سلسلة ھي والشيطان نظرة في واقع المرأة المصرية الحكاية األولي تزوجت ساديا 2 ﻣقدﻣة أخبرتني بأسرارھا وطلبت ﻣني أن أروي قصتھا كما ھي دون حذف أو إضافة لعلھا تكون سندا إلﻣرأة أخري تمر بظروف ﻣشابھة ورغم غرابة قصتھا إال أنني تحمست لھا ووعدتھا بكتابتھا . وأردت أن أفيھا حقھا ھذه المرة . أرادت ﻣريم أن ألقي الضوء علي أحداث تقبع علي الجانب المظلم وتحجبھا جدران البيوت عن الناس تحت غطاء التقاليد ال تتھموھا بالخروج عما ھو ﻣألوف بل صبوا لعناتكم علي الوغد الذي أفسد حياتھا . ال تكرروا ﻣأساة ﻣجتمعنا الشرقي وتجلدوا الضحية ألنھا باحت كونوا عادلين وإجلدوا الجاني ألنه طغي 3 إھداء إلي الشخص الذي حاول إحباطي والتقليل ﻣن شأني شكرا ألنك جعلتني أثبت لنفسي أنني أستطيع أن أصل للنجوم إن أردت . شكرا ألنك جعلتني أدرك أنه ﻣن السھل التخلي عنك أيضا . سعاد ﻣصطفي 4 إھداء إلي ذلك الرجل الذي أردت أن أھديه روايتي فأھداني روحه . لم أستطع أن أصيغ لك بضع كلمات بإھداء فنسجت أنت لي روحك وقلبك بقالدة زينت عنقي وإستقرت بجوار قلبي . شكرا ألنك ﻣنحتني حياة أخري وكانت أفضل ﻣا حصلت عليه يوﻣا . إليك أحمد ورد 5 فالش شعر طويل ﻣتداخل بشكل فوضوي ،وجه قد فسدت زينته الثقيلة وتداخلت ألوانه لتطمس ﻣعالمه بعد أن غسلته الدﻣوع الغزيرة وجسد قد غطته الكدﻣات بتلك األﻣاكن التي يجب أال تكشف عنھا المالبس . لم تكن ھكذا دائما . لقد حولھا ھو لشبح إﻣرأة جميلة كانت عليھا يوﻣا . ذلك الجمال الذي وھبھا ﷲ إياه كان سبب لعنتھا . ذلك الوجه البسيط الذي يجذب اإلھتمام أصبحت تكرھه ألنه جعله يختارھا . تمقت لحظات حضوره ،رائحته ،أنفاسه الدافئة المقززة المشبعة بالنيكوتين والمشروبات الكحلية . فتحت المياه الدافئة لتزيل آثارعدوانه عنھا ،زادت حرارتھا فلم تحاول اإلبتعاد بل تمنيت أن تصل للغليان فقد تطھرھا ﻣن آثار الدنس الذي ألحقه بھا . إن إستطاعت التخلص ﻣن الدنس الجسدي فكيف تتخلص ﻣن الدنس الروحي والنفسي؟ كان ھذا سؤالھا لي لكنني أردت أن أعرف تفاصيال أكثر وﻣريم لم تبخل بھا عني . 6 فنجان النسيان نظرت لصورة زفافنا ودموعي تغسل وجھي ،كنت مخدوعة حينھا وترتسم علي وجھي إبتسامة لم أكن أعلم أنھا ستتالشي بعد بضع ساعات لألبد. إكتشفت أنه من السھل أن تصدر صورة زائفة عن نفسك لآلخرين ، يكفي فقط أن تكون كاذبا بارعا وستسير أمورك جيدا . ھذا ما فعله بي ھشام . ھكذا أوقعني بفخه . أذكر المرة األولي التي رأيته بھا . كنت يومھا حزينة لفراق أخي ،فلقد تم تحديد ميعاد سفره ليستلم وظيفته بجامعة ھايدلبرغ األلمانية بعد أن حصل علي شھادة الدكتوراه بطب األمراض العقلية الحديث منذ بضع شھور . عاد إلي مصر ليقضي معي أنا وأبي شھرين لم يكن يعلم أنھما آخر شھرين بحياة أبي . أصر والدي قبلھا علي أن يمد أجازته لوقتا أطول كي نستمتع بوجوده معنا لبعض الوقت . كانا أفضل شھرين مرا بعد وفاة أمي . كان حسن يصطحبنا بھما كل يوم بمكان جديد . بالصباح نخرج أنا وھو معا نقضي اليوم ننتقل من مكان آلخر ، أقوم به بتقمص دور المرشدة السياحية رغم أنني ال أعرف الكثير من المعلومات مما كان يضحكه كثيرا ،وبالمساء يصطحبنا حسن ألحد المطاعم لنتناول العشاء ثم يدعونا للسينما أو نعود لنقضي الليلة بلعب الشطرنج . إلي أن كاد موت أبي المفاجئ أن يقتلني . كان قد أخبرني أنه سيصلي العشاء ثم يعود ليقتل ملكي بثالث حركات كما يفعل دائما . 7 أعددت القھوة التي يحبھا وأدار حسن أغنيته المفضلة " ھذه ليلتي" وعندما تأخر دخلت ألراه . لقد سلم أبي روحه علي سجادة الصالة وھو يناجي ﷲ بآخر ليلة من ليالي رمضان . بعد أبي رفض العيد أن يمر بمنزلنا . ماتت عصافيره باليوم التالي ،وإختفي كلبه ولم نستطع العثور عليه .وعندما ذھبت لقبره ألقرأ له الفاتحة وجدته يقبع ھناك .ھزيال رافضا للطعام . أربكت خطط أخي فلم يرغب بتركي وحيدة بمصر لذا قرر إصطحابي معه وبدأ بتجھيز األوراق الالزمة . ھو من أقنعني بالخروج لحضور زفاف صديقتي ،أوصلني للحفل وأخبرني أنه سيعود ليصطحبني بعد ساعتين . ليته ما أقنعني وليتني ماذھبت . ھناك رآني ھناك إختارني ضحية ھناك وقعت بشباكه لفتت زميلتي إنتباھي له قائلة أنه لم يرفع عينه عني وأن زفافا جديدا يلوح باألفق . سخرت منھا ونظرت بساعتي فقد تأخر حسن عن الحضور . رفعت عيني لتصطدم بعينيه العميقتين .بعدھا وجدت حسن يقف بجواري فابتسمت له وإستعديت للمغادرة لكن صوته قد قاطعني وھو يوجه حديثه ألخي قائال " ماذا تريد منھا ؟" نظر أخي إليه حائرا ثم سأله " من أنت؟ وماذا تريد؟" فقال له " ھذا ما سألتك عنه منذ قليل " إبتسم حسن قائال " حسن مصطفي ،أخيھا وأنت ؟ " إبتسم ثم إعتذر قائال " آسف كنت أعتقد أنك تحاول إزعاجھا ،أنا ھشام سعيد مدير مالي بشركة رسالن . ھز له حسن رأسه محييا وشكره علي إھتمامه بي وإستأذن لنغادر لكنه قد عرض علينا إيصالنا إن لم يكن معنا سيارة فقبل أخي . 8 بعد يومين حضر لمنزلنا وقابل أخي وطلب منه يدي فأخبره أن األمر يتوقف عل َي . كما أخبره بظروف سفره وبرغبته في إصطحابي ،لكنه عندما علم ذلك عرض علي أخي أن يقيم عرسنا سريعا قبل سفره . حدثني حسن باألمر فلم أعرف بماذا أجيبه فإقترح عل َي أن يسمح له بالحضور للمنزل والحديث معي كي أقرر . بكل المرات التي حضر بھا ھشام كان حسن يجلس بعيدا بإحدي الزوايا يقرأ كتابا . أخبرني ھشام أنه يتيم قد مات والده وھو صغير وربته أمه إلي أن رحمھا ﷲ منذ ثالث سنوات . وأنه يعيش وحيدا بشقة والديه وسوف يجري عليھا تعديالت كي نقيم بھا بعد زواجنا . كما أنه يحتل منصبا ھاما بالشركة التي يعمل بھا والجميع يحترمه . أحضر حسن لنا عصيرا فشربناه ثم وضعت الكأس علي الطاولة فغضب ھشام وأمسك الكأس الفارغ سريعا ووضعه بمحاذاة اآلخر بالضبط . نظرت إليه مندھشة فقال مازحا " ھكذا لن يشتاق لرفيقه " فضحكت . كنت أعتقد أنه يمزح وقتھا ولم أعرف أن ما فعله كان عرضا من أعراض مرضه النفسي . عندما أخبرت حسن بموافقتي ضمني إليه وقبل رأسي وأخبرني أنني سأكون أجمل عروس .وباليوم التالي بالمساء جلس بجواري وسلمني ميراثي . أخبرني أن أبي قد ترك له شقة ليتزوج بھا لكنه ال يريدھا وقد كتبھا بإسمي وسلمني عقدھا بيدي وإستأذني أن يحصل علي شقة والدينا ھذه ألنھا تمثل له قيمة عاطفية كبيرة فوافقت بكل سرور . وبالنسبة للمال فقد فتح لي حسابا بالبنك ووضع به حقي من مال أرض أبينا التي باعھا . وأنه سيسافر بعد زفافي مباشرة ألنه قد تأخر كثيرا علي عمله . 9 أعطاني نسخة من مفتاح شقته ھذه ألحتفظ بھا معي كي أستطيع اإلعتناء بھا . وساندني بكل خطوة كنت أخطوھا كي ال يشعرني بفقدان أمي وأبي فإختار معي فستاني ومالبسي وتصفيفة شعري ،حتي أن جارتي بالشقة المقابلة قد إعتقدته زوجي .فھشام أخبرنا أن العمال لم ينتھوا من إعداد الشقة فإقترح حسن أن نقيم بالشقة التي كان سيتزوج بھا ، شيئا ما دفعني لعدم إخبار ھشام أنھا قد أصبحت ملكي . شعرت حقا بالفرح عندما رافقني حسن وسلمني لھشام وإنھرت بكائا وأنا أضمه قبل أن يغادر بنھاية الحفل . فبعد سفره فقدت كل ما يربطني بالواقع ،بل بالحياة . بمجرد دخولنا الشقة أغلق ھشام الباب بالمفتاح ،إعتقدت أنه يمزح معي ويحاول إخافتي لكن ما رأيته بعينيه أكد لي أن ال يمزح ولن يمزح مجددا . كانت عينيه قاسية باردة وتبدلت نظرته لي من نظرة الحب التي كان يدعيھا إلي نظرة اإلحتقار . لم أستطع أن أستوعب التغير السريع الذي حدث فإبتسمت وإقتربت منه وسألته "ماذا بك ؟" ضحك ضحكة مخيفة قائال " أنا بخير ،لقد عدت لطبيعتي لكنك لن تستطيعي أن تعودي أبدا " . إبتعدت قليال قائلة " أنا ال أستطيع فھمك " قال لي وھويخلع رابطة عنقه ويفك أذرار قميصه "سأفھمك بالطريقة الوحيدة التي تحبيھا ،لقد كانت عينيك تتوسلني منذ أول مرة رأيتك بھا أن أفعل وھا قد حان الوقت ألفعل " إبتعدت للخلف " أنت تخيفني" إتسعت إبتسامته " ھذا جيد " ركضت الي حجرة النوم ألھرب منه فتعثرت بفستاني فوصل إل َي وحملني ثم رماني علي الفراش بقوة 10 صرخت قائلة " ھل أصابك الجنون؟" إتسعت عيناه وفتحتي أنفه وقال " سأريكي الجنون اآلن " بدأ بتمزيق فستاني فصرخت " أرجوك ياھشام ،أنت تؤلمني وتخيفني" ضحك قائال " عليك دائما إخباري بمشاعرك ،أريد أن أعرف دائما بماذا أجعلك تشعرين " حاولت أن أجعله يھدأ " فقط إخبرني بما تريده مني وسأفعله ،أرجوك دعني ،ال تخيفني " قطب جبينه قائال " ستفعلين ما أريده لكن ليس بإرادتك " حاولت إبعاده لكنه كان ثقيال خمشته بأظافري فسبني بأقذع األلفاظ صرخت فضحك زاد صراخي فزادت نشوته صفعني فغبت عن الدنيا وفقدت وعيي إستيقظت علي رائحة ثقيلة تقتحم أنفي إقتحاما فتحت عيني فتلقيت صفعة أخري منه " ال تتركيني مجددا ،فال أحب مضاجعة الموتي " كنت مرھقة جدا ،ال أستطيع التنفس ،شيئا ما يجثم فوق صدري . يقف بحلقي يعوق تنفسي يسحب مني الحياة 11 أھو الموت ؟ ليته كان إنه ألم الخذالن . لقد تم إغتصابي من قبل زوجي وبليلة زفافي أي جحيم رميت به نفسي لقد قبلت بوجوده بحياتي بشرط وحيد ھو التقدير وبليلتنا األولي ضرب بشرطي عرض الحائط . أھذا حلم؟ بل كابوس ألم يكن بوعيه ؟ ھل شرب شيئا ما جعله يفعل بي ذلك؟ ھل سيعتذر ويقبل رأسي عندما يسترد عقله ويدرك الحماقة التي إرتكبھا ؟ بالطبع سيفعل فال يوجد شخص عاقل يفعل ذلك بزوجته بليلتھم األولي . يذيقھا كم األلم والذل والخوف واإلحتقار ھذا . ھل أبحث له عن مبررأم أبحث لنفس عن طوق نجاة ؟ أنا ال أعلم لكني متعبة ومنھكة بل منتھكة سالت دموع عيني قبل أن أغلقھا وأتوه بدوامة ال تنتھي من الكوابيس . *** عندما فتحت عيني مجددا لم أعرف كم مر من الوقت ،تحركت بصعوبة من الفراش .شعرت بألم بأضلعي وسائر أنحاء جسدي . رأيت آثار فوضي األمس ،فستاني الممزق وحذائي ودليل طھارتي وعفتي .سالت دموعي مجددا وأنا أحاول السير للحمام ألزيل آثاره التي لوثت جسدي . 12 رأيت الكثير من الخدوش والكدمات بكل سنتيمتر منه. إرتديت جينزا وتيشرتا ،جمعت شعري وخرجت خائفة من أن يظھر لي من مكان ما بالشقة . إتجھت للباب حاولت فتحه لكنه كان موصدا ،بحثت عن المفتاح فلم أجده . إتجھت للھاتف فوجدته قد إختفي ،حاولت فتح النوافذ لكنه كان قد أحكم غلقھا ووضع عليھا أقفال موصدة . دخلت المطبخ فوجدت بابه مغلقا لكنني وجدت أيضا نافذة صغيرة باألعلي سحبت مقعدا من الطاولة وصعدت فوقه وفتحتھا وحمدت ﷲ أنه لم ينتبه لھا أيضا فيغلقھا . كانت تطل علي مساحة صغيرة تفصل بين مطبخي ومطبخ الجيران . إن كان باب مطبخي موصد فالبد أن بابھم ليس كذلك ،قد أستطيع التواصل معھم لينقذوني . سمعت جلبة عند الباب فإرتعبت ،أعدت المقعد مكانه وخرجت . فتح ھشام الباب ودخل الشقة وھو يحمل عدة أغراض ،نظر لي بشك ثم سألني "لماذا ترتدين ھذه المالبس؟" " ماذا عل َي أن أرتدي؟" إقترب مني فتراجعت خوفا فصرخ بي " تعالي إلي ھنا" لم أستطع التحرك فقال محذرا "بكل مرة تخالفين أوامري ستتعرضين للعقاب ،لقد إختبرتي عقابي أمس ويبدو أنه قد راق لك ". " لماذا تفعل معي ذلك؟" صرخ بي مجددا "مريم ،تعالي إل َي " تحركت تجاھه وقدماي ال تحمالني فقال 13 " لدي قواعد إن إلتزمتي بھا لن تتعرضي لغضبي وإن لم تفعلي فتحملي عاقبة غبائك .ھل فھمت ؟" ھززت رأسي فصرخ بي " قولي نعم فھمت " رددت جملته فإبتسم قائال " أحبك مطيعة القاعدة األولي :ال تتحديني القاعدة الثانية :ال تحاولي الھرب ألنني سأعثر عليك وأقتلك القاعدة الثالثة :كوني مطيعة القاعدة الرابعة :سترتدين ما أحضره لك فقط القاعدة الخامسة "ستضعين الزينة الثقيلة علي وجھھك طوال الوقت القاعدة السادسة :ال تحركي شيئا من مكانه ". ذرفت دموع اإلذالل أمامه فرمي بوجھي أحد األغراض بيده " إرتدي ھذا " عندما نظرت للرداء المبتذل لم أستطع أن أحتفظ بما تبقي في معدتي فركضت للحمام أفرغ ما بھا . أتي خلفي غاضبا وسحبني من شعري وأنا أغسل فمي فتأوھت متألمة وشعرت أنه سينزع بصيالت شعري من رأسي " ھل أثير تقززك ؟" لم أجب فشدد قبضته علي شعري فصرخت " نعم " فابتسم وقال لي " سأحرص علي ذلك دائما واآلن إرتدي ھذا " منحني الرداء بيده األخري فرميته أرضا قائلة "لست ساقطة ألرتدي ھذا " قبض علي ذراعي وشدني إلي صدره ووضع وجھي أمام المرآة قائال " إنظري ،ماذا ترين؟" قلت غاضبة " أري وغدا يقف بجواري" 14 سحبني لألرض وعلي وجھه ترتسم مالمح شيطان " كنت أعرف أنك ساقطة وأن ما أفعله بك يروق لك ،أنت تتوسليني ألفعل " ثم علمت أنني سأخوض رحلة عذاب جديدة . *** لم أتخيل يوما أن ذلك الرجل الطويل ذو الشعر البني والعينين الخضراوين والبشرة البيضاء والذي كان دمث األخالق بالبداية يخفي تحت قشرته الزائفة شخصية متسلطة مريضة . ھشام سادي يتلذذ بايذائي جسديا ونفسيا . اليتواني عن سبي بأقذع األلفاظ ليؤلمني وينتشي من ألمي . تردد بأذني صدي صرخاتي وتوسالتي له كي يكف عن إيذائي لكني أدركت فيما بعد أن ذلك يثيره أكثر وأنه يتلذذ بألمي . أشحت بوجھھي بعيدا ونظرت للساعة فأدركت أنه أوشك علي الوصول فنھضت سريعا ألجمع الكتب التي كنت أقرأھا وأخفيھا بعيدا خوفا من تمزيقه لھا كما فعل بإحدي المرات عندما حضر ووجد بيدي كتابا فجن جنونه ومزقه شر تمزيق قائال " أنه تزوجني من أجل أن أسليه وليس من أجل أن أتسلي أنا " وبما أنني مسجونة بشقتي دائما وال يسمح لي بمزاولة أي نشاط فقد مررت لجارتي بطاقني اإلئتمانية كي تشتري لي الكتب وإسطوانات الموسيقي فزادت ثقافتي وتعلمت العديد من األشياء دون علمه . وبرغم ما كنت أمر به من عذاب إال أنني رفضت إقتراح جارتي بإبالغ الشرطة كي تنقذني من ذلك المختل . كنت خائفة من التھديدات التي يسكبھا بأذني سكبا . سأشوه وجھك ،سأبتر أصابعك ،سأقتلك بنھاية األمر بعد أن تذوقي كل ألوان التعذيب . كنت أعرف أن بإمكانه فعل ذلك ،وأن الشرطة نفسھا لن تستطيع حمايتي منه . 