Uploaded by NURAYN SOBUR

جلسة الاستراحة

advertisement
‫جلسة االستراحة في الصالة‬
‫وبعض ما يتعلق بها من أحكام‬
‫إن الحمد هلل نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ باهلل من شرور أنفسنا‬
‫ومن سيئات أعمالنا‪ ،‬من يهده هللا فال مضل له‪ ،‬ومن يضلل فال هادي له‪،‬‬
‫وأشهد أن ال إله إال هللا وحده ال شريك له وأشهد أن محمدا ً عبده ورسوله‪.‬‬
‫أما بعد‪:‬‬
‫أخي الحبيب‪:‬‬
‫هذه مسألة من المسائل التي تتعلق بالصالة وهي مسألة (جلسة االستراحة)‪،‬‬
‫وقد اختلف العلماء رحمهم هللا قديما ً وحديثا ً في ُحكمها وفي ُحكم بعض‬
‫المسائل التي تتعلق بها‪.‬‬
‫ولكل منهم دليله ومستنده فيما ذهب إليه‪ ،‬لذلك ينبغي على ال ُمسلم أن يسعه‬
‫ٍّ‬
‫في هذه المسالة وغيرها من المسائل الخالفية ما وسع سلف هذه األمة‪ ،‬إذ‬
‫الخالف فيه سائغ وممنوع والسائغ منه راجح ومرجوح‪.‬‬
‫وعلى ال ُمسلم أن يدين هللا عز وجل بما ترجح لديه وأال يحمله التعصب‬
‫والتقليد أن يُنكر على إخوانه ال ُمسلمين ما أداه إليه اجتهادهم واطمأنت إليه‬
‫نُفوسهم‪.‬‬
‫وهذه بعض المسائل واألحكام التي تتعلق بهذه المسألة وهي على النحو‬
‫التالي‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬تعريف جلسة االستراحة‪:‬‬
‫جلسة االستراحة‪ :‬هي جلسة خفيفة يجلسها ال ُمصلي بعد الفراغ من السجدة‬
‫الثانية من الركعة األولى قبل النهوض إلى الركعة الثانية وبعد الفراغ من‬
‫السجدة الثانية من الركعة الثالثة قبل النهوض إلى الركعة الرابعة وليس لها‬
‫ذكر مخصوص‪.‬‬
‫أي إذا فرغ ال ُمصلي من الركعة األولى وأراد أن يقوم للركعة الثانية جلس‬
‫جلسة خفيفة ثم قام وإذا فرغ من الركعة الثالثة وأراد أن يقوم للركعة‬
‫الرابعة جلس جلسة خفيفة ثم قام‪.‬‬
‫وتسمى هذه الجلسة ( جلسة األوتار ) ألنها تكون بعد الركعات الوترية "‬
‫األولى والثالثة " في الصالة‪.‬‬
‫قال الشيخ ابن عثيمين رحمه هللا‪ ( :‬جلسة االستراحة هي‪ :‬التي تكون عند‬
‫القيام إلى الركعة الثانية أو الرابعة في الرباعية يعني تكون في الرباعية في‬
‫موضعين عند القيام للركعة الثانية وعند القيام للركعة الرابعة وفي الثالثية‬
‫والثنائية في موضع واحد وهو عند القيام للركعة الثانية ) أهـ‪ ( .‬مجموع‬
‫فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين جـ‪ 13‬ص ‪.) 230‬‬
‫ثانيا ً ‪ُ -‬حكم جلسة االستراحة‪:‬‬
‫اتفق العلماء على أن جلسة االستراحة ليست من واجبات الصالة‪.‬‬
‫ولكن اختلفوا في ُحكمها هل هي سنة أم ال؟ على ثالثة أقوال‪:‬‬
‫القول األول‪:‬‬
‫سنة ُمستحبة ُمطلقا ً وهو مذهب الشافعية في المشهور ورواية عند‬
‫أنها ُ‬
‫الحنابلة‪.‬‬
‫قال النووي رحمه هللا‪ ( :‬وبه قال مالك بن الحويرث وأبو حميد وأبو قتادة‬
‫وجماعة من الصحابة رضي هللا عنهم وأبوقالبة وغيره من التابعين ) أهـ‪( .‬‬
‫المجموع شرح المهذب جـ‪ 3‬ص‪.) 443‬‬
‫ودليل هذا القول‪:‬‬
‫‪ -1‬حديث مالك بن ال ُحويرث رضي هللا عنه‪ ( :‬أنه رأى النبي صلى هللا‬
‫عليه وسلم يُصلي فإذا كان في وتر من صالته لم ينهض حتى يستوي قاعدا ً‬
‫) رواه البخاري (‪.)823‬‬
‫وتر من صالته )‪ :‬يعني الركعات الفردية غير الزوجية وهما‬
‫وقوله‪ ( :‬في ٍّ‬
‫الركعتان األولى والثالثة‪.‬‬
‫وفي رواية أخرى عند البخاري (‪ )824‬عن أبي قالبة قال‪ ( :‬جاءنا مالك‬
‫بن الحويرث فصلى بنا في مسجدنا هذا فقال‪ :‬إني ألصلي بكم وما أريد‬
‫الصالة ولكن أريد أن أريكم كيف رأيت النبي صلى هللا عليه وسلم يصلي؟‬
‫قال أيوب‪ :‬فقلت ألبي قالبة‪ :‬وكيف كانت صالته؟ قال‪ :‬مثل صالة شيخنا‬
‫هذا ‪ -‬يعني عمرو بن سلمة ‪ -‬قال أيوب‪ :‬وكان ذلك الشيخ " يتم التكبير وإذا‬
‫رفع رأسه عن السجدة الثانية جلس واعتمد على األرض ثم قام )‪.‬‬
‫وفي رواه عند أبوداود (‪ )842‬صححها الشيخ األلباني رحمه هللا في‬
‫صحيح أبي داود (‪.)748‬‬
‫عن أبى قالبة قال‪ ( :‬جاءنا أبو سليمان مالك بن الحويرث إلى مسجدنا فقال‪:‬‬
‫وهللا إنى ألصلى بكم وما أريد الصالة ولكنى أريد أن أريكم كيف رأيت‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يصلى؟ قال‪ :‬قلت‪ :‬ألبى قالبة كيف صلى؟‬
‫قال‪ :‬مثل صالة شيخنا هذا يعنى عمرو بن سلمة إمامهم وذكر أنه كان إذا‬
‫رفع رأسه من السجدة اآلخرة في الركعة األولى قعد ثم قام )‪.‬‬
‫وفي رواية عند أحمد (‪ :)20558‬عن أبي قالبة قال‪ ( :‬جاء أبو سليمان‬
‫مالك بن الحويرث إلى مسجدنا فقال‪ :‬وهللا إني ألصلي وما أريد الصالة‬
‫ولكني أريد أن أريكم كيف رأيت النبي صلى هللا عليه وسلم يصلي؟ قال‪:‬‬
‫فقعد في الركعة األولى حين رفع رأسه من السجدة األخيرة ثم قام )‪.‬‬
‫وفي رواية أخرى عند أحمد (‪ )20539‬قيَّدها بالركعتين األولى والثالثة‬
‫وفيها‪ :‬قال أبو قِالبة‪ ( :‬فصلى صالة كصالة شيخنا هذا يعني عمرو بن‬
‫س ِلمة ال َج ْرمي وكان يؤم على عهد النبي صلى هللا عليه وسلم قال أيوب‪:‬‬
‫َ‬
‫فرأيت عمرو بن سلمة يصنع شيئا ً ال أراكم تصنعونه كان إذا رفع من‬
‫السجدتين استوى قاعدا ً ثم قام من الركعة األولى والثالثة )‪.‬‬
‫وقالوا‪ :‬ومما يؤيد القول باستحبابها أن راويها مالك بن الحويرث هو راوي‬
‫حديث‪ ( :‬صلوا كما رأيتموني أصلي ) رواه البخاري (‪ )631‬فحكايته‬
‫لصفة صالة النبي صلى هللا عليه وسلم ُمعتبرة فكأنه يُفسر بها هذا األمر‬
‫الذي رواه‪.‬‬
‫قال الحافظ ابن حجر رحمه هللا في فتح الباري شرح صحيح البخاري (جـ‪2‬‬
‫ص‪ )302‬عند شرحه لحديث مالك بن ال ُحويرث‪ ( :‬وفيه مشروعية جلسة‬
‫االستراحة وأخذ بها الشافعي وطائفة من أهل الحديث وعن أحمد روايتان‬
‫وذكر الخالل أن أحمد رجع إلى القول بها ولم يستحبها األكثر واحتج‬
‫الطحاوي بخلو حديث أبي حميد عنها فإنه ساقه بلفظ‪ " :‬فقام ولم يتورك "‬
‫وأخرجه أبوداود أيضا ً كذلك قال‪ :‬فلما تخالفا احتمل أن يكون ما فعله في‬
‫حديث مالك بن الحويرث لعلة كانت به فقعد من أجلها ال أن ذلك من سنة‬
‫الصالة ثم قوى ذلك بأنها لو كانت مقصودة لشرع لها ذكر مخصوص‬
‫وتعقب بأن األصل عدم العلة وبأن مالك بن الحويرث هو راوي حديث "‬
‫صلوا كما رأيتموني أصلي" فحكايته لصفات صالة رسول هللا صلى هللا‬
‫عليه وسلم داخلة تحت هذا األمر ) أهـ‪.‬‬
‫ساعدي في وصفه لصالة النبي صلى هللا عليه وسلم‬
‫‪ -2‬حديث أبي ُح َميد ال َّ‬
‫وفيه‪ ( :‬ثم هوى ساجدا ً ثم قال‪ :‬هللا أكبر ثم ثنى رجله وقعد واعتدل حتى‬
‫يرجع كل عظم في موضعه ثم نهض ) رواه الترمذي (‪ )304‬وابن ُخزَ يمة‬
‫(‪ )685‬وأحمد (‪ )23647‬وصححه الشيخ األلباني رحمه هللا في إرواء‬
