Uploaded by Farah Al Hattab

Admi Cours

advertisement
‫القانون االداري االخاص‬
‫الباب األول ‪:‬المرافق العامة الكبرى‬
‫* فصل تمهيدي‪ :‬المرفق العام‬
‫أ‪ -‬تعريف المرفق العام ‪:‬‬
‫ان المرفق العام هو من المفاهيم األساسية في القانون اإلداري ‪ ،‬إعتبر العالمة ‪ Duguit‬الذي أسس " مدرسة المرفق العام " في مطلع‬
‫القرن العشرين أن فكرة المرفق العام تفسر كل القانون اإلداري‬
‫وفي نظر هذه المدرسة ( التي ضمت إلى ‪ ، Duguit , Jeze, Rolland‬وخصوصا ‪ ،) Bonnard‬القانون اإلداري هو قانون المرفق‬
‫العام ‪ ،‬والدولة هي مجموعة من المرافق العامة وعرف ‪ Rolland‬المرفق العام كما يلي‪:‬‬
‫"المرفق العام هو مشروع أو مؤسسة ذات منفعة عامة تعمل تحت إشراف الحكام لتلبية الحاجات الجماعية للجمهور"‬
‫إن فكرة المرفق العام وست أيضا في قرارات شهيرة صدرت عن مجلس الشورى الفرنسي ‪ ،‬ومحكمة حل الخالفات في أواخر القرن‬
‫التاسع عشر ‪ ،‬منه ‪ : TC , 8-2-1873 , Blanco .‬إعتبرت محكمة حل الخالفات في قرارها هذا ‪ ،‬أن مسؤولية السلطة عن األضرار‬
‫الناتجة عن المرافق العامة تخضع لقواعد خاصة تختلف عن قواعد المسؤولية المدنية التي تحكم عالقات األفراد بعضهم البعض اآلخر‪.‬‬
‫طبق مقياس المرفق العام على السلطات المحلية أيضا ‪ .‬وجاء في قرار ‪ Terier‬أن مقياس المرفق العام هو المقياس العام الذي يطبق على‬
‫النزاعات كافة ‪ ،‬حتى تلك التي تتعلق بنشاط السلطات المحلية كما طبق هذا المقياس على صعيد المحافظة ‪: : TC , 29-12-1908 .‬‬
‫‪Feutry‬‬
‫بما أن الدعوى ال تنسب إلى خطأ شخصي ألحد موظفي اإلدارة ومنفصل عن الوظيفة ‪ ،‬بل أن المستدعي يشكو من تنظيم و سير مرفق عام‬
‫عهد به إلى المحافظة‪.‬‬
‫وفي قرار ‪ Therond‬الصادر في ‪ 4-3 1910‬طبق مجلس الشورى مقياس المرفق العام على العقود التي تبرمها البلديات ‪ ،‬وهذه‬
‫القرارات تؤيد نظرية " مدرسة المرفق العام التي اعتبرت أن المرفق العام هو نشاط تديره السلطات اإلدارية بهدف تحقيق المصلحة العامة‬
‫( أي تلبية حاجات جماعية ) ۔‬
‫هذا التعريف يشيل المفهوم المادي للمرفق العام (نشاط من أجل تحقيق المصلحة العامة) والمفهوم الشكلي ( أي الجهاز اإلداري الذي‬
‫يمارس هذا النشاط ) ۔‬
‫وانتقد العالمة ‪ Mauriou‬مدرسة ‪ Duguit‬ألنها حصرت القانون اإلداري بالمرفق العام ‪ ،‬وحاولت القضاء على مفهوم السلطة العامة‬
‫الذي يأتي قبل مفهوم المرفق العام ‪.‬‬
‫واعترض االجتهاد بدوره على مدرسة المرفق العام " مما تسبب بأزمة المرفق العام " إذ الفصل المعيار المادي عن المعيار الشكلي منذ‬
‫قرار ‪ . Vezia‬وفي هذا القرار اعتبر مجلس الشورى أن المرافق العامة ال دار من قبل الدولة فقط ‪ ،‬بل من قبل المؤسسات الخاصة و‬
‫حتی من قبل األفراد‬
‫‪ .‬ونتيجة لهذا االجتهاد يفضل الفقه الحديث تعريف المرفق العام بمفهومه المادي ‪ ،‬دول التخلي کال عن المفهوم الشكلي‬
‫وبهذا الخصوص ‪ ،‬يؤكد الفقيهان ‪ Auty‬و ‪Ducos‬‬
‫كما أن العالمة ‪ de Laubadere‬يعطي األفضلية للمفهوم المادي‬
‫وبعد تعريف المرفق العام يجب البحث عن معيار المرفق العام‬
‫ب‪ -‬معيار المرفق العام ‪:‬‬