15 منذ تواصلت مع جارتي بإحدي المرات عبر شرفة المطبخ وحكيت لھا قصتي أقسمت علي الكتمان وعلي مساعدتي سرا دون علمه. *** 16 تزوجت ساديا دخلت حجرتي سريعا ألبدل مالبسي وأضع زينتي وأظھر بالمظھر الذي يجبرني عليه . كم كرھت أن أكون دميته ،عبدة لرغباته الشاذة ،جارية يستخدمھا ثم يرميھا عندما يشاء . لكنني أجبرت نفسي علي إطاعته كي ال أتعرض لإليذاء . لقد قرأت كثيرا عن مرضه . قبل معرفتي به كنت أجھل كل شيئ عن السادية . األن أستطيع إخباركم بمجلدات عنھا . فالسادية ھي إكتساب المتعة من رؤية األخرين يقاسون األلم أو عدم الراحة .وإستخدام القسوة العاطفية والتالعب باآلخرين من خالل إستخدام التخويف والعنف تماما كما يفعل معي . بت أعتقد أن ھشام يصنف كسادي إجرامي وھذا النوع ھو األكثر وحشية فھو أكثر منھجية في إستخدام العنف ويختار ضحاياه بعناية فائقة كي يضمن أن من وقع عليه اإلختيار لن يقاوم . ھل ھناك ضحايا له قبلي؟ وھل ستكون نھايتي الموت؟ بالطبع أعتقد ذلك ،ففي إحدي المرات سيفقد السيطرة علي نفسه ويدق عنقي أو يغرس بقلبي سكينا أو يشغل النار بشقتي وأنا نائمة . كل اإلحتماالت واردة . لم أعد أبتغي شيئا من الدنيا فقط أتمني أن يرحمني ﷲ ويجعل موتتي سريعة فقد سأمت األلم . *** 17 ھشام إنھا مجرد ساقطة عندما نظرت إليھا ألول مرة إكتشفت خداعھا . كان حفل زفاف زميل لي ،رأيتھا تقف بحلقة تضم أربعة فتيات غيرھا ،كانت أكثرھم إحتشاما وھدوءا وإبتسمت لتكشف عن صفين من المرمر وقع علي إثر إبتسامتھا نصف شباب الحفل إعجابا. إقترب منھا أكثر من شاب ليتحدث معھا لكنھا تجاھلتھم وكأنھا خلقت من مادة أكثر رقيا منھم جميعا . كل شيئ بھا ،عينيھا العسليتين ،رموشھا الطويلة ،أنفھا المتكبر ، شفتيھا المكتنزتين وجسدھا الرشيق كان يخبرني أنھا تريدني أنا ، تريد أن تخضع لي ولسلطتي . لقد تجسدت روح أمي بھا . اآلن فقط أستطيع أن أنتقم . سأحقق العدالة التي أبي ﷲ أن يحققھا وإضطرني أن أضع خططا مختلفة لنفسي . *** 18 صدي الكفر اليوم إكتشفت شيئا ال أستطيع إلي اآلن أن أقرر أھو جيدا أم سيئ . أنا حامل ! رددت ھذه الجملة ببالھة وكان لوقع سمعھا صدا عجيبا بنفسي فانھالت علي رأسي األفكار الجيدة تختلط باألفكار البائسة أوشكت علي الجنون ھل سأنجب بنتا تتلقي نفس معاملتي ؟ أم أنجب ولدا نسخة عن أبيه؟ أم أن حضور طفل سيجعل ھشام يرفق بي وبه ؟ ال أعرف حقا ھل أصرخ من الفرحة أم من األلم . كل ما أعرفه أن بقلبي يكمن إحساسا أسودا . ھل مازلت أصلح ألن أكون أما أم أن الرحمة قد تم نزعھا من قلبي ؟ ھل من العدالة أن أنجب طفل والده مريضا نفسيا وقد حولني لواحدة أيضا ؟ 19 ال أعلم ماذا علي أن أفعل ،حتي جارتي قد أصابتھا الصدمة وكل مارددته علي مسامعي وأنا أريھا نتيجة إختبار الحمل الذي أحضرته لي " ال إله إال ﷲ ،قدر ﷲ وماشاء فعل " ثم إدعت أنھا بحاجة إلعداد الغداء رغم أنھا كانت تحكي لي قبلھا ببضع دقائق عن خلطة التوابل التي جعلت غدائھم رائعا . سمعت صوت المفتاح وھو يدور بالباب فشعرت كمجرم أوشك أن يقبض عليه بجرمه المشھود . وضعت اإلختبار بجارور المطبخ ووقفت أمامه لم أستطع أن أفعل شيئا أكثر ألن ھشام بعد ثوان كان يقف أمامي يمسح بعينيه المطبخ ليبحث عن أي خلل . سقطت أنظاره علي المقعد الذي لم يوضع كما يجب ثم رفع رأسه للنافذه الشبه مفتوحة ثم سلط عينيه عل ًي . سالت قطرات العرق علي جبيني فأزاحني من مكاني فأبيت أن أتحرك .كنت أشعر بدقات قلبي بحلقي وكأنه يتأھب للقفز خارج جسدي ،رفض جسدي تنفيذ أوامر عقلي بالتحرك كي ال أثير شكوكه أكثر . شعرت بنفسي أرفع عن األرض وأوضع بمكان آخر ثم ھجم علي محتويات الجوارير خلفي يفرغھا واحدا تلو اآلخر . لم يكن يعرف عما يبحث . نظر لألغراض المتناثرة وعثر عما حاولت إخفاؤه . أمسك بيده إختبار الحمل ونظر له لثوان ثم نظر للنافذة والمقعد ثم لي . إتسعت عينيه وھو ينقل نظره بيني وبين اإلختبار . شعرت أنھا نھايتي . سمعت أنه قبل الموت تعرض مشاھد من حياة اإلنسان أمامه قبل خروج روحه .ال أحد عاش بعدھا ليؤكد شكوكنا أو ينفيھا . لكنني لم أري إال تحول ھشام . شعرت أنه يتحول أمامي لشيطان . 20 يتسع فكه تبرز أنيابه وقرونه نظرت حولي ألحضر ما أدافع به عن نفسي . سحبني من شعري بنفس الوقت الذي سحبت به سكينا من األرض . لم تكن يدي وحدھا من ترتعش بل سائر جسدي . وصوت صراخ ھشام يصم آذاني وھو يصفعني علي وجھي بيد ويمسك باألخري شعري . " خالفتي قواعدي " شددت قبضتي علي السكين . " تواصلتي مع الجيران " إستجمعت شجاعتي ألطعنه " ستنجبين لي وغدا يشاركني مجدي أم ساقطة تزيد جحيمي ؟" رفعت السكين وغرزته بيده . نظر لي غير مصدق . " الساقطة تضرب أيضا ؟!" نزع السكين من يده ورماھا أرضا وبدأ يكيل لي اللكمات ببطني. حاولت أن أحمي نفسي أو أدير له ظھري لكنه كان ھستيري بشكل مخيف لم يكترث للدماء التي تسيل من يده وكأنه ال يشعر بھا فقط بدأ يصرخ بكالم غير مفھوم وھو يضربني . " أنا مميز " " ﷲ لم يخلق مثلي " " كان عليه أن يجعلني رسوال " " بل أنا رسول " " أنا رسول األلم " " والساقطة تريد إنجاب وغد صغير يسرق مني مجدي " " لن يخلق مثلي مجددا " " ھل سمعت ؟ " " لن أدعك تخلق مثلي " 21 " أنا فريد " بدأ صدي كفره يبتعد عن أذني وبدأت رؤيتي تتشوش كان آخر ما رأيته دماء طفلي الذي قتله تختلط بدمائي تمنيت علي ﷲ أال أري شيئا آخر . أن يقبض روحي كما قبض روح جنيني الذي بث به الحياة منذ بضعة أسابيع . طفلي مات باليوم الذي علمت بوجوده به ،وعلي يد أبيه . لم أستطع الحفاظ عليه . ھل كنت أريد الحفاظ عليه؟ غاب الضوء عن عيوني كما غابت الحياة عن طفلي . *** 22 روﻣا لم أكن يوما إمرأة دون عقل ،فكل أساتذتي بالجامعة كانوا يتوقعون لي مستقبل مشرق ويمدحون ذكائي وقدرتي علي التعلم وذاكرتي الفالذية .فيكفي أن أقرأ شيئا لمرة واحدة أو أسمعه ليلتصق بعقلي مدي الحياة . كان لدي نھم للمعرفة وكنت أسعي دائما إلشباعه . أردت التميز وسعيت لتحقيقه وخطوت أولي خطواتي عندما إستكملت دراستي بعد الجامعة . كنت أود أن أبرز بالمجال األكاديمي . أن أضع يوما ما نظريات بعلم اإلقتصاد . أن أترك بصمتي بعقول عشاق ھذا العلم مثلي . والدي كان رجال عظيما . شجعني دائما علي أن أكون أفضل . كان يساعدني بمجموعات الكتب النادرة التي يھديني إياھا من وقت آلخر . كان دائما يقول لي " إقطفي من كل بستان زھرة لتصنعين حديقتك الخاصة " لذلك لم أقتصر بقرائتي علي علم اإلقتصاد فقط بل أبحرت بالفلسفة والسياسة واإلجتماعيات . أرسل لي حسن بعيد ميالدي الماضي مجموعة روايات ألمانية . كنت أعتقد أنه يود إغاظتي ألنه يجيدھا . لكنني فھمت فيما بعد أنه أرادني أن أتعلم األلمانية أراد إبالغي بشكل غير مباشر . 23 حسن دائما يحب األلغاز ويبرع بحلھا . كان يجذب شعري بلطف دائما ويقول لي " يوما ما ياروما ستغيرين العالم " لم أحزن يوما أن ﷲ لم يمنحني أختا تشاركني جنوني . فلقد منحني حسن . أفضل رجل قد تحصل عليه فتاة يوما . محظوظة ھي من تجد رجال يدفعھا لتكون أفضل ،يربت علي يدھا ليقويھا ،يفتح لھا ذراعيه إن إحتاجت لألمان يحل محل وسادتھا فيمسح دموعھا ويواسيھا. لم أندھش أن حسن يتصف بكل ھذه الصفات فوالده كذلك أيضا . حسن ھو أخي الكبير . وبالحقيقة ھو كبير قامة وقيمة . نشأنا معا وكنا نتنافس من منا سيصبح أفضل ليفتخر به والدانا أكثر . رغم أننا كنا نعلم جيدا أنھما يقبالنا كما نحن ونحظي لديھما بنفس المكانة . غادرت والدتي مبكرا . كنت أخضع إلمتحانات الثانوية العامة عندما وافتھا المنية . وكان أخي يخضع إلمتحانات السنة النھائية بكليته . يومھا فتح أبي ذراعاه لنا وضمنا قائال "سنكمل ما أرادته والدتكما ،لن ندع خسارتنا لھا تعيق تنفيذ األحالم التي رسمناھا معا . كانت كلمات أبي ھي الدفعة التي كنا بحاجة إليھا . أنھيت إمتحاناتي وبعد بضعة أسابيع علمت أنني لم أخذل أمي . بعدھا قدمت أوراقي وقررت دراسة اإلقتصاد . *** 24 ﻣريم عندما فتحت عيني وجدت نفسي بالمشفي وھشام يجلس بجواري يمسك يدي ويخبرني كيف أذاني السقوط عن السلم . كل ما كان برأسي وقتھا سؤاال عجيبا " لماذا أبقي ﷲ علي حياتي ؟" البد أن لديه حكمة أنا أجھلھا اآلن وال أقدرھا لكني سأعرفھا يوما . لم يغادر المشفي إال وأنا برفقته حوفا من أن أھرب أو أبلغ الشرطة . كانت ھذه ھي أطول فترة قضيناھا معا . كان يستخدم البيت كفندق يقضي به عدة ساعات ،لم أفكر يوما بأي مكان يقضي وقته بل كنت أتمني أن يطيل البقاء به . لم أشعر بالحزن لوجود عشيقة له ،بل تمنيت أن تبعده عني لوقت أطول . لم أھتم بتناول طعامي وحدي بل كان ذلك يسعدني فبالمرات القليلة التي تناول الطعام معي كدت أختنق به . ھشام كان يخشي أن يأكل شيئا صنعته بيدي . كان يشك أنني دسست به سما . لذا كان يحضر طعاما جاھزا إن أراد أن يأكل أثناء تواجده بالمنزل . ھشام كان يمنع عني األكل ليؤدبني . يترك البيت فارغا دون طعام باليومين .فقط يحضر لي كل إثني عشر ساعة علبه من البسكوت تطعم طفال . علمت فيما بعد أن ھذا اإلسلوب يتبع مع اآلسري للسيطرة عليھم وإخضاعھم . ولوال الطعام الذي كانت تمرره لي جارتي لخضعت له منذ البداية . 25 كان يخشي أن يكتشف أخي حالته لذا تجنب أن يحادثه ،فقط كان يقف بجواري لبضعة دقائق مرة كل شھر كي أحدثه وأطمئنه كي ال يثير قلقه . بإحدي المرات حاولت تمرير رسالة باأللمانية لحسن لكنه قطع الخط سريعا ورغم أنني أخبرته أنني كنت أقول له فقط وداعا إال أنه لم يصدق وضربني يومھا بدرجة أعنف من المعتاد فظللت طريحة الفراش ليومين . عاد بي ھشام للمنزل وعندما سقطت أنظاري علي دماء طفلي الجافة علي األرض أقسمت أنني لن أستسلم وسأتخلص من ھذا الكابوس بكافة الطرق حتي وإن كان بھذا نھايتي . ظللت باأليام التالية أفكر كيف سأدس له حبوب المخدر . بعد أن قررت الھرب إلي أخي . جواز سفري لم يتم إثبات زواجي به ،وتصريح إقامتي مع أخي ال يزال ساريا .عل ًي فقط تخديره وسرقة مفاتيحه والخروج من ھنا ، بل من مصر كلھا . الحبوب معي ،لكن كيف سأجعله يتناولھا دون أن أثير شكه ؟ حسنا . سأذيب المخدر وأحقنه بزجاجة ماء مغلقة . سيشرب منھا طالما وجدھا مغلفة كما ھي. لن أجعله ينتصر علي . كانت ھذه خطتي إلي أن فاجأني القدر بخطته . *** 26 ھشام نظرت حولي لزمالئي بالشركة وأنا أعلم أن كل واحد منھم يرغب بطعني بظھري تماما كما فعلت تلك العاھرة عندما سنحت لھا الفرصة . الكل متأھب للتغيير الجديد ،فلقد تم شراء شركتنا من قبل مستثمر غامض لم يعلن عن ھويته بعد ،الكل اآلن يرتب أوراقه وينظف قذارته ويستعد لتملق الرئيس الجديد . رحل وغد وأتي اآلخر لكن عل َي أنا أن أبقي . وسأبذل كل جھدي كي أبقي ،لكن بموقع أفضل وأعلي .ومن يدري فقد أزيح الوغد الجديد وأحتل مقعده يوما ما . *** 27 الشاعر ذو اللثغة عندما أخبرني ھشام أننا سنتناول عشائنا بالخارج نظرت إليه مندھشة .فلم يفعل ذلك أبدا من قبل . نظر لي مھددا " سنحضر حفلة أعدت إلستقبال رئيسي الجديد ،إحسني التصرف وكوني مرحة كي أسمح لك بالخروج مجددا ". وعندما أخبرني أنه إشتري لي فستانا جديدا كاد قلبي أن يقف ھل سيجعل إذاللي علنيا أمام الناس أيضا ؟ نظرت للفستان الذي أحضره مندھشة ألنه يخالف ذوقه الرث . فلقد كان أسودا موشي بزھور زھبية اللون عند الصدر . إرتديته ألكتشف أنه أكثر روعة. رفعت شعري النحاسي علي قمت رأسي وقد سقطت بعض الخصالت علي جانبي وجھي . وضعت مكياجا بسيطا يكاد ال يري . وتدلت سلسلة ذھبية علي عنقي منحھا لي أبي بعيد ميالدي تماثل لون خاتم الزفاف بيدي اليسري الذي أمقته . نظر لي نظرة تقييمية وھز رأسه موافقا " تماما كما أردت " زادت حيرتي فأنا أعلم أن لديه ذوقا شاذا وأنه لم يفكر يوما بشراء ما يناسبني بل كان يشتري ما يناسب رغباته . عندما إقترب مني تحكمت بأعصابي كي ال أخطو بعيدا ،لكنه قد وضع بيدي زجاجة عطر قائال " ضعي ھذا اليوم فسيحقق الغرض سريعا " 28 لم أفھم إالم يرمي لكنني أخذت الزجاجة بحذر ووضعت عدة قطرات علي رقبتي وساعدي ثم تناولت حقيبتي وسرت خلفه . أمام المصعد تقابلت مع جارتي التي نظرت لي مندھشة فھززت كتفاي ألخبرھا أن ما باليد حيلة وتنفست الصعداء ألنه لم يلحظ ما فعلت وإال كانت ستعد الليلة من أسوأ الليالي التي مررت بھا . *** عندما وصلنا لمكان الحفل تركني وإندمج وسط الحشد .لم يكلف نفسه عناء تقديمي ألحد بل إكتفي برميي بنظرة من حين آلخر ليتأكد من بقائي بنفس المقعد الذي إحتللته بالزاوية . مر كثير من الوقت وأنا ألوذ بالصمت فقد إعتدت علي قضاء الساعات دون أن أنطق بكلمة . أصبحت غير واثقة بنفسي وأخشي أن أقوم بحركة خرقاء تلفت األنظار إل َي خاصة أنني إبتعدت عن مخالطة الناس منذ سنتين . راقبت ھشام وسط زمالئه وكان آدميا أكثر . وضع علي جسده الحقير رداء البشر وإختلط بھم لكن ستظل رائحة العفن تقطن المكان حوله . كنت أدرك العيون المتسائلة عني وعن سبب تركي وحيدة لكني لم أكترث بكل ھذا بل شعرت ألول مرة منذ زمن أنني أنعم بالحرية حتي وإن كانت لساعات قليلة ولسبب مجھول . تذكرت الحفل الذي قابلت به ھشام ما أشبه اليوم بالبارحة . أشحت بوجھي بعيدا عنه لكنني أصطدمت بعينين فوالذيتين قد أسرتاني . صاحبھما رجال طويال أسمر البشرة لم تستطع النظارة الطبية ذات اإلطار األسود التي يرتديھا أن تحجب بريق عينيه . كان يحاول أن يسترد أنفاسه فأجبرت نفسي عن إبعاد نظري عنه فلست بحاجة لسبب آخر كي أثير غضب ھشام لكنني سرعان ما 29 أدركت أنه قد الحظ وأتي صوبي فخفق قلبي وأوشكت علي فقدان الوعي . " أري أنك قد أثرت إھتمام رئيسي " قلت مرتبكة " لم أقصد ھذا ،أقسم لك " ھمس غاضبا " أريدك أن تكوني لطيفة معه ،كفي عن العبوس والتتصرفي كعجوز شمطاء ،إصطاديه بنفس الطريقة التي فعلتھا معي أم أنك فقدت سحرك؟ مارسي الدالل عليه كي ينجح مخططي وإال سأريك وجھا أكثر بشاعة مما رأيته بالعامين الماضيين " إستمعت إليه مصدومة من أوامره المقززة . وراقبته وھو يمر بجوار رئيسه ويومئ ليحيه . لقد صبرت علي إيذائه لي وإستعباده لجسدي لكن أن يطلب مني تسلية رئيسه ھذا يعني أنني إن وافقت سأتحول إلي ساقطة بالفعل . إقترب الرجل مني قائال " أري أن الحفل يضجرك " رفعت رأسي وعين َي تشع نارا ألخبره ماذا يفعل بحفلته لكنني لمحت ھشام يقف بإحدي الزوايا يراقب ما يحدث فتحكمت بأعصابي " لست من ھواة الحفالت " نظر لي نظرة طويلة ثم قال بلسان به لثغة رائعة بحرف الراء " عيناك ﻣقبرة الضغينة عيناك ﻣثل باريس أجمل ﻣدينة ولتعرفي عيناك شمس وإن رﻣشت فنورھا ال ينطفي " 30 أثلجت كلماته قلبي فھدأ غضبي وسألته " لمن ھذه الكلمات ؟" " لك" ھززت رأسي قائلة " من كتبھا ؟ " " أحمد الشرقاوي " " ال أعرفه " إبتسم " لكنه سيكون سعيدا بمعرفتك ،مرحبا بك ،أنا أحمد الشرقاوي " إبتسمت فإحتل المقعد بجواري " أنت نارية الطباع " "وأنت متطفل " " ال ،أنا أقدر الجمال " " إذاٍ أخبرت كل النساء الجميالت بالحفل قصائد مماثلة؟ " " أنا لم أكتب شعرا منذ الجامعة ،لقد ألھمتني عيناك " نظرت له غير مصدقة فقال لي " أنا رجل أھتم بالمال وإدارة الشركات ،ال أحد رأي الشاعر غيرك أنت " " شكرا علي ھذا اإلستثناء " " أنت قاسية " " آسفة فال أجيد التمثيل ". أجفله ردي . لكنني رأيت ھشام يقترب فرسمت إبتسامة جوفاء علي وجھي ، توقف بجواري وأومأ له مديره ردا لتحيته .فإقترب وطبع قبلة علي وجنتي مما جعلني أغمض عيني إمتعاضا كطفل شرب دوائا مرا رغما عنه تجنبا لأللم الحظ مديره إشمئزازي 31 " آسف حبيبتي لتركك وحيدة لكنني سعيد أن السيد أحمد قد أبعد عنك المتطفلين ،سيد أحمد ھذه مريم زوجتي وأنا ھشام سعيد المدير المالي بشركتك " صمت وأنا أالحظ غصب مديره المكبوت الذي تحول إلي سخرية " سرني الحديث معك يا ھشام لكنني مضطر لإلختالط مع ضيوفي " أمسك يدي المرتجفة وطبع قبلة عليھا وھو يرمقني بنظرة غريبة سرعان ما تالشت عندما نظر لھشام . كنت علي وشك أن أبكي عندما إلتصق ھشام بي وھمس بأذني " فيما كنتما تتحدثان ؟" " ليس بشيئ خاص ،فقط عن أجواء الحفل " " سأجد فرصة أخري ليكون أكثرا قربا منك " التفت إليه غاضبة " ھشام "... ، " إخرسي ،سيبدأ العشاء بعد قليل وعلينا أن نظھر بمظھر جيد " تحملت لمسات يده علي ذراعي بصعوبة وھو يقودني إلحدي الطاوالت حيث أعد لي طبقا فتمتمت شاكرة ودفنت وجھي بطبقي رغم أن معدتي قد إنقبضت كبالون نفذ ھوائه رافضة رائحة الطعام . رفعت وجھي ألجد عيون أحمد تحدق بي . *** 32 أحمد الشرقاوي كنت أتحدث مع أحد المديرين لدي لكن تركيزي كله كان منصبا علي تلك المرأة المحيرة ،فرغم جمالھا وجاذبيتھا إال أن حولھا ھالة من الغموض .فھي تجلس بإحدي الزوايا وعلي وجھھا كلمة ال تلمسني ،تراقب الناس بإمتعاض كما نراقب نحن عالم الحيوان مضطرين ببعض األوقات .لم يجرؤ أحد أن يخترق ھالتھا أو يقترب منھا وكأنھا شيئ مقدس يخشون غضبه أو إزعاجه . أسرتني عينيھا العسليتين الحزينتين بجاذبيتھما التي تفوق الجاذبية األرضية عينيھا أكوان أشعر أنني قضيت بھما حيوات سابقة . نظرت لھما طويال ،شعرت أن جفونھا كانت لي بيتا منذ زمن وأنني تسلقت أھدابھا من قبل . شعرت بالقرب منھا كمغترب آن له أوان العودة للوطن . رغم برودھا الظاھر إلي أن عينيھا ترسل نظرات نارية أذابت جليدي وأحرقت قلبي . ورغم أنھا تدعي أن عالقتھا بزوجھا طبيعية إال أن ردات فعلھا تجاه لمساته تكشف كذبھا الغير متقن . حاولت نھر نفسي علي إحساسي الغريب الطائش فھي إمرأة متزوجة . كما أن زوجھا مختلس فاسد فقد إكتشفت أالعيبه ھو وغيره والتي أدت إلي خسارة صاحب الشركة السابق . أعدت النظر إليھا ألجدھا وحيدة بمقعدھا المنزوي فبحثت بعيني عن زوجھا فوجدته يتحدث مع إحدي العامالت بالشركة تدلل عليه ويستجيب لھا . إلتقت عينانا من جديد فأدركت أنھا فھمت رسالتي لكنھا ھزت كتفيھا المبالية وكأنھا تخبرني أن بإمكانه أن يفعل ما يريد فاألمر كله ال يعنيھا . كنت غاضبا أردتھا أن تثور أو تعلن عن وجودھا للجميع لتوضح لھم أنھا أكثر جماال من النساء الالتي يلتففن حوله . 33 لكنھا ظلت ھادئة تراقب السيرك بإمتعاض . أبعدت عين َي عنھا رغما عني وحاولت أن أقنع نفسي أنھا إمرأة متزوجة وأنني ال أرغب بالتورط باألمر حتي وإن كانا علي خالف . لكن عندما نظرت لعينين ھشام أدركت جيدا ما يدور برأس ھذا اللعين . إن كان رجال حقا عليه أن يأتي إل َي ليفقأ عيني ويصرخ عل َي قائال أنه لن يسمح لي باإلقتراب من زوجته أو النظر إليھا مھما كانت مكانتي فھذا ما كنت سأفعله لو كانت زوجتي ،لكن المغفل لم يفعل شيئ ليمنعني بل أومأ لي برأسه وكأنه يعطيني اإلذن ألفعل ما أريده . تبا له وتبا لھا أيضا ألنھا سمحت لنفسھا أن تكون دمية بيديه . *** 34 المزرعة عندما شارف الحفل علي اإلنتھاء إقترب مني ھشام وھمس " علينا أن نغادر اآلن ،وعلي مديري أن يتلقي وداعا حارا يجبره علي تقديم دعوة أخري قريبا ". ھمست معترضة فضغط علي يدي بقسوة " نفذي أوامري دون إعتراض وإال سأتركك اليوم جثة ھامدة تماما كطفلك ،ھل فھمت ما أعنيه ؟ ھززت رأسي وسيل الذكريات يؤلمني ودماء طفلي تسيل مجددا أمام عيني ،كنت واثقة أنه قادر علي تنفيذ تھديده . من ال يخاف ﷲ لن يردعه أي شيئ آخر . عندما توجھنا لرئيسه سلم عليه لكنه قطب حاجبيه عندما الحظ ھيمنة ھشام فقد ضغط علي يديه بشدة وجعل يده ھي العليا . " شكرا لدعوتك لنا ،سأتأكد من وجود السيارة أمام الباب حبيبتي " تركني وإبتعد فإقترب مني رئيسه ونظر لدموعي التي تھدد بالنزول ونظرة الرعب الكامنة بھما فأطبق بيديه علي كفي وھمس " ال أعلم ماذا يفعل بك ھذا اللعين لكنني أدرك أن يراقبنا اآلن ،لذا دعينا نريه ما يريد مشاھدته . أبعد خصلة من شعري خلف أذني وأمسك ذقني قائال " ال تجزعي فأنا لن أؤذيك " إرتجفت فشعر بي لذا ھمس " أراك قريبا " ثم أفلتني فركضت أبكي ھاربة . شعرت وكأنني قفزت من المقالة إلي النار . 35 عندما دخلت السيارة نظر لي ھشام نظرة منتصرة ثم أوصلني للشقة وخرج موصدا الباب مجددا . بعد خروجه إنفجرت باكية وأنا أتسائل ماذا سيحدث لي باأليام القادمة . أحمد الشرقاوي ھذا يبدو أذكي مما يعتقد ھشام ،فھو يدرك أنه يتالعب به من خاللي ويحاول تقديمي له علي طبق مقابل أن يحصل علي ترقيته اللعينة ويخفي قذارته . 36 عندما مر إسبوع دون أن يحدث شيئ حمدت ﷲ علي رعايته لي وقررت أن أنسي ما حدث بالحفل وأعود لخطتي األولي لكن ھشام عاد بأحد األيام يأمرني بأن أعد حقيبة صغيرة ألننا سنقضي نھاية اإلسبوع بمزرعة رئيسه . رفعت رأسي مندھشة وأنا أتابعه يدور حول نفسه فصرخ بي " ال وقت لدي لردات فعلك البطيئة " أمسك معصمي وسحبني لحجرة النوم ثم فتح خزانتي وبدأ يختار منھا ثياب ويرميھا علي الفراش . " ضعي ھذه المالبس بالحقيبة " ثم أتبعھا بأدوات للزينة ومالبس مثيرة للنوم .فنظرت إليه مذعورة ثم صرخت به " أنا لن أفعل ذلك " توقف عما كان يفعله ساخرا " لن تفعلي ماذا ؟" "لن أقترب من رئيسك اللعين ولن أقوم بما يخالف ال"...... جذبني من شعري " ستفعلين ما أمرك به " قلت متحدية له فلم يعد لدي شيئا أخسره " لن أفعل حتي إن كنت ستقتلني " إنقض عل ًي غاضبا " سألجأ لذلك إن فشلت طرقي األخري علي إجبارك " ثم بدأ ينھال عل َي ضربا . لم يقترب من وجھي ھذه المرة كي ال يفسد جماله كما كان يقول بل كان يؤذي جسدي فيترك به العديد من الجروح والكدمات والعالمات الزرقاء . 37 عندما بدأت روحي باإلنسحاب من جسدي ببطء بدأت بالتوسل له كي يتركني . " قولي إنك ستفعلين " إلتقطت روحي قبل أن تخرج بثوان تبعتھا شھقات محملة بالھواء أعادت قلبي للعمل " قولي " ذرفت دموع الذل " سأفعل " إبتسم " إنھضي " حاولت أال أترنح كي ال أثير غضبه مجددا " قبليني وإخبريني أنك مازلت عبدة لي " سامحني يا إبتلعت غصة الذل وطبعت قبلة علي شفتيه " أنا ...مازلت ...عبدة لك ..ھش..ام " من بين دموعي رأيت إبتسامة ظفر ترتسم علي وجھه وھو يرمي لي فستانا " إخلعي مالبسك وإرتدي ھذا " أمسكت الفستان وسلكت طريقي للحمام فأوقفني صوته اآلمر "إفعلي ذلك أمامي ھنا " عندما رأي عالمات عنفه علي جسدي إتسعت إبتسامته " إتبعيني بعد دقيقتين للسيارة ،إن تأخرت سأصعد ألصطحبك بنفسي ولن يكون ذلك أمرا جيدا " خرج وصفق الباب خلفه فتحاملت علي نفسي وجمعت األغراض بالحقيبه وحاولت إخفاء أثر البكاء بمكياج ثم تركت الشقة وأنا أتعثر بخطاي . عندما نزلت وجدته بجوار السيارة ينظر لساعته فجلست صامتة ولم أنطق ببنت شفة إلي أن وصلنا للمزرعة . 38 كنت أتأمل الطريق عاجزة عن فتح عيني بضوء الشمس ألنني لم أخرج يوما بالنھار منذ زواجي به . توقفنا أمام باب فيال حيث سارع رجال بحمل الحقائب ،بعدھا قابلنا أحمد الشرقاوي فسلم علي ھشام وأومأ لي وھو يراقب حركاتي البطيئة المتألمة بشك .ثم قادنا للبھو حيث جلسنا وھرع إلينا خادم بعصير بارد فقبلته ممتنة فلقد كاد الظمأ يقتلني ولم يفكر ذلك الجاحد بالتوقف بالطريق ليروي عطشي .قادنا نفس الخادم لحجرتنا كي نستريح قبل العشاء . أغلق ھشام الباب فإبتعدت وبدأت بترتيب الثياب بالخزانة ثم وضعت الحقيبة أسفلھا . أشار إل َي ألقترب منه ففعلت مترددة . "سأحاول تجنب البقاء معكما لوقت طويل وعليك أن تستخدمي داللك وتحدثيه كي يجعل صفحتي بيضاء ويمنحني مركزا مرموقا ، التبخلي بتقديم مايرغبه بسبيل ذلك فإن لم أحصل علي ما أريد فسأجعلك تتمنين الموت قبل أن أنھي حياتك " "ھل أنھيت أوامرك؟" " أري أن عالمات التمرد قد بدأت تظھر عليك يا مريم وھذا ليس أمرا جيدا " إبتعدت عنه ودخلت الحمام وأغلقته جيدا ثم إسترخيت بمياه دافئة كي تزيل توتر جسدي وتخفف آالمه وأنا ألعنه. *** 39 ضوء بآخر النفق نزلت للعشاء وأنا أرتدي فستانا ورديا تغطي أكمامه يدي فإستقبلني رئيسه وقبل يدي ثم سحب لي مقعدا بجواره وبدأنا تناول الطعام وھو يحكي لنا عن مزرعته ونشاطاتھا . بعد العشاء غادر ھشام مدعيا أن القيادة قد أرھقته وأنه يحتاج للنوم وطلب مني أال أتقيد به . تنفست الصعداء وشعرت أن ثقال قد إنزاح عن صدري ثم تذكرت المأزق اآلخر الذي وقعت به . " ما رأيك أن ننتقل للمكتبة ؟" أخرجني إقتراحه من بئر توتري فنھضت وسرت خلفه . عندما دخلت ونظرت لرفوف الكتب كان ھو قد أوصد الباب بنفس الوقت الذي سحبت به كتابا . نظر لي مندھشا وھو يراقب البسمة علي وجھي " لم أكن أعلم أن رؤية الكتب ستسعدك لھذا الحد " لثوان نسيت من ھو وموقفي وقلت " كنت أتوق لقراءة ھذا الكتاب لكن الفرصة لم تتثن لي " . نظر للكتاب ثم إلتفت إل َي " أنت تدھشيني ،كيف تھتم إمرأة بجمالك بقراءة ھذا النوع من الكتب ؟" أغضبني حديثه " ما عالقة الجمال بقراءة كتب اإلقتصاد ؟ " أعدت فحص الكتاب ثم تابعت 40 " لم أجد مالحظة تفيد بأنه يحذر علي الجميالت قرائته " رفع يديه مستسلما " كف عن السخرية فقد وصلتني رسالتك ،لكن ھذا الكتاب يعد "... " الكتاب األخير ضمن سلسلة كتب من ھذا النوع تتحدث عن أسباب األزمات اإلقتصادية العالمية وعواقبھا ،أعلم أنه عميق بعض الشيئ لكنني لن أجد صعوبة بفھمه " " أنحني لك إحتراما يامريم " أرفق القول بالفعل ثم سحب مني الكتاب " سأكون سعيدا بإعارتك إياه ،لكنني أرغب اآلن بوضع األمور بنصابھا " . قادني إلحدي المقاعد وجلس بجواري قائال " كلي آذان مصغية " ضغطت علي شفاھي بأسناني " أنا ال أرغب بالحديث معك عن شيئ " عقد ذراعيه أمام صدره " آسف إلخبارك أنك مجبرة علي ذلك والسبب أن زوجك قد تركك معي اآلن وھو يتوقع أن نقضي وقتنا بشيئ أكثر تسلية من الحديث " علت الحمرة وجھي وشعرت أن حرارتي إرتفعت ذال فإقترب مني " إخبريني يامريم كيف يجبرك علي ذلك ؟ ما الذي جعل أميرة مثلك ترتبط بوغد كھشام سعيد ؟ " نھضت مبتعدة فأمسك ذراعي فتأوھت متألمة مما جعله يقطب جبينه معتذرا لكنه الحظ إستمرار ألمي فنھض " ال أعتقد أن لمستي قد سببت ضررا كبيرا " ثم تابع وھو يكشف عن ذراعي قائال " إال إذا كان ھناك ضررا سابقا " عندما الحظ العالمات الزرقاء تلفظ بسباب وھو يتمتم " ھكذا يجبرك؟" أعدت قماش فستاني الناعم علي ذراعي 41 " كيف سمح أھلك بحدوث ذلك ؟" ھربت دموعي " لم يعد لي سوي أخي حسن وھو يحاضر بجامعة ھايدلبرغ األلمانية .لم أره منذ زواجي . ضغط علي أسنانه قائال " منذ متي يامريم؟" " منذ عامين وثالثة أشھر وخمسة أيام " ضغط قبضته المغلقة حتي برزت عروقه " لماذا لم تطلبي الطالق ؟ " " سيقتلني إن فعلت ،أنا حبيسة شقتي منذ زواجي ،أستطيع إحصاء عدد المرات التي خرجت بھا " إبتعد وأدار وجھه وھو يسأل " كم؟" " ثالث " إستدار ونظر لي سريعا " ھل الحفل وھذه الزيارة منھما ؟" أومأت موافقة " والثالثة يا مريم ؟" أغمضت عيني متألمة " للمشفي " " لماذا؟" صرخت غاضبة " ألنني كنت أنزف ،ثار غاضبا عندما إكتشف حملي فإنھال عل َي ضربا إلي أن فقدت الوعي وعندما إستيقظت وجدت نفسي بالمشفي وھو يجلس بجواري ويمسك يدي ويخبرني كيف فقدت طفلنا عندما سقطت عن السلم " أدار وجھه وتلفظ بسباب خجلت منه أذني " ذلك المجرم المختل ،إنه مريض نفسي " أومأت موافقة " سادي " 42 ھززت كتفاي " تزوجت ساديا " مرر يده علي وجھه قائال " ماذا يعني ھذا ؟" " إستخدام الوحشية والعنف بھدف السيطرة ،اإلستمتاع بمعاناة اآلخرين النفسية والجسدية ،الكذب من أجل إيذاء اآلخرين ،إجبار اآلخرين علي القيام بما يريد عن طريق تخويفھم ،الھوس بالعنف واإلصابات والتعذيب " أمسك يدي " ھذا يكفي .