Uploaded by hibahibagha

علم النفس الشخصية

advertisement
‫مقدمة في علم نفس الشخصية المفهوم والنظريات‪ ،‬واالضطرابات والمقاييس‬
‫أ‪.‬د يوسف عبد الوهاب أبو حميدان‬
‫استاذ علم النفس السلوكي قسم علم النفس ‪ -‬كلية اآلداب‬
‫الجامعة األردنية‬
‫محتويات الكتاب‬
‫المقدمة‪...‬‬
‫‪9‬‬
‫األساس المفاهيمي للشخصية‬
‫‪13‬‬
‫تطور مفهوم الشخصية قديما وحديثا ‪...‬‬
‫طرق دراسة الشخصية‪27...‬‬
‫العوامل والمحددات التي تساهم في تشكيل الشخصية‪.‬‬
‫‪37 .....‬‬
‫نظريات الشخصية‪...‬‬
‫نظريات األنماط والسمات‪.... Types and Traits Theories‬‬
‫‪49.‬‬
‫‪49 ..‬‬
‫نظريات الشخصية‪....‬‬
‫‪51 ...‬‬
‫سيجموند فرويد‪..‬‬
‫‪85‬‬
‫الفرويديون الجدد‬
‫‪.........................‬‬
‫‪103.......‬‬
‫کارل يونغ‪.‬‬
‫‪107.‬‬
‫ألفرد أدلر " علم النفس الفردي " ‪........‬‬
‫‪117.‬‬
‫کارين هورني ‪.......‬‬
‫‪125.‬‬
‫هاري ستاك سوليفان ‪...‬‬
‫‪131.‬‬
‫أريك فروم ‪....‬‬
‫‪137.‬‬
‫هنري مورية ‪.‬‬
‫‪143.‬‬
‫إريك إريكسون‬
‫‪151..‬‬
‫السلوكيون والشخصية‪..‬‬
‫‪159..‬‬
‫جون واطسون ‪163..۰۰۰۰۰۰‬‬
‫ب‪ .‬ف‪ .‬سكنر‪167....۰۰۰۰۰۰۰ ..‬‬
‫نظرية التعلم االجتماعي‪.‬‬
‫‪173....‬‬
‫البرت باندورا‪...........‬‬
‫‪175 ۰۰۰۰‬‬
‫النظريات اإلنسانية الظاهراتية‪...‬‬
‫‪183.۰۰۰۰۰‬‬
‫کارل روجرز ‪185 .......‬‬
‫أبراهام ماسلو‪193‬‬
‫النظريات االجتماعية المعرفية‪.‬‬
‫والتر ميشيل ‪205 ....‬‬
‫جوليان روتر ‪211‬‬
‫‪201...‬‬
‫النظريات المعرفية السلوكية ‪۰ .‬‬
‫‪217.......‬‬
‫ألبرت أليس‪..............‬‬
‫‪219.۰۰۰‬‬
‫اإلجراءات المعرفية‬
‫‪221..‬‬
‫أرون بيك‪....‬‬
‫‪229.‬‬
‫اضطرابات الشخصية واختياراتها‪.........‬‬
‫‪235...‬‬
‫اضطرابات الشخصية‪.............................................‬‬
‫‪237..‬‬
‫تقييم الشخصية ‪..‬‬
‫‪267...‬‬
‫أثر الثقافة والسياسة في بناء وتكوين الشخصية‬
‫‪289....‬‬
‫دور الثقافة في بناء وتشكيل الشخصية‬
‫‪291‬‬
‫‪301.‬‬
‫دور الشخصية في السلوك السياسي‪ .‬دور الشخصية في السلوك السياسي‪.‬‬
‫‪303..‬‬
‫‪317..‬‬
‫المراجع العربية‪.............‬‬
‫‪320..‬‬
‫المراجع األجنبية‪...‬‬
‫المقدمة‬
‫أصبح موضوع دراسة الشخصية من أهم المواضيع التي شقت العاملين في كافة الميادين‬
‫النفسية واالجتماعية والسياسية والشخصية تلك أن هذا المفهوم له أثر كبير في تحديد الكثير من‬
‫السياسات واالستراتيجيات وأساليب التفاعل والتعامل مع اإلنسان‪.‬‬
‫ولذلك فقد اجتهدت كافة الميادين وتسارع في الوصول إلى فهم أفضل الشخصية كي تحصل‬
‫على أفضل النتائج على الصعيد اإلنساني‪ .‬فهذا المفهوم يعتبر حجر األساس في مجال علم النفس‬
‫بكافة فروعه العالجي‪ ،‬واالجتماعية والنمو‪ ،‬والفروق الفردية‪ ،‬والكثير من ميادين علم النفس‪.‬‬
‫وحاول ت كل مدرسة من مدارس علم النفس أن تدرس الشخصية بتعمق واجتهدوا جميعا بتقديم‬
‫مفاهيم علها تفيد في فهم أفضل الشخصية‪ ،‬بعض هذه المفاهيم ساهم في فهم الشخصية بشكل‬
‫أفضل وبعضها زاد األمر صعوبة وتعقيدا‪.‬‬
‫فبرزت لدينا الكثير من المدارس والنماذج في علم النفس‪ ،‬حيث تناولت كل منها الشخصية من‬
‫خالل مفاهيمها الخاصة فسارعت كل مدرسة إلى وضع االستراتيجيات المتعلقة بفهم الشخصية‬
‫التي تشكلت من خالل دراستها المتعمقة للشخصية‪ .‬بل وقدموا الكثير من التصورات والمقاييس‬
‫الهامة التي تساهم في التمييز بين الشخصية السوية وغير السوية‪ ،‬كما وضعتوا مقاييس في فهم‬
‫الشخصية عند االنتقاء‪ ،‬والتعيين‪ ،‬ومعرفة ما يناسب هذه الشخصية من وظائف وميول‬
‫واتجاهات‬
‫ولن تنسى أن معظم العاملين في ميدان علم النفس يدركوا التسارع الحقيقي هذه األيام في الجهد‬
‫المبذول في تصميم ووضع المقاييس‬
‫‪٩‬‬
‫الموضوعية المقننة‪ ،‬والتي باتت تشكل أساسا مهما في عالم العالج النفسي وعالم الصناعة‬
‫والتجارة‪ .‬بل ذهبت الكثير من المؤسسات التجارية والتسويقية إلى استخدام األخصائيين النفسيين‬
‫وأخصائي القياس النفسي الغايات تصميم مثل هذه المقاييس وتطويرها وتقنينها الستخدامها في‬
‫مجال التعيين واالنتقاء والترقية‬
‫أما في مجال العالج النفسي فقد كان التركيز منذ البداية مهما على مفهوم الشخصية وما له من‬
‫دور في عملية العالج النفسي‪ ،‬ولذلك كانت النظريات المختلفة التي قدمت الكثير من المفاهيم‬
‫المتعلقة بالشخصية‪ ،‬والذي أعطى بدوره الهوية الواضحة لمدارس علم النفس التي اهتمت بدراسة‬
‫الشخصية‪ .‬وال يمكن أن ننسى دور فرويد في مدرسة التحليل النفسي الذي قدم مفاهيما ال يمكن أن‬
‫يتخطاها الدارس في علم النفس وكذلك إلى عالم األدب‪.‬‬
‫لقد كان إلنتاج هذه المدارس دور مهم في التعرف على الكثير من االضطرابات النفسية والعقلية‬
‫التي يعاني منها البشر‪ ،‬والتي أدت إلى تطور في طرق العالج النفسي فظهر العديد من االتجاهات‬
‫العالجية الحديثة التي تعتبر اآلن وسيلة فعالة في تقدم وتحسن حالة المرضى النفسيين‪.‬‬
‫ولقد جعلني تدريس مساق الشخصية ألكثر من ثالثة وعشرين عاما شديد االهتمام بهذا الموضوع‬
‫مما دفعني إلى وضع كتابي هذا بين يدي طلبتي‪ ،‬کي يساهم في تطوير المعرفة لديهم وخصوصا‬
‫في جانب كبير من جوانب علم واالقتصادية النفس الذي أصبح الشغل الشاغل لجميع التيارات‬
‫الفكرية واالجتماعية واالقتصادية‪.‬‬
‫‪١۰‬‬
‫قمت بتقسيم هذا الكتاب إلى أربعة أبواب؛ حيث شمل الباب األول على ثالثة فصول تهدف إلى‬
‫مناقشة مفهوم الشخصية وتطوره وطرق دراسة الشخصية وكذلك التعرف إلى المحددات المختلفة‬
‫التي تساهم في تشكيل الشخصية‪.‬‬
‫أما الباب الثاني فقد اشتمل على ثمانية فصول تناولت نظريات الشخصية القديمة والحديثة بدءا‬
‫بنظريات األنماط والسمات قديمها وحديثها‪ ،‬ونظرية التحليل النفسي القديمة والحديثة‪ ،‬والنظرية‬
‫السلوكية‪ ،‬ونظرية التعلم االجتماعي‪ ،‬والنظريات اإلنسانية واالجتماعية المعرفية‪ ،‬والنظريات‬
‫المعرفية الحديثة‪.‬‬
‫أما الباب الثالث فقد تناول اضطرابات الشخصية واختباراتها‪ ،‬واشتمل على فصلين الثاني عشر‬
‫وهو عن اضطرابات الشخصية والثالث عشر تناول دراسة وتحليل أهم اختبارات الشخصية‬
‫وضرورة استخدامها في المجاالت المختلفة‪.‬‬
‫أما الباب الرابع واألخير‪ ،‬فقد تناول أثر الثقافة والسياسة في تكوين الشخصية إذ ركزت فيه على‬
‫أمرين مهمين هما‪ ،‬دور الثقافة والسياسة في تكوين الشخصية وقد دفعني إلى تناول هذين‬
‫الموضوعين الدور الهام الذي تلعبه الثقافة والتنشئة االجتماعية في تشكيل الشخصية وما آل إليه‬
‫الخلل في ثقافات المجتمعات الحديثة إلى انتشار الكثير من اآلفات؛ ولذلك جاء الفصل الرابع عشر‬
‫للحديث عن هذا الموضوع‪ ،‬أما تأثير السياسة في تكوين الشخصية فبات موضوعا جديرة‬
‫باالهتمام لما نشاهده اليوم من تأثير للسياسة في حياة الشعوب وردود الفعل التي تنشأ تبعا لذلك‪،‬‬
‫وكيف أن شخصية‬
‫‪١١‬‬
‫السياسي تلعب دورا مهما في القرارات التي يتخذها‪ ،‬والتي تؤثر في حياة الشعوب المختلفة‬
‫وبروز الكثير من التيارات السياسية المتطرفة‪.‬‬
‫وختاما أتمنى أن أكون قد وفقت في تغطية ما أمكن من هذا الموضوع الهام‪ ،‬وأتمنى أن يستفيد‬
‫منه طلبتي وجميع الساعين نحو فهم الشخصية اإلنسانية ومعرفة محدداتها الفسيولوجية‬
‫واالجتماعية والثقافية والتعمق في‬
‫الشعوب المختلفة وبروز الكثير من التيارات السياسية المتطرفة اضطراباتها وفهم مقاييسها التي‬
‫تساعد الجميع في معرفة ما يناسب كل إنسان من عالج أو وظيفة‪ .‬وأتقدم بالشكر الجزيل لك من‬
‫ساهم في قراءة مسودة الكتاب زميلي األستاذ الدكتور محمد بني يونس‪ ،‬كما وأشكر زميلتي‬
‫الدكتورة نوال الشوابكة التي قامت بالتنقيح اللغوي لهذا العمل‪ ،‬كما وأشكر طلبتي في جامعة‬
‫العين وخصوصا الطالبة عليا سالمي على ما قدمته من مساعدة في التدقيق واإلخراج‪.‬‬
‫أ‪.‬د يوسف عبد الوهاب أبو حميدان‬
‫قسم علم النفس ‪ -‬كلية اآلداب الجامعة األردنية‬
‫‪Yousef_abu@hotmail.com‬‬
‫‪12‬‬
‫الباب األول‬
‫األساس المفاهيمي للشخصية‬
‫الفصل األول‬
‫تطور مفهوم الشخصية قديما وحديثا‬
‫تعريف الشخصية‪.‬‬
‫أسباب استخدام مصطلح الشخصية‬
‫علم الشخصية وخطوطها العريضة‪.‬‬
‫تعريفات الشخصية‪.‬‬
‫مكونات الشخصية‪.‬‬
‫التكيف‪.‬‬
‫‪13‬‬
‫الفصل األول‬
‫الشخصية‬
‫كثيرا ً ما يواجه العاملون في علم النفس سؤاالً من الناس المحيطين بهم فيما إذا كان بمقدورهم‬
‫تحليل شخصياتهم‪ .‬دلك أنهم يعتقدون أن المتخصص في علم النفس قادر على أن يحلل الشخصية‬
‫بمجرد رؤية الشخص والتحدث معه ولو كان هذا األمر صحيحا ً لما أختلف العاملون في علم‬
‫النفس عن المشعوذين والدجالين الذين يدّعون فهمهم للشخصية ماضيها وحاضرها ومستقبلها‪.‬‬
‫ولكن علم النفس عمد الى دراسة االنسان من حيث سلوكه وذاته ومعاناته واضطراباته‬
‫وشخصيته وهواياته واتجاهاته؛ أي بمعنى أشمل عمد إلى دراسة كل ما يتعلق باإلنسان ويؤثر‬
‫فيه‪.‬‬
‫ولقد حظيت الشخصية باهتمام العاملين بعلم النفس منذ القدم فكلمة شخصية في ترجمة للكلمة‬
‫الالتينية ‪ Persona‬والتي تعني القناع فقد كان متعارفا ً عليه ارتداء القناع لدى الممثلين االغريق‬
‫اثناء عملهم على المسرح من أجل إخفاء شخصياتهم الحقيقية كي ال يستطيع رجال المحاكم‬
‫التعرف على هوياتهم‪.‬‬
‫ولقد اهتم الفالسفة القدماء بدراسة الشخصية ويشير العنزي (‪ )١٩٩٨‬الى ان هذا المفهوم قد ورد‬
‫معن مختلفة هي‪:‬‬
‫في كتابات الفيلسوف ششرون والتي احتوت على أربعة ٍ‬
‫الصورة التي يظهر بها الفرد امام االخرين‬
‫‪-1‬‬
‫الدور الذي يلعبه الفرد في الحياة‬
‫‪-2‬‬
‫الصفات الشخصية التي تجعله متوافقا ً مع عمله‬
‫‪-3‬‬
‫الصفات المميزة للشخص والتي نستدل عليها من خالل سلوكه‪.‬‬
‫‪-4‬‬
‫‪١٥‬‬
‫وقد أصبح الناس في عصرنا الحاضر يستخدمون مفهوم الشخصية للداللة على صفات‬
‫واضحة وظاهرة في الشخصية ‪ ،‬فنجدهم يقولون فالنا ً ذو شخصية قوية او شخصية‬
‫ضعيفة او كريمة او عدوانية ولذلك يستخدم المفهوم للداللة على الصفات التي يتمتع بها‬
‫شخص ما التي يالحظها اآلخرون‪.‬‬
‫ولكن علم النفس أظهر اهتماما ً كبيرا في موضوع الشخصية والذي نجده في كتابات‬
‫فرويد ويونج وجماعة التحليل النفسي وجماعة علم النفس التحليلي والمدارس اإلنسانية‬
‫والسلوكية والتي قدمت جميعا ً تعريفات مختلفة للشخصية‪ .‬مما دفع علماء النفس الى‬
‫استخدام طرق متنوعة لدراسة الشخصية ‪ ،‬ولقد ساهم اإلحصاء النفسي من خالل دراسات‬
‫جالتون في اكتشاف الفروق الفردية واهميتها في دراسة الشخصية وخصوصا ً تلك‬
‫الصفات المتعلقة بالقدرات العقلية‪ .‬االمر الذي دفع العلماء أمثال بينيه وغيره لدراسة‬
‫الفروق في الذكاء كعامل مهم في دراسة الشخصية‪ .‬وبعد ذلك تدافع علماء النفس لدراسة‬
‫الشخصية فقدم كل منهم نظريته وتعريفه للشخصية أمثال كاتل وشترن وجيلفورد و أيزك‪.‬‬
‫وحديثا ً استمر الباحثون في علم النفس بتطوير نظريات ومقاييس محديثة في علم النفس‬
‫فظهرت المقاييس المتنوعة وقدم علماء النفس أمثال كوستا وآخرون نظرية العوامل‬
‫الخمسة الكبرى‪.‬‬
‫ولكن علماء النفس نظروا الى الشخصية بشكل أعمق وأكبر فقد أشاروا بأنها جميع‬
‫الصفات والخصائص النفسية والعقلية والميول واالتجاهات وطريقة تفكير الفرد وقدرته‬
‫على حل المشكالت ‪ ،‬وان مثل هذا التنوع يجعله يختلف ويتميز عن غيره‪ .‬ولذلك اختلف‬
‫العلماء في تعريف الشخصية بشكل موحد يرضي جميع مدارس علم النفس‪.‬‬
‫‪١٦‬‬
‫ويشير كل من كارفر وشاير الى اننا نستخدم مصطلح الشخصية لعدة أسباب منها‪:‬‬
‫‪ -1‬أن الناس يستخدمون هذا المفهوم لإلشارة الى االتساق والثبات واالستمرارية‪.‬‬
‫فهناك ثبات من الكثير من السمات التي تستمر لفترة زمنية طويلة وفي المواقف‬
‫المتشابهة‪ .‬فتجد شخصا ً ما يتصرف بنفس الطريقة او يعبر عن انفعاالته بنفس‬
‫األسلوب وبنا ًء عليه نقول ان شخصيته تتصف بكذا‪.‬‬
‫‪ -2‬يستخدمه الناس لإلشارة الى كل ما يقوم به الفرد انما هو نابع من داخله ىان أسباب‬
‫او دوافع السلوك انما هي داخلية ‪ ،‬أي انها من داخب االنسان‪.‬‬
‫‪ -3‬ويستخدم كذلك عندما نود اإلشارة الى عدد من الصفات والسمات تلخص ما يكون‬
‫عليه الشخص الحقاً‪.‬‬
‫علم نفس الشخصية‬
‫من أهم فروع علم النفس الذي اكتسب أهميته من خالل نظرة المجتمع إلى ضرورة‬
‫فهم سلوك االنسان وقدرته على التكيف وفي قدرته على التعلم واكتساب خبراته‬
‫اإليجابية وأسباب تطوره اإليجابي او السلبي او مدى انحرافه عن الصواب‪ .‬ونت‬
‫خالل فكر علم النفس الذي يهدف الى دراسة الشخصية من اجل فهمها وتدريبها‬
‫التفوق واالبداع‪.‬‬
‫وتعليمها وتطويرها ومساعدتها على ّ‬
‫‪١٧‬‬
‫وقد اختلف العلماء في تعريفهم للشخصية؛ ألنها مفهوم صعب التحديد ولكن هناك‬
‫بعض من الخطوط العريضة التي تدور حولها الشخصية ‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫‪ -1‬أن الشخصية تشير الى األساليب الثابتة للسلوك والخصائص التي تميز‬
‫األفراد او الجماعات او الثقافات المختلفة‪.‬‬
‫‪ -2‬ترتبط الشخصية وتركز على البناء الخاص بالسلوك‪.‬‬
‫‪ -3‬ان الشخصية نتاج للتفاعل بين البيئة الخارجية والتغيرات الداخلية التي‬
‫تظهر تميزا ً في السلوك (ربيع ‪،٢٠١٣‬القذافي‪)١٩٩٣،‬‬
‫لذلك فإننا عندما نقوم بدراسة الشخصية من أجل فهمها فأننا ال بد وأننا نهتم بعدد من األمور منها‬
‫تاريخ حياة الفرد منذ والدته الى اللحظة التي نقوم بدراسته‪ ،‬كما أننا نركز على العوامل الوراثية‬
‫والتكوينية التي تؤثر في سلوكه ‪ ،‬وأخيرا ً المثيرات البيئية التي يقوم الفرد باالستجابة لها وتؤثر‬
‫في تطور شخصيته‪.‬‬
‫تعريفات الشخصية‬
‫وكما أشرنا سابقا ً فقد اختلف علماء النفس في تعريف الشخصية والتركيز على تعريف موحد لها‪.‬‬
‫ولذلك عند النظر الى تعريفات الشخصية نجد انها تنحصر في أربع فئات هي ‪:‬‬
‫‪١٨‬‬
‫تعريفات ر ّكزت على الشكل الظاهري للفرد وخصائصه الجسدية كالقوة أو‬
‫‪-1‬‬
‫الضعف أو الشدة أو النعومة أو الشجاعة أو الخجل او المرح ونالحظ هنا انها لم تركز‬
‫على الخصائص الداخلية للفرد‪.‬‬
‫التعريفات التي ركزت على المكونات الداخلية؛ والتي اهتمت بالمكونات العقلية‬
‫‪-2‬‬
‫والدينامية والنواحي النفسية والمزاجية واالتجاهات والميول واألخالق والشهوات‬
‫والغرائز مثل‪:‬‬
‫ تعريف شترن والذي يرى بأن الشخصية عبارة عن وحدة دينامية لها تكوينات متعددة‪.‬‬‫ تعريف وايرن وكارل مايكل(عطية‪ )٢٠٠٧‬والذي يرى بأن الشخصية هي ذلك التنظيم‬‫العقلي المتكامل لإلنسان في مرحلة معينة من مراحل نموه والتي تشمل على نواحي‬
‫متعددة مثل النواحي النفسية والعقلية والمزاجية واالتجاهات والميول واألخالق‪.‬‬
‫ تعريف ألبورت‪ :‬ويشير الى التنظيم الدينامي عند الفرد والذي يحتوي على المكونات‬‫النفسية التي تميز سلوك الفرد عن غيره‪.‬‬
‫ تعريف أيزك‪ :‬الذي ركز على الثبات الدائم إلى حد ما لسلوك الفرد ومزاجه وأطباعه‬‫وقدراته العقلية والجسدية والتي تحدد طرق تكيفه مع البيئة‪.‬‬
‫ تعريف برنس "مجموع ما لدى الفرد من استعدادات ودوافع ونزاعات وشهوات‬‫وغرائز فطرية وبيولوجية وكذلك ما لديه من نزاعات واستعدادات مكتسبة "‬
‫(ربيع‪)٢٠١٣‬‬
‫التعريفات التعريفات التي ترى الشخصية مثيرا ً واستجابة ‪:‬‬
‫‪-3‬‬
‫ فقد أشار ألبوت (‪ )١٩٦١‬الى ذلك عندما تحدث عن قدراة الفرد بالتأثير في اآلخرين‬‫فهو يتحدث عن مهارات يتمتعبها الفرد تساهم في إحداث تغيير مهم في المجتمع الذي‬
‫يعيش به‪ .‬ولذلك يرى بأن لكل واحد منا أكثر من شخصية تظهر في المواقف المختلفة‬
‫حسب ما يراه ذلك الفرد مهمة لتحقيق أهدافه (غنيم‪.)١٩٧٨‬‬
‫‪١٩‬‬
‫‪٢٠‬‬
‫ في حين نظر البعض الى شخصية (ألبورت) على أنها استجابة الفرد للمثيرات البيئية‬‫تتنوع‬
‫واالجتماعية المختلفة والتي تساعده على التكيف مع تلك المواقف ولذلك ّ‬
‫استجابات الفرد حسب هذه المواقف وتساعده على التوافق مع التغيرات التي تطرأ‬
‫على حياته االجتماعية‪.‬‬
‫ تعريف واطسون(‪ : )١٩٣٠‬نظر الى الشخصية على أنها مجموعة من النشاطات التي‬‫تظهر عند الفرد على مدى فترة زمنية كافية‪ ،‬فالشخصية هي النتاج النهائي للعادات‬
‫المنظمة لدينا‪ .‬أي ذلك التأثيرالذي يحدثه الفرد في اآلخرين ‪ ،‬حيث إن الفرد يستطيع‬
‫أن يجعل من استجاباته مثيرا ً لآلخرين بحيث تحدث االستجابة التي تريدها هي بذلك‬
‫تشبه معنى القناع الذي تحدث عنه يونغ‪ .‬وهذا ما يوحي بأن لإلنسان أكثر شخصية‬
‫تظهر حسب الظروف المختلفة‪.‬‬
‫ تعريف سكنر‪ :‬مجموعة من األنماط السلوكية التي يمكن مالحظة تطورها وإمكانية‬‫التبؤ والتحكم فيها عن طريق مبادئ السلوك‪.‬‬
‫ أما تعريف ألبورت والذي يشير إلى ان الشخصية هي استجابة الفرد المميزة للمثيرات‬‫االجتماعية وكيفية تكيفه مع المظاهر االجتماعية في البيئة (ربيع‪)٢٠١٣‬‬
‫التعريفات التي تركز على عمليات التوافق بين الفرد وبيئته ‪ ،‬فقد أشارت هورني‬
‫‪-4‬‬
‫إلى أن مفهوم السواء ليس فقط بين بيئة وأخرى بل ممكن أن يكون داخل البيئة الواحدة‪.‬‬
‫فكل فرد مزود بعدد من الدوافع والصفات الفطرية والسلوكيات المتنوعة بشكل يكاد يكون‬
‫متسا ٍو ولكن االختالف يمكن في أسلوب الفرد في التكيف مع البيئة المحيطة‪.‬‬
‫ويرى جريفث بأت الشخصية هي مجموعة من الصفات التي يتصف بها الفرد والتي تنتج عن‬
‫عملية تكيف الفرد مع بيئته االجتماعية‪.‬‬
‫وأخيرا نود أن ننوه إلى أن ألن يشير في بداية كتابه إلى تعريف مبدئي للشخصية حيث يقول إن‬
‫االختالفات أو الفروفات الفردية واألبعاد السلوكية والسمات تشير إلى أن البشر يختلفون بأشكال‬
‫مختلفة‪ .‬ولذلك فإن دراسة الشخصية تتضمن هذه االختالفات المهمة في السمات ىتمثل كل سمة‬
‫أحد طرفي البعد السلوكي والشخصية هنا هي مجموعة من النقاط التي تقع على موقع متصل‬
‫يمثل البعد السلوكي‪ .‬ولذلك فإن هذه السمة ال تبقى بحالة الثبوت بل إنها قد تتغير على هذا البعد‬
‫أي أنها تأخذ قيما ً متصلة وليست منفصلة‪.‬‬
‫مكونات الشخصية‬
‫إن فكرتنا التي نكونها عن اآلخرين إنما تنتج عن مالحظتنا وتفاعلنا المستمر ولذلك نبني أحكامنا‬
‫ونطلق صفات على الشخصية بناء على مكونات تلك الشخصية والتي تنحصر في عدد من‬
‫المكونات هي ‪:‬‬
‫المكونات الجسمية‪ :‬الحظ كيف نطلق الكثير من األحكام بناظ على الشكل‬
‫‪-1‬‬
‫الظاهري لإلنسان ويصل بنا األمر الى ان نحدد مستقبله المهني بناظ على هذه الصفات‬
‫مثل الطول والوزن وتناسق أعضاء الجسم والمظهر العام للفرد ‪ ،‬وعلى تأثير الغدد‬
‫وإفرازاتها‪ .‬فغالبا ً ما نقول بأن هذا االنسان يصلح ألن يكون العب كرة سلّة أو مصارع‬
‫بسبب عضالته أو طوله‪ ،‬أو أن يصلح ليكون فنّي من نوع ما ) ألن يديه تتصفان بالنعومة‬
‫والدقة‪.‬‬
‫‪٢١‬‬
‫المكونات العقلية‪ :‬وهنا نتحدث عن الوظائف النفسية المعرفية القدرات المعرفية‬
‫‪-2‬‬
‫لدى الفرد‪ ،‬وقدرته على االدراك والتخيل والتفكير والتذكر وحل المشكالت‪ .‬ونتحدث عن‬
‫الذكاء والقدرة اللغوية وكيف أنه يستطيع استغالل هذه القدرات في التكيف مع البيىة‬
‫االجتماعية والطبيعية التي تحيط به‪.‬‬
‫المكونات االنفعالية‪ :‬هذا المكون يشتمل على االنبساط واالنطواء والشعور‬
‫‪-3‬‬
‫بالخضوع او التمرد او المشاركة او االنسحاب‪ .‬كيف يستطيع االنسان أن يعبر عن‬
‫افعاالته بشكل صحيح وكيف يستطيع ان يفهم اآلخرين ويجاملهم ويتواصل معهم‬
‫بتعبيراته انفعالية مالئمة‪.‬‬
‫المكونات البيئية‪ :‬والتي تشير الى المثيرات البيئية التي تلعب دورا ً كبيرا ً في‬
‫‪-4‬‬
‫شخصية الفرد وتحثه على االستجابة بشكل مناسب وهنا نتكلم عن البيئة بكافة أشكالها‬
‫المادية واالجتماعية‪.‬‬
‫وإن هذه المكونات تظهر في المواقف المختلفة وهي التي تجعلنا نطلق احكامنا على اآلخرين كلما‬
‫تكرر نفس السلوك في مواقف متعددة ومتكررة ومن هنا يكون حكمنا على الشخصية بمقدار‬
‫ثبات أثر تلك المكونات والمواقف المختلفة‪ .‬وإن التكيف يتطلب من الفرد أن يسلك بطريقة مميزة‬
‫تساعده على البقاء واالستمرار ولذلك كلما تميزت المكونات المختلفة للشخصية كان تكيفه افضل‬
‫واستطعنا ان نرى وصفا ً واضحا ً للشخصية‪.‬‬
‫ولذلك نجد ان الشخصية تتصف بالثبات النسبي مما يسهل علينا اطالق االحكام والمسميات على‬
‫الشخصية بناء على ذلك‪.‬‬
‫إال أن بعض العلماء نظر إلى المكونات من جانب آخر فقد قال الزورس أن هناك صفات فطرية‬
‫أساسية هي المكون األول للشخصية‪ ،‬حيث ركز على المنعكسات الالإرادية واالستعدادات‬
‫و القدرة على التعلم فهي من المكونات التي تعمل على تحديد الشكل النهائي للشخصية كما أضاف‬
‫الى ذلك االتجاهات والعادات وما يكتسبه الفرد من البيئة التي يعيش فيها‪ .‬فمن فمن وجهة نظره‬
‫تلعب الجوانب الوراثية والجينية وكذلك تلك الجوانب التي يكتسبها من البيئة تلعب جميعا ً دورا ً‬
‫في تحديد الشكل النهائي للشخصية‪.‬‬
‫‪٢٢‬‬
‫ولذلك يضيف الزوراس الى ان هناك عوامب تحدد الشخصية هي ‪:‬‬
‫الدوافع‪ :‬حيث يشير الى ما تلعبه الدوافع من دور في توجيه السلوك ودفعه للقيام‬
‫‪-1‬‬
‫بنشاط معين قد يأخذ مسارا ً شبه ثابت في حياة االنسان‪.‬‬
‫عامل السيطرة ‪ :‬ويقصد به هنا أن سلوك الفرد مقصود وموجه وليس عشوائيا ً بل‬
‫‪-2‬‬
‫هادفا ً ‪ ،‬وهذا يكون في حالة الشخصية السوية‪ .‬وكذلك فإن الجهاز العصبي يلعب دورا ً‬
‫مهما ً في تحديد االستجابة الصحيحة والمناسبة للموقف‪.‬‬
‫عامل التظيم‪ :‬وهي لجوء الفرد الى تنظيم دوافعه وحاجاته حسب أهميتها‬
‫‪-3‬‬
‫ومالءمتها للمجتمع الذي يعيش فيه؛ لذلك فهو قادر أن يشبع حاجاته بشكل توافقي وبشكل‬
‫مالئم لما يراه المجتمع‪.‬‬
‫وهكذا تلعب الجوانب البيولوجية والنفسية واالجتماعية والثقافية دورا ً أساسيا ً في تكوين‬
‫الشخصية ‪ ،‬ونالحظ هنا أنه ركز على مفهوم التكيف مع حاجات المجتمع كشرط أساسي‬
‫لتكوين الشخصية‪.‬‬
‫ولذلك يلعب التكيف دورا ً مهما في الشخصية فالتكيف عملية دينامية مستمرة يقوم بها الفرد‬
‫من خالل الوصول الى سلوك ناجح يحدث فرقا في حياته ويساعده على االستمرار والبقاء‪.‬‬
‫ولذلك يعتبر التكيف الصحيح من أهم مؤشرات الصحة النفسية‪ .‬والتكيف أنواع تساهم في‬
‫التأثير بالشخصية ومن هذه األنواع‪:‬‬
‫التكيف الشخصي ‪ :‬وهو قدرة الفرد على التوفيق بين دوافعه المتصارعة بشكل‬
‫‪-1‬‬
‫يستطيعرمعها الوصول الى إرضائها جميعاً‪ .‬بمعنى أنها تساعد الفرد لكي يعيش حياة‬
‫مستقرة خالية من المخاوف وبعيدة عن التأثيرات السلبية التي تعيق مجال تطوره‬
‫وسعادته‪.‬‬
‫‪٢٣‬‬
‫التكيف االنفعالي ‪ :‬وهو مهم وضروري من أجل تطوير عالقة الفرد باآلخرين ‪،‬‬
‫‪-2‬‬
‫والتكيف االنفعالي عبارة عن قدرة الفرد في التحكم بانفعاالته التي تساعده في فهم‬
‫اآلخرين والتخلص من التوترات والصراعات النفسية واالبتعاد عن القلق والخوف‬
‫واالكتئاب‪.‬‬
‫التكيف االجتماعي ‪ :‬والذي نستطيع التعرف اليه من خالل قدرة الفرد على‬
‫‪-3‬‬
‫تطويرعالقاته االجتماعية والمشاركة االجتماعية واالبتعاد عن االنسحاب واالنطواء‬
‫وارتياح اآلخرين له‪.‬‬
‫لذلك كان من السهل علينا أن نطلق مفهوم الشخصية السوية على كل شخصية تتمتع‬
‫باآلتي‪:‬‬
‫‪ -1‬الشعورية‪ :‬أن الفرد يحس ويدرك ما يحدث حوله‪.‬‬
‫‪ -2‬متكيفة‪ :‬بجميع أشكال التكيف التي أشرنا اليها‪.‬‬
‫‪ -3‬مجدة ونشطة‪ :‬تسعى لتحقيق أهدافها‪.‬‬
‫‪ -4‬فاعلة وعاملة‪ :‬تتفاعل بانتظام وبسكل صحيح من المجتمع‪.‬‬
‫‪ -5‬الكفاءة‪ :‬استغالل قدراتها بشكل صحيح‪.‬‬
‫‪ -6‬المالئمة‪ :‬اختيار ما يتناسب مع الموقف‪.‬‬
‫‪ -7‬المرونة‪ :‬يتوافق مع البيئة التي يتواجد فيها‪.‬‬
‫‪ -8‬االستفادة من الخبرات التي يمر بها‪.‬‬
‫‪ -9‬التواصل االجتماعي الصحيح‪.‬‬
‫التقدير المعقول للذات‪.‬‬
‫‪-1 0‬‬
‫االنفعاالت السوية التي تتناسب مع المواقف‪.‬‬
‫‪-1 1‬‬
‫القدرة على التحمل‪.‬‬
‫‪-1 2‬‬
‫تناسب السلوك مع العمر الزمني‪.‬‬
‫‪-1 3‬‬
‫‪٢٤‬‬
‫وهذا يقودنا الى تساؤل دائم هل الشخصية ثابتة أم متغيرة؟ ولإلجابة عن هذا السؤال نقول‬
‫إنه ال يوجد ثبات دائم بل ثبات نسبي؛ ألن استمرار السلوك في الحدوث في المواقف‬
‫المشابهة يصبح كالعادة يميز الشخصية عن غيرها ‪ ،‬ولكن ال بد من أن تحدث تغيرات في‬
‫البيئة الداخلية والخارجية مما يؤثر في ثبات السلوك الذي قد يغير االنسان الى نمط‬
‫شخصيته بناء على تلك العوامل او الظروف‪.‬‬
‫وعليه فإن دراسة الشخصية تعتبر ركنا ً أساسيا ً في علم النفس ‪ ،‬ألن دراسة الشخصية تهن‬
‫كافة جوانب الحياة فهي أساسية في عملية التشخيص ‪ ،‬وبالتالي بستطيع اخصائي علم‬
‫النفس االكلينيكي من تقديم أسلوب العالج المناسب كما أن أهمية دراسة الشخصية‬
‫تساعدنا في عملية االنتقاء والتعين والتوظيف واختيار الشخصية المناسبة للوظيفة‬
‫المقصودة‪ .‬كما ان دراسة الشخصية تساعدنا على اختيار األشخاص المناسبين للمواقف‬
‫االجتماعية المناسبة‪.‬‬
‫الشخصية والذات‪:‬‬
‫كثير من العلملين في مجال علم النفس يستخدم مفهوم الشخصية ومفهوم الذات بشكل‬
‫متبادل‪ .‬وفي الحقيقة ‪ ،‬ان مصطلح الذات يشير الى تصور الفرد عن ذاته وبما يحمله من‬
‫مدركات وأفكار وآراء وتصورات ‪ ،‬أي أنها رؤية الفرد لذاته ‪ ،‬والفرد يستطيع التوصل‬
‫الى ذلك من خالل معرفته بنفسه‪.‬‬
‫في حين أن الشخصية كما أشرنا بأنها رؤية اآلخرين لسلوكك‪.‬‬
‫‪٢٥‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫طرق دراسة الشخصية‬
‫لقد واجه علماء النفس الكثير من الصعربات في تعريف الشخصية‪ ،‬وربما يعود السبب‬
‫الى االختالفات الموجودة بين البشر ‪ ،‬وهو ما نسميه بالفروق الفردية والصفات وانماط‬
‫االستجابة ‪ ،‬والقيم والعادات والتقاليد من مجتمع الى آخر مما يخلق صعوبة كبيرة في فهم‬
‫وتعريف الشخصية‪.‬‬
‫لذلك لجأ العلماء بشكل مقصود الى دراسة الشخصية‪ ،‬فتنوعت الطرق التي يتبعونها‬
‫واختلفت العينات المدروسة وذلك للوصول الى شبه اتفاق فيما يتعلق بفهم الشخصية‪.‬‬
‫طرق دراسة الشخصية‪:‬‬
‫‪ -1‬المالحظة (‪ : )Observation‬تعتبر المالحظة من الطرق الهامة التي اعتمدتها‬
‫معظم الدراسات النفسية واالجتماعية بغية الوصول الى تفاصيل دقيقة حول الظاهرة‬
‫نصور بها االستجابات الحقيقية للكائن الحي كما تحدث‬
‫المدروسة؛ فهي الوسيلة التي‬
‫ّ‬
‫في البيئة الطبيعية‪ .‬ويستطيع الباحث ان يقوم بالمالحظة دون وضع عوامل او‬
‫متغيرات مصطنعة‪ .‬أي أنه يدرس السلوك كما يحدث حقا ولكن باإلضافة الى‬
‫ذلكويستطيع الباحث ان يصمم المواقف حسبما يراها مناسبة ألهداف الدراسة ‪ ،‬وذلك‬
‫عندما يتعذر مالحظة الظاهرة كما تحدث في الموقف األصلي‪ .‬فنحن نستطيع أن نوجد‬
‫بيئة مناسبة داخل المختبر لدراسة سلوك المتعلق عند الطفل في المختبر عندما يصعب‬
‫علينا ان نقوم بذلك في البيت‪.‬‬
‫‪٢٧‬‬
‫ويستطيع االنسان أن يالحظ نفسه ويحلل خبراته من خالل عملية االستبطان ‪ ،‬والتي ترتكز على‬
‫قيام الفرد بمراجعة خبراته التي مر بها حيث يسترجع تلك الخبرات من الذاكرة‪ ،‬ولكن المشكلة‬
‫هنا في دقة ما يتذكر وفي دقة احكامه التي يصدرها حول تلك الخبرات ألن هذا التحليل يعتمد‬
‫على وجهة النطر الشخصية‪.‬‬
‫وفي نفس السياق نستطيع القيام بمالحظة سلوك اآلخرين وتقييمخ بنا ًء على معايير يحددها‬
‫الباحث في الشخصية ‪ ،‬ولذلك تنوعت طرق المالحظة وهي ‪:‬‬
‫أ‪ -‬المالحظة المباشرة‪ :‬والتي تتم في البيئة األصلية التي يحدث فيها السلوك كتصرف‬
‫الشخص في السوق او طالب داخل الصف ‪ ،‬او لدى الشخص الذي يتعرض لموقفزمفاجئ‬
‫في الحياة العامة‪ .‬ولقد قامت الكثير من الدراسات بهذه الطريقة ‪ ،‬وخصوصا ما نشاهده‬
‫على شاشات التلفاز مثل الكاميرا الخفية‪.‬‬
‫ب‪ -‬المالحظة غير المباشرة‪ :‬وهي تلك التي تعتمد مسبقا على تهيئة بيئة معينة الجراء تجربة‬
‫لدراسة سلوك الفرد واستجاباته الحقيقية في تلك المواقف‪ .‬وهنا قد تلعب االخالق الفردية‬
‫والتحيز والمسؤولية دورا ً مه ّما ً في تحديد نوع االستجابة‪ .‬وهذا ما قرأنا عنه في تجربة‬
‫العالم مليجرام ج عندما طلب من المشاركين إعطاء صدمة كهربائية آلخرين لم يكونوا‬
‫يعلمون بأنها وهمية‪ .‬وأراد مليجرام أن يدرس مدى االمتثال والطاعة في القيام بذلك‪.‬‬
‫وكانت تجربة مذهلة شككت في أخالق الفرد وامتثاله في إيذاء اآلخرين عندما يتم اخباره‬
‫بأنه ال يتحمل مسؤولية ذلك‪ .‬وإن مثل هذا النوع من المالحظة ساهم في تفسير شحصية‬
‫االنسان وسلوكه تجاه الكثير من الظواهر الطبيعية‪.‬‬
‫‪٢٨‬‬
‫ج‪ -‬المالحظة الذاتية ‪ :‬وهي تلك التي أشرنا اليها في بداية حديثنا والتي تعتمد على مراقبة الفرد‬
‫لذاته ‪ ،‬وتسجيل هذه المعلومات بشكل مباشر ويطلب منه استرجاع هذه المعلومات والحوادث‬
‫خالل ذلك اليوم‪ .‬وفي طريقة أخرى تكون على شكل مذكرات يسجلها الفرد يوميا ً عما يمر به من‬
‫أحداث فهي طريقة لقراءة مالحظات االخرين التي يدونونها في مذكراتهم وبناء على ذلك نقوم‬
‫بدراسة تلك المذكرات وتقييم الشخصية‪.‬‬
‫وعلى الرغم مما تقدمه المالحظات بأنواعها المختلفة من معلومات قيمة إال انها ال تعتبر طريقة‬
‫كاملة ‪ ،‬الن عيوبها تحد من موضوعيتها‪ ،‬فقد نرى فيها تحيز الباحث لفكره او لفئة دون أخرى‪.‬‬
‫وقد نجد أن المفحوصين يستجيبون لكثير من المثيرات بطريقة يرضون بها الباحث مما يخلق‬
‫نتائج غير حقيقية‪.‬‬
‫غير أن الباحثين استطاعوا وضع أسس لجمع معلومات دقيقة من خالل وضع معايير واضحة‬
‫كالتكرار مثال‪ ،‬او من خالل استخدام التكنولوجيا الحديثة التي من خاللها بتنا نسجل أدق‬
‫التفاصيل في عملية المالحظة مما أضاف اليها دقة أكبر‪.‬‬
‫‪ -2‬دراسة الحالة (‪ :)Case study‬تعتبر دراسة الحالة من الطرق الشاملة التي‬
‫تحتوي على أكثر من طريقة‪ ،‬فهي تشمل المالحظة والمقابلة وجمع المعلومات من‬
‫األسرة والبيىة والسجالت‪ .‬إذ أنها دراسة عميقة للفرد ولفترة زمنية طويلة أو أياما ً مع‬
‫الشخص لمعرفة طريقة استجابته للمواقف المختلفة وكيف يتفاعل مع اآلخرين أو‬
‫دراسة تكيفه مع البيئة التي يعيش فيها‪.‬‬
‫‪٢٩‬‬
‫إن دراسة الحالة منهجية طويلة ودقيقة ومن خاللها يجمع الباحث‬
‫معلومات مفيدة ووصف دقيق للفرد موضوع الدراسة والباحث هنا يسجل ما‬
‫يشاهد أو يسمع دون أن يعمد إلى إعداد بيئة مسبقة الختبار استجابات الفرد‬
‫فيها من الصدق درجة كافية إن لم تتأثر بذائية الباحث‪ ،‬وهي شبيهة‬
‫بالمالحظة إذ إن كلتاهما توفر لنا قدرا كبيرا من المعلومات عن الفرد‪ .‬إن‬
‫دراسة الحالة توفر لنا معلومات كثيرة وقد تكون دقيقة ولكن المشكلة هنا أنه‬
‫في بعض األحيان قد ال تكون كذلك؛ ألن هذه المعلومات تستمد من فرد واحد‪،‬‬
‫مما يصعب الوصول إلى حقائق أو معلومات يمكن تعميمها (أبو أسعد‪،‬‬
‫‪2010(.‬‬
‫ولكن لدراسة الحالة عيوب على الرغم من فوائدها وذلك أنها تفتقر‬
‫إلى العمومية وهو أمر مهم للغاية؛ فهي الوسيلة التي نستطيع قراءة صفات‬
‫وخصائص معظم أفراد المجتمع‪ .‬ولتحقيق هذا األمر فال بد أن تحتوي العينة‬
‫التي ندرسها على أفراد كثيرين من أعمار مختلفة ومن اإلناث والذكور‪،‬‬
‫وكذلك من ثقافات وديانات مختلفة بهدف الوصول إلى تعميم النتائج‪ ،‬أو‬
‫معرفة الصفات أو الخصائص التي يشترك بها مجتمع ما‪ .‬أما العيب اآلخر‬
‫فيتضمن مشكلة تحيز الباحث مع أو ضد الحالة التي يدرسها‪ ،‬أو حتى مشكلة‬
‫دقة المعلومات التي يقدمها الفرد عن نفسه أو أهله عنه‪.‬‬
‫‪٣٠‬‬
‫‪ -3‬المقابلة‪ :‬ومن ناحية إجرانية فالمقابلة هي لقاء يتم بين الباحث والشخص‬
‫موضوع الدراسة و هي إجراء يتم من خالله جمع المعلومات بشكل مباشر‬
‫من العميل‪ .‬ويتم ترتيب المقابلة بطريقة إما مقننة أو مفتوحة‪ .‬فالمقابلة‬
‫المقننة تعتمد بشكل أولي على وضع أسئلة محددة يسعى الباحث في‬
‫الوصول اإلجابات عنها في مناح شتى من حياة الفرد‪ .‬وإذا كان هناك‬
‫أشخاص كثيرون في العينة لدى الباحث‪ ،‬فيجب أن تكون هذه األسئلة‬
‫واحدة للجميع‪ .‬وفي األغلب هي أسئلة تتم اإلجابة عنها من خالل نعم أو‬
‫ال‪ ،‬أو من خالل مدرج يحتوي على عدة اختيارات (عبد الخالق‪.)1993 ،‬‬
‫أما فيما يتعلق بالمقابلة غير المقننة‪ :‬فهي مقابلة مفتوحة يسال‬
‫الباحث السؤال ويترك اإلجابة للمفحوص بشكل مفتوح ال يتقيد باختيار معين‪.‬‬
‫وهذه قد تخلق صعوبة للباحث في تحليلها وقد تسبب مشكلة في عملية‬
‫التعميم‪ .‬ومما ال شك فيه أن المقابلة تفيدنا في الحصول على الكثير من‬
‫المعلومات وخصوصا حينما يتعلق بسلوك الفرد ومالحظة انفعاالته‪،‬‬
‫واستجاباته وتعطينا دالئل كثيرة عن هذا الفرد‪ .‬فنستطيع أن نالحظ تفاعل‬
‫الفرد مع اآلخرين‪.‬‬
‫وينبغي لنا أن نعرف كأخصائيين أن المقابلة تختلف من حيث الهدف‪،‬‬
‫فهناك المقابلة التشخيصية التي يعتمد عليها األخصائي اإلكلينيكي‪ ،‬وهناك‬
‫المقابلة العالجية‪ :‬وهي التي نطلق عليها الجلسات النفسية‪ ،‬وهنا يقوم‬
‫المعالج بتنفيذ الخطة العالجية وتقديم العالج إلى العميل‪ .‬والنوع الثالث هي‬
‫المقابلة البحثية‪ :‬وهي طريقة يتم من خاللها جمع البيانات وتحليلها بهدف‬
‫الدراسة أو البحث‪( .‬العنزي‪.)1998 ،‬‬
‫‪٣١‬‬
‫ولكن االمقابلة شأنها شأن الطرق األخرى وسيلة غير دقيقة للغاية ألن هنام مجال‬
‫واسع لفرض رأي الباحث وتحيزه ‪ ،‬كما ان المقابلة ال تكون بنفس األسلوب والطريقة‬
‫مع جميع األفراد الذين نقابلهم‪.‬‬
‫‪ -4‬الدراسات االرتباطية بين المتغيرات‪Correlation Between Variables :‬عند‬
‫النظر في العالقات بين المتغيرات المختلفة فإننا نجد هناك ثالثة أنوع من العالقات‪:‬‬
‫أ‪ -‬األولى هي العالقة السببية بين المتغيرات ‪ :‬والتي تشير الى السبب والنتيجة والتي‬
‫نجد هذه العالقة بين المتغيرات في العلوم الطبيعية ‪ ،‬وفي االنسان نجدها في العالقات‬
‫بين المثيرات غير الشرطية واالستجابة غير الشرطية مثل وجود الطعام وسيالن‬
‫اللعاب أو الضوء الشديد وصغر بؤبؤ العين‪.‬‬
‫ب‪ -‬أما النوع الثاني من العالقة بين المتغيرات فهي العالقة الوظيفية والتي تشير إلى أن‬
‫أي تغير في أحد المتغيرين إنما هو وظيفة للمتغير اآلخر‪ ،‬کالزيادة في العمل‪ ،‬وظيفة‬
‫للزيادة في الراتب‪.‬‬
‫ت‪ -‬والنوع الثالث من العالقات هو العالقة االرتباطية بين المتغيرات‪ :‬وتشير‬
‫هذه العالقة إلى وجود تناسق بين المتغيرين إيجابا أو سلبا فهناك عالقة‬
‫موجبة أو طردية أو عالقة عكسية سلبية ولكن آلية هذه العالقة غير‬
‫معروفة ولكنها تظهر بوجود متغيرات معينة‪.‬‬
‫وموضوعنا هنا هو الدراسة االرتباطية والتي عمد الباحثون إلى دراسة العالقة بين‬
‫المتغيرات الذي تشير إلى أن متغير ما يرتبط بمتغير آخر إما أيجابا أو سلبا‪ .‬فقد‬
‫يرتبط مثير معين أيجابا أكثر مع النوع االجتماعي (ذكر‪ ،‬أو أنثى)‪ .‬إن الدراسات‬
‫االرتباطية ذات أهمية كبيرة ال سيما عندما ال‬
‫‪٣٢‬‬
‫نستطيع أن نحدد العالقة سبينيا أو وظيفيا‪ .‬وهكذا يجد العلماء الكثير من‬
‫االرتباطات بين العديد من المتغيرات مما يلقي ضوءا كبيرا في التعرف إلى‬
‫المتغيرات التي تؤثر في الشخصية‪ .‬فلو أراد الباحث مثال أن يدرس العالقة‬
‫بين البيئة الجغرافية وخصائص الشخصية‪ ،‬فإن من أفضل المناهج التي تحقق‬
‫الهدف هنا هو المنهج االرتباطي‪ ،‬فيمكن للباحث أن يدرس ذلك من خالل‬
‫معرفة هل هناك عالقة بين المكان والخصائص الشخصية (الزغول‪.)2016 ،‬‬
‫‪ -5‬االختبارات النفسية‪ :‬تعتبر من أهم األدوات التي يستعين بها العاملون في‬
‫مجال علم النفس للوصول إلى معلومات حول األفراد المراد قياس بعض‬
‫الخصائص أو القدرات لديهم بهدف عملية التشخيص في مجال علم‬
‫النفس اإلكلينيكي مثل مقاييس االكتئاب والقلق‪ .‬وقد نستعين بها من أجل‬
‫قياس الذكاء مثل مقياس ستانفورد بينيه ومقياس وكسلر لقياس ذكاء‬
‫الراشدين‪ .‬وفي مجال الشخصية يعتمد العلماء والدارسين كثيرا على‬
‫العديد من مقاييس الشخصية مثل مقياس (‪ )MMPI‬واختبار الروشاخ‬
‫والتات (‪ )TAT‬وعدد آخر من المقاييس اإلسقاطية وغيرها من المقاييس‬
‫التي سنأتي على ذكرها الحقا‪ .‬والمقاييس واالختبارات عبارة عن فقرات‬
‫تهدف إلى الحصول على مدى توفر أو عدم توفر لقيمة معينة أو خاصية‬
‫أو سمة أو مجموعة من مؤشرات االضطراب لدى الفرد‪ .‬ومن المهم أن‬
‫نعرف أن مقاييس الشخصية لعبت دورا مهما في دراسة الشخصية‬
‫وقدمت العديد من النظريات والتطور في هذا المجال‪ .‬ومن الجدير بالذكر‬
‫أن هذه االختبارات قد مرت في مراحل تقنين االختبارات وتم استخالص‬
‫المعايير والخصائص السايكومترية مثل الصدق والثبات‪ .‬وحتى المقاييس واالختبارات‬
‫األجنبية فقد تم أيضا تحديد معايير الصدق والثبات كي تكون صالحة للتطبيق على‬
‫البيانات العربية‪.‬‬
‫‪٣٣‬‬
‫‪ -6‬التحليل العاملي‪ :‬لقد ساهم هذا المنحى االحصائي في دراسة وتحليل العديد من‬
‫السمات التي ارتبطت مع بعضها البعض مما ساعدنا على وضع مصفوفات االرتباط‪.‬‬
‫ثم نقوم بالتحليل العاملي لهذه المصفوفات حتى نصل في النهاية الى عدد محدد من‬
‫العوامل مما يساعدنا في الوصول الى عدد من المتغيرات واستخالص الصفات‬
‫المشتركة بينها‪.‬‬
‫‪ -7‬المنهج التجريبي ‪ :‬يعتبر المنهج التجريبي من أكثر مناهج البحث دقة‪ .‬فمن خالل‬
‫هذا المنهج نستطيع الوصول الى العالقة السببية بين المتغيرات من خالل التجربة‪.‬‬
‫فالضبط التجريبي في هذا المنهج عا ٍل جداً‪ .‬وبه يتمكن الباحث الى حد ما الى استبعاد‬
‫الكثيرمن المتغيرات الدخيلة وضبط العوامل الخارجية التي من الممكن أن تؤثر في‬
‫النتائج‪ .‬فمهمة الباحث تهيئة الظروف التجريبية والتحكم فيالعوامل المختلفة ومن ثم‬
‫حديد مشكلة الدراسة ومتغيراتها ووضع الفرضيات المناسبة او أسئلة الدراسة ثم‬
‫اختبار العينة المناسبة للدراسة ‪ ،‬ومن ثم يتم التعامل مع متغيرات المستقلة لمعرفة‬
‫أثرها في المتغيرات التابعة ‪ ،‬وقد يحتاج الباحث الى تقسيم عينة الدراسة الى‬
‫مجموعات تجريبية وأخرى ضابطة‪.‬‬
‫لقد قام علماء النفس عند دراسة الشخصية لمعرفة الكثيرعن أثر العالقة السببية لهذه المتغيرات‪،‬‬
‫مما يعطي فرصا ً أفضل لفهم الشخصية بالشكل الصحيح‪ .‬ومن المعروف أنه من الممكن إعادة‬
‫التجربة عدة مرات للتأكد من النتائج ‪ ،‬وكذلك التنويع في العينة وذلك بهدف إمكانية التعميم‪.‬‬
‫ولكن تكمن المشكلة في الدراسات التجريبية بالتكلفة المالية العالية ‪ ،‬وعملية الضبط التجريبي‬
‫فليس مت السهل دائما التحكم بوجود األشخاص للتجربة‪ ،‬إضافة الى الكثير من التجارب من‬
‫الصعب إجرائها على البشر او ان تطبيقها يقابل باالعتراض من هيئات البحث العلمي‪ .‬ولكن‬
‫نقول إن الدراسات التجريبية ذات أهمية كبيرة في دراسة الشخصية (الزغلول‪.)٢٠١٦،‬‬
‫‪٣٥ + ٣٤‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫العوامل والمحددات التي تساهم في تشكيل الشخصية‬
‫‪.1‬‬
‫‪.2‬‬
‫‪.3‬‬
‫‪.4‬‬
‫‪.5‬‬
‫المحددات البيولوجية‬
‫المحددات االجتماعية‬
‫المحددات الجغرافية‬
‫المحددات الثقافية محددات التعليم والمعرفة‬
‫العاومل النفسية‬
‫‪37‬‬
‫أوال‪ :‬العوامل والمحددات البيولوجية للشخصية ‪:‬‬
‫إن الشخصية اإلنسانية نتاج أو حصيلة تفاعل عدد من المحددات التي تعمل معا في تكوين شخصية أي منا؛لذلك فنسبة‬
‫هذه المحددات ومساهمتها في تشكيل شخصية اإلنسان قد تكون متغايرة وليست ثابتة عبر النوع البشري ‪،‬لهذا البد وأن‬
‫نجد فروقا فردية واضحة بين األفراد مهما كان التشابه بينهما قريبا ؛فسعي اإلنسان نحو التكيف بهدف البقاء ساعده في‬
‫نقل هذه الخصائص عبر األجيال (الوراثة) مما ساهم في تطور اإلبداع لديه والمحافظة على استمرار النوع ‪.‬‬
‫لذلك فقد تميز اإلنسان عن غيره من الكائنات بقدرته العالية على التعلم والتي تفوق باقي المخلوقات ‪ ،‬كما أن اإلنسان‬
‫ورث خاصية راقية أخرىوهي قدرته على التفاعل والتواصل مع المعاصرين له ومع األجناس األخرى أكثر من باقي‬
‫المخلوقات ‪.‬واإلنسان قادر على اإلحساس الممتد بالزمن‪ ،‬فهو يدرك الماضي ويعبر عن الحاضر ويخطط للمستقبل‬
‫ويشعر بذاته وبكينونته ‪.‬‬
‫وبسبب التطور البيولوجي المستمر والذي يتوقف على عاملين أساسيين األول هو أن هناك اختالفات تكوينية بين‬
‫الكائنات الحية داخل النوع لذلك فبعض السمات يمكن أن يتم إختيارها وتنتقل إلى األجيال الالحقة ‪،‬في حين يتم كبح‬
‫بعض السمات األخرى فتندثر هذه السمات وتزول ‪.‬والعامل الثاني هو أن هذه السمات التكوينية ضرورية ومناسبة لكي‬
‫تساعد النوع على التكيف واإلستمرارية ‪.‬‬
‫أن الوراثة عامل أساسي ويعني انتقال الخصائص الفيزيقية مباشرة من اآلباء إلى األبناء عند التزاوج وحدوث الحمل‬
‫‪.‬فاإلنسان إذن هو نتاج‬
‫‪39‬‬
‫لعنصري الوراثة والبيئة ‪.‬إن حياة اإلنسان تبدأ عند الحمل حين يتحد واحد من حوالي ‪ ٣٦۰‬مليون حيوان منوي من األب‬
‫مع بويضة األم لتكوين الزايجوت ويعرف حيئذ بالويضة المخصبة أو الملقحة ‪.‬وفي داخل نواة الخلية توجد تكوينات‬
‫خيطية تسمى الكروموسومات والتي تحمل المعلومات الوراثية‪.‬وتحتوي كل خلية من اإلنسان على ‪ ٤٦‬كروموسوم‬
‫نصفها من الذكر والنصف اآلخر من األنثى ‪.‬ويتم ترتيبها في ثالثة وعشرين زوج ويحدث التشابه في ‪ ٢٢‬كروموسوم أما‬
‫الثالث اوالعشرين فإنه سيختلف ألنه يحمل جنس المولود‪.‬‬
‫ويتألف كل كروموسوم من عدد كبير من الجزيئات الصغيرة والتي يطلق عليها الموروثات أو الجينات والجين هو‬
‫الوحدة األساسية للوراثة‪ .‬وتبعا لذلك فإن اإلنسان يرث العديد من الخصائص النوعية فنحن نرث خاصية اإلمساك بسهولة‬
‫نظرا لوجود اإلبهام ‪(.‬دافيوف‪ . )١٩٨۰ ،‬ومن هنا نجد أن الوراثة تشير إلى توارث سمة محددة لدى مجموعة محددة في‬
‫وقت محدد ويعد توارث سمة الطول بنسبة ‪٪ ٨۰‬؜ في أمريكا في حين تصل إلى ‪٪ ٦٥‬؜في الصين‪ .‬وتختلف نسب‬
‫الطول بين الذكور و اإلناث تبعا لإلختالفات الوراثية بين المجموعات العرقية‪( .‬اندينو‪ . )٢۰١٥،‬لذلك فإن القابلية‬
‫للتوريث إما أن تكون صفرا أو واحدا صحيحا فلو وضعنا توائم متطابقة في بيئات مختلفة فاالختالف يمكن أن يعزى‬
‫للبيئة ‪،‬ولو وضعنا أطفال متباينين في بيئات متشابهة عندئذ فإن االختالف في السمات ال يعزى إلى البيئات بل إلى‬
‫الوراثة وتعتبر قابلية الوراثة واحد صحيح ‪.‬‬
‫‪40‬‬
‫ويمد اآلباء كل ابن لهم بنصف عدد الكروموسومات في تجمع مختلف وهذا يعني أن كل فرد في األسرة تجربة وراثية‬
‫فريدة "لم تختبرمن قبل ولن تتكرر" باستثناء التوائم المتطابقة فهم متطابقون ‪(.‬دافيدوف‪. )١٩٨۰ ،‬‬
‫ومن هنا نستنتج أن الوراثة تلعب دورا هاما في الخصائص والسمات التي يرثها اإلنسان ‪،‬بيد أن علماء الوراثة واجهوا‬
‫صعوبات في دراسة أثر الوراثة في اإلنسان ‪ ،‬فالتجريب على اإلنسان قضية ذات بعد أخالقي ال نستطيع تخطيها ‪ .‬فنحن‬
‫ال نستطيع أن نعزو كافة التغيرات إلى الوراثة بشكل ‪٪ ١۰۰‬؜بل تلعب البيئة دورا مهما ( ‪ .)carey,2003‬وكالهما‬
‫يلعبان دورا كبيرا في التأثير في شخصية اإلنسان ‪.‬فالوراثة تلعب دورا في تحديد الجنس وخصائص البنية الجسمية‬
‫كالطول والقصر وفصيلة الدم ولون البشرة والعينين وهي تنتقل عن طريق الوراثة ‪ .‬بيد أن هناك عدد من الخصائص أو‬
‫السمات ال تنتقل عن طريق الوراثة بل عن طريق التعلم‪ ،‬وتلعب البيئة والتنشئة دورا مهما في ذلك األمر ‪.‬فالقيم‬