‫يجب التذكير هنا انه عندما تدير اإلدارة بواسطة أجهزتها المرفق العام ال حاجة للبحث عن معيار ألننا أمام مرفق عام ‪ .‬لكن األمر يتعقد في‬
‫حال غياب العنصر الشكلي‬
‫ولمعرفة ما إذا كان نشاط معين يؤلف مرفق عامة فإنه يجب ‪ ،‬حسب العالمة ‪ ، de Laubadere‬الرجوع إلى نية المشترع ‪ .‬ويؤيد هذا‬
‫الرأي األستاذان ‪ Delvolve‬و ‪ Vedel .‬وفي حال عدم وضوح النص ‪ ،‬على القاضي استنتاج نية المشترع من المعايير التي اعتمدها‬
‫مجلس الشورى الفرنسي في قراره الشهير ‪ Narcy‬الصادر في ‪ 28-6-1963 .‬ومما جاء في القرار ‪:‬‬
‫عمال بالمادة األولى من القانون الصادر في ‪ 727-1948‬يحق للوزراء المختصين إنشاء مراكز تقنية صناعية )هي مؤسسات خاصة ذات‬
‫منفعة عامة (‪ .‬ومع بقائها مؤسسات أو هيئات خاصة ‪ ،‬فإنها تقوم بمهمة مرفق عام ( تطوير إنتاجية الصناعة وضمان نوعها ‪ ،‬لألسباب‬
‫اآلتية‪:‬‬
‫‪0‬‬
‫‪ - 1‬ألن اإلدارة تمارس حق الرقابة على طريقة إنجاز هذه المهمة‪.‬‬
‫‪- 2‬ألن هذه المراكز تعمل في سبيل المصلحة العامة‪.‬‬
‫‪- 3‬ألن المشترع منح المراكز التقنية بعض امتيازات السلطة العامة‬
‫‪ - 4‬ألن هذه المراكز أخضعت لرقابة سلطة الوصاية )من خالل تعيين أعضاء مجلس اإلدارة(‬
‫وعند توافر هذه الشروط األربعة يمكن القول إن المؤسسة الخاصة تنقذ مرفق عامة ‪ .‬وتجدر المالحظة إلى أن " أزمة المرفق العام " تتمثل‬
‫في خضوع المرافق العامة في بعض الحاالت إلى القانون الخاص أيضا ‪ ،‬ومن تلك الحاالت‪:‬‬
‫‪- 1‬إبرام اإلدارة عقودة عادية لتسيير المرفق العام ‪ .‬هذه العقود تخضع للقانون الخاص) عقد إيجار عادي ‪ ،‬مثال)‪.‬‬
‫ومما جاء في قرار بر دويل ‪:‬‬
‫حيث يتبين من مراجعة عقد اإليجار انه عقد إيجار عادي ال يحتوي على أي بند خارق للقانون الخاص‬
‫وحيث أن االجتهاد استقر على أنه ال يكفي أن يكون أحد طرفي العقد إدارة عامة حتى يوصف العقد بأنه عقد إداري يخضع لرقابة مجلس‬
‫الشوری‬
‫وأكد االجتهاد الفرنسي هذا التوجه منذ قرار ) ‪ ) Societe des granits porphyroides des Vosges‬بقوله " ‪ :‬أن الصفقة التي‬
‫أبرمت بين المدينة والشركة لم تلزم الشركة بالقيام باشغال عامة بل كان موضوعها الوحيد تقديم لوازم وفقا لقواعد وشروط العقود التي تتم‬
‫بين األفراد ‪" .‬‬
‫وبالتالي تكون الشركة قد أثارت نزاعا يخرج عن اختصاص القضاء اإلداري‬
‫‪ -2‬النزاعات المتعلقة بسير مرفق القضاء العدلي ‪ .‬ال يحق للقضاء اإلداري النظر فيها عمال بمبدأ فصل السلطات اإلدارية والقضائية ‪ ،‬أي‬
‫أن القرارات والمذكرات الداخلية الصادرة عن السلطة القضائية هي من اختصاص القضاء العدلي‪:‬‬
‫ م ‪ .‬ش فياض ‪ 13-10- 1954‬م ا ‪ 1957 ،‬ص‪203 .‬‬‫ ‪CE, 11-5-1951, Baud, Rec. p. 205‬‬‫ ‪CE, 2-5-1977, Henin, Rec. p. 666‬‬‫‪ -3‬المرافق العامة الصناعية والتجارية ‪ .‬قرر االجتهاد أن بعض المرافق العامة تدار وفق القواعد القانون الخاص ‪ ،‬لذا يقتضي إخضاع‬
‫نشاطها للقانون الخاص ‪ ،‬وهذه المرافق هي المرافق العامة الصناعية والتجارية التي ظهرت بعد تدخل الدولة في مجاالت اقتصادية وتجارية‬
‫وبهذا الخصوص أكدت محكمة حل الخالفات الفرنسية في قرارها الشهير ) ‪ Bac d'Eloka‬ما يلي‪:‬‬