خففي عنك ". " ال أحد يستطيع التخفيف عني إال ﷲ ،لكنه لم يرد ھذا بعد " " كيف إكتشفت ھذا ؟" نظرت له ساخرة " بالطريقة الصعبة " ھز رأسه " كيف إكتشفت أن ما يعاني منه ھو السادية " " لقد قرأت عن األمر بعد ما فعله معي ،إكتشفت أنه يفعل كل عرض لعين تحدثت الكتب عنه. عدم القدرة علي إئتمان الغير ،الحرص الزائد علي النظافة ، الترتيب المفرط لألشياء ،حب الھيمنة وجذب اإلنتباه والمبالغة في التعبير عن العواطف ،جنون العظمة واإلستھزاء باآلخرين ، المبالغة في اإلنفتاح بالتفكير بدليل أنه سلمني لك اآلن .اإلعتقاد بوجود األشباح والتقمص .إنه يعتقد أن روح أمه تسكنني ،إنه ينتقم منھا في " . خلع نظارته ومسح عينيه وھو يتمتم " يا " قادني للمقعد مجددا " سأخبرك اآلن بما عليك فعله ،لن أغامر وأخبرك بالخطة كاملة فقد يجبرك علي البوح بھا ،لذا عليك أن تنفذي أوامري أول بأول " توقفت عن البكاء وسألته بحيرة " لماذا تساعدني ؟ 43 " أنا أساعد نفسي يامريم " نظر بعيني وشدد قبضته علي يدي " ﻣايبكيك يبكيني ﻣن يغضبك أقتله بعنف يداي لترضي أنت سيدتي فتأتي إل َي ترضيني" نظرت إليه غير مصدقة فھز كتفيه وإبتسم " أنت ملھمتي ،منذ رؤيتك وأنا أشعر بأن ھناك أحدا يدس الكالم بفمي دسا " إبتسمت فمنحني منديال ألمسح وجھي " عندما تصعدين إليه ستجدينه بإنتظارك ليعرف ما توصلت إليه ، إخبريه أنك مھدتي لي األمر لكنني بحاجة لمزيد من اإلقناع " تضرج وجھي فإبتسم " أعتقد أنك فھمت ما أعنيه " منحني الكتاب الذي رغبت بقرائته " إقرئي لبعض الوقت " نظر لساعته " لساعة تقريبا ثم إصعدي " أمسكت الكتاب وأنا حائرة بتفسيرتصرفات ھذا الرجل لكنني وبعد عدة لحظات نسيته كليا و إندمجت مع النظرية غير المألوفة التي يطرحھا الكتاب . لم أعرف أنه كان يتأملني طوال ھذا الوقت إال عندما أتي ولمس كتفي فإنتفضت مرتعبة . "ھل نسيت وجودي معك بنفس الغرفة؟ لقد جلست طوال الساعة الماضية أتأملك ". قمت بطي الصفحة ثم تذكرت أن الكتاب ليس لي 44 " آسفة " أخرج من جارور مكتبه مؤشر للقراءة ووضعه بالصفحة ثم فرد طيتھا " ھذه قسوة من الممكن نسيانھا ألجل عيونك فقط ". ضغطت علي شفاھي مجددا حتي كدت أدميھا " آسفة يا سيد أحمد " " مريم ،ال يمكنك مناداتي بسيد أحمد خاصة بعد ماكان مفترض أن يحدث بيننا خالل ھذا الوقت ". أومأت " دعيني أصطحبك لحجرتك " سرت معه إلي أن توقفنا أمام الباب فطبع قبلة علي يدي وتمني لي ليلة سعيدة . دخلت الغرفة ألجده منتظرا " إخبريني ما حدث " أخبرته فإبتعد عني " عليك بذل مجھود أكبر غدا فليس لدي الكثير من الوقت ،لكنني أعتقد أنه سيزعن بالنھاية فھو لم يرفع عينيه عنك طوال العشاء وبالطبع لن يترك فرصة بقائكما وحدكما تضيع ھباءا " كتمت نظرات إحتقاري وسحبت مالبس نظيفة ودخلت الحمام وعندما خرجت تركني سالمة كي أنفذ له أھدافه حمدا علي ذلك . *** 45 بالصباح لم أجد ھشام بالغرفة وكان ھذا أمرا جيدا فلم أستطع النوم طوال الليل ألن جسده يحتل مكانا بجواري ،يسحب أكسوجينا من الغرفة . يعيق تنفسي . عندما نزلت درجات السلم وجدت أحمد بالبھو بإنتظاري .لم أعرف حقا لماذا عل َي أن أثق به ؟ كيف أثق برجل مجددا وسبب عذابي كان رجال ؟ لكني اآلن أقف بمفترق الطرقات ال أعلم أي طريق أسلك وال بأيھم سيكون خالصي . أشعر أن كل الطرق تقود للھالك . إبتسم لي أحمد " عندما فاتك اإلفطار شعرت أنك ستنامين لوقت أطول " نظر لعيني قائال " لم ير النوم عينيك " قلت ساخرة " ھذه طريقة جيدة إلخباري أن مظھري بائس بالصباح ،وأنا لم أنم بالفعل وال أتناول اإلفطار " " إذن دعيني أريك مزرعتي العزيزة " سرنا كثيرا وثم إنتھي بنا المطاف أمام سياج الخيول وضعت يدي عليه ونظرت لألفق فسألني " أتكرھينه كثيرا ؟" نظرت إليه لثوان قبل أن أدرك أنه يتحدث عن ھشام " أوشكت علي قتله يوم قتل طفلي ". أعلنت فجأة "أشعر بالشفقة تجاھه" ثم سألته حائرة "لماذا أشعر بالشفقة تجاھه؟ ھل أصاب عقلي الخلل؟ 46 أم أنني تعاطفت مع معذبي كما تتعاطف الضحية مع مختطفھا طبقا لذلك المرض اللعين الذي قرأت عنه من قبل ماذا كان إسمه؟ آآه متالزمة ستوكھولم ھل حولني لمريضة نفسية مثله؟ سألني "لماذا كففت عن المقاومة؟ لماذا إستسلمت له كشاة سلمت رقبتھا لذابحھا ؟" أجبت وأنا أنظر لألفق مجددا " لسبب لعين آخر بالطبع لقد قرأت أن مقاومتي تزيد جنونه أكثر وتحفزه علي متابعة عنفه وأنني قد أكون ضحية رغبتي بتحديه يوما ما ،لذا كففت عن المقاومة وداومت علي المبالغة بتمثيل اإلستسالم . لكنني إن كنت سمحت له بإنتھاك جسدي فلن أسمح له أبدا بإنتھاك عقلي ". وضع يده علي يدي فسحبتھا سريعا وتابعت " عندما يقترب مني أعكف علي ترديد أغنية برأسي آلالف المرات وأركز بكالمھا كي أصرف عقلي عما يحدث لي . لو سمحت لعقلي بالشعور باأللم فلن أستطيع السيطرة علي محاولته إلنھاء ھذا األلم . وقد أنفذ رغبته باإلنتحار فأخسر كال الحياتين . لكنني سأتحمل . سأستمد الصبر من إيماني ،ﷲ لن يتركني بھذا النفق المظلم لوقت أطول ،البد أن يرسل لي ضوءا . إشارة تخبرني أنه يراقبني ويستمع لدعائي وسيجيبه يوما ما . ھذا ھو الشيئ الوحيد الذي مازلت أؤمن به إلي اآلن . عدا ﷲ فقد كفرت بكل شيئ خاصة الحب " . شدد قبضتيه علي السياج فكاد يخلعه " أعدك أنك سأحررك منه نھائيا " 47 رفعت يدي معترضة " ال تقطع وعودا لن تفي بھا ،فھذا سيئ " وضع يده علي رأسي وقال " ورب عينيك ألزيل الحزن من قلبك كما أزلت أنت رتاج قلبي وسكنتيه " سالت دموعي وإرتعش جسدي . لم أصدقه حينھا لكن ذبذبات صوته وھو يتلو القسم لمست وتيني . *** 48 الوداع السادي عندما عدنا بعد غروب الشمس وجدنا ھشام يجلس بالبھو فأشار له أحمد " أحتاج للحديث معك " إتجھا للمكتبة وبعد فترة سمعت صوت نقاشھا يختلط ما بين اإلعتراض واألوامر فقررت الصعود لغرفتي واإلنتظار إلي أن غلبني النوم . إستيقظت علي يدان عنيفتان تجذباني فصرخت " ماذا؟ ،ما الذي حدث؟" رأيت وجه ھشام الذي يبتعد عن وجھي ببضع سنتيميترات كان قد أمسك بيدي بقبضته ورفعھما فوق رأسي ،والجنون يطل بوجھه الكريه من نظرات عينيه ،أشحت بوجھي وحاولت اإلبتعاد عن أنفاسه الكريھة لكنه أجبرني علي النظر إليه " مريم الصغيرة الجميلة الفاسدة ،لقد أديت مھمتك علي أكمل وجه وأصبح الشرقاوي كخاتم بإصبعك .يبدو أن ماذاقه قد أعجبه ألنه أراد أن يحتفظ بك لوقت أطول فلم يساومني علي يوم بل أرادك حتي يمل " لم أستطع أن أفھم عما يتحدث لكنه تابع دون أن يكترث بإعتراضاتي " كنت أعلم أنك ساحرة لعينة ،لقد ألقيت بسحرك عليه . أتعلمين؟ لھذا كنت أمنعك عن الخروج . منعتك كي ال تصطحبي رجال آخر لفراشي كما فعلت تلك اللعينة . أنت لعينة كأمي بالضبط . فقد خانته بدم بارد أمام عيني وضربتني كي أصمت لذا قتلتھا ". 49 إرتعدت صدمة ورعبا بينما إتسعت عينيه وزادت حدة تنفسه وھو يصرخ " نعم قتلتھا ،أنا قتلت الساقطة وباليوم التالي جلست بعزائھا أبكي. ولوال أنني قايضتك بحريتي والكثير من أمواله ماكنت تركتك له وما زال بك قلبا ينبض . لكنني سأترك له فتاتك ،سأترك له جسدا ممتأل بالجروح والكدمات والسحجات سيصيبه باإلمتعاض فور رؤيته .وسيأمر خدمه برميك للكالب خارج أسوار مزرعته العزيزة . لن أسمح لرجل بلمسك مجددا .أنت ملكي وسأضع بصمتي علي جسدك لألبد ". بدأت أصرخ فضحك " إصرخي . أنت مجرد جسد. جسد دون عقل . ال تصلحي إال للفراش . دعيني أمنحك المتعة للمرة األخيرة ". قاومته صرخت صفعني مزق مالبسي أجبرني علي ترديد كلمات بذيئة إلثارته . عندما إنتھي مني كانت قوتي قد خارت ،صوتي قد بح ووصل بي اإلعياء إلي فقدان الوعي . *** 50 الخالص ھل تمنيت الموت لسبب وجيه وعاندك أمر ﷲ ؟ ھل إنتھك أحد ما كرامتك أو جسدك من قبل ؟ ھل شعرت أن كل مياه العالم لن تستطيع أن تخلصك من القذارة التي علقت بك ؟ إن كنت لم تجرب كل ھذا فعليك أن تقضي عمرك سجودا وشكرا له علي عدم وضعك بإختبار كھذا . إن كنت لم تجرب فإياك أن تجرؤ يوما وتحكم عل َي وعلي تصرفاتي. إن كنت لم تجرب فإصمت ألنني جربت . وألنني خرجت من التجربة بال روح أو حياة . لقد تم قتلي بتلك اللحظة . اآلن يحدثكم شبحي . شبح قاس عنيد . شبح أطل من عيوني وجلس بجوار جسدي لوقت بت أجھله حتي سمعت دقات نافذة الصبر علي الباب الذي إنفتح سريعا . رأيت أحمد الشرقاوي يدخل منه أسود الوجه قلقا يتأمل ما بقي مني .رفع علي جسدي غطاءا كي يكسي عريي . تفحص وجھي الشاحب ودموعه تغطي وجھه ثم حملني بغطائي ووضعني بمغطس الحمام وقال لي "سأحضر زوجة سمير لتساعدك" أمسكت يده وھززت رأسي نفيا وقلت بلسان ثقيل "سأتخلص وحدي من قذارتي " خرج وأغلق الباب خلفه ثم سمعت صوت شھقاته 51 حاولت التحرك ببطء وفتحت المياه فتساقطت علي ثيابي البالية وجسدي المدنس . ورغم ذلك سمعت حديث أحمد الذي يخرج من بين شھقاته بصعوبة " بعدما ترك مكتبي وإتفقنا علي توقيع أوراق خالصك بالصباح بحضور المحامي الخاص بي ،كان لدي شعور بما ينوي أن يفعله فصعدت للطابق الثاني خلفه وسمعت صرخاتك . سمعت صرخاتك يامريم ولم أستطع مساعدتك . أردت أن أكسر الباب اللعين وأنتزع قلبه من صدره لكن التعقل غلبني بآخر دقيقة . خشيت أن يتراجع عن إتفاقنا وبدال من مساعدتك كنت سأزيد عذابك . لم أتحمل سماع ألمك فغادرت الفيال وقضيت باقي الليل ھائما وعندما أشرقت الشمس عدت ،ووقع أمام عيني عقدا نافذا قد صاغه صديق .مقابل حريتك حصل علي مبلغ كبير باإلضافة لترقيته بمكانة مرموقة بفرع شركتي بلندن . لكنه حصل أيضا علي لكمة كادت تفقده عينه اليمني ولوال أن صديق قد إنتزعه من يدي لكنت قتلته من أجلك يامريم . لكني أقسم أنني لن أتركه بسالم ". خرجت برداء الحمام ونظرت بعينيه وسألته " أنا حرة ؟" " أنت حرة لألبد يامريم " رددت وأنا أبكي " أنا حرة " " وثيقة طالقك ستكون بيدك بعد إسبوعين بإذن ﷲ " سقطت أرضا وأنھرت بكاءا وكان آخر ما سمعته ھو صوت أحمد يصرخ " لما تأخر الطبيب ؟" *** 52 " تعرضت ھذه المسكينة لعنف ال يمكن السكوت عنه " أجابه أحمد ھمسا " إنھا تحاول أن تتخلص من زواجھا اللعين وتوريط الشرطة باألمر اآلن ليس لصالحھا ،فقط سيطيل عذابھا " . قال الطبيب متنھدا " لوال أني أعرفك جيدا يا أحمد ماكنت وافقت علي ھذا أبدا ،لكنھا بحاجة إلي عناية طبية ونفسية أيضا ،إنھا اآلن تعاني صدمة وال أعتقد أن بإمكانھا التعافي سريعا " " إنھا قوية ،محاربة ،أقوي مما نتصور .لقد تحملت ھذه القسوة لعامين .وستمر من ھذه األزمة ،لدي إيمان بذلك " كنت أسمع كل ھذا الحوار لكن لساني كان ثقيال ،لم أستطع النطق ، أردت أن أصرخ لقد قتلھا . ھشام قتل أمه . لكن صوتي خرج أنينا جعل أحمد يقترب مني يمسك بيدي ويھمس "أنت بخير " " أنت آمنة معي ،لن أسمح ألحد باإلقتراب منك مجددا " *** 53 لوال الصالة والقراءة وأحمد ما كانت جروحي ستشفي . وإن بدأت جروح الجسد بالشفاء فجروح الروح مازالت تنزف . كنت أستند علي الحاجز الخشبي أشاھد الخيول عندما سمعت صوت خطوات نافذة الصبر فإلتفت ألري أحمد مبتسما فإبتسمت مترددة لكنه وقف علي بعد خطوات قليلة مني وسلط عينيه علي عيني " وصلت وثيقة طالقك اليوم " شعرت للحظات أنني تجمدت ،توقفت عن التنفس وكان غير مستعد لرد فعلي كما كنت أنا أيضا . لقد إرتميت بين ذراعيه وبكيت وھمست كلمات شكر إختلطت بنشيجي . 54 أحمد الشرقاوي شعرت بھذه اللحظة بمشاعر متضاربة ،فقد رغبت بأن أطبق ذراع ًي عليھا وأقربھا مني فتصبح كجلد ثان لي ،لكني سيطرت علي نفسي باللحظة التي كادت يداي أن تلمسھا بھا فأنزلتھما جانبي وھمست بأذنھا " إذا عريت سأحتويكي بأضلعي أنا إن عريت رداء وإذا عبست قد أكون ﻣھرجا كي تكوني سعادتي السعداء " إبتعدت عني وكانت تبدو نادمة بعد إرتكاب حماقة . لم أعرف ماذا عل ًي أن أفعل ألخفف عنھا ،فكل ما أريد فعله سيزيد األمور سوءا ،يبدو أنني قد تورطت معھا بمشاعري أكثر مما أردت .حالتھا اآلن ال تسمح بأن أحدثھا . لكني لن أستسلم . سأعيد السعادة إلي حياتھا وأساعدھا علي الشفاء ثم أخبرھا بما أشعر به تجاھھا فيما بعد . ھذا جيد . ھذا ما سأفعله . *** 55 ﻣريم ما الذي فعلته ؟ ھل جننت ؟ أھرب من رجل ألرتمي علي صدر اآلخر ؟! تمتمت " آسفة " منحني الوثيقة فتأملتھا تسبقني دموعي الحارة . وھمست " شكرا " ثم ركضت ھاربة لحجرتي . شعرت أنني أمسك بيدي شھادة ميالدي . أنني منحت للتو حياة جديدة . كم أنت عادل يا ﷲ . إستجبت لدعواتي وأرسلت لي طوق نجاة . فكرت أن أحدث حسن وأخبره بكل شيئ . يا كم أحتاج ذراعيك يا حسن . سأطلب من أحمد أن يدعني أحدثه وستكون ھذه آخر خدمة أسمح له أن يقدمھا لي . ال ،عودتي للقاھرة ستكون األخيرة . *** 56 جمعت أغراضي بحقيبتي الصغيرة وتركتھا علي الفراش ونزلت ألحدث أحمد . كنا قد إعتدنا علي الجلوس بالمكتبة لفترات طويلة نقرأ و نتناقش . سألني " أي كتاب تفضلين اليوم؟" لم أرفع عيني ألبعد من أذرار قميصه " أرغب أن أحدث أخي حسن ،اآلن أستطيع إخباره دون خوف " " مريم؟" إقشعر بدني من اإلسم بت أمقته بالفعل لكنني رفعت عيني إليه " ھل بحوزتك رقم أخيك ؟" أومأت نافية " يمكننا اإلتصال بالجامعة التي يعمل بھا وبإمكانھم أن يصلونا به " إبتسم " يعجبني ذكائك ،دعيني أجرب" قلت له " أنا أتحدث األلمانية " رفع حاجبه معجبا ثم أعطاني الھاتف فبدأت اإلتصال بعد معارضة قليلة من قبل الجامعة لمنحي بياناته ،طلبت منھم إعالمه بإسمي وبأنني بحاجة للحديث معه فإن وافق لن يسبب ھذا جيد وإن رفض فسينتھي األمر ولن أزعجھم مجددا .