Uploaded by aydimek

المكي العايدي -الواجب والممكن معيارا تخييليا

advertisement
‫المجلد (‪ - )14‬العدد (‪)2‬‬
‫النشر العلمي والترجمة‬
‫ردمد ‪1658 - 4058‬‬
‫المجلد (‪ – )14‬العدد (‪)2‬‬
‫مجلة‬
‫ربيع اآلخر ‪1442‬هـ ‪ -‬نوفمبر ‪2020‬‬
‫النشر العلمي والترجمة‬
‫قواعد النشر‬
‫‪ -1‬أن يكون البحث من اختصاص المجلة‪ ،‬وهي بحوث‪( :‬اللغة العربية وآدابها‪ ،‬وعلم االجتماع والخدمة‬
‫االجتماعية‪ ،‬والجغرافيا‪ ،‬والتاريخ‪ ،‬واللغة اإلنجليزية والترجمة) ‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يتسم بالجدّة – أي أنّ موضوعه لم يسبق بحثه ‪ ،-‬أو سبق أن بحث لكن الباحث جاء بشيء جديد‬
‫في معالجته‪ ،‬مع عمق في التناول‪ ،‬وجودة في األسلوب ‪.‬‬
‫‪ -3‬أن يلتزم الباحث بمتطلبات المجلة من حيث عالمات الترقيم‪ ،‬وطريقة التوثيق‪ ،‬ونوع الخط‪ ،‬وسالمة‬
‫الكتابة‪ ،‬وأن يقوم بالمراجعة األسلوبية واللغوية والنحوية واإلمالئية والطباعية ‪.‬‬
‫‪ -4‬أال يتجاوز البحث ‪ 50‬صفحة مع الملخصين والمراجع ‪.‬‬
‫‪ -5‬أن تكتب بحوث اللغة العربية بخط ‪ ،Traditional Arabic‬وبنط (‪ )18‬للمتن‪ ،‬والهوامش بخط‬
‫‪ Traditional Arabic‬بنط (‪ ،)14‬وهوامش كل صفحة في أسفل الصفحة [ أسلوب ‪FOOT‬‬
‫‪ NOTE‬هكذا‪ :‬الجرجاني‪ ،‬دالئل اإلعجاز ‪ ،]252/1‬وتكتب المراجع اإلنجليزية – إن وجدت –‬
‫بخط ‪ Times New Roman‬وبنط (‪ ،)14‬وتخطيط هوامش الصفحة (عادي) ‪ 2.54‬لألعلى‬
‫واألسفل‪ ،‬و ‪ 3.18‬لليمين واليسار ‪.‬‬
‫‪ -6‬أن تكتب بحوث اللغة اإلنجليزية بخط ‪ ،Times New Roman‬وبنط (‪ )12‬للمتن‪ ،‬مع مسافتين‬
‫لألسطر‪ ،‬والهوامش والملخص بخط ‪ Times New Roman‬وبنط (‪ ،)10‬مع مسافة واحدة ‪،‬‬
‫مع مراعاة أسلوب التوثيق داخل المتن‪ ،‬وفي قائمة المراجع حسب دليل الكتابة ‪ ، APA‬أو ‪.MLA‬‬
‫‪ -7‬أن يضع الباحث بعد صفحة العنوان ملخصين للبحث؛ باللغتين العربية واإلنجليزية‪ ،‬كل واحد منهما‬
‫ال يتجاوز صفحة واحدة‪ ،‬ويكون تنظيمهما على النحو اآلتي‪( :‬يوضع المختصران في مقدمة البحث‬
‫(عنوان البحث تحته صاحب البحث ومكان عمله بالجامعة التي ينتمي إليها‪ /‬وتحته ملخص البحث‬
‫(باللغة العربية) ‪ /‬ثم ملخص البحث باللغة اإلنجليزية (عنوان البحث واسم الباحث وعمله باللغة‬
‫اإلنجليزية يكونان فوق ملخص البحث باللغة اإلنجليزية‪ /‬ثم يليه البحث‪ ،‬كل هذا بصيغة وورد (في‬
‫ملف واحد)‪.‬‬
‫‪ -8‬أن يضع بعد الملخصين كلمات مفتاحية‪ ،‬ال تزيد عن خمس كلمات‪ ،‬غير موجودة في عنوان البحث‪،‬‬
‫تعبر عن المجاالت التي يتناولها البحث ‪.‬‬
‫‪ -9‬أن يرسل البحث إلى المجلة بصيغة (وورد)‪ ،‬وملف آخر بصيغة ‪ pdf‬بدون اسم الباحث أو الباحثين‬
‫في متن البحث أو قائمة المراجع‪.‬‬
‫‪ -10‬أن يكتب الباحث خطابَا يتعهد فيه بأن البحث المقدم لم يسبق أن قام بنشره في أي وعاء نشر سواء‬
‫في مجلة أو رسالة علمية أو أنه قدّمه لمجلة سابقة أو حالية أو جهة علمية أخرى‪.‬‬
‫عنوان المجلة‬
‫ترسل جميع مواد النشر والمكاتبات إلى البريد االلكتروني‬
‫‪Ahsqu@qu.edu.sa‬‬
‫الهيئة االستشارية‬
‫أ‪ .‬د‪ .‬عزالدين محمد المجــــــــــدوب‬
‫أستاذ اللسانيات بجامعتي القصيم وسوسه بتونس‬
‫أ‪ .‬د‪ .‬إبراهيم بن سللليمان الشللمسللان‬
‫أستاذ النحو والصرف بجامعة الملك سعود‬
‫أ‪ .‬د‪ .‬عبدهللا بن عبدالرحمن عسيالن‬
‫أستاذ األدب العربي‬
‫أ‪ .‬د‪ .‬سللللللعد بن عبدالرحمن البازعي‬
‫أستاذ األدب اإلنجليزي المقارن بجامعة الملك سعود‬
‫أ‪ .‬د‪ .‬أحمللد بن عبللدالعزيز البسللللللللام‬
‫أستاذ التاريخ الحديث بجامعة القصيم‬
‫أ‪ .‬د‪ .‬خضلللللللر عبللللدالعظيم بو قورة‬
‫أستاذ علم االجتماع بجامعة القاهرة‬
‫أ‪ .‬د‪ .‬سلللللللللللللللومللللللللاكللللللللللللللللليللللللللران‬
‫أستاذ الجغرافيا الطبيعية بجامعة ليستر‬
‫هيئة التحرير‬
‫رئيس التحرير‬
‫أ‪ .‬د‪ .‬علي بن إبراهيم السعود‬
‫األعضــــــــــاء‬
‫أ‪ .‬د‪ .‬إبراهيم بن عبدالرحمن المطوع‬
‫أ‪ .‬د‪ .‬أحمللللد بن عبللللدهللا الللللدغيري‬
‫د‪ .‬خللللالللللد بلللن علللبللللدهللا اللللتلللركلللي‬
‫د‪ .‬بللللللكللللللري عللللللمللللللر رحللللللمللللللة‬
‫د‪ .‬يوسلللللللف بن إبراهيم الرجيعي‬
‫رقم اإليداع ‪1429 / 2027 :‬‬
‫جملة العلوم العربية واإلنسانية‬
‫جامعة القصيم‪ ،‬اجمللد (‪ ،)14‬العدد (‪ ،)2‬صص ‪ 1065-569‬ابلعربية‪ ،‬ص ص ‪ 75-17‬ابإلجنليزية (ربيع اآلخر ‪1442‬هـ‪ /‬نوفمرب ‪)2020‬‬
‫المحتويات‬
‫صفحة‬
‫القسم العريب‬
‫سؤاالت األعراب يف الدرس النحوي والصريف‬
‫د‪.‬عبدالعزيز بن انصر اخلريف ‪...................................................‬‬
‫‪569‬‬
‫د‪ .‬عبد العزيز بن أمحد املنيع ‪...................................................‬‬
‫‪611‬‬
‫ٍ‬
‫مقتض حنوي أو تصريفي‬
‫حذف اآلخر يف القرآن الكرمي لغري‬
‫الواجب واملمكن معيارا ختييليّا‬
‫امل ّكي العايدي ‪.................................................................‬‬
‫الكاف يف هلجات قبائل منطقة عسري دراسة صوتية‬
‫د‪.‬فهد بن سعيد بن عبد هللا آل مثيب القحطاين ‪..................................‬‬
‫‪669‬‬
‫‪715‬‬
‫املبهمات الزمانية يف القرآن الكرمي عند السيوطي‪ ،‬دراسة بالغية‪( .‬من‬
‫سورة الفاتـحة إىل سورة احلـج)‬
‫د‪ .‬عطاهللا بن جضعان بن مسري العنزي ‪...........................................‬‬
‫ِ‬
‫املعتز‬
‫رمزيّة احليوان يف شع ِر ابن ّ‬
‫د‪ .‬إبراهيم مصطفى ال ّدهون‬
‫‪..................................................‬‬
‫مجاليات اإليقاع يف شعر ابن عبدون‪ /‬قصيدة الدهر منوذجا‬
‫د حممود سليم حممد هياجنه ‪....................................................‬‬
‫‪755‬‬
‫‪831‬‬
‫‪869‬‬
‫املرأة واحلسبة يف العصر األموي (‪132-41‬هـ‪750-662 /‬م)‬
‫د‪ .‬شريفة بنت حممد العتييب ‪....................................................‬‬
‫‪933‬‬
‫رنية " كما جاءت يف كتاب "يف بالد عسري" لفؤاد محزة دراسة اترخيية "‬
‫نقدية‬
‫د‪ .‬مرتك بن تركي بن درع السبيعي‬
‫‪............................................‬‬
‫‪969‬‬
‫سيسيولوجيا االغرتاب الديين بني التأصيل اإلسالمي والنموذج الغريب‬
‫دراسة استقرائية حتليلية مقارنة على عينة من األحاديث النبوية الكرمية يف‬
‫" " الغربة‬
‫أ‪ .‬عبدهللا محد الزيد ‪...........................................................‬‬
‫‪1019‬‬
‫القسم اإلجنليزي‬
‫التحليل اجلغرايف لصناعة املياه املعبأة يف منطقة القصيم‪ :‬دراسة يف جغرافية‬
‫الصناعة‬
‫أ‪.‬د‪ .‬حممد بن إبراهيم الدغريي‬
‫‪.................................................‬‬
‫أثر اختالف أمناط الشخصية على جودة الرتمجة‬
‫‪17‬‬
‫د‪ .‬يزيد بن عبدالرمحن السماعيل ‪43 ................................................‬‬
‫مجلة العلوم العربية واإلنسانية‬
‫جامعة القصيم‪ ،‬اجمللد (‪ ،)41‬العدد (‪ ،)2‬ص ص ‪( ،141-666‬ربيع اآلخر ‪ 4112‬هـ‪ /‬نوفمرب ‪)2222‬‬
‫الواجب واملمكن معيارا ختييليّا‬
‫املكّي العايدي‬
‫خمرب السّرديّات والدّراسات البينيّة‪ ،‬جامعة منّوبة‪ ،‬تونس‬
‫ملخّص البحث‪.‬يتناول هذا البحث مسألة "الواجب واملمكن" من زاويتت سساستيّت‬
‫تربط الزّاوية األوىل ثنائية الواجب واملمكن مبقولة اجلهة باعتبارها مقولة فلسفيّة منطقيّتة‬
‫ي القيمتتة ا مطابقتتة‬
‫ي رَتتر معيتتار الَّتتد الثنتتائ ّ‬
‫ي موحيتتوع ّ‬
‫مُنطلقُهتتا مفهتتو سر سرستتط ّ‬
‫ي املتعتدّد‬
‫الواقع‪ ،‬وتوحيّح ما شهدته هذه الثّنائيّة من حتوير وتوسيع ا إطار املنطق اجلهت ّ‬
‫القيم وعلم داللة العوامل املمكنة‪ ،‬لتستقيم منها ملنظّري األدب السّتبي ُ الت تنتقت بهتا‬
‫إىل علتتم داللتتة التّخيي ت األدبتتي‪ ،‬وت تتدو سدايف سساس تيّة ا تَتتنيي العتتوامل التّخييليّتتة‬
‫وبنائها‪ .‬وتنعقد زاوية النّظر الثّانية على الواجب واملمكن باعتبارهما معيارا ختييليّا حمدِّدا‬
‫ي الدّاخلية من ناحية‪ ،‬وعالقته باملوجود ا الوجود من ناحية ثانية‪.‬‬
‫لبنية العامل التّخييل ّ‬
‫وبناء على ما تقدّر كلّه‪ ،‬رسينا سن نتبيّن حضور الواجب واملمكتن ا "فت ّن العّتعر"‬
‫ألرسطو باعتباره سوّل كتاب يُجرى فيه هذا التزّو ختار نطتا املنطتق‪ ،‬قبت سن نتتبّتع‬
‫حضوره ا السّرديات املعاصريف ا صي تها املنفتحة على نظرية العوامل املمكنة‪.‬‬
‫وتبعتتا ل تذلك‪ ،‬ميكتتن سن ننظتتر ا مستتألت قََ تيّتينين بتتارزت تعلّقتتتا بالواجتتب‬
‫واملمكن سواء ا صورتهما األرسطية القدمية سو ا صتورتهما املعاصتريف املُوسةتعة‪ .‬تتعلّتق‬
‫ي إىل تَتويره متن ربتة الوجتود‪ ،‬ومتدار املستألة‬
‫املسألة األوىل مبا يتّجه العتامل التّخييلت ّ‬
‫‪076‬‬
‫املكّي العايدي‬
‫الثانية على دور املقاييس املنطقيّة القائمة على الواجتب واملمكتن ا تعتكي بنيتة العتامل‬
‫ي الدّاخلية‪.‬‬
‫التّخييل ّ‬
‫فكيي رضر الواجب واملمكن ا الدّرس األدبي؟ وما املعتاني الت ترجةحتا تا‬
‫ي‬
‫خبروجهمتتا إىل هتتذا ااتتال اجلديتتد؟ وه ت يقتَتتر دورهمتتا علتتى بنتتاء العتتامل التّخييل ت ّ‬
‫الدّاخلي‪ ،‬سر يتعدّاه إىل ع القتة العمت الفنّتي باجتار ؟ وإاا كانتال العالقتات ا العتامل‬
‫الفنّتتي متتن جتتنس العالقتتات ا العتتامل التتواقعي‪ ،‬فتتأين تكمتتن حرّيتتة الفنّتتان ا تتاوز‬
‫ي ال تفرحيها احليايف الواقعية؟‬
‫إكراهات املمكن والضّرور ّ‬
‫الكلمات املفتاحية واجب‪ ،‬ممكن‪ ،‬حيروريّ‪ ،‬جهة‪ ،‬منطتق جهتيّ‪ ،‬عتامل ختييلتيّ‪،‬‬
‫عامل ممكن‪.‬‬
‫معيارا ختييليّا‬
‫الواجب واملمكن ً‬
‫‪076‬‬
‫مقدمة‬
‫سقمنا هذا العم بعد التّمهيد على سربعة سقسار وخامتة‬
‫ فنتناول ا القسم األوّل ثنائيّة الواجتب واملمكتن علتى النّحتو التذي حتتدّدت بته ا‬‫املنطق األرسطيّ‪.‬‬
‫ ونعرض ا القسم الثّاني إىل وجوه التّعام النحويّ واملنطقيّ مع هذه الثنائيّتة ومتا‬‫يطرس عليها سثناء الك التّعام من توسيع حينا وحتوير وتعدي حينا آخر‪.‬‬
‫ ونعقد القسم الثّالث على الواجب واملمكن باعتبارهما معيارا رتدّد عالقتة العمت‬‫الفنّي بالعامل استنادا إىل قواعد معيّنة‪.‬‬
‫ ونوجّه عنايتنا ا القسم الرّابع إىل بيان دور ثنائيّة الواجتب واملمكتن ا بنتاء حبكتة‬‫العامل التّخييليّ‪.‬‬
‫ وخنلص من ك ّ الك إىل خامتة جنم فيها سهمّ نتائج البحث‪.‬‬‫التّمهيد‬
‫إاا كان التّعام مع قيم ني الواجب واملمكن اجلهيةتينين عسريا‪ ،‬فتن ّن هتذا األمتر ال‬
‫جيتتد تفستتريه ا استتت ال مقولتتة اجلهتتة (‪ )modality‬ال ت تنتمتتي إليهتتا قيمتتتا الواجتتب‬
‫واملمكن فحسب‪ ،‬سو ا ما يقتضيه من استحضار ملعار متنوّعتة ااتاالت‪ ،‬وإنّمتا جيتد‬
‫بيانتته كتتذلك ا قيتتار املعتتاني اجلهيّتتة علتتى سلستتلة متتن ا بتتداالت والتّح توّالت املرتتّبتتة‬
‫حيروريف عن استبدال منظور مبنظور‪ ،‬سو عن االنتقال بها من اختَاص معراّ إىل آختر‪.‬‬
‫إالّ سنّ وقوع هذه املقولة نفسها ا تقاطع اختَاصات متباينة قد ساهم ا كعتي وجتوه‬
‫خمتلفتتتتتة منهتتتتتا‪ ،‬ووسّتتتتتع وتتتتتاالت استتتتتتعما ا‪ .‬ولتتت ت ن باتتتتتتال دراستتتتتة الواجتتتتتب‬
‫واملمكن(‪ )necessary and possible‬ا املنطق والفلسفة واللّسانيّات مُمهةديف السّتبي ‪،‬‬
‫فتتننّ التّعام ت متتع هتتات القيمتتت ا وتتال األدب‪ ،‬مُستتتعينا ا التتك مبُنجتتزات العلتتور‬
‫‪076‬‬
‫املكّي العايدي‬
‫ا نسانية اااوريف‪ ،‬ما فتئ يرتقَّى بهما ا مدار التّجريد والتّجويتد الت تبتيِّن فائتدتهما‬
‫ا هذا النّطا ‪.‬‬
‫ويتناول هذا البحث مسألة "الواجب واملمكن" من زاويت سساسيّت‬
‫تَ الزّاوية األوىل ثنائية الواجب واملمكن مبقولة اجلهة باعتبارها مقولة فلستفيّة‬
‫ي القيمتة ا مطابقتة‬
‫منطقيّة مُنطلقُها مفهورس سرسطيّ موحيوعيّ رَر معيار الَّتد ثنتائ ّ‬
‫الواقع‪ ،‬وتوحيّح ما شهدته هذه الثّنائيّة من حتوير وتوسيع ا إطار املنطق اجلهتيّ متعتدّد‬
‫القيم وعلم داللة العوامل املمكنة‪ ،‬لتستقيم منها ملنظّري األدب السّتبي ُ الت تنتقت بهتا‬
‫إىل علتتم داللتتة التّخيي ت األدبتتي‪ ،‬وت تتدو سدايف سساس تيّة ا تَتتنيي العتتوامل التّخييليّتتة‬
‫وبنائها‪.‬‬
‫وتنعقد زاوية النّظر الثّانية على الواجب واملمكن باعتبارهما معيارا ختييليّا حمتدِّدا‬
‫ي الدّاخلية من ناحية‪ ،‬وعالقته باملوجود ا الوجود من ناحية ثانية‪.‬‬
‫لبنية العامل التّخييل ّ‬
‫‪ -١‬منطق الواجب والممكن‪:‬‬
‫القضيّة هي احل ّد األدنتى متن الكتالر املفهتور التذي يثبتال سو ينفتي شتي ا‪ .‬ويُطلتق‬
‫‪4‬‬
‫مَطلح القضيّة بوجه عار على "القول اجلازر"( ) سو اجلملتة اجربيّتة الت ميكتن احلكتم‬
‫(‪)4‬‬
‫يقول نصري ال ّدين الطّوسي‪ «:‬وحنن قد أوردنا يف هذا الفصل (‪ )...‬ألفاظا تتقارب معانيها‪ ،‬كالقول اجلازم‬