‫الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل ( جـ‪ 2‬ص ‪.) 14‬‬
‫ورجح هذا القول الشيخ ابن باز رحمه هللا‪.‬‬
‫سنة وليست واجبة هذا هو الصحيح وقال‬
‫قال رحمه هللا‪ ( :‬الحاصل أنها ُ‬
‫سنة في حق العاجز كالمريض والشيخ الكبير والثقيل‬
‫بعض أهل العلم أنها ُ‬
‫سنة ُمطلقا ً وإذا تركها بعض‬
‫من أجل السمنة ونحو ذلك واألرجح أنها ُ‬
‫األحيان فال بأس ) أهـ‪ ( .‬فتاوى نور على الدرب جـ‪ 2‬ص‪) 327‬‬
‫القول الثاني‪:‬‬
‫سنة ُمطلقا ً وهو مذهب المالكية والحنفية والرواية األخرى عند‬
‫أنها ليست ُ‬
‫الحنابلة وقال بذلك الثـوري وأبو الزيـاد وإسحاق بن راهويه‪.‬‬
‫وروي ذلك عن عمر وعلي وابن مسعود وابن عمر وابن عباس رضي هللا‬
‫ُ‬
‫عنهم‪.‬‬
‫قال الترمذي‪ :‬وعليه العمل عند أهل العلم‪.‬‬
‫ودليل هذا القول‪:‬‬
‫‪ -1‬حديث ( المسيء في صالته ) وقالوا‪ :‬لم يرد ذكر هذه الجلسة في تعليم‬
‫النبي صلى هللا عليه وسلم للمسئ في صالته ولو كانت مشروعة لذكرها له‪.‬‬
‫ونُوقش هذا الدليل‪:‬‬
‫بأن النبي صلى هللا عليه وسلم إنما علمه الواجبات فقط دون المسنونات‪.‬‬
‫‪ -2‬حديث أبي حميد الساعدي‪ ( :‬ثم كبر فسجد ثم كبر فقام ولم يتورك )‬
‫رواه أبوداود (‪ )733‬والبيهقي (‪ )2749‬وابن حبان (‪.)1866‬‬
‫ونُوقش هذا الدليل‪:‬‬
‫بأن هذا الحديث ضعيف قال الشيخ األلباني رحمه هللا في ضعيف أبي داود‬
‫(‪ ( :)171‬قلت‪ :‬حديث ضعيف بهذا السياق وعلته عيسى بن عبد هللا هذا‬
‫قال ابن المديني‪:‬‬
‫" مجهول " وقد أخطأ في موضعين منه‪ :‬اإلسناد والمتن‪.‬‬
‫أما األول فقال‪ :‬عن محمد بن عمرو بن عطاء عن عباس ‪ -‬أو عياش ‪ -‬بن‬
‫سهل الساعدي‪.‬‬
‫والصواب‪ :‬عن محمد بن عمرو عن أبي حميد ليس بينهما عباس ‪ -‬أو‬
‫عياش – هذا‪.‬‬
‫وأما األخر فهو ذكره التورك بين السجدتين ولم يذكره في التشهد األخير‬
‫والصواب خالفه أي‪ :‬أن التورك في التشهد ال بين السجدتين ) أهـ‪.‬‬
‫‪ -3‬حديث النعمان بن أبي عياش قال‪ ( :‬أدركت غير واحد من أصحاب‬
‫النبي صلى هللا عليه وسلم فكان إذا رفع رأسه من السجدة في أول ركعة‬
‫والثالثة قام كما هو ولم يجلس ) رواه ابن أبي شيبة (‪.)3989‬‬
‫ونُوقش هذا الدليل‪:‬‬
‫بأن ترك بعض الصحابة لها ال يقدح في عدم سنيتها ألن ترك ما ال يجب‬
‫جائز‪.‬‬
‫‪ -4‬قالوا‪ :‬سائر من وصف صالته صلى هللا عليه وسلم لم يذكر هذه الجلسة‬
‫وإنما ذكرت في حديث أبي حميد ومالك بن الحويرث‪.‬‬
‫ولو كان هديه صلى هللا عليه وسلم فعلها دائما ً لذكرها كل من وصف‬
‫صالته صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬
‫وقالوا أيضاً‪ :‬يحتمل أن ما فعله النبي صلى هللا عليه وسلم في حديث مالك‬
‫لعلة كانت به فقعد من أجلها ولو كانت مشروعة لشرع لها ذكر خاص‪.‬‬
‫ونُوقش هذا الدليل‪:‬‬
‫سنة بل يُحمل على نفي الوجوب فقط وكذلك‬
‫بأن حديث وائل ال يُنافي كونها ُ‬
‫يُحمل عليه حديث أبي حميد النافي له‪.‬‬
‫وحجتهم الثانية‪ :‬يُرد عليها أن السنن ال ُمتفق عليها كال ُمجافاة وغيره لم‬
‫يستوعبها كل من وصف صالته صلى هللا عليه وسلم إنما أخذت من‬
‫مجموعهم‪.‬‬
‫وقولهم‪ :‬يحتمل أن فعله صلى هللا عليه وسلم لها لعله به يُرد عليه بأن‬
‫األصل عدم العلة ومالك راوي هذه الجلسة هو راوي ( صلوا كما رأيتموني‬
‫أصلي ) فحكايته لصفات صالته صلى هللا عليه وسلم داخلة تحت هذا‬
‫األمر‪.‬‬
‫ولم يشرع لها ذكر مخصوص ألنها جلسة خفيفة جدا ً استغنى فيها بالتكبير‬
‫المشروع للقيام‪.‬‬
‫القول الثالث‪:‬‬
‫التفصيل فإن كان ال ُمصلي ُمحتاجا ً لهذه الجلسة لثقل بدنه أو مرضه أو‬
‫شيخوخته فيشق عليه القيام ُمباشرة فيجلس ومن ال يشق عليه فال يجلس‪.‬‬
‫وحملوا الحديث السابق الذي رواه البخاري (‪ )823‬عن مالك بن الحويرث‪:‬‬
‫( أنه رأى النبي صلى هللا عليه وسلم يُصلي فإذا كان في وتر من صالته لم‬
‫ينهض حتى يستوي قاعدا ً ) أنه ذلك كان في آخر حياته صلى هللا عليه وسلم‬
‫عندما ثقل بدنه وضعف‪.‬‬
‫ألن مالك بن الحويرث قدم على النبي صلى هللا عليه وسلم وهو يتجهز في‬
‫غزوة تبوك والنبي صلى هللا عليه وسلم في ذلك الوقت قد كبر وبدأ به‬
‫الضعف‪.‬‬
‫روى مسلم (‪ )1745‬عن عائشة رضي هللا عنها قالت‪( :‬لما بدن رسول هللا‬
‫صلى هللا عليه و سلم وثقل كان أكثر صالته جالسا ً )‪.‬‬
‫وسألها عبد هللا بن شقيق‪ ( :‬هل كان النبي صلى هللا عليه و سلم يصلي وهو‬
‫قاعد؟ قالت نعم بعدما حطمه الناس ) رواه مسلم (‪.)1742‬‬
‫وقالت حفصة رضي هللا عنها‪ ( :‬ما رأيت رسول هللا صلى هللا عليه و سلم‬
‫صلى في سبحته قاعدا ً حتى كان قبل وفاته بعام فكان يصلي في سبحته‬
‫قاعدا ً ) رواه مسلم (‪.)1746‬‬
‫ويؤيد ذلك أن في حديث مالك بن الحويرث ذِكر االعتماد على األرض‬
‫واالعتماد على الشيء إنما يكون عند الحاجة إليه‪.‬‬
‫واختار هذا القول ابن القيم وابن قدامة ورجحه الشيخ ابن جبرين والشيخ‬
‫ابن عثيمين والشيخ عبد هللا بن عقيل رحم هللا الجميع‪.‬‬
‫قال ابن القيم رحمه هللا‪ ( :‬واختلف الفقهاء فيها – أي في جلسة االسترحة ‪-‬‬
‫هل هي من سنن الصالة فيُستحب لكل أحد أن يفعلها أو ليست من السنن‬
‫وإنما يفعلها من احتاج إليها؟ على قولين هما روايتان عن أحمد رحمه هللا‬
‫قال الخالل‪ :‬رجع أحمد إلى حديث مالك بن ال ُحويرث في جلسة االستراحة‬
‫سئل عن النهوض فقال‪ :‬على‬
‫وقال‪ :‬أخبرني يوسف بن موسى أن أبا أمامة ُ‬
‫صدور القدمين على حديث رفاعة‪.‬‬
‫ُ‬
‫صدور قدميه وقد‬
‫وفي حديث ابن عجالن ما يدل على أنه كان ينهض على ُ‬
‫روي عن عدة من أصحاب النبي صلى هللا عليه وسلم وسائر من وصف‬
‫صالته صلى هللا عليه وسلم لم يذكر هذه الجلسة وإنما ذكرت في حديث أبي‬
‫حميد ومالك بن ال ُحويرث‪.‬‬
‫ولو كان هديه صلى هللا عليه وسلم فعلها دائما ً لذكرها كل من وصف‬
‫صالته صلى هللا عليه وسلم و ُمجرد فعله صلى هللا عليه وسلم لها ال يدل‬
‫سنة يُقتدى به فيها‬
‫على أنها من سنن الصالة إال إذا علم أنه فعلها على أنها ُ‬
‫سنن الصالة فهذا‬
‫سنة من ُ‬
‫وأما إذا قدر أنه فعلها للحاجة لم يدل على كونها ُ‬
‫من تحقيق المناط في هذه المسألة ) أهـ‪ ( .‬زاد المعاد في هدي خير العباد‬
‫جـ‪ 1‬ص‪) 233‬‬
‫قال الشيخ ابن عثيمين رحمه هللا‪ ( :‬للعلماء في جلسة االستراحة ثالثة‬
‫أقوال‪:‬‬
‫القول األول‪ :‬االستحباب ُمطلقاً‪.‬‬
‫القول الثاني‪ :‬وعدم االستحباب ُمطلقاً‪.‬‬
‫القول الثالث‪ :‬التفصيل بين من يشق عليه القيام ُمباشرة فيجلس ومن ال يشق‬
‫عليه فال يجلس‪.‬‬
‫قال في المغني (جـ‪ 1‬ص‪ " :)529‬وهذا فيه جمع بين األخبار وتوسط بين‬
‫القولين" وذكر في الصفحة التي تليها عن علي بن أبي طالب رضي هللا‬
‫عنه‪ " :‬إن من السنة في الصالة المكتوبة إذا نهض الرجل في الركعتين‬
‫األوليين أن ال يعتمد بيديه على األرض إال أن يكون شيخا ً كبيرا ً ال يستطيع‬
‫" رواه األثرم ثم قال‪ :‬وحديث مالك " يعني ابن الحويرث "‪ " :‬أن النبي‬
‫صلى هللا عليه وسلم لما رفع رأسه من السجدة الثانية استوى قاعدا ً ثم اعتمد‬
‫على األرض " محمول على أنه كان من النبي صلى هللا عليه وسلم لمشقة‬
‫القيام عليه لضعفه وكبره فإنه قال عليه السالم‪ " :‬إني قد بدنت فال تسبقوني‬
‫بالركوع وال بالسجود " أهـ‪ .‬وهذا القول هو الذي أميل إليه أخيرا ً ) أهـ‪.‬‬
‫( مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين جـ‪ 13‬ص‬
‫‪.) 217‬‬
‫وقال أيضا ً رحمه هللا‪ ( :‬اختلف العلماء رحمهم هللا هل هي جلسة للراحة أو‬
‫جلسة للتعبد‪ :‬فمن قال أنها جلسة للراحة قال إنها ال تُسن إال عند الحاجة‬
‫إليها كأن يكون اإلنسان كبيرا ً في السن ال يستطيع النُهوض مرة واحدة أو‬
‫في ركبتيه وجع أو مريضا ً أو ما أشبه ذلك فإذا كان ُمحتاجا ً إليها فإنه يجلس‬
‫وفي هذه الحال تكون مشروعة من جهة أن ذلك أرفق به وما كان أرفق‬
‫بالمرء فهو أولى‪.‬‬
‫ومن العلماء من قال‪ :‬إنها جلسة عبادة وإنها مشروعة لكل مص ٍّل سواء كان‬
‫نشيطا ً أو غير نشيط‪.‬‬
‫ومنهم من قال‪ :‬إنها غير مشروعة ُمطلقاً‪.‬‬
‫فاألقوال إذا ً ثالثة وأرجح األقوال عندي‪ :‬أنها جلسة راحة ودليل ذلك أنها‬
‫ليس لها تكبير عند الجلوس وال عند القيام منها وليس فيها ذكر مشروع‬
‫وكل فعل مقصود فإنه يكون فيه ذكر مشروع فعلم بهذا أنها جلسة راحة‬
‫وأن اإلنسان إذا كان محتاجا ً إليها فليرح نفسه اقتدا ًء بنبيه صلى هللا عليه‬
‫وسلم وإال فال يجلس‪.‬‬
‫وهذا اختيار صاحب المغني واختيار ابن القيم في زاد المعاد وهو أرجح‬
‫األقوال فيما أرى ) أهـ‪.‬‬
‫( مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين جـ‪ 13‬ص‬
‫‪.) 221‬‬
‫ثالثاً‪ُ :‬حكم جلسة االستراحة للمأموم‪:‬‬
‫اختلف العلماء في ُحكم جلوس المأموم خلف إمامه في جلسة االستراحة في‬
‫الحاالت التالية‪:‬‬
‫الحالة األولى‪ :‬إذا كان اإلمام ال يجلس هذه الجلسة ألنه يرى عدم‬
‫مشروعيتها والمأموم يجلس ألنه يرى مشروعيتها ( أي يجلس المأموم هذه‬
‫الجلسة وال يجلسها اإلمام )‪.‬‬
‫الحالة الثانية‪ :‬إذا كان اإلمام يجلس هذه الجلسة ألنه يرى مشروعيتها‬
‫والمأموم ال يجلس ألنه ال يرى مشروعيتها ( أي يجلس اإلمام هذه الجلسة‬
‫وال يجلسها المأموم )‪.‬‬
‫الحالة الثالثة‪ :‬إذا كان اإلمام يجلس هذه الجلسة ألنه يرى مشروعيتها‬
‫والمأموم يجلس مثله اتباعا ً له سواء كان المأموم يرى مشروعيتها أو ال (‬
‫أي يجلس اإلمام والمأموم )‪.‬‬
‫وسبب الخالف في هذه المسألة هو‪ :‬هل جلوس المأموم في هذه الحال‬
‫وتأخره عن اإلمام ينافي ال ُمتابعة التي أمر بها النبي صلى هللا عليه وسلم أم‬
‫ال؟‬
‫أما الحالة األولى‪ :‬فذهب بعض العلماء إلى أن المأموم يجلس لالستراحة‬
‫ولو لم يجلسها اإلمام وكان تأخر المأموم في هذه الحال يسير ال يضر‪.‬‬
‫أما الحالة الثانية‪ :‬فلو كان اإلمام يجلس ألنه يرى مشروعيتها والمأموم ال‬
‫يجلس ألنه ال يرى مشروعيتها فال يجوز للمأموم أن يسبق إمامه بالقيام بل‬
‫يجلس اتباعا ً لإلمامه وال يسبقه بالفعل ألن سبق المأموم لإلمام في األفعال‬
‫الظاهرة يُنافي ال ُمتابعة ويُوقع في ال ُمخالفة التي حذر منها النبي صلى هللا‬
‫عليه وسلم بقوله ( إنما جعل اإلمام ليؤتم به فال تختلفوا عليه ) رواه‬
‫البخاري (‪ )722‬ومسلم (‪ )957‬عن أبي هريرة رضي هللا عنه‪.‬‬
‫أما الحالة الثالثة‪ :‬فهي األصل ألن موافقة اإلمام في األفعال أي ال ُمتابعة له‬
‫بأن يأتي المأموم بها بعد اإلمام مباشرة هو السنة‪.‬‬
‫وألن متابعة اإلمام واجبة ولذلك وجب على المأموم أن يتابع إمامه حتى في‬
‫ترك الواجب وذلك فيما لو قام اإلمام من التشهد األول سهوا ً فإن المأموم ال‬
‫يجلس ُمتابعةً لإلمام بل وقد يترك المأموم الركن من أجل ُمتابعة اإلمام كما‬
‫يدل لذلك حديث جابر رضي هللا عنه قال‪ ( :‬اشتكى النبي صلى هللا عليه و‬
‫سلم فصلينا وراءه وهو قاعد وأبو بكر يسمع الناس تكبيره فالتفت إلينا فرآنا‬
‫قياما ً فأشار إلينا فقعدنا فصلينا بصالته قعودا ً فلما سلم قال‪ :‬إن كدتم لتفعلوا‬
‫فعل فارس والروم يقومون على ملوكهم وهم قعود فال تفعلوا ائتموا بأئمتكم‬
‫إن صلى قائما ً فصلوا قياما ً وان صلى قاعدا ً فصلوا قعودا ً ) رواه البخاري‬
‫في األدب المفرد (‪ )948‬ومسلم (‪.)955‬‬
‫فالراجح في هذه المسألة هو ُمتابعة اإلمام فال يجلس المأموم في حالة عدم‬
‫جلوس اإلمام لها وهو اختيار شيخ اإلسالم ابن تيمية رحمه هللا ورجح هذا‬
‫القول الشيخ ابن عثيمين رحمه هللا وغيره من العلماء‪.‬‬
‫سئل شيخ اإلسالم ابن تيمية رحمه هللا‪ :‬في رجل يصلي مأموما ً ويجلس بين‬
‫ُ‬
‫الركعات جلسة االستراحة ولم يفعل ذلك اإلمام فهل يجوز ذلك له؟ وإذا‬
‫سرعة اإلمام؟‬
‫جاز‪ :‬هل يكون ُمنقصا ً ألجره ألجل كونه لم يُتابع اإلمام في ُ‬
‫فأجاب رحمه هللا بقوله‪ ( :‬جلسة االستراحة قد ثبت في الصحيح أن النبي‬
‫صلى هللا عليه و سلم جلسها لكن تردد العلماء هل فعل ذلك من كبر السن‬
‫للحاجة أو فعل ذلك ألنه من سنة الصالة‪.‬‬
‫فمن قال بالثاني‪ :‬استحبها كقول الشافعي وأحمد في إحدى الروايتين‪.‬‬
‫ومن قال باألول‪ :‬لم يستحبها إال عند الحاجة كقول أبي حنيفة ومالك وأحمد‬
‫في الرواية األخرى ومن فعلها لم يُنكر عليه وإن كان مأموما ً لكون التأخر‬
‫بمقدار ما ليس هو من التخلف المنهي عنه عند من يقول باستحبابها وهل‬
‫هذا إال فعل في محل اجتهاد فإنه قد تعارض فعل هذه السنة عنده وال ُمبادرة‬
‫إلى موافقة اإلمام فإن ذلك أولى من التخلف لكنه يسير فصار مثل ما إذا قام‬
‫من التشهد األول قبل أن يُكمله المأموم والمأموم يرى أنه مستحب أو مثل‬
‫أن يسلم وقد بقي عليه يسير من الدعاء هل يسلم أو يتمه؟‬
‫ومثل هذه المسائل هي من مسائل االجتهاد واألقوى أن متابعة اإلمام أولى‬
‫من التخلف لفعل ُمستحب وهللا أعلم ) أهـ‪ ( .‬الفتاوى الكبرى جـ‪ 2‬ص‪188‬‬
‫)‬
‫وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه هللا‪ ( :‬مسألة‪ :‬إذا كان اإلنسان مأموما ً فهل‬
‫يُسن له أن يجلس إذا كان يرى هذا الجلوس سنة أو متابعة اإلمام أفضل؟‬
‫الجواب‪ :‬أن ُمتابعة اإلمام أفضل ولهذا يترك الواجب وهو التشهد األول‬