وقد وعدوني بتنفيذ ھذا . بعد ثوان سمعت صوت أخي علي الھاتف يھمس بأذني " مريم؟" " حسن ،إشتقت إليك " " ھل أنت بخير؟" " أصبحت ،أنا أحتاجك ياحسن " 57 " إخبريني ياروما ماذا بك ؟" وبدأت سرد كل شيئ *** 58 أحمد الشرقاوي راقبتھا وھي تعطي ألخيھا رؤوس أقالم عما فعله بھا الوغد . كانت دموعھا تسيل بإستمرار وتشير بيدھا وكأنه يراھا .لكن ما جعلني أفقد صوابي بالفعل "أنه عرض عليھا أن تأتي لتقيم معه ،سيحصل علي إجازة بعد شھر من اآلن وھذا ھو أقرب وقت إستطاع تدبيره فھم بمنتصف العام الدراسي بعدھا سيأتي إلي مصر ليصطحبھا معه وھذا ما لن أوافق عليه أبدا. عندما أغلقت الھاتف قلت لھا " لن أسمح لك بالسفر ،لن تغادري بعد أن عثرت عليك أخيرا " نظرت لي غير مصدقة " أحمد ؟" " قلبي إيمان وقلبك ﻣلحد قد ال تحبي لكنه قد ذاق حبك واحد " وضعت يدھا المرتجفة علي وجھھا وقالت " آسفة " قلت لھا وأنا أجبرھا علي النظر بعيني " أنا ال تسول حبك يامريم أنا واثق أنك ستحبيني ،لن أطالبك بشيئ لكن ال تحجري علي حقي بالتعبير عن حبي لك ". 59 " أنا أريد العودة للقاھرة " " سأعيدك الليلة إن أردتي " لمعت عينيھا " لقد جھزت حقيبتي " "إذن سأبدل مالبسي إلي أن يعد سمير السيارة " خرجت وأنا أفكر أنھا تحتاج للشعور باألمان ،تحتاج لمعاملة خاصة حتي تتجاوز أزمتھا . *** 60 ﻣريم لقد أعلن لي عن حبه بأبيات من الشعر ،أي جنون ھذا ؟! ھذه الطريقة كانت ستروق لروما الفتاة المجنونة التي تحب كل ما ھو غير تقليدي . لكن مريم ؟ خاصة مريم التي أصبحت عليھا اآلن لن تسمح للحب بالتسلل إليھا ، ال يوجد ما يسمي حبا . إنه وھم ؟ أحمد فقط يشفق عل َي ،يساعدني لكنه يجھل التمييز بين التعاطف والحب . سأوضح له الفارق . عليه أن يعود لحياته وعل َي أن أبدأ حياة جديدة دون إرتباط. أوقف السيارة أمام المبني وفتح لي باب السيارة وسألني " أي طابق سنصعد؟" نظرت له مندھشة " أنا لن أتركك تصعدين بمفردك ،لقد تأكدت بنفسي من رحيله خارج مصر لكنني أعلم أن الشقة تحمل لك ذكريات سيئة ولن أتركك تواجھينھا وحدك " نظرت له ممتنة بالفعل كان قلبي يرتجف من خوض ھذه التجربة وحدي .عندما سألني عما أفكربه للمستقبل أخبرته " أول شيئ سأفعله ھو بيع شقتي ،بعدھا سأنتظر عودة أخي لنقرر األمر " "لدي مخطط آخرقد يعجبك إن فكرت به طويال " 61 صعدنا للشقة وقام ھو بفتح الباب عندما إرتعشت يدي ثم تابع حديثه وكأنه يحاول صرفي عن التذكر " سأساعدك لتجمعين أشيائك ونغادر ھذه الشقة وغدا سيتولي صديق المحامي الخاص بي عرضھا للبيع وتخليص كل اإلجراءت الالزمة فقط إن قمت بصنع توكيل له ،بعدھا تشترين مكانا جديدا تعيدين تأثيثه بنفسك ثم تبحثين عن عمال بمجال تخصصك .ما رأيك بھذا إلي اآلن؟" إبتسمت " نظريا جيد ،أما بالنسبة للتطبيق ؟" قاطعني " سيكون أكثر جودة ،لن أجعلك تحملين ھما .واآلن لنكف علي الثرثرة وإخبريني ماذا سنفعل ؟" قلت له مبتسمة " سأجمع كتبي " " دعيني أساعدك " أحضر معي صناديقا فارغة كان أخي يحتفظ بھا بإحدي الغرف وبدأت إخراج الكتب من األماكن التي كنت أتفنن بإخفائھا بھا حتي ال يصل إليھا ھشام . وأحمد يرتبھا بالصناديق . ضحك " أنت كارثة ،كنت أعتقد أنني مثقف لكنك أثبت لي أن عل َي إعادة النظر باألمر " قلت مبتسمة " أعشق القراءة ،إنھا بدمي ،كان حلمي أن أمتلك مكتبة أكبر من أبي وحسن " " ستفعلين " سألته " أتجيد صنع القھوة؟ " " ال تشككي بقدراتي ،أنا طباخ ماھر ،لكني أعتقد أنك تصرفيني فقط لھدف برأسك " . 62 إحمرت وجنتاي " سأفحص مالبسي ألختار منھا البعض " "كيف تشربين قھوتك ؟" " سوداء بال سكر " قطب حاجبيه قائال " سنغير ھذا ،ستشربين ما أعده بصمت " إبتسمت فبادلني اإلبتسام وذھب للمطخ ،بينما إتجھت أنا لغرفة النوم . تجاھلت النظر للفراش وللزوايا ،فكل مكان لي به ذكري خبيثة . فتحت الخزانة وبدأت بإخراج كومة من المالبس كنت قد وضعتھا بأسفلھا حتي ال يتخلص منھا الوغد إلجباري علي إرتداء ما يشتريه ھو .كنت قد إشتريتھا ضمن جھازي لكنھا مازالت جديدة لم تمس مألت حقيبتين وتركت باقي قذارته . كنت أسحب إحدي الحقيبتين خارجا عندما أتي أحمد قائال "ستبرد القھوة وستتھميني أنني ال أجيد إعدادھا " إبتسمت " سأشربھا حاال " " سأحضر حقيبتك األخري . *** 63 أحمد الشرقاوي عندما دخلت المطبخ ألعد القھوة تأملت النافذة التي حكت عنھا وشعرت باإلختناق والعجز وكأن أحاسيسھا تسكن المكان وتنتقل لكل من يدخله ،أو أنا الذي أصبحت أحبھا لدرجة أنني أشعر بكل ما تشعر ھي به . خرجت سريعا من ذلك المكان الخبيث ،فلم أستطع أن أطيل النظر للزاوية التي فقدت بھا طفلھا . وإنتابني إحساس عجيب . شعرت بالخسارة وكأن الطفل لي . ھذا أمر يدعو للجنون . أنا رجل بنھاية عقدي الثالث ،ناضج لدرجة التحكم بمشاعري . لم أواجه صعوبة من قبل بھذا األمر كنت شابا طموحا كل ما يملكه بعد تخرجه في كلية التجارة حلم إنشاء مصنع للمالبس . ساعدني أبي بمنحي قطعة األرض التي كان يملكھا بالشرقية . كانت آخر ما يربطه بالبلد . فقد أحب أبي أمي وفضلھا عن أختھا التي تحبه ،لذا تسببت خالتي بفضيحة له كي تفسخ خطوبتھما لكن أمي تمسكت به مما جعل أسرتھا تلفظھا . من الجدير بالذكر أن أمي وأبي أوالد عمومة واحدة .عقد أبي قرانه عليھا وغادرا البلد وإنتقال للعيش بشبرا . ھناك أسس أبي متجرا صغيرا لبيع المالبس وساعدته أمي . لم أر حبا كحبھما . وقفا معا بأحلك المواقف وتخطيا أشد األزمات . 64 وعندما أصيبت أمي بورم خبيث إكتشفناه بعد أن فتك بجسدھا وإنتشر به أراد أبي بيع المتجر واألرض كي يعالجھا .كان لديه أمال ببقائھا حية رغم نفي األطباء ذلك ،لكنھا رفضت وأخبرته أن ھذا ليس ماله كي يتصرف به بل ھو مال أحمد . أمي لم تحزن ألنھا سترحل ،بل كان كل حزنھا ألن والدي ال يجيد اإلعتناء بنفسه وألنھا لن تري الفتاة التي ستأسر قلبي . كانت تخبرني دائما عندما أجلس برفقتھا ألشرب القھوة " بفنجانك فتاة ستقلب عالمك رأسا علي عقب وستكتب الدواوين لھا " كنت أضحك قائال " أنت بطلة كل دواويني " " ورد " " أترغبين بورد يا أمي ؟ ،سأحضر لك بستان " ضربتني علي رأسي قائلة " إسمھا ورد يا غبي ،وتشبه الورود " ضحكت كثيرا " من بين كل الفتيات بالعالم سأحب فتاة يضم إسمھا الحرف الوحيد الذي لدي به لثغة؟ كم أنا محظوظ؟" أضحك كالمي أمي تمتمت " ألول مرة ال يتحقق تأويل فنجانك .إسمھا مريم ،ھذا ال يفرق كثيرا فحرف الراء اللعين أقسم علي مالزمتي " ماتت أمي بعد إكتشافنا لمرضھا بشھرين ،لم يطل ﷲ عذابھا ،لم أحزن ألنھا رحلت لكن ما أحزنني ھو خيانة أبي لي . لقد رحل بعدھا بإسبوع . لم يتحمل البيت دونھا فذھب سريعا ليسكن بجوارھا . تسائلت كثيرا لماذا تركوني ؟ حتي أتتني بمنامي ،مسحت دموعي وأخبرتني أن الخير كله ينتظرني طالما سأمد يدي به للناس .ترددت مقولتھا بأذني كثيرا 65 " ساعد الناس يا أحمد ليساعدك ربھم " أقسمت وقتھا علي أن أنفذ وصيتھا . طورت متجر أبي وإستغليت مال األرض لبناء المصنع . كنت قد درست خطتي لسنوات عندما كنت بالجامعة ،لذا كنت أعرف كيف أخطو كل خطوة . كل عمال مصنعي جيراني . لقد صنعت عائلة جديدة لي ،سندا أتكئ عليه بشدتي . وعندما زاد عملي زادت عائلتي . حتي ربات المنازل بالبيوت إستغليت طاقتھم بتطريز التصميمات التي أرسلھا لھم يدويا . أصبح لدي ماركة مسجلة بإسمي أردت أن أصلح عالقتي بعائلتي الحقيقية فسافرت الشرقية وھناك تعرفت علي الجميع لكن لم يدخل قلبي سوي صديق إبن عمي والذي أصبح المحامي الخاص بي وساعدي األيمن فيما بعد . أما خالتي سامحھا ﷲ بمجرد أن نظرت لي تذكرت والدي حبھا القديم ووضعت مخططا جديدا لتزوجني ھدير إبنتھا الكبري . وعندما أعلنت لھا أنه ال نية لدي بالزواج صرخت بي غاضبة و ذكرتني بتاريخ جحود أمي وأبي من وجھة نظرھا .فآسرت اإلبتعاد وإكتفيت بإرسال المال لھا كل شھر . اآلن وبعد كل ھذا أقع بحب مريم التي تحاول إقناعي أن ما أشعر به ليس حبا . قررت تفقد ما تفعله مريم فوجدتھا تخرج ھاربة وھي تسحب إحدي الحقائب وكأن ھناك أشباح تطاردھا ،أخبرتھا أنني سأحضر الحقيبة األخري وكانت لدي أسباب أنانية أكثر من رغبتي لمساعدتھا . تفحصت الحجرة ونظرت للثياب المبتذلة بالخزانة المفتوحة ولكم المرض والخالعة الذي يقطن بعقل صاحبھا . 66 ذلك السادي اللعين إن كان يريد فتاة ليل فلما لم يتزوج من إحداھن ؟! لما تزوج أكثر الفتيات براءة ليدنسھا ؟! ما المتعة التي حصل عليھا من تلويث روحھا النقية بشوائب مرضه النفسي ؟ أي نشوة يحصل عليھا من إيذاء اآلخرين ؟ ھذا أمر يفوق إستيعابي ويؤذي شعوري خاصة أنه أذي مريم . حبيبتي مريم . شربنا قھوتنا وأجريت عدة إتصاالت ھاتفية بصديق شرحت له رغبة مريم ببيع الشقة وكل مابھا ليبدأ باإلجراءات . وطلبت منه إرسال من يحمل أغراضھا لشقة والديھا حيث ستقيم إلي أن تقرر ماذا ستفعل بحياتھا . كانت الساعة قد تخطت السابعة صباحا عندما قررنا الرحيل . دقت مريم علي باب جارتھا التي إندھشت فور فتحھا للباب وضمتھا إليھا وھي تصرخ " مريم ؟! حمدا أنك بخير .كدنا نموت قلقا عليك ،إعتقدت أن ذلك المجنون قد فعل بك شيئا أشد سوءا " أتت فتياتھا علي إثر صرختھا ليطمئنوا عليھا. شددت مريم قبضتھا عليھا قائلة " شكرا لكل ما فعلتوه ألجلي ،فلوالكم لكنت فقدت األمل منذ وقت طويل " مسحت السيدة عينيھا الدامعتين " لقد إعتبرتك إبنة أخري لي يامريم " " أعلم ،وأنا آسفة لفراقك " " ماذا حدث ؟ ،كيف خرجتي ؟" وآخيرا الحظت وجودي وإختلط عليھا األمر " من الجيد أنك عدت أخيرا لتنقذ أختك المسكينة من ذلك المجنون ،أتمني أن يحترق بنار الجحيم " إبتسمت لھا 67 " سأحرص علي أن يكون ھذا مكانه ،وأنا شاكر لك إھتمامك بمريم " إبتسمت مريم عندما لم أصلح إعتقاد جارتھا " إحتفظي بمفتاح شقتي فسيأتي محامي إسمه صديق ليأخذه منك وقريبا سيأتي ساكن جديدا يفتح النوافذ ويزيل الحزن الذي خيم علي الجدران " " سأفعل يا عزيزتي ،وأنا مسرورة أنك ستقيمين مع أخيك أخيرا فھو جدير بحمايتك " ھمست لھا مريم رغم أني سمعت صدي ھمسھا بين ضلوعي " ھناك الكثير من المالبس بالخزانة بإمكانك التصرف بھا كما تريدين ال أمانع إن قمتي بحرقھا رغم أني أعلم جيدا أن سارة ستكون سعيدة بجزء منھا ". شكرتھا السيدة ممتنة " ستكون شاكرة لك يا طفلتي ،فھي تشتري جھازھا اآلن ،آمل أن يكون زوجھا جيدا وإال سأحرص علي دق عنقه بنفسي " إبتسمت مريم وودعناھم وخرجنا . وھا ھي صفحة سوداء أخري قمنا بطيھا لألبد ،آن اآلن أوان البداية بكتاب جديد وردي اللون رغم أنف مريم . قمت بإيصالھا لباب منزل والديھا وفتحته لھا وأدخلت حقائبھا وودعتھا بعد أن أعطيتھا الھاتف الذي إشتريته لھا بالطريق وسجلت رقمي عليه . ثم غادرت عائدا لشقتي . رغم إرھاق اليوم إال أنني لم أستطع النوم . حاولت كثيرا وبالنھاية قررت اإلتصال بھا فإن أجابت من أول جرس فھذا جيد و إن لم تجب سأغلق سريعا فقد تكون نائمة . " أحمد " "أعشق الھمزة التي تضعيھا ببداية إسمي " عندما صمتت سألتھا " ماذا تفعلين ؟" ھمست 68 " أرتاح أخيرا " " وماذا فعلتي قبل أن ترتاحي ؟" " نظفت الشقة ،لم أستطع النوم وسط تراب عامين " " ھذا مؤسف " قالت حائرة " ماھو المؤسف ؟" " أنك لم تستعيني بخبراتي ،أنا حاصل علي جائزة أمي التقديرية بأعمال البيت " ضحكت أخيرا ضحكة صافية من قلبھا وسألتني " كيف إكتشفت قدرتك علي كتابة الشعر ؟" ضحكت " بإحدي المرات كانت أمي متوترة فصرخت بوجھي علي غير عادتھا ولم تتحمل أسئلتي الكثيرة ،فوجدت نفسي أقول لھا كسرت فؤادي بصوتك يازينبٌ وتركتني من ھول غضبك أتعذبُ ضحكت أمي وتبدد غضبھا وأمسكت يدي وخرجت ألبي قائلة " لدينا مشروع شاعر فماذا ستفعل كي تنمي موھبته ؟" ومنذ تلك اللحظة بدأ أبي بإمدادي بالكتب والدواوين أتذكر أنني كنت وقتھا بنھاية المرحلة اإلبتدائية " ضحكت مجددا " أترتجل ؟" قلت " لم أعرف اإلرتجال إال عندما قابلتك ،لكن إعترفي أنت تحبين شعري " 69 " أنا أحب الشعر بشكل عام وشعرك مميز لكن ال أحب أن أكون موضوعه " " كاذبة " صمتت فقلت " أقسم باo قلبي أصيب بعشق الحبيب فيا ويحتاه عرق الجبين إرتعاش األناﻣل عطش الشفاه ھاتي شفاھك أرتشف ﻣنھا طعم الحياة " " أحمد " " نعم " " كف عن ھذا " " ﻣغرورتي إنسي الغرور تصدقا وتكرﻣي إني أري نار الھوي تنير ليال ﻣعتمي " " لست مغرورة " قلت مغيظا لھا " لماذا تشعرين أن الكلمات لك ؟" " ألنك تقولھا بأذني " ضحكت " ال ،كلماتي ليست لك " تنھدت فأكملت 70 " كلماتي لقلبك " " أنت ال تطاق " " إذن دعيني أخبرك الحقيقة دون تكلف " " وأيم الحب وأيم تلعثمي إني أري نار الھوي تنير ليال ﻣعتم إني أري شوقا إل َي في إرتعاش األعظم إستسلمي" شعرت بإرتجافھا حقا وھي تقول " لن أفعل " فتابعت " إستسلمي وتقدﻣي ترياق ﻣرضك في فمي " قالت بنزق " إصمت " فتابعت " ﻣغرورتي لن أرضي ﻣن غيرك األبناء ولتعلم لك إن عطشت ﻣن شفاھي الماء وإذا عريت سأحتويكي بأضلعي أنا إن عريت رداء 71 ﻣغرورتي تقدﻣي ال تھجري إن جفت األنھار ﻣلكك أنھري فعانقيني تنفسيني لتحتمي سأواجه اآلالم كي ال تتألمي ال تحسبيني ﻣبالغا فالحسن يعني ﻣريم " سمعت إنفجار بكائھا قبل أن تغلق الھاتف حاولت اإلتصال بھا مجددا فرفضت أن تجيب . كانت مريم بحاجة لحديثي لمشاعري لحبي كي تواجه مخاوفھا وقلقھا كي تسمح لقلبھا أن يحب أن يحيي . *** 72 ﻣريم كل كلمة نطق بھا كانت تنزع جزءا فاسدا من نفسي وتلقيه بعيدا كنت خائفة وحزينة وقلبي قد طاله الحزن بالسواد لما ال يتركني كما أنا؟! لما يحاول أن يعطيني سببا للحياة مجددا ؟ أنا خائفة . بل مرعوبة . أخشي أن يتم إيذائي . ليس بنفس الطريقة السابقة . أحمد ال يشبه ھشام بشيئ أخاف أن أسمح لنفسي بالحلم . أخاف أن أسقط مجددا وھذه المرة لن أستطيع النھوض . ستكون النھاية . لقد كسبت أحمد كصديق . كأخ . كأب . أخشي أن أسمح له بالولوج أكثر فأخسره . لست الفتاة التي يستحق أن يعيش معھا . أنا رماد إمرأة . لما عليه ربط نفسه بي وبآالمي ومشاكلي؟! أخشي إن حاول أن يسحبني للضوء فأقوده أنا للظالم . أحمد يستحق األفضل . وأنا لست األفضل . 73 لن أستسلم . سيمل بعد فترة ويفقد األمل بي ويعود لحياته الطبيعية لعمله . لعائلته . أنا أكذب . أنا ال أحارب نفسي . أنا أحارب أحمد . أحارب كلماته التي تجلي قلبي. أحارب مشاعره التي تنير حياتي . أنا أحارب الحياة مجددا لكن أليست ھذه حماقة؟ ! أن أحارب الحياة التي كنت أدعو ﷲ أن يمنحني إياھا . أنا مشوشة حائرة عقلي يكاد ينفجر وقلبي ينبض بجنون ليس خوفا بل ترقبا شغفا أنا مجنونة . أنا أشعر بالنعاس . *** 74 الرجل الذي فقد قلبه ھل يدق أحدھم رأسي ؟ ال إنه الباب كم الساعة؟ العاشرة ألم تكن العاشرة منذ قليل ؟ ياغبية كان ھذا ليال إننا بالصباح اآلن . ھل نمت كل ھذا؟ توقفت عن الحديث مع نفسي عندما أدركت أن دقات الباب لم تتوقف نھضت وخرجت وفتحت باب الشقة ألجد أحمد . تأملته بنطاال من الجينز وقميصا أبيضا ذقن غير حليقة إعتاد علي تركھا ھكذا وإستمر بتھذيبھا من وقت آلخر نظارته ذات اإلطار األسود ووجه األسمر الذي يبدو كمن لوحته الشمس قطب حاجبيه وھو يتأمني قائال " إن أغلقتي الھاتف بوجھي مجددا دون أن ننھي حديثنا فستجديني أمامك بعد بضعة دقائق .منعت نفسي بصعوبة األمس أن أحضر إليك ،لكن ھذا لن يحدث مجددا .ھل فھمت ؟ أومأت موافقة فقال " تبدين شھية بالصباح ،لم أعرف فتاة تبدو أجمل بعد البكاء غيرك ". 75 إبتسمت ثم ضحكت " أنت كاذب " إقترب مني أكثر وقال " إنظري بعيني وسترين نفسك كما أراھا . فتاة جميلة مشعسة الشعر عينيھا المنتفختين من البكاء وقلة النوم رائعتا الجمال ،تركت وسادتھا علي وجھھا عالمات ماكنت ستحدث لو وافقت علي الزواج بي ونامت علي صدري" قلت له غاضبة " أحمد " " قولوا لھا أحمد أصابه عشقھا إحضروا الفستان ھيئوا العمدان عندي وعندھا أنا لن أنام حتي أقبل خدھا " عجزت عن الحديث ،عن الغضب ،وعن طرده وإن صارحت نفسي حقا وقلت الحقيقة فقد أسعدني كالمه لكني لن أفعل . " إخبرني مجددا لماذا أتيت إلي ھنا ؟" إبتسم " ألصطحبك معي" " إلي أين ؟" " ألريك شقة جيدة لتشتريھا " " لكني لم أقرر بعد ھل سأظل بمصر أم أغادر مع حسن " قال نافذ الصبر " أنا قررت عنك ،لن تغادري مصر " غضبت 76 " ومن سمح لك أن تقرر عني ؟" " أنت " قلت مندھشة " أنا ؟!" " أجل ،لكن دعيني أخبرك بطريقة أخري ،تلك الطريقة التي كنت سأسلكھا لولم تنفجري غاضبة بوجھي . أنت لن تذھبي مع حسن أللمانيا ألنك تعلمين جيدا أنه سينصب نفسه مسئوال عنك وسيقضي الكثير من الوقت باإلھتمام بك والترويح عنك ،ذلك الوقت ھو الوحيد المتبقي له بعد عمله والذي يجب أن يبحث فيه عن النصف اآلخر من روحه .أنت ستشعرين بعد فترة أنك عبئا عليه وأنك تعوقينه عن تحقيق أحالمه .وستبدئين بلوم نفسك وقد تفكرين العودة للقاھرة وسيحزنه ھذا ألنه قد عود نفسه علي وجودك .لذا أنت ستتفادين حدوث كل ھذا وستبقين بمصر وتشترين لك مكانا خاصا وتبدئين بعمل جديد وأعتقد أنك ناضجة كفاية لتفعلي ھذا وحدك ". وضعت يدي علي رأسي وأنا أعلم جيدا أنه محق . وأن كالمه صحيح لدرجة لعينة . قلت له " ھال منحتني عشر دقائق ،أبدل مالبسي وأحضر معك ،لكن قبل أن نكمل حديثنا سأشرب قھوة ألنني حقا عاجزة عن إستيعاب كل ھذا ". إبتسم أخيرا " سأنتظرك بالسيارة " *** 77 توقفنا أمام مبني شاھق فقلت مندھشة "ھل الشقة ھنا ؟" أومأ موافقا "ال بد أن السكن ھنا سيكلف الكثير وال أعتقد أن نقود بيع شقتي ستغطي تكاليف شقة بھذا المبني الفخم" " ھال كففت عن القلق لنري الشقة أوال " أومأ لحارس العقار مبتسما ثم دخلنا المصعد وضغط علي رقم الطابق الثامن . سرنا برواق طويل ،يبدو أن ھذا الطابق تصميمه يختلف عن األخرين فھو يضم شقتين فقط بخالف باقي طوابق المبني . فتح باب الشقة ودخلنا . كانت تضم بھو واسع يحوي مطبخا ثم ممر ضيق يضم ثالث غرف وحمام .نظرت إليه غير مصدقة . أنھا رائعة ومساحتھا كبيرة جدا لشخص واحد . كانت جدرانھا بيضاء وأرضيتھا خشبية المعة وشرفاتھا كبيرة وموقعھا يسمح بولوج الشمس بھا فال تحتاج إلضاءة نھارا . كان ينتظر رأيي فقلت " ممتازة ،لكن " ... أشار لي ألصمت ثم أخرج الھاتف وأجري مكالمة لم يقل بھا سوي كلمة واحدة " نفذ" سألته وأجاب " لقد أعجبتك وستصبح لك ،صديق يجھز عقدھا اآلن " " أنت مجنون ،لن أشتريھا بالطبع ،فھذا عبث ،أحتاج لمكان أصغر وليكن بمنطقة أخري ك".... " مريم " " نعم" 78 " لقد تم األمر ،الشيئ الوحيد الذي عليك فعله اآلن ھو أن ترينا مھارتك بالديكور ،لقد أصبحت ملكك بموجب التوكيل الذي قمت بتوقيعه لصديق منذ فترة طويلة ،اآلن عليك أن تضعي بصمتك عليھا وتتركين بھا جزءا من نفسك ،الحارس بأسفل العقار لديه أوامر بخدمتك ،سأترك لك رقمه وعليك فقط اإلتصال به ليحضر لك كل ما تريدين ويشمل ھذا العمال الذين سينقلون أغراضك والذين سيعملون بالشقة ،وسأترك لك رقمي ورقم صديق أيضا " " لما تحدثني وكأنك ستسافر ؟" ضغط علي أسنانه قائال " ألنني سأفعل ،أحتاج للسفر ألنھي بعض المشكالت ". عندما بدا القلق علي وجھي ولمعت عيوني بالدموع أمسك يدي " لن أتأخر ،سأحدثك كل يوم .وباليوم أكثر من مرة . ثم إن كنت تحبيني ھكذا فعليك اإلعتراف حاال وسألغي سفري وأبقي بجوارك " سحبت يدي من يده وأدرت له ظھري وأنا أضغط بأسناني علي شفاھي " سأنتظرك ،فال تتأخر " تنھد " حسنا ،لن أتأخر. مريم" . إلتفت إليه " نعم " "تزوجيني " " مزاحك سيئ" " أنا ال أمزح ،أنا أطلب منك أن تكوني زوجتي" كان قلبي يقرع بجنون وضعت يدي عليه " أنت ..تريد الزواج بي ؟" إقترب " ھذا ما قلته بالظبط " " لكن أنا ال أصلح لك .أنا حطام أنثي" 79 أشار بيده " ال تتفوھي بالحماقات ،أنت أنثي كاملة ،بك كل مايتمناه رجل . من الصعب أن تجمع أنثي بين ذكاء العقل وروعة الشخصية وجمال الجسد ،أنت عملة نادرة يامريم " أدرت له ظھري أخشي أن يثبر غور عيني " أنا لست كما كنت من قبل يا أحمد ،ھل ترغب بالزواج من إمرأة تخاف لمستك ،ترتعب من ".... أرتجفت شفتاي فتابع ھو متسائال " العالقة الحميمة ؟" سالت دمعة علي وجھي فدار حولي ووقف أمامي ومسحھا ورفع وجھي ونظر بعيني قائال " إنظري إل َي" نظرت " سأصبر يا مريم ،لن أجبرك علي فعل ما ال تريدينه ،أنا لست وحشا ،أعلم أنك تأذيت كثيرا وأثق أنني الوحيد القادر علي مساعدتك " ھمست " لماذا؟" " ألنني أحبك " إبتعدت " ال يمكن لھذا أن يحدث " " لكنه حدث ،أنا واثق من مشاعري تجاھك ولن أتخلي عنك ألي سبب ولن أرضي بالرفض إجابة لسؤالي ،سأعرض عليك الزواج كل يوم إلي أن توافقي " . تنھدت ونظرت من الشرفة شعرت أنني بحاجة للتنفس "تزوجيني " " ال " " ستفعلين " *** 80 غزو الورود سافر أحمد ومازالت كلماته تتردد بأذني كنت قد بدأت بإعداد الشقة فأشتريت طالءا وقررت أن أطليھا بنفسي . سمعت جرس الباب ففتحت وجدت باقة كبيرة من الورود مرسلة لي إستلمتھا كانت رائعة تتوسطھا بطاقة كبيرة فتحتھا وقرأت " رﻣاني رصاص الھوي ﻣعلنا قتل السالم أحببت أنثي وطھرھا يمحو اآلثام لكنھا ال تعرف اإلكرام في اإلسالم ضنت عل َي بقربھا والبعد يقتل عاشقا بغرام " يا كلماته تزلزلني ،تفجر براكين القسوة بي ،تنسف جبال العند . تقتل رغبتي بالمقاومة . تنھدت وعدت لمزج األلون ألبدأ بطالء غرفة النوم الرئيسية 81 قررت أن أخصص غرفة للمطالعة سأضع بھا مكتبة كبيرة ألكرم بھا كتبي بعد سوء التقدير الذي القته بالعامين السابقين ومكتب أضع عليه حاسبي وركنا للصالة وأريكة مريحة ومقعدا ھزازا . كل أحالم المراھقة سأضعھا بھذه الغرفة . بنھاية اليوم كنت قد إنتھيت من طالء كل الغرف ولم يبقي إال البھو الفسيح قررت زخرفة جدرانه بأشكال غريبة مستعينة بأدوات أراني البائع بالمتجر كيف أستخدمھا وحدي . لكنني كنت جائعة وملطخة بالدھان وليست لدي أي رغبة بالطھي . طلبت طعاما سريعا وغلست وجھي ويداي وجھزت المال ثم سمعت صوت الجرس فتنھدت ،وصل طعامي أخيرا . فتحت الباب ألجد باقة أخري يا ألم تستسلم بعد يا أحمد ؟! إستلمت الورد وقبل أن أغلق الباب رأيت طعامي قد أتي أخيرا . جلست علي األرض وسط الزھور التي مألت الشقة وبدأت بتناول الطعام كان لدي فضول ألري ماذا كتب لي لكن جوعي كان أقوي من فضولي فمعذرة يا أحمد . سحبت البطاقة " قد تنسي تحبيني لكني ﻣحب ال أنسي تالقينا وإن أخطأت سيدتي فمعذور وعذري بعد أيدينا " 82 يا لقد أوشكت قصائده أن تصبح ديوانا . ديوان ! يالھا من فكرة سأفاجئه بھذا األمر . لكن عل َي أوال أن أتصرف بھذه الورود التي أصبحت بكل زاوية من شقتي إتصلت بحارس المبني وطلبت منه أن يرسل أحدا ليأخذ باقات الزھور ويعيد إرسالھا للمشفي القريب من المبني إلي غرف سأخبره بأرقامھا. إخترت عدة أرقام كانت لھا ذكري جيدة لدي . يوم ميالد أبي . يوم حصول حسن علي الدكتوراه يوم لقائي بأحمد ويوم حصولي علي حريتي مجددا . أنھيت طالء الشقة بعد منتصف الليل علي أنغام أغنية سيرة الحب تلك األغنية التي كان يحب أبي سماعھا عندما يكون علي خالف مع أمي ليغيظھا فقط . حصلت علي حمام دافئ وإفترشت األرض ونمت وأنا أستمع إليھا . ولم أنتبه للھاتف الذي لم يتوقف عن الرنين وال للرسائل التي إمتألت بھا شاشته وال لبطاريته التي فرغت بعد دقائق . *** 83 اليوم التالي كان مشحونا بالتسوق فلقد مررت علي أكثر من متجر وإخترت أغراضا وطلبت شحنھا لشقتي بنھاية اليوم . عندما عدت للشقة لم أكد ألتقط أنفاسي حتي وجدت األغراض قد وصلت واحدة تلو األخري . أشرت للحمالين علي مكان وضع كل قطعة من األثاث وراقبت حلمي يكتمل . لقد أصبح لدي بيتا خاصا بي كان يراودني إحساس عجيب كلما وضعت لمسة جديدة بالشقة كنت أشعر كمن قام بإنجاز . شعرت بالسعادة ألول مرة منذ عامين . ووضعت ھاتفي كي يشحن و إكتشفت بعدھا أن أحمد كان قلقا لحد لعين فإتصلت به لكنه لم يجب البد أنه بإجتماع ما .لذا إتصلت بالماركت القريب وطلبت قائمة باألغراض التي تنقصني . ثم بدأت بترتيب مالبسي بالخزانة تالھا ترتيب الكتب وتصنيفھا بالمكتبة الجديدة التي إخترتھا . إستلمت مشترياتي وعدت لمتابعة العمل بالمكتبة . رن جرس الباب فإتجھت إليه كان أحمد يقف مستندا علي الباب بذقن غير مھذبة وشعر أشعس ووجه مرھق نظر إلي طويال وھمس " تبا لك " مددت له يدي فأمسكھا بشدة وقال لي " إفتقدتك حد الموت كدت أجن قلقا عليك سأقتلك لذلك . لوال إتصالي بحارس األمن الذي طمئنني عليك لكنت قطعت رحلتي وأتيت إليك " فتحت الباب أكثر وھمست " إفتقدك أيضا " تنھد 84 " أنا متعب إلي حد لعين ،لم أنم منذ يومين سأخذ قسطا من الراحة وأعود كي أستطيع التشاجر معك فال طاقة لي اآلن لذلك " ترك يدي وقال لي " سأنام لساعتين فقط ،إتصلي بي بعدھا لنأكل شيئا " غادر باتجاه الباب المقابل فسألته " إلي أين تتجه ؟" " نسيت إخبارك أنني جارك ،أسكن بالشقة المقابلة " حمل الحقيبة الصغيرة التي تركھا بجوار الباب ودخل شقته . جاري ؟ ياله من مجنون . ھل أقنعني بشراء الشقة كي أبقي قربه طوال الوقت ؟ أغلقت الباب ودخلت كي أعد شيئا نأكله عندما يستيقظ . *** 85 حضر أحمد بعد ساعتين ونصف كان شعره مازال رطبا ورائحة عطره تفرض سيطرتھا علي الغرفة . جلسنا نتناول العشاء ثم طرح عل َي سؤاال جعلني أرفع وجھي عن طبقي مندھشة " متي تنوين الحصول علي وظيفة ؟" " قريبا ،كنت سأبدأ البحث منذ الغد ،كيف عرفت ما أفكر به ؟" " لدي وظيفة لك " " أحمد ،لقد فعلت الكثير من أجلي ولست مجبرا علي توظيفي أيضا " " مريم " أعلنت غاضبة " أنا أكره إسم مريم ،بكل مرة أسمعه يقشعر بدني ،ال أسمع صوت من يناديني بل صوت ھشام فقط " ربت علي يدي " إھدئي، لنبحث لك عن إسم جديد " نظرت له مندھشة فتابع " إن كان إسم مريم يضايقك فلن أناديك به ،سنختار لك إسما جديدا يعجبك وسيناديك الجميع به " " إسم جديد؟! " لمعت عينيه وقال مبتسما " ورد " " ورد؟" إبتسمت فمازالت رائحة الورود التي أرسلھا تسكن بالبيت وقد قھرت رائحة الطالء ،أعجبني اإلسم بالفعل " ورد مصطفي " 86 ھز رأسه نافيا " ورد الشرقاوي " " أختك ؟" إتسعت إبتسامته " بل زوجتي " " يوﻣا ﻣا ستتزوجيني وسيصبح حضني فرضا ركنا راسخا ﻣن أركان الدين وستعلنين للعالم إيمانك وتنضمين لدين العاشقين " . أدرت وجھي الذي إحمر خجال " أعجبني اإلسم ،أقبله بكل سرور " ضحك " رحمة ﷲ عليك يا أمي ،لم يكذب فنجانك قط " قلت حائرة " ال أفھمك " "يوما ما سأحكي لك ،اآلن إصطحبيني بجولة ألري ما فعلته بشقتك ثم أغادر وسأمر عليك بالثامنة لنذھب للعمل سويا " *** 87 أدخلني أحمد مكتبا ملحقا بمكتبه قائال " ستتشاركين ھذا المكتب مع زميل آخر يدعي نادر سيريك ما يجب عليك عمله " نظر لنادر وھو شاب قصير رفيع ال تفارق اإلبتسامة وجھه " نادر ،ھذه ورد الشرقاوي ستتحمل عنك عبء العمل ليتسني لك اإلستمتاع بإجازة طويلة دون مقاطعة " نظر إلي َ وتابع كنت مبتسمة ألنه تذكر اإلسم الجديد " نادر يستزوج قريبا ،خطيبته تعمل معنا أيضا " أومأت له " مبارك عليك " " كل أوراق ورد أنا المسئول عنھا وال أرغب بأن تتعرض لإلزعاج ،إخبر