛﺎن ﻣﺘﺰوﺟً ﺎ ﺑﻌﺎﺗﻜﺔ ﺑﻨﺖ ﻗﻨﺪ، ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺜﻐﺮ اﻷﻋﲆ أﻳﺎم املﻨﺼﻮر أﺑﻲ ﻋﺎﻣﺮ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺎﻣﺮ ،وﻛﺎﻧﺖ اﻟﺘﻲ ﻻ ﻣﺮﻣَ ﻰ وراءﻫﺎ ﰲ ﺟﻤﺎﻟﻬﺎ وﻛﺮﻳﻢ ﺧﻼﻟﻬﺎ ،وﻻ ﺗﺄﺗﻲ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﺑﻤﺜﻠﻬﺎ ﰲ ﻓﻀﺎﺋﻠﻬﺎ ،وﻛﺎﻧﺎ ﰲ ﺣ ﱢﺪ اﻟﺼﺒﺎ وﺗﻤ ﱡﻜﻦ ُ اﻟﻜﻠﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ َﻗ ْﺪ َر ﻟﻬﺎ ،ﻓﻜﺎﻧﺎ ﻟﻢ ﻳﺰاﻻ ﰲ ﺗﻐﺎﺿﺐ وﺗﻌﺎﺗﺐ ﺳﻠﻄﺎﻧﻪ ﺗُﻐﻀﺐ ﻛ ﱠﻞ واﺣﺪ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻣﺪة ﺛﻤﺎﻧﻴﺔ أﻋﻮام ،وﻛﺎﻧﺖ ﻗﺪ ﱠ ﺷﻔﻬﺎ ﺣُ ﺒﱡﻪ وأﺿﻨﺎﻫﺎ اﻟﻮَﺟﺪ ﻓﻴﻪ وأﻧﺤﻠﻬﺎ ﺷﺪ ُة ﻛ َﻠﻔِ ﻬﺎ ﺑﻪ ﺣﺘﻰ ﺻﺎرت ﻛﺎﻟﺨﻴﺎل املﺘﻮﺳﻢ ً ﴪ ﻣﻦ أﻣﻮاﻟﻬﺎ ﻋﲆ ﻋَ ْﺮﺿﻬﺎ دﻧﻔﺎ ،ﻻ ﻳُﻠﻬﻴﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﳾء ،وﻻ ﺗُ َ ﱡ اﺗﻔﺎﻗﻪ ﻣﻌﻬﺎ وﺳﻼﻣﺘُﻪ ﻟﻬﺎ ،إﱃ أن ﺗُ ﱢ ُ ﻮﰲ أﺧﻲ — رﺣﻤﻪ وﺗﻜﺎﺛﺮﻫﺎ ﺑﻘﻠﻴﻞ وﻻ ﻛﺜري إذا ﻓﺎﺗﻬﺎ ﷲ — ﰲ اﻟﻄﺎﻋﻮن اﻟﻮاﻗﻊ ُ ﺑﻘﺮﻃﺒﺔ ﰲ ﺷﻬﺮ ذي اﻟﻘﻌﺪة ﺳﻨﺔ إﺣﺪى وأرﺑﻌﻤﺎﺋﺔ ،وﻫﻮ اﺑﻦ اﺛﻨﺘني وﻋﴩﻳﻦ ﺳﻨﺔ ،ﻓﻤﺎ اﻧﻔﻜﺖ ﻣﻨﺬ َ ﺑﺎن ﻋﻨﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺴﻘﻢ اﻟﺪﱠﺧﻴﻞ واملﺮض واﻟﺬﺑﻮل إﱃ أن ﻣﺎﺗﺖ ﺑﻌﺪه ﺑﻌﺎم ﰲ اﻟﻴﻮم اﻟﺬي أﻛﻤﻞ ﻫﻮ ﻓﻴﻪ ﺗﺤﺖ اﻷرض ﻋﺎﻣً ﺎ .وﻟﻘﺪ أﺧﱪﺗﻨﻲ ﻋﻨﻬﺎ أﻣﻬﺎ وﺟﻤﻴﻊ ﺟﻮارﻳﻬﺎ أﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻘﻮل ﺑﻌﺪه :ﻣﺎ ﻳُﻘﻮﱢي ﺻﱪي وﻳ ِ ُﻤﺴﻚ رﻣﻘﻲ ﰲ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﺳﺎﻋﺔ واﺣﺪة ﺑﻌﺪ وﻓﺎﺗﻪ إﻻ ُﴎوري ﱡ ُ أﻣﻨﺖ وﺗﻴﻘﻨﻲ أﻧﻪ ﻻ ﻳ َُﻀﻤﱡ ﻪ واﻣﺮأ ًة ﻣﻀﺠ ٌﻊ أﺑﺪًا ،ﻓﻘﺪ ﻫﺬا اﻟﺬي ﻣﺎ ﻛﻨﺖ أﺗﺨﻮﱠف ﻏريه ،وأﻋﻈﻢ آﻣﺎﱄ اﻟﻴﻮ َم اﻟﻠﺤﺎق ﺑﻪ. وﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻪ َﻗﺒ َﻠﻬﺎ وﻻ ﻣﻌﻬﺎ اﻣﺮأة ﻏريﻫﺎ ،وﻫﻲ ﻛﺬﻟﻚ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻬﺎ ﻏريه ،ﻓﻜﺎن ﻛﻤﺎ ﻗﺪﱠرت — ﻏﻔﺮ ﷲ ﻟﻬﺎ ورﴈ ﻋﻨﻬﺎ. وأﻣﺎ ﺧﱪ ﺻﺎﺣﺒﻨﺎ أﺑﻲ ﻋﺒﺪ ﷲ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﺤﺴني اﻟﺘﻤﻴﻤﻲ، املﻌﺮوف ﺑﺎﺑﻦ اﻟﻄﻨﺒﻲ ،ﻓﺈﻧﻪ ﻛﺎن — رﺣﻤﻪ ﷲ — ﻛﺄﻧﻪ ﻗﺪ ُﺧﻠﻖ اﻟﺤُ ﺴﻦ ﻋﲆ ﻣﺜﺎﻟﻪ ،أو ﻤﺎﻻ ُ ﻣﺜﻼ ﺣُ ﺴﻨًﺎ وﺟَ ً ﺧﻠﻖ ﻣﻦ ﻧﻔﺲ ﻛﻞ ﻣﻦ رآه ،ﻟﻢ أﺷﺎﻫﺪ ﻟﻪ ً وﺧ ًﻠﻘﺎ ،وﻋ ﱠِﻔ ًﺔ وﺗﺼﺎ ُوﻧًﺎ وأدﺑًﺎ، ودﻣﺎﺛﺔ وﺣﻼو ًة و َﻟ ً ً َ ً وﻋﻘﻼ ﺒﺎﻗﺔ ،وإﻏﻀﺎءً وﻓﻬﻤً ﺎ وﺣِ ﻠﻤً ﺎ ووﻓﺎءً ،وﺳﺆددًا وﻃﻬﺎر ًة وﻛﺮﻣً ﺎ، ﻈﺎ ﻟﻠﻘﺮآن واﻟﺤﺪﻳﺚ واﻟﻨﺤﻮ واﻟﻠﻐﺔ ،وﺷﺎﻋ ًﺮا ﻣ ً ً ودراﻳﺔ وﺣِ ْﻔ ً ُﻔﻠﻘﺎ ،ﺣﺴﻦ وﻣﺮوء ًة ،ودﻳﻨًﺎ ً وﺑﻠﻴﻐﺎ ﻣ َُﻔﻨﱢﻨًﺎ ،ﻣﻊ ﺣﻆ ﺻﺎﻟﺢ ﻣﻦ اﻟﻜﻼم واﻟﺠﺪل ،وﻛﺎن ﻣﻦ ﻏﻠﻤﺎن أﺑﻲ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﻋﺒﺪ اﻟﺨﻂ، اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ أﺑﻲ ﻳﺰﻳﺪ اﻷزدي أﺳﺘﺎذي ﰲ ﻫﺬا اﻟﺸﺄن .وﻛﺎن ﺑﻴﻨﻪ وﺑني أﺑﻴﻪ اﺛﻨﺎ ﻋﴩ ﻋﺎﻣً ﺎ ﰲ اﻟﺴﻦ ،وﻛﻨﺖ أﻧﺎ وﻫﻮ ﻣﺘﻘﺎرﺑني ﰲ اﻷﺳﻨﺎن ،وﻛﻨﺎ أﻟﻴﻔني ﻻ ﻧﻔﱰق ،وﺧِ ﺪﻧني ﻻ ﻳﺠﺮي املﺎء ﺑﻴﻨﻨﺎ إﻻ ﺻﻔﺎءً ،إﱃ أن أﻟﻘﺖ اﻟﻔﺘﻨﺔ ِﺟﺮاﻧَﻬﺎ ،وأرﺧﺖ ﻋَ ﺰاﻟﻴﻬﺎ ،ووﻗﻊ اﻧﺘﻬﺎب ﺟُ ﻨﺪ اﻟﱪﺑﺮ ﻣﻨﺎز َﻟﻨﺎ ﰲ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻟﻐﺮﺑﻲ ﺑﻘﺮﻃﺒﺔ وﻧﺰوﻟﻬﻢ ﻓﻴﻬﺎ — وﻛﺎن ﻣﺴﻜﻦ أﺑﻲ ﻋﺒﺪ ﷲ ﰲ اﻟﺠﺎﻧﺐ 144 ﺑﺎب املﻮت اﻟﴩﻗﻲ ﺑﺒﻼط ﻣُﻐﻴﺚ — وﺗﻘﻠﺒﺖ ﺑﻲ اﻷﻣﻮر إﱃ اﻟﺨﺮوج ﻋﻦ ُﻗﺮﻃﺒﺔ ُ وﺳﻜﻨﻰ ﻣﺪﻳﻨﺔ املﺮﻳﱠﺔ، ٌ رﺳﺎﻟﺔ ﰲ َد ْرﺟﻬﺎ ﻫﺬه اﻷﺑﻴﺎت: ﻓﻜﻨﺎ ﻧﺘﻬﺎدى اﻟﻨﻈﻢ واﻟﻨﺜﺮ ﻛﺜريًا ،وآﺧ ُﺮ ﻣﺎ ﺧﺎﻃﺒﻨﻲ ﺑﻪ ـ ِﺴ ﻲ ﺟَ ﺪِﻳ ﺪًا َﻟ ﺪَيﱠ َﻏ ﻴْ َﺮ َرﺛِ ﻴ ِﺚ ﺎﺟ ﻴ َﻚ ﻓِ ﻲ ﺑَ َﻼط ُﻣ ﻐِ ﻴ ِﺚ وَأُﻧ َ ِ ُق أَﺗَ ﺎ َك اﻟ ﺒَ َﻼ ُ ط َﻛ ﺎﻟ ُﻤ ْﺴ ﺘَ ﻐِ ﻴ ِﺚ َﺳ ﺎ َر َﻗ ْﻠ ِﺒ ﻲ إ ِ َﻟ ﻴْ َﻚ َﺳ ﻴْ َﺮ اﻟ ﺤَ ِﺜ ﻴ ِﺚ َﻟ ﻴْ َﺲ ِﻟ ﻲ َﻏ ﻴْ ُﺮ ذِ ْﻛ ِﺮ ُﻛ ﻢ ِﻣ ْﻦ ﺣَ ﺪِﻳ ﺚ ﻓِ ﻲ َ ﺻ ِﻤ ﻴ ِﻢ اﻟ ُﻔ َﺆادِ َﻏ ﻴْ ُﺮ ﻧ َ ِﻜ ﻴ ﺚ َﻟﻴْ َﺖ ِﺷﻌْ ِﺮي ﻋَ ْﻦ ﺣَ ﺒْ ِﻞ ُو ﱢد َك َﻫ ْﻞ ﻳُﻤْ ـ وَأ َرا ِﻧ ﻲ أ َ َرى ُﻣ ﺤَ ﻴﱠ ﺎ َك ﻳَ ﻮْﻣً ﺎ ان اﻟ ﱢﺪﻳَ ﺎ َر ﻳُ ﻨ ْ ِﻬ ُ َﻓ َﻠ َﻮ ﱠ ﻀ ﻬَ ﺎ اﻟ ﱠﺸ ْﻮ َو َﻟ َﻮ ﱠ ان اﻟ ُﻘ ﻠُ ﻮبَ ﺗَ ْﺴ ِﻄ ﻴ ُﻊ َﺳ ﻴْ ًﺮا ُﻛ ْﻦ َﻛ ﻤَ ﺎ ِﺷ ﺌْ َﺖ ِﻟ ﻲ َﻓ ِﺈﻧ ﱢ ﻲ ُﻣ ﺤِ ﺐﱞ َﻟ َﻚ ﻋِ ﻨ ْ ﺪِي َوإ ِ ْن ﺗَ ﻨ َ َ ﺎﺳ ﻴْ َﺖ ﻋَ ﻬْ ٌﺪ دوﻟﺔ ﺑﻨﻲ ﻣﺮوان ُ ُ وﻗﺘﻞ ﺳﻠﻴﻤﺎن اﻟﻈﺎﻓﺮ أﻣري املﺆﻣﻨني، ﻓ ُﻜﻨﱠﺎ ﻋﲆ ذﻟﻚ إﱃ أن اﻧﻘﻄﻌﺖ وﻇﻬﺮت دوﻟﺔ اﻟﻄﺎﻟﺒﻴﺔ ،وﺑُﻮﻳﻊ ﻋﲇ ﺑﻦ ﺣﻤﻮد اﻟﺤﺴﻨﻲ ،املﺴﻤﻰ ﺑﺎﻟﻨﺎﴏ ،ﺑﺎﻟﺨﻼﻓﺔ ،وﺗﻐ ﱠﻠﺐ ﻋﲆ ﻗﺮﻃﺒﺔ وﺗﻤ ﱠﻠﻜﻬﺎ ،واﺳﺘﻤﺮ ﰲ ﻗﺘﺎﻟﻪ إﻳﺎﻫﺎ ﺑﺠﻴﻮش املﺘﻐﻠﺒني واﻟﺜﻮار ﰲ أﻗﻄﺎر اﻷﻧﺪﻟﺲ. وﰲ إﺛﺮ ذﻟﻚ ﻧﻜﺒﻨﻲ ﺧريا ُن ﺻﺎﺣﺐُ املﺮﻳﱠﺔ؛ إذ ﻧﻘﻞ إﻟﻴﻪ ﻣﻦ ﻟﻢ ﱢ ﻳﺘﻖ ﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ ﻣﻦ اﻟﺒﺎﻏني — وﻗﺪ اﻧﺘﻘﻢ ﷲ ﻣﻨﻬﻢ — ﻋﻨﻲ وﻋﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ إﺳﺤﺎق ﺻﺎﺣﺒﻲ أﻧﱠﺎ ﻧﺴﻌَ ﻰ ﰲ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﺪﻋﻮة اﻟﺪوﻟﺔ اﻷﻣﻮﻳﺔ ،ﻓﺎﻋﺘﻘﻠﻨﺎ ﻋﻨﺪ ﻧﻔﺴﻪ أﺷﻬ ًﺮا ﺛﻢ أﺧﺮﺟﻨﺎ ﻋﲆ ﺟﻬﺔ اﻟﺘﱠﻐﺮﻳﺐِ ، ﻓﴫْﻧﺎ إﱃ ﺣﺼﻦ اﻟﻘﴫ ،و َﻟﻘِ ﻴَﻨﺎ ﺻﺎﺣﺒﻪ أﺑﻮ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﻋﺒﺪ ﷲ ﺑﻦ ُﻫﺬﻳﻞ اﻟﺘﺠﻴﺒﻲ ،املﻌﺮوف ﺑﺎن أﻫﻞ وﺟريان ،وﻋﻨﺪ أﺟ ﱢﻞ اﻟﻨﺎس املﻘﻔﻞ ،ﻓﺄﻗﻤﻨﺎ ﻋﻨﺪه ﺷﻬﻮ ًرا ﰲ ﺧري دار إﻗﺎﻣﺔ ،وﺑني ﺧري ٍ ً ﻣﻌﺮوﻓﺎ ،وأﺗﻤﱢ ﻬﻢ ﺳﻴﺎد ًة. ﻫﻤﺔ ،وأﻛﻤﻠﻬﻢ ْ ﺛﻢ رﻛﺒﻨﺎ اﻟﺒﺤﺮ ﻗﺎﺻﺪﻳﻦ ﺑَﻠﻨﺴﻴﺔ ﻋﻨﺪ ﻇﻬﻮر أﻣري املﺆﻣﻨني املﺮﺗﴤ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ،وﺳﺎﻛﻨﱠﺎه ﺑﻬﺎ ،ﻓﻮﺟﺪت ﺑﺒﻠﻨﺴﻴﺔ أﺑﺎ ﺷﺎﻛﺮ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﻮﻫﺐ اﻟﻌَ ﻨﱪي ﺻﺪﻳﻘﻨﺎ ،ﻓﻨﻌﻰ إﱄ ﱠ أﺑﺎ ﻋﺒﺪ ﷲ ﺑﻦ اﻟﻄﻨﺒﻲ وأﺧﱪﻧﻲ ﺑﻤﻮﺗﻪ — رﺣﻤﻪ ﷲ — ﺛﻢ أﺧﱪﻧﻲ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﺑﻤﺪﻳﺪة اﻟﻘﺎﴈ أﺑﻮ اﻟﻮﻟﻴﺪ ﻳﻮﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ا ُملﺮادي وأﺑﻮ ﻋﻤﺮو أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺤﺮز ،أن أﺑﺎ ﺑﻜﺮ ا ُملﺼﻌﺐ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﷲ اﻷزدي ،املﻌﺮوف ﺑﺎﺑﻦ َ اﻟﻔﺮﴈ ،ﺣﺪﱠﺛﻬﻤﺎ ،وﻛﺎن واﻟﺪ املﺼﻌﺐ ً ً ﺻﺪﻳﻘﺎ ً وأﻟﻴﻔﺎ أﻳﺎم وأﺧﺎ ﻫﺬا ﻗﺎﴈَ ﺑﻠﻨﺴﻴﺔ أﻳﺎم أﻣري املﺆﻣﻨني املﻬﺪي ،وﻛﺎن ا ُملﺼﻌﺐ ﻟﻨﺎ ﻃﻠﺒﻨﺎ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﲆ واﻟﺪه وﺳﺎﺋﺮ ﺷﻴﻮخ املﺤﺪﱢﺛني ﺑﻘﺮﻃﺒﺔ ،ﻗﺎﻻ :ﻗﺎل ﻟﻨﺎ املﺼﻌﺐ :ﺳﺄﻟﺖ أﺑﺎ ﻋﺒﺪ ﷲ ﺑﻦ اﻟﻄﻨﺒﻲ ﻋﻦ ﺳﺒﺐ ﻋ ﱠﻠﺘﻪ وﻫﻮ ﻗﺪ ﻧَﺤﻞ وﺧﻔﻴﺖ ﻣﺤﺎﺳﻦ وﺟﻬﻪ ﺑﺎﻟﻀﻨﻰ ،ﻓﻠﻢ ني ﺟﻮﻫﺮﻫﺎ املﺨﱪ ﻋﻦ ﺻﻔﺎﺗﻬﺎ اﻟﺴﺎﻟﻔﺔ ،وﺻﺎر ﻳﻜﺎد أن ﻳُﻄريه اﻟﻨﻔﺲَ ، َ ﻳﺒﻖ إﻻ ﻋ ٌ وﻗ ُﺮب ﻣﻦ اﻻﻧﺤﻨﺎء ،ﱠ واﻟﺸﺠَ ﺎ ﺑﺎدٍ ﻋﲆ وﺟﻬﻪ ،وﻧﺤﻦ ﻣُﻨﻔﺮدان ،ﻓﻘﺎل ﱄ :ﻧﻌﻢ ،أﺧﱪك أﻧﻲ ﻛﻨﺖ ﰲ 145 ﻃﻮق اﻟﺤﻤﺎﻣﺔ ﰲ اﻷ ُ َ ﻟﻔﺔِ واﻷ ُ ﱠﻻف ﺑﺎب داري ﺑﻘﺪﻳﺪ اﻟﺸﻤﺎس ﰲ ﺣني دﺧﻮل ﻋﲇ ﱢ ﺑﻦ ﺣﻤﻮد ﻗﺮﻃﺒﺔ ،واﻟﺠﻴﻮش واردة ﻋﻠﻴﻬﺎ ُ ﻓﺮأﻳﺖ ﰲ ﺟﻤﻠﺘﻬﻢ ﻓﺘًﻰ ﻟﻢ أﻗﺪر أن ﻟﻠﺤُ ﺴﻦ ﺻﻮرة ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺣﺘﻰ ﻣﻦ اﻟﺠﻬﺎت ﺗﺘﺴﺎرب، ُ ُ ﻓﺴﺄﻟﺖ ﻋﻨﻪ ﻓﻘﻴﻞ ﱄ ﻫﺬا ﻓﻼن ﺑﻦ ﻓﻼن ،ﻣﻦ ﺳﻜﺎن رأﻳﺘﻪ ،ﻓﻐﻠﺐ ﻋﲇ ﱠ ﻋﻘﲇ ،وﻫﺎم ﺑﻪ ﻟﺒﻲ، ﺟﻬﺔ ﻛﺬا ،ﻧﺎﺣﻴﺔ ﻗﺎﺻﻴﺔ ﻋﻦ ُﻗﺮﻃﺒﺔ ﺑﻌﻴﺪة املﺄﺧﺬ ،ﻓﻴﺌﺴﺖ ﻣﻦ رؤﻳﺘﻪ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ .وﻟﻌﻤﺮي، ﻳﺎ أﺑﺎ ﺑﻜﺮ ،ﻻ َ ﻓﺎرﻗﻨﻲ ﺣُ ﺒﱡﻪ أو ﻳُﻮردَﻧﻲ َرﻣْ ﴘ. ﻓﻜﺎن ﻛﺬﻟﻚ ،وأﻧﺎ أﻋﺮف ذﻟﻚ اﻟﻔﺘﻰ وأدرﻳﻪ ،وﻗﺪ رأﻳﺘﻪ ﻟﻜﻨﻲ أﴐﺑﺖ ﻋﻦ اﺳﻤﻪ ﻷﻧﻪ ﻗﺪ ﻣﺎت واﻟﺘﻘﻰ ﻛﻼﻫﻤﺎ ﻋﻨﺪ ﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ — ﻋﻔﺎ ﷲ ﻋﻦ اﻟﺠﻤﻴﻊ. ﻫﺬا ﻋﲆ أن أﺑﺎ ﻋﺒﺪ ﷲ — أﻛﺮم ﷲ ﻧُﺰ َﻟﻪ — ﻣﻤﻦ ﻟﻢ ﻳ ُﻜﻦ ﻟﻪ وﻟ ٌﻪ ﻗﻂ ،وﻻ ﻓﺎرق اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ املﺜﲆ ،وﻻ وﻃﺊ ﺣَ ﺮاﻣً ﺎ ﻗﻂ ،وﻻ ﻗﺎرف ﻣُﻨﻜ ًﺮا ،وﻻ أﺗﻰ ﻣﻨﻬﻴٍّﺎ ﻋﻨﻪ ﻳﺤﻞ ﺑﺪﻳﻨﻪ و ُﻣ ُﺮوءﺗﻪ ،وﻻ ﻗﺎرض ﻣﻦ ﺟﻔﺎ ﻋﻠﻴﻪ ،وﻣﺎ ﻛﺎن ﰲ ﻃﺒﻘﺘﻨﺎ ﻣﺜﻠﻪ .ﺛﻢ دﺧﻠﺖ أﻧﺎ ُﻗﺮﻃﺒﺔ ﰲ ﺧﻼﻓﺔ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﺑﻦ ﺣَ ﻤﱡ ﻮد املﺄﻣﻮن ،ﻓﻠﻢ أﻗﺪﱢم ﺷﻴﺌًﺎ ﻋﲆ َﻗﺼﺪ أﺑﻲ ﻋﻤﺮو اﻟﻘﺎﺳﻢ ﺑﻦ ﻳﺤﻴﻰ اﻟﺘﻤﻴﻤﻲ أﺧﻲ ﻋﺒﺪ ﷲ — رﺣﻤﻪ ﷲ — ﻓﺴﺄﻟﺘﻪ ﻋﻦ ﺣﺎﻟﻪ وﻋ ﱠﺰﻳﺘُﻪ ﻋﻦ أﺧﻴﻪ ،وﻣﺎ ﻛﺎن أوﱃ ﺑﺎﻟﺘﻌﺰﻳﺔ ﻋﻨﻪ ﻣﻨﻲ ،ﺛﻢ ﺳﺄﻟﺘُﻪ ﻋﻦ أﺷﻌﺎره ورﺳﺎﺋﻠﻪ؛ إذ ﻛﺎن اﻟﺬي ﻋﻨﺪي ﻣﻨﻪ ﻗﺪ ذﻫﺐ ﺑﺎﻟﻨﱠﻬﺐ ﰲ اﻟﺴﺒﺐ اﻟﺬي ذﻛﺮﺗُﻪ ﰲ ﺻﺪر ﻫﺬه اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ،ﻓﺄﺧﱪﻧﻲ ﻋﻨﻪ أﻧﻪ ملﺎ َﻗ ُﺮﺑﺖ وﻓﺎﺗﻪ وأﻳﻘﻦ ﺑﺤﻀﻮر املﻨﻴﱠﺔ وﻟﻢ ﻳﺸﻚ ﰲ املﻮت ،دﻋﺎ ﺑﺠﻤﻴﻊ ﺷﻌﺮه وﺑ ُﻜﺘﺒﻲ اﻟﺘﻲ ُ ﻛﻨﺖ ﺧﺎﻃﺒﺘُﻪ أﻧﺎ ﺑﻬﺎ ،ﻓﻘ ﱠ ﻄﻌﻬﺎ ﻛﻠﻬﺎ ﺛﻢ أﻣﺮ ﺑﺪﻓﻨﻬﺎ .ﻗﺎل أﺑﻮ ﻋﻤﺮو :ﻓﻘﻠﺖ ﻟﻪ :ﻳﺎ أﺧﻲ ،دﻋﻬﺎ ﺗﺒﻘﻰ. ﻓﻘﺎل :إﻧﻲ أﻗﻄﻌﻬﺎ وأﻧﺎ أدري أﻧﻲ أﻗﻄﻊ ﻓﻴﻬﺎ أدﺑًﺎ ﻛﺜريًا ،وﻟﻜﻦ ﻟﻮ ﻛﺎن أﺑﻮ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻌﻴﻨﻲ ﺣﺎﴐً ا ﻟﺪﻓﻌﺘُﻬﺎ إﻟﻴﻪ ﺗﻜﻮن ﻋﻨﺪه ﺗﺬﻛﺮة ملﻮدﺗﻲ ،وﻟﻜﻨﻲ ﻻ أﻋﻠﻢ أي اﻟﺒﻼد أﺿﻤﺮﺗﻪ ،وﻻ أﺣﻲ ﻫﻮ أم ﻣﻴﺖ .وﻛﺎﻧﺖ ﻧﻜﺒﺘﻲ اﺗﱠ ْ ﺼﻠﺖ ﺑﻪ وﻟﻢ ﻳﻌﻠﻢ ﻣﺴﺘﻘﺮي وﻻ إﱃ ﻣﺎ آ َل إﻟﻴﻪ أﻣﺮي. ﱞ ﺮاﺛﻲ ﻟﻪ ﻗﺼﻴﺪة ،ﻣﻨﻬﺎ: ﻓﻤﻦ ﻣَ ﱠ َﻓ ﻮَﺟْ ﺪِيَ ﺑَ ﻌْ َﺪ َك َﻻ ﻳَ ْﺴ ﺘَ ِﺘ ﺮ َوﻟِ ﻠ ﺪ ْﱠﻫ ِﺮ ﻓِ ﻴ ﻨ َ ﺎ ﻛ ُﺮو ُر وَﻣ ﺮ َﻓﺄ َ ْﺳ َﻜﺒْ ُﺖ ﻋَ ﻴْ ِﻨ ﻲ ﻋَ َﻠﻴْ َﻚ اﻟﻌِ ﺒَﺮ َﻟ ِﺌ ْﻦ َﺳ ﺘَ َﺮﺗْ َﻚ ﺑُ ُ ﻄ ﻮ ُن اﻟ ﱡﻠ ﺤُ ﻮ ِد ﺼﺪ ُ ْت دِ ﻳَﺎ َر َك َﻗ ْ َﻗ َ ﻮق ﺼ َﺪ اﻟﻤَ ُﺸ ِ َﻓ ﺄ َ ْﻟ َﻔ ﻴْ ﺘُ ﻬَ ﺎ ِﻣ ﻨ ْ َﻚ َﻗ َﻔ ًﺮا َﺧ َﻼءً وﺣﺪﺛﻨﻲ أﺑﻮ اﻟﻘﺎﺳﻢ اﻟﻬﻤﺬاﻧﻲ — رﺣﻤﻪ ﷲ — ﻗﺎل :ﻛﺎن ﻣﻌﻨﺎ ﺑﺒﻐﺪاد أخ ﻟﻌﺒﺪ ﷲ ﺑﻦ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ دﺣﻮن اﻟﻔﻘﻴﻪ ،اﻟﺬي ﻋﻠﻴﻪ ﻣﺪا ُر ُ اﻟﻔﺘﻴﺎ ﺑﻘﺮﻃﺒﺔ ،وﻛﺎن أﻋﻠ َﻢ ﻣﻦ أﺧﻴﻪ وأﺟ ﱠﻞ ﻣﻘﺪا ًرا ،ﻣﺎ ﻛﺎن ﰲ أﺻﺤﺎﺑﻨﺎ ﺑﺒﻐﺪاد ﻣﺜﻠﻪ ،وأﻧﻪ اﺟﺘﺎز ﻳﻮﻣً ﺎ ﺑﺪرب ُﻗﻄﻨﺔ ﰲ زﻗﺎق ً ً واﻗﻔﺔ ﻣﻜﺸﻮﻓﺔ اﻟﻮﺟﻪ ،ﻓﻘﺎﻟﺖ ﻟﻪ :ﻳﺎ ﻫﺬا ،ﱠ إن ﺟﺎرﻳﺔ ﻻ ﻳﻨﻔﺬ ،ﻓﺪﺧﻞ ﻓﻴﻪ ﻓﺮأى ﰲ أﻗﺼﺎه 146 ﺑﺎب املﻮت اﻟﺪرب ﻻ ﻳﻨﻔﺬ .ﻗﺎل :ﻓﻨﻈﺮ إﻟﻴﻬﺎ ﻓﻬﺎم ﺑﻬﺎ .ﻗﺎل :واﻧﴫف إﻟﻴﻨﺎ ﻓﺘﺰاﻳﺪ ﻋﻠﻴﻪ أﻣﺮﻫﺎ ،وﺧﴚ ً ﻋﺸﻘﺎ — رﺣﻤﻪ ﷲ .وﻛﺎن ﻓﻴﻤﺎ ذﻛﺮ ﻣﻦ اﻟﺼﺎﻟﺤني. اﻟﻔﺘﻨﺔ ﻓﺨﺮج إﱃ اﻟﺒﴫة ﻓﻤﺎت ﺑﻬﺎ ﺣﻜﺎﻳﺔ ً ﻟﻢ أزل أﺳﻤﻌﻬﺎ ﻋﻦ ﺑﻌﺾ ﻣﻠﻮك اﻟﱪاﺑﺮ ،أن ً ﺟﺎرﻳﺔ ،ﻛﺎن ﻳ َِﺠﺪ ﺑﻬﺎ وَﺟْ ﺪًا رﺟﻼ أﻧﺪﻟﺴﻴٍّﺎ ﺑﺎع ٍ ﻟﻔﺎﻗﺔ أﺻﺎﺑﺘﻪ ،ﻣﻦ رﺟﻞ ﻣﻦ أﻫﻞ ذﻟﻚ اﻟﺒﻠﺪ ،وﻟﻢ ﻳﻈﻦ ﺑﺎﺋﻌُ ﻬﺎ أن ﻧﻔﺴﻪ ﺗﺘﺒﻌﻬﺎ ﺷﺪﻳﺪًا، ذﻟﻚ اﻟﺘﺘﺒﱡﻊَ ،ﻓﻠﻤﺎ ﺣﺼﻠﺖ ﻋﻨﺪ ا ُملﺸﱰي ﻛﺎدت ﻧﻔﺲ اﻷﻧﺪﻟﴘ ﺗﺨﺮج ،ﻓﺄﺗﻰ إﱃ اﻟﺬي اﺑﺘﺎﻋﻬﺎ ﻣﻨﻪ وﺣ ﱠﻜﻤﻪ ﰲ ﻣﺎﻟﻪ أﺟﻤﻊ وﰲ ﻧﻔﺴﻪ ،ﻓﺄﺑﻰ ﻋﻠﻴﻪ ،ﻓﺘﺤﻤﱠ ﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺄﻫﻞ اﻟﺒﻠﺪ ﻓﻠﻢ ﻳُﺴﻌﻒ ﻣﻨﻬﻢ أﺣﺪ ،ﻓﻜﺎد ﻋﻘﻠﻪ أن ﻳﺬﻫﺐ ،ورأى أن ﻳﺘﺼﺪﱠى إﱃ املﻠﻚ ،ﻓﺘﻌﺮض ﻟﻪ وﺻﺎح ،ﻓﺴﻤﻌﻪ، ُﴩﻓﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﻓﻮﺻﻞ إﻟﻴﻪ ،ﻓﻠﻤﺎ ﻣَ ﺜُﻞ ﺑني ﻳﺪﻳﻪ أﺧﱪه ﻓﺄﻣﺮ ﺑﺈدﺧﺎﻟﻪ ،واملﻠﻚ ﻗﺎﻋﺪ ﰲ ﻋ ﱢﻠﻴﱠﺔ ﻟﻪ ﻣ ِ ﺑﻘﺼﺘﻪ واﺳﱰﺣﻤﻪ وﺗﴬﱠ ع إﻟﻴﻪ ،ﱠ َ ﻓﺤﴬ ،ﻓﻘﺎل ﻓﺮق ﻟﻪ املﻠ ُﻚ ﻓﺄﻣﺮ ﺑﺈﺣﻀﺎر اﻟﺮﺟﻞ املﺒﺘﺎع ﻟﻪ :ﻫﺬا رﺟﻞ ﻏﺮﻳﺐ ،وﻫﻮ ﻛﻤﺎ ﺗﺮاه ،وأﻧﺎ ﺷﻔﻴﻌُ ﻪ إﻟﻴﻚ .ﻓﺄﺑﻰ ا ُملﺒﺘﺎع وﻗﺎل :أﻧﺎ أﺷﺪ ﺣُ ﺒٍّﺎ ﻟﻬﺎ ﻣﻨﻪ ،وأﺧﴙ إن ﴏﻓﺘﻬﺎ إﻟﻴﻪ أن أﺳﺘﻐﻴﺚ ﺑﻚ ﻏﺪًا وأﻧﺎ ﰲ أﺳﻮأ ﻣﻦ ﺣﺎﻟﺘﻪ .ﻓﻌﺮض ﻟﻪ املﻠﻚ وَﻣَ ﻦ ﺣﻮاﻟﻴﻪ ﻣﻦ أﻣﻮاﻟﻬﻢ ،ﻓﺄﺑﻰ وﻟﺞﱠ واﻋﺘﺬر ﺑﻤﺤﺒﺘﻪ ﻟﻬﺎ ،ﻓﻠﻤﺎ ﻃﺎل املﺠﻠﺲ وﻟﻢ ﻳَ َﺮوْا ﻣﻨﻪ ُ ﺟﻬﺪت اﻟﺒﺘﺔ ﺟُ ﻨﻮﺣً ﺎ إﱃ اﻹﺳﻌﺎف ﻗﺎل ﻟﻸﻧﺪﻟﴘ :ﻳﺎ ﻫﺬا ،ﻣﺎ ﻟﻚ ﺑﻴﺪي أﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﺗﺮى ،وﻗﺪ ﻟﻚ ﺑﺄﺑﻠﻎ َﺳﻌﻲ ،وﻫﻮ ﺗﺮاه ﻳﻌﺘﺬر ﺑﺄﻧﻪ ﻓﻴﻬﺎ أﺣﺐ ﻣﻨﻚ ،وأﻧﻪ ﻳﺨﴙ ﻋﲆ ﻧﻔﺴﻪ ﴍٍّا ﻣﻤﺎ أﻧﺖ ﻓﻴﻪ ،ﻓﺎﺻﱪ ملﺎ ﻗﴣ ﷲ ﻋﻠﻴﻚ .ﻓﻘﺎل اﻷﻧﺪﻟﴘ :ﻓﻤﺎ ﱄ ﺑﻴﺪك ﺣﻴﻠﺔ؟ ﻗﺎل ﻟﻪ :وﻫﻞ ﻫﺎ ﻫﻨﺎ ﻏري اﻟﺮﻏﺒﺔ واﻟﺒﺬل ،ﻣﺎ أﺳﺘﻄﻴﻊ ﻟﻚ أﻛﺜﺮ. ﻓﻠﻤﺎ ﻳَﺌِﺲ اﻷﻧﺪﻟﴘ ﻣﻨﻬﺎ ﺟﻤﻊ ﻳﺪﻳﻪ ورﺟﻠﻴﻪ واﻧﺼﺐ ﻣﻦ أﻋﲆ اﻟﻌﻠﻴﺔ إﱃ اﻷرض، ﻓﺎرﺗﺎع املﻠﻚ وﴏخ ،ﻓﺎﺑﺘﺪر اﻟﻐﻠﻤﺎن ﻣﻦ أﺳﻔﻞُ ، ﻓﻘﴤ أﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺘﺄذﱠ ﰲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﻮع ﻛﺒريَ أذًىُ ، ﻓﺼﻌﺪ ﺑﻪ إﱃ املﻠﻚ ،ﻓﻘﺎل :ﻣﺎذا أردت ﺑﻬﺬا؟ ﻓﻘﺎل :أﻳﻬﺎ املﻠﻚ ،ﻻ ﺳﺒﻴﻞ ﱄ إﱃ اﻟﺤﻴﺎة ً ﺛﺎﻧﻴﺔ ،ﻓ ُﻤﻨِﻊ ،ﻓﻘﺎل املﻠﻚ :ﷲ أﻛﱪ ،ﻗﺪ ﻇﻬﺮ وﺟﻪ اﻟﺤُ ﻜﻢ ﰲ ﻳﺮﻣﻲ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﻌﺪﻫﺎ .ﺛﻢ ﻫ ﱠﻢ أن َ َ ذﻛﺮت أﻧﻚ أو ﱡد ﻟﻬﺎ ﻣﻨﻪ ،وﺗﺨﺎف ﻫﺬه املﺴﺄﻟﺔ .ﺛﻢ اﻟﺘﻔﺖ إﱃ املﺸﱰي ﻓﻘﺎل :ﻳﺎ ﻫﺬا ،إﻧﻚ أن ﺗﺼري ﰲ ﻣﺜﻞ ﺣﺎﻟﻪ .ﻓﻘﺎل :ﻧﻌﻢ .ﻗﺎل :ﻓﺈن ﺻﺎﺣﺒﻚ ﻫﺬا أﺑﺪى ﻋﻨﻮان ﻣﺤﺒﺘﻪ وﻗﺬف ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻳﺮﻳﺪ املﻮت ﻟﻮﻻ أن ﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ وﻗﺎه ،ﻓﺄﻧﺖ ُﻗﻢ ﻓﺼﺤﱢ ﺢ ﺣﺒﻚ وﺗﺮا َم ﻣﻦ أﻋﲆ ﻫﺬه اﻟﻘﺼﺒﺔ ﻛﻤﺎ ﻓﻌﻞ ﺻﺎﺣﺒﻚ ،ﻓﺈن ﱠ َ ﻋﺸﺖ ﻛﻨﺖ أوﱃ ﺑﺎﻟﺠﺎرﻳﺔ إذ ﻫﻲ ﰲ ﻣﺖ ﻓﺒﺄﺟﻠﻚ ،وإن ﻳﺪك ،وﻳﻤﴤ ﺻﺎﺣﺒﻚ ﻋﻨﻚ ،وإن أﺑَﻴ َْﺖ ﻧ َ ُ ﺰﻋﺖ اﻟﺠﺎرﻳﺔ ﻣﻨﻚ رﻏﻤً ﺎ ودﻓﻌﺘُﻬﺎ إﻟﻴﻪ. 147 ﻃﻮق اﻟﺤﻤﺎﻣﺔ ﰲ اﻷ ُ َ ﻟﻔﺔِ واﻷ ُ ﱠﻻف اﻟﻘ َ ﻓﺘﻤﻨﱠﻊ ﺛﻢ ﻗﺎل :أﺗﺮاﻣﻰ .ﻓﻠﻤﺎ ﻗﺮب ﻣﻦ اﻟﺒﺎب وﻧﻈﺮ إﱃ اﻟﻬﻮيﱢ ﺗﺤﺘﻪ رﺟﻊ َ ﻬﻘﺮى، ﻓﻘﺎل ﻟﻪ املﻠﻚ :ﻫﻮ وﷲ ﻣﺎ ﻗﻠﺖ .ﻓﻬ ﱠﻢ ﺛﻢ ﻧَﻜﻞ ،ﻓﻠﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﻘﺪم ﻗﺎل ﻟﻪ املﻠﻚ :ﻻ ﺗﺘﻼﻋﺐ ﺑﻨﺎ، ﻳﺎ ﻏﻠﻤﺎن ،ﺧﺬوا ﺑﻴﺪﻳﻪ وارﻣﻮا ﺑﻪ إﱃ اﻷرض .ﻓﻠﻤﺎ رأى اﻟﻌﺰﻳﻤﺔ ﻗﺎل :أﻳﻬﺎ املﻠﻚ ،ﻗﺪ ﻃﺎﺑﺖ ﻧﻔﴘ ﺑﺎﻟﺠﺎرﻳﺔ .ﻓﻘﺎل ﻟﻪ :ﺟﺰاك ﷲ ﺧريًا .ﻓﺎﺷﱰاﻫﺎ ﻣﻨﻪ ودﻓﻌﻬﺎ إﱃ ﺑﺎﺋﻌﻬﺎ ،واﻧﴫﻓﺎ. 148 ﺑﺎب ﻗﺒﺢ اﳌﻌﺼﻴﺔ ﻗﺎل املﺼﻨﻒ — رﺣﻤﻪ ﷲ ﺗﻌﺎﱃ :وﻛﺜري ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﻳُﻄﻴﻌﻮن أﻧﻔﺴﻬﻢ وﻳﻌﺼﻮن ﻋﻘﻮﻟﻬﻢ، وﻳَﺘﺒﻌﻮن أﻫﻮاءﻫﻢ ،وﻳﺮﻓﻀﻮن أدﻳﺎﻧﻬﻢ ،وﻳﺘﺠﻨﱠﺒﻮن ﻣﺎ ﱠ ﺣﺾ ﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﻋﻠﻴﻪ ورﺗﱠﺒﻪ ﰲ اﻷﻟﺒﺎب اﻟﺴﻠﻴﻤﺔ ﻣﻦ اﻟﻌِ ﱠﻔﺔ وﺗﺮك املﻌﺎﴆ وﻣُﻘﺎرﻋﺔ اﻟﻬﻮى ،وﻳﺨﺎﻟﻔﻮن ﷲ رﺑﱠﻬﻢ ،وﻳﻮاﻓﻘﻮن إﺑﻠﻴﺲ ﻓﻴﻤﺎ ﻳُﺤﺒﻪ ﻣﻦ اﻟﺸﻬﻮة ا ُملﻌْ ِﻄﺒَﺔ ،ﻓﻴﻮاﻗﻌﻮن املﻌﺼﻴﺔ ﰲ ﺣﺒﻬﻢ .وﻗﺪ ﻋﻠﻤﻨﺎ أن ﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ ر ﱠﻛﺐ ﰲ اﻹﻧﺴﺎن ﻃﺒﻴﻌﺘني ﻣﺘﻀﺎدﺗني؛ إﺣﺪاﻫﻤﺎ ﻻ ﺗُﺸري إﻻ ﺑﺨري ،وﻻ ﺗﺤُ ﱡﺾ إﻻ ﻋﲆ ﺣﺴﻦ، وﻻ ﻳُﺘَﺼﻮﱠر ﻓﻴﻬﺎ إﻻ ﻛﻞ أﻣﺮ ﻣَ ْﺮﴈﱟ ،وﻫﻲ اﻟﻌﻘﻞ ،وﻗﺎﺋﺪه اﻟﻌﺪل. واﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺿ ﱞﺪ ﻟﻬﺎ ،ﻻ ﺗﺸري إﻻ إﱃ اﻟﺸﻬﻮات ،وﻻ ﺗﻘﻮد إﻻ إﱃ اﻟﺮدى ،وﻫﻲ اﻟﻨﻔﺲ، وﻗﺎﺋﺪﻫﺎ اﻟﺸﻬﻮة ،وﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﻳﻘﻮل﴿ :إ ِ ﱠن اﻟﻨ ﱠ ْﻔ َﺲ َﻷَﻣﱠ ﺎ َر ٌة ِﺑ ﱡ ﺎﻟﺴﻮءِ﴾ ،وﻛﻨﱠﻰ ﺑﺎﻟﻘﻠﺐ ﻋﻦ اﻟﻌﻘﻞ ﻓﻘﺎل﴿ :إ ِ ﱠن ِﰲ ذَ ِﻟ َﻚ َﻟ ِﺬ ْﻛ َﺮى ﻟِﻤَ ﻦ َﻛ َ ﺎن َﻟ ُﻪ َﻗ ْﻠﺐٌ أ َ ْو أ َ ْﻟ َﻘﻰ ﱠ اﻟﺴﻤْ َﻊ و َُﻫ َﻮ َﺷ ِﻬﻴﺪٌ﴾ ،وﻗﺎل ﺗﻌﺎﱃ: اﻹﻳﻤَ َ ﺎن َو َزﻳﱠﻨ َ ُﻪ ِﰲ ُﻗﻠُﻮ ِﺑ ُﻜﻢْ﴾ .وﺧﺎﻃﺐ أوﱄ اﻷﻟﺒﺎب. ﴿ﺣَ ﺒﱠﺐَ إ ِ َﻟﻴْ ُﻜ ُﻢ ْ ِ ﻓﻬﺎﺗﺎن اﻟﻄﺒﻴﻌﺘﺎن ُﻗﻄﺒﺎن ﰲ اﻹﻧﺴﺎن ،وﻫﻤﺎ ُﻗﻮﺗﺎن ﻣﻦ ُﻗﻮى اﻟﺠﺴﺪ اﻟﻔﻌﱠ ﺎل ﺑﻬﻤﺎ، وﻣﻄﺮﺣﺎن ﻣﻦ ﻣَ ﻄﺎرح ُﺷﻌﺎﻋﺎت ﻫﺬﻳﻦ اﻟﺠﻮﻫﺮﻳﻦ اﻟﻌﺠﻴﺒني اﻟﺮﻓﻴﻌني اﻟﻌُ ﻠﻮﻳني؛ ﻓﻔﻲ ﻛﻞ ﺟﺴﺪ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﺣ ﱡ ﻈﻪ ﻋﲆ ﻗﺪر ﻣُﻘﺎﺑﻠﺘﻪ ﻟﻬﻤﺎ ﰲ ﺗﻘﺪﻳﺮ اﻟﻮاﺣﺪ اﻟﺼﻤﺪ ،ﺗﻘﺪﱠﺳﺖ أﺳﻤﺎؤه، َ اﻟﻨﻔﺲ ارﺗﺪع ﺣني َﺧ َﻠﻘﻪ وﻫﻴﱠﺄه ،ﻓﻬﻤﺎ ﻳﺘﻘﺎﺑﻼن أﺑﺪًا وﻳﺘﻨﺎزﻋﺎن دأﺑًﺎ ،ﻓﺈذا ﻏﻠﺐ اﻟﻌﻘ ُﻞ ُ اﻟﻨﻔﺲ اﻹﻧﺴﺎن ،وﻗﻤَ ﻊ ﻋﻮارﺿﻪ ا َملﺪﺧﻮﻟﺔ واﺳﺘﻀﺎء ﺑﻨﻮر ﷲ واﺗﺒﻊ اﻟﻌﺪل ،وإذا ﻏﻠﺒﺖ اﻟﻔﺮق ﺑني اﻟﺤﺴﻦ واﻟﻘﺒﻴﺢ ،وﻋَ ُ ُ اﻟﻌﻘ َﻞ ﻋﻤﻴﺖ اﻟﺒﺼرية ،وﻟﻢ ﻳﺼﺢﱠ ﻈﻢ اﻻﻟﺘﺒﺎس ،وﺗﺮدﱠى ﰲ ُﻫﻮﱠة اﻟ ﱠﺮدى وﻣَ ﻬﻮاة اﻟﻬَ ﻠﻜﺔ ،وﺑﻬﺬا ﺣَ ُﺴﻦ اﻷﻣﺮ واﻟﻨﻬﻲ ،ووﺟﺐ اﻻﻛﺘﻤﺎل ،وﺻﺢﱠ اﻟﺜﻮاب واﻟﻌﻘﺎب ،واﺳﺘُﺤﻖ اﻟﺠﺰاء .واﻟﺮوح واﺻﻞ ﺑني ﻫﺎﺗني اﻟﻄﺒﻴﻌﺘني ،وﻣ ﱢ ُﻮﺻﻞ ﻣﺎ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ، وﺣﺎﻣﻞ اﻻﻟﺘﻘﺎء ﺑﻬﻤﺎ .وإن اﻟﻮﻗﻮف ﻋﻨﺪ ﺣ ﱢﺪ اﻟﻄﺎﻋﺔ ملﻌﺪوم إﻻ ﺑ ُ ﻄﻮل اﻟﺮﻳﺎﺿﺔ ،وﺻﺤﺔ ﻃﻮق اﻟﺤﻤﺎﻣﺔ ﰲ اﻷ ُ َ ﻟﻔﺔِ واﻷ ُ ﱠﻻف املﻌﺮﻓﺔ ،وﻧﻔﺎذ اﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ،وﻣﻊ ذﻟﻚ اﺟﺘﻨﺎب اﻟﺘﻌﺮض ﻟﻠﻔِ ﺘَﻦ وﻣُﺪاﺧﻠﺔ اﻟﻨﺎس ﺟﻤﻠﺔ ،واﻟﺠﻠﻮس ﰲ اﻟﺒﻴﻮت ،وﺑﺎﻟﺤﺮيﱢ أن ﺗﻘﻊ اﻟﺴﻼﻣﺔ املﻀﻤﻮﻧﺔ ،أو ﻳﻜﻮن اﻟﺮﺟﻞ ﺣَ ﺼﻮ ًرا ﻻ أرب ﻟﻪ ﰲ اﻟﻨﺴﺎء ،وﻻ ﺟﺎرﺣﺔ ﻟﻪ ﺗُﻌﻴﻨﻪ ﻋﻠﻴﻬﻦ ﻗﺪﻳﻤً ﺎ .و َو َرد :ﻣﻦ وُﻗﻲ ﴍﱠ َﻟ ْﻘﻠﻘﻪ َ وﻗﺒْﻘﺒﻪ وَذﺑْﺬﺑﻪ، ﴍ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﺑﺤﺬاﻓريﻫﺎ .واﻟﻠﻘﻠﻖ :اﻟﻠﺴﺎن ،واﻟﻘﺒﻘﺐ :اﻟﺒﻄﻦ ،واﻟﺬﺑﺬب :اﻟﻔﺮج. ﻓﻘﺪ وُﻗﻲ َ ﱠ وﻟﻘﺪ أﺧﱪﻧﻲ أﺑﻮ ﺣﻔﺺ اﻟﻜﺎﺗﺐ — ﻫﻮ ﻣﻦ وﻟﺪ َروح ﺑﻦ ِزﻧﺒﺎع اﻟﺠﺬاﻣﻲ — أﻧﻪ ﺳﻤﻊ ﺑﻌﺾ ا ُملﺘﱠﺴﻤني ﺑﺎﺳﻢ اﻟﻔﻘﻪ ﻣﻦ أﻫﻞ اﻟﺮواﻳﺔ املﺸﺎﻫري وﻗﺪ ُﺳﺌﻞ ﻋﻦ ﻫﺬا اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻓﻘﺎل :اﻟﻘﺒﻘﺐ :اﻟﺒﻄﻴﺦ. وﺣﺪﺛﻨﺎ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ ،ﺣﺪﺛﻨﺎ وﻫﺐ ﺑﻦ ﻣَ ﴪة وﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ أﺑﻲ دﻟﻴﻢ ،ﻋﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﱠ وﺿﺎح ،ﻋﻦ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﻳﺤﻴﻰ ،ﻋﻦ ﻣﺎﻟﻚ ﺑﻦ أﻧﺲ ،ﻋﻦ زﻳﺪ ﺑﻦ أﺳﻠﻢ ،ﻋﻦ ﻋﻄﺎء ﺑﻦ ﻳﺴﺎر ،أن رﺳﻮل ﷲ ﷺ ﻗﺎل ﰲ ﺣﺪﻳﺚ ﻃﻮﻳﻞ :ﻣَ ﻦ وﻗﺎه ﷲ ﴍﱠ اﺛﻨﺘني دﺧﻞ اﻟﺠﻨﺔ. ُ ﻓﺴﺌﻞ ﻋﻦ ذﻟﻚ ﻓﻘﺎل :ﻣﺎ ﺑني ﻟِﺤْ ﻴَﻴﻪ وﻣﺎ ﺑني ِرﺟْ َﻠﻴﻪ. وإﻧﻲ ﻷﺳﻤﻊ ﻛﺜريًا ﻣﻤﻦ ﻳﻘﻮل :اﻟﻮﻓﺎء ﰲ ﻗﻤﻊ اﻟﺸﻬﻮات ﰲ اﻟ ﱢﺮﺟﺎل دون اﻟﻨﺴﺎء. وإن ﱄ ً ﻓﺄُﻃﻴ ُﻞ اﻟﻌﺠﺐ ﻣﻦ ذﻟﻚ ،ﱠ ﻗﻮﻻ ﻻ أﺣﻮل ﻋﻨﻪ :اﻟﺮﺟﺎل واﻟﻨﺴﺎء ﰲ اﻟﺠﻨﻮح إﱃ ﻫﺬﻳﻦ ﻣﺎﻧﻊ اﻟﺸﻴﺌني ﺳﻮاء ،وﻣﺎ رﺟﻞ ﻋﺮﺿﺖ ﻟﻪ اﻣﺮأة ﺟﻤﻴﻠﺔ ﺑﺎﻟﺤُ ﺐﱢ وﻃﺎل ذﻟﻚ وﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺛ َ ﱠﻢ ﻣﻦ ٍ ﴍك اﻟﺸﻴﻄﺎن ،واﺳﺘﻬﻮﺗْﻪ املﻌﺎﴆ ،واﺳﺘﻔ ﱠﺰه اﻟﺤﺮص ،وﺗَﻐﻮﱠﻟﻪ اﻟﻄﻤﻊ ،وﻣﺎ إﻻ وﻗﻊ ﰲ َ َ اﻣﺮأة دﻋﺎﻫﺎ رﺟﻞ ﺑﻤﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ إﻻ وأﻣﻜﻨﺘْﻪ ،ﺣﺘﻤً ﺎ ﻣَ ﻘﻀﻴٍّﺎ ،وﺣﻜﻤً ﺎ ﻧﺎﻓﺬًا ﻻ ﻣﺤﻴﺪ ﻋﻨﻪ اﻟﺒﺘﺔ. وﻟﻘﺪ أﺧﱪﻧﻲ ٌ ﺛﻘﺔ ﺻﺪق ﻣﻦ إﺧﻮاﻧﻲ ﻣﻦ أﻫﻞ اﻟﺘﱠﻤﺎم ﰲ اﻟﻔﻘﻪ واﻟﻜﻼم واملﻌﺮﻓﺔ ،وذو ً ً ً ُ ْ ﻓﻨﻔﺮت، ﻓﻌﺮﺿﺖ ﻟﻬﺎ أدﻳﺒﺔ ذات ﺟﻤﺎل ﺑﺎرع ،ﻗﺎل: ﻧﺒﻴﻠﺔ ﺟﺎرﻳﺔ ﺻﻼﺑﺔ ﰲ دﻳﻨﻪ ،أﻧﻪ أﺣﺐ ُ ُ ْ ﻓﺄﺑﺖ ،ﻓﻠﻢ ﻳﺰل اﻷﻣﺮ ﻳﻄﻮل وﺣﺒﱡﻬﺎ ﻳﺰﻳﺪ وﻫﻲ ﻻ ﺗﻄﻴﻊ اﻟﺒﺘﺔ ،إﱃ أن ﺣﻤﻠﻨﻲ ﻋﺮﺿﺖ ﺛﻢ ﻧﺬرت أﻧﻲ ﻣﺘﻰ ُ ُ ﻓﺮط ﺣﺒﻲ ﻟﻬﺎ ﻣﻊ ﻋَ ﻤَ ﻰ ﱢ ﻧﻠﺖ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺮادي أن أﺗﻮب إﱃ ﷲ اﻟﺼﺒَﻰ ﻋﲆ أن ً ً ﺻﺎدﻗﺔ .ﻗﺎل :ﻓﻤﺎ ﻣَ ﱠﺮت اﻷﻳﺎم واﻟﻠﻴﺎﱄ ﺣﺘﻰ أذﻋﻨﺖ ﺑﻌﺪ ﺷﻤﺎس وﻧﻔﺎر .ﻓﻘﻠﺖ ﻟﻪ :أﺑﺎ ﺗﻮﺑﺔ ُ َ ﻓﻀﺤﻜﺖ. وﻓﻴﺖ ﺑﻌﻬﺪك؟ ﻓﻘﺎل :إي وﷲ. ﻓﻼن، وذﻛﺮت ﺑﻬﺬه َ ُ اﻟﻔﻌﻠﺔ ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﺰل ﻳُﺘﺪاول ﰲ أﺳﻤﺎﻋﻨﺎ ﻣﻦ أن ﰲ ﺑﻼد اﻟﱪﺑﺮ اﻟﺘﻲ ﺗﺠﺎوز أﻧﺪﻟﺴﻨﺎ ﻳﺘﻌﻬﺪ اﻟﻔﺎﺳﻖ ﻋﲆ أﻧﻪ إذا ﻗﴣ وﻃﺮه ﻣﻤﻦ أراد ْ أن ﻳﺘﻮب إﱃ ﷲ ،ﻓﻼ ﻳُﻤﻨﻊ ﻣﻦ ذﻟﻚ ،وﻳُﻨﻜﺮون ﻋﲆ ﻣﻦ ﺗﻌ ﱠﺮض ﻟﻪ ﺑﻜﻠﻤﺔ وﻳﻘﻮﻟﻮن ﻟﻪ :أﺗﺤﺮم ً رﺟﻼ ﻣﺴﻠﻤً ﺎ اﻟﺘﻮﺑﺔ؟ ً ﻄﺮ ﻗ ﱡ ﻣﺒﻠﻐﺎ ﻣﺎ َﺧ َ ﺑﺒﺎل ،وﻻ ﻗﺎل :وﻟﻌﻬﺪي ﺑﻬﺎ ﺗﺒﻜﻲ وﺗﻘﻮل :وﷲ ﻟﻘﺪ ﺑ ﱠﻠﻐﺘﻨﻲ ﻂﱄ ٍ ُ ﻗﺪرت أن أﺟﻴﺐ إﻟﻴﻪ أﺣﺪًا. 150 ﺑﺎب ﻗﺒﺢ املﻌﺼﻴﺔ وﻟﺴﺖ أُﺑﻌﺪ أن ﻳﻜﻮن اﻟﺼﻼح ﰲ اﻟﺮﺟﺎل واﻟﻨﺴﺎء ﻣﻮﺟﻮدًا ،وأﻋﻮذ ﺑﺎهلل أن أﻇﻦ ﻏري ﻫﺬا ،وإﻧﻲ رأﻳﺖ اﻟﻨﺎس ﻳَﻐﻠﻄﻮن ﰲ ﻣﻌﻨﻰ ﻫﺬه اﻟﻜﻠﻤﺔ — أﻋﻨﻲ اﻟﺼﻼح — ﻏﻠ ً ﻄﺎ ﺑﻌﻴﺪًا. واﻟﺼﺤﻴﺢ ﰲ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺗﻔﺴريﻫﺎ أن اﻟﺼﺎﻟﺤﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺴﺎء ﻫﻲ اﻟﺘﻲ إذا ُ ﺿﺒﻄﺖ اﻧﻀﺒﻄﺖ، وإذا ُﻗﻄﻌﺖ ﻋﻨﻬﺎ اﻟﺬراﺋﻊ أﻣﺴﻜﺖ ،واﻟﻔﺎﺳﺪة ﻫﻲ اﻟﺘﻲ إذا ُ ﺿﺒﻄﺖ ﻟﻢ ﺗَﻨﻀﺒﻂ ،وإذا ﺣﻴﻞ ﺑﻴﻨﻬﺎ وﺑني اﻷﺳﺒﺎب اﻟﺘﻲ ﺗُ َﺴﻬﱢ ﻞ اﻟﻔﻮاﺣﺶ ﺗﺤﻴﱠﻠﺖ ﰲ أن ﺗﺘﻮﺻﻞ إﻟﻴﻬﺎ ﺑﴬوب ﻣﻦ اﻟﺤﻴﻞ، واﻟﺼﺎﻟﺢ ﻣﻦ اﻟﺮﺟﺎل ﻣﻦ ﻻ ﻳُﺪاﺧﻞ أﻫﻞ اﻟﻔﺴﻮق ،وﻻ ﻳﺘﻌ ﱠﺮض إﱃ املﻨﺎﻇﺮ اﻟﺠﺎﻟﺒﺔ ﻟﻸﻫﻮاء، ُ وﻳﻨﴩ وﻻ ﻳﺮﻓﻊ ﻃﺮﻓﻪ إﱃ اﻟﺼﻮر اﻟﺒﺪﻳﻌﺔ اﻟﱰﻛﻴﺐ ،واﻟﻔﺎﺳﻖ ﻣﻦ ﻳﻌﺎﴍ أﻫﻞ اﻟﻨﻘﺺ، ﺑﴫه إﱃ اﻟﻮﺟﻮه اﻟﺒﺪﻳﻌﺔ اﻟﺼﻨﻌﺔ ،وﻳﺘﺼﺪى ﻟﻠﻤﺸﺎﻫﺪ املﺆذﻳﺔ ،وﻳﺤﺐ اﻟﺨﻠﻮات املﻬﻠﻜﺎت، واﻟﺼﺎﻟﺤﺎن ﻣﻦ اﻟﺮﺟﺎل واﻟﻨﺴﺎء ﻛﺎﻟﻨﺎر اﻟﻜﺎﻣﻨﺔ ﰲ اﻟﺮﻣﺎد ﻻ ﺗﺤﺮق ﻣﻦ ﺟﺎورﻫﺎ إﻻ ﺑﺄن ِ واﻟﻔﺎﺳﻘﺎن ﻛﺎﻟﻨﺎر املﺸﺘﻌﻠﺔ ﺗﺤﺮق ﻛﻞ ﳾء. ﺗُﺤَ ﱠﺮك، ِ وأﻣﺎ اﻣﺮأة ﻣﻬﻤﻠﺔ ورﺟﻞ ﻣﺘﻌﺮض ﻓﻘﺪ ﻫﻠﻜﺎ وﺗﻠﻔﺎ؛ وﻟﻬﺬا ﺣُ ﱢﺮم ﻋﲆ املﺴﻠﻢ اﻻﻟﺘﺬاذ ﺑﺴﻤﺎع ﻧﻐﻤﺔ اﻣﺮأة أﺟﻨﺒﻴﺔ ،وﻗﺪ ﺟُ ﻌﻠﺖ اﻟﻨﻈﺮة اﻷوﱃ ﻟﻚ واﻷﺧﺮى ﻋﻠﻴﻚ .وﻗﺪ ﻗﺎل رﺳﻮل ﷲ ﷺ :ﻣﻦ ﺗﺄﻣﻞ اﻣﺮأة وﻫﻮ ﺻﺎﺋﻢ ﺣﺘﻰ ﻳﺮى ﺣَ ﺠﻢ ﻋﻈﺎﻣﻬﺎ ﻓﻘﺪ أﻓﻄﺮ .وإن ﻓﻴﻤﺎ ورد ﻣﻦ اﻟﻨﻬﻲ ﻋﻦ اﻟﻬﻮى ﱢ ﺑﻨﺺ اﻟﺘﻨﺰﻳﻞ ﻟﺸﻴﺌًﺎ ﻣﻘﻨﻌً ﺎ ،وﰲ إﻳﻘﺎع ﻫﺬه اﻟﻜﻠﻤﺔ — أﻋﻨﻲ اﻟﻬﻮى ﻣﻌﺎن ،واﺷﺘﻘﺎﻗﻬﺎ ﻋﻨﺪ اﻟﻌﺮب ،وذﻟﻚ دﻟﻴﻞ ﻋﲆ ﻣﻴﻞ اﻟﻨﻔﻮس وﻫﻮﻳﱢﻬﺎ إﱃ ﻫﺬه — اﺳﻤً ﺎ ﻋﲆ ٍ املﻘﺎﻣﺎت ،وإن املﺘﻤﺴﻚ ﻋﻨﻬﺎ ﻣُﻘﺎرع ﻟﻨﻔﺴﻪ ،ﻣُﺤﺎرب ﻟﻬﺎ. ً ﻣﻜﺎن ﺗُ ﱡ رﺟﻼ ﺤﺲ أن وﳾء أﺻﻔﻪ ﻟﻚ ﺗﺮاه ﻋِ ﻴﺎﻧًﺎ ،وﻫﻮ أﻧﻲ ﻣﺎ رأﻳﺖ ﻗﻂ اﻣﺮأة ﰲ ٍ ً ً ﻳﺮاﻫﺎ أو ﻳﺴﻤﻊ ﱠ ﻓﺎﺿﻠﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻨﻬﺎ ﺑﻤﻌﺰل ،وأﺗﺖ ﺑﻜﻼم زاﺋﺪ ﺣﺮﻛﺔ ﺣﺴﻬﺎ إﻻ وأﺣﺪﺛﺖ َ ني ﻟﻜﻼﻣﻬﺎ وﺣﺮﻛﺘﻬﺎ ﻗﺒﻞ ذﻟﻚ ،ورأﻳﺖ اﻟﺘﻬﻤﱡ ﻢ ملﺨﺎرج ﻟﻔﻈﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻨﻪ ﰲ ُﻏﻨﻴﺔ، ﻣﺨﺎﻟﻔ ِ وﻫﻴﺌﺔ ﺗﻘ ﱡﻠﺒﻬﺎ ﻻﺋﺤً ﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻇﺎﻫ ًﺮا ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻻ ﺧﻔﺎء ﺑﻪ ،واﻟﺮﺟﺎل ﻛﺬﻟﻚ إذا أﺣﺴﻮا ﺑﺎﻟﻨﺴﺎء. وأﻣﺎ إﻇﻬﺎر اﻟﺰﻳﻨﺔ وﺗﺮﺗﻴﺐ املﴚ وإﻳﻘﺎع املﺰح ﻋﻨﺪ ُﺧﻄﻮر املﺮأة ﺑﺎﻟﺮﺟﻞ ،واﺟﺘﻴﺎز اﻟﺮﺟﻞ ﺑﺎملﺮأة؛ ﻓﻬﺬا أﺷﻬﺮ ﻣﻦ اﻟﺸﻤﺲ ﰲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن ،وﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ ﻳﻘﻮلُ : ﴿ﻗﻞ ﱢﻟ ْﻠ ُﻤ ْﺆ ِﻣ ِﻨ َ ني ﻳ َُﻐ ﱡﻀﻮا ْﺼ ِﺎرﻫِ ْﻢ َوﻳَﺤْ َﻔ ُ ِﻣ ْﻦ أَﺑ َ َﴬﺑ َْﻦ ِﺑﺄ َ ْرﺟُ ﻠ ِِﻬ ﱠﻦ ِﻟﻴُﻌْ َﻠ َﻢ ﻈﻮا ُﻓ ُﺮوﺟَ ﻬُ ﻢْ﴾ ،وﻗﺎل ﺗﻘﺪﱠﺳﺖ أﺳﻤﺎؤه﴿ :و ََﻻ ﻳ ْ ِ ﻣَ ﺎ ﻳ ُْﺨﻔِ َ ني ِﻣﻦ ِزﻳﻨَﺘ ِِﻬ ﱠﻦ﴾ .ﻓﻠﻮﻻ ﻋﻠﻢ ﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ ﺑﺮﻗﺔ إﻏﻤﺎﺿﻬﻦ ﰲ اﻟﺴﻌﻲ ﻹﻳﺼﺎل ﺣُ ﺒﻬﻦ إﱃ اﻟﻘﻠﻮب ،وﻟُﻄﻒ ﻛﻴﺪﻫﻦ ﰲ اﻟﺘﺤﻴﱡﻞ ﻻﺳﺘﺠﻼب اﻟﻬﻮى ،ملﺎ ﻛﺸﻒ ﷲ ﻋﻦ ﻫﺬا املﻌﻨﻰ اﻟﺒﻌﻴﺪ اﻟﻐﺎﻣﺾ اﻟﺬي ﻟﻴﺲ وراءه ﻣﺮﻣً ﻰ ،وﻫﺬا ﺣﺪ اﻟﺘﻌ ﱡﺮض ﻓﻜﻴﻒ ﺑﻤﺎ دوﻧﻪ! ﴎ ﻣﻌﺘﻘﺪ اﻟﺮﺟﺎل واﻟﻨﺴﺎء ﰲ ﻫﺬا ﻋﲆ أﻣﺮ ﻋﻈﻴﻢ ،وأﺻﻞ ذﻟﻚ أﻧﻲ وﻟﻘﺪ اﻃﻠﻌﺖ ﻣﻦ ﱢ ﻟﻢ أﺣﺴﻦ ﻗﻂ ﺑﺄﺣﺪ ﻇﻨٍّﺎ ﰲ ﻫﺬا اﻟﺸﺄن ،ﻣﻊ َﻏرية ﺷﺪﻳﺪة ُر ﱢﻛﺒﺖ ﰲ ﱠ. 151 ﻃﻮق اﻟﺤﻤﺎﻣﺔ ﰲ اﻷ ُ َ ﻟﻔﺔِ واﻷ ُ ﱠﻻف وﺣﺪﱠﺛﻨﺎ أﺑﻮ ﻋﻤﺮو أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ ،ﺣﺪﱠﺛﻨﺎ أﺣﻤﺪ ،ﺣﺪﱠﺛﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﲇ ﺑﻦ رﻓﺎﻋﺔ ،ﺣﺪﱠﺛﻨﺎ ﻋﲇ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ ،ﺣﺪﱠﺛﻨﺎ أﺑﻮ ﻋﺒﻴﺪ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﺑﻦ ﺳﻼم ﻋﻦ ﺷﻴﻮﺧﻪ ،أن ً رﺳﻮل ﷲ ﷺ ﻗﺎلَ : ﻛﺎﺷﻔﺎ ﻋﻦ أﴎارﻫﻦ، اﻟﻐ ْرية ﻣﻦ اﻹﻳﻤﺎن .ﻓﻠﻢ أزل ﺑﺎﺣﺜًﺎ ﻋﻦ أﺧﺒﺎرﻫﻦ، ﻓﻜﻦ ﻳُ ْ أﻧﺴﻦ ﻣﻨﱢﻲ ﺑﻜﺘﻤﺎن ،ﱠ َ ﻄﻠِﻌﻨﻨﻲ ﻋﲆ ﻏﻮاﻣﺾ أﻣﻮرﻫﻦ .وﻟﻮﻻ أن أﻛﻮن ﻣُﻨﺒﱢﻬً ﺎ وﻛﻦ ﻗﺪ ُ ُ ٍ اﻟﴪ وﻣﻜﺮﻫﻦ ﻓﻴﻪ ﻋﺠﺎﺋﺐ ﺗﺬﻫﻞ ﻷوردت ﻣﻦ ﺗﻨﺒﻬﻬﻦ ﰲ ﻋﻮرات ﻳُﺴﺘﻌﺎذ ﺑﺎهلل ﻣﻨﻬﺎ ﻋﲆ ﱢ اﻷﻟﺒﺎب. وإﻧﻲ ﻷﻋﺮف ﻫﺬا وأﺗﻘﻨﻪ ،وﻣﻊ ﻫﺬا ﻳﻌﻠﻢ ﷲ — وﻛﻔﻰ ﺑﻪ ﻋﻠﻴﻤً ﺎ — أﻧﻲ ﺑﺮيء اﻟﺴﺎﺣﺔ، ﺳﻠﻴﻢ اﻷدﻳﻢ ،ﺻﺤﻴﺢ اﻟﺒﴩة ،ﻧﻘﻲ اﻟﺤﺠﺰة ،وإﻧﻲ أﻗﺴﻢ ﺑﺎهلل أﺟ ﱠﻞ اﻷﻗﺴﺎم أﻧﻲ ﻣﺎ ﺣﻠﻠﺖ ُ ﻋﻘﻠﺖ إﱃ ﻳﻮﻣﻲ ﻫﺬا ،وﷲ ِﻣﺌﺰري ﻋﲆ ﻓﺮج ﺣﺮام ﻗﻂ ،وﻻ ﻳﺤﺎﺳﺒﻨﻲ رﺑﻲ ﺑﻜﺒرية اﻟﺰﻧﺎ ﻣﺬ َ واملﺴﺘﻌﺼﻢ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻘﻲ. املﺤﻤﻮد ﻋﲆ ذﻟﻚ ،واملﺸﻜﻮر ﻓﻴﻤﺎ ﻣﴣ، ﺣﺪﺛﻨﺎ اﻟﻘﺎﴈ أﺑﻮ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﷲ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﺟﺤﺎف املﻌﺎﻓﺮي — ﻗﺎض رأﻳﺘُﻪ — ﻋﻦ ﻣﺤﻤﺪ اﺑﻦ إﺑﺮاﻫﻴﻢ اﻟﻄﻠﻴﻄﲇ ،ﻋﻦ اﻟﻘﺎﴈ ﺑﻤﴫ ﺑﻜﺮ ﺑﻦ وإﻧﻪ ﻷﻓﻀﻞ ٍ ﱢث﴾ أن ﻟﺒﻌﺾ املﺘﻘﺪﻣني ﻓﻴﻪ ً اﻟﻌﻼء ﰲ ﻗﻮل ﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ﴿ :وَأَﻣﱠ ﺎ ِﺑﻨِﻌْ ﻤَ ِﺔ َرﺑﱢ َﻚ َﻓﺤَ ﺪ ْ ﻗﻮﻻ؛ وﻫﻮ أن املﺴﻠﻢ ﻳﻜﻮن ﻣﺨﱪًا ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﻤﺎ أﻧﻌﻢ ﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﺑﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﻃﺎﻋﺔ رﺑﻪ اﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﻣﻦ أﻋﻈﻢ اﻟﻨﻌﻢ ،وﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﰲ املﻔﱰض ﻋﲆ املﺴﻠﻤني اﺟﺘﻨﺎﺑﻪ واﺗﺒﺎﻋﻪ .وﻛﺎن اﻟﺴﺒﺐ وﴍﱠة اﻟﺤﺪاﺛﺔ وﺗﻤ ﱡﻜ ِﻦ َﻏﺮارة ُ ﻓﻴﻤﺎ ذﻛﺮﺗﻪ أﻧﻲ ﻛﻨﺖ َ وﻗﺖ ﺗﺄﺟﱡ ﺞ ﻧﺎر اﻟﺼﺒﺎ ِ اﻟﻔﺘﻮة ﻣَ ﻘﺼﻮ ًرا ﻣﺤ ﱠ ﺻ ُ ُ ﻣﻠﻜﺖ ﻧﻔﴘ وﻋﻘﻠﺖ َ ﺤﺒﺖ أﺑﺎ ﻋﲇ اﻟﺤﺴني ﺑﻦ ﻈ ًﺮا ﻋﲇ ﱠ ﺑني ُرﻗﺒﺎء ورﻗﺎﺋﺐ ،ﻓﻠﻤﺎ ﻋﲇ اﻟﻔﺎﳼ ﰲ ﻣﺠﻠﺲ أﺑﻲ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ أﺑﻲ ﻳﺰﻳﺪ اﻷزدي ﺷﻴﺨﻨﺎ وأﺳﺘﺎذي — ً ً ﻋﺎﻣﻼ ﻋﺎ ًملﺎ ﻣﻤﻦ ﺗﻘﺪﱠم ﰲ اﻟﺼﻼح واﻟﻨﺴﻚ ﻋﺎﻗﻼ رﴈ ﷲ ﻋﻨﻪ — وﻛﺎن أﺑﻮ ﻋﲇ املﺬﻛﻮر اﻟﺼﺤﻴﺢ ﰲ اﻟﺰﻫﺪ ﰲ اﻟﺪﻧﻴﺎ واﻻﺟﺘﻬﺎد ﻟﻶﺧﺮة ،وأﺣﺴﺒﻪ ﻛﺎن ﺣﺼﻮ ًرا ﻷﻧﻪ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻟﻪ اﻣﺮأة ً ُ وﻋﻠﻤﺖ ﻣﻮﻗﻊ وﻋﻤﻼ ودﻳﻨًﺎ وورﻋً ﺎ ،ﻓﻨﻔﻌﻨﻲ ﷲ ﺑﻪ ﻛﺜريًا، ﻗﻂ ،وﻣﺎ رأﻳﺖ ﻣﺜﻠﻪ ﺟُ ﻤﻠﺔ ﻋِ ﻠﻤً ﺎ اﻹﺳﺎءة وﻗﺒﺢ املﻌﺎﴆ .