‫واالتجاهات والميول واالهتمامات والمعايير االجتماعية تؤثر في استجابات اإلنسان للمثيرات البيئية المختلفة‪.‬‬
‫ومع ذلك فالعوامل الوراثية ال تعمل بشكل مستقل عن العوامل البيئية بل يستمران في التفاعل فيما بينهما منذ لحظة تكون‬
‫الجنين إلى الممات ‪ .‬ولن ننسى هنا الدور المهم الذي يلعبه كل من الجهاز العصبي والغدد في سلوك وشخصية الكائن‬
‫الحي ‪.‬‬
‫الجهاز العصبي والغدد‪:‬‬
‫مما ال شك فيه أن الجهاز العصبي يؤثر وبشكل مباشر في سلوك الفرد فهو الذي يصدر األوامر إلى أعضاء الجسم‬
‫للحركة بناء على الرسائل‬
‫‪41‬‬
‫التي يستلمها من المثيرات الخارجية ويعمل على إدراكها وتفسيرها وتحضيرالردود المناسبة لها ‪ .‬باإلضافة إلى دور‬
‫الغدد بأنواعها المختلفة والتي تفرز هرمونات متنوعة تحدد كثير من الخصائص والسمات التي تساهم في تشكيل‬
‫الشخصية ‪.‬فالغدة النخامية تتحكم في عملية النمو العام والجنس‪ ،‬والدرقية تتحكم بالنشاط ‪ ،‬والكظرية تتحكم بالنشاط‬
‫االنفعالي والبنكرياس في إفرازاألنسولين ‪.‬باإلضافة إلى العديد من الغدد (عثمان‪.)٢۰۰٤،‬‬
‫ومن المهم أن نعرف هنا أن أي تغير في مستوى إفراز الهرمونات يؤدي إلى تغير في حياة الفرد وفي طريقة تصرفه أي‬
‫تؤثر في النهاية في شخصيته‪.‬‬
‫وقبل أن نختم حديثنا عن الخصائص الوراثية يجب ننبه إلى أن الشذوذ في الخصائص الوراثية يؤثر في نوع الشخصية‬
‫الناتجة ‪.‬وقد يكون الشذوذ ناتجا عن التمثيل النسبي الخطأ في الكروموسومات داخل الخلية سواء كان زيادة أو نقصان أو‬
‫اضطرابات بيوكيميائية من شأنها أن تتلف خاليا الدماغ وتضر بالجهاز العصبي ومن نتاج هذه العيوب متالزمات داون‬
‫و تيرنر وغيرها ‪.‬‬
‫هذا باإلضافة إلى الشذوذ الجيني فالطفرات تؤدي إلى أمراض واضطرابات شديدة تسبب اإلعاقة العقلية لما يترتب عليها‬
‫من خلل في نظام التمثيل الغذائي لبعض المواد في خاليا الجسم كالبروتينات والدهون والكربوهيدرات ‪.‬ومن هذه الحاالت‬
‫المرضية حالة البول الفينيل كوني والجالكتوسميا ومرض تاي ساك‪.‬‬
‫‪42‬‬
‫ثانيا‪ :‬العوامل والمحددات البيئية االجتماعية‬
‫إن عملية التنشئة االجتماعية والتربية عملية مستمرة يقوم بها الوالدان منذ لحظة والدة الطفل إلى لحظة تسلمه زمام أمور‬
‫حياته ونطالقه لبناء مستقبله على الرغم من استمرار دور الوالدين في تشكيل شخصية الفرد‪.‬فالتنشئة االجتماعية عملية‬
‫تعلم وتعليم وتربية‪ ،‬وتعتمد على التفاعل االجتماعي ‪،‬فهي تهدف إلى تزويد الفرد بالمعايير واالتجاهات والقيملكي يقوم‬
‫الفرد بدوره االجتماعي الصحيح ‪.‬فهي تساعده على النمو السليم في مواهبه وقدراتهومساعدته ليكون عضوا ناشطا في‬
‫الحياة االجتماعية(أبو حميدان‪.)٢۰١٢،‬‬
‫وتلعب األسرة‪.‬ومؤسسات المجتمع المختلفة دورا مهما في تزويده بما يحتاج من أجل عملية التكيف السليم والتفاعل‬
‫االجتماعي المقبول‪، ،‬يكون لألسرة في بداية نشأة الطفل دورا كبيرا فهي التي تعمل على تشجيع الطفل على إستخدام‬
‫حواسه والعناية بها لتساعده في التعرف إلى بيئته‪ .‬كما تعمل األسرة على توفير القدوة السليمة للطفل فهو يقلد نمذجا يحبه‬
‫وهذا النموذج ال شك وأن يلعب دورا في تشكيل شخصيته‪.‬كما تعمل األسرة على تشجيع الطفل على التجريب والتطبيق‬
‫والتفكير ومده بما يحتاج من مهارات ومن ثم تدريبه وإتاحة الفرص أمامه كي يتقن التعلم‪.‬وتقوم المدارس بتوفير المناهج‬
‫المالئمة للتعلم وكذلك الجامعات‪ .‬أما المؤسسات الذسنية فتلعب دورا في تزويده بالمعتقدات التي ينشأ عليها وبشكلها‬
‫الصحيح‪.‬‬
‫كل ذلك يتم من خالل التنشئة االجتماعية التي هي في األصل تدريب الطفل على إشباع حاجاته بطريقة يرضى عنها‬
‫المجتمع‪( .‬الهاشمي‪. )١٩٨٩،‬ومن هنا نجد أن الهدف الصحيح للتنشئة االجتماعية هو العمل على تنمية‬
‫‪43‬‬
‫القيم االجتماعية والخلقي ة وتربية األطفال على الصدق والتعاون واالحترام والرحمة و األهم مو ذلك تنمية العقيدة‬
‫الصحيحة‪.‬‬
‫لذلك يمر اإلنسان خالل مسيرة حياته في الكثير من العمليات التي تسعى إلى صقل خبراته فيتعلم منها ما يساعده على‬
‫التكيف واإلستمرار والنمو‪.‬ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا ‪:‬هل كل ما نتعلمه إيجابيا؟في الحقيقة إن الكثير مما‬
‫نتعلمتةه من خبراتنا قد يكون جانبا كبير منه سلبيا أو إيجابيا وهذا يعتمد على التربية والتنشئة وتنمية القيم ‪،‬فلذلك مجمل‬
‫ما نتعلمه من التنشئة االجتماعية ال شك بأنه سيؤثر في تشكيل الشخصية ‪.‬ولذلك فنحننكتسف العديد من اإلستاجابات التي‬
‫نتعلمها ونقوم بها في األوقات المختلفة والتي بناء عليها يصنف اآلخرون شخصياتنا ‪.‬‬
‫لذلك فإن أخطاء الوالدين في عملية التربية وكذلك مؤسسات المجتمع المختلفة‪ ،‬البد وأن تنتج أنماطا مختلفة من السلوك‬
‫الغير سوي الذي يمارسه الفرد وتحدد نمط شخصيته‪ .‬إن إفتقار الوادين للخبرة الكافية في التربية من شأنه أن يؤثر في‬
‫األبناء كذلك الخالفات الزوجية وتركيز الوالدين على أنماط متوارثة في التربية ال تتناسب مع التغيرات العصرية وربما‬
‫يلجأ الوالدان إلى تعويض الحنان المفقود الذي مرا به‪ ،‬فيلجآن إلى الدالل الزائد أو ربما يلجآن إلى الشدة المتناهية‪ .‬كما أن‬
‫قلة المتابعة وإنشغال الوالدين في العمل وبعدهم عن األبناء ‪،‬كل هذه العوامل تؤثر في شخصية الطفل وتشكل جزءا هاما‬
‫من شخصيته‪.‬‬
‫وأخيرا البد وأن نشير إلى أن هناك العديد من العوامل البيئية واإلجتماعية تؤثر في تشكيل شخصية الفرد منها‪ :‬الحالة‬
‫االقتصادية لألسرة‬
‫‪44‬‬
‫والظروف السوية وغير السوية التي تعيشها األسرة ‪،‬ووجود أشخاص غير أسوياء داخل األسرة ‪،.‬هناك عوامل خارج‬
‫المنزل تساهم أيضا في تشكيل الشخصية منها ظروف العمل وضغوطه ومستوى الرضى الوظيفي لدى الفرد‪.‬والطريقة‬
‫التي يقضي بها الفرد أوقات فراغه‪ ،‬ونوع األصدقاء الذين يعيش معهم الفرد واألماكن التي يتردد عليها‪.‬‬
‫إن البيئة االجتماعية محدد آخر وعامل مهم يساهم بشكل كبير وفعال في تشكيل شخصية الفرد بشكل ال يمكن أن نتغاضى‬
‫عنه ‪.‬وخصوصا انتشار الكثير من الظواهر االجتماعية المرضية والتأثير السلبي لوسائل التواصل االجتماعي واإلنترنت‬
‫وقدرة الفرد في الدخول إلى مواقع تعلم اإلنسان قضايا خطيرة وتساهم في تعليمها االنحراف مما يخلق لدينا شخصيات‬
‫مرضية‪ .‬ومما ال شك فيه أن الفقر والبطالة واإلزدحام من القضايا التي تؤثر بشكل واضح في نوع وشكل الشخصية‪.‬‬
‫ثالثا‪:‬العوامل والمحددات الجغرافية‬
‫هل تؤثر جغرافية المكان في شخصية الفرد؟للجواب عن هذا السؤال دعونا ننظر إلى األماكن الجغرافية والتضاريس‬
‫المتعلقة بالمكان‪ .‬سوف نرى أن أهل المناطق الساحلية يعملون بالصيد وصناعة القوارب‪،‬وفي كلتا الحالتين يجب أن‬
‫يتميز الجسم بمزايا خاصة تساعده للعمل والتحمل ‪.‬لننظر إلى الخصائص العائلية واإلجتماعية لسكان المناطق الساحلية‬
‫فنجد أن عاداتهم وتقاليدهم تحكمها الفترات الطويلة من الغياب عن الوطن‪.‬فصقلت شخصياتهم على التحمل وعلى ضبط‬
‫العواطف واإلنفعاالت‪،‬وعلى المشاركة الفاعلة في العمل الجماعي ‪،‬ومرة أخرى ينساق هذا األمر على سكان الجبال‬
‫‪45‬‬
‫والصحراء والمزارعين ‪.‬جميعهم تتأثر شخصياتهم بما تمليه هذه البيئات من متطلبات مختلفة فنستطيع أن نرى أشكاال‬
‫مختلفة من الشخصية تؤثر فيها البيئة التي يعيشون فيها‪،‬وتساهم في تكوين العادات والتقاليد والقيم واالتجاهات‪.‬مما نرى‬
‫تفردا فيه واختالفا في السلوك حيال المثيرات البيئية المتشابهة‪.‬‬
‫كما يؤثر المناخ والطقس أيضا في طبيعة تشكيل الشخصية ‪،‬فالطقس البارد يفرز أفراد يتمتعون بخصائص سلوكية‬
‫وشخصية تختلف عن األشخاص الذين يعيشون في المناطق الحارة والمعتدلة‪.‬وتتأثر أمزجة هؤالء األفراد بطبيعة المناخ‬
‫السائد فتظهر سمات شخصية تتمتع بها الشخصية حسب مناخ المنطقة التي يعيش فيها (القذافي‪.)١٩٩٣،‬‬
‫رابعا‪:‬المحددات الثقافية والتعليم والمعرفة‬
‫المحددات الثقافية والتعليم والمعرفة‪:‬تساهم األسرة بشكل كبير في توفير البيئة الثقافية المليئة بالمثيرات المتنوعة والتي‬
‫تشجع الفرد على االطالع واالكتشاف والتعرف إلى ما يحدث حوله ‪.‬لذلك جاء تعريف الثقافة على أنها معرفة شيء عن‬
‫كل شيء ‪.‬إن تنوع الخبرات يساهم في توفير الخيال العلمي والفكري و النظرة العالمة لما يحدث حول اإلنسان ‪،‬فيؤثر‬
‫ذلك في نمط شخصيته وتوسيع أفقه وفي اكتسابه لمهارات التفاعل االجتماعي اإليجابي‪.‬‬
‫كما أننا نجد التطور العلمي للفرد ناتج عن الحصول على الدرجات العلمية المختلفة يؤثر في تكوين شخصية الفرد‬
‫فتوجهه نحو‬
‫‪46‬‬
‫التخصص تدفعه لتحسين وضعه االجتماعي كما أنها تلعب دورا هاما في ارتقاء وتقدم الفرد‪.‬‬
‫أما الجانب المعرفي فيكون في الكيفية التي يتعامل بها الناس مع األحداث والخبرات التي يمرون بها ‪.‬وما هو مركز‬
‫الضبط الذي يسيطر على تفكيرهم ومقدار التفاؤل أو التشاؤم الذي يشعرون به ‪.‬كما أن اليأس المتعلم يحد من تطور‬
‫فكرهم وأساليب تعاملهم مما يؤثر بشكل كبير في التكرين الشخصي لهم‪.‬‬
‫خامسا‪:‬العوامل النفسية‬
‫‪ )1‬الذات والهوية‪:‬يضيف ميسراندينو(‪ )٢۰١٥‬أن شعورنا بمن نكون والمفهوم الذاتي والتقدير الذاتي من األمور الهامة التي‬
‫يحملها اإلنسان والتي تساهم في تشكيل الشخصية‪.‬فكل واحد يعرف من هو بالذات ويدرك ذاته ويقدرها‪،‬ويستطيع‬
‫التصرف حسب إيمان الناس بشخصيته وكيف يتوقعون منه التصرف وكذلك بناء عليه يستطيع أن يطور الشخصية التي‬
‫يريد‪ .‬فالشعور بالذات والهوية يعد جزءا أساسيا من الشخصية‪ .‬إن نظرة اإلنسان إلى ذاته تلعب دورا مهما في تشكيل‬
‫الشخصية‪.‬‬
‫‪ )2‬السمات‪ :‬وهي الصفة السائدة في سلوك الفرد الذي يتخذه بالتفكير والشعور والتصرف في المواقف المختلفة التي يمر بها‬
‫‪.‬فاإلنسان خالل رحلة التنمية االجتماعية التي يمر بها يكتسب العديد من السمات ويقوم بتنمية السمات التي يتمتع بها‬
‫بحيث تصبح هي النمط السلوكي الذي يسلكه طيلة حياته مما يجعل له شخصية متميزة عن غيره‪.‬‬
‫‪47‬‬
‫‪ )3‬األسس الذاتية للشخصية‪:‬يرى فرويد أن ما يمتلكه اإلنسان من خبرات شعورية وال شعورية تساهم بشكل كبير في تشكيل‬
‫الشخصية ‪.‬فقد قال إن االضطرابات النفسية لها أساس نفسي موجود لديه في الالشعور‪.‬أي أن الالشعور يلعب دورا مهما‬
‫في السلوك اإلنساني مما يعمل على تشكيل شخصيته ‪.‬‬
‫وختاما نرى أن تشكيل الشخصيةهو محصلة لدور العديد من العوامل منها الوراثة والبيئة اإلجتماعية والجغرافية‬
‫والثقافية والتعليمية واالقتصادية والعوامل النفسية لذلك فالشخصية هي المحصلة الختامية لتضافر هذه المحددات جميعا ‪.‬‬
‫‪48‬‬
‫الفصل الرابع‬
‫نظريات الشخصية‬
‫نظريات األنماط والسمات ‪Types and Traits Theories‬‬
‫أ‪.‬نظريات األنماط‬
‫‪ .1‬نظرية هيبوقراط‬
‫‪ .2‬نظرية كرتشمر‬
‫‪ .3‬نظرية شيلدون‬
‫‪ .4‬نظرية فرويد‬
‫‪ .5‬نظرية يونغ‬
‫‪ .6‬نظرية نمط ‪A,B‬‬
‫‪ .7‬نمط‪C‬‬
‫‪ .8‬نمط‪D‬‬
‫‪ .9‬نمط الشخصية الصلبة‬
‫ب‪.‬نظريات السمات‬
‫‪ .1‬نظرية البورت‬
‫‪ .2‬نظرية كاتل‬
‫‪ . 3‬نظرية أيزنك‬
‫‪ . 4‬نظرية العوامل الخمسة الكبرى للشخصية‬
‫‪49‬‬
‫لم يتفق العلماء على ماهية تعريف الشخصية ولذلك اجتهد علماء النفس والفالسفة منذ القدم في وضع تفسير و أسس لفهم‬
‫الشخصية‪ .‬ولذلك كانت النظريات المتنوعة التي ساعدت علماء النفس في دراسة الشخصية‪ .‬فالنظرية تفيدنا بشكل كبير في‬
‫مالحظة العالقات التجريبية التي لم تخضع للمحالظة من قبل‪،‬ومن ثم يتم دمج وربط االكتشافات التجريبية بشكل مبسط‬
‫ومفهوم‪.‬لذلك فالنظرية يجب أن تتسم بالدقة والوضوح والبساطة والشمولية والصدق التجريبي والقابلية للتطبيق‪.‬‬
‫ويمكن تقسيم نظريات الشخصية إلى عدة أقسام هي‪:‬‬
‫‪ .1‬نظريات األنماط‬
‫‪ .2‬نظرية السمات‬
‫‪ .3‬النظريات النفس دينامية‬
‫‪ .4‬النظريات السلوكية‬
‫‪ .5‬النظريات الظاهراتية‬
‫أوال‪:‬نظريات األنماط ‪Types Theories‬‬
‫بني تفسير الشخصية في هذه النظرية بناء على التصنيفات التي يطلقها األشخاص على بعضهم البعض ‪،‬فهي إذن طريقة‬
‫لتصنيف الناس ووضعهم في فئات ‪.‬فإذا كان الشخص مثال عدوانيا فإننا نطلق عليه أنه عدواني‪ ،‬ألنه يتصرف بشكل‬
‫عدواني أي أن سلوكه يتطابق مع هذه الفئة‪( .‬جابر‪)١٩٩۰،‬‬
‫‪51‬‬
‫ولعل أول المتكلمين في هذا الموضوع والذي أجمعت عليه معظم كتب علم النفس هو الفيلسوف اليوناني هيبوقراط فقد‬
‫كان أول المحاولين الذين انطلقوا من ربط الجانب الفسيولوجي والشخصي معا‪ .‬وتعتبر نظرية هيبوقراط من أوائل‬
‫المحاوالت التي ربطت بين كيمياء الجسم والسلوك وهذا ما اثبتته الدراسات الحديثة من وجود هذه العالقة بين النواحي‬
‫البيوكيميائية(الغدد )والسلوك الشخصي ‪.‬يقول هيبوقراط إن المزاج يتوقف على مقادير نسبية ألخالط الجسم األربعة‬
‫السوداء والصفراء والدم والبلغم ‪،‬وعندما تتساوى هذه األخالط بالنسب فإن الناتج هو شخص سوي وعندما يزداد أحدها‬
‫ً‬
‫تركيزا تظهر الشخصية بتلك الصفة‪.‬ويقابل كل منها نمط من أنماط الشخصية األربعة وهي ‪:‬‬
‫‪‬‬
‫‪‬‬
‫‪‬‬
‫‪‬‬
‫المزاج الدموي ‪ Sanguine Temperament :‬صاحب هذا المزاج أو النمط يتميز بأنه سهل اإلستثارة‬
‫‪،‬سريع اإلستجابة ويتميز بالتفاؤل والمرح والنشاط‪.‬‬
‫المزاج الصفراوي ‪ Choleric Temperament :‬صاحبه طموح وعنيد وحاد الطبع وسريع اإلستثارة‬
‫والغضب ‪.‬‬
‫المزاج السوداوي ‪ Melancholic Temperament :‬صاحبه بطيء التفكير لكنه قوي اإلنفعال يميل إلى‬
‫اإلنطواء والتشاؤم واإلنقباض واالكتئاب‪.‬‬
‫المزاج البلغمي أو الليمفاوي‪ Phlegmatic Temperament :‬يتميز الفرد ببطئ اإلستثارة ويغلب عليه‬
‫الخمول والتبلد اإلنفعالي‪.‬‬
‫وهكذا كانت االنطالقة من نظرية هيبوقراط إلى النظريات الحديثة في األنماط لتستمر هذه النظريات في‬
‫االجتهاد في تفسير الشخصية فظهرت‬
‫‪52‬‬
‫النظريات التكوينية وروادها العالم كرتشكر والعالم شيلدون‪ ،‬ونظريات أخرى مهمة مثل نظرية يونغ وفرويد‬
‫ونظريات حديثة في األنماط‪.‬‬
‫‪.١‬نظرية كرتشمر‪:‬‬
‫يرى كرتشمر أن هناك عالقة وثيقة بين أربعة أنماط جسمية والخصائص المزاجية للشخصية ‪،‬وهذه‬
‫األنماط هي ‪:‬‬
‫‪ ‬النمط البدين )‪: (pyknic‬وهو الشخص القصير الممتلئ ‪،‬لديه عنق سميك ووجه عريض‬
‫‪،‬يتميز باالنبساط والفرح ‪،‬وهو مرح متقلب االنفعاالت وقادر على بناء الصداقات ‪.‬‬
‫‪‬‬
‫‪‬‬
‫‪‬‬
‫النمط النحيل )‪ :(Asthenic‬وهو شخص طويل ونحيل ‪،‬يتميز بطول أطرافه ‪ ،‬دقيق السمات‬
‫‪،‬حساس جدا ويميل إلى اإلنطواء‪.‬‬
‫النمط الرياضي )‪: (Athletic‬وهو الشخص القوي الذي يمتلك عضالت وبنيته متناسقة‬
‫وعريض الكتفين ‪،‬يتميز بالنشاط والحيوية والعدوانية ‪.‬‬
‫النمط المشوه )‪: (dysplastic‬وهو الشخص الذي ال تنطبق عليه األنماط السابقة ‪ ،‬وذلك بسبب‬
‫اضطراب إفراز الغدد لديه ‪.‬ويظهر عليه بوضوح عدم اتساق جسمه ونموه الشاذ (ربيع‪)٢۰١٣،‬‬
‫‪.‬‬
‫وعندما أجرى كرتشمر دراسة على المرضى العقليين تبين له وجود عالقة وثيقة بين األنماط‬
‫الجسمية واالضطرابات العقلية حيث ميز بين نوعين من الشخصية وهي‪:‬‬
‫أ‪ .‬الشخصية الدورية‪ :‬وهو شخص اجتماعي ولديه القدرة على تنمية الصداقات وهو عملي‬
‫وواقعي وطيب ومرح ‪ .‬وهو أقرب إلى النمط البدين‪.‬وفي الحاالت المتطرفة من هذه‬
‫الشخصية نجد األشخاص المصابين‬
‫‪53‬‬
‫بجنون الهوس واالكتئاب‪ .‬أي أنه توجد عالقة بين البدانة وحالة ذهان الهوس واالكتئاب‪.‬‬
‫ب ‪ .‬الشخصية الفصامية ‪:‬وهي شخصية خجولة تميل إلى االنطواء والعزلة ويفتقر إلى االستجابات االنفعالية المالئمة للموقف ‪.‬‬
‫وهو اقرب ما يكون إلى النمط النحيل ‪.‬وفي الحاالت المتطرفة نجد أن الشخص مصاب بالفصام ‪ .‬وهذا يعني وجود عالقة بين‬
‫النحافة وحاالت الفصام‪.‬‬
‫‪.٢‬نظرية شيلدون ‪:‬‬
‫نظر شيلدون إلى البناء الجسمي كأساس لألنماط ولكنه اعتمد في هذا التصنيف لنمط الشخصية على نوعية الطبقات الثالث التي‬
‫تتألف منها الخلية الجينية وهي‪:‬األندومورف والميزومورف واألكتومورف‪ ،‬والتي يتولد عن هذه الطبقات كل أنسجة الجسم‪.‬وبناء‬
‫عليه توصل إلى ثالثة أنماط هي‪:‬‬
‫أ‪.‬النمط داخلي التركيب (الحشوي) ‪ :‬وتتركز سيطرة األنسجة في األحشاء الداخلية ويتسم أصحاب هذا النمط بالبدانة وضخامة‬
‫راض عن ذاته ويطلق عليهم الحشويون‬
‫األحشاء وهو مترهل ويحب الطعام وله شهية جيدة ‪،‬بطيء الحركة متسامح هادئ انفعاليا‬
‫ٍ‬
‫ب‪.‬النمط العضلي(العظمي) ‪ :‬وهنا تكون سيطرة األنسجة التي تشكل العظام والعضالت في الشخص ‪،‬فهو رياضي وقوي وله‬
‫عضالت ظاهرة ‪،‬مغامر ومندفع وجريء شجاع‪ ،‬صلب ‪،‬ال مبا ٍل‪ ،‬ويميل إلى العدوان ويطلق عليهم النشطون‪.‬‬
‫ج‪.‬النمط الخارجي التركيب (العقلي) ‪ :‬تسيطر هنا األنسجة التي تشكل الجهاز العصبي يتميز األشخاص بالنحافة وطول األطراف‬
‫ويغلب عليهم‬
‫‪54‬‬
‫أناقة المظهر‪.‬ويتصف أصحاب هذه الشخصية بالدقة وااللتزام وسرعة االستجابة والخجل واالنتباه واليقظة والتأمل والتفكير والقلق‬
‫والحساسية ‪ ،‬يميل إلى كتمان مشاعره ‪،‬وإلى الوحدة واالنعزال ويطلق عليهم المخيون‬
‫‪.٣‬نظرية فرويد‪:‬‬
‫يشير رياض(‪ )٢۰۰٥‬إلى أن فرويد قد حدد أربعة أنماط من الشخصية وهي شبيهة بتلك التي أشار إليها هيبوقراط وهي‪:‬‬
‫أ‪.‬النمط المندفع‪ :‬وهو الشخص المندفع الطائش والذي يتم استثارته بسرعة وعدواني ومتسلط ‪.‬‬
‫ب‪.‬النمط المتخاذل ‪:‬هادئ جدا ومكتئب قليل النشاط متخاذل وتابع‪.‬‬
‫ج‪.‬النمط النشط المتزن‪:‬معتدل كثير الحركة ونشط ‪،‬سريع الملل لكنه فاعل ومنتج‪.‬‬
‫د‪.‬النمط الهادئ المتزن‪ :‬منظم ويتميز بالقبول والرزانة ويعمل بجد‪.‬‬
‫‪.٤‬نظرية يونغ في األنماط‪:‬‬
‫بخالف النظريات السابقة التي انطلقت من جسم اإلنسان التكويني والبنائي فإن يونغ انطلق من أسس نفسية في تفسير أنماط‬
‫الشخصية‪.‬فتحدث عن نمطين هما‪:‬‬
‫‪55‬‬
‫أ‪.‬النمط االنبساطي ‪ (Extrovert) :‬وهو الشخص الذي يهتم باألحداث الخارجية ومنفتح على الناس ‪،‬يبني عالقات اجتماعية‬
‫بسرعة مع اآلخرين وهو حيوي ونشيط ومرح ويعبر عما يمر به من انفعاالت ومشاعر‪.‬‬
‫ب‪.‬النمط االنطوائي ‪ (Introvert) :‬يتميز الشخص هنا بالتمركز حول الذات فهو منسحب منغلق ‪،‬خجول ‪،‬حذر من التعامل مع‬
‫اآلخرين‪ .‬يخشى التعامل مع اآلخرين‪.‬يستغرق في التأمل ويعيش في عالم خاص به‪ ،‬ويحجم عن المشاركات االجتماعية‪.‬‬
‫‪.٥‬نظرية نمط الشخصية (أ و ب) ‪:‬‬
‫يعتقد فردمان وروزنمان ‪ ١٩٥٩‬أن األفراد يتوزعون بين نوعين من األنماط األول نمط الشخصية "أ" والثاني نمط الشخصية‬
‫"ب" ‪.‬‬
‫ويملك نمط الشخصية "أ" نزعات خاصة تجعلهم يتصرفون بطرق معينة‪ ،‬ويتميزون بسلوكات واضحة محددة منها ‪:‬‬
‫‪‬‬
‫‪‬‬
‫‪‬‬
‫‪‬‬
‫يمتازون باإلنجاز العالي في مجال العمل‪ ،‬فهم يعملون بجهد فوق العادي ‪ ،‬فهم في سباق مستمر مع الزمن لتحقيق‬
‫اإلنجازات المختلفة‪.‬وعندما يحققون إنجازاتهم فهم ال يهدأون بل يصنعون أهدافًا جديدة ويسعون إلنجازها ‪.‬‬
‫ال يتقبلون الفشل مهما كلف األمر‪.‬‬
‫عدم األمن فيشعرون بأنهم مهددون دائما‪.‬‬
‫الشعور بعدم الثقة في عمل اآلخرين خوفا من فقدان السيطرة ‪.‬‬
‫‪‬‬
‫‪‬‬
‫‪‬‬
‫‪‬‬
‫‪‬‬
‫‪‬‬
‫‪‬‬
‫‪‬‬
‫‪‬‬
‫‪‬‬
‫‪‬‬
‫‪‬‬
‫‪56‬‬
‫يعملون بشكل أفضل تحت الضغط‪.‬‬
‫ال يوجد مجال لالسترخاء في حياتهم‪.‬‬
‫الحساسية‪ :‬مفرط الحساسية وشديد الدفاع إزاء االنتقاد‪.‬‬
‫األنانية‪ :‬يسيطر على المحادثة ويحب نفسه فقط‪.‬‬
‫الريبة‪ :‬اليثق باآلخرين‪.‬‬
‫المنافسة‪ :‬يقلل من أهمية إنجاز اآلخرين حتى يشعر بالتفوق‪.‬‬
‫التعصب‪ :‬لديه تعميم أعمى نحو الجماعات‪.‬‬
‫منظوره قصير المدى‪ :‬يتعامل مع المشكالت من خالل نتائجها الفورية‪.‬‬
‫غير صبور‪ :‬يؤمن بأن السرعة في عمل األشياء هي سر النجاح‪.‬‬
‫الكمالية‪ :‬يعتقد بقدرته الفائقة على إتقان عمل األشياء‪.‬‬
‫الدقة‪:‬يرى بأنه الدقة نفسها‪.‬‬
‫النزعة نحو االنتقاد‪ :‬ينتقد اآلخرين باستمرار وينظر إليهم نظرة دونية‪.‬‬
‫التفسير النفسي لنمط السلوك "أ"‪:‬‬
‫إن أكثر التفسيرات السيكولوجية الشاملة التي تعلل سبب استجابة الناس من نوع السلوك "أ" إلى التحديات والتهديدات‬
‫المدركة هو ما قدمه جالس وآخرون حيث يرى أن هذا السلوك ما هو إال استجابة التغلب التي تستعمل لمواجهة التهديد‬
‫الحقيقي الكامن في فقدان السيطرة ‪.‬فعندما تظهر أية أعراض تشير إلى فقدا السيطرة كما يحصل دائما في التغيرات‬
‫البيئية حولنا فإن االستجابة األساسية للنوع "أ" ستزيد من الجهد لتستعيد السيطرة وهذا‬
‫‪57‬‬
‫يعني مزيدا من الجهد الذهني والجسدي وسرعة زائدة ومنافسة عالية وهكذا ‪.‬فالشخص من هذا النوعيصرف طاقة كبيرة‬
‫جدا في سعيه الدؤوب نحو اإلنجاز في نفس الوقت الذي يسعى فيه للحفاظ على سيطرته للبيئة التي حوله‪ .‬وعندما تكون‬
‫السيطرة غير ممكنة فإن الشخص من هذا النمط يميل إلنكار ذلك ويستكر في الكفاح بصعوبة أكثر و أكثر‪.‬إنه يفشل في‬
‫أن يدرك (انفعاليا أو جسديا) بأنه يسير بأقصى سرعة وهكذا يستمر بالعمل حتى يخر ساقطا‪.‬وعندما تخرج األمور عن‬
‫سيطرته فإنه يصاب باإلنهيار ‪ .‬وهو ال يعمل أي شيء حتى يتخلص من هذا الموقف ‪.‬ولذلك فإن النمط المعتاد له في‬
‫التغلب على المواقف يكون بالعدوانية واالستجابة المبالغ فيها التي تثير معها االستجابات اإلكتئابية والمضاعفة‬
‫)‪(seligman& rosenhan,1995‬‬
‫أما التفسير النفسي الثاني‪:‬‬
‫فقد وضعه شوارتز وآخرون وهي المبالغة في االستغراق في الشؤون الذاتية ‪.‬وتضيف برايس بأن هذا الشخص يجري‬
‫مقارنة بين الذات الواقعية والذات المثالية ويحس باالختالف الموجود‪،‬فإنه يتولد لديه صراع فيحاول الوصول إلى الذات‬
‫المثالية وعندما يفشل فإنه يصاب باالكتئاب وتستمرالمحاولة ويستمر العودة إلى االكتئاب إلى أن يصاب باإلنهاك‬
‫واالنهيار ‪.‬‬
‫*نمط الشخصية "ب" ‪:‬‬
‫‪‬‬
‫يتميز الشخص من هذه الفئة بالصفات اآلتية ‪:‬‬
‫غياب كل العادات والسمات التي ذكرت أعاله‪.‬‬
‫‪‬‬
‫‪‬‬
‫‪‬‬
‫‪‬‬
‫‪‬‬
‫‪‬‬
‫‪‬‬
‫‪‬‬
‫‪‬‬
‫‪‬‬
‫‪58‬‬
‫غياب السباق مع الزمن ‪.‬‬
‫غياب العدوانية السائدة ‪.‬‬
‫يلعب من أجل المتعة واالسترخاء وليس من أجل التفوق‪.‬‬
‫قادر على االسترخاء ‪.‬‬
‫مرن يقبل أن يكون قائدا أو تابعا ‪.‬‬
‫يحترم استقامة اآلخرين ‪.‬‬
‫يشجع الثقة واالنفتاحية أثناء العمل الجماعي ‪.‬‬
‫يفوض السلطة بقدر المستطاع ‪.‬‬
‫يأخذ قسطا من الراحة عند شعوره باإلعياء ‪.‬‬
‫ال يتذمر من االنتقاد فلديه استعداد لسماع الكثير عن ذلك‪.‬‬
‫الخالصة‪:‬‬
‫تشير البحوث والدراسات إلى وجود ارتباط بين نمط السلوك "أ" وازدياد النزعة نحو اإلصابة بالذبحة الصدرية‪.‬‬
‫ويتصف هذا الشخص بأنه صعب القياد ومنافس وغير صبور مع ميل ألن يصبح شديد اإلهتياج وعدواني‪ .‬في حين‬
‫يتصف الشخص من نمط "ب" بأنه أقل عرضة لإلصابة باألمراض وقادر على التكيف السريع ومحبوب وأكثر تعامال‬
‫مع الضغوط بشكل إيجابي وقدرة تحمله عالية‪.‬‬
‫‪59‬‬
‫مقارنة بين النمطين (أ) و (ب) ‪:‬‬
‫النمط "ب"‬
‫النمط "أ"‬
‫يتحرك بسرعة‬
‫يتحرك على مهل‬
‫يأكل بسرعة‬
‫يأكل على مهل‬
‫يتكلم بسرعة‬
‫يتكلم على مهل‬
‫يشعر بنفاد الصبر بصورة متكررة‬
‫يتمتع بالصبر على الدوام‬
‫عدواني ويحب المنافسة بالعمل‬
‫متعاون ويحب العمل الجماعي‬
‫على درجة عالية من الوعي بالوقت‬
‫ال يهتم بالوقت ويتأخر أحيانا‬
‫سهل الغضب أو المضايقة‬
‫ال يغضب‬
‫لديه حافز قوي على اإلنجاز‬
‫يشعر بالرضا عن ذاته‬
‫ينظر إليه على أنه قوي ومؤثر‬
‫ليس محط لألنظار‬
‫ال يشعر بالراحة في وقت الفراغ‬
‫يستمتع بالراحة والهدوء في وقت فراغه‬
‫كثيرا ما يحاول أداء مهام عديدة في وقت‬
‫واحد‬
‫يؤدي مهمة واحدة كل مرة‬
‫‪ .٦‬نمط الشخصية )‪: (C‬‬
‫تتمييز هذه الشخصية بحبها الشديد للتفاصيل الدقيقة لألمور ومن الممكن لهذه الشخصية أن تقضي اوقاتا طويلة لمعرفة كيف تسير‬
‫األمور ‪،‬وهذا يجعلهم مناسبين جدا لألعمال التقنية ‪ .‬وهم أشخاص يبتعدون عن توكيد ذواتهم فهم يعملون على قبع وكبت رغباتهم‬
‫على الرغم من أن هذا ضد مصلحتهم‪ .‬وقد يكون هذا بسبب تعرضهم المستمر للضغوط واالكتئاب ‪،‬‬
‫‪60‬‬
‫لذلك قابليتهم لإلصابة باالكتئاب عالية جدا مقارنة مع نمط الشخصية أ و ب ‪.‬ومن أشهر الصفات التي نالحظها عليهم هي‪:‬‬
‫‪ ‬ابتعادهم عن توكيد ذواتهم‪.‬‬
‫‪ ‬أنهم عرضة للضغوط واالكتئاب ‪.‬‬
‫‪ ‬حبهم الشديد للتفاصيل‪.‬‬
‫‪ ‬يأخذون الحياة على محمل الجد فهم عمال مجدون لدرجة تجعلهم يتصفون بالكمال‪.‬‬
‫‪ ‬انطوائيين معظم األوقات‪.‬‬
‫ومن الممكن تغيير نمط هذه الشخصية عندما يدرك اإلنسان من خالل خبراته والمواقف التي يمر بها فيالحظ نفسه وقد‬
‫يكون هذا مبكرا في بداية حياته فيعمل على تعديل هذا النمط فيخرج من هذه الفئة‪(Pedersen &Denollet ,2006) .‬‬
‫وتشير تموتشوك ودريهر (‪ )١٩٩٢‬في مقالة نشرت لهما بعنوان الصلة السلوكية بين السرطان والصحة ‪،‬حيث يقوالن‬
‫بأن الناس الذين يكتمون سعادتهم وال يعبرون مطلقا عن غضبهم ويعملون من أجل إرضاء رؤسائهم هم أكثر الناس‬
‫عرضة لإلصابة بالسرطان حسب ما أشار األخاصئيون في العالج النفسي‪ ،‬ألنهم يضحون بسعادتهم ويكبتون غضبهم‬
‫وحزنهم ويهملون أنفسهم‪ ،‬وهذا يتفق مع اآلخرين بأنهم أكثر عرضة لإلصابة بالسرطان ‪.‬‬
‫)‪.(https:www.buffalolib.org‬‬
‫‪61‬‬
‫‪ .٧‬نمط الشخصية "‪: "D‬‬
‫حرف ال ‪ D‬مأخوذ من الكلمة ‪ Distress‬والتي تعني الكرب وهذه الشخصية تتميز بإهمال المظهر والتشاؤم‪ ،‬يسيرون‬
‫بخطى بطيئة في حياتهم العملية فهم يسعون للحفاظ على وظيفتهم ويشعرون بالراحة عند القيام بالعمل الروتيني مما‬
‫يجعلهم مهرة في العمل الذي يقومون به‪.‬ويمكن أن نعطي مثاال الذين يعملون في العمل المكتبي والذين يرفضون التغيير‬
‫وال يحبون استخدام التكنولوجيا الحديثة كالكومبيوتر لذلك فهم يرفضون التغيير‪.‬ويتميزون كذلك بحسن التنظيم لذلك‬
‫ينزعجون إذا ما تم وضعهم في بيئة غير منظمة ومرتبة‪ .‬لذلك هم صبورون‪ ،‬ومستمعون جيدون‪،‬وعلى الرغم من أنهم‬
‫ليسوا سريعي اإلنجاز إال أنهم يتصفون بالدقة‪ .‬لذلك فهم غالبا ال يظهرون عواطفهم وانفعاالتهم للغير بل يبقونها ألنفسهم‪.‬‬
‫وربما تتسبب أحداث بسيطة وتافهة في إفساد يومه وإحباط نشاطه‪.‬وهذه الشخصية تتسم باالنسحابية واالبتعاد عن النشاط‬
‫االجتماعي وذلك خوفا من رفض اآلخرين لهم‪.‬ويشتهر هؤالء بإخفاء انفعاالتهم مما يسبب لهم االكتئاب‪ .‬هذه الشخصية‬
‫تتسم بالنسبية فهي قلقة وسريعة االستثارة وكئيبة‪ .‬وتشير الدراسات إلى مرضى القلب من هذه الفئة ويواجهون الصعوبة‬
‫في الشفاء من المرض‪.‬‬
‫)‪(Denollet et.al ,1996‬‬
‫‪ .٨‬نمط الشخصية الصلبة ‪:‬‬
‫وتشير إلى الصالبة النفسية التي يتمتع بها الفرد وقد كانت (كوباسا‪ ،)١٩٧٩ ،‬أول من تحدث بهذا الموضوع ‪ ،‬ويطلق‬
‫البعض على هذا النمط من الشخصية "الصالبة المعرفية" ‪ .‬وقد رأت كوباسا أن‬
‫‪62‬‬
‫المديرين المتميزين الناجحين والذي يحافظون على صحتهم ونشاطهم على الرغم من الضغوط التي يمرون بها هم من‬
‫هذا النوع‪ .‬وهم يتميزون بأن لديهم قدرة على االلتزام والسيطرة والتحدي في مواجهة الضغوط المختلفة ‪.‬فمن خالل‬
‫االلتزام باألعمال التي تتطلب االنخراط في األنشطة متعددة المحيطة به‪ .‬وتظهر السيطرة من خالل ما يظهره الفرد من‬
‫خالل إيمانه بقدرته على إحداث تأثير وتغير في األحداث المحيطة‪ .‬أما التحدي الحقيقي فيكمن في اعتقاده بأن التغيير‬
‫وليس الثبات في الحياة هو المبدأ الذي يؤمن به ‪ .‬ولذلك فهذه الفئة من الناس التي تتمتع بهذا النمط من الشخصية يعيشون‬
‫بشكل ناجح تحت تأثير الضغوط النفسية والعملية المختلفة ويتمتعون بصحة جيدة ونادرا ما يعانون من األمراض المزمنة‬
‫‪(Maddi,2004).‬‬
‫ثانيا‪ :‬نظريات السمات ‪:‬‬
‫تحدثنا منذ البداية عن طريقة التعامل مع نظريات الشخصية حيث قدم العلماء نظريات األنماط وقد بدأنا بنظريات األنماط‬
‫وهنا سنتحدث عن نظريات السمات ‪ .‬أما فيما يتعلق بالسمات فهي صفة سائدة وثابتة في طريقة سلوك الفرد‪،‬وتكون‬
‫السمة على بعد متصل ذي قطبين متباعدين كالكرم مقابل البخل ‪ .‬والسمات متنوعة فهناك سمات دافعية تشير إلى القوة‬
‫التي توجه السلوك والسمات المزاجية التي تظهر على اإلنسان كالقلق‪،‬والتفاؤل والتشاؤم ‪،‬واالكتئاب ‪،‬وكثيرة هي‬
‫المفردات التي نستعملها لإلشارة إلى السمات التي يتميز بها الناس‪ ،‬فغالبا ما نقول فالن خجول‪ ،‬أو عدواني أو طيب أو‬
‫منسحب أو خاضع‪ ،‬وهذه السمات تشير إلى سلوك ظاهر كالخضوع أو الطيبة أو العدوانية‪ ،‬في حين هناك سمات مخفية‬
‫كتلك التي تظهر في اعتقاد أو إيمان‬
‫‪63‬‬
‫الفرد‪ .‬ولذلك يمتلك كل فرد قدر معين من هذه السمات ونستطيع التحقق من هذه السمات كميا أي إحصائيا من خالل‬
‫المقاييس واختبارات تحدد مقدار السمة‪.‬‬
‫ولقد تشابهت تعريفات العلماء للسمات ‪،‬فهي من وجهة نظر كاتل و جيلفورد وآيزنكولقد تشابهت تعريفات العلماء للسمات‬
‫‪،‬فهي من وجهة نظر كاتل و جيلفورد وآيزنك بأنها سلوك سائد وواضح‪ ،‬أو عادة يتميز بها الفرد وهي ثابتة نسبيا‬
‫‪.‬وتتصف هذه السمات باالستمرارية بالظهور خالل تصرف اإلنسان في المواقف المختلفة‪ .‬فقد تكون استجابات متكررة‬
‫لدى الفرد عند مروره بمواقف متشابهة‪ .‬وغالبا ما نجد أن لكل منا طريقة مختلفة عن اآلخرين في هذا األمر أو ذاك ‪ .‬ولو‬
‫تتبعنا شخص ما في سماته السائدة والمتكررة‪ .‬لوجدنا أن هناك تكرارا ولو بعد حين وهذا يدل على الثبات النسبي للسمة‪.‬‬
‫(العنزي‪ . )١٩٩٨،‬والفرق األساسي بين األنماط والسمات هو أن الفرد يتبع نمطا معينا وليس قياسا فهي وضع الفرد في‬
‫فئة معينة ‪،‬في حين أن السمات تحدد كميا ‪.‬‬
‫ولقد صنف العلماء السمات إلى أصناف متعددة ‪،‬فقد صنفها جيلفورد(‪ )١٩٥٩‬إلى ثالثة أنواع سمات سلوكية وأخرى‬
‫فسيولوجية وظاهراتية‪ ،‬أما كاتل (‪ )١٩٦٥‬فقد صنفها إلى معرفية وهي التي تعتمد على الخبرات والتجارب لدى اإلنسان‬
‫‪،‬والثانية دينامية وهي التي يحركها اعتقادات واتجاهات وميول داخلية وأخرى مزاجية ‪.‬كما أن بعض العلماء نظر إلى‬
‫السمات من زاوية أخرى فقد صنفوها على أساس أنها ‪:‬‬
‫أ‪.‬‬
‫سمات عامة يقابلها سمات خاصة ‪:‬والسمات العامة هي تلك التي يشترك بها عامة الناس في مجتمع معين فالذكاء سمة‬
‫عقلية عامة مشتركة بين‬
‫‪64‬‬
‫الناس ولكنها تختلف في النسبة من شخص إلى آخر‪.‬وقد تكون هناك سمات عامة كاستخدام المجتمع لحركة معينة أو كلمات شائعة‬
‫االستعمال ‪،‬وقد يشترك الناس في سمات واضحة كالميل للسيطرة والخضوع واالنطواء أو التوافق االجتماعي‪.‬وتتصف هذه‬
‫السمات بالثبات واالستمرار فهي دائمة الظهور نالحظها في تصرفات الناس ‪.‬‬
‫ب‪.‬السمات الرئيسية والسطحية‪ :‬ويتمثل هذا في اعمال العالم كاتل الذي أشار إلى وجود سمات مصدرية(رئيسية)وأخرى سطحية‬
‫أو ظاهرية‪ .‬فالسمات المصدرية هي سمات كامنة موجودة عند الشخص ‪،‬وهي التي يقوم عالم النفس بدراستها واالعتماد عليها في‬
‫تحليل الشخصية وتفسيرها‪.‬وقد تكون هذه السمات وراثية زو يكتسبها اإلنسان من البيئة التي يعيش بها من خالل التنشئة‬
‫االجتماعية‪.‬أما السمات السطحية فهي تلك التي يمكن أن نالحظها بشكل مباشر من خالل تفاعل اإلنسان مع اآلخرين كالحركة‬
‫السريعة في اآلداء أو في التعليق على المواقف ‪ ،‬أو في الشجار مع اآلخرين أو المرح‪ .‬لذلك يرى كاتل أن السمات الرئيسية هي‬
‫التي تقبع خلف السمات السطحية‬
‫ج‪.‬السمات أحادية القطب مقابل ثنائية القطب‪ :‬يشير العنزي (‪ )١٩٩٨‬إلى وجود سمات أحادية القطب وهي التي تمتد من صفر إلى‬
‫درجات عالية كما تظهر في السمات الجسيمة والقدرات‪.‬أما السمات الثنائية فتمتد من قطب إلى قطب‪.‬كالسمات المزاجية المرح‬
‫مقابل االكتئاب ‪،‬والسيطرة مقابل الخضوع ‪،‬والحدة مقابل الهدوء ‪،‬وعندما تتوازن الصفتان في الدرجة تكون صفرا ‪.‬‬
‫‪65‬‬
‫د‪.‬السمة المتدرجة المتصلة‪ :‬فال توجد سمة منعدمة لدى الفرد بل قد تتدرج قوة السمة حسب المواقف التي تمر بها ‪.‬فال يوجد‬
‫شخص انطوائي بشكل كامل بل قد يتدرج وجود هذه السمة حسب الموقف ‪.‬كما هو الحال للكثير من السمات ‪.‬وكما يقول جيلفورد‬
‫فإن معظم السمات قابلة للتدرج‪.‬غير أنه أضاف إلى وجود سمات غير متدرجة فهي موجودة وثابتة بقدر معين ال تدرج في‬
‫ظهورها أو حدوثها ‪.‬‬
‫‪-‬‬
‫معايير تحديد السمة ‪ :‬يشير غنيم (‪ )١٩٧٥‬إلى عدد من المعايير هي ‪:‬‬
‫أ‪.‬‬
‫ب‪.‬‬
‫ج‪.‬‬
‫د‪.‬‬
‫ه‪.‬‬
‫و‪.‬‬
‫ز‪.‬‬
‫ح‪.‬‬
‫أن السمة عبارة عن عادة‪.‬‬
‫هي أكثر من عادة تتنظم بشكل معين‪.‬‬
‫السمة ديناميكية محركة للسلوك‪.‬‬
‫يمكن تحديدها إحصائيا ‪.‬‬
‫السمات ليست مستلقة ولكنها مرتبطة معا ‪.‬‬
‫السمة حالة منفردة للشخصية‪.‬‬
‫إن عدم اتساق العادات واألفعال ليس دليال على عدم وجود السمة‪.‬‬
‫قد تكون السمات مشتركة أو عامة‪.‬‬
‫نظريات السمات‪:‬‬
‫‪‬‬
‫‪‬‬
‫‪‬‬
‫آلبورت‬
‫كاتل‬
‫آيزنك‬
‫‪66‬‬
‫ألبورت (‪: )١٩٦٧-١٨٩٧‬ولد ألبورت عام ‪ ١٨٩٧‬في أمريكا‪،‬حيث درس في جامعة هارفرد ‪،‬ثم عمل في جامعات متعددة في‬
‫ألمانيا وفي عام ‪ ١٩٢٤‬عاد إلى أمريكا ليعمل في جامعة هارفرد‪.‬وفي عام ‪ ١٩٢٧‬أصدر كتابا في الشخصية األمر الذي جعل‬
‫موضوع علم نفس الشخصية من الموضوعات المهمة الجديرة بالدراسة والبحث‬
‫‪ ‬نظرية ألبورت ‪:‬‬
‫المبادئ األساسية للنظرية‪:‬‬
‫يرى ألبورت أن النظرية الجيدة في الشخصية هي تلك التي تستخدم وحدات قياس تبرز تركيب حقيقي وهذه الوحدة هي‬
‫السمة‪ ،‬ولذلك فقد عرف ألبورت السمة كما ورد في (جابر‪ )١٩٩۰،‬على أنها بنية عصبية نفسية لها‬
‫‪67‬‬
‫القدرة على استخالص المثيرات المتكافئة وظيفيًا وعلى المبادأة في التوجيه المستمر ألشكال متكافئة من السلوك التوافقي‬
‫والتعبيري ‪.‬ولهذا فالسمة توضح وجود االتساق في السلوك اإلنساني أي أنها نوع من الثبات النسبي لتظهر ذلك الثبات‬
‫على شكل سمة واضحة لديه ‪،‬ولذلك ال يوجد فردان متشابهان في القدر نفسه فيما يتعلق بسمة معينة ‪.‬فاألشخاص الذين‬
‫يتسمون بالخجل فإنهم في الغالب سوف يظهرون الخجل في معظم المواقف التي يمرون بها ‪.‬وقد أشار ألبورت إلى أن‬
‫السمات تختلف عن العادات حيث إن العادات عبارة عن سلوكيات متنوعة قد تعبر مجموعة منها عن سمة معينة عند‬
‫الفرد ‪.‬‬
‫ولقد قسم ألبورت السمات الفردية إلى ثالث فئات وهي ‪:‬‬
‫‪‬‬
‫‪‬‬
‫‪‬‬
‫السمات الرئيسية )‪ :(Cardinal Traits‬فهي تلك السمات التي يعرف بها اإلنسان أو يشتهر بها‪،‬وهي استعداد‬
‫مسبق وعام للسلوك فهي تلك التي يظهر تأثيرها بوضوح في كافة النشاطات التي يقوم بها الفرد ويصبح‬
‫معروفا من خاللها ‪ .‬فنحن حين نذكر عمر بن الخطاب نتذكر عدله ‪،‬وحين نذكر خالد بن الوليد نتذكر الشجاعة‬
‫التي امتاز بها وحاتم الطائي بالكرم‪.‬‬
‫السمات المركزية )‪ :(Central Traits‬هي مجموعة السمات التي تظهر بشكل دائم في سلوكات الفرد‬
‫المختلفة كااللتزام أو األناقة أو االحترام أو األدب ‪،‬وقد تكون سمات سلبية أيضا كالكذب أو الهروب أو عدم‬
‫االلتزام‪.‬‬
‫السمات الثانوية )‪ : (Secondary Traits‬وهي سمات ليست ذات أهمية بالنسبة للفرد وهي أشمل من‬
‫العادات واالتجاهات عند الفرد والتي تظهر أحيانًا وتعمل على تشكيل السلوك‪.‬‬
‫‪68‬‬
‫ولقد أطلق ألبورت مفهوم الذات الممتدة أو المتميزة على السمات التي تتجمع لدى الفرد بشكل منسق والتي تعمل على مساعدة‬
‫الفرد في التخطيط لمستقبله وتبني فلسفة مدى الحياة ‪.‬‬
‫ويشير جابر (‪ )١٩٩۰‬إلى أن نظرية ألبورت تعتبر من البدايات الحقيقية للشخصية وقد قال ألبورت أن الدوافع اإلنسانية ليست‬
‫بيولوجية فحسب بل إنها اجتماعية فيها توجه نحو المستقبل ‪،‬وقد ركز ألبورت علي مفاهيم ومشكالت لم تلق اهتماما قبله ‪.‬كما أنه‬
‫اهتم بمفهوم األنا والذات لذلك فقد ركز على أهمية المحددات الشعورية‪ ،‬وقد جعل لتاريخ دراسة الحالة منهجا علميا له داللة هامة‪.‬‬
‫ولقد تعرضت نظرية ألبورت لعدد من االنتقادات بسبب منهجيتها التي اعتمدت على فقط على دراسة الحالة‪ .‬وكذلك أنه قلل من‬
‫أهمية الدوافع البيولوجية والالشعورية وهذا األمر ساعد على تقدم نظرية التحليل النفسي التي اعتمدت على الدوافع البيولوجية‬
‫والالشعورية‪ .‬ولقد ركز ألبورت على الدوافع الداخلية المسببة للسلوك وأهمل الدوافع الخارجية التي لها دور وتأثير في السلوك‪.‬‬
‫ومن أهم االنتقادات التي وجهت لنظريته أنها لم ترتكز على فرضيات يمكن التحقق منها تجريبيا‪.‬‬
‫‪69‬‬
‫كاتل (‪: )١٩٩٨ -١٩٠٥‬‬
‫ولد كاتل عام ‪ ١٩۰٥‬في إنجلترا وقد كان يرى أن والده المهندس لم يكن ذكيا كما هو الحال بالنسبة لوالدته التي كان يربطها به‬
‫عالقة مميزة ‪.‬ويقول إن طفولته كانت سعيدة ولكن والديه ومدرسيه كانوا صارمين ‪.‬درس علم النفس وركز أكثر ما يكون على‬
‫موضوع القياس النفسي وذلك من خالل عمله مع أبرز العاملين في القياس مثل بيرت وفيشر‪.‬وفي عام ‪ ١٩٢٩‬حصل على شهادة‬
‫الدكتوراة في علم النفس ‪ .‬وقد تعرف إلى ثورندايك الذي ساعده في االنتقال إلى أمريكا حيث عمل في عدد من الجامعات هناك ‪.‬‬
‫توفي عام ‪. ١٩٩٨‬‬
‫‪71‬‬
‫‪ ‬نظرية كاتل ‪:‬‬
‫المبادئ األساسية للنظرية‪:‬‬
‫لقد آمن كاتل بضرورة وجود نظرية تتكفل بوضع قوانين تتنبأ بالسلوك في الظروف المختلفة ‪،‬لذلك فقد رأى أن دراسة‬
‫الشخصية تتيح لنا التنبؤ بتصرف الشخص في موقف معين‪ .‬لذلك رأى كاتل أنه من الضروري دراسة الشخصية تجريبيا أي‬
‫بطرق كمية تحدد سماتها‪ .‬ويرى كاتل أن السمة هي وحدة بناء الشخصية‪ ،‬لذلك فقد ركزت دراساته على تحليل السمات‪ .‬ولقد‬
‫اعتمد كاتل على دراسات ألبورت واتفق معه على أن هناك سمات مشتركة بين األفراد وكذلك سمات متفردة ال توجد إال عند‬
‫الفرد ذاته‪ .‬كما أن قوة هذه السمة تختلف عند الشخص من حين آلخر‪.‬‬
‫لقد توصل كاتل من خالل تحليالته العاملية إلى السمات األساسية للشخصية األولية‪ ،‬فحدد ستة عشر عامال للشخصية والتي تم‬
‫قياسها من خالل اختباره المعروف باسمه‪ .‬وهذه العوامل هي ‪:‬‬
‫‪ .1‬العامل (‪ )16‬االنطالق السيكلوثيميا مقابل الشيزوثيمياء والشخص‬
‫المنطلق محب للجميع وصريح ومتكيف بالمقابل صاحب الدرجة‬
‫المرتفعة على النهاية الثانية للقطب الشيزوثيميا بأنه شخص منعزل‪،‬‬
‫حذر‪ ،‬متصلب‪.‬‬
‫‪ .2‬العامل )‪ )17‬الذكاء العام مقابل الضعف العقلي‪ :‬ويتصف الشخص الذكي بالتفكير المجرد واليقظة والخيال الواسع في المقابل‬
‫صاحب الدرجة المنخفضة يتصف بالغباء والتفكير غير الجدي‪.‬‬
‫‪72‬‬
‫‪ .3‬العامل )‪ (18‬قوة األنا أو اإلتزان اإلنفعالي مقابل عدم عدم اإلتزان اإلنفعالي‪ :‬يتميز المتزن إنفعاليا باالستقرار والهدوء‬
‫والواقعية والنضج والصبر في حين نجد غير المستقر انفعاليا يتصف بعدم االستقرار سريع االستثارة وغير صبور وهو الذي‬
‫يحصل على الدرجة المنخفضة‪.‬‬
‫‪ .4‬العامل )‪ (19‬السيطرة مقابل الخضوع ‪ :‬الشخص المسيطر مستقل عدواني عنيد‪ ،‬خشن وصاحب الدرجة المرتفعة شخص‬
‫واثق من نفسه ال يهتم لمعارضة اآلخرين له‪ ،‬في حين الشخص الخضوع معتدل لطيف ومساير ومتواضع ومطيع‪.‬‬
‫‪.5‬العامل (‪ )20‬االنبساط مقابل االكتئاب‪ :‬والشخص المنبسط شخص مبتهج مندفع متحمس‪ ،‬مرح اجتماعية بينما يتميز المكتئب‬
‫باالنعزال والتشاؤم وتقلب المزاج‪ ،‬وهوجاد‪.‬‬
‫‪ .6‬العامل (‪ )21‬قوة األنا األعلى مقابل ضعف المعايير األخالقية‪ :‬يتصف الشخص صاحب األنا األعلى بالمثابرة والرزانة‬
‫وااللتزام بالقوانين واألنظمة وتحمل المسؤولية‪ ،‬بالمقابل فإن ضعيف األخالق يتميزباالبتعاد عن القوانين واألنظمة والتقلب‪.‬‬
‫‪.7‬العامل (‪ )22‬المغامرة واإلقدام مقابل الجبن‪ :‬فالشخص المغامر جريء مقدام يميل إلى الجنس اآلخر‪ ،‬صريح‪ ،‬مقابل الشخص‬
‫الجبان الخجول المنسحب والجود والعدوانية‪.‬‬
‫‪ .8‬العامل (‪ )23‬الليونة مقابل الصالبة‪ :‬تبدأ باإلحساس واالتكالية واألنثوية والنزعات الهستيرية مقابل الصالبة والواقعية‬
‫واالكتفاء الذاتي‪.‬‬
‫‪73‬‬
‫‪.9‬العامل (‪ )24‬االسترخاء الداخلي مقابل الشك واالرتياب ‪ :‬والشخص المسترخي يثق باآلخرين بعيد عن الغيرة‪ ،‬والشخص‬
‫المتوجس يشك في اآلخرين ويغار منهم‪.‬‬
‫‪.10‬العامل (‪ )25‬الواقعي مقابل المزاجي االجتراري‪ :‬الشخص الواقعي يقظ يتمسك بالعادات والتقاليد منضبط مقابل الشخص‬
‫المزاجي االجتراري المنطوي وضيق األفق‪.‬‬
‫‪.11‬العامل (‪ )26‬الدهاء مقابل السذاجة‪ :‬يتصف الشخص هنا بالعمق والحذر وخبرة كبيرة بالناس والحياة وصاحب نظرة ثاقبة‪،‬‬
‫بالمقابل الشخص الساذج سطحي و عاطفي ليس لديه خبرة ثاقبة‪.‬‬
‫‪ .12‬العامل (‪ )27‬االستهداف للذنب مقابل الثقة‪ :‬الشخص هنا يتصف بعدم األمن والقلق واالكتئاب واالنزعاج مقابل الشخص‬
‫الواثق من نفسه الهادئ المتزن‪.‬‬
‫‪ .13‬العامل (‪ )28‬التحرر مقابل المحافظة‪ :‬الشخص المتحرر هو شخص ناقد متحرر‪ ،‬ومحلل‪ ،‬ومفكر‪ ،‬وحر‪ ،‬بالمقابل الشخص‬
‫المحافظ يحترم األفكار‪.‬‬
‫‪ .14‬العامل (‪ )29‬االكتفاء الذاتي مقابل المسايرة‪ :‬األول صاحب قرار واسع الحيلة يعتمد على نفسه‪ ،‬مقابل شخص يفتقر إلى‬
‫القدرة على اتخاذ القرار ويساير اآلخرين ويتبعهم‪.‬‬
‫‪ .15‬العامل (‪ )30‬التحكم الذاتي مقابل ضعف التحكم‪ :‬يتصف الشخص المتحكم بذاته بأنه يستطيع ضبط نفسه‪ ،‬يلتزم بالمعايير‬
‫األخالقية للجماعة طموح ومثابر‪ ،‬في المقابل يتصف الشخص ضعيف التحكم بضعف قدرته على التحكم وضبط ذاته‪.‬‬
‫‪74‬‬
‫‪ .16‬العامل (‪ )31‬عدم اإلحباط والسكينة مقابل التوتر العصبي ‪ :‬واإلحباط وسرعة اإلستثارة ‪.‬‬
‫وقد قدم كاتل تصنيفات ثالثة للسمات األولى على أساس التمييز بين القدرة والمزاج والدافعية وهي‪:‬‬
‫‪ .1‬سمات القدرة‪ :‬وهي التي تحدد كفاءة الفرد في عمل ما‪.‬‬
‫‪ 2‬سمات المزاج‪ :‬وهي التي تحدد األسلوب العام للشخصية فتعني بالدافعية واالهتمامات وكذلك عوامل مثل الطموح‪ ،‬واالهتمام‬
‫باكتساب المعرفة‪.‬‬
‫التصنيف الثاني‪ :‬فهو قائم على أساس عدد األفراد التي يمتلكون السمة وهي‪:‬‬
‫‪ .1‬السمات المشتركة‪ :‬سمات يشترك فيها عدد من األشخاص مثل الخبرات االجتماعية والخبرات المعرفية مثل الذكاء والقدرات‬
‫العقلية‪.‬‬
‫‪ .2‬سمات فردية‪ :‬سمات يتميز بها الفرد کاالهتمامات الخاصة واالتجاهات‪.‬‬
‫التصنيف الثالث‪ :‬ويعتمد على مستوى السمات من العمق إلى السطح وهي نوعان ‪:‬‬
‫األول‪ :‬سمات عميقة المصدر أو أولية‪ .‬والسمات المصدرية هي المسؤولة عن كل ما يمكن مالحظته من أشكال السلوك في‬
‫النواحي العقلية والمزاجية ولها ميزة الدافعية للسلوك‪ ،‬وتتحكم بشكل كبير في سلوك الفرد‪ .‬وتقسم السمات المصدرية إلى قسمين‪:‬‬
‫سمات تكوينية ترتبط بالبناء الجسمي للشخص‪ :‬فهي ليست بالضرورة فطرية التي تحكمها الوراثة مثل أن يكون الفرد ذا مزاج‬
‫حاد‪.‬‬
‫‪75‬‬
‫والقسم الثاني سمات بيئية‪ :‬أي تلك السمات التي تتأثر بالتنشئة االجتماعية فيكتسب الفرد السمات المتداولة في مجتمعه من خالل‬
‫التنشئة االجتماعية‬
‫(محمد‪)2011 ،‬‬
‫الثاني‪ :‬سمات سطحية‪ :‬وهي عدد كبير من السمات غير محددة وتأثيره محدد في السلوك مثل حب االستطالع‪ ،‬واإليثار‪،‬‬
‫والفضول‪ ،‬فهي مجموعة من خصائص الشخصية نظرا الرتباطها مع بعضها فهي غير مستقرة وعرضة للتبديل والتغيير ولها‬
‫تأثير أقل في الشخصية‪.‬‬
‫ويشير كاتل إلى أن بعض السمات تؤثر من خالل البيئة وبعض السمات تؤثر بشكل مباشر في ثقافة اإلنسان ويسميها السمات‬
‫الواسعة مثل االنطوائية‪ ،‬االنقباض‪ ،‬التفاؤل‪.‬‬
‫‪76‬‬
‫هانز أزنيك (‪ : )١٩٩٧-١٩١٦‬ولد أيزنك في ألمانيا عام ‪ 1916‬وقد كان والداه ممثلين غير مشهورين ‪،‬وقد عاش في كنف جدته‬
‫بعد أن انفصل والديه‪ ،‬وقد ساعده ذلك ألن يعتمد على نفسه‪ .‬غادر أيزنك ألمانيا إلى فرنسا عام ‪ 1933‬عندما استلم‬
‫النازيون الحكم في ألمانيا‪ .‬ثم سافر إلى بريطانيا حيث التحق بكلية في لندن لدراسة العلوم‪ ،‬ومن ثم ترك التخصص ليدرس علم‬
‫النفس وبعد ذلك حصل على شهادة الدكتوراة في علم النفس‪ .‬قام بإجراء األبحاث المتعددة في مستشفى طوارئ مل وهو المركز‬
‫الذي استمر في إجراء أبحاثه فيه‪.‬‬
‫‪77‬‬
‫‪ ‬نظرية أيزنك ‪:‬‬
‫المبادئ األساسية للنظرية ‪:‬‬
‫تعتبر نظرية أيزنك في الشخصية من أهم النظريات التي درست الشخصية على أسس علمية فقد انطلق من علم وظائف األعضاء‬
‫والوراثة ولذلك يرى أن االختالفات في الشخصية إنما تعود إلى الموروثات‪ ،‬فالوراثة بالنسبة له كل شيء لذلك فالسمات‬
‫الشخصية والذكاء ال يمكن تغييرها‪.‬وفي حقيقة األمر فقد اعتمد أيزنك على التحليل العاملي شأنه شأن كاتل للوصول إلى عوامل‬
‫الشخصية وكذلك فالشخصية يمكن وصفها من حيث السمات التي يمكن الوصول إليها احصائيا‪.(Allen ,2009) .‬‬
‫ويضيف أيزنك أن األسس البيولوجية ذات أهمية كبرى في دراسة الشخصية‪.‬فالسلوم ال يورث ولكن هناك أجزاء من الجهاز‬
‫العصبي المركزي هي التي تورث‪ ،‬وهي التي تحدد السلوك عندما تتفاعل مع البيئة‪.‬وحسب أيزنك أن ما يورث هو النمط‬
‫الوراثي )‪ (genotype‬وما يتم مالحظته هو النمط المظهري )‪ (phenotype‬وهو الناتج عن تفاعل النمط الوراثي مع البيئة‪.‬‬
‫ونتيجة لدراسة أيزنك فقد حدد خمسة عوامل عريضة في وصف الشخصية (عبد الخالق ‪ ،)١٩٩٢،‬هي ‪:‬‬
‫‪.١‬االنبساط ويقابله االنطواء ‪Extraverts Vs Introverts‬‬
‫‪ .٢‬والعصابية (عدم االتزان) ويقابله االتزان ‪Neurotics unstable Vs stables‬‬
‫‪78‬‬
‫‪.٣‬الذهانية‪Psychoticism .‬‬
‫‪ .٤‬الذكاء‪Intelligence.‬‬
‫‪.٥‬المحافظة مقابل التقدمية والتحرر‪.‬‬
‫‪ .1‬االنبساطية مقابل االنطواء‪ :‬وهو عامل ثنائي القطب بين االنبساط واالنطواء‪ ،‬وهو مثل البعدين اللذين تحدث عنهما‬
‫يونغ‪ .‬وهو مثل االستعمال الدارج لهاتين الكلمتين فهم األشخاص الخجولين الهادئين مقابل األشخاص المنطلقين‬
‫الثرثارين‪ .‬ويرى أيزنك أن االنبساط واالنطواء هو حالة من توازن في الكف واالستثارة في الدماغ نفسه‪ .‬ولهذا العامل‬
‫أساس تشريحي هو التكوين الشبكي ويعتمد على توازن االستثارة والكف بوصفها وظائف للجهاز العصبي‪ .‬وقد أكد‬
‫على األساس الوراثي لهذا العامل‪ ،‬وهم أشخاص اجتماعيون ويتميزون بالمرح والتغير ولكنهم سرعان ما يشعرون‬
‫بالملل‪ ،‬ولكنهم متفائلين وهم مفعمين بالحيوية مسيطرين‪ ،‬ومغامرين وقادة‪ .‬ولديهم الكثير من األصدقاء‪ .‬وهم أشخاص‬
‫ال يكونون عقالنيين معظم الوقت‪.‬‬
‫‪ .2‬العصابية (عدم االتزان) مقابل االتزان‪ :‬أيضا عامل ثنائي القطب والعصابيون هم األفراد المزاجيون والقلقون والمتقلبون‬
‫والمكتئبون وسيئوا التكيف عند نهاية حد العصابية يتسم بتقدير منخفض للذات ال عقالني و خجول‪ ،‬وقد يعيش هؤالء بشكل تكيفي‬
‫مقبول إلى حد ما في بيئة العمل‪ ،‬والبيت‪ ،‬ولكنهم عرضة لتقلبات المزاج المتغيرة‪ .‬فهم يشتكون من أعراض نفسية متعددة مثل‬
‫األرق‪ ،‬واالضطرابات الهضمية والصداع والقلق ‪،‬وعندما يتعرضون لضغوط شديدة فهم يتحولون إلى عصابيين‬
‫بالمعنى المرضي (عبد الخالق‪ .)1992 ،‬في حين يكون على البعد اآلخر‪،‬‬
‫‪79‬‬
‫وهم من يقع على المستوى المنخفض في هذه السمة األشخاص المستقرين والمتكيفين‪ ،‬وذوي المزاج الهادی و غير انفعاليين‪،‬‬
‫يتمتعون باالسترخاء وغير قلقين وسرعان ما يعودوا لطبيعتهم بعد تجاوزهم للمواقف المقلقة‪ .‬لذلك فإن االختالف في العصابية‬
‫يرجع إلى االختالفات الموروثة في الجهاز العصبي المستقل لإلستثارة‪.‬‬
‫‪ .3‬الذهاني‪ :‬وقد استخرج أيزنك هذا العامل خالل تحليله لثالث مجموعات من المفحوصين هم األسوياء والفصاميين ومرضى‬
‫الهوس االكتئابي‪ .‬ويصف هذا العامل مدى صرامة األفراد وهم ضد المجتمع ويكون األشخاص ذوو المستوى المرتفع في الذهان‬
‫بالعدوانية واألنانية ويتمركز حول ذاته وهو غيرمتعاطف ومبدع وصارم‪ ،‬وينقصه الشعور بالتعاطف وهو غير حساس‬
‫وال يهتم بالخطر فهو يحب إزعاج اآلخرين‪ .‬كما أن ارتفاع مستوى الذهانية ال يعني بأن الفرد ذهاني أو أنه سيصبح كذلك‪،‬ولكنه‬
‫قد يظهر بعض الصفات الواضحة بين الذهانيين‪ ،‬كتلك الصفات التي أشرنا إليها أعاله ‪.‬‬
‫‪ .4‬الذكاء‪ :‬وهو القدرة العامة أو العامل العام في نظرية سبيرمان‪.‬‬
‫‪ .5‬المحافظة مقابل التقدمية أو التحرر‪ :‬وكما أشار أيزنك فهذا عامل أساس في االتجاهات‪.‬‬
‫وقد عمد الكثير من الباحثين في الشخصية إلى استبعاد العاملين األخيرين والتركيز على العوامل الثالث األولى ‪.‬ولكنه من المهم‬
‫أن نشير إلى أن نظرية أيزنك في الشخصية ما زالت تتلقى المزيد من االهتمام وقد شجعت الكثير من الباحثين على القيام بالمزيد‬
‫من البحوث شأنها شأن نظرية كاتل في السمات‪.‬وقد تم اختبار نظرية أيزنك عبر الزمن والثقافة والجندر ‪.‬ومما زاد‬
‫‪80‬‬
‫من تقبلها أنها تنطبق على حالة الفرد في المواقف االجتماعية المختلفة‪ .‬كما أن نظرية ايزنك تتسم بعدد محدود من المفاهيم وهذه‬
‫من أهم صفات النظريات الناجحة‪ ،‬وأخيرا أن هذه النظرية مزجت بين البيئة والوراثة‪.‬‬
‫‪ .4‬نظرية العوامل الخمسة الكبرى‪:‬‬
‫‪The Big Five : Five-Factor Model‬‬
‫يرى العلماء أن نظرية العوامل الخمسة الكبرى‪ ،‬إنما جاءت نتيجة لبحوث كاتل وأيزنك في سمات الشخصية‪ .‬هذه السمات التي‬
‫تميز شخصا عن آخر وتساعدنا في فهم الشخصية والتنبؤ بما ستكون عليه‪ .‬لذلك فقد اعتبر هؤالء العلماء أن السمة هي وحدة بناء‬
‫الشخصية ( محمد‪ .)2011 ،‬فقد توصل فيسك عام ‪ 1949‬إلى استخراج خمسة عوامل للشخصية من خالل‬
‫التحليل العاملي لقائمة كاتل وقد تبعه عدد من العلماء مثل تيوبس وكرستال في ذلك‪.‬‬
‫ونتيجة للدراسات المتكررة في نظرية السمات والتي حاولت أن تتعرف إلى العوامل التي تتكون منها الشخصية‪ ،‬فقد وجدوا بأن‬
‫هناك خمس سمات في الشخصية تتكرر باستمرار ضمن هذه الدراسات‪ ،‬لذلك فقد كان نمذج جولدبيرغ (‪ )Goldberg‬يشتمل‬
‫على خمسة عوامل فقط‪ .‬وقد كان جولدبيرغ يتطلع نحو تصنيف واعتماد عالمي لسمات الشخصية‪ ،‬مما دفع الكثير من العلماء‬
‫لالنطالق نحو مزيد من البحث في السمات الخمس للشخصية ‪،‬وقد تحقق من صدق وثبات هذا التصنيف من خالل األبحاث التي‬
‫أجريت في العديد من دول العالم (كاظم‪.)2001 ،‬‬
‫‪81‬‬
‫وحسب هذا النموذج فهناك خمس سمات رئيسة اجتمعت من أجل تكوين الشخصية وهذه السمات هي ‪:‬‬
‫‪ .1‬العصابية ‪ :Neuroticism‬الميل لئن يكون الشخص غير مستقر انفعاليا ومن المحتمل أن يطور ضيقا نفسيا‪ .‬وأهم‬
‫سماته‪،‬هي القلق والغضب والعدائية واالكتئاب والشعور بالذنب واالندفاع والضغوط والقابلية للتأثر بالضغوط‪.‬‬
‫‪ .2‬االنبساطية ‪ :Extraversion‬وهو الشخص النشط المرح االجتماعي والمتحدث والمتفائل والمتعاطف‪ .‬وأهم سماتها‬
‫الدفء واالجتماعية وتوكيد الذات والنشاط والبحث عن اإلثارة‪.‬‬
‫‪ .3‬االنفتاحية نحو الخبرة ‪ : Openness to Experience‬وهو شخص يميل إلى الخيالية والفضول وهو مبدع أيضا‬
‫وغير تقليدي في معتقداته وقيمه‪ .‬ومن سماتها‪ :‬الخيال والجمال والمشاعر واألفكار المنفتحة والقيم‪.‬‬
‫‪ .4‬الطيبة أو حسن المعشر ‪ : Agreeableness‬وهي السمات التي تدل على طيبة الشخص اللطيف المحب الذي يستحق‬
‫الثقة ويميل إلى مساعدة اآلخرين ‪ ،‬ومن سماتها الثقة واالستقامة واإلذعان والتواضع‪.‬‬
‫‪ .5‬الضمير الحي‪ : Conscientiousness .‬وهو الشخص المجد‪ ،‬الصادق والطموح ‪ ،‬الشفوق‪ ،‬ذاتي التوجيه‪ ،‬وأهم‬
‫سماتها ‪ :‬الكفاءة وااللتزام وضبط الذات والتأني والرؤية‪.‬‬
‫كما أشرنا فقد كان الصدق البحوث وثباتها أن جعلت لهذا النموذج تطبيقا متنوعة في المجال التربوي والمنظمات والشركات‪.‬‬
‫ويشير الباحثون إلى أن سمات العوامل الخمسة تصبح ثابتة في عمر الثالثة وتزيد في الثبات‬
‫‪82‬‬
‫في عمر الخمسين‪ .‬وهذا يعني ثباتا نسبيا على الرغم مما يتعرض له الفرد من ضغوطات مختلفة في مرحلة المراهقة والجامعة‬
‫واالنتقال إلى الحياة العملية لذلك نرى وجود ثباتا معتدال عبر فترات الحياة‪ .‬فالناس يصبحون أكثر دفئا وثقة بالذات (عامل‬
‫االنبساط) ويتسمون بالقبول والوعي والثبات االنفعالي ‪ .‬ويزيد االنفتاح في بداية المراحل المبكرة من الحياة ويستمر القبول‬
‫واالنفتاح والوعي ويزيد في مرحلة الشيخوخة‪.‬‬
‫ويشير روبرتس وآخرون(‪ )٢٠٠٦‬من خالل ما توصلوا إليه من مراجعة العديد من الدراسات أن هناك دالئل على االستمرار‬
‫والتغير في سمات الشخصية وقد استنتجوا اآلتي‪:‬‬
‫‪ .1‬وجود تغيرات بعد عمر الثالثين‪.‬‬
‫‪ .2‬أن مرحلة البلوغ تعد فترة رئيسية في الحياة والتي تتغير فيها الشخصية كثيرا‪.‬‬
‫‪ .3‬تنخفض سمة االنفتاح والحيوية االجتماعية مع تقدم العمر‪.‬‬
‫‪ .4‬تصبح معظم السمات أكثر إيجابية مع تقدم العمر‪.‬‬
‫وختاما ال بد من أن نشير إلى أن نظرية العوامل الخمسة قد أغفلت سمات هامة مثل الذكاء والتدين والدافع الجنسي والسمات‬
‫الخاصة بالثقافة (ميسراندينو‪ )2015 ،‬على الرغم من أن أصحاب نظرية العوامل الخمسة قد فسروا ذلك من أن بعضا من هذه‬
‫السمات موجود ضمنا في سمات أخرى من العوامل الخمسة‪.‬‬
‫‪83‬‬
‫وال بد من أن نشير إلى مساهمات كوستا وماكري اللذين أعدا مقياسا جديدا اسمه مقياس الشخصية المنقح للعصابية واالنبساطية‬
‫واالنفتاحية‪.‬‬
‫وقاما بتطوير قائمة جولدبيرغ فأصبحت حسب الشكل اآلتي‪:‬‬
‫‪ .1‬االنبساط‬
‫‪ .2‬الطيبة‪ ،‬اإليثار‬
‫في يقظة الضمير‪.‬‬
‫‪ .4‬العصابية‪.‬‬
‫‪ 5‬األصالة‪ ،‬واالنفتاحية‪.‬‬
‫ومن الجدير بالذكر أن كال من كاتل وأيزنك قد عارضا هذه النظرية فقد رأى كاتل أن للشخصية أبعادا كثيرة أكثر مما أشارت‬
‫إليه نظرية العوامل الخمسة أما أيزنك فقد رفض فكرة وجود عوامل خمسة والبد من حصر هذه العوامل في عدد أقل من‬
‫العوامل‪ .‬ويشير العنزي ( ‪ .)1998‬إن نظرية العوامل الخمسة واجهت مشكلة في االتفاق حول تسمية موحدة للعوامل الخمسة‪،‬‬
‫وعلى استخدام األعداد الرومانية أو األحرف األبجدية‪.‬‬
‫مدرسة التحليل النفسي‬
‫سيجموند فرويد ‪1939_1856‬‬
‫ما من مطلع على أدبيات علم النفس إال ومر وقرأ ما قدمه سيجموند فرويد في مجال علم‬
‫النفس وكيف كانت أعماله وكتبه ومؤلفاته مصدرا ثريا من المعرفة ساهم في دراسة النفس‬
‫البشرية وعمد إلى تحليلها وقدم الكثير إلى‬
‫العاملين في الميدان النفسي‪ ،‬لذلك يعتبر فرويد األب الروحي والمؤسس الفعلي العلم النفس‬
‫اإلكلينيكي‬
‫ولد فرويد عام ‪ 1856‬في إحدى المقاطعات األلمانية من أبوين يهوديين وهو االبن األكبر في‬
‫أسرته التي تتألف من ثمانية أطفال‪ .‬وما لبث فرويد أن التحق بكلية الطب في عمر السابعة‬
‫عشر وقد كان حلمه األول أن يصبح شخصا مشهورة‪ .‬عاش فرويد معظم حياته طبيبا نفسيا‬
‫يمارس العالج النفسي في فيينا بالنمسا لحين هروبه منها وسفره إلى لندن حيث مات هناك‪.‬‬
‫وقد أنجب فرويد‬
‫ثالثة أوالد وثالث بنات‪ ،‬أصغرهم أنا فرويد التي أصبحت محللة نفسية شهرة وقد توفي فرويد‬
‫بعد خمسة عشر شهرا من وصوله إلى بريطانيا بسبب سرطان الفك‪ ،‬حيث كان فرويد مدمنا‬
‫على تدخين السيجار بشكل دائم‪ .‬وقد عانى فرويد من اآاللم الشديدة حتى وفاته‪ .‬ويجدر بنا‬
‫القول هنا أن فرويد ليس كما يقال عنه بأنه كان مدمنا على المورفين وفي حقيقة األمر أن‬
‫فرويد طلب من طبيبه أن يعطيه المورفين نظرا لما عاناه من األم شديدة‪ ،‬وقد تناول المورفين‬
‫لمدة يومين فارق بعدها الحياة‪.‬‬
‫المبادئ األساسية للنظرية‪:‬‬
‫لقد اعتقد فرويد أن الطبيعة اإلنسانية تحكمها قوى غريزية والشعورية والعقالنية‪ ،‬فاإلنسان‬
‫كائن أناني وجد في حالة من الفوضى واالضطرابات الداخلية والخارجية‪ ،‬وحتى في سنوات‬
‫الطفولة التي يجب أن تتجلى فيها‬
‫البراءة‪ ،‬ظهرت لدية سيطرة النزاعات العدوانية والجنسية لذلك عجز اإلنسان عن مواجهة‬
‫اإلحباطات المتكررة وحاول أن يغطي هذا العجز بأساليب دفاعية فشله في التعامل مع‬
‫المشكالت النفسية التي تواجهه فلجأ إلى الدين أن يكسبة القوة في التحكم بهذه الغرائز وفي‬
‫تبرير سعية الدؤوب غير المفسر وراء اللذة‪.‬‬
‫وفي حقيقة األمر أن فرويد اعتمد في الكثير من فكره على دراسة ذاته وتحليل شخصيته‪ ،‬فقد‬
‫عمد إلى تحليل أحالمه محاوال تفسيرها وربطها بأحداث حياته‪ .‬وال بد من اإلشارة هنا إلى تعلق‬
‫فرويد بوالدته الشديد التي كان يحبها بشكل كبير‪ ،‬وكراهيته لوالده‪ ،‬هذه العالقة الوالدية أثرت في‬
‫آراء فرويد بشكل کبير وينبغي أن نذكر أنه خالل القرن التاسع عشر قد ساد اتجاهان‬
‫في الطب‬
‫لول االتجاه الجسمي والثاني االتجاه النفسي‪ ،‬فقد رأي أصحاب االتجاه الجسمي أن‬
‫سبب االضطرابات السلوكية هو وجود اضطرابات عضوية في المخ‬
‫في حين رأي أصحاب االتجاه النفسي أن أسباب تلك االضطرابات هي أسباب نفسية وعقلية‬
‫لذلك تعتبر مدرسة التحليل النفسي ثورة على االتجاه الجسمي‬
‫(ربيع‪.)2013 ،‬‬
‫وقد تأثر فرويد بحركة العالج بالتنويم المغناطيسي حيث تعاون مع الطبيب شاركوه في هذا‬
‫الميدان ولكن ما لبث أن توقف فرويد عن االستمرار بالعالج بالتنويم على الرغم من قدرته في‬
‫عالج األعراض ولكنه ال يحقق الشفاء التام‪ .‬ولذلك تخلى فرويد عن العالج بالتنويم‬
‫المغناطيسي ولجأ إلى أسلوب التداعي الحر (‪ )Free Association‬وهي الطريقة التي‬
‫تسمح للمريض الجلوس باسترخاء والتعبير بحرية مطلقه عما يجول بخاطره‪ .‬وأخيرا فقد‬
‫تعاون مع العالم بروير والذي أشرف على عالج ابنة فرويد أنا‪ .‬ولكنه اختلف معه بسبب‬
‫آراء فرويد في تأثير الجنس‪.‬‬
‫مبدأي اللذة و الواقع ‪:‬‬
‫ويرى فر ويد أن اإلنسان يعيش وفق مبدأين أساسيين األول هو مبدأ اللذة وتجنب األلم‪ .‬فاإلنسان‬
‫يسعى للحصول على اللذة ويجتهد بشكل كبير في تجنب‬
‫األلم‪ .‬وهذه نزعة فطرية تساعد على توفير الراحة لإلنسان لذلك إن لم يستطيع تحقيق ذلك فإنه‬
‫يلجأ إلى كبت هذه الخبرات في الالشعور‪.‬‬
‫أما المبدأ الثاني فهو مبدأ الواقع الذي يتبناه األنا والذي يعمد إلى إشباع حاجات وتلبية رغبات‬
‫الهو من خالل النظرة الواقعية ومدى توافقها مع نظرة المجتمع للسلوك الذي يحقق ذلك‪ .‬ومن‬
‫هنا تظهر قدرة األنا على التصرف بامكانية التنفيذ أو التأجيل لذلك نجد أن مبدأ اللذة فطري في‬
‫حين ان مبدأ الواقع مكتسب ومتعلم فمبدأي اللذة والواقع هما اللذان يحكمان سلوك اإلنسان‬
‫الدوافع اإلنسانية ‪:‬‬
‫پری فرويد أن هناك نوعين من الدوافع توجه سلوك اإلنسان وهي‪:‬‬
‫أ‪ .‬دوافع الحب والبناء‪ :‬وقد أطلق عليها األيروس وهي تلك الدوافع التي تعمل على تحفيز‬
‫اإلن سان على البناء والتشييد والتأخي وبناء جسور الصداقة وتوطيد العالقات‪.‬‬
‫ب‪ .‬دوافع الموت‪ :‬وقد أطلق عليها الثناتوس وهي دوافع تشجع على العدوان والحرب والقتل‬
‫والتدمير وهذه الدوافع تعمل باالتجاه المعاكس لدوافع الحياة‪.‬‬
‫ويؤمن فرويد بدينامية الشخصية‪ ،‬ولفهمها يجب التعرف إلى مصدر الدافعية فيها حيث يرى‬
‫فرويد أن الدافعية هي الطاقة الموجودة داخل الفرد وقد سماها بطاقة اللبيدو أو الطاقة النفسية‬
‫وهذه الطاقة هي التي تحرك‬
‫األجهزة الثالثة والغرائز هي المصادر التي تستمد الشخصية الطاقة منها‪.‬‬
‫فالغريزة حالة استثارة جسمية فطرية ت سعى للتعبير والتخلص من التوتر لذلك يرى فرويد أن‬
‫النشاط الجسمي كله يتحدد من خالل الغرائز‪ .‬وكما أشرنا سابقا فإن فرويد يؤمن بنوعين من‬
‫الغرائز النوع األول‪ :‬غرائز الحياة‬
‫وهي كل ما يعمل على الحفاظ على العمليات الحياتية وبقاء النوع وتكاثره مثل غريزة الجوع‬
‫والعطش والجنس‪ ،‬والغرائز الجنسية أكثر أهمية وتحركها‬
‫طاقة اللبيدو‪ .‬والنوع الثاني‪ :‬من الغرائز هي غريزة الموت ومن مظاهرها العدوان واالنتحار‬
‫والقتل وهي مساوية لغرائز الحياة من حيث تحديد السلوك يقول فرويد أن الغاية من الحياة هي‬
‫الموت وجميع الكائنات الحية مضطرة الى العودة الى الالحياة‪.‬‬
‫وقد أضاف فرويد مبدأين أخرين مهمين األول الثبات واالتزان والذي يشير إلى ميل الكائن‬
‫الحي إلى محاولته في خفض التوترات التي يتعرض إليها إلى أدنى مستوى ليصل إلى حالة‬
‫االتزان أو الثبات لذلك ينزع اإلنسان لمواجهة هذه التوترات الداخلية والخارجية والعمل على‬
‫تفريغ الطاقة النفسية التي تضغط عليه‪ .‬أما المبدأ الثاني فهو إجبار التكرار‪ ،‬حيث يجبر الكائن‬
‫الحي على تكرار‬
‫ماضية بشكل قهري‪ ،‬وبشكل مماثل لتلك الخبرات مهما كان نوعها سار أم ضار‬
‫ومن أشكاله النكوص والتحويل ويعد التثبيت أساس هذه التكرارات‬
‫القهرية‬
‫بناء الشخصية عند فرويد‪:‬‬
‫لقد حاول فرويد النظر إلى الشخصية من خالل ثالثة مفاهيم تتفاعل مع بعضها البعض لتنظم‬
‫الحياة العقلية اإلنسانية‪ ،‬هذه المكونات ليست موجودة مادية لدى اإلنسان بل إنها افتراضات‬
‫ألنظمة تتفاعل بشكل ديناميکي‪ .‬هذه المكونات الثالث هي الهو (‪ )ld‬وهو المكون البيولوجي‬
‫والثا ني هو األنا ويمثل الجانب النفسي والثالث المكون البيئي(‪ )Ego‬أو الضمير أو األنا‬
‫األعلى االجتماعي (‪)super ego‬‬
‫الهو ‪:The Id‬‬
‫كما أطلق عليه فرويد مستودع الطاقة الغريزية التي نولد بها‪ ،‬لذلك فهو ال شعوري‪ .‬وهو‬
‫فوضوي غير عقالني يتكون من كل ما هو موروث ويحتفظ بطبيعته البدائية‪ ،‬فهو يضم الدوافع‬
‫الفطرية الجنسية والعدوانية‪ ،‬وهو ال‬
‫شعوري يعمل حسب مبدأ اللذة‪ ،‬فقراراته غير منطقية وال تعتمد على قواعد واقعية‪ ،‬ولكونه ال‬
‫شعوري أي غير واع‪ ،‬فإننا نرى أعمال الهو في األحالم وزالت اللسان‪ .‬لذلك يميل إلشباع‬
‫حاجاته بشكل مباشر عن طريق الجسد‬
‫والثانية نفسية من خالل التخيل واألحالم‪ .‬فهو يعمل على مبدأ اإلشباع الفوري‪ ،‬ألنه ال يتحمل‬
‫التأجيل بسبب تزايد الطاقة النفسية التي تسبب حالة من التوتر‬
‫الشديد لذلك يعمل على إشباع حاجاته بشكل سريع كي يتخلص من التوتر الشديد‪.‬‬
‫األنا و‪:The Eg‬‬
‫يتكون هذا الجزء من الشخصية من خالل اتصال الطفل مع العالم الخارجي الواقعي من خالل‬
‫استخدامه لحواسه خالل األشهر األولى من حياة الطفل‪ ،‬فيتعلم ما يفيده وما يسبب له الضرر‬
‫ويتكون من جزء شعوري وآخر ال شعوري‪ .‬ويتعرف كيف يستطيع إشباع حاجاته بالشكل‬
‫المقبول الذي ال يسبب أو ينتج عنه أضرار فادحة‪ .‬لذلك يعمل األنا على إشباع حاجات الهو‬
‫بطريقة واقعية وبأقل الخسائر‪ .‬وكلما قويت سلطة األنا على الفرد كلما كان سلوكه اجتماعيا‪،‬‬
‫وتستطيع األنا تلبية إشباع حاجات الهو أو تأجيلها أو تأخيرها‪ ،‬لذلك فإن األنا تتصف بثالثة‬
‫أمور هي‬
‫‪ :‬تهذيب‬
‫الهو‬
‫عملية تقيم المثيرات وكيفية إدراكها‬
‫تنمية المهارات الالزمة لإلشباع وفق نظم المجتمع‬
‫لذلك فاألنا هي الجهاز اإلداري للشخصية والتي تسيطر على السلوك‪ .‬والبد من اإلشارة هنا‬
‫إلى قضية مهمة وهي أن األنا واقعية تنتهز الفرص المناسبة ولكنها ليست بالضرورة أخالقية‪.‬‬
‫وتستخدم القلق واليات الدفاع األولية‬
‫األنا األعلى ‪:Super Ego‬‬
‫تساهم التنشئة االجتماعية في تعليم الطفل منذ السنوات األولى الطفولته فتعمل التنشئة على‬
‫تدريبه في إشباع حاجاته بطريقة يرضى عنها المجتمع‪ ،‬فيتعلم ما يجب عليه القيام به وفق‬
‫ثقافة المجتمع التي تبيح شينا‬
‫وتمنع أشياء أخرى‪ ،‬فيكتسب اإلنسان المعرفة الضرورية لمعرفة ما هو صواب وخطأ وحالل‬
‫وحرام ويجوز أو ال يجوز‪ .‬وتصبح جزءا مهما من الذخيرة المعرفية التي تضبط سلوكه‬
‫فتشكل لديه ما يسمى الرقيب الداخلي‬
‫الضمير)‪ .‬هذا المراقب الذي يعمل بديال عن سلطة الوالدين والمجتمع‪ .‬هذا الضمير الذي يحمل‬
‫المثل والقيم ومعايير الثقافة التي تسمح أو ال تسمح بالسلوك وهو ما أسماه فرويد األنا األعلى‪.‬‬
‫ويسعى األنا األعلى للكمال فهو غير منطقي في تطرفه شأنه شأن الهو‪ .‬واألنا األعلى‬
‫الشعوري وهو ذو أثر عميق في الشخصية‪ ،‬وهو من يوجه وينفذ العقاب ويمنع الهو من‬
‫السيطر ة ولذلك ينبغي لنا أن يتصرف بواقعية كي ال يتجاوز الحدود التي يعاقب عليها األنا‬
‫األعلى‪ ،‬ولكن سواء قويت األنا أو ضعفت فسوف تؤدي إلى االضطراب النفسي‪.‬‬
‫الحياة العقيلة و النفسية ‪:‬‬
‫لقد قسم فرويد الحياة العقيلة و النفسية لثالث مستويات هي‪:‬‬
‫‪ .1‬الشعور‪ :‬وهو تلك الخبرات التي يعيها اإلنسان ويشعر بها‪ ،‬ويستطيع أن يتناول األشياء‬
‫ويتعرف إلى األحداث التي يمر بها وهي جزء بسيط اذا ما قورن بما يوجد بالالشعور‬
‫‪.2‬ما قبل الالشعور‪ :‬وهي مكان افتراضي بری فرويد بانه يحتوي على خبرات تحتاج من‬
‫الفرد أن يبذل جهدا في الوصول إليه وهي تمثل الذكريات والخبرات السابقة‬
‫‪ .3‬الالشعور ‪ :‬وكما يرى الباحثون بأن الالشعور هو من أول ابتكارات فرويد‪ ،‬والالشعور‬
‫منطقة افتراضية أخرى تحتوي على الدوافع والذكريات والمخاوف واألحاسيس واألفكار‬
‫الممنوعة والعقد النفسية وتظهر محتويات الالشعور من خالل األحالم وسقطات اللسان‬
‫نمو وتطور الشخصية عند فرويد‬
‫لقد ركز فرويد على الجوانب التطورية في الشخصية وعلى أهمية السنوات الخمس األولى في‬
‫حياة اإلنسان لما لها من دور حاسم ومؤثر في بقية حياته‪ .‬ولذلك فإن القدر األكبر من‬
‫الشخصية يكتمل عند نهاية السن‬
‫الخامسة من العمر‪ ،‬فالشخصية تتطور ا ستجابة لعمليات النمو الفسيولوجية من جهة‪ ،‬ولما‬
‫يواجهه اإلنسان من صراعات وإحباطات خالل حياته من جهة أخرى‪ ،‬لذلك ال بد من أن يتم‬
‫اإلشباع في كل مرحلة من مراحل النمو‪.‬‬
‫‪ .1‬المرحلة الفمية ‪ :Oral Stage‬وهي السنة األولى من حياة الطفل ومصدر اللذة هنا الفم‪،‬‬
‫وللفم خمس وظائف أساسية هي البلع واإلمساك والعض واللفظ واإلطباق‪ ،‬فالطفل‬
‫يحصل على اللذة من خالل عملية اإلشباع التي تتم عن طريق الفم‪ .‬وكذلك فإن ما‬
‫يرتبط بهذه العملية كمص اإلبهام يولد لذة للطفل‪ .‬إن الفشل في عملية اإلشباع في أي من‬
‫المراحل المختلفة يؤدي إلى ما أسماه فرويد التثبيت (‪ )fixation‬وهنا يظهر الطفل‬
‫نكوصا لمراحل أبكر من عمر اإلنسان كان يلجا الطفل في عمر عشر سنوات إلى مص‬
‫إصبعه عندما يتعرض إلى مواقف مخيفة‪.‬وقد ميز فرويد بين نوعين من أنماط‬
‫الشخصية التي تظهر في المرحلة الفمية‪:‬‬
‫النمط األول هو ما أسماه نمط الشخصية الفمي االستقبال الذي يتمثل بوجود الطعام في الفم‬
‫والهضم وهو نمط يسهل إقناعه وخداعه وعالقاته اآلخرين اعتمادية‪ .‬أما النمط الثاني هو‬
‫الفمي العدواني وهو أيضا مرتبط بملذات الطفولة المرتبطة بالطعام والتركيز على المضغ‬
‫والعض‪،‬‬
‫وهو نمط يفضل الحلويات والغليونات‪ ،‬وهم عدوانيون لفظيا‪ ،‬متهكمون ويحاولون السيطرة‬
‫على اآلخرين‪ .‬وتظهر ضعف عالقة الطفل مع األم وتطور مشاعر عدم األمان‪.‬‬
‫‪ .2‬المرحلة الشرجية‪ : Anal Stage‬وتبدأ في السنة الثانية من عمر الطفل ويكون‬
‫اإلشباع واللذة من خالل التخلص من الفضالت من خالل الشرج‪ .‬فعملية اإلخراج‬
‫تشعر اإلنسان بالراحة واللذة بعد االنتهاء‪ .‬ففي‬
‫هذه المرحلة يتم تدريب الطفل على عملية النظافة وضبط اإلخراج‪ .‬وهنا يجب اإلشارة إلى‬
‫ضرورة االبتعاد عن الضغط وعقاب الطفل من أجل اإلسراع في عملية النظافة‪ .‬فالوالدين‬
‫يمثالن السلطة وقد يتمرد الطفل‬
‫على هذه السلطة‪ .‬ويشير فرويد إلى أن التثبيت في هذه المرحلة يولد الشخصية الكتيبة‪،‬‬
‫ويتصف الفرد فيما بعد بالبخل والعناد‪.‬‬
‫‪ .3‬المرحلة القضيبية ‪:Phallic Stage‬‬
‫وتبدأ هذه المرحلة في السنة الثالثة من حياة الطفل‪ ،‬ويحدث اإلشباع عن طريق إثارة القضيب‬
‫أو البظر خالل عملية االستمناء (‪ )Allen, 2006‬وفي هذه المرحلة توجه اإلناث مشاعر‬
‫الحب نحو الوالد ومشاعر الكراهية نحو األم وهي ما سميت بعقدة ألكترا‪ .‬وكذلك بتوجيه‬
‫الذكور مشاعر الحب إلى األم والكراهية نحو‬
‫األب وهي ما تسمى عقدة أوديب‪ .‬وهنا يطور الطفل االضطرابات التي تظهر على شكل فقدانه‬
‫الشعور بهويته ويزداد خوف األنثى نتيجة التي لفقدانها القضيب‪.‬‬
‫‪ .4‬مرحلة الكمون ‪:Latency Stage‬‬
‫سميت هذه المرحلة بالكمون لخلو هذه المرحلة من منطقة محددة للشهوة واللذة‪ ،‬وتبدأ هذه‬
‫المرحلة من‬
‫عمر (‪ 6‬سنوات‪ 12 .‬سنة) وفي هذ المرحلة يكبت األطفال انجذابهم نحو اآلباء حيث يتم دفن‬
‫الرغبات في الالشعور ولكنها ستبقي‪ .‬وهنا يقضي الطفل مدة أطول مع األطفال من نفس‬
‫الجنس ويتعلم الكثير من الضوابط‬
‫االجتماعية ويبدأ الضمير بالتشكل‪ .‬ويتسامى اإلنسان في نظرته إلى الشهوة واللذة‪.‬‬
‫‪ .5‬المرحلة التناسلية ‪:Genital Stage‬‬
‫تبدأ من عمر (‪ 13‬سنة سنة) وهي مرحلة من النمو يرا ها فرويد بأنها فترة الحب والنضج‬
‫وتبدأ عند البلوغ‪ ،‬وتتجه هذه المحبة والعالقة نحو الجنس اآلخر‪ ،‬ومن الجدير‬
‫بالذكر أنه إذا اجتاز األطفال مراحل اإلشباع الفمية والشرجية والقضيبية والكمون بنجاح عندئذ‬
‫سيتمكنون من مواجهة مسؤوليات البلوغ‪ .‬أما إذا فشلوا في مواجهة متطلبات كل مرحلة من‬
‫مراحل النمو النفسي الجنسي‬
‫فسوف يواجهون الكثير من المشكالت‪.‬‬
‫ميكانزمات وآليات الدفاع األولية‪:‬‬
‫يحاول الفرد مواجهة التحديات المختلفة ويتكيف مع األوضاع المتغيرة ولكنه عندما يعجز عن‬
‫ذلك‪ ،‬فإنه يطور وسائل دفاعية تساعده مبدنيا التجاوز تلك المرحلة وهذا ما أطلق عليه فرويد‬
‫ميكانزمات أو آليات الدفاع‬
‫األولية‪ .‬ولكن في النهاية سيصل الفرد بالنهاية إلى فشل في مواجهة وحل المشكالت مما‬
‫يعرضه لالضطرابات المختلفة‪ .‬وقد قسم فرويد ميكانزمات الدفاع األولية إلى ثالثة أنواع‬
‫رئيسية هي‪:‬‬
‫أ‪ .‬الحيل الخداعية‪ :‬ويندرج تحتها الكبت واإلسقاط والتبرير والتكوين العكسي والعزل‪.‬‬
‫ب‪ .‬الحيل الهروبية‪ :‬أحالم اليقظة والنكوص‪.‬‬
‫ج‪ .‬الحيل االستبدالية‪ :‬ويندرج تحتها التعويض الزائد والتقمص والعدوان‪.‬‬
‫وسوف نوضح هذه الحيل‪:‬‬
‫أ‪ .‬الحيل الخداعية‪:‬‬
‫الكبت ‪:Repression‬‬
‫يعتبر الكبت عملية ال شعورية تتم من خالل استبعاد األحداث والخبرات المؤلمة من حيز‬
‫الشعور إلى الالشعور وتتم من دون قصد أو إرادة من الشخص ويشير ربيع (‪ )2013‬إلى أن‬
‫الكبت عملية خداعية للذات تجعل الفرد ال يرى عيوبه ونقائصه ويستنزف قدرا كبيرا من‬
‫طاقته النفسية‪.‬‬
‫‪ .2‬اإلسقاط ‪:Projection‬‬
‫ومن خالل هذه الحيلة الال شعورية يقوم الفرد وبدون وعي منه بإلصاق عيوبه ونقائصه‬
‫باألخرين‪ .‬وهنا ينسب‬
‫الشخص فشله وعدم تحقيق أهدافه لقصور اآلخرين‪.‬‬
‫‪.3‬التبرير ‪:Rationalization‬‬
‫وهذه الحيلة التي تشير إلى محاولة الفرد الجادة إلى تحضير التفسيرات واألسباب المقنعة وراء‬
‫السلوك غير‬
‫المقبول الذي يقوم به‪ ،‬فيعمل على خلق األعذار المقنعة لسلوكه‪ .‬فيبر سلوكه على أنه حرص‬
‫أو اهتمام أو احترام لآلخرين‪.‬‬
‫‪.4‬التكوين العكسي ‪:Reaction Formation‬‬
‫صرف المصطع الذي يقوم به الفرد الذي يخالف حقيقة شعوره واتجاهه حيال موقف‬
‫معين‪ .‬كأن يتصنع الشخص الشجاعة وهو خائف في حقيقة األمر‪ ،‬أو‬
‫يظهر االحترام والمودة لشخص يكرهه‪ .‬ومن خالل هذه اآللية يتعمل الفرد عدم إظهار مشاعره‬
‫الحقيقية حيال شخص ما‪.‬‬
‫‪.5‬العزل ‪: Insulation‬‬
‫وهو اسلوب يلجأ الفرد إلية للفصل في معتقداته‬
‫وأرائه وأفكاره من موقف إلى آخر‪ ،‬فقد يكون اإلنسان ودودا في تعامله مع اآلخرين في حين‬
‫أنه يكون شديدا وقاسيا مع أبنائه‪ .‬أو يظهر التدين في حين أنه أنسان يغش ويكذب ويخدع‬
‫اآلخرين‪.‬‬
‫‪ .6‬التسامي ‪ : Sublimation‬عندما يفشل الفرد في تحقيق أهداف ‪.‬فإنه يظهر نوع من‬
‫التسامي من خالل اللجوء إلى صفات أعلى وأجل‪ ،‬فعندما يفشل اإلنسان في الحصول‬
‫على عالقة معينة مع فتاة فإنه يدعيالتدين أو أن هذا األمر مخالف للعادات والقيم‪.‬‬
‫ب‪ .‬الحيل الهروبية‪:‬‬
‫‪ 1‬أحالم اليقظة ‪:Daydream‬‬
‫وسيلة يلجأ الفرد إليها باستغراق وتزيد عن‬
‫حدود الواقع والمنطق يتحدث فيها الفرد لنفسه عن نفسه‪ ،‬فالفقير يتخيل أنه غني والضعيف أنه‬
‫قوي والفاشل أنه ناجح‪ .‬وهي طريقة نلجأ إليها جميعنا لكنها عندما تصبح النمط السائد لدى‬
‫الفرد تصبح مؤش را خط را وهي وسيلة يرضى بها الفرد عن نفسه‬
‫‪ .2‬النكوص ‪:Regression‬‬
‫وهي ألية تشير إلى عودة الفرد إلى مراحل أبكر من العمر‪ ،‬فقد يلجأ الطفل مثال إلى مص‬
‫إب هامه بعد أن توقف عن مثل هذا السلوك خصوصا عند تعرضه لمواقف ضاغطة‪ ،‬ويتم ذلك‬
‫من أجل أن يحظى الطفل باهتمام المحيطين به‪.‬‬
‫‪ .3‬اإلزاحة واالبدال ‪: Displacement‬‬
‫وهي عبارة عن توجيه المشاعر المختلفة من شخص آلخر‪ ،‬كان يقوم الوالد بتوجيه مشاعر‬
‫الغضب اتجاه‬
‫أحد األبناء أو في حالة عدم قدرة الفرد في مواجهة مديره فيوجه غضبه نحو زوجته‬
‫‪ .4‬اإلنكار ‪:Denial‬‬
‫ينكر الشخص وجود حقيقة موجودة ويتصرف بطريقة‬
‫مخالفة لها‪ ،‬وهو على عدم وعي بذلك‪ ،‬ولذلك نجد الكثيرين ينكرون حقيقة اإلصابة بالمرض‬
‫أو وفاة أحد األشخاص‪.‬‬
‫ج‪ .‬الحيل االستبدالية‪:‬‬
‫‪ .1‬التعويض ‪ :Compensation‬وهي وسيلة يستخدمها الفرد للتخفيف من عقدة النقص‬
‫لديه‪ ،‬كأن يختلق الفرد قصصا كاذبة‪ ،‬أو أن يتباهي بوضع غير موجود أصال أو أن يتفاخر‬
‫بأعمال عظيمة لم يقم بها أصال‬
‫‪ .2‬التقمص ‪:Identification‬‬
‫وهو تبني الفرد لخصائص شخصية اإلنسان آخر‪ ،‬فقد يتقمص الطالب شخصية المدرس‪ ،‬الذي‬
‫يظهر الحزم واالهتمام والتصرف بطريقته الخاصة‪.‬‬
‫‪ .3‬العدوان ‪:Aggression‬‬
‫وهو اإليذاء المتعمد للذات أو لالخرين‪ ،‬ومن عالماته الغضب ويظهر بأشكال مختلفة كالشتم‬
‫وإطالق األلقاب السيئة على اآلخرين‪ ،‬أو استخدام الضرب‪ .‬وقد يوجه العدوان نحو أشخاص‬
‫ليس لهم عالقة وهذا ما نسميه العدوان المزاح (ربيع‪)2013 ،‬‬
‫منهجية فرويد في العالج‪:‬‬
‫‪ 1‬التداعي الحر‪ :‬پری فرويد بضرورة السماح للمريض بان يتحدث بعما يجول بخاطره من‬
‫معاناة ومشكالت‪ ،‬وهذه الطريقة تساعد المريض على التحرر من صراعاته الداخلية وسيطرة‬
‫األفكار الالشعورية وتفريغ‬
‫الشحنات االنفعالية لديه‪ ،‬ومن ثم تساعد في عالج االضطرابات النفسية عند المريض‪ .‬إذن هي‬
‫وسيلة للكشف عن كوامن الالشعور ودفعها إلى حيز الشعور حتى نتمكن من التعامل معها‬
‫(الخالدي ‪)2015،‬‬
‫‪ .2‬إضعاف المقاومة‪:‬‬
‫يستخدم المريض المقاومة كوسيلة دفاعية تهدف إلى راحته‪ .‬لذلك ينبغي على المعالج إضعاف‬
‫هذه المقاومة ولفت نظر المريض لها‪ .‬وهنا ال بد من إيجاد العالقة الدافئة مع العميل وكسب‬
‫الثقة‬
‫من خالل االهتمام في حالة العميل‪.‬‬
‫‪ .3‬التحويل والطرح‪:‬‬
‫وتتمثل في محاولة المريض طرح حبه أو كراهيته نحو‬
‫شخص آخر وللطرح أشكال متعددة فمنه ا ما يكون طرحا إيجابيا كان يطرح الحب واإلعجاب‪،‬‬
‫مثلما يفعل المريض أحيانا أو أن يكون الطرح سلبيا حينما يظهر المريض أو أي شخص‬
‫المشاعر السلبية والحقد والكراهية‪ ،‬وقد يكون الطرح من النوع المختلط حيث يجمع بين‬
‫النقيضين الحب والكراهية‪.‬‬
‫‪ 4.‬التفسير‪:‬‬
‫وهي من الطرق التي استخدمها التحليليون وخصوصا فرويد بهدف إعطاء المريض معلومات‬
‫وافية حول أسس وأسباب المشكلة التي يمر بها‪ ،‬حيث يرى فرويد أن التفسير شيء مشترك‬
‫بين جميع الناس ألننا جميعا نبحث عن إجابة‪ ،‬والتفسير يقدم إجابات تريحنا‪.‬‬
‫‪ .5‬تحليل األحالم‪:‬‬
‫وهذه الطريقة تعتبر هامة بالنسبة لفرويد فقد استخدمها‬
‫منذ البداية على نفسه عندما عمد إلى تفسير أحالمه الخاصة وربطها باألحداث والخبرات التي مر‬
‫بها‪ .‬ومما ال شك فيه أنه ما زال ينظر إلى تفسير األحالم عند التحليليين باهتمام وتعتبر‬
‫ركيزة ال يمكن التخلي عنها‬
‫في العالج النفسي‪.‬‬
‫‪ .7‬التفريغ والتنفيس االنفعالي‪:‬‬
‫وهنا ينبغي على المعالج حث المريض على‬
‫استرجاع الخبرات والذكريات المؤلمة والصراعات واإلحباطات التي مر بها‬
‫استخدامات التحليل النفسي‪:‬‬
‫لقد تطرق الكثير من الباحثين إلى أهمية العالج بواسطة التحليل النفسي‪ ،‬وقد أشار البعض إلى‬
‫أن التحليل النفسي مفيد في عالج الهستيريا والمخاوف المرضية والقلق والوسواس القهري‬
‫واالكتئاب واالدمان‪،‬‬
‫واالنحرافات الجنسية‪ ،‬في حين أنه ال يفيد في عالج األمراض العقلية الحادة والسيكوباتية‬
‫والضعف العقلي وأطفال تحت سن المراهقة أو المسنين‪.‬‬
‫العقد النفسية المشهورة في نظرية فرويد‬
‫‪ .1‬عقدة أوديب‪ :‬مما ال شك فيه أن فرويد وكما أشار أينشتاين بأنه قد تأثر كثيرا باألساطير‬
‫اليونانية واستلهم الكثير من المسميات بل والتفسيرات أيضا‪ .‬وتقول األسطورة بان المنجمين‬
‫تحدثوا ألحد الملوك عن نبوئتين األول تقول بان ابنه سيقتله‪ ،‬والثانية بان هذا األبن سوف‬
‫يتزوج أمه زوجة الملك‪ ،‬فعمد المل ك إلى رمي ابنه في الخالء‪ ،‬وتربى الطفل وكر فقتل الطفل‬
‫"أوديب" والده ومن ثم توجه إلى مدينة والده وتزوج أمه وخالل مرحلة نمو الطفل يعمد‬
‫الوالدان إلى تعليم الطفل ما يحتاج من خبرات‪ ،‬فيتعلم الطفل حب والديه ولكن يزداد تعلقة‬
‫بوالدته أكثر فيما بعد‪ ،‬من ثم يغار عليها من قرب والده لها ويشعر بأن والده مرکز تهديد لهذه‬
‫العالقة ولذلك نجد أن الكثير من الشباب يعمدوا إلى أن يتزوجوا بفتاة تشبه والدتهم ولم يكن‬
‫يعرف بأنها والدته‪ .‬وقد تبنى فرويد هذه األسطورة كي يفسرتعلق الطفل بأمه وغيرته الشديدة‬
‫من أبيه كثيرا‬
‫‪ .2‬عقدة الكترا‪:‬‬
‫وهي مفهوم قدمة كارل يونغ لفرويد وهو ايضا من‬
‫األساطير اليونانية القديمة‪ ،‬ولكن فرويد في بداية األمر أطلق عليها " عقدة أوديب األنثوية"‪.‬‬
‫وتظهر هذه العقدة عندما تشعر الفتاة بأن والدتها هي عقبة أساسية أمام حبها لوالدها‪ ،‬ألن‬
‫الوالدة تحاول االستحواذ بالوالد كونه زوجها‪ ،‬فتحاول االبنة التخلص منها‪ .‬هكذا تری الفتاة بأن‬
‫معظم الرجال غير مناسبين لها ألنهم يفتقرون إلى صفات أبيها المميزة‪.‬‬
‫‪ .3‬عقدة الذنب‪:‬‬
‫يصف فرويد هذه العقدة بأنها تصرف ال شعوري ينتج عن‬
‫التربية القاسية والتأنيب المس تمر الذي يتعرض له الطفل من أسرته وتضخيم األحداث‬
‫وعواقبها مهما صغرت‪ .‬ويؤدي ذلك إلى سيطرة غير منطقية للضمير على سلوكه‪ ،‬لذلك فإنه‬
‫يلوم نفسه ويؤنبه ضميره ألتفه األمور التي تحدث معه ويصبح هذا التأنيب والشعور بالذنب‬
‫مالزما له مما يجعل حياته جحيما‪.‬‬
‫‪.4‬عقدة النقص‪:‬‬
‫وقد أشرنا سابقا إلى أن الشعور بالنقص هو استعداد ال‬
‫شعوري إلخفاء عيوبه فيعمد إلى القيام بسلوكات تظهره أمام اآلخرين بأنه على عكس ذلك‪،‬‬
‫فتراه يصف نفسه بأنه إنسان مميز أو صادق‪ ،‬أو أنه عطوف وفي حقيقة األمر يفتقر إلى مثل‬
‫هذه الخصائص‬
‫عيوب التحليل النفسي‪:‬‬
‫وال بد من التنويه أن العالج بالتحليل النفسي له بعض العيوب منها‪:‬‬
‫‪ .1‬يستغرق فترة زمنية طويلة‬
‫‪ .2‬مكلف جدا ماديا‪.‬‬
‫‪ .3‬أن المعالج يقتحم أسرار الشخصية بعمق‪.‬‬
‫‪ .4‬يعتمد على بعض المسميات واالفتراضات غير الواقعية التي يمكن مالحظتها أو قياسها‪.‬‬
‫تقييم نظرية فرويد‪:‬‬
‫مما ال شك فيه أن فرويد قد قدم نظرية أثارت ضجة في ميدان علم النفس‪ ،‬وميدان األدب والفن‬
‫والتمثيل‪ .‬كما أن هذه النظرية أدت إلى الكثير من االحتجاج والتساؤل واإلنكار سيما أن فرويد‬
‫قد اعتمد في تفسيره للشخصية‬
‫على كثير من التعليالت الجنسية والعدوانية األمر الذي أنكره الكثيرون من العاملين في ميدان‬
‫علم النفس‪.‬‬
‫وفي حقيقة األمر هناك الكثير من المفاهيم التي قدمها فرويد ما زالت تحظى باالهتمام الكبير‬
‫كما هو الحال في مفهوم الالشعور واليات الدفاع األولية‪ ،‬وكذلك فيما يتعلق بمكونات‬
‫الشخصية وديناميكية العالقة فيما بينها‪،‬‬
‫باإلضافة إلى منهجية ا لعالج التي اعتمدها فرويد كالتداعي الحر‪ ،‬وتحليل األحالم وسقطات‬
‫اللسان‪ ،‬والتفسير وفنيات العالج المختلفة التي قدمها إلى‬
‫العاملين في مجال العالج النفسي وعلى الرغم أن الكثير من المفاهيم والمناهج العالجية كما‬
‫يقول مؤرخو علم النفس بأن فرويد قام بتطبيقها على نفسه‪ ،‬أو قد جمعها من مرضاه‪ ،‬وأن أراء‬
‫فرويد كانت متقلبة ومتغيرة ودائمة‬
‫كما أنه ركز على حتمية السلوك وأن السلوك غرضي وأنه ال يحدث بالصدفة أو بشكل غير‬
‫مقصود بل إنه مدفوع بدوافع الشعورية أو شعورية‪.‬‬
‫مأزق‬
‫فرويد‪ .1 :‬ركز على الدوافع والغرائز الجنسية وأهمل القيم واألخالق‬
‫والدين‬
‫‪ .2‬من الصعب تطبيق مفاهيم نظرية فرويد تجريبا ألنها تفتقر إلى الضبط والتجريب وأن‬
‫نظريته اعتمدت بشكل كبير على المالحظة الخاصة‪.‬‬
‫‪ .3‬تفتقر نظرية فرويد إلى قواعد واضحة تمكننا من الوصول إلى توقعات محددة فاإلنسان‬
‫بالمستقبل‪.‬‬
‫‪ .4‬يعتقد فرويد أن لدى اإلنسان رغبة ال شعورية في الموت وهذا ما يخالف الطبيعة البشرية‪.‬‬
‫‪ .5‬اعتمد في نظريته على تفسيرات مادية وبيولوجية‬
‫الفصل السادس‬
‫علم نفس الشخصية‬
‫الفرويديون الجدد‬
‫‪Analytical‬وهم العلماء الذين أطلق عليهم الفرويديون الجدد أو جماعة علم النفس التحليلي (‬
‫‪Psychology).‬‬
‫وحقيقة األمر ّ‬
‫أن جماعة علم النفس التحليلي هم من أتباع فرويد باألصل‪ ،‬ولكنهم اختلفوا معه‬
‫فيما بعد بسبب مبالغته في التركيز على موضوع غرائز الحياة والموت‪ ،‬بحيث جعل لتأثير‬
‫الجنس والعدوان وزنا ً كبيرا ً في حين أهمل تأثير المجتمع والثقافة والدين واإلرادة والكثير من‬
‫المعتقدات األخرى‪ ،‬م ّما دفع هؤالء باإلنشقاق عن فرويد وتأسيس مسار خاص لكل واحد منهم‬
‫ضمتهم جميعا ً مظلة علم النفس التحليلي‪ .‬ومن هؤالء العلماء؛ كارل يونغ‪ ،‬وألفرد أدلر وكارين‬
‫هورني وستاك سوليفان‪.‬‬
‫ولقد اهتم هؤالء بالوعي؛ ألنّه يفسر الخبرات ويتعامل مع البيئة‪ ،‬وقد عارضوا فكرة ّ‬
‫أن الجنس‬
‫والعدوان هما الغرائز اإلنسانية فقط‪ ،‬في حين ّ‬
‫أن أدلر وهورني ركزوا على أهمية الطفولة في‬
‫تشكيل الشخصية وشددوا أهمية الجانب اإلجتماعي وليس الجنسي‪ .‬وقد أكدّ أدلر على أ ّن معظم‬
‫السلوك اإلنساني ما هو إالّ عبارة عن محاولة للتغلب على مشاعر الطفولة بالنقص والسعي‬
‫للحصول على الكمال‪ .‬كما ّ‬
‫أن هورني أشارت إلى قلق الطفولة والذي يسببه شعور الطفل بعدم‬
‫السعادة يدفعه للبحث عن الحب واألمن‪.‬‬
‫المتوج‬
‫أ ّما يونغ وهو تلميذ فرويد وصديقه الذي كان يعتقد بأنّه سيكون خليفته وقد أسماه األمير‬
‫ّ‬
‫ولكنه انشق عنه عام ‪ 1914‬وقد كان على عكس الفرويديون الجدد فلم يهتم بالعوامل اإلجتماعية‬
‫بشكل كبير واتفق مع فرويد على أهمية الالشعور وتأثيره القوي‪ ،‬ولكنّه أضاف أمرا ً في غاية‬
‫األهمية وهو ّ‬
‫أن مخزون االشعور ليس فرديا ً بل جماعياً‪ ،‬ألنّه يتشكل من الخبرات التي نتشارك‬
‫بها مع اآلخرين ومحصلة خبرات المجتمع ككل‪.‬‬
‫ومما ال شك فيه ّ‬
‫أن هناك الكثير من العلماء الذين ال يتسع المجال هنا لتغطيتهم والذين أبلوا بال ًء‬
‫كبيرا ً في المساهمة بتطوير نظرية فرويد بالتحليل النفسي ويعتبرون ضمن الفرويدين الجدد‪.‬‬
‫كارل يونغ‬
‫‪1875-1961‬‬
‫‪Carl Jung‬‬
‫ولد يونغ في سويسرا عام ‪ 1875‬من عائلة متدينة مليئة بالقساوسة؛ حيث كان والده رجل دين‬
‫وكذلك جده‪ ،‬لذلك كان للدين والقيمة اإلجتماعية أهمية في حياته‪ .‬وقد كانت طفولته صعبة‪ ،‬حيث‬
‫عانى من الكثير من التجارب المؤلة التي كان يعبر عن آثارها النفسية من خالل األحالم‪ .‬وكانت‬
‫عالقته بوالديه صعبة جداً‪ ،‬فقد كانت والدته تعاني من اإلضطرابات النفسية ويقال بأنّها كانت‬
‫نزيلة إحدى مستشفيات األمراض العقلية مما جعله يقضي فترة طويلة من حياته بعيدا ً عنها‪ .‬وقد‬
‫التحق بجامعة بازل لدراسة الطب وقد بدأ عمله بعد التخرج في عيادة الطب النفسي في جامعة‬
‫زيورخ‪ .‬وفي عام ‪ 1907‬بدأت المراسالت بين يونغ وفرويد‪ ،‬وقد كانت المقابلة األولى طويلة‬
‫جدا ً استمرت لساعات طويلة‪ .‬ث ّم سافرا معا ً إلى أمريكا عام ‪ 1907‬لحضور احتفاالت جامعة‬
‫كالرك‪ .‬ث ّم أصبح بعد ذلك ّأول رئيس لجمعية المحللين النفسيين الدولية‪ .‬وفي عام ‪ 1911‬حصل‬
‫خالف بين يونغ وفرويد حول مفهوم اللبيدو وتم الفراق بينهما عام ‪ 1914‬ث ّم يتبعها بإستقالته من‬
‫جمعية المحللين النفسيين وبقي يعمل في سلك التدريس إلى أن توفي عام ‪.1961‬‬
‫لقد اتفق يونغ في الكثير من المفاهيم واآلراء مع فرويد في بداية األمر حتى تعريفه للهو‬
‫والشعور واالشعور حتى أنّه وجه بالنقد المشابه لما تعرض له فرويد‪ .‬ولكنه لم يلبث أن بدأ‬
‫بإطالق تعاريف جديدة للكثير من المفاهيم وبدأ يأتي بمفاهيم جديدة لتوضيح رأيه والذي اختلف‬
‫فيه فرويد‪.‬‬
‫المفاهيم األساسية لنظرية يونغ‬
‫االشعور‪ :‬مما ال شك فيه ّ‬
‫أن مفهوم االشعور جزئيا ً ال يختلف ع ّما جاء به فرويد‪ ،‬فاالشعور‬
‫يحتوي على تلك الخبرات المؤلمة والصراعات واإلحباطات التي تعرض لها الفرد والتي كانت‬
‫في مستوى الشعور ومن ثم تم كبتها في االشعور‪ ،‬وهذا ما يسميه يونغ باالشعور الشخصي‬
‫الناتج عن الخبرات الفردية‪ .‬ولكن يونغ أضاف مفهوما ً هاما ً جدا ً وهو االشعور الجمعي وهو‬
‫مستودع خبرات األجداد منذ نشأة البشرية وهو مشترك بين جميع البشر‪ ،‬لذلك فاالشعور‬
‫الجمعي يعود للجماعة وليس لخبرات الفرد الشخصية‪ .‬فالبشر يرثون أفكارا ً وممارسات تتشابه‬
‫بين معظم الحضارات والثقافات ولهذا فقد أكد يونغ ّ‬
‫بأن الدين يأتي من االشعور الجمعي‪ .‬لذلك‬
‫نجد ّ‬
‫أن الكثير من الناس يأخذه الحماس في الدفاع عن ديانة ما على الرغم من عدم تدينه ويعزو‬
‫هذا السلوك إلى الشعور الجمعي الذي يعمل على الدفاع الدفاع عن مفاهيم األجداد‪.‬‬
‫الطاقة النفسية‪ :‬كما هو الحال بالنسبة لفرويد فقد استخدم يونغ مفهوما للبيدو والذي يعبر عن‬
‫الطاقة النفسية ولكنّه أفاد ّ‬
‫بأن اللبيدو يعني طاقة الحياة وكذلك القوة التي تمد النفس بالوقود‬
‫والطاقة االزمة‪ ،‬وبواسطة هذه الطاقة يستطيع الفرد القيام بعمليات مهمة كاإلدراك والتفكير‬
‫واإلحساس‪.‬‬
‫مكونات الشخصية‬
‫لقد افترض يونغ ّ‬
‫تتكون من عدد من األنظمة هي‪:‬‬
‫أن الشخصية ّ‬
‫‪.1‬األنا‪ :‬وهي ما يشير فيها الفرد إلى شخصه وهي مركز المجال الكلي للشعور في الوقت الذي‬
‫أشار فرويد إلى ّ‬
‫أن األنا تقوم بخدمة الهو وإشباع الرغبات االشعورية‪ .‬واألنا بالنسبة ليونغ هي‬
‫العقل الشعوري ويحتوي على المدركات الشعورية واألفكار والذكريات لذلك تعتبر مركز‬
‫إدراك الفرد‪ .‬ويرى ّ‬
‫أن األنا ال يقابل الشعور تماماً‪ ،‬وهي قاسم مشترك في الالشعور الجمعي‪.‬‬
‫‪.2‬االشعور الشخصي‪ :‬ويحتوي على المكونات المستبعدة عن طريق الكبت أو القمع‪ ،‬ويبدأ‬
‫بالتشكيل منذ ميالد اإلنسان‪.‬‬
‫‪.3‬االشعور الجمعي‪ :‬وهي مجموع الذكريات والخبرات المتراكمة للجنس البشري والتي تنحدر‬
‫من األجداد واألسالف‪ .‬ولذلك ّ‬
‫فإن كل منا بداخله قدر من االشعور الجمعي‪ ،‬وهذا القدر يختلف‬
‫من شخص آلخر‪ .‬فكل مولود يأتي إلى الدنيا وبداخله استعداد لإلدراك وخوف من الظالم‪ ،‬ومن‬
‫الخطر والمجهول وم ّما ال شك فيه ّ‬
‫أن هذه األمور تؤثر في الشخصية‪ .‬ويرجع تأثير االشعور‬
‫الجمعي إلى تشابه العقل بين جميع أجناس البشر‪.‬‬
‫األولية والصور‬
‫األنماط األولية‪ :‬ولقد أطلق يونغ على مكونات االشعور الجمعي مفهوم األنماط ّ‬
‫الذهنية وهي‪:‬‬
‫‪.1‬القناع‪ :‬وهي الشكل الظاهري للذات‪ ،‬فكل واحد منّا يلبس قناعا ً مختلفا ً حسب الموقف الذي‬
‫يمر بها وحسب ما يحتاج ذلك الموقف من مهارات أو خبرات حتى تتطابق مع ذلك‪ .‬فالشخص‬
‫يتصرف في ذلك الموقف حسب ما يراه المجتمع مناسبا ً وليس حسب قناعاته الشخصية لذلك‬
‫لديه أقنعة متعددة‪.‬‬
‫‪.2‬األنيما‪ :‬وهو النمط األنثوي الموجود لدى الذكر‪ ،‬فالرجل الذي يعيش طويالً مع األنثى يكتسب‬
‫منها األنوثة‪.‬‬
‫األولي الذكري لدى األنثى وكما هو الحال بالنسبة للذكر ّ‬
‫فإن األنثى‬
‫‪.3‬األنيموس‪ :‬وهو النمط ّ‬
‫نتيجة معايشتها للذكر فإنّها تكتسب منه الرجولة‪ .‬وهكذا يستطيع كل منهما تقدير قوة اآلخر‪ .‬فكل‬
‫تطور األنيما واألنيموس‪.‬‬
‫منهما يصبح أكثر تفهما ً لآلخر حسب ّ‬
‫‪.4‬الظل‪ :‬وكما أشار يونج فإنّه الجانب المظلم من الذات والذي يحتوي على مجمل الغرائز‬
‫الجنسية والحيوانية وهذا شبيه إلى ح ٍد كبير باللهو عند فرويد‪ .‬فهو يحتوي على الرغبات‬
‫والشهوات الحيوانية فعندما يقوم الفرد بشيء غير أخالقي فإنّه يرجع السبب إلى شيء قد دفعه‬
‫للقيام بذلك أال وهو الظل‪ .‬ويوجد الظل في الالشعور الجمعي للشخص‪.‬‬
‫‪.5‬الذات‪ :‬وهي مركز الشخص واألكثر عنفا ً‬
‫وتتكون ك ّل المظاهر االشعورية‪ ،‬وتعمل الذات‬
‫ّ‬
‫على تحقيق التكامل كي تصل إلى المستوى الواقعي والفاعل‪ .‬ولذلك ّ‬
‫فإن تحقيق الشخصية يحدث‬
‫من خالل التكامل بين مكونات الشخصية‪ ،‬وهذا يتم في منتصف العمر‪ .‬فالذات هي نقطة‬
‫التوازن بين الشعور واالشعور‪ .‬ويرى ّ‬
‫أن تحقيق الذات الكامل ال يحدث إالّ لألنبياء فقط‪.‬‬
‫ولقد حقق يونغ قوى الشخصية في ثالثة أوجه هي‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬في األنا حيث إنّها كما أشرنا سابقاً‪ ،‬مركز الشعور وهي المسؤولة عن النشاط اليومي‬
‫لإلنسان‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬في اإلتجاه اإلنبساطي‪ ،‬فالشخص المنبسط منطلق اجتماعيا ً يجب التعامل مع اآلخرين‬
‫ويتفاعل معهم ويشاركهم النشاطات المختلفة والحفالت‪ .‬ولكنه يميل إلى العدوانية أحياناً‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬اإلتجاه اإلنطوائي‪ ،‬وهو الشخص المنعزل الذي ال يحب المشاركة والتفاعل ويعاني من‬
‫الخجل‪.‬‬
‫مراحل نمو الشخصية‪ :‬يرى يونج ّ‬
‫أن الشخصية تمر في أربع مراحل هي‪:‬‬
‫‪.1‬الطفولة‪ :‬منذ الميالد وحتى سن الثالثة عشر‪ ،‬هي هذه المرحلة يكون الطفل اعتمادياً‪ ،‬ويكون‬
‫يوفر ذلك كله وال‬
‫في بداية حياته بيولوجياً‪ ،‬أي يأكل ويشرب ويخرج‪ ،‬ويكون الوالدان هما من ّ‬
‫يكون له أنا حقيقية‪ .‬فاالشعور في هذه المرحلة جمعيا ً وليس فردياً‪.‬‬
‫‪.2‬مرحلة الشباب‪ :‬من عمر الرابعة عشر وحتى عمر الواحد والعشرين وهي هذه المرحلة تظهر‬
‫عالمات البلوغ الذي تحدث فيها أيضا ً ثورة نفسية‪ ،‬ويحاول الفرد اتخاذ قراراته بنفسه ويبدأ‬
‫الشاب في اتخاذ طريق خاص به ويحدد شخصيته بخصائص مختلفة ويبدأ في تأسيس األسرة‬
‫واتخاذ مهنة يعمل بها‪.‬‬
‫‪.3‬مرحلة منتصف العمر‪ :‬ويبدأ من عمر األربعين إلى الشيخوخة‪ ،‬وهي مرحلة بناء الشخصية‬
‫الكلية‪ .‬وبسبب عدم تحقيق اللذة والمعنى‪ ،‬فلذلك يحاول التركيز على القيم الداخلية والروحية‬
‫ويحاول وصل الجوانب الشعورية مع االشعورية للذات‪.‬‬
‫‪.4‬مرحلة الشيخوخة‪ :‬وهي مرحلة تقابل مرحلة الطفولة حيث يعود الفرد إلى المستو الالشعوري‬
‫ويبدأ الفرد بالتفكير في اآلخرة وهو كما يراه يونج افصاح عن االشعور الجمعي‪.‬‬
‫أنماط الشخصية‪ :‬يرى يونغ ّ‬
‫أن هناك نمطين أساسين للشخصية‪ ،‬هما النمط اإلنبساطي والنمط‬
‫اإلنطوائي ويمثالن قطبين متقابلين‪.‬‬
‫‪.1‬النمط المنطوي‪ :‬يتجه نحو العالم الداخلي للفرد ويتميز بالعزلة‪ ،‬واإلنسحاب والتأمل العقلي‬
‫وعدم الثقة والميل إلى الدفاع عن النفس‪.‬‬
‫‪.2‬النمط اإلنبساطي‪ :‬يتجه اإلنبساطي نحو العالم الخارجي فهو متفتح ومقبل على االخرين‬
‫ويستطيع تكوين صداقات بشكل جيد مع اآلخرين‪.‬‬
‫وقد رآى يونغ بوجود أربعة أنماط وظيفية تتفاعل مع النمطين األساسيين وهي طرق للتواصل‬
‫مع العالم الخارجي وهم التفكير والوجدان واالحساس والحدس‪ .‬وبنا ًء عليها قام بتصنيف وتقسيم‬
‫األنماط النفسية إلى ثمانية أنماط للشخصية هي‪:‬‬
‫‪.1‬النموذج المنبسط المفكر‪ :‬يميل الفرد هنا إلى كبت وقمع االحساسات واإلبتعاد عن اإلجتماعية‬
‫وجمود الفكر والرأي‪.‬‬
‫‪.2‬النموذج المنبسط الشعوري‪ :‬يكون الفرد ذو مزاج طيب يتمسك بالقيم اإليجابية ويكون حساسا ً‬
‫للنقد من قبل اآلخرين‪.‬‬
‫‪.3‬النموذج المنبسط اإلحساس‪ :‬يعمل الفرد على تحقيق السعادة لنفسه ولآلخرين‪ ،‬ويستطيع‬
‫التكيّف بسرعة مع اآلخرين‪.‬‬
‫‪.4‬النموذج المنبسط الحدسي‪ :‬وهو شخص يستطيع النجاح في ميدان العمل واإلدارة فهو منتهز‬
‫للفرص ومبتكر‪.‬‬
‫‪.5‬النموذج المنطوي المفكر‪ :‬ال يستطيع التعامل مع اآلخرين ويجد صعوبة في التكيف مع‬
‫اآلخرين‪.‬‬
‫‪.6‬النموذج المنطوي الشعوري‪ :‬شخص يتصف بالهدوء والغموض ال يبالي بأفكار اآلخرين‪،‬‬
‫قادر على السيطرة على اإلنفعاالت‪.‬‬
‫‪.7‬النموذج المنطوي اإلحساس‪ :‬يعتمد على ما يصله من حواسه ويركز على المتعة في الحياة‪،‬‬
‫وهو يتصف بشدة الحساسية‪.‬‬
‫‪.8‬النموذج المنطوي الحدسي‪ :‬يهتم ويركز على قدرته الحدسية‪ ،‬لذلك ّ‬
‫فإن صلته بالواقع ضعيفة‪،‬‬
‫وهو شخص منعزل ال يستطيع اآلخرون فهمه‪.‬‬
‫تقييم نظرية يونغ‪:‬‬
‫‪.1‬كثيرا ً من مفاهيم يونغ ال يمكن إخضاعها للتجريب العلمي‪.‬‬
‫‪.2‬الكثير من مفاهيم يونغ غير واضحة وتحتاج إلى تفسير أكثر م ّما هي عليه‪ ،‬مثال عليه مفهوم‬
‫الالشعور الجمعي والظل‪ ،‬وكذلك ّ‬
‫فإن هذه المفاهيم تختلط مع مفاهيم أخرى‪.‬‬
‫‪.3‬األثر الذي تركه يونغ في سيكولوجية الشخصية كان أقل من تأثير نظرية فرويد‪.‬‬
‫‪.4‬إقحامه لدور الوراثة في مفهوم الالشعور الجمعي‪.‬‬
‫‪.5‬لقد تعامل يونغ مع أشخاص من مختلف األعمار ولك يكونوا من العصابيين كما فعل فرويد‪.‬‬
‫‪.6‬قد كان يونغ من اوائل األشخاص الذين استخدموا الخبرات اإلسقاطية‪.‬‬
‫‪.7‬رفض يونغ فكرة عقدة أوديب التي تحدث عنها فرويد وكذلك نظرية فرويد في مراحل نمو‬
‫الشخصية‪.‬‬
‫‪.8‬نظر إلى مفهوم اللبيدو على شكل أوسع من مفهوم الجنس حيث رآى أنّه يشتمل على الطاقة‬
‫النفسية للحياة ككل‪.‬‬
‫‪.9‬رفض كما رأينا سابقا ً التشديد على خبرات الطفولة في تفسير السلوك بل يجب التركيز على‬
‫المراحل األخرى‪.‬‬
‫‪.10‬البد من اإلشارة هنا إلى تركيز يونغ على أهمية الدين كعنصر أساسي في الحياة النفسية‪.‬‬
‫ألفرد أدلر “علم النفس الفردي‬
‫ينحدر ادلر من اسرة يهودية وقد ولد في فيينا عام ‪ 1870‬ولم يكن عميق اإليمان في اليهودية‬
‫فقد تحول الى البروتستنتية في شبابه ‪ .‬ولقد كان ترتيب ادلر الطفل الثاني من اسره تألفت من‬
‫ستة اطفال وهذا كان له األثر كي يركز على موضوع ترتيب الطفل في االسرة واثره على‬
‫الشخصية وقد كان يشعر بالغيرة من اخيه االكبر وقد عانى في صغره من داء الكساح في‬
‫طفولته ومن ثم في سن الخامسة عانى من التهاب رئوي حاد كاد ان يؤدي بحياته وقد جعلته‬
‫هذه االحداث أن يصمم في ان يصنع نفسه شيئا هاما فتوجه لدراسة الطب ‪ ،‬على الرغم من‬
‫الضعف األكاديمي الذي كان يعاني منه ‪ .‬وبعد ان انهى دراسة طب العيون الذي يعمل به‬
‫توجه للعمل بالطب النفسي ومن الجدير بالذكر أن أدلر كان مقربا من والده ويحبه كثيرا الذي‬
‫دفعه لرفض نظرية فرويد التي تنص على غيرة االبن وكراهية ابيه وقد حاول فرويد تقريب‬
‫أدلر منه فعينه رئيسا لجمعية فيينا للتحليل النفسي ولكن عدم ايمان أدلر باراء فرويد دفعه ألن‬
‫يترك هذا المنصب ويتخلى عن االتجاه الفرويدي ‪.‬وبعد الحرب العالمية الكبرى التي اشترك‬
‫فيها توجه الى انشاء عيادات االرشاد النفسي في عياده فيينا وقد غادر فيينا الى امريكا في‬
‫‪ 1920‬ليؤسس مدرسة علم النفس الفردي وفي عام ‪ 1934‬عين استاذا لعلم النفس الطبي في‬
‫كلية الطب في نيويورك وقد اصدر كتاب علم النفس الفردي عام ‪.1927‬‬
‫المبادئ األساسية للنظرية‬
‫يرى أدلر ان هناك عوامل تؤثر في نمو الشخصية منها العوامل البيولوجية وأهمها حتمية‬
‫الشعور بالضعف في بداية الحياة وكذلك غريزة العدوان كما تلعب خبرات الطفولة المؤلمة‬
‫والتي تعمل على تثبيت الشعور بالعجز دورا كبيرا في شخصية الفرد باإلضافه الى االحداث‬
‫الحياتية كما يرى ان ترتيب الطفل في االسرة من شأنه ان يؤثر في شخصيته‪.‬‬
‫وحدة الشخصية‪:‬‬
‫من الجدير ذكره هنا ان ادلر عارض فكره فرويد في التركيز على النواحي الجنسية في تشكيل‬
‫الشخصية كما رفض فكره تقسيم الشخصية الى نظم وقوى فرعية بل شدد على وحده تماسك‬
‫الشخصية‪.‬‬
‫خبرات الطفولة مقابل القوى البيولوجية‪:‬‬
‫رأى ان خبرات الطفوله لها اثر كبير في شخصية الفرد ولكن من الناحية االجتماعية ولذلك‬
‫فاالنسان تحركه اهتمامت متنوعة ‪ ،‬وميول اجتماعية متغيرة وليست القوى البيولوجية او‬
‫الغرائز التي تحركه فالشخصيه اجتماعية بفطرتها وليس كما ادعى فرويد‪.‬‬
‫مركز الشخصية‬
‫أكد بأن الشعور وليس الالشعور هو مركز الشخصية ‪ ،‬وبهذا يكون مخالفا لرأي فرويد ألن‬
‫االنسان حسب وجهة نظره شعوريا يعرف ما له وما عليه ويعرف اسباب سلوكه وماهي‬
‫أهدافه ويخطط لسلوكه‪.‬‬
‫غائية السلوك واالهداف الوهمية‬
‫أكد بأن الشعور وليس الالشعور هو مركز الشخصية ‪ ،‬وبهذا يكون مخالفا لرأي فرويد ‪ ،‬ألن‬
‫االنسان حسب وجهة نظره شعوريا يعرف ما له وما عليه ويعرف اسباب سلوكه وماهي‬
‫‪ .‬اهدافه ويخطط لسلوكه‬
‫غاية السلوك واألهداف اليومية‬
‫يقول بأن السلوك يسعى لتحقيق غاية معينة أي ان السلوك تحركه وتوجهه توقعات واهداف‬
‫وغايات مستقبلية اكثر مما يحركه الماضي على الرغم من ان الماضي له قيمه في حياه‬
‫االنسان إال ان المستقبل يحمل ما نحقق به من األهداف ومن اهمها أهداف تحقيق الحاجات‬
‫االساسية ‪ .‬ولكن هناك كثير من االفكار الوهمية التي يحلم االنسان بتحقيقها وهي مهمة ألنها‬
‫‪ .‬تعمل كحافز بدفعه للعمل بجد واجتهاد كحلم اإلنسان بأن يمتلك بيتا ً وسيارة عندما يكبر‬
‫ارادة القوة والكفاح‬
‫لقد كان لطفولته التي عانى منها أثر كبير عليه فقد ركز على إرادة القوه والكفاح التي اعتبرها‬
‫الطريق الى التفوق وتحقيق االهداف التي نسعى ألجلها‪ ،‬لذلك فإن دافع التفوق هو المسؤول‬
‫عن تقدم الفرد والجماعة‪.‬‬
‫الشعور بالنقص‬
‫من أهم ما تحدث عنه ألفرد أدلر مفهوم العجز العضوي والشعور بالنقص والذي اعتبره‬
‫المحرك االساسي للسلوك بهدف التعويض عن كافه اشكال القصور العقلي والجسمي‬
‫واالجتماعي ‪ ،‬وقال بأن الشعور بالنقص هي حالة عامه عند جميع الناس ولم يعتبرها اشارة‬
‫الى االضطراب النفسي والشعور بالنقص كما اشرنا هو الذي يساعد الفرد على تنمية مهاراته‬
‫ويساعدة على التكييف ويدفعه الى التفوق في كافه مناحي الحياة ‪ .‬وهذا الشعور بالعجز‬
‫والنقص يبدأ مع الطفل منذ بدايه حياته النه ضعيف ويعتمد على اآلخرين ويدرك الطفل ذلك‬
‫ألنه يرى بأن المحيطين به هم أناس اكثر منه قوة‪.‬‬
‫ولكن أدلر اشار انه في حالة عجز الطفل عن تعويض الشعور بالنقص فإنه يتولد لديه عقده‬
‫النقص بسبب عجزه عن مواجهة المشكالت وحلها ‪ .‬ويرى ان الراشدين يحاولون تعويض‬
‫العجز حسب نوعه فالشخص الذي تكون بنيته ضعيفه يعوض ذلك بتنمية عضالته وبالتمارين‬
‫الرياضية المختلفة ‪ ،‬ومثال عليه من واقعنا العربي األديب طه حسين الكفيف الذي ابدع في‬
‫الكتابة والتأليف‪.‬‬
‫ويقول أدلر أن هناك ثالثة أسباب تؤدي الى القصور هي‪:‬‬
‫نواحي القصور البدنية‬
‫الطفولة المدللة‬
‫النبذ واإلهمال الشديد في الطفولة‬
‫أسلوب الحياة‬
‫يكون اسلوبًا للحياة وال يتشابه شخصان في اسلوب حياتهما‬
‫في الحقيقة يرى أدلر ان كل انسان ّ‬
‫ولذلك فمن الضروري أن يكون للفرد أسلوب حياة مميز يساعده في التغلب على النقص‬
‫والعجز الذي لديه ‪ .‬وهذه الطريقة هي التي تساعده في مواجهة عجزه وحل مشكالته في كافه‬
‫مسيرة حياته وقد أطلق عليها اسلوب حياة ‪ .‬هذا األسلوب يتعلمه الفرد من خالل تفاعله مع‬
‫اآلخرين ومع المواقف التي يمر بها ولكنه شديد الثبات ومن العوامل التي تعيق وجود اسلوب‬
‫حياة ايجابي هو الطفوله المدللة واالهمال الشديد ‪ .‬ولذلك حدد أدلر اربعة أنماط من اسلوب‬
‫الحياة وهي‪:‬‬
‫‪.1‬النمط السيادي ‪ :‬وهو متسلط وال يهتم باآلخرين وال يعمل لهم أي اعتبار ويهاجد اآلخرين‬
‫ويعتدي عليهم ‪ ،‬وهو مادي وقد يصبح الفرد مدمنًا للكحول أوالمخدرات‬
‫‪.2‬النمط العام ‪ :‬هو شخص اعتمادي يتوقع أن يحصل على كل شيء من اآلخرين وهو النمط‬
‫عا‬
‫األكثر شيو ً‬
‫‪.3‬النمط التجنبي ‪:‬يحاول الفرد اإلبتعاد وتجنب المواقف التي يمر بها خوفا من الهزيمة‬
‫والخسارة‬
‫النمط االجتماعي ‪ :‬يكون الفرد أكثر تفاعالً مع اآلخرين ويتكيف مع المواقف التي يمر بها‬
‫ويستطيع إيجاد الحلول المناسبة للمشكالت التي يمر بها‬
‫ومن الجدير بالذكر ان االنماط الثالث األولى ال تحظى باالهتمام والتقدير االجتماعي كما هو‬
‫دورا مهما في تنمية الحاجات‬
‫الحال بالنسبة للنمط الرابع ‪ ،‬ولذلك بألسرة وبالذات األم تلعب ً‬
‫االجتماعية لدى الطفل وأهمية مراعاة اآلخرين والتفاعل معهم بشكل ايجابي‪.‬‬
‫الحلم‪:‬‬
‫لم يتفق مع فرويد في ماهية الحلم وتأثيره في االنسان من أنه وسيلة للتعبيرعن الرغبات‬
‫المكبوتة ‪ ،‬وحل المشكالت التي لم يستطع حلها في الواقع لذلك يعتبره أدلر وسيلة تربط‬
‫بالمستقبل وليس الماضي كما هو الحال عند فرويد‪.‬‬
‫العدوان‪:‬‬
‫يرى بأن العدوان هو االحساس بالكره نحو مشاعر العجز والنقص وقد يتحول العدوان في حال‬
‫عدم قدرته على االشباع الى طرق اخرى كالغيره أو تحويل العدوان في حال عدم قدرته على‬
‫االشباع الى طرق أخرى كالغيرة او تحويل العدوان نحو الذات لذلك يرى أن العدوان يعمل‬
‫على التغلب على مشاعر العجز والنقص بالذكوره ‪ ،‬كما ربطه بالكفاح والبحث عن التميز‬
‫‪،‬وتحقيق الذات ‪ .‬وعلى الرغم من وجود العدوان اال ان االنسان لديه دافع نحو الحب والعاطفة‪.‬‬
‫الذات الخالقة‪:‬‬
‫في الحقيقة ان أدلر توج نظريته بفهوم جديد هو الذات الخالقة والتي رأى أنها خطوة أبعد في‬
‫بناء الشخصية وأنها المحرك األساسي لكل ما هو انساني‬
‫الترتيب الوالدي‪:‬‬
‫إن نشأة أدلر في اسرة كبيره وإحساسه بالغيرة من اخيه االكبر جعلته يركز اكثر على مفهوم‬
‫ترتيب االبناء حسب والدتهم وكيف يؤثر ذلك في شخصيتهم‪.‬‬
‫الطفل األول ‪ :‬يحظى الطفل االول بالدالل واالهتمام من الجميع وال شك أن قدوم الطفل الثاني‬
‫يعتبر مشكلة له ‪ .‬لذلكنجده يعاني من الغضب والغيره الشديدة والعناد ورفض الطعام وفي‬
‫مرحلة الرشد يصبح أكثر تسلطا ‪ .‬وقد اشار ادلر الى أن معظم مرضاه المنحرفين هم من‬
‫‪ .‬االطفال ذوي الترتيب األول‬
‫الطفل الثاني من االمور المهمة أن الطفل الثاني ال يحظى بنفس االهتمام الذي حظي به الطفل‬
‫االول ويقول أدلر ان الطفل التاني يتميز بميله للمنافسه مع الطفل األول ‪ ،‬وهو أكثر تفاعال‬
‫وميال لالختالط باآلخرين‪.‬‬
‫الطفل األصغر‪ :‬وهو ما نطلق عليه الطفل المدلل او آخر العنقود ‪ ،‬فهو مركز عناية واهتمام‬
‫من الجميع ‪ ،‬ويجب ان يتفوق على اخوته في كل شيء ويحقق اكثر من اآلخرين في حال عدم‬
‫إفساده بالدالل الشديد فإن هذا يؤدي الى نتائج عكسية‪.‬‬
‫الطفل الوحيد‪ :‬يحظى باالهتمام والعناية الشديدة وتلبية طلباته من قبل الجميع ولكنه يتفاجأ‬
‫عندما يخرج عن نطاف االسرة ‪ ،‬ويعامل بشكل مختلف هنا سوف يعاني من االحباط الشديد‪.‬‬
‫نقد نظرية أدلر‪:‬‬
‫‪.1‬كان لها تأثير كبير في اراء بعض من علماء التحليل النفسي وعلماء النفس االنساني‪.‬‬
‫‪.2‬ركز على قدرة االنسان وسعيه من اجل تحقيق أهدافه المستقبلية‪.‬‬
‫‪.3‬قدم مفهوم الشعور بالنقص وما زال هذا المفهوم معموال به الى يومنا هذا‪.‬‬
‫‪.4‬نبه الى أهمية الترتيب الوالدي وأثره في الشخصية‪.‬‬
‫‪.5‬ركز على أهمية المستقبل وليس الماضي كما فعل فرويد‪.‬‬
‫‪.6‬يؤخذ عليه تركيزه الكبير على نواحي القصوم والعجز‪.‬‬
‫‪.7‬أثرت به طفولته ومعاناته وساهمت في صياغة افكاره‪.‬‬
‫هاري ستاك سولفيان ‪1949_1892‬‬
‫ولد ستاك سوليفان عام ‪ 1892‬في مدينة نيويورك وينحدر من أسرة ريفية‪ ،‬لقب بالطبيب‬
‫النفسي ألمريكا‪ .‬وقد كان طفال وحيدا مدلال من والدته بعكس والده الذي كان ينتقده دائما‪ .‬وقد‬
‫كان شخصا وحيدا استخدم الكحول لكي يواجه مشكلة القلق التي كان يعاني منها‪ ،‬وقد كان‬
‫يعاني من االكتناب عمل طبيبا في القوات المسلحة وفي مستشفى ميريالند مما أعطاه فرصة‬
‫للعمل في األبحاث‪ .‬وقد اتصفت هويته الجنسية بالغموض‪ ،‬وقد أتهم بأنه مثلي‪ ،‬ولم تكن له‬
‫عالقات مع الجنس اآلخر‪ .‬ويقال أن سوليفان قد أصيب بنوبات فصامية وتلقى عالجا لذلك‪.‬‬
‫وقد مات سوليفان في ظروف غامضة عام ‪ 1949‬قيل إنه انتحر‪ ،‬فقد عاني من وضع‬
‫اقتصادي واجتماعي متدن‪.‬‬
‫لقد عرف الشخصية بأنها األساليب التي من خاللها يستطيع الفرد التعامل ‪.‬‬
‫طور نظرية العالقات الشخصية المتبادلة وأكد خاللها على أهمية العالقات االجتماعية‬
‫والتفاعالت المتبادلة مع الوالدين خالل التنشئة االجتماعية‪.‬‬
‫المبادئ األساسية للنظرية‪:‬‬
‫لقد عرف النظرية بأنها االساليب التي يستطيع الفرد من خاللها التعامل مع االخرين‪.‬‬
‫طور نظرية العالقات الشخصية المتبادلة واكد خاللها على اهمية العالقات االجتماعية‬
‫والتفاعالت المتبادلة مع الوالدين خالل التنشئة االجتماعية في نشأة السلوك المقبول أو‬
‫المنحرف‪ .‬وال يمكن النظر للشخصية بمعزل عن العالقات االجتماعية ولكنه لم ينكر أهمية‬
‫العوامل البيولوجية‪.‬‬
‫أما االتجاه العام للشخصية فتحدده ديناميكية الشخصية الخاصة بكل فرد‪ ،‬فالفرد يسعى لتحقيق‬
‫واشباع حاجاته إلى األمن والطمأنينة مما يساعده في تكوين شخصيته‪.‬‬
‫رأى أن الشخصية ال تفصح عن نفسها إال من خالل العالقات االجتماعية مع اآلخرين‪ ،‬ولذلك‬
‫فإن العالقات الشخصية المتبادلة خالل سنوات النمو تشكل تهديدات األمن الفرد‪ .‬وعليه فإن‬
‫‪.‬الفرد يتعلم من خالل خبراته عددا من عمليات األمن التي تمكنه من مواجهة اآلخرين بنجاح‬
‫القلق والتوتر‪:‬‬
‫رأي سوليفان بأن التوتر يساهم بشكل كبير في تكوين الشخصية واألفراد يكافحون من أجل‬
‫خفض التوتر والقلق الناشئ عن مصدرين أساسيين‪ ،‬هما الحاجات البيولوجية وعدم األمن‬
‫االجتماعي‪ .‬كما رأی آن خفض مستوى التوتر هو غاية كل إنسان‪ ،‬ويمكن مالحظة القلق من‬
‫خالل أعراضه الفسيولوجية‪.‬‬
‫إن القلق الكلي أو الشامل يؤدي إلى اضطراب العالقات الشخصية المتبادلة بين الفرد‬
‫واألخرين‪.‬‬
‫ويرى سوليفان أن هناك عمليات أمنية وهي أشبه بميکنزمات الدفاع إال أن الفرق في الطريقة‬
‫وليست في النشاط الداخلي ومن األمثلة عليها التسامي‪ ،‬وتساعد الفرد في السيطرة على القلق‪.‬‬
‫‪:‬نمو الشخصية‬
‫رأى أن نمو الشخصية تحكمه محددات نفسية واجتماعية أكثر مما تحكمه الدوافع الجنسية كما‬
‫أن الوراثة والنضج يوفران األسس البيولوجية في الشخصية والعالقات المتبادلة هي تنتج‬
‫الفرصة الظهور القدرات واإلدارات الفعلية التي يصل إليها عن طريق إشباع حاجاته وخفض‬
‫مستوى توتره‪.‬‬
‫‪:‬العالقات االجتماعية المبكرة ومراحل الطفولة‬
‫تتأثر الشخصية وتتغير في السنوات الالحقة من العمر وخصوصا مرحلة المراهقة التي تعتبر‬
‫من أخطر المراحل وأكثرها تأثيرا في الشخصية وتمر الشخصية بست مراحل تمتد من مرحلة‬
‫الرضاعة وحتى المراهقة المتأخرة‪:‬‬
‫‪.1‬الرضاعة‪ :‬وتمتد من مرحلة الميالد حتى بداية تعلم اللغة وهنا يتعلم الطفل تدريجيا التمييز‬
‫لحدود العالم الخارجي‪ ،‬ويتم إشباع حاجاته الفسيولوجية عن طريق المحيطين به‪ ،‬ويبدأ تعلم‬
‫اللغة من أجل المشاركة اإلجتماعية مستقبالً‪.‬‬
‫‪.2‬الطفولة‪ :‬وتستمر من عمر سنتين ونصف إلى خمس سنوات‪ ،‬وهي مرحلة ظهور الكالم‬
‫‪.‬واللعب مع األطفال اآلخرين ويقوم بتطوير عالقته اإليجابية مع والديه‬
‫‪.3‬الصبا‪ :‬وتبدأ من عمر خمسة سنوات إلى السنة الحادية عشر‪ ،‬يبدأ الطفل بعقد صداقات من‬
‫نفس الجنس يتعرف إلى الكثير من معاني النبذ االجتماعي والشعور بالدونية ومشاعر‬
‫الجماعة‪ ،‬ويتعلم كيف يضبط ذاته ويتنافس مع اآلخرين‪ ،‬ويكون الطفل في هذه المرحلة من‬
‫حياته في المدرسة االبتدائية فيكتسب المعرفة‪ ،‬ويتعلم قيم المدرسة ويبدأ التمييز بين ما يتعلمه‬
‫في البيت والمدرسة‪.‬‬
‫‪.4‬ما قبل المراهقة‪ :‬من سن الحادي عشر ولغاية العشرين من عمره وهي ذات أهمية بالغة من‬
‫جميع النواحي‪ ،‬ففيها يظهر البلوغ والنمو الجسمي واالجتماعي والنفسي‪ ،‬ويحاول الفرد تأكيد‬
‫ذاته وتنقسم عند سوليفان إلى ثالث مراحل هي‪ :‬المراهقة ومن ثم المراهقة المبكرة والمراهقة‬
‫المتأخرة‪.‬‬
‫السلوك المضطرب‬
‫پری سوليفان أن السلوك المضطرب ال يختلف عن السلوك السوي في النوع وإنما في الدرجة‬
‫وقد فسر االضطراب على أساس مفهوم القلق وهو ما ينتج عن سوء العالقات الشخصية‬
‫المتبادلة‪ ،‬والتي تحدث بسبب النبذ الذي يصادفه الفرد من قبل اآلخرين‪.‬‬
‫تكوين التشخصيات‪:‬‬
‫رأى أن العالقات المتبادلة هي مصدر تكوين التشخصات أو الصور أو المفاهيم التي يكونها‬
‫الفرد عن نفسه أو عن اآلخرين‪ ،‬وتتم عملية تطور الشخصية من خالل عمليتين هما الديناميات‬
‫والتشخصات‪ ،‬أو ما يسمى في كل مراحل التجسيدات الشخصية اما الديناميات‪ ،‬فهي طاقة‬
‫الفرد التي تدفعه للعالقات التبادلية وتتغير الطاقة حسب االحتياجات في كل مرحلة‪ ،‬وتظهر‬
‫هذه الطاقة في كل مرحلة من مراحل التطور والذات المتشكلة ثالثة أنواع‪:‬‬
‫‪.1‬تشخص الذات الطيبة‪ :‬ينتج من خبرات لها طابع اإلثابة مع اآلخرين‬
‫‪.2‬الذات الشريرة تتشكل من مواقف مثيرة للقلق‪ :‬وهي الذات التي تعاني من استجابات تعبر‬
‫عن القلق في الذات السلبية النكرة‪ :‬وهي المفاهيم السلبية التي يكونها الفرد عن ذاته خالل‬
‫رحلة التنشئة االجتماعية له‪.‬‬
‫تقييم نظرية سوليفان‬
‫‪.1‬لقد قدم العديد من المفاهيم المتنوعة في علم النفس والتي ما زالت بحاجة إلى تفسير‪.‬‬
‫‪.2‬ركز سوليفان على أهمية العالقات الشخصية المتبادلة والتوتر والتهديد الناجم عنها‬
‫‪.3‬اهتم باألساليب التي تساعد الفرد على التكيف والتوافق وهي التي تحدد سوية الفرد من عدمه‬
‫‪.4‬يرى أن الوراثة تقدم األساس البيولوجي والعالقات الشخصية المتبادلة هي التي تشكل‬
‫الشخصية‬
‫هنري موريه ‪1988_1893‬‬
‫ولد هنري مورية في أمريكا عام ‪ 1893‬وقد درس في جامعتي كامبريدج وهارفرد‪ ،‬وهناك‬
‫درس كتاب يونغ" األشكال النفسية" وقد قام بزيارة يونغ وجعله يتعلق بالتحليل النفسي وقد بدأ‬
‫عمله في جامعة هارفرد في العيادة النفسية بجامعة هارفرد ‪ ،‬اهتم بدراسة الشخصيات العادية‬
‫ومن ثم أصدر كتبا في الشخصية بعنوان " دراسات في الشخصية" وقد قام بتطوير اختبار‬
‫اإلدراك النمطي‪ ،‬وقد اشترك في الحرب العالمية الثانية و ترأس مجموعة من العلماء في‬
‫مكتب الخدمات االستراتيجية ‪ ،‬وبعد انتهاء الحرب عاد للعمل في جامعة هارفرد استاذا لعلم‬
‫النفس اإلكلينيكي‪.‬‬
‫المبادئ االساسية للنظرية‬
‫اهتم مورية بالالشعور فلذلك كان اهتمامه بدوافع السلوك فاهتم باالختبارات اإلسقاطية بهدف‬
‫الكشف عن حاجات الفرد‪ ،‬وكذلك الضغوط النفسية التي يعاني منها‪.‬‬
‫استخدم مفاهيم فرويد في بناء الشخصية‬
‫كان مورية من األوائل الذين استخدموا مصطلح الشخصية وقال إن الشخصية ليس لها أساس‬
‫مادي فيزيقي وأن الشخصية ما هي إال نتاج عمليات المخ‪ ،‬وهي أساس السلوك ألن كل شيء‬
‫موجود في المخ كاإلحساسات والذكريات والشعوريات والمعتقدات واالتجاهات والمخاوف‬
‫والقيم لها أساس موجود في المخ‪.‬‬
‫ركز في دراسته للشخصية على األسوياء وغير األسوياء‪.‬‬
‫وقد أكد مورية على ما أسماه المبدأ الشامل ويشير هذا المبدأ إلى سعي الناس إلى تخفيف ‪.‬‬
‫التوترات النفسية أو الفسيولوجية والتي ال بد من وجودها لدى الناس ألن هذا التوترات تعمل‬
‫على استثارة الفرد للعمل وهذا ما يجعل حياته لها معنى والفرد بحاجة إلى هذه الضغوط والتي‬
‫ممكن أن تكون بشرا أو مادة‪ .‬ويرى مورية أن الشخصية ذات طبيعة ممتدة تبدأ من طفولته‬
‫وتستمر لتتطور عبر تاريخ حياته‪ ،‬وقد اهتم موريه بماضي الفرد في دراسته الشخصيته وقال‬
‫أن لها أثر في حاضر الفرد‬
‫أقسام الشخصية‬
‫لقد قسم الشخصية إلى ثالثة أقسام وال تخلو من آثار فرويد فيها وهي‪:‬‬
‫‪.1‬الهو‪ :‬وهو مركز الغرائز والطاقة التي توجه السلوك وهو المكان التي تنطلق منه الغرائز‬
‫المشروعة مثل الحب والتعاطف‬
‫‪.2‬األنا‪ :‬وهي العقل المدبر للشخصية والتي تقوم بتوجيه السلوك‪ ،‬تتميز باحتوائها على ذكاء‬
‫الفرد وإدراكه‪.‬‬
‫‪.3‬األنا األعلى‪ :‬وهو محصلة ثقافة المجتمع من عادات وتقاليد وقيم وتراث فهي القوة التي‬
‫تركز على السلوك الصحيح وترفض السلوك الخاطئ‬
‫‪.4‬األنا المثالية‪ :‬وهي ما يرغب أن يكون عليه الفرد أو يقلده وهو ما يطمح اإلنسان الوصول‬
‫إليه‪.‬‬
‫الحاجات عند مورية‪:‬‬
‫يقول أن الحاجات هي عبارة عن تكوين افتراضي يمثل قوة في المخ وهي التي تعمل على‬
‫تنظيم عملية التفكير واإلدراك‪ ،‬وقد أشار إلى أن هذه الحاجات تحدث توترا لدى الفرد فيسعى‬
‫لتخفيف هذا التوتر من خالل إشباع‬
‫هذه الحاجات وقد ذكر موريه عشرون حاجة هي‪:‬‬
‫‪.1‬السيادة‪ :‬وهي الحاجة التي تدفع الفرد للسيطرة على البيئة المحيطة به والتي تجعل اآلخرين‬
‫‪.‬يتبعون له‬
‫‪.2‬االهتمام‪ :‬وهي اتباع شخص آخر بسبب إعجاب الفرد بنفوذه ونجاحه‬
‫‪.3‬االستقالل‪ :‬وتشير إلى استقاللية الفرد فهو مقاوم لإلجبار والقيود فيتصرف الفرد طبقا لفكره‬
‫‪.‬ورأيه فيتحدى التقاليد واألعراف‪.‬‬
‫‪.4‬العدوان‪ :‬وهو إبراز قدرته في التفوق على اآلخرين وينتصر‬
‫‪.5‬الدونية‪ :‬يشير إلى استسالم الفرد والخضوع للقوى الخارجية فيتقبل النقد والعقاب فيستسلم‬
‫‪.‬ويشعر بالنقص ولوم الذات والتقليل من شأنها‬
‫‪.6‬إإلنجاز‪ :‬يستطيع التغلب على المصاعب وتحقيق أهدافه والتفوق على اآلخرين‪.‬‬
‫‪.7‬الجنس‪ :‬يكون الفرد شهواني وله عالقات جنسية متعددة ‪.‬‬
‫‪.8‬اإلحساسية‪ :‬وهو البحث عن اللذة الحسية واالستمتاع بها‬
‫‪.9‬االستعراضية‪ :‬أن يظهر الفرد من صفات وأفعال تبهر اآلخرين فيسليهم خصومه وممكن أن‬
‫‪.‬يؤذي األخرين ويستبد بهم ويمتعهم ويبهرهم بما يقوم به‬
‫‪.10‬اللعب‪ :‬يقوم بأفعال مضحكة وفكاهية ‪.‬‬
‫‪.11‬االنتماء‪ :‬أن يلتحق الفرد بأشخاص شبيهين به وينتمي لهم ويتعامل معهم‬
‫‪.12‬لرفض‪ :‬وهو رفض اآلخرين واالبتعاد عنهم‬
‫‪.13‬طلب العون‪ :‬يسعى للحصول على الحماية والدعم من شخص يحبه‬
‫‪.14‬التربية‪ :‬ويتمثل في االهتمام والرعاية بطفل يحتاج إلى االهتمام والرعاية‬
‫‪15‬التجنب‪ :‬وهو أن يبتعد الفرد عن المواقف التي تسبب اإلذالل والمهانة‬
‫‪16‬الدفاعية‪ :‬وهو أن يقوم الفرد بحماية ذاته من اللوم واإلهانة والنقد ‪.‬‬
‫‪.17.‬المضادة‪ :‬وهي قمع المخاوف والمواقف المذلة وأن نحافظ على احترام الذات والفخر بها‬
‫‪.18‬تجنب األذى‪ :‬وهي العمل على االبتعاد عن األذى واأللم والمرض‪ ،‬والهرب من المواقف‬
‫المؤلمة الخطرة وأخذ االحتياطات الالزمة‬
‫‪.‬النظام‪ :‬وهو اهتمام الشخص باألناقة والترتيب والنظام ‪19.‬‬
‫الفهم‪ :‬شخص مطلع يفهم في الكثير من األمور ويستطيع اإلجابة عن معظم التساؤالت ‪20.‬‬
‫ويشير مورية إلى أنه ليس بالضرورة أن تكون كل هذه الحاجات موجودة عند كل إنسان‬
‫تصنيف الحاجات‬
‫صنف مورية الحاجات إلى‪:‬‬
‫الحاجات األولية‪ :‬وهي الحاجات التي تعمل على بقاء الكائن الحي مثل الماء والهواء ‪1.‬‬
‫‪.‬والطعام والجنس‬
‫الحاجات الثانوية‪ :‬وهي الحاجات التي تعمل على إرضاء الجوانب النفسية والعقلية وهي ‪2.‬‬
‫أصال تنشأ عن الحاجات األولية‬
‫‪:‬الضغوط‬
‫يتعرض الفرد ألنواع مختلفة من الضغوط هي‪:‬‬
‫ضغوط ألفا‪ :‬وهي ضغوط موضوعية ومعقولة ويتعرض لها أي فرد في البيئة الطبيعية ‪1.‬‬
‫ضغوط بيتا‪ :‬وهي الطريقة التي يفسر فيها الفرد الضغوط التي يتعرض لها ‪2.‬‬
‫‪:‬العُقد‬
‫يقول أن الفرد خالل طفولته يمر بخمسة أنواع من العقد وقد يكون األمر طبيعي إال إذا تطرفت‬
‫إحدى هذه العقد عندئذ تكون مشكلة وهذه العقد هي‬
‫عقدة االحتجاز‪ :‬لقد مر الطفل وهو جنين في بيئة آمنة ويرغب في أن يبقى محتجزا فيها‪1 ،‬‬
‫واألشخاص المصابين بهذه العقدة يظهرون سلبية واعتمادية على اآلخرين بالخوف وعدم‬
‫‪.‬األمان‬
‫العقدة الفمية‪ :‬مركز هذه العقدة هو الفم بما يقوم به من سلوك كالمص والتقبيل واألكل ‪2.‬‬
‫والشرب والحب وقد سماها أيضا بالعقدة العدوانية‪ ،‬مثل الرفض والبصق والشتم والعض وعند‬
‫تطرف هذه العقدة تسمى بالعقدة‬
‫الفمية الرافضة‬
‫العقدة الشرجية‪ :‬إن تطرف هذه العقد يشير إلى تأثر اإلنسان بالقاذورات واألوساخ والطين ‪3.‬‬
‫‪.‬ويصبح السلوك العدواني هو ما يمثل هذه العقدة‬
‫عقدة البول‪ :‬وهي عقدة مرتبطة بمدی طموح الفرد‪ ،‬وحب الذات مع وجود تاريخ من التبول ‪4.‬‬
‫‪.‬اإلرادي‬
‫العقدة الجنسية" اإلخصاء"‪ :‬وهو خوف الطفل من أن يخسر أعضاؤه التناسلية بسبب الميول ‪5.‬‬
‫‪.‬الجنسية الظاهرة لديه‬
‫تقييم‪:‬‬
‫أكثر ما يميز أعمال مورية هو تقديمه لالختبارات اإلسقاطية كأداة مهمة في التشخيص ‪1.‬‬
‫‪.‬ودراسة الشخصية‬
‫‪.‬لقد اعتمد في نظريته على مفاهيم غير معروفة أو مألوفة في علم النفس ‪2.‬‬
‫‪.‬إن نظرية مورية صعبة في التحقق منها تجريبيا ‪3‬‬
‫اعتمد على االختبارات اإلسقاطية وهذه تعتمد على التفسير الذاتي أكثر من التفسير العلمي ‪4.‬‬
‫‪.‬المجرب و اعتماده على عينات صغيرة في دراسته للشخصية مما يصعب تعميم نتائجها‬
‫‪.5‬اهتم العاملون في علم النفس في الوقت الحاضر فقط في االختبارات اإلسقاطية ولم يهتموا‬
‫‪.‬بما تناول موريه من مفاهيم أخرى‬
‫اريك اريكسون ‪1994_1902‬‬
‫ولد إريك إريكسون عام ‪ 1902‬في مدينة فرانكفورت بألمانيا‪ ،‬وقد كانت رغبته في البداية أن‬
‫يصبح فنانا وقد طلب منه فرويد تدريس الفن للطلبة األمريكان الذين يحضرون إلى فيينا‬
‫لدراسة منهج فرويد وكان ذلك من األسباب الذي دفعته لاللتحاق بمعهد التحليل النفسي بفيينا‪.‬‬
‫وقد تعلم الكثير عن التحليل النفسي من خالل أتباع فرويد وخصوصا أنا فرويد‪ ،‬هاجر إلى‬
‫أمريكا عام ‪ .1933‬لم يحصل إريكسون على درجة علمية‪ ،‬وعلى الرغم من ذلك فقد أصبح‬
‫أكبر محلل نفسي لألطفال في مدينة بوسطن‪ ،‬قام بالعديد من الدراسات على الجنود وخصوصا‬
‫اآلثار النفسية التي تتركها الحرب على الجنود‪ ،‬كما قام بدراسة اللعب عند األطفال الطبيعيين‬
‫وغير الطبيعيين الذين يعانون من مشكالت في الشخصية‪ .‬له عدد من المؤلفات مثل "الطفولة‬
‫المعروفة والمجتمع" "الشخصية ‪ :‬الشباب و األزمات" (ميللر‪ )2005 ،‬لقد كان إريكسون من‬
‫أتباع فرويد الذين اهتموا بالتركيز على التأثير السريع للمجتمع في عملية النمو وابتعد إلى حد‬
‫ما عن منهجية فرويد المبادئ األساسية للنظرية البيولوجية‪ ،‬وقد تزايد االهتمام بمفهوم األنا‬
‫والنواحي االجتماعية في مجال علم نفس النمو بصورة كبيرة بفضل جهود أريكسون‪ .‬لقد ركز‬
‫إريكسون اهتمامه على التغيرات االجتماعية التي تمر بها أمريكا واهتم بالفجوة بين األجيال‬
‫‪.‬وأسباب الجنوح وقد كان كاتبا مميزا‬
‫ولذلك من الجدير بالذكر أن إريكسون لم يرفض أفكار فرويد بل قبلها خصوصا عندما‬
‫يتحدث عن األنظمة النفسية‪ ،‬والالشعور والشعور والدوافع والمراحل النفسية الجنسية‬
‫لقد درس الكائن الحي وشخصيته من خالل ‪.‬والتواصل الطبيعي وغير الطبيعي والتحليل النفسي‬
‫مرور هذا الكائن بثماني مراحل نفسية تغطي حياته كاملة وبهذا يكون قد وسع نظرية فرويد‪.‬‬
‫ولكن بسبب ما عاناه إريكسون من أزمة في الهوية بسبب رفض األلمان له‪ ،‬ألنه يهودي‬
‫ورفض اليهود له العتقادهم بأن أصله ألماني‪ ،‬جعله يعاني من مشكلة أزمة في الهوية ولذلك‬
‫ركز في نظريته على البحث عن الذات وتحقيق الهوية‪.‬‬
‫وقد قسم حياة اإلنسان إلى ثماني مراحل من التطور وكل مرحلة يمر اإلنسان خاللها في‬
‫صراع معين وقد سمى إريكسون هذه الصراعات باألزمات‪.‬‬
‫‪:‬فترات النمو عند اريکسون‬
‫)‪ (Trust vs Mistrust‬الثقة مقابل عدم الثقة ‪1.‬‬
‫تبدأ هذه المرحلة منذ سن الميالد وحتى عمر سنة‪ ،‬وهي مرحلة الرضاعة ‪،‬وفي هذه المرحلة‬
‫يتم تنمية الثقة وذلك من خالل منح الطفل ما يحتاج من حب وانسجام وتفهم وهكذا سينمو‬
‫الطفل اجتماعيا فتتولد الثقة لديه بأسرته‪ ،‬أما إذا لم توفر له األسرة المحبة والعطف والتقدير‬
‫فسوف تحدث عدم ثقة في الوالدين والمحيطين به‪ .‬وبالمناسبة فإن هذه المرحلة تقابل المرحلة‬
‫الفمية في مراحل النمو عند فرويد‪ .‬إن حدوث هذا الخلل ال شك وأنه سيؤثر بشكل كبير في‬
‫‪.‬نمو شخصية اإلنسان‬
‫)‪ (Autonomy vs Shame and Doubt‬االستقاللية مقابل الشك ‪2.‬‬
‫وتقابل المرحلة الشرجية عند فرويد وتبدأ من عمر سنة ونصف إلى الثالث سنوات‪ ،‬والمطلوب‬
‫في هذه المرحلة هو تحقيق درجة من االستقاللية والتقليل من الشعور من الخجل ‪ ،‬فإذا سمح‬
‫الوالدان للطفل باالستكشاف في بيئته دون مواجهة فإنه سيتطور لديه الشعور باالستقالل بسبب‬
‫عدم إحباط األسرة له‪ ،‬أما إذا حدث عكس ذلك فإن الطفل سوف يتعرض إلى نوع من اإلحباط‬
‫والشك في قدراته و الكثير من الخجل سوف يؤدي إلى الحقد وتظهر لديه ما أسماها الحالة‬
‫القيسرية ‪ ،‬أما إذا كان هناك توازن في التعامل فإن هذا سيؤدي إلى ما اسماه قوة االرادة و‬
‫‪.‬العزم‬
‫))‪ Initiative vs Guilt‬المبادرة مقابل الشعور بالذنب ‪3.‬‬
‫تبدأ هذه المرحلة من عمر الرابعة إلى السادسة وهي تقابل المرحلة القضيبية عند فرويد‪ ،‬هنا‬
‫سيتعلم الطفل المبادرة من دون الشعور بالذنب‪ ،‬وتعني المبادرة قدرة الفرد على االستجابة‬
‫بشكل ايجابي لتحدي المسؤوليات وتحملها ويطلق عليها إريكسون بمرحلة اللعب وتظهر‬
‫متطلبات هذه المرحلة من خالل تحمل الطفل للمسؤوليات المتنوعة وتعلمه للمهارات المختلفة‬
‫ووظيفة الوالدين هي تشجيع األطفال على القيام بذلك‪ ،‬وتجربة أفكارهم وتنمية حب االكتشاف‬
‫واالستطالع لديهم‪ ،‬لذلك ينبغي تشجيع الطفل أما إذا واجه الطفل العقاب وحدث كف لهذه‬
‫‪.‬المبادرات‪ ،‬فإنه يتولد لديه شعور متنام بالذنب‬
‫)‪:(Industry vs Inferiority‬المثابرة مقابل الشعور بالنقص ‪4.‬‬
‫وهذه تقابل مرحلة الكمون عند فرويد وتبدأ من سن السادسة إلى الثانية عشرة وهنا يتركز دور‬
‫األسرة والبيئة على تنمية العمل والمثابرة والتقديم والعطاء واالبتعاد وتجنب النقص‪ ،‬لذلك‬
‫يجب أن يثاب الطفل على إنجازاته وهذا يزيد من قدرته على المثابرة وعدم الشعور بالنقص‬
‫‪.‬فيما لو تخلف عن المبادرة أو عجز عنها‬
‫‪ (Ego Identity vs Role Confusion):‬الشعور بالهوية مقابل اضطراب الهوية ‪.5‬‬
‫تبدأ من مرحلة المراهقة وهي من سن البلوغ ولغاية الثامنة عشر ‪،‬والمهمة الرئيسية في هذه‬
‫المرحلة هي أن يتعرف الفرد إلى هوية األنا وتجنب صراع الهوية ‪ ،‬إن معرفة الفرد ألناه‬
‫قضية مهمة عند إريكسون خصوصا حين يحاول المراهق البحث وبشكل جدي عن كافة‬
‫األدوار واألفكار والقيم التي هذه المرحلة من حياة الفرد وهنا يسعى الفرد لتكوين صورة األنا‬
‫لديه‪ ،‬ولذلك تتناسب معه‪ ،‬ويعتبر إريكسون أن هذه المرحلة تتوسط بين الطفولة والرشد ولذلك‬
‫الذين يتخطون هذه المرحلة يتولد لديهم الشعور بالثقة بالذات ومن ال يستطيع ذلك فإنه يتولد‬
‫‪.‬لديه شعور بازمة الهوية‬
‫‪ (Intimacy vs Isolation) :‬المودة مقابل العزلة ‪6.‬‬
‫وهي مرحلة الرشد المبكر (الشباب) كما أشار إريكسون وتمتد من مرحلة المراهقة (‪،)35-18‬‬
‫هنا يبدأ الفرد مرحلة االستقالل فيختار مهنة معينة ويختار شريك الحياة ويبدأ في تكوين أسرة‬
‫ومستقبل مستقل عن أسرته ويبدأ التصرف كشخص مسؤول‪ .‬وتعني المودة هنا القدرة على‬
‫البقاء قريبا ومحبوبا من اآلخرين وهذا يتمثل في اختيار الشريك المناسب‪ ،‬إن األلفة والمودة‬
‫‪.‬المفرطة هي داللة واضحة على سوء التكيف وهذا يؤدي إلى العزلة واالبتعاد عن الناس‬
‫‪ (Generatively vs Stagnation):.‬اإلنتاجية مقابل الركود‪7.‬‬
‫وهي مرحلة سن الرشد المتوسط وتمتد من سن الخامسة والعشرين إلى أواخر الخمسينات‪ ،‬هنا‬
‫يظهر الفرد اهتماما وسعيا للمشاركة الفاعلة في المجتمع في مناسباته االجتماعية والخيرية مما‬
‫يجعله محط أنظار الجميع فيحظى باالهتمام والتقدير ويبعده ذلك عن الركود والكسل واالبتعاد‬
‫‪.‬عن النشاط االجتماعي‬
‫‪:(Ego Integrity vs Despair):‬تكامل األنا مقابل اليأس ‪8.‬‬
‫هذه هي المرحلة األخيرة التي تحدث عنها إريكسون وتبدأ في الستين من العمر وهي تقابل سن‬
‫التقاعد ويبدأ المشوار الختامي من حياة اإلنسان حيث يعود الوالدان وكان حياتهما ستبدأ من‬
‫جديد فكثير من األفراد الذين يصلون إلى هذه المرحلة يستفيدون من خبراتهم ومعرفتهم في‬
‫تقديمها للمجتمع واألبناء‪ ،‬والبعض اآلخر يعتقد بأن دوره قد انتهى فيستكين ويبتعد عن الناس‬
‫ويمر بمرحلة قاسية من اإلحباط واليأس‬
‫‪:‬التقييم‬
‫‪.‬قدم إضافات النظرية فرويد في التحليل النفسي ووسع نطاقها ‪1.‬‬
‫أضاف إريكسون جوانب النفس اجتماعية إلى النفس جنسية والثقافية إلى البيولوجية وهوية ‪2.‬‬
‫‪.‬األنا ودفاعاتها‬
‫‪.‬ساعد على تطور علم نفس النمو‪3.‬‬
‫لقد أكد إريكسون على عكس فرويد على أهمية النمو خالل مراحل الحياة كلها وكيف أن كل ‪4.‬‬
‫‪.‬مرحلة يجب أن تمر بنجاح‪ ،‬وإال خلقت معها أزمة تسبب مشاكل في شخصية الفرد‬
‫و انتقده بعض العاملين في علم النفس فيما يتعلق بتسلسالت الشخصية عند اريکسون‪ ،‬بأنها ‪5.‬‬
‫‪.‬قد ال تكون عامة في كل الثقافات ولدي كال الجنسين‬
‫و اتصف إريكسون بنظرته الواسعة وقد الءمت أفكاره المجتمع المعاصر فيما يتعلق بسلوك ‪6.‬‬
‫‪.‬الطفل‬
‫ومن أهم االنتقادات التي وجهت إلريكسون هي أنه عندما تحدث عن األزمات التي يمر فيها ‪7.‬‬
‫اإلنسان في مراحل حياته المختلفة لم يتحدث عن كيفية حل األزمات‪ ،‬فقد أوضح ما يؤثر في‬
‫‪.‬االنتقال‪ ،‬ولكنه لم يتحدث عن كيفية انتقال الطفل من مرحلة إلى أخرى‬
‫لقد واجه إريكسون نفس المشكلة التي واجهها معظم علماء النفس التحليليين أال وهي أن ‪8.‬‬
‫‪.‬فكرهم ال يمكن تطبيقه أو إخضاعه للتجريب العلمي‬
‫الفصل السابع‬
‫السلوكيون والشخصية‬
‫ مقدمة‪.‬‬‫ جون واطسون‪.‬‬‫‪ -‬سكنر‪.‬‬
‫‪١٥٩‬‬
‫السلوكيون والشخصية‬
‫مقدمة‪ :‬لقد جاءت السلوكية كثورة ورد فعل على النظريات الوظيفية واالستنباطية‪ ،‬إذ‬
‫رفضت السلوكية ما ال يمكن التحقق منه عمليا وتجريبياً‪ ،‬فالتجريب هو أساس الوصول‬
‫إلى الحقائق‪ .‬وقد بدأت السلوكيةوالتقليدية بالظهور على يد العالم األمريكي واطسون‬
‫الذي تأثر بأعمال العالم الروسي بافلوف إثر اكتشافه ظاهرة الفعل المنعكس الشرطي‪،‬‬
‫ومن الجدير بالذكر أن واطسون في سلوكياته التقليدية أنكر العمليات العقلية كونها ال‬
‫تقاس بشكل مباشر وهذا ما أسماه باألحداث الخاصة " ‪ "Private events‬وأثر على‬
‫شكل البيئة والتعلم في تشكيل السلوك والشخصية‪ .‬ولقد شدد واطسون على دور البيئة‬
‫المحيطة حين قال‪ :‬أعطني دزينة من األطفال األصحاء ألصنع لك منهم ما شئت ‪،‬‬
‫الطبيب والمهندس والفنان‪ ،‬مؤكدا ً بهذا على أمرين األول البيئة والثاني التعلم (أبو‬
‫حميدان ‪.)٢۰١٢‬‬
‫وقد جاءت السلوكية الحديثة أو ما تسمى بالراديكالية او سلوكية سكينر التي خرجت الى‬
‫حد ما عن مسار واطسون المتشدد حين أقر سكنر بوجود األحداث الخاصة ولكننا ال‬
‫نستطيع قياسها بشكل مباشر بل نستدل عليها من آثارها‪ .‬وقد تأثر سكنر بأعمال‬
‫ثورندايك الذي قدم مفهوم قانون األثر "‪ "The Law of Effect‬الذي ينصف على ان‬
‫السلوك الذي يؤدي الى نتائج إيجابية يبقى والسلوك الذي يؤدي الى نتائج سلبية يزول‬
‫ويضمحل‪ .‬أي أن سلوك االنسان محكوم بنتائجه إذا كانت إيجابية تزداد احتمالية تكراره‪،‬‬
‫وإذا كانت نتائجه سلبية تقل احتمالية تكراره في المستقبل وفي المواقف المشابهة‪ .‬ثم قدم‬
‫لنا سكنر بعد ذلك نظرية االشراط االجرائي‪ ،‬التي كان لها دور كبير في فهم السلوك‬
‫اإلنساني‪ .‬كما قدم لنا تأثر االنسان بمبادئ السلوك خصوصا ً أثر التعزيز والعقاب في‬
‫اختيار االستجابة المناسبة للفرد‪.‬‬
‫‪١٦٢+١٦١‬‬
‫جون واطسون (‪)١٩٥٨ -١٨٧٨‬‬
‫ولد العالم جون واطسون عام ‪ ١٨٧٨‬في مدينة ترافيلرز ريست في كارولينا الجنوبية‪،‬‬
‫وحصل على درجة الماجستير وكان عمره ‪ ٢١‬عاماً‪ .‬كانت عائلته فقيرة وتأثر واطسون‬
‫من اهمال والده له‪ ،‬فثار على والدته ومعلميه‪ ،‬ثم التحق بجامعة فورمان وتخصص في‬
‫موضوع علم النفس المقارن ودرس الفلسفة تحت إشراف العالم جون ديوي وفي عام‬
‫‪ ١٩۰٣‬حصل على درجة الدكتوراه من جامعة شيكاغو وكانت في تعليم الحيوان‪.‬‬
‫وفي عام ‪ ١٩۰٧‬أصبح استاذا ً مشاركا ً في جامعة هربكنز وعرف حينذاك بمؤسس‬
‫المدرسة السلوكية في علم النفس‪ .‬وقد ترأس جمعية علم النفس االمريكية عام ‪ ١٩١٥‬قم‬
‫نشر بعد ذلك كتابا ً في علم النفس من وجهة نظر السلوكية‪ .‬وقد اعتمد الطريقة التجريبية‬
‫في علم النفس وأصبح اسمه المعا ً في هذا الشأن‪ .‬وقد اشتهر أكثر ولمع اسمه بعد تجربة‬
‫الطفل ألبرت والذي أثبت فيها أن سلوك الخوف متعلّم‪ ،‬أني أننا نستطيع إشراط وتعلم‬
‫االنفعاالت مشيرا ً بذلك الى تأثير البيئة والتعلم في شخصية الفرد وتوفي واطسون في‬
‫عام ‪.١٩٥٨‬‬
‫‪١٦٣‬‬
‫المبادئ األساسية لنظرية واطسون‪.‬‬
‫• يرى واطسون أن شخصية الفرد تتشكل من التعلم من خالل مسيرة حياته فاالنسان‬
‫يولد مزودا ً بعدد من االنعكاسات‪ ،‬وهي كل الحصيلة السلوكية التي يمتلكها عند مولده‪.‬‬
‫ومن خالل التعلم الشرطي وارتباط العديد من المثيرات واالستجابات يتعلم الفرد التعميم‬
‫والتمييز‪ ،‬فالحوادث النفسية هي حوادث فسيولوجية تتأثر بالمثيرات التي تستجر‬
‫استجابات فالسلوك اإلنساني هو رد فعل لمثير ما‪.‬‬
‫•لذلك فالبيئة تلعب دورا ً هاما ً في التأثير في تشكيل السلوكات المتعددة‪ ،‬في حين رفض‬
‫واطسون أي تأثير للوراثة أو الالشعور في سلوك الفرد‪ ،‬كما أنه رفض أي تأثير للغرائز‬
‫والترابط واالستبطان واألفكار في سلوك الفرد‪ .‬وال بد من التنويه هنا بأن واطسون ال‬
‫يعترف بوجود الغرائز‪ ،‬وأن ما يفترضه اآلخرون على أنه سلوك غريزي هو في حقيقة‬
‫األمر سلوك متعلم‪.‬‬
‫•إذن نجد أن واطسون قد نظر الى الشخصية على انها مجموعة من العادات‬
‫واالنعكاسات الشرطية البسيطة‪ ،‬والتي تتراكم عبر سنين حياة االنسان لتصبح أكثر‬
‫تعقيدا ً فيما بعد‪.‬‬
‫•ولهذا فقد ركز واطسون على أهمية الجهاز العصبي ودوره في تحفيز االستجابة‬
‫المناسبة للمثيرات المختلفة‪.‬‬
‫‪١٦٤‬‬
‫•تميزت سلوكية واطسون بعالقتين رئيسيتين هما التنبؤ باالستجابة على أساس معرفة‬
‫المثير وثانيا ً التنبؤ بالمثير على أساس معرفة االستجابة‪.‬‬
‫•كمان تحدث واطسون عن الحتمية التي تشير الى القوانين التي تحكم الظاهرة السلوكية‬
‫فالسلوك ال يأتي من فراغ وال يحدث من فراغ‪ .‬لذلك فهنالك عوامل محددة تحدث‬
‫الظاهرة السلوكية‪ ،‬ففي العلوم الطبيعية تكون العالقة حتمية سببية أي ان الظاهرة ال‬
‫تحدث إال اذا سبقتها مثيرات محددة‪ .‬وينطبق هذا على بعض من السلوك اإلنساني وهو‬
‫السلوك االستجابي الذي ال بد من ان تحدثه مثيرات تسبقه‪.‬‬
‫•لذلك فقد شدد في تعريفه لعلم النفس على انه لك العلم الذي يدرس سلوك االنسان‬
‫والحيوان ويرى ان السلوك ما هو اال عبارة عن نشاط يصدر عن الكائن الحي‪.‬‬
‫•أما االنفعاالت فقد رأى واطسون أنها استجابات جسمية لمثير معين‪ ،‬مثالً عندما يواجه‬
‫االنسان موقفا يهدده بالخطر تحدث لديه مباشرة تغيرات فسيولوجية ‪ ،‬كخفقان القلب‬
‫بسرعة او ارتفاع الضغط ‪ ،‬او جفاف الحلق ‪ ،‬وال بد من ان يحفز هذا الوضع الى قيام‬
‫الفرد باالستجابة المناسبة ‪ ،‬إذن االنفعاالت متعلمة الرتباطها بالمواقف التي يمر بها‬
‫الكائن الحي‪.‬‬
‫•أما فيما يتعلق بالتفكير والذي ينطر اليه المعرفيون كعنصر أساسي في عملية‬
‫االستجابة‪ ،‬فقد نظر اليه واطسون على أنه سلوك حركي كما هو الحال في بقية الوظائف‬
‫النفسية األخرى‪.‬‬
‫• ومن أهم االستنتاجات التي تولصل اليها واطسون هو ان السلوك المرضي أيا ً كان‬
‫نوعه انما هو سلوك متعلم يمكن اكتسابه كما يمكن التخلص منه‪ .‬فالسلوك العادي‬
‫والسلوك المرضي يتم اكتسابهما عن طريق التعلم وال يوجد بينهما فرق من حيث التعلم‪.‬‬
‫•لقد ركز واطسون في دراسته للشخصية على أهمية المالحظة والمتابعة واختبار‬
‫الفرضيات المتعلقة بذلك‪.‬‬
‫‪١٦٥‬‬
‫التقييم‪:‬‬
‫‬‫‬‫‬‫‬‫‬‫‬‫‪-‬‬
‫‪١٦٦‬‬
‫من أهم النظريات لهذه النظرية التركيز على المنهجية العلمية التجريبية‪.‬‬
‫بين واطسون انه من الممكن اشراط االنفعاالت وانها ليست وراثية‪.‬‬
‫عمد الى تحويل أراء بافلوف عمليا ً الى المجال التربوي‪.‬‬
‫من اهم االنتقادات التي وجهها المعارضون لواطسون ‪ ،‬هو ان نظريته ركزت على‬
‫السلوم المالحظ ‪ ،‬وأهملت ما يحدث داخل جسم الكائن الحي كعملية التفكير واالدراك‬
‫والتخيل والتذكر‪.‬‬
‫معارضته للكثير من المفاهيم السائدة في عصره مثل الغريزة والالشعور‪.‬‬
‫حاول واطسون أن يرجع نماذج السلوك المعقد الى سلسلة من المنعكسات الشرطية‪.‬‬
‫التركيز على دور البيئة بشكل أكبر من أهمية المثيرات األخرى وقلل من أهمية الوراثة‬
‫إلى حد كبير‪.‬‬
‫ب‪.‬ف‪.‬سكنر ‪B.F.Skinner‬‬
‫‪١٩۰٤-١٩٩۰‬‬
‫محام في أسرة يسودها االستقرقر وقد كانت أسرته‬
‫ولد سكنر عام ‪ ١٩۰٤‬في بلسنفانيا من أب‬
‫ٍ‬
‫مصدر تشجيع واهتمام إلنجازاته ‪ ،‬وقد ولع سكنر منذ صغره باالختراعات واالبتكارات حيث‬
‫قام باختراع العديد من األدوات التعليمية‪ ،‬كما كان عازفا ً للموسيقى‪ ،‬حصل درجة البكالويوس‬
‫في األدب اإلنجليزي من جامعة هاملتون في والية نيويورك وبعد تخرجه حاول سكنرالكتابة‬
‫والتأليف بعد أن حظي برسالةتشجيعية من الكتاب روبرت فروست‪ ،‬لم يلبث سكنر ان توقف‬
‫عن الكتابة ‪ ،‬حيث وجد أن ليس لديه القدرة أساسا ً على كتابة شيء يتعلق باإلنسان ما لم يستطيع‬
‫فهم وتفسير سلوكه ولذلك قرر سكنر االلتحاق بالدراسات العليا في جامعة هارفرد وحصل على‬
‫درجة الدكتوراه وعمل في الجامعة لمدة خمس سنوات في مختبر علم النفس‬
‫‪١٦٧‬‬
‫ثم انتقل الى جامعة مينيسوتا ليدرس مقدمة في علم النفس‪ ،‬وعلم النفس التجريبي ‪ ،‬ولقد أصبح‬
‫العديد من طالبه من مشاهير علم النفس‪ .‬في عام ‪ ١٩٣٨‬نشر كتابه سلوك الكائنات الحية ‪The‬‬
‫‪Behavior of Organism‬وهو الكتاب الذي جعل منه من كبار علماء النفس ‪ ،‬ثم قام بنشر‬
‫رواية والدن تو ‪ Walden Two‬وهي رواية تتحدث عن عالم تحكمه مبادئ السلوكية ثم قدم لنا‬
‫كتابه العلم والسلوك وسكولوجية التدريس‪ ،‬وجداول التعزيز‪ ،‬وما بعد الحرية والكرامة‪ ،‬وأخيرا ً‬
‫ألف كتابا ً يتحدث عن حياته‪ .‬لقد كان سكنر عالما ً متميزا ً ‪ ،‬أثار من حوله الكثير من الجدل‬
‫وخصوصا ً مع علماء النفس وخصوصا ً الذين ينتمون الى مدارس مختلفة ومتنوعة ‪ ،‬إال أن‬
‫منهجية سكنر في التجريب العلمي والبحث سببت له الكثير من المعارضة من علماء النفس‬
‫اآلخرين ‪ ،‬وقد قام بتصميم صندوق للتجريب سمي باسمه صندوص سكنر ‪ ،‬وقد أصبحت‬
‫نظريته في علم النفس السلوكي محط إعجاب وتقدير علماء النفس‪ ،‬ولقد كان سكنر مؤلفا ً متميزا ً‬
‫حيث نشر ‪ ٢١‬كتابا ً و ‪ ١٨۰‬مقالة علمية‪ .‬وتوفي سكنر عام ‪.١٩٩۰‬‬
‫المبادئ األساسية للنظرية السلوكية‬
‫•يقول كوبر وآخرون (‪ )١٩٨٧‬وكذلك مايكل (‪ )١٩٨٦‬بأن علم السلوك قد بدأ بشكل رسمي مع‬
‫صدور كتاب سكنر سلوك العضوية عام ‪ ١٩٣٨‬والذي يوضح أعمال سكنر في مختبر علم‬
‫النفس حين قسم سكنر السلوك الى نوعين‪ :‬استجابي تستجره المثيرات غير الشرطية‪ ،‬وإجرائي‬
‫يتأثر بالمثيرات التي تتبعه‪ ،‬ولقد أطلق سكنر على هذا العلم بالتحليل التجريبي للسلوك‪ ،‬حيث‬
‫حدد الخطوط العريضة للبحث في هذا العلم‪.‬‬
‫‪١٦٨‬‬
‫• انطلق سكنر من مسلمات ثالث‪ :‬األولى والتي اتفق بها سكنر مع واطسون حول وجود قانون‬
‫الحتمية‪ ،‬أي أن هناك قانون يحكم السلوك اإلنساني سواء االستجابي منه او االجرائي ‪ ،‬وبالنسبة‬
‫لإلجرائي فالسلوك محكوم بنتائجه‪ .‬فإذا كانت نتائجه إيجابية تزداد احتمالية تكراره في المستقبل‬
‫‪ ،‬وفي المواقف المشابهة أما اذا كانت نتائجه سلبية فتقل احتمالية تكراره في المستقبل وفي‬
‫المواقف المشابهة ‪ ،‬والمسلمة الثانية هي إيمان سكنر بأن السلوك اإلنساني يمكن التنبؤ به‪ ،‬أما‬
‫المسلمة الثالثة وهي الضبط والتحكم فإنه من الممكن تهيئة الظروف المناسبة إما الى زيادة‬
‫تكرار السلوك او الى انهائه ‪ ،‬وقد تعدّى اهتمامه بالماضي ليركز على حاضر ومستقبل الكائن‬
‫الحي‪.‬‬
‫• إذن نستطيع فهم االنسان والتنبؤ بسلوكه وتحديد منهج حياته بناء على المثيرات المتعددة‬
‫وطريقة استجابته لها ‪ ،‬ولهذا اهتم سكنر للتحليل الوظيفي للسلوك ‪ ،‬حيث يدرس المثيرات‬
‫السابقة للسلوك والسلوك نفسه ‪ ،‬والنتائج التي تتبع ذلك السلوك سواء كانت نتائجه ثوابية أو‬
‫عقابية‪.‬‬
‫• أما فيما يحخص الشخصية فإن سكنر لم يعط باال كبيرا ً لهذا المفهوم ‪ ،‬ذلك أن إيمانه الكبير‬
‫بتغير السلوك وإمكانيه تعديله وضبطه يجعل من الشخصية أمرا ً غير ثابت‪ ،‬ولذلك فإن لكل‬
‫واحد طريقته الخاصة في االستجابة للمثيرات الواحدة ‪ ،‬وهكذا فالتشابه بين الناس أمر غير دقيق‬
‫أي ال يوجد عناصر مشتركة بينهم (‪.)Skinner, 1953‬‬
‫• األمر الوحيد المشترك بين الناس ‪ ،‬وهو ضرورة االستجابة للمثيرات التي يتعرض لها الكائن‬
‫الحي‪ ،‬ولكن الكثير من خصائص المثيرات هي التي تحدد الشكل الذي تكون عليه االستجابة‬
‫وهذا يختلف عند الشخص نفسه‪.‬‬
‫‪١٦٩‬‬
‫• ولقد ساعد عمل سكنر في مختبر علم النفس في وضع قوانين التعلم والسلوك‪ ،‬وجعله يركز‬
‫على السلوك المالحظ القابل للقياس ورفض تلك المفاهيم واالفتراضات التي تصف السلوك‬
‫اإلنساني بأوصاف تحتاج هي األخرى الى تفسير‪ .‬فالمثيرات الخارجية هي التي تحدد احتمالية‬
‫تكرار السلوك من عدمه ‪ ،‬وقد ركز سكنر بشكل كبير على أهمية التعزيز في تشكل سلوك‬
‫التفاعل االجتماعي ودور السلوك اللفظي في زيادة وتحسين العالقات االجتماعية‪.‬‬
‫• وكما أشرنا سابقا ً بأن سكنر رفض تلك المسميات التي تحتاج الى تفسير كمفهوم اإلرادة‬
‫واإلرادة الحرة ألنها مفاهيم عير واقعية ال تخضع للمالحظة والقياس ‪ ،‬وكأن سكنر يقول بأننا ال‬
‫نملك سوى االستجابة للمثيرات البيئة ألنها أقوى ‪ ،‬فالبرد الشديد يفرض علينا أن نرتدي مالبس‬
‫ثقيلة مهما كان نوع اإلرادة التي نتحلى بها‪.‬‬
‫•لذلك فقد رفض سكنر مفهوم العقل ‪ ،‬النه ال يقدم أي إضافة في تفسير السلوك ‪ ،‬فالمفوم نفسه‬
‫بحاجة الى تفسير ‪ ،‬وربما يقصد الفرد بالعقل المعرفة‪ ،‬لذلك فالمعرفة هي السلوك الذي يظهر‬
‫عند حدوث مثير معين‪ ،‬وكذلك األمر نفسه ينطبق على مفهوم الذات‪ ،‬ألن كل هذه االمفاهيم‬
‫استخدمت من أجل تفسير سلوك ال يمكن تفسيره بشكل مالحظ بسبب عجز الكثيرين عن ذلك ‪،‬‬
‫لهذا نجد سكنر ينكر هذه المفاهيم‪.‬‬
‫•إن الفرد وخالل مسيرة حياته يتعلم من عملية االشراط الكثير من السلوكات التي تساعده على‬
‫التكيف ويتعلم طريقة االستجابة التي تناسب كل موقف بالنسبة له ‪ ،‬ولهذا نجد أن الطريق في‬
‫االستجابة تتعدل وتتغير؛ أي أنها ال تتسم بالثبات فمن الصعب أن نقول إن هذا الشخص تتميز‬
‫شخصيته بكذا وكذا ‪ ،‬ولكننا نرى كيف يتصرفون تبأ بسلوكه حسب المواقف التي اعتاد أن‬
‫يتصرف بها ونتفاجأ ويتغيرها وتعديلها بسبب الخبرة التي يمر بها اإلنسان‪.‬‬
‫‪١٧۰‬‬
‫• لقد قدم سكنرمفهوم تعديل السلوك والذي أصبح مدار حديث الكثيرين من العاملين في مجال‬
‫العالج النفسي ‪ ،‬وبات يستخدم بشكل كبير للتخلص من السلوك ىاالضطرابات النفسية ‪ ،‬وقد‬
‫أظهرت الدراسات بأن العالج السلوكي قد القى نجاحا ً كبيرا ً في ذلك ‪ ،‬وخصوصا ً مع فئة‬
‫األطفال والمعوقين ‪ ،‬وكذلك الكثير من االضطرابات النفسية التي يعاني منها الكبار كالمخاوف‬
‫المرضية‪.‬‬
‫التقييم‪:‬‬
‫تعتبر نظرية سكنر من النظريات التي قدمت الى العلم الكثير من حيث المنهجية‬
‫‪-1‬‬
‫والمعرفة التي تتعلق بفم سلوك الكائن الحي وإمكانية تعديله‪.‬‬
‫تميزت نظرية سكنر بالبساطة لرفضها استخدام الكثير من المفاهيم المعقدة التي‬
‫‪-2‬‬
‫ال يمكنها تفسير الظاهرة السلوكية من خاللها‪ ،‬وألنها ال تعتمد على المالحظة والقياس‪.‬‬
‫قدم لنا مبادئ التعليم تحديدا ً ووضع جداول التعزيز وقدم لعلم النفس التجريبي‬
‫‪-3‬‬
‫الكثير من التطبيقات وخصوصا ً فيما يتعلق بصندوق سكنر‪.‬‬
‫استخدمت نظرية سكنر في مجال التربية وعلم النفس الصناعي والجيش‪.‬‬
‫‪-4‬‬
‫اعترضت الكثير من مدارس علم النفس على تبسيط النظرية بهذا الشكل وإنكار‬
‫‪-5‬‬
‫سكنر لدور العمليات المعرفية في تحديد االستجابة للمثيرات المختلفة‪.‬‬
‫القت النظرية السلوكية نجاحا ً كبيرا ً في مجال العالج النفسي‪.‬‬
‫‪-6‬‬
‫ومن أهم ما يميز نظرية سكنر قابليتها للتطبيق واالختبار والبحث‪.‬‬
‫‪-7‬‬
‫كما أثار سكنر علماء النفس اإلنساني عندما أنكر مسألة اإلرادة الحرة‪ ،‬فاالنسان‬
‫‪-8‬‬
‫له الحرية بأن يختار ما يريد ومتى يكون ذلك حسب رأيهم‪.‬‬
‫‪.١٧٢+١٧١‬‬
‫الفصل الثامن‬
‫نظرية التعلم االجتماعي‬
‫‪ -‬ألبرت باندورا‪.‬‬
‫‪١٧٣‬‬
‫ولد ألبرت باندورا عام ‪ ١٩٢٥‬في البرتا – كندا ‪ ،‬لم يكن والداه متعلمين‪ ،‬ولكنها اهتما بالتعليم‬
‫وقد شجعا باندورا على التعلم الذي كان يعتمد على الجهد الذاتي لنادورا الن القرية التي نشأ‬
‫فيها كانت تفتقر للمقومات الالزمة للتعليم‪ ،‬وقد كان باندورا مشاغبا ً في مراهقته ‪ ،‬درس في‬
‫جامعة كولومبيا وحصل على درجة الدكتوراه من جامعة أيوا عام ‪ ١٩٥٢‬في علم النفس‬
‫اإلكلينيكي عمل في االرشاد النفسي في مركز بوالية كنساس ثم التحث بجامعة ستانفورد وبقي‬
‫هناك ‪ ،‬وأصبح أصبح أستاذا ً في علم النفس هناك عام ‪ .١٩٦٤‬وفي عام ‪ ١٩٧٣‬أصبح رئيسا ً‬
‫للجمعية األمريكية لعلم النفس ‪ ،‬وفي عام ‪ ١٩٨۰‬حاز على جائزة األعمال العلمية المتميزة من‬
‫الجمعية األمريكية لعلم النفس‬
‫‪١٧٥‬‬
‫حيث وصف بأنه نموذج متميز للباحث والمدرس ‪ ،‬فقد برزت أبحاثه التي قام بها بشكل كبير في‬
‫مجاالت متعددة كالتعلم واكتساب الخوف والضبط الذاتي والعالج النفسي‪ .‬كما أنه عرف بابتكار‬
‫نظرية التعلم االجتماعي وفاعلية الذات وهو صاحب تجربة دمية بوبو عام ‪ .١٩٦١‬وقد استمر‬
‫حصوله على جوائز التميز المختلفة وصل عددها الى أربع عشرة جائزة ‪ ،‬وفي عام ‪٢۰۰٣‬‬
‫حصل على جائزة رفيعة من الجمعية األمريكية لعلم النفس‪ .‬وهو عالم نفسي متميز قدم الكثير‬
‫من األعمال والمساهمات في علم النفس وخصوصا ً في علم النفس االجتماعي وعلم نفس‬
‫الشخصية‪ .‬وقد صنف باندورا كرابع أكثر عالم نفس يتم االستشهاد به على مر الزمان بعد‬
‫سكنر‪ ،‬كما وصف بأنه أعظم عالم نفس على قيد الحياة‪.)Allin,2003( .‬‬
‫المبادئ األساسية للنظرية‪.‬‬
‫•لقد انطلق باندورا من عدة مفاهيم أساسية هي ‪:‬‬
‫أن التفاعل اإليجابي والمعايير االجتماعية والظروف االجتماعية تؤثر بشكل‬
‫‪-1‬‬
‫كبير في حدوث التعلم‪ ،‬حيث رأى أن األنماط السلوكية واالجتماعية يتم تعلمها من خالل‬
‫المحاكاة والتعلم بالمالحظة‪ ،‬وقد رأى باندورا أن عمليتي التمثيل الخيالية واللفظية‬
‫ضروريتان كي يتم التعلم بالمالحظة ‪ ،‬حيث أن االنسان كائن اجتماعي يتأثر بسلوك‬
‫المحيطين به وانفعاالتهم ويتأثر بما تكون عليه نتائج سلوكهن بشكل بدلي‪.‬‬
‫(‪.)reciprocal‬‬
‫أن السلوك اإلنساني ومحدداته الشخصية والبيئية تشكل نظاما ً من التأثيرات‬
‫‪-2‬‬
‫المتبادلة والمتفاعلة‪.‬‬
‫‪١٧٦‬‬
‫يرى باندورا أن معظم أنواع السلوك اإلنساني ليست محكومة بالتعزيز الفوري‬
‫‪-3‬‬
‫الخارجي كما أكد سكنر والسلوكين على ذلك‪ ،‬بل أن خبراتهم السابقة واألثر القيمي التي‬
‫تتركه سلوكات اآلخرين على قناعاتهم بالقيام بالسلوك وتوقعاتهم بما سيكتسبون من وراء‬
‫تقليد ذلك السلوك‪.‬‬
‫ركز باندورا على موضوع ضبط الذات ‪ ،‬وهي صفة ينفرد بها االنسان وذلك عن‬
‫‪-4‬‬
‫طريق ترتيب المتغيرات البيئية الموقفية بشكل منظم حسب قناعاته واحتياجه لذلك‪.‬‬
‫•ومن خالل التعلم بالمالحظة (تقليد النموذج) فإن الفرد يتعلّم ثاللث أمور هي‪:‬‬
‫سلوكات جديدة‪ :‬إن ما يسمعه الفرد ويشاهده من أحداث ومواقف وأفالم وروايات‬
‫‪-1‬‬
‫تلعب دور النوذج بالنسبة للفرد‪ ،‬فيكتسب مهارات وسلوكيات تمكنه من أدائها مستقبالً‬
‫عندما يحين الوقت‪.‬‬
‫الكف والتوقف‪ :‬إن معرفة ما يتعرض له النموذج من نتائج تساعد الفرد على‬
‫‪-2‬‬
‫التمييز بين السلوك الذي تكون نتائجه عقابية فكيف الفرد يتوقف عن التقليد والقيام به‬
‫وأما تلك التي تكون نتائجه معززة فيعمد إلى تكراره‪.‬‬
‫التسهيل ‪ :‬إن مالحظة الفرد لسلوك النوذج يسهل تعلم وتعميم ذلك الى خبرات‬
‫‪-3‬‬
‫جديدة‪.‬‬
‫• لقد كان باندورا عالما ً سلوكيا ً لكنه لم يقتنع تماما ً بدور التعزيز في تعلم وتكرار السلوك ‪،‬‬
‫وتأثير العوامل الخارجية كما يقول السلوكيون بل نظر إلى أهمية العوامل الداخلية والخارجية‬
‫صت عليه المدرسة السلوكية من ان العوامل الخارجية في التي تحدد السلوك‪،‬‬
‫معا ً رافضا ً ما ن ّ‬
‫‪١٧٧‬‬
‫بل ان العمليات المعرفية من تفكير وتخيل وإدراك وتذكر تساعد الفرد على تعلم ما يراه مناسبا ً ‪،‬‬
‫وأن يختار القرار المناسب حيال ما يشاهد او يسمع ‪ ،‬إذن العمليات المعرفية باإلضافة الى‬
‫العوامل الخارجية تلعب دورا مجتمعا ً في تعلم السلوك ومن ثم أدائه‪ ،‬فاالنسان تتشكل معرفته‬
‫من خالل التعلم الذي يعتمد على العوامل الداخلية وكذلك الخارجية ‪ ،‬كما أنه ليس من‬
‫الضروري للفرد أن يمر بالتجربة حتى يتعلم من نتائجها بل من خالل مالحظة اآلخرين الذين‬
‫يمرون بتجربة معينة فيتعلم من نتائج تلك الخبرات التي يمرون بها عند مشاهدته لهم‪ .‬وقد ركز‬
‫باندورا على أهمية التأثر بنموذج معين في حياة االنسان ‪ ،‬فلكل منا نموذج يحتذى به ‪ ،‬هذا‬
‫النموذج يتميز بالجاذبية والشهرة والتألُّق والمكانة االجتماعية ‪ ،‬فنميل الى تقليد سلوكه وطريقة‬
‫حياته‪ ،‬لذلك عرفت نظريته بالنظرية المعرفية االجتماعية‪.‬‬
‫• ويمر االتعلم بالتموذج بأربعة مراحل هي‪:‬‬
‫مرحلة االنتباه ‪ :‬تتركز في انتباه الفرد للنموذج ووجود الرغبة واالهتمام لديه‪،‬‬
‫‪-1‬‬
‫فيعمل على تركيز المالحظة لما يقوم به النموذج‪.‬‬
‫مرحلة االحتفاظ‪ :‬وهي عملية االحتفاظ واالكتساب لما تعلمه والحظه من النموذج‬
‫‪-2‬‬
‫فيعمل على حفظ ما الحظه واكتسبه من خبرات ؛ حيث سيقوم الحقا ً باسترجاع هذه‬
‫المعلومات او السلوكات التي قام بها النموذج ومن ثم ينتقل الى المرحلة الثالثة‪.‬‬
‫‪١٧٨‬‬
‫مرحلة األداء أو اإلنتاج ‪ :‬حيث يترجم ما تعلّم الى أداء فيقوم بأداء ما تعلمه سابقا ً‬
‫‪-3‬‬
‫والذي قام بتخزينه‪.‬‬
‫مرحلة الدافعية‪ :‬تعتمد الدافعية على نتائج السلوك فإذا كانت النتائج إيجابية فإن‬
‫‪-4‬‬
‫ذلك سيزيد من احتمالية زيادة السلوك ‪ ،‬في حين أن النتائج المؤلمة تقلل من دافعية الفرد‬
‫لتكرار السلوك‪.‬‬
‫•إذن التعلم بالنسبة لباندورا يتم من خالل المالحظة ‪ ،‬وليس فقط من تأثير التعزيز في التعليم‪،‬‬
‫ولكنه لم ينكر أثر التعزيز في السلوك‪ ،‬لذلك تؤكد نظرية باندورا على أهمية التفاعل الحتمي‬
‫المتبادل المستمر للسلوك والمعرفة والتأثيرات البيئية في اكتساب الخبرة‪ ،‬وبناء عليه فإن معظم‬
‫السلوك اإلنساني متعلم من خالل المالحظة إما بشكل مقصود او من خالل الصدفة‪.‬‬
‫• وال بد من اإلشارة هنا الى هناك عوامل ثالثة تؤثر في عملية تقليد النموذج هي‪:‬‬
‫خصائص النموذج‪ :‬حيث يجب أن يكون النموذج يمثل نفس المرحلة العمرية‬
‫‪-1‬‬
‫والمركز االجتماعي والكفاءة والمكانة مما سيدفع االفراد الى االيمان به وتقليده‪.‬‬
‫صفات الشخص المالحظ‪ :‬وهو الشخص الذي سيقوم بتقليد النموذج‪ ،‬هذا‬
‫‪-2‬‬
‫الشخص يجب ان يتمتع بالرغبة واالستعداد والقدرة الجسدية على تقليد النموذج وكذلك‬
‫العمر الزمني واالستعداد العقلي وإدراكه ألهمية النموذج‪.‬‬
‫نتائج السلوك‪ :‬تتأثر دافعية الفرد في تكرار السلوك بناء على ما ستكون عليه‬
‫‪-3‬‬
‫نتائج سلوك النموذج ‪ ،‬ففي حين تؤدي النتائج العقابية الى كف الفرد عن تقليد النموذج‪،‬‬
‫تعمل النتائج اإليجابية على سعي الفرد الجاد لتقليد النموذج‪.‬‬
‫‪١٧٩‬‬
‫•الكفاءة الذاتية ‪ :‬يرى باندورا أن كل فرد يدرك تماما ً ما لديه من إمكانات تساعده على‬
‫تحقيق ما يصبو اليه فيطور مهاراته وقدراته‪ .‬وكلما كانت الكفاءة الذاتية ذات مستوى‬
‫عا ٍل فإن ذلك يؤدي إلى زيادة ثقة الفرد في قدراته على أداء السلوكات التي تساعده في‬
‫ضبط البيئة وتحقيق الهدف ‪ ،‬وقد ر ّكز باندورا على مفهوم اإلرادة الحرة وهو األمر‬
‫الذي يساعد الناس على زيادة دافعيتهم المثمرة وزيادة أدائهم الفعال‪ ،‬ويرى أن اإلرادة‬
‫الحرة تعمل على مساعدة الفرد في التحكم ببيئته ‪ ،‬بعكس ما قاله سكنر من أن من أن‬
‫مفهوم اإلرادة الحرة غير صحيح‪ ،‬ألننا نستجيب للبيئة دون وجود لحرية الخيار‪.‬‬
‫•إذن فالشخصية هي ما يتعلمه االنسان وما يكتسبه من خالل مالحظته لما يتوقع أنه مفيد‬
‫بالنسبة له ‪ ،‬فاالنسان في المحصلة كائن اجتماعي يحتك بمن حوله ويتعلم منهم ‪ ،‬فهو‬
‫كائن اجتماعي يتعلم ما يريد ويقوم بأدائه عندما يحتاج لذلك ‪ ،‬وعملية التقليد تسهل له‬
‫تعلم أشياء جديدة وتعميم أفكار جديدة‪ ،‬وغالبا ما يؤدي ذلك الى تدريب الفرد على عملية‬
‫الضبط االجتماعي ‪ ،‬فيعمل االنسان على ترتيب أولوياته وما يحتاج اليه من أفكار او‬
‫أنماط سلوكية متنوعة‪.‬‬
‫‪١٨۰‬‬
‫التقييم ‪:‬‬
‫‪ -1‬لقد اهتم باندورا بدور عملية التقليد ومالحظة النموذج في تعلم ما يتوقع أنه مفيد‬
‫له‪.‬‬
‫‪ -2‬لم يهمل العوامل الداخليه باإلضافة الى العوامل الخارجية في تأثيرها في عملية‬
‫التعلم ‪ ،‬بعكس السلوكيين الذين رأوا أن العمليات الداخلية ‪ ،‬إنما تساهم في صعوبة‬
‫تفسير عملية التعلم‪.‬‬
‫‪ -3‬ركز على عملية التعزيز البديل؛ حيث إن رؤية النموذج المقلد يتعزز مما يؤدي‬
‫الى اكتساب الخبرة وليس بالضرورة ان نمر بالتجربة ذاتها حتى نتعلم‪.‬‬
‫‪ -4‬أن نتائج مالحظة النموذج تساهم في عملية زيادة الدافعية لدى الفرد‪.‬‬
‫‪ -5‬كما أنه قدم لنا مفهوم الكفائة الذاتية التي تركز على مدى قناعة الفرد بإمكاناته‬
‫وقدراته على أداء السلوكات المختلفة ‪ ،‬مما كان لهذه الفكرة سبيل الى الكثير من‬
‫البحوث والمناقشات حول فاعلية هذا المفهوم‪.‬‬
‫‪١٨١‬‬
‫الفصل التاسع‬
‫النظريات اإلنسانية الظاهراتية‬
‫‪ -1‬كارل روجرز‬
‫‪ -2‬أبراهام ماسلو‬
‫‪.١٨٣‬‬
‫كارل روجرز‬
‫‪١٩٨٧-١٩۰٢‬‬
‫ولد كارل روجرز عام ‪ ١٩۰٢‬بوالية ألينوي من أسرة مكونة من ستة أخوة ترتيبه الرابع بينهم‪،‬‬
‫وقد اتصف بأنه حساس وساخر في نفس الوقت‪ ،‬وقد امتاز بقابليته للتعامل مع اآلخرين بيسر‬
‫وسهولة على الرغم من حبه للوحدة‪ .‬كانت أسرته متدينة ‪ ،‬لذلك فقد كان محبا ً لقراءة القصص‬
‫الدينية ‪ ،‬والكتب العلمية ‪ ،‬تخصص في دراسته الجامعية في الزراعة والتاريخ ولم يلبث ان‬
‫توقف عن هذا التخصص ‪ ،‬ثم حاول دراسة الدين والالهوت‪ ،‬ولم يلبث أن توقف عن ذلك أيضا ً‬
‫ليلتحق بجامعة كولومبيا لدراسة علم نفس الطفل‪.‬‬
‫وحصل على درجة الدكتوراه علم ‪ ١٩٢٨‬بعدها عمل في مركز توجيه األطفال‪ .‬ولقد تأثر‬
‫روجرز بأدلر واستفاد من منهجه كثيراً‪ ،‬كما تأثر بالعالم أتورانك الذي انشق عن فرويد من‬
‫خالل قناعاته بأهمية تقبل العميل وعالقة الطفل بوالدته‪.‬‬
‫‪١٨٥‬‬
‫وبعد ذلك بدأ عمله في تطوير نظريته التي تتركز حول العميل‪ .‬تولى روجرز العالج والتدريس‬
‫واإلدارة في جامعة أوهايو وشيكاغو وغيرها‪ .‬وقد تولى رئاسة الجمعية االمريكية لعلم النفس‬
‫عام ‪ .١٩٤٧‬وحصل على العديد من الجوائز منها جائزة المشاركة العلمية وجائزة المساهمة‬
‫المحترفة المتميزة وقد كان العالم األول الذي يحصل على هاتين الجائزتين معاً‪ .‬أسس مركز‬
‫الدراسة الشخصية في كالفورنيا‪ ،‬وقد مات عام ‪.١٩٨٧‬‬
‫المبادئ األساسية للنظرية‬
‫نظرية الذات‪.‬‬
‫يكون‬
‫• تقوم نظرية روجرز على االيمان بأهمية الفرد مهما كانت المشكالت التي يواجهها فهو ّ‬
‫مصيره بنفسه وقد استند روجرز في نظريته على مفاهيم أساسية هي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬االنسان‬
‫إن االنسان كل منظم يتصرف في مجاله الظاهري من أجل أن يحقق ذاته‪.‬‬
‫‪-1‬‬
‫إن اإلنسان خير في طبعه وال حاجة للسيطرة عليه‪.‬‬
‫‪-2‬‬
‫ثانياً‪ :‬الذات‪ :‬وقد عرفها زهران ‪ ١٩٨۰‬على انها تكوين معرفي منظم ومتعلم للمدركات‬
‫الشعورية والتصورات والتقيمات الخاصة بالفرد‪ ،‬يقوم ببلورته ويعتبره تعريفا ً نفسيا ً لذاته‪ .‬إذن‬
‫يكونه الفرد عن نفسه من تصورات وأفكار أي أنها فكرة الفرد عن نفسه‪ .‬فقد يرى‬
‫هي ما ّ‬
‫االنسان نفسه قويا ً او ضعيفا ً او مكافحا ً او كريما ً او عصبيا ً وغيره‪ .‬ولذلك قسم الذات الى ثالثة‬
‫أنواع هي ‪:‬‬
‫‪١٨٦‬‬
‫الذات الحقيقية ‪ :‬وهي الصورة الواقعية الحقيقة عن الفرد كما هي في الواقع دون‬
‫‪-1‬‬
‫تغيير‪.‬‬
‫الذات المدركة‪ :‬وهي الصورة التي يرى فيها الفرد نفسه التي تتطور وتنمو من‬
‫‪-2‬‬
‫خالل تعامل الفرد مع االخرين‪ ،‬فالشخص الذي يجد نفسه كريما كما يصفه اآلخرون فإنه‬
‫سيجد نفسه كريما‪.‬‬
‫الذات االجتماعية‪ :‬وهي الصورة التي يراه بها اآلخرين‪ ،‬أي كما يتوقعون منه‬
‫‪-3‬‬
‫التصرف في موقف ما‪ .‬فالفرد يتصرف هنا بطريقة يتوقعها االخرون أي تلك التي تنال‬
‫استحسانهم‪.‬‬
‫الذات المثالية ‪ :‬وهي تلك التي تمثل طموحات الفرد وما يرغب في الوصول اليه‪.‬‬
‫‪-4‬‬
‫والذات في حالة نمو وتغير مستمر بسبب تفاعل الفرد في مجاله الظاهري‪ ،‬ولذلك وضع مبادئ‬
‫مهمة لنظرية التمركز حول العميل هي‪:‬‬
‫‪ -1‬أن الفرد يعيش في عالم متغير من الخبرات يكونها حسب تلك الخبرات المتنوعة وتكون‬
‫بمثابة المرشد له في القيام بالتصرفات التي تتناسب مع ذاته‪.‬‬
‫‪ -2‬هذه الخبرات هي الحقائق التي تتناسب مع ذاته المدركة‪.‬‬
‫‪ -3‬تنمو الذات بسبب تفاعل الفرد مع بيئته وتعامله مع المحيطين به وميله لتحقيق ذاته‪.‬‬
‫‪ -4‬يتم حفظ هذه الخبرات وترميزها مع ما يتناسب وذاته أو تجاهلها إذا اختلفت معه‪.‬‬
‫‪ -5‬إن لم تواجه الذات تهديدا من هذه الخبرات فمن الممكن ان تبقى أي ان مشاعره تؤثر‬
‫فيه‪.‬‬
‫‪ -6‬إن تشويه الخبرات وانكارها يؤدي الى عدم التكيف‪.‬‬
‫‪ -7‬كلما اقتنع الفرد بضرورة بناء الذات ازداد فهمه لذاته‬
‫‪١٨٧‬‬
‫بناء الشخصية‪:‬‬
‫بالنسبة لروجرز فإنه يرى أن الشخصية بناء على ما سبق ذكره تتكون من اآلتي‪:‬‬
‫اإلنسان بكافة مكوناته النفسية والجسمية والعقلية‪.‬‬
‫‪-1‬‬
‫المجال الظاهري وتشمل كافة الخبرات التي مرة بها الفرد وحسب هذا المجال‬
‫‪-2‬‬
‫يتحدد سلوك الفرد‬
‫الذات وهي جميع التصورات والمفاهيم التي يكونوها الفرد عن نفسه من خالل‬
‫‪-3‬‬
‫تفاعله مع البيئة وهي أساس بناء الشخصية‬
‫•نمو الشخصية‪:‬‬
‫ولكي الشخصية فإنه البد له من تفاعل تبادل مع البيئة التي يوجد بها أي مجاله الظاهري في‬
‫العوامل البيولوجية ليست هي األساس تلك المؤثرات البيئية وهي التي تشكل عالم الخبرة‬
‫والواقع للفرد وهنا نجد أنه أقوى دافع للفرد هو ميله لتحقيق الذات الذي يجعله يستغل طاقاته‬
‫وقدراته با اقصى ما يستطيع ففي بداية حياة الفرد تتركز المجاالت على إشباع حاجاته العضوية‬
‫مثل اشباع الحاجات األساسية كالطعام والشراب والنوم واالبتعاد عن األلم ومن ثم تتطور في ما‬
‫بعد جنبا إلى جنب مع نمو بالذات لتتركز في حاجتين أساسيتين هما الحاجة إلى تقدير اآلخرين‬
‫ايجابا والثاني الحاجة إلى تقدير الذات‪.‬‬
‫‪١٨٨‬‬
‫الحاجة إلى االعتبار اإليجابي من قبل األخرين‪ :‬يشترك جميع البشر‬
‫‪-1‬‬
‫بصفة مشتركة وهي حاجتهم إلى القبول من اآلخرين من حيث الحب‬
‫واالحترام والتقدير وخصوصا من األشخاص الذين يثون لنا شينا‬
‫كالوالدين والمدرسين والمسؤولين‪ .‬إن هذا االعتبار اإليجابي ليس سهل‬
‫المنال بل يحتاج من الفرد القيام بتحقيق مطالب اآلخرين‪ .‬وعندما يسلك‬
‫الفرد السلوك اإليجابي المقبول في تحقيق طلبات األخرين فإنه يحظى‬
‫باحترامهم وتقديرهم أي دافع االستحسان والقبول اإلجتماعي‬
‫الحاجة إلى االعتبار الذاتي‪ :‬إن النجاح والتقدم والحصول على التقدير اإليجابي‬
‫‪-2‬‬
‫من قبل اآلخرين يدفع الفرد للبدء في تكوين وتنمية اعتبار إيجابي للذات بحيث ينظر‬
‫الفرد لذاته بشكل إيجابي‪ ،‬أسامه الرضا والتقدير‬
‫االضطراب النفسي‪:‬‬
‫إذا أخفق الفرد في تحقيق مطالب المجتمع بشكل إيجابي بسبب‬
‫الصراع الذي يتطور بين رغباته ومطالبه و مطالب المجتمع فإن هذا يؤدي‬
‫إلى االضطراب النفسي‪ ،‬لذلك فاالضطراب النفسي ينشأ بسبب سوء التوافق‬
‫وعدم وجود تطابق بين مفهوم الذات والخبرة مما يعيق تحقيق الذات لدى‬
‫الفرد‪ ،‬فقد تتطابق الخبرة مع مفهوم اآلخرين ولكنها ال تتطابق مع مفاهيم‬
‫الفرد نفسه مما يجعله يعترض على مفاهيمهم ومطالبهم مما يسبب له التوتر‬
‫والشعور باالغتراب وتسبب له المعاناة وتفشل حيله الدفاعية في التكيف مع‬
‫تلك المواقف مما تدفعه إلى عدم االلتزام بها فيتطور لديه صراعا و إحباطا‪.‬‬
‫و هكذا نرى أن روجرز انطلق من إيمانه العميق بعلم النفس اإلنساني‬
‫الذي يعتمد أصال على احترام اإلنسان وقيمه وقيمته الشخصية‬
‫‪١٨٩‬‬
‫وخبراته وحريته وإبداعاته واهتماماته حيث پري روجرز أن طبيعة‬
‫اإلنسان خيرة وليست سلبية فاإلنسان يتمتع باإلرادة الحرة فهو يختار‬
‫ما يناسبة‪ ،‬فالشخصية ال تخضع لمبدأ الحتمية‪ ،‬أو بوجود جوانب‬
‫معينة تحكم ملوكه‪ ،‬فاإلنسان قادر على حل مشكالته حسب اعتقاده‬
‫هذه الطبيعة اإليجابية تتأثر بالطفولة التي تشكل الشخصية بشكل كبير‬
‫و مهم تماما كما تؤثر مراحل النمو الالحقة في تطور الشخصية‪ ،‬حتى‬
‫يصل اإلنسان إلى مرحلة تحقيق الذات‪.‬‬
‫• ربما رفض روجرز أهمية السنوات الخمس األولى التي تحدث عنها‬
‫فرويد في تشكيل الشخصية بسبب إيمانه القوي بطبيعة اإلنسان‬
‫التفاؤلية وعدم ميله للصراع مع اآلخرين‪ ،‬فاإلنسان ليس محكومة‬
‫بغرائز ودوافع عدوانية‪ ،‬فقد رفض أن تكون ميكانزمات الدفاع األولية‬
‫مثل النكوص والتبرير وغيره من الحيل الدفاعية أن تكون قاعدة‬
‫أساسية في سلوك اإلنسان‪ ،‬لذلك فكل ما يختار اإلنسان لتحقيق ذاته‬
‫من الممكن أن يكون مناسبة لآلخرين‪ .‬لذلك فقد اعتقد أن الدافع‬
‫األساسي لما يقوم به الناس هو رغبتهم في تحقيق ذواتهم وأن‬
‫المشكالت النفسية يسببها عدم التالؤم بين الذات والذات المثالية‬
‫والذات المدركة‪ ،‬ويمكن تالفي ذلك من خالل تقليل المشاعر اإلنسانية‬
‫بشكل غير مشروط‬
‫• لقد تبنى روجرز االتجاه العضوي الذي يرى أن الكائن الحي‬
‫"اإلنسان" كائن كلي ال يمكن فصله أو تجزئة جوانبه النفسية‬
‫والروحية والجسمية إال بالطرق العلمية المصطنعة‪ ،‬لذلك أطلق على‬
‫نظريته نظرية التمركز حول العميل‬
‫‪١٩٠‬‬
‫• ولقد وضع روجرز عددا من المفاهيم األساسية مثل مفهوم التفعيل‬
‫العام والنوعي ‪ .Actualization‬وهذه الظاهرة موجودة لدى كافة‬
‫الكائنات الحية‪ ،‬والمقصود بذلك ميل الكائن الحي لتنمية طاقاته التي‬
‫تساهم في المحافظة على تطوره وزيادة المعرفة لديه‪ ،‬والتفعيل له عدة صفات هي‪:‬‬
‫عضوي‪ :‬أي أنه استعداد بيولوجي ينعكس على أداء الوظائف الكلية للكائن الحي‬
‫‪-1‬‬
‫عملية نشطة‪ :‬هي عملية تتطلب جهدا ومحاوالت التحقيق أهداف معينة‪.‬‬
‫‪-2‬‬
‫اتجاهي‪ :‬أي أنه ليس عشوائيا فاألمر يحتاج إلى التنظيم والتكاثرواالستقالل‪.‬‬
‫‪-3‬‬
‫انتقائي‪ :‬أي أنه ال ينطبق على كافة إمكانيات الفرد وقدراتها بل عملية تنتقي ما‬
‫‪-4‬‬
‫يحتاج إليه الفرد في تكيفه‬
‫التقييم‬
‫ركزت نظرية كارل روجرز على ضرورة التركيز على حرية الشخص‬
‫وضرورة احترام وتقدير الفرد‪.‬‬
‫‪ .2‬النظرة اإليجابية للفرد‪.‬‬
‫‪ .3‬تنتهج منهجا ديموقراطيا فيما يتعلق بحياة الفرد‪.‬‬
‫‪ .4‬أساليبها العالجية سهلة وممكن تطبيقها بسهولة‪.‬‬
‫‪ .5‬هي منهج وسيط بين التحليل النفسي والسلوكي‬
‫‪ .6‬تشير إلى أهمية معرفة توجهات اإلنسان وفكره وحياته قبل العمل معه ‪.‬‬
‫سلبياتها‪:‬‬
‫يهمل عملية التشخيص بخالف بقية المدارس النفسية األخرى‪.‬‬
‫‪-1‬‬
‫يهتم بما يمتلك االنسان من معرفة وخبرات ‪ ،‬فالفرد هو مصدر المعلومات‬
‫‪-2‬‬
‫وتعتمد على رؤية الفرد للوضع كما يراه وليس كما هو فعال‪ ،‬أي االعتماد على التقرير‬
‫الذاتي‪.‬‬
‫الكثير من المفاهيم التي قدمها بحاجة الى ترجمة وتفسير‪.‬‬
‫‪-3‬‬
‫‪١٩١‬‬
‫‪١٩٢‬‬
‫ولد العالم أبراهام ماسلو في مدينة نيويورك بأمريكا من والدين‬
‫يهوديين هاجرا من روسيا إلى أمريكا‪ .‬وقد كانت أمه متدينة جدا وقاسية معه‬
‫لم تتوقف عن تعنيفه ولعنه وكان والده غائبا وضعيف التأثير‪ ،‬مما كان لهذا‬
‫الوضع أثر كبير في حياته له سبعة أخوة‪ ،‬كان والديه يتمنيان أن يتعلموا‬
‫جميعا‪ ،‬وقد كان ماسلو الوحيد بينهم الذي تولع بقراءة الكتب‪ ،‬ضغط عليه‬
‫والداه واجراه على دراسة القانون واستمر في ذلك لمدة ثالثة فصول ثم ترك‬
‫كلية القانون وتوجه إلى جامعة وسكنسن ليدرس فيها علم النفس وحصل على‬
‫البكالوريوس في علم النفس عام ‪ 1931‬ثم الدكتوراه عام ‪ .1934‬ويعتبر من‬
‫مؤسسي معهد اپسالن في كاليفورنيا‪ .‬وقد كانت نظريته في الترتيب الهرمي‬
‫الحاجات اإلنسانية وخصوصا فيما يتعلق بتحقيق الذات أثرا كبير في علم‬
‫النفس‪ .‬كما طور ماسلو ما يعرف بالنظرية الشخصية التي أثرت في الكثير من‬
‫الميادين وخصوصا ميدان التعليم‪ .‬واعتبر من علماء النفس اإلنسانيين الذي‬
‫يؤمنون بقدرة الفرد على تشكيل حياته دون الرجوع إلى محركات ميكانيكية‬
‫‪١٩٣‬‬
‫أخرى‪ ،‬كما اقترضت بعض المدارس النفسية توفي ماسلو عام ‪ 1970‬بعد معاناة طويلة مع‬
‫المرض‪.‬‬
‫المبادئ األساسية للنظرية‬
‫•لقد كانت اهتمامات ماسلو واضحة في دوافع الشخصية فقد بين ان‬
‫الدوافع أو الحاجات اإلنسانية تسير وفق نظام تصاعدي من حيث‬
‫األولوية والتأثير‪ ،‬هذه الحاجات األساسية مشابهة للغريزة مخد‬
‫الحيوان‪ ،‬فاإلنسان تحرکه غرائزه بشكل بسيط وطبيعي ثم ينمو‬
‫ويتطور بد ذلك‪ .‬ثم يضيف أن البيئة المثالية تلعب دورا مهما في‬
‫تشكيل شخصية اإلنسان من حيث االستقامة واألخالق والصدق وبذاك‬
‫ينمو جسده بشكل مكتمل وبفضل هذه الصفات‪ ،‬فإن اإلنسان بطور‬
‫قدراته الكامنة أما إذا كانت البينة غير مناسبة فإن نمو الفرد‬
‫وشخصيته تجعل من تصرفها غير مناسب‪ ،‬وغير منضبط فمن‬
‫الضروري أن يتم إشباع الحاجات األساسية التي تعمل على بقاء‬
‫الكائن الحي‪ ،‬ومن ثم تبرز ضرورة إشباع الحاجات التي تتبع في‬
‫المدرج الهرمي‪ ،‬وهكذا حتى يصل الفرد إلى أعلى سلم الحاجات‬
‫الهرمي‪ ،‬ولن يستطيع الفرد االنتقال إلى الدرجة الالحقة ما لم يقم‬
‫بإشباع الدرجة التي سبقتها‪ ،‬أي التسلسل في إشباع الحاجات‬
‫‪ .‬إذن على الفرد أن يرتقي سلم الحاجات لكي يشبع كل دافع من هذه‬
‫الدوافع خالل صعوده إلى القمة التي تعمل على إيصال الفرد إلى‬
‫تحقيق الذات‪ ،‬ويتألف هرم الحاجات عند ماسلو من اآلتي‪:‬‬
‫‪١٩٤‬‬
‫هرم ماسلو‬
‫الحاجات اإلنسانية‬
‫الحاجات الفسيولوجية‪ physiological needs :‬وهي تلك الحاجات التي‬
‫‪-1‬‬
‫تعمل على بقاء الفرد واستمرار حياته‪ ،‬كالماء والغذاء واالكسجين والتزاوج‬
‫واالخراجوالنوم‪ .‬وان اإلخفاق في اشباع أي من هذه الحاجات يبقيها في حالة سيطرة‬
‫على شخصية االنسان حتى يقوم باشباعها وان لم يفعل فسوف تؤدي الى هالكه‪ .‬وقد‬
‫نادى ماسلو بأهمية اشباع هذه الحاجات بحيث تتحمل مسؤوليتها الدولة ام لم يتمكن من‬
‫ذلك الفرد‪.‬‬
‫‪١٩٥‬‬
‫‪ .٢‬حاجات األمن‪Safety Needs :‬وتشمل هذه الحاجة ضرورة المحافظ‬
‫على حالة االستقرار والشعور باألمن والطمأنينة واالبتعاد عن التهديد والخطر والتخلص‬
‫من الخوف والقلق كما تشمل وجود مصدر مؤمن من الرزق والعيش‪ .‬ويعمل الفرد على‬
‫بناء مسكن يأويه لتكون أسرته بامن وهدوء واستقرار‪ ،‬ويرى مالو أن لدى الناس مشكلة في‬
‫تجاوز هذه الحاجة وذلك لشعورهم الدائم والمستمر من عدم ثبات ذلك الوضع فالناس لديهم‬
‫شعور مبالغ فيه بهذا الخصوص‪.‬‬
‫‪ .٣‬في حاجات الحب واالنتماء‪ Love and belonging Needs:‬إن اشباع‬
‫الفرد لحاجاته األساسية يدفعه للبحث عن إشباع حاجاته العاطفية فيث‬
‫عن إقامة عالقات إنسانية وصداقات في بيئته االجتماعية‪ .‬وربما يعمل‬
‫الفرد في هذه المرحلة إلى االلتحاق بالنادي الرياضي أو الشلة أو‬
‫الجمعيات‪ .‬إن هذه الحاجة كما يرى ماسلو حاجة قهرية علية إشباعها وإن لم يفعل فسوف‬
‫تبقى قائمة طيلة حياته‪.‬‬
‫‪ .4‬حاجات التقدير واالحترام ‪: Esteem Needs‬على اإلنسان أن ينتهي من‬
‫إشباع حاجاته السابقة حتى ينتقل بنجاح نحو الحاجة الرابعة وهي التي‬
‫تكلل سعيه بالنجاح من خالل قناعته بأهمية نفسه وكذلك تقدير األخرين‬
‫له‪ .‬ويرى ماسلو أن هذه الحاجة لها جانبان‪ ،‬األول يتعلق باحترام الفرد‬
‫لنفسه أو اإلحساس الداخلي بالقيمة الذاتية‪ ،‬والجانب اآلخر متعلق بحاجة‬
‫الفرد إلى اكتساب االحترام والتقدير من اآلخرين وكذلك تطوير الوضع‬
‫االجتماعي الذي يحظى بالتقدير‪ ،‬وإن لم يتم إشباع هذه الحاجة فإن‬
‫اإلنسان يفقد اعتداده بنفسه ويشعر بالضعف واالنهزامية ويشعر بأنه‬
‫إنسان فاشل‪.‬‬
‫‪١٩٦‬‬
‫لقد أطلق ماسلو على هذه الحاجات األربع " حاجات العجز ويقول‬
‫ماسلو إن لم يتمكن اإلنسان من الحصول على كفايته من هذه الحاجات‪،‬‬
‫فإن هناك نداء دائم من الداخل يحثه على ضرورة اإلشباع‬
‫الحاجة إلى تحقيق الذات‪ Self-actualization :‬أن إشباع الحاجات‬
‫السابقة ينشط الرغبة لديه نحو االنطالق لتحقيق ذاته‪ .‬ويعرف ماسلو‬
‫تحقيق الذات على أنه سعي الفرد لكي يكون قادرا على القيام بالعمل الذي‬
‫يرغب به من تلقاء نفسه حيث إنه يملك المهارة والقدرة على ذلك‪ .‬فالذي‬
‫يحب الكتابة يحب يوما بأن يصبح كاتبا والذي يحب الطب يحب يوما أن‬
‫يصبح طبيبا‪ .‬فكل إنسان لديه قدرة معينة ممكن أن يتفوق بها خصوصا‬
‫إذا وجد البيئة المناسبة لذلك وتم توجيهه بطريقة صحيحة عندها يحقق‬
‫الفرد ذاته‪ ،‬والشخص الذي يحقق ذاته يتصف بالنبل والتسامح والطيبة‬
‫والتواضع وبعد النظر واإلبداع والجد‪ .‬لذلك فهو ال يشعر بالغيرة ممن‬
‫يوازونه باإلبداع والتفوق‪ .‬وأضاف أن المحقق ذاته بعض الصفات‬
‫السلبية مثل االنطواء واالنسحاب واقتصار عالقاته على بعض األشخاص‬
‫المقربين‪ .‬ويضيف ماسلو أن بعضا من الشخصيات العامة استطاعت‬
‫الوصول إلى مرحلة تحقيق الذات ويعتقد أن ما نسبته ‪ %2‬هم من‬
‫يستطيع الوصول إلى هذه المرحلة‪ ،‬ويعود السبب في إعاقة الكثيرين من‬
‫الوصول الى هذه المرحلة إلى سيطرة المهيمنين على المراكز العلمية‬
‫والخدمية‪ ،‬وهم من يعيق تقدم المبدعين والساعين إلى تحقيق ذواتهم‪.‬‬
‫‪١٩٧‬‬
‫ويمتاز األشخاص المحققي لذاتهم بالصفات اآلتية (ربيع‪)2013 ،‬‬
‫‪ .1‬إدراك عال للواقع‪ :‬فهم يدركون العالم المحيط من حولهم بمستوى عال من الوعي وال يتاثر‬
‫وعيهم هذا بالعوامل الذاتية كالخوف‪ ،‬والتردد بل أنهم يسعون بكل ثقة واقتدار نحو العالم المحيط‬
‫بهم‪.‬‬
‫‪ .2‬تقبل الذات وتقبل ذوات األخرين‪ :‬فهم يتقبلون ذاتهم وكذلك األخرين دون تحريف أو تشويه‪،‬‬
‫ويعترفون بجوانب القوة والضعف لديهم ولدی االخرين‬
‫‪ .3‬المبادأة والبساطة‪ :‬فهم صريحون ومستقيمون ويتصرفون على سجيتهم دون تصنع وال‬
‫يخفون عواطفهم‪.‬‬
‫‪ .4‬التركيز على حل المشكالت‪ :‬فهم يمتازون بالتفاني ويقدسون عملهم‬
‫بشكل كبير ويعملون بجد‪.‬‬
‫‪ .5‬الرغبة في االستقالل‪ :‬يرغبون في االستقالل واالعتماد على الذات وال‬
‫يحبون أن يكونوا عالة على غيرهم‪.‬‬
‫‪ .6‬االنغماس الدائم‪ :‬ينظرون للعالم المحيط بهم بشعور مريح ويستمتعون‬
‫بالطبيعة وتغيراتها وكأنه يراه ألول مرة‪.‬‬
‫‪ .7‬تجربة القمة‪ :‬يشعرون بالزهو واالمتنان والفرح ويشعر الفرد بالقوة‬
‫وكأنه أنجز شيئا مهما مميزا‬
‫‪ .8‬االهتمام االجتماعي‪ :‬فهم شديدو التعاطف مع اآلخرين ويشعرون‬
‫باالكتئاب بسبب سلوك اآلخرين السلبي‪ ،‬ولكنهم يتميزون بحب الناس من‬
‫حولهم وير غب في مساعدة اآلخرين‪.‬‬
‫و العالقات البين شخصية‪ :‬تتميز عالقاتهم بمن يحبون بالعمق والتفاني‬
‫واإلخالص والخصوصية‪ ،‬وغالبا ما يكون أصدقاؤهم من نفس نوعيتهم‪.‬‬
‫‪١٩٨‬‬
‫‪ .10‬االبتكارية‪ :‬يتمتعون بقدر كبير من االبتكارية‪ ،‬فلديهم أصالة بما يقدمون من أعمال‬
‫‪ .11‬الشخصية الديموقراطية‪ :‬هم أشخاص يتقبلون اآلخرين بصدر رحب ويتسمون بالصبر‬
‫والتحمل‪ ،‬يستمعون لوجهات نظر اآلخرين باهتمام واحترام‬
‫‪ .12‬مقاومة الثقافة السائدة‪ :‬ال يخضعون للثقافة السائدة وال يسمحون لها في السيطرة على‬
‫حياتهم رغم عدم تمردهم الواضح عليها‪.‬‬
‫التقييم‬
‫اإليجابيات‪:‬‬
‫‪ .1‬لقد ركز على إنسانية اإلنسان وحريته‪.‬‬
‫‪ .2‬أكد على أن اعتقادات اإلنسان وقيمه وحاجاته مالزمة لوجود اإلنسان‪.‬‬
‫‪ .3‬قال إن اإلنسان قادر على توجيه ذاته وقادر على بناء مجتمع المدينة الفاضلة‬
‫‪ .4‬إن التنظيم الهرمي الذي اقترحه ماسلو مفيد بصفة خاصة للناس الذين يهتمون باإلدارة‬
‫الشخصية والتسويق والعمليات التنظيمية‪.‬‬
‫السلبيات‪:‬‬
‫‪ .1‬يشير (‪ )Allen, 2006‬إلى أن معظم أوجه النقص في نظريته تعود إلى‬
‫مسألة تفعيل الذات يليه مفهوم هرمية الحاجات‪.‬‬
‫‪ .2‬لقد أهمل ماسلو أثر ودور الثقافة في توفير البدائل‪.‬‬
‫‪ .3‬الكثير من مفاهيم ماسلو صعبة وال يمكن ترجمتها‪.‬‬
‫‪١٩٩‬‬
‫الفصل العاشر‬
‫النظريات االجتماعية المعرفية‬
‫‪.1‬والتر ميشيل‬
‫‪ -2‬جوليان روتر‬
‫‪201‬‬
‫النظرية االجتماعية المعرفية‬
‫يعتبر العالمان والتر ميشيل وروتر من رواد هذه المدرسة التي تأثرت أصالً بأفكار عالم النفس‬
‫المعرفي كيلي حيث؛ ركزا كالهما على أهمية المواقف االجتماعية التي نمر بها‪ .‬وقد كان‬
‫ميتشيل تلميذا لروتر‪ .‬وقد شددا على أنه ال يمكن دراسة الشخصية بمعزل عن المواقف‬
‫االجتماعية التي يمر بها الفرد مما جعالهما يعترضان على نظرية السمات ذلك أن السلوك‬
‫ثابت في المواقف االجتماعية ولهذا السبب لم يستعمال مفهوم السمة في نظريتهما‪ .‬حيث ترى‬
‫هذه النظرية أن الفرد يتعلم من اآلخرين من خالل التفاعل إذ تساهم الخبرات المعرفية والعوامل‬
‫الشخصية والمواقف االجتماعية في التأثير في شخصية الفرد‪ .‬لذلك فالعوامل المعرفية هي األهم‬
‫بالنسبة لهم فهي المحدد األساسي لما سيقوم به الفرد من سلوك‪.‬‬
‫‪203‬‬
‫والتر ميشيل‬
‫‪W. Mischel 1930-‬‬
‫ولد والتر ميشيل عام ‪ 1930‬في فيينا بالقرب من منزل فرويد‪ .‬وقد غادر ميشيل المانيا بسبب‬
‫النازية عام ‪ 1938‬الى نيويورك بأمريكا‪ .‬وبسبب فقره فقد عمل بمهن مختلفة قبل ان يلتحق في‬
‫جامعة نيويورك ليحصل على بكالوريوس في علم النفس‪ .‬ثم عمل في جامعة كولورادو ثم انتقل‬
‫الى جامعة ستانفورد‪ .‬وفي عام ‪ 1991‬التحق باألكاديمية األمريكية لآلداب و العلوم‪ .‬وقد منح‬
‫أخيرا ً عضوية األكاديمية القومية للعلوم‪ ،‬ومازال ميشيل يعمل على مشروع لدراسة التحكم في‬
‫الذات عند األطفال المعرضين للخطر في مدينة نيويورك‪.‬‬
‫‪205‬‬
‫المبادئ األساسية للنظرية‬
‫ ربما كان اعتراضه على نظرية السمات من اكثر األمور أهمية حيث رفض فكرة ثبات‬‫السمات وتأثير المحددات الداخلية في تشكيل السلوك الذي يعتبر ثابتا ً عبر المواقف االجتماعية ‪،‬‬
‫واألمر اآلخر هو ايمانه بان العمليات المعرفية والوجدانية تعمل كمحددات أساسية للسلوك‪،‬‬
‫وقد اعتمد ميشيل مفهوم نظام الشخصية الوجداني المعرفي ‪Cognitive Affective Personality System‬‬
‫ وقد تناول ميشيل عددا ً من المفاهيم األساسية منها‪:‬‬‫‪ . 1‬الكفاءة‪ :‬تحتوي الكفاءة على القدرات المعرفية الالزمة لفهم الموقف والذي يجب على الفرد‬
‫أن يتصرف بفاعلية خالل هذا الموقف واألمر اآلخر أن تؤدي هذه السلوكات الى النجاح في‬
‫ذلك الموقف‪ .‬فالكفاءة تعني أن نعرف ما ينبغي علينا القيام به في موقف ما وان نكون قادرين‬
‫على القيام به‪ .‬فكل موقف بحد ذاته يتطلب كفاءات مختلفة كي نتصرف بفاعلية‪.‬‬
‫‪ .2‬وصف االحداث وتمييزها‪ :‬ان فهم الموقف امرا ً ضروريا ً بالنسبة لميشيل الن كل موقف بحد‬
‫ذاته له خصائص ومؤشرات تؤدي الى احداث معينة‪ ،‬وهنا تتشارك وصف االحداث مع الموقف‬
‫ليظهرا ضمن نسق معين‪ .‬ويجب ان ندرك ان أفعال االخرين ليست هي االحداث السلوكية‬
‫الوحيدة في الموقف بل هي جزء منه‪ ،‬هنا يستطيع الفرد من خالل الكفاءة المعرفية ان يتحقق‬
‫من أساليب سلوكية معينة يؤديها والتي يكون لها دور هام في تغيير الموقف مما تجعله يؤديها‬
‫بفاعلية اكبر‪.‬‬
‫‪ .3‬التوقعات‪ :‬ان مرور الفرد بخبرات كثيرة وعلى مدى فترات تجعله يكون تاريخا ً جيدا ً من‬
‫العالقات واالرتباطات بين المثيرات واالستجابات‪ ،‬وهذا‬
‫‪206‬‬
‫يدفع الفرد الى توقع االحداث وذلك حسب ترابطها وعالقتها‪ ،‬فيستطيع الفرد ان يميز متى وأين‪،‬‬
‫وكيف سيكون شكل السلوك حسب هذه المثيرات‪ .‬فحضور الطبيب الى العيادة وارتدائه‬
‫المريول األبيض يجعلنا نتوقع مباشرة وبناء على الخبرات السابقة استعداده لمعاينة المرضى‪.‬‬
‫لذلك فالجميع يعرفون وبناء على توقعاتهم فيما اذا كانت النتائج إيجابية او سلبية‪.‬‬
‫‪ .4‬قيم النواتج‪ :‬ان قيامنا او تكرارنا لسلوك معين مبني أصال على الخبرات السابقة وكيف كانت‬
‫نتائج ذلك السلوك‪ .‬ولكن ان لم يستطع االنسان فهم مالمح واحداث الموقف ولم يقدر على تمييزه‬
‫فانه لن يستطيع ان يتوقع كيف تكون النتائج‪ ،‬حتى وإن امتلك قدرات جيدة‪ .‬وعندما يتعلم الفرد‬
‫طبيعة العالقات بين الموقف ونتائجه فانه يستطيع ان يبني استراتيجيات تؤدي الى سلوكات‬
‫تسبب في حدوث نواتج قيمة‪.‬‬
‫‪ .5‬خطط تنظيم الذات‪ :‬يحتاج أي موقف في البداية الى فهمه واستيعابه حتى يتسنى لنا وضع‬
‫الخطط المناسبة للتعامل مع ذلك الموقف‪ .‬ان هذا األمر أي التخطيط يتطور نتيجة للخبرات‬
‫والنتائج‪ ،‬فيستطيع الفرد ترتيب اموره ووضع خطط تتناسب مع المواقف المختلفة وزيادة على‬
‫ذلك التعامل مع التطورات المفاجئة لذلك الموقف‪.‬‬
‫‪ .6‬تأجيل اإلشباع‪ :‬ومن األمور التي تلعب دورا ً مهما ً في الشخصية اإلنسانية هو موضوع‬
‫تأجيل االشباع‪ ،‬فاألفراد لديهم تقدير مختلف للموقف وكل حسب خبراته وتوقعاته والنتائج التي‬
‫مر بها في المواقف المختلفة‪ .‬فبعض االفراد يرى ان ضرورة تأجيل االشباع افضل عندما تكون‬
‫النتائج المتوقعة اكبر في حين يفضل االخرون سرعة االشباع وعدم تأجيل‪ ،‬واالكتفاء بما يرونه‬
‫من نتائج اكيدة خيرا ً من تأجيل االشباع‪.‬‬
‫‪207‬‬
‫رأيه في الشخصية‪:‬‬
‫ختاما ً نجد ان ميشيل يرى ان الشخصية اإلنسانية ليست مجرد عددا ً من السمات والثابتة عبر‬
‫الزمن‪ ،‬بل ان الشخصية اإلنسانية هي تلك التي تمتلك الكفاءة والقدرة المعرفية للتعامل مع‬
‫المواقف‪ ،‬ومن ثم القيام بالسلوك المناسب‪ .‬ثم ان كل موقف يمر به االنسان له مالمح مادية‬
‫ومعنوية‪ ،‬وهكذا يعمل الفرد على ترتيبها وتنظيمها لتساعده مستقبالً على القيام باالستجابة‬
‫الصحيحة المناسبة للموقف‪ ،‬ويضيف انها من اكثر المالمح أهمية هي الشخص نفسه‪ .‬وقد ركز‬
‫ميشيل على التوقع الذي يعتمد على الخبرات السابقة التي تساعد على التنبؤ بالنتائج المستقبلية‪.‬‬
‫ومن ثم نجد أن عملية تقييم النتائج وأهميتها األمر الذي يزيد من القيام بالسلوك الصحيح‪ .‬كما أن‬
‫النجاح يعني وجود أساليب السلوك التي تؤدي بفاعلية مما يترتب عليها نتائج يقيمها الشخص‬
‫نفسه بشكل واقعي وجيد‪.‬‬
‫التقييم‬
‫اإليجابيات‪:‬‬
‫‪.1‬اعتراضه على نظرية السمات التي تركز على ثبات السمة التي تؤدي الى ثبات‬
‫السلوك‪ ،‬مما دفع العلماء إلى إعادة النظر في مفهوم السمة كمحدد أساسي للشخصية‪.‬‬
‫‪.2‬اهتمامه وتركيزه على أهمية التفاعلية التي تشير إلى أن السلوك يتباين بوضوح‬
‫عبر المواقف وال يبقى ثابتاً‪.‬‬
‫‪208‬‬
‫‪.3‬ركز على مفهوم تأجيل اإلشباع لما له من تطبيقات هامة حيث ربط القدرة على تأجيل‬
‫اإلشباع بشكل قوي مع التحصيل األكاديمي والثبات االنفعالي والتحكم في الدوافع‪ ،‬بل اهتم‬
‫بضرورة تعليم وتدريب األطفال على تأجيل اإلشباع لما له أهمية في النتائج المستقبلية‪.‬‬
‫‪.4‬لقد دفعت العلماء للقيام بالكثير من البحوث حول مفاهيم النظرية‪.‬‬
‫السلبيات‪:‬‬
‫‪.1‬لم يقم بمعالجة االنفعاالت وأثرها في السلوك بشكل كافٍ ‪.‬‬
‫‪209‬‬
‫جوليان روتر‬
‫‪J.Rotter‬‬
‫‪1916-2014‬‬
‫ولد روتر عام ‪ 1916‬لوالدين يهوديين في مدينة نيويورك بأمريكا‪ .‬درس علم النفس في كلية‬
‫بروكلين كتخصص فرعي حيث كان تخصصه األصلي هو الكيمياء‪ ،‬األمر الذي جعله يعتمد‬
‫على التفكير العلمي في دراسته لعلم النفس‪ .‬وقد تأثر بماسلو في بداية حياته ومن ثم قرأ لفرويد‬
‫وأدلر‪ ،‬كما أنه كان من المعجبين بالعالم آش وتجاربه حول االمتثال‪ .‬حصل على درجة‬
‫الماجستير في علم النفس من جامعة أيوا‪ ،‬ثم الدكتوراه من جامعة إنديانا‪ .‬وعمل بعد ذلك‬
‫كأخصائي إكلينيكي في مستشفى الوالية‪ ،‬ثم عمل في الجيش وركز اهتمامه على تنمية نظريته‬
‫في التعلم االجتماعي‪.‬‬
‫‪211‬‬
‫المبادئ األساسية للنظرية‬
‫يتأثر الناس في سلوكهم في نتائج الموقف‪ ،‬وبناء عليه فهم يطورون اتجاها ً نحو السلوك‪ .‬وهكذا‬‫تظهر الفروق الفردية بين الناس‪ .‬ففي دراسة له تعرض المفحوصين إلى أثر الصدفة وإلى أثر‬
‫المهارة في التصرف‪ .‬وتحث شروط الصدفة يخبر المفحوصين أن الحظ هو الذي سيحدد ما‬
‫سيقومون به‪ ،‬في حين أصحاب المهارة يجدون أن قدراتهم الشخصية هي التي ستحدد أدائهم‪.‬‬
‫تطرق روتر إلى خمسة مفاهيم أساسية هي‪:‬‬‫‪.1‬التعزيز‪ Reinforcement :‬وقد عرفه بأنه أي حدث له تأثير في مسار السلوك ونوعه‪.‬‬
‫‪.2‬قيمة التعزيز‪ Reinforcement Value:‬وهي عملية تفضيل أي المعززات يحتاجها اإلنسان‬
‫عندما تكون هناك عدد من المعززات المختلفة التي تتساوى في األهمية‪ .‬ويقرر اإلنسان أي‬
‫أكثر هذه المعززات أهمية بنا ًء على الخبرات التي مر بها‪.‬‬
‫‪.3‬الموقف النفسي‪ Psychological Situation :‬تعتمد المواقف النفسية على الشخص نفسه‬
‫فهو يصنفها في فئات وأوليات‪ ،‬لذلك تختلف من شخص آلخر‪.‬‬
‫‪.4‬التوقع‪ Expectancy:‬اعتقاد الفرد بأن ثمة معززا ً معينا ً سيحدث عند قيامه بسلوك معين في‬
‫موقف محدد‪.‬‬
‫‪.5‬مركز الضبط‪ Locus of Control:‬وهذا لب نظرية روتر‪ ،‬فمركز الضبط يعني الدرجة التي‬
‫يتوقع فيها الفرد أن التعزيز لسلوكهم إنما‬
‫‪212‬‬
‫يتوقف على خصائصهم الشخصية مقابل الدرجة التي يعتقدون أنها تعود إلى الصدفة أو الحظ أو‬
‫القدر أو األشخاص المؤثرين‪ .‬ولذلك فإن ضبط النتائج تتحكم به إما مهارات الفرد وقدراته أو‬
‫الحظ والقدر‪ ،‬ومركز الضبط نوعان‪:‬‬
‫‪.1‬الضبط الداخلي‪Internal Control :‬إن أصحاب الضبط الداخلي يؤمنون بأن اإلنجاز‬
‫وتحقيق األهداف أو النجاح أو الفشل إنما يعتمد على قدرات الفرد ومهاراته‪ ،‬وليست على الحظ‬
‫أو القدر أو مساهمات اآلخرين ولذلك فهو يتحمل كامل المسؤولية عن أفعاله‪.‬‬
‫‪.2‬الضبط الخارجي‪ :External Control :‬أما أصحاب الضبط الخارجي‪ ،‬فإن نجاحهم أو‬
‫فشلهم إنما يعود إلى الحظ والصدفة والقدر واألشخاص المؤثرين في حياتهم أو أية عوامل بيئية‬
‫أخرى‪ .‬وتجدر اإلشارة هنا إلى أن مركز الضبط ال يعني سمة الشخص كما شدد روتر على نفي‬
‫ذلك‪.‬‬
‫ وتتميز خصائص أصحاب الضبط الخارجي والداخلي باآلتي‪:‬‬‫أ‪ .‬االمتثال وعدم التكيف‪ :‬أصحاب الضبط الخارجي يعتقدون بأنهم ضحايا سوء الحظ وأنهم‬
‫تعرضوا للظلم من اآلخرين وبرغبة منهم فهم يذعنون لآلخرين ويسايرونهم‪ .‬وقد أكد روتر أن‬
‫جماعة الضبط الخارجي والداخلي يعانون من سوء التوافق ولكنه عدل تفكيره الحقاً‪ .‬بينما يؤمن‬
‫أصحاب الضبط الداخلي بأنهم يحققون إنجازاتهم بناء على مهاراتهم وقدراتهم ‪ ،‬وأن فشلهم‬
‫يعود إلى أسباب شخصية منهم‪.‬‬
‫ب‪ .‬إساءة استخدام المواد‪ :‬بالمقارنة بين نوعي الضبط الداخلي والخارجي نجد أن أصحاب‬
‫الضبط الداخلي أكثر إساءة في استخدام المواد كالكحول‬
‫‪213‬‬
‫مثالً ويشير فارس(‪ )1976‬أن سبب ذلك يعود إلى التقديرات العالية في التوجه الداخلي‪.‬‬
‫ت‪ .‬صعوبات التعلم والتوقع‪ :‬فاألشخاص خارجي الضبط يعانون من صعوبات التعلم والتوقع‬
‫في حين أن أصحاب التوجه الداخلي يدركون ما يجب عليهم القيام به من أجل تحقيق أهدافهم‪.‬‬
‫ث‪ .‬الطالق والتوافق الزواجي‪ :‬كالهما الداخلي والخارجي يستجيب نحو الطالق بطرق مختلفة‪.‬‬
‫وقد دلت الدراسات أن النساء يصبحن ذات توجه خارجي في فترة الطالق ثم يعدن الى التوجه‬
‫الداخلي مع مرور الوقت‪ .‬ويظهر أصحاب الضبط الداخلي شعورا ً حزينا ً قبل الطالق مباشرة‬
‫ويقل بعد االنتهاء من عملية الطالق‪.‬‬
‫ج‪ .‬االضطراب النفسي والجسدي‪ :‬يشير ألين (‪ )2006‬إلى أن عالمة النفس النمساوية هكسيل‬
‫وجدت أن مفحوصيها من أصحاب التوجه الداخلي يعانون أعراضا ً اقل من اضطراب‬
‫األلكسيثميا (التبلد االنفعالي) مقارنة مع أصحاب التوجه الخارجي‪ .‬وقد حصلوا على درجات‬
‫أعلى على مقياس التعلق اآلمن ‪ .‬أما فيما يتعلق باالضطرابات الجسمية فإن أصحاب الضبط‬
‫الداخلي حصلوا على درجات مرتفعة على مقياس الضبط‪.‬‬
‫ح ‪ .‬القدرة المالية ‪ :‬لقد أيدت الدراسات التي أجريت على عينة في الصين أجراها ليم وطومسن‬
‫من أن أصحاب التوجه الداخلي كانوا اكثر تقديرا ً لميزانياتهم وحساب المصروفات وااليرادات‬
‫بينما كان أصحاب التوجه الخارجي اكثر زيادة في النفقات‪.‬‬
‫خ‪ .‬مجال العمل واالنضباط‪ :‬لقد بدأ واضحا ً أن األشخاص أصحاب التوجه الداخلي كانوا اكثر‬
‫إنتاجية وضبطا ً في مجال العمل‪.‬‬
‫‪214‬‬
‫الشخصية عند روتر‬
‫وختاماً‪ :‬نرى أن روتر يرى أن ما يحدد الشخصية بالنسبة له هو مركز الضبط الذي يتطور‬‫عند االنسان نتيجة للخبرة والمعرفة والمهارة‪ ،‬كما تلعب التنشئة االجتماعية دورا ً مهما ً في ذلك‪.‬‬
‫لكن من المهم أن نعرف أن هنا كدورا ً مهما ً لعملية التدريب والممارسة على تحمل مسؤولية‬
‫أفعالنا والتي تعمل على توجيهنا نحو مجال الضبط الداخلي‪ .‬وتلعب المعززات دورا ً كذلك في‬
‫طريقة تصرفنا نحو األمور التي تؤدي الى نتائج إيجابية كما هو الحال للتوقع الذي يجعلنا نحدد‬
‫من خالل خبراتنا نوع السلوك المالئم للموقف‪ .‬وبناء على ذلك فإن الشخصية التي تتمتع بضبط‬
‫داخلي ينتظرها مستقبل أكاديمي ومالي افضل من تلك التي تتمتع بضبط خارجي‪.‬‬
‫التقييم‪:‬‬
‫اإليجابيات‪:‬‬
‫‪.1‬لقد أحدثت نظرية روتر صدى كبيرا ً في علم النفس مما جعل الكثيرون يندفعون إلجراء‬
‫البحوث النفسية حول مركز الضبط وربطه بالعديد من المتغيرات‪.‬‬
‫‪.2‬لقد أكد روتر أن الفرد قادر على فهم السلوك اإلنساني إذا ما وضع في اعتباره محددات عديدة‬
‫منها التأثيرات الموقفية‪.‬‬
‫‪215‬‬
‫‪.3‬ركز روتر على انعكاس أثر مركز الضبط في جوانب حياة االنسان المختلفة‪.‬‬
‫‪.4‬لقد أيد الكثير من العاملين في مجال علم النفس على أهمية مركز الضبط ومصداقيته‪.‬‬
‫السلبيات‪:‬‬
‫‪.1‬لقد اقتصر مفهوم نظرية روتر على مفهوم واحد تقريبا ً هو مركز الضبط‪ ،‬ومن الصعب جدا ً‬
‫أن يفسر هذا المفهوم جوانب عديدة في شخصية اإلنسان‪.‬‬
‫‪.2‬لقد استعان بالكثير من المفاهيم من النظريات األخرى لدرجة أحيانا ً تجد تشابها ً مفاهيميا ً مع‬
‫نظريات أخرى على الرغم من رفض روتر لذلك‪.‬‬
‫‪216‬‬
‫الفصل الحادي عشر‬
‫النظريات المعرفية السلوكية‬
‫‪.1‬ألبرت أليس "العالج العقالني المعرفي‬
‫‪.2‬أرون بيك "" العالج المعرفي‬
‫‪217‬‬
‫ألبرت أليس‬
‫‪Albert Alice‬‬
‫‪1931-2007‬‬
‫ولد ألبرت أليس عام ‪ 1931‬في مدينة بيتسبرج في والية بنسلفانيا وتوفي عام ‪2007‬‬
‫وهو أمريكي األصل طور نظرية العالج العقالني المعرفي السلوكي (‪ )REBT‬حصل على‬
‫درجتي الماجستير والدكتوراه من جامعة كولومبيا‪ .‬أسس معهد ألبرت أليس في نيويورك‬
‫وترأسه لسنوات عديدة ويعتبر من أوائل الذين عملوا في التركيز على التحول المعرفي في علم‬
‫النفس المرضي‪ .‬وهو بحق يعتبر مؤسس العالج المعرفي السلوكي وقد وصفته مجلة‬
‫سيكولوجي تودي قبل وفاته بأنه أعظم عالم نفس‪.‬‬
‫لقد أبدى أخصائيو علم النفس السلوكي اهتماما ً كبيرا ً بالسلوك المالحظ القابل للقياس‬
‫ومن هذا المنطلق رفض السلوكيون التعامل واالهتمام‬
‫‪219‬‬
‫باتجاهات علم النفس األخرى مثل اتجاه التحليل النفسي‪ .‬ولذلك ظهر اتجاه وسط يجمع ما‬
‫بين االتجاه السلوكي واالتجاهات األخرى أطلق عليه االتجاه المعرفي السلوكي ‪Cognitive‬‬
‫‪ Private Events‬مثل‬
‫‪ Behaviorism.‬ويركز االتجاه المعرفي على األحداث الخاصة‬
‫االعتقاد‪ ،‬والتفكير ‪ ،‬واإلدراك والتخيل‪.‬‬
‫ويرى المعرفيون أن أهم طريقة لمساعدة الفرد في التخلص من المشكالت التي تواجهه‬
‫إنما تكون بالتخلص من األفكار والمعتقدات السلبية التي تسبب الشقاء للفرد واستبدالها بأخرى‬
‫مفيدة له‪ .‬ولقد استعان األخصائيون في هذا المجال باإلجراءات المستعملة في تعديل السلوك‬
‫والتي يستعملها السلوكيون‪ ،‬لذا فقد أطلق هؤالء المعرفيون على أنفسهم جماعة تعديل السلوك‬
‫المعرفي‪.‬‬
‫ولقد حاول السلوكيون دوما ً اللجوء إلى الدقة المتناهية في اختيارهم للسلوك المراد تعديله‬
‫ومن ثم تعريف السلوك إجرائيا ً لهذا نجد معظم المفاهيم المستعملة في مجال تعديل السلوك‬
‫واضحة ومحددة وقابلة للمالحظة والقياس‪ .‬ولعل اعتراض السلوكيين على مفاهيم المعرفيين‬
‫كتلك التي ذكرناها سابقا ً يأتي من خالل كونها ال تشير بشكل محدد ودقيق إلى السلوك‪ ،‬وبالتالي‬
‫ال يمكن اتباع إجراءات تعديل السلوك مع السلوكات غير المالحظة بنفس الدقة والنجاعة عندما‬
‫تخضع السلوكات للمالحظة المباشرة‪.‬‬
‫‪220‬‬
‫المبادئ األساسية للنظرية‬
‫الشخصية بشكل عام من وجهة نظر المعرفيين‪:‬‬
‫إن اإلنسان بتأثر بشكل كبير بما لديه من معتقدات وأفكار بأنواعها المختلفة وتؤثر في‬
‫نظرته لألحداث التي يمر بها‪ .‬إن عملية تفسيره للمواقف المختلفة تتأثر بشكل كبير بما لديه من‬
‫أفكار خاطئة غير واقعية بسبب النظرة غير الواقعية في تفسير المواقف‪ .‬عن نظرته للواقع‬
‫وللمستقبل مشوهة ولذلك أحكامه غير عقالنية‪ .‬فبناء الشخصية إنما يتأثر بكل تلك العوامل‪،‬‬
‫وكلما تميز اإلنسان بواقعيته اتجهت الشخصية نحو السواء والتكيف المالئم‪.‬‬
‫اإلجراءات المعرفية‬
‫يشير مارتين وبيرز (‪ )1983‬إلى أن اإلجراءات المعرفية قامت على افتراضين‪ :‬األول هو‬
‫أن الفرد يترجم ويتصرف مع األحداث حسب إدراكه ألهميتها‪ .‬أي أن هناك عمليات معرفية‬
‫وسطية ما بين المثير واالستجابة‪ .‬واالفتراض الثاني هو أن العجز المعرفي يسبب اضطرابات‬
‫انفعالية أي أن عدم قدرة الفرد على التعامل مع هذه المواقف بسبب أفكاره وآرائه ومعتقداته‬
‫السلبية يسبب له التوتر االنفعالي‪ .‬ولهذا يكون التركيز واالهتمام في العالج هو في مدى تغيير‬
‫المستوى المعرفي عند الفرد‪ .‬ولهذا يعمد األخصائيون إلى تغيير السلوك االنفعالي من خالل‬
‫تغيير وتبديل معتقدات الفرد واتجاهاته وآرائه‪ .‬لهذا يهتم األخصائي بتصورات الفرد وتخيالته‬
‫عن نفسه‪ .‬ويشير مارتين إلى أن أهمية وفاعلية العالج جاءت مما نشر من دراسات الحالة‬
‫‪221‬‬
‫وليس من خالل أبحاث ودراسات تتمتع بضبط تجريبي عا ٍل ومن هذه اإلجراءات‪:‬‬
‫‪ (.1‬العالج العقالني العاطفي) مساهمات ألبرت أليس‪:‬‬
‫لعل من أبرز المعرفيين الذي أسهموا في تطوير هذا االتجاه‪ ،‬العالم المعرفي ألبرت أليس‪.‬‬
‫فكما قال أليس إن ردود الفعل االنفعالية السلبية التي يقوم بها الفرد إنما تصدر عن معتقداته‬
‫حول تلك الحوادث أو الخبرات وليس عن تلك الخبرات بحد ذاتها فالمعتقدات غير الصحيحة أو‬
‫غير المنطقية تنتج سلوكا ً غير سوي ولهذا وكما أشرنا سابقا ً يقوم العالج االنفعالي العقالني على‬
‫أساس التصدي لمعتقدات المريض غير المنطقية غير المنطقية ومساعدته على استبدالها وتكوين‬
‫معتقدات صحيحة ( الحجار‪.)1990 ،‬‬
‫ولقد أطلق عليها نظرية ‪ ABC‬حيث يتم تحليل الموقف بالشكل اآلتي‪ :‬إن الخبرة التي حصلت‬
‫في ‪ A‬وإن االعتقاد هو ‪ B‬والذي تأثر بالخبرة ‪ A‬أدت إلى سلوك انفعالي أو نتيجة ‪ .C‬لذلك‬
‫وبناء عليه نجد أن ‪ A‬ال تسبب ‪ C‬ولكن ‪ B‬هي التي أدت إلى ذلك‪ .‬يعني أن المعتقد هو الذي‬
‫يدفع الفرد للتصرف بالطريقة غير المنطقية‪.‬‬
‫ويرى أليس أن الناس يشتركون في غايتين أساسيتين هما ‪ :‬المحافظة على الحياة والثانية‬
‫اإلحساس بالسعادة النسبية والتحرر من األلم ( الشناوي وعبد الرحمن ‪ .) 1998 ،‬والعقالنية‬
‫إنما تكون من خالل التفكير المنطقي الذي يؤدي إلى تحقيق هذين الهدفين‪.‬‬
‫لذلك فإمن االنفعاالت غير المناسبة كالقلق أو الخوف أو الغضب هي انفعاالت قد تطورت‬
‫أصالً بسبب األفكار غير العقالنية التي يحملها الفرد‪.‬‬
‫‪222‬‬
‫واألشخاص لديهم استعداد فطري وميل مكتسب ألن يكونوا عقالنيين وبنفس الوقت غير‬
‫عقالنيين‪ .‬فاإلنسان لديه الميل في أن يعيش بسعادة وهناء وأن يتبنى أفكارا ً ومعتقدات تحقق له‬
‫ذلك‪ ،‬وفي نفس الوقت لدى الناس ميل في أن يكونوا مدمرين لحياتهم ولآلخرين من حولهم‬
‫ويسلكون السلوكات نفسها التي أدت إلى تدمير حياتهم وحياة اآلخرين‪.‬‬
‫مثال على تحليل أليس‪:‬‬
‫‪.A‬تقدم لالمتحان وحصل على عالمة أقل من الوسط‬
‫‪ .B‬األفكار المرتبطة بالموقف ‪A‬‬
‫‪.1‬الشخص األول ( أفكاره عقالنية) يقول‪ :‬إن العالمة المتدنية أزعجتني وال أقبلها‪ ،‬ولكن ال بد‬
‫أن هناك سبب أدى إلى حصولي على هذه العالمة‪.‬‬
‫‪.2‬الشخص الثاني(لديه أفكار غير عقالنية) يقول كم هو مؤلم أن أحصل على مثل هذه العالمة‪،‬‬
‫وأنا ال أقبل هذا الوضع‪ ،‬ألن هذه العالمة ستسبب في طردي من الجامعة‪.‬‬
‫‪ :C‬النتائج المرغوبة‪:‬‬
‫الشخص األول‪ :‬الشعور باألسف واإلحباط لما حصل‪ ،‬ويتبعها نتائج سلوكية مناسبة مثل‪ :‬اتباع‬‫طرق أخرى في الدراسة واالستعانة بالمالحظات واالمتحانات السابقة أثناء الدراسة‪ ،‬والرجوع‬
‫إلى مدرس المادة عندما يشعر بعدم فهمه للمادة‪.‬‬
‫‪223‬‬
‫الشخص الثاني‪ :‬يقول‪ :‬لقد أحسست باأللم والضياع والقلق‪ ،‬ويتبعها نتائج سلوكية غير مرغوبة‬‫مثالً يقول‪ :‬لن أتقدم لالمتحان مرة أخرى‪ ،‬أو سألجأ لطرق غير مشروعة من أجل النجاح‪.‬‬
‫ويتأثر الفرد بنوع من األنانية إذا يرى أن قيامه بالعمل بشكل جيد هو بهدف الحصول على‬
‫رضى اآلخرين وحتى ال يتهم بأنه فاشل‪ ،‬أي أن الدافع هو ليس مبدأ شخصيا ً وإنما بهدف‬
‫الحصول على رأي إيجابي من اآلخرين مرتبط بالموقف بينما في الحقيقة يبدو الفرد على خالف‬
‫ذلك‪ .‬وكذلك يرى الفرد أن على اآلخرين أن يكونوا جيدين معه وأن يعاملوه بلطف وإذا قاموا‬
‫بعكس ذلك فهم ال يفهمون وكذلك يفترض الفرد أنه ال بد من أن تسير الحياة والظروف بشكل‬
‫يخدم مصالحه دوماً‪.‬‬
‫األسباب الكامنة وراء االضطرابات كما يراها ألبرت أليس‪:‬‬
‫قد يتبنى الفرد كما أشرنا سابقا ً عددا ً من األفكار غير العقالنية التي تكون هي سبب شقائه‬
‫وتصرفه غير المنطقي وغير العقالني حيال كثير من المواقف‪ .‬ومن هذه األفكار غير العقالنية‪:‬‬
‫‪.1‬يجب أن يكون الشخص الراشد محبوبا ً من الجميع وأن يرضى الجميع عن كل شيء يقوم به‪.‬‬
‫‪.2‬هناك تصرفات غير الئقة يقوم بها البعض ويجب أن يعاقب مرتكبوها‪.‬‬
‫‪.3‬من المؤلم أن تسير األمور بعكس ما نرغب‪.‬‬
‫‪.4‬أن معاناة الفرد وآالمه إنما بسبب األحداث واألشخاص الموجودين في بيئته‪.‬‬
‫‪224‬‬
‫‪.5‬إذا حدث وأن ظهر شيء مخيف أو مزعج في حياتنا‪ ،‬فإنه ينبغي أن ننشغل به بشكل كبير وأن‬
‫ننزعج ونتضايق بسببه وأن ننكد على أنفسنا‪.‬‬
‫‪.6‬من األفضل أن نتجنب مصاعب الحياة والمسؤوليات الشخصية التي نواجهها‪.‬‬
‫‪.7‬نحن بحاجة لآلخرين األقوياء كي نلقي مسؤولياتنا عليهم‪.‬‬
‫‪.8‬يجب أن يتصف اإلنسان بالحذاقة والذكاء واإلنجاز في كافة مجاالت الحياة‪.‬‬
‫‪.9‬أي حادث أثر على حياتك سلبا ً فإن هذا الحادث سيستمر في ذلك االتجاه‪.‬‬
‫‪ .10‬يجب على الفرد أن يكون قادرا ً على التحكم في بعض األشياء ‪.‬‬
‫‪.11‬أن سعادة اإلنسان تتحقق من خالل عدم قيامه بما ينبغي القيام به‪ ،‬أي االبتعاد عن العمل‬
‫الصحيح كي ال يتصف اإلنسان بالخطأ‪.‬‬
‫‪.12‬أن الواحد منا غير قادر على التحكم في انفعاالته‪.‬‬
‫‪.13‬يجب أن يحزن الفرد لمشكالت واضطرابات وأحزان اآلخرين‪.‬‬
‫خطوات العالج‪:‬‬
‫‪.1‬إقناع العميل باألفكار المنطقية والعقالنية‪.‬‬
‫‪.2‬أن يطلب من العميل مراقبة ذاته والتعرف إلى األفكار غير العقالنية التي يقوم بها‪.‬‬
‫‪.3‬مواجهة األفكار غير العقالنية وتقديم تفسير منطقي لألحداث‪.‬‬
‫‪225‬‬
‫‪ .4‬تدريب الفرد على الحديث الذاتي ان يحدث الفرد نفسه على استعمال العبارات العقالنية‪.‬‬
‫‪. 5‬تكليف العميل القيام بواجبات منزلية تتعلق بتدوين األفكار غير العقالنية وكيفية إحالل األفكار‬
‫العقالنية مكانها وكذلك‪ ،‬واجبات تتعلق في تعامله مع الناس بهدف إزالة التحسس ومساعدته‬
‫بالتالي على التفكير السليم والتصرف بشكل عقالني مع اآلخرين‪.‬‬
‫‪.6‬ضرورة استخدام التعزيز وتقنيات اإلشراط االجرائي من اجل تدريب الفرد على تنظيم‬
‫الذات‪ ،‬وعلى تبديل السلوك غير المقبول بآخر مقبول‪ .‬فمن خالل تعزيزه عند القيام باالستجابة‬
‫الصحيحة التي ترتكز على المعتقدات الصحيحة بدالً من تلك الخاطئة فنحن عندئذ نثبت األفكار‬
‫الصحيحة ونساعده كي تحل مكان تلك غير الصحيحة‪ ،‬وكذلك من الممكن أن نستعمل وسائل‬
‫العقاب المختلفة لتحقيق هذا الهدف أيضاً‪.‬‬
‫‪.7‬من الممكن جدا ً اإلفادة من االرشاد الجمعي او جلسات العالج الجماعية بحيث يعرض االفراد‬
‫المواقف والمعتقدات التي سيطرت على تصرف الفرد غير العقالني ويسهم افراد المجموعة في‬
‫إعطاء التغذية الراجعة حول ذلك‪.‬‬
‫التقييم‪:‬‬
‫اإليجابيات‬
‫‪.1‬تساعد مفاهيم أليس ونظريته الفرد في التعرف على ذاته‪.‬‬
‫‪.2‬التعرف إلى تأثير األفكار الالعقالنية وأثرها في تعاسة الفرد‪.‬‬
‫‪226‬‬
‫‪.3‬تدريب الفرد على تطوير األفكار العقالنية‪.‬‬
‫‪.4‬تناسب مجتمعاتنا العربية التي تركز بشكل كبير على األفكار غير العقالنية لتساعدهم في‬
‫التخلص منها‪.‬‬
‫السلبيات‪:‬‬
‫‪.1‬يعتقد الكثيرون أن ليس من حق أي إنسان التدخل في أفكارهم ونوعها ووجوب تغييرها‪.‬‬
‫‪.2‬قد تؤدي إلى اعتماد الشخص على اآلخرين لمساعدته في التخلص من أفكاره السلبية‪.‬‬
‫‪ .3‬يعتبر البعض أن آراء هذه النظرية تسلطية‪.‬‬
‫‪227‬‬
‫أرون بيك‬
‫‪Aaron T.Beck‬‬
‫‪1921-‬‬
‫ولد آرون بيك عام ‪ 1921‬في رود أيالند بالواليات المتحدة األمريكية من أبوين يهوديين هاجرا‬
‫من أوكرانيا إلى الواليات المتحدة‪ .‬تخرج من كلية الطب في جامعة بيل عام ‪ .1946‬قام بتأسيس‬
‫العالج المعرفي في مطلع الستينات‪ ،‬وقد كان باحثا ً مميزا ً في مجال علم النفس اإلكلينيكي‪ .‬فقد‬
‫بدأ عمله كمحلل نفسي ولكنه لم يقتنع بذلك‪ ،‬ولذلك بدأ التركيز على التعبيرات اللفظية‬
‫والشعورية عند مرضى االكتئاب والقلق‪ .‬ولعل أفضل ما توصل إليه هو أن مرض باالكتئاب‬
‫والقلق لديهم تحريف واضح للواقع من خالل إدراكه بشكل سلبي‪ .‬وقد أصبح بيك الرئيس‬
‫الفخري ألكاديمية العالج المعرفي وهي منظمة‬
‫‪229‬‬
‫غير ربحية ضمت حوالي ‪ 500‬شخص من المعالجين المعرفيين في أنحاء العالم‪ -‬وكما أشرنا‪-‬‬
‫فقد نشر بيك العديد من األبحاث تجاوزت الخمسمائة بحث‪ .‬وألف أكثر من سبعة عشر كتاباً‪ .‬وقد‬
‫حصل بيك على العديد من الجوائز والدرجات الفخرية ويعتبر أكثر المعالجين تأثيرا ً على مر‬
‫الزمان‪.‬‬
‫المبادئ األساسية للنظرية‬
‫‪.2‬العالج المعرفي‪ :‬آرون بيك ‪:‬‬
‫من المعروف لدى العاملين في مجال العالج النفسي أن آرون بيك من الذين اشتهروا بعالج‬
‫االكتئاب‪ .‬فقد طور طريقة في العالج المعرفي كانت أكثر ما تكون موجهة ومتخصصة في‬
‫عالج االكتئاب‪ .‬وقد نشر هذا في كتابه "العالج المعرفي واالضطرابات االنفعالية" في عام‬
‫‪ 1976‬حيث أ شار إلى أنه استعمل هذا اإلجراء في عالج الكثير من االضطرابات السلوكية مثل‬
‫حاالت الخوف والقلق والهستيريا والوسواس القهري واالضطرابات النفس جسمية‪ .‬وتعتمد‬
‫طريقة بيك في العالج على إعادة البناء المعرفي‪ ،‬والهدف من ذلك هو إيجاد أنماط من التفكير‬
‫العقالني‪ .‬ويرى بيك بأن األشخاص العصابيين (الذين يعانون من اضطرابات انفعالية ) بأنهم‬
‫غالبا ً ما ينخرطون في تفكير مشوه غير فاعل وهذا ما يسبب لهم المشاكل‪.‬‬
‫خطوات العالج ‪:‬‬
‫‪.1‬يجب أن نجعل الفرد واعيا ً باألفكار المشوشة التي تسبب له المشاكل‪ ،‬وهذه العملية ليست‬
‫سهلة‪ ،‬إذ ينبغي على الفرد أن يتعرف إلى االستجابات االنفعالية غير المقبولة التي يقوم بها‪،‬‬
‫ويعرف تلك المثيرات‬
‫‪230‬‬
‫المسببة لها‪ ،‬وهذا األمر يحتاج إلى مراقبة مستمرة للذات‪ .‬وبعد أن يصبح الفرد قادرا ً على‬
‫تحديد هذه األفكار أو االستجابات االنفعالية والمثيرات المشوشة فإن بيك يقترح اتباع أسلوب‬
‫اختبار الواقع واختبار الفرضيات فيصبح الفرد قادرا ً على التعرف على األفكار المشوشة وأن‬
‫يتعامل معها على أنها فرضيات وليست واقع وأنها بحاجة إلى اختبار وتمحيص‪.‬‬
‫‪. 2‬يعتمد األخصائي على تعزيز التغير في األفكار السلبية‪ ،‬فاألخصائي يوجه الفرد إلى استعمال‬
‫فكر يخالف فكره الذي سبب له المشكالت ويرى مدى صحة ومالءمة األفكار الجديدة‪ ،‬وعندئذ‬
‫يقوم األخصائي بتعزيزه عندما يتبنى األفكار الجديدة التي تؤدي إلى نتائج إيجابية وهنا يكتشف‬
‫الفرد بنفسه بأن األفكار السابقة التي كان يتبناها غير صحيحة‪.‬‬
‫‪.3‬يعمل بيك مثل ألبرت أليس إلى إعطاء العميل عددا ً من الواجبات والمهام التي يقوم بها في‬
‫البيت‪ ،‬والتي تحتوي على عدد من إجراءات تعديل السلوك‪.‬‬
‫ونالحظ أن كل من بيك وأليس يتشابهان في إيمانهما بأن مشكالت الفرد سببها األفكار‬
‫المشوشة التي يؤمن بها‪ ،‬باإلضافة إلى إيمان الفرد بالمبالغة والتضخيم‪ .‬لذلك يرى بيك أن على‬
‫الفرد أن يعرف اآلتي‪:‬‬
‫‪.1‬اإلنسان هو المسؤول عما يقوم به من أعمال وليس الناس من حوله‪.‬‬
‫‪.2‬وكذلك أن السلوك الذي يقوم به اآلن ليس له عالقة بالماضي‪.‬‬
‫‪.3‬أن الفرد قادر على التخلص من حالته التي يمر بها من خالل تصحيح االستنتاجات الخاطئة‪.‬‬
‫‪231‬‬
‫‪.4‬اإلنسان قادر على حل مشكالته بنفسه دون الحاجة إلى توجيه من أحد‪.‬‬
‫المفاهيم األساسية في نظرية بيك‪:‬‬
‫‪.1‬األفكار التلقائية‪ :‬وهو ما أطلق عليها األفكار األتوماتيكية وهي ناتجة عن التعامل مع‬
‫المعلومات التي يستقبلها ومع ما لديه من أبنية معرفية سابقة‪.‬‬
‫‪.2‬المخططات المعرفية‪ :‬وهو ما يؤمن به الفرد من معتقدات وافتراضات وتوقعات التي يكونها‬
‫الفرد نفسه وهي التي تحكم طبيعة استجابته للمواقف التي يمر بها‪.‬‬
‫‪ .3‬التوقعات‪ :‬وهي تلك المرتبطة بمواجهة األحداث وتكون توقعات الفرد عن ذاته في كيفية‬
‫مواجهة تلك المواقف وكذلك توقعاته نحو اآلخرين والمستقبل‪.‬‬
‫‪.4‬االفتراضات‪ :‬وهي المبادئ األخالقية والقواعد التي تعمم عبر المواقف والتي تؤثر على‬
‫استنتاجات الفرد اتجاه المواقف‪.‬‬
‫‪.5‬التحريفات المعرفية‪ :‬وهي تلك المعلومات التي يكونها الفرد عن المواقف أو األحداث وهي‬
‫تختلف تماما ً عن مكونات األحداث فعلياً‪.‬‬
‫‪.6‬المثلث المعرفي‪ :‬وهو ما يشير إلى وجهة النظر السلبية التي يكونها الفرد المكتئب عن ذاته‬
‫وعن مستقبله‪ ،‬إذا ً معتقدات الفرد عن نفسه وعن اآلخرين وعن المستقبل هي التي تحدد‬
‫استجابته لألحداث‪.‬‬
‫لذلك فإن أهم أسباب االضطرابات النفسية‪ ،‬هو وجود أفكار سلبية لدى الفرد عن ذاته‬
‫وكذلك أفكار سلبية عن العالم المحيط به‪ ،‬وأخيرا ً وجود أفكار سلبية عن المستقبل ويرى بيك أن‬
‫على اإلنسان أن يطور وعيه بعمليات التفكير لديه وأن يعيد بناءه المعرفي وأن يعرف ويحدد ما‬
‫ينبغي تجنب القيام‬
‫‪232‬‬
‫به‪ ،‬وما هي الطريقة التي يجب أن ينظر بها إلى أي موقف يمر به‪ .‬وأن يحدد أهدافا ً لحياته وأن‬
‫يعمل على اختبار هذه األهداف والوصول إلى نتائج يستفيد منها حقاً‪ .‬وبذلك يستطيع الفرد‬
‫الكشف عن الجوانب السلبية والمبالغ فيها وأن يدحض األفكار السلبية ويتخلص منها‪.‬‬
‫وبناء على ذلك استطاع بيك صياغة بعض التشوهات المعرفية التي ظهرت لدى المرضى‬
‫االكتائبيين الذين عالجهم وهي‪:‬‬
‫كل شيء أو ال شيء‪ :‬إما أن أحقق كل ما أريد أو أنا انسان فاشل ‪.‬‬‫المبالغة في التعميم‪ :‬إن لم أنجح في هذا االختبار فلن انجح في أي اختبار اخر‪.‬‬‫التقليل من أهمية األحداث‪ :‬إن اهتمام أخي بي كان من باب المجاملة وليس لشيء آخر‪.‬‬‫االستنتاج غير الصحيح‪ :‬وهو أن نبني استنتاجاتنا بشكل غير منطقي‪.‬‬‫التضخيم والتقليل‪ :‬أن نقلل من شأن وأهمية أدائنا أو نبالغ في إظهار أهميتها‪.‬‬‫عبارات الوجوب‪ :‬يجب على الناس أن يكونوا صادقين معي أو يجب عليهم أن يعملوا كذا‬‫وكذا‪.‬‬
‫‪-‬النقد الذاتي‪ :‬وهو النظرة السلبية للذات وأن الناس يالحظون هذه الصفات الناقصة‪.‬‬
‫التقييم‪:‬‬
‫‪.1‬تعتبر نظرية بيك بإجراءاتها المتنوعة فاعلة ومثالية في عالج‪ ،‬وفهم الشخصية اإلنسانية‬
‫وتغيير األفكار والمعتقدات غير العقالنية‪.‬‬
‫‪233‬‬
‫‪.2‬تساعد الفرد في فهم ما يمتلك من أبنية معرفية‪ ،‬وإدراك الجوانب السلبية لديه في إدراك‬
‫معتقداته‪ ،‬وفي فهم نظرته للعالم من حوله وللمستقبل‪.‬‬
‫السلبيات‪:‬‬
‫‪.1‬يقول علماء النفس أن بيك أهمل العمليات المعرفية التي ال يكون المريض شاعرا ً ومدركا ً لها‪.‬‬
‫‪.2‬تتجاهل دور العوامل الالشعورية وأهمل العواطف واالنفعاالت‪.‬‬
‫‪.3‬إهمال ماضي الفرد‪.‬‬
‫‪.4‬التركيز فقط على تأثير التفكير اإليجابي‪.‬‬
‫الخالصة‬
‫‪.1‬لقد ساهم علماء النفس المعرفيين في مجال العالج النفسي وتعديل السلوك ولقد كانت جل‬
‫مساهمتهم تعتمد على إعادة البناء المعرفي‪ ،‬إذ أن معظم هذه االتجاهات كانت تركز على‬
‫العمليات الوسيطية التي تحدث ما بين المثير واالستجابة المقصود بذلك التفكير‪ ،‬والتخيل‪،‬‬
‫واإلدراك‪.‬‬
‫‪.2‬أن سبب تعاسة اإلنسان وشقائه ال تأتي من سلوكه بالدرجة األولى ولكن من طريقة تفكيره‬
‫"ما يؤمن به وما يعتقد بأنه صحيح"‪ .‬إن تعديل البناء المعرفي هو المهم في هذا األمر مما يعمل‬
‫على تصحيح سلوك الفرد تبعا ً لذلك‪.‬‬
‫‪.3‬ظهرت العديد من استراتيجيات العالج المعرفية ونذكر منها‪)1:‬العالج العقالني العاطفي‬
‫‪)2‬العالج المعرفي "آرون بيك ‪)3‬أسلوب حل المشكالت ‪)4‬أسلوب التوجيه الذاتي ‪)5‬أسلوب‬
‫التوقف عن التفكير‪.‬‬
‫‪234‬‬
‫الباب الثالث‪:‬‬
‫اضطرابات الشخصية واختباراتها‬
‫‪.1‬الفصل الثاني عشر‪ :‬اضطرابات الشخصية‬
‫‪.2‬الفصل الثالث عشر‪ :‬االختبارات الشخصية‬
‫‪235‬‬
‫الفصل الثاني عشر‬
‫اضطرابات الشخصية‬
‫‪Personality Disorders‬‬
‫لقد أشرنا خالل الفصول السابقة من أن لكل فرد شخصية تتسم بسمات معينة وأنماط‬
‫سلوكية مختلفة‪ ،‬فلكل فرد طريقته الخاصة بالتفكير والتعامل مع أمور الحياة المختلفة لذلك فكل‬
‫شخص منا يعتبر فريد من نوعه‪ .‬وقد تتحول هذا السمات واألنماط والصفات والطرق التي‬
‫تتميز بها الشخصية مع مرور األيام إلى أشكال تخرج عن المألوف والحد المقبول على كافة‬
‫المعايير واألسس فعندما يصبح الفرد متصلبا ً في تفكيره‪ ،‬وال يستطيع التكيف في المحيط الذي‬
‫يعيش فيه يصبح مصدر إزعاج لمن حوله وتتحول حياته إلى شكل غير مقبول وتظهر عليه‬
‫زملة أعراض التوتر والضغط النفسي‪.‬‬
‫إن ما أشرنا إليه هو االضطراب في الشخصية الذي يبدأ في مراحل مبكرة من حياة‬
‫اإلنسان وتستمر معه طيلة حياته ومن الجدير بالذكر أن انتشار اضطراب الشخصية مرتفع‪،‬‬
‫وتشير البحوث إلى ‪ %60-40‬من المرضى النفسيين هم ممن يعاني من اضطرابات الشخصية‪،‬‬
‫وعلى الرغم من هذا االرتفاع وصعوبة االضطراب إال أن العالج النفسي ممكن وذو نتائج‬
‫إيجابية ‪.‬‬
‫وال بد من اإلشارة إلى أن اضطرابات الشخصية تتميز بمجموعة من األنماط السلوكية‬
‫الثابتة والتي يصاحبها صعوبة في التكيف‪ ،‬واإلدراك‬
‫‪237‬‬
‫والدوافع وفي كيفية التعامل والتفاعل مع اآلخرين وفي طريقة السيطرة على انفعاالتهم‪.‬‬
‫تعريف اضطرابات الشخصية‪:‬‬
‫نستنتج مما سبق أن اضطرابات الشخصية عبارة عن خلل في جانب أو أكثر في الشخصية‬
‫كالتفكير والدوافع والتعامل والتكيف وفقدان المرونة في المواقف المختلفة‪ ،‬والتصلب وفشل في‬
‫السيطرة على االنفعاالت‪ .‬وقد عرف ديفي (‪ )2016‬اضطراب الشخصية على " أنه مجموعة‬
‫من االضطرابات التي تتصف بوجود أطر مستمرة غير مرنة وغير تكيفية من التفكير‬
‫والسلوك‪ ،‬والتي تتطور في سن المراهقة أو الرشد المبكر‪ ،‬وتؤدي إلى إفساد قدرة الفرد‬
‫الوظيفية‪ .‬ويضيف بأن دليل التشخيص اإلحصائي الخامس حدد اضطراب الشخصية على أنه‬
‫نمط مستمر من الخبرة الداخلية والسلوك الذي ينحرف بشكل واضح عن التوقعات الخاصة‬
‫بثقافة الفرد وهو غير مرن وثابت مع مرور الوقت‪ ،‬ويؤدي إلى حالة من الضيق ويرتبط غالبا ً‬
‫بطرق غير صحيحة في تفسير األحداث التي يمر بها الفرد‪ .‬ويعرفها (ياسين‪ )1988،‬بأنها‬
‫مجموعة من االضطرابات التي تصيب الشخصية في واحد أو أكثر من التالي‪:‬‬
‫‪ .1‬اضطرابات في أنماط الشخصية‪ )Type Disorder( :‬فتتحول الشخصية إلى عاجزة أو‬
‫فصامية‪ ،‬أو دورية أو بارانوية وأنوعها اآلتي‪:‬‬
‫ الشخصية العاجزة‪ )Inadequate Personality( :‬وتتصف بالعجز الدائم عن الوفاء‬‫بمطالب الحياة اليومية‪ ،‬يفشل في التكيف ويشعر بضعف الطاقة وليس لديه هدف واضح‬
‫ومعظم أفرد هذه الفئة عاطلون عن العمل وهم من ذوي الدخل المحدود أو من هم في‬
‫السجون‪.‬‬
‫‪238‬‬
‫الشخصية الفصامية‪ )Schizoid Personality( :‬وتتصف هذه الشخصية باالبتعاد عن‬‫الواقع واالبتعاد عن المشاركات االجتماعية‪ ،‬يعيش في أحالم اليقظة ويتمركز حول ذاته‪.‬‬
‫ويبتعد عن المنافسة ويتصف بالجبن والخوف‪ .‬كما أن مرحلة الطفولة لديه تتسم بالخجل‬
‫والحساسية المفرطة واالنطواء واالنسحاب الكامل وتظهر أعراض المرض في مرحلة‬
‫البلوغ ثم تتحول إلى حالة فصامية‪.‬‬
‫الشخصية الدورية(‪ )Cyclothymic Personality‬يظهر اضطرابا ً نمطيا ً واضحا ً‬‫حيث تظهر حالة االنبساط والمودة والمرح والكرم الزائد مع اآلخرين يليها تغير واضح‬
‫وحزن واكتئاب وابتعاد عن الناس ويصبح أكثر هياجا ً وغضبا ً عندما يواجه عقبات في‬
‫حياته سرعان ما يتقلب ما بين المرح والحزن‪.‬‬
‫الشخصية البارانوية( ‪ )Paranoid Personality‬وهي شخصية شكاكة تتسم بالغيرة‬‫والحسد وتسقط ذلك على اآلخرين ولديه صعوبة في التعامل مع اآلخرين وغالبا ً ما‬
‫نجدها عند السياسيين‪ ،‬وتشعر هذه الشخصية باالضطهاد وهذاءات العظمة والعلو‬
‫والكبرياء والغرور‪.‬‬
‫‪.2‬اضطرابات في سمات الشخصية‪ )Form Disorder (:‬تصبح الشخصية عصابية أو‬
‫قهرية أو وسواسية أو عدوانية أو غير متزنة انفعاليا ً وأنواعها اآلتي‪:‬‬
‫الشخصية العصابية ‪ )Neurotic Personality (:‬وتتصف بسرعة الغضب والتوتر‬‫والتقلب المزاجي وعدم الشعور باألمن النفسي‪ .‬واقعية ولكنها تتأثر بالضغوط النفسية‬
‫المتنوعة‪ ،‬خلل في جزء محدد بالشخصية‪،‬‬
‫‪239‬‬
‫لديه بطء في التفكير وسلوك جامد متكرر وتشتت ذهني وضعف في اإلرادة وضعف في‬
‫التركيز‪ ،‬يتقبل العالج بعكس الشخصية الفصامية‪.‬‬
‫الشخصية غير المتزنة انفعاليا ً ‪ )Emotionally instable Personality( :‬تظهر‬‫انفعاالتهم غير المناسبة تحت أقل الضغوط‪ ،‬يحبون الجدل والمشاكسة وينهارون بسرعة‬
‫في حالة تعرضهم لحوادث‪ ،‬تتصف عالقتهم باآلخرين بالتقلب والهوائية‪.‬‬
‫الشخصية السلبية العدوانية‪ )Passive- Aggressive Personality (:‬يتصف الفرد‬‫هنا بأنه سلبي‪-‬اتكالي‪ ،‬سلبي ‪-‬عدواني‪ ،‬وعدواني) وربما تتواجد هذه األنواع الثالث عند‬
‫الفرد‪ .‬طفولي في سلوكه‪ ،‬ليس لديه القدرة على حسم األمور وسرعان ما يصابون‬
‫بالذعر والخوف‪ ،‬وهم بحاجة إلى السند العاطفي في كل المواقف‪ .‬وعالقتهما اإلنسانية‬
‫تتسم بأنها من طرف واحد يتسمون بالعدوانية والكراهية والتذمر واألحقاد والشائعات‬
‫ويعوزهم النضج الشخصي والضبط اإلرادي‪.‬‬
‫الشخصية القهرية ‪) Compulsive Personality( :‬من صفات الفرد هنا أنه يتصف‬‫بالدقة والتنظيم إلى حد مفرد وضمير قاسي وتمسك بالمعايير الخلقية واالجتماعية عبر‬
‫عالقاتهم مع اآلخرين‪ ،‬ويحاولون فرض معتقداتهم ومعاييرهم على اآلخرين ويشبهون‬
‫إلى حد ما سلوك الفصاميين القهريين‪.‬‬
‫الشخصية الهستيرية (‪ ) Hysterical Personality‬يعانون من النوبات الهستيرية‬‫وعدم االستقرار االنفعالي‪ ،‬وتوتر وتقلب مزاجي وعجز عن مواجهة مشكالت الحياة‬
‫المختلفة‪ ،‬ويسعون نحو عطف واهتمام اآلخرين بل واالعتماد على اآلخرين ولديهم‬
‫شعور بالالمباالة‪.‬‬
‫‪240‬‬
‫الشخصية الوسواسية‪ ) Obsessive Personality ( :‬يعاني أفراد هذه الشخصية من‬‫تسلط أفكار وسواسية غريبة على تفكيرهم‪ ،‬كأن يعتقدوا أن هناك من يحاول قتلهم أو‬
‫وضع السهم لهم‪ .‬هذا النوع من األفكار التسلطية تشكل عصابا ً قهريا ً ال يستطيع اإلنسان‬
‫التخلص منها‪.‬‬
‫‪.3‬اضطرابات في تكيف الشخصية‪ :‬وهنا يفقد الفرد قدرته على التكيف في المهنة والعمل‬
‫أو األسرة والبيئة‪ ،‬وتظهر أعراضها في اضطرابات التبول واإلخراج واضطرابات‬
‫النوم والغذاء وقد تؤدي بالفرد إلى االنسحاب والجريمة والجنوح والعدوان واالنتحار‪.‬‬
‫‪.4‬اضطرابات السلوك الالاجتماعي الشخصية المعادية للمجتمع ( ‪Anti-social‬‬
‫‪ )Personality‬والتي تجعل من الفرد شخصية مدمنة على الكحول أو المخدرات أو‬
‫االنحرافات الجنسية أو السلوك الالاجتماعي‪ .‬ومن أنواع هذه الشخصية‪:‬‬
‫الشخصية السيكوباتية‪ :‬وتظهر بداياتها من مرحلة الطفولة ويستمر هذا السلوك مع‬‫الفرد مدى الحياة‪ ،‬ويرفض ويقاوم المريض كل أنواع العالج‪ ،‬وينتشر عادة بين أكثر من‬
‫فرد في األسرة وتلعب المؤثرات االجتماعية والتنشئة دورا ً كبيرا ً في تطور هذه‬
‫الشخصية‪ ،‬وتتسم هذه الشخصية بالعناد والمشاكسة والقلق والتجول بالشوارع‪ ،‬والميل‬
‫لتناول المخدرات والكحول‪ ،‬واالنحرافات الجنسية وهو شخص ال يشعر بالذنب‪ ،‬متبلد‬
‫األحاسيس والمشاعر يتصف بالكذب والمبالغة‪ ،‬وتتصف انفعاالتهم بأنها مؤذية‬
‫لآلخرين‪.‬‬
‫‪241‬‬
‫تصنيف اضطرابات الشخصية‬
‫ينبغي لنا هنا أن نشير إلى أهم التصنيفات العالمية المعتمدة‪ ،‬وهما تصنيف دليل‬
‫التشخيص اإلحصائي األمريكي وتشخيص منظمة الصحة العالمية‪:‬‬
‫‪.1‬دليل التشخيص اإلحصائي األمريكي (‪ )DSM‬وسوف نشير هنا إلى بدايته وكيف‬
‫تطور التصنيف‪:‬‬
‫حسب تصنيف ‖‪ DSM-‬حيث وضعت تحت قسم اضطرابات الشخصية‬‫كاآلت‪:‬‬
‫غي الذهانية وقسمت‬
‫واالضطرابات النفسية ر‬
‫ي‬
‫‪.1‬اضطرابات الشخصية‬
‫‪ .2‬االنحرافات الجنسية‬
‫الكحول‬
‫‪.3‬اإلدمان‬
‫ي‬
‫العقاقي والمخدرات‬
‫‪ .4‬إدمان‬
‫ر‬
‫حسب تصنيف ‪ DSM-3‬وصنفت إل ثالثة أنواع‪:‬‬‫‪ .1‬أصحاب السلوك الشاذ أو غريب األطوار مثل الشخصية الزورية أو الفصامية‪.‬‬
‫متقلب األطوار مثل الشخصية‬
‫العاطف أو‬
‫‪ .2‬أصحاب السلوك المأساوي أو‬
‫ي‬
‫ي‬
‫الهستيية‪.‬‬
‫ر‬
‫‪.3‬أصحاب السلوك القلق والخوف مثل الشخصية التجنبية والمعتمدة والوسواسية‬
‫والقهرية‪.‬‬
‫‪242‬‬
‫حسب تصنيف ‪ DSM-3-R‬وصنفت إل ثالث مجموعات‪:‬‬‫‪.1‬المجموعة األول‪ :‬تضم الشخصية الزورية والفصامية واضطراب الشخصية من النمط‬
‫الفصام‪.‬‬
‫ي‬
‫‪ .2‬المجموعة الثانية ‪:‬اضطراب الشخصية المضادة للمجتمع والشخصية الحدية‪،‬‬
‫الهستيية والشخصية اليجسية‪.‬‬
‫والشخصية‬
‫ر‬
‫التجنب‪ ،‬والشخصية االعتمادية والشخصية‬
‫‪.3‬المجموعة الثالثة‪ :‬اضطراب الشخصية‬
‫ي‬
‫العدوانية والوسواسية القهرية‪ ،‬وقد اتصفوا بأنهم قلقون وخائفون‪.‬‬
‫حسب تصنيف ‪ DSM-4‬وصنفت إل ثالث مجموعات‪:‬‬‫‪ .1‬المجموعة األول‪ :‬اضطراب الشخصية الزوري واضطراب الشخصية الفصامية‪.‬‬
‫‪ .2‬المجموعة الثانية‪ :‬الشخصية المعادية للمجتمع‪ ،‬واضطراب الشخصية الحدي‪،‬‬
‫الهستيي واضطراب الشخصية اليجسية‪.‬‬
‫واضطراب الشخصية‬
‫ر‬
‫‪.3‬المجموعة الثالثة‪ :‬الشخصية التجنبية‪ ،‬واضطراب الشخصية االعتمادية‪ ،‬واضطراب‬
‫غي محدد‪.‬‬
‫الشخصية الوسواسية القهرية واضطراب شخصية ر‬
‫اإلحصات الخامس ‪ DSM-5‬والذي صدر‬
‫وسنفرد يف الصفحات اآلتية لدليل التشخيص‬
‫ي‬
‫ً‬
‫ً‬
‫مؤخرا ميجما كما جاء يف الدليل‪:‬‬
‫غي منشور)‬
‫(ترجمة د‪ .‬أنور الحمادي ر‬
‫اإلحصائ ‪DSM-5‬‬
‫دليل التشخيص‬
‫ي‬
‫‪-2‬المجموعة ‪ A‬من اضطراب الشخصية‬
‫‪-1‬اضطراب الشخصية الزوراني‬
‫‪243‬‬
‫)‪Paranoid personality disorder (F60.0‬‬
‫‪ -A‬ارتياب وشك شامل في االخرين بحيث تفسر دوافعهم على أساس من سوء النية‪ ،‬يبدأ هذا‬
‫االرتياب منذ البلوغ الباكر ويتبدى في العديد من السياقات كما يستدل عليها بأربعة‬
‫عبارات ( أو أكثر) من‬
‫(‪)1‬‬
‫(‪)2‬‬
‫(‪)3‬‬
‫(‪)4‬‬
‫(‪)5‬‬
‫(‪)6‬‬
‫(‪)7‬‬
‫شبهات دون أساس كاف في أن اآلخرين يستغلونه أو يلحقون به األذى أو يخدعونه‪.‬‬
‫منشغل بشكوك ال مسوغ لها حول وفاء وانتماء األصدقاء والزمالء‪.‬‬
‫يتردد بالوثوق في اآلخرين بسبب الخوف غير المسوغ من أن المعلومات ستستخدم‬
‫بشكل خبيث ضده‪.‬‬
‫يستنبط من المالحظات أو األحداث البريئة إهانات وتهديدات‪.‬‬
‫يحمل الضغائن بصورة متواصلة ( أي ال يفصح عن اإلهانات أو األذى أو‬
‫االحتقار)‪.‬‬
‫يشعر بالتهجم من قبل االخرين على شخصه أو سمعته‪ ،‬وقد ال يكون هذا التهجم‬
‫ظاهرا ً لآلخرين‪ ،‬وهو سريع االستجابة بالغضب أو القيام بهجوم مضاد‪.‬‬
‫لديه شكوك متكررة دون مسوغ في إخالص الزوج أو الشريك الجنسي‪.‬‬
‫‪ -b‬ال يحدث حصرا ً أثناء حدوث الفصام أو االضطراب ثنائي القطب أو االضطراب‬
‫االكتئابي مع مظاهر ذهانية أو اضطراب ذهاني آخر وال يعزى للتأثيرات الفسيولوجية‬
‫المباشرة لحالة طبية أخرى‪.‬‬
‫‪244‬‬
‫‪-2‬اضطراب الشخصية الفصامية‬
‫)‪Schizoid personality disorder (F60.1‬‬
‫‪ -A‬نمط شامل من العزلة عن العالقات االجتماعية وتضيق مدى التعبير االنفعالي في‬
‫المواقف الشخصية‪ ،‬والذي يبدأ منذ البلوغ الباكر ويظهر في العديد من السياقات كما‬
‫يستدل عليها بأربعة (أو أكثر) مما يأتي ‪:‬‬
‫(‪)1‬‬
‫(‪)2‬‬
‫(‪)3‬‬
‫(‪)4‬‬
‫(‪)5‬‬
‫(‪)6‬‬
‫(‪)7‬‬
‫ال يرغب وال يستمتع بالعالقات الوثيقة حتى مع أفراد عائلته‪.‬‬
‫غالبا ً ما يختار أنشطة فردية‪.‬‬
‫يبدي رغبة قليلة او معدومة في خوض تجارب جنسية مع شخص اخر‪.‬‬
‫يستمتع بنشاطات قليلة أو ال يستمتع‪.‬‬
‫يفتقر إلى أصدقاء مقربين أو مؤتمنين ما عدا أقارب الدرجة األولى‪.‬‬
‫يظهر ال مباالة إلطراء اآلخرين أو انتقاداتهم‪.‬‬
‫يبدي برودا ً عاطفيا ً أو انعزاالً أو تسطحا ً وجدانياً‪.‬‬
‫‪ -B‬ال يحدث حصرا ً أثناء سير الفصام أو االضطراب ثنائي القطب أو االضطراب االكتئابي‬
‫مع مظاهر ذهانية‪ ،‬أو اضطراب ذهاني آخر أو اضطراب طيف التوحد وال يعزى‬
‫للتأثيرات الفسيولوجية المباشرة لحالة طبية أخرى‪.‬‬
‫مالحظة‪ :‬إذا تحققت المعايير قبل بدء الفصام أضف (قبل المرض) مثال (اضطراب‬
‫الشخصية الفصامية (قبل المرضي)‪.‬‬
‫‪245‬‬
‫اضطراب الشخصية الفصامي النمط‬
‫)‪Schizotypal personality disorder (F21‬‬
‫‪ -A‬نمط شامل من الخلل االجتماعي والشخصي والذي يتميز بانزعاج حاد من العالقات‬
‫الوثيقة وانخفاض القدرة على إقامتها‪ ،‬باإلضافة إلى انحرافات معرفية أو إدراكية‬
‫وغرابة في السلوك‪ ،‬والذي يبدأ منذ البلوغ الباكر ويظهر في العديد من السياقات‪ ،‬كما‬
‫يستدل عليه بخمسة (أو أكثر) مما يأتي‪:‬‬
‫(‪)1‬‬
‫(‪)2‬‬
‫(‪)3‬‬
‫(‪)4‬‬
‫(‪)5‬‬
‫أفكار اإلشارة (مع نفي أوهام اإلشارة)‪.‬‬
‫اعتقادات شاذة أو تفكير سحري يؤثر في السلوك‪ ،‬وال يتوافق مع المعايير الثقافية (‬
‫مثل االعتقاد بالخرافات أو اإليمان باالستبصار ( قوة كشف الغيب) أو (التخاطر أو‬
‫الحاسة السادسة) وعند األطفال والمراهقين تخيالت أو انشغاالت مستغربة‪.‬‬
‫خبرات إدراكية غير عادية بما فيها أوهام جسدية‪.‬‬
‫تفكير وكالم شاذ( مثال‪ ،‬غموض‪ ،‬أو إطناب) أو مجازية‪ ،‬أو إسهاب أو نمطية)‪.‬‬
‫تفكير ارتيابي أو زوري‪.‬‬
‫(‪)6‬‬
‫(‪)7‬‬
‫(‪)8‬‬
‫وجدان غير مناسب أو متحدد‪.‬‬
‫سلوك أو مظهر غريب‪.‬‬
‫انعدام األصدقاء المقربين أو المؤتمنين ما عدا أقارب الدرجة األولى‪.‬‬
‫‪246‬‬
‫(‪ )9‬قلق اجتماعي مفرط ال يتناقص باأللفة ويميل للترافق مع خوف زوري أكثر منه تقييم‬
‫سلبي للذات‪.‬‬
‫‪ -B‬ال يحدث حصرا ً أثناء سير الفصام‪ ،‬أو االضطراب ثنائي القطب أو االضطراب‬
‫االكتئابي مع مظاهر ذهانية‪ ،‬أو اضطراب ذهاني آخر‪ ،‬أو اضطراب طيف التوحد وال‬
‫يعزى للتأثيرات الفيزيولوجية المباشرة لحالة طبية أخرى‬
‫مالحظة‪ :‬إذا تحققت المعايير قبل بدء الفصام‪ ،‬أضف (قبل المرض) مثال "اضطراب‬
‫الشخصية الفصامي النمط (قبل المرضي)"‬
‫المجموعة ‪ B‬من اضطراب الشخصية‬
‫‪-1‬اضطراب الشخصية المعادي للمجتمع‬
‫)‪Antisocial personality disorder (F60.2‬‬
‫‪ -A‬نمط شامل من االستهانة بحقوق اآلخرين وانتهاكها منذ سن الخامس عشرة‪ ،‬كما‬
‫يستدل عليه بثالثة ( أو أكثر) مما يأتي‪:‬‬
‫(‪ )1‬الفشل في االمتثال للمعايير االجتماعية فيما يتعلق بالسلوكات المشروعة كما يستدل على‬
‫ذلك من تكرر عدم االمتثال‪.‬‬
‫(‪ )2‬الخداع‪ ،‬كما يستدل عليه بالكذب المتكرر أو استخدام األسماء المستعارة أو االحتيال‬
‫على اآلخرين بهدف المنفعة الشخصية أو المتعة‪.‬‬
‫(‪ )3‬االندفاعية أو اإلخفاق في التخطيط للمستقبل‪.‬‬
‫(‪ )4‬التململ والعدوانية كما يستدل عليها بالمشاجرات المتكررة والتعديالت‪.‬‬
‫‪247‬‬
‫(‪ )5‬االستهتار المتهور بسالمة الذات واآلخرين‪.‬‬
‫(‪ )6‬الالمسوؤلية الدائمة كما يستدل عليها من اإلخفاق في المحافظة على عمل دائم أو في‬
‫االلتزامات المالية الشريفة‪.‬‬
‫(‪ )7‬االفتقار إلى الشعور بالندم‪ ،‬كما يستدل عليه بالالمباالة عند إلحاق األذى أو تبريره‪ ،‬أو‬
‫عندما يسيء معاملة اآلخرين أو عندما يسرق شخصا ً آخر‪.‬‬
‫‪ -B‬عمر الفرد ‪ 18‬سنة على األقل‪.‬‬
‫‪ -C‬ثمة دليل على اضطراب سلوك بدأ قبل عمر ‪ 15‬سنة‪.‬‬
‫‪ -D‬السلوك المضاد للمجتمع ال يقع حصرا ً في سياق الفصام أو اضطراب ثنائي القطب‪.‬‬
‫اضطراب الشخصية الحدية‬
‫)‪Borderline personality disorder (F60.3‬‬
‫نمط شامل من عدم االستقرار في العالقات مع اآلخرين وفي صورة الذات في الوجدان‬
‫واالندفاعية الواضحة‪ ،‬والذي يبدأ منذ البلوغ الباكر ويظهر في العديد من السياقات‪ ،‬كما يستدل‬
‫عليه بخمسة ( أو أكثر) من المظاهر اآلتية‪:‬‬
‫(‪)1‬‬
‫محاوالت محمومة لتجنب هجران حقيقي أو متخيل‪.‬‬
‫مالحظة‪ :‬ال يتضمن السلوك االنتحاري أو المشوه للذات والذي سيذكر في المعيار الخامس‪.‬‬
‫‪248‬‬
‫(‪)2‬‬
‫(‪)3‬‬
‫(‪)4‬‬
‫(‪)5‬‬
‫(‪)6‬‬
‫(‪)7‬‬
‫(‪)8‬‬
‫(‪)9‬‬
‫نمط العالقات غير المستقرة والحادة مع االخرين يتسم باالنتقال من أقصى الكمال‬
‫الى اقصى الحط من القدر‪.‬‬
‫اضطراب الهوية‪ :‬عدم استقرار واضح وثابت في صورة الذات أو اإلحساس بالذات‪.‬‬
‫االندفاعية في مجالين على األقل من المجاالت التي تحمل إمكانية إلحاق األذى‬
‫بالذات ( مثل االنفاق‪ ،‬الجنس‪ ،‬إساءة استعمال المواد‪ ،‬القيادة المتهورة‪ ،‬نوبات من‬
‫األكل المفرط مالحظة‪ :‬ال يتضمن السلوك االنتحاري أو المشوه للذات الذي سيأتي‬
‫ذكره في المعيار الخامس‪.‬‬
‫سلوك انتحاري متكرر أو تلميحات أو تهديدات أو سلوك مؤ ٍذ للذات‪.‬‬
‫عدم االستقرار االنفعالي الناجم عن االنفعالية الواضحة للمزاج ( مثل سوء مزاج‬
‫نوبي حاد أو استثارة أو قلق‪ ،‬تستمر عادة لعدة ساعات ونادرا ً ما تستمر ألكثر من‬
‫بضعة أيام)‪.‬‬
‫أحاسيس مزمنة بالفراغ‪.‬‬
‫الغضب الشديد غير المناسب أو الصعوبة في لجم الغضب مثل مظاهر متكررة‬
‫للغضب‪ ،‬غضب مستمر‪ ،‬شجارات متكررة‪.‬‬
‫تفكير زوري عابر مرتبط بالشدة أو أعراض تفريقية شديدة‪.‬‬
‫‪249‬‬
‫اضطراب الشخصية الهيستيرية‬
‫)‪Histrionic personality disorder (F60.4‬‬
‫نمط ثابت من فرط االنفعالية وجذب االنتباه‪ ،‬والذي يبدأ منذ البلوغ الباكر ويظهر في العديد من‬
‫السياقات كما يستدل عليه بخمسة (أو أكثر ) من المظاهر اآلتية‪:‬‬
‫(‪ )1‬غير مرتاح في المواقف التي ال يكون أو يكون فيها محور االهتمام ‪.‬‬
‫(‪ )2‬غالبا ً ما يتسم في عالقته مع اآلخرين بسلوك جنسي إغوائي بشكل غير مناسب أو بسلوك‬
‫مثير‪.‬‬
‫(‪)3‬يظهر بسرعة تحوالً وتعبيرا ً سطحيا ً عن العواطف‪.‬‬
‫(‪ )4‬يستخدم باستمرار المظهر الجسدي للفت االنتباه‪.‬‬
‫(‪ )5‬لديه أسلوب في الكالم مفرط في التعبير(ذاتي) ويفتقر إلى التفاصيل‪.‬‬
‫(‪)6‬يبدي حركات تمثيلية ومسرحية وتعبيرا ً مبالغا ً فيه عن العواطف‪.‬‬
‫(‪ )7‬لديه قابلية لإليحاء أي يتأثر بسهولة باآلخرين أو الظروف‪.‬‬
‫(‪ )8‬يعبر عن عالقة حميمية أكثر مما هي عليه في الواقع‪.‬‬
‫‪250‬‬
‫‪-4‬اضطراب الشخصية النرجسية‬
‫)‪Narcissistic personality disorder (F60.81‬‬
‫نمط ثابت من العظمة ( في الخيال أو السلوك) والحاجة إلى اإلعجاب واالفتقار إلى التعاطف‪،‬‬
‫والذي يبدأ منذ البلوغ الباكر ويتبدى في العديد من السياقات كما يستدل عليه بخمسة ( أو أكثر)‬
‫من المظاهر اآلتية‪:‬‬
‫(‪ )1‬لديه شعور عظمة بأهمية الذات ( مثال يبالغ في اإلنجازات والمواهب ويتوقع أن‬
‫يعترف به كمتفوق دون أن يحقق إنجازات مكافئة)‪.‬‬
‫(‪ )2‬مستغرق في خياالت عن النجاح الالمحدود أو القوة أو التألق أو الجمال أو الحب‬
‫المثالي‪.‬‬
‫(‪ )3‬يعتقد أنه متميز وفريد ويمكن فهمه أو يجب أن يصاحب فقط من قبل أناس مميزين أو‬
‫من طبقة عليا أو من قبل مؤسسات عليا‪.‬‬
‫(‪)4‬يتطلب إعجابا ً مفرطاً‪.‬‬
‫(‪ )5‬لديه شعور بالصدارة ( أي توقعات غير معقولة عن معاملة تفضيلية خاصة أو االمتثال‬
‫التلقائي لتوقعاته)‪.‬‬
‫(‪ )6‬استغاللي في عالقاته الشخصية ( أي يستغل اآلخرين لتحقيق مآربه)‪.‬‬
‫(‪ )7‬يفتقد التعاطف‪ :‬يرفض االعتراف أو اإلحساس مع مشاعر وحاجات اآلخرين‪.‬‬
‫(‪ )8‬غالبا ً ما يكون حسودا ً لآلخرين‪ ،‬أو يعتقد أن اآلخرين يكنون له أو لها مشاعر الحسد‪.‬‬
‫‪251‬‬
‫(‪ )9‬يبدي سلوكات أو مواقف متعجرفة ومتعالية‪.‬‬
‫المجموعة ‪ C‬من اضطرابات الشخصية‬
‫‪-1‬اضطراب الشخصية التجنبية‬
‫)‪Avoidant personality disorder (F60.6‬‬
‫نمط ثابت من التثبيط االجتماعي مع مشاعر بعدم الكفاية وفرط الحساسية للتقييم السلبي‬
‫والذي يبدأ منذ البلوغ الباكر‪ ،‬ويظهر في العديد من السياقات كما يستدل عليه بأربعة ( أو‬
‫أكثر) من المظاهر اآلتية‪:‬‬
‫(‪)1‬‬
‫(‪)2‬‬
‫(‪)3‬‬
‫(‪)4‬‬
‫(‪)5‬‬
‫(‪)6‬‬
‫يتجنب النشاطات المهنية‪ ،‬التي تتطلب احتكاكا ً كبيرا ً مع اآلخرين بسبب الخوف من‬
‫االنتقاد أو عدم االستحسان أو الرفض‪.‬‬
‫يرفض االنخراط مع الناس ما لم يكن متيقنا ً أن سيكون محبوباً‪.‬‬
‫يبدي تقيدا ً في العالقات الحميمية بسبب الخوف من أن يكون موضع سخرية وخزي‪.‬‬
‫منشغل بكونه موضع انتقاد أو رفض في المواقف االجتماعية ‪.‬‬
‫متثبط إلى المواقف الجديدة مع الناس بسبب الخوف من عدم الكفاءة‪.‬‬
‫ينظر إلى نفسه على أنه غير كفؤ اجتماعيا ً غير جذاب شخصيا ً أو أقل شأنا ً من‬
‫اآلخرين‪.‬‬
‫(‪)7‬‬
‫متردد بصورة غير عادية في تعريض نفسه للمجازفات أو االنخراط في أنشطة‬
‫جديدة‪ ،‬ألنها قد تظهر االرتباك والخجل‪.‬‬
‫‪252‬‬
‫‪ -2‬اضطراب الشخصية االعتمادية‬
‫)‪Dependent personality disorder (F60.7‬‬
‫حاجة ثابتة شاملة ألن يتعهده أحد بالرعاية مما يؤدي إلى سلوك مستكين منقاد وخوف من‬
‫االنفصال‪ ،‬والذي يبدأ منذ البلوغ ويظهر في العديد من السياقات كما يستدل عليه بخمسة (‬
‫أو أكثر) من المظاهر اآلتية‪:‬‬
‫(‪ )1‬لدى المصاب صعوبة في اتخاذ القرارات اليومية دون مقدار كبير من النصح والتطمين‬
‫من اآلخرين‪.‬‬
‫(‪)2‬يحتاج اآلخرين في تولي المسؤولية بالنسبة لمعظم المجاالت الرئيسية في حياته أو‬
‫حياتها‪.‬‬
‫(‪ )3‬يجد صعوبة في التعبير عن محالفته لآلخرين بسبب خوفه من فقد الدعم او الموافقة‪.‬‬
‫مالحظة ‪ :‬ال تضمن الخوف الحقيقي من العقاب‪.‬‬
‫(‪ )4‬يجد صعوبة في البدء بمشاريع خاصة او القيام بأعمال لوحده (بسبب انعدام الثقة بالنفس‬
‫في أحكامه أو قدراته وليس فقد الدافع أو النشاط)‪.‬‬
‫(‪ )5‬يعمل ما في وسعه لكسب الرعاية والدعم من االخرين الى حد التطوع للقيام بأعمال غير‬
‫سارة‪.‬‬
‫(‪ )6‬يشعر باالنزعاج أو اليأس حين يكون وحيدا ً بسبب خوفه الشديد من عدم تمكنه من‬
‫االهتمام بنفسه‪.‬‬
‫(‪ )7‬ينشد سريعا ً (باستعجال) عالقة أخرى كمصدر للرعاية والدعم عندما تنتهي عالقة‬
‫وثيقة‪.‬‬
‫‪253‬‬
‫(‪ )8‬منشغل بشكل غير واقعي بمخاوف من تركه يتولى رعاية نفسه أو نفسها‪.‬‬
‫‪-3‬اضطراب الشخصية الوسواسية القهرية‬
‫)‪Obsessive-compulsive personality disorder (F60.5‬‬
‫نمط ثابت من االنشغال باالنتظام والكمال والضبط العقلي وضبط العالقات الشخصية على‬
‫حساب المرونة واالنفتاح والفعالية‪ ،‬والذي يبدأ منذ البلوغ الباكر ويظهر في العديد من‬
‫السياقات كما يستدل عليه بأربعة ( أو أكثر( من المظاهر اآلتية‪:‬‬
‫(‪)1‬‬
‫(‪)2‬‬
‫(‪)3‬‬
‫(‪)4‬‬
‫منشغل بالتفاصيل أو القوانين أو اللوائح أو الترتيب أو التنظيم أو الجداول (مخططات‬
‫العمل) إلى حد يضيع معه الموضوع الرئيسي للعمل الذي يقوم به‪.‬‬
‫يظهر كمالية تتداخل مع إتمام الشخص لواجباته ( مثال‪ :‬عجزه عن إنهاء مشروع‬
‫ألنه ال يتم تلبية معاييره الدقيقة جداً)‪.‬‬
‫التفاني الزائد في العمل واإلنتاجية إلى حد التخلي عن أوقات الفراغ والصداقات (‬
‫وال يفسر ذلك بالحاجة االقتصادية الواضحة)‪.‬‬
‫ذو ضمير حي زائد ومتشكك ومتصلب فيما يخص المسائل األخالقية والمثل والقيم (‬
‫ال يفسر ذلك بالهوية الثقافية أو الدينية)‪.‬‬
‫‪254‬‬
‫(‪)5‬‬
‫(‪)6‬‬
‫(‪)7‬‬
‫(‪)8‬‬
‫يعجز عن التخلي عن أشياء بالية أو عديمة القيمة حتى وإن لم تكن تحمل قيمة‬
‫عاطفية‪.‬‬
‫ال يرغب في تفويض أمر المهمات أو العمل لآلخرين ما لم يخضعوا تماما ً لطريقته‬
‫في تنفيذ األشياء‪.‬‬
‫يتبنى نمطا ً بخيالً في اإلنفاق نحو نفسه ونحو اآلخرين فالمال ينظر إليه كشيء ينبغي‬
‫تكديسه من أجل كوارث المستقبل‪.‬‬
‫يبدي تصلبا ً وعناداً‪.‬‬
‫‪-5‬اضطرابات الشخصية األخرى‬
‫‪ .1‬تغير الشخصية بسبب حالة طبية أخرى‬
‫‪Personality change due to another medical condition‬‬
‫)‪( F07.0‬‬
‫‪ -A‬اضطراب الشخصية الثابت والذي يمثل تغييرا ً عن النمط السابق من الشخصية المميزة‬
‫للفرد‪.‬‬
‫مالحظة ‪ :‬في األطفال ينطوي االضطراب على انحراف واضح عن التطور الطبيعي أو‬
‫تغير كبير في أنماط السلوك المعتاد من الطفل يدوم لسنة واحدة على األقل‪.‬‬
‫‪ -b‬هناك أدلة من التاريخ‪ ،‬والفحص الجسدي‪ ،‬أو النتائج المخبرية أن االضطراب هو نتيجة‬
‫فسيولوجية مباشرة لحالة طبية أخرى‪.‬‬
‫‪255‬‬
‫‪-C‬ال يفسر االضطراب بشكل أفضل من خالل اضطراب عقلي آخر ( بما في ذلك اضطراب‬
‫عقلي آخر بسبب حالة طبية أخرى)‪.‬‬
‫‪-D‬ال يحدث االضطراب حصرا ً في سياق هذيان‪.‬‬
‫‪-E‬يؤدي االضطراب إلى إحباط أو ضعف سريري هام في المجالت االجتماعية أو المهنية أو‬
‫غيرها من مجاالت األداء الهامة األخرى‪.‬‬
‫تحديد ما إذا كان‬
‫النمط غير المستقر‪ :‬إذا كان السائد هو عدم االستقرار االنفعالي‪.‬‬
‫نمط السلوك المتحلل‪ :‬إذا كانت الميزة السائدة هي فقد التحكم باالندفاعات كما يتضح من خالل‬
‫الطيش الجنسي الخ‪.‬‬
‫النمط العدواني‪ :‬إذا كانت الميزة السائدة هي السلوك العدواني ‪.‬‬
‫النمط الالمبالي‪ :‬إذا كان المظهر السائد هو الالمباالة وعدم االكتراث‪.‬‬
‫النمط الزوري‪ :‬إذا كان المظهر السائد هو االرتياب أو التفكير الزوري‪.‬‬
‫نمط آخر‪ :‬إذا لم يتوافق المظهر الموجود مع أي من األنواع الفرعية أعاله‪.‬‬
‫النمط المختلط‪ :‬إذا غلبت على الصورة السريرية أكثر من ميزة واحدة‪.‬‬
‫نمط غير محدد‬
‫مالحظة للترميز‪ :‬اذكر اسم الحالة الطبية األخرى ( على سبيل المثال (‪ )F07.0‬تغير في‬
‫شخصيته نتيجة لصرع الفص الصدغي)‪ .‬ينبغي ترميز الحالة الطبية األخرى‪ ،‬ووضعها بشكل‬
‫منفصل ومباشرة قبل اضطراب في‬
‫‪256‬‬
‫الشخصية بسبب حالة طبية أخرى ( على سبيل المثال‪ )G 40.209( ،‬صرع الفص الصدغي‪،‬‬
‫(‪ )F07.0‬تغير في الشخصية نتيجة لصرع الفص الصدغي)‬
‫اضطراب شخصية محدد آخر‬
‫)‪Other specified personality disorder (F60.89‬‬
‫ينطبق هذا التصنيف على الحاالت التي تسيطر فيها زملة األعراض المميزة‬
‫الضطراب الشخصية‪ ،‬والتي تسبب إحباطا ً سريريا ً هاما ً أو ضعفا ً في األداء في المجاالت‬
‫االجتماعية والمهنية أو غيرها ولكت ال تفي بالمعايير الكاملة لتشخيص أي من االضطرابات‬
‫من فئة اضطرابات الشخصية‪.‬‬
‫يتم استخدام فئة اضطراب شخصية محدد آخر في الحاالت التي يختار فيها الطبيب‬
‫إيصال سبب محدد أن المظاهر الحالية ال تلبي المعايير المحددة لتشخيص أي من االضطرابات‬
‫من فئة اضطرابات الشخصية‪.‬‬
‫يتم ذلك من خالل تسجيل اضطراب شخصية محدد آخر تليها األسباب المحددة لمظاهر‬
‫شخصية مختلطة‪.‬‬
‫‪-3‬اضطراب شخصية غير محدد‬
‫)‪Unspecified personality disorder (F60.9‬‬
‫ينطبق هذا التصنيف على الحاالت التي تسيطر فيها زملة األعراض المميزة الضطراب‬
‫الشخصية والتي تسبب إحباطا ً سريريا ً هاما ً أو ضعفا ً في‬
‫‪257‬‬
‫األداء في المجاالت االجتماعية والمهنية أو غيرها‪ ،‬ولكن ال تفي بالمعايير الكاملة لتشخيص أي‬
‫من االضطرابات من فئة اضطرابات الشخصية‪.‬‬
‫يتم استخدام فئة اضطراب شخصية غير محدد في الحاالت التي يختار فيها الطبيب عدم وجود‬
‫سبب محدد من المظاهر الحالية ال تلبي المعايير المحددة لتشخيص أي منا الضطرابات من فئة‬
‫اضطرابات الشخصية وتتضمن الحاالت التي ال تتوفر فيها المعلومات الكافية لوضع تشخيص‬
‫أكثر تحديداً‪.‬‬
‫‪.2‬دليل التشخيص حسب منظمة الصحة العالمية ‪) ICD ( :‬‬
‫‪ .1‬اضطرابات نوعية في الشخصية‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫‪ ‬اضطرابات الشخصية الزورية‪.‬‬
‫‪ ‬اضطرابات الشخصية الفصامية‪.‬‬
‫‪ ‬اضطراب الشخصية الفصامية‪.‬‬
‫‪ ‬اضطراب الشخصية المضادة للمجتمع‪.‬‬
‫‪ ‬اضطراب الشخصية غير المستقرة انفعالياً‪.‬‬
‫‪ ‬النمط االندفاعي‪.‬‬
‫‪ ‬النمط الحدي‪.‬‬
‫‪ ‬اضطراب الشخصية الهستيرية‪.‬‬
‫‪ ‬اضطراب الشخصية التجنبية‪.‬‬
‫‪ ‬اضطراب الشخصية االتكالية‬
‫‪ ‬اضطرابات نوعية أخرى في الشخصية‪.‬‬
‫‪.2‬اضطرابات الشخصية المختلطة وسائر اضطرابات الشخصية‪:‬‬
‫‪ ‬اضطرابات مختلطة في الشخصية‪.‬‬
‫‪258‬‬
‫‪ ‬تغيرات مزعجة في الشخصية‪.‬‬
‫‪.3‬التغيرات الباقية في الشخصية‪.‬‬
‫‪‬‬
‫‪‬‬
‫‪‬‬
‫‪‬‬
‫ق في الشخصية بعد فاجعة‪.‬‬
‫تغير با ٍ‬
‫ق في الشخصية بعد مرض نفسي‪.‬‬
‫تغير با ٍ‬
‫التغيرات النوعية الباقية األخرى في الشخصية‪.‬‬
‫ق في الشخصية غير محدد‪.‬‬
‫تغير با ٍ‬
‫تعريف باضطرابات الشخصية‪ :‬حسب ويكيبيديا الموسوعة الحرة (‪)2017‬‬
‫اضطرابات ذات طابع غريب‬
‫‪ ‬اضطراب الشخصية االرتيابية‪ :‬تتميز بنمط من الشك غير العقالني وعدم الثقة باآلخرين‬
‫وتفسير دوافع اآلخرين بصورة سيئة‪.‬‬
‫‪ ‬اضطراب الشخصية االنعزالية‪ :‬نقص في االهتمامات والرغبات واالبتعاد عن العالقات‬
‫االجتماعية والالمباالة وقصور في التعبير االنفعالي‪.‬‬
‫‪ ‬اضطراب الشخصية الفصامية‪ :‬نمط من االنزعاج الشديد أثناء التفاعل اجتماعيا ً‬
‫وتشوهات في اإلدراك والتصورات‪.‬‬
‫اضطرابات ذات طابع درامي‬
‫‪ ‬اضطراب الشخصية المضادة للمجتمع‪ :‬نمط سلوكي يتصرف بشكل مؤ ٍذ للمجتمع‪ ،‬ليس‬
‫لديه تعاطف مع اآلخرين استغاللي ومتهور وأناني‪.‬‬
‫‪259‬‬
‫‪ ‬اضطراب الشخصية الحدية‪ :‬نمط سائد من عدم االستقرار في العالقات‪ ،‬وفي صورة‬
‫الذات والهوية والسلوك‪ ،‬وفي كثير من األحيان إلحاق األذى بالنفس واالندفاع‪.‬‬
‫‪ ‬اضطراب الشخصية النرجسية ‪ :‬نمط سائد من العظمة والحاجة إلى اإلعجاب‪ ،‬ونقص‬
‫التعاطف مع االخرين‪.‬‬
‫اضطراب ذات طابع متخوف‬
‫‪ ‬اضطراب الشخصية التجنبية‪ :‬لديه مشاعر زائدة من الكبت أو الركود االجتماعي‬
‫وشعور بعدم الكفاية والمالئمة والحساسية المفرطة للتقييم السلبي‪.‬‬
‫‪ ‬اضطراب الشخصية االعتمادية‪ :‬شعور بالحاجة الشديدة للرعاية‪ ،‬واالهتمام باآلخرين‪.‬‬
‫‪ ‬اضطراب الشخصية الوسواسية‪ :‬تتصف باالتباع الحرفي للقواعد ‪ ،‬والسعي نحو الكمال‬
‫وهو اضطراب مختلف عن الوسواس القهري‪.‬‬
‫اضطرابات شخصية أخرى‪:‬‬
‫‪ ‬تغيرات شخصية نتيجة حالة طبية أخرى‪ :‬اختالل في الشخصية نتيجة تأثير مباشر لحالة‬
‫مرضية أخرى‪.‬‬
‫‪ ‬اضطرابات شخصية أخرى‪ :‬زملة أعراض مميزة‪ ،‬لكنها ال تأخذ شكل كامل ألحد‬
‫االضطرابات السابقة‪.‬‬
‫‪ ‬اضطرابات شخصية غير مصنفة‪.‬‬
‫‪260‬‬
‫أسباب اضطرابات الشخصية ‪:‬‬
‫تختلف األسباب من شخص إلى آخر ولكن نستطيع ان نردها الى األسباب االتية‪:‬‬
‫‪ -1‬تأثير البيئة المحيطة للفرد‪.‬‬
‫‪ -2‬أساليب التنشئة االجتماعية غير السوية‪.‬‬
‫‪ -3‬االحداث والخبرات والتجارب المؤلمة التي مر بها الفرد ‪.‬‬
‫‪ -4‬الصدمات النفسية الحادة في الطفولة الناجمة عن وفاة احد الوالدين او الطالق‬
‫‪ -5‬االنتقال من مكان إلى آخر ‪.‬‬
‫‪ -6‬اإلهمال وإساءة المعاملة من قبل المحيطين بالفرد‪.‬‬
‫‪ -7‬عدم اللجوء إلى المساعدة العالجية منذ البداية ومحاولة انكار الحالة‪.‬‬
‫أعراض اضطراب الشخصية‪:‬‬
‫‪.1‬‬
‫‪.2‬‬
‫‪.3‬‬
‫‪.4‬‬
‫‪.5‬‬
‫‪.6‬‬
‫‪.7‬‬
‫اضطرابات وعدم توازن في الحالة النفسية والمزاجية‪.‬‬
‫المعاناة من مشكالت اجتماعية والخوف من التفاعل واالقتراب من اآلخرين‪.‬‬
‫مشكالت في النوم واألكل واإلخراج‪.‬‬
‫ربما زيادة في الحركة والتوتر الواضح ‪.‬‬
‫يواجه المريض صعوبات في التأقلم في العمل أو مكان العمل‪ ،‬مما قد يؤدي إلى‬
‫مشكالت مع اآلخرين من زمالء العمل‪.‬‬
‫ضعف التقدم التعليمي‪.‬‬
‫تعاطي المخدرات أو االضطرابات النفسية المشاركة (المصاحبة)‪.‬‬
‫‪261‬‬
‫‪ .8‬التبلد االنفعالي أو فرط الحساسية االنفعالية‪.‬‬
‫‪ .9‬القلق واالكتئاب والشك والغيرة‪.‬‬
‫عدم الثقة بالنفس‪.‬‬
‫‪.10‬‬
‫وال بد من التنويه أن زملة االعراض هذه ال تمثل جميعا ً في اضطراب معين‪ ،‬بل ربما‬
‫يجتمع بعضا ً منها في اضطراب وال تظهر في اضطراب آخر‪ ،‬كما تختلف شدة زملة االعراض‬
‫في مرحلة مختلفة حسب نوع االضطراب‪.‬‬
‫مآل اضطراب الشخصية‪:‬‬
‫ويقصد بكلمة مآل حال المريض في حال تلقيه العالج أو عدمه‪ .‬ويجب ان ندرك حتى‬
‫لو صنف شخصين بنفس الحالة‪ ،‬فإن كل منهما يعتبر حالة منفردة ومختلفة عن الخر‪ .‬ومن‬
‫الجدير بالذكر أن نشير أن معظم هذه االضطرابات تحصل على التحسن والعودة إلى السواء إلى‬
‫حد ما إذا تلقت العالج المناسب والمالئم واستمرت عليه‪.‬‬
‫عالج اضطراب الشخصية‪:‬‬
‫لقد تطورت طرق العالج النفسي في علم النفس العيادي‪ ،‬فقد تنوعت ما بين العالج عن‬
‫طريق التحليل النفسي بأساليبه المتنوعة وكذلك من خالل أساليب العالج المعرفي‪ ،‬الذي يهتم‬
‫بتطوير وتغيير األفكار السلبية والمعتقدات غير المالئمة التي تمنع االنسان من التكيف‪ ،‬وتدريبه‬
‫على أساليب التعامل والتفكير السليم‪ .‬ويتم العالج من خالل جماعات الدعم والمساندة التي يكون‬
‫دورها في توفير الفرص المناسبة لمساعدة الفرد على التفكير والتصرف بطريقة صحيحة‪.‬‬
‫وأخيرا ً يتم ذلك من خالل عملية تدريب المريض وإعطائه‬
‫‪262‬‬
‫عددا ً من الواجبات والفروض التي يقوم بها‪ ،‬والتي تساعده على إدراك الطرق الصحيحة للتفكير‬
‫ومقارنتها بطرقه التي تسبب له المشاكل‪ .‬وفي بعض الحاالت قد يتم اللجوء الى العالج الدوائي‪.‬‬
‫الفروق الجذرية بين الذكور واإلناث‬
‫هناك أنواعا ً من االضطرابات الجنسية تكون أغلبية المرضى فيها من الذكور كالشخصية‬
‫السيكوباتية وهناك أنواع أخرى من االضطرابات تكون أغلبية المرضى فيها من اإلناث‬
‫كالشخصية الحدية مثالً والشخصية الهستيرية‪.‬‬
‫‪263‬‬
‫الفصل الثالث عشر‬
‫اختبارات ومقاييس الشخصية‬
٢٦٥
‫الفصل الثالث عشر‬
‫تقييم الشخصية‬
‫اختبارات ومقاييس الشخصية‬
‫يعتمد عمل اإلخصائي اإلكلينيكي في كثير من األوقات على دراسة‬
‫الجوانب االنفعالية والدافعية ودراسة الشخصية والتعرف إلى أنماط الشخصية‬
‫مثل السيطرة الخضوع واالنبساط ‪ -‬االنطواء ومعرفة السمات الخلقية مثل‬
‫األمانة والتعاون والمثابرة‪ ،‬كما يهتم األخصائي باتجاهات وميول واهتمامات‬
‫العميل مما يدفعه إلى استخدام العديد من االختبارات بهدف مساعدته في‬
‫عملية التشخيص‪ ،‬وفي تحديد القدرات العقلية للفرد أو معرفة التدهور العقلي‬
‫لديه وتحديد االضطراب النفسي والذهاني (مليكة‪ .)2016 ،‬ولم يعد يقتصر‬
‫هذا األمر على األخصائي اإلكلينيكي في االستعانة باختبارات الشخصية‪ ،‬بل قد‬
‫لجأت الكثير من المصانع والشركات إلى استخدام مقاييس الشخصية‪ ،‬وذلك‬
‫التحديد سمات وخصائص الشخصية لألفراد المتقدمين والتي تضمن نجاحهم‬
‫مستقبال في المهن واألعمال التي تقدموا لها‪ .‬وكذلك األمر في الجيش فإن‬
‫استخدام مقاييس الشخصية يساعد في اختيار األفراد المناسبين ألعمال محددة‬
‫كالطيارين والعمليات الخاصة وغيرها‪.‬‬
‫ويشير مليكة (‪ )2016‬إلى أن بعضا من هذه االختبارات يعتمد على‬
‫التقرير الذاتي التي يقوم المستجيب بتعبئة هذه االستبانات مثل اختبار‬
‫الشخصية المتعدد األوجه ‪ ،)MMPI‬وقد تكون االختبارات من نوع‬
‫االختبارات اإلسقاطية التي تكون فيها المثيرات أقل تحديدا ووضوحا في البناء‬
‫‪267‬‬
‫واألهداف وبذلك ال يستطيع المستجيب أن يقوم بتزييف االستجابات‪ ،‬ومن‬
‫األمثلة على هذا النوع االختبارات التداعي الحر واختبارات تكميل الجمل‬
‫واختبارات الرسم االسقاطي واختبار تفهم الموضوع (‪ )TAT‬واختبار بقع‬
‫الحبر الروشاخ‪ ،‬ويضيف مليكة بان هناك االختبارات يطلب فيها من‬
‫المفحوص أن يقوم بأداء عمل غرضه غير واضح وتعتمد على عملية تقليد‬
‫المواقف الحياة اليومية ويتم مالحظة استجابة المفحوص بمثل هذه المواقف‬
‫ومن األمثلة عليها االختبارات هارتشورن وماي في جوانب سلوكية كالغش‬
‫والسرقة والكذب‪.‬‬
‫وقد قسم عبد الستار (‪ )1987‬االختبارات الشخصية تحت ثالث‬
‫فئات هي‪:‬‬
‫‪ .1‬استبانات الشخصية‬
‫‪ ,2‬األساليب اإلسقاطية‬
‫‪ .3‬األساليب السلوكية‬
‫بينما يشير ميسراندينو (‪ )2015‬إلى أن علماء النفس قسموا‬
‫االختبارات الشخصية إلى نوعين‪ ،‬األولى هي االختبارات التقرير الذاتي‪،‬‬
‫والتي يطلق عليها االختبارات الموضوعية‪ ،‬والنوع الثاني هي االختبارات‬
‫اإلسقاطية‪ .‬وفي النوع األول يستجيب المفحوصون ألسئلة تدور حول أنفسهم‪.‬‬
‫‪ .1‬اختبارات التقرير الذاتي‪ :‬تستخدم أحيانا خيارين مثل (صح خطأ أ‪ ،‬نعم ‪-‬‬
‫ال) أو مدرج ليكرت ( ال أوافق أبدا‪ ،‬أو أوافق بشدة‪ ،‬وعند الرفض (‬
‫بدرجة بسيطة جدا أو نادرا) أو التشابه ( مثل هذا األمر ال يميزني‪ ،‬أو هذا‬
‫األمر يميزني) أو التكرار مثل ابدا أو دائما‪ .‬ومن الجدير بالذكر إلى أن‬
‫‪268‬‬
‫هناك إيجابيات وسلبيات االختبارات التقرير الذاتي فمن حيث اإليجابيات‪،‬‬
‫فإنها تزودنا بقدر هائل من المعلومات حول جوانب متنوعة ألفكار‬
‫وتجارب الفرد‪ .‬وقد تكون هي الطريقة األفضل لقياس جوانب محددة في‬
‫الشخصية بما في ذلك القيم‪ ،‬والرفاهية‪ ،‬واألهداف الحياتية)‪ .‬أما من حيث‬
‫السلبيات فقد ال يكون حكم الفرد الذاتي على الكثير من األمور صادقا‬
‫بخالف ما قد يراه اآلخرون فيه‪ ،‬فقد نجد أن الفرد يرغب في إظهار نفسه‬
‫على شكل إيجابي وإخفاء السلبيات الموجودة لديه كي تكون نتيجتهم على‬
‫االختبار جيدة وسوية‪ .‬كأن يظهروا أنفسهم بأنهم يتمتعون بصحة نفسية‬
‫عالية مع إظهار سويتهم وبعدهم عن جوانب القلق واالكتئاب والوسواس‬
‫وخالفه من االضطرابات النفسية‪ .‬بل إن البعض يبالغ في األمر بحيث‬
‫يبدو بأنه إنسان يخلو من كل هذه األمور وبأنه محبوب ومقبول اجتماعيا‪.‬‬
‫كما أن الكثير من المستجيبين يظهر استجابة غير مبالية كأن يجيب عن‬
‫فقرات المقياس بطريقة نمطية واحدة أو يضع دوائر حول كافة‬
‫االختيارات مما يجعلنا نستبعد استجابته على هذه المقاييس‪ .‬هذا باإلضافة‬
‫إلى أن تأثير عامل الثقافة يكون واضحة مما يعطينا استجابة مغايرة‬
‫للواقع تعكس مدى تأثر الفرد بثقافته‪ ،‬فالعربي قد تكون استجابته على‬
‫بعض فقرات المقياس مختلفة تماما عن استجابة األمريكي وذلك بسبب‬
‫تأثير عامل الثقافة‪.‬‬
‫‪ .2‬االختبارات القائمة على األداء‪ :‬وفي هذا النوع يتم استخدام االختبارات‬
‫الروشاخ (بقع الحبر) واختبار تفهم الموضوع‪ .‬ويقوم بعض علماء نفس‬
‫الشخصية باستخدام اختبار تفهم الموضوع لقياس الدوافع ومنها الحاجة‬
‫لالنتماء‪ .‬وفي هذا النوع من االختبار يقوم المفحوص بكتابة قصة حول‬
‫‪269‬‬
‫صورة تعرض عليه بحيث يقوم المستجيب بتحديد دوافع االنجاز للصورة‬
‫المعروضة‪ .‬وكما هو الحال فإن هذه االختبارات لها إيجابيات وسلبيات‬
‫متعددة كما هو الحال في االختبارات التقدير الذاتي‪ .‬وعلى سبيل المثال‬
‫فإن المستجيب على اختبار رسم الشخص (‪ )DAP‬يكون وفقا لوجود أو‬
‫غياب عناصر محددة‪ ،‬فقد يشير حجم العين إلى البارا نويا وقد يشير‬
‫الوجه إلى االكتئاب‪.‬‬
‫االعتبارات المهمة في تقييم الشخصية‬
‫يشير أبو أسعد (‪ )2010‬إلى أنه ينبغي على األخصائي أو من يقوم‬
‫بتطبيق االختبارات النفسية أن يأخذ بعين االعتبار عدة أمور هي‪:‬‬
‫‪ .1‬التوجيه النظري‪ :‬على األخصائي أن يدرك ويفهم الخلفية النظرية‬
‫للمقياس قبل أن يقوم باستخدامه وأن يعرف ما يقيسه فعال هذا المقياس‬
‫وأن تكون فقرات المقياس مطابقة لبنائه النظري‪.‬‬
‫‪ .2‬االعتبارات العملية‪ :‬عند إعداد االختبار فإنه ينبغي على األخصائي أن‬
‫يدرك المستوى الفكري والثقافي واالجتماعي للمفحوصين‪ ،‬وأن يكون‬
‫بناء االختبار واضحة بحيث يستطيع المتقدم أن يفهم فقرات االختبار دون عناء‬
‫‪ .3‬التقنين‪ :‬بمعنى أن يتمتع المقياس بالخصائص السايكومترية (الصدق‬
‫والثبات والمالئمة للمجتمع الذي ينتمي إليه المفحوصين‪ ،‬بحيث يخضع‬
‫المقياس الشروط التقنين المعروفة في علم بناء وإعداد المقاييس النفسية‪.‬‬
‫‪270‬‬
‫‪ .4‬الثبات‪ :‬والذي يشير إلى إمكانية الحصول على استجابات متقاربة‬
‫للمفحوصين كلما تكرر المقياس‪ ،‬ويجب أن يتمتع االختبار بدرجة من‬
‫الثبات ال تقل عن ‪ %70‬ألغراض البحث العلمي‬
‫‪ 5‬الصدق‪ :‬ويعتبر االختبار صادقا عندما يقيس ما وضع لقياسة‪ .‬وللصدق‬
‫أشكال مختلفة منها الصدق الظاهري التي يحددها األخصائيين في نفس‬
‫المجال عندما تعرض عليهم االختبارات‪ .‬وصدق البناء بمعني أن االختبار‬
‫قد تم إعداده وبناءه لقياس سمة أو أمر محدد‪ .‬باإلضافة إلى أنواع‬
‫الصدق األخرى التي تحدد وتقوي من خصائص االختبار واعتباره صالحا‬
‫لالستخدام مثل الصدق التالزمي وصدق المحتوى والصدق التنبؤي‪.‬‬
‫أهداف مقاييس الشخصية‪:‬‬
‫يؤكد صالح (‪ )1988‬إلى ضرورة تحقيق مقاييس الشخصية ألهداف ثالثة هي‪:‬‬
‫‪ .1‬فهم أفضل لسلوك الفرد‪ :‬إن هذه المقاييس تصل في النهاية إلى مالحظة‬
‫سلوك الفرد والحكم على مدى قدرته على القيام بواجباته‪ ،‬ولذلك من‬
‫الممكن التنبؤ بسلوكه بناء على فهمنا وتحليلنا ألدائه على االختبارات‪.‬‬
‫‪ .2‬فهم أفضل السلوك الجماعة‪ :‬إن مقاييس الشخصية ال يقتصر فهمها‬
‫واعتماد نتائجها على فرد محدد بل تتعداه لمعرفة تأثير الظواهر‬
‫والمواقف المختلفة على سلوك الجماعة‪ ،‬والتي تؤدي في النهاية إلى‬
‫التأثير في سلوك الفرد‪.‬‬
‫‪ .3‬فهم التفاعل بين سلوك الفرد والجماعة‪ :‬كما أشرنا في النقطة السابقة‬
‫بأن تأثر الجماعة سينعكس في النهاية على سلوك الفرد وعلى طبيعة‬
‫‪271‬‬
‫تفاعله مع الجماعة ومن هنا نستطيع الوصول إلى فهم أوضح لسلوك‬
‫الفرد والجماعة والقوانين التي تحكم هذا التفاعل‪.‬‬
‫اختبارات التقرير الذاتي‪:‬‬
‫‪ .1‬اختبار الشخصية متعدد األوجه (‪:)MMPI‬‬
‫وهو اختصار‬
‫‪Minnesota Multiphasic Personality Inventory‬‬
‫ويعطى االختبار الشخص أو مجموعة من األشخاص يتم اإلجابة‬
‫عن فقرات االختبار بهدف الحصول على حقائق رئيسة عن شخصية وسمات‬
‫ومشاعر وانفعاالت الفرد‪ .‬ويعتبر هذا االختبار من أكثر االختبارات الشخصية‬
‫شهرة واستخدام أفي مجال علم النفس اإلكلينيكي وقد قام هاثوي باالشتراك‬
‫مع ماكنلي بإعداد هذا االختبار في جامعة مينيسوتا لغايات تقييم جوانب‬
‫متعددة في شخصية الفرد‪.‬‬
‫استخداماته‪:‬‬
‫ويستخدم االختبار التشخيص االضطرابات النفسية كاالكتئاب‪ ،‬وفصام‬
‫الشخصية‪ ،‬والهستيريا‪ ،‬والتوهم المرضي‪ ،‬واالنحراف السيكوباتي‪ ،‬والذكورة‬
‫واألنوثة‪ ،‬والبارانويا‪ ،‬والسيكاثينيا‪ ،‬والهوس‪ ،‬واالنطواء االجتماعي‪.‬‬
‫الريماوي‪ .)2006 ،‬ويشير عبد الستار (‪ )1987‬إلى أن عدد البحوث‬
‫والدراسات التي أجمعت عليه استخدامه بلغت اآلالف‪.‬‬
‫‪272‬‬
‫فقراته وتطبيقه‪:‬‬
‫يتكون هذا االختبار من ‪ 566‬فقرة تم اختصارها فيما بعد إلى ‪ 375‬إلى‬
‫جانب سبعة بنود إضافية لمقياس (‪ )K‬وسميت بالنسخة المختصرة‪ .‬ويتألف‬
‫االختبار من عشرة أبعاد إكلينيكية هي (توهم المرض‪ ،‬االكتئاب‪ ،‬الهستيريا‪،‬‬
‫االنحراف السيكوباتي‪ ،‬الذكورة واألنوثة‪ ،‬والتوهم المرضي والبارانويا‪،‬‬
‫والمخاوف المرضية والفصام والهوس الخفيف واالنطواء االجتماعي)‪.‬‬
‫ويتكون المقياس كذلك من ثالثة مقاييس صدق لقياس اتجاه المفحوص نحو‬
‫االختبار وتحديد مدى صدقه أو كذبه في اإلجابات‪ .‬تتراوح مدة تطبيق‬
‫االختبار من ‪ 90-60‬دقيقة‪ .‬ويمكن لألخصائي أن يتعلم تطبيقه بسهولة‬
‫وسرعة‪ ،‬ولكنه ال شك يحتاج إلى كفاءة تطبيقه غير صعب بالمقارنة مع‬
‫تطبيق االختبارات الشخصية األخرى‪ ،‬فاألفراد الذين يبلغون من العمر ستة‬
‫عشر عاما ومستواهم العلمي متوسط يستطيعون فهم عبارات االختبار‪.‬‬
‫وينبغي على المفحوص اإلجابة بنعم أو ال ويضع ذلك على ورقة اإلجابة‪.‬‬
‫وحسب التعليمات‪ ،‬من الممكن للمفحوص ترك بعض األسئلة دون إجابة‪ .‬وبعد‬
‫االنتهاء من اإلجابة عن فقرات االختبار تلخص إجابته على صفحة البروفايل‬
‫النفسي ثم تقارن درجاته بالدرجات المشتقة من العينة المعيارية‪.‬‬
‫أوال‪ :‬اختبارات التقرير الذاتي‪ :‬المقاييس اإلكلينيكية‪:‬‬
‫حسب عبد الستار (‪ )1987‬فهي كاآلتي‪:‬‬
‫‪ .1‬توهم المرض‪ ٣٣ : )Hypochondriasis( Hs:‬فقرة تقيس مدى االنشغال الزائد بوظائف‬
‫الجسم والقلق على الصحة دون مبرر‪.‬‬
‫‪273‬‬
‫‪ .2‬االكتئاب ‪ ٦٦ (Depression): :D‬فقرة تقيس النظرة المتشائمة لدى‬
‫الفرد‪ ،‬والشعور باليأس‪ ،‬والقنوط واالنشغال الدائم بالموت‪ ،‬وبطء‬
‫عمليات التفكير‪ ،‬وانخفاض مستوى النشاط‪ ،‬وهي خصائص مرضی‬
‫االكتئاب والذين يعانون من حاالت الذهان الدوري‪.‬‬
‫‪ .3‬الهستيريا‪60 H )Hysteria( :‬فقرة تقيس أعراض الهستيريا‬
‫التحولية مثل كثرة الشكاوى الجسمية كالهروب من المسؤولية والتهرب‬
‫من المسؤوليات والتصرفات االنفعالية الزائفة وكثرة الكالم‬
‫‪ .4‬االنحراف السيكوباتي‪)Psychopathic Deviation( :‬‬
‫)‪ Pd: (50‬فقرة تقيس السلوك الجانح الخارج عن القانون‪ ،‬وعن العادات واألعراف‬
‫والتقاليد والوقوع في مشكالت مع القانون نتيجة عجز الفرد عن‬
‫االستفادة من الخبرات التي مر بها‪ ،‬وعدم قدرته على التمييز بين الصواب والخطأ‪.‬‬
‫‪ .5‬الذكورة واألنوثة‪)Femininity–Masculinity( :‬‬
‫)‪ Mf (60‬فقرة لتحديد االضطراب الجنسي أي الدور الذكوري واألنثوي وهي تشير إلى‬
‫مدى وقوع الفرد في االنحراف الجنسي والشذوذ والميول األنثوية عند‬
‫الذكر والميول الذكرية عند األنثى‪.‬‬
‫‪ .6‬البارانويا‪ Pa 40)Paranoia( :‬عبارات) تقيس زملة أعراض‬
‫البارانويا والتي تتصف بالتشكك والحساسية الزائدة وهذايانات االضطهاد‬
‫والعظمة‬
‫‪ .7‬السيكائينيا‪ Pt : (48) ( Psychasthenia( :‬فقرة تقييم خصائص‬
‫عصاب القلق والمخاوف المرضية والوسواس‪.‬‬
‫‪274‬‬
‫‪ .8‬الفصام‪)schizophrenia( :‬‬
‫)‪ Sc : (78‬فقرة تقيس أعراض الفصام‬
‫بفئاتهم المختلفة مثل األفكار الغريبة والسلوك الشان والهدايانات والهالوس والالمباالة والقسوة‪.‬‬
‫‪ .9‬الهوس الخفيف‪)Hypomania(:‬‬
‫)‪ Ma : (46‬فقرة تقيس االضطراب‬
‫الوجداني المعروف بالهوس الخفيف بجوانبه الثالث وهي النشاط الزائد‬
‫غير الموجه واالستثارة الدائمة وسيطرة األفكار المتطايرة والمفككة‪.‬‬
‫‪ .10‬االنطواء االجتماعي‪)Social Introversion( :‬‬
‫)‪ Si (70‬فقرة تقيس الرغبة في االنطواء وتجنب االتصال والتفاعل االجتماعي باآلخرين‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬مقاييس الصدق‪:‬‬
‫نظرا للمشكالت التي تواجه األخصائي مثل تزييف االستجابات من قبل‬
‫المفحوص للظهور بمظهر جيد أو مظهر سلبي أو اللجوء إلى الكذب‪ ،‬فقد‬
‫صمم االختبار لتجنب هذه المشكالت من خالل وضع مقاييس للصدق مثل‪:‬‬
‫‪ .1‬مقياس عالمة (؟) والدرجة فيه هي عدد الفقرات التي ال يجيب عنها‬
‫المفحوص‬
‫‪ .2‬مقياس الكذب‪)Lie scale( :‬‬
‫)‪ L : (15‬فقرة إذا أجاب عنها المفحوص‬
‫بنعم فإنها تشير إلى محاولته للظهور بمظهر اجتماعي مقبول‪ ،‬ولهذا‬
‫تعتبر الدرجة المرتفعة على هذا المقياس تحريف عن اإلجابة الصحيحة‪.‬‬
‫‪ .3‬مقياس الصدق‪)F Scale(: :‬‬
‫)‪ F (64‬فقرة يندر اإلجابة عنها بالصورة‬
‫التي تصحح بها وتدل الدرجة المرتفعة على انخفاض في صدق‬
‫االستجابات بسبب االهمال أو عدم الفهم أو الرغبة بالظهور بمظهر غير سوي‪.‬‬
‫‪275‬‬
‫‪ .4‬مقياس التصويب‪)K Scale(:‬‬
‫)‪ K (30‬فقرة تقيس اتجاه المفحوص‬
‫نحو المقياس فالدرجة المرتفعة هنا تدل على محاولة الظهور بمظهر‬
‫سوي‪ ،‬بينما تعبر الدرجة المنخفضة عن استعداد الشخص للكشف عن‬
‫أعراضه وإظهار نفسه بمظهر غير سوي‪،‬‬
‫التفسيرات اإلكلينيكية لالختبار‪:‬‬
‫هناك ثالثة أنماط رئيسية يمكن تفسيرها وهي‪:‬‬
‫‪ .1‬النمط العصابي‪ :‬وتعرف بالمثلث العصابي‪ ،‬ويشير إلى االرتفاع في‬
‫مقاييس ثالثة هي‪ :‬توهم المرض واالكتئاب والهستيريا‪.‬‬
‫‪ .2‬النمط الذهاني‪ :‬المثلث الذهاني‪ :‬يدل على ارتفاع في مقاييس الفصام‬
‫والبارانويا والهوس الخفيف‪.‬‬
‫‪ .3‬االضطرابات السلوكية‪ :‬فتتمثل في ارتفاع الدرجات على مقاييس‬
‫االنحراف السيكوباتي‪ ،‬والفصام والهوس الخفيف مع احتمال ارتفاع‬
‫الدرجة على مقياس الذكورة واألنوثة‪.‬‬
‫‪ .2‬اختبارات أيزنك للشخصية‪:‬‬
‫ال بد من اإلشارة هنا إلى االختبارات ايزنك نظرا ألهميتها وكثرة‬
‫البحوث التي اعتمدت عليها‪ .‬وتوجد أليزنك ثالثة االختبارات هي‪:‬‬
‫‪ .1‬اختبار أيزنك للشخصية‪ : )EPI( :‬ويعمل هذا االختبار على التمييز بين‬
‫العصابيين وبين العاديين والذهانيين‪ .‬وتتكون من صورتين متكافئتين‬
‫تشتمل األولى على (‪ )57‬فقرة لقياس العصابية والثانية على (‪ )24‬فقرة‬
‫‪276‬‬
‫القياس العصابية واالنبساط كما يحتوي االختبار على و فقرات لمقياس للكذب‪.‬‬
‫التفسيرات اإلكلينيكية لالختبار‪ :‬يساعد االختبار في التحديد الدقيق‬
‫البعدي العصابية واالنبساط‪ .‬وتشير الدراسات على أن من يحصل على درجات‬
‫مرتفعة في العصابية ومنخفضة في االنبساط يسمى العصابي المنطوي‪ ،‬وهو‬
‫شخص سهل التطبيع ويأتي تحت هذه الفئة‪ :‬األشخاص الذين يعانون من‬
‫عصاب القلق والمخاوف المرضية واالكتئاب والوسواس القهري وهؤالء‬
‫يحتاجون لنوع مختلف من العالج‪.‬‬
‫اما من يحصل على درجات مرتفعة في العصابية ومرتفعة في‬
‫االنبساط يطلق عليهم العصابي المنبسط وهو نوع من الصعب تطبيعه ويأتي‬
‫تحتها الهستيريا وبعض اضطرابات السلوك السيكوباتي‪.‬‬
‫‪ .2‬استبيان أيزنك للشخصية (‪ :)EPQ‬ويختلف هذا االختبار عن سابقه‪،‬‬
‫بأنه قد أضاف إليه بعد الذهانية ويشتمل على بعد آخر هو البعد اإلجرامي‬
‫يعمل على التنبؤ بالسوك السيكوباتي‪.‬‬
‫‪ .3‬اختبار أيزنك للشخصية عند األطفال‪ :)E.JPI( :‬وهو اختبار متخصص‬
‫في دراسة شخصية األطفال ويشير عبد الستار (‪ )1987‬أنه من الصعب‬
‫الحكم على هذا المقياس نظرا لعدم توفر دراسات عربية حوله‪.‬‬
‫‪.3‬مقياس كاتل للشخصية‪:‬‬
‫من المقاييس المهمة في الشخصية وقد تم تعريبه وتقنينه على البيئة‬
‫العربية‪ .‬وقد حدد كاتل ‪ 16‬عامال للشخصية والتي تقيس أبعادا مختلفة كل‬
‫منها ذات قطبين سالب وموجب‪ .‬وقد توصل إلى وجود ‪ 16‬عامل أو سمة‬
‫‪277‬‬
‫مصدرية تفسر معظم السمات الظاهرية للشخصية وهي كاآلتي‪( :‬أبو أسعد‬
‫‪( )2010‬ربيع‪)2013 ،‬‬
‫‪ .1‬العامل األول (‪ )FA‬غير متحفظ ‪ -‬متحفظ‪ ،‬الدرجة المرتفعة تشير إلى أن‬
‫الشخص يكون وديا واجتماعيا وعندما يكون التقاديا منعزال يكون على‬
‫الدرجة المنخفضة‬
‫‪ .2‬العامل الثاني‪ :)F B( :‬ذكي ‪ -‬غبي‪ ،‬عندما يكون الفرد متفوقا المعة‬
‫تحصيلة عال يكون على الدرجة المرتفعة أما إذا كان غبية وأقل ذكاء‬
‫فهو على الدرجة المنخفضة‬
‫‪ .3‬العامل الثالث (‪ )F C‬هادئ ‪ -‬سهل اإلثارة‪ :‬عندما يكون الفرد هادئا وذو‬
‫ثبات عاطفي وناضج وصاحب أنا عليا قوية فهو على الدرجة‬
‫المرتفعة‪ ،‬وأما إذا كان سهل اإلثارة عصبية ويضطرب بسهولة فهو‬
‫على الدرجة المنخفضة‪.‬‬
‫‪ .4‬العامل الرابع‪ )FE( :‬محب للسيطرة – خضوع‪ :‬عندما يكون الفرد‬
‫عدوانية عنيدة حازمة ومحبة للسيطرة فهو على الدرجة المرتفعة أما إذا‬
‫كان لديه خضوع ولطيف بشكل كبير وسهل االنقياد فهو على الدرجة المنخفضة‪.‬‬
‫‪ .5‬العامل الخامس‪ )FF( :‬انبساطي ‪ -‬انطوائي‪ :‬عندما يكون الفرد مبتهجا‬
‫فهو على القطب الموجب‪ ،‬وعندما يكون الفرد رزينا قليل الكالم وجدي وعاقل ومنضبط يكون‬
‫على الدرجة المنخفضة‪.‬‬
‫‪ .6‬العامل السادس‪ )FG( :‬حي الضمير ‪ -‬غير مبال‪ :‬عندما يكون الفرد مثالية مثابرة وذو أنا‬
‫أعلى قوية ورزينة قليل الكالم وجدي وعاقال منضبطا يكون على القطب الموجب‪ ،‬أما إذا كان‬
‫الفرد مهمال‪ ،‬نفعيا يهتم‬
‫‪278‬‬
‫بمصلحته فقط وغير مثابر وضميره ضعيف فهو على الدرجة المنخفضة‪.‬‬
‫‪ .7‬العامل السابع‪ )F H( :‬مغامر خجول‪ :‬المغامر الشجاع االجتماعي‬
‫يكون على القطب الموجب في حين يكون الخجول الجبان غير المغامر‬
‫على القطب السالب‪.‬‬
‫‪ .8‬العامل الثامن‪ )FI( :‬العقلية المرنة ‪ -‬العقلية المتصلبة‪ :‬إذا كان الفرد‬
‫لطيفة وحساسة يكون على القطب الموجب بينما يكون على الدرجة‬
‫المنخفضة إذا كان ذا عقلية متصلبة وعنيفا‪.‬‬
‫‪ .9‬العامل التاسع‪ :‬شكاك ‪ -‬غير شكاك‪ )FL( :‬عندما يكون الفرد مرتابا‬
‫باآلخرين ومهموما فيكون على القطب السالب أما إذا امتاز بالمرح‬
‫وتقبل اآلخرين والثقة بهم فإنه على الدرجة المرتفعة‪.‬‬
‫‪ .10‬العامل العاشر‪ )FM( :‬خيالي‪ .‬عملي‪ .‬عندما يكون الفرد شارد الخيال‪،‬‬
‫رومانسي يكون على الدرجة المنخفضة أما إذا كان عملية وواقعية فهو‬
‫على الدرجة المرتفعة‪.‬‬
‫‪ .11‬العامل الحادي عشر‪ :‬الوضوح ‪ -‬الدهاء (‪ )FN‬الدرجة المنخفضة تشير‬
‫إلى شخص أصيل واضح ولكنه يعاني من االرتباك في الجوانب‬
‫االجتماعية اما الدرجة المرتفعة فتشير إلى شخص يتسم بالمكر والدهاء‬
‫ويميل إلى تلميع نفسه وواع في المواقف االجتماعية‪.‬‬
‫‪ .12‬العامل الثاني عشر‪ :‬االرتباك ‪ -‬الفهم‪ )FO( .‬الدرجة المنخفضة هنا‬
‫تشير إلى شخص يتصف بعدم الثقة بالنفس والشعور بعدم األمن‬
‫والقلق‪ ،‬في حين أن الدرجة المرتفعة تشير إلى شخص هادئ رابط‬
‫الجأش وراض عن ذاته‪.‬‬
‫‪279‬‬
‫‪ .13‬العامل الثالث عشر (‪ ) F Q1‬المحافظة مقابل التجديد‪ :‬الدرجة المنخفضة‬
‫تشير إلى شخص محافظ يتمسك باآلراء واألفكار التقليدية‪ ،‬أما الدرجة‬
‫المرتفعة فتشير إلى فرد متحرر تقدمي يتقبل الجديد‪.‬‬
‫‪ .14‬العامل الرابع عشر‪ )F Q1(:‬مستقل ‪ -‬اتكالي‪ :‬الدرجة العالية تشير إلى‬
‫القلق واالضطراب وعدم االطمئنان‪ ،‬ودرجته المنخفضة تشير إلى الثقة‬
‫بالنفس والرضا عن الذات ورباطة الجأش والهدوء‪.‬‬
‫‪ .15‬العامل الخامس عشر‪ )F Q2(:‬االنفالت االنضباط الدرجة المنخفضة‬
‫تشير الى أن الفرد غير منضبط ينساق وراء رغباته وال يهتم بالقواعد‬
‫االجتماعية‪ ،‬أما الدرجة المرتفعة فتشير إلى أن الفرد يثق في نفسه‬
‫وملتزم بالقواعد االجتماعية وال ينساق وراء رغباته‪.‬‬
‫‪ .16‬العامل السادس عشر (‪ )FQ4‬االسترخاء مقابل التوتر‪ :‬الدرجة‬
‫المنخفضة على هذا العامل تشير إلى فرد يتصف باالسترخاء والهدوء‬
‫وعدم الشعور باإلحباط ‪ ،‬أما الدرجة المرتفعة فتشير إلى شخص متوتر‬
‫يشعر باإلحباط‪.‬‬
‫وقد قام الحقا بإعداد مقاييس للصدق مثل مقياس التحريف الدوافعي ومقياس‬
‫التزييف السلبي ومقياس االعتباطية‪ .‬فقراته وتطبيقه‪ :‬يحتوي على ‪187‬‬
‫فقرة‪ .‬وال يوجد زمن محدد لإلجابة ولكن على األغلب يحتاج إلى ‪ 45‬دقيقة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬اختبارات األداء‪:‬‬
‫االختبارات اإلسقاطية‪:‬‬
‫تعتبر من األدوات الهامة التي يلجأ إليها األخصائيون اإلكلينيكيون‬
‫القياس الشخصية‪ ،‬وهي واسعة االنتشار في دراسة الشخصية السوية‬
‫‪280‬‬
‫والشخصية المنحرفة‪ .‬وقد برزت أهميتها أكثر العتقاد بعض علماء النفس أن‬
‫استبانات الشخصية والمقاييس الموضوعية ال تصل إلى الدوافع الالشعورية‬
‫وتركز على السمات السطحية واالتجاهات الشعورية‪ .‬ولكن وعلى الرغم من‬
‫االنتقادات التي وجهت إليها كافتقارها إلى الموضوعية إال أنها ما زالت ذات‬
‫قيمة عالية ومفيدة في مجال التشخيص (معوض‪ .)2006 ،‬وتعتمد هذه‬
‫المقاييس على االسقاط كآلية دفاع أولية عندما يقوم الفرد بإسقاط دوافعه‬
‫ومشاعرة ورغباته واتجاهاته نحو اآلخرين للتخلص من القلق الناتج عن‬
‫الصراعات الالشعورية‪ .‬وفي هذه االختبارات ال يوجد إجابة صحيحة أو‬
‫خاطئة‪ ،‬ويعتقد مطورو هذه المقاييس أن المفحوص لن يلجأ إلى الكذب عند‬
‫اإلجابة على هذه االختبارات‪ .‬وقد ظهرت العديد من االختبارات مثل اختبار‬
‫الروشاخ لبقع الحبر والصور وتكملة الكلمات وتكملة الجمل والرسم وغيرها‬
‫الزغول والهنداوي‪.)2004 ،‬‬
‫‪ .1‬اختبار بقع الحبر لروشاخ‪ :‬وضع هذا االختبار العالم النفسي السويسري‬
‫هيرمان روشاخ‪ ،‬وقد اختار بقع الخير الموضوعة على البطاقات بعد‬
‫تجارب طويلة‪ .‬ويقع االختبار في ‪ 10‬بطاقات‪ ،‬خمسة منها باللونين األسود‬
‫واألبيض‪ ،‬والخمسة الثانية ملونة‪ .‬ويطلب من المفحوص أن ينظر إلى كل‬
‫صورة على حدى‪ ،‬ثم يذكر ما يراه في هذه البطاقات‪ ،‬أي عن ماذا تعبر أو‬
‫تشير إليه هذه البطاقات‪ .‬ويقوم األخصائي بتسجيل هذه اإلجابات ثم يقوم‬
‫بتحليلها فيما بعد‪.‬‬
‫طريقة التصحيح‪ :‬يتم تصحيح هذه االختبارات بعد أن يتم تحليل استجابات‬
‫المفحوص وفق أربعة عناصر هي‪:‬‬
‫‪281‬‬
‫‪ .1‬المكان‪ Location :‬اي حسب المساحة المستخدمة من البطاقة وهل‬
‫استخدم المفحوص كامل البقعة أم جزءا منها وما هي التفاصيل التي اشار اليها‬
‫‪ 2‬المحددات‪ Determinants :‬وهي العوامل المحددة لالستجابة وتشتمل‬
‫على الشكل واللون والظالل والحركة‬
‫‪ .3‬المحتوى ‪ : Content‬ويقصد به المضمون أو طبيعة الموضوع الذي‬
‫أدركه المفحوص في تفاصيل البقعة هل هو حيوان أم إنسان أم صخور أو‬
‫سحب أو مالبس‬
‫‪ .4‬الشيوع واألصالة‪ :Popularity responses :‬أي ما مدى شيوع‬
‫االستجابة أو أصالتها ويعتمد تقدير هذا العنصر بالمقارنة مع اإلجابات‬
‫الشائعة لدى الناس وتعتمد هنا على الجانب اإلحصائي‪.‬‬
‫دالالت هذه العناصر األربعة‪:‬‬
‫‪ .1‬داللة المكان‪ :‬حيث تشير كثرة االستجابات الكلية إلى القدرة على إدراك‬
‫العالقات الكبيرة والتأليف بين العناصر وترتبط بالذكاء النظري والمنهجي‪.‬‬
‫‪ .2‬داللة المحددات‪ :‬يرتبط الشكل الجيد بتماسك الشخصية وقوة األنا‪ .‬ويتم‬
‫تقدير الحركة التي تشير إلى ثراء الحياة الداخلية والقوى االبداعية‪،‬‬
‫وتعني أيضا غلبة اللون على الشكل أي سيطرة االنفعاالت‪.‬‬
‫‪ .3‬داللة المحتوى‪ :‬وتعكس هذه الداللة شخصية المفحوص‪ ،‬فكلما كانت‬
‫االستجابة خارجة عن المألوف بشكل واضح كلما كانت مؤشر لعدم السواء‪.‬‬
‫‪282‬‬
‫‪ .4‬داللة الشيوع واألصالة‪ :‬تدل كثرة االستجابات الشائعة على الخوف من‬
‫االنحراف عن المالوف‪ ،‬وهذا مؤشر لعدم السواء (الريماوي واخرون ‪)٢۰۰٦‬‬
‫التفسير اإلكلينيكي‪ :‬تزداد بين العصابيين من فئات القلق استجابات اللون‬
‫السالبة كالدم والحركة البشرية‪ .‬وتزداد لدى القهريين والوسواسيين‬
‫االستجابات الدالة على التفاصيل الصغيرة والتحفظ‪ .‬أما الفصاميين‬
‫فتزداد االستجابات المختلطة والتناقض وعدم‬
‫استجابات الحركة البشرية في حين تتزايد استجابات اللون والتظليل‬
‫وإدراك المساحات البيضاء من الرسم‪.‬‬
‫‪ .2‬اختبار تفهم الموضوع‪ )T.A.T( Thematic Apperception Test:‬وقد وضعه هنري‬
‫موريه مع زمالء له من جامعة هارفرد‪.‬‬
‫وهو من أكثر االختبارات اإلسقاطية انتشارا في المستشفيات والمراكز‬
‫العالجية‪ .‬ويتكون االختبار من (‪ )31‬بطاقة وواحدة منها بدون صورة‪.‬‬
‫وقد طبع على هذه البطاقات عليها صور مختلفة ألشخاص في مواقف‬
‫اجتماعية مختلفة‪ .‬وقد صممت هذا البطاقات االستخدامها مع‬
‫واإلناث وبعض منها ال يستخدم إال مع الذكور أو اإلناث‪ .‬يتم عرض هذه‬
‫البطاقات على المفحوص واحدة تلو األخرى ويطلب منه قصة هذه‬
‫البطاقة المعروضة عليه ليصف األشخاص كما يراهم هو في المواقف‬
‫التي جمعتهم والمشاعر واألفكار التي تسيطر على كل منهم ومن ثم‬
‫مشاعره الشخصية هو نفسه اتجاه اشخاص هذه الصور وماذا ستكون‬
‫نهايتهم التي سيصلون إليها‪ .‬ومن الجدير بالذكر أن هذه الصور تثير‬
‫‪283‬‬
‫العديد من اتجاهات المفحوصين فبعض الصور تثير اتجاهات نحو‬
‫الوالدين أو الجنس أو السلطة‬
‫تفسير الصور‪ :‬ويفسر محتوى الصور بطرق متعددة‪ ،‬فمثال يفسرها بيالك‬
‫حسب ثالثة جوانب هي‪:‬‬
‫‪ .1‬بطل القصة الذي يتقمص المفحوص شخصيته‪ ،‬وهي التي تكون محور‬
‫القصة‪ ،‬والتي يكون معظم التركيز عليها وهنا يصف المفحوص‬
‫إحساساته ومشاعره أي أنه يتقمص تلك الشخصية‬
‫‪ .2‬الحاجات الرئيسة للبطل‪ :‬وهي التي تشير إلى الدوافع المحركة للبطل‬
‫ومعرفة مشاعره وأفكاره وحاجاته كالحاجة للسيطرة والحاجة للجنس‬
‫واإلنجاز وتلقي المساعدة‪.‬‬
‫‪ .3‬الضغوط الواقعة عليه‪ :‬ويظهر ذلك من خالل أفعال البطل ضد اآلخرين‬
‫والتي تظهر الدوافع العدوانية وحاالت الشك والحيرة واالرتباك إزاء‬
‫سلوكات معينة‪ ،‬والتي تعبر عن الصراعات أو اإلحساس بالذنب نتيجة‬
‫ارتكاب األخطاء والميل الشديد إلى لوم الذات ونقدها وتعبر هنا عن قوة‬
‫األنا العليا‪.‬‬
‫أما طريقة موريه فتهدف إلى تحليل دقيق لكل جملة في القصة‪ ،‬ويتم‬
‫تقديرها من ‪ 1:5‬لظهور عدد من الحاجات الرئيسة والدوافع الالشعورية‪ .‬مثل‬
‫الحاجة لألمان واإلنجاز والحب‪ ،‬كما يقدره مورية هذه الحاجات من حيث‬
‫شدتها واستمرارها وأهميتها لدى المفحوص‬
‫‪ .3‬اختبار تداعي الكلمات‪ :‬صمم هذا االختبار العالم يونغ‪ ،‬وقد تكون االختبار‬
‫من (‪ )60‬كلمة تتصل بمجاالت متعددة كاألسرة والنواحي الفمية‬
‫‪284‬‬
‫والشرجية والعدوانية والدالالت الجنسية المتنوعة‪ .‬وتظهر كذلك أشكاال‬
‫من الصراع التي تظهر في أنماط مختلفة من سوء التوافق‪ .‬ويقوم‬
‫الفاحص بسرد كل كلمة ويطلب من المفحوص أن يرد وبسرعة على كل‬
‫كلمة بكلمة من عقله‪ .‬ويسجل الفاحص االستجابة وزمن الرجع‪ .‬ومن‬
‫ناحية إكلينيكية فاالختبار يزودنا بالكثير من المعلومات عن العميل من‬
‫خالل استجاباته التي تظهر واضحة عند ذكر كلمة محددة يستجيب لها‬
‫بطريقة تدل على وجود خلل معين وصراع عند الفرد‪.‬‬
‫التفسير اإلكلينيكي‪ :‬فقد توصل عدد من العلماء أمثال شيفر وجيل إلى وضع‬
‫دالالت إكلينيكية لتشخص الحاالت المرضية وهي‪:‬‬
‫حاالت الفصام‪ :‬حيث تتميز استجاباتهم بالبعد عن الكلمة المعطاة من‬
‫‪.1‬‬
‫الفاحص‪ ،‬وإعطاء كلمات مشابهة حسب الوزن واإليقاع للكلمة‬
‫المعطاة‪ .‬وعند سؤالهم مرة أخرى تتغير استجاباتهم بشكل واضح‪.‬‬
‫حاالت االكتئاب‪ :‬تتميز استجاباتهم بالبطء وتجميع كل أنواع‬
‫‪.2‬‬
‫االستجابات القريبة خصوصا تعريفهم لهذه الكلمات‪.‬‬
‫العصابيون‪ :‬وتتميز استجاباتهم حسب نوع العصاب‪ ،‬فالهستيريين‬
‫‪.3‬‬
‫بالتوقف خصوصا عند الكلمات الجنسية‪ ،‬أما حاالت الوسواس‬
‫القهري فيركزون في استجاباتهم على الصور البصرية‪.‬‬
‫اختبار تكملة الجمل‪ :‬وهذا اختبار اسقاطي آخر يقدم للمفحوص جمال‬
‫‪.4‬‬
‫ناقصة عليه أن يقوم بتكملتها من أفكاره الخاصة‪ .‬وهذه التكملة إنما‬
‫تعبر عن وجهة نظر المفحوص ورغباته ومشاعره وأساليب تكيفه‬
‫فهي بذلك تعكس نزعاته وميوله واتجاهاته فتعطي صورة عن‬
‫خصائص شخصيته (الزغول والهنداوي‪)2004 ،‬‬
‫‪285‬‬
‫ويركز هذا االختبار على دراسة أربعة مجاالت هي‪:‬‬
‫‪ .1‬مجال الجنس‪ :‬فيركز على اتجاهات الفرد الجنسية وعدد العبارات التي‬
‫لها عالقة بهذا المجال ‪ 8‬عبارات يعبر فيها الفرد عن اتجاهات الزواج‬
‫والعالقات الجنسية‪.‬‬
‫‪ .2‬مجال العالقات اإلنسانية المتبادلة‪ :‬وهي تمثل اتجاهات الفرد نحو‬
‫أصدقائه ومعارفه وزمالئه في العمل ويقاس كل اتجاه بأربع عبارات تتيح‬
‫للفرد أن يعبر عن مشاعره نحو اآلخرين‪.‬‬
‫‪ .3‬مجال األسرة‪ :‬ويحتوي على ثالثة اتجاهات نحو األب واألم ونحو األسرة‬
‫ككل وكل اتجاه يعبر عنه بأربع عبارات‪.‬‬
‫‪ .4‬فكرة الفرد عن نفسه‪ :‬وتشمل المخاوف والشعور بالذنب واألهداف‬
‫وفكرة الفرد عن نفسه نحو ما يمتلك من قدرات ويتم قياسها بأربع عبارات‪.‬‬
‫وختاما هناك الكثير من االختبارات والمقاييس التي لم يتم تغطيتها هنا‬
‫بل اكتفينا بأكثرها أهمية علما بأن هناك العديد من االختبارات والتي يمكن‬
‫الرجوع إليها في الكتب المتخصصة باالختبارات والمقاييس‪.‬‬
‫االختبارات المنشورة على مواقع التواصل االجتماعي والمجالت‪:‬‬
‫هناك العديد من االختبارات والمقاييس التي توضع على مواقع‬
‫التواصل االجتماعي أو في المجالت فال بد من أن نشير إلى أن هذه االختبارات‬
‫إنما وضعت للفت نظر المشاهدين‪ ،‬نظرا ألن الكثير يحب أن يعرف كيف يتم‬
‫تصنيفه حسب هذه االختبارات‪ .‬ومن الجدير بالذكر أن هذه االختبارات تفتقر تماما ً الى معايير‬
‫وضع االختبارات كالصدق والثبات والبناء فهي ال تعتمد على اعراض وخصائص‬
‫االضطرابات النفسية والعقلية والشخصية السوية‪ ،‬إنما هي أداة مضللة ال تقدم الوجه الصحيح‬
‫للشخصية‪ .‬وبناء عليه فإننا ننصح بعدم االعتماد على نتائجها واالبتعاد عنها قدر اإلمكان بسبب‬
‫ما قد تؤدي اليه من شعور مزيف ألنها ال تعكس حقيقة شخصية الفرد‪.‬‬
‫‪286‬‬
‫الباب الرابع‬
‫أثر الثقافة والسياسة في بناء وتكوين الشخصية‪.‬‬
‫‪.1‬‬
‫‪.2‬‬
‫الفصل الرابع العاشر‪ :‬دور الثقافة في بناء الشخصية‪.‬‬
‫الفصل الخامس عشر ‪ :‬دور الشخصية في السلوك السياسي‪.‬‬
‫الفصل الرابع عشر‬
‫دور الثقافة في بناء وتشكيل الشخصية‬
‫تعتبر الثقافة من المحددات األساسية للشخصية باإلضافة إلى‬
‫المحددات البيولوجية واالجتماعية ‪ ،‬فالشخصية في نهاية األمر هي نتاج‬
‫التفاعل هذه المحددات معا‪ .‬والثقافة مسؤولة عن التأثير األكبر في الشخصية‪.‬‬
‫لذلك تعتبر الثقافة من الروافد المهمة للشخصية التي تحدد سماتها‪.‬‬
‫فالشخصية تتطور وتنمو في إطار الثقافي للمجتمع الذي تنشأ فيه‪ ،‬حيث‬
‫تكتسب ما يحتويه ذلك المجتمع من مفاهيم وعادات وقيم وتقاليد وأعراف‬
‫وأنماط فكرية وسلوكية والتي تعمل على تدريب الفرد‪ ،‬وإعداده ومساعدته‬
‫على التكيف مع مجتمعه‪ .‬والثقافة تساعد على تماسك المجتمع وتطوره‬
‫بكرامة‪ ،‬وتشبع حاجات األفراد المختلفة وتسهل التفاعل االجتماعي وتقلل من‬
‫الصراع واإلحباط وتجبر الفرد على القيام بدوره االجتماعي الصحيح‪ ،‬وتقدم‬
‫حلوالً مناسبة للمشكالت التي تواجه الفرد خصوصا بتلك التي تتعلق باستمرارية العالقات‬
‫االجتماعية بسالسة‪.‬‬
‫تعريف الثقافة‪:‬‬
‫يرى علماء االجتماع أن الثقافة هي كل ما يكتسبه الفرد خالل تنشئته‬
‫االجتماعية وحياته من معتقدات وعادات وقيم وأفكار وعادات وتقاليد‬
‫وأعراف ونشاطات وطقوس وهذه تمثل الجانب المعنوي للثقافة في حين يمثل‬
‫الجانب المادي للثقافة كل ما له عالقة بالتقدم العمراني والنهضة الصناعية‬
‫والتطور والطرق وغيره من التغيرات في البيئة المادية (عقل‪.)1988 ،‬‬
‫‪291‬‬
‫خصائص الثقافة‪:‬‬
‫تمتاز ثقافة أي مجتمع بعدة خصائص أساسية هي‪:‬‬
‫‪ .1‬أنها ذات طابع معنوي ومادي‪ :‬فالفرد منذ بداية نشأته يبدأ بتعلم ما يتعلق‬
‫بمجتمعه من معتقدات وعادات وتقاليد وقيم وأعراف وطقوس وال‬
‫يستطيع الخروج عما اكتسب من هذا الجانب المعرفي للثقافة‪ ،‬حيث إن‬
‫المجتمع يعتبر الخروج عن مسار الثقافة الخاصة به بمثابة تمرد‪ ،‬ويالقي‬
‫اإلنسان جراء ذلك الكثير من صنوف النبذ والعزل واإلقصاء عن كل ما‬
‫يتعلق بمجتمعه‪ .‬لهذا فإن الشخصية تكتسب كل هذه األمور من أجل‬
‫التكيف مع المجتمع والحصول على القبول واالستحسان من المجتمع المحيط به‪.‬‬
‫‪ .2‬مكتسبة ومتعلمة من البينة‪ :‬فال بد للفرد من أن يتعلم ويكتسب متطلبات‬
‫الثقافة من أجل أن يشبع الحاجات األساسية واالجتماعية بطريقة يرضى‬
‫عنها المجتمع‪ .‬فالطفل يبدأ حياته ككائن بيولوجي ومن خالل التنشئة‬
‫االجتماعية يكتسب ثقافة مجتمعة التي تحوله وتنقله إلى كائن اجتماعي‬
‫يتشرب ثقافة مجتمعة تدريجية (العمر‪.)2016 ،‬‬
‫‪ .3‬تراكمي‪ :‬من أهم مميزات الثقافة أنها تراكمية أي أنها تبدأ من مراحل‬
‫مبكرة من حياة الطفل وهي مكملة لبعضها البعض فال يوجد تناقض بين‬
‫مكوناتها‪ ،‬فاالتفاق بين المكونات عنصر أساسي في استمرار الثقافة‪ ،‬إن‬
‫التناقض في الثقافة يؤدي إلى التمرد وانهيار المجتمع‪.‬‬
‫‪ .4‬تنتقل الثقافة من خالل التفاعل االجتماعي والتعايش‪ ،‬وحيث إن الثقافة‬
‫يتم تعلمها من مؤسسات المجتمع المختلفة فإن عملية اكتسابها وتعلمها‬
‫‪292‬‬
‫يحتاج إلى أن يمر اإلنسان بمواقف اجتماعية متنوعة ينبغي على اإلنسان‬
‫أن يطبق ما تعلمه من خالل التعرض المباشر أو من خالل النمذجة‬
‫‪ .5‬تعمل على إشباع حاجات اإلنسان وتنظيمها‪ :‬إن من أهم فوائد الثقافة هي‬
‫العمل على تهذيب الفرد من خالل تأثير مكوناتها فيه فالمعايير االجتماعية‬
‫والعادات والتقاليد يجب أن تعمل على إشباع حاجات الفرد بشكل الئق‬
‫بدون إلحاق األذى بالمجتمع‪ ،‬بل على العكس يعمل على تقوية العالقات‬
‫االجتماعية بسبب السلوك السوي في إشباع الحاجات‪.‬‬
‫‪ .6‬قابلة لالنتشار من خالل وسائل االتصال الحديثة واللغة والتعليم‪ :‬لقد أدى‬
‫التطور في وسائل االتصال الحديثة إلى سرعة انتشار الثقافات المختلفة‪،‬‬
‫وخصوصا تلك الثقافات التي تظهر مجاالت من الوعي والنمو األخالقي‬
‫والمفاهيم التي تقوی روابط العالقة اإلنسانية‪ ،‬أي التفاعل عبر الثقافي‬
‫‪ .7‬قابلة للتغير والتطور‪ :‬فالحياة في تطور مستمر وتتعرض للكثير من‬
‫التغيرات إذ إن الثقافة تعمل على تغيير بعض من مكوناتها لتتناسب مع‬
‫هذه التغيرات التي تعمل على المحافظة في استمرار العالقات االجتماعية‬
‫بشكل إيجابي يشبع حاجات الفرد بشكل ال يتعارض مع جوهر القيم‬
‫المجتمعية والثقافية األصيلة‪.‬‬
‫‪ .8‬تكاملية‪ :‬وهذه ميزة مهمة في الثقافة‪ ،‬إذ إنها تتطرق إلى كافة المجاالت‬
‫التي تؤثر في حياة اإلنسان حيث إنها تغطي كافة االحتياجات التي يعيشها‬
‫الفرد‪ ،‬فهي كفيلة بتزويد الفرد باألسس الالزمة للتكيف والزواج وتربية‬
‫األبناء والمصاهرة والتعليم والعالقات االجتماعية واكتساب المفاهيم‬
‫وممارسة الطقوس المتعلقة بالثقافة المجتمعية‪.‬‬
‫‪293‬‬
‫عناصر الثقافة‪:‬‬
‫من المهم جدا ً أن نعرف للثقافة عناصر أساسية مهمة تساعد على استمرارها وكذلك في تسهيل‬
‫حياة أفراد المجتمع منها‪:‬‬
‫عنصر العموميات‪ :‬وهي كافة األمور التي يتشارك فيها جميع أفراد‬
‫‪-1‬‬
‫المجتمع من عادات وتقاليد وقيم ومعتقدات‪ ،‬والزي وطري التفاعل االجتماعي والتصاهر‪،‬‬
‫وأساليب التفكير والتعاطف والتعاون‪ .‬إن هذه العموميات تعمل على تقريب أفراد المجتمع‬
‫من بعضهم البعض وتسهل عملية التفاعل االجتماعي‪.‬‬
‫الخصوصيات‪ :‬وهي تلك الخصائص والصفات والتصرفات التي تقتصر على فئة‬
‫‪-2‬‬
‫معينة من أفراد المجتمع دون غيرهم أو لها عالقة بطبقات اجتماعية معينة‪.‬‬
‫كالخصوصية لفئات او طوائف تعيش ضمن أفراد المجتمع يشاركون المجتمع في الكثير‬
‫من العموميات ولكن لديهم خصوصيات تمليها عليهم ثقافاتهم الخاصة‪.‬‬
‫البدائل والمتغيرات‪ :‬مما ال شك فيه أن التطور الهائل التي تمر به الحضارة‬
‫‪-3‬‬
‫اإلنسانية يتطلب احداث تغيرات مهمة وطرح البدائل في الممارسات الثقافية بشكل يؤدي‬
‫الى استمرار وبقاء وتطور تلك المجتمعات‪ .‬إن هذه البدائل التي تطرحها الثقافة ينبغي‬
‫أن تركز بشكل إيجابي على استمرار تلك الثقافة وال تتعارض مع مكوناتها األخرى‪.‬‬
‫كيف تؤثر العوامل االجتماعية والبيئية في دور الثقافة‪:‬‬
‫إن عملية النتشئة االجتماعية تبدأ مع بداية حياة االنسان ‪ ،‬أي بعد مولده فنحن الذين يعلّم األطفال‬
‫على طريقة االستجابة الصحيحة لكافة مثيرات الحياة‬
‫‪294‬‬
‫ونحن من نقر أن هذا السلوك صحيحا أو غير ذلك‪ .‬نحن نشكل سلوك‬
‫األبناء من خالل تربيتنا لهم ونحن كآباء تتأثر بالثقافة السائدة ونقوم بفرضها‬
‫على األبناء‪ .‬إن أسلوب التطبيق واتجاه التربية يختلف من أسرة ألخرى‬
‫ولنلقي نظرة على بعض من العوامل التي تؤثر في دور الثقافة‬
‫‪ .1‬نوع التربية التي تمارسها مع أبناءنا‪ :‬ينبغي أن تكون تربية الفرد فيها‬
‫الحب والصدق والتعاون والتسامح من خالل الطريقة السوية في التربية‬
‫والتي على األغلب تنتج شخصيات سوية‪ .‬أما التربية التي تفتقر إلى‬
‫الديموقراطية وتستخدم أسلوب القمع‪ ،‬أو التساهل أو التدليل الزائد أو‬
‫التمييز بين األبناء فإنها حتما ستؤدي إلى خلق جيل ناقم متمرد وذو‬
‫شخصية سيكوباتية‪ .‬وكلنا نعرف أن من أهم مسبات الشخصية‬
‫السيكوباتية هو نوع التربية التي يتلقاها الطفل خالل تنشئته االجتماعية‬
‫‪ .2‬وجود النماذ اإليجابية في حياة الفرد والتي تعمل على تزويده بما ينبغي‬
‫عليه القيام به‪ :‬فأثر هذه النماذج في المجتمع يساهم في تطوير الثقافة‬
‫وسهولة انتقالها وتعميمها والعمل بموجبها‪ .‬والنموذج اإليجابي هو‬
‫شخصية تمتلك بفعالية وبشكل كبير للعوامل البيئية المهمة في اكتساب‬
‫الفرد المعطيات الثقافة الصحيحة‪ .‬إن وجود النماذج اإليجابية يسهم في‬
‫تطوير شخصية الفرد وإكسابه الكثير من الخصائص الهامة والتعلم السوي‪.‬‬
‫‪ .3‬دور النظام التعليمي المدرسة والجامعة) ‪ :‬تلعب المدرسة والجامعة‬
‫دورا كبيرا كمؤسسات تسعى لنقل ثقافة المجتمع بأمانة حين تقوم بهذا‬
‫العمل بصدق و إخالص‪ .‬فالطالب يتأثر بأفكار مدرسية سواء في المدرسة‬
‫أو الجامعة ويسعى لتقليدهم ألننا كما ذكرنا هم نماذج يحبها ويقتدي بها‪.‬‬
‫‪295‬‬
‫والخوف الشديد من أن يتأثر النظام التعليمي بمثيرات متعددة تجعل‬
‫القائمين عليه والعاملين فيه من التردد في تقديم ما ينبغي عليهم تقديمه‬
‫وهذا ما سيؤدي إلى التأثير السلبي في شخصية التلميذ‪ .‬إن المرحلة‬
‫الجامعية هي مرحلة مهمة في تطوير وصقل الشخصية وإمداد الفرد‬
‫بالفكر الواعي الصحيح‪ ،‬لذلك ينبغي علينا التركيز على أهمية الدور الذي‬
‫األديان هو التسامح والمحبة واإلخاء بين الناس وتعليم الناس التضحية‬
‫المعتقدات‪ ،‬عندئذ نرى الشخصية الدينية المتطرفة تعمل على تدمير تلعبه الجامعة‬
‫‪ 4‬الفكر الديني‪ :‬تعتبر األديان الجزء المهم في أي ثقافة ذلك أن هدف‬
‫واإليثار واالعتدال والوسطية‪ .‬عندما تمتثل الجهات المختصة وكذلك‬
‫األسرة والمدرسة ووسائل األعالم بهذا األمر فمن المتوقع أن نساهم في‬
‫تكوين شخصية سوية‪ ،‬ولكن الخوف يكمن عندما يحدث خلل في هذه‬
‫المعتقدات‪ ،‬عندئذ نرى الشخصية الدينية المتطرفة تعمل على تدمير نفسها ومن حولها‪.‬‬
‫‪ .5‬المؤسسات اإلعالمية ‪:‬مما ال شك فيه أن وسائل األعالم تلعب دورا هاما‬
‫وخصوصا في عصرنا الحاضر مع تطور وسائل التكنولوجية االلكترونية‬
‫وامتداد تأثير الفضائيات مما سهل عبور الثقافات المختلفة‬
‫وسهولة من مجتمع إلى آخر‪ ،‬وسوف نشير هنا إلى بعض األمور التي‬
‫لعبتها وسائل التكنولوجيا االعالمية الحديثة في شخصية الفرد‪.‬‬
‫أ‪ .‬تشرب أفراد المجتمع الكثير من عادات وتقاليد وأساليب حياة مختلفة‪:‬‬
‫من المجتمعات المختلفة مع الثقافة المحلية وكيف لعبت الكثير من‬
‫المسلسالت التركية واألجنبية دورا هاما في تخلي الشباب تدريجيا عن‬
‫الكثير من المفاهيم األخالقية الموجودة في ثقافتنا وأصبح كثير من‬
‫‪296‬‬
‫الشباب ينادي بالتغيير لنصبح مثل هذه المجتمعات والتخلي عن الكثير من‬
‫عاداتنا وتقاليدنا‪ .‬فلم تعد الكثير من األحداث الموجودة في هذه‬
‫المسلسالت تثير التعجب عند المشاهد العربي‪ ،‬بل أصبح يتقبلها بكل‬
‫سهولة وكأنها تحصيل حاصل‪ .‬وربما بعد عقد أو اثنين تصبح مثل هذه‬
‫الممسارات جزءا ً من الممارسات االجتماعية السائدة المقبولة‪ .‬وهذا مما ال شك فيه قد أدى‬
‫تغيير جوهري في الشخصية‪.‬‬
‫ب‪ .‬وسائل التواصل االجتماعي المختلفة‪ :‬من منا ال يستسلم وبسهولة في أي‬
‫مكان وزمان للعب في هاتفه الخلوي والتواصل عبر مواقع التواصل‬
‫االجتماعي سواء كان الفيس بوك أو التويتر أو الواتس اب‪ .‬حتى بات‬
‫الناس ال يتكلمون معا إال عبر هذه الوسائل وقد اقتصر تقديم التهنئة‬
‫ومراسم العزاء وتناقل األخبار الخاصة والعامة لبعض الفئات على مواقع‬
‫التواصل االجتماعي‪ .‬ونستطيع القول حتى أثناء الزيارات العائلية أو في‬
‫صاالت االنتظار نلجأ إلى هواتفنا لقضاء الوقت فانقطعت طرق التعارف‬
‫والتواصل وتبادل اآلراء مع اآلخرين‪ .‬لقد أصبحنا محكومين بهذه‬
‫األجهزة الصغيرة التي بين أيدينا فلم يعد االبن أو الطالب أو الزائر يولي‬
‫المتحدث انتباها كامال وذلك بسبب انشغاله بالهاتف النقال فكثرت حوادث‬
‫الطرق والموت‪ ،‬وتغيرت أساليب تعاملنا مع بعضنا البعض وأصبح حبنا‬
‫ومشاعرنا المختلفة ننقلها عبر الهواتف بدال من التواصل الشخصي‬
‫المباشر‪ .‬أصبحت شخصياتنا تفقد الدفء والمحبة تدريجيا‪.‬‬
‫ت‪ .‬اإلنترنت والمواقع االلكترونية المتنوعة‪ :‬لعبت المواقع االلكترونية‬
‫المختلفة دورا إيجابية وسلبية في تشكيل الشخصية وذلك حسب نوع هذه‬
‫المواقع‪ ،‬فمنها من عمل على تعليم السلوك العدواني والقتل والتدمير‬
‫‪297‬‬
‫والجنس‪ ،‬ومنها ما يقدم الكثير من المعلومات المفيدة وكال االتجاهين‬
‫يؤثر في الشخصية وغيرها إما نحو األفضل أو نحو األسوأ‬
‫ث‪ .‬األنواع المختلفة من األغاني والتعري والموسيقى التدميرية‪ :‬والتي‬
‫أكسبت الشباب تبعا لذلك تبني افكارة تعبيرية عن هذه األنواع من‬
‫الموسيقى واألغاني اغاني عبدة الشيطان واألغاني التي تحض على‬
‫ج‪ .‬القنوات الدينية المتطرفة التي تحض على التطرف وعلى محاربة األديان‬
‫المخالفة لها‪ ،‬وتشكيل الشخصيات المتطرفة والمعادية لألديان األخرى‬
‫وإعداد جيل من اإلرهابيين والقتلة بدال من تشكيل سلوك التسامح‬
‫ح‪ .‬التركيز على القنوات الرياضية وإهمال القنوات الثقافية‪ :‬مما أدى إلى والمحبة والسالم‪.‬‬
‫السلوكات غير األخالقية كالتعري وغيره‪.‬‬
‫تطور شخصيات ال يهمها سوى الرياضة وافتقار الجيل إلى دور وأهمية‬
‫المعرفة في تشكيل الشخصية السوية‪.‬‬
‫خ‪ .‬الدعايات التسويقية‪ :‬أصبح هم أصحاب الشركات والمصانع هو تسويق‬
‫بضائعهم بشتى الطرق بغض النظر عن صحة المعلومات التي تحويها‬
‫دعاياتهم‪ ،‬حتى وإن كانت تضر بصحة اإلنسان فظهرت الخصائص‬
‫السلبية في الشخصية وتطورت بشكل واضح‪.‬‬
‫د‪ .‬أنظمة الحكم‪ :‬تشكل أساسا مهما في تطور شخصية المواطن فالنظام الذي‬
‫يعتمد العدالة والديموقراطية أساسا له يساعد المواطن‪ ،‬على االنتماء‬
‫والوالء لوطنه‪ ،‬وهذه من خصائص الشخصية المهمة التي تساعد‬
‫اإلنسان على التكيف والتخلص من التوتر واإلحباط‪.‬‬
‫‪298‬‬
‫تأثير الثقافة في الشخصية ‪:‬‬
‫‪.١‬األمثال الشعبية السائدة والطقوس في الثقافة مما ال شك فيه أن‬
‫الكثير من األمثلة الشعبية تساعدنا في تبرير الكثير من السلوكات غير‬
‫المنطقية أو غير المقبولة‪ ،‬ففي كثير من األحيان نعتقد بصحة هذه األمثال‬
‫فتؤثر في التكوين الثقافي الشخصي للفرد وتجعله يؤمن بها كحقائق يجب‬
‫عليه أن يتبناها‪ .‬وهناك الكثير من الظواهر االجتماعية كاالمتثال التي‬
‫تحدث عنه العالم آش والطاعة التي تحدث عنها العالم ملليجرام نمارسها‬
‫على الرغم من قناعتنا بعدم صحتها والسبب أن األمثال الشعبية تحثنا‬
‫وبشكل كبير على تبني قناعات تتفق مع الجماعة على الرغم من عدم‬
‫صحة هذا األمر مما يجعلنا نفقد حرية الرأي واإلرادة الحرة فمن األمثلة‬
‫الشعبية السائدة " حط راسك بين الروس وقول يا قطاع الروس" الموت‬
‫مع الجماعة رحمة" إذا أنجن ربعك عقلك ما بنفعك" إذا اثنين قالوا لك‬
‫راسك مش موجود ضع يدك على راسك لتتأكد" نالحظ أن كلها أمثال‬
‫تعمل على التقليل من رأي الفرد وتحد من قدرته على اتخاذ القرارات‬
‫الصحيحة فتشكل الشخصية الخاضعة الضعيفة المسلوبة الرأي‪.‬‬
‫‪ .2‬توفر الثقافة للفرد الطرق المقبولة للسلوك والتفكير والتواصل وتمده بما‬
‫يحتاج من عادات وتقاليد وقيم ومعتقدات وأنماط سلوكية صحيحة‪ .‬إن‬
‫مهمة الثقافة هي تشكيل شخصية سوية تتفاعل مع أطياف المجتمع‬
‫المختلفة بنجاح وتتكيف بطريقة صحيحة ومناسبة‪.‬‬
‫‪ .3‬تمد الثقافة الفرد بالكثير عن تاريخه وأصوله وتجيب على الكثير من‬
‫األسئلة التي تدور في خلد اإلنسان‪.‬‬
‫‪299‬‬
‫‪ .4‬تساهم في تكوين الضمير والحس األخالقي والشعور اإليجابي مع‬
‫تكوين الضمير من خالل تدريب الفرد على تبني القيم اإليجابية التي يشدد‬
‫اآلخرين وتعمل على توطيد التعاطف مع اآلخرين‪ .‬والتركيز على أهمية‬
‫عليها المجتمع‪.‬‬
‫‪ .5‬تعمل على تشكيل الشعور باالنتماء والوالء لدى الفرد اتجاه مجتمعه الذي‬
‫يعيش فيه مما يزيل العوائق االجتماعية أمامه خصوصا إذا تحققت العدالة‬
‫وتساوت الفرص‪.‬‬
‫‪ .6‬تشجع الفرد على التعلم واالتجاه نحو التحصيل العلمي الذي يساعده في‬
‫تحقيق تطلعاته وطموحاته العلمية والعملية‬
‫‪ .7‬وأخيرا تعمل الثقافة على تطوير االتجاهات اإليجابية نحو المجتمع الذي‬
‫يعيش فيه الفرد والمجتمعات األخرى‪ .‬إن تكوين االتجاه اإليجابي في‬
‫المشاعر واألحاسيس والفكر والمعتقد ألمر في غاية األهمية ويعمل على‬
‫تشكيل شخصية إيجابية متكيفة‪.‬‬
‫الخالصة‪:‬‬
‫نستطيع القول أن الثقافة تساهم و بشكل كبير في تكوين الكثير من‬
‫األنماط السلوكية والمعتقدات والعادات والتقاليد واألفكار والحلول والقيم‬
‫وبالتالي تؤثر في تشكيل الشخصية‪ .‬فالكثير مما نقوم فيه ونعتبره جزءا مهما‬
‫في شخصيتنا هو نتاج لتأثير الثقافة‪ .‬فاألمثال الشعبية السائدة التي نعتمد‬
‫عليها في تفسير وتبرير الكثير من سلوكاتنا إنما هي انعكاس مباشر لتأثير‬
‫الثقافة في شخصيتنا‪.‬‬
‫‪300‬‬
‫الفصل الخامس عشر‬
‫دور الشخصية في السلوك السياسي‬
‫الفصل الخامس عشر‬
‫دور الشخصية في السلوك السياسي‬
‫يعتبر علم النفس السياسي من أهم العلوم التي حظيت مؤخرا بمزيد‬
‫من البحث واالهتمام من قبل علماء النفس و السياسة‪ .‬فهذا العلم يهتم بدراسة‬
‫السياسة والسياسيين (السلوك السياسي من وجهة نظر علم النفس ونظرياته‬
‫المختلفة‪ .‬فهو يدرس العالقات بين األفراد وكيف تؤثر التنشئة االجتماعية‬
‫بمؤسساتها المختلفة في تشكيل شخصية السياسي‪ ،‬كما ويدرس دور‬
‫المعتقدات والقيم والعادات والتقاليد في تأثيرها في سلوك الفرد في المواقف‬
‫المختلفة ومنها السياسية‪ .‬لذلك فقد كان موضوع دراسة القيادة وشخصية‬
‫القائد في اتخاذه للقرارات المختلفة أهمية خاصة‪ ،‬إال أن هذا العلم لم يهمل‬
‫جوانب كثيرة منها دراسة الجماعات المتطرفة والسلوك العنصري والنزعات‬
‫التطرفية والسياسية والحروب واإلبادة الجماعية‪ .‬لهذا فقد عمد علم النفس‬
‫السياسي إلى دراسة السلوك السياسي ونتائجه وأثره في اإلنسان‪Cottam .‬‬
‫(‪)et al., 2010‬‬
‫تكوين الشخصية السياسية‪:‬‬
‫يعرف علم النفس بنه دراسة السلوك اإلنساني من أجل فهمه‬
‫وتفسيره وكذلك التنبؤ به وأخيرا الضبط والتحكم في السلوك (أبو حميدان‬
‫وآخرون‪ .)2015 ،‬ففي مجال علم النفس السياسي نهتم بدراسة ميول الفرد‪،‬‬
‫ورغبته في االنخراط باألحزاب والمشاركة في التصويت واالنتخابات والعمل‬
‫الجاد والسعي الدؤوب نحو السلطة ونعمل على معرفة طبيعة شخصية الفرد‬
‫‪303‬‬
‫التي تتأثر بمعطيات كثيرة كما ذكرنا سابقا مثل المحددات البيولوجية‬
‫واالجتماعية والثقافية والمواقف المتنوعة التي تفرض على اإلنسان سلوكات محددة‪.‬‬
‫وبناء على ذلك نجد الشخص السياسي يكون معتقدات ومفاهيم وقيم‬
‫خاصة به يتبناها ويستمر في تطبيق معطياتها عندما يصل إلى السلطة‪ .‬ومن‬
‫المهم أن نشير هنا إلى أن هذه الشخصية تتغير وقد تنحرف عن المسار‬
‫المثالي الذي حدده الشخص لنفسه في السابق وخصوصا عندما تتعارض‬
‫المواقف مصلحته الخاصة‪ .‬عندئذ نجد أن السياسي يتبنى نشاطات متطرفة‬
‫كاالغتياالت والقتل واإلبادة الجماعية مقابل الحفاظ على بقائه في السلطة‪.‬‬
‫التحليل النفسي ومفهوم الشخصية السياسية‪:‬‬
‫مما ال شك فيه أن نظرية التحليل النفسي لسيجموند فرويد اهتمت‬
‫بدراسة الشخصية بشكل عام ووضعت أسس وقواعد لفهم الشخصية تختلف‬
‫عن بقية النظريات‪ .‬فقد تبنت هذه النظرية دور الدوافع الالشعورية وأثرها في‬
‫السلوك‪ .‬وقد رأى فرويد أن سلوك القائد وقدرته ومهارته في اتخاذ القرارات‬
‫تعتمد على تفاعل مكونات الشخصية الثالثة وهي الهو واألنا واألنا األعلى‪ .‬إن‬
‫هذا التفاعل الذي تحكمه كما يقول فرويد الغرائز القوية والتي تسعى التحقيق‬
‫اللذة بواسطة األنا الواقعي الذي يجد صراعا قويا مع األنا األعلى (الضمير)‬
‫فالدوافع الالشعورية متعددة ومتنوعة فمنها دوافع التملك والسيطرة‬
‫واالستبداد والتي تضغط على الفرد من أجل الوصول إليها وتحقيقها من خالل‬
‫الواقع إال أن وجود الضمير يمنع الوصول إلى تحقيقها‪ .‬عندند يلجأ الفرد إلى‬
‫ميكانزمات الدوافع األولية (الحيل الدفاعية)‪ ،‬والتي تعمل كحلول مؤقتة ريثما‬
‫‪304‬‬
‫يستطيع الفرد الوصول إلى هدفه مستقبال‪ .‬إن ضعف الضمير أي األنا األعلى‬
‫يعتبر مؤشرا على تحقيق الشخص ألهدافه غير السوية‪.‬‬
‫وكثيرا ما يعاني الشخص السياسي كما هو الحال بالنسبة لآلخرين من‬
‫هذه األوضاع فيعمد إلى اتخاذ قرارات تصب في مصلحته الخاصة وفقا‬
‫المعتقداته وفكره‪ .‬ومن الجدير بالذكر أن نظرية التحليل النفسي ركزت وبشكل‬
‫كبير على خبرات الطفولة‪ ،‬والكثير من العلماء قاموا بدراسة وتحليل طفولة‬
‫الكثير من القادة وتوصلوا إلى أن الكثير من سلوكاتهم كانت تعبر عن خبرات‬
‫طفولية مريرة أجبرتهم على أن يظهروا بهذا الشكل من الشخصيات‪ .‬ويفسر‬
‫العالمان ألكسندر جورج وجولييت جورج (هوتون‪ )2015 ،‬أن رفض وتصلب‬
‫الرئيس األمريكي ولسون إقرار معاهدة عصبة األمم إنما يمثل تعويضا‬
‫عن صرامة والده وشدته في تربيته وحرمانه من العاطفة والدفء‪ .‬وكذلك‬
‫الحال كان بالنسبة لبوش االبن الذي عانى من قسوة معاملة والدته له مما‬
‫دفعه إلى اتخاذ قرارات تنم عن العداوة والكراهية‪.‬‬
‫السمات الشخصية التي تؤثر في السلوك السياسي‪:‬‬
‫لقد كان لهذه النظرية أثر كبير في دراسة الشخصية‪ ،‬فقد تحدث العالم‬
‫البورت عن ثالثة أنواع من السمات هي السمات الرئيسية والمركزية‬
‫والسمات الثانوية‪ ،‬التي أشارت إلى وجود تفاوت في هذه السمات لدى البشر‬
‫ثم تحدث أيزنك عن ثالث سمات هي االنبساطية واالنطوائية والعصابية‬
‫ونموذج العوامل الخمسة الكبرى للعالمين کوستا وماكري والذي اشتمل على‬
‫أبعاد خمسة للشخصية هي العصابية واالنبساطية واالنسجام واالنفتاح‬
‫‪305‬‬
‫والوعي والتي أشارت إلى أن القيادة الواعية والتي تتسم بالذكاء هي تلك التي‬
‫تمتلك هذه الخصائص الخمسة‪.‬‬
‫ويشير األسود (‪ )1990‬إلى أن علماء النفس ومن خالل الدراسات‬
‫المتعددة قد حددوا عددا من السمات التي لها عالقة بنشاط الفرد السياسي ومنها‪:‬‬
‫‪ .1‬الفاعلية أو األهلية‪ ،‬حيث أشارت هذه الدراسات إلى وجود عالقة‬
‫ارتباطية بين الشعور الداخلي بالقوة لدى الفرد وبين نشاطه السياسي‬
‫الذي يقوم به في حين رأت دراسات أخرى أن هذه العالقة موجودة بين‬
‫نوع الفاعلية واألهلية النفسية التي يمتلكها الفرد‪.‬‬
‫‪ .2‬النزعة السلطوية‪ :‬والتي تشير إلى ميل الفرد لممارسة نشاطات تعبر عن‬
‫حب التحكم في اآلخرين والسيطرة على مجريات األمور بغض النظر عن‬
‫رأي اآلخرين فيها‪ .‬إال أن موضوع النزعة السلطوية في النشاط السياسي‬
‫ما زالت موضع خالف بين العلماء‪ ،‬والسبب أن هذه النزعة مكونة من‬
‫عوامل نفسية واجتماعية تختلف من شخص آلخر‪.‬‬
‫‪.3‬التغرب واالستالب‪ :‬وهو شعور يتملك اإلنسان بالعجز والالجدوى‬
‫والسيطرة الداخلية ‪ -‬الخارجية‪ ،‬أي انهيار شعور الفرد بارتباطه‬
‫بالجماعة‪ .‬وينشأ هذا الشعور بسبب افتقار الفرد إلى المعرفة السياسية أو‬
‫المعرفة الالزمة للحكم‪.‬‬
‫‪ .‬حب السلطة‪ :‬وقد ربط العلماء هذا الشعور بالتعويض عن تقدير الذات‬
‫المتدني فهو سلوك تعويضي يمارسه الشخص للتعويض عن عجزه وعدم‬
‫قدرته السابقة في السيطرة على مجريات األحداث التي مر بها‪.‬‬
‫‪306‬‬
‫‪ .5‬الجمود العقائدي أو الدوغماتية‪ :‬إن اهتمام الفرد في مفهوم عقائدي‬
‫يجعله يتجاهل ويبتعد عن المفاهيم العقائدية األخرى حتى وإن كانت ذات‬
‫منفعة وجدوى له فهو يقف عند حد محدود من التفكير السياسي‪.‬‬
‫وهؤالء األفراد يعانون من القلق بشكل مستمر ونجد لديهم صعوبة في‬
‫استيعاب الفكر واألخرين‪ .‬إن هذا الجمود العقاندي موجود لدى الكثيرين‬
‫ومنهم القادة والسياسيين‪ ،‬وهذه السمة عكس المرونة‪.‬‬
‫ولذلك فإنه من المهم أن نعرف أن االستعدادات النفسية ليست‬
‫متشابهة عند الجميع فالنزعة السلطوية وحب السيطرة أو ما يسمى شهوة‬
‫السلطة كدافع اجتماعي واإلحساس بالفاعلية وتضخم األنا تؤدي إلى تباين‬
‫السلوك السياسي‪ .‬فأي فرد يشغل منصبة سياسية يكون تصرفه مختلفة تماما‬
‫عن سابقه تبعا الستعداداته النفسية التي أشرنا إليها‪.‬‬
‫هل السلوك السياسي داخلي أم خارجي‪:‬‬
‫لقد حاول هوتون في كتابه علم النفس السياسي (‪ )2015‬اإلجابة عن‬
‫سؤال مهم وهو هل سلوك الفرد نابعة من خصائص نفسية داخلية أم أنه ناتج‬
‫عن أسباب خارجية تمثل البيئة المحيطة به أو الموقف الذي وجد فيه؟ ويری‬
‫هوتون أن هناك اتجاهين لتوضيح ذلك وهما‪:‬‬
‫‪ .1‬االتجاه النزوعي‪ )Dispositionidism( :‬والتي تشير إلى أن أفكار‬
‫الفرد ومعتقداته وقيمه وتصوراته (العوامل الداخلية هي التي تكون‬
‫وراء سلوكه‪ ،‬فهم بذلك أحرار ومسؤولون عن تصرفاتهم‪.‬‬
‫‪307‬‬
‫‪ .2‬اإلتجاه الموقفي‪situationism( :‬أي أن طبيعة الموقف المحيطة‬
‫بالفرد واألوضاع السياسية واالجتماعية (العوامل الخارجية) هي التي‬
‫تكون وراء سلوك الفرد‪.‬‬
‫وعلى الرغم من إيمان الكثيرين بأهمية الدور التي تلعبه العوامل‬
‫الداخلية في اإلجابة على هذا السؤال‪ ،‬إال أن علماء النفس االجتماعي يعلقون‬
‫أهمية كبيرة على العوامل الموقفية ودورها األساسي في حدوث السلوك‪ .‬وقد‬
‫قام كل من العالم ملليجرام والعالم زمباردو بدعم هذا االفتراض‪ ،‬الذي يرى أن‬
‫المواقف التي تفرض على الفرد تدفعه إلى تغيير سلوكه بشكل قوي‪ .‬فالكثير‬
‫من األفراد الطيبين الجيدين يقومون بسلوكات ال تتناسب وطبيعة شخصياتهم‬
‫وذلك بسبب المواقف التي أجبرتهم على القيام بذلك‪.‬‬
‫وهذا ما جعل العالم ملليجرام يتساءل كيف يوافق ويطيع الشعب‬
‫سلوك الحاكم وينفذ مطالب الحاكم في المشاركة في القتل واإلبادة‪ .‬وكان سبب‬
‫تساؤله هنا هو ما قام به هتلر من قتل وتدمير إبان الحرب العالمية الثانية‬
‫حيث وضع المؤرخون الذين أرخوا للحرب العالمية الثانية فرضية مفادها أن‬
‫" األلمان يختلفون عن الشعوب األخرى ألنهم يعانون من خلل أخالقي يجعلهم‬
‫مستعدون إلطاعة السلطة دون تساؤل مهما كانت أوامر تلك السلطة وهذا‬
‫الخلل أتاح لهتلر تنفيذ مخططاته‪ .‬ولهذا أراد ملليجرام السفر إلى ألمانيا قبل‬
‫تطبيق الدراسة في أمريكا لدراسة هذه الظاهر والتعرف عن قرب إلى‬
‫خصائص وسمات الشخصية األلمانية التي لم تقم برفض أوامر هتلر بل‬
‫أطاعته وسارت خلفه بكل جوارحها‪ .‬وعوضا عن السفر تساءل ملليجرام عن‬
‫إمكانية تطبيق هذه الدراسة في أمريكا‪ .‬ولكنه بعد االنتهاء من تجربته عدل‬
‫‪308‬‬
‫عن رايه ألنه توصل إلى نتائج تختلف عن فرضية المؤرخين (مكلفين وغروس‪.)2002 ،‬‬
‫تجربة ملليغرام‪:‬‬
‫ أعلن ملليجرام في الصحف عن عزمه القيام بتجربة في جامعة بيل‬‫بأمريكا ال تزيد مدته المشاركة في التجربة للفرد عن ساعة ويأخذ‬
‫المشارك مبلغا من المال‪ .‬فتقدم عدد من المشاركين تراوحت أعمارهم‬
‫ما بين ‪ 50-20‬شخصا جاءوا من قطاعات مختلفة من المجتمع‪.‬‬
‫ ثم يؤخذ المشارك إلى المختبر ويخبروه بأن هدف التجربة هي لمعرفة‬‫أثر العقاب على التعلم‪ .‬ثم يجلس أحد مساعدين العالم ملليجرام‪،‬‬
‫والذي يمثل دور المتعلم الذي سيكون في الغرفة ويربط بأسالك‬
‫توصل التيار الكهرباء إلى يدي المساعد (المشارك ال يعرف أن‬
‫العملية تمثيل وغير حقيقية) ثم يقوم المشارك والذي سيقوم بدور‬
‫المعلم بالجلوس في غرفة مقابلة بها مفاتيح متعددة لتوصيل الصدمة‬
‫الكهربائية بشدة مختلفة تبدأ من ‪ 15‬فولت وتتصل إلى ‪ 450‬فولت‪.‬‬
‫ المهمة التعليمية التي سيتم اختبار المتعلم بها عبارة عن قائمة من‬‫زوجين من الكلمات تقتضي تذكر الكلمة المقترنة بها‪ .‬يقوم المعلم‬
‫بقراءة الكلمة يتبعها بعدة اختيارات أحداها صحيحة وعلى المتعلم أن‬
‫يختار الكلمة الصحيحة‪ .‬وإذا أخطأ المتعلم يعطى صدمة كهربائية‬
‫قوتها ‪ 15‬فولت ويستمر المعلم بسؤاله وفي كل مرة يخطئ يزيد من‬
‫قوة الصدمة ‪ 15‬فولت أخرى‪.‬‬
‫‪309‬‬
‫ ويقوم المتعلم المساعد) بالصراخ وإظهار األلم والمعاناة جراء‬‫الصدمة التي يتلقاها التي تصل إلى ‪ 300‬فولت‪ .‬وفي إعادة الحقة‬
‫للتجربة أضافوا الصوت بحيث يتمكن المعلم من سماع الصوت وليس المشاهدة فقط‬
‫ كان المجرب (ملليجرام) يقول للمتطوع (المعلم) تابع عملك‪ ،‬واستمر‬‫في التجربة‪ ،‬ألن الموضوع في غاية األهمية وال تخف فالصدمة ال تؤلم كثيرا‪.‬‬
‫ كانت التجربة تتوقف عندما تصل قوة الصدمة إلى ‪ 450‬فولت أو‬‫عندما يرفض المعلم االستمرار في التجربة‪.‬‬
‫ النتائج‪ :‬تعرض المشاركون إلى آالم نفسية وبعضهم شتم الباحث الذي‬‫كان يضطر أحيانا إلى إيقاف التجربة‪ .‬ولكن كانت النتائج مذهلة‪.‬‬
‫• جميع المشاركين في التجربة األولى واصلوا توجيه الصدمات إلى‬
‫أن بلغت مستوى ‪ 300‬فولت و‪ %65‬منهم وصلوا إلى ‪ 450‬فولت‬
‫• أما التجربة التي تضمنت تغذية راجعة (وجود الصوت) فقد‬
‫واصل ‪ %62.5‬من المشاركين إلى ‪ 450‬فولت‪.‬‬
‫ تفسير نتائج ملليجرام‪ :‬يقول ملليجرام " لعل أبلغ عبرة نستخلصها‬‫من هذه الدراسات هي أن الفرد العادي الملتزم بأداء واجباته وال‬
‫يحمل أي ضغينة على أحد يمكن أن يصبح عضوا تدميرية في عملية تدمير فظيعة"‬
‫‪310‬‬
‫ ويقول ملليجرام " ينفذ غالبية الناس األوامر بغض النظر عن‬‫محتواها وبغض النظرعما تمليه عليه ضمائرهم ما داموا يعتقدون‬
‫أنها صادرة عن سلطة شرعية‪.‬‬
‫ إن إظهار المسؤول العالم ملليجرام) تحمله للمسؤولية كان يريح‬‫المشارك ويجعله يستمر في التجربة (وهذا ما يفسر قيام البعض‬
‫بعمليات التعذيب وعمليات القتل الجماعي طالما أنه يطيع أوامرعليا)‬
‫ وينبغي أال ننسى أن هناك ‪ %35‬من العينة المدروسة رفضوا إطاعة‬‫السلطة وهذا مؤشر إلى أنه ليس الجميع يخضع للموقف ويستجيب‬
‫كما يطلب منه‪.‬‬
‫وقد استطاع العلماء بناء على نتائج ملليجرام تفسير الكثير من‬
‫المذابح والمجازر التي حدثت في مناطق متفرقة من العالم والتي قام بها‬
‫أشخاص عاديون في ظروف معينة‪ .‬ولكن لن ننسى أن هناك أشخاص منعتهم‬
‫إنسانيتهم ومثلهم وقيمهم من إطاعة السلطة عندما يتعلق األمر بحياة اآلخرين‪.‬‬
‫ولكننا يجب أن نتساءل عن إرادة الفرد الحرة وأين حرية االختيار‪ ،‬أال‬
‫يستطيع اإلنسان أن يرفض وال يطيع إذا كان األمر يتعارض مع مبادئه‬
‫وأهدافه‪ .‬ولكننا يجب أن نعترف أن خبرات الفرد السابقة التي مر بها قد‬
‫تجعله يرضخ ويطيع بسبب ما أدى سلوكه السابق من نتائج مؤلمة له‬
‫‪311‬‬
‫تأثير الجماعة في السلوك الشخصي (االمتثال)‬
‫‪:Conformity‬‬
‫تساهم الجماعة في تأثيرها على سلوك الفرد مما تتسبب في تغيير‬
‫سلوكه وموقفه اتجاه الكثير من األمور‪ .‬ويشير هوتون إلى تساؤل أرفنغ‬
‫جانيس عن كيفية تغير سلوك الفرد بسبب ضغط الجماعة‪ .‬األمر الذي يجعل‬
‫الكثير من األذكياء يتخذون قرارات ضعيفة عندما تكون ضغوط الجماعة قوية‬
‫فيمتثلون لرأي الجماعة من أجل أن يحظوا بقبول الجماعة لهم وعدم شعورهم‬
‫بأنهم منبوذين من الجماعة فيما لو رفضوا أو لم يذعنوا لرأي الجماعة‪.‬‬
‫ونجد من خالل مراجعات علماء النفس االجتماعي أن الموقف يلع‬
‫بدورا أساسيا في تحديد أسباب السلوك فيما يرى علماء النفس أن النزعات‬
‫الداخلية أقوى‪ ،‬وهي السبب في حدوث السلوك‪.‬‬
‫وهذا ما أطلق عليه العلماء ظاهرة االمتثال فقد عرف العالم كرتشفيلد‬
‫(‪ )1955‬األمتثال بأنها الخضوع لضغط الجماعة ولكن العالم مان (‪)1969‬‬
‫أضاف أن هناك دوافع أخرى غير ضغوط الجماعة‪ .‬أم زمباردو وليبي‬
‫(‪ )1991‬فقد أشارا إلى أن االمتثال هو تغير في االعتقاد أو السلوك استجابة‬
‫الضغط الجماعة الواقعي أو المتخيل في الوقت الذي ال تطلب الجماعة منه ذلك‬
‫وال يكون هناك مبرر للتغير في السلوك المالحظ لديه"‪ .‬ونالحظ هنا أن جميع‬
‫التعريفات تشترك في إظهار أهمية ضغوط الجماعة‪ .‬فاالمتثال ال يعني االلتزام‬
‫بمنظومة معينة من االتجاهات والقيم وإنما يشير إلى الخضوع للضغوط‬
‫المتخيلة أو الواقعية ألي جماعة بغض النظر عن منزلتها كجماعة أغلبية أو أقلية‪.‬‬
‫‪312‬‬
‫الدراسات التجريبية على االمتثال‪:‬‬
‫‪ .1‬فقد قام العالم مظفر شريف في الثالثينيات تجربة أعتمد فيه على اإلدراك‬
‫البصري لتكون موضوع يدور حوله وجهات النظر في موقف جماعي‬
‫فقد طلب من المفحوصين إعطاء تقديرات المسافة التي تتحرك بها نقطة‬
‫من الضوء (الحركة الظاهرية) بشكل فردي ثم بشكل جماعي‪ .‬وقد كانت‬
‫النتائج الفردية متقاربة في حين كانت النتائج الجماعية أكثر تشابها حينما‬
‫أعطى كل فرد رأيه أمام الجماعة‪ .‬وقد فسر شريف االستجابات الفردية‬
‫المتقاربة وغير الدقيقة على أنها امتثاال للجماعة‪ ،‬فقد كان أفراد الجماعة‬
‫متعاونين مع المجرب وأعطوا إجابات متشابهة وعندما يدخل المجرب‬
‫عليهم ويجلسون مع الجماعة فقد كانوا يمتثلون لرأي الجماعة‬
‫‪ 2‬تجربة أش‪ :‬قام بتصميم تجربة يحكم الفرد فيها على أطوال ثالثة أعمدة‬
‫(خطوط مستقيمة) وكان يوضع المجرب عليه (المشارك الغافل) ضمن‬
‫فريق الش (المشاركين الحليفين) بحيث يكون رأيه قبل األخير‪ ،‬وقد كانت‬
‫النتائج تشير إلى أن ‪ %32‬اتفقوا مع األغلبية وقد سماهم بالمشاركين‬
‫الغافلين‪ .‬أي أنهم قاموا بتغيير رأيهم بسبب تأثرهم بالجماعة علما بانهم‬
‫يعرفون أن إجابتهم صحيحة‪.‬‬
‫وعندما سألهم آش عن السبب في تغيير رأيهم افادوا باآلتي‪:‬‬
‫‪ .1‬أنهم أحبوا أن يجاملوا المجرب‪.‬‬
‫‪ .2‬أدعوا بأن لديهم مشاكل في النظر‪.‬‬
‫‪ 3‬أدعي البعض بأنهم لم يرتكبوا أي خطأ‪.‬‬
‫‪ .4‬قال البعض بأنهم خشوا من أن يسخر اآلخرون منهم‪.‬‬
‫‪313‬‬
‫وهذا يؤكد أن ضغط الجماعة هو ما يؤدي إلى االمتثال‬
‫وال بد من اإلشارة إلى أن هناك عدد من العوامل تؤثر في االمتثال‬
‫هي‪:‬‬
‫‪ 1‬حجم الجماعة‪ :‬يزداد االمتثال بازدياد عدد أفراد الجماعة‪.‬‬
‫‪ .2‬اإلجماع‪ :‬يزداد االمتثال كلما كان اإلجماع على االستجابة عال‪.‬‬
‫‪ .3‬صعوبة المهمة‪ :‬يمتثل أفراد الجماعة كلما كانت المهمة غامضة وصعبة‬
‫فيمتثل أفراد الجماعة خوفا من أن يتعرضوا للنقد أو السخرية‪.‬‬
‫‪ .4‬الجندر‪ :‬فقد وجدت أيغلي وستيفن أن الذكور يمتثلون آلراء الجماعة‬
‫بالقدر الذي تمتثل له اإلناث عنما يكون االمتثال سرية وال يظهر أمام العلن‪.‬‬
‫ومن الجدير بالذكر أن االمتثال يكون أعلى في الحاالت التالية‪:‬‬
‫‪ .1‬عند األشخاص الذين يكون تقدير الذات لديهم منخفضا‪.‬‬
‫‪ .2‬عند األشخاص الذين يهتمون بالعالقات االجتماعية‪.‬‬
‫‪ .3‬عند األشخاص الذين لديهم حاجة عند األشخاص اآلخرين فإنهم يتجهون‬
‫للقبول االجتماعي‪.‬‬
‫‪ .4‬عند األشخاص الذين ينجذبون أكثر إلى أعضاء الجماعة اآلخرين‪.‬‬
‫نستخلص هنا من تأثير الموقف االجتماعي وتأثير الجماعة يلعب‬
‫دورا هاما في تغيير سلوك الفرد وتعديل استجابته للمواقف خوفا من عوامل‬
‫وأسباب متعددة‪.‬‬
‫‪314‬‬
‫شخصية السياسي‪:‬‬
‫مما ال شك فيه أن الشخصية السياسية شأنها شأن الشخصية العادية‬
‫تؤثر فيها أسبابا داخلية وأسبابا خارجية تحكمها المواقف‪ .‬فالسياسي سواء‬
‫كان إيجابيا أو سلبيا‪ .‬فالصفات الخارجية من تاثيرات بيئية واجتماعية‬
‫وسياسية واقتصادية‪ ،‬تلعب دورا مهما في شخصيته كما هو الحال بالنسبة‬
‫الخصائصه الداخلية من سمات وانفعاالت ورغبات وتفكير وإدراك وتعلم‬
‫وخبرات طفولة وماسي نفسية كلها تساهم بشكل قوي في طبيعة القرارات‬
‫التي يتخذها وكذلك في أسلوب حكمه وتعامله داخليا وخارجيا‪.‬‬
‫واعتقد من الصعب أن نفسر سلوك القائد فقط بناء على الصفات‬
‫الداخلية أو الخارجية كل على حدا بل أن كليهما يؤثران ويساهمان في تفسير‬
‫سلوك الشخصية السياسية‬
‫الخالصة‪:‬‬
‫ لقد لعب علم النفس السياسي دورا مهما في تفسير ودراسة سلوك‬‫القادة والكثير من الظواهر األساسية واالجتماعية في العالم‪ .‬كما فسر‬
‫حدوث االنتفاضات والتمرد والعصيان واالنقالبات‪ ،‬والتسلط‬
‫واالستبداد الذي مارسته األحزاب أو القادة‪.‬‬
‫ فسرت نظري التحليل النفسي‪ ،‬كيف تؤثر الطفولة وما يواجهه الفرد‬‫من صراعات متعددة قهرية وتسلطية في التأثير على سلوكه مستقبال‬
‫مما يدفعه إلى القيام بسلوكات تعويضية نتيجة لتلك الطفولة الصعبة‬
‫كما يؤثر الصراع بين الهو واألنا األعلى بسبب ما يفرضه الهو من‬
‫إلحاح إلشباع الرغبات التسلطية لدى الفرد‪.‬‬
‫‪315‬‬
‫ وقد ساهمت نظرية السمات من خالل تطورها بدءا بالعالم البورت‬‫ووصوال إلى نظرية كوستا وماكري في العوامل الخمسة الكبرى‬
‫المؤثرة في الشخصية‪ ،‬في تفسير السوك السياسي لدى السياسيين‪.‬‬
‫ كما أن سلوك الشخص السياسي يتأثر بالعوامل الداخلية والخارجية‬‫الموقفية معا‪ ،‬ويتأثر سلوكه بتأثير الجماعة التي تحيط به كما أشار‬
‫كل من ملليجرام وآش وزمباردو‬
‫ السلوك التسلطي إنما هو تعبير عن جمود في التفكير ونتاج لخبرات‬‫مختلفة مر بها الفرد‪.‬‬
‫‪316‬‬
Download