‫ويفعل الزائد كما لو أدرك اإلمام في الركعة الثانية فإنه سوف يتشهد في‬
‫أول ركعة فيأتي بتشهد زائد من أجل ُمتابعة اإلمام بل يترك اإلنسان الركن‬
‫من أجل ُمتابعة اإلمام فقد قال النبي عليه الصالة والسالم‪ ( :‬إذا صلى قاعدا ً‬
‫فصلوا قعودا ً ) فيترك ركن القيام وركن الركوع فيجلس في موضع القيام‬
‫ويُومئ في موضع الركوع كل هذا من أجل ُمتابعة اإلمام‪.‬‬
‫فإن قال قائل‪ :‬هذه الجلسة يسيرة ال يحصل بها تخلف عن اإلمام‪.‬‬
‫فالجواب‪ :‬أن النبي صلى هللا عليه وسلم قال‪ ( :‬إذا ركع فاركعوا وإذا سجد‬
‫فاسجدوا وإذا كبر فكبروا ) فأتى بالفاء الدالة على الترتيب والتعقيب بدون‬
‫ُمهلة وهذا يدل على أن األفضل في حق المأموم أال يتأخر عن اإلمام ولو‬
‫يسيرا ً بل يُبادر بال ُمتابعة فال يُوافق وال يُسابق وال يتأخر وهذا هو حقيقة‬
‫االئتمام ) أهـ‪ ( .‬الشرح الممتع جـ‪ 3‬ص‪.) 192‬‬
‫رابعاً‪ :‬كيفية جلسة االستراحة‪:‬‬
‫للعلماء في كيفية جلسة االستراحة قوالن‪:‬‬
‫األول ‪ -‬يجلس ُمفترشا ً كصفة الجلوس بين السجدتين لحديث أبي ُح َميد‬
‫ساعدي عند ابن خزيمة ( جـ‪ 1‬ص ‪ 341‬ح‪ )685‬وفيه‪ ( :‬ثم ثنى رجله‬
‫ال َّ‬
‫اليسرى وقعد عليها واعتدل حتى يرجع كل عظم منه إلى موضعه ثم هوى‬
‫ساجدا ً وقال‪ :‬هللا أكبر ثم ثنى رجله وقعد فاعتدل حتى يرجع كل عظم إلى‬
‫موضعه ثم نهض )‪.‬‬
‫الرجل اليسرى فالجلسة تكون بأن يثني رجله‬
‫بالرجل المثنيَّة ِ‬
‫والمقصود ِ‬
‫الرجل اليمنى ثم يقعد على اليسرى وهي‬
‫اليسرى ‪ -‬أي يفرشها ‪ -‬وينصب ِ‬
‫تماثل الجلسة للتَّشهد األوسط‪.‬‬
‫وهذا مذهب الشافعي ورواية عن أحمد وهو الراجح‪.‬‬
‫الثاني ‪ -‬يجلس على أليتيه وهي رواية ثانية عن أحمد قال الخالل‪ :‬روي عن‬
‫أحمد ما ال أحصيه كثرة أنه يجلس على أليتيه‪.‬‬
‫قال القاضي أبو َي ْعلَى‪ :‬يجلس على قدميه وأليتيه مفضيا ً بهما إلى األرض‪.‬‬
‫خامساً‪ :‬كيفية النُهوض من جلسة االستراحة‪:‬‬
‫للعلماء في كيفية النُهوض من جلسة االستراحة قوالن‪:‬‬
‫األول ‪ -‬ينهض ُمعتمدا ً على يديه للحديث السابق عن مالك بن الحويرث‬
‫وفيه‪ ( :‬وإذا رفع رأسه من السجدة الثانية جلس واعتمد على األرض ثم قام‬
‫) وهذا مذهب مالك والشافعي‪.‬‬
‫صدور قدميه ُمعتمدا ً على ركبتيه أو واضعا ً كفيه على‬
‫الثاني ‪ -‬ينهض على ُ‬
‫فخذيه وهذا مذهب أحمد‪.‬‬
‫واحتج لها بحديث أبي هريرة رضي هللا عنه قال‪ ( :‬كان النبي صلى هللا‬
‫صدور قدميه ) رواه الترمذي (‪)288‬‬
‫عليه وسلم ينهض في الصالة على ُ‬
‫والبيهقي (‪ )231‬والطبراني (‪ )3409‬وضعفه الشيخ األلباني رحمه هللا في‬
‫اإلرواء (‪.)362‬‬
‫وبما ُروى عن وائل بن حجر قال‪ ( :‬وإذا نهض نهض على ركبتيه واعتمد‬
‫على فخذيه ) رواه أبوداود (‪ )736‬والطبراني (جـ‪ 22‬ص ‪ 28‬ح‪)60‬‬
‫وضعفه الشيخ االلباني رحمه هللا في إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار‬
‫السبيل (‪.)363‬‬
‫صدور قدميه ُمعتمدا ً على‬
‫قال ابن قدامة رحمه هللا‪ ( :‬ينهض إلى القيام على ُ‬
‫ركبتيه وال يعتمد على يديه قال القاضي‪ :‬ال يختلف قوله – أي أحمد – أنه‬
‫ال يعتمد على األرض سواء قلنا يجلس لالستراحة أو ال يجلس وقال مالك‬
‫سنة أن يعتمد على يديه في النهوض ألن مالك بن ال ُحويرث‬
‫والشافعي‪ :‬ال ُّ‬
‫قال في صفة صالة رسول هللا صلى هللا عليه وسلم " أنه لما رفع رأسه من‬
‫السجدة الثانية استوى قاعدا ً ثم اعتمد على األرض " رواه النسائي وألن‬
‫ذلك أعون لل ُمصلي ولنا ما روى وائل بن ُح ْجر قال‪ " :‬رأيت رسول هللا‬
‫صلى هللا عليه وسلم إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه وإذا نهض رفع يديه‬
‫قبل ركبتيه " رواه النسائي واألثرم وفي لفظ‪ " :‬وإذا نهض نهض على‬
‫ركبتيه واعتمد على فخذيه " وعن ابن عمر قال‪ " :‬نهى رسول هللا صلى هللا‬
‫عليه وسلم أن يعتمد الرجل على يديه إذا نهض في الصالة " رواهما‬
‫سنة في الصالة المكتوبة إذا‬
‫أبوداود وقال علي رضي هللا عنه‪ :‬إن من ال ُ‬
‫نهض الرجل من الركعتين األوليين أن ال يعتمد بيديه على األرض إال أن‬
‫يكون شيخا ً كبيرا ً ال يستطيع رواه األثرم ) أهـ‪ ( .‬المغني جـ‪ 1‬ص ‪.)380‬‬
‫سادساً‪ :‬هل تُرفع األيدي عند النُهوض من جلسة االستراحة؟‬
‫للعلماء في هذه المسالة قوالن والراجح أن األيدي ال تُرفع في الصالة إال‬
‫في أربعة مواضع‪ :‬عند تكبيرة اإلحرام وعند الركوع وعند الرفع منه وعند‬
‫القيام من التشهد األول‪.‬‬
‫فعن عبدهللا بن عمر رضي هللا عنهما قال‪ ( :‬رأيت النبي صلى هللا عليه‬
‫وسلم افتتح التكبير في الصالة فرفع يديه حين يكبر حتى يجعلهما حذو‬
‫منكبيه وإذا كبر للركوع فعل مثله وإذا قال‪ :‬سمع هللا لمن حمده فعل مثله‬
‫وقال‪ :‬ربنا ولك الحمد وال يفعل ذلك حين يسجد وال حين يرفع رأسه من‬
‫السجود ) رواه البخاري (‪.)738‬‬
‫وعن نافع أن ابن عمر رضي هللا عنهما‪ ( :‬كان إذا دخل الصالة كبر ورفع‬
‫يديه وإذا ركع رفع يديه وإذا قال سمع هللا لمن حمده رفع يديه وإذا قام من‬
‫الركعتين رفع يديه ورفع ذلك ابن عمر إلى نبي هللا صلى هللا عليه وسلم )‬
‫رواه البخاري (‪.)739‬‬
‫سابعاً‪ :‬متى يكبر للنهوض من جلس لالستراحة؟‬
‫للعلماء في هذه المسالة قوالن‪:‬‬
‫األول ‪ -‬إذا نهض من جلسة االستراحة قائماً‪.‬‬
‫الثاني ‪ -‬ينهي تكبيره عند انتهاء جلوسه ثم ينهض من غير تكبير وهو‬
‫الراجح‪.‬‬
‫قال ابن قدامة رحمه هللا‪ ( :‬يستحب أن يكون ابتداء تكبيره مع ابتداء رفع‬
‫رأسه من السجود وانتهاؤه عند اعتداله قائما ً ليكون مستوعبا ً بالتكبير جميع‬
‫الركن المشروع فيه وعلى هذا بقية التكبيرات إال من جلس جلسة االستراحة‬
‫فإنه ينتهي تكبيره عند انتهاء جلوسه ثم ينهض للقيام بغير تكبير‪.‬‬
‫وقال أبو الخطاب‪ :‬ينهض مكبرا ً وليس بصحيح فإنه يفضي إلى أن يوالي‬
‫بين تكبيرتين في ركن واحد لم يرد الشرع بجمعهما فيه ) أهـ‪ ( .‬المغني‬
‫جـ‪ 1‬ص‪.) 381‬‬
‫أخي الحبيب‪ ،‬أكتفي بهذا القدر وفيه الكفاية إن شاء هللا‪.‬‬
‫وأسأل هللا عز وجل أن يكون هذا البيان شافيا ً كافيا ً في توضيح المراد‬
‫وأسأله سبحانه أن يرزقنا التوفيق والصواب في القول والعمل‪.‬‬
‫وما كان من صواب فمن هللا وما كان من خطأ أو زلل فمنى ومن الشيطان‬
‫وهللا ورسوله من بريئان وهللا الموفق وصلي اللهم علي نبينا محمد وعلي آله‬
‫وأصحابه أجمعين‪.‬‬
‫وفي الختام أسأل هللا عز وجل لي ولكم ولجميع المسلمين العلم النافع والعمل‬
‫الصالح وآخر دعوانا أن الحمد هلل رب العالمين‪.‬‬
Download