‫واإلخبار واخلرب واحلكم والقضيّة‪ ،‬فإ ّن املراد هبا واحد‪ ،‬لكنّها تُطلق عليها باعتبارات خمتلفة؛ فإ ّن القول‬
‫ُ‬
‫جازما‪،‬‬
‫طريف النّقيض على سبيل ّ‬
‫البت والقطع يُ يس َّمى قوالً ً‬
‫من جهة اشتماله على تصديق متعلّق بأحد يْ‬
‫للصدق والكذب لذاته خربًا‪ ،‬ومن‬
‫إخبارا‪ ،‬ومن حيث أنّه مستلزم ّ‬
‫ومن جهة أنّه يصلح إلعالم الغري ً‬
‫اجلزيم‬
‫املعنيْي باآلخر أو إزالة ّ‬
‫حيث أنّه يشتمل على ربط أحد ْ‬
‫حكما‪ ،‬ومن جهة أنّه يقتضي ْ‬
‫الربط ً‬
‫توهم ّ‬
‫باإلثبات أو بالنّفي حبيث أمت وقُ ِ‬
‫ض يي به قضيّة»‪ .‬انظر‪:‬‬
‫ّ‬
‫ نصري ال ّدين الطّوسي‪ :‬أساس االقتباس يف املنطق‪ ،‬ترمجة‪ :‬منالّ خسرو‪ ،‬ح ّققه وق ّدم له وراجعه‪ :‬حسن‬‫الشافعي وحممد السعيد مجال الدين‪ ،‬اجمللس العاملي للثّقافة‪ ،‬القاهرة‪ ،2221 ،‬ص ص ‪.62 –٩6‬‬
‫ّ‬
‫=‬
‫‪076‬‬
‫معيارا ختييليّا‬
‫الواجب واملمكن ً‬
‫بَدقها سو كذبها متى ّمت التّحقّق متن مُطابقتهتا لرمتر ااتته‪ .‬والقضتايا نوعتان مُطلقتة‪،‬‬
‫واوات جهة؛ فتكتفي األوىل بتقرير نسبة حكميّة ب املوحيوع واحملمول‪ ،‬وتُدعى تلتك‬
‫النّسبة ال تربط بينهما رابطة‪ ،‬ا ح تُضيي الثّانيتة إىل القضتية متا يُبتيّن نتوع العالقتة‬
‫بينهما من خالل لفظة دالّة على كيفيّة وجود احملمول للموحيوع متن حيتث الضّتروريف سو‬
‫ا مكان سو االمتناع‪ ،‬وتُسمةى تلك اللّفظة املُضافة جهة القضيّة‪.‬‬
‫وإاا كانال جهتة القضتيّة مُباينتة ملادّتهتا لفظتا‪ ،‬أل ّن «اجلهتة لفظتة مَُترةه بهتا(‪)...‬‬
‫‪4‬‬
‫واملادّيف حالة للقضيّة ا ااتها غري مَُرةه بها»( )‪ ،‬فننّهتا قتد تُطابقهتا متن حيتث الواقتع‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫وقد ختالفها«كقولك زيد ميكن سن يكون حيوانا‪ ،‬فاملادّيف واجبة‪ ،‬واجلهة ممكنة»( )‪ .‬ومتى‬
‫خالفال جهة القضيّة مادّتها كان اللّفظ الدّالّ عليها كاابتا‪ ،‬أل ّن كيفيّتة النّستبة الت يتد ّل‬
‫عليها اللّفظ ال توافق الكيفيّة الثّابتة ا نفس األمر‪ ،‬سي حالة األشياء ا الكون‪.‬‬
‫____________‬
‫=‬
‫السياق ما جاء عن البالغيّْي العرب يف تدقيق هذه املفاهيم والتّمييز بينها؛ إذ‬
‫وميكن أن نضيف يف هذا ّ‬
‫السعد‪(«:‬قوله فالكالم خرب) أي من حيث احتماله الصدق والكذب ملا‬
‫يقول ال ّدسوقي يف شرحه قول ّ‬
‫ِ‬
‫سمى خربا من حيث احتماله هلما‪ ،‬ومن حيث اشتماله‬
‫للصدق والكذب يُ َّ‬
‫التام احملتمل ّ‬
‫تقرر أ ّن املرّكب ّ‬
‫ّ‬
‫يسمى مق ّدمة‪،‬‬
‫على احلكم قضيّة‪ ،‬ومن حيث إفادته احلكم إخبارا‪ ،‬ومن حيث كونه جزءا من ال ّدليل َّ‬
‫ومن حيث كونه يُطلب بالدَّليل مطلوبا‪ ،‬ومن حيث كونه حيصل من الدَّليل نتيجة‪ ،‬ومن حيث أنّه يقع‬
‫يف العلم ويُسأل عنه مسألة‪ .‬فال ّذات واحدة واختالف العبارات حبسب االعتبارات»‪ .‬انظر‪:‬‬
‫السعد لتلخيص‬
‫ ّ‬‫حممد بن أمحد بن عرفة ال ّدسوقي (ت‪ 42۳2 .‬هـ‪4٩4١/‬م)‪ :‬احلاشية على شرح ّ‬
‫املفتاح‪ ،‬ضمن شروح التّلخيص‪ ،‬دار الكتب العلميّة‪ ،‬بريوت‪ -‬لبنان‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،.‬ج‪ ،4‬ص ‪.466‬‬
‫السعادة‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪،46۳٩ ،2:‬‬
‫(‪ )4‬أبو علي بن سينا‪ :‬النّجاة يف احلكمة املنطقيّة والطّبيعيّة واإلهليّة‪ ،‬مطبعة ّ‬
‫ص‪.41‬‬
‫(‪ )2‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.41‬‬
‫‪076‬‬
‫املكّي العايدي‬
‫ك ا الفهنيتم التذي جيعت مبحتث اجلهتات منعقتداا‪ ،‬بالدّرجتة‬
‫وقد دعا هتذا املستل ُ‬
‫األوىل‪ ،‬على مادّيف القضيّة بوصفها معيارا للحكتم علتى القضتيّة‪ ،‬املناطقتةُ املُحتدث إىل‬
‫‪۳‬‬
‫إخراجته متتن مباحتتث املنطتق الَّتتوري( )؛ ومتتر ذد التتك إىل استتناد التّعامت القتتديم متتع‬
‫ي القيمتة‪،‬‬
‫جل ّهيّتة قائمتة علتى منطتق ثنتائ ّ‬
‫اجلهات إىل سستاس موحيتوعيّ‪ ،‬يعتترب املعتاني ا ِ‬
‫‪1‬‬
‫وهتتي الَّتتد والكتتذب( )‪ ،‬كائنتتتة ا اات األشتتياء‪ ،‬منعتتدّيف إىل كيفيّتتة االنتمتتتاء إىل‬
‫الوجود‪ ،‬بينما يهتمّ املنطق الَّوري بالعالقات الَّورية للقضيّة وينَر عتن البحتث‬
‫ا عالقاتها املادية‪.‬‬
‫وإاا كانال اجلهات‪ ،‬عند سرسطو‪ ،‬سربع هتي املمكتن واحملتمت ‪ ،‬والواجتب سو‬
‫الضروريّ‪ ،‬واملمتنع سو املستحي‬
‫(‪١‬‬
‫)‪ ،‬فننّ الدّارس قد الحظوا سنّه يُجتري‪ ،‬ا الفَت‬
‫الثّالث ععر متن كتتاب "العبتاريف"‪ ،‬معنتى االحتمتال مبعنتى ا مكتان علتى وجته اللتزور‬
‫‪6‬‬
‫‪1‬‬
‫واالنعكاس سيضا( )‪ ،‬بينما يكتفي ا كتاب "التّحليالت األوىل"( ) باحلديث عن جهت ني‬
‫الوجوب سو الضّتروريف وا مكتان‪ ،‬وقتد سرجعتوا التك إىل سختذه «االحتمتال هنتا مبعنتى‬
‫الصوري‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ :‬القاهرة‪ ،4661 ،‬ص ‪.4١2‬‬
‫(‪ )۳‬حممد مهران‪ :‬مدخل إىل املنطق ّ‬
‫ِ‬
‫الصدق أو‬
‫كل قول جبازم‪ ،‬وإّّنا‬
‫اجلازم ُ‬
‫القول الذي ُوج يد فيه ّ‬
‫ُ‬
‫(‪ )1‬يتجلّى ذلك‪ ،‬مثال‪ ،‬يف قول أرسطو«وليس ّ‬
‫الكذب‪ ،‬وليس ذلك مبوجود يف األقاويل كلّها‪ ،‬ومثال ذلك‪ :‬ال ّدعاء‪ ،‬فإنّه قول ما‪ ،‬لكنّه ليس بصادق‬
‫وال كاذب»‪ .‬انظر‪:‬‬
‫ أرسطو‪ :‬منطق أرسطو‪ ،‬ح ّققه وق ّدم له عبد الرمحن بدوي‪ ،‬وكالة املطبوعات‪ :‬الكويت‪ ،‬دار القلم‪:‬‬‫بريوت‪ -‬لبنان‪ ،46٩2 ،‬اجلزء األول‪ ،‬كتاب العبارة‪ ،‬ص‪.42۳‬‬
‫األول‪ ،‬كتاب العبارة‪ ،‬ص‪.422‬‬
‫السابق‪ ،‬أرسطو‪ :‬منطق أرسطو‪ ،‬اجلزء ّ‬
‫(‪ )١‬املرجع ّ‬
‫(‪ )6‬املرجع نفسه‪ ،‬أرسطو‪ :‬منطق أرسطو‪ ،‬اجلزء األول‪ ،‬كتاب العبارة‪ ،‬ص‪.42١‬‬
‫(‪ )1‬املرجع نفسه‪ ،‬أرسطو‪ :‬منطق أرسطو‪ ،‬اجلزء األول‪ ،‬كتاب التحليالت األوىل‪ ،‬ص ص ‪.221 -46١‬‬
‫‪076‬‬
‫معيارا ختييليّا‬
‫الواجب واملمكن ً‬
‫‪4‬‬
‫ا مكان‪ ،‬واالمتناع مبعنى الواجب سو الضّروريّ إالّ سنّه واجب العدر»( )‪ .‬ويوافتق هتذا‬
‫التّقسيم األرسطيّ‪ ،‬متاما‪ ،‬ما اهتب إليته ابتن رشتد التذي قَتر سجنتاس سلفتاه اجلهتات‬
‫على جهتينين «إحداهما الضّروريّ وما يتبعه على جهة اللّزور ويُعدّ معه وهو الواجتب‬
‫ي الوجتتود وإمّتتا‬
‫ي إمّتتا حيتترور ّ‬
‫واملمتنتتع التتذي هتتو سيضتتا سحتتد قستتميه‪ ،‬إا كتتان الضّتترور ّ‬
‫ي العدر وهو املمتنع‪ ،‬والثّانية املمكن ومتا يتبعته علتى جهتة اللّتزور ويُعت ّد معته‪،‬‬
‫حيرور ّ‬
‫‪2‬‬
‫مث قولنا حمتم »( )‪ ،‬وقد ع ّل حَر سلفاه اجلهات ا جهتينين بقوله «ألنّته إنّمتا قَتد‬
‫بهتتا سن تكتتون داللتهتتا مطابقتتة للوجتتود‪ ،‬واملوجتتود قستتمان إمّتتا بتتالقوّيف وإمّتتا بالفع ت ‪،‬‬
‫‪۳‬‬
‫والضّروريّ يُقال على ما بالفع ‪ ،‬واملمكن يُقال على ما بالقوّيف»( )‪ .‬وعلى هذا النّحتو‪،‬‬
‫تنختتزل اجلهتتات األربتتع إىل جهتتينين سساستيّتينين همتتا الضّتتروريّ واملمكتتن‪ ،‬حتّتتى بتتات‬
‫‪1‬‬
‫املنطق اجلهيّ يُعر مبنطق الضّروريف وا مكان( )‪.‬‬
‫ويُسجة ‪ ،‬كذلك‪ ،‬سنّ تركيز سرسطو‪ ،‬وهو يتعام مع القضايا تعامال موحيتوعيا‬
‫مادّيتتا‪ ،‬يتّجتته إىل قيمتتة صتتد ا ثبتتات ستتواء كانتتال القضتيّة املُعبةتتر عنهتتا بواستتطة التتك‬
‫ا ثبتتات صتتادقة سو كاابتتة‪ .‬ولكتتن‪ ،‬وإاا كتتان متتن املمكتتن احلكتتم علتتى القضتتايا نفستتها‬
‫بالَّد سو الكذب‪ ،‬فه جيوز التّ احيي عن موقتي املتتكلّم ا طريقتة صتياغة القضتيّة‬
‫ي‬
‫ااتها‪ ،‬وهو مُنعئ القتول واملُتعهِّتد بته واملُت ثّر فيته؟ وكيتي ميكتن التّعامت مبنطتق ثنتائ ّ‬
‫(‪)4‬‬
‫(‪)2‬‬
‫(‪)۳‬‬
‫(‪)1‬‬
‫الصوري‪ ،‬ص ‪.41١‬‬
‫السابق‪ ،‬حممد مهران‪ :‬مدخل إىل املنطق ّ‬
‫املرجع ّ‬
‫أبو الوليد حممد بن رشد‪ :‬تلخيص كتاب العبارة‪ ،‬حتقيق حممود قاسم‪ ،‬اهليئة املصرية العامة للكتاب‪،46٩4 ،‬‬
‫ص‪.42١‬‬
‫املرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.42١‬‬
‫املوجهات املنطقية‪ ،‬دراسة حتليلية يف منطق اجلهة‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫إمساعيل عبد العزيز‪ :‬نظرية ّ‬
‫القاهرة‪ ،۱66۳ ،‬ص‪.42‬‬
‫‪070‬‬
‫املكّي العايدي‬
‫القيمتتتة متتتع القضتتتايا الزّائفتتتة والعبتتتارات ال امضتتتة املخالفتتتة للواقتتتع سو القائمتتتة علتتتى‬
‫االفرتاحيتتتات املُست تبّقة واالعتقتتتادات؟ وكيتتتي ميكتتتن ا فتتتاديف متتتن اجلهتتتات الَّتتتدقية‬
‫األرستطية‪ ،‬ا التدّرس األدبتتي‪ ،‬وهتي جهتتات تعتمتد باألستاس مبتتدس الثّالتث املرفتتوع‪،‬‬
‫واحلتتال سنّ التّخيي ت السّتتردي خت ترذص واختتتال ؟ ومتتا السّتتبي ‪ ،‬حين تتذ‪ ،‬إىل االنتقتتال‬
‫بالواجب واملمكن من وال القضيّة الضيّق إىل وال اجطاب والنصّ؟‬
‫وسع والتّحوير‪:‬‬
‫‪ -٢‬الواجب والممكن بين التّ ّ‬
‫تتد بعتته هتتذه ا شتتكاالت إجابتتات ممكنتتة عنهتتا ا متتا شتتهدته ثنائيّتتة الواجتتب‬
‫واملمكن من تطوّر ناجم عن االنتقال بها إىل واالت معرفيّة سخرى حينا‪ ،‬وعن التّوسّتع‬
‫ي القديم حينا آخر‪.‬‬
‫فيها انطالقا من حتوير املبادئ ال يقور عليها املنطق اجله ّ‬
‫‪4‬‬
‫فجورج سيّوب( )‪ ،‬على ستبي املثتال‪ ،‬تتذكر س ّن ستيبويه يستتعم ا"الكتتاب"‬
‫بنية ثنائيّة بسيطة ترتكّب متن عنَتر اي قيمتتينين متقتابلتينين‪ ،‬إحتداهما إجيابيّتة واألخترى‬
‫ستتلبيّة‪ ،‬لوصتتي القتتيم اجلهيّتتة للفعتت وهمتتا "وقتتع" و"مل يقتتع"‪ ،‬سو الواجتتب وغتتري‬
‫‪2‬‬
‫الواجب( )‪.‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪:‬‬
‫‪Georgine Ayoub, «Some Aspects of the Relation between‬‬
‫‪Enunciation and Utterance in Sībawayhi’s Kitāb. A Modal‬‬
‫‪Category: wājib/ġayr al-wājib», in The Foundations of Arabic‬‬
‫‪Linguistics II: Sībawayhi: Interpretation and Transmission,‬‬
‫;‪Edited by Amal Elesha Marogy; Kees Versteegh, Leiden‬‬
‫‪Boston: Brill, 2015, p. 6.‬‬
‫(‪ )2‬عبارة سيبويه هي اآلتية‪« :‬و ّأما الفعل فأمثلة أُخذت من لفظ أحداث األمساء وبُنيت لِ يما مضى‪،‬‬
‫ولِ يما يكون ومل يقع‪ ،‬وما هو كائن مل ينقطع»‪ .‬انظر‪:‬‬
‫‪-‬‬
‫=‬
‫‪077‬‬
‫معيارا ختييليّا‬
‫الواجب واملمكن ً‬
‫واستن ادا إىل تَوّر يستتعيه عتن التّقابت بت العّتك النّحتوي واملعنتى بتَتوذر‬
‫يعترب سنّ النّظار النّحوي قائم على بنية حنوية وترّديف واحتديف تُستيِّر كت ّ األبنيتة وتولّتدها‪،‬‬
‫انتهى حممّد صاله الدين العّريي إىل األمر نفسه قب جورج سيّتوب بكتثري‪ ،‬فيقتول‬
‫«توصّلنا باتّجاهنا هذا إىل تَوّر نظار يَي النّحو‪ ،‬ويدّعي متثيله‪ ،‬ويقور على سساس‬
‫ي‬
‫مقوليّ ساا ‪ ،‬نواته مقولة الوجتود سو الكينونتة املطلقتة‪ ،‬وقتد احنَترت ا زو قيمت ّ‬
‫ندّعي سنّه‪ ،‬حنويًّا‪ ،‬ينب ي سن يكون سبسط من قيمة الَّد والكذب ومتن القتيم املنطقيّتة‬
‫األختترى كقتتيم ني الضّتتروريف وا مكتتان‪ .‬والتتك س ّن هتتذا ال تزّو و ترّد شتتحنتينين إجيتتاب‬
‫وسلب قد تكوّنتا ا اللّ ة بفض عمليّة ريديّة تارخييّة سحتدثها ا نستان بفضت تعاملته‬
‫متتع الوجتتود والعتتدر‪ .‬ولقتتد نبّهنتتا إىل س ّن هتتذا التّجريتتد يقتضتتي س ّن العّتتحنتينين ال تُمتثّالن‬
‫‪4‬‬
‫الوجود والعتدر‪ ،‬بت تُمتثِّالن قيمتتينين خمتلفتت ملفهتور الوجتود»( )‪ .‬وإاا كانتال اجلفيّتة‬
‫املنطقيّة ذا الزّو امل سةس على شحن ني ا جيتاب والسّتلب غتري خافيتة‪ ،‬فتننّ اختيتاره‬
‫____________‬
‫=‬
‫حممد هارون‪ ،‬مكتبة اخلاجني‬
‫‬‫السالم ّ‬
‫أبو بشر عمرو بن عثمان سيبويه‪ :‬الكتاب‪ ،‬حتقيق وشرح عبد ّ‬
‫بالقاهرة‪ ،‬ط‪ ،46٩٩ ،۳:‬ج‪ ،4‬ص ‪.42‬‬
‫يعرف الواجب وغري الواجب بقدر ما مثّل هلما باحلروف واألفعال؛ فقد جاء يف‬
‫والواقع أ ّن سيبويه مل ّ‬
‫"الكتاب"‪«:‬إّّنا فعلوا ذلك باالستفهام ألنّه كاألمر يف أنّه غري واجب‪ ،‬وأنّه يريد به من املخاطب أمرا مل‬
‫السائل» (ج‪ ،46٩٩ ،4‬ص‪ )66‬و«حروف النّفي‪ ،‬شبّهوها بألف االستفهام حيث قُ ِّدم‬
‫ّ‬
‫يستقر عند ّ‬
‫ألّن ّن غريُ واجبات‪ ،‬كما أ ّن األلف وحروف اجلزاء غري واجبة‪ ،‬وكما أ ّن األمر والنّهي‬
‫االسم على الفعل‪ّ ،‬‬
‫اجبْي» (ج‪ ،46٩٩ ،4‬ص‪ )41١‬و«أل ّن ّأول الكالم خربٌ وهو واجب» (ج‪ ،4662 ،۳‬ص‬
‫غري و ْ‬
‫لكن [إ ْذ] إّّنا يقع يف الكالم الواجب» (ج‪ ،4‬ص‪ )42۷‬وغري ذلك‪.‬‬
‫‪ )۳٩‬و« ّ‬
‫حوي للكون‪ :‬حبث يف األسس البسيطة املولّدة لألبنية‬
‫الشريف‪ّ :‬‬
‫حممد صالح ال ّدين ّ‬
‫(‪ّ )4‬‬
‫الشرط واإلنشاء النّ ّ‬
‫وال ّدالالت‪ ،‬منشورات كليّة اآلداب والفنون واإلنسانيات مبنّوبة‪ ،‬تونس‪ ،2222 ،‬ج‪ ،2‬ص ص ‪-6۳1‬‬
‫‪.6۳٩‬‬
‫‪076‬‬
‫املكّي العايدي‬
‫من قب حممّد صاله الدين العّريي ومن سبقه مث اجلي بن سمحد وسيبويه وتفضتيله‬
‫على غريه من املفاهيم اجلارية عند املناطقة كالضّروريّ واملمكن‪ ،‬يرجع‪ ،‬ا نظره‪ ،‬إىل‬
‫ي للدّاللتتة ستتب هتتات‬
‫بستتاطته‪ُ ،‬رجُوعتته‪ ،‬كتتذلك‪ ،‬إىل متهيتتد الباحتتث حلستتاب حنتتو ّ‬
‫ي‬
‫القيمت يرمي إىل تعويه احلساب املنطقي القائم على الَّد والكتذب سو الضّترور ّ‬
‫واملمكن‪.‬‬
‫وتكمتتتن فائتتتديف هتتتذه املقابلتتتة (‪ ±‬واجتتتب)‪ ،‬ا نظتتتره‪ ،‬ا سنّهتتتا مقابلتتتة جهيّتتتة‬
‫مُستخلَة من استقر اء األبنية‪ ،‬وقتد استتند إليهتا النّحتايف القتدامى لتفستري هتواهر ل ويتة‬
‫عديديف‪« ،‬فباعتمادها جعلوا املاحيي واملرفوع من الواجب‪ ،‬وجعلوا ااتزور واملنَتوب‬
‫من غري الواجتب‪ ،‬وكتذلك األمتر وامل كّتد بتالنّون وفعتال املتده والت ّذرّ‪ ،‬واألغلتب متن‬
‫‪2‬‬
‫سمساء األفعال»( )‪.‬‬
‫وإاا كان هذا الزّو يَي قيم الفع اجلهيّتة الدّالّتة علتى الوقتوع وعدمته‪ ،‬فتن ّن‬
‫املسألة ت تدو سكثتر تعقيتدا عنتد حماولتة تبتيّن حيّتز الوقتوع؛ فخالتد متيالد يتذهب إىل س ّن‬
‫مفهور الواجب ا كتاب سيبويه قد شهد تط ّوراا من معنتى الوقتوع والسذتقو ا اجتار‬
‫‪۳‬‬
‫إىل معنى الوقتوع ا التذّهن والتَّتوذر( )‪ ،‬ويعتترب سنّ«الواجتب عنتد ستيبويه يعتم متن‬
‫الكالر ما كان مُثبتا و ُم كَّدا‪ ،‬وما كتان واقعتا ثابتتا ا الكتون‪ ،‬وا االعتقتاد‪ ،‬ومتا كتان‬
‫‪1‬‬
‫ثابتا واقعتا ا االعتقتاد‪ ،‬دون الكتون اجتارجي»( )‪ ،‬وهتو تعريتي يعترتض عليته عمتاد‬
‫الشريف‪«:‬دور صيغ الفعل العريب يف وسم اجلهة واملظهر»‪ ،‬حوليات اجلامعة التونسية‪،‬‬
‫حممد صالح ال ّدين ّ‬
‫(‪ّ )2‬‬
‫عدد ‪ ،2221 ،١2‬ص ‪.64‬‬
‫املؤسسة العربية للتّوزيع‪ ،‬تونس‬
‫(‪ )۳‬خالد ميالد‪ :‬اإلنشاء يف العربية بْي ّ‬
‫الّتكيب والداللة‪ ،‬كلية اآلداب مبنّوبة‪ّ ،‬‬
‫‪ ،2222‬ص ص ‪.١١2-١١4‬‬
‫(‪ )1‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.6٩‬‬
‫معيارا ختييليّا‬
‫الواجب واملمكن ً‬
‫‪076‬‬
‫احلا ساسي لرتدّده بت اعتبتار الواجتب داالل علتى الوقتوع والثّبتوت ا اجتار ‪ ،‬وبت‬
‫‪4‬‬
‫اعتباره داالل على الوقوع والثّبوت ا الذّهن( )‪ ،‬ولكنّته يُقت ّر تعريتي خالتد متيالد الثّتاني‬
‫للواجب بوصفه مفهوما « يتد ّل علتى ثبتوت معنتى الوجتود واستتقراره وكينونتته‪ ،‬وهتي‬
‫معان متَّلة بعالقة املتكلّم باألشياء واألحداث ا الكتون اجتارجيّ متن حيتث التَّتوّر‬
‫‪2‬‬
‫واالعتقاد»( )‪ ،‬فيكون معنى الوقوع‪ ،‬ههنا‪ ،‬حمكومتا بتَتوّر ا نستان واعتقتاده ولتيس‬
‫بتالكون اجتتارجيّ‪ .‬وال يقتَتر االعتقتتاد‪ ،‬ا نظتتر عمتاد احلتتا ساستي‪ ،‬علتتى الواجتتب‬
‫فحسب؛ ألنّ مجيع ما يُثبته املتكلّم سو ينفيه سو يطلبه ال خير عن التزّعم التذي يزعمته‬
‫سو متثذله للوجود‪ .‬ومعنى الك سنّ الواجب وغري الواجتب كالهمتا يترتبط باالعتقتاد عنتد‬
‫املتتكلّم «أل ّن الوجتتود سو الواقتع قتتد نتمثّلتته مبتا نتتتوهّم سنّته هتتو سيني متتا هتو كتتائن ا حتتال‬
‫الوجوب سيني ا ثبات‪ ،‬سو مبا هو ليس هو سيني مبا هو ليس كائنا ا حتال نفيتي الوجتوب‪،‬‬
‫‪۳‬‬
‫سو مبا نفرتض توهّم إمكانه فنطلبه استخباراا سو سمراا سو متنّياا‪ ...‬ا حتال غتري الواجتب»( )‪.‬‬
‫والواقع س ّن هذا التّخريج يستحضر تَتوّر حممتد صتاله التدّين العّتريي ملفهتور صتدور‬
‫اجلملتتة عتتن االعتقتتاد ا التّتتراث النّحتتويّ‪ .‬فاجلملتتة مهمتتا كتتان نوعهتتا‪ ،‬ا متتا يستتتقرئ‬
‫عهد بالقول‪ :‬إشكاليّاته وفرضيّاته وتأصيله يف اللّسان العريب‪ ،‬دار حممد علي احلامي‪-‬‬
‫(‪ )4‬عماد احلاج ساسي‪ :‬التّ ُّ‬
‫تونس‪ ،‬نادي القصيم األديب‪ -‬اململكة العربية السعودية‪ ،‬دار التّنوير للطّباعة والنّشر‪ -‬تونس‪ ،‬ط‪،4:‬‬
‫‪ ،2241‬ص ‪.۳41‬‬
‫الّتكيب والداللة‪ ،‬ص ‪.66‬‬
‫السابق‪ ،‬خالد ميالد‪ ،‬اإلنشاء يف العربية بْي ّ‬
‫(‪ )2‬املرجع ّ‬
‫عهد بالقول‪ :‬إشكاليّاته وفرضيّاته وتأصيله يف اللّسان العريب‪ ،‬ص‬
‫السابق‪ ،‬عماد احلاج ساسي‪ ،‬التّ ُّ‬
‫(‪ )۳‬املرجع ّ‬
‫‪.۳41‬‬
‫‪066‬‬
‫املكّي العايدي‬
‫العّتتريي متتن م لّفتتات امل تربّد وابتتن يعتتي‪ ،‬واألستترتابااي‪ ،‬تَتتدر بطبعهتتا عتتن اعتقتتاد‬
‫‪1‬‬
‫«يرتجّح ب العلم واجيالن» ويتحكّم ا ا نعاء الذي يتحكّم بدوره ا ا حالة( )‪.‬‬
‫ال سنّ النّحتتايف القتتدامى مييّتتزون‪ ،‬مثلمتتا يالحتتظ العّتتريي‪ ،‬ب ت «قيمتتة التتيق ا‬
‫إّ‬
‫اعتقاد املتكلّم وخاصّية الوجوب ا البنية»؛ فاالعتقاد التذي تَتدر عنته اجلملتة مطلتق‬
‫ج ا البنية النحوية اارةديف سي ا نظار البنيتة‪ ،‬وهتو اعتقتاد املتتكلّم املوستور بتت ‪±‬‬
‫ومُس ة‬
‫اليق ]‪ .‬سمّا وسم تلك البنية النحوية اارةديف لفظيّتا فيرتتّتب عنته ‪ ±‬الواجتب] وهتي قيمتة‬
‫‪4‬‬
‫البنية املوافقة العتقاد املتكلّم( )‪.‬‬
‫ين عتن البيتان‪ ،‬س ّن هتذا الوجته األوّل متن التّعامت متع الواجتب واملمكتن ا‬
‫وغ ّ‬
‫النّظرية النّحوية القدمية يُكسب املفهتور معنتى جديتدا يُتولي مكانتة للمتتكلّم واعتقتاده‪،‬‬
‫ويفرتض اسرتساال ب داللة الوجتوب وداللتة ا مكتان‪ ،‬لنهتوض املقابلتة (‪ ±‬واجتب)‬
‫بدورها على مبدس األص والفرع الذي قد يتخلّص به املاحيي إىل غري الواجتب بالتدّعاء‬
‫واألمر والعقيد والعّر ‪ ،‬وينَر فيه املضارع‪ ،‬واألص فيه الرّفع‪ ،‬إىل غتري الواجتب‬
‫‪2‬‬
‫سيضا نَباا وج نيزماا( )‪.‬‬
‫يّتجح بْي العلم واخليالن‪ ،‬فقولك‬
‫حممد صالح ال ّدين ّ‬
‫صح أ ّن اجلملة تصدر عن اعتقاد ّ‬
‫الشريف‪«:‬إذا ّ‬
‫(‪ )1‬يقول ّ‬
‫"زيد جمرم" صادر عن اعتقاد سابق إلنشائك هذا اخلرب‪ ،‬حبيث إذا قلت "أعلم أو أخال" مل يكن قولك‬
‫إالّ تعيينا العتقاد قد صدر عنه إثباتك اخلرب فهو سابق لإلثبات‪ .‬فإذا قلت [إ ْن] كان اإلمكان‪،‬‬
‫واإلمكان سابق للوجوب الذي منه اإلثبات كما بيّـنّا ولكنّه ال يكون سابقا لالعتقاد الذي عنه تصدر‬
‫الشريف‪،‬‬
‫حممد صالح ال ّدين ّ‬
‫السابق‪ّ :‬‬
‫اجلملة‪ ،‬أل ّن اجلملة ال تصدر إالّ عن اعتقاد»‪ .‬انظر املرجع ّ‬
‫‪ ،2222‬ج‪ ،4‬ص ‪.١١١‬‬
‫الشريف‪ ،2221 ،‬ص ص ‪1۳-12‬؛ ‪.6۳‬‬
‫حممد صالح ال ّدين ّ‬
‫السابق‪ّ :‬‬
‫(‪ )4‬املرجع ّ‬
‫الشريف‪ ،2221 ،‬ص ‪64‬؛ ‪ ،2222‬ج‪ ،2‬ص ‪.612‬‬
‫حممد صالح ال ّدين ّ‬
‫(‪ّ )2‬‬
‫وانظر تفصيل ذلك يف‪:‬‬
‫=‬
‫‪066‬‬
‫معيارا ختييليّا‬
‫الواجب واملمكن ً‬
‫وا هذا النّطا ميكن النّظر‪ ،‬كذلك‪ ،‬ا ما جاء ا املدوّنة البالغيّة حول التّمييتز‬
‫‪۳‬‬
‫ب "النّسبة الكالميّة" و"النّسبة الذّهنّيةّ وّالنّسبة اجارجيّتة" وطبيعتة العالقتة بينهتا( )‪ .‬فقتد‬
‫اكر الدّسوقي «سنّ النِّسب ثالثة كالمية واهنيّة وخارجيّة؛ فاألوىل تعلّق سحد الطّرف‬
‫حضُورُها ا اهن املتتكلّم هتو النّستبة الذّهنيّتة‪،‬‬
‫باآلخر املفهور من الكالر‪ ،‬وتَوذرها و ُ‬
‫وتعلق سحد الطّرف باآلخر ا اجتار خارجيّتة‪ .‬فتناا قلتال زيتد قتائم؛ فثبتوتُ القيتار‬
‫لزيد يُقال له نسبة كالمية باعتبار فهمه من الكتالر‪ ،‬واهنيّتة باعتبتار ارتستامه ا التذّهن‬
‫‪1‬‬
‫وحضوره فيه‪ ،‬ونسبة خارجيّة باعتبار حَوله ا نفس األمر»( )‪.‬‬
‫إ ّن اجرب‪ ،‬ا حقيقة األمر‪ ،‬هتو فعت املتتكلام املُخترب وحُكمته‪ ،‬ومتا التك احلكتم‬
‫سوى العم الذّهينّ الذي ينهه به املتكلّم‪ ،‬وسساس هذا العم الترّبط بت طترف سو‬
‫مفهوم والتك بنستبة سحتدهما إىل اآلختر علتى الوجته التذي تتحقَّتق بته عالقتة اهنيّتة‬
‫____________‬
‫=‬
‫السيوطي‪ُُ :‬هع اهليوامع يف شرح يمجع اجلوامع‪ ،‬حتقيق أمحد مشس ال ّدين‪ ،‬دار الكتب العلمية‪،‬‬
‫ جالل ال ّدين ّ‬‫ط‪ ،4:‬بريوت – لبنان‪ ،‬ج‪ ،4‬ص ص ‪۳2‬؛ ‪.۳1‬‬
‫ضي على الكافية‪ ،‬حتقيق يوسف حسن عمر‪ ،‬منشورات جامعة‬
‫‬‫رضي ال ّدين األسّتاباذي‪ :‬شرح ّ‬
‫الر ّ‬
‫ّ‬
‫قاريونس‪ ،‬ط‪ ،2:‬بنغازي‪ ،4666 ،‬ص ص ‪4۳-44‬؛ ‪.26-2٩‬‬
‫السعد لتلخيص املفتاح‪ ،‬ج‪ ،4‬ص ص‬
‫السابق‪ّ :‬‬
‫حممد بن أمحد بن عرفة ال ّدسوقي‪ :‬احلاشية على شرح ّ‬
‫(‪ )۳‬املرجع ّ‬
‫‪.46٩-461‬‬
‫وسع يف ما قاله البالغيّون حوهلا يف‪:‬‬
‫وانظر توضيحا هلذه املسألة ومزيدا من التّ ّ‬
‫احلامي‪ ،‬املعهد العايل‬
‫ بسمة بلحاج رحومة ّ‬‫حممد علي ّ‬
‫السؤال البالغي‪ -‬اإلنشاء والتّأويل‪ ،‬دار ّ‬
‫الشكيلي‪ّ :‬‬
‫للّغات بتونس‪ ،‬ط‪ ،4:‬صفاقس – تونس‪ ،222۷ ،‬ص ص‪.14-۳6‬‬
‫السعد لتلخيص املفتاح‪ ،‬ج‪ ،4‬ص‬
‫السابق‪ّ :‬‬
‫حممد بن أمحد بن عرفة ال ّدسوقي‪ :‬احلاشية على شرح ّ‬
‫(‪ )1‬املرجع ّ‬
‫‪.461‬‬
‫‪066‬‬
‫املكّي العايدي‬
‫تُسمةى النّسبة؛ وهي نسبة اهنيّة من حيث إدراكها ا الذّهن‪ ،‬وكالميّة من حيتث داللتة‬
‫الكالر عليها‪ ،‬وخارجيّة من حيث حَو ا ا اجار ‪.‬‬
‫وإاا كانال إفاديف املخاطب باحلكم الذّهينّ تستتوجب إخترا النّستبة الذّهنيّتة متن‬
‫ي سو النّستتبة الكالميّتتة‪ ،‬فتتن ّن احتمتتال اجتترب‬
‫ي إىل حيّتتز الوستتم اللّفظت ّ‬
‫حيّتتز الكتتالر النّفست ّ‬
‫للَّد والكذب يتوقّي على مدى مطابقة احلكم فيه للخار سواء كتان التك اجتار‬
‫من املوجوداتِ املتحقّقة الوجود ا الواقع‪ ،‬ومن األعيانّ املستتقلّة عتن التذّهن‪ ،‬سو كتان‬
‫من األاهان ال ال تنفَ عن احلكم احلاص ا اهن املُخرب عن الواقع وهو «ما يظنّته‬
‫‪4‬‬
‫ويعتقتتده متتن الواقتتع ال الواقتتع ااتتته»( )‪ .‬وينطتتوي هتتذا التّتتدقيق علتتى متييتتز لطيتتي ب ت‬
‫الوجتتود ا األعيتتان والوجتتود ا األاهتتان سو القضتتايا اجارجيّتتة والقضتتايا الذّهنيّتتة‪ ،‬إا‬
‫يقول الدّستوقي « هنتا نستبة مفهومتة متن الكتالر حاصتلة ا التذّهن بقطتع النّظتر عتن‬
‫‪2‬‬
‫ال س ّن هذه القضايا‪ ،‬سواء كانتال‬
‫اجار ‪ ،‬ونسبة ا اجار بقطع النّظر عن الذّهن»( )‪ .‬إ ّ‬
‫اهنيّة سو خارجيّة‪ ،‬تستوي ا الدّاللتة علتى نستبة خارجيّتة‪ ،‬بتدلي قولته «إنّ القضتايا‬
‫‪۳‬‬
‫مطلقا ا نسبة خارجيّة»( )‪.‬‬
‫ي‬
‫سمّا الوجته الثّتاني متن التّعامت متع هتذا التزّو فمُرتتّتب عتن قيتار املنطتق اجلهت ّ‬
‫القديم على قيمة قُطبيّة ال تُراعي القيم اجلهيّة ال تتحرّ ب القطبينين‪ ،‬وهتو متا جعلته‬
‫قاصتتراا عتتن حتت ّ بعتته القضتتايا املخالفتتة للواقتتع سو املُعبِّتتريف عتتن املواقتتي القضتتوية‪.‬‬
‫واستوجب ح ذ ا شكال اوز مبدس الثّالتث املرفتوع التذي يقتور عليته املنطتق القتديم‪،‬‬
‫السؤال البالغي‪ ،‬ص‪.۳6‬‬
‫السابق‪ :‬بسمة بلحاج رحومة ّ‬
‫الشكيلي‪ّ :‬‬
‫(‪ )4‬املرجع ّ‬
‫السعد لتلخيص املفتاح‪ ،‬ج‪ ،4‬ص‬
‫السابق‪ّ :‬‬
‫حممد بن أمحد بن عرفة ال ّدسوقي‪ :‬احلاشية على شرح ّ‬
‫(‪ )2‬املرجع ّ‬
‫‪.46۷‬‬
‫(‪ )۳‬املرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.46٩‬‬
‫‪066‬‬
‫معيارا ختييليّا‬
‫الواجب واملمكن ً‬
‫‪1‬‬
‫على حنو‪ ،‬سشرع الباب علتى منطتق ينفتتح علتى قتيم متعتدّديف( )‪ .‬واتّجته بعته املناطقتة‬
‫وفالسفة التّحلي ‪ ،‬ا األثناء‪ ،‬إىل إحياء مفهور العوامل املمكنة ا جتذوره األوىل لتدى‬
‫الفيلسو األملاني غوتفريد فيلهلم ليبتنز (‪ ،)Gottfried Wilhelm Leibniz‬عامدين‬
‫إىل إعاديف صياغة النّظار املنطقي كلّه بناء على فرحييّة سساستيّة مفادهتا «سنّ عاملنتا احلتالي‬
‫‪4‬‬
‫مُحا ٌ بعوامل ممكنة سخرى ال متناهية العدد»( )‪ .‬وعرفال فكريف العوامل املمكنة‪ ،‬بذلك‪،‬‬
‫ي ستاهم‪ ،‬فلستفيّا‪ ،‬ا إعتاديف النّظتر ا بعته القضتايا‬
‫سعاا ختار نطتا املنطتق اجلهت ّ‬
‫تو ذ‬
‫ي ميكن سن يُساعد ا تفستري بعته خَتائص‬
‫التّقليديّة‪ ،‬وسمدة الدّرس األدبي بنطار نظر ّ‬
‫النَّوص األدبيّتة التّخييليّتة‪ ،‬ووصتي بنيتة عواملهتا الدّاخليتة وحيتبط سجناستها األدبيتة‪.‬‬
‫فاملنط ق اجلهيّ‪ ،‬ال ستيّما ا صتي ته املُوسةتعة‪ ،‬يعتترب س ّن القضتايا املخالفتة للواقتع ليستال‬
‫فارغة تعيينيّا‪ ،‬وإنّما هي تُحي على عامل ممكن بدي من العتامل التواقعي‪ .‬واستتقار متن‬
‫(‪ )1‬انظر يف ما يتعلّق باحملاوالت األوىل يف هذا الباب‪:‬‬
‫ِ‬
‫الصوري احلديث‪ ،‬ترمجة وتقدمي‪ :‬عبد‬
‫ يان لوكاشيڤتش‪ :‬نظريّة القياس األرسطيّة‪ :‬من وجهة نظر املنطق ّ‬‫احلميد صربه‪ ،‬دار املعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪( 4664 ،‬الفصول الثالثة األخرية‪ :‬ص ص ‪.)2٩6-4٩6‬‬
‫‪- Georg H. Von Wright (1951). An Essay in Modal Logic,‬‬
‫‪Amsterdam: North- Holland Publishing Company, Elsevier‬‬
‫‪Science, p. 2.‬‬
‫الصدقية إىل القيم اإللزامية واملعرفية والتّقومييّة يف‪:‬‬
‫وسع من القيم ّ‬
‫وانظر توضيحا لكيفية التّ ّ‬
‫ عبد العزيز املسعودي‪ :‬املعاين اجلهيّة واملظهريّة‪ ،‬حبث لساينّ يف امل ْق يولة ال ّدالليّة‪ ،‬كلّية اآلداب والعلوم‬‫ي‬
‫اإلنسانيّة بسوسة‪ ،‬تونس‪ ،224۳ ،‬ص ص ‪.6١-61‬‬
‫(‪ )4‬انظر ‪:‬‬
‫‪Raymond Bradley and Norman Swartz: Possible Worlds: An‬‬
‫‪Introduction to Logic and its Philosophy, Indianapolis:‬‬
‫‪Hackett Publishing Company, Inc., 1979, p. 2.‬‬
‫‪-‬‬
‫‪066‬‬
‫املكّي العايدي‬
‫ي ومتن نظريّتة العتوامل املمكنتة‬
‫الك لنظريّة العوامل التّخييليّة املستلهمة متن املنطتق اجلهت ّ‬
‫تَ ذورس جي ع امللفوهات التّخييليّتة مُحيلتة علتى عتوامل ختييليّتة يبنيهتا امل لّتي متن ختالل‬
‫ال س ّن منزلتة ا مكتان والضّتروريف‬
‫النصّ‪ ،‬ويُعيد القُترّاء بناءهتا متن ختالل فعت القتراءيف‪ .‬إ ّ‬
‫واالمتناع ا املنطق تتعارض مع مكانتها ا العوامل املمكنة األدبيّتة‪ .‬فا مكتان ا املنطتق‬
‫يُحيت علتتى احتمتتاالت احلتتدوث ااترّديف الت تستتتبعد‪ ،‬حيتتروريف‪ ،‬كت ّ متتا هتتو ممتنتتع؛‬
‫ولذلك فمهما اختلي الفالستفة ا احلتديث عتن العتوامل املمكنتة وتفاوتتال تَتوّراتهم‬
‫‪2‬‬
‫للعوامل املمكنة التّخييليّة( )‪ ،‬فننّهم يتّفقون ا حيروريف خضوع حاالت األشتياء املمكنتة‬
‫تصورات متعارضة حول الوضع األنطولوجي للعوامل‬
‫(‪ )2‬يرى دانييل ّفرير (‪ )Daniel Ferrer‬أ ّن للفالسفة ّ‬
‫التّخييليّة‪ ،‬من بينها‪:‬‬
‫تصور الواقعية املعتدلة (‪ )réalisme modéré‬وقوامه أ ّن املمكن جزء من الواقع‪ ،‬وأ ّن العوامل املمكنة‬
‫ ّ‬‫ال ميكن فصلها عن العامل احلايل الذي تنتمي إليه بطرق خمتلفة باعتبارها أبنية ذهنية أو افّتاضات‬
‫منطقية‪.‬‬
‫كل صلة هلا بالعوامل املمكنة بل يهدم‬
‫تصور الواقعية امل َّ‬
‫ضادة (‪ )antiréalisme‬وهو ّ‬
‫ ّ‬‫تصور ينفي ّ‬
‫ُ‬
‫مفهوم اإلمكان نفسه‪.‬‬
‫انظر‪:‬‬
‫كل‬
‫ ّ‬‫تصور الواقعية اجلهيّة (‪ )réalisme modal‬وميثّله دافيد لويس (‪ )David Lewis‬إذ يعترب أ ّن ّ‬
‫العوامل املمكنة متاثل العامل احلايل‪ ،‬إىل درجة أ ّن معىن العامل احلايل ينبغي أن يُنظر إليه‪ ،‬يف نطاق هذا‬
‫صور‪ ،‬ال باعتباره عاملا مطلقا (واجب الوجود) بل بوصفه مفهوما إشاريا‪ُ ،‬معيِّنا للعامل‪ ،‬مهما كان‪،‬‬
‫التّ ّ‬
‫انطالقا من املوقع الذي نتّخذه منه‪.‬‬
‫‪Daniel Ferrer, «Mondes possibles, mondes fictionnels, mondes‬‬
‫‪construits et processus de genèse», Genesis, 30, 2010, p.112,‬‬
‫‪mis en ligne le 30 mai 2012, consulté le 01 octobre 2016.‬‬
‫‪URL : http://genesis.revues.org/127.‬‬
‫‪-‬‬
‫‪066‬‬
‫معيارا ختييليّا‬
‫الواجب واملمكن ً‬
‫ملنطق العامل الواحد‪ .‬بينما يفسّر منظّرو األدب ا مكان واالمتناع باعتبارهما مواحيتعت‬
‫‪4‬‬
‫بديلت لبناء عامل مُناهر للعامل الذي نعي‪ ،‬فيه سو متفرّع عنه سو مناقه له( )‪.‬‬
‫وبناء على ما تقدّر كلّه‪ ،‬رسينا سن نتبيّن حضور الواجب واملمكتن ا "فت ّن العّتعر"‬
‫باعتباره سوّل كتاب يُجرى فيه هذا الزّو خار نطا املنطق‪ ،‬قب سن نتتبّع حضتوره ا‬
‫السّرديات املعاصريف ا صي تها املنفتحة على نظرية العوامل املمكنة‪.‬‬
‫وتبعتتا لتتذلك‪ ،‬ميكتتن سن ننظتتر ا مستتألت قََ تيّتينين بتتارزت تعلّقتتتا بالواجتتب‬
‫واملمكن سواء ا صورتهما األرسطية القدمية سو ا صتورتهما املعاصتريف املُوسةتعة‪ .‬تتعلّتق‬
‫ي إىل تَتويره متن ربتة الوجتود‪ ،‬ومتدار املستألة‬
‫املسألة األ وىل مبا يتّجه العتامل التّخييلت ّ‬
‫الثانية على دور املقاييس املنطقيّة القائمة على الواجتب واملمكتن ا تعتكي بنيتة العتامل‬
‫ي الدّاخلية‪.‬‬
‫التّخييل ّ‬
‫فكيي رضر الواجب واملمكن ا الدّرس األدبي؟ وما املعتاني الت ترجةحتا تا‬
‫ي‬
‫خبروجهمتتا إىل هتتذا ااتتال اجلديتتد؟ وه ت يقتَتتر دورهمتتا علتتى بنتتاء العتتامل التّخييل ت ّ‬
‫الدّاخلي‪ ،‬سر يتعدّاه إىل عالقتة العمت الفنّتي باجتار ؟ وإاا كانتال العالقتات ا العتامل‬
‫الفنّتتي متتن جتتنس العالقتتات ا العتتامل التتواقعي‪ ،‬فتتأين تكمتتن حرّيتتة الفنّتتان ا تتاوز‬
‫إكراهات املمكن والضّروريّ ال تفرحيها احليايف الواقعية؟‬
‫(‪ )4‬انظر ‪:‬‬
‫‪- Ruth Ronen, (1994), Possible Worlds in Literary Theory,‬‬
‫‪Cambridge: Cambridge University Press, pp.48-49.‬‬
‫‪060‬‬
‫املكّي العايدي‬
‫‪ -۳‬الواجب والممكن معيارا مح ّددا لعالقة العمل الفنّي بالعالم‪:‬‬
‫المقنع‪:‬‬
‫‪ -١ -۳‬قاعدة ُ‬
‫‪4‬‬
‫لقد استخدر سرسطو ا كتاب "ف ّن العّعر"( ) مَطلحات عديديف‪ ،‬وهتو يتحتدّث‬
‫عن مهمّة العّاعر وامل رّخ (ص‪ ،)60‬والبدايتة والنّهايتة ا املأستايف (ص ‪ ،)66‬والطّتول‬
‫الكتتتاا لسلستتتلة األحتتتداث (ص‪ )66‬وكيفيّتتتة تواليهتتتا (ص‪66‬؛ ‪ )66‬والعّخَت تيّات‬
‫والوقائع وتأليي احلكايات (ص‪ )66‬واالستتعانة بتاألمور العجيبتة ا امل ستي (ص‪)76‬‬
‫وطرائتتق احملاكتتايف (ص ص ‪76‬؛ ‪ .)77‬وهتتذه املَتتطلحات هتتي املمكتتن واملمكتتن غتتري‬
‫املقنع والضّروري واحملتم وغري احملتمت واملستتحي واملستتحي احملتمت وغتري املعقتول‬
‫والعرحييّ‪.‬‬
‫فاملمكن منه ما يكون حمتمال ومنه ما يكتون حيتروريّا‪ ،‬أل ّن «األشتياء ممكنتة إمّتا‬
‫سب االحتمال سو سب الضّروريف» (ص‪ ،)60‬ومنه املقنع (ص‪ )67‬ومنه غري املقنتع‬
‫ي معيتتار منطقتتي تتتتواىل وفقتته سلستتلة‬
‫«التتذي ال يقب ت التَّتتديق»(ص‪ .)76‬والضّتترور ّ‬
‫األحداث ا املأسايف ستببيّا(ص‪ )66‬يتث يكتون«سنّته بعتد هتذا ينتتج هتذا»(ص‪ )66‬ا‬
‫مقاب تتاليها‪ ،‬علتى ستبي االتّفتا ‪ ،‬ا عتامل الواقتع شتأنها ا التك شتأن احلتوادث ا‬
‫ال عرحياتتتا»(ص‪ .)06‬ولتتتذلك‬
‫القَتتتص التّارخييتتتة الت ت «ال يتتترتبط بعضتتتها بتتتبعه إ ّ‬
‫كانال«سسوس اجرافتات واألفعتال البستيطة سحفلتها بتاحلوادث العارحيتة‪ .‬وسعتين باجرافتة‬
‫اات احلوادث العارحية تلك ال تتواىل فيهتا األحتداث العارحيتة علتى غتري قاعتديف متن‬
‫فن الشعر‪ ،‬مع الّتمجة العربية القدمية وشروح الفارايب وابن سينا وابن رشد‪ ،‬ترمجه‬
‫(‪ )4‬أرسطو طاليس‪ّ :‬‬
‫الرمحان بدوي‪ ،‬دار الثقافة‪ ،‬ط‪ ،2:‬بريوت – لبنان‪،‬‬
‫عن اليونانية وشرحه وح ّقق نصوصه عبد ّ‬
‫‪.461۳‬‬
‫الشعر" يف املنت‪.‬‬
‫"فن ّ‬
‫وستكون إحاالتنا على ّ‬
‫معيارا ختييليّا‬
‫الواجب واملمكن ً‬
‫‪067‬‬
‫االحتمتتال سو الضّتتروريف» (ص‪ .)66‬واحملتم ت هتتو املقبتتول شتتأن سن يتتتكلّم العّتتخص سو‬
‫يفع على حنو معيّن (ص‪ ،)66‬ولكن من احملتم كذلك «سن تقتع األمتور خالفتا لكت ّ‬
‫احتمتتال» (ص ص‪66‬؛ ‪ .)77‬واملستتتحي نقتتيه املمكتتن سو ممتنتتع الوقتتوع (ص‪،)67‬‬
‫وسقَاه غري املعقول الذي «ينب ي سالّ تتألّي منه املوحيوعات»‪ ،‬ألنّه من الباط الذي ال‬
‫يقرّه العقت (ص‪ ،)76‬وسدنتاه املستتحي احملتمت املفضّت علتى «املمكتن التذي ال يقبت‬
‫التَّديق» (ص‪ .)76‬ويبدو س ّن سرسطو‪ ،‬ههنا‪ ،‬يَنّي التّراجيديا ويفهمهتا انطالقتا متن‬
‫نظامه الفلسفي الواسع؛ إا ال خيفى سنّ توزيع هذه اجلهتات‪ ،‬علتى هتذا الوجته‪ ،‬يُحيت‬
‫مباشتتريف علتتى تَتتنيي القضتتايا اوات اجلهتتة طبقتتا ملقيتتاس ا جيتتاب والسّتتلب التتوارد ا‬
‫‪4‬‬
‫الفَ الثّاني ععر من كتاب "العباريف"( )‪.‬‬
‫وإاا اوزنا التّعابه الظّاهر ب اجلهات ا الكتابينين‪ ،‬تبتيّن لنتا‪ ،‬حين تذ‪ ،‬س ّن زو‬
‫ص بها كت ّ‬
‫الواجب واملمكن ا "ف ّن العّعر" دالّ‪ ،‬ا حالة ا فراد‪ ،‬على القيمة ال خيت ّ‬
‫ال س ّن القيمتة الواحتديف ال تلبتث سن تنحت ّ إىل قتيم جديتديف م تايريف بتالتّفريع‬
‫عنَر منه‪ ،‬إ ّ‬
‫حينا‪ ،‬والسّلب وا جي اب حينتا آختر‪ ،‬وتركتب قيمتة إىل قيمتة سخترى حينتا آختر‪ ،‬شتأن‬
‫تركب املستحي إىل احملتم ‪ ،‬واملمكن إىل الضّروريّ واحملتم سو إىل ا قناع وعدمه‪.‬‬
‫فناا نظرنا اآلن إىل ك ّ قيمة على حديف الحظنا س ّن بعضها قائم على طبقة واحتديف‬
‫مث الضّروريّ والعرحييّ‪ ،‬وبعضها ينبين على تدريج يكعي عن تركّبها من طبقتات‬
‫السلب على ثنائيات‪ ،‬هي‪«:‬ما كان منها فيما‬
‫(‪ )4‬أقام أرسطو تصنيفه للقضايا ذوات اجلهة باعتبار اإلجياب و ّ‬
‫ميكن أن يكون‪ ،‬وما ال ميكن‪ ،‬وفيما حيتمل أن يكون‪ ،‬وما ال حيتمل‪ ،‬وما كان منها يف املمتنع‬
‫روري وغري‬
‫روري»‪ ،‬أي املمكن وغري املمكن واحملتمل وغري احملتمل واملمتنع وغري املمتنع و ّ‬
‫و ّ‬
‫الض ّ‬
‫الض ّ‬
‫روري‪.‬‬
‫ّ‬
‫الض ّ‬
‫السابق‪ :‬أرسطو‪ :‬منطق أرسطو‪ ،‬اجلزء األول‪ ،‬كتاب العبارة‪ ،‬نقل اسحق بن حنْي‪ ،‬ص‪.422‬‬
‫انظر املرجع ّ‬
‫‪066‬‬
‫املكّي العايدي‬
‫فالضّتتروري طبقتتة واحتتديف وهتتو "متتا جيتتب سن يكتتون"؛ واملمكتتن طبقتتتان املقنتتع وغتتري‬
‫املقنتتع؛ واالحتمتتال طبقتتتان كتتذلك حمتم ت مقبتتول‪ ،‬وغتتري حمتم ت سو غتتري مقبتتول؛‬
‫واملستتتحي ثتتالث طبقتتات مستتتحي حمتم ت ومستتتحي و ترّد ومستتتحي باط ت غتتري‬
‫ط سفقتي متواصت حتدةاه متا قتار منهتا علتى‬
‫ذه املعاني خب ّ‬
‫معقول‪ .‬وبذلك ميكن التّمثي‬
‫طبقة واحديف سي الضّروريّ والعرحييّ‪ ،‬ووسطه طيي من املعاني املسرتسلة‪.‬‬
‫ومن اجلليّ سنّ اجلهات املُتحدةث عنها ا "فنّ العتعر" ختتلتي نستبيّا عتن مثيالتهتا‬
‫ا كتتتاب "العبتتاريف" نوعتتا وتَتتنيفا‪ ،‬وعلّتتة التتك ترجّحهتتا لوهتتائي م تتايريف للوهتتائي‬
‫املنطقية اجالَة؛ فاحلوادث العارحيتة ال قيمتة تا ا صتنع مجاليتة التّراجيتديا ولتذلك‬
‫‪2‬‬
‫وسال تنتهتي عنتد نقطتة سيًّتا كانتال ُتتةخت ُذ‬
‫ال تبتدس َّ‬
‫يعدِّد سرسطو ا تأليي احلبكة( ) علتى « س ّ‬
‫الّتمجة الفرنسية‬
‫الّتمجة األنقليزية (‪ ،)plot‬ويف ّ‬
‫(‪ )2‬يّتجم عبد الرمحان بدوي (‪ )muthos‬بـ"اخلرافة"‪ ،‬وهي يف ّ‬
‫( ‪ ،)histoire‬بينما يذهب بول ريكور إىل ترمجتها بـ(‪ )intrigue‬و(‪،)Mise en intrigue‬‬
‫وهو ما نأخذ به‪ .‬انظر على التّوايل‪:‬‬
‫فن الشعر‪«:‬واخلرافة هي حماكاة الفعل‪ ،‬ألنّين أعين بـ"اخلرافة"‪":‬تركيب‬
‫السابق‪ :‬أرسطو طاليس‪ّ :‬‬
‫ املرجع ّ‬‫األفعال املنجزة"»‪ ،‬ص‪.46‬‬
‫ُ‬
‫‪- Aristotle (1898). The Poetics: Translated with a Critical Text by‬‬
‫‪S.H. Butcher. London: Macmillan, »The plot is the imitation of‬‬
‫‪action: for by plot I here mean the arrangement of the incidents«,‬‬
‫‪p.25.‬‬
‫‪- Aristote (1980). La poétique, le texte Grec avec une traduction et‬‬
‫‪des notes de lecture par Roselyne Dupont-Roc et Jean Lallot,‬‬
‫‪préface de Tzvetan Todorov, éd.: Seuil, «C’est l’histoire qui est la‬‬
‫‪représentation de l’action (j’appelle ici « histoire » le système des‬‬
‫‪faits)», p.55.‬‬
‫=‬
‫‪066‬‬
‫معيارا ختييليّا‬
‫الواجب واملمكن ً‬
‫اتِّفاقتتا» (ص‪ ،)66‬وم لافتتو هتتذا الضّتترب متتن احلبكتتة إمّتتا متتتخلّف ‪ ،‬وإمّتتا مُجيتتدين‬
‫غرحيُتتهم املستتابقات ال الفت ّن (ص‪ .)66‬سمّتتا ستتائر املعتتاني فتستتاهم بتتدرجات متفاوتتتة ا‬
‫حتقّق احملاكايف وبناء احلبكة‪ ،‬ناهضتة ا التك بوهيفتة مزدوجتة منطقيتة ستببية ومجاليتة‬
‫بالغية‪.‬‬
‫وإاا رتّبنا مجيع هذه القيم تفاحيليّا طبقا لدورها الذي حدّده ا سرستطو ا بنتاء‬
‫احلبكة وحيبط قواعد احملاكايف سمكن لنا تنظيمها على النّحو اآلتي‬
‫املمكن ˂ الضّروريّ ˂ احملتم ˂ غري احملتم ˂ املستحي احملتم ˂ املمكن غري‬
‫املقنع˂ املستحي ˂ غري املعقول˂ العرحيي˂‬
‫واملعيار األساسي املُحدِّد ألهمّيتة قيمتة دون سخترى‪ ،‬ا متا تبتيّن لنتا متن ختالل‬
‫كتاب "فنّ العّعر"‪ ،‬هو معيار ا قناع‪ ،‬وهو كما تُالحظ معيار بالغي‪.‬‬
‫وقد اهب سرسطو ا الفَ التّاسع من كتابه إىل سنّ «األشياء ممكنة إمّا ستب‬
‫االحتمال سو سب الضّروريف» (ص‪ ،)60‬فمتا املقَتود بهتذا املعيتار املتزدو ا حتديتد‬
‫"األشتتياء املمكنتتة"‪ ،‬واحلتتال سنّتته عتت ّر املمكتتن قبتت التتك مباشتتريف بتتت «متتا ميكتتن سن‬
‫يقع»(ص‪)60‬؟ إنّنا نعترب سنّ سرسطو يضبط‪ ،‬ههنتا‪ ،‬حتدود املمكتن؛ فمعيتار الضّتروريف‬
‫يُخلاص املمكن من التّداخ مع العرحييّ‪ ،‬وهو كما رسينا ما يترد «علتى غتري قاعتديف متن‬
‫االحتمتتال سو الضّتتروريف»(ص‪ ،)66‬ومعيتتار االحتمتتال مينعتته متتن التّتترجذح إىل نقتتيه‬
‫املُحتم ت وه تو غتتري املعقتتول الظّتتاهر ا قولتته «وجيتتب سالّ يكتتون ا الوقتتائع شتتيء غتتري‬
‫____________‬
‫=‬
‫‪- Paul Ricœur (1983). Temps et récit, Tome I, Éditions du Seuil,‬‬
‫‪Paris, pp.57; 116.‬‬
‫‪066‬‬
‫املكّي العايدي‬
‫معقول» (ص‪ .) 66‬وممّا يتد ّل علتى التك تَتوّر سرستطو نفسته للمحتمت ا كتتاب "فت ّن‬
‫العّتتتعر"‪ .‬فلتتتيس احملتمتت «متتتا ميكتتتن سن يقتتتع» (ص‪ )60‬فهتتتذا حتتدذ املمكتتتن‪ ،‬بتت هتتتو‬
‫"املقبول"(ص‪ .)66‬ونقدّر سنّ االحتمال والضّروريف يعقدان مع العامل التّخييلتيّ عالقتت‬
‫متمايزت‬
‫عالقة باحلبكة‪ ،‬كما سنرى الك الحقا‪ ،‬وعالقة باحملاكايف‪.‬‬
‫ولع ّ بسط بعه األمثلة يوحيّح املسألة‬
‫س ‪« -‬سمّا ا املأسايف فالعّعراء يتعلّقون خَوصا بأمساء من وُجدوا وعاشوا‪،‬‬
‫والسّبب ا الك سنّ املمكن سمر يُعتقد به‪ ،‬فناا كان ما مل يقع ال نعتقد ألوّل‬
‫وهلة سنّه ممكن‪ ،‬فننّ ما وقع فعال من البيّن سنّه ممكن‪ ،‬ألنّه لو كان مستحيال لُما‬
‫وقع» (ص‪)67‬‬
‫ب ‪« -‬ومع الك ففي امل سي جند سنّ شخَا سو شخَ فقط هما من ب األمساء‬
‫املعهوريف املعروفة‪ ،‬بينما سائر األمساء مُخرتع‪ ،‬وا بعه امل سي ال نعهد‬
‫شخَا واحدا معروفا‪ ،‬كما هي حال "سنثايا" ألجاثون‪ ،‬إا ا هذه املسرحية‬
‫الوقائع واألمساء كلّها مُخرتعة‪ ،‬ومع هذا فال ينقص الك من قدرها ومُتعتها»‬
‫(ص‪)67‬‬
‫ت ‪« -‬ألنّ العّعراء (شعراء امللهايف) ال يُطلقون على سشخاص مسرحيّاتهم سمساء‬
‫ال بعد سن ي لّفوا احلكاية من سفعال مُحتملة التَّديق» (ص‪)67‬‬
‫كيفما اتّفق إ ّ‬
‫ث ‪« -‬وينب ي عليه (العّاعر) بالضّروريف سن يتّخذ دائما إحدى طر احملاكايف‬
‫الثّالث فهو يَُوّر األشياء إمّا كما كانال سو كما هي ا الواقع‪ ،‬سو كما يَفها‬
‫النّاس وتبدو عليه‪ ،‬سو كما جيب سن تكون» (ص ص ‪)76- 76‬‬
‫ «إاا قار النّقد على دعوى عدر االنطبا على الواقع واحلقيقة‪ ،‬فربّما ميكن‬‫ال ّردذ على الك بأن نقول إنّ العّاعر إنّما صوّر األشياء كما جيب سن تكون‪ ،‬فننّ‬
‫معيارا ختييليّا‬
‫الواجب واملمكن ً‬
‫‪066‬‬
‫سوفوقليس كان يقول إنّه إنّما يَوّر النّاس كما جيب سن يكونوا‪ ،‬بينما‬
‫يوريفيدس كان يَُوّرهم كما هم ا الواقع‪ .‬وإىل جانب هذين اجلواب ميكن‬
‫سيضا سن يُقال إ ّن هذا هو الرّسي العّائع» (الفَ ‪ 66‬ص‪)76‬‬
‫ه ‪« -‬فنن ُوجِد ا العّعر سمور مستحيلة فهذا خطأ؛ ولكنّه خطأ ميكن اغتفاره إاا‬
‫بل نا ال اية احلقيقيّة من الفنّ» (ص‪)76‬‬
‫خ ‪« -‬وينب ي سن نفضّ املستحي احملتم على املمكن الذي ال يقب التَّديق‪،‬‬
‫ال تتألّي املوحيوعات من سجزاء ال معقولة» (الفَ ‪ 66‬ص‪)76‬‬
‫وينب ي س ّ‬
‫د ‪« -‬وباجلملة فننّ األمر املستحي ينب ي سن يُبرةر على اعتبار العّعر سو ما هو سفض‬
‫سو الرّسي العّائع‪ .‬سمّا عن العّعر فننّ املستحي املُقنع سفض من املمكن الذي ال‬
‫يسقنع‪ .‬سج ! قد يكون من املستحي سن يوجد ناس مث الذين يَوّرهم‬
‫زيوكسيس‪ ،‬لكنّه إنّما يرمسهم خريا ممّا هم‪ ،‬ألنّ من يُتةخذ قُدويف جيب سن يكون‬
‫سفض ممّا هو بالفع ‪ .‬والرّسي العّائع ينب ي سن يُربِّر األمور الالّمعقولة‪ ،‬وسحيانا‬
‫تبيّن سنّه ليس بال معقول‪ ،‬إا من احملتم سنّ األشياء تقع سحيانا خبال ما هو‬
‫مُحتم »‪( .‬الفَ ‪ 66‬ص‪)77‬‬
‫ي علتى حنتو‬
‫فالتّسمية‪ ،‬مثال‪ ،‬بأمساء من عاشوا ليس ال رض منها التّعلّق باجلزئ ّ‬
‫ما يفع التّاريخ‪ ،‬وإنّما ألنّ املمكن الذي وقع فعتال دالّ علتى احتمتال ا مكتان القابت‬
‫للتَّديق‪ .‬سمّا اعتبار التّسمية ا املأسايف بأمساء من ُوجِدوا مُحدِّدا سجناستيّا لي تدو معنتى‬
‫املُحتم حمموال على مُطابقة قواعد اجلنس األدبي‪ ،‬فتأمر رُبةمتا كنّتا نُستلام باستتقامته لتو‬
‫انسحب فيته هتذا القينيتد علتى مجيتع امل ستي‪ .‬سمّتا وا متا تتتوفّر عليته بعته امل ستي متن‬
‫االكتفاء بتستمية شتخص سو شخَت متن بت األمستاء املعتهوريف‪ ،‬وا اعتمتاد بعضتها‬
‫اآلخر على سمساء كلّها مُخرتعة‪ ،‬فننّه ال يستقيم االطم نان ذا الفهنيم واألخذ به‪.‬‬
‫‪066‬‬
‫املكّي العايدي‬
‫ويستتتخدر سرستتطو ا الفَتتل الرّابتتع والععتترين واجتتامس والععتترين علتتى‬
‫التّوالي عبارت مرتادفت تقريبا‪ ،‬هما‬
‫ «وينب تتتتي سن نفضّتتتت املستتتتتحي احملتمتتتت علتتتتى املمكتتتتن التتتتذي ال يقبتتتت‬‫التَّديق»(ص‪.)76‬‬
‫ «املستحي املُقنع سفض من املمكن الذي ال يسقنع»‪(.‬ص‪)77‬‬‫ض عليه فيهما واحد سواء كان «املمكن‬
‫والعبارتان تقومان على مفاحيلة‪ ،‬واملف ة‬
‫التتذي ال يقبتت التَّتتديق» سو«املمكتتن التتذي ال يُقنتتع»‪ ،‬واملُفضةتت واحتتد سيضتتا وهتتو‬
‫«املستتتحي احملتمتت » و«املستتتحي املقنتتع»؛ وقتتد قتتار املُفضةتت علتتى تركيتتب نعتت ّ ا‬
‫العبتتتارت‬
‫ثبتتتال فيهمتتتا املنعتتتوت (املستتتتحي )‪ ،‬وت يّتتتر النّعتتتال (احملتمت ت ؛ املقنتتتع)‪.‬‬
‫ويُستخلص من الك سنّ املُحتم مُقنع‪ .‬وهو األمر الذي بيّنه سرسطو منذ الفَ التّاستع‬
‫‪4‬‬
‫ا قوله بأنّ «املمكن سمر يُعتقد به»( ) (ص‪ .)67‬وارتبا احملتم با قناع يستتمدّ بداهتته‬
‫الرمحان بدوي مبا"يُعتقد به"‬
‫عرهبا عبد ّ‬
‫(‪ )4‬بْي املّتمجْي اختالف يف ترمجة هذه العبارة‪ ،‬إالّ أ ّن املعىن واحد؛ فقد ّ‬
‫الّتمجات األنقليزية والفرنسية‬
‫وعرهبا إبراهيم محادة مبا هو"ممكن تصديقه" (ص‪ ،)441‬وتراوح ّ‬
‫(ص‪ّ )21‬‬
‫كذلك بْي )‪ (credible‬و)‪.(persuasive; persuasif‬‬
‫انظر‪:‬‬
‫الشعر‪ ،‬ترمجة وتقدمي وتعليق إبراهيم محادة‪ ،‬مكتبة األجنلو املصرية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،‬ص‬
‫فن ّ‬
‫ أرسطو‪ّ :‬‬‫‪.441‬‬
‫‪- Aristotle (1898). The Poetics, op. cit., p.37.‬‬
‫‪- Aristotle (2002). On Poetics, Translated by Seth Benardete and‬‬
‫‪Michael Davis, St. Augustine’s Press, p.27.‬‬
‫‪- Aristote (1980). La poétique, op. cit., p.65.‬‬
‫معيارا ختييليّا‬
‫الواجب واملمكن ً‬
‫‪066‬‬
‫يب وما يفتقر إىل الرباه القاطعتة‪ ،‬وهتو متدار الفعت‬
‫من قيار االحتمال على وال النّس ّ‬
‫ا نساني الذي يع ّك موحيوع املأسايف «ألنّ املأسايف ال تُحاكي النّاس‪ ،‬بت حتتاكي الفعت‬
‫واحليايف»(ص‪ .)66‬ومعنى الك سنّ العّاعر ال ميّث الواقع ااته ب احملتم ا الواقتع‪ .‬وإاا‬
‫كان ا حديث سرسطو عن طرائق احملاكايف الثّالث‪ ،‬سثنتاء ردّه علتى الّنقّتاد التذين يعيبتون‬
‫علتتى العّتتاعر عتتدر ا ختتالص إىل الواقتتع واحلقيقتتة‪ ،‬متتا يوحيّتتح س ّن العّتتاعر ا وُستتعه‬
‫تَتتوير األشتتياء سو األفعتتال «كمتتا هتتي ا الواقتتع» (ص ص ‪76‬؛ ‪ ،)76‬فتتال ينب تتي سن‬
‫يُحم الك على مطابقة الواقع بقدر ما يُحم على اختيار «األفعال احملتملة التَّتديق»‬
‫(ص‪.)67‬‬
‫وملّا كتان املتدار ا االحتمتال علتى ا قنتاع‪ ،‬بالدّرجتة األوىل‪ ،‬فتن ّن االستتناد إىل‬
‫األمتتور املستتتحيلة نفستتها ميكتتن اغتفتتاره للعّتتاعر متتتى بل ت «ال ايتتة احلقيقيّتتة متتن الف تنّ»‬
‫(ص‪ )76‬ستتواء ا وجههتتا املتمثّت ا املتعتتة اجلماليتتة سو وجههتتا احملقاتتق ملفهتتور التتّطهري‪.‬‬
‫فجواز احلديث عن األمور املستحيلة يتوقّي على حتقيق تلك ال اية‪ ،‬وهي غايتة يتعتذّر‬
‫حَتتو ا متتا مل خيلتتق العّتتاعر لتتدى املتلقّتتي "وهتتم املعتتابهة" التتذي يُقنعتته بنمكتتان حتقّتتق‬
‫األحداث ال راكيها‪ ،‬وي ثّر فيته‪ .‬وإاا كتان العّتاعر قتادرا علتى ا قنتاع باملستتحي ‪،‬‬
‫وكان الك مُتاحا له متى حقّق ال اية من الفنّ‪ ،‬فننّ ا حالة الدّقيقة علتى اجتار ت تدو‬
‫سمرا ثانويا‪ ،‬وا الك بالذّات تكمن حرّية الفنّان‪ ،‬وهي احلُرّية ا خر الضّروريف‪.‬‬
‫وللعّتتاعر‪ ،‬فضتتال عتتن إمكانيتتة تربيتتر ختتر احلقيقتتة بتحقيتتق ال ايتتة متتن الف تنّ‪،‬‬
‫إمكانيّتان سخريتان لتمثيت األشتياء وتعليت االستتناد إىل األمتر املستتحي همتا التّمثيت‬
‫بتتت"ما هتتو سفضت " (ص‪ )77‬سو «متتا جيتتب سن يكتتون»(ص‪ ،)76‬ومطابقتتة الترّسي العّتتائع‬
‫(ص ص ‪76‬؛ ‪ ،)77‬وهمتتا‪ ،‬كمتتا تتترى‪ ،‬متربّران ال يتقيّتتدان بتتالواقع و يتجاوزانتته إىل‬
‫النّموا األمث والرّسي العار‪.‬‬
‫‪066‬‬
‫املكّي العايدي‬
‫إنّ مهمّة العّاعر تتمّث ا «رواية ما ميكن سن يقع» (ص‪ ،)60‬وهذا املمكن مُقيةد‬
‫مبعياريني االحتمال والضّروريف‪ ،‬وهما معياران ال يستوجبان سن يكون للموحيوع احملتاكُى‬
‫نظتتري حاصت ا الواقتتع يطابقتته‪ ،‬متتا دار جيتتوز للعّتتاعر سن ينتهتتك احلقيقتتة فيمثّت األمتتر‬
‫املستتحي سو يَتوّر األشتياء سفضت ممّتا هتي عليته بالفعت سو يكتفتي متن الواقتع بتمثيت‬
‫ين (الرّسي العّائع) دون مظهتره املتادّي‪ .‬ومعنتى التك س ّن العّتاعر غتري مُلتزر‬
‫مظهره الذّه ّ‬
‫بنق ما ردث حقيقة ا عامل النّاس‪ ،‬وإنّما املعوةل عليته تَتوير مواقتي ممكنتة مُستوةريف‬
‫بقدريف احلم على التَّديق ال ترمي إىل إحداث التّأثري‪.‬‬
‫ويتحَّت ممّ تا تق تدّر سمتتران يتعلّتتق األوّل بالعّتتر التتذي تتحقّتتق بتته ال ايتتة متتن‬
‫احملاكايف‪ .‬ويتعلّق الثّاني باحملاكايف ااتها‪ .‬فأمّا ال اية من احملاكايف فتتوقّي على قدريف املوحيتوع‬
‫احملتاكُى املمكتن علتتى ا قنتاع‪ .‬وسمّتتا احملاكتايف فتتن ّن االنعطتا مبوحيتتوعها متن احلاصت ا‬
‫الواقع إىل ما يُحتم حَتوله‪ ،‬خيتر بهتا متن إطتار النّستخ والتّقليتد إىل إطتار التّمثيت ‪.‬‬
‫وهو ما جيعت عنايتة العّتاعر تتّجته‪ ،‬باألستاس‪ ،‬إىل املوحيتوع املُحتاكِي ال إىل املوحيتوع‬
‫‪4‬‬
‫ال س ّن التّظتاهر مبحاكتايف‬
‫احملاكُى( ) ‪ ،‬سي إىل طرائتق التّمثيت بتدال متن املوحيتوع املمثةت ؛ إ ّ‬
‫الواقتتع يستتتوجب طتية املوحيتتوع احملتاكِي وإههتتار املوحيتتوع املُحتتاكُى‪ ،‬وهتتو سمتتر لتتوه‬
‫الطّرائق املتّبعة ا احملاكايف واقرتانها باالحتمال والضّروريف‪.‬‬
‫المحتمل‪:‬‬
‫‪ -٢ -۳‬قاعدة ُ‬
‫يبيّن سرسطو‪ ،‬ا الفَ اجامس والععترين متن "فتنّ العّتعر" سنّ العّتاعر متد ُع سو‬
‫إىل اختيار إحدى هذه الطر الثّالث ا حماكايف األشياء «إمّا كمتا كانتال سو كمتا هتي ا‬
‫(‪ )4‬انظر‪:‬‬
‫‪- Antoine Compagnon (1998). Le démon de la théorie: littérature‬‬
‫‪et sens commun, Paris, Éditions du Seuil, pp.119; 122.‬‬
‫‪066‬‬
‫معيارا ختييليّا‬
‫الواجب واملمكن ً‬
‫الواقع‪ ،‬سو كما يَتفها النّتاس وتبتدو عليته‪ ،‬سو كمتا جيتب سن تكتون»(ص ص ‪- 76‬‬
‫‪ .)76‬وتوافق هذه الطّرائق الثالث ا احملاكايف متاما املربّرات ال مي ذد سرستطو العّتاعر بهتا‬
‫لتعلي التّحرّر من قيد املطابقة؛ وهي سن يَوّر النّاس «كمتا جيتب سن يكونتوا» سو «كمتا‬
‫هم ا الواقع» سو طبقا «للرّسي العّائع» (الفَ نفسه‪ ،‬ص‪.)76‬‬
‫والذي تُوقتي عليته هتذه الطّرائتق ا احملاكتايف س ّن املرجتع يتحتدّد مبتا هتو كتائن ا‬
‫الواقع سو مبا يُقال عنه سو مبا يتعيّن سن يكتون عليته‪ .‬وحيتبط وتال احملاكتايف ا هتذا ا طتار‬
‫إنّمتتتا هتتتو توستتتيع ملمتتتوس ملتتتا ورد مُجمتتتال ا الفَت ت التّاستتتع وهتتتو «متتتا ميكتتتن سن‬
‫يقتتع»(ص‪ ) 60‬فأنتتال تالحتتظ هنتتا س ّن وتتال املمكتتن صتتار يعتتم مجتتاع التّمتتثّالت‬
‫االجتماعية سواء كانال إحالة على الواقع سو على الرّسي سو على سمنوا سمث‬
‫(‪2‬‬
‫)‪.‬‬
‫وبقدر ما يتمكّن اجلمهور من تبيّن رؤيته للعتامل ا األثتر الفنّتي‪ ،‬واختبتار املثتال‬
‫الذي يتطلّع إليته‪ ،‬والتّعت ّر علتى نفسته متن ختالل سشتباهه‪ ،‬يكتون األثتر الفنّتي مُقنعاتا‬
‫ومُولاتتدا للَّتتذيف الت جيتتدها النّتتاس ا احملاكتتايف‪ .‬فتتال ينتدذ املرجتتع‪ ،‬علتتى هتتذا الوجتته‪ ،‬عتتن‬
‫املُحتم ‪ .‬وقد يتبادر إىل الذّهن س ّن ا حماكايف األشياء «كما كانتال سو كمتا هتي ا الواقتع»‬
‫دليال صررا على سنّ املرجع املتحدةث عنه مرجع خارجيّ مادّي من جهتة‪ ،‬وسنّ احملاكتايف‬
‫ال ختر عن مطابقة املوجود ا الوجود من جهة ثانية؛ ولكنّ األمر على خال الك‪،‬‬
‫أل ّن حَتتول األشتتياء ا الواقتتع‪ ،‬ماحيتتيا سو حاحيتترا‪ ،‬معتتدود متتن جهتتة داللتتته علتتى‬
‫ا مكان السيّما سنّ سرسطو قد سبق له سن اكتر سنّ« متا وقتع فعتال متن البتيّن سنّته ممكتن‪،‬‬
‫ألنّتته لتتو كتتان مستتتحيال ملتتا وقتتع»(ص‪ .)67‬وبتتذلك يطتتابق املرجتتع ا حتتاالت احملاكتتايف‬
‫(‪ )2‬انظر‪:‬‬
‫‪- Aristote (1980). La poétique, op. cit., p.387.‬‬
‫‪060‬‬
‫املكّي العايدي‬
‫الثّالث االحتمتال بوصتفه معتاكال للواقتع سو متتثذال ممكنتا لته يستتند إىل معطيتات ثقافيتة‬
‫جاهزيف‪ ،‬وهو ما ي هّله ليكون قابال للتَّديق‪.‬‬
‫ال شكّ‪ ،‬إان‪ ،‬ا سنّ العم الفنّتي‪ ،‬منظتورا إليته ا عالقتته بتالواقع اجتارجيّ‪،‬‬
‫واقع ا دائريف احملتم ‪ .‬ولكنّ هذا «احملتم ليس عالقة ب اجطاب ومرجعِته (سي عالقتة‬
‫صد )‪ ،‬وإنّما هو عالقة ب اجطاب وما يعتقدُ القُرّاء سنّته صتحيح‪ .‬فالعالقتة تقتور هنتا‬
‫ب العم وب خطاب مبثُوث ميتلك ك ّ فرد من سفراد وتمتع مّتا بعضتا منته‪ ،‬ولكتن ال‬
‫سحد يستطيع سن يزعم امتالكُه‪ .‬وبعباريف سخرى إنّه وزيف الرّسي العار‪ .‬وهذا الترّسي العتار‬
‫‪4‬‬
‫ليس بطبيعة احلال هو "الواقع" وإنّما هو ورّد خطاب ثالث‪ ،‬مستق ّ عن العم »( )‪.‬‬
‫وعلى هذا النّحتو‪ ،‬يتتمّ توجيته احملاكتايف حنتو البالغتة وهتي متَّتلة بتالرّسي العتار‬
‫والدّوكسا سي وموع اآلراء البديهيّة واالفرتاحيات املسبقة واالعتقتادات العّتائعة املستلَّم‬
‫بها ‪ .‬فاالحتمال ليس متا ميكتن سن رتدث ا نطتا املمكتن فحستب‪ ،‬وإنّمتا هتو متا كتان‬
‫مقبوال متن الترّسي العتار‪ ،‬موافقتا للمعتايري االجتماعيتة‪ .‬وإاا كتان وصنيت احملتمت بنظتار‬
‫املواحيعات االجتماعية والدّوكسا جيع قبوله ا التّمثي األدبي متوقّفا على افرتاحيتات‬
‫املتلقّتي املستبقة واالعتقتتادات الت يستلام بهتتا؛ فتن ّن اقترتاب وهيفتتة احملتمت متن وهيفتتة‬
‫ا يديولوجيا ا تعفري الواقع بتحديد املقبول فيه وغري املقبول‪ ،‬يُبعدُ احملاكايف عن الواقتع‬
‫‪4‬‬
‫فال تُريك منه غري شفرته (‪ .)code‬فاالحتمال( )‪ ،‬وهو املقبول من الترّسي العتار‪ ،‬يتنتزّل‬
‫الشعرية (ط‪ ،)46٩1 ،4:‬ترمجة شكري املبخوت ورجاء بن سالمة‪ ،‬دار طوبقال للنّشر‪،‬‬
‫(‪ )4‬تزفيطان طودوروف‪ّ :‬‬
‫ط‪ ،4662 ،2:‬ص‪.۳6‬‬
‫الّتمجات األنقليزية ملصطلح (‪ )eikos‬هو (‪ )probability‬حينا و (‪ )likely‬حينا‬
‫(‪ )4‬املقابل ّ‬
‫الشائع يف ّ‬
‫الّتمجات الفرنسيّة استخدام مصطلح (‪)vraisemblance‬‬
‫آخر‪ ،‬بينما‬
‫يغلب يف ّ‬
‫الرمحان بدوي وإبراهيم محادة هذا املصطلح بـ"احملتمل"‬
‫عرب عبد ّ‬
‫و(‪ .)vraisemblable‬وقد ّ‬
‫=‬
‫معيارا ختييليّا‬
‫الواجب واملمكن ً‬
‫‪067‬‬
‫ي إىل متا جيتري وترى الطّبيعتيّ‪ .‬ومتا‬
‫من ا نسان منزلتة الثّقتاا‪ ،‬بينمتا يرتجّتح الضّترور ّ‬
‫ي التذي يعمت علتى إخترا الثّقتاا ا‬
‫احملاكايف‪ ،‬على هتذا الوجته‪ ،‬غتري النّعتا التّمثيلت ّ‬
‫صوريف الطّبيعيّ سو احملتم ا صوريف الضّروريّ‪.‬‬
‫المحتمل‪:‬‬
‫ّي ُ‬
‫‪ -۳ -۳‬قاعدة الكل ّ‬
‫ويُجتتري سرستتطو مَتتطلحا آختتر يتترتبط باالحتمتتال والضّتتروريف‪ ،‬وهتتو مَتتطلح‬
‫"الك ّليّ"‪ .‬وقد ورد الك ا إطار متييزه ب مهمّة امل رّخ ومهمّتة العّتاعر؛ إا يتّجته األوّل‬
‫إىل روايتتة "اجلزئ تيّ"‪ ،‬بينمتتا يتّجتته الثّتتاني إىل روايتتة "الكلّتتي"‪ .‬ويستتتند هتتذا التّمييتتز‪ ،‬ا‬
‫الواقتع‪ ،‬إىل تقستيم القضتيّة متن حيتث الكتم سي باعتبتار احلكتم علتى املوحيتوع ك ّلتته سو‬
‫____________‬
‫=‬
‫و"االحتمال"‪ ،‬إالّ أ ّن االستعماالت العربيّة احلديثة متيل إىل استخدام مصطلح "املشاكلة"‪ .‬ولئن كنّا‬
‫نعترب أ ّن مصطلح "املشاكلة" هو املصطلح األوىف بتأدية مصطلح أرسطو‪ ،‬فإنّنا قد حافظنا على استعمال‬
‫الّتمجة العربيّة املعتمدة يف هذا‬
‫الرمحان بدوي باعتبارها ّ‬
‫مصطلح "احتمال" كما ورد يف ترمجة عبد ّ‬
‫البحث‪.‬‬
‫انظر خمتلف هذه االستعماالت يف املراجع التّالية تباعا‪:‬‬
‫‪- Aristotle (1898). The Poetics, op. cit., p.35.‬‬
‫‪- Aristotle On Poetics (2002). op. cit., pp.26-27.‬‬
‫‪- Aristote (1980). La poétique, op. cit., p.65.‬‬
‫الرمحان بدوي‪ ،‬ص ص ‪-26‬‬
‫السابق‪ :‬أرسطو طاليس‪ّ :‬‬
‫فن الشعر‪ ،‬شرحه وح ّقق نصوصه عبد ّ‬
‫ املرجع ّ‬‫‪.21‬‬
‫الشعر‪ ،‬ترمجة وتقدمي وتعليق إبراهيم محادة‪ ،‬ص ‪.441‬‬
‫فن ّ‬
‫السابق‪ :‬أرسطو‪ّ :‬‬
‫‪ -‬املرجع ّ‬
‫السرديّات (تأليف مجاعي)‪ ،‬دار حممد علي للنّشر‪ -‬تونس‪ ،‬دار‬
‫ ّ‬‫حممد القاضي (إشراف)‪ :‬معجم ّ‬
‫مؤسسة االنتشار العريب‪ -‬لبنان‪ ،‬دار تالة‪ -‬اجلزائر‪ ،‬دار العْي – مصر‪ ،‬دار امللتقى –‬
‫الفارايب‪ -‬لبنان‪ّ ،‬‬
‫املغرب‪ ،‬ط‪ ،4.‬تونس‪ ،2242 ،‬ص ص ‪.262-262‬‬
‫‪066‬‬
‫املكّي العايدي‬
‫بعضه فالقضيّة الكلّيتة حتكتم بثبتوت احملمتول لكت ّ سفتراد املوحيتوع‪ ،‬والقضتيّة اجلزئيّتة‬
‫حتكم بثبوت احملمول لبعه سفراد املوحيوع‪.‬‬
‫ويرتبط هذا املَطلح با فَاه عن «فكريف عامتة» (ص‪ .)66‬والعّتاعر متد ُعوّ‪،‬‬
‫ا نظر سرسطو‪ ،‬إىل حتديتد هتذه الفكتريف العامتة سوّال قبت سن يعترع بعتد التك ا تتأليي‬
‫األحداث وبسطها؛ ويتبيّن هذا ا قوله «وسواء سكان املوحيتوع قتدميا طرقته آخترون سر‬
‫كان من ابتداع العّاعر نفسه؛ فننّ عليه سن يُحتدِّد سوّال الفكتريف العامّتة‪ ،‬وبعتد هتذا فقتط‬
‫ي لّي األحداث الفرعية ويبسطها» (ص‪ .)66‬ويُستفاد متن التك سنّ العّتاعر ال يُحتاكي‬
‫موجودا قائما ا الوجود سلفا‪ ،‬ب يبين عاملا متخيّال انطالقا من فكريف وترّديف ثتمّ ينتقتي‬
‫ا ما يوافقها من الوقائع طبقا لقاعديف االحتمتال والضّتروريف علتى الوجته التذي جيعلتها‬
‫من رسة ا الواقع مقبولة مقنعة‪ ،‬وا الك قلب لعملية ا حالة نفسها‪.‬‬
‫سمّتتا املظهتتر املتتوالي متتن مظتتاهر "الكلّتتي" فيتحتدّد متتن ختتالل املقابلتتة بت التتتاريخ‬
‫والعّعر؛ فالعّعر«يروي الكلّي‪ ،‬بينمتا يتروي التّتاريخ اجلزئتي‪ ،‬وسعتين بتالكلّي س ّن هتذا‬
‫الرّج ت سو اا ستتيفع هتتذه األشتتياء سو تلتتك علتتى وجتته االحتمتتال‪ ،‬سو علتتى وجتته‬
‫يب‬
‫الضّروريف»(ص‪ .) 60‬والفر ب "اجلزئتيّ" و"الكلّتي"‪ ،‬ههنتا‪ ،‬هتو الفتر بت التّجتري ّ‬
‫والذّهينّ‪ ،‬سو ب متا يتد ّل علتى متا ا األعيتان ومتا يتد ّل علتى متا ا األاهتان؛ فتاملعنى‬
‫"الكلّ تيّ" يُعتتر بواستتطة العق ت ‪ ،‬واملعنتتى "اجلزئ تيّ" يُعتتر بواستتطة ا درا احلسّتتي‪.‬‬
‫وتعليق العّعر برواية "الكلّي" ا هذا النّطتا ‪ ،‬جيعت العنَتر التّخييلتيّ يتجتاوز حقيقتته‬
‫‪4‬‬
‫الفردية اجاصّة ليكون متثيال لكلّيات واقعيّة سو حقائق كليّتة( ) توافتق احملتمت املقبتول سو‬
‫الصياغة األصلية اليت يق ّدمها ليبومري دوالجال هي اآلتية‪:‬‬
‫(‪ّ )4‬‬
‫‪Fictional particular P (f) represents actual universal U (a).‬‬
‫انظر‪:‬‬
‫=‬
‫‪066‬‬
‫معيارا ختييليّا‬
‫الواجب واملمكن ً‬
‫الضّتتروريّ متتن الوقتتائع التّارخييّتة والنّفستيّة واالجتماعيّتة والسّياستيّة والّثقافيّتة ا عتتامل‬
‫الواقع‪ .‬ومتى كان الكلّي احملتم مسة مميّزيف للنَّوص الفنّيّة‪ ،‬فننّه ال يُحرّرها متن شُتبهة‬
‫عدر املالءمة فحسب‪ ،‬وإنّما مينحها كذلك ال ذس ُموة العقليّ الذي يرفعها إىل منزلة سمستى‬
‫من النَّوص ال تُحي علتى وقتائع جزئيّتة‪ .‬واحلتقّ سنّ هتذا التَّتوّر ا فهنيتم احملاكتايف‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫وهو التَّوّر الذي هيمن زمنا طويال علتى اجلماليتة ال ربيّتة( )‪ ،‬يتنقه متا ينتزع األدب‬
‫ي من طابعه اجَوصيّ‪ ،‬ويستلزر متن التك ريتد‬
‫إىل إجنازه؛ إا يُجرّد العنَر التّخييل ّ‬
‫األدب عامّة من قوّته؛ وهي قتوّيف التّفريتد‪ ،‬ومقاومتة التّمتثّالت االجتماعيّتة واألعترا‬
‫‪4‬‬
‫ي ملثت هتذا املستلك‪ ،‬ستواء تَتوّر س ّن‬
‫والتّقاليد وا ُملقيولُة اللّ ويّة( )‪ .‬وليس الفع النّظتر ّ‬
‫احملاكتايف هتتي سن تطتابق العناصتتر التّخييليّتتة نظائرهتا ا الواقتتع‪ ،‬سو سن توافتق منتتاا كلّيّتتة‬
‫مطلقة‪ ،‬عرحييًّا؛ وإنّما هو نتيجة ال مناص منها اللتزامه مبنوال العامل الواحد‪ .‬وا هتذا‬
‫____________‬
‫=‬
‫‪- Lubomír Doležel (1998), Heterocosmica: Fiction and possible‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪:‬‬
‫‪worlds, Johns Hopkins University Press, p. 7.‬‬
‫‪- Auerbach, Erich (1968). Mimésis: La Représentation de la Réalité‬‬
‫‪dans la Littérature Occidentale, Éditions Gallimard.‬‬
‫(‪« )4‬ميكن اعتبار امل ْق يولية‪ ،‬يف معناها العام‪ ،‬عمليّة تنظيم للمعرفة املكتسبة‪ .‬فكلّما صادفنا شيئا جديدا يف عاملنا‪،‬‬
‫ُ‬
‫ي‬
‫سواء كان كيانات ملموسة أو مفاهيم ُجمَّردة‪ ،‬حاولنا التّآلف معه بإسناده إىل هذه املقولة أو تلك (‪)...‬‬
‫وعلى هذا النّحو‪ ،‬فإ ّن امل ْق يولية‪ ،‬بوصفها تنظيما للمعرفة‪ ،‬عمليّة عرفانيّة تُتيح للكائنات البشرية ْفهم الواقع‬
‫ي‬
‫حّت يُصبح أكثر تنظيما وأيسر مناال على ال ّذهن»‪ .‬انظر‪:‬‬
‫عن طريق تقطيعه ّ‬
‫‪- Bas Aarts (2006), «Conceptions of Categorization in The History‬‬
‫‪of Linguistics », In Language Sciences, Volume 28, Issue 4, p.361.‬‬
‫‪766‬‬
‫املكّي العايدي‬
‫النّطتتا تبتتدو نظريّتتة العتتوامل املمكنتتة إطتتارا مناستتبا لتجتتاوز التتوهن التتذي الزر نظريّتتة‬
‫‪2‬‬
‫احملاكايف( )‪.‬‬
‫ويُسلم النّظر ا كتاب "فت ّن العّتعر"‪ ،‬علتى هتذا الوجته‪ ،‬إىل س ّن قتيم ني الواجتب‬
‫واملمكن فيه تنح ّ عند التّفَي إىل طيي متن املعتاني املتنوّعتة املسرتستلة‪ ،‬وتنختزل ا‬
‫حالة ا مجال إىل املمكن املقيةد باالحتمال والضّتروريف‪ .‬واالحتمتال والضّتروريف معيتاران‬
‫ردّدان عالقة العم الفنّي باجتار إا يضتبطان متن احملاكتايف موحيتوعها وهتو احملتمت ‪،‬‬
‫وطريقتهتتا وهتتي التّمثي ت ‪ ،‬والعّتتر ُ التتذي تتحقّتتق بتته غايتهتتا وهتتو ا قنتتاع‪ .‬فأمّتتا قَنيتتر‬
‫موحيو ع احملاكايف على احملتم فيحَره ا متا يتنتزّل متن ا نستان منزلتة الثّقتاا‪ ،‬ويوجِّته‬
‫نعاطها إىل إخرا الثّقاا ا صوريف الطّبيعتي واحملتمت ّ ا صتوريف الضّتروريّ‪ .‬وسمّتا ربتط‬
‫طريقتهتتا بالتّمثيتت فيُخلاَتتها متتن النّستتخ‪ ،‬ويوجّههتتا إىل املوحيتتوع احملتتاكِي بتتدال متتن‬
‫املوحيتتوع التتذي حتاكيته‪ .‬وسمّتتا توقّتتي حتقّتتق غايتهتتا علتتى ا قنتتاع فينعطتتي بهتتا ا اتّجتتاه‬
‫ال س ّن حضتتور الواجتتب واملمكتتن ال يقتَتتر علتتى حيتتبط عالقتتة العم ت الفنّتتي‬
‫بالغتتي‪ .‬إ ّ‬
‫بالعامل‪ ،‬وإنّما ميت ّد إىل احلبكة‪ ،‬وليس يعنيها منها غري مواحيع الواجب واملمكن فيها‪.‬‬
‫‪ -٤‬الواجب والممكن معيارا ناظما للحبكة‪:‬‬
‫الضروري‪:‬‬
‫‪ -١ -٤‬حبكة المآل‬
‫ّ‬
‫تتميّز املأسايف ا تعريي سرسطو (الفَتالن ‪7‬و‪ )6‬بوحتديف الفعت ومتامته ومتداه‪.‬‬
‫فأمّتتا وحتتديف الفع ت فهتتي سن يكتتون متتداره علتتى «شتتيء واحتتد» (ص‪ )66‬ترتابتتط فيتته‬
‫ال ال يتجتتزّس يتتث«إاا وقتتع الواحتتد وقتتع اآلختتر بالضّتتروريف سو‬
‫األحتتداث لتعتت ّك كتت ل‬
‫السابق‪:‬‬
‫(‪ )2‬املرجع ّ‬
‫‪- Lubomír Doležel, Heterocosmica: Fiction and possible worlds,‬‬
‫‪op. cit., pp. 7 -9.‬‬
‫‪766‬‬
‫معيارا ختييليّا‬
‫الواجب واملمكن ً‬
‫احتماال»(ص ‪ .)60- 66‬وسمّا مدى الفع فتزمينّ؛ إا هتو الطّتول الكتاا التذي يتتيح‬
‫لسلسلة األحداث سن تُحدث انقالبا ا حيايف البط تنتقت بته متن العّتقاويف إىل النّعتيم سو‬
‫العكس (ص‪ ،)66‬إالّ سنّه خاحيع ملنطتق التّعتالق السّتبيبّ املُقيّتد باالحتمتال والضّتروريف‪.‬‬
‫وسمّا متار الفع فرتكبه من بداية ووسط ونهاية (ص‪ )66‬ينع ّد بعضها إىل بعه انعتدادا‬
‫ب بالضّتروريف‬
‫ال س ّن هذه األجزاء متمتايزيف ا متا بينهتا فالبدايتة هتي متا ال يعقُت ُ‬
‫منطقيا‪ ،‬إ ّ‬
‫شي ا آخر (ص‪ )66‬وهو ما يسمها ب ياب الضّروريف؛ والنّهايتة هتي متا يعقتب بالضّتروريف‬
‫شي ا آختر (ص‪ )66‬وهتو متا جيعلتها نتيجتة حتم يتة؛ والوستط هتو متا يعقتب شتي ا آختر‬
‫ويعقبتته شتتيء آختتر (ص‪ )66‬وهتتو متتوطن التّح توّل والتّع ترّ اللّتتذين ال يقومتتان علتتى‬
‫املَادفة‪ ،‬ب يَدران «عن الوقائع السّابقة صدورا حيروريا سو احتماليا» (ص‪.)66‬‬
‫ومعنى التك س ّن األشتياء ا البدايتة ممكنتة متا دامتال ال ختضتع للضّتروريف؛ وسنّهتا‬
‫حمتملة ا الوسط‪ ،‬ألنّ توسّطها جيعلها مقيّديف نسبيّا مقدّريف مبا ستبقها ومتا حلقهتا؛ وهتي‬
‫ي جيعت احلبكتة‬
‫ا النّهاية حيروريّة باعتبارها م ال للفع ومتامتا لته‪ .‬وهتذا التّتد ّر منطقت ّ‬
‫قائمة على مسار ا مكان التّنازلي النّازع إىل التّضييق؛ إا تقت ّ االختيتارات شتي ا فعتي ا‬
‫وت دو حمدوديف كلّما تقدّمنا ا مسار األحداث‪ ،‬إىل سن نَ إىل االختيار األخري‪ ،‬وهتو‬
‫‪4‬‬
‫ا واقع األمر ليس خيارا على ا طال ألنّه حيروريف وحتميّة( )‪.‬‬
‫ولك ّن املأستايف تقتور كتذلك علتى تعارحيتات خطابيتة؛ فهتي ليستال وترّد حماكتايف‬
‫ألحداث ختضع للتّسلس السّبيبّ املنطقيّ‪ ،‬ب قد حتاكي سيضا «سفعاال تطرس فجأيف وعلى‬
‫(‪ )4‬انظر‪:‬‬
‫‪- Seymour Chatman (1978). Story and Discourse: Narrative‬‬
‫‪Structure in Fiction and Film, Cornell University Press, Ithaca‬‬
‫‪and London, p.46.‬‬
‫‪766‬‬
‫املكّي العايدي‬
‫غري انتظار منّا» (ص‪ .)66‬واحلدث الطّارئ سو املفاجئ حدث متحرّر من نظتار التّعاقتب‬
‫السّبيب‪ ،‬ويع ّك معه قطيعة‪ ،‬ب يولاد‪ ،‬بعبتاريف بتول ريكتور‪ ،‬حيتربا متن التّنتافر داخت‬
‫‪4‬‬
‫التّناستتب( ) التتذي تقتتور عليتته احلبكتتة‪ .‬سمّتتا فائتتدتها ا هتتذا النّطتتا فمتوقّفتتة علتتى جنتتور‬
‫بعضها عن بعه حيروريف‪ .‬ولذلك اعتترب سرستطو سنّ سستوس اجرافتات سحفلُهتا بتاحلوادث‬
‫العارحية (ص‪ ،)66‬ا ح كانال «سمج احلكايات»‪ ،‬عنده‪ ،‬ال تتألّي من سحتداث‬
‫حَلال اتّفاقا ولكنّها تبدو «كأنّها وقعال عن قَد معلور» (ص‪.)66‬‬
‫والفار ب األحتداث الت يتوقّتي بعضتها علتى بعته بالضّتروريف واألحتداث‬
‫ال تكون من نتائج االتّفا والَّدفة متَّ بالتّفسري والفهم؛ فعاديف متا يُرستي النّظتار‬
‫السّبيب الذي تستند إليته احلبكتة آفاقتا تفستريية لرحتداث حمتملتة سو حيترورية‪ ،‬بينمتا ال‬
‫يتسنّى فهم احلدث املفاجئ إالّ على حنو تراجعيّ (‪ )rétrograde‬يتتيح إدماجته ا مستار‬
‫سحداث احلكاية‪ ،‬فيجع ما بدا ألوّل وهلة منفلتتا متن قيتد احملتمت مقبتوال‪ ،‬ورتوّل متا‬
‫‪2‬‬
‫كان عرحييّا طارئا إىل حيروريف( )‪.‬‬
‫ويقرتب هذا الفهم للطّارئ وعالقتته بستائر األحتداث ممّتا يستمّيه جتريار جينيتال‬
‫‪۳‬‬
‫"التّحديدات التّراجعيّة" ( ) وقوامه األحداث ال تفتقر إىل التّعلي ‪ ،‬وال ميكن حتديتدها‬
‫السابق‪:‬‬
‫(‪ )4‬التّنافر(‪ )discordance‬والتّناسب (‪ .)concordance‬انظر املرجع ّ‬
‫(‪ )2‬انظر‪:‬‬
‫‪- Paul Ricœur. Temps et récit, Tome I, op. cit., pp.72-73.‬‬
‫‪- Paul Ricœur (1990). Soi-même comme un autre, Éditions du‬‬
‫‪Seuil, Paris, 1990, pp. 169 – 170.‬‬
‫الّتاجعية (‪ .)déterminations rétrogrades‬انظر‪:‬‬
‫(‪ )۳‬التّحديدات ّ‬
‫=‬
‫معيارا ختييليّا‬
‫الواجب واملمكن ً‬
‫‪766‬‬
‫ال صتتعودا متتن النّتيجتتة إىل السّتتبب سو متتن ال ايتتة إىل الوستتيلة‪ .‬ويرغمنتتا هتتذا املنطتتق ا‬
‫إّ‬
‫التّخيي على تعريي ك ّ وحديف ا القَّة من خالل تعالقها مع الوحدات السّتابقة تا‪،‬‬
‫وصوال إىل الوحديف األخرييف ال تتحكّم ا مجيع الوحدات‪.‬‬
‫وهذا املنطق ا البناء تُحدة د فيته البنيتة السّتردية انطالقتا متن معرفتة النّهايتة‪ .‬ولت ن‬
‫كانال احلبكة فيه موسومة بالتّماسك‪ ،‬قائمة على نظار م لق متن األحتداث املرتابطتة ا‬
‫ما بينها‪ ،‬فننّها تقود إىل حيرب من احلتميتة تبتدو فيهتا مراحت القَتة متن بدايتة ووستط‬
‫ونهاية متكاف ة وجاهزيف مسبقا‪ .‬إنّه املنطق القََتي التذي ال جييتز التّوقّتع بقتدر متا جييتز‬
‫االستدالل التّراجعي‪ ،‬إا ننطلق من حقيقة وقوع شيء ما ونستدلّ عرب حركة إىل الوراء‬
‫ي ال بدّ قد وقع وحنن نبحث عن آثاره ا احلاحير‪.‬‬
‫ا الزّمن على سنّ العّر الضّرور ّ‬
‫إنّ هذا املسلك ا فهم احلبكة يتنكّبه سصحاب نظرية العتوامل املمكنتة ا صتي تها‬
‫األدبية‪ ،‬إا يعتربون سنّ احلبكة ليسال سوى وموعة من االختيارات املنظّمتة والعالقتات‬
‫الداللية املتنوّعة املمكنة وال تقتَر على العالقة املنطقيّة السببيّة‪.‬‬
‫‪ -٢ -٤‬حبكة المآل الممكن‪:‬‬
‫ي سّس منظّرو العوامل املمكنة منوال احلبكة على مفاهيم اجلهتة وتعتدّد العتوامل‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫فقد سقتار ليبتومري دوالجتال (‪ ) ()Lubomír Doležel‬منوالته علتى جهتات سربتع هتي‬
‫اجلهة الَّدقية (‪ )alethic modality‬واجلهة القيميّة )‪ (axiological modality‬واجلهة‬
‫____________‬
‫=‬
‫‪- Gérard genette (1969), «Vraisemblance et Motivation», in Figures‬‬
‫‪II, Paris: Éditions du Seuil, p. 94.‬‬
‫السابق‪:‬‬
‫(‪ )4‬املرجع ّ‬
‫‪- Lubomír Doležel, Heterocosmica: Fiction and possible worlds,‬‬
‫‪op. cit., pp. 113 -132.‬‬
‫‪766‬‬
‫املكّي العايدي‬
‫ا لزاميّة )‪ (deontic modality‬واجلهة املعرفيّتة)‪ .(epistemic modality‬وتقتور اجلهتة‬
‫الَّدقيّة على عوامل املمكن واملستحي والضّروريّ‪ .‬ا ح تنعقد اجلهة ا لزاميّة علتى‬
‫املستتموه واملمنتتوع والواجتتب‪ ،‬وتتتنهه اجلهتتة التّقومييّتتة علتتى املستحستتن واملستتتهجن‬
‫واحملايد‪ ،‬بينما تتعلّق اجلهة املعرفيّة باملعرفة واجله واالعتقاد‪.‬‬
‫ويَ دوالجال ك ّ نظار من هذه األنظمة اجلهيّتة بتنمط خمَتوص متن احلبكتة‪.‬‬
‫فالعامل السّردي التّخييليّ الذي حتكمه اجلهة الَّدقيّة عامل تتتوزّع فيته العخَتيّات إىل‬
‫وموعات متفاوتة القدرات (من قبي اآل ة مقاب البعر‪ ،‬واملبَر مقابت األعمتى‪،)..‬‬
‫ب تتوزّع فيه العوامل التّخييليّة نفستها‪ ،‬بتالنّظر إىل قتوان الطّبيعتة واملنطتق‪ ،‬إىل عتوامل‬
‫‪2‬‬
‫واقعيتتة وعتتوامل فانتاستتتيكية( ) وعتتوامل اجيتتال العلمتتي‪ .‬وتولّتتد القيتتود ا لزاميّتتة حبكتتة‬
‫الواجب وا جناز واجلزاء سو حبكتة املنتع واجتر والعقتاب؛ وتعتهد العتوامل التّخييليّتة‬
‫ت يّرا كلّمتا حتدث حتتوير ا املعتايري املوجتوديف سو إزالتة بعضتها سو فترض معتايري جديتديف‪.‬‬
‫ا‬
‫وتتعلّق القيود التّقومييّة بقَص البحث واألزمة األخالقيّتة‪ .‬سمّتا مقتوالت النّظتار املعتر ّ‬
‫فتنتج قَص التّكوين والتّربية وكوميديا األخطاء؛ وتُعدذ القَّة املنعقتديف علتى اللّ تز سو‬
‫التّحقيق البوليسيّ قََا معرفيّة منواجيّة لتضمّنها حتوّال من اجله سو االعتقاد اجتاطئ‬
‫إىل املعرفتتة‪ .‬وتعتتم هتتذه اجلهتتات ك ت ّ متتا يُوجتتد ا العتتامل التّخييل تيّ متتن قبي ت سنتتواع‬
‫الّتّدد الذي ينتاب إنسانا ال يعرف إالّ القوانْي الطّبيعيّة‪ ،‬وحيصل‬
‫(‪ )2‬يتولّد‬
‫الفانتاستيكي‪ ،‬وفقا لطودوروف‪ ،‬من« ّ‬
‫ّ‬
‫خطايب يقع بْي العجيب (‪ )merveilleux‬والغريب‬
‫الّتّدد إزاء حدث يبدو خارقا»‪ .‬وهو جنس‬
‫هذا ّ‬
‫ّ‬
‫(‪)étrange‬؛ فإذا كانت األحداث اخلارقة لقوانْي الطّبيعة تُعزى يف العجيب إىل أسباب خارقة‪،‬‬
‫املستمر بْي‬
‫بالّتّدد‬
‫فسر يف الغريب بأسباب عقالنيّة‪ ،‬فإ ّن‬
‫وتُ َّ‬
‫الفانتاستيكي (‪ )fantastique‬يتميّز ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫هذين التّفسريين‪ .‬انظر‪:‬‬
‫‪- Tzvetan Todorov (1970), Introduction à la littérature fantastique,‬‬
‫‪Paris : Seuil, p.29.‬‬
‫‪766‬‬
‫معيارا ختييليّا‬
‫الواجب واملمكن ً‬
‫املوجتتودات والقتتوان املتحكّمتتة ا العتتامل ومعرفتتة العّخَ تيّات واعتقاداتهتتا ورغباتهتتا‬
‫ومربّراتها‪ .‬وينعأ الَّراع عن تضارب ا املعايري اجلهيّة لدى العّخَية الواحتديف سو بت‬
‫العّخَيّات املختلفة‪.‬‬
‫ي ال يقتَتتر علتتى اجلهتتات الَّتتدقية وهتتي‬
‫إ ّن منتتوال ليبتتومري دوالجتتال القََت ّ‬
‫اجلهات املرتكّبة من الواجب واملمكن بت يتجتاوزه إىل توهيتي جهتات جديتديف حاصتلة‬
‫بالتّوسّع والتّحوير ا املنطق اجلهيّ القديم‪ .‬و ذه اجلهات القََية‪ ،‬ا منظتوره‪ ،‬دور‬
‫ي وبناء حبكته‪.‬‬
‫رئيسيّ يتمّث ا تعكي العامل التّخييل ّ‬
‫ولت ن استتندت متاري لتور رايتان (‪ )Marie-Laure Ryan‬إىل منجتزات ليبتومري‬
‫دوالجال ا هذا العأن‪ ،‬فننّها قد انطلقال من فرحييّة تعترب سنّ التّخيي يستوجب حيتربا‬
‫من إعاديف التّمركز(‪ )recentering‬حول نظار جديد رَ نتيجة االنزياه مبجال احلالية‬
‫وا مكتتان م تن العتتامل احلتتالي إىل وموعتتة متتن األكتتوان النَّ تيّة؛ وي تتدو ااتتال التتذي‬
‫يعرحيه الرّاوي‪ ،‬ا نطا تلك األكوان‪ ،‬هو العامل احلالي النَّي املركزي‪ .‬وحول الك‬
‫العامل تنعأ عوامل ممكنة بديلتة توافتق عتوامل اعتقتادات العّخَتيات (عتوامل املعرفتة)‪،‬‬
‫وتوقّعاتها وخططها (عوامل القَتد) والتزاماتهتا األخالقيّتة وموانعهتا (عتوامل االلتتزار)‬
‫‪4‬‬
‫وسمانيهتتا ورغباتهتتا (عتتوامل الرّغبتتة) وسحالمهتتا وختيّالتهتتا( )‪ .‬وينعتتأ الَّتتراع تبعتتا تتذا‬
‫املنوال من عدر التّوافق ا سحتد هتذه العتوامل اجاصّتة‪ ،‬ستواء حيتمن عتوامل العّخَتية‬
‫ص بالعّخَتيّة والعتامل‬
‫الواحديف سو بت عتوامل العّخَتيّات املتباينتة سو بت العتامل اجتا ّ‬
‫(‪ )4‬انظر‪:‬‬
‫‪- Marie-Laure Ryan: Possible Worlds, Artificial Intelligence and‬‬
‫‪Narrative Theory, Bloomington: Indiana University Press, 1991,‬‬
‫‪pp. 109 – 123.‬‬
‫‪760‬‬
‫املكّي العايدي‬
‫احلتتالي النَّتتي؛ فعتتوامل العّخَ تيّات اجاصّتتة املتمثّل تة ا سمانيهتتا ومعارفهتتا ونواياهتتا‬
‫وواجباتها ميكن سن تنحر عن الواقتع ا العتامل احلتالي النَّتي سو سن تكتون ا صتراع‬
‫معه‪.‬‬
‫وعماد هذا التَّوّر‪ ،‬إان‪ ،‬سنّ النصّ السّردي كوكبتة متن العتوامل املمكنتة‪ ،‬وس ّن‬
‫الوحيتتعيّات السّتتردية موستتومة جهيّتتا‪ ،‬وس ّن احلبكتتة هتتي حاص ت التّفاع ت ب ت عتتوامل‬
‫العخَيّات االفرتاحيية من جهة والعتامل احلتالي النَّتي متن جهتة سخترى؛ فالعالقتات‬
‫ي ليستال عالقتات ثابتتة‪ ،‬وإنّمتا هتي عالقتات تعتهد ت يّترا متن‬
‫ب عوامل النّظار السّرد ّ‬
‫حالة إىل سخترى‪ ،‬ورَت ا لتك باختيتار العخَتية‪ ،‬ا وحيتعية حامستة‪ ،‬مستلكا متن‬
‫‪4‬‬
‫مسالك االحتماالت املتععّبة( )‪.‬‬
‫البنائي للخرافة‬
‫أثبت فالدميري بروب (‪ )Vladimir Propp‬قائمة يف الوظائف اليت متثّل األساس‬
‫(‪)4‬‬
‫ّ‬
‫العجيبة‪ ،‬مالحظا ّنوض بنيتها على وحدة املآل وثبات النّهاية؛ إذ ينهض هذا البناء على عدد حمدود‬
‫السابقة تولّدا ُمتليه‬
‫كل وظيفة تتولّد من الوظيفة ّ‬
‫من الوظائف وتسلسل واحد حمدَّد هلا‪ ،‬على حنو جيعل « ّ‬
‫ضرورة منطقيّة ومجاليّة»(بروب ‪ ،4612‬ص‪ .)16‬ومقتضى ذلك أ ّن الوظيفة الالّحقة حم ِّددة ملا قبلها‪،‬‬
‫وأ ّن النّتيجة حم ِّددة للحدث‪ ،‬فقد ذكر بروب أنّه «من املمكن دائما اعتماد املبدأ القائم على أ ّن‬
‫الوظائف إّّنا تتح ّدد بنتائجها»‬
‫(بروب ‪ ،4612‬ص‪.)٩2‬‬
‫ّأما كلود برميون (‪ )Claude Bremond‬فقد ّبْي أ ّن منطق األعمال ال يقوم دائما على حتميّات تستوجبها‬
‫القصة يف‬
‫نتصور بنية ّ‬
‫النّتيجة النّهائيّة‪ ،‬وإّّنا هي حمكومة باختيارات تتّسم بالتّ ّ‬
‫فرع‪ ،‬فـ«بدل أن ّ‬
‫شعب والتّ ّ‬
‫نتصورها جمموعة من مقاطع‬
‫شكل سلسلة خطّيّة من األطوار املتعاقبة حسب نظام ثابت‪ ،‬ينبغي أن ّ‬
‫الشأن يف ألياف العضالت » (كلود برميون ‪ ،4612‬ص‪)26‬؛‬
‫تتشابك وتتقاطع وتتداخل مثلما هو ّ‬
‫تؤدي إىل التّصعيد أو إىل االنفراج‬
‫فتطور احلبكة حاصل مجلة من االنعطافات واالختيارات اليت قد ّ‬
‫ّ‬
‫(كلود برميون ‪ ،4612‬ص ‪ .)21-22‬انظر‪:‬‬
‫‪- Vladimir Propp (1970). Morphologie du conte, Paris: Seuil, pp.‬‬
‫‪79 ; 82.‬‬
‫=‬
‫‪767‬‬
‫معيارا ختييليّا‬
‫الواجب واملمكن ً‬
‫ضتترب متن الدّراستات إىل إنعتاء منتتوال قتادر علتى تفستتري‬
‫ويرمتي منظّترو هتذا ال ّ‬
‫طرائق إنتا القَص‪ ،‬وميكن استعماله باعتباره حسابا لتوليد قَص جديتديف‪ .‬ويترتبط‬
‫مفهتتور احلبكتتة‪ ،‬عنتتدهم‪ ،‬بقيتتود جهيّتتة ناهمتتة لقَتتص متنوّعتتة‪ .‬وقتتد يتتنهه العتتامل‬
‫ال س ّن اجلهتة التّكوينيّتة املهيمنتة‪ ،‬عتاديف متا تكتون‪،‬‬
‫ي على سكثر من نظار جهتيّ‪ ،‬إ ّ‬
‫التّخييل ّ‬
‫واحديف‪ ،‬ا ح تقتَر سائر اجلهات على دور ثانوي‪.‬‬
‫ي ال‬
‫وتفرتض هذه املناوي ‪ ،‬عامّة‪ ،‬استقالل العتامل التّخييلتيّ؛ فالعتامل التّخييلت ّ‬
‫يُعترب ورّد عامل ممكن بالنّسبة إىل العامل احلالي‪ ،‬ب يُعدّ كونتا لته بنيتته اجلهيّتة اجاصتة‬
‫وداخ هذه العوامل تُوجد حاالت سشياء حاليتة سو واقعيّتة ومجترةيف متن حتاالت األشتياء‬
‫األخرى املمكنة‪ .‬وملناوي احلبكة ا العوامل املمكنة مقارنة مبناوي احلبكة التّقليدية عتدّيف‬
‫خَائص مميّتزيف فاملناويت التّقليديتة ثابتتة وإرجاعيتة (‪ ،)backward looking‬وتعتترب‬
‫نهاية القَّة معطى جاهزا‪ ،‬وانطالقتا منهتا تتقهقتر ملعرفتة كيفيّتة حتدوث النّهايتة‪ ،‬بينمتا‬
‫تبتتدو املناوي ت القََتتيّة املستتتنديف إىل نظريّتتة العتتوامل املمكنتتة ديناميكيتتة واستعتترافية‬
‫(‪ ،)forward-looking‬مبعنتتتى سنّهتتتا تعتتتترب حركتتتة احلبكتتتة اختيتتتارا ممكنتتتا تتتتنهه بتتته‬
‫العّخَيات التّخييليّة من حيمن مجلة متن ا مكانتات املتاحتة تا‪ .‬وعنتد حتتي إحتدى‬
‫‪4‬‬
‫تلك املمكنات تنفتح الوحيعيّة ودّدا على اختيارات سخرى( )‪.‬‬
‫____________‬
‫=‬
‫; ‪- Claude Bremond (1973). Logique du récit, Paris: Seuil, pp. 29‬‬
‫‪33-34.‬‬
‫(‪ )4‬انظر‪:‬‬
‫‪- Ruth Ronen. Possible Worlds in Literary Theory, op. cit.,‬‬
‫‪pp.167-174.‬‬
‫‪766‬‬
‫املكّي العايدي‬
‫اجامتة‬
‫لقتتد تب تيّن لنتتا س ّن قتتيم ني الواجتتب واملمكتتن اجلهيّتتت‬
‫ريتتان ا وتتاالت معرفيتتة‬
‫متنوّعة‪ ،‬وسنّ معانيهما تتنوّع طبقا ملا تعهدانه من تضتييق سو توستيع سو انتقتال متن وتال‬
‫ال س ّن طاقتهمتتا التّفستتريية تظ ت ّ ثابتتتة‪ .‬و لّتتى التتك ا تفستتري بعتته‬
‫ا إىل آختتر‪ .‬إ ّ‬
‫معتتر ّ‬
‫الظّواهر ال ّل وية ا النّظرية النّحوية العربية القدمية‪ ،‬مثلما لّتى ا نطتا املنطتق اجلهتي‬
‫املعاصر ونظرية العوامل املمكنة‪.‬‬
‫وقتتد رسينتتا سنّ معتتاني هتتذا ال تزّو اجله تيّ‪ ،‬وهتتي تنتق ت إىل عتتامل األدب‪ ،‬قتتد‬
‫اوزت داللة حدةينيه وامتدّت لتعكّ طيفا من املعاني املسرتسلة تتحرّ بينهما‪ ،‬وهو متا‬
‫يناسب خاصّية النَّوص السّردية التّخييلية على وجه اجَوص‪.‬‬
‫وقادنا تتبّتع حضتور ثنائيّتة الواجتب واملمكتن ا كتتاب "فت ّن العّتعر"‪ ،‬وا نظريتة‬
‫العوامل التّخييليّة املستلهمة من نظرية العوامل املمكنة ا املنطق اجلهيّ إىل تبيّن دور هتذه‬
‫الثّنائية ا حيبط عالقة العم الفنّي مبتا يتّجته إىل تَتويره متن ربتة الوجتود‪ ،‬وا بنتاء‬
‫حبكته‪ .‬فقد بدا لنا سنّ االح تمتال والضّتروريف معيتاران يتعلّقتان بتقنيّتات التّمثيت سكثتر ممّتا‬
‫ي‬
‫يتَّتتالن باملوحيتتوع املمثة ت سو احملتتاكُى‪ .‬وينعقتتد موحيتتوع احملاكتتايف علتتى متتا يكتستتي ز ّ‬
‫احملتم ‪ ،‬ومردّ الك إىل اقرتانه بالقدريف على ا قناع ال حتقّق ال اية املزدوجة متن الفت ّن‬
‫وهتتي التتّطهري واملتعتتة اجلماليتتة‪ .‬ويتنتزّل احملتمت منزلتتة الثّقتتاا‪ ،‬بينمتتا تتّختتذ الضّتتروريف‬
‫صوريف الطّبيعيّ‪ .‬ولذلك كان النّعا احملاكِي قائما باألستاس علتى إكستاء الثّقتاا لبتوس‬
‫الطّبيعي سو إخرا احملتم ا صوريف الضّروريّ‪.‬‬
‫سمّا احلبكة فقتد بتدت ا "فت ّن العّتعر" قائمتة علتى مستار ا مكتان التّنتازلي التذي‬
‫تتقلّص فيه االختيارات كلّما تقدّمنا ا مسار األحداث‪ ،‬وصوال إىل النّهاية الضّرورية؛‬
‫وهي بنية ال تُجيز التّوقّتع بقتدر متا تُجيتز االستتدالل التّراجعتي‪ .‬بينمتا تتنهه احلبكتة ا‬
‫معيارا ختييليّا‬
‫الواجب واملمكن ً‬
‫‪766‬‬
‫منوال نظرية العوامل املمكنة التّخييليّة على احتماالت متععّبة واختيارات متنوّعتة كلّمتا‬
‫صادفال العّخَية وحيعية حامسة جديديف‪.‬‬
‫فللواجب واملمكن‪ ،‬إان‪ ،‬قدريف علتى بنتاء النَّتوص األدبيتة وتفستريها ا اآلن‬
‫ااته سواء كان الك من جهة بنيتها الدّاخلية سو من جهة عالقتهتا بالعتامل التّجترييبّ‪ .‬سمّتا‬
‫األدب ااته فننّه استعمال خالّ للّ ة يرمي إىل إبداع معرفتة يكتستبها القتارئ‪ .‬وحاصت‬
‫هتتتذه املعرفتتتة طريقتتتة امل لّتتتي ا تعتتتفري الواقتتتع ل ويتتتا‪ ،‬وتنظتتتيم هتتتواهره املوحيتتتوعية‬
‫وتَنيفها‪ .‬وا هذا النّطا بالذّات تتوزّع النَّوص األدبية إىل صنفينين يقرتب الَّتني‬
‫األوّل من احلسّ املعرت والتّعفري املألو للواقع ا تنظتيم هتواهر الوجتود وا سترا‬
‫ا تنميطهتا إىل احلتدّ التذي روّ تتا إىل رؤيتة للعتتامل سو إيتديولوجيا مُستتلَّم بهتا‪ ،‬فيُختتر‬
‫التَّوّر احملتم للوجود ا صوريف الطّبيعيّ الضّروري‪ ،‬ويكرّس الواقع القائم علتى حنتو‬
‫يُخفي بنيانه ورجب تناقضاته‪ ،‬ويعو القُدريف علتى فهمته؛ ويتّجته الَّتني الثّتاني إىل‬
‫استخدار اللّ ة استخداما مُباينا للطّريقتة املأنوستة‪ ،‬ناحيتا ا تعتفريها منحتى ال يستتعيد‬
‫التّعتتفري املعتتتاد‪ ،‬ب ت ينفتتتح بتتالوجود علتتى املمكتتن املق تدةر‪ ،‬مناهضتتا احلتميتتة‪ ،‬ونازعتتا‬
‫ب للرّؤية‪.‬‬
‫با نسان إىل التّحرّر من قهر الضّروريف وسلفة التّعوّد احلاج ِ‬
‫‪766‬‬
‫املكّي العايدي‬
‫قائمة املراجع‬
‫‪ -۱‬المراجع باللّغة العربية‪:‬‬
‫‪ ]6‬ابن رشد‪ ،‬سبو الوليد حممد (ت ‪666‬هت) تلختيص كتتاب العبتاريف‪ ،‬حتقيتق حممتود‬
‫قاسم‪ ،‬ا ي ة املَرية العامة للكتاب‪.6666 ،‬‬
‫‪ ]6‬ابن سينا‪ ،‬سبو علي (ت ‪666‬هت)‪ :‬النّجتايف ا احلكمتة املنطقيّتة والطّبيعيّتة وا‬
‫مطبعة السّعاديف‪ ،‬مَر‪،‬‬
‫يّتة‪،‬‬
‫‪.66۳6 ،6‬‬
‫‪ ]6‬سرسطو طاليس فنّ الععر‪ ،‬مع الرتمجتة العربيتة القدميتة وشتروه الفتارابي وابتن‬
‫ستتينا وابتتن رشتتد‪ ،‬ترمجتته عتتن اليونانيتتة وشتترحه وحقّتتق نَوصتته عبتتد الرّمحتتان‬
‫بدوي‪ ،‬دار الثقافة‪،‬‬
‫‪ ،6‬بريوت – لبنان‪.667۳ ،‬‬
‫‪ ]6‬سرسطو منطق سرسطو‪ ،‬حقّقه وقدّر له عبد الرمحن بدوي‪ ،‬وكالتة املطبوعتات‬
‫الكويال‪ ،‬دار القلم بريوت ‪ -‬لبنان‪.6666 ،‬‬
‫‪ ]6‬سرسطو فنّ العّعر‪ ،‬ترمجة وتقديم وتعليق إبراهيم محاديف‪ ،‬مكتبة األجنلو‬
‫املَرية‪ ،‬القاهريف‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬‬
‫‪ ]0‬األسرتابااي‪ ،‬رحييّ الدّين (ت‪066‬هت) شره الرّحييّ على الكافية‪ ،‬حتقيق‬
‫يوسي حسن عمر‪ ،‬منعورات جامعة قاريونس‪،‬‬
‫‪ ،6‬بن ازي‪.6660 ،‬‬
‫‪ ]7‬احلا ساسي‪ ،‬عماد التّعهذد بالقول إشكالياته وفرحييّاته وتأصيله ا اللّسان‬
‫العربي‪ ،‬دار حممد علي احلامي ‪ -‬تونس‪ ،‬نادي القَيم األدبي ‪ -‬اململكة‬
‫العربية السعودية‪ ،‬دار التنوير للطباعة والنعر ‪ -‬تونس‪،‬‬
‫‪.6667 ،6‬‬
‫‪766‬‬
‫معيارا ختييليّا‬
‫الواجب واملمكن ً‬
‫‪ ]6‬الدّسوقي‪ ،‬حممّد بن سمحد بن عرفة (ت‪ 66۳6 .‬هت ‪ 6666/‬ر) احلاشية على‬
‫شره السّعد لتلخيص املفتاه‪ ،‬حيمن شروه التّلخيص‪ ،‬دار الكتب العلميّة‪،‬‬
‫بريوت ‪ -‬لبنان‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬‬
‫‪ ]6‬سيبويه‪ ،‬سبو بعر عمرو بن عثمان (ت‪666‬هت) الكتاب‪ ،‬حتقيق وشره عبد‬
‫السّالر حممّد هارون‪ ،‬مكتبة اجاجني بالقاهريف‪،‬‬
‫‪.6666 ،۳‬‬
‫‪ ]66‬السّيوطي‪ ،‬جالل الدّين (ت‪666‬هت) هُمع ا ُوامع ا شره جمع اجلوامع‪،‬‬
‫حتقيق سمحد مشس الدّين‪ ،‬دار الكتب العلمية‪،‬‬
‫‪ ،6‬بريوت – لبنان‪.‬‬
‫‪ ]66‬العّريي‪ ،‬حممّد صاله الدّين العّر وا نعاء النّحويّ للكون‬
‫ثا‬
‫األسس البسيطة املولّديف لربنية والدّالالت‪ ،‬منعورات كليّة اآلداب والفنون‬
‫وا نسانيات مبنّوبة‪ ،‬تونس‪.6666 ،‬‬
‫‪ ]66‬العّريي‪ ،‬حممّد صاله الدّين «دور صي الفع العربي ا وسم اجلهة‬
‫واملظهر»‪ ،‬حوليات اجلامعة التونسية‪ ،‬عدد ‪ ،6667 ،66‬ص ص ‪.66- 66‬‬
‫‪ ]66‬العّكيلي‪ ،‬بسمة بلحا رحومة ال ّس ال البالغي ‪ -‬ا نعاء والتّأوي ‪ ،‬دار‬
‫حممّد علي احلامّي‪ ،‬املعهد العالي للّ ات بتونس‪،‬‬
‫‪ ،6‬صفاقس – تونس‪،‬‬
‫‪.666۷‬‬
‫‪ ]66‬طودورو ‪ ،‬تزفيطان العّعرية (‬
‫ورجاء بن سالمة‪ ،‬دار طوبقال للنّعر‪،‬‬
‫‪ ،)6667 ،6‬ترمجة شكري املبخوت‬
‫‪.6666 ،6‬‬
‫‪ ]66‬الطّوسي‪ ،‬نَري الدّين (ت‪ 076‬هت) سساس االقتباس ا املنطق‪ ،‬ترمجة‬
‫منالّ خسرو‪ ،‬حقّقه وقدّر له وراجعه حسن العّافعي وحممد السعيد مجال‬
‫الدين‪ ،‬االس العاملي للثّقافة‪ ،‬القاهريف‪.6666 ،‬‬
‫‪766‬‬
‫املكّي العايدي‬
‫‪ ]60‬عبد العزيز‪ ،‬إمساعي‬
‫نظرية املوجّهات املنطقية‪ ،‬دراسة حتليلية ا منطق‬
‫اجلهة‪ ،‬دار الثقافة للنعر والتوزيع‪ ،‬القاهريف‪.۱66۳ ،‬‬
‫‪ ]67‬القاحيي‪ ،‬حممّد (إشرا ) معجم السّرديّات (تأليي مجاعي)‪ ،‬دار حممد علي‬
‫للنّعر ‪ -‬تونس‪ ،‬دار الفارابي ‪ -‬لبنان‪ ،‬م سّسة االنتعار العربي ‪ -‬لبنان‪ ،‬دار‬
‫تالة ‪ -‬اجلزائر‪ ،‬دار الع – مَر‪ ،‬دار امللتقى – امل رب‪ ،6. ،‬تونس‪،‬‬
‫‪.6666‬‬
‫‪ ]66‬لوكاشِيڤت‪ ،،‬يان نظريّة القياس األرسطيّة من وجهة نظر املنطق‬
‫الَّوري احلديث‪ ،‬ترمجة وتقديم‬
‫عبد احلميد صربه‪ ،‬دار املعار ‪،‬‬
‫ا سكندرية‪.)۱60۱ ،‬‬
‫‪ ]66‬املسعودي‪ ،‬عبد العزيز املعاني اجلهيّة واملظهريّة‪ ،‬ث لسانيّ ا ا ُملقيولة‬
‫الدّالليّة‪ ،‬كلّية اآلداب والعلور ا نسانيّة بسوسة‪ ،‬تونس‪.66۱۳ ،‬‬
‫‪ ]66‬مهران‪ ،‬حممد مدخ إىل املنطق الَّوري‪ ،‬دار الثقافة للنعر والتوزيع‬
‫القاهريف‪.۱666 ،‬‬
‫‪ ]66‬ميالد‪ ،‬خالد ا نعاء ا العربية ب التّركيب والداللة‪ ،‬كلية اآلداب مبنّوبة‪،‬‬
‫امل‬
‫سّسة العربية للتّوزيع‪ ،‬تونس ‪.6666‬‬
‫‪ -٢‬المراجع باللّغات األجنبية‪:‬‬
‫‪[22] Aarts, Bas (2006). «Conceptions of Categorization in The History of‬‬
‫‪Linguistics », In Language Sciences, Volume 28, Issue 4, pp. 361-385.‬‬
‫‪[23] Aristote (1980). La poétique, le texte Grec avec une traduction et des notes de‬‬
‫‪lecture par Roselyne Dupont-Roc et Jean Lallot, préface de Tzvetan Todorov,‬‬
‫‪éd.: Seuil.‬‬
‫‪[24] Aristotle (1898). The Poetics: Translated with a Critical Text by S.H. Butcher.‬‬
‫‪London: Macmillan.‬‬
‫‪[25] Aristotle (2002). On Poetics, Translated by Seth Benardete and Michael Davis,‬‬
‫‪St. Augustine’s Press, p.27.‬‬
766
‫معيارا ختييليّا‬
ً ‫الواجب واملمكن‬
[26] Auerbach, Erich (1968). Mimésis : La Représentation de la Réalité dans la
Littérature Occidentale, Éditions Gallimard.
[27] Ayoub, Georgine (2015). «Some Aspects of the Relation between Enunciation
and Utterance in Sībawayhi’s Kitāb. A Modal Category: wājib/ġayr al-wājib»,
in The Foundations of Arabic Linguistics II: Sībawayhi: Interpretation and
Transmission, Edited by Amal Elesha Marogy; Kees Versteegh, Leiden;
Boston: Brill, pp. 6-35.
[28] Bradley, Raymond and Swartz, Norman (1979). Possible Worlds: An
Introduction to Logic and its Philosophy, Indianapolis: Hackett Publishing
Company, Inc.
[29] Bremond, Claude (1973). Logique du récit, Paris : Seuil.
[30] Chatman, Seymour (1978). Story and Discourse: Narrative Structure in Fiction
and Film, Cornell University Press, Ithaca and London.
[31] Compagnon, Antoine (1998). Le démon de la théorie : littérature et sens
commun, Paris, Éditions du Seuil.
[32] Doležel, Lubomír (1990). Occidental Poetics: Tradition and Progress, Lincoln:
University of Nebraska Press.
[33] Doležel, Lubomír (1998). Heterocosmica: Fiction and possible worlds, Johns
Hopkins University Press.
[34] Ferrer, Daniel:«Mondes possibles, mondes fictionnels, mondes construits et
processus de genèse», Genesis, 30, 2010, mis en ligne le 30 mai 2012,
consulté le 01 octobre 2016. URL : http://genesis.revues.org/127.
[35] Gérard genette (1969). «Vraisemblance et Motivation», in Figures II, Paris :
Éditions du Seuil.
[36] Propp, Vladimir (1970). Morphologie du conte, Paris : Seuil.
[37] Ricœur, Paul (1983). Temps et récit, Tome I, Éditions du Seuil, Paris.
[38] Ricœur, Paul (1990). Soi-même comme un autre, Éditions du Seuil, Paris,
1990.
[39] Ronen, Ruth (1994). Possible Worlds in Literary Theory, Cambridge:
Cambridge University Press.
[40] Ryan, Marie-Laure (1991). Possible Worlds, Artificial Intelligence and
Narrative Theory, Bloomington: Indiana University Press.
[41] Todorov, Tzvetan (1970). Introduction à la littérature fantastique, Paris: Seuil.
[42] Wright, Georg H. Von (1951). An Essay in Modal Logic, Amsterdam: NorthHolland Publishing Company, Elsevier Science.
‫املكّي العايدي‬
766
Necessary and Possible as Fictional Criterion
Aydi Mekki
Laboratory of Narratology and Interdisciplinary Studies,
Manouba University, Tunisia
Abstract. This paper deals with the question of “necessary and possible” from two
main angles: The first angle of view relates the necessary and possible binary to
modality as a logical philosophical category, which is based on an objective
Aristotelian concept that confines the two-valued truth criterion to conformity with
reality, and illustrates the modification and expansion of this binary within the
framework of many-valued modal logic and possible worlds semantics. And then we
show how this duet turned out to be in literary fiction semantics and becomes an
essential tool in the typology and construction of fictional worlds. The second angle
of view relies on necessary and possible as a specific fictional criterion for the
internal structure of fictional world, on the one hand, and its relationship to the
existence, on the other.
Based on all of the above, we have seen that the presence of necessary and possible
in Aristotle's Poetics as the first book in which this pair is carried out of the logic,
before we trace this presence in contemporary narratives and possible worlds theory.
Accordingly, we could consider two outstanding issues of fiction relating to
necessary and possible both in their ancient Aristotelian form and in their expanded
contemporary image. The first relates to what the fictional world is about to portray
from the experience of existence, and the second to the role of necessary-based and
possible logical measures in shaping the internal structure of fictional world.
How to attend the necessary and possible in the literary lesson? What are the
meanings that are likely to come out to this new area? Is their role limited to
building the internal fictional world or beyond it to the relationship of artistic work
abroad? If relations in the artistic world are of the genus of real-world relations,
where is the freedom of the artist to overcome the possible and necessary
compulsions of real life?
Keywords: possible, necessary, modality, modal logic, fictional world, possible
world.
Download