وعد هللا للمؤمنين العاملين باالستخالف والتمكين (خطبة) 28/05/2023, 12:44 شبكة األلوكة /آفاق الشريعة /منبر الجمعة /الخطب /العلم والدعوة وعد هللا للمؤمنين العاملين باالستخالف والتمكين (خطبة) الشيخ فؤاد بن يوسف أبو سعيد مقاالت متعلقة تاريخ اإلضافة 23/5/2023 :ميالدي 3/11/1444 -هجري الزيارات1446 : وعد هللا للمؤمنين العاملين باالستخالف والتمكين إن الحمد هلل ،نحمده ونستعينه ونستغفره ،ونعوذ باهلل من شرور أنفسنا ،ومن سيئات أعمالنا ،من يهِدِه هللا فال مضَّل له ،ومن يضلل فال هادَي له، وأشهد أن ال إله إال هللا وحده ال شريك له ،وأشهد أن محمًدا عبده ورسوله. ﴿ َيا َأُّيَه ا اَّلِذيَن آَم ُنوا اَّتُقوا َهَّللا َح َّق ُتَقاِتِه َو اَل َتُم وُتَّن ِإاَّل َو َأْنُتْم ُم ْسِلُم وَن ﴾ [آل عمران.]102 : ﴿ َيا َأُّيَه ا الَّناُس اَّتُقوا َر َّبُكُم اَّلِذي َخ َلَقُكْم ِم ْن َنْفٍس َو اِح َدٍة َو َخ َلَق ِم ْنَه ا َز ْو َج َه ا َو َبَّث ِم ْنُه َم ا ِر َج ااًل َكِثيًر ا َو ِنَساًء َو اَّتُقوا َهَّللا اَّلِذي َتَساَء ُلوَن ِبِه َو اَأْلْر َح اَم ِإَّن َهَّللا َكاَن َعَلْيُكْم َر ِقيًبا ﴾ [النساء.]1 : ﴿ َيا َأُّيَه ا اَّلِذيَن آَم ُنوا اَّتُقوا َهَّللا َو ُقوُلوا َقْو اًل َسِديًدا * ُيْصِلْح َلُكْم َأْع َم اَلُكْم َو َيْغِفْر َلُكْم ُذُنوَبُكْم َو َم ْن ُيِط ِع َهَّللا َو َر ُسوَلُه َفَقْد َفاَز َفْو ًز ا َعِظ يًم ا ﴾ [األحزاب: ]71 ،70؛ أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب هللا ،وخير الهدي هدي محمد صلى هللا عليه وسلم ،وشر األمور محدثاتها ،وكل محدثة بدعة ،وكل بدعة ضاللة ،وكل ضاللة في النار. أعاذني هللا وإياكم وسائر المسلمين من النار ،ومن كل عمل يقرب إلى النار ،اللهم آمين يا رب العالمين. هللا سبحانه وتعالى وعد وعوًدا في كتابه ،فهل هللا سبحانه وتعالى يخلف الميعاد؟ ال وهللا؛ وقد قال سبحانهِ ﴿ :إَّنا َلَنْنُصُر ُر ُسَلَنا َو اَّلِذيَن آَم ُنوا ِفي اْلَحَياِة الُّدْنَيا َو َيْو َم َيُقوُم اَأْلْش َه اُد ﴾ [غافر ،]51 :وقال سبحانهَ ﴿ :و ْعًدا َعَلْيِه َح ًّقا َو َلِك َّن َأْكَثَر الَّناِس اَل َيْعَلُم وَن ﴾ [النحل ،]38 :وقال سبحانه وتعالىَ ﴿ :و َكاَن َح ًّقا َعَلْيَنا َنْصُر اْلُم ْؤ ِم ِنيَن ﴾ [الروم ،]47 :فهل هذه اآليات متحققة في زماننا هذا؟ 1/6 /وعد-هللا-للمؤمنين-العاملين-باالستخالف-والتمكين-خطبةhttps://www.alukah.net/sharia/1087/162544/ وعد هللا للمؤمنين العاملين باالستخالف والتمكين (خطبة) 28/05/2023, 12:44 وهللا نقر ونعترف ونؤمن بأنه سبحانه ال يخلف الميعاد ،فأين نصر هللا للمؤمنين في هذا الزمان؟ وال بد أن نعلم أمًر ا مهًّم ا؛ وهو أن هناك مقدماٍت لتصح لها النتائج ،فإذا كانت المقدمات هشة أو ضعيفًة ،فماذا ترتجون من النتائج؟ قال هللا سبحانه مبيًنا هذه المقدمات ،ومبيًنا ما يترتب عليها من نتائج؛ قال سبحانهَ ﴿ :و َعَد ُهَّللا اَّلِذيَن آَم ُنوا ِم ْنُكْم َو َعِم ُلوا الَّص اِلَح اِت َلَيْس َتْخ ِلَفَّنُهْم ِفي اَأْلْر ِض ﴾ [النور ،]55 :هذا أول وعد من هللا عز وجل هو االستخالفَ ﴿ ،كَم ا اْس َتْخ َلَف اَّلِذيَن ِم ْن َقْبِلِهْم َو َلُيَم ِّك َنَّن َلُهْم ِديَنُه ُم اَّلِذي اْر َتَض ى َلُهْم َو َلُيَبِّد َلَّنُهْم ِم ْن َبْعِد َخ ْو ِفِهْم َأْم ًنا َيْعُبُدوَنِني اَل ُيْش ِر ُكوَن ِبي َشْيًئا َو َم ْن َكَفَر َبْعَد َذِلَك َفُأوَلِئَك ُهُم اْلَفاِس ُقوَن * َو َأِقيُم وا الَّص اَل َة َو آُتوا الَّز َكاَة َو َأِط يُعوا الَّر ُسوَل َلَعَّلُكْم ُتْر َحُم وَن ﴾ [النور.]56 ،55 : فـإذا وعد هللا وعًدا فإنه ال يخلفه؛ ﴿ َأاَل ِإَّن ِهَّلِل َم ا ِفي الَّسَم اَو اِت َو اَأْلْر ِض َأاَل ِإَّن َو ْعَد ِهَّللا َح ٌّق َو َلِك َّن َأْكَثَر ُهْم اَل َيْعَلُم وَن ﴾ [يونس ،]55 :وقال سبحانهَ ﴿ :و َلَقْد َص َدَقُكُم ُهَّللا َو ْع َدُه ِإْذ َتُح ُّسوَنُهْم ِبِإْذِنِه ﴾ [آل عمران]152 :؛ أي :تقتلون الكفار ،صدق هللا ذلك ،وتحقق ذلك ،والخطاب للصحابة رضي هللا تعالى عنهم ،وقال سبحانهَ ﴿ :فاَل َتْح َسَبَّن َهَّللا ُم ْخ ِلَف َو ْعِدِه ُر ُسَلُه ِإَّن َهَّللا َعِز يٌز ُذو اْنِتَقاٍم ﴾ [إبراهيمِ ﴿ ،]47 :إَّن َهَّللا اَل ُيْخ ِلُف اْلِم يَعاَد ﴾ [آل عمران.]9 : ﴿ َو َعَد ُهَّللا اَّلِذيَن آَم ُنوا ِم ْنُكْم ﴾ [النور ،]55 :والخطاب موجه للصحابة وللمسلمين من بعدهم إلى يوم القيامة ،إذا توافرت هذه المقدمات. والصحابة رضي هللا تعالى عنهم قاموا بهذه المقدمات أحسن قيام ،وحققوها أحسن تحقيق ،فكانت النتائج التي ستعلمونها. ﴿ َو َعَد ُهَّللا اَّلِذيَن آَم ُنوا ﴾ [النور ،]55 :والمؤمن هو من آمن باهلل ومالئكته وكتبه ورسله ،واليوم اآلخر ،والقدر خيره وشره أنه من هللا سبحانه وتعالى؛ ((والمؤمن من أِم َنُه الناس على دمائهم وأموالهم))؛ [كما رواه أحمد والترمذي والنسائي( ،حم) (( ،)8931ت) (( ،)2627س) ( ،)4995وقال الشيخ شعيب األرنؤوط :إسناده صحيح]. ﴿ آَم ُنوا ﴾ليس المقصود آمنوا إيماًنا مجرًدا؟ بل ﴿ َو َعِم ُلوا الَّص اِلَح اِت ﴾ [النور]55 :؛ وهي األعمال والعبادات التي ُأِم ْر نا بها؛ من صالة وزكاة، وصيام وحج ،وبر وإحسان ،ورحمة خلق هللا ،وسائر األعمال الصالحة ،واجتناب سائر األعمال السيئة. آمنوا وعملوا الصالحات ،والوعد من هللا جل جاللهَ ﴿ :لَيْس َتْخ ِلَفَّنُهْم ِفي اَأْلْر ِض ﴾ [النور]55 :؛ هذا هو الوعد األول لهذه المقدمات؛ مقدمات اإليمان والعمل الصالح ،فباإليمان والعمل الصالح يكون االستخالف في األرض ،وامتالك مقاليد الحكم والسياسة ،والملك والرئاسة. ﴿ َكَم ا اْس َتْخ َلَف اَّلِذيَن ِم ْن َقْبِلِهْم ﴾ [النور ،]55 :ومن قبلنا آمنوا وعملوا الصالحات فاستخلفهم في األرض ،كما استخلف هللا سبحانه بني إسرائيل؛ فقالَ ﴿ :و َجَعَلُكْم ُم ُلوًكا َو آَتاُكْم َم ا َلْم ُيْؤ ِت َأَح ًدا ِم َن اْلَعاَلِم يَن ﴾ [المائدة ،]20 :ومنهم داود وسليمان عليهما السالم آتاهما هللا النبوة والملك ،وهذا االستخالف كان قبل نبينا محمد صلى هللا عليه وسلم. سيستخلفهم إن آمنوا وعملوا الصالحات ،كما استخلف الذين من قبلهم ،وهذه ُسَّنة هللا في خلقه ،عمل الصالحات مع اإليمان؛ كما قال سبحانه﴿ : َو َقاَل اَّلِذيَن َكَفُر وا ِلُر ُسِلِهْم َلُنْخ ِر َج َّنُكْم ِم ْن َأْر ِض َنا َأْو َلَتُعوُدَّن ِفي ِم َّلِتَنا ﴾ [إبراهيم ،]13 :تعودون في ملتنا ،وترَض ون بأحكامنا وأنظمتنا وقوانينا، وهم مستضعفون ،هكذا ُو ِّج ه الخطاب إلى الرسل عليهم؛ ﴿ َفَأْو َح ى ِإَلْيِهْم َر ُّبُهْم ﴾ [إبراهيم ،]13 :أوحى هللا إلى الرسلَ ﴿ ،لُنْهِلَكَّن الَّظاِلِم يَن * َو َلُنْسِك َنَّنُكُم اَأْلْر َض ِم ْن َبْعِدِه ْم َذِلَك ِلَم ْن َخاَف َم َقاِم ي َو َخاَف َو ِعيِد ﴾ [إبراهيم.]14 ،13 : 2/6 َل ِّك َّن َل َّل َل ًك أ /وعد-هللا-للمؤمنين-العاملين-باالستخالف-والتمكين-خطبةhttps://www.alukah.net/sharia/1087/162544/ وعد هللا للمؤمنين العاملين باالستخالف والتمكين (خطبة) 28/05/2023, 12:44 قال سبحانهَ ﴿ :و َلُيَم ِّك َنَّن َلُهْم ِديَنُه ُم اَّلِذي اْر َتَض ى َلُهْم ﴾ [النور ،]55 :وهنا وعد آخر ،بعد االستخالف بأن يكون ملًكا حاكًم ا ،وهو التمكين للدين، دين هللا وهو اإلسالم ،سيتحقق لمن آمن وعمل صالًح ا ،وهو التمكين لهذا الدين الذي ارتضاه لنا؛ وهو اإلسالم؛ كما قال سبحانهَ ﴿ :و َر ِض يُت َلُكُم اِإْل ْس اَل َم ِديًنا ﴾ [المائدة ،]3 :إذا تحققت هذه األمور ،هذه مقدمات ،إذا ُو ِج دت حيث يكون الخليفة الممَّكن معتًّز ا بدينه ،مفتخًر ا باإلسالم ،وليس كما يظن بعض الناس اليوم أن المسلمين في ذلة وهوان ونحو ذلك ،إن هذا المسلم الذي تقول عنه ذلك هو حبيب هللا ،ولو عنده معاٍص ،عنده ذنوب ،وأينا يخلو من ذلك ،فيا حسرتاه على من يعتز بالكافرين ،ويوالي المشركين! وقد حذر هللا من ذلك فقال ﴿ :اَّلِذيَن َيَّتِخ ُذوَن اْلَكاِفِر يَن َأْو ِلَياَء ِم ْن ُدوِن اْلُم ْؤ ِم ِنيَن َأَيْبَتُغوَن ِع ْنَدُهُم اْلِع َّز َة َفِإَّن اْلِع َّز َة ِهَّلِل َج ِم يًعا ﴾ [النساء ،]139 :نسأل هللا السالمة. ﴿ َو َلُيَبِّد َلَّنُهْم ِم ْن َبْعِد َخ ْو ِفِهْم َأْم ًنا ﴾ [النور ،]55 :وهذا وعد ثالث بعد االستخالف والتمكين ،وهو حلول األمن واألمان محل الخوف ،مضت علينا مدة من شهر رمضان الماضي ،والكل يتوقع الحرب ،واجتياح غزة ونحو ذلك ،وأبطل هللا هذا التفكير ،ذهب رمضان والحمد هلل ،ولن يحدث إال ما أراد هللا ،ثقوا بذلك يا عباد هللا ،ال تخافوا من أي قصف جوي ،أو بحري ،أو بري ،أو أي صوت انفجار قوي ،توكلوا على هللا؛ ألنه ﴿ َلْن ُيِص يَبَنا ِإاَّل َم ا َكَتَب ُهَّللا َلَنا ُهَو َم ْو اَل َنا َو َعَلى ِهَّللا َفْلَيَتَو َّكِل اْلُم ْؤ ِم ُنوَن ﴾ [التوبة.]51 : ﴿ َيْعُبُدوَنِني ﴾ [النور]55 :؛ يعني حال كونهم يعبدون هللا سبحانه ،فإذا صارت عندهم الخالفة والتمكين في األرض ،ال ينسون هللا عز وجل، فيعبدونه عبادة خالصة ال شرك فيها؛ قال ﴿ :اَل ُيْش ِر ُكوَن ِبي َشْيًئا ﴾ [النور]55 :؛ يعني ال يعبدون إلًه ا غيري ،وال يراؤون بعبادتي أحًدا ،وال يخافون غيري ،وال يحبون أحًدا سواي؛ [انظر :تفسير القرطبي (.])300 /12 هذه النتائج الطيبة مع المقدمات المطلوبة ،فأما إن حصل من المسلمين خالف ذلك؛ قال سبحانهَ ﴿ :و َم ْن َكَفَر َبْعَد َذِلَك ﴾ [النور]55 :؛ َكَفَر ُكْفَر نعمة االستخالف والتمكين ،واألمن واألمانَ ﴿ ،فُأوَلِئَك ُهُم اْلَفاِس ُقوَن ﴾ [النور]55 :؛ أي :العصاة ،الخارجون عن طاعة هللا سبحانه ،وطاعة رسوله صلى هللا عليه وسلم. وفي اآلية التالية خَّص من األعمال الصالحة الصالة؛ فقالَ ﴿ :و َأِقيُم وا الَّص اَل َة ﴾ [النور]56 :؛ أي :فال ينسينكم ما أنتم فيه من االستخالف والتمكين ،وفرح األمن واألمان ،ال ينسينكم ذلك من إقامة الصالة في أوقاتها وشروطها ،وأركانها وواجباتها ،وهذا حق هللا سبحانه ،وخَّص أيًض ا حقوق الفقراء والمساكين؛ فقالَ ﴿ :و آُتوا الَّز َكاَة ﴾ [النور]56 :؛ أي :وال تنسينكم نعمة الملك والخالفة واألمن حقوَق الفقراء والمساكين في أموالكم. وعَّم م بعد هذا الخصوص ،عمم التخصيص بـطاعة الرسول صلى هللا عليه وسلم في كل ما جاء عنه ،من كتاب هللا وسنة رسوله ،اليوم بعض الناس يقول لك كتاب هللا فقط ،ال نريد السنة ،يلغونها مطلًقا ،نسأل هللا السالمة؛ فقالَ ﴿ :و َأِط يُعوا الَّر ُسوَل ﴾ [النور]56 :؛ أي :وال تنسينكم نعمة الملك والتمكين واألمن من طاعة رسول هللا الكريم صلى هللا عليه وسلم ،باتباع هديه وطريقته وُسَّنته. ﴿ َلَعَّلُكْم ُتْر َحُم وَن ﴾ [النور ،]56 :إن فعلتم ذلك اإليمان والعمل الصالح ،والعبادة الخالصة ،وعدم اإلشراك به سبحانه وتعالى ،وطاعة رسوله صلى هللا عليه وسلم؛ باتباع سنته ،وأقمتم الصالة ،وآتيتم الزكاة ،فلعلكم ترحمون. فال رحمة للمخالف في ذلك ،لعلكم ترحمون أنتم يا من فعلتم ذلك ،ومن لم يفعل ذلك ،فال رحمة للمخالف ،فما بعد (لعل) في كتاب هللا -لو وجدتها وقرأتها واستقرأتها ما بعد (لعل) ُ -م عَّلق بما قبلهاَ ﴿ ،لَعَّلُكْم ُتْر َحُم وَن ﴾ [النور]56 :؛ يعني إن فعلتم ما قبل (لعل) من طاعة هللا ورسوله واإليمان ،ظِفرتم بما بعدها. "وهذا بيان لألعمال المطلوبة من المؤمنين ،حتى يكونوا على الوصف الذي وصفهم هللا سبحانه وتعالى به ،ووعدهم عليه االستخالف، والتمكين واألمن واألمان؛ وهو أن يقيموا الصالة ،وأن يؤتوا الزكاة ،وأن يطيعوا الرسول صلى هللا عليه وسلم فيما يدعوهم إليه ،ويندبهم له"...؛ [التفسير القرآني للقرآن ،لعبدالكريم يونس الخطيب (المتوفى :بعد 1390هـ) (.])1317 /9 أقول قولي هذا ،وأستغفر هللا لي ولكم. 3/6 /وعد-هللا-للمؤمنين-العاملين-باالستخالف-والتمكين-خطبةhttps://www.alukah.net/sharia/1087/162544/ وعد هللا للمؤمنين العاملين باالستخالف والتمكين (خطبة) 28/05/2023, 12:44 الخطبة اآلخرة الحمد هلل ،والصالة والسالم على رسول هللا ،وعلى آله وصحبه ومن وااله ،واهتدى بهداه إلى يوم الدين؛ أما بعد: فهذه اآليات التي ُتِليت دَّلت على عدة أمور؛ منها: أن هللا تعالى حي قدير وقادر على جميع الممكنات سبحانه؛ لذلك وعد وحَّقق ما وعد؛ ألنه قالَ ﴿ :لَيْس َتْخ ِلَفَّنُهْم ِفي اَأْلْر ِض َكَم ا اْس َتْخ َلَف اَّلِذيَن ِم ْن َقْبِلِهْم َو َلُيَم ِّك َنَّن َلُهْم ِديَنُه ُم اَّلِذي اْر َتَض ى َلُهْم َو َلُيَبِّد َلَّنُهْم ِم ْن َبْعِد َخ ْو ِفِهْم َأْم ًنا ﴾ [النور ،]55 :وقد فعل ذلك ،واستخلف المسلمين في األرض ،ومَّكن لهم دينهم ،وبدلهم من بعد خوفهم أمًنا؛ فالصحابة رضي هللا عنهم كانوا في مكة في خوف شديد ،فبدل ذلك أمًنا؛ ألنهم حققوا اإليمان ،وعملوا الصالحات ،وأخلصوا هلل ولم يشركوا به شيًئا. ودَّلت اآليات أيًض ا على أن هللا تعالى هو المستحق للعبادة وحده ال شريك له؛ لقولهَ ﴿ :يْعُبُدوَنِني ﴾ [النور ،]55 :ال يعبدون مع هللا غيره. وهو سبحانه منَّز ٌه عن النِّد والشبيه ،والمثيل والشريك؛ لقوله تعالى ﴿ :اَل ُيْش ِر ُكوَن ِبي َشْيًئا ﴾ [النور ،]55 :فال يجوز عبادة غير هللا سبحانه وتعالى ،هذا المعبود سواء كان شمًسا أو قمًر ا أو كوكًبا؛ كما يقول الصابئة ،أو صنًم ا أو وثًنا؛ كما يقول عبدة األوثان ،أو طاغوًتا ،أو عبًدا صالًح ا ،أو نبًّيا مرساًل ،أو ملًكا مقرًبا ،فال يعبدون إال هللا ،هذه حقيقة كلمة :أشهد أن ال إله إال هللا وحده ال شريك له. ودَّلت اآليات على صحة نبوة نبينا محمد صلى هللا عليه وسلم؛ ألنه أخبر عن الغيب في قوله سبحانه وتعالىَ ﴿ :لَيْس َتْخ ِلَفَّنُهْم ِفي اَأْلْر ِض ﴾ [النور: ]55؛ اآلية ،وقد تحقق الخبر ،واسُتْخ ِلف المسلمون في األرض. ودلت اآليات على إثبات خالفة األئمة األربعة؛ الخلفاء الراشدين ،أبي بكر ،وعمر ،وعثمان ،وعلي رضي هللا تعالى عنهم ،فاآلية ﴿ َو َعَد ُهَّللا ﴾ [النور ،]55 :أوضح دليل وأبينه؛ ألنهم المستخلفون الذين آمنوا وعملوا الصالحات ،الذين وعدهم هللا باالستخالف بعد النبي صلى هللا عليه وسلم. ولكن ال تختص الخالفة بهم ،بل تشمل غيرهم ممن اسُتْخ لفوا على المسلمين ،ممن تحققت فيهم تلك المقدمات؛ اإليمان واألعمال الصالحات، والعبادة الخالصة هلل ،وعدم اإلشراك به. إن من أتِّم النعم على الصحابة رضي هللا عنهم وتابعيهم من بعدهم رحمهم هللا ،بعد نصرة اإلسالم -هو تبديل خوفهم أمًنا ،كما وعد هللا تعالى؛ وأكده صلى هللا عليه وسلم فيما أخرجه البخاري في صحيحه(( :وهللا َلَيِتَّم َّن هذا األمر ،حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت ،ال يخاف إال هللا ،أو الذئب على غنمه ،ولكنكم تستعجلون))؛ [(خ) (.])3612 متى قال هذا الكالم؟ قاله وهو ُم ْسِنٌد ظهره إلى الكعبة قبل الهجرة ،وخَّباب بن األرِّت تحت التعذيب الشديد ،فشكا إلى النبي صلى هللا عليه وسلم شدة التعذيب من الناس فقال لهم(( :وهللا ليتمن هذا األمر ،حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت ،ال يخاف إال هللا ،أو الذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون)). فاآلية معجزة النبوة؛ ألنها إخبار عما سيكون ،فكان ،وانتشر األمن واألمان في شبه الجزيرة العربية وما حولها. أال واعلموا أن أساس العمل عبادة هللا باإلخالص ،دون أن يشوبها شرك ظاهر ،أو شرك خفٌّي ؛ وهو الرياء. 4/6 ُك ْف أ أ /وعد-هللا-للمؤمنين-العاملين-باالستخالف-والتمكين-خطبةhttps://www.alukah.net/sharia/1087/162544/ وعد هللا للمؤمنين العاملين باالستخالف والتمكين (خطبة) 28/05/2023, 12:44 والمراد بُكْفِر المقصر عن الطاعات ،يمكن أن ُيقال عن المقصر عن الطاعات كافر ،لكن المراد بكفر المقصر هذا مع أنه مؤمن وقع في المعاصي؛ في قوله تعالىَ ﴿ :و َم ْن َكَفَر َبْعَد َذِلَك ﴾ [النور ،]55 :هو كفران النعمة ،ال كفر خروج من الملة؛ فُيسَلب الخالفة والتمكين في األرض ،وُيسَلب األمن واألمان ،نسأل هللا السالمة؛ ألنه قال سبحانه وتعالىَ ﴿ :فُأوَلِئَك ُهُم اْلَفاِس ُقوَن ﴾ [النور.]55 : أما الكافر الحقيقي ،فهو فاسق بعد هذا اإلنعام وقبله. كما دلت اآليات على أن إقامة الصالة ،وإيتاء الزكاة ،وإطاعة أوامر الرسول صلى هللا عليه وسلم ،واتباع سنته ،واجتناب نواهيه ،هذا سبب للرحمة الشاملة من هللا الرحمن الرحيم سبحانه وتعالى. أال واعلموا عباد هللا أنه سبحانه لن يعِج َز هللا هرًبا في األرض أحٌد من الكفار ،مهما بلغ من القوة ،والجبروت ،والظلم ،والغطرسة ،وإنما قدرة هللا تطولهم ،تنالهم قدرة هللا وتطولهم في أي مكان ،وأي زمان مهما رأيت مما أعطاهم هللا من القدرة ،ونحو ذلك هي بيد هللا ،قال :يسلطها عليهم ،قوتهم ترجع عليهم ،نسأل هللا السالمة ،وهم المقهورون ،ومأواهم النار. يؤيد ذلك قوله سبحانه وتعالى ﴿ :اَل َتْح َسَبَّن اَّلِذيَن َكَفُر وا ُمْعِج ِز يَن ِفي اَأْلْر ِض َو َم ْأَو اُهُم الَّناُر َو َلِبْئَس اْلَم ِص يُر ﴾ [النور]57 :؛ [بتصرف من التفسير المنير للزحيلي (.])288 ،287 /18 والنصر حليف هذه األمة إذا حققت إيمانها بربها ،وتوحيدها وإخالصها في الطاعات والعبادات. صلوا على رسول هللا الذي صلى هللا عليه في كتابه؛ فقالِ ﴿ :إَّن َهَّللا َو َم اَل ِئَكَتُه ُيَص ُّلوَن َعَلى الَّنِبِّي َيا َأُّيَه ا اَّلِذيَن آَم ُنوا َص ُّلوا َعَلْيِه َو َسِّلُم وا َتْسِليًم ا ﴾ [األحزاب.]56 : اللهم صِّل وسلم وبارك على نبينا محمد ،وعلى آله وصحبه أجمعين. وارَض اللهم عن الخلفاء األربعة؛ أبي بكر وعمر وعثمان وعلي ،وسائر الصحابة أجمعين ،وارَض عنا معهم بمِّنك وكرمك يا أكرم األكرمين. اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك ،ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك ،ومن اليقين ما تهِّو ن به علينا مصائب الدنيا. اللهم مِّتْعنا بأسماعنا وأبصارنا وقواتنا أبًدا ما أحييتنا ،واجعلها الوارث منا ،واجعل ثأرنا على من ظلمنا ،وانصرنا على من عادانا ،وال تجعل الدنيا أكبر هِّم نا ،وال مبلغ علمنا ،وال تسلط علينا بذنوبنا من ال يخافك فينا وال يرحمنا برحمتك يا أرحم الراحمين. اللهم إنا نسألك موجبات رحمتك ،وعزائم مغفرتك ،والعزيمة على الرشد ،والغنيمة من كل بٍّر ،والسالمة من كل إثم ،والفوز بالجنة ،والنجاة من النار. اللهم يا رب العالمين وأْبِر ْم لهذه األمة أمَر ُر ْش ٍد ُيَعُّز فيه أهل طاعتك ،وُيَذُّل فيه أهل معصيتك حتى يتوبوا ،وُيؤَم ر فيه بالمعروف ،وُينَه ى فيه عن المنكر ،إنك على كل شيء قدير. 5/6 /وعد-هللا-للمؤمنين-العاملين-باالستخالف-والتمكين-خطبةhttps://www.alukah.net/sharia/1087/162544/ وعد هللا للمؤمنين العاملين باالستخالف والتمكين (خطبة) 28/05/2023, 12:44 اللهم وأظهر الهدى ودين الحق الذي بعثت به نبيك محمًدا صلى هللا عليه وسلم على الدين كله ،ولو كره المشركون. ﴿ َر َّبَنا آِتَنا ِفي الُّدْنَيا َحَسَنًة َو ِفي اآْل ِخ َر ِة َحَسَنًة َو ِقَنا َعَذاَب الَّناِر ﴾ [البقرة.]201 : ﴿ َو َأِقِم الَّص اَل َة ِإَّن الَّص اَل َة َتْنَه ى َعِن اْلَفْح َشاِء َو اْلُم ْنَكِر َو َلِذ ْك ُر ِهَّللا َأْك َبُر َو ُهَّللا َيْعَلُم َم ا َتْص َنُعوَن ﴾ [العنكبوت.]45 : حقوق النشر محفوظة © 1444هـ 2023 /م لموقع األلوكة آخر تحديث للشبكة بتاريخ 8/11/1444 :هـ -الساعة15:19 : 6/6 /وعد-هللا-للمؤمنين-العاملين-باالستخالف-والتمكين-خطبةhttps://www.alukah.net/sharia/1087/162544/