‫" بما أن سفينة ‪ Eloka‬ليست من المنشآت العامة ‪ ،‬وبما أن مستعمرة ساحل العاج بقية مها بتسهيل عبور البحيرة ‪ ،‬لقاء أجر معين ‪ ،‬من‬
‫ضفة إلى أخرى لألشخاص والبضائع ‪ ،‬تكون قد استثمرت مرفقة عامة للنقل بذات الشروط التي يستثمر بها صناعي مثل هذا المرفق ‪ .‬وما‬
‫دام ال يوجد نص خاص يعطي الصالحية للقضاء اإلداري ‪ ،‬فيكون الفضاء العدلي صالحة للنظر في نتائج الحادث التي تشكو منه الجهة‬
‫المستدعية ‪" .‬‬
‫وجاءت قرارات عديدة في هذا االتجاه ‪ .‬نذكر على سبيل المثال‪,:‬‬
‫‪- TC , 11-7-1933 . Dame Mélinette .‬‬
‫‪- CE , 25-1-1952 Boglione‬‬
‫‪. TC , 17-11-1975 . Gamba‬‬
‫وستری نظام هذه المرافق الصناعية والتجارية في سباق درس المرافق االقتصادية وقبل أن نختم الفصل التمهيدي ال بد من اإلشارة إلى أن‬
‫سبب أزمة المرفق العام يعود إلى التحول في مهام الدولة‬
‫كان يتماشى التعريف التقليدي للمرفق العام مع مفهوم الدولة الدركي ‪ .‬لكن بعد الحروب اضطرت الدولة إلى التدخل في ميادين عديدة ‪:‬‬
‫اإلقتصادية ‪ ،‬اإلجتماعية ‪ ،‬والتجارية ‪ ، ..‬لتلبية حاجات المواطنين وإشباعها ‪ ،‬بعد أن تبين لها أن المبادرة الفردية غير قادرة على ذلك‬
‫بمفردها ‪ .‬وال يعني هذا التدخل استبعاد النشاطات الخاصة ‪ ،‬قالحاجة إلى التعليم الرسمي ال تقضي باستبعاد المدارس الخاصة عمال بحرية‬
‫التعليم والمعتقد و پديمقراطية التعليم ‪ ...‬وكذلك األمر بالنسبة للقطاع الصحي والنقل‪...‬‬
‫وللتأكد من وجود مرفق عام يجب ‪ ،‬كما رأينا ‪ ،‬الرجوع إلى نية المشترع ‪ .‬وبهذا الخصوص أكد العالمة ‪ ، de Laubadere‬الذي اعتمد‬
‫معيارا ذاتيا ‪ ،‬أن ‪":‬ليس هناك مرافق عامة بطبيعتها ‪ ،‬وال يوجد مرفق عام إال بمشيئة السلطة التي تنشي المرفق العام”‬
‫إذن ‪ ،‬السلطات العامة هي التي تقرر إنشاء موفق معين لتلبية حاجات ملحة يطالب بها الجمهور ‪ .‬ومن واجب الدولة الحديثة تأمين حاجات‬
‫المواطن بواسطة مرافق عامة ‪ ،‬سواء أكانت مدارة من قبلها أو من قبل األفراد‬
‫‪1‬‬
‫ماذا عن المرافق العامة الكبرى ؟‬
‫ترتبط المرافق العامة بمهام اإلدارة ‪ ،‬وهي تتغير مع الزمن وساير متطلبات المجتمع وتطلعاته ‪..‬‬
‫في البداية كانت مهام الدولة تقتصر على مهام السيادة والمهام السياسية ‪ ،‬أي الدفاع واألمن الداخلي والمالية والعدل والعالقات الخارجية ‪.‬‬
‫لكن بعد الحرب العالمية األولى تخلت الدولة عن مفهوم الدولة الدركي ‪ ،‬وانتقلت إلى مفهوم دولة العناية ‪ ،‬وبعدها إلى دولة اإلنماء الشامل ‪،‬‬
‫مما دفعها إلى التدخل ‪ ،‬كما ذكرنا ‪ ،‬في مجاالت عديدة كانت متروكة للمبادرة الفردية ‪ ،‬وأدى هذا األمر إلى ازدياد ملحوظ في مهام الدولة‬
‫وفي مرافقهاء‬
‫كيف تصف حاليا المرافق الكبرى ؟‬
‫ثمة تصنيفات عديدة للمرافق العامة ‪ ،‬إال أننا سنعتمد تصنيف العالمة الفرنسي ‪ A. de Laubadere‬الذي ميز بين ‪:‬‬
‫‪ -1‬المرافق اإلدارية الكبرى التي تشمل المرافق األساسية التي تهتم بحماية المجتمع ‪ .‬وهذه المرافق هي ‪ :‬الدفاع الوطني واألمن الداخلي‬
‫والمرافق التعليمية والتربية الوطنية والمؤسسