Uploaded by Roba ahmed

بحث الكفايات

advertisement
‫الناجحون في الحياة‬
‫أرائك من حرير‪،‬‬
‫بشر مثلُنا لم يولدوا على‬
‫َ‬
‫الناجحون في الحياة هم ٌ‬
‫ولم يعيشوا في قصور من الياقوتِ‪ ،‬بل إنهم يأكلون كما نأكلُ‪،‬‬
‫نشرب‪ ،‬وينامون كما ننا ُم‪ ،‬لكنهم قو ٌم اكتشفوا‬
‫ويشربون كما‬
‫ُ‬
‫ذواتهم‪ ،‬وعرفوا قدراتهم؛ فأحسنوا توظيفَها وش َّمروا عن سواعد‬
‫خططون في‬
‫الجدِ‪ ،‬ونبذوا الت‬
‫يفكرون ويُ ِ‬
‫سويف والكسل‪ ،‬وأخذوا ِ‬
‫َ‬
‫القيام به‪ ،‬فإذا ت َّمت‬
‫رويَّة واستشارة ذوي اآلراء السديدة لما ينوون‬
‫َ‬
‫خارطة العمل‪ ،‬و ُجمعت أدواته‪ ،‬بدؤوا التنفيذ بكل دقَّة‪ ،‬حتى إذا تم‬
‫وجف عرقهم‪ ،‬ورأوا إعجاب الناس بهم ‪ -‬قالوا( ‪:‬نجحنا‪!).‬‬
‫عملهم‪،‬‬
‫َّ‬
‫أيها المسلم الحبيب‪ ،‬إن قطار الحياة ال يهت ُّم بالجالسين على قارعة‬
‫الطريق‪ ،‬وإن الرغبة في إنجاز عمل يفوق قدراتك‪ ،‬أو تحقيق هدف‬
‫دون تخطيط مسبق‪ ،‬ال يخر ُج عن كونه ضربًا من األماني‬
‫لطير ُكسر جناحاه أن يطير؟! وكيف‬
‫والخيال‪ ،‬قل لي بربك‪ :‬كيف‬
‫ٍ‬
‫يدخل سباقًا َمن ُ‬
‫فشمر‬
‫درا على اإلنجاز‪ِ ،‬‬
‫شلَّت رجاله؟! فإذا كنت قا ً‬
‫عن ساعديك‪ ،‬واحتجز إزارك‪ ،‬ورتِب أولوياتك‪ ،‬فإذا عزمت فتو َّكل‬
‫مستمر‪،‬‬
‫تنافس وسباق‬
‫على هللا‪ ،‬وهللا معك‪ ،‬واعلم أن األقوياء في‬
‫ٍ‬
‫ٍ‬
‫واأليام دول‪ ،‬والزمان ال يعود‪.‬‬
‫أخي الحبيب‪ ،‬إذا أردت النجاح فإياك والعجلةَ‪ ،‬قال بعض‬
‫الحكماء" ‪:‬إياك والعجلة؛ فإن العرب تكنيها" ‪:‬أ ّم الندامة"؛ ألن‬
‫صاحبها يقول قبل أن يعلم‪ ،‬ويجيب قبل أن يفهم‪ ،‬ويعزم قبل أن‬
‫يجرب‪ ،‬ويذم قبل أن‬
‫يف ِّ ّكر‪ ،‬ويقطع قبل أن يقدر‪ ،‬ويحمد قبل أن ِّ ّ‬
‫ي ْخبُر‪ ،‬ولن يصحب هذه الصفة أح ٌد إال ص ِّحب الندامة‪ ،‬واعتزل‬
‫السالمة"؛( زهر اآلداب؛ للقيرواني ج‪ 3‬ص‪: 942).‬‬
‫واعلم أن لكل بداية نهاية‪ ،‬وكل آ ٍ‬
‫ت قريب‪ ،‬والعبرة بالخواتيم‪ ،‬ولكن‬
‫عملت؟ ألن النهاية قَ ُربت‪،‬‬
‫المه َّم ماذا زرعت؟ وماذا قلت؟ وماذا‬
‫َ‬
‫ً‬
‫مجاال‪.‬‬
‫والناقدون ينتظرون منك هفوة؛ فال تترك لهم‬
‫هذه هي الحياة‪ ،‬أهل الثناء قليل‪ ،‬فال تنتظرهم‪ ،‬وال َيشغلنَّك أهل‬
‫صبوا أنفسهم بالمرصاد على قارعة طريق‬
‫النقد؛ فما أكثرهم! قوم ن َّ‬
‫أهل البناء والمجد؛ ليعثروا أقدامهم عن المسير‪ ،‬والمواصلة‪ ،‬ال‬
‫لشيء إال لعجزهم أن يكونوا مثلَهم؛ فاضطروا لذلك حسدًا من عند‬
‫أنفسهم‪ ،‬فال هم نجحوا في الحياة‪ ،‬وال تركوا الفرصة لغيرهم‪ ،‬فما‬
‫أحقرهم! ساء ما يفعلون!‬
‫تحقيق األهداف يا سادة يحتاج من صاحبه إلى عمل دؤوب بالليل‬
‫والنهار‪ ،‬وتضحية بالمال واألوقات‪ ،‬وقلة نوم‪ ،‬وهجر للشهوات‪،‬‬
‫ولكن ما ألذَّ النهايات‪ ،‬التي تُنسي صاحبَها في ساعة إعالن النجاح‬
‫الجد والنجاح‪ ،‬وأ َّما ما‬
‫ك َّل معاناة مرت به طريقه! فهذه عواقب ِ‬
‫سواه فال يحصد إال ما جنى‪ ،‬فـالجزاء من جنس العمل‪ ،‬وصدق‬
‫الشاعر في قوله‪:‬‬
‫الشر يحص ْد في عواقبه ♦♦♦ندامةً‪ ،‬ولحصد‬
‫يزرع‬
‫من‬
‫َّ‬
‫ِّ‬
‫الزرع إبَّان‬
‫فكن ممن يزرع َبذرة الخير‪ ،‬فإن لم تزرع فابذل الثناء لزارعها‬
‫وساقيها‪.‬‬
‫أخي القارئ‪ ،‬كم عشنا الماضي فضاع منا‪ ،‬وها نحن نعيش‬
‫الحاضر ونراه يتفلَّت كتفلُّت اإلبل في عقلها‪َّ ،‬‬
‫فهال حافظنا على ما‬
‫َ‬
‫بقي من حاضرنا؛ لنجعله محطة تفكير لما ينبغي فعله في المستقبل؟‬
‫إن الذي ينشغل بماضيه فإنما يضيع وقته‪ ،‬ويتلف عقله‪ ،‬ويعطل‬
‫يستمر‬
‫قدراته عن العطاء‪ ،‬ويكون عالةً على المجتمع‪ ،‬فمن أجل أن‬
‫َّ‬
‫وفكر في يومك الذي أنت‬
‫عطاؤك أخي الحبيب ال تنشغل باألمس‪ِ ،‬‬
‫فيه‪ :‬ما الذي يجب عليك أن تقدِمه لنفسك ولآلخرين؟ الناس تنتظر‬
‫منك أن تقدِم لها شيئًا‪ ،‬فإذا كنت في بلد فال ترحل عنه حتى تصنع‬
‫شيئًا فيه خير للناس‪ ،‬أو تقول فكرة‪ ،‬فإن لم تجده فابذر بذرة صالحة‬
‫أجرا‪ ،‬هكذا ينبغي أن‬
‫ينتفع بها َمن بعدك‪،‬‬
‫وتحصل بها عند هللا ً‬
‫ِ‬
‫تكون‪.‬‬
‫وإياك واألنانيةَ؛ فهي داء خطير عافانا هللا وإياكم‪ ،‬فعندما جاء‬
‫تقوي روابط‬
‫اإلسالم كان من أهم أهدافه زرع المبادئ الحميدة التي ِ‬
‫المحبة بين جميع فئات المسلمين‪ ،‬وجعل وجودها من كمال اإليمان‪،‬‬
‫وقد أثنى هللا على األنصار الذين تبوؤوا الدار واإليمان‪ ،‬ووصفهم‬
‫صةٌ ﴾ [الحشر‪:‬‬
‫بقوله ‪َ ﴿:‬ويُؤْ ِث ُرونَ َ‬
‫صا َ‬
‫علَى أَ ْنفُ ِس ِه ْم َولَ ْو َكانَ ِب ِه ْم َخ َ‬
‫ُ‬
‫يحب ألخيه‬
‫يؤمن أحدكم حتى‬
‫‪ ،]9‬وبقوله صلى هللا عليه وسلم(( ‪:‬ال‬
‫َّ‬
‫يحب لنفسه))؛ رواه البخاري ومسلم‪.‬‬
‫ما‬
‫ُّ‬
‫فهذا مبدأ عظيم يغرسه الرسول صلى هللا عليه وسلم في قلوب‬
‫أصحابه خاصة‪ ،‬وفي قلوب المسلمين عامة‪ ،‬ومن أهم أهداف هذا‬
‫المبدأ نبذ األنانية من نفوس المسلمين عامة‪.‬‬
‫فيا أيها السادة األعزاء‪ ،‬إن األنانيَّة دا ٌء خطير منبوذ من الشريعة‬
‫اإلسالمية‪ ،‬وقد َّ‬
‫مرارا على التركيز على محو هذا‬
‫حث اإلسالم‬
‫ً‬
‫الداء من نفوس المسلمين؛ فانتقل من نبذه عن األفراد إلى نبذه عن‬
‫المجتمع‪ ،‬ومن ذلك الجيران؛ قال صلى هللا عليه وسلم(( ‪:‬من بات‬
‫وجاره جائع وهو يعلم‪ ،‬فقد ب ِّرئتْ منه ذمة هللا‪)).‬‬
‫ُ‬
‫يحب للناس ما‬
‫غير محبوب من الناس؛ ألنه ال‬
‫ُّ‬
‫فالرجل األناني ُ‬
‫يحب لنفسه؛ فهو يتتبع مواطن الخير خفية دون أن يعلمه أحدٌ‪،‬‬
‫ُّ‬
‫ويذهب بالظالم حتى ال يراه اآلخرون‪ ،‬فيسبقوه إلى ما يريد‪.‬‬
‫الطباع‪ ،‬حقود‪ ،‬حسود‪ ،‬ولئن قلت‪ :‬إنه‬
‫ستنف ُع بغيره وال ينفعهم‪ ،‬لئيم ِ‬
‫أش ُّد لؤ ًما من الذئب ما بالغت!‬
‫يعمل في الخفاء وال يُش ِعر به أحدًا؛ ليحوز ما يريد؛ حتى ال يحسده‬
‫ُ‬
‫جربه‬
‫اآلخرون‪ ،‬فهو بئس‬
‫الرفيق في السفر والخليفة في األهل! َمن َّ‬
‫عرفه‪ ،‬وعاف صحبته وطبعه‪ ،‬إذا احتاجك صاحبَك‪ ،‬وإذا احتجته‬
‫تمعَّر وجهه‪ ،‬وتلون‪ ،‬وطلب العودة إلى الديار‪ ،‬وأبدى العلل‬
‫ُ‬
‫الرفيق والصديق‪ ،‬ال يحقق إال مناه‪ ،‬وال يمشي إال‬
‫واألعذار‪ ،‬فبئس‬
‫َّ‬
‫وطالع‬
‫في هواه! فاحذره وال تعتمد عليه‪ ،‬وإن قال‪ :‬أنا ابن جال‬
‫خير من شاب فتي ٍ( أناني في‬
‫الثنايا‪ ،‬فصحبة شيخٍ كبير السن وقور ٌ‬
‫الخير‪).‬‬
‫مجمع عبل للبنات‬
‫‪1441‬‬
‫ثاني ثانوي "ادبي"‬
‫المستوى ‪ :‬الثالث‬
‫كفايات لغويه‬
‫الناجحون في التواصل هم الناجحون في الحيا ة‬
‫أسماء الطالبات‪ :‬رنا مسفر _ريم علي‬
‫استاذه‪ :‬هيا آل محيا‬
Download