وﻣﺎت أﺑﻮ ﻋﲇ — رﺣﻤﻪ ﷲ — ﰲ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺤﺞ. وﻟﻘﺪ ﺿﻤﻨﻲ املﺒﻴﺖ ً ﻟﻴﻠﺔ ﰲ ﺑﻌﺾ اﻷزﻣﺎن ﻋﻨﺪ اﻣﺮأة ﻣﻦ ﺑﻌﺾ ﻣﻌﺎرﰲ ﻣﺸﻬﻮرة ﺑﺎﻟﺼﻼح واﻟﺨري واﻟﺤﺰم ،وﻣﻌﻬﺎ ﺟﺎرﻳﺔ ﻣﻦ ﺑﻌﺾ ﻗﺮاﺑﺎﺗﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﻼﺗﻲ ﻗﺪ ﺿﻤﺘﻬﺎ ﻣﻌﻲ اﻟﻨﺸﺄة ﰲ اﻟﺼﺒﺎ ،ﺛﻢ ﻏﺒﺖ ﻋﻨﻬﺎ أﻋﻮاﻣً ﺎ ﻛﺜري ًة ،وﻛﻨﺖ ﺗﺮﻛﺘﻬﺎ ﺣني أﻋﴫت ،ووﺟﺪﺗُﻬﺎ ﻗﺪ ﺟﺮى ﻋﲆ وﺟﻬﻬﺎ ﻣﺎءُ اﻟﺸﺒﺎب ﻓﻔﺎض واﻧﺴﺎب ،وﺗﻔﺠﱠ ﺮت ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻳﻨﺎﺑﻴﻊ املﻼﺣﺔ ﻓﱰددت ﱠ ْ وﺗﻮﻗﺪت ،واﻧﺒﻌﺚ ﰲ ﺧﺪﱠﻳﻬﺎ وﻃﻠﻌﺖ ﰲ ﺳﻤﺎء وﺟﻬﻬﺎ ﻧﺠﻮم اﻟﺤُ ﺴﻦ ﻓﺄﴍﻗﺖ وﺗﺤريت، أزاﻫري اﻟﺠﻤﺎل ﻓﺘﻤﱠ ﺖ واﻋﺘﻤﺖ ،ﻓﺄﺗﺖ ﻛﻤﺎ أﻗﻮل: 152 ﺑﺎب ﻗﺒﺢ املﻌﺼﻴﺔ ﺟَ ﱠﻠ ْﺖ ﻣَ َﻼﺣَ ﺘُ ﻬَ ﺎ ﻋَ ْﻦ ُﻛ ﱢﻞ ﺗَ ْﻘ ﺪِﻳ ِﺮ ﺎب َوﻳَ ْﻮ َم اﻟﻨ ﱠ ْﻔ ِﺦ ﻓِ ﻲ اﻟ ﱡ ﻮر ﺼ ِ ﻳَ ْﻮ َم اﻟﺤِ َﺴ ِ ُ ُ ﻮر ِﺑ ﺎﻟ ﺠَ ﻨ ﱠ ﺘَ ﻴْ ِﻦ وَﻗ ْﺮ ِب اﻟ ﺨ ﱠﺮ ِد اﻟ ﺤُ ِ ﺻ َ َﺧ ِﺮﻳ َﺪ ٌة َ ﻮر ﺎﻏ ﻬَ ﺎ اﻟ ﱠﺮﺣْ ﻤَ ُﻦ ِﻣ ْﻦ ﻧ ُ ِ َﻟ ْﻮ ﺟَ ﺎءَ ِﻧﻲ ﻋَ ﻤَ ِﻠﻲ ﻓِ ﻲ ﺣُ ْﺴ ِﻦ ُ ﺻﻮ َرﺗِﻬَ ﺎ َﻟ ُﻜ ﻨ ْ ُﺖ أَﺣْ َ ﻈ ﻰ ﻋِ ﺒَ ﺎدِ اﻟ ﻠ ﻪ ُﻛ ﱢﻠ ِﻬ ُﻢ ُﺻﺎف ،وﻗﺪ َ وﻛﺎﻧﺖ ﻣﻦ أﻫﻞ ﺑﻴﺖ ﺻﺒﺎﺣﺔ ،وﻗﺪ ﻇﻬﺮت ﻣﻨﻬﺎ ﺻﻮرة ﺗُﻌﺠﺰ اﻟﻮ ﱠ ﻃﺒﱠﻖ ُ وﺻﻒ ﺷﺒﺎﺑﻬﺎ ﻗﺮﻃﺒﺔ ،ﱡ ﻟﻴﺎل ﻣﺘﻮاﻟﻴﺔ ،وﻟﻢ ﺗُﺤﺠﺐ ﻋﻨﱢﻲ ﻋﲆ ﺟﺎري اﻟﻌﺎدة ﻓﺒﺖ ﻋﻨﺪﻫﺎ ﺛﻼث ٍ ﻣﻨﴘ ﰲ اﻟﱰﺑﻴﺔ .ﻓﻠﻌﻤﺮي ﻟﻘﺪ ﻛﺎد ﻗﻠﺒﻲ أن ﻳﺼﺒ َﻮ وﻳﺜﻮب إﻟﻴﻪ ﻣَ ﺮﻓﻮض اﻟﻬﻮى ،وﻳﻌﺎوده ﱡ اﻣﺘﻨﻌﺖ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻣﻦ دﺧﻮل ﺗﻠﻚ اﻟﺪار ً ُ ﺧﻮﻓﺎ ﻋﲆ ﻟُﺒﻲ أن ﻳﺰدﻫﻴﻪ اﻻﺳﺘﺤﺴﺎن. اﻟﻐﺰل .وﻟﻘﺪ وﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻲ وﺟﻤﻴﻊ أﻫﻠﻬﺎ ﻣﻤﻦ ﻻ ﺗﺘﻌﺪﱠى اﻷﻃﻤﺎ ُع إﻟﻴﻬﻦ ،وﻟﻜﻦ اﻟﺸﻴﻄﺎن ﻏري ﻣﺄﻣﻮن اﻟﻐﻮاﺋﻞ ،وﰲ ذﻟﻚ أﻗﻮل: َﻻ ﺗُﺘْ ِﺒ ِﻊ اﻟﻨ ﱠ ْﻔ َﺲ اﻟﻬَ ﻮَى إِﺑْ ِﻠ ﻴ ُﺲ ﺣَ ﱞﻲ َﻟ ْﻢ ﻳَ ُﻤ ْﺖ َود َِع اﻟﺘﱠﻌَ ﱡﺮ َ ض ِﻟ ْﻠ ِﻤﺤَ ْﻦ وَاﻟ ﻌَ ﻴْ ُﻦ ﺑَ ﺎبٌ ِﻟ ْﻠ ﻔِ ﺘَ ْﻦ وأﻗﻮل: و ََﻗ ﺎ ِﺋ ٌﻞ ِﻟ َﻲ َﻫ ﺬَا َﻓ ُﻘ ْﻠ ُﺖ َد ْع ﻋَ ﻨ ْ َﻚ َﻟ ْﻮ ِﻣﻲ َ ﻇ ﱞﻦ ﻳَ ِﺰﻳ ُﺪ َك َﻏ ﻴٍّ ﺎ أ َ َﻟ ﻴْ َﺲ إِﺑْ ِﻠ ﻴ ُﺲ ﺣَ ﻴٍّ ﺎ وﻣﺎ أورد ﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻣﻦ ﻗﺼﺔ ﻳﻮﺳﻒ ﺑﻦ ﻳﻌﻘﻮب وداود ﺑﻦ إﻳﴚ — ُر ُﺳﻞ ﷲ ﻋﻠﻴﻬﻢ اﻟﺴﻼم — إﻻ ﻟﻴُﻌ ﱢﻠﻤﻨﺎ ﻧُﻘﺼﺎﻧﻨﺎ وﻓﺎﻗﺘَﻨﺎ إﱃ ﻋِ ﺼﻤﺘﻪ ،وأن ِﺑﻨْﻴﺘﻨﺎ ﻣﺪﺧﻮﻟﺔ ﺿﻌﻴﻔﺔ، ﻓﺈذا ﻛﺎﻧﺎ — ﺻﲆ ﷲ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ — وﻫﻤﺎ ﻧﺒﻴﱠﺎن رﺳﻮﻻن أﺑﻨﺎء أﻧﺒﻴﺎءَ ُر ُﺳ ٍﻞ وﻣﻦ أﻫﻞ ﺑﻴﺖ َ َ ﻣﺤﻔﻮﻓني ﺑﺎﻟﻜﻼءة ،ﻣﺆﻳﺪَﻳﻦ ﻣﻐﻤﻮﺳني ﰲ اﻟﻮﻻﻳﺔ، ﻧﺒﻮة ورﺳﺎﻟﺔ ،ﻣﺘﻜﺮ َرﻳﻦ ﰲ اﻟﺤﻔﻆ، ُ ِ ﺑﺎﻟﻌﺼﻤﺔ ،ﻻ ﻳُﺠﻌﻞ ﻟﻠﺸﻴﻄﺎن ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ ﺳﺒﻴﻞ ،وﻻ ﻓﺘﺢ ﻟﻮﺳﻮاﺳﻪ ﻧﺤﻮﻫﻤﺎ ﻃﺮﻳﻖ ،وﺑﻠﻐﺎ ﺣﻴﺚ ﻧ َ ﱠ ﺺ ﷲ ﻋ ﱠﺰ وﺟ ﱠﻞ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﰲ ﻗﺮآﻧﻪ املﻨ ﱠﺰل ﺑﺎﻟﺠﺒﻠﺔ املﻮﻛﻠﺔ ،واﻟﻄﺒﻊ اﻟﺒﴩيﱢ ،واﻟﺨِ ﻠﻘﺔ اﻷﺻﻴﻠﺔ ،ﻻ ﺑﺘﻌﻤﺪ اﻟﺨﻄﻴﺌﺔ وﻻ اﻟﻘﺼﺪ إﻟﻴﻬﺎ؛ إذ اﻟﻨﺒﻴﱡﻮن ُﻣﱪﱠءون ﻣﻦ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺧﺎﻟﻒ ﻃﺎﻋﺔ ﷲ ﻋ ﱠﺰ وﺟ ﱠﻞ ،ﻟﻜﻨﻪ اﺳﺘﺤﺴﺎن ﻃﺒﻴﻌﻲ ﰲ اﻟﻨﻔﺲ ﻟﻠﺼﻮر ،ﻓﻤﻦ ذا اﻟﺬي ﻳَﺼﻒ ﻧﻔﺴﻪ ِﺑﻤ ْﻠﻜﻬﺎ ﻄﻬﺎ إﻻ ﺑﺤﻮل ﷲ ُ ﺿﺒ َ وﻳﺘﻌﺎﻃﻰ َ وﻗﻮﺗﻪ! وأول دم ُﺳﻔﻚ ﰲ اﻷرض ﻓﺪ ُم أﺣﺪ اﺑﻨَﻲ آدم ﻋﲆ ﺳﺒﺐ املﻨﺎﻓﺴﺔ ﰲ اﻟﻨﺴﺎء ،ورﺳﻮل ﷲ ﷺ ﻳﻘﻮل :ﺑﺎﻋِ ﺪُوا ﺑني أﻧﻔﺎس اﻟﺮﺟﺎل واﻟﻨﺴﺎء. 153 ﻃﻮق اﻟﺤﻤﺎﻣﺔ ﰲ اﻷ ُ َ ﻟﻔﺔِ واﻷ ُ ﱠﻻف وﻫﺬه اﻣﺮأة ﻣﻦ اﻟﻌﺮب ﺗﻘﻮل ،وﻗﺪ ﺣﺒﻠﺖ ﻣﻦ ذي ﻗﺮاﺑﺔ ﻟﻬﺎ ،ﺣني ُﺳﺌﻠﺖ :ﻣﺎ ﺑﺒﻄﻨﻚ ﻳﺎ ﻫﻨﺪ؟ ﻓﻘﺎﻟﺖُ :ﻗﺮب اﻟﻮﺳﺎد و ُ ﻃﻮل اﻟﺴﻮاد .وﰲ ذﻟﻚ أﻗﻮل ﺷﻌ ًﺮا ،ﻣﻨﻪ: َﻟﻴْ َﺲ ﻳُ ْﺮ ِﺿﻲ َﻏﻴْ َﺮ ُه ﻋِ ﻨ ْ َﺪ اﻟ ِﻤﺤَ ْﻦ وَﻣَ ﺘَ ﻰ َﻗ ﱠﺮﺑْ ﺘَ ُﻪ َﻗ ﺎﻣَ ْﺖ د َ َﺧ ْﻦ َﻓ َﺴ َﺪ اﻟ ﻨ ﱠ ُ ﺎس ﺟَ ِﻤ ﻴ ﻌً ﺎ وَاﻟ ﱠﺰﻣَ ﻦ ُﺧ ِﻠ َﻖ اﻟ َﻔ ﺤْ ُﻞ ِﺑ َﻼ َﺷ ﱟﻚ َﻟ ﻬُ ﻦ َﻻ ﺗَ ُﻜ ْﻦ ﻋَ ْﻦ أَﺣَ ٍﺪ ﺗَﻨ ْﻔِ ﻲ اﻟ ﱢ ﻈﻨ َﻦ ﻇﻬَ َﺮ اﻟ ﱠ ﻋَ ْﻦ َﻗ ِﺒﻴ ٍﺢ أ َ ْ ﻄ ْﻮ َع اﻟﺤَ َﺴ ْﻦ أَﻋْ ﻤَ َﻞ اﻟﺤِ ﻴ َﻠ َﺔ ﻓِ ﻲ َﺧ ْﻠ ِﻊ اﻟ ﱠﺮ َﺳ ْﻦ َﻻ ﺗَﻠُ ْﻢ ﻣَ ْﻦ ﻋَ ﱠﺮ َ ض اﻟ ﻨ ﱠ ْﻔ َﺲ ِﻟ ﻤَ ﺎ َﻻ ﺗُ ﻘ ﱢﺮبْ ﻋَ ْﺮ َﻓ ﺠً ﺎ ِﻣ ْﻦ َﻟ ﻬَ ٍﺐ ﺼ ﱢﺮ ْ َﻻ ﺗُ َ ف ِﺛ َﻘ ًﺔ ﻓِ ﻲ أَﺣَ ٍﺪ ُﺧ ِﻠ َﻖ اﻟ ﻨ ﱢ ْﺴ ﻮَا ُن ِﻟ ْﻠ َﻔ ﺤْ ِﻞ َﻛ ﻤَ ﺎ ُﻛ ﱡﻞ َﺷ ْﻜ ٍﻞ ﻳَ ﺘَ َﺸ ﻬﱠ ﻰ َﺷ ْﻜ َﻠ ُﻪ ﺼ ﺎ ِﻟ ِﺢ ﻣَ ْﻦ إ ِ ْن ُ ِﺻ َﻔ ُﺔ اﻟ ﱠ ﺻ ﻨ ْﺘَ ُﻪ و َِﺳ ﻮَا ُه ﻣَ ْﻦ إذَا ﺛ َ ﱠﻘ ْﻔ ﺘَ ُﻪ ُ ﺑﻌﺾ إﺧﻮاﻧﻪ ﻓﻮﺟﺪه وإﻧﻲ ﻷﻋﻠﻢ ﻓﺘًﻰ ﻣﻦ أﻫﻞ اﻟﺼﻴﺎﻧﺔ ﻗﺪ أُوﻟﻊ ﺑﻬﻮًى ﻟﻪ ،ﻓﺎﺟﺘﺎز ﻗﺎﻋﺪًا ﻣﻊ ﻣَ ﻦ ﻛﺎن ﻳُﺤﺐ ،ﻓﺎﺳﺘﺠﻠﺒﻪ إﱃ ﻣﻨﺰﻟﻪ ،ﻓﺄﺟﺎﺑﻪ إﱃ ﻣﻨﺰﻟﻪ ﺑﺎﻣﺘﺜﺎل املﺴري ﺑﻌﺪه، ﻓﻤﴣ داﻋﻴﻪ إﱃ ﻣﻨﺰﻟﻪ واﻧﺘﻈﺮه ﺣﺘﻰ ﻃﺎل ﻋﻠﻴﻪ اﻟﱰﺑﱡﺺ ﻓﻠﻢ ﻳﺄﺗِﻪ ،ﻓﻠﻤﺎ ﻛﺎن ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ اﺟﺘﻤﻊ ﺑﻪ داﻋﻴﻪ ﻓﻌﺪﱠد ﻋﻠﻴﻪ وأﻃﺎل َﻟﻮﻣﻪ ﻋﲆ إﺧﻼﻓﻪ ﻣﻮﻋﺪه ،ﻓﺎﻋﺘﺬر وو ﱠرى .ﻓﻘﻠﺖ أﻧﺎ ﻟﻠﺬي دﻋﺎه :أﻧﺎ أﻛﺸﻒ ﻋُ ﺬره ﺻﺤﻴﺤً ﺎ ﻣﻦ ﻛﺘﺎب ﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ إذ ﻳﻘﻮل﴿ :ﻣَ ﺎ أ َ ْﺧ َﻠ ْﻔﻨَﺎ ﻣَ ْﻮ ِﻋ َﺪ َك ِﺑﻤَ ْﻠ ِﻜﻨَﺎ َو َﻟ ِﻜﻨﱠﺎ ﺣُ ﻤﱢ ْﻠﻨَﺎ أ َ ْو َزا ًرا ﻣﱢ ﻦ ِزﻳﻨ َ ِﺔ ا ْﻟ َﻘ ْﻮ ِم﴾ ،ﻓﻀﺤِ ﻚ ﻣَ ﻦ َ ﺣﴬ .و ُﻛ ﱢﻠﻔﺖ أن أﻗﻮل ﰲ ذﻟﻚ ﺷﻴﺌًﺎ ،ﻓﻘﻠﺖ: َو َﻟ ِﻜ ﱠﻦ ﺟَ ْﺮحَ اﻟ ﺤُ ﺐﱢ َﻏ ﻴْ ُﺮ ﺟُ ﺒَ ِﺎر َﻛ ﻨ َ ﻴْ ﻠُ َ ﻮﻓ ٍﺮ ﺣَ ﱠﻔ ﺘْ ُﻪ َرو ُ ْض ﺑَ ﻬَ ِﺎر ﻮل اﻟ ﻤَ َﻘ ﺎ َﻟ ِﺔ َز ِاري ﻣَ َﻘ ﺎ َﻟ َﺔ ﻣَ ﺤْ ﻠُ ِ َاري أ ُ ِﻟ ﺢﱡ ﻋَ َﻠ ﻴْ ِﻪ ﺗَ ﺎ َر ًة وَأُد ِ َوﻳُﺬْﻫِ ﺐُ َﺷﻮ ًْﻗﺎ ﻓِ ﻲ ُ ﺿﻠُﻮ ِﻋ َﻚ َﺳ ِﺎري ﻋَ ﺪَا َو ُة ﺟَ ٍﺎر ﻓِ ﻲ اﻷَﻧ َ ﺎ ِم ِﻟ ﺠَ ِﺎر َوﺑَ ﻴْ ﻨ َ ﻬُ ﻤَ ﺎ ِﻟ ْﻠ ﻤَ ﻮ ِْت َﺳ ﻴْ ُﻞ ﺑَ ﻮَار وَﺟَ ْﺮﺣُ َﻚ ِﻟ ﻲ ﺟَ ْﺮحٌ ﺟُ ﺒَﺎ ٌر َﻓ َﻼ ﺗَﻠُ ْﻢ ﺻﺎ َرت اﻟﺨِ ﻴ َﻼ ُن و َْﺳ َ ﻂ ﺑَﻴَ ِ و ََﻗ ْﺪ َ ﺎﺿ ِﻪ َو َﻛ ْﻢ َﻗﺎ َل ِﻟﻲ ﻣَ ْﻦ ِﻣ ﱡﺖ وَﺟْ ﺪًا ِﺑﺤُ ﺒﱢ ِﻪ و ََﻗ ْﺪ َﻛ ﺜ ُ َﺮ ْت ِﻣ ﻨ ﱢ ﻲ إ ِ َﻟ ﻴْ ِﻪ ﻣَ َ ﻄ ﺎ ِﻟ ﺐٌ أَﻣَ ﺎ ﻓِ ﻲ اﻟ ﺘﱠ ﺪَا ِﻧ ﻲ ﻣَ ﺎ ﻳُ ﺒ ﱢﺮ ُد ُﻏ ﱠﻠ ًﺔ َﻓ ُﻘ ْﻠ ُﺖ َﻟ ُﻪ َﻟ ْﻮ َﻛ َ ﺎن ذَ ِﻟ َﻚ َﻟ ْﻢ ﺗَ ُﻜ ْﻦ ان َﻟﺪَى اﻟﻮ ََﻏﻰ و ََﻗ ْﺪ ﻳَﺘَ َﺮاءَى اﻟﻌَ ْﺴ َﻜ َﺮ ِ 154 ﺑﺎب ﻗﺒﺢ املﻌﺼﻴﺔ وﱄ ﻛﻠﻤﺘﺎن ﻗﻠﺘُﻬﻤﺎ ﻣُﻌ ﱢﺮ ً ﺿﺎ ﺑﻞ ﻣُﴫﱢﺣً ﺎ ﺑﺮﺟﻞ ﻣﻦ أﺻﺤﺎﺑﻨﺎ ﻛﻨﱠﺎ ﻧﻌﺮﻓﻪ ﻛﻠﻨﺎ ،ﻣﻦ أﻫﻞ اﻟﻄﻠﺐ واﻟﻌﻨﺎﻳﺔ واﻟﻮرع وﻗﻴﺎم اﻟﻠﻴﻞ واﻗﺘﻔﺎء آﺛﺎر اﻟﻨ ﱡ ﱠﺴﺎك وﺳﻠﻮك ﻣﺬاﻫﺐ املﺘﺼﻮﻓني ﻳﻤﺾ اﻟﺰﻣ ُﻦ ﺣﺘﻰ ﻣ ﱠﻜﻦ اﻟﻘﺪﻣﺎء ﺑﺎﺣﺜًﺎ ﻣﺠﺘﻬﺪًا ،وﻗﺪ ﻛﻨﱠﺎ ﻧﺘﺠﻨﱠﺐ املﺰاح ﺑﺤﴬﺗﻪ ،ﻓﻠﻢ ِ َ اﻟﺸﻴﻄﺎن ﻣﻦ ﻧﻔﺴﻪ ،وﻓﺘﻚ ﺑﻌﺪ ﻟﺒﺎس اﻟﻨﺴﺎك ،وﻣﻠﻚ إﺑﻠﻴﺲ ﻣﻦ ﺧِ ﻄﺎﻣﻪ ﻓﺴﻮﱠل ﻟﻪ اﻟﻐﺮور، وزﻳﱠﻦ ﻟﻪ اﻟﻮﻳﻞ واﻟﺜﺒﻮر ،وأﺟ ﱠﺮه َر َﺳﻨﻪ ﺑﻌﺪ إﺑﺎء ،وأﻋﻄﺎه ﻧﺎﺻﻴﺘﻪ ﺑﻌﺪ ﺷﻤﺎسَ ، ﻓﺨﺐﱠ ﰲ ُ أﻃﻠﺖ ﻃﺎﻋﺘﻪ وأوﺿﻊ ،واﺷﺘُﻬﺮ ﺑﻌﺪ ﻣﺎ ذﻛﺮﺗﻪ ﰲ ﺑﻌﺾ املﻌﺎﴆ اﻟﻘﺒﻴﺤﺔ اﻟﻮﴐة .وﻟﻘﺪ ﻣﻼﻣﻪ ،وﺗﺸﺪﱠدت ﰲ ﻋَ ﺬﻟﻪ؛ إذ أﻋﻠﻦ ﺑﺎملﻌﺼﻴﺔ ﺑﻌﺪ اﺳﺘﺘﺎر ،إﱃ أن أﻓﺴﺪ ذﻟﻚ ﺿﻤريه ْ وﺧﺒﺜﺖ ﻧﻴﱠﺘُﻪ ﱄ ،وﺗﺮﺑﺺ ﺑﻲ دواﺋﺮ اﻟﺴﻮء .وﻛﺎن ﺑﻌﺾ أﺻﺤﺎﺑﻨﺎ ﻳﺴﺎﻋﺪه ﺑﺎﻟﻜﻼم ﻋﲇﱠ، اﺳﺘﺠﺮا ًرا إﻟﻴﻪ ،ﻓﻴﺄﻧﺲ ﺑﻪ وﻳُﻈﻬﺮ ﻟﻪ ﻋﺪاوﺗﻲ ،إﱃ أن أﻇﻬﺮ ﷲ ﴎﻳﺮﺗﻪ ،ﻓﻌﻠﻤﻬﺎ اﻟﺒﺎدي واﻟﺤﺎﴐ ،وﺳﻘﻂ ﻣﻦ ﻋﻴﻮن اﻟﻨﺎس ﻛ ﱢﻠﻬﻢ ﺑﻌﺪ أن ﻛﺎن ﻣﻘﺼﺪًا ﻟﻠﻌﻠﻤﺎء ،وﻣُﻨﺘﺎﺑًﺎ ﻟﻠﻔﻀﻼء، ً ﺟﻤﻠﺔ .أﻋﺎذﻧﺎ ﷲ ﻣﻦ اﻟﺒﻼء ،وﺳﱰﻧﺎ ﰲ ﻛﻔﺎﻳﺘﻪ ،وﻻ ﺳﻠﺒﻨﺎ ﻣﺎ ﺑﻨﺎ و َرذَل ﻋﻨﺪ إﺧﻮاﻧﻪ َ اﻟﺨﺬﻻن ﻳَﺤﻞ ﺑﻪ ،وأن اﻟﻌﺼﻤﺔ ﻣﻦ ﻧﻌﻤﺘﻪ .ﻓﻴﺎ َﺳﻮأﺗﺎه ملﻦ ﺑﺪأ ﺑﺎﻻﺳﺘﻘﺎﻣﺔ وﻟﻢ ﻳﻌﻠﻢ أن ﺳﺘﻔﺎرﻗﻪ .ﻻ إﻟﻪ إﻻ ﷲ ،ﻣﺎ أﺷﻨﻊ ﻫﺬا وأﻓﻈﻌﻪ! ﻟﻘﺪ دﻫﻤﺘﻪ إﺣﺪى ﺑﻨﺎت اﻟﺤﺮس ،وأﻟﻘﺖ ﻃﺒﻖ؛ ﻣَ ﻦ ﻛﺎن هلل ً ﻋﺼﺎﻫﺎ ﺑﻪ أم َ أوﻻ ﺛﻢ ﺻﺎر ﻟﻠﺸﻴﻄﺎن آﺧ ًﺮا ،وﻣﻦ إﺣﺪى اﻟﻜﻠﻤﺘني: وَأَﻧ ﱠ ُﻪ َﻛ َ ﺎن ﻣَ ْﺴ ﺘُ ﻮ ًرا َﻓ َﻘ ْﺪ ُﻫ ِﺘ َﻜ ﺎ ﻮل ِﻣ ﻨ ْ ُﻪ َﻗ ْﺪ َ َﻓ َ ﺿ ﺤِ َﻜ ﺎ ﺎﻵن ُﻛ ﱡﻞ ﺟَ ﻬُ ٍ ﻳَ َﺮى اﻟﺘﱠﻬَ ﺘﱡ َﻚ ﻓِ ﻲ دِ ﻳ ِﻦ اﻟﻬَ ﻮَى ﻧ ُ ُﺴﻜﺎ ﻧ َﺤْ َﻮ اﻟ ُﻤ ﺤَ ﺪ ِﱢث ﻳَ ْﺴ ﻌَ ﻰ ﺣَ ﻴْﺜ ُﻤَ ﺎ َﺳ َﻠ َﻜ ﺎ َﻛ ﺄَﻧ ﱠ ُﻪ ِﻣ ْﻦ ﻟُ ﺠَ ﻴْ ٍﻦ ِﺻ ﻴْ ﻎ أ َ ْو ُﺳ ِﺒ َﻜ ﺎ ﺗَ ْﺸﻬَ ْﺪ ﺟَ ِﺒﻴﻨ َﻴْ ِﻦ ﻳَ ْﻮ َم اﻟ ُﻤ ْﻠﺘَ َﻘﻰ ْ اﺷﺘَﺒَ َﻜﺎ إ ِ َﻟ ﻴْ َﻚ ﻋَ ﻨ ﱢ ﻲ َﻛ ﺬَا َﻻ أَﺑْ ﺘَ ﻐِ ﻲ اﻟ ِﺒ َﺮ َﻛ ﺎ ﺗَ َﺮ ْﻛ َﺖ ﻳَ ﻮْﻣً ﺎ َﻓ ِﺈ ﱠن اﻟ ﺤُ ﺐﱠ َﻗ ْﺪ ﺗَ َﺮ َﻛ ﺎ إ ِ ﱠﻻ إِذَا ﻣَ ﺎ ﺣَ َﻠ ْﻠ َﺖ اﻷ ُ ْز َر وَاﻟ ﺘﱢ َﻜ َﻜ ﺎ أ َ ْو ﺗُﺪْﺧِ ﻞ اﻟﺒَﺮ َد ﻋَ ْﻦ إِﻧ ْ َﻔﺎذِ ِه اﻟ ﱢﺴ َﻜ َﻜﺎ ﻳَﻌْ ﻠُﻮ اﻟﺤَ ﺪِﻳ َﺪ ِﻣ َﻦ اﻷ َ ْ ﺻﺪَاءِ إ ِ ْن ُﺳ ِﺒ َﻜﺎ أَﻣﱠ ﺎ اﻟ ُﻐ َﻼ ُم َﻓ َﻘ ْﺪ ﺣَ ﺎﻧ َ ْﺖ َﻓ ِﻀ ﻴ ﺤَ ﺘُ ُﻪ ﻣَ ﺎ َزا َل ﻳَ ْﻀﺤَ ُﻚ ِﻣ ْﻦ أ َ ْﻫ ِﻞ اﻟﻬَ ﻮَى ﻋَ ﺠَ ﺒًﺎ إ ِ َﻟ ﻴْ َﻚ َﻻ ﺗَ ْﻠ ﺢُ َ ﺻ ﺒٍّ ﺎ َﻫ ﺎ ِﺋ ﻤً ﺎ َﻛ ِﻠ ًﻔ ﺎ ﺎب َﻻ ﻳُ َﻔ ِﺎر ُﻗ ُﻪ ذُو ﻣَ ْﺨ ﺒَ ٍﺮ َو ِﻛ ﺘَ ٍ َﻓﺎﻋْ ﺘَ َ ﺎض ِﻣ ْﻦ ُﺳﻤْ ِﺮ أ َ ْﻗ َﻼ ٍم ﺑَﻨ َ َ ﺎن َﻓﺘًﻰ ﻳَ ﺎ َﻻ ِﺋ ِﻤ ﻲ َﺳ َﻔ ﻬً ﺎ ﻓِ ﻲ ذَا َك ﻗِ ﱠﻞ َﻓ َﻠ ْﻢ دَﻋْ ِﻨ ﻲ و َِو ْردِيَ ﻓِ ﻲ اﻵﺑَ ِﺎر أ َ ْ ﻃ ﻠُ ﺒُ ُﻪ إِذَا ﺗَ ﻌَ ﱠﻔ ْﻔ َﺖ ﻋَ ﱠ ﻒ اﻟ ﺤُ ﺐﱡ ﻋَ ﻨ ْ َﻚ َوإ ِ ْن ان ُﻣ ﻨ ْ ﻌَ ﻘِ ﺪًا و ََﻻ ﺗَ ﺤُ ﱠﻞ ِﻣ َﻦ اﻟ ﻬ ﺠْ َﺮ ِ ﺼ ﺤﱢ ﺢ ِﻟ ﻠ ﱡﺴ ْﻠ َ و ََﻻ ﺗُ َ ﺎن ﻣَ ﻤْ َﻠ َﻜ ًﺔ ﻄ ِ و ََﻻ ِﺑ َﻐ ﻴْ ِﺮ َﻛ ِﺜ ﻴ ِﺮ اﻟ ﻤَ ْﺴ ِﺢ ﻳَ ﺬْ َﻫ ﺐُ ﻣَ ﺎ وﻛﺎن ﻫﺬا املﺬﻛﻮر ﻣﻦ أﺻﺤﺎﺑﻨﺎ ﻗﺪ أﺣﻜﻢ اﻟﻘﺮاءات إﺣﻜﺎﻣً ﺎ ﺟﻴﺪًا ،واﺧﺘﴫ ﻛﺘﺎب اﻷﻧﺒﺎري ﰲ اﻟﻮﻗﻒ واﻻﺑﺘﺪاء اﺧﺘﺼﺎ ًرا ﺣﺴﻨًﺎ أُﻋﺠﺐ ﺑﻪ ﻣﻦ رآه ﻣﻦ املﻘﺮﺋني ،وﻛﺎن داﺋﺒًﺎ 155 ﻃﻮق اﻟﺤﻤﺎﻣﺔ ﰲ اﻷ ُ َ ﻟﻔﺔِ واﻷ ُ ﱠﻻف ﻋﲆ ﻃﻠﺐ اﻟﺤﺪﻳﺚ وﺗﻘﻴﻴﺪه ،واملﺘﻮﱄ ﻟﻘﺮاءة ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻌﻪ ﻋﲆ اﻟﺸﻴﻮخ املﺤﺪﱢﺛني ،ﻣﺜﺎﺑ ًﺮا ﻋﲆ اﻟﻨﺴﺦ ﻣﺠﺘﻬﺪًا ﺑﻪ ،ﻓﻠﻤﺎ اﻣﺘُﺤﻦ ﺑﻬﺬه اﻟﺒﻠﻴﱠﺔ ﻣﻊ ﺑﻌﺾ اﻟﻐِ ﻠﻤﺎن َر َﻓﺾ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻣُﻌﺘﻨﻴًﺎ وﺑﺎع ﻛﻠﻴﺔ .ﻧﻌﻮذ ﺑﺎهلل ﻣﻦ اﻟﺨﺬﻻنُ . ً اﺳﺘﺤﺎﻟﺔ ً ً وﻗ ُ ﻛﻠﻤﺔ ،وﻫﻲ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﻠﺖ ﻓﻴﻪ أﻛﺜﺮ ُﻛﺘﺒﻪ ،واﺳﺘﺤﺎل ﻟﻠﻜﻠﻤﺔ اﻟﺘﻲ ذﻛﺮت ﻣﻨﻬﺎ ﰲ أول َﺧﱪه ﺛﻢ ﺗﺮﻛﺘﻬﺎ. وﻗﺪ ذﻛﺮ أﺑﻮ اﻟﺤُ ﺴني أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ إﺳﺤﺎق اﻟﺮوﻳﺪي ﰲ ﻛﺘﺎب اﻟﻠﻔﻆ واﻹﺻﻼح: أن إﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﻦ ﺳﻴﱠﺎر اﻟﻨ ﱠ ﻈﺎم رأس املﻌﺘﺰﻟﺔ ،ﻣﻊ ﻋﻠ ﱢﻮ ﻃﺒﻘﺘﻪ ﰲ اﻟﻜﻼم وﺗﻤ ﱡﻜﻨﻪ وﺗﺤ ﱡﻜﻤﻪ ﰲ املﻌﺮﻓﺔ ،ﺗﺴﺒﱠﺐ إﱃ ﻣﺎ ﺣﺮم ﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﻓﺘًﻰ ﻧﴫاﻧﻲ ﻋﺸﻘﻪ؛ ﺑﺄن وﺿﻊ ﻟﻪ ﻛﺘﺎﺑًﺎ ﰲ ﺗﻔﻀﻴﻞ اﻟﺘﺜﻠﻴﺚ ﻋﲆ اﻟﺘﻮﺣﻴﺪ .ﻓﻴﺎ ﻏﻮﺛﺎه! ﻋﻴﺎذك ﻳﺎ رب ﻣﻦ ﺗﻮ ﱡﻟﺞ اﻟﺸﻴﻄﺎن ووﻗﻮع ﱡ وﻳﺮق اﻟﺪﻳﻦ ﺣﺘﻰ ﻳﺮﴇ اﻹﻧﺴﺎن اﻟﺨﺬﻻن! وﻗﺪ ﻳﻌﻈﻢ اﻟﺒﻼء وﺗَﻜﻠﺐ اﻟﺸﻬﻮة وﻳﻬﻮن اﻟﻘﺒﻴﺢ ﰲ ﺟﻨﺐ وﺻﻮﻟﻪ إﱃ ﻣﺮاده ﺑﺎﻟﻘﺒﺎﺋﺢ واﻟﻔﻀﺎﺋﺢ ،ﻛﻤﺜﻞ ﻣﺎ دﻫﻢ ﻋُ ﺒﻴﺪ ﷲ ﺑﻦ ﻳﺤﻴﻰ اﻷزدي املﻌﺮوف ﺑﺎﺑﻦ اﻟﺤﺮﻳﺮي؛ ﻓﺈﻧﻪ رﴈ ﺑﺈﻫﻤﺎل داره وإﺑﺎﺣﺔ ﺣﺮﻳﻤﻪ واﻟﺘﻌﺮﻳﺾ ﺑﺄﻫﻠﻪ ﻃﻤﻌً ﺎ ﰲ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ ﺑﻐﻴﺘﻪ ﻣﻦ ﻓﺘًﻰ ﻛﺎن ﻋَ ﻠِﻘﻪ — ﻧﻌﻮذ ﺑﺎهلل ﻣﻦ اﻟﻀﻼل ،وﻧﺴﺄﻟﻪ اﻟﺤﻴﺎﻃﺔ وﺗﺤﺴني آﺛﺎرﻧﺎ وإﻃﺎﺑﺔ أﺧﺒﺎرﻧﺎ — ﺣﺘﻰ ﻟﻘﺪ ﺻﺎر املﺴﻜني ﺣﺪﻳﺜًﺎ ﺗَﻌﻤ ُﺮ ﺑﻪ املﺤﺎﻓﻞ، وﺗﺼﺎغ ﻓﻴﻪ اﻷﺷﻌﺎر ،وﻫﻮ اﻟﺬي ﺗﺴﻤﻴﻪ اﻟﻌﺮب اﻟﺪﱠﻳﻮث ،وﻫﻮ ﻣﺸﺘﻖ ﻣﻦ اﻟﺘﺪﻳﻴﺚ ،وﻫﻮ اﻟﺘﺴﻬﻴﻞ ،وﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﺗﺴﻬﻴﻞ ﻣﻦ ﺗَﺴﻤﺢ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﻬﺬا اﻟﺸﺄن ﺗﺴﻬﻴﻞ ،وﻣﻨﻪ ﺑﻌري ﻣﺪﻳﱠﺚ؛ أي ﻣﺬﻟﻞ .وﻟﻌﻤﺮي إن اﻟﻐرية ﻟﺘُﻮﺟَ ﺪ ﰲ اﻟﺤﻴﻮان ﺑﺎﻟﺨِ ْﻠﻘﺔ ،ﻓﻜﻴﻒ وﻗﺪ أ ﱠﻛﺪﺗﻬﺎ ﻋﻨﺪﻧﺎ اﻟﴩﻳﻌﺔ، وﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﻫﺬا ﻣﺼﺎب .وﻟﻘﺪ ﻛﻨﺖ أﻋﺮف ﻫﺬا املﺬﻛﻮر ﻣَ ﺴﺘﻮ ًرا إﱃ أن اﺳﺘﻬﻮاه اﻟﺸﻴﻄﺎن. وﻧﻌﻮذ ﺑﺎهلل ﻣﻦ اﻟﺨِ ﺬﻻن .وﻓﻴﻪ ﻳﻘﻮل ﻋﻴﴗ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﻞ اﻟﺤﻮﻻﻧﻲ: َﺷ َﺮ ًﻛﺎ ِﻟ َ ﺼﻴْ ِﺪ ﺟَ ﺂذِ ِر اﻟﻐ ْﺰ َﻻ ِن ﺗَﺤْ َ ﺎن ﻈﻰ ِﺑ َﻐﻴْ ِﺮ ﻣَ ﺬَ ﱠﻟ ِﺔ اﻟﺤِ ْﺮﻣَ ِ ﻳَﺎ ﺟَ ﺎﻋِ ًﻼ إ ِ ْﺧ َﺮاجَ ﺣُ ﱢﺮ ِﻧ َﺴﺎ ِﺋ ِﻪ إِﻧ ﱢﻲ أ َ َرى َﺷ َﺮ ًﻛﺎ ﻳُﻤَ ﱠﺰ ُق ﺛ ُ ﱠﻢ َﻻ وأﻗﻮل أﻧﺎ ً أﻳﻀﺎ: أَﺑَ ﺎحَ أَﺑُ ﻮ ﻣَ ْﺮو َ َان ﺣُ ﱠﺮ ِﻧ َﺴ ﺎ ِﺋ ِﻪ َﻓ ﻌَ ﺎﺗَﺒْﺘُ ُﻪ اﻟ ﱠﺪﻳﱡ َ ﻮث ﻓِ ﻲ ُﻗ ﺒْ ِﺢ ﻓِ ﻌْ ِﻠ ِﻪ َﻟ َﻘ ْﺪ ُﻛﻨ ْ ُﺖ أ َ ْد َر ْﻛ ُﺖ اﻟ ُﻤﻨ َﻰ َﻏﻴْ َﺮ أَﻧ ﱠ ِﻨﻲ ِﻟﻴَﺒْﻠُ َﻎ ﻣَ ﺎ ﻳَﻬْ ﻮَى ِﻣ َﻦ اﻟ ﱠﺮ َﺷﺄ اﻟ َﻔ ْﺮ ِد َﻓﺄَﻧ ْ َﺸ َﺪ ِﻧﻲ إِﻧ ْ َﺸﺎ َد ُﻣ ْﺴﺘَﺒْ ِﺼ ٍﺮ ﺟَ ْﻠ ِﺪ ﻳُﻌَ ﻴﱢ ُﺮﻧِﻲ َﻗ ْﻮ ِﻣﻲ ِﺑ ِﺈ ْد َرا ِﻛﻬَ ﺎ وَﺣْ ﺪِي 156 ﺑﺎب ﻗﺒﺢ املﻌﺼﻴﺔ وأﻗﻮل ً أﻳﻀﺎ: َرأَﻳْ ُﺖ اﻟ ﺤ ﺰﻳ ﺮى ﻓِ ﻴ ﻤَ ﺎ ﻳُﻌَ ﺎ ِﻧ ﻲ ﻳَ ِﺒ ﻴ ُﻊ َوﻳَ ﺒْ ﺘَﺎ ُع ﻋِ ْﺮ ً ﺿ ﺎ ِﺑ ﻌِ ْﺮ ٍض َوﻳَ ﺄ ْ ُﺧ ﺬُ ِﻣ ﻴ ﻤً ﺎ ِﺑ ِﺈﻋْ َ ﻄ ﺎءِ َﻫ ﺎءٍ َوﻳُ ﺒْ ِﺪ ُل أ َ ْر ً ﺿ ﺎ ﺗُ َﻐ ﺬﱢي اﻟ ﻨ ﱠ ﺒَ َ ﺎت ﺎع َﻟ َﻘ ْﺪ َﺧﺎبَ ﻓِ ﻲ ﺗَﺠْ ِﺮ ِه ذُو اﺑ ِﺘﻴَ ٍ َﻗ ِﻠ ﻴ َﻞ اﻟ ﱠﺮ َﺷ ﺎدِ َﻛ ِﺜ ﻴ َﺮ اﻟ ﱢﺴ َﻔ ﺎ ِه ات ْ أ ُ ُﻣ ﻮ ٌر وَﺟَ ﱢﺪ َك ذَ ُ اﺷ ِﺘ ﺒَ ﺎ ِه أ َ َﻻ َﻫ َﻜ ﺬَا َﻓ ْﻠ ﻴَ ُﻜ ْﻦ ذُو اﻟ ﻨ ﱠﻮَاﻫِ ﻲ ِﺑﺄ َ ْر ٍض ﺗُﺤَ ﱡ ﻒ ِﺑ َﺸﻮْكِ اﻟﻌِ َﻀﺎ ِه ﺎح ِﺑ ﻤَ ﺠْ َﺮى اﻟ ِﻤ ﻴَﺎ ِه ﻣَ ﻬَ ﺐﱠ اﻟ ﱢﺮﻳَ ِ وﻟﻘﺪ ﺳﻤﻌﺘﻪ ﰲ املﺴﺠﺪ اﻟﺠﺎﻣﻊ ﻳﺴﺘﻌﻴﺬ ﺑﺎهلل ﻣﻦ اﻟﻌﺼﻤﺔ ﻛﻤﺎ ﻳُﺴﺘﻌﺎذ ﺑﻪ ﻣﻦ اﻟﺨﺬﻻن. وﻣﻤﺎ ﻳُﺸﺒﻪ ﻫﺬا أﻧﻲ أذﻛﺮ أﻧﻲ ﻛﻨﺖ ﰲ ﻣﺠﻠﺲ ﻓﻴﻪ إﺧﻮان ﻟﻨﺎ ﻋﻨﺪ ﺑﻌﺾ ﻣﻴﺎﺳري أﻫﻞ ﺑﻠﺪﻧﺎ ،ﻓﺮأﻳﺖ ﺑني ﺑﻌﺾ ﻣَ ﻦ ﺣَ ﴬ وﺑني ﻣَ ﻦ ﻛﺎن ﺑﺎﻟﺤﴬة ً أﻳﻀﺎ ﻣﻦ أﻫﻞ ﺻﺎﺣﺐ املﺠﻠﺲ أﻣ ًﺮا أﻧﻜﺮﺗُﻪَ ، وﻏﻤ ًﺰا اﺳﺘﺒﺸﻌﺘُﻪ ،وﺧﻠﻮات اﻟﺤني ﺑﻌﺪ اﻟﺤني ،وﺻﺎﺣﺐ املﺠﻠﺲ ﻛﺎﻟﻐﺎﺋﺐ أو اﻟﻨﺎﺋﻢ ،ﻓﻨﺒﱠﻬﺘُﻪ ﺑﺎﻟﺘﻌﺮﻳﺾ ﻓﻠﻢ ﻳﻨﺘﺒﻪ ،وﺣﺮﻛﺘﻪ ﺑﺎﻟﺘﴫﻳﺢ ﻓﻠﻢ ﻳﺘﺤﺮك ،ﻓﺠﻌﻠﺖ أﻛﺮر ﻋﻠﻴﻪ ﺑﻴﺘني ﻗﺪﻳﻤني ﻟﻌﻠﻪ ﻳَﻔﻄﻦ ،وﻫﻤﺎ ﻫﺬان: ـ ِﺲ أَﺗَﻮْا ِﻟﻠ ﱢﺰﻧ َﺎءِ َﻻ ِﻟ ْﻠﻐِ ﻨ َﺎ ِء ُﻣ َ ﻮﻗ ٌﺮ ِﻣ ْﻦ ﺑَ َﻼ َد ٍة و ََﻏ ﺒَ ﺎءِ إ ِ ﱠن إ ِ ْﺧﻮَاﻧ َ ُﻪ اﻟ ُﻤﻘِ ﻴ ِﻤﻴ َﻦ ِﺑﺎﻷَﻣـ َﻗ َ ﻄﻌُ ﻮا أَﻣْ َﺮ ُﻫ ْﻢ وَأَﻧ ْ َﺖ ﺣِ ﻤَ ﺎ ٌر وأﻛﺜﺮت ﻣﻦ إﻧﺸﺎدﻫﻦ ﺣﺘﻰ ﻗﺎل ﱄ ﺻﺎﺣﺐُ املﺠﻠﺲ :ﻗﺪ أﻣﻠﻠﺘﻨﺎ ﻣﻦ ﺳﻤﺎﻋﻬﻤﺎ ،ﻓﺘﻔﻀﻞ ﺑﱰﻛﻬﻤﺎ أو إﻧﺸﺎد ﻏريﻫﻤﺎ .ﻓﺄﻣﺴﻜﺖ وأﻧﺎ ﻻ أدري أﻏﺎﻓﻞ ﻫﻮ أم ﻣﺘﻐﺎﻓﻞ .وﻣﺎ أذﻛﺮ أﻧﻲ ً ﻗﻄﻌﺔ ،ﻣﻨﻬﺎ: ﻋﺪت إﱃ ذﻟﻚ املﺠﻠﺲ ﺑﻌﺪﻫﺎ ،ﻓﻘﻠﺖ ﻓﻴﻪ ﺎس َ ﻇ ﻨ ٍّ ﺎ أَﻧ ْ َﺖ َﻻ َﺷ ﱠﻚ أَﺣْ َﺴ ُﻦ اﻟ ﻨ ﱠ ِ َﻓ ﺎﻧ ْ ﺘَ ِﺒ ْﻪ إ ِ ﱠن ﺑَ ﻌْ َﺾ ﻣَ ْﻦ َﻛ َ ﺎن ِﺑ ﺎﻷَﻣْ ـ ﻮع — َﻓﺎﻋْ َﻠ ْﻢ — َ ﺻ َﻼ ًة َﻟﻴْ ِﺲ ُﻛ ﱡﻞ اﻟ ﱡﺮ ُﻛ ِ َوﻳَ ﻘِ ﻴ ﻨ ً ﺎ َوﻧِ ﻴﱠ ًﺔ و َ َﺿ ِﻤ ﻴ ًﺮا ـ ِﺲ ﺟَ ِﻠ ﻴ ًﺴ ﺎ َﻟ ﻨ َ ﺎ ﻳُ ﻌَ ﺎ ِﻧ ﻲ َﻛ ِﺒ ﻴ ًﺮا َﻻ و ََﻻ ُﻛ ﱡﻞ ذِي ِﻟ ﺤَ ٍ ﺎظ ﺑَ ِﺼ ﻴ ًﺮا وﺣﺪﱠﺛﻨﻲ ﺛﻌﻠﺐ ﺑﻦ ﻣﻮﳻ اﻟﻜﻼذاﻧﻲ ﻗﺎل :ﺣﺪﺛﻨﻲ ﺳﻠﻴﻤﺎن ﺑﻦ أﺣﻤﺪ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻗﺎل: ﺣﺪﺛﺘﻨﻲ اﻣﺮأة اﺳﻤﻬﺎ ﻫﻨﺪ ،ﻛﻨﺖ رأﻳﺘﻬﺎ ﰲ املﴩق ،وﻛﺎﻧﺖ ﻗﺪ ﺣﺠﱠ ﺖ ﺧﻤﺲ ﺣﺠﺎت ،وﻫﻲ ﻣﻦ املﺘﻌﺒﱢﺪات املﺠﺘﻬﺪات .ﻗﺎل ﺳﻠﻴﻤﺎن :ﻓﻘﺎﻟﺖ ﱄ :ﻳﺎ اﺑﻦ أﺧﻲ ،ﻻ ﺗُﺤﺴﻦ اﻟﻈﻦ ﺑﺎﻣﺮأ ٍة 157 ﻃﻮق اﻟﺤﻤﺎﻣﺔ ﰲ اﻷ ُ َ ﻟﻔﺔِ واﻷ ُ ﱠﻻف ً ُ ُﻨﴫﻓﺔ ﻣﻦ اﻟﺤﺞ رﻛﺒﺖ اﻟﺒﺤﺮ ﻣ ﻗﻂ؛ ﻓﺈﻧﻲ أﺧﱪك ﻋﻦ ﻧﻔﴘ ﺑﻤﺎ ﻳﻌﻠﻤﻪ ﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ: وﻗﺪ رﻓﻀﺖ اﻟﺪﻧﻴﺎ وأﻧﺎ ﺧﺎﻣﺴﺔ ﺧﻤﺲ ﻧِﺴﻮة ،ﻛﻠﻬﻦ ﻗﺪ ﺣَ ﺠَ ﺠْ َﻦِ ، وﴏﻧﺎ ﰲ ﻣﺮﻛﺐ ﰲ ﺑﺤﺮ اﻟﻘﻠﺰم ،وﰲ ﺑﻌﺾ ﻣَ ﱠﻼﺣﻲ اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ رﺟﻞ ﻣﻀﻤﺮ اﻟﺨﻠﻖ ،ﻣﺪﻳﺪ اﻟﻘﺎﻣﺔ ،واﺳﻊ اﻷﻛﺘﺎف، ﺣﺴﻦ اﻟﱰﻛﻴﺐ ،ﻓﺮأﻳﺘﻪ أو َل ﻟﻴﻠﺔ ﻗﺪ أﺗﻰ إﱃ إﺣﺪى ﺻﻮاﺣﺒﻲ ﻓﻮﺿﻊ إﺣﻠﻴﻠﻪ ﰲ ﻳﺪﻫﺎ ،وﻛﺎن ﻟﻴﺎل ﻣﺘﻮاﻟﻴﺎت ،ﻓﻠﻢ ﺿﺨﻤً ﺎ ﺟﺪٍّا ،ﻓﺄﻣﻜﻨﺘْﻪ ﰲ اﻟﻮﻗﺖ ﻣﻦ ﻧﻔﺴﻬﺎ ،ﺛﻢ ﻣ ﱠﺮ ﻋﻠﻴﻬﻦ ﻛﻠﻬﻦ ﰲ ٍ َ ُ ﻓﺄﺧﺬت ﻣﻮﳻ ﻳﺒﻖ ﻟﻪ ﻏريﻫﺎ — ﺗﻌﻨﻲ ﻧﻔﺴﻬﺎ — ﻗﺎﻟﺖ :ﻓﻘﻠﺖ ﰲ ﻧﻔﴘ :ﻷﻧﺘﻘﻤﻦ ﻣﻨﻚ. وأﻣﺴﻜﺘﻬﺎ ﺑﻴﺪي ،ﻓﺄﺗﻰ ﰲ اﻟﻠﻴﻞ ﻋﲆ ﺟﺎري ﻋﺎدﺗﻪ ،ﻓﻠﻤﺎ ﻓﻌَ ﻞ ﻛﻔﻌﻠﻪ ﰲ ﺳﺎﺋﺮ اﻟﻠﻴﺎﱄ ﺳﻘﻄﺖ ُ ُ وﻗﻠﺖ ﻟﻪ وﻗﺪ أﻣﺴﻜﺘُﻪ :ﻻ ُز َ ﻟﺖ أو ﻓﺄﺷﻔﻘﺖ ﻋﻠﻴﻪ املﻮﳻ ﻋﻠﻴﻪ ،ﻓﺎرﺗﺎع وﻗﺎم ﻟﻴﻨﻬﺾ .ﻗﺎﻟﺖ: آﺧﺬ ﻧﺼﻴﺒﻲ ﻣﻨﻚ .ﻗﺎﻟﺖ اﻟﻌﺠﻮز :ﻓﻘﴣ وﻃﺮه وأﺳﺘﻐﻔ ُﺮ ﷲ. وإن ﻟﻠﺸﻌﺮاء ﻣﻦ ﻟﻄﻒ اﻟﺘﻌﺮﻳﺾ ﻋﻦ اﻟﻜﻨﺎﻳﺔ ﻟﻌﺠﺒًﺎ ،وﻣﻦ ﺑﻌﺾ ذﻟﻚ ﻗﻮﱄ ﺣﻴﺚ أﻗﻮل: أَﺗَﺎ ِﻧﻲ وَﻣﺎءُ اﻟ ُﻤ ْﺰ ِن ﻓِ ﻲ اﻟﺠَ ﱢﻮ ﻳُ ْﺴ َﻔ ُﻚ ﺎﺟﻲ اﻧ ْﺤَ ﱠ ﻂ ِﻣ ْﻦ ﺟَ ﱢﻮ أُﻓﻘِ ِﻪ ﻫِ َﻼل اﻟ ﱠﺪﻳَ ِ َو َﻛ َ ﺎن ا ﱠﻟﺬِي إ ِ ْن ُﻛﻨ ْ َﺖ ِﻟﻲ ﻋَ ﻨ ْ ُﻪ َﺳﺎ ِﺋ ًﻼ وري ﺧِ ْﻠﺘُ ِﻨﻲ ﻋَ ﻨ ْ ُﻪ ﻧ َﺎ ِﺋﻤً ﺎ ِﻟ َﻔ ْﺮ ِط ُﺳ ُﺮ ِ َﻛ ﻤَ ﺤْ ِﺾ ﻟُ ﺠَ ﻴ ٍﻦ إِذْ ﻳُ ﻤَ ﱡﺪ َوﻳُ ْﺴ ﺒ ُﻚ َﻓ ُﻘ ْﻞ ﻓِ ﻲ ُﻣﺤِ ﺐﱟ ﻧ َﺎ َل ﻣَ ﺎ َﻟﻴْ َﺲ ﻳُ ْﺪ َر ُك َﻓ ﻤَ ﺎ ِﻟ ﻲ ﺟَ ﻮَابٌ َﻏ ﻴْ َﺮ أَﻧ ﱢ َﻲ أ َ ْ ﺿ ﺤَ ُﻚ َﻓ ﻴَ ﺎ ﻋَ ﺠَ ﺒً ﺎ ِﻣ ْﻦ ُﻣ ﻮ ِﻗ ٍﻦ ﻳَ ﺘَ َﺸ ﱠﻜ ُﻚ ً وأﻗﻮل ً ﻗﻄﻌﺔ ،ﻣﻨﻬﺎ: أﻳﻀﺎ أَﺗَ ﻴْ ﺘَ ِﻨ ﻲ وَﻫِ َﻼ ُل اﻟ ﺠَ ﱢﻮ ُﻣ ﱠ ﻄ ِﻠ ٌﻊ ﺎﺟ ِﺐ اﻟ ﱠﺸ ﻴْ ِﺦ ﻋَ ﱠﻢ اﻟ ﱠﺸ ﻴْﺐُ أ َ ْﻛ ﺜ َ َﺮ ُه َﻛ ﺤَ ِ و ََﻻحَ ﻓِ ﻲ اﻷ ُ ْﻓ ِﻖ َﻗﻮ ُْس اﻟﻠﻪ ُﻣ ْﻜﺘَ ِﺴﻴًﺎ ُﻗ ﺒَ ﻴْ َﻞ َﻗ ْﺮ ِع اﻟ ﻨ ﱠ َ ﺼ ﺎ َرى ِﻟ ﻠ ﻨ ﱠ ﻮَاﻗِ ﻴ ِﺲ وَأ َ ْﺧﻤَ ﺺ اﻟ ﱢﺮﺟْ ِﻞ ﻓِ ﻲ ﻟُ ْ ﻄ ٍﻒ َوﺗَ ْﻘ ِﻮﻳ ِﺲ ﺎب اﻟ ﱠ ﻄ ﻮ َِاوﻳ ِﺲ ِﻣ ْﻦ ُﻛ ﱢﻞ َﻟ ﻮ ٍْن َﻛ ﺄَذْﻧ َ ِ وإن ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺒﺪو إﻟﻴﻨﺎ ﻣﻦ ﺗﻌﺎدي ا ُملﺘﻮاﺻﻠني ﰲ ﻏري ذات ﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﺑﻌﺪ اﻷﻟﻔﺔ ،وﺗﺪاﺑﺮﻫﻢ ﺑﻌﺪ اﻟﻮﺻﺎل ،وﺗﻘﺎﻃﻌﻬﻢ ﺑﻌﺪ املﻮدة ،وﺗﺒﺎﻏﻀﻬﻢ ﺑﻌﺪ املﺤﺒﺔ ،واﺳﺘﺤﻜﺎم اﻟﻀﻐﺎﺋﻦ ،وﺗﺄﻛﺪ ً ﻟﻜﺎﺷﻔﺎ ﻧﺎﻫﻴًﺎ ﻟﻮ ﺻﺎدف ﻋُ ً ﻘﻮﻻ ﺳﻠﻴﻤﺔ ،وآراءً ﻧﺎﻓﺬة ،وﻋﺰاﺋ َﻢ اﻟﺴﺨﺎﺋﻢ ﰲ ﺻﺪورﻫﻢ؛ ﺻﺤﻴﺤﺔ .ﻓﻜﻴﻒ ﺑﻤﺎ أﻋﺪ ﷲ ملﻦ ﻋﺼﺎه ﻣﻦ اﻟﻨﱠﻜﺎل اﻟﺸﺪﻳﺪ ﻳﻮم اﻟﺤﺴﺎب وﰲ دار اﻟﺠﺰاء، وﻣﻦ اﻟﻜﺸﻒ ﻋﲆ رءوس اﻟﺨﻼﺋﻖ ﴿ﻳَ ْﻮ َم ﺗَ َﺮ ْوﻧَﻬَ ﺎ ﺗَﺬْ َﻫ ُﻞ ُﻛ ﱡﻞ ُﻣ ْﺮ ِﺿﻌَ ٍﺔ ﻋَ ﻤﱠ ﺎ أ َ ْر َ ﺿﻌَ ْﺖ َوﺗَ َﻀ ُﻊ 158 ﺑﺎب ﻗﺒﺢ املﻌﺼﻴﺔ ﺎس ُﺳ َﻜﺎ َرى وَﻣَ ﺎ ُﻫﻢ ِﺑ ُﺴ َﻜﺎ َرى َو َﻟﻜ ﱠِﻦ ﻋَ ﺬَابَ ِ ُﻛ ﱡﻞ ذَ ِ ات ﺣَ ﻤْ ٍﻞ ﺣَ ﻤْ َﻠﻬَ ﺎ َوﺗَ َﺮى اﻟﻨ ﱠ َ ﷲ َﺷﺪِﻳﺪٌ﴾. ﱡ وﻳﺴﺘﺤﻖ رﺣﻤﺘﻪ. ﺟﻌﻠﻨﺎ ﷲ ﻣﻤﱠ ﻦ ﻳﻔﻮز ﺑﺮﺿﺎه، ُ ﻓﻌﻬﺪﺗُﻬﺎ أﺻﻔﻰ ﻣﻦ املﺎء، وﻟﻘﺪ رأﻳﺖ اﻣﺮأة ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻮدﺗﻬﺎ ﰲ ﻏري ذات ﷲ ﻋ ﱠﺰ وﺟ ﱠﻞِ ، وأﻟﻄﻒ ﻣﻦ اﻟﻬﻮاء ،وأﺛﺒﺖ ﻣﻦ اﻟﺠﺒﺎل ،وأﻗﻮى ﻣﻦ اﻟﺤﺪﻳﺪ ،وأﺷﺪ اﻣﺘﺰاﺟً ﺎ ﻣﻦ اﻟﻠﻮن ﰲ املﻠﻮن ،وأﻧﻔﺬ اﺳﺘﺤﻜﺎﻣً ﺎ ﻣﻦ اﻷﻋﺮاض ﰲ اﻷﺟﺴﺎم ،وأﺿﻮأ ﻣﻦ اﻟﺸﻤﺲ ،وأﺻﺢ ﻣﻦ اﻟﻌﻴﺎن، وأﺛﻘﺐ ﻣﻦ اﻟﻨﺠﻢ ،وأﺻﺪق ﻣﻦ ﻛﺪر اﻟﻘﻄﺎ ،وأﻋﺠﺐ ﻣﻦ اﻟﺪﻫﺮ ،وأﺣﺴﻦ ﻣﻦ اﻟﱪ ،وأﺟﻤﻞ ﻣﻦ وﺟﻪ أﺑﻲ ﻋﺎﻣﺮ ،وأﻟﺬ ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻓﻴﺔ ،وأﺣﲆ ﻣﻦ ا ُملﻨﻰ ،وأدﻧﻰ ﻣﻦ اﻟﻨﻔﺲ ،وأﻗﺮب ﻣﻦ اﻟﻨﺴﺐ ،وأرﺳﺦ ﻣﻦ اﻟﻨﻘﺶ ﰲ اﻟﺤﺠﺮ ،ﺛﻢ ﻟﻢ أﻟﺒﺚ أن رأﻳﺖ ﺗﻠﻚ املﻮدة ﻗﺪ اﺳﺘﺤﺎﻟﺖ ﻋﺪاوة أﻓﻈﻊ ﻣﻦ املﻮت ،وأﻧﻔﺬ ﻣﻦ اﻟﺴﻬﻢ ،وأﻣﺮ ﻣﻦ اﻟﺴﻘﻢ ،وأوﺣﺶ ﻣﻦ زوال اﻟﻨﻌﻢ ،وأﻗﺒﺢ ﻣﻦ ﺣﻠﻮل اﻟﻨﻘﻢ ،وأﻣﴣ ﻣﻦ ﻋﻘﻢ اﻟﺮﻳﺎح ،وأﴐ ﻣﻦ اﻟﺤﻤﻖ ،وأدﻫﻰ ﻣﻦ ﻏﻠﺒﺔ اﻟﻌﺪو ،وأﺷﺪ ﻣﻦ اﻷﴎ ،وأﻗﴗ ﻣﻦ اﻟﺼﺨﺮ ،وأﺑﻐﺾ ﻣﻦ ﻛﺸﻒ اﻷﺳﺘﺎر ،وأﻧﺄى ﻣﻦ اﻟﺠﻮزاء ،وأﺻﻌﺐ ﻣﻦ ﻣﻌﺎﻧﺎة اﻟﺴﻤﺎء ،وأﻛﱪ ﻣﻦ رؤﻳﺔ املﺼﺎب ،وأﺷﻨﻊ ﻣﻦ ﺧﺮق اﻟﻌﺎدات ،وأﻗﻄﻊ ﻣﻦ ﻓﺠﺄة اﻟﺒﻼء ،وأﺑﺸﻊ ﻣﻦ اﻟﺴﻢ اﻟﺰﻋﺎف ،وﻣﺎ ﻻ ﻳﺘﻮﻟﺪ ﻣﺜﻠﻪ ﻋﻦ اﻟﺬﺣﻮل واﻟﱰات ،وﻗﺘﻞ اﻵﺑﺎء وﺳﺒﻲ اﻷﻣﻬﺎت .وﺗﻠﻚ ﻋﺎدة ﷲ ﰲ أﻫﻞ اﻟﻔﺴﻖ اﻟﻘﺎﺻﺪﻳﻦ ﺳﻮاه ،اﻵﻣﱢ ني ﻏريه ،وذﻟﻚ ﻗﻮﻟﻪ ﻋﺰ وﺟﻞ: ِﻴﻼ * ﱠﻟ َﻘ ْﺪ أ َ َ ﴿ﻳَﺎ َوﻳْ َﻠﺘَﻰ َﻟﻴْﺘَﻨِﻲ َﻟ ْﻢ أَﺗﱠﺨِ ﺬْ ُﻓ َﻼﻧًﺎ َﺧﻠ ً ﺿ ﱠﻠﻨِﻲ ﻋَ ِﻦ اﻟﺬﱢ ْﻛ ِﺮ ﺑَﻌْ َﺪ إِذْ ﺟَ ﺎءَﻧِﻲ﴾. ٌ ﺧﻠﻒ ﻣﻮﱃ ﻳﻮﺳﻒ ﻓﻴﺠﺐ ﻋﲆ اﻟﻠﺒﻴﺐ اﻻﺳﺘﺠﺎرة ﺑﺎهلل ﻣﻤﺎ ﻳُﻮرط ﻓﻴﻪ اﻟﻬﻮى؛ ﻓﻬﺬا ﺑﻦ ﻗﻤﻘﺎم اﻟﻘﺎﺋﺪ املﺸﻬﻮر ،ﻛﺎن أﺣﺪ اﻟﻘﺎﺋﻤني ﻣﻊ ﻫﺸﺎم ﺑﻦ ﺳﻠﻴﻤﺎن ﺑﻦ اﻟﻨﺎﴏ ،ﻓﻠﻤﺎ أُﴎ ﻫﺸﺎم ُ ٌ ﺧﻠﻒ ﰲ ﺟُ ﻤﻠﺘﻬﻢ وﻧﺠﺎ ،ﻓﻠﻤﺎ أﺗﻰ اﻟﻘﺴﻄﻼت وﻗﺘﻞ وﻫﺮب اﻟﺬﻳﻦ وازروهَ ،ﻓ ﱠﺮ ﻟﻢ ﻳُﻄﻖ اﻟﺼﱪ ﻋﻦ ﺟﺎرﻳﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻪ ﺑﻘﺮﻃﺒﺔ ﻓﻜ ﱠﺮ راﺟﻌً ﺎ ،ﻓﻈﻔﺮ ﺑﻪ أﻣري املﺆﻣﻨني املﻬﺪي، ﻓﺄﻣﺮ ﺑﺼﻠﺒﻪ .ﻓﻠﻌﻬﺪي ﺑﻪ ﻣﺼﻠﻮﺑًﺎ ﰲ املﺮج ﻋﲆ اﻟﻨﻬﺮ اﻷﻋﻈﻢ وﻛﺄﻧﻪ ُ اﻟﻘﻨﻔﺬ ﻣﻦ اﻟﻨﺒﻞ. وﻟﻘﺪ أﺧﱪﻧﻲ أﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﻮزﻳﺮ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ اﻟ ﱠﻠﻴﺚ — رﺣﻤﻪ ﷲ — أن ﺳﺒﺐ ﻫﺮوﺑﻪ إﱃ ﻣﺤﻠﺔ اﻟﱪاﺑﺮ أﻳﺎم ﺗﺤﻮﱡﻟﻬﻢ ﻣﻊ ﺳﻠﻴﻤﺎن اﻟﻈﺎﻓﺮ إﻧﻤﺎ ﻛﺎن ﻟﺠﺎرﻳﺔ ﻳﻜ َﻠﻒ ﱠ ﺗﺼريت ﻋﻨﺪ ﺑﻌﺾ ﻣﻦ ﻛﺎن ﰲ ﺗﻠﻚ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ ،وﻟﻘﺪ ﻛﺎد أن ﻳﺘﻠﻒ ﰲ ﺗﻠﻚ اﻟﺴﻔﺮة. ﺑﻬﺎ وﻫﺬان اﻟﻔﺼﻼن وإن ﻟﻢ ﻳﻜﻮﻧﺎ ﻣﻦ ﺟﻨﺲ اﻟﺒﺎب ﻓﺈﻧﻬﻤﺎ ﺷﺎﻫﺪان ﻋﲆ ﻣﺎ ﻳﻘﻮد إﻟﻴﻪ اﻟﻬﻮى ﻣﻦ اﻟﻬﻼك اﻟﺤﺎﴐ اﻟﻈﺎﻫﺮ ،اﻟﺬي ﻳﺴﺘﻮي ﰲ ﻓﻬﻤﻪ اﻟﻌﺎﻟﻢ واﻟﺠﺎﻫﻞ ،ﻓﻜﻴﻒ ﻣﻦ اﻟﻌِ ﺼﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﻔﻬﻤﻬﺎ ﻣﻦ َ ﺿﻌُ ﻔﺖ ﺑﺼريﺗﻪ! وﻻ ﻳﻘﻮﻟﻦ اﻣﺮؤ :ﺧﻠﻮت؛ ﻓﻬﻮ وإن اﻧﻔﺮد وﻣﺴﻤﻊ ﻣﻦ ﱠ ني وَﻣَ ﺎ ﺗُ ْﺨﻔِ ﻲ ﱡ ﻓﺒﻤﺮأًى اﻟﺼﺪُو ُر﴾، ﻋﻼم اﻟﻐﻴﻮب؛ اﻟﺬي ﴿ﻳَﻌْ َﻠ ُﻢ َﺧﺎ ِﺋﻨ َ َﺔ ْاﻷَﻋْ ُ ِ ٍ اﻟﴪ وَأ َ ْﺧ َﻔﻰ﴾ ،و﴿ﻣَ ﺎ ﻳَ ُﻜﻮ ُن ِﻣﻦ ﻧﱠﺠْ ﻮَى ﺛ َ َﻼﺛ َ ٍﺔ إ ِ ﱠﻻ ُﻫ َﻮ َرا ِﺑﻌُ ﻬُ ْﻢ و ََﻻ َﺧﻤْ َﺴ ٍﺔ إ ِ ﱠﻻ ُﻫ َﻮ و﴿ﻳَﻌْ َﻠ ُﻢ ﱢ ﱠ 159 ﻃﻮق اﻟﺤﻤﺎﻣﺔ ﰲ اﻷ ُ َ ﻟﻔﺔِ واﻷ ُ ﱠﻻف َﺳﺎدِ ُﺳﻬُ ْﻢ و ََﻻ أ َ ْدﻧَﻰ ِﻣﻦ ذَ ِﻟ َﻚ و ََﻻ أ َ ْﻛﺜ َ َﺮ إ ِ ﱠﻻ ُﻫ َﻮ ﻣَ ﻌَ ﻬُ ْﻢ أَﻳ َْﻦ ﻣَ ﺎ َﻛﺎﻧُﻮا﴾﴿ ،و َُﻫ َﻮ ﻋَ ﻠِﻴ ٌﻢ ِﺑﺬَ ِ ات ُور﴾ ،وﻫﻮ ﴿ﻋَ ﺎ ِﻟ ُﻢ ا ْﻟ َﻐﻴ ِْﺐ و ﱠ ﺎس و ََﻻ ﻳ َْﺴﺘَ ْﺨ ُﻔ َ َاﻟﺸﻬَ ﺎ َدةِ﴾ ،و﴿ﻳ َْﺴﺘَ ْﺨ ُﻔ َ ﱡ ﻮن ِﻣ َﻦ ﻮن ِﻣ َﻦ اﻟﻨ ﱠ ِ اﻟﺼﺪ ِ َ ْ ْ ْ َ ﻧﺴ َ ِ ﺎن َوﻧَﻌْ َﻠ ُﻢ ﻣَ ﺎ ﺗُﻮ َْﺳ ِﻮ ُس ِﺑ ِﻪ ﻧَﻔ ُﺴ ُﻪ ۖ َوﻧَﺤْ ُﻦ أﻗ َﺮبُ اﻹ َ ﷲ و َُﻫ َﻮ ﻣَ ﻌَ ﻬُ ﻢْ﴾ ،وﻗﺎلَ ﴿ :و َﻟﻘ ْﺪ َﺧ َﻠﻘﻨَﺎ ْ ِ ني وَﻋَ ِﻦ ﱢ ﺎل َﻗﻌِ ﻴ ٌﺪ * ﻣﱠ ﺎ ﻳَ ْﻠﻔِ ُ ﻆ ِﻣﻦ اﻟﺸﻤَ ِ َﺎن ﻋَ ِﻦ ا ْﻟﻴ َِﻤ ِ إ ِ َﻟﻴْ ِﻪ ِﻣ ْﻦ ﺣَ ﺒ ِْﻞ ا ْﻟﻮ َِرﻳ ِﺪ * إِذْ ﻳَﺘَ َﻠ ﱠﻘﻰ ا ْﻟ ُﻤﺘَ َﻠ ﱢﻘﻴ ِ َﻗﻮ ٍْل إ ِ ﱠﻻ َﻟ َﺪﻳْ ِﻪ َرﻗِﻴﺐٌ ﻋَ ﺘِﻴﺪٌ﴾. ﱡ ﻌﺮض ﻋﻦ ﻃﺎﻋﺔ رﺑﻪ ،أن إﺑﻠﻴﺲ وﻟﻴﻌﻠﻢ ا ُمل ﺴﺘﺨﻒ ﺑﺎملﻌﺎﴆ ،ا ُملﺘﱠﻜ ُﻞ ﻋﲆ اﻟﺘﺴﻮﻳﻒ ،ا ُمل ِ ﱠ ْ اﺳﺘﺤﻖ ﻟﻌﻨﺔ اﻷﺑﺪ وﻋﺬاب وﻗﻌﺖ ﻣﻨﻪ ﻛﺎن ﰲ اﻟﺠﻨﺔ ﻣﻊ املﻼﺋﻜﺔ املﻘ ﱠﺮﺑني ،ﻓﻠﻤﻌﺼﻴ ٍﺔ واﺣﺪ ٍة اﻟﺨﻠﺪُ ، ﺑﺬﻧﺐ واﺣ ٍﺪ أُﺧﺮج وﺻ ﱢري ﺷﻴﻄﺎﻧًﺎ رﺟﻴﻤً ﺎ ،وأُﺑﻌﺪ ﻋﻦ رﻓﻴﻊ املﻜﺎن .وﻫﺬا آدم ﷺ ٍ ٍ ﻛﻠﻤﺎت وﺗﺎب ﻋﻠﻴﻪ ﻟﻜﺎن ﻣﻦ ﻣﻦ اﻟﺠﻨﺔ إﱃ ﺷﻘﺎء اﻟﺪﻧﻴﺎ وﻧَﻜﺪﻫﺎ ،وﻟﻮﻻ أﻧﻪ ﺗﻠﻘﻰ ﻣﻦ رﺑﻪ اﻟﻬﺎﻟﻜني .أﻓﱰى ﻫﺬا ا ُملﻐﱰ ﺑﺎهلل َرﺑﱢﻪ وﺑﺈﻣﻼﺋﻪ ﻟﻴﺰداد إﺛﻤً ﺎ ﻳ ُ ﻈ ﱡﻦ أﻧﻪ أﻛﺮم ﻋﲆ ﺧﺎﻟﻘﻪ ﻣﻦ أﺑﻴﻪ آدم اﻟﺬي ﺧﻠﻘﻪ ﺑﻴﺪه ،وﻧَﻔﺦ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ روﺣﻪ ،وأﺳﺠﺪ ﻟﻪ ﻣﻼﺋﻜﺘﻪ اﻟﺬﻳﻦ ﻫﻢ أﻓﻀﻞ ﺧﻠﻘﻪ ﻋﻨﺪه؟ أو ﻋﻘﺎﺑﻪ أﻋﺰ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﻋﻘﻮﺑﺘﻪ إﻳﺎه؟ ﻛﻼ ،وﻟﻜﻦ اﺳﺘﻌﺬاب اﻟﺘﻤﻨﻲ ،واﺳﺘﻴﻄﺎء ﻣﺮﻛﺐ اﻟﻌﺠﺰ ،وﺳﺨﻒ اﻟﺮأي ﻗﺎﺋﺪ ٌة أﺻﺤﺎﺑَﻬﺎ إﱃ اﻟﻮﺑﺎل واﻟﺨﺰي ،وﻟﻮ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻋﻨﺪ رﻛﻮب املﻌﺼﻴﺔ زاﺟﺮ ﻣﻦ ﻧﻬﻲ ﷲ ﺗﻌﺎﱃ ،وﻻ ﺣﺎ ٍم ﻣﻦ ﻏﻠﻴﻆ ﻋﻘﺎﺑﻪ؛ ﻟﻜﺎن ﰲ َﻗﺒﻴﺢ اﻷﺣﺪوﺛﺔ ﻋﻦ ﺻﺎﺣﺒﻪ ،وﻋﻈﻴﻢ اﻟﻈﻠﻢ اﻟﻮاﻗﻊ ﰲ ﻧﻔﺲ ﻓﺎﻋﻠﻪ ،أﻋﻈﻢ ﻣﺎﻧﻊ ،وأﺷﺪ رادع ملﻦ ﻧﻈﺮ ﺑﻌني اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ،واﺗﱠﺒﻊ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﺮﺷﺪ ،ﻓﻜﻴﻒ وﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ ﻳﻘﻮل﴿ :و ََﻻ ﻳ َْﻘﺘُﻠُ َ ﻮن اﻟﻨ ﱠ ْﻔ َﺲ ا ﱠﻟﺘِﻲ ﺣَ ﱠﺮ َم ﻮن ۚ وَﻣَ ﻦ ﻳ َْﻔﻌَ ْﻞ ذَ ِﻟ َﻚ ﻳَ ْﻠ َﻖ أَﺛَﺎﻣً ﺎ * ﻳ َُﻀﺎﻋَ ْ ﷲ ُ إ ِ ﱠﻻ ِﺑﺎ ْﻟﺤَ ﱢﻖ و ََﻻ ﻳَ ْﺰﻧ ُ َ ﻒ َﻟ ُﻪ ا ْﻟﻌَ ﺬَابُ ﻳَ ْﻮ َم ا ْﻟﻘِ ﻴَﺎﻣَ ِﺔ َوﻳ َْﺨﻠُ ْﺪ ﻓِ ﻴ ِﻪ ﻣُﻬَ ﺎﻧًﺎ﴾. ﺣﺪﺛﻨﺎ اﻟﻬﻤﺪاﻧﻲ ﰲ ﻣﺴﺠﺪ اﻟﻘﻤﺮي ﺑﺎﻟﺠﺎﻧﺐ اﻟﻐﺮﺑﻲ ﻣﻦ ﻗﺮﻃﺒﺔ ﺳﻨﺔ إﺣﺪى وأرﺑﻌﻤﺎﺋﺔ، ﺣﺪﺛﻨﺎ اﺑﻦ ﺳﺒﻮﻳﻪ وأﺑﻮ إﺳﺤﺎق اﻟﺒﻠﺨﻲ ﺑﺨﺮاﺳﺎن ﺳﻨﺔ ﺧﻤﺲ وﺳﺒﻌني وﺛﻼﺛﻤﺎﺋﺔ ،ﻗﺎﻻ :ﺛﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻳﻮﺳﻒ :ﺛﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ إﺳﻤﺎﻋﻴﻞ :ﺛﻨﺎ ﻗﺘﻴﺒﺔ ﺑﻦ ﺳﻌﻴﺪ :ﺛﻨﺎ ﺟﺮﻳﺮ ،ﻋﻦ اﻷﻋﻤﺶ، ﻋﻦ أﺑﻲ واﺋﻞ ،ﻋﻦ ﻋﻤﺮو ﺑﻦ ﴍﺣﺒﻴﻞ ﻗﺎل :ﻗﺎل ﻋﺒﺪ ﷲ — وﻫﻮ اﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮد :ﻗﺎل رﺟﻞ: ﻳﺎ رﺳﻮل ﷲ ،أي اﻟﺬﻧﺐ أﻛﱪ ﻋﻨﺪ ﷲ؟ ﻗﺎل :أن ﺗَﺪْﻋُ َﻮ هلل ﻧﺪٍّا وﻫﻮ َﺧﻠﻘﻚ .ﻗﺎل :ﺛﻢ أي؟ ﺗﺰاﻧﻲ ﺣﻠﻴﻠﺔ ﺟﺎرك .ﻓﺄﻧﺰل ﷲ ﻗﺎل :أن ﺗَﻘﺘﻞ وﻟﺪك أن ﻳُﻄﻌَ ﻢ ﻣﻌﻚ .ﻗﺎل :ﺛﻢ أي؟ ﻗﺎل :أن َ ﷲ إ ِ َﻟﻬً ﺎ َ آﺧ َﺮ و ََﻻ ﻳ َْﻘﺘُﻠُ َ ِﻳﻦ َﻻ ﻳَﺪْﻋُ َ ﺗﺼﺪﻳﻘﻬﺎ﴿ :وَا ﱠﻟﺬ َ ﻮن ﻣَ َﻊ ِ ﻮن اﻟﻨ ﱠ ْﻔ َﺲ ا ﱠﻟﺘِﻲ ﺣَ ﱠﺮ َم ﷲ ُ إ ِ ﱠﻻ ِﺑﺎ ْﻟﺤَ ﱢﻖ و ََﻻ ﻳَ ْﺰﻧ ُ َ ﻮن﴾ ،وﻗﺎل ﻋﺰ وﺟﻞ﴿ :اﻟ ﱠﺰا ِﻧﻴ َُﺔ وَاﻟ ﱠﺰاﻧِﻲ َﻓﺎﺟْ ِﻠﺪُوا ُﻛ ﱠﻞ وَاﺣِ ٍﺪ ﻣﱢ ﻨْﻬُ ﻤَ ﺎ ِﻣﺎﺋَ َﺔ ﺟَ ْﻠ َﺪ ٍة و ََﻻ ﷲ إِن ُﻛﻨﺘُ ْﻢ ﺗُ ْﺆ ِﻣﻨ ُ َ ﻳﻦ ِ ﻮن ِﺑﺎهلل ِ﴾. ﺗَﺄ ْ ُﺧﺬْ ُﻛﻢ ِﺑ ِﻬﻤَ ﺎ َرأ ْ َﻓ ٌﺔ ِﰲ دِ ِ 160 ﺑﺎب ﻗﺒﺢ املﻌﺼﻴﺔ ﺣﺪﺛﻨﺎ اﻟﻬﻤﺪاﻧﻲ ،ﻋﻦ أﺑﻲ إﺳﺤﺎق اﻟﺒﻠﺨﻲ واﺑﻦ ﺳﺒﻮﻳﻪ ،ﻋﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻳﻮﺳﻒ ،ﻋﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ إﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ،ﻋﻦ اﻟﻠﻴﺚ ،ﻋﻦ ﻋﻘﻴﻞ ،ﻋﻦ اﺑﻦ ﺷﻬﺎب اﻟﺰﻫﺮي ،ﻋﻦ أﺑﻲ ﺑﻜﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ اﻟﺤﺎرث ﺑﻦ ﻫﺸﺎم وﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ املﺴﻴﺐ املﺨﺰوﻣﻴني ،وأﺑﻲ ﺳﻠﻤﺔ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﻋﻮف اﻟﺰﻫﺮي ،أن رﺳﻮل ﷲ ﷺ ﻗﺎل» :ﻻ ﻳﺰﻧﻲ اﻟ ﱠﺰاﻧﻲ ﺣني ﻳﺰﻧﻲ وﻫﻮ ﻣﺆﻣﻦ«. وﺑﺎﻟﺴﻨﺪ املﺬﻛﻮر إﱃ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ إﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ،ﻋﻦ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﺑُﻜري ،ﻋﻦ اﻟﻠﻴﺚ ،ﻋﻦ ﻋﻘﻴﻞ ،ﻋﻦ اﺑﻦ ﺷﻬﺎب ،ﻋﻦ أﺑﻲ ﺳﻠﻤﺔ وﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ا ُملﺴﻴﺐ ،ﻋﻦ أﺑﻲ ﻫﺮﻳﺮة ﻗﺎل :أﺗﻰ رﺟﻞ إﱃ رﺳﻮل ﷲ ﷺ وﻫﻮ ﰲ املﺴﺠﺪ ﻓﻘﺎل :ﻳﺎ رﺳﻮل ﷲ ،إﻧﻲ زﻧﻴﺖ .ﻓﺄﻋﺮض ﻋﻨﻪ ،ﺛﻢ رد ﻋﻠﻴﻪ أرﺑﻊ ﻣﺮات ،ﻓﻠﻤﺎ ﺷﻬﺪ ﻋﲆ ﻧﻔﺴﻪ أرﺑﻊ ﺷﻬﺎدات دﻋﺎه اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﻓﻘﺎل :أ َ ِﺑ َﻚ ﺟﻨﻮن؟ ﻗﺎل :ﻻ. ﻗﺎل :ﻓﻬﻞ أﺣﺼﻨﺖ؟ ﻗﺎل :ﻧﻌﻢ .ﻓﻘﺎل اﻟﻨﺒﻲ ﷺ :اذﻫﺒﻮا ﺑﻪ ﻓﺎرﺟﻤﻮه. ﻗﺎل اﺑ ُﻦ ﺷﻬﺎب :ﻓﺄﺧﱪﻧﻲ ﻣﻦ ﺳﻤﻊ ﺟﺎﺑﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﷲ ﻗﺎل :ﻛﻨﺖ ﻓﻴﻤﻦ رﺟﻤﻪ، ﻓﺮﺟﻤﻨﺎه ﺑﺎملﺼﲆ ،ﻓﻠﻤﺎ أذﻟﻘﺘﻪ اﻟﺤﺠﺎرة ﻫ َﺮب ،ﻓﺄدرﻛﻨﺎه ﺑﺎﻟﺤ ﱠﺮة ﻓﺮﺟﻤﻨﺎه. ﺣﺪﺛﻨﺎ أﺑﻮ ﺳﻌﻴﺪ ﻣﻮﱃ اﻟﺤﺎﺟﺐ ﺟﻌﻔﺮ ﰲ املﺴﺠﺪ اﻟﺠﺎﻣﻊ ﺑﻘﺮﻃﺒﺔ ،ﻋﻦ أﺑﻲ ﺑﻜﺮ املﻘﺮئ ،ﻋﻦ أﺑﻲ ﺟﻌﻔﺮ اﻟﻨﺤﺎس ،ﻋﻦ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﺑﴩ ،ﻋﻦ ﻋﻤﺮو ﺑﻦ راﻓﻊ ،ﻋﻦ ﻣﻨﺼﻮر، ﻋﻦ اﻟﺤﺴﻦ ،ﻋﻦ ﺣ ﱠ ﻄﺎن ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﷲ اﻟﺮﻗﺎﳾ ،ﻋﻦ ﻋﺒﺎدة ﺑﻦ اﻟﺼﺎﻣﺖ ،ﻋﻦ رﺳﻮل ﷲ ﷺ أﻧﻪ ﻗﺎلُ : ً ﺳﺒﻴﻼ :اﻟﺒﻜﺮ ﺑﺎﻟﺒﻜﺮ ﺟﻠﺪ وﺗﻐﺮﻳﺐ »ﺧﺬوا ﻋﻨﻲ ،ﺧﺬوا ﻋﻨﻲ ،ﻗﺪ ﺟﻌﻞ ﷲ ﻟﻬﻦ ﺳﻨﺔ ،واﻟﺜﻴﺐ ﺑﺎﻟﺜﻴﺐ ﺟﻠﺪ ﻣﺎﺋﺔ واﻟﺮﺟﻢ «.ﻓﻴﺎ ُ ذﻧﺐ أﻧﺰل ﷲ وﺣﻴﻪ ﻣُﺒﻴﻨًﺎ ﺑﺎﻟﺘﺸﻬري ﻟﺸﻨﻌﺔ ٍ ﺑﺼﺎﺣﺒﻪ ،واﻟﻌﻨﻒ ﺑﻔﺎﻋﻠﻪ ،واﻟﺘﺸﺪﻳﺪ ملﻘﱰﻓﻪ! وﺗﺸﺪﱠد ﰲ ﱠأﻻ ﻳُﺮﺟﻢ إﻻ ﺑﺤﴬة أوﻟﻴﺎﺋﻪ َ اﻟﺰاﻧﻲ ا ُملﺤﺼﻦ ﻋﻠﻴﻪ ﻋﻘﻮﺑﺔ رﺟﻤﻪ .وﻗﺪ أﺟﻤﻊ املﺴﻠﻤﻮن إﺟﻤﺎﻋً ﺎ ﻻ ﻳَﻨﻘﻀﻪ إﻻ ﻣُﻠﺤﺪ أن َ اﻟﺮﺟﻢ ﺣﺘﻰ ﻳﻤﻮت. ﻓﻴﺎ ﻟﻬﺎ ﻗﺘﻠﺔ ﻣﺎ أﻫﻮ َﻟﻬﺎ! وﻋﻘﻮﺑﺔ ﻣﺎ أﻓﻈﻌﻬﺎ ،وأﺷﺪ ﻋﺬاﺑﻬﺎ وأﺑﻌﺪﻫﺎ ﻣﻦ اﻹراﺣﺔ وﴎﻋﺔ املﻮت! وﻃﻮاﺋﻒ ﻣﻦ أﻫﻞ اﻟﻌﻠﻢ ﻣﻨﻬﻢ اﻟﺤﺴﻦ ﺑﻦ أﺑﻲ اﻟﺤﺴﻦ ،واﺑﻦ راﻫﻮﻳﻪ ،وداود وأﺻﺤﺎﺑﻪ ﻳ َﺮوْن ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻊ اﻟﺮﺟﻢ ﺟﻠﺪ ﻣﺎﺋﺔ ،وﻳﺤﺘﺠﱡ ﻮن ﻋﻠﻴﻪ ﺑﻨﺺ اﻟﻘﺮآن وﺛﺒﺎت اﻟﺴﻨﺔ ﻋﻦ رﺳﻮل ﷲ ﷺ ،وﺑﻔﻌﻞ ﻋﲇ ﱟ — رﴈ ﷲ ﻋﻨﻪ — ﺑﺄﻧﻪ َرﺟﻢ اﻣﺮأة ﻣﺤﺼﻨﺔ ﰲ اﻟﺰﻧﺎ ﺑﻌﺪ أن ﺟﻠﺪﻫﺎ ﻣﺎﺋﺔ ،وﻗﺎل :ﺟﻠﺪﺗﻬﺎ ﺑﻜﺘﺎب ﷲ ،ورﺟﻤﺘُﻬﺎ ﺑﺴﻨﺔ رﺳﻮل ﷲ .واﻟﻘﻮل ﺑﺬﻟﻚ ﻻزم ﻷﺻﺤﺎب اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ؛ ﻷن زﻳﺎدة اﻟﻌﺪل ﰲ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻣَ ﻘﺒﻮﻟﺔ ،وﻗﺪ ﺻﺢ ﰲ إﺟﻤﺎع اﻷﻣﺔ املﻨﻘﻮل ﺑﺎﻟﻜﺎﻓﺔ اﻟﺬي ﻳَﺼﺤﺒﻪ اﻟﻌﻤﻞ ﻋﻨﺪ ﻛﻞ ﻓﺮﻗﺔ ،وﰲ أﻫﻞ ﻛﻞ ﻧﺤﻠﺔ ﻣﻦ ﻧﺤﻞ أﻫﻞ اﻟﻘﺒﻠﺔ ،ﺣﺎﺷﺎ ﻃﺎﺋﻔﺔ ﺑﻜﻔﺮ ﺑﻌﺪ إﻳﻤﺎن ،أو ﻳﺴرية ﻣﻦ اﻟﺨﻮارج ﻻ ﻳُﻌﺘ ﱡﺪ ﺑﻬﻢ ،أﻧﻪ ﻻ ﻳﺤﻞ دم اﻣﺮئ ﻣﺴﻠﻢ إﻻ ٍ 161 ﻃﻮق اﻟﺤﻤﺎﻣﺔ ﰲ اﻷ ُ َ ﻟﻔﺔِ واﻷ ُ ﱠﻻف ﻧﻔﺲ ﺑﻨﻔﺲ ،أو ﺑﻤﺤﺎرﺑ ٍﺔ هلل ورﺳﻮﻟﻪ ﻳُﺸﻬﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﺳﻴﻔﻪ ،وﻳﺴﻌﻰ ﰲ اﻷرض ﻓﺴﺎدًا ﻣﻘ ِﺒ ًﻼ ٍ ﻏري ﻣﺪ ِﺑﺮ ،وﺑﺎﻟﺰﻧﺎ ﺑﻌﺪ اﻹﺣﺼﺎن. ﻓﺈن ﺣﺪ ﻣﺎ ﺟﻌﻞ ﷲ ﻣﻊ اﻟﻜﻔﺮ ﺑﺎهلل ﻋﺰ وﺟﻞ وﻣﺤﺎرﺑﺘﻪَ ، وﻗﻄﻊ ﺣُ ﺠﺘﻪ ﰲ اﻷرض وﻣُﻨﺎﺑﺬﺗﻪ دﻳﻨﻪ ﻟﺠُ ﺮم ﻛﺒري وﻣَ ﻌﺼﻴﺔ ﺷﻨﻌﺎء ،وﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﻳﻘﻮل﴿ :إِن ﺗَﺠْ ﺘَ ِﻨﺒُﻮا َﻛﺒَﺎ ِﺋ َﺮ ﻣَ ﺎ ِﻳﻦ ﻳَﺠْ ﺘَ ِﻨﺒ َ ﺗُﻨْﻬَ ﻮ َْن ﻋَ ﻨ ْ ُﻪ ﻧ ُ َﻜ ﱢﻔ ْﺮ ﻋَ ﻨ ُﻜ ْﻢ َﺳﻴﱢﺌَﺎ ِﺗ ُﻜﻢْ﴾ ،و﴿ا ﱠﻟﺬ َ اﻹﺛ ْ ِﻢ وَا ْﻟ َﻔﻮَاﺣِ َﺶ إ ِ ﱠﻻ اﻟ ﱠﻠﻤَ َﻢ ُﻮن َﻛﺒَﺎ ِﺋ َﺮ ْ ِ إ ِ ﱠن َرﺑﱠ َﻚ و ِ َاﺳ ُﻊ ا ْﻟﻤَ ْﻐﻔِ َﺮةِ﴾ .وإن ﻛﺎن أﻫ ُﻞ اﻟﻌﻠﻢ اﺧﺘﻠﻔﻮا ﰲ ﺗﺴﻤﻴﺘﻬﺎ ،ﻓﻜﻠﻬﻢ ﻣُﺠﻤ ٌﻊ — ﻣﻬﻤﺎ اﺧﺘﻠﻔﻮا ﻓﻴﻪ ﻣﻨﻬﺎ — أن اﻟﺰﻧﺎ ﻳﻘﺪم ﻓﻴﻬﺎ ،ﻻ اﺧﺘﻼف ﺑﻴﻨﻬﻢ ﰲ ذﻟﻚ ،وﻟﻢ ﻳُﻮﻋﺪ ﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺑﺎﻟﻨﺎر ﺑﻌﺪ اﻟﴩك إﻻ ﰲ ﺳﺒﻊ ذُﻧﻮب؛ وﻫﻲ اﻟﻜﺒﺎﺋﺮ :اﻟﺰﻧﺎ أﺣﺪﻫﺎ ،وﻗﺬف املﺤﺼﻨﺎت ً ً ﻣﻨﺼﻮﺻﺎ ذﻟﻚ ﻛﻠﻪ ﰲ ﻛﺘﺎب ﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ. أﻳﻀﺎ ﻣﻨﻬﺎ، وﻗﺪ ذﻛﺮﻧﺎ أﻧﻪ ﻻ ﻳﺠﺐ اﻟﻘﺘﻞ ﻋﲆ أﺣ ٍﺪ ﻣﻦ وﻟﺪ آدم إﻻ ﰲ اﻟﺬﻧﻮب اﻷرﺑﻌﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺪم ذﻛﺮﻫﺎ .ﻓﺄﻣﺎ اﻟﻜﻔﺮ ﻣﻨﻬﺎْ ، ﻓﺈن ﻋﺎد ﺻﺎﺣﺒﻪ إﱃ اﻹﺳﻼم ،أو ﺑﺎﻟﺬﻣﱠ ﺔ إن ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﺮﺗﺪٍّا ُﻗﺒﻞ َ اﻟﺪﻳﺔ ﰲ ﻗﻮل ﺑﻌﺾ اﻟﻔﻘﻬﺎء ،أو ﻋﻔﺎ ﻣﻨﻪ ،ودُرئ ﻋﻨﻪ املﻮت .وأﻣﺎ اﻟﻘﺘﻞ ،ﻓﺈن َﻗﺒﻞ اﻟﻮﱄ ﱡ ﰲ ﻗﻮل ﺟﻤﻴﻌﻬﻢَ ،ﺳﻘﻂ ﻋﻦ اﻟﻘﺎﺗﻞ اﻟﻘﺘﻞ ﺑﺎﻟﻘﺼﺎص .وأﻣﺎ اﻟﻔﺴﺎد ﰲ اﻷرض ،ﻓﺈن ﺗﺎب ﺻﺎﺣﺒﻪ ﻗﺒﻞ أن ﻳُﻘﺪر ﻋﻠﻴﻪ ُﻫﺪر ﻋﻨﻪ اﻟﻘﺘﻞ ،وﻻ ﺳﺒﻴﻞ ﰲ ﻗﻮل أﺣ ٍﺪ ُﻣ َﺆاﻟِﻒ أو ﻣُﺨﺎﻟِﻒ ﰲ ﺗﺮك َرﺟﻢ ا ُملﺤﺼﻦ ،وﻻ وﺟﻪ ﻟﺮﻓﻊ املﻮت ﻋﻨﻪ اﻟﺒﺘﺔ. وﻣﻤﺎ ﻳﺪل ﻋﲆ ُﺷﻨﻌﺔ اﻟﺰﻧﺎ ﻣﺎ ﺣﺪﱠﺛﻨﺎ اﻟﻘﺎﴈ أﺑﻮ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ :ﺛﻨﺎ اﻟﻘﺎﴈ أﺑﻮ ﻋﻴﴗ، ﻋﻦ ﻋﺒﻴﺪ ﷲ ﺑﻦ ﻳﺤﻴﻰ ،ﻋﻦ أﺑﻴﻪ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﻳﺤﻴﻰ ،ﻋﻦ اﻟﻠﻴﺚ ،ﻋﻦ اﻟﺰﻫﺮي ،ﻋﻦ اﻟﻘﺎﺳﻢ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ أﺑﻲ ﺑﻜﺮ ،ﻋﻦ ﻋﺒﻴﺪ ﺑﻦ ﻋﻤري :أن ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎب — رﴈ ﷲ ﻋﻨﻪ — أﺻﺎب ﰲ زﻣﺎﻧﻪ ً ﻧﺎﺳﺎ ﻣﻦ ُﻫﺬﻳﻞ ،ﻓﺨﺮﺟﺖ ﺟﺎرﻳﺔ ﻣﻨﻬﻢ ﻓﺄﺗﺒﻌﻬﺎ رﺟﻞ ﻳُﺮﻳﺪﻫﺎ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻬﺎ ،ﻓﺮﻣﺘْﻪ ﺑﺤﺠﺮ ﻓﻘﻀﺖ ﻛﺒﺪه ،ﻓﻘﺎل ﻋﻤﺮ :ﻫﺬا ﻗﺘﻴﻞ ﷲ ،وﷲ ﻻ ﻳﻮدى أﺑﺪًا. ً َ ﺣﻴﺎﻃﺔ ﻣﻨﻪ ﱠأﻻ أرﺑﻌﺔ ﺷﻬﻮد ،وﰲ ﻛﻞ ﺣﻜﻢ ﺷﺎﻫﺪﻳﻦ إﻻ وﻣﺎ ﺟﻌﻞ ﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ ﻓﻴﻪ ﺗَﺸﻴﻊ اﻟﻔﺎﺣﺸﺔ ﰲ ﻋﺒﺎده ،ﻟﻌﻈﻤﻬﺎ ُ ً ﺷﻨﻴﻌﺔ وﻣﻦ ﻗﺬف وﺷﻨﻌﺘﻬﺎ وﻗﺒﺤﻬﺎ ،وﻛﻴﻒ ﻻ ﺗﻜﻮن ﺑﻬﺎ أﺧﺎه ا ُملﺴﻠﻢ أو أﺧﺘﻪ املﺴﻠﻤﺔ دون ﺻﺤﺔ ﻋِ ﻠﻢ أو ﱡ ﺗﻴﻘﻦ ﻣﻌﺮﻓﺔ ،ﻓﻘﺪ أﺗﻰ ﻛﺒرية ﻣﻦ اﻟﻜﺒﺎﺋﺮ اﺳﺘﺤﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﻨﺎر ﻏﺪًا ،ووﺟﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﻨﺺ اﻟﺘﻨﺰﻳﻞ أن ﺗُﴬب ﺑﴩﺗﻪ ﺛﻤﺎﻧني ﺳﻮ ً ﻃﺎ! وﻣﺎﻟِﻚ — رﴈ ﷲ ﻋﻨﻪ — ﻳﺮى ﱠأﻻ ﻳُﺆﺧﺬ ﰲ ﳾء ﻣﻦ اﻷﺷﻴﺎء ﺣﺪ ﺑﺎﻟﺘﻌﺮﻳﺾ دون اﻟﺘﴫﻳﺢ إﻻ ﰲ ﻗﺬف. 162 ﺑﺎب ﻗﺒﺢ املﻌﺼﻴﺔ وﺑﺎﻟﺴﻨﺪ املﺬﻛﻮر ﻋﻦ اﻟﻠﻴﺚ ﺑﻦ ﺳﻌﺪ ،ﻋﻦ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﺳﻌﻴﺪ ،ﻋﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ،ﻋﻦ أﻣﻪ ﻋَ ﻤﺮة ﺑﻨﺖ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ،ﻋﻦ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎب — رﴈ ﷲ ﻋﻨﻪ — أﻧﻪ ﺑﺰان وﻻ أﻣﻲ ﺑﺰاﻧﻴﺔ. أﻣﺮ أن ﻳُﺠﻠﺪ اﻟﺮﺟ ُﻞ ﻗﺎل ﻵﺧﺮ :ﻣﺎ أﺑﻲ ٍ وﺑﺈﺟﻤﺎع ﻣﻦ اﻷﻣﺔ ﻛﻠﻬﺎ دون ﺧﻼف ﻣﻦ أﺣﺪ ﻧﻌﻠﻤﻪ ،أﻧﻪ إذا ﻗﺎل ﰲ ﺣﺪﻳﺚ ﻃﻮﻳﻞ، ٍ رﺟﻞ ﻵﺧﺮ :ﻳﺎ ﻛﺎﻓﺮ ،أو ﻳﺎ ﻗﺎﺗﻞ اﻟﻨﻔﺲ اﻟﺘﻲ ﺣﺮم ﷲ ،ملﺎ وﺟﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﺣﺪ؛ اﺣﺘﻴﺎ ً ﻃﺎ ﻣﻦ ﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ إﻻ ﺑﺜﺒﺖ ﻫﺬه اﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ﰲ ﻣﺴﻠﻢ وﻻ ﻣﺴﻠﻤﺔ. وﻣﻦ ﻗﻮل ﻣﺎﻟﻚ — رﺣﻤﻪ ﷲ — ً أﻳﻀﺎ أﻧﻪ ﻻ ﺣﺪ ﰲ اﻹﺳﻼم إﻻ واﻟﻘﺘﻞ ﻳﻐﻨﻲ ﻋﻨﻪ وﻳﻨﺴﺨﻪ إﻻ ﺣﺪ اﻟﻘﺬف؛ ﻓﺈﻧﻪ إن وﺟﺐ ﻋﲆ ﻣَ ﻦ ﻗﺪ وﺟﺐ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻘﺘﻞ ﺣُ ﱠﺪ ﺛﻢ ﻗﺘﻞ ،ﻗﺎل ُوﻫ ْﻢ ﺛَﻤَ ﺎ ِﻧ َ ِﻳﻦ ﻳَ ْﺮﻣ َ ﷲ ﺗﻌﺎﱃ﴿ :وَا ﱠﻟﺬ َ ﺎت ﺛ ُ ﱠﻢ َﻟ ْﻢ ﻳَﺄْﺗُﻮا ِﺑﺄ َ ْرﺑَﻌَ ِﺔ ُﺷﻬَ ﺪَاءَ َﻓﺎﺟْ ِﻠﺪ ُ ﺼﻨ َ ِ ُﻮن ا ْﻟﻤُﺤْ َ ني ﻮن * إ ِ ﱠﻻ ا ﱠﻟﺬ َ ﺎﺳ ُﻘ َ ﺟَ ْﻠ َﺪ ًة و ََﻻ ﺗَ ْﻘﺒَﻠُﻮا َﻟﻬُ ْﻢ َﺷﻬَ ﺎ َد ًة أَﺑَﺪًا ۚ وَأُو َﻟ ِﺌ َﻚ ُﻫ ُﻢ ا ْﻟ َﻔ ِ ِﻳﻦ ﺗَﺎﺑُﻮا﴾ ،وﻗﺎل ﺗﻌﺎﱃ: ِﻳﻦ ﻳَ ْﺮﻣ َ ﴿إ ِ ﱠن ا ﱠﻟﺬ َ ﺎت ا ْﻟ َﻐﺎﻓِ َﻼ ِت ا ْﻟ ُﻤ ْﺆ ِﻣﻨ َ ِ ﺼﻨ َ ِ ﺎت ﻟُﻌِ ﻨُﻮا ِﰲ اﻟ ﱡﺪﻧْﻴَﺎ و َْاﻵﺧِ َﺮ ِة َو َﻟﻬُ ْﻢ ﻋَ ﺬَابٌ ُﻮن ا ْﻟﻤُﺤْ َ ﻋَ ِﻈﻴﻢٌ﴾ ،و ُروي ﻋﻦ رﺳﻮل ﷲ ﷺ أﻧﻪ ﻗﺎلَ : »اﻟﻐﻀﺐ واﻟﻠﻌﻨﺔ املﺬﻛﻮران ﰲ اﻟ ﱢﻠﻌﺎن ،إﻧﻬﻤﺎ ﻣُﻮﺟﺒﺘﺎن«. ﺣﺪﺛﻨﺎ اﻟﻬﻤﺪاﻧﻲ ،ﻋﻦ أﺑﻲ إﺳﺤﺎق ،ﻋﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻳﻮﺳﻒ ،ﻋﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ إﺳﻤﺎﻋﻴﻞ، ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﷲ ،ﻗﺎل :ﺛﻨﺎ ﺳﻠﻴﻤﺎن ،ﻋﻦ ﺛﻮر ﺑﻦ ﻳﺰﻳﺪ ،ﻋﻦ أﺑﻲ اﻟﻐﻴﺚ ،ﻋﻦ أﺑﻲ ُﻫﺮﻳﺮة ،ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ أﻧﻪ ﻗﺎل» :اﺟﺘﻨﺒﻮا ﱠ اﻟﺴﺒﻊ ا ُملﻮﺑﻘﺎت «.ﻗﺎﻟﻮا :وﻣﺎ ﻫﻦ ﻳﺎ رﺳﻮل ﷲ؟ ﻗﺎل» :اﻟﴩك ﺑﺎهلل ،واﻟﺴﺤﺮ ،وﻗﺘﻞ اﻟﻨﻔﺲ اﻟﺘﻲ ﺣﺮم ﷲ إﻻ ﺑﺎﻟﺤﻖ ،وأﻛﻞ اﻟﺮﺑﺎ ،وأﻛﻞ ﻣﺎل اﻟﻴﺘﻴﻢ ،واﻟﺘﻮﱄ ﻳﻮم اﻟﺰﺣﻒ ،وﻗﺬف املﺤﺼﻨﺎت اﻟﻐﺎﻓﻼت املﺆﻣﻨﺎت«. وإن ﰲ اﻟﺰﻧﺎ ﻣﻦ إﺑﺎﺣﺔ اﻟﺤﺮﻳﻢ ،وإﻓﺴﺎد اﻟﻨﺴﻞ ،واﻟﺘﻔﺮﻳﻖ ﺑني اﻷزواج اﻟﺬي ﻋﻈﻢﱠ ﷲ أﻣﺮه ،ﻣﺎ ﻻ ﻳﻬﻮن ﻋﲆ ذي ﻋﻘﻞ ،أو ﻣﻦ ﻟﻪ أﻗﻞ َﺧﻼق ،وﻟﻮﻻ ﻣﻜﺎن ﻫﺬا اﻟﻌُ ﻨﴫ ﻣﻦ اﻹﻧﺴﺎن ،وأﻧﻪ ﻏري ﻣﺄﻣﻮن اﻟﻐﻠﺒﺔ ملﺎ ﱠ ﺧﻔﻒ ﷲ ﻋﻦ اﻟ ِﺒ ْﻜﺮﻳﻦ وﺷﺪد ﻋﲆ املﺤﺼﻨني .وﻫﺬا ﻋﻨﺪﻧﺎ وﰲ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﴩاﺋﻊ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ اﻟﻨﺎزﻟﺔ ﻣﻦ ﻋﻨﺪ ﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ ﺣُ ﻜﻤً ﺎ ﺑﺎﻗﻴًﺎ ﻟﻢ ﻳُﻨﺴﺦ وﻻ أُزﻳﻞ ،ﻓﻴﱰك اﻟﻨﺎﻇﺮ ﻟﻌﺒﺎده اﻟﺬي ﻟﻢ ﻳَﺸﻐﻠﻪ ﻋﻈﻴﻢ ﻣﺎ ﰲ َﺧﻠﻘﻪ ،وﻻ ﻳﺤﻴﻒ ﻗﺪرﺗﻪ ﻛﺒري ﻣﺎ ﰲ ﻋﻮاملﻪ ﻋﻦ اﻟﻨﻈﺮ ﻟﺤﻘري ﻣﺎ ﻓﻴﻬﺎ ،ﻓﻬﻮ ﻛﻤﺎ ﻗﺎل ﻋﺰ وﺟﻞ﴿ :ا ْﻟﺤَ ﱡﻲ ا ْﻟ َﻘﻴﱡﻮ ُم َﻻ ﺗَﺄ ْ ُﺧﺬُ ُه ِﺳﻨ َ ٌﺔ َﻨﺰ ُل ِﻣ َﻦ ﱠ اﻟﺴﻤَ ﺎءِ وَﻣَ ﺎ و ََﻻ ﻧ َ ْﻮمٌ﴾ ،وﻗﺎل﴿ :ﻳَﻌْ َﻠ ُﻢ ﻣَ ﺎ ﻳَﻠ ِﺞُ ِﰲ ْاﻷ َ ْر ِض وَﻣَ ﺎ ﻳ َْﺨ ُﺮجُ ِﻣﻨْﻬَ ﺎ وَﻣَ ﺎ ﻳ ِ اﻟﺴﻤَ ﺎو ِ ﻳَﻌْ ُﺮجُ ﻓِ ﻴﻬَ ﺎ﴾ ،وﻗﺎل﴿ :ﻋَ ﺎ ِﻟ ِﻢ ا ْﻟ َﻐﻴ ِْﺐ َﻻ ﻳَﻌْ ُﺰبُ ﻋَ ﻨ ْ ُﻪ ِﻣﺜ ْ َﻘﺎ ُل ذَ ﱠر ٍة ِﰲ ﱠ َات و ََﻻ ِﰲ ْاﻷ َ ْر ِض﴾. وإن أﻋﻈﻢ ﻣﺎ ﻳﺄﺗﻲ ﺑﻪ اﻟﻌﺒﺪ َﻫﺘْﻚ ﺳﱰ ﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ ﰲ ﻋﺒﺎده ،وﻗﺪ ﺟﺎء ﰲ ﺣﻜﻢ أﺑﻲ ﺑﻜﺮ اﻟﺼﺪﻳﻖ — رﴈ ﷲ ﻋﻨﻪ — ﰲ ﴐﺑﻪ اﻟﺮﺟ َﻞ اﻟﺬي َ ﺿ ﱠﻢ ﺻﺒﻴٍّﺎ ﺣﺘﻰ أﻣﻨَﻰ ﴐﺑًﺎ 163 ﻃﻮق اﻟﺤﻤﺎﻣﺔ ﰲ اﻷ ُ َ ﻟﻔﺔِ واﻷ ُ ﱠﻻف ﻛﺎن ﺳﺒﺒًﺎ ﻟﻠﻤﻨﻴﱠﺔ ،وﻣﻦ إﻋﺠﺎب ﻣﺎﻟﻚ — رﺣﻤﻪ ﷲ — ﺑﺎﺟﺘﻬﺎد اﻷﻣري اﻟﺬي ﴐب ﺻﺒﻴٍّﺎ ً رﺟﻼ ﻣﻦ ﺗَﻘﺒﻴﻠﻪ ﺣﺘﻰ أﻣﻨَﻰ اﻟﺮﺟﻞ ،ﴐﺑﻪ إﱃ أن ﻣﺎت ،ﻣﺎ ﻳُﻨﴘ ﺷﺪة دواﻋﻲ ﻫﺬا ﻣ ﱠﻜﻦ ري ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻤﺎء ﻳﺘﺒﻌﻪ اﻟﺸﺄن وأﺳﺒﺎﺑﻪ .واﻟﺘﺰﻳﱡﺪ ﰲ اﻻﺟﺘﻬﺎد ،وإن ﻛﻨﺎ ﻻ ﻧﺮاه ،ﻓﻬﻮ ﻗﻮل ﻛﺜ ٍ ﻋﲆ ذﻟﻚ ﻋﺎ َﻟﻢ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس .وأﻣﺎ اﻟﺬي ﻧﺬﻫﺐ إﻟﻴﻪ ﻓﺎﻟﺬي ﺣﺪﱠﺛﻨﺎه اﻟﻬﻤﺪاﻧﻲ ،ﻋﻦ اﻟﺒﻠﺨﻲ، ﻋﻦ اﻟﺒﺨﺎري ،ﻋﻦ اﻟﻔﺮﺑﺮي ،ﻋﻦ اﻟﺒﺨﺎري ﻗﺎل :ﺛﻨﺎ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﺳﻠﻴﻤﺎن :ﺛﻨﺎ اﺑﻦ وﻫﺐ ﻗﺎل: أﺧﱪﻧﻲ ﻋﻤﺮو أن ﺑﻜريًا ﺣﺪﺛﻪ ﻋﻦ ﺳﻠﻴﻤﺎن ﺑﻦ ﻳﺴﺎر ،ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﺟﺎﺑﺮ ،ﻋﻦ أﺑﻴﻪ، ﻋﻦ أﺑﻲ ﺑﺮدة اﻷﻧﺼﺎري ﻗﺎل :ﺳﻤﻌﺖ رﺳﻮل ﷲ ﷺ ﻳﻘﻮل» :ﻻ ﻳُﺠﻠﺪ ﻓﻮق ﻋﴩة أﺳﻮاط إﻻ ﰲ ﺣَ ﱟﺪ ﻣﻦ ﺣﺪود ﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ«. وﺑﻪ ﻳﻘﻮل أﺑﻮ ﺟﻌﻔﺮ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﲇ اﻟﻨﺴﺎﺋﻲ اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ — رﺣﻤﻪ ﷲ. ﻟﻮط ﻓﺸﻨﻴ ٌﻊ ﺑﺸﻴﻊ ،ﻗﺎل ﷲ ﺗﻌﺎﱃ﴿ :أَﺗَﺄْﺗُ َ وأﻣﺎ ﻓﻌﻞ ﻗﻮم ٍ ﻮن ا ْﻟ َﻔﺎﺣِ َﺸ َﺔ ﻣَ ﺎ َﺳﺒ ََﻘ ُﻜﻢ ِﺑﻬَ ﺎ ِﻣ ْﻦ أَﺣَ ٍﺪ ﻣﱢ َﻦ ا ْﻟﻌَ ﺎ َﻟ ِﻤ َ ني﴾ وﻗﺪ ﻗﺬَف ﷲ ﻓﺎﻋﻠﻴﻪ ﺑﺤﺠﺎرة ﻣﻦ ﻃني ﻣﺴﻮﱠﻣﺔ ،وﻣﺎﻟﻚ — رﺣﻤﻪ ﷲ — ﻳَﺮى ﻋﲆ اﻟﻔﺎﻋﻞ وا َملﻔﻌﻮل ﺑﻪ اﻟ ﱠﺮﺟﻢ ،أﺣﺼﻨﺎ أم ﻟﻢ ﻳُﺤﺼﻨﺎ ،واﺣﺘﺞ ﺑﻌﺾ املﺎﻟﻜﻴني ﰲ ذﻟﻚ ﺑﺄن ﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ ﻳﻘﻮل ﰲ رﺟﻤﻪ ﻓﺎﻋﻠﻴﻪ ﺑﺎﻟﺤﺠﺎرة﴿ :وَﻣَ ﺎ ﻫِ َﻲ ِﻣ َﻦ اﻟ ﱠ ﻈﺎﻟ ِِﻤ َ ني ِﺑﺒَﻌِ ﻴﺪٍ﴾ ،ﻓﻮﺟﺐ ﺑﻬﺬا أﻧﻪ ﻣﻦ َ ﻇﻠﻢ اﻵن ﺑﻤﺜﻞ ﻓﻌﻠﻬﻢ ﻗﺮﺑﺖ ﻣﻨﻪ. واﻟﺨﻼف ﰲ ﻫﺬه املﺴﺄﻟﺔ ﻟﻴﺲ ﻫﺬا ﻣﻮﺿﻌﻪ .وﻗﺪ ذﻛﺮ أﺑﻮ إﺳﺤﺎق إﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﻦ اﻟﴪي، أن أﺑﺎ ﺑﻜﺮ — رﴈ ﷲ ﻋﻨﻪ — أﺣﺮق ﻓﻴﻪ ﺑﺎﻟﻨﺎر ،وذﻛﺮ أﺑﻮ ﻋﺒﻴﺪة ﻣَ ﻌْ ﻤَ ﺮ ﺑﻦ ا ُملﺜﻨﱠﻰ اﺳﻢ املﺤ َﺮق ﻓﻘﺎل :ﻫﻮ ﺷﺠﺎع ﺑﻦ ورﻗﺎء اﻷﺳﺪي ،أﺣﺮﻗﻪ ﺑﺎﻟﻨﺎر أﺑﻮ ﺑﻜﺮ اﻟﺼﺪﻳﻖ ﻷﻧﻪ ﻳُﺆﺗَﻰ ﰲ دُﺑﺮه ﻛﻤﺎ ﺗﺆﺗﻰ املﺮأة. وإن ﻋﻦ املﻌﺎﴆ ملﺬاﻫﺐ ﻟﻠﻌﻘﻞ واﺳﻌﺔ ،ﻓﻤﺎ ﺣ ﱠﺮم ﷲ ﺷﻴﺌًﺎ إﻻ وﻗﺪ ﻋﻮض ﻋﺒﺎده ﻣﻦ اﻟﺤﻼل ﻣﺎ ﻫﻮ أﺣﺴﻦ ﻣﻦ املﺤ ﱠﺮم وأﻓﻀﻞ .ﻻ إﻟﻪ إﻻ ﻫﻮ. وأﻗﻮل ﰲ اﻟﻨﻬﻲ ﻋﻦ اﺗﺒﺎع اﻟﻬﻮى ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻮﻋﻆ: أ َ ُﻗ ﻮ ُل ِﻟ ﻨ َ ْﻔ ِﺴ ﻲ ﻣَ ﺎ ُﻣ ِﺒ ﻴ ٌﻦ َﻛ ﺤَ ﺎ ِﻟ ﻚٍ ُ ﺻ ِﻦ اﻟﻨ ﱠ ْﻔ َﺲ ﻋَ ﻤﱠ ﺎ ﻋَ ﺎﺑَﻬَ ﺎ وَا ْر ُﻓ ِﺾ اﻟﻬَ ﻮَى َ َ َ َرأﻳْ ُﺖ اﻟ ﻬَ ﻮَى َﺳ ﻬْ َﻞ اﻟ ﻤَ ﺒَ ﺎدِي ﻟ ﺬِﻳ ﺬ َﻫ ﺎ ﺎن وَاﻟ ﻤَ ﻮ ُ ْت ﺑَ ﻌْ ﺪ ََﻫ ﺎ َﻓ ﻤَ ﺎ َﻟ ﺬﱠ ُة ا ِﻹﻧ ْ َﺴ ِ َﻓ َﻼ ﺗَ ﺘﱠ ِﺒ ْﻊ دَا ًرا َﻗ ِﻠ ﻴ ًﻼ ِﻟ ﺒَ ﺎﺛ ُ ﻬَ ﺎ وَﻣَ ﺎ ﺗَ ْﺮ ُﻛ ﻬَ ﺎ إ ِ ﱠﻻ إِذَا ﻫِ َﻲ أَﻣْ َﻜ ﻨ َ ْﺖ ﺎس إ ِ ﱠﻻ َﻫ ﺎ ِﻟ ٌﻚ وَاﺑْ ُﻦ َﻫ ﺎ ِﻟ ﻚِ وَﻣَ ﺎ اﻟ ﻨ ﱠ ُ ﺎب اﻟ ﻤَ ﻬَ ﺎ ِﻟ ﻚِ َﻓ ِﺈ ﱠن اﻟ ﻬَ ﻮَى ِﻣ ْﻔ ﺘَ ﺎحُ ﺑَ ِ وَﻋُ ْﻘ ﺒَ ﺎ ُه ُﻣ ﺮ اﻟ ﱠ ﻄ ﻌْ ِﻢَ ، ﺿ ﻨ ْﻚ اﻟ ﻤَ َﺴ ﺎ ِﻟ ﻚِ َو َﻟ ْﻮ ﻋَ َ ﺎش ِﺿﻌْ َﻔﻲ ﻋُ ﻤْ ﺮ ﻧ ُﻮح ﺑ ِﻦ َﻻﻣَ ﻚ َاﺷ ﻚِ َﻓ َﻘ ْﺪ أَﻧ ْ ﺬَ َرﺗْ ﻨ َ ﺎ ِﺑ ﺎﻟ َﻔ ﻨ َ ﺎءِ اﻟ ُﻤ ﻮ ِ َو َﻛ ْﻢ ﺗَ ِﺎركٍ إ ِ ْ ﺿ ﻤَ ﺎره َﻏ ﻴْ ﺮ ﺗَ ِﺎركِ 164 ﺑﺎب ﻗﺒﺢ املﻌﺼﻴﺔ ﺎل ﻋُ ﺠْ ﺒً ﺎ ﺟُ َﺆاذِ ًرا َﻓ ﻤَ ﺎ ﺗَ ِﺎر ُك اﻵﻣَ ِ وَﻣَ ﺎ َﻗ ﺎﺑَ َﻞ اﻷَﻣْ َﺮ ا ﱠﻟ ﺬِي َﻛ َ ﺎن َراﻏِ ﺒً ﺎ َﻷَﺟْ ﺪَى ﻋِ ﺒَ ﺎدِ اﻟ ﻠ ِﻪ ِﺑ ﺎﻟ َﻔ ﻮ ِْز ﻋِ ﻨ ْ َﺪ ُه ف اﻷَﻣْ َﺮ ا ﱠﻟ ﺬِي ُﻫ َﻮ َ وَﻣَ ْﻦ ﻋَ َﺮ َ ﻃ ﺎ ِﻟ ﺐٌ وَﻣَ ْﻦ ﻋَ َﺮ َ ف اﻟ ﱠﺮﺣْ ﻤَ َﻦ َﻟ ْﻢ ﻳَ ﻌْ ِﺺ أَﻣْ َﺮ ُه َﺳ ِﺒ ﻴ ُﻞ اﻟ ﺘﱡ َﻘ ﻰ وَاﻟ ﻨ ﱡﺴ ﻚِ َﺧ ﻴْ ُﺮ اﻟ ﻤَ َﺴ ﺎ ِﻟ ﻚِ َﻓ ﻤَ ﺎ َﻓ َﻘ َﺪ اﻟ ﺘﱠ ﻨ ْﻐِ ﻴ ﺺ ﻣ ْﻦ ﻋَ ﺎج دُوﻧ َﻬَ ﺎ َو ُ ﻃ ﻮﺑَ ﻰ َﻷ َ ْﻗ ﻮَا ٍم ﻳَ ُﺆﻣﱡ َ ﻮن ﻧ َ ﺤْ ﻮ ََﻫ ﺎ ﻮس ُ وﻓ ﱢﻀ ﻠُ ﻮا َﻟ َﻘ ْﺪ َﻓ َﻘ ﺪُوا ﻏِ ﱠﻞ اﻟ ﻨ ﱡ ُﻔ ِ َﻓﻌَ ُ ﺎﺷﻮا َﻛﻤَ ﺎ َﺷﺎءُوا وَﻣَ ﺎﺗُﻮا َﻛﻤَ ﺎ ْ اﺷﺘَﻬَ ﻮْا ﻋَ ﺼ ﻮا َ ﻃ ﺎﻋَ َﺔ اﻷَﺟْ َﺴ ﺎدِ ﻓِ ﻲ ُﻛ ﱢﻞ َﻟ ﺬﱠ ٍة َ َ َﻓ َﻠ ﻮ َْﻻ اﻋْ ِﺘ ﺪَا ُد اﻟ ِﺠ ْﺴ ِﻢ أﻳْ َﻘ ﻨ ْ َﺖ أﻧ ﱠ ﻬُ ْﻢ َﻓ ﻴَ ﺎ َربﱡ َﻗ ﺪﱢﻣْ ﻬُ ْﻢ و َِز ْد ﻓِ ﻲ َ ﺻ َﻼﺣِ ِﻬ ْﻢ َوﻳَ ﺎ ﻧ َ ْﻔ ُﺲ ِﺟ ﺪﱢي َﻻ ﺗَ ﻤَ ﱢﻠ ﻲ و ََﺷ ﻤﱢ ِﺮي وَأَﻧ ْ ِﺖ ﻣَ ﺘَﻰ دَﻣﱠ ْﺮ ِت َﺳ ﻌْ ﻴَﻚِ ﻓِ ﻲ اﻟ ﻬَ ﻮَى َﻓ َﻘ ْﺪ ﺑَ ﻴﱠ َﻦ اﻟ ﻠ ﻪ اﻟ ﱠﺸ ِﺮﻳ ﻌَ َﺔ ِﻟ ْﻠ َﻮ َرى َﻓﻴَﺎ ﻧ َ ْﻔ ُﺲ ِﺟﺪﱢي ﻓِ ﻲ َﺧ َﻼ ِﺻﻚِ وَاﻧ ْ ُﻔﺬِي َﻓ َﻠ ْﻮ أَﻋْ ﻤَ َﻞ اﻟ ﻨ ﱠ ُ ﺎس اﻟ ﺘﱠ َﻔ ﱡﻜ َﺮ ﻓِ ﻲ ا ﱠﻟ ﺬِي َاﺷ ﻚِ وع اﻟ ﺤَ ﻮ ِ َﻛ ﺘَ ِﺎر ِﻛ ﻬَ ﺎ َذات اﻟ ﱡﻀ ُﺮ ِ ﺎق وَﻋَ ْﻘ ٍﻞ ُﻣ ﺒَ ﺎ َركِ ِﺑ َﺸ ﻬْ َﻮ ِة ُﻣ ْﺸ ﺘَ ٍ َﻟ ﺪَى ﺟَ ﻨ ﱠ ِﺔ اﻟ ﻔِ ْﺮ َدو ِْس َﻓ ﻮ َْق اﻷ َ َرا ِﺋ ﻚِ َرأَى َﺳ ﺒَ ﺒً ﺎ ﻣَ ﺎ ﻓِ ﻲ ﻳَ ﺪَيْ ُﻛ ﱢﻞ ﻣَ ﺎ ِﻟ ﻚِ َو َﻟ ْﻮ أَﻧ ﱠ ُﻪ ﻳُ ﻌْ َ ﻄ ﻰ ﺟَ ِﻤ ﻴ َﻊ اﻟ ﻤَ ﻤَ ﺎ ِﻟ ﻚِ و ََﺳ ﺎ ِﻟ ُﻜ ﻬَ ﺎ ُﻣ ْﺴ ﺘَ ﺒْ ِﺼ ٌﺮ َﺧ ﻴْ ُﺮ َﺳ ﺎ ِﻟ ﻚِ و ََﻻ َ ﻃ ﺎبَ ﻋَ ﻴْ ٌﺶ ِﻻﻣْ ِﺮ ٍئ َﻏ ﻴْ ِﺮ َﺳ ﺎ ِﻟ ﻚِ َ َاح َوﻟِ ﻴ ِﻦ ﻋَ َﺮا ِﺋ ﻚِ ِﺑ ﺨِ ﱠﻔ ِﺔ أ ْرو ٍ ﺻ ﻌَ ﺎ ِﻟ ﻚِ ِﺑ ﻌِ ﱢﺰ َﺳ َﻼ ِﻃ ﻴ ﻦ وَأَﻣْ ِﻦ َ َار اﻟ ُﺨ ْﻠ ِﺪ َرﺣ ﺐ اﻟ ﻤَ ﺒ ِﺎركِ و ََﻓ ﺎ ُزوا ِﺑ ﺪ ِ ﻮر ﻣ ﺤ ﱟﻞ ُ ﻇ ْﻠ ﻤَ َﺔ اﻟ َﻐ ﱢﻲ َﻫ ﺎ ِﺗ ﻚِ ِﺑ ﻨ ُ ٍ ﻳَ ﻌِ ﻴ ُﺸ َ ﻮن ﻋَ ﻴْ ًﺸ ﺎ ِﻣ ﺜ ْ َﻞ ﻋَ ﻴْ ِﺶ اﻟ ﻤَ َﻼ ِﺋ ﻚِ َﺻ ﱢﻞ ﻋَ َﻠ ﻴْ ِﻬ ﻢ ﺣَ ﻴْ ُﺚ ﺣَ ﱡﻠ ﻮا َوﺑَ ِﺎركِ و َ ور اﻟ ﺪ ْﱠﻫ ِﺮ ﻓِ ﻴ ﻤَ ﺎ ُﻫ ﻨ َ ﺎ ِﻟ ﻚِ ِﻟ ﻨ َ ﻴْ ِﻞ ُﺳ ُﺮ ِ ﻋَ ِﻠ ﻤْ ِﺖ ِﺑ ﺄ َ ﱠن اﻟ ﺤَ ﱠﻖ َﻟ ﻴْ َﺲ َﻛ ﺬَ ِﻟ ﻚِ ِﺑ ﺄَﺑْ ﻴَ َﻦ ِﻣ ْﻦ ُز ْﻫ ِﺮ اﻟ ﻨ ﱡ ﺠُ ﻮ ِم اﻟ ﱠﺸ ﻮَا ِﺑ ﻚِ ﺎت اﻟ ﺒَ ﻮَا ِﺗ ﻚِ ﻮف اﻟ ُﻤ ْﺮ َﻫ َﻔ ِ ﻧ َ َﻔ ﺎذَ اﻟ ﱡﺴ ﻴُ ِ َﻟ ُﻪ ُﺧ ِﻠ ُﻘ ﻮا ﻣَ ﺎ َﻛ َ ﺎن ﺣَ ﱞﻲ ِﺑ َﻀ ﺎﺣِ ﻚِ 165 ﺑﺎب ﻓﻀﻞ اﻟﺘﻌﻔﻒ ﱡ ﻒ وﺗﺮ ُك رﻛﻮب املﻌﺼﻴﺔ واﻟﻔﺎﺣﺸﺔ ،ﱠ اﻟﺘﻌﻔ ُ وأﻻ ﻳﺮﻏﺐ وﻣﻦ أﻓﻀﻞ ﻣﺎ ﻳﺄﺗﻴﻪ اﻹﻧﺴﺎن ﰲ ﺣُ ﺒﱢﻪ ﻋﻦ ﻣُﺠﺎزاة ﺧﺎﻟﻘﻪ ﻟﻪ ﺑﺎﻟﻨﻌﻴﻢ ﰲ دار املﻘﺎﻣﺔ ،ﱠ ﻳﻌﴢ ﻣﻮﻻه املﺘﻔﻀﻞ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺬي ﺟﻌﻠﻪ وأﻻ َ ً ً ﻋﻨﺎﻳﺔ ﻣﻨﻪ ﺑﻨﺎ وأﻫﻼ ﻷﻣﺮه وﻧﻬﻴﻪ ،وأرﺳﻞ إﻟﻴﻪ رﺳﻠﻪ ،وﺟﻌﻞ ﻛﻼﻣﻪ ﺛﺎﺑﺘًﺎ ﻟﺪﻳﻪ، ﻣﻜﺎﻧًﺎ وإﺣﺴﺎﻧًﺎ إﻟﻴﻨﺎ .وإن ﻣﻦ ﻫﺎم ﻗﻠﺒُﻪ ُ وﺷﻐﻞ ﺑﺎﻟﻪ واﺷﺘﺪ ﺷﻮﻗﻪ وﻋ ُ ﻈﻢ وَﺟْ ﺪه ،ﺛﻢ ﻇﻔﺮ ﻓﺮام ﻫﻮاه أن ﻳﻐﻠﺐ ﻋﻘﻠﻪ وﺷﻬﻮﺗﻪ ،وأن ﻳﻘﻬﺮ دﻳﻨﻪ. ﺛﻢ أﻗﺎم اﻟﻌﺪل ﻟﻨﻔﺴﻪ ﺣﺼﻨًﺎ ،وﻋﻠﻢ أﻧﻬﺎ اﻟﻨﻔﺲ اﻷﻣﺎرة ﺑﺎﻟﺴﻮء ،وذ ﱠﻛﺮﻫﺎ ﺑﻌﻘﺎب ﷲ ﺗﻌﺎﱃ ،وﻓ ﱠﻜﺮ ﰲ اﺟﱰاﺋﻪ ﻋﲆ ﺧﺎﻟﻘﻪ وﻫﻮ ﻳﺮاه ،وﺣﺬﱠرﻫﺎ ﻣﻦ ﻳﻮم املﻌﺎد واﻟﻮﻗﻮف ﺑني ﻳﺪي املﻠﻚ اﻟﻌﺰﻳﺰ اﻟﺸﺪﻳﺪ اﻟﻌﻘﺎب اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﺮﺣﻴﻢ اﻟﺬي ﻻ ﻳﺤﺘﺎج إﱃ ﺑﻴﻨﺔ ،وﻧﻈﺮ ﺑﻌني ﺿﻤريه ﻋﻼم اﻟﻐﻴﻮب ﴿ﻳَ ْﻮ َم َﻻ ﻳ َ إﱃ اﻧﻔﺮاده ﻋﻦ ﻛﻞ ﻣُﺪاﻓﻊ ﺑﺤﴬة ﱠ َﻨﻔ ُﻊ ﻣَ ﺎ ٌل و ََﻻ ﺑَﻨ ُ َ ﻮن * إ ِ ﱠﻻ ﻣَ ْﻦ أَﺗَﻰ ﷲ َ ِﺑ َﻘ ْﻠ ٍﺐ َﺳﻠِﻴ ٍﻢ﴾﴿ ،ﻳَ ْﻮ َم ﺗُﺒَ ﱠﺪ ُل ْاﻷ َ ْر ُ َاﻟﺴﻤَ ﺎو ُ ري ْاﻷ َ ْر ِض و ﱠ َات﴾﴿ ،ﻳَ ْﻮ َم ﺗَ ِﺠ ُﺪ ُﻛ ﱡﻞ ﻧ َ ْﻔ ٍﺲ ض َﻏ ْ َ ﴬا وَﻣَ ﺎ ﻋَ ِﻤ َﻠ ْﺖ ِﻣﻦ ُﺳﻮءٍ ﺗَ َﻮ ﱡد َﻟ ْﻮ أ َ ﱠن ﺑَﻴْﻨَﻬَ ﺎ َوﺑَﻴْﻨ َ ُﻪ أَﻣَ ﺪًا ﺑَﻌِ ﻴﺪًا﴾، ري ﻣﱡ ﺤْ َ ً ﻣﱠ ﺎ ﻋَ ِﻤ َﻠ ْﺖ ِﻣ ْﻦ َﺧ ْ ٍ ﻳﻮم ﴿وَﻋَ ﻨ َ ِﺖ ا ْﻟﻮُﺟُ ﻮ ُه ِﻟ ْﻠﺤَ ﱢﻲ ا ْﻟ َﻘﻴﱡﻮ ِم و ََﻗ ْﺪ َﺧﺎبَ ﻣَ ْﻦ ﺣَ ﻤَ َﻞ ُ ﻇ ْﻠﻤً ﺎ﴾ ،ﻳﻮم ﴿ َووَﺟَ ﺪُوا ﻣَ ﺎ ﻋَ ِﻤﻠُﻮا ﺎﴐا و ََﻻ ﻳَ ْ اﻹ َ ﻧﺴﺎ ُن ﻣَ ﺎ َﺳﻌَ ﻰ * ﺣَ ِ ً ﻈ ِﻠ ُﻢ َرﺑﱡ َﻚ أَﺣَ ﺪًا﴾ ،ﻳﻮم اﻟﻄﺎﻣﺔ اﻟﻜﱪى﴿ ،ﻳَ ْﻮ َم ﻳَﺘَﺬَ ﱠﻛ ُﺮ ْ ِ َ َوﺑُ ﱢﺮ َز ِت ا ْﻟﺠَ ﺤِ ﻴ ُﻢ ﻟِﻤَ ﻦ ﻳَ َﺮى * َﻓﺄﻣﱠ ﺎ ﻣَ ﻦ َ ﻃ َﻐﻰ * وَآﺛ َ َﺮ ا ْﻟﺤَ ﻴَﺎ َة اﻟ ﱡﺪﻧْﻴَﺎ * َﻓ ِﺈ ﱠن ا ْﻟﺠَ ﺤِ ﻴ َﻢ ﻫِ َﻲ ا ْﻟﻤَ ﺄْوَى * وَأَﻣﱠ ﺎ ﻣَ ْﻦ َﺧ َ ﺎف ﻣَ َﻘﺎ َم َرﺑﱢ ِﻪ َوﻧَﻬَ ﻰ اﻟﻨ ﱠ ْﻔ َﺲ ﻋَ ِﻦ ا ْﻟﻬَ ﻮَى * َﻓ ِﺈ ﱠن ا ْﻟﺠَ ﻨ ﱠ َﺔ ﻫِ َﻲ ا ْﻟﻤَ ﺄْوَى﴾، ﺎن أ َ ْﻟ َﺰﻣْ ﻨَﺎ ُه َ واﻟﻴﻮم اﻟﺬي ﻗﺎل ﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﻓﻴﻪَ ﴿ :و ُﻛ ﱠﻞ إ ِ َ ﻃﺎ ِﺋ َﺮ ُه ِﰲ ﻋُ ﻨُﻘِ ِﻪ ۖ َوﻧ ُ ْﺨ ِﺮجُ َﻟ ُﻪ ﻳَ ْﻮ َم ﻧﺴ ٍ ا ْﻟﻘِ ﻴَﺎﻣَ ِﺔ ِﻛﺘَﺎﺑًﺎ ﻳَ ْﻠ َﻘﺎ ُه ﻣَ ُ ﻨﺸﻮ ًرا * ْاﻗ َﺮأ ْ ِﻛﺘَﺎﺑَ َﻚ َﻛ َﻔﻰ ِﺑﻨ َ ْﻔ ِﺴ َﻚ ا ْﻟﻴَ ْﻮ َم ﻋَ َﻠﻴْ َﻚ ﺣَ ِﺴﻴﺒًﺎ﴾ .ﻋﻨﺪﻫﺎ ﻳﻘﻮل ﺼ َ ﺻﻐِ ريَ ًة و ََﻻ َﻛ ِﺒريَ ًة إ ِ ﱠﻻ أَﺣْ َ ﺎب َﻻ ﻳ َُﻐﺎدِ ُر َ ﺎﻫﺎ﴾ ﻓﻜﻴﻒ اﻟﻌﺎﴆ :ﻳﺎ وﻳ َﻠﺘﻰ! ﴿ﻣَ ِ ﺎل َﻫﺬَا ا ْﻟ ِﻜﺘَ ِ ﻃﻮق اﻟﺤﻤﺎﻣﺔ ﰲ اﻷ ُ َ ﻟﻔﺔِ واﻷ ُ ﱠﻻف ﻃﻮي ْ ﻃﻮي ﻗﻠﺒﻪ ﻋﲆ أﺣ ﱠﺮ ِﻣﻦ ﺟَ ﻤﺮ اﻟﻐﴣ ،و ُ ﺑﻤﻦ ُ ﻛﺸﺤُ ﻪ ﻋﲆ أﺣ ﱠﺪ ِﻣﻦ اﻟﺴﻴﻒ ،وﺗﺠ ﱠﺮع ﱠ ﻏﺼﺼﺎ أﻣَ ﱠﺮ ﻣﻦ اﻟﺤﻨﻈﻞ ،وﴏف ﻧﻔﺴﻪ ً ً وﺗﻴﻘﻨﺖ ﺑﺒﻠﻮﻏﻪ وﺗﻬﻴﱠﺄت ﻛﺮﻫﺎ ﻋﻤﺎ ﻃﻤﻌﺖ ﻓﻴﻪ، ُﴪ ﻏﺪًا ﻳﻮم اﻟﺒﻌﺚ ،وﻳﻜﻮن ﻣﻦ املﻘﺮﺑني ﰲ دار ﻟﻪ وﻟﻢ ﻳَﺤُ ْﻞ دوﻧﻬﺎ ﺣﺎﺋﻞ ،ﻟﺤﺮيﱞ أن ﻳ ﱠ َ اﻟﺠﺰاء وﻋﺎﻟﻢ اﻟﺨﻠﻮدْ ، ﻳﺄﻣﻦ َروﻋﺎت اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ َ وﻫﻮل ا َملﻄﻠﻊ ،وأن ﻳُﻌﻮﱢﺿﻪ ﷲ ﻣﻦ ﻫﺬه وأن َ َ اﻷﻣﻦ ﻳﻮم اﻟﺤﴩ. اﻟﻘﺮﺣﺔ ﺣﺪﱠﺛﻨﻲ أﺑﻮ ﻣﻮﳻ ﻫﺎرون ﺑﻦ ﻣﻮﳻ اﻟﻄﺒﻴﺐ ﻗﺎل :رأﻳﺖ ﺷﺎﺑٍّﺎ ﺣَ ﺴﻦ اﻟﻮﺟﻪ ﻣﻦ أﻫﻞ ﱡ اﻟﺘﺤﻔﻆ ،ﻓﺰاره ُﻗﺮﻃﺒﺔ ﻗﺪ ﺗﻌﺒﱠﺪ و َرﻓﺾ اﻟﺪﻧﻴﺎ ،وﻛﺎن ﻟﻪ أخ ﰲ ﷲ ﻗﺪ ﺳﻘﻄﺖ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻣَ ﺌﻮﻧﺔ ذات ﻟﻴﻠﺔ وﻋﺰم ﻋﲆ املﺒﻴﺖ ﻋﻨﺪه ،ﻓﻌﺮﺿﺖ ﻟﺼﺎﺣﺐ املﻨﺰل ﺣﺎﺟﺔ إﱃ ﺑﻌﺾ ﻣﻌﺎرﻓﻪ ﺑﺎﻟﺒُﻌﺪ ﻋﻦ ﻣﻨﺰﻟﻪ ،ﻓﻨﻬﺾ ﻟﻬﺎ ﻋﲆ أن ﻳﻨﴫف ﻣُﴪﻋً ﺎ ،وﻧﺰل اﻟﺸﺎب ﰲ داره ﻣﻊ اﻣﺮأﺗﻪ ،وﻛﺎﻧﺖ ً ﻏﺎﻳﺔ ﰲ اﻟﺤﺴﻦ وﺗِﺮﺑًﺎ ﻟﻠﻀﻴﻒ ﰲ ﱢ اﻟﺼﺒﺎ ،ﻓﺄﻃﺎل رب املﻨﺰل املﻘﺎم إﱃ أن ﻣﴙ اﻟﻌَ ﺴﺲ وﻟﻢ ﻳُﻤﻜﻨﻪ اﻻﻧﴫاف إﱃ ﻣﻨﺰﻟﻪ ،ﻓﻠﻤﺎ ﻋﻠﻤﺖ املﺮأة ﺑَﻔﻮات اﻟﻮﻗﺖ ،وأن زوﺟﻬﺎ ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻪ املﺠﻲء ﺗﻠﻚ اﻟﻠﻴﻠﺔ ،ﺗﺎﻗﺖ ﻧﻔﺴﻬﺎ إﱃ ذﻟﻚ اﻟﻔﺘﻰ ،ﻓﱪزت إﻟﻴﻪ ودَﻋﺘْ ُﻪ إﱃ ﻧﻔﺴﻬﺎ ،وﻻ ﺛﺎﻟﺚ ﻟﻬﻤﺎ إﻻ ﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ ،ﻓﻬ ﱠﻢ ﺑﻬﺎ ﺛﻢ ﺛﺎب إﻟﻴﻪ ﻋﻘﻠُﻪ وﻓ ﱠﻜﺮ ﰲ ﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ ،ﻓﻮﺿﻊ إﺻﺒﻌﻪ ﱠ ﻓﺘﻔﻘﻊ ،ﺛﻢ ﻗﺎل :ﻳﺎ ﻧﻔﺲ ،ذوﻗﻲ ﻫﺬا ،وأﻳﻦ ﻫﺬا ﻣﻦ ﻧﺎر ﺟﻬﻨﻢ؟ ﻓﻬﺎل املﺮأة ﻋﲆ اﻟﴪاج ﻣﺎ رأت ،ﺛﻢ ﻋﺎو َدﺗْﻪ ﻓﻌﺎو َدﺗْﻪ اﻟﺸﻬﻮة املﺮ ﱠﻛﺒﺔ ﰲ اﻹﻧﺴﺎن ،ﻓﻌﺎد إﱃ اﻟﻔﻌﻠﺔ اﻷوﱃ ،ﻓﺎﻧﺒﻠﺞ اﻟﺼﺒﺎح وﺳﺒﱠﺎﺑﺘﻪ ﻗﺪ اﺻﻄﻠﻤﺘﻬﺎ اﻟﻨﺎر. َ أﻓﺘﻈﻦ ﺑﻠﻎ ﻫﺬا ﻣﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﻫﺬا املﺒﻠﻎ إﻻ ﻟﻔﺮط ﺷﻬﻮ ٍة ﻗﺪ ﻛﻠﺒﺖ ﻋﻠﻴﻪ؟ أو ﺗﺮى أن ﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﻳُﻀﻴﱢﻊ ﻟﻪ املﻘﺎم؟ ﻛﻼ ،إﻧﻪ ﻷﻛﺮم ﻣﻦ ذﻟﻚ وأﻋﻠﻢ. وﻟﻘﺪ ﺣﺪﱠﺛﺘﻨﻲ اﻣﺮأة أﺛﻖ ﺑﻬﺎ أﻧﻬﺎ ﻋَ ﻠِﻘﻬﺎ ﻓﺘًﻰ ﻣﺜﻠﻬﺎ ﰲ اﻟﺤُ ﺴﻦ وﻋَ ﻠِﻘﺘﻪ ،وﺷﺎع اﻟﻘﻮ ُل ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ ،ﻓﺎﺟﺘﻤﻌﺎ ﻳﻮﻣً ﺎ ﺧﺎﻟﻴَني ،ﻓﻘﺎل :ﻫﻠﻤﻲ ﻧﺤﻘﻖ ﻣﺎ ﻳﻘﺎل ﻓﻴﻨﺎ .ﻓﻘﺎﻟﺖ :ﻻ وﷲ ،ﻻ ﻛﺎن ﴿اﻷَﺧِ ﱠﻼءُ ﻳَﻮْﻣَ ِﺌ ٍﺬ ﺑَﻌْ ُ ﻫﺬا أﺑﺪًا .وأﻧﺎ أﻗﺮأ ﻗﻮل ﷲْ : ﻀﻬُ ْﻢ ِﻟﺒَﻌْ ٍﺾ ﻋَ ُﺪ ﱞو إ ِ ﱠﻻ ا ْﻟ ُﻤﺘﱠﻘِ َ ني﴾ .ﻗﺎﻟﺖ :ﻓﻤﺎ ﻣَ ﴣ ﻗﻠﻴﻞ ﺣﺘﻰ اﺟﺘﻤﻌﺎ ﰲ ﺣﻼل. ﻣﻔﺎرﻛﺔ ﰲ ﱢ اﻟﺼﺒﺎ، وﻟﻘﺪ ﺣﺪﱠﺛﻨﻲ ﺛﻘﺔ ﻣﻦ إﺧﻮاﻧﻲ أﻧﻪ ﺧﻼ ﻳﻮﻣً ﺎ ﺑﺠﺎرﻳ ٍﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻪ ِ ﻓﺘﻌﺮﺿﺖ ﻟﺒﻌﺾ ﺗﻠﻚ املﻌﺎﻧﻲ ،ﻓﻘﺎل ﻟﻬﺎ :ﻛﻼ ،إن ﻣﻦ ُﺷﻜﺮ ﻧﻌﻤﺔ ﷲ ﻓﻴﻤﺎ ﻣَ ﻨﺤﻨﻲ ﻣﻦ وﺻﺎﻟﻚ اﻟﺬي ﻛﺎن أﻗﴡ آﻣﺎﱄ أن أﺟﺘﻨﺐ ﻫﻮاي ﻷﻣﺮه .وﻟﻌَ ﻤْ ﺮي ،إن ﻫﺬا ﻟﻐﺮﻳﺐ ﻓﻴﻤﺎ ﺧﻼ ﻣﻦ اﻷزﻣﺎن ،ﻓﻜﻴﻒ ﰲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﺰﻣﺎن اﻟﺬي ﻗﺪ ذﻫﺐ ﺧريه وأﺗﻰ ﴍه! وﻣﺎ أﻗﺪر ﰲ ﻫﺬه اﻷﺧﺒﺎر — وﻫﻲ ﺻﺤﻴﺤﺔ — إﻻ أﺣﺪ وﺟﻬني ﻻ ﺷﻚ ﻓﻴﻬﻤﺎ :إﻣﺎ ﻃﺒﻊ ﻗﺪ ﻣﺎل إﱃ ﻏري ﻫﺬا اﻟﺸﺄن ،واﺳﺘﺤﻜﻤﺖ ﻣﻌﺮﻓﺘﻪ ﺑﻔﻀﻞ ﺳﻮاه ﻋﻠﻴﻪ؛ ﻓﻬﻮ ﻻ ﻳُﺠﻴﺐ 168 ﺑﺎب ﻓﻀﻞ اﻟﺘﻌﻔﻒ ٍ ﻛﻠﻤﺔ وﻻ ﻛﻠﻤﺘني ،وﻻ ﰲ ﻳﻮ ٍم وﻻ ﻳﻮﻣني ،وﻟﻮ ﻃﺎل ﻋﲆ ﻫﺆﻻء املﻤﺘﺤﻨني دواﻋﻲ اﻟﻐﺰل ﰲ َ ﻣﺎ اﻣﺘﺤﻨﻮا ﺑﻪ ﻟﺠﺎدت ﻃﺒﺎﻋُ ﻬﻢ ،وأﺟﺎﺑﻮا ﻫﺎﺗﻒ اﻟﻔِ ﺘﻨﺔ ،وﻟﻜﻦ ﷲ ﻋﺼﻤﻬﻢ ﺑﺎﻧﻘﻄﺎع اﻟﺴﺒﺐ ا ُملﺤﺮك؛ ﻧﻈ ًﺮا ﻟﻬﻢ وﻋﻠﻤً ﺎ ﺑﻤﺎ ﰲ ﺿﻤﺎﺋﺮﻫﻢ ﻣﻦ اﻻﺳﺘﻌﺎذة ﺑﻪ ﻣﻦ اﻟﻘﺒﺎﺋﺢ ،واﺳﺘﺪﻋﺎء اﻟﺮﺷﺪ. ﻻ إﻟﻪ إﻻ ﻫﻮ. وإﻣﺎ ﺑﺼرية ﺣﴬت ﰲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ،وﺧﺎﻃﺮ ﺗﺠﺮد اﻧﻘﻤﻌﺖ ﺑﻪ ﻃﻮاﻟﻊ اﻟﺸﻬﻮة ﰲ ري أراد ﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ ﻟﺼﺎﺣﺒﻪ .ﺟﻌﻠﻨﺎ ﷲ ﻣﻤﻦ ﻳﺨﺎﻓﻪ وﻳﺮﺟﻮه .آﻣني. ذﻟﻚ اﻟﺤني ،ﻟﺨ ٍ رﺟﺎل ﻣﻦ ﺑﻨﻲ ﻣﺮوان ﺛﻘﺎت وﺣﺪﱠﺛﻨﻲ أﺑﻮ ﻋﺒﺪ ﷲ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻤﺮو ﺑﻦ ﻣﻀﺎء ،ﻋﻦ ٍ ﻳَﺴﻨﺪون اﻟﺤﺪﻳﺚ إﱃ أﺑﻲ اﻟﻌﺒﺎس اﻟﻮﻟﻴﺪ ﺑﻦ ﻏﺎﻧﻢ ،أﻧﻪ ذﻛﺮ أن اﻹﻣﺎم ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ اﻟﺤﻜﻢ ﻏﺎب ﰲ ﺑﻌﺾ ﻏﺰواﺗﻪ ﺷﻬﻮ ًرا ،ﱠ وﺛﻘﻒ اﻟﻘﴫ ﺑﺎﺑﻨﻪ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺬي وﱄ اﻟﺨﻼﻓﺔ ﺑﻌﺪه، ورﺗﱠﺒﻪ ﰲ اﻟﺴﻄﺢ ،وﺟﻌﻞ ﻣَ ﺒﻴﺘﻪ ً ﻟﻴﻼ وﻗﻌﻮده ﻧﻬﺎ ًرا ﻓﻴﻪ ،وﻟﻢ ﻳﺄذن ﻟﻪ ﰲ اﻟﺨﺮوج اﻟﺒﺘﺔ، ورﺗﱠﺐ ﻣﻌﻪ ﰲ ﻛﻞ ٍ ﻟﻴﻠﺔ وزﻳ ًﺮا ﻣﻦ اﻟﻮزراء وﻓﺘًﻰ ﻣﻦ أﻛﺎﺑﺮ اﻟﻔﺘﻴﺎن ﻳﺒﻴﺘﺎن ﻣﻌﻪ ﰲ اﻟﺴﻄﺢ. ﻗﺎل أﺑﻮ اﻟﻌﺒﺎس :ﻓﺄﻗﺎم ﻋﲆ ذﻟﻚ ﻣﺪ ًة ﻃﻮﻳﻠﺔ ،وﺑﻌُ ﺪ ﻋﻬﺪه ﺑﺄﻫﻠﻪ وﻫﻮ ﰲ ﺳﻦ اﻟﻌﴩﻳﻦ أو َ ﻧﻮﺑﺔ ﻓﺘًﻰ ﻣﻦ أﻛﺎﺑﺮ اﻟﻔﺘﻴﺎن ،وﻛﺎن ﺻﻐريًا ﰲ ﺳﻨﻪ ﻧﺤﻮﻫﺎ ،إﱃ أن واﻓﻖ ﻣَ ﺒﻴﺘﻲ ﰲ ﻟﻴﻠﺘﻲ ً وﻏﺎﻳﺔ ﰲ ﺣﺴﻦ وﺟﻬﻪ .ﻗﺎل أﺑﻮ اﻟﻌﺒﺎس :ﻓﻘﻠﺖ ﰲ ﻧﻔﴘ :إﻧﻲ أﺧﴙ اﻟﻠﻴﻠﺔ ﻋﲆ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﻬﻼك ﺑﻤُﻮاﻗﻌﺔ املﻌﺼﻴﺔ ،وﺗَﺰﻳني إﺑﻠﻴﺲ وأﺗﺒﺎﻋﻪ ﻟﻪ .ﻗﺎل :ﺛﻢ أﺧﺬت ﻣﻀﺠﻌﻲ ﰲ اﻟﺴﻄﺢ اﻟﺨﺎرج وﻣﺤﻤﺪ ﰲ اﻟﺴﻄﺢ اﻟﺪاﺧﻞ ا ُملﻄﻞ ﻋﲆ ﺣﺮم أﻣري املﺆﻣﻨني، واﻟﻔﺘﻰ ﰲ اﻟﻄﺮف اﻟﺜﺎﻧﻲ اﻟﻘﺮﻳﺐ ﻣﻦ املﻄﻠﻊ ،ﻓﻈ ِﻠ ْﻠ ُﺖ أرﻗﺒﻪ وﻻ أﻏﻔﻞ ،وﻫﻮ ﻳﻈﻦ أﻧﻲ ﻗﺪ ﻧِﻤْ ُﺖ وﻻ ﻳﺸﻌﺮ ﺑﺎﻃﻼﻋﻲ ﻋﻠﻴﻪ .ﻗﺎل :ﻓﻠﻤﺎ ﻣﴣ ﻫﺰﻳﻊ ﻣﻦ اﻟﻠﻴﻞ رأﻳﺘُﻪ ﻗﺪ ﻗﺎم واﺳﺘﻮى ً ﺳﺎﻋﺔ ﻟﻄﻴﻔﺔ ،ﺛﻢ ﺗﻌﻮﱠذ ﻣﻦ اﻟﺸﻴﻄﺎن ورﺟﻊ إﱃ ﻣﻨﺎﻣﻪ ،ﺛﻢ ﻗﺎم ﺑﻌﺪ ﺣني و َﻟ ِﺒﺲ ﻗﺎﻋﺪًا ﻗﻤﻴﺼﻪ واﺳﺘﻮﻓﺰ ،ﺛﻢ ﻧَﺰﻋﻪ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻪ وﻋﺎد إﱃ ﻣﻨﺎﻣﻪ ،ﺛﻢ ﻗﺎم اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ وﻟﺒﺲ ﻗﻤﻴﺼﻪ ﱠ ودﱃ رﺟﻠﻴﻪ ﻣﻦ اﻟﴪﻳﺮ ،وﺑﻘﻲ ﻛﺬﻟﻚ ﺳﺎﻋﺔ ،ﺛﻢ ﻧﺎدى اﻟﻔﺘﻰ ﺑﺎﺳﻤﻪ ﻓﺄﺟﺎﺑﻪ ،ﻓﻘﺎل ﻟﻪ :اﻧﺰل ﻋﻦ اﻟﺴﻄﺢ َ واﺑﻖ ﰲ اﻟﻔﺼﻴﻞ اﻟﺬي ﺗﺤﺘﻪ .ﻓﻘﺎم اﻟﻔﺘﻰ ﻣﺆﺗﻤ ًﺮا ﻟﻪ ،ﻓﻠﻤﺎ ﻧﺰل ﻗﺎم ﻣﺤﻤﺪ وأﻏﻠﻖ اﻟﺒﺎب ﻣﻦ داﺧﻠﻪ وﻋﺎد إﱃ ﴎﻳﺮه .ﻗﺎل أﺑﻮ اﻟﻌﺒﺎس :ﻓﻌﻠﻤﺖ ﻣﻦ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ أن هلل ﻓﻴﻪ ﻣﺮا َد ﺧري. ﺣﺪﺛﻨﺎ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﺠﺴﻮر ،ﻋﻦ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﻄﺮف ،ﻋﻦ ﻋﺒﻴﺪ ﷲ ﺑﻦ ﻳﺤﻴﻰ، ﻋﻦ أﺑﻴﻪ ،ﻋﻦ ﻣﺎﻟﻚ ،ﻋﻦ ﺣﺒﻴﺐ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻷﻧﺼﺎري ،ﻋﻦ ﺣﻔﺺ ﺑﻦ ﻋﺎﺻﻢ ،ﻋﻦ أﺑﻲ ﻫﺮﻳﺮة ،ﻋﻦ رﺳﻮل ﷲ ﷺ أﻧﻪ ﻗﺎل» :ﺳﺒﻌﺔ ﻳُﻈﻠﻬﻢ ﷲ ﰲ ﻇﻠﻪ ﻳﻮم ﻻ ﻇ ﱠﻞ إﻻ ﻇﻠﻪ :إﻣﺎم ﻋﺎدل ،وﺷﺎب ﻧﺸﺄ ﰲ ﻋﺒﺎدة ﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ ،ورﺟﻞ ﻗﻠﺒُﻪ ﻣﻌ ﱠﻠﻖ ﺑﺎملﺴﺠﺪ إذا ﺧﺮج ﻣﻨﻪ ﺣﺘﻰ 169 ﻃﻮق اﻟﺤﻤﺎﻣﺔ ﰲ اﻷ ُ َ ﻟﻔﺔِ واﻷ ُ ﱠﻻف ﻳﻌﻮد إﻟﻴﻪ ،ورﺟﻼن ﺗﺤﺎﺑﱠﺎ ﰲ ﷲ اﺟﺘﻤﻌﺎ ﻋﲆ ذﻟﻚ وﺗﻔ ﱠﺮﻗﺎ ،ورﺟﻞ ذﻛﺮ ﷲ ﺧﺎﻟﻴًﺎ ﻓﻔﺎﺿﺖ ﻋﻴﻨﺎه ،ورﺟﻞ دﻋﺘﻪ اﻣﺮأة ذات ﺣﺴﺐ وﺟﻤﺎل ﻓﻘﺎل إﻧﻲ أﺧﺎف ﷲ ،ورﺟﻞ ﺗﺼﺪق ﺻﺪﻗﺔ ﻓﺄﺧﻔﻰ ﺣﺘﻰ ﻻ ﺗﻌﻠﻢ ﺷﻤﺎﻟﻪ ﻣﺎ ﺗﻨﻔﻖ ﻳﻤﻴﻨﻪ«. ﻣﺠﻠﺲ ﻓﻴﻪ ﺑﻌﺾ ﻣﻦ ﺗَﺴﺘﺤﺴﻦ اﻷﺑﺼﺎ ُر ﺻﻮرﺗَﻪ ،وﺗﺄﻟﻒ وإﻧﻲ أذﻛﺮ أﻧﻲ دُﻋﻴﺖ إﱃ ٍ ﻣﻨﻜﺮ وﻻ ﻣﻜﺮوه ،ﻓﺴﺎرﻋﺖ إﻟﻴﻪ ،وﻛﺎن ﻫﺬا َﺳﺤَ ًﺮا، اﻟﻘﻠﻮب أﺧﻼﻗﻪ ﻟﻠﺤﺪﻳﺚ واملﺠﺎﻟﺴﺔ دون ٍ ﻓﺒﻌﺪ أن ﺻﻠﻴﺖ اﻟﺼﺒﺢ وأﺧﺬت زﻳﱢﻲ َ ٌ ﻓﺴﻨ َ ْ ﻃﺮﻗﻨﻲ ﻓﻜ ٌﺮ َ أﺑﻴﺎت ،وﻣﻌﻲ رﺟﻞ ﻣﻦ ﺤﺖ ﱄ إﺧﻮاﻧﻲ ﻓﻘﺎل ﱄ :ﻣﺎ ﻫﺬا اﻹﻃﺮاق؟ ﻓﻠﻢ أ ُ ِﺟﺒْﻪ ﺣﺘﻰ أﻛﻤﻠﺘﻬﺎ ،ﺛﻢ ﻛﺘﺒﺘﻬﺎ ودﻓﻌﺘﻬﺎ إﻟﻴﻪ، ُ وأﻣﺴﻜﺖ ﻋﻦ املﺴري ﺣﻴﺚ ُ ﻧﻮﻳﺖ .وﻣﻦ اﻷﺑﻴﺎت: ﻛﻨﺖ أ َ َر َاﻗ َﻚ ﺣُ ْﺴ ٌﻦ َﻏ ﻴْ ﺒُ ُﻪ َﻟ َﻚ ﺗَ ﺄ ْ ِرﻳ ُﻖ و َُﻗ ْﺮب ﻣَ َﺰ ٍار ﻳَ ْﻘ ﺘَ ِﻀ ﻲ َﻟ َﻚ ُﻓ ْﺮ َﻗ ًﺔ َو َﻟ ﺬﱠ ُة َ ﻃ ﻌْ ٍﻢ ُﻣ ﻌْ ﻘِ ٍﺐ َﻟ َﻚ ﻋَ ْﻠ َﻘ ﻤً ﺎ َوﺗَﺒْ ِﺮﻳ ُﺪ و ْ َﺻ ٍﻞ ﺳ ﱡﺮ ُه ﻓِ ﻴ َﻚ ﺗَﺤْ ِﺮﻳ ُﻖ و َِﺷﻴ ًﻜﺎ َو َﻟﻮ َْﻻ اﻟ ُﻘ ْﺮبُ َﻟ ْﻢ ﻳَ ُﻚ ﺗَ ْﻔ ِﺮﻳ ُﻖ و َ َﺻﺎﺑًﺎ و ََﻓ ْﺴﺢٌ ﻓِ ﻲ ﺗَ َﻀﺎﻋِ ﻴﻔِ ِﻪ ِﺿﻴ ُﻖ وﻟﻮ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺟﺰاء وﻻ ﻋﻘﺎب وﻻ ﺛﻮاب ﻟﻮﺟﺐ ﻋﻠﻴﻨﺎ إﻓﻨﺎء اﻷﻋﻤﺎر ،وإﺗﻌﺎب اﻷﺑﺪان، وإﺟﻬﺎد اﻟﻄﺎﻗﺔ ،واﺳﺘﻨﻔﺎد اﻟﻮﺳﻊ ،واﺳﺘﻔﺮاغ اﻟﻘﻮة ﰲ ﺷﻜﺮ اﻟﺨﺎﻟﻖ اﻟﺬي اﺑﺘﺪأﻧﺎ ﺑﺎﻟﻨﻌﻢ ﱠ ﱠ اﻟﺤﻮاس واﻟﻌﻠﻢ واملﻌﺮﻓﺔ واﻣﺘﻦ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺑﺎﻟﻌﻘﻞ اﻟﺬي ﺑﻪ ﻋ َﺮﻓﻨﺎه ،ووﻫﺒَﻨﺎ ﻗﺒﻞ اﺳﺘﺌﻬﺎﻟﻬﺎ، ودﻗﺎﺋﻖ اﻟﺼﻨﺎﻋﺎت ،وﴏف ﻟﻨﺎ اﻟﺴﻤﻮات ﺟﺎرﻳﺔ ﺑﻤﻨﺎﻓﻌﻬﺎ ،ودﺑﺮﻧﺎ اﻟﺘﺪﺑري اﻟﺬي ﻟﻮ ﻣﻠﻜﻨﺎ ﱠ وﻓﻀ َﻠﻨﺎ ﻋﲆ أﻛﺜﺮ املﺨﻠﻮﻗﺎت ،وﺟﻌ َﻠﻨﺎ ﺧﻠﻘﻨﺎ ﻟﻢ ﻧَﻬﺘ ِﺪ إﻟﻴﻪ ،وﻻ ﻧﻈﺮﻧﺎ ﻷﻧﻔﺴﻨﺎ ﻧﻈﺮه ﻟﻨﺎ، ﻣﺴﺘﻮدع ﻛﻼﻣﻪ وﻣﺴﺘﻘﺮ دﻳﻨﻪ ،وﺧﻠﻖ ﻟﻨﺎ اﻟﺠﻨﺔ دون أن ﻧﺴﺘﺤﻘﻬﺎ ،ﺛﻢ ﻟﻢ َ ﻳﺮض ﻟﻌﺒﺎده ً واﺟﺒﺔ ﻟﻬﻢ ،ﻗﺎل ﷲ ﺗﻌﺎﱃ﴿ :ﺟَ َﺰاءً ِﺑﻤَ ﺎ َﻛﺎﻧُﻮا ﻳَﻌْ ﻤَ ﻠُ َ ﻮن﴾، أن ﻳﺪﺧﻠﻮﻫﺎ إﻻ ﺑﺄﻋﻤﺎﻟﻬﻢ ﻟﺘﻜﻮن ورﺷﺪَﻧﺎ إﱃ ﺳﺒﻴﻠﻬﺎ ،وﺑ ﱠَﴫﻧﺎ وﺟﻪ ِﻇ ﱢﻠﻬﺎ ،وﺟﻌﻞ ﻏﺎﻳﺔ إﺣﺴﺎﻧﻪ إﻟﻴﻨﺎ واﻣﺘﻨﺎﻧﻪ ﻋﻠﻴﻨﺎ ٍّ ﺣﻘﺎ ﻣﻦ ﺣﻘﻮﻗﻨﺎ ﻗﺒﻠﻪ ،ودﻳﻨًﺎ ﻻزﻣً ﺎ ﻟﻪ ،وﺷﻜ َﺮﻧﺎ ﻋﲆ ﻣﺎ أﻋﻄﺎﻧﺎ ﻣﻦ اﻟﻄﺎﻋﺔ اﻟﺘﻲ رزﻗﻨﺎ ﻗﻮاﻫﺎ، وأﺛﺎﺑﻨﺎ ﺑﻔﻀﻠﻪ ﻋﲆ ﱡ ﺗﻔﻀﻠﻪ. ﻫﺬا ﻛﺮم ﻻ ﺗﻬﺘﺪي إﻟﻴﻪ اﻟﻌﻘﻮل ،وﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗُﻜﻴ َﱢﻔﻪ اﻷﻟﺒﺎب .وﻣﻦ ﻋﺮف رﺑﱠﻪ وﻣﻘﺪار رﺿﺎه وﺳﺨﻄﻪ ﻫﺎﻧﺖ ﻋﻨﺪه اﻟﻠﺬات اﻟﺬاﻫﺒﺔ واﻟﺤﻄﺎم اﻟﻔﺎﻧﻲ ،ﻓﻜﻴﻒ وﻗﺪ أﺗﻰ ﻣﻦ وﻋﻴﺪه ﻣﺎ ﺗﻘﺸﻌ ﱡﺮ ﻟﺴﻤﺎﻋﻪ اﻷﺟﺴﺎد ،وﺗﺬوب ﻟﻪ اﻟﻨﻔﻮس ،وأورد ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻣﻦ ﻋﺬاﺑﻪ ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳ ِ َﻨﺘﻪ إﻟﻴﻪ أﻣﻞ! ﻓﺄﻳﻦ املﺬﻫﺐ ﻋﻦ ﻃﺎﻋﺔ ﻫﺬا ا َملﻠِﻚ اﻟﻜﺮﻳﻢ! وﻣﺎ اﻟﺮﻏﺒﺔ ﰲ ﻟﺬة ذاﻫﺒﺔ ﻻ ﺗﺬﻫﺐ اﻟﻨﺪاﻣﺔ ﻋﻨﻬﺎ ،وﻻ ﺗﻔﻨﻰ اﻟﺘﺒﺎﻋﺔ ﻣﻨﻬﺎ ،وﻻ ﻳﺰول اﻟﺨﺰي ﻋﻦ راﻛﺒﻬﺎ! وإﱃ ﻛﻢ ﻫﺬا اﻟﺘﻤﺎدي وﻗﺪ 170 ﺑﺎب ﻓﻀﻞ اﻟﺘﻌﻔﻒ أﺳﻤﻌﻨﺎ املﻨﺎدي ،وﻛﺄن ﻗﺪ ﺣﺪَا ﺑﻨﺎ اﻟﺤﺎدي إﱃ دار اﻟﻘﺮار ،ﻓﺈﻣﺎ إﱃ ﺟﻨﺔ وإﻣﺎ إﱃ ﻧﺎر! أﻻ إن اﻟﺘﺜﺒﻂ ﰲ ﻫﺬا املﻜﺎن ﻟﻬﻮ اﻟﻀﻼل ا ُملﺒني .وﰲ ذﻟﻚ أﻗﻮل: ﺼ َﺮ ﻋَ ْﻦ َﻟ ﻬْ ِﻮ ِه وَﻋَ ْﻦ َ أ َ ْﻗ َ ﻃ َﺮ ِﺑ ﻪ َﻓ َﻠ ﻴْ َﺲ ُﺷ ْﺮبُ اﻟ ُﻤ ﺪَا ِم ﻫِ ﻤﱠ ﺘَ ُﻪ َﻗ ْﺪ َ آن ِﻟ ْﻠ َﻘ ْﻠ ِﺐ أ َ ْن ﻳُ ﻔِ ﻴ َﻖ وَأ َ ْن أ َ ْﻟ ﻬَ ﺎ ُه ﻋَ ﻤﱠ ﺎ ﻋَ ِﻬ ﺪ ُ ْت ﻳُ ﻌْ ِﺠ ﺒُ ﻪ ﻳَ ﺎ ﻧ َ ْﻔ ُﺲ ِﺟ ﺪﱢي و ََﺷ ﻤﱢ ِﺮي َودَﻋِ ﻲ و ََﺳ ِﺎر ِﻋ ﻲ ﻓِ ﻲ اﻟ ﻨ ﱠ ﺠَ ﺎ ِة وَاﺟْ ﺘَ ِﻬ ﺪِي ﻋَ ﱢﻠ َﻲ أَﺣْ َ ﻈ ﻰ ِﺑ ﺎﻟ َﻔ ﻮ ِْز ﻓِ ﻴ ِﻪ وَأ َ ْن ﻳَ ﺎ أَﻳﱡ ﻬَ ﺎ اﻟ ﱠﻼﻋِ ﺐُ اﻟ ُﻤ ﺠ ﺪ ِﺑ ِﻪ اﻟ ﱠﺪ َﻛ َﻔ ﺎ َك ِﻣ ْﻦ ُﻛ ﱢﻞ ﻣَ ﺎ ُو ِﻋ ْ ﻈ َﺖ ِﺑ ﻪ َد ْع ﻋَ ﻨ ْ َﻚ دَا ًرا ﺗَ ْﻔ ﻨ َ ﻰ َﻏ َﻀ ﺎ َرﺗُ ﻬَ ﺎ َﻟ ْﻢ ﻳَ ْﻀ َ ﻄ ِﺮبْ ﻓِ ﻲ ﻣَ ﺤَ ﱢﻠ ﻬَ ﺎ أَﺣَ ٌﺪ ﻣَ ْﻦ ﻋَ َﺮ َ ف اﻟ ﻠ ﻪ ﺣَ ﱠﻖ ﻣَ ﻌْ ِﺮ َﻓ ٍﺔ ﻣَ ﺎ ُﻣ ﻨ ْ ﻘ ِﻀ ﻲ اﻟ ُﻤ ْﻠ ﻚِ ِﻣ ﺜ ْ ﻞ ﺧِ ﺎ ِﻟ ِﺪ ِه و ََﻻ ﺗَ ﻘِ ﱡﻲ اﻟ َﻮ َرى َﻛ َﻔ ِ ﺎﺳ ﻘِ ِﻬ ْﻢ ﺎب َو َﻟ ْﻢ َﻓ َﻠ ْﻮ أ َ ِﻣ ﻨ ﱠ ﺎ ِﻣ َﻦ اﻟ ﻌِ َﻘ ِ َو َﻟ ْﻢ ﻧ َ َﺨ ْ ﻒ ﻧ َ ﺎ َر ُه ا ﱠﻟ ِﺘ ﻲ ُﺧ ِﻠ َﻘ ْﺖ ﺿ ﺎ ﻟُ ُﺰو ُم َ ﺎن َﻓ ْﺮ ً َﻟ َﻜ َ ﻃ ﺎﻋَ ِﺘ ِﻪ و َِﺻ ﺤﱠ ُﺔ اﻟ ﱡﺰ ْﻫ ِﺪ ﻓِ ﻲ اﻟ ﺒَ َﻘ ﺎءِ وَأ َ ْن َ ﺎن ِﺑ ﺄ َ ْﻫ ـ َﻓ َﻘ ْﺪ َرأﻳْ ﻨ َ ﺎ ﻓِ ﻌْ َﻞ اﻟ ﱠﺰﻣَ ِ َﻛ ْﻢ ُﻣ ﺘْ ﻌِ ٍﺐ ﻓِ ﻲ ا ِﻹ َﻟ ِﻪ ُﻣ ﻬْ ﺠَ ﺘ ُﻪ َو َ ﻃ ﺎ ِﻟ ٍﺐ ِﺑ ﺎﺟْ ِﺘ ﻬَ ﺎدِ ِه َز ْﻫ َﺮ اﻟ ﱡﺪ و ُﻣ ﺪ ِْركٍ ﻣَ ﺎ اﺑْ ﺘَ َﻐ ﺎ ُه ذِي ﺟَ ﺪَل َوﺑَ ﺎﺣِ ٍﺚ ﺟَ ﺎﻫِ ٍﺪ ِﻟ ﺒُ ْﻐ ﻴَ ِﺘ ِﻪ ﺑَ ﻴْ ﻨ َ ﺎ ﺗَ َﺮى اﻟ ﻤَ ْﺮءَ َﺳ ِﺎﻣ ﻴً ﺎ ﻣَ ِﻠ ًﻜ ﺎ َﻛ ﺎﻟ ﱠﺰ ْر ِع ِﻟ ﻠ ﺮﺟ ِﻞ َﻓ ﻮ َْﻗ ُﻪ ﻋَ ﻤَ ٌﻞ وَﻋَ ﱠ ﻒ ﻓِ ﻲ ﺣُ ﺒﱢ ِﻪ َو ِﻓ ﻲ ﻋُ َﺮ ِﺑ ﻪ َ ﺎص اﻟ ﱢ و ََﻻ ْاﻗ ِﺘ ﻨ َ ُ ﻈ ﺒَ ﺎءِ ِﻣ ْﻦ أ َر ِﺑ ﻪ ﻳُ ِﺰﻳ َﻞ ﻣَ ﺎ َﻗ ْﺪ ﻋَ َﻼ ُه ِﻣ ْﻦ ﺣُ ﺠ ِﺒ ﻪ ﺧِ ﻴ َﻔ ُﺔ ﻳَ ﻮْم ﺗُ ﺒْ َﻠ ﻰ اﻟ ﱠﺴ َﺮا ِﺋ ُﺮ ِﺑ ﻪ ﻋَ ﻨ ْ ﻚِ اﺗﱢ ﺒَ ﺎ َع اﻟ ﻬَ ﻮَى ﻋَ َﻠ ﻰ َﻟ َﻐ ِﺒ ﻪ َﺳ ﺎﻋِ ﻴَ ًﺔ ﻓِ ﻲ اﻟ َﺨ َﻼ ِص ِﻣ ْﻦ ُﻛ َﺮ ِﺑ ﻪ أَﻧ ْ ﺠُ َﻮ ِﻣ ْﻦ ِﺿ ﻴ ﻘِ ِﻪ َو ِﻣ ْﻦ َﻟ ﻬَ ِﺒ ﻪ ْﻫ ُﺮ أَﻣَ ﺎ ﺗَ ﺘﱠ ﻘِ ﻲ َﺷ ﺒَ ﺎ ﻧ ﻜ ِﺒ ﻪ ﻣَ ﺎ َﻗ ْﺪ أ َ َرا َك اﻟ ﱠﺰﻣَ ﺎ ُن ِﻣ ْﻦ ﻋَ ﺠَ ِﺒ ﻪ وَﻣَ ْﻜ ﺴ ﺒً ﺎ َﻻﻋِ ﺒً ﺎ ِﺑ ُﻤ ْﻜ ﺘَ ﺴ ِﺒ ﻪ إ ِ ﱠﻻ ﻧ َ ﺒَ ﺎ ﺣَ ﺪ َﱡﻫ ﺎ ِﺑ ُﻤ ْﻀ َ ﻄ ﺮ ِﺑ ﻪ َﻟ ﻮَى وَﺣَ ﱠﻞ اﻟ ُﻔ َﺆاد ﻓِ ﻲ َر َﻫ ِﺒ ﻪ و ََﻻ َ ﺻ ﺤِ ﻴ ﺢُ اﻟ ﺘﱡ َﻘ ﻰ َﻛ ُﻤ ْﺆﺗَ ِﺸ ِﺒ ﻪ َو َﻟ ﻴْ َﺲ ِﺻ ﺪ ُْق اﻟ َﻜ َﻼ ِم ِﻣ ْﻦ َﻛ ِﺬ ِﺑ ﻪ ﻧ َ ْﺨ َﺶ ِﻣ َﻦ اﻟ ﻠ ﻪ ُﻣ ﺘﱠ َﻘ ﻰ َﻏ َﻀ ِﺒ ﻪ ِﻟ ُﻜ ﱢﻞ ﺟَ ﺎ ِﻧ ﻲ اﻟ َﻜ َﻼ ِم ُﻣ ﺤْ ﺘَ ﻘ ِﺒ ﻪ َو َر ﱡد و َْﻓ ِﺪ اﻟ ﻬَ ﻮَى ﻋَ َﻠ ﻰ ﻋَ ﻘِ ِﺒ ﻪ ﻳَ ْﻠ ﺤَ َﻖ ﺗَ ْﻔ ِﻨ ﻴ ُﺪﻧ َ ﺎ ِﺑ ُﻤ ْﺮﺗَ ﻘ ِﺒ ﻪ َاظ ﻓِ ﻲ ﺣَ َ ـ ِﻠ ِﻪ َﻛ ﻔِ ﻌْ ِﻞ اﻟ ﱡﺸ ﻮ ِ ﻄ ِﺒ ﻪ َراﺣَ ﺘُ ُﻪ ﻓِ ﻲ اﻟ َﻜ ِﺮﻳ ِﻪ ِﻣ ْﻦ ﺗَ ﻌَ ِﺒ ﻪ ﻧ ْ ﻴَ ﺎ ﻋَ ﺪَا ُه اﻟ ﻤَ ﻨ ُ ﻮ ُن ﻋَ ْﻦ َ ﻃ َﻠ ِﺒ ﻪ ﺣَ ﱠﻞ ِﺑ ِﻪ ﻣَ ﺎ ﻳَ َﺨ ُ ﺎف ِﻣ ْﻦ َﺳ ﺒَ ِﺒ ﻪ َﻓ ِﺈﻧ ﱠ ﻤَ ﺎ ﺑَ ﺤْ ﺜ ُ ُﻪ ﻋَ َﻠ ﻰ ﻋَ َ ﻄ ِﺒ ﻪ َ ﺻ ﺎ َر إ ِ َﻟ ﻰ اﻟ ﱡﺴ ْﻔ ِﻞ ِﻣ ْﻦ ذُ َرى ُرﺗَ ِﺒ ﻪ أ َ ْن ﻳَ ﻨ ﻢ ﺣُ ْﺴ ﻦ اﻟ ﻨ ﱡ ُﻤ ﱢﻮ ﻓِ ﻲ َﻗ َ ﺼ ِﺒ ﻪ 171 ﻃﻮق اﻟﺤﻤﺎﻣﺔ ﰲ اﻷ ُ َ ﻟﻔﺔِ واﻷ ُ ﱠﻻف َﻛ ْﻢ َﻗ ﺎ َ ﻃ ٍﻊ ﻧ َ ْﻔ َﺴ ُﻪ أ َ ًﺳ ﻰ و ََﺷ ﺠً ﺎ اﺟ ٌﺮ ﻋَ ﺠ ﺐٌ أ َ َﻟ ﻴْ َﺲ ﻓِ ﻲ ذَا َك َز ِ َﻓ َﻜ ﻴْ َ ﻒ وَاﻟ ﻨ ﱠ ﺎ ُر ِﻟ ْﻠ ُﻤ ِﺴ ﻲءِ إِذَا ﺎب ﻳَ ْﻔ َﻀﺤُ ُﻪ اﻟﻠﻪ َوﻳَ ْﻮ َم ﻋَ ْﺮ ِض اﻟﺤِ َﺴ ِ ﻣَ ْﻦ َﻗ ْﺪ ﺣَ ﺒَ ﺎ ُه ا ِﻹ َﻟ ُﻪ َرﺣْ ﻤَ ﺘَ ﻪ ﺼ ﺎ َر ِﻣ ْﻦ ﺟَ ﻬْ ِﻠ ِﻪ ﻳُ َ َﻓ َ ﺼ ﱢﺮ ُﻓ ﻬَ ﺎ أ َ َﻟ ﻴْ َﺲ َﻫ ﺬَا أَﺣْ َﺮى اﻟ ﻌِ ﺒَ ﺎدِ َﻏ ﺪًا ُﺷ ْﻜ ًﺮا ِﻟ َﺮبﱟ َﻟ ِﻄ ﻴ ُ ﻒ ُﻗ ْﺪ َرﺗِ ﻪ َ ﺎن أَﺟْ ﻤَ ﻌِ ِﻬ ْﻢ َر ِاز ِق أ ْﻫ ﻞ اﻟ ﱠﺰﻣَ ِ وَاﻟ ﺤَ ﻤْ ُﺪ ﻟ ﻠ ﻪ ﻓِ ﻲ ﺗَ َﻔ ﱡﻀ ِﻠ ِﻪ أ َ ْﺧ ﺪَﻣَ ﻨ َ ﺎ اﻷ َ ْر َ ض وَاﻟ ﱠﺴ ﻤَ ﺎءَ وَﻣَ ْﻦ ﺎﺳ ﻤَ ْﻊ َو َد ْع ﻣَ ْﻦ ﻋَ َ َﻓ ْ ﺼ ﺎ ُه ﻧ َ ﺎﺣِ ﻴَ ًﺔ ﻓِ ﻲ إِﺛ ْ ِﺮ ِﺟ ﱟﺪ ﻳَ ِﺠ ﱡﺪ ﻓِ ﻲ َﻫ َﺮ ِﺑ ﻪ ﻳَ ِﺰﻳ ُﺪ ذَا اﻟ ﱡﻠ ﺐﱢ ﻓِ ﻲ ﺣُ َﻠ ﻰ أ َ َد ِﺑ ﻪ ﻋَ ﺎجَ ﻋَ ِﻦ اﻟ ُﻤ ْﺴ ﺘَ ﻘِ ﻴ ِﻢ ِﻣ ْﻦ ﻋَ ﻘِ ِﺒ ﻪ َوﻳُ ﺒْ ﺪِي اﻟ َﺨ ﻔِ ﱠﻲ ِﻣ ْﻦ ِرﻳ ِﺒ ﻪ ﻣَ ﻮ ُ ْﺻ ﻮ َﻟ ًﺔ ِﺑ ﺎﻟ ﻤَ ِﺰﻳ ِﺪ ﻣ ْﻦ ﻧ َ َﺸ ِﺒ ﻪ ﻓِ ﻴ ﻤَ ﺎ ﻧ َ ﻬَ ﻰ اﻟ ﻠ ﻪ ﻋَ ﻨ ْ ُﻪ ﻓِ ﻲ ُﻛ ﺘُ ِﺒ ﻪ ِﺑ ﺎﻟ ﻮ َْﻗ ِﻊ ﻓِ ﻲ َوﻳْ ِﻠ ِﻪ َو ِﻓ ﻲ ﺣَ َﺮ ِﺑ ﻪ؟ ﻓِ ﻴ ﻨ َ ﺎ َﻛ ﺤَ ﺒْ ِﻞ اﻟ ﻮ َِرﻳ ِﺪ ﻓِ ﻲ َﻛ ﺜ َ ِﺒ ﻪ ﻣَ ْﻦ َﻛ َ ﺎن ِﻣ ْﻦ ﻋُ ﺠْ ِﻤ ِﻪ َو ِﻣ ْﻦ ﻋَ َﺮ ِﺑ ﻪ ﺎن ﻓِ ﻲ ﻧ ُ ﻮ ِﺑ ﻪ َو ِﻗ ﻤْ ﻌِ ِﻪ ِﻟ ﻠ ﱠﺰﻣَ ِ ﻓِ ﻲ اﻟ ﺠَ ﱢﻮ ِﻣ ْﻦ ﻣَ ﺎ ِﺋ ِﻪ َو ِﻣ ْﻦ ُﺷ ﻬُ ِﺒ ﻪ َﻻ ﻳَ ﺤْ ﻤ ُﻞ اﻟ ﺤِ ﻤْ َﻞ َﻏ ﻴْ ُﺮ ُﻣ ﺤْ ﺘَ ﻄ ِﺒ ﻪ وأﻗﻮل ً أﻳﻀﺎ: أَﻋَ ﺎ َرﺗْ َﻚ ُدﻧ ْ ﻴَ ﺎ ُﻣ ْﺴ ﺘَ َﺮ ﱞد ُﻣ ﻌَ ﺎ ُر َﻫ ﺎ و ََﻫ ْﻞ ﻳَ ﺘَ ﻤَ ﻨ ﱠ ﻰ اﻟ ُﻤ ﺤْ ﻜ ُﻢ اﻟ ﱠﺮأْي ﻋِ ﻴ َﺸ ًﺔ َو َﻛ ﻴْ َ ﻒ ﺗَ ﻠ ﺬﱡ اﻟ ﻌَ ﻴْ ُﻦ َﻫ ﺠْ ﻌَ ﺔ َﺳ ﺎﻋَ ٍﺔ َو َﻛ ﻴْ َ َار ﻧ ُ ْﻘ َﻠ ٍﺔ ﻒ ﺗَ َﻘ ﱡﺮ اﻟ ﻨ ﱠ ْﻔ ُﺲ ﻓِ ﻲ د ِ وَأَﻧ ﱠ ﻰ َﻟ ﻬَ ﺎ ﻓِ ﻲ اﻷ َ ْر ِض َﺧ ِ ﺎﻃ ُﺮ ﻓِ ْﻜ َﺮ ٍة أ َ َﻟ ﻴْ َﺲ َﻟ ﻬَ ﺎ ﻓِ ﻲ اﻟ ﱠﺴ ﻌْ ِﻲ ِﻟ ْﻠ َﻔ ﻮ ِْز َﺷ ﺎﻏِ ٌﻞ َﻓ َﺨ ﺎﺑَ ْﺖ ﻧ ُ ُﻔ ٌ ﻮس َﻗ ﺎد ََﻫ ﺎ َﻟ ﻬْ ُﻮ َﺳ ﺎﻋَ ٍﺔ َﻟ ﻬَ ﺎ َﺳ ﺎ ِﺋ ٌﻖ ﺣَ ﺎدٍ ﺣَ ِﺜ ﻴ ٌﺚ ُﻣ ﺒَ ﺎدِ ٌر ﺗُ َﺮا ُد ِﻷَﻣْ ٍﺮ و َْﻫ َﻲ ﺗَ ْ ﻄ ﻠُ ﺐُ َﻏ ﻴْ َﺮ ُه أ َ ُﻣ ْﺴ ِﺮﻋَ ﺔ ﻓِ ﻴ ﻤَ ﺎ ﻳَ ُﺴ ﻮءُ ﻗِ ﻴَ ﺎ ُﻣ ﻬَ ﺎ ﻄ ُﻞ ﻣَ ْﻔ ُﺮ ً ﺗُ ﻌَ ﱢ وﺿ ﺎ َوﺗُ ﻌْ ﻨ َ ﻰ ِﺑ َﻔ ْﻀ َﻠ ٍﺔ إ ِ َﻟ ﻰ ﻣَ ﺎ َﻟ ﻬَ ﺎ ِﻣ ﻨ ْ ُﻪ اﻟ ﺒَ َﻼءُ ُﺳ ُﻜ ﻮﻧ ُ ﻬَ ﺎ َوﺗُ ﻌْ ِﺮ ُ ض ﻋَ ْﻦ َربﱟ دَﻋَ َ ﺎﻫ ﺎ ِﻟ ُﺮ ْﺷ ﺪ َِﻫ ﺎ ْف ﻳَﺬْ ِوي ْ َﻏ َﻀﺎ َر َة ﻋَ ﻴْ ٍﺶ َﺳﻮ َ اﺧ ِﻀ َﺮا ُر َﻫﺎ و ََﻗ ْﺪ ﺣَ َ ﺎن ِﻣ ْﻦ دُﻫ ﻢ اﻟ ﻤَ ﻨ َ ﺎﻳَ ﺎ ﻣَ َﺰا ُر َﻫ ﺎ و ََﻗ ْﺪ َ ﻃ ﺎ َل ﻓِ ﻴ ﻤَ ﺎ ﻋَ ﺎﻳَ ﻨ َ ﺘْ ُﻪ اﻋْ ِﺘ ﺒَ ﺎ ُر َﻫ ﺎ َﻗ ِﺪ ْ اﺳ ﺘَ ﻴْ َﻘ ﻨ َ ْﺖ أ َ ْن َﻟ ﻴْ َﺲ ﻓِ ﻴ ﻬَ ﺎ َﻗ َﺮا ُر َﻫ ﺎ َو َﻟ ْﻢ ﺗَ ﺪ ِْر ﺑَ ﻌْ َﺪ اﻟ ﻤَ ﻮ ِْت أَﻳْ َﻦ ﻣَ ﺤَ ﺎ ُر َﻫ ﺎ أَﻣَ ﺎ ﻓِ ﻲ ﺗَ ﻮ ﱢَﻗ ﻴ ﻬَ ﺎ اﻟ ﻌَ ﺬَابَ ا ْزدِﺟَ ﺎ ُر َﻫ ﺎ إ ِ َﻟ ﻰ ﺣَ ﱢﺮ ﻧ َ ٍﺎر َﻟ ﻴْ َﺲ ﻳُ ْ ﻄ َﻔ ﻰ أُوَا ُر َﻫ ﺎ إ ِ َﻟ ﻰ َﻏ ﻴْ ِﺮ ﻣَ ﺎ أ َ ْ ﺿ ﺤَ ﻰ إ ِ َﻟ ﻴْ ِﻪ ﻣَ ﺪَا ُر َﻫ ﺎ َوﺗَ ْﻘ ِﺼ ُﺪ وَﺟْ ﻬً ﺎ ﻓِ ﻲ ِﺳ ﻮَا ُه ِﺳ َﻔ ﺎ ُر َﻫ ﺎ و ََﻗ ْﺪ أَﻳْ َﻘ ﻨ َ ْﺖ أ َ ﱠن اﻟ ﻌَ ﺬَابَ ُﻗ َ ﺼ ﺎ ُر َﻫ ﺎ ﻃ ْﻐ ﻴَ ﺎﻧ ُ ﻬَ ﺎ و ْ َﻟ َﻘ ْﺪ َﺷ ﱠﻔ ﻬَ ﺎ ُ َاﻏ ِﺘ َﺮا ُر َﻫ ﺎ وَﻋَ ﻤﱠ ﺎ َﻟ ﻬَ ﺎ ِﻣ ﻨ ْ ُﻪ اﻟ ﻨ ﱠ ﺠَ ﺎحُ ِﻧ َﻔ ﺎ ُر َﻫ ﺎ َوﺗَ ﺘْ ﺒَ ُﻊ ُدﻧ ْ ﻴَ ﺎ ﺟَ ﱠﺪ ﻋَ ﻨ ْ ﻬَ ﺎ ﻓِ َﺮا ُر َﻫ ﺎ 172 ﺑﺎب ﻓﻀﻞ اﻟﺘﻌﻔﻒ َﻓ ﻴَ ﺎ أَﻳﱡ ﻬَ ﺎ اﻟ ﻤَ ْﻐ ُﺮو ُر ﺑَ ﺎدِ ْر ِﺑ َﺮﺟْ ﻌَ ٍﺔ و ََﻻ ﺗَ ﺘَ َﺨ ﻴﱠ ْﺮ َﻓ ﺎ ِﻧ ﻴً ﺎ د َ ُون َﺧ ﺎ ِﻟ ٍﺪ أَﺗَ ﻌْ َﻠ ُﻢ أ َ ﱠن اﻟ ﺤَ ﱠﻖ ﻓِ ﻴ ﻤَ ﺎ ﺗَ َﺮ ْﻛ ﺘَ ُﻪ َوﺗَ ﺘْ ُﺮ ُك ﺑَ ﻴْ َﻀ ﺎءَ اﻟ ﻤَ ﻨ َ ﺎﻫِ ِﺞ ﺿ ﱠﻠ ًﺔ ﺗُ َﺴ ﱡﺮ ِﺑ َﻠ ﻬْ ٍﻮ ُﻣ ﻌْ ﻘِ ٍﺐ ِﺑ ﻨ َ ﺪَاﻣَ ٍﺔ َوﺗُ ْﻔ ﻨ َ ﻰ اﻟ ﱠﻠ ﻴَ ﺎ ِﻟ ﻲ وَاﻟ ﻤَ َﺴ ﱠﺮ ُ ات ُﻛ ﱡﻠ ﻬَ ﺎ َﻓ ﻬَ ْﻞ أَﻧ ْ َﺖ ﻳَ ﺎ ﻣَ ْﻐ ﺒُ ﻮ ُن ُﻣ ْﺴ ﺘَ ﻴْ ﻘِ ٌ ﻆ َﻓ َﻘ ْﺪ َﻓ ﻌَ ﺠﱢ ْﻞ إ ِ َﻟ ﻰ ِر ْ َان َرﺑﱢ َﻚ وَاﺟْ ﺘَ ِﻨ ﺐْ ﺿﻮ ِ ﻳَ ِﺠ ﱡﺪ ُﻣ ُﺮو ُر اﻟ ﺪ ْﱠﻫ ِﺮ ﻋَ ﻨ ْ ﻚِ ِﺑ َﻼﻋِ ٍﺐ َﻓ َﻜ ْﻢ أُﻣﱠ ٍﺔ َﻗ ْﺪ َﻏ ﱠﺮ َﻫ ﺎ اﻟ ﺪ ْﱠﻫ ُﺮ َﻗ ﺒْ َﻠ ﻨ َ ﺎ ﺗَ ﺬَ ﱠﻛ ْﺮ ﻋَ َﻠ ﻰ ﻣَ ﺎ َﻗ ْﺪ ﻣَ َﻀ ﻰ وَاﻋْ ﺘَ ِﺒ ْﺮ ِﺑ ِﻪ ﺎغ َو َ ﺗَ ﺤَ ﺎﻣَ ﻰ ذ َر َ ﻃ ﺎ ِﻟ ٍﺐ اﻫ ﺎ ُﻛ ﻞ ﺑَ ٍ ﺗَ ﻮ َ َاﻓ ْﺖ ِﺑ ﺒَ ْ ﻄ ِﻦ اﻷ َ ْر ِض وَاﻧ ْ َﺸ ﱠﺖ َﺷ ﻤْ ﻠُ ﻬَ ﺎ َو َﻛ ْﻢ َراﻗِ ٍﺪ ﻓِ ﻲ َﻏ ْﻔ َﻠ ٍﺔ ﻋَ ْﻦ ﻣَ ِﻨ ﻴﱠ ٍﺔ ﻈ َﻠ ﻤَ ٍﺔ َﻗ ْﺪ ﻧ َ ﺎ َﻟ ﻬَ ﺎ ُﻣ ﺘَ َﺴ ﱢﻠ ٌ وَﻣَ ْ ﻂ أ َ َرا َك إِذَا ﺣَ ﺎ َو ْﻟ َﺖ ُدﻧ ْ ﻴَ ﺎ َك َﺳ ﺎﻋِ ﻴً ﺎ َو ِﻓ ﻲ َ ﻃ ﺎﻋَ ِﺔ اﻟ ﱠﺮﺣْ ﻤَ ِﻦ ﻳُ ْﻘ ﻌِ ُﺪ َك اﻟ َﻮﻧ َ ﻰ ﺗُ ﺤَ ﺎذِ ر إ ِ ْﺧ ﻮَاﻧ ً ﺎ َﺳ ﺘَ ْﻔ ﻨ َ ﻰ َوﺗَ ﻨ ْ َﻘ ِﻀ ﻲ َﻛ ﺄَﻧ ﱢ ﻲ أ َ َرى ِﻣ ﻨ ْ َﻚ اﻟ ﺘﱠ ﺒَ ﱡﺮ َم َ ﻇ ﺎﻫِ ًﺮا ُﻫ ﻨ َ ﺎ َك ﻳَ ُﻘ ﻮ ُل اﻟ ﻤَ ْﺮءُ ﻣَ ْﻦ ِﻟ ﻲ ِﺑ ﺄَﻋْ ُ ﺼ ٍﺮ ﺗَ ﻨ َ ﺒﱠ ْﻪ ِﻟ ﻴَ ْﻮ ٍم َﻗ ْﺪ أ َ َ ﻇ ﱠﻠ َﻚ ِو ْر ُد ُه ﺗَ ﺒَ ﱠﺮأ َ ﻓِ ﻴ ِﻪ ِﻣ ﻨ ْ َﻚ ُﻛ ﱡﻞ ُﻣ َﺨ ﺎ ِﻟ ٍﻂ ﻇ ْﻠ ﻤَ ﺎءَ َ َﻓ ﺄ ُ ْودِﻋ َﺖ ﻓِ ﻲ َ ﺿ ﻨ ْ ٌﻚ ﻣَ َﻘ ﱡﺮ َﻫ ﺎ ﺗ ﻨ ﺎدي َﻓ َﻼ ﺗَ ﺪ ِْري اﻟ ُﻤ ﻨ َ ﺎديَ ُﻣ ْﻔ َﺮدًا ﺗُ ﻨ َ ﺎدي إ ِ َﻟ ﻰ ﻳَ ْﻮ ٍم َﺷ ﺪِﻳ ٍﺪ ُﻣ َﻔ ﱢﺰ ٍع إِذَا ﺣُ ِﺸ َﺮ ْت ﻓِ ﻴ ِﻪ اﻟ ﻮُﺣُ ُ ﻮش وَﺟُ ﻤﱢ ﻌَ ْﺖ َو ُزﻳﱢ ﻨ َ ِﺖ اﻟ ﺠَ ﻨ ﱠ ُ ﺎت ﻓِ ﻴ ِﻪ وَأ ُ ْز ِﻟ َﻔ ْﺖ َﻓ ﻠ ﻠ ﻪ دَا ٌر َﻟ ﻴْ َﺲ ﺗَ ْﺨ ﻤ ُﺪ ﻧ َ ﺎ ُر َﻫ ﺎ ﻮل ْ اﺧ ِﺘ ﻴَ ﺎ ُر َﻫ ﺎ َد ِﻟ ﻴ ٌﻞ ﻋَ َﻠ ﻰ ﻣَ ﺤْ ِﺾ اﻟ ﻌُ ُﻘ ِ َوﺗَ ْﺴ ﻠ ُﻚ ُﺳ ﺒ ًﻼ َﻟ ﻴْ َﺲ ﻳَ ْﺨ َﻔ ﻰ ﻋَ ﻮَا ُر َﻫ ﺎ ِﻟ ﺒَ ﻬْ ﻤَ ﺎءَ ﻳُ ْﺆذَي اﻟ ﱢﺮﺟْ َﻞ ﻓِ ﻴ ﻬَ ﺎ ﻋَ ﺜ َ ﺎ ُر َﻫ ﺎ إِذَا ﻣَ ﺎ اﻧ ْ َﻘ َﻀ ﻰ َﻻ ﻳَﻨ ْ َﻘ ِﻀ ﻲ ُﻣ ْﺴﺘَﺜ َﺎ ُر َﻫ ﺎ َوﺗَ ﺒْ َﻘ ﻰ ِﺗ ﺒَ ﺎﻋَ ُ ﻮب وَﻋَ ﺎ ُر َﻫ ﺎ ﺎت اﻟ ﺬﱡﻧ ُ ِ ﺗَ ﺒَ ﻴﱠ َﻦ ِﻣ ْﻦ َﺳ ﱢﺮ اﻟ ُﺨ ُ ﻮب ْ اﺳ ِﺘ ﺘَ ﺎ ُر َﻫ ﺎ ﻄ ِ ﻧ َ ﻮَاﻫِ ﻴَ ِﻪ إِذْ َﻗ ْﺪ ﺗَ ﺠَ ﱠﻠ ﻰ ﻣَ ﻨ َ ﺎ ُر َﻫ ﺎ َوﺗُ ْﻐ َﺮى ِﺑ ُﺪﻧ ْ ﻴَ ﺎ َﺳ ﺎءَ ﻓِ ﻴ َﻚ ِﺳ َﺮا ُر َﻫ ﺎ و ََﻫ ﺎ ِﺗ ﻴ َﻚ ِﻣ ﻨ ْ ﻬَ ﺎ ُﻣ ْﻘ ﻔِ َﺮات دِ ﻳَ ﺎ ُر َﻫ ﺎ ﻮل اﻋْ ِﺘ ﺒَ ﺎ ُر َﻫ ﺎ َﻓ ِﺈ ﱠن اﻟ ُﻤ ﺬَ ﱢﻛ ﻲ ِﻟ ْﻠ ﻌُ ُﻘ ِ ﺎن َ َو َﻛ َ ﺿ ﻤَ ﺎﻧ ًﺎ ﻓِ ﻲ اﻷَﻋَ ﺎدِي اﻧ ْ ِﺘ َ ﺼ ﺎ ُر َﻫ ﺎ وَﻋَ ﺎ َد إ ِ َﻟ ﻰ ذِي ﻣ ْﻠ ِﻜ ِﻪ ُﻣ ْﺴ ﺘَ ﻌَ ﺎ ُر َﻫ ﺎ ُﻣ َﺸ ﻤﱢ َﺮ ٍة ﻓِ ﻲ اﻟ َﻘ ْ ﺼ ِﺪ و َْﻫ َﻮ ِﺷ ﻌَ ﺎ ُر َﻫ ﺎ ُﻣ ِﺪ ﱟل ﺑَ ﺄَﻳْ ٍﺪ ﻋِ ﻨ ْ َﺪ ذِي اﻟ ﻌَ ْﺮ ِش ﺛ َ ﺎ ُر َﻫ ﺎ ﻋَ َﻠ ﻰ أَﻧ ﱠ ﻬَ ﺎ ﺑَ ﺎدٍ إ ِ َﻟ ﻴْ َﻚ ا ْز ِو َرا ُر َﻫ ﺎ َوﺗُ ﺒْ ﺪِي أَﻧ َ ﺎ ًة َﻻ ﻳَ ِﺼ ﺢﱡ اﻋْ ِﺘ ﺬَا ُر َﻫ ﺎ َوﺗَ ﻨ ْ َﺴ ﻰ ا ﱠﻟ ِﺘ ﻲ َﻓ ْﺮ ٌ ض ﻋَ َﻠ ﻴْ َﻚ ﺣِ ﺬَا ُر َﻫ ﺎ ُﻣ ِﺒ ﻴ ﻨ ً ﺎ إِذَا اﻷ َ ْﻗ ﺪَا ُر ﺣَ ﱠﻞ ْ اﺿ ِﻄ َﺮا ُر َﻫ ﺎ ﻣَ َﻀ ْﺖ َﻛ َ ﺎن ِﻣ ْﻠ ًﻜ ﺎ ﻓِ ﻲ ﻳَ ﺪَيﱠ َﺧ ﻴَ ﺎ ُر َﻫ ﺎ ﻋَ ِﺼﻴ ٍﺐ ﻳُﻮَاﻓِ ﻲ اﻟﻨ ﱠ ْﻔ َﺲ ﻓِ ﻴ ِﻪ اﺣْ ِﺘ َﻀﺎ ُر َﻫﺎ َو ﱠ ﺎل ﻓِ ﻴ ِﻪ اﻧ ْ ِﻬ ﻴَ َ ﺎرﻫ ﺎ إن ِﻣ َﻦ اﻵﻣَ ِ ﻮن ْ اﻏ ِﺒ َﺮا ُر َﻫ ﺎ ﻳَ ﻠُ ﻮحُ ﻋَ َﻠ ﻴْ ﻬَ ﺎ ِﻟ ْﻠ ﻌُ ﻴُ ِ و ََﻗ ْﺪ ﺣُ ﱠ ﻂ ﻋَ ْﻦ وَﺟْ ِﻪ اﻟ ﺤَ ﻴَ ﺎ ِة ﺧِ ﻤَ ﺎ ُر َﻫ ﺎ و ََﺳﺎﻋَ ﺔ ﺣَ ْﺸ ٍﺮ َﻟﻴْ َﺲ ﻳَ ْﺨ َﻔﻰ ْ اﺷ ِﺘﻬَ ﺎ ُر َﻫﺎ َ ﺻ ﺤَ ﺎ ِﺋ ُﻔ ﻨ َ ﺎ وَاﻧ ْ ﺜ َ ﺎ َل ﻓِ ﻴ ﻨ َ ﺎ اﻧ ْ ِﺘ َﺸ ﺎ ُر َﻫ ﺎ ُ وَأذْ ِﻛ َﻲ ِﻣ ْﻦ ﻧ َ ِﺎر اﻟ ﺠَ ﺤِ ﻴ ِﻢ ْ اﺳ ِﺘ ﻌَ ﺎ ُر َﻫ ﺎ 173 ﻃﻮق اﻟﺤﻤﺎﻣﺔ ﰲ اﻷ ُ َ ﻟﻔﺔِ واﻷ ُ ﱠﻻف وَأ َ ْﺳ َﺮ َع ﻣَ ْﻦ ُز ْﻫ ِﺮ اﻟ ﻨ ﱡ ﺠُ ﻮ ِم اﻧ ْ ِﻜ ﺪَا ُر َﻫ ﺎ و ََﻗ ْﺪ ﺣَ ﱠﻞ أَﻣْ ٌﺮ َﻛ َ ﺎن ِﻣ ﻨ ْ ُﻪ اﻧ ْ ِﺘ ﺜ َ ﺎ ُر َﻫ ﺎ و ََﻗ ْﺪ ﻋُ ﱢ ﻄ َﻠ ْﺖ ِﻣ ْﻦ ﻣَ ﺎ ِﻟ ِﻜ ﻴ ﻬَ ﺎ ﻋِ َﺸ ﺎ ُر َﻫ ﺎ َار َﻻ ﻳُ َﻔ ﱡﻚ إ ِ َﺳ ﺎ ُر َﻫ ﺎ َوإِﻣﱠ ﺎ ِﻟ ﺪ ٍ َﻓﺘُﺤْ ﺼﻰ اﻟﻤَ ﻌَ ِ ﺎﺻﻲ ﻛﺒْ ُﺮ َﻫﺎ و َِﺻ َﻐﺎ ُر َﻫﺎ َوﺗُ ﻬْ ِﻠ ُﻚ أ َ ْﻫ ِﻠ ﻴ ﻬَ ﺎ ُﻫ ﻨ َ ﺎ َك ِﻛ ﺒَ ﺎ ُر َﻫ ﺎ إِذَا ﻣَ ﺎ ْ اﺳ ﺘَ ﻮَى إ ِ ْﺳ َﺮا ُر َﻫ ﺎ و َِﺟ ﻬَ ﺎ ُر َﻫ ﺎ وَأ َ ْﺳ َﻜ ﻨ َ ﻬُ ْﻢ دَا ًرا ﺣَ َﻼ ًﻻ ﻋُ َﻘ ﺎ ُر َﻫ ﺎ ِﺑ ﺤَ ْﻠ ﺒَ ﺔ َﺳ ﺒ ٍﻖ َ ﻃ ْﺮ ُﻓ ﻬَ ﺎ وَﺣ ﻤ ﺎ ُر َﻫ ﺎ ﻈ ﱡﻦ ﻋَ َﻠ ﻰ أ َ ْﻫ ِﻞ اﻟ ﺤُ ُ ﻳُ َ ﻈ ِ ﻮظ ْاﻗ ِﺘ َ ﺼ ﺎ ُر َﻫ ﺎ َو َﻟ ﻴْ َﺲ ِﺑ َﻐ ﻴْ ِﺮ اﻟ ﺒَ ﺬْ ِل ﻳُ ﺤْ ﻤَ ﻰ ذِ ﻣَ ﺎ ُر َﻫ ﺎ وَﻣَ ﺎ اﻟ ﻬُ ْﻠ ُﻚ إ ِ ﱠﻻ ُﻗ ْﺮﺑُ ﻬَ ﺎ وَاﻋْ ِﺘ ﻤَ ﺎ ُر َﻫ ﺎ ﺎن ِﻟ ﱡﻠ ﺐﱢ اﻟ ﺬﱠ ِﻛ ﱢﻲ ْ و ََﻗ ْﺪ ﺑَ َ اﺧ ِﺘ ﺒَ ﺎ ُر َﻫ ﺎ َﻟ ﻬَ ﺎ ذَا اﻋْ ِﺘ ﻤَ ٍﺎر ﻳَ ﺠْ ﺘَ ِﻨ ﺒْ َﻚ ﻏِ ﻤَ ﺎ ُر َﻫ ﺎ َﻓ َﻘ ْﺪ َ ﺻ ﺢﱠ ﻓِ ﻲ اﻟ ﻌَ ْﻘ ِﻞ اﻟ ﺠَ ِﻠ ﱢﻲ ﻋ ﻴَ ﺎ ُر َﻫ ﺎ َو َﻟ ﺬﱠ َة ﻧ َ ْﻔ ٍﺲ ﻳُ ْﺴ ﺘَ َ ﻄ ﺎبُ اﺟْ ِﺘ َﺮا ُر َﻫ ﺎ ِﻟ ُﻤ ﺘْ ِﺒ ﻌِ ِﻪ اﻟ ﺼ ﻔ ﺎر ﺟَ ﱠﻢ َ ﺻ َﻐ ﺎ ُر َﻫ ﺎ ﻄ ﱠﻼ ِب اﻟ َﺨ َﻼ ِص ْ ﻣَ ِﻜ ﻴ ﻦ ِﻟ ُ اﺧ ِﺘ َ ﺼ ﺎ ُر َﻫ ﺎ ﺻ َ ﺎن ﻫ ﻤﱠ ِ إِذَا َ ﺎل اﻧ ْ ِﻜ َﺴ ﺎ ُر َﻫ ﺎ ﺎت اﻟ ﱢﺮﺟَ ِ َﻗ ﻨ ُ ﻮ ٌع َﻏ ِﻨ ﱡﻲ اﻟ ﻨ ﱠ ْﻔ ِﺲ ﺑَ ﺎدٍ و ََﻗ ﺎ ُر َﻫ ﺎ ﺗَ ِﻀ ﻴ ُﻖ ِﺑ ﻬَ ﺎ ذَ ْرﻋً ﺎ َوﻳَ ْﻔ ﻨ َﻰ ْ اﺻ ِﻄ ﺒَ ﺎ ُر َﻫ ﺎ أَﺣَ ﺎ َ ﻃ ْﺖ ِﺑ ﻨ َ ﺎ ﻣَ ﺎ إ ِ ْن ﻳُ ﻔِ ﻴ ﻖ ُﺧ ﻤَ ﺎ ُر َﻫ ﺎ َو ِﻓ ﻲ ﻋِ ْﻠ ِﻤ ِﻪ ﻣَ ﻌْ ُﻤ ﻮ ُر َﻫ ﺎ َو ِﻗ َﻔ ﺎ ُر َﻫ ﺎ ِﺑ َﻼ ﻋَ ﻤَ ٍﺪ ﻳُ ﺒْ ﻨ َ ﻰ ﻋَ َﻠ ﻴْ ِﻪ َﻗ َﺮا ُر َﻫ ﺎ َﻓ َ ﺼ ﺢﱠ َﻟ َﺪﻳْ ﻬَ ﺎ َﻟ ﻴْ ﻠُ ﻬَ ﺎ َوﻧ َ ﻬَ ﺎ ُر َﻫ ﺎ َﻓ ِﻤ ﻨ ْ ﻬَ ﺎ ﻳُ َﻐ ﺬﱠى ﺣَ ﺒﱡ ﻬَ ﺎ َوﺛِ ﻤَ ﺎ ُر َﻫ ﺎ َﻓ ﺄ َ ْﺷ َﺮ َق ﻓِ ﻴ ﻬَ ﺎ َو ْرد َُﻫ ﺎ وَﺑ ﻬَ ﺎ ُر َﻫ ﺎ َو ُﻛ ﱢﻮ َر ِت اﻟ ﱠﺸ ﻤْ ُﺲ اﻟ ُﻤ ِﻨ ﻴ َﺮ ُة ِﺑ ﺎﻟ ﱡﻀ ﺤَ ﻰ ﺎن ِﻣ ﻨ ْ ُﻪ اﻧ ْ ِﺘ َ َﻟ َﻘ ْﺪ ﺟَ ﱠﻞ أَﻣْ ٌﺮ َﻛ َ ﻈ ﺎ ُﻣ ﻬَ ﺎ و َُﺳ ﻴﱢ َﺮ ِت اﻷَﺟْ ﺒَ ﺎ ُل وَاﻷ َ ْر ُ ض ﺑُ ﱢﺪ َﻟ ْﺖ َار َﻟ ﻴْ َﺲ ﻳَ ْﻔ ﻨ َ ﻰ ﻧ َ ﻌِ ﻴ ُﻤ ﻬَ ﺎ َﻓ ِﺈﻣﱠ ﺎ ِﻟ ﺪ ٍ ِﺑ ﺤَ ْﻀ َﺮ ِة ﺟَ ﺒﱠ ٍﺎر َر ِﻓ ﻴ ٍﻖ ُﻣ ﻌَ ﺎﻗ ٍﺐ َوﻳَ ﻨ ْ َﺪ ُم ﻳَ ْﻮ َم اﻟ ﺒَ ﻌْ ِﺚ ﺟَ ﺎ ِﻧ ﻲ ِﺻ َﻐ ِﺎر َﻫ ﺎ َﺳ ﺘُ ْﻐ ﺒَ ُ ﻂ أَﺟْ َﺴ ﺎ ٌد َوﺗُ ﺤْ ﻴ ﺎ ﻧ ُ ُﻔ ُ ﻮﺳ ﻬَ ﺎ إِذَا ﺣَ ﱠﻔ ﻬُ ْﻢ ﻋَ ْﻔ ُﻮ ا ِﻹ َﻟ ِﻪ و ََﻓ ْﻀ ﻠُ ُﻪ َ ﻮق إِذَا ْ اﺳ ﺘَ ﻮَى َﺳ ﻴَ ْﻠ ﺤَ ُﻘ ﻬُ ْﻢ أ ْﻫ ُﻞ اﻟ ُﻔ ُﺴ ِ ﻳَ ﻔِ ﱡﺮ ﺑَ ﻨ ُ ﻮ اﻟ ﱡﺪﻧ ْ ﻴَ ﺎ ِﺑ ُﺪﻧ ْ ﻴَ ُ ﺎﻫ ُﻢ ا ﱠﻟ ِﺘ ﻲ ﻫِ َﻲ اﻷ ُ ﱡم َﺧ ﻴْ ُﺮ اﻟ ِﺒ ﱢﺮ ﻓِ ﻴ ﻬَ ﺎ ﻋُ ُﻘ ُ ﻮﻗ ﻬَ ﺎ َﻓ ﻤَ ﺎ ﻧ َ ﺎ َل ِﻣ ﻨ ْ ﻬَ ﺎ اﻟ ﺤَ ﱠ ﻆ إ ِ ﱠﻻ ُﻣ ِﻬ ﻴ ﻨ ُ ﻬَ ﺎ ﻃ ِﺎﻣ ٌﻊ ﺑَ ﻌْ َﺪ َ ﺗَ ﻬَ َﺎﻓ َﺖ ﻓِ ﻴ ﻬَ ﺎ َ ﻃ ِﺎﻣ ٍﻊ ﺗَ َ ﻄ ﺎﻣَ ْﻦ ِﻟ َﻐ ﻤْ ِﺮ اﻟ ﺤَ ﺎدِ ﺛ َ ِ ﺎت و ََﻻ ﺗَ ُﻜ ْﻦ ِوإِﻳﱠ ﺎ َك أ َ ْن ﺗَ ْﻐ ﺘَ ﱠﺮ ِﻣ ﻨ ْ ﻬَ ﺎ ِﺑ ﻤَ ﺎ ﺗَ َﺮى َرأَﻳْ ُﺖ ُﻣ ﻠُ ﻮ َك اﻷ َ ْر ِض ﻳَ ﺒْ ُﻐ َ ﻮن ﻋُ ﱠﺪ ًة و ََﺧ ﱡﻠ ﻮا َ ﺼ ِﺪ ﻓِ ﻲ ُﻣ ﺒْ ﺘَ َﻐ ُ ﻃ ِﺮﻳ َﻖ اﻟ َﻘ ْ ﺎﻫ ُﻢ َوإ ِ ﱠن ا ﱠﻟ ِﺘ ﻲ ﻳَ ﺒْ ُﻐ َ ﻮن ﻧ َ ﻬْ ﺞَ ﺑَ ﻘِ ﻴﱠ ٍﺔ ﺻ ﺢﱠ َ َﻫ ِﻞ اﻟ ﻌِ ﱡﺰ إ ِ ﱠﻻ ﻫِ ﻤﱠ ٌﺔ َ ﺻ ْﻮﻧ ُ ﻬَ ﺎ و ََﻫ ْﻞ َرا ِﺑ ﺢٌ إ ِ ﱠﻻ اﻣْ ُﺮ ٌؤ ُﻣ ﺘَ َﻮ ﱢﻛ ٌﻞ َوﻳَ ْﻠ َﻘ ﻰ َ وﻻ َة اﻟ ﻤ ﻠ ﻚِ َﺧ ﻮ ًْﻓ ﺎ َو ِﻓ ْﻜ َﺮة ﻋِ ﻴَ ﺎﻧ ً ﺎ ﻧ َ َﺮى َﻫ ﺬَا َو َﻟ ِﻜ ﱠﻦ َﺳ ْﻜ َﺮ ًة ﺗَ َﺪﺑﱠ ْﺮ ﻣَ ِﻦ اﻟﺒَﺎ ِﻧﻲ ﻋَ َﻠﻰ اﻷ َ ْر ِض َﺳ ْﻘ َﻔﻬَ ﺎ وَﻣَ ْﻦ ﻳُ ﻤْ ِﺴ ُﻚ اﻷَﺟْ َﺮا َم وَاﻷ َ ْر َ ض أَﻣْ ُﺮ ُه وَﻣَ ْﻦ َﻗ ﱠﺪ َر اﻟ ﺘﱠ ْﺪ ِﺑ ﻴ َﺮ ﻓِ ﻴ ﻬَ ﺎ ِﺑ ﺤِ ْﻜ ﻤَ ٍﺔ وَﻣَ ْﻦ َﻓ ﺘَ َﻖ اﻷَﻣْ ﻮَا َه ﻓِ ﻲ ُ ﺻ ْﻔ ِﺢ وَﺟْ ِﻬ ﻬَ ﺎ ﺻ ﻴﱠ َﺮ اﻷ َ ْﻟ ﻮ َ وَﻣَ ْﻦ َ ﻮر ﻧ َ ﺒْ ِﺘ ﻬَ ﺎ َان ﻓِ ﻲ ﻧ َ ِ 174 ﺑﺎب ﻓﻀﻞ اﻟﺘﻌﻔﻒ َو ِﻣ ﻨ ْﻬُ ﱠﻦ ﻣَ ﺎ ﻳَ ْﻐ َﺸ ﻰ اﻟ ﱢﻠ ﺤَ ﺎ َ ظ اﺣْ ِﻤ َﺮا ُر َﻫ ﺎ َﻓ ﺜ َ ﺎ َر ِﻣ َﻦ اﻟ ﱡ ﺼ ﱢﻢ اﻟ ﱢ ﺼ َﻼ ِب اﻧ ْ ﻔِ ﺠَ ﺎ ُر َﻫ ﺎ ُﻏ ُﺪوٍّا َوﻳَ ﺒْ ﺪُو ِﺑ ﺎﻟ ﻌ ِﺸ ﱢﻲ ْ اﺻ ﻔِ َﺮا ُر َﻫ ﺎ وَأَﺣْ َﻜ ﻤَ ﻬَ ﺎ ﺣَ ﺘﱠ ﻰ ْ اﺳ ﺘَ َﻘ ﺎ َم ﻣَ ﺪَا ُر َﻫ ﺎ َﻓ َﻠ ﻴْ َﺲ إ ِ َﻟ ﻰ ﺣَ ﱟﻲ ِﺳ ﻮَا ُه ْاﻓ ِﺘ َﻘ ﺎ ُر َﻫ ﺎ؟ َﻟ ُﻪ ُﻣ ْﻠ ُﻜ ﻬَ ﺎ ُﻣ ﻨ ْ َﻘ ﺎدَة وَاﺋْ ِﺘ ﻤَ ﺎ ُر َﻫ ﺎ َﻓ ﺄَﻣْ َﻜ َﻦ ﺑَ ﻌْ َﺪ اﻟ ﻌَ ﺠْ ِﺰ ﻓِ ﻴ ﻬَ ﺎ ْاﻗ ِﺘ ﺪَا ُر َﻫ ﺎ وَﻣَ ﺎ ﺣَ ﻠ ﻬَ ﺎ إِﺛ ْ َﻐ ﺎ ُر َﻫ ﺎ وَاﺗﱢ َﻐ ﺎ ُر َﻫ ﺎ وَأ َ ْﺳ ﻤَ ﻌَ ﻬُ ْﻢ ﻓِ ﻲ اﻟ ﺤِ ﻴ ِﻦ ِﻣ ﻨ ْﻬَ ﺎ ﺣُ ﻮَا ُر َﻫ ﺎ أَﺗَ َ ﺎب اﻟ ﻬَ َﻼكِ ﻗِ ﺪَا ُر َﻫ ﺎ ﺎﻫ ﺎ ِﺑ ﺄ َ ْﺳ ﺒَ ِ َوﺑَ َ َاج ﻓِ ﻴ ِﻪ اﻧ ْ ﺤِ َﺴ ﺎ ُر َﻫ ﺎ ﺎن ِﻣ َﻦ اﻷَﻣْ ﻮ ِ َﻓ َﻠ ْﻢ ﻳُ ْﺆ ِذ ِه إِﺣْ َﺮ ُاﻗ ﻬَ ﺎ وَاﻋْ ِﺘ َﺮا ُر َﻫ ﺎ ِﺑ ِﻪ أُﻣﱠ ٌﺔ أَﺑْ ﺪَى اﻟ ُﻔ ُﺴ َ ﻮق ِﺷ َﺮا ُر َﻫ ﺎ َﻓ ﺘَ ﻌْ ِﺴ ﻴ ُﺮ َﻫ ﺎ ُﻣ ْﻠ ًﻘ ﻰ َﻟ ُﻪ وَﺑ ﺪَا ُر َﻫ ﺎ وَﻋُ ﱢﻠ َﻢ ِﻣ ْﻦ َ ﻃ ﻴْ ِﺮ اﻟ ﱠﺴ ﻤَ ﺎءِ ﺣِ ﻮ َ َارﻫ ﺎ وَﻣَ ﱠﻜ َﻦ ﻓِ ﻲ أ َ ْﻗ َ ﺼ ﻰ اﻟ ِﺒ َﻼدِ ُﻣ َﻐ ﺎ ُر َﻫ ﺎ ِﺑ ﺂﻳَ ِ ﺎت ﺣَ ﱟﻖ َﻻ ﻳُ ﺨ ﻞ ُﻣ ﻌَ ﺎ ُر َﻫ ﺎ ﺎن ﻋَ َﻠ ﻰ ُﻗ ْ َو َﻛ َ ﻄ ِﺐ اﻟ ﻬَ َﻼكِ ﻣَ ﻨ َ ﺎ ُر َﻫ ﺎ ِﻟ ﻨ َ ْﺴ َﻠ َﻢ ِﻣ ْﻦ ﻧ َ ٍﺎر ﺗَ َﺮاﻣَ ﻰ ِﺷ َﺮا ُر َﻫ ﺎ َﻓ ِﻤ ﻨ ْ ﻬُ ﱠﻦ ُﻣ ْﺨ َﻀ ﱞﺮ ﻳَ ُﺮ ُ وق ﺑَ ِﺼ ﻴ ﺼ ُﻪ وَﻣَ ْﻦ ﺣَ َﻔ َﺮ اﻷَﻧ ْ ﻬَ ﺎ َر د َ ُون ﺗَ َﻜ ﱡﻠ ٍﻒ وَﻣَ ْﻦ َرﺗﱠﺐَ اﻟ ﱠﺸﻤْ َﺲ اﻟ ُﻤ ِﻨﻴ َﺮ اﺑْ ِﻴ َﻀ ُ ﺎﺿﻬَ ﺎ وَﻣَ ْﻦ َﺧ َﻠ َﻖ اﻷ َ ْﻓ َﻼ َك َﻓ ﺎﻣْ ﺘَ ﱠﺪ ﺟَ ْﺮﻳُ ﻬَ ﺎ ﻮل َر ِزﻳﱠ ٌﺔ وَﻣَ ْﻦ إ ِ ْن أ َ َﻟ ﻤﱠ ْﺖ ِﺑ ﺎﻟ ﻌُ ُﻘ ِ اﺟ ﻌً ﺎ ﻧ َ ﺤْ َﻮ َﺧ ﺎ ِﻟ ٍﻖ ﺗَ ِﺠ ْﺪ ُﻛ ﱠﻞ َﻫ ﺬَا َر ِ أَﺑَ َ ﺎن َﻟ ﻨ َ ﺎ اﻵﻳَ ِ ﺎت ﻓِ ﻲ أَﻧ ْ ِﺒ ﻴَ ﺎ ِﺋ ِﻪ َﻓ ﺄَﻧ ْ َ ﻄ َﻖ أ َ ْﻓ ﻮ ً َاﻫ ﺎ ِﺑ ﺄ َ ْﻟ َﻔ ِ ﺎظ ﺣِ ْﻜ ﻤَ ٍﺔ وَأَﺑْ َﺮ َز ِﻣ ْﻦ ُ ﺻ ﱢﻢ اﻟ ﺤِ ﺠَ ﺎ َر ِة ﻧ َ َﺎﻗ ًﺔ ِﻟ ﻴُ ﻮ ِﻗ َﻦ أ َ ْﻗ ﻮَا ٌم َوﺗَ ْﻜ ُﻔ َﺮ ﻋُ ْ ﺼ ﺒَ ٌﺔ ﻮﺳ ﻰ اﻟ ﺒَ ﺤْ َﺮ د َ و ََﺷ ﱠﻖ ِﻟ ُﻤ َ ُون ﺗَ َﻜ ﱡﻠ ٍﻒ و ََﺳ ﱠﻠ َﻢ ِﻣ ْﻦ ﻧ َ ِﺎر اﻷﻧ ﻮق َﺧ ِﻠ ﻴ َﻠ ُﻪ ﻄ َ َوﻧ َﺠﱠ ﻰ ِﻣ َﻦ اﻟ ﱡ ﺎن ﻧ ُﻮﺣً ﺎ و ََﻗ ْﺪ َﻫ ﺪ ْ َت ﻮﻓ ِ وَﻣَ ﱠﻜ َﻦ دَا ُودًا ِﺑ ﺄَﻳْ ٍﺪ َوإِﺑْ ﻨ َ ُﻪ َوذَ ﱠﻟ َﻞ ﺟَ ﺒﱠ ﺎ َر اﻟ ِﺒ َﻼدِ ِﻷَﻣْ ِﺮ ِه آن أُﻣﱠ َﺔ أَﺣْ ﻤَ ٍﺪ و ََﻓ ﱠﻀ َﻞ ِﺑ ﺎﻟ ُﻘ ْﺮ ِ و ََﺷ ﱠﻖ َﻟ ُﻪ ﺑَ ْﺪ َر اﻟ ﱠﺴ ﻤَ ﺎءِ و ََﺧ ﱠ ﺼ ُﻪ وَأَﻧ ْ َﻘ ﺬَﻧ َ ﺎ ِﻣ ْﻦ ُﻛ ْﻔ ِﺮ أ َ ْرﺑَ ﺎ ِﺑ ﻨ َ ﺎ ِﺑ ِﻪ َﻓ ﻤَ ﺎ ﺑَ ﺎﻟُ ﻨ َ ﺎ َﻻ ﻧ َ ﺘْ ُﺮ ُك اﻟ ﺠَ ﻬْ َﻞ َوﻳْ ﺤَ ﻨ َ ﺎ ً ووﻗﻮﻓﺎ ﻋﻨﺪ ملﴪﺗﻚ، ﻫﻨﺎ — أﻋﺰك ﷲ — اﻧﺘﻬﻰ ﻣﺎ ﺗﺬ ﱠﻛﺮﺗﻪ إﻳﺠﺎﺑًﺎ ﻟﻚ ،وﺗﻘﻤﻨًﺎ ﱠ أﻣﺮك ،وﻟﻢ أﻣﺘﻨﻊ أن أورد ﻟﻚ ﰲ ﻫﺬه اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ أﺷﻴﺎء ﻳﺬﻛﺮﻫﺎ اﻟﺸﻌﺮاء وﻳُﻜﺜﺮون اﻟﻘﻮل ﻓﻴﻬﺎ ،ﻣﻮﻓﻴﺎت ﻋﲆ وﺟﻮﻫﻬﺎ ،وﻣﻔﺮدات ﰲ أﺑﻮاﺑﻬﺎ ،وﻣﻨﻌﻤﺎت اﻟﺘﻔﺴري ،ﻣﺜﻞ اﻹﻓﺮاط ﰲ ﺻﻔﺔ اﻟﻨﺤﻮل ،وﺗﺸﺒﻴﻪ اﻟﺪﻣﻮع ﺑﺎﻷﻣﻄﺎر ،وأﻧﻬﺎ ﺗﺮوي اﻟﺴﻔﺎر ،وﻋﺪم اﻟﻨﻮم اﻟﺒﺘﺔ ،واﻧﻘﻄﺎع ً ﺟﻤﻠﺔ ،إﻻ أﻧﻬﺎ أﺷﻴﺎء ﻻ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻟﻬﺎ ،وﻛﺬب ﻻ وﺟﻪ ﻟﻪ ،وﻟﻜﻞ ﳾء ﺣﺪﱞ ،وﻗﺪ ﺟﻌﻞ ﷲ اﻟﻐﺬاء ﻟﻜﻞ ﳾء ﻗﺪ ًرا .واﻟﻨﺤﻮل ﻗﺪ ﻳَﻌ ُ ﻈﻢ وﻟﻮ ﺻﺎر ﺣﻴﺚ ﻳﺼﻔﻮﻧﻪ ﻟﻜﺎن ﰲ ﻗﻮام اﻟﺬرة أو دوﻧﻬﺎ، وﻟﺨﺮج ﻋﻦ ﺣﺪ املﻌﻘﻮل ،واﻟﺴﻬﺮ ﻗﺪ ﻳﺘﺼﻞ ﻟﻴﺎﱄ َ ،وﻟﻜﻦ ﻟﻮ ﻋﺪم اﻟﻐﺬاء أﺳﺒﻮﻋني ﻟﻬﻠﻚ، وإﻧﻤﺎ ﻗﻠﻨﺎ :اﻟﺼﱪ ﻋﻦ اﻟﻨﻮم أﻗﻞ ﻣﻦ اﻟﺼﱪ ﻋﻦ اﻟﻄﻌﺎم؛ ﻷن اﻟﻨﻮم ﻏﺬاء اﻟﺮوح ،واﻟﻄﻌﺎم ﻏﺬاء اﻟﺠﺴﺪ ،وإن ﻛﺎﻧﺎ ﻳﺸﱰﻛﺎن ﰲ ﻛﻠﻴﻬﻤﺎ ،وﻟﻜﻨﺎ ﺣﻜﻴﻨﺎ ﻋﲆ اﻷﻏﻠﺐ .وأﻣﺎ املﺎء ﻓﻘﺪ رأﻳﺖ 175 ﻃﻮق اﻟﺤﻤﺎﻣﺔ ﰲ اﻷ ُ َ ﻟﻔﺔِ واﻷ ُ ﱠﻻف أن ﻣﻴﺴﻮ ًرا اﻟﺒﻨﱠﺎء ﺟﺎ َرﻧﺎ ُ ﺑﻘﺮﻃﺒﺔ ﻳﺼﱪ ﻋﻦ املﺎء أﺳﺒﻮﻋني ﰲ ﺣﻤﺎ ﱠرة اﻟﻘﻴﻆ ،وﻳﻜﺘﻔﻲ ﺑﻤﺎ ﰲ ﻏﺬاﺋﻪ ﻣﻦ رﻃﻮﺑﺔ. وﺣﺪﺛﻨﻲ اﻟﻘﺎﴈ أﺑﻮ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﺟﺤﺎف أﻧﻪ ﻛﺎن ﻳﻌﺮف ﻣﻦ ﻛﺎن ﻻ ﻳﴩب املﺎء ﺷﻬ ًﺮا. ً أﺻﻼ، وإﻧﻤﺎ اﻗﺘﴫت ﰲ رﺳﺎﻟﺘﻲ ﻋﲆ اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ املﻌﻠﻮﻣﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ وﺟﻮد ﺳﻮاﻫﺎ وﻋﲆ أﻧﻲ ﻗﺪ أوردت ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﻮﺟﻮه املﺬﻛﻮرة أﺷﻴﺎء ﻛﺜرية ﻳُﻜﺘﻔﻰ ﺑﻬﺎ ﻟﺌﻼ أﺧﺮج ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻘﺔ أﻫﻞ اﻟﺸﻌﺮ وﻣﺬﻫﺒﻬﻢ .وﺳريى ﻛﺜري ﻣﻦ إﺧﻮاﻧﻨﺎ أﺧﺒﺎ ًرا ﻟﻬﻢ ﰲ ﻫﺬه اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﻣﻜﻨﱢﻴًﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ أﺳﻤﺎﺋﻬﻢ ﻋﲆ ﻣﺎ ﴍﻃﻨﺎ ﰲ اﺑﺘﺪاﺋﻬﺎ .وأﻧﺎ أﺳﺘﻐﻔﺮ ﷲ ﺗﻌﺎﱃ ﻣﻤﺎ ﻳﻜﺘﺒﻪ ا َمل َﻠﻜﺎن، وﻳُﺤﺼﻴﻪ اﻟﺮﻗﻴﺒﺎن ﻣﻦ ﻫﺬا وﺷﺒﻬﻪ ،اﺳﺘﻐﻔﺎر ﻣﻦ ﻳﻌﻠﻢ أن ﻛﻼﻣﻪ ﻣﻦ ﻋﻤﻠﻪ ،وﻟﻜﻨﻪ إن ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﻠﻐﻮ اﻟﺬي ﻻ ﻳﺆاﺧﺬ ﺑﻪ املﺮء ،ﻓﻬﻮ — إن ﺷﺎء ﷲ — ﻣﻦ اﻟ ﱠﻠﻤﻢ ا َملﻌْ ﻔﻮﱢ ،وإﻻ ﻓﻠﻴﺲ ﻣﻦ اﻟﺴﻴﺌﺎت واﻟﻔﻮاﺣﺶ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻮﻗﻊ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﻌﺬاب .وﻋﲆ ﻛﻞ ﺣﺎل ﻓﻠﻴﺲ ﻣﻦ اﻟﻜﺒﺎﺋﺮ اﻟﺘﻲ ورد اﻟﻨﺺ ﻓﻴﻬﺎ. وأﻧﺎ أﻋﻠﻢ أﻧﻪ ﺳﻴُﻨﻜﺮ ﻋﲇ ﱠ ُ ﺑﻌﺾ ا ُملﺘﻌﺼﺒني ﻋﲇ ﱠ ﺗﺄﻟﻴﻔﻲ ملﺜﻞ ﻫﺬا وﻳﻘﻮل :إﻧﻪ ﺧﺎﻟﻒ ﻃﺮﻳﻘﺘﻪ ،وﺗﺠﺎﰱ ﻋﻦ وﺟﻬﺘﻪ ،وﻣﺎ أُﺣِ ﱡﻞ ﻷﺣﺪ أن ﻳ ﱠ َﻈﻦ ﰲ ﱠ ﻏري ﻣﺎ ﻗﺼﺪﺗﻪ ،ﻗﺎل ﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ: ﻈ ﱢﻦ إ ِ ﱠن ﺑَﻌْ َﺾ اﻟ ﱠ ِﻳﻦ آﻣَ ﻨُﻮا اﺟْ ﺘَ ِﻨﺒُﻮا َﻛ ِﺜريًا ﻣﱢ َﻦ اﻟ ﱠ ﴿ﻳَﺎ أَﻳﱡﻬَ ﺎ ا ﱠﻟﺬ َ ﻈ ﱢﻦ إِﺛْﻢٌ﴾. وﺣﺪﺛﻨﻲ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ اﻟﺠﺴﻮري :ﺛﻨﺎ اﺑﻦ أﺑﻲ دﻟﻴﻢ ،ﺛﻨﺎ اﺑﻦ وﺿﺎح ،ﻋﻦ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ ﺑﻦ أﻧﺲ ،ﻋﻦ أﺑﻲ اﻟﺰﺑري املﻜﻲ ،ﻋﻦ أﺑﻲ ﴍﻳﺢ اﻟﻜﻌﺒﻲ ،ﻋﻦ رﺳﻮل ﷲ ﷺ أﻧﻪ ﻗﺎل» :إﻳﺎﻛﻢ واﻟﻈﻦ؛ ﻓﺈﻧﻪ أﻛﺬب اﻟﻜﺬب«. َ وﺑﻪ إﱃ ﻣﺎﻟﻚ ،ﻋﻦ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ أﺑﻲ ﺳﻌﻴﺪ املﻘﱪي ،ﻋﻦ اﻷﻋﺮج ،ﻋﻦ أﺑﻲ ﻫﺮﻳﺮة ،ﻋﻦ رﺳﻮل ﷲ ﷺ أﻧﻪ ﻗﺎل :ﻣﻦ ﻛﺎن ﻳﺆﻣﻦ ﺑﺎهلل واﻟﻴﻮم اﻵﺧﺮ ُ ﻓﻠﻴﻘﻞ ﺧريًا أو ﻟﻴﺼﻤﺖ. وﺣﺪﺛﻨﻲ ﺻﺎﺣﺒﻲ أﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ إﺳﺤﺎق ،ﺛﻨﺎ ﻋﺒﺪ ﷲ ﺑﻦ ﻳﻮﺳﻒ اﻷزدي ،ﺛﻨﺎ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﻦ ﻋﺎﺋﺬ ،ﺛﻨﺎ أﺑﻮ ﻋﺪي ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ ﺑﻦ ﻋﲇ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ إﺳﺤﺎق ﺑﻦ اﻟﻔﺮج اﻹﻣﺎم ﺑﻤﴫ ،ﺛﻨﺎ أﺑﻮ ﻋﲇ اﻟﺤﺴﻦ ﺑﻦ ﻗﺎﺳﻢ ﺑﻦ دﺣﻴﻢ املﴫي ،ﺛﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ زﻛﺮﻳﺎ اﻟﻐﻼﺑﻲ، ﺛﻨﺎ أﺑﻮ اﻟﻌﺒﺎس ،ﺛﻨﺎ أﺑﻮ ﺑﻜﺮ ،ﻋﻦ ﻗﺘﺎدة ،ﻋﻦ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ املﺴﻴﺐ أﻧﻪ ﻗﺎل :وﺿﻊ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎب — رﴈ ﷲ ﻋﻨﻪ — ﻟﻠﻨﺎس ﺛﻤﺎﻧﻲ ﻋﴩة ﻛﻠﻤﺔ ﻣﻦ اﻟﺤﻜﻤﺔ ،ﻣﻨﻬﺎ» :ﺿﻊ أﻣﺮ أﺧﻴﻚ ﻋﲆ أﺣﺴﻨﻪ ﺣﺘﻰ ﻳﺄﺗﻴﻚ ﻣﺎ ﻳﻐﻠﺒﻚ ﻋﻠﻴﻪ ،وﻻ ﺗَ ﱠ ٍ ﺑﻜﻠﻤﺔ ﺧﺮﺟﺖ ﻣﻦ ﰲ اﻣﺮئ ﻣﺴﻠﻢ ﻈﻦ ً ﻣﺤﻤﻼ«. ﴍٍّا وأﻧﺖ ﺗﺠﺪ ﻟﻬﺎ ﰲ اﻟﺨري ﻓﻬﺬا — أﻋﺰك ﷲ — أدب ﷲ وأدب رﺳﻮﻟﻪ ﷺ وأدب أﻣري املﺆﻣﻨني .وﺑﺎﻟﺠﻤﻠﺔ ﻓﺈﻧﻲ ﻻ أﻗﻮل ﺑﺎملﺮاﻳﺎة ،وﻻ أﻧﺴﻚ ﻧﺴ ًﻜﺎ أﻋﺠﻤﻴٍّﺎ ،وﻣﻦ أدﱠى اﻟﻔﺮاﺋﺾ املﺄﻣﻮر ﺑﻬﺎ ،واﺟﺘﻨﺐ املﺤﺎرم 176 ﺑﺎب ﻓﻀﻞ اﻟﺘﻌﻔﻒ املﻨﻬﻲ ﻋﻨﻬﺎ ،وﻟﻢ َ ﻳﻨﺲ اﻟﻔﻀﻞ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻪ وﺑني اﻟﻨﺎس ،ﻓﻘﺪ وﻗﻊ ﻋﻠﻴﻪ اﺳﻢ اﻹﺣﺴﺎن ،ودﻋﻨﻲ ﻣﻤﺎ ﺳﻮى ذﻟﻚ ،وﺣﺴﺒﻲ ﷲ. واﻟﻜﻼم ﰲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬا إﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﻊ ﺧﻼء اﻟﺬرع وﻓﺮاغ اﻟﻘﻠﺐ ،وإن ﺣﻔﻆ ﳾء وﺑﻘﺎء رﺳﻢ وﺗﺬﻛﺮ ﻓﺎﺋﺖ ملﺜﻞ ﺧﺎﻃﺮي ﻟﻌﺠﺐٌ ﻋﲆ ﻣﺎ ﻣﴣ ودﻫﻤﻨﻲ؛ ﻓﺄﻧﺖ ﺗﻌﻠﻢ أن ذﻫﻨﻲ ﱡ وﺗﻐري اﻟﺰﻣﺎن، ﻣﺘﻘﻠﺐ ،وﺑﺎﱄ ﻣﻬﴫ ﺑﻤﺎ ﻧﺤﻦ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﻧَﺒ ِْﻮ اﻟﺪﻳﺎر ،واﻟﺨﻼء ﻋﻦ اﻷوﻃﺎن، وﻧﻜﺒﺎت اﻟﺴﻠﻄﺎن ،وﺗﻐري اﻹﺧﻮان ،وﻓﺴﺎد اﻷﺣﻮال ،وﺗﺒﺪﱡل اﻷﻳﺎم ،وذﻫﺎب اﻟﻮﻓﺮ ،واﻟﺨﺮوج ﻋﻦ اﻟﻄﺎرف واﻟﺘﺎﻟﺪ ،واﻗﺘﻄﺎع ﻣﻜﺎﺳﺐ اﻵﺑﺎء واﻷﺟﺪاد ،واﻟﻐﺮﺑﺔ ﰲ اﻟﺒﻼد ،وذﻫﺎب املﺎل واﻟﺠﺎه ،واﻟﻔﻜﺮ ﰲ ﺻﻴﺎﻧﺔ اﻷﻫﻞ واﻟﻮﻟﺪ ،واﻟﻴﺄس ﻋﻦ اﻟﺮﺟﻮع إﱃ ﻣﻮﺿﻊ اﻷﻫﻞ ،وﻣﺪاﻓﻌﺔ اﻟﺪﻫﺮ ،واﻧﺘﻈﺎر اﻷﻗﺪار .ﻻ ﺟﻌﻠﻨﺎ ﷲ ﻣﻦ اﻟﺸﺎﻛني إﻻ إﻟﻴﻪ ،وأﻋﺎدﻧﺎ إﱃ أﻓﻀﻞ ﻣﺎ ﻋﻮدﻧﺎ. وإن اﻟﺬي أﺑﻘﻰ َﻷﻛﺜ ُﺮ ﻣﻤﺎ أﺧﺬ ،واﻟﺬي ﺗﺮك أﻋﻈﻢ ﻣﻦ اﻟﺬي ﺗﺤﻴﱠﻒ ،وﻣﻮاﻫﺒﻪ املﺤﻴﻄﺔ ﺑﻨﺎ وﻧﻌﻤﻪ اﻟﺘﻲ ﻏﻤﺮﺗﻨﺎ ﻻ ﺗُﺤﺪ ،وﻻ ﻳُﺆدﱠى ُﺷﻜ ُﺮﻫﺎ ،واﻟﻜ ﱡﻞ ِﻣﻨَﺤﻪ وﻋﻄﺎﻳﺎه ،وﻻ ﺣُ ﻜ َﻢ ﻟﻨﺎ ﰲ أﻧﻔﺴﻨﺎ وﻧﺤﻦ ﻣﻨﻪ ،وإﻟﻴﻪ ﻣﻨﻘﻠﺒﻨﺎ .وﻛﻞ ﻋﺎرﻳﺔ ﻓﺮاﺟﻌﺔ إﱃ ﻣُﻌريﻫﺎ .وﻟﻪ اﻟﺤﻤﺪ ً أوﻻ وآﺧ ًﺮا، وﻋﻮدًا وﺑﺪءًا ،وأﻧﺎ أﻗﻮل: ﺟَ ﻌَ ْﻠ ُﺖ اﻟﻴَﺄ ْ َس ِﻟﻲ ﺣِ ْ ﺼﻨ ًﺎ َو ِد ْرﻋً ﺎ ﺎس ﻋِ ﻨ ْﺪِي وَأ َ ْﻛﺜ َ ُﺮ ِﻣ ْﻦ ﺟَ ِﻤﻴ ِﻊ اﻟﻨ ﱠ ِ إِذَا ﻣَ ﺎ َ ﺻﺢﱠ ِﻟﻲ دِ ﻳ ِﻨﻲ َو ِﻋ ْﺮ ِﺿﻲ ﺗَ َﻮ ﱠﻟﻰ اﻷَﻣْ ﺲ ،وَاﻟ َﻐ ُﺪ َﻟ ْﺴ ُﺖ أَد ِْري َﻓ َﻠ ْﻢ أ َ ْﻟ ﺒَ ْﺲ ِﺛ ﻴَ ﺎبَ اﻟ ُﻤ ْﺴ ﺘَ َﻀ ﺎ ِم ﺻ ﺎﻧ َ ِﻨ ﻲ د َ ﻳَ ِﺴ ﻴ ٌﺮ َ ُون اﻷَﻧ َ ﺎ ِم َﻓ َﻠ ْﺴ ُﺖ ِﻟ ﻤَ ﺎ ﺗَ َﻮ ﱠﻟ ﻰ ذَا ْ اﻫ ِﺘ ﻤَ ﺎم أَأُد ِْر ُﻛ ُﻪ َﻓ ﻔِ ﻴ ﻤَ ﺎ ذَا ْ اﻏ ِﺘ ﻤَ ﺎم ﺟﻌﻠﻨﺎ ﷲ وإﻳﺎك ﻣﻦ اﻟﺼﺎﺑﺮﻳﻦ اﻟﺸﺎﻛﺮﻳﻦ اﻟﺤﺎﻣﺪﻳﻦ اﻟﺬاﻛﺮﻳﻦ .آﻣني ،آﻣني ،واﻟﺤﻤﺪ هلل رب اﻟﻌﺎملني ،وﺻﲆ ﷲ ﻋﲆ ﺳﻴﺪﻧﺎ ﻣﺤﻤﺪ وآﻟﻪ وﺻﺤﺒﻪ وﺳﻠﻢ ﺗﺴﻠﻴﻤً ﺎ. 177