الجميع أنھا فردا من عائلتي " نظر لي قائال " يمكنك الحضور إل َي عندما ترغبين " غادر وتركني مع نادر الذي بدأ يشرح لي عملي مبتسما ،كنت أتلقي كل معلومة كما تتشرب اإلسفنجة الماء ،كما أن نادرا مرحا يسھل التعامل معه. بعد بضعة أيام أصبحت ملمة بكل ما مھام وظيفتي . كنت أراجع دراسة الجدوي للمشروع الجديد عندما وصلت باقة كبيرة من الورود الزرقاء التي أعشقھا مرفقة ببطاقة مكتوب عليھا بخطه الذي بت أعرفه جيدا قرأت أبياته 88 " ﻣسحور أنا وأنت ساحرتي ﻣفتون حائر أرتشف العشق وأنت فاتنتي إن جائني الشرطي وكنت ﻣقتوال فأنت قاتلتي " دخل المكتب وتابع بصوته األجش "سيدتي ال تھجريني ،إستوطنيني فأنا وطن فرض عليك تحبيني " حاولت إخفاء إبتسامتي " أنت ال تطاق " ضحك وتابع "أنت المالذ ،حصن علي أحدث طراز فإحضنيني " "أحمد ،إنت لم تخرج اآلن فسأرميك بماء بارد كي تستيقظ من غفوتك ھذه " ضحك " إن أﻣطرت ،إن أثلجت ،عانقيني " أمسكت كوب الماء فرفع يداه مسلسلما وھو يغادر 89 "لدي إجتماع بعد عشر دقائق قد أذھب إليھم وطالء شفاھك يلطخ قميصي ،لكن مياه باردة سيكون ھذا قاسيا " إسترخيت علي مقعدي غير قادرة علي إزالة اإلبتسامة عن وجھي . فلم أعرف الضحك إال عندما إقتحم حياتي . *** 90 أعلنت إستسالﻣي كنت أجري مع حسن كل يوم محادثة فيديو ،كانت تشبه جلسات العالج النفسي . سألني عن كل ما حدث معي ،كان يخلصني من مرضي وحيرتي ،حدثته عن أحمد عن إحساسي تجاھه عن مخاوفي عما فعله معي كي يساعدني . وعن رغبته بالزواج بي . كلما تحدثت أكثر ،كلما شعرت بالراحة أكثر . حسن أيضا أصبح يناديني ورد . فقد أعجبه اإلسم وأعجبه إقتراح أحمد بأن نخلق ذكريات جديدة أكثر بھجة. لكنه من وقت آلخر كان يناديني مريم ،ليس سھوا بل لھدف بنفسه . كي يثير لدي مشاعر معينة . كنت أعلم أنه اليريدني أن أھرب من ذكرياتي ألنھا ستظل تطاردني . بل يريد مني أن أواجھھا وأنتصر عليھا وأتخطاھا ثم أصنع غيرھا أكثر بھجة . أنا أيضا أردت ما أراده حسن ،لكن التنفيذ حقا يصعب عن القول . لم أكن أعلم أن أحمد أيضا يحدث حسن إال عندما أخبرني بنفسه . أخبرني أنه معجب كثيرا بعقلية أخي وأنھما سيصبحان صديقان جيدان . باأليام األخيرة بدأ بالضغط عل َي كثيرا كي أفكر بأمر الزواج . 91 كثف زھوره وھداياه وقصائده أصبح كل من بالشركة يعلم بأمرنا . بدأت تصل إلي رسائل مجھولة تتوسلني كي أقبل تخبرني أنني إن رفضت ھدية السماء فستكف عن إرسال المزيد من الھدايا إكتشفت شيئا مفزعا . " أنا أحب أحمد " رددتھا بصوت مرتفع غير مصدقة " أنا أحب أحمد " سمعت صوته الذي حرك قلبي بضعة سنتيمترات عن موضعه " وأحمد يعشقك " إلتفت إليه وقد لون الحياء وجھي قرع قلبي كعازف قد فقد صوابه فقال لي "تزوجيني " " إحلق لحيتك" " سأزيلھا ،قد أزيل ثيابي أيضا إن أردت " لكزته بفكه فإنفجر ضاحكا " يا ،أخيرا ياورد .سأزف الخبر السعيد لحسن وسنعقد قراننا يوم وصوله وسأصنع لك زفاف مبھج " " أحمد ،ال أرغب بفستان أبيض" قطب حاجبيه قائال " من تحدث عن األبيض ؟ برأسي أفكارا أخري أكثر جنونا . ال أريد سوي موافقتك وقد حصلت عليھا أخيرا ،إتركي األمر لي ولن أخذلك " *** 92 المفاجأة اليوم موعد وصول حسن ،طائرته قادمة الساعة السادسة مساءا ، أحمد أخبرني أننا سنذھب إلستقباله معا لكنه غائبا منذ الصباح .ال أعلم أين ھو وال أحدا آخر يعرف ،بدأت أشعر بالقلق ،إتصلت به علي ھاتفه لكنني سمعت رنينه بالمكتب يبدو أنه قد تركه . بالساعة الثالثة وصلني طرد كبير فتحته ألجد فستانا ذھبيا رائع الجمال وصورة فوتوغرافية لفتاة تشبھني وترتدي نسخة عن نفس الفستان وعلي ظھر الصورة كتب " كوني مثلھا ،سأقضي الوقت في البحث عن اإلختالفات بينكما " لم أستطع أن ألتقط مزحته لكنني سحبت الفستان من الصندوق ألجد أسفله حذائا وعلبة صغيرة تضم مستحضرات تجميل وعطر . دخلت حمام مكتبي وإرتديت الفستان وجمعت شعري كما وضحت الصورة وبدأت بوضع زينتي . عندما أوشكت علي اإلنتھاء سمعت صوت جلبة بالخارج . وضعت العطر وخرجت . كان أحمدا يقف أمامي مرتديا حلته السوداء ،حليق الذقن .يخفي شيئا ما خلف ظھره . تأملني قليال ثم تقدم ووضع إكليال صغيرا من الزھور علي رأسي قائال " ھذا ھو الفارق الوحيد بينك وبين الفتاة التي تخيلتھا ، أنك أنت أميرتي " 93 مد لي يده فوضعت يدي بھا ثم خرجنا من المكتب ألكتشف الرواق الذي زينته الزھور واإلضاءة ووقف به كل موظفين الشركة إخترق الصفوف صديق ،أفسحوا له مجاال ليخرج ثم وقف بالزاوية علي اليمين ألكتشف أنه يخفي خلفه حسن " حسن " لم أعرف من منا ذھب لآلخر ،كل ما أعرفه أنني سكنت ذراعيه ربت علي ظھري " صغيرتي " ضغط أحمد علي أسنانه قائال " ھذا يكفي يا حسن ،إرفع يدك عن زوجتي " ضحك حسن وأبعدني قائال " لن تكون لك إال بموافقتي " بالدقائق التالية وجدت نفسي أجلس علي مقعد مقابل لھم أراقبھم وھم ينھون إجراءت عقد زواجي . لثوان ھاجمتني ذكريات سيئة إلي أن أخرجني منھا أحمد بقبلة علي رأسي وھمس بأذني ھاتي الحبال وقيدينا وكتفي كي نقترب كي نحتضن كي تعرفي إن لست أنت فمن سواك سأصطفي " إبتسمت " سيسمعك أحدا ما " وقف أمامي وأمسك يدي وقال بصوت مرتفع ليسمعه الجميع 94 " أنت التي روضتني بحسنھا المتلطف ال تحسبوني ﻣبالغا أنا إن قربت رحابھا أتوضأ فجمالھا طھر كطھر المصحف ﻣتصوف قد صرت أھوي عينھا ﻣھما تراني رأيتھا ال أكتفي " تعالت أصوات الھتافات و التصفيق والصفير والضحكات فقبل أحمد يدي قائال " كتبت لك قصيدة أخري لكنني أخشي أن يسمعھا أحد المتلصصين ھنا " إقترب صديق قائال " ھل نادي أحد عل َي؟" غمز لي أحمد " ألم أخبرك ؟ يرغب الجميع بمعرفة الحوار الدائر بين العريس وعروسه وغالبا يقول لھا " دعينا نبتسم ونھمس لنغيظ ھؤالء الحمقي " أضحكتنا مزحته ونادي أحد علي صديق فإنتھز أحمد الفرصة قائال " دعينا نھرب " قلت مندھشة " نھرب ؟!" " أجل ،سنغادر دون أن يشعر بنا أحد " " وحسن؟" 95 " أعطيته مفتاح شقتي ليستريح بھا ،لقد جعلته يقدم ميعاد سفره ولم ينم منذ األمس لذا قد ھرب قبلنا " إبتسمت وأعطيته يدي " ھيا بنا " *** 96 دخلت الشقة فأدھشني ما بھا ،اإلضاءة الساحرة والزھور المنسقة بكل زاوية ،والموسيقي الرائعة والعشاء الشھي. نظرت إليه " لقد جعلت نادر يسرق مفتاحك بالصباح وأمدني حسن بأفكاره النيرة " ھمست " شكرا لك " " عالم؟" " علي كل شيئ " " لدي ھدية لك " قالھا كل منا بنفس اللحظة فضحكنا ثم قلت له " أنت أوال " أخرج علبة صغيرة من جيبه وفتحھا ووضع بإصبعي خاتما فضيا رائعا يضم حجرا أخضر اللون يميل للزرقة "كان ھذا ألمي ،أھدتني إياه كي أھديه لورد ،أمي كانت تعرف أنك ستظھرين بحياتي كي تنيريھا " مسح الدمعة التي سالت من عيني قائال " أين ھديتي ؟" " إنتظرني لثوان " دخلت لحجرتي سريعا وأحضرت الصندوق من الخزانة . وأنا أغلقھا رأيت فتاة جميلة سعيدة أمامي نظرت لھا لثوان قبل أن أكتشف أنني أنظر لنفسي بالمرآة . أنا لم أعرفني ألن أحمد حولني إلنسانة أخري أفضل . خرجت إليه ووضعت الصندوق بيده . 97 جلس علي األريكة وفتح الصندوق ثم أخرج منھا لفافة ،فض زينتھا ثم صرخ مندھشا " لم تفعلي" " فعلت " تأمل غالف الديوان الذي كان يحمل صورة مرسومة بالرصاص لوجھه بنظارته ذات اإلطار األسود ولحيته المھذبة والعنوان الذي توسطه " رسائلي إلي ورد " فتح الكتاب وتصفحه ليجد كل القصائد التي أرسلھا لي والتي إرتجلھا أمامي منذ لقائنا قلت له " تنقصھا قصيدة اليوم " تراقصت الفرحة بعينيه "متي فعلت ھذا ؟" " كنت أسجل قصائدك أوال بأول علي حاسبي ،إستعنت ببطاقات الزھور وبذاكرتي ،أنا أعشق كلماتك يا أحمد " نظر لعيني " وأنا أعشقك أنت " لمعت عينيه بالدموع " أنت مرھف الحس كثيرا ،أنت تشبه أبي " " حسنا ،ال تخبري أحدا بھذا ،أنت فقط لديك تأثير عجيب عل ًي" إبتسمت " ورد؟" " نعم " 98 " عانقيني بجوار قلبك إزرعيني بين ذراعيك إحصديني عانقيني ﻣزقي زيف الثياب وإخلعي سجن الرداء وإنھضي قرب الشفاة نلتھم شھد المساء بإختصار قبليني إجمعي دقات قلبك وإصنعي ﻣنھا تاج وتوجيني ﻣزقيني رتبي تفاصيل وجھي كي أشبھك وتشبھيني " شعرت كأن أحدھم يضع الكلمات بفمي فقلت له " أخاف أن يسحبنا الموج لعرض بحر وأتوه ﻣنك فمن في خوفي سيواسيني ؟" نظر إلي مندھشا ثم تابع " أشتھي في صحاري الحب ﻣاء ﻣن شفاھك " أعجبتني اللعبة فقلت " قد أﻣوت إليك شوقا لكنني بإشباع ظمأك لن أشارك " ضحك حتي دمعت عينيه ثم تابع 99 " إن ظمأت فأنت ظمأي إن عريت سأرتديك وقت حضن كالرداء عانقيني تحلقي مثل الطيور بالسماء " قضمت شفاھي وتابعت " يال الدھاء أتعتقد أنھم قد وصفوا شفاھك ترياقا لدائي ؟ تصم أذنك عن أنيني وال تكف عن ترديد عانقيني عانقيني عانقيني " فتح ذراعيه لي قائال " عانقيني " عندما سمحت لرأسي أن ترتاح علي كتفه ھمس بأذني " اليوم إرتجلنا قصيدتنا األولي معا " ضحكت " أنا ال أجيد كتابة الشعر " قال مغيظا " أعلم ،ال تعرفين الوزن وال القافية لكن لديك إحساس جيد ،أنا ال أريدك أن تكتبي الشعر أنا أريدك أن تكوني ملھمتي الوحيدة " "أحمد " " نعم " " أنا أريد أن أتناول العشاء ،فلقد فوت الغداء بسببك " أبعدني وضغط علي أسنانه قائال " تبا لك " ضحكت 100 فضحك " الحقيقة أنني أيضا أكاد أموت جوعا" *** 101 من الصعب أن تجد أحد يحاول إرضائك بكافة الطرق حتي ولو علي حساب نفسه . ھشام رغم أنه حالة شاذة بمجتمعنا إال أنه إستطاع أن يجعلني أخشي كل الرجال . أحمد يثبت لي يوما بعد يوم المعني الحقيقي للرجوله . أن تكون رجال تختلف كليا عن أن تكون ذكرا . الرجولة ال تعني الھدايا وقول األشعار بل تعني أن تراعي مشاعر غيرك وظروفھم ،أن تساندھم وتساعدھم إن كنت تستطيع . المساعدة ال تعني المال فقط كما يفھمھا الجميع المساعدة قد تكون بمحاولتك التخفيف عن آالم أحد عزيز عليك بالحديث معه بمحاولة إضحاكه ،أن تكون مھرجا لشحص تحبه بوقت ضيقه ال يقلل من كرامتك بل يرفع من قيمتك لديه . أن تمنح اآلمان لشخص يقتله الخوف لھو أعظم من كل ھدايا الدنيا . أحمد منحني اآلمان . صبر كثيرا علي أشياء ما كان سيصبر عليھا غيره . أحمد يحبني وحين تحب أحدا فأنت تمنحه جزءا من روحك ،بل تمنحه نفسك . أنا لم أستطع أن أمنح أحمد نفسي . إلي اآلن قدمت له الفتات ولم يعترض لم يصرخ مطالبا بالمزيد . بل منح دون أن ينتظر المقابل . بليلة زفافنا إكتفي بالنوم بجواري . كنت أعتقد أنني لن أستطيع النوم أن الكوابيس التي كانت تطاردني ليال ستھاجمني كالعادة وقد أخيفه أو يؤذيه ألمي . 102 لكنني وعلي عكس كل ظنوني نمت قريرة العين وفتحت عيني بالصباح ألجد نفسي بين ذراعيه فأجفلت تمتمت معتذرة " آسفة ...لقد "... ضحك قائال " نسيت أنك تزوجتي ،قد يحدث ھذا لبعض الناس باليوم األول من زواجھم " قضمت شفاھي وعلت الحمرة وجھي ونظرت له الئمة فقال مازحا " أنت بالجانب الخاص بي من الفراش وھذا يعني أنك سعيت إل َي بحثا عن الدفء وليس العكس " ضربته علي كتفه " يالك من لئيم " " مازال الوقت مبكرا وبما أنه ال عمل لدينا فلما ال ننام مجددا وأعدك بعدھا بإفطار جيد سأعده لك إن ظللت نائمة بين ذراع َي ". غرست وجھي بالوسادة فتمتم بصوت ناعس " زوجتي الخجولة الجميلة " *** 103 الوجه القبيح يطل ﻣجددا عدنا للعمل مجددا ومازال أحمد محتفظا بوعده لي ،بدأت لمساته تصبح مألوفة لي . بدأت أشعر باألمان بوجوده . بدأ مزاجي يحتد عندما يكون بعيدا. لكن حدث شيئا عكر صفو حياتي من جديد كنت أشعر أن سعادتي لن تكتمل. لقد أطل الماضي بوجھه القبيح مجددا . كان أحمد بالمطبخ يعد لنا عشاء خفيفا ،رفض أن أساعده فجلست أنتظره وأنا أقرأ . رن الھاتف فأخبرته أنني سأجيب حينما رفعت السماعة سمعت صوت ھشام يحدثني كان يشبح فحيح األفاعي . قال لي بلھجته الحقيرة وألفاظه البذيئة "مريم ،الساقطة الصغيرة . ھربتي من بين ذراعي لترتمي سريعا بين ذراعي رجل آخر ال تعتقدي أنني سأتركك بين ذراعيه طويال ،قريبا سأخلصك منه . البد أنك إشتقت إل َي . لكن دعيني أحذرك قبل أن تفتحي له ساقيك مجددا تأكدي أوال أنه فتح لك قلبه . ال أعتقد أن ھناك رجال سيحبك كما أفعل . حبنا مميز " 104 سألني أحمد " حبيبتي ،من علي الھاتف " عاد الصوت للفحيح مجددا " إتلو عليه إحدي كذباتك وإال أسرعت بتنفيذ خطتي إلنتزاع قلبه سريعا " قلت " إنه رقما خاطئ " سمعت صوته يقول " أحسنت ،سأحدثك مجددا ،إن أخبرته بأمري فال تلومي إال نفسك " إقترب مني أحمد وسحب الھاتف من يدي ووضعه علي أذنه فلم يسمع شيئا فأعاده لموضعه وسحب يدي للطاولة لكنه توقف بنصف الطريق وأعاد النظر إل َي " يدك باردة ووجھك شاحب ،ھل أنت بخير ؟ " أومأت له وجلست وأنا أفكر بكالم الحقير ماذا علي أن أفعل ؟! عادت إلي الكوابيس مجددا ،وكنت أستيقظ ليال يغطيني العرق البارد وتكاد صرخاتي أن تصم اآلذان . كان أحمد حائرا لماذا عادت الكوابيس لمطاردتي ؟ 105 لم أخبره باألمر أكاد أموت رعبا عليه . *** 106 أبي النوم زيارة جفوني ،كنت أخشي إن نمت أن تفاجأني الكوابيس لذا بدأت أقضي جزءا كبيرا من الليل مستيقظة أراقب أحمد النائم أتأمل قسماته الھادئة وأنفاسه المنتظمة ،إستقرت عيني علي شفتيه ولسبب مجھول مررت يدي عليھا وكأنني أعيد رسمھا لكنني صعقت عندما وجدته يفتح عينيه وينظر لي لبرھة قبل أن يقترب مني ويقبلني علي عين َي ثم وجنتي ثم ذلك العرق الذي ينبض بجنون برقبتي وضمني إليه بشغف فأعاد سيل الذكريات األليمة لي فبدأت أرتجف وأحاول إبعاده . إنتفض واقفا وحاول السيطرة علي مشاعره ثم قال غاضبا " ال تبدأين بلعبة ال ترغبين بإكمالھا ياورد فلم أخلق من حجر " ثم دخل الحمام وصفق الباب وعال صوت الماء . فإنفجرت بالبكاء . بعد دقائق خرج وھو يلعن نفسه " آسف ،لم أرغب بإستعجالك لكن ما فعلتيه كان دعوة مفتوحة منك " رفعت عيني المبللتين بالدموع " آسفة يا أحمد ،لقد كنت خائفة " سألني متألما " مني؟" " ال ،من نفسي " إتجه للباب " سأقضي ليلتي بحجرة أخري " فعدت للبكاء مجددا " أرجوك أحمد ،ال تتركني .من فضلك " إقترب مترددا ثم بدأ يجفف عين َي " يا إلھي الرحيم ! ،أقسمت أال أكون سببا لتعاستك وھا أنا أحنث بوعدي " 107 مددت يدي له " لم تفعل ،اللوم يقع عل َي ،البد أن أحارب ذكرياتي ،فقط ضمني إليك وال تغادر " أفسحت له مكانا بالفراش ووضعت رأسي علي صدره " أحمد قل لي شيئا ،أحب أن أنام علي صوتك " " وقفت تقول أنوثتي فتحت دوالب رجولتي ﻣتنھدة كشفت حدائق زھرھا ﻣتعمدة " لكزته بكتفه " إخرس " فضحك " أقسم أنني لم أتعمد ذلك " قال مغيظا " ماذا أردتي إذاٍ ؟ " أردت .. ھل لك أن تصمت ،أرغب بالنوم " " مجنونة " " لئيم " *** 108 باليوم التالي أخبرني أنه بحاجة للسفر لبضعة أيام .عرفت أنه يمنحني الفرصة ألراجع نفسي ،كما يمنح نفسه وقتا للسيطرة علي مشاعره . كنت أدرك جيدا أنه يحبني وأنني أبادله شعوره . وأنه قد حافظ علي وعده لي منذ زواجنا .لقد مر شھرين علي ذلك ، وأنه قد أكرمني وأكرم أخي عندما كان بمصر . ومنذ رحيله وأنا أكاد أجن . إكتشفت أن اإلنسان ال يقدر ما كان بيده إال عندما يوشك علي الضياع منه . لقد أدركت قيمة أحمد عندما إبتعد عني . لقد إشتقت إليه كثيرا . إشتقت لبسمته لصوت ضحكاته . لقصائده التي يمطرني بھا من يوم آلخر . لمزحاته . أردت أن أسعده كما أسعدني . 109 أنت لي أمسكت ھاتفي وقررت أن أراسله كتبت له أحبك ثم مسحتھا سريعا سأخبره أنني أحبه بطريقته ھو سأحاول أن أنظم له شعرا . بعد محاولتي العاشرة أخيرا رضيت عما كتبته إلي حد ما " يا أحمد بعادك قد قطع وتيني فال تبتعد وإال قتلتك عشقا وحق ديني إقترب وضمني وإجعل ضلوعنا تشتبك كي ترضيني". أرسلتھا وظللت أضغط علي شفتي بأسناني ھل سيتجاھلني ؟ ھل فعلت الصواب ؟ وصلتني رسالة منه " ماذا حدث لزوجتي الخجول ؟" 110 تمتمت " تبا لك يا أحمد" ثم كتبت له " حبي لك قد منحني الجرأة كي أعبر عن مشاعري ،قبلك لم تكن لدي حياة " بعد دقيقتين إستلمت رسالة أخري " البد أن تتعاقد معك شركات المياه فبعد كل حديث بيننا أحتاج لحمام بارد ليطفئ نيران شوقي إليك ". لم أستطع أن أمنع نفسي من الضحك قطعت ضحكاتي رنات الھاتف أجبته " إلي أي مكان تريدين إيصالي؟" " للجنة " " جنتي بين ذراعيك" " متي ستعود " "مازال لدي عمل لم ينتھي بعد ،لكنني قد أعود بعد ليلتين فقد كدت أحقق ھدفي " " غاب حبيبي مع غياب القمر وسيعودان معا مع إنتصاف الشھر ، لكن نور القمر سيخبو مجددا ونور حبيبي مستمر أبد الدھر " " يا ،ماذا فعل بك غيابي ياورد " " قتلني " " سأعود قريبا ،لكنني لن أتحمل الجفاء " 111 " وال أنا " وعندما أسمعني كلمات غزله قرع قلبي كالطبول وشعرت به يقفز بجنون داخل صدري ،فماذا سيحدث لي إن وضع كلماته قيد التنفيذ ؟ *** 112 المشاكسة الصغيرة كنت بالفراش عندما سمعت صوت باب الشقة يفتح ،فركضت سريعا ألجده يقف بالباب إندھش عندما رآني " كنت أعتقد أنك نائمة" تأمل شعري األشعس ووجنتي الحمراوتين وشفتي المبتسمتين ورداء نومي القصير . ركضت إليه ألرتمي بين ذراعيه " إشتقت إليك " أطبق ذراعيه حولي مندھشا " رويدك حبيبتي ،قد أفھم إستقبالك الحار بمعني آخر وأعصابي لن تتحمل الرفض مجددا . قلت وأنا أدفن رأسي برقبته "ال تحاول التحكم بھا إذاٍ " إبعدني عنه ونظر بعيني محذرا " ھذه المرة لن أتراجع فسأنھي ما بدأته" قلت له " ھل ستجعلني أتوسل ؟" تركته وإبتعدت تجاه الغرفة " أنت من سيعض أصابعه ندما " كاد أن يسقط عندما تعثر بحقيبته التي تركھا أرضا " ال يمكنك أن ترميني بجملة كھذه وتغادرين دون نقاش " جلست علي الفراش قائلة 113 " إنظر للساعة ،إنھا الثانية صباحا وھذا الوقت ال يصلح للنقاش ، لكنه يصلح لشيئ آخر يبدو أنك ال تجيده ،لذا دعني وشأني " راقبته وھو يغلق الباب بقدمه قائال " أيتھا الشيطانة الصغيرة سأريك اآلن ما أجيده " *** 114 إستند أحمد علي الوسادة قائال " دعيني أبوح لك بسر كي ننھي قصة ذلك الوغد لألبد " نظرت إليه فتابع " عندما قررت شراء الشركة حذرني صاحبھا األصلي من التالعب الذي يحدث بھا والذي قد إكتشفه مؤخرا بعد أن أصبحت كل الحلول بال جدوي .فقررت مراقبة ما يحدث قبل فترة من إعالن شرائي لھا ،حيث يتصرف الجميع بال حذر وإكتشفت عددا كبيرا من الفاسدين كان علي رأسھم ھشام .لكنه كان مغرورا جدا ليخفي قذارته ،كان يتباھي بما يفعله .كان يبدو لي أنه يعاني من خلال ما لكنني لم أكتشف ما ھو . كنت قد قررت التحلص منھم جميعا لكن رؤيتك قد أعاقت مخططي . لم أستطع إبعاد نظري عنك أو إخراجك من تفكيري . شعرت أن ھناك أمرا خاطئ بزواجك ولقد قدم لي الفرصة علي طبق من ذھب عندما طمع أن يتقرب مني وينجو بفعلته . وعندما أجريت المقايضة معه كما كان يسميھا حريتك مقابل عدد ال بأس به من األصفار بحسابه مع مركز مرموق بفرع الشركة بلندن ،كنت أعلم أنه سيعود لقذارته مجددا . مسح دموعي وتابع " وسرعان ما تخلي عن حذره وعاد للعب من جديد وبما أنني وضعته بمنصب يسمح له بالتعامل باألموال فقد سمحت له أن يلف الحبل حول رقبته بيده . أخبرت السلطات بتالعبه عندما إلتقط الطعم وراقبته بنفسي وھو يزج بالسجن . ال تتخيلي كم األشياء السيئة التي إعترف بھا وھو يسبني ويسبك بأقذع األلفاظ . إعترف بقتل أمه وبما فعله معك ". ثم نظر لي الئما "وإعترف بشيئ آخر قمت أنت بإخفائه عني . 115 إعترف أنه ھددك بإحدي المكالمات الھاتفية . لماذا لم تخبريني ؟ ماذا قال لك ؟ " أغلقت عيني وھززت رأسي رافضة " كالما سيئا ،لن أستطيع ترديده مجددا ،لكن كل ما كاد يميتني خوفا ھو تھديده بقتلك ،لم أعرف كيف أتصرف وماذا عل َي أن أفعل .خفت لدرجة لعينة وعادت لي الكوابيس من جديد " قال " لوال ھذه الكوابيس ما كنت عرفت كل ھذا ،عندما راقبتك تتألمين وتصرخين خوفا أقسمت أن أخلصك من ذكراه نھائيا ،لذا كلمت األشخاص الذين وضعتھم لمراقبته وحثتھم علي اإلسراع باألمر ، ھو اآلن يقبع بأحد سجون لندن لتتم محاكمته علي سرقة المال وبعد إعترافاته تواصلوا مع السلطات المصرية وبدأوا بتحقيق جديد عن مقتل والدته .وعن األذي الذي تعرضت له ،ولن ينجو من ھذه الجرائم أبدا ،قريبا ياحبيبتي سينفذون به حكم اإلعدام ويتبدد خوفك لألبد " بكيت فضم رأسي لصدره " ھذه آخر مرة سأسمح لك بالبكاء ،فال دموع بعد اليوم " " ھل أخبرتك من قبل ألي حد أحبك؟" ھز رأسه نافيا " إذاٍ سأثبت لك لما تبقي من حياتي مقدار حبي لك " *** النھاية *** تمت بحمد ﷲ 2016/6/20 116 ﻣلحوظة * ورد تعيش األن مع زوجھا وطفليھما المشاغبين خارج مصر وتحرص كل عام علي زيارتھا لتسمح ألطفالھا بالتعرف علي بلدھم الحبيبة *تم تنفيذ حكم اإلعدام بحق ھشام سعيد بعد ثبوت إرتكابه لجريمة قتل والدته . • كل األسامي بالعمل غير حقيقية 117 شكر خاص للشاعر الدكتور أحمد عادل إستأذنته أن أستعير أبيات ﻣن إحدي قصائده فأذن لي ألكتشف بالنھاية أنني سطوت علي نصف قصائده . شكرا لك ألنك سمحت لي بتزيين عنق إبنتي األولي بماساتك القيمة . 118 القصائد التي إستعرت ﻣنھا كاﻣلة )(1 مغرورتى انسى الغرور تص ُدقا ً وتكرمى معتم إنى أرى نار الھوى تنير ليالً ِ فأيم الحب وأيم تلعثمى معتم إنى أرى نار الھوى تنير ليالً ِ األعظم إنى أرى شوقاً إلى فى ارتعاش ِ استسلمى وتقدمى ترياق مرض ِك فى فمى مغرورتى لن أرتضى من غيرك األبناء ولتعل ِم ت من شفاھى الماء لك إن عطش ِ ت واذا عري ِ سأحتوي ِك بأضلعى ت رداء أنا إن عري ٍ مغرورتى تقدمى ال تھجرى إن جفت األنھار مل ُك ِك أنھرى فعانقينى تنفسينى لتحتمى سأواجه اآلالم كى ال تتألمى ال تحسبينى مبالغا ً مريم فالحسن يعنى ِ مغرورتي 119 لن أرتضى من غير ِك األبناء ت من شفاھى الماء ل ِك إن عطش ِ ت واذا عري ِ سأحتوي ِك بأضلعى ت رداء أنا إن عري ِ ت وإذا بكي ِ أصعد للسماء فأصلى ركعةً ليزيل كربك وأصلى ركعةً أخرى مطولّة الدعاء حتى أكون بدا ِئك كدواء طبيبة قلبى مارى ت إليك فى رحاب الالجئين آ ٍ ت إلي ِك بعد حين آ ٍ فداوى جُرحى بقبل ٍة من شفاه الياسمين أنت األمان يأتى الي ِك جموع كل النازحين . 120 )(2 فلتعرفى عيناك شمسٌ ِ ت فنورھا ال ينطفى وإن رمش ِ فأنيرى قلبى وطبّبيه وأسعفى وتعطفى ت الحياه أن ِ فإن رحلتى سأختفى بمسرف أنا إذ أقول فدا ِك لست ِ وأال أكتفى أن أحب الحب يعنى فرح اللقاء العطاء جھد ب لوم الحبي ِ إذ يكون ُمعنّفى ھاتى الحبال وقيدينا وكتّفى كى نقترب كى نحتضن كى تعرفى ت ت أن ِ إن لس ِ فمن سوا ِك سأصطفى المتلطف ت التى قد روضتنى بحسنھا ِ أن ِ ال تحسبونى مبالغا ً انا إن قربت رحابھا أتوضأ المصحف ھر ِ فجمالھا طُھ ٌر كطُ ِ ٌ متصوف قد صرت أھوى عينھا مھما ترانى رأيتھا ال أكتفى 121 )(3 قد تنسى ووع ٌد منى لن أنسى ليال قد قضيناھا وأياما ً أضعناھا دروبا ً كنا نخشاھا سلكناھا قد تنسى ووع ٌد منى لن أنسى حديثا ً كان يجمعنا حتى ظھور الشمس فى َغ ِدنا عناقا ً كان يمنعنا ھروب الحلم من ي ِدنا قد تنسى ليالينا لكنى نشأت فى بيئه تعلمنى أن بشائر الصدمه تأتى من محبينا ب ھكذا سحقا ً لح ٍ ح ّكم األھواء فينا فال تنسى ليالينا وإن تنسى تحبينى فإنى محب ال أنسى تالقينا وإن أخطأت سيدتى فمعذور 122 وعذرى بعد أيدينا ال تنسي ما يبكيك يبكيني من يغضبك أقتله بعنف يداي لترضي أنت سيدتي فتأت إلي ترضيني أحبيني لتحييني أنا لست شيئا أحمقا كي في الزحام تنسيني أنا إن طلبت رؤياكي فكيف بال تذليني؟ قد تنسي و لن أنسي أن الھوي قد جعل مني مھرجا أعمل لديك أنا لست أبدا أفتري حبا إليك فلتسألي كل الفتات من الثري كم قبلة قبلته إذا المسته بحسنھا قدميكي قد تنسي 123 وال أنسي . )(4 السالم رمانى رصاص الھوى معلنا ً قتل ِ اآلثام أحببت أنثى وطھرھا يمحو ِ لكنھا االسالم التعرف اإلكرام فى ِ ضنّت عل ّي بقربھا والبعد يقتل عاشقاً بغرام ِ وقت يمر عل ّى ُمر وحبى زائ ٌد نامى فال تقذفينى بنظر ٍة على إثرھا أسرع إلي ِك ألعلن استسالمى ولتضربينى العظام بقبل ٍة قد خدرّت كل ِ للتواصل مع الشاعر أحمد عادل لينك صفحته علي الفيس بوك https://www.facebook.com/profile.php?id=1000005 65726196&fref=nf 124 تعريف بالكاتبة : سعاد ﻣصطفي : تخرجت في كلية البنات قسم اإلجتماع شعبة اإلعالم جاﻣعة عين شمس حاصلة علي دبلوﻣة عاﻣة في التربية ﻣن ﻣركز التأھيل التربوي ،جاﻣعة األزھر بالمنوفية حاصلة علي السنة التمھيدية للماجستير بكلية البنات جاﻣعة عين شمس *** ﻣواليد ﻣحافظة المنوفية أشمون ) أرض القمر ( 20يونيو *** للتواصل ﻣع الكاتبة علي فيس بوك https://www.facebook.com/soadever?fref=ts تزوجت ساديا علي الجودريدز بإنتظار أرائكم 125 أعمال الكاتبة • تزوجت ساديا pdf ) قصة طويلة ( يونيو 2016 أعمال ستصدر قريبا • ھالوس ﻣا بعد ﻣنتصف الليل ) كتاب ساخر( عن دار ديسمير 2016 حروف ﻣنثورة للنشر اإللكتروني • ﻣالﻣح روح ) رواية( عن ﻣؤسسة زحمة كتاب للنشر والتوزيع ﻣعرض الكتاب 2017 126 إھداء • إلي أﻣي التي قالت لي يوﻣا " ال تكف عن كتابة تفاھاتك ھذه فقد تغير حياة البعض " • إلي أبي الذي عرف أنني أكتب بالصدفة عندﻣا أخبرته أن روايتي المطبوعة األولي ستصدر قريبا • إلي شقيقتي ھبه ﻣصطفي التي أتوسل لھا لتقرأ ﻣا أكتبه فترفض حينا وتقبل حينا وبكل األوقات تسبني • إلي خطيب أختي وشقيقي األصغر ﻣحمد رشاد الذي كان يقرأ ﻣا أكتبه أوال بأول " تذكر أنك ساھمت بتشجيع فتاة ﻣجنونة علي الكتابة يوﻣا " • إلي شقيقتي الصغري التي تكره القراءة وال أعرف كيف تنجح كل عام " ذكرت إسمك باإلھداء كما طلبت وبما أنك ال تقرأين فقد كتبت ﻣا يحلو لي " • إلي أعضاء المافيا عادل وآدم ولوجين " لوال ﻣساھماتكم العظيمة لكنت قدﻣت ھذه الرواية بوقت أبكر ﻣن ھذا بكثير " • إلي جدتي أطال ﷲ عمرھا وجدي رحمه ﷲ " علمتوني أن نور القلوب وإيمانھا قادران علي تبديد الظالم القاسي " *** 127 إلي صديقاتي الالتي كن يتشاجرن دائما علي ترتيب أسمائھن بمشروع التخرج كل عام ،أقسم أن ترتيب أسمائكمن باإلھداء ال يعني درجات حبي ،جميعكن تسكن قلبي . ) حنان عالء /ياسمين ﻣحمود /أﻣيرة السيد /ھالة شبل /سمر سعيد /سمر أحمد /عزيزة شعبان /آية صالح /غادة عالء / وسام سعيد /رغدة تاج /دينا رأفت /داليا رأفت /أﻣيرة زقزوق /ﻣنة ﷲ رأفت /ھناء حسين /إلھام عاشور /ھالة جمال /ھبه عمار /وسام عبد الناصر /ھالة ﻣحمود / / shosho sinaiﻣروة ﻣحمود /سارة حسن /ھبه ﻣسعد / ھبه /أﻣل الحياة /أسماء أحمد /إيمان شاھين /حنين الروح / ھبه رجب /خلود النقيب /الﻣان ﻣحمد /أسماء البدري /ﻣي ﻣحمود /ﻣريم فھيم /ﻣريھان عمر /نادية ثروت /نجالء حسين /ناھد الجندي / وديان تاج الدين /أسماء جبريل /رفيف العربي /ﻣريم سالﻣة( 128 • إلي أستاذي الجليل وأبي الروحي دكتور عبد الرحيم درويش • إلي كل ﻣن أ ) /ﻣحمد عبد الحميد /أحمد عطية ( • إلي أستاذي ﻣاھر طاحون رحمه ﷲ " خطوت أولي خطواتي بتحقيق حلمي الذي كنت تشجعني عليه دوﻣا" *** شكر لكل ﻣن ) أحمد طارق /توﻣا /ﻣحمد النوبي /ﻣحمد جابر /إبراھيم أبو يوسف /حسام حسن /خالد شوقي /خالد فتاح /ﻣحفوظ أحمد / أحمد الطاھر /عمرو سماكه /ھشام عصام /ﻣجدي عبده / ﻣحمد علي /أحمد حسن /يوسف ﻣحمد /ﻣحمود شلبي /أحمد ﻣحمد شلبي /الشاعر ﻣصطفي ھالل /أﻣير جادو /ﻣروان فجر/كاتب علي قد حاله /نفحات االيمان والھدي ( أعتذر إلي كل ﻣن لم تسعف ٍن ذاكرتي لكتابة إسمه 129 130