التدرج في تحريم الربا هذا الموضوع لمعرفة التاريخ الذي تم فيه تحريم الربا .وإال ما الفائدة لنا اليوم من معرفة التدرج في تحريمه .وألن الربا ما زال حراما .وال يجوز ألي مسلم أن يتجاوز هذا الحرام ألي سبب من األسباب .وقد أثم من تجاوز هذا الحرام .عن ابن عباس رضي هللا عنهما قال“ :آخر آية نزلت على النبي صلى هللا عليه وسلم آية الربا”. ويقول محمد عبد هللا دراز إن الربا في القرآن الكريم تدرجت اآليات في تحريمه كما تدرجت في تحريم الخمر ويمكن ترتيب هذه التدرج كما يلي: المرحلة األولى -:ما جاء في سورة الروم وهي مكية نزلت قبل الهجرة ببضع سنين مقرونا ً بذم الربا ومدح الزكاة وذلك قبل َّللا َو َما آتَ ْيت ُ ْم ْ «و َما آتَ ْيت ُ ْم ْ اس ف َََل يَرْ بُو ِع ْن َد َّ ِ مِن زَ كَاةٍ ت ُ ِريدُونَ َوجْ هَ مِن ِربًا ِليَرْ ب َُو فِي أَ ْم َوا ِل النَّ ِ فرض الزكاة كما في قوله تعالىَ : َّ ِ ض ِعفُونَ » ) الروم . ( 39 /30 ،وقد جاء في السور المكية أصول الواجبات والمحرمات بوجه إجمالي كما َّللا فَأُولَئِكَ هُ ُم ْال ُم ْ في هذه اآلية. المرحلة الثانية -:وهي في قوله تعالى في سورة النساء« :فَ ِب ُ علَ ْي ِه ْم َ ع ْن ط ِيبَا ٍ ص ِد ِه ْم َ ظ ْل ٍم مِنَ ا َّلذِينَ هَادُوا َح َّر ْمنَا َ ت أُحِ لَّتْ لَ ُه ْم َو ِب َ َس ِبي ِل َّ ِ عذَابًا أَلِي ًما» ) النساء/4 ، اس ِب ْالبَاطِ ِل َوأَ ْعتَ ْدنَا ل ِْلكَاف ِِرينَ مِ ْن ُه ْم َ ع ْنهُ َوأَ ْك ِل ِه ْم أَ ْم َوا َل النَّ ِ الربَا َوقَ ْد نُ ُهوا َ َّللا َكث ً ِيراَ .وأَ ْخ ِذ ِه ُم ِ .( 161– 160أي أن هللا قد نهاهم عن الربا فتناولوه وأخذوه واحتالوا عليه بأنواع من الحيل وصنوف من الشبه .وهذا تلميح بالتحريم ألنه جاء على سبيل الحكاية عن بني إسرائيل وأن الربا كان محرما ً عليهم ،فاحتالوا على أكله ،فهو بذلك تمهيد ، وإيماء إلى إمكان تحريم الربا على المسلمين كما هو محرم على بني إسرائيل… وفيه إيماء آخر ،وهو أنه إذا حرم عليكم الربا فَل تفعلوا مثل فعلهم ،فتلقوا من العذاب األليم مثل ما لقوا ألن هذا السلوك ليس إال سلوك الكافرين والعياذ باهلل. َّللا لَعَلَّكُ ْم الربَا أَ ْ ضا َ ضعَافًا ُم َ المرحلة الثالثة -:في سورة آل عمران حيث يقول تعالى « :يَا أَيُّ َها الَّذِينَ آ َمنُوا َال تَأْكُلُوا ِ عفَةً َواتَّقُوا َّ َ الرسُو َل لَعَلَّكُ ْم تُرْ َح ُمونَ » ( آل عمران . ) 132– 130 ،أي :يا أيها َّللا َو َّ ت ُ ْف ِلحُونََ .واتَّقُوا النَّ َ ار الَّتِي أ ُ ِعدَّتْ ل ِْلكَاف ِِرينََ .وأَطِ يعُوا َّ َ الذين آمنوا ال تأكلوا الربا في إسَلمكم بعد إذ هداكم له ،كما كنتم تأكلونه في جاهليتكم .وهذا مفيد لتحريم الربا -كما سبق بيانه – إال أنه لم يكن فيه من التهديد والوعيد ما كان في آخر مراحل التحريم. الربَا َال يَ ُقو ُمونَ إِ َّال َك َما يَقُو ُم المرحلة األخيرة -:وفي هذه المرحلة جاءت اآليات الكريمة بالحكم الشرعي« :الَّذِينَ يَأْ ُكلُونَ ِ الربَا فَ َم ْن َجا َءهُ َم ْو ِع َ الَّذِي يَتَ َخبَّطُهُ ال َّش ْي َ ظةٌ ْ مِن َربِ ِه َّللا ْالبَ ْي َع َو َح َّر َم ِ الربَا َوأَ َح َّل َّ ُ طانُ مِنَ ْال َم ِس ذَلِكَ بِأَنَّ ُه ْم قَالُوا إِنَّ َما ْالبَ ْي ُع مِ ثْ ُل ِ ف َوأَ ْم ُرهُ إِلَى َّ ِ َّللا َال ص َدقَا ِ عا َد فَأُولَئِكَ أَ ْ الربَا َويُرْ بِي ال َّ َّللا َو َم ْن َ ت َو َّ ُ َّللا ِ ار هُ ْم فِي َها خَا ِلدُونَ .يَ ْم َحقُ َّ ُ ص َحابُ النَّ ِ فَا ْنتَ َهى فَلَهُ َما َسلَ َ َ َ َّ ُ ص ََلةَ َوآت َُوا َّ علَ ْي ِه ْم َو َال صا ِل َحا ِ ت َوأقَا ُموا ال َّ ار أَث ٍِيم .إِنَّ الذِينَ آ َمنُوا َوعَمِ لوا ال َّ ف َ الزكَاةَ لَ ُه ْم أجْ ُرهُ ْم ِع ْن َد َربِ ِه ْم َو َال خ َْو ٌ يُحِ بُّ كُ َّل َكفَّ ٍ ْ َّ َ ُ ب مِنَ َّ ِ َّللا َو َرسُو ِل ِه الربَا إِ ْن كُ ْنت ُ ْم ُمؤْ مِ نِينَ .فَإِ ْن لَ ْم تَ ْفعَلوا فَأذَنُوا بِ َحرْ ٍ ِي مِنَ ِ هُ ْم يَحْ زَ نُونَ .يَا أيُّ َها الذِينَ آ َمنُوا اتَّقُوا َّ َ َّللا َوذَ ُروا َما بَق َ ْ وس أَ ْم َوا ِلكُ ْم َال ت ْ َظ ِل ُمونَ َو َال تُظلَ ُمونَ » ( البقرة .) 279 – 275 ،وهذه اآليات من آخر ما نزل من القرآن َوإِ ْن ت ُ ْبت ُ ْم فَلَكُ ْم ُر ُء ُ الربَا ِإ ْن كُ ْنت ُ ْم ِي مِنَ ِ الكريم ،كما قال ابن عباس رضي هللا عنهما في قوله تعالى « :يَا أَيُّ َها الَّذِينَ آ َمنُوا اتَّقُوا َّ َ َّللا َوذَ ُروا َما بَق َ َظ ِل ُمونَ َو َال ت ُ ْ وس أَ ْم َوا ِلكُ ْم َال ت ْ ب مِنَ َّ ِ ظلَ ُمونَ » أن هذه آخر آية ُمؤْ مِ نِينَ .فَإِ ْن لَ ْم تَ ْف َعلُوا فَأْذَنُوا بِ َحرْ ٍ َّللا َو َرسُو ِل ِه َو ِإ ْن ت ُ ْبت ُ ْم فَلَكُ ْم ُر ُء ُ نزلت على النبي صلى هللا عليه وسلم ]2[.وقد أجاز هللا تعالى فيها أخذ رؤوس األموال بشرط أن يتوبوا. ويستمر تحريمه إلى يوم القيامة ،هذا تاريخ الربا عبر التاريخ ،وكابوسه الثقيل على األمم وموقف الشرائع السماوية منه ْ ولكن يأبى الذين استحوذ عليهم الشيطان واستولى عليهم الش ُّح إال عتواً ونفوراً ليستمروا ومحاربته إلنقاذ البشرية من ويَلته في التحكم بأموال الناس بغير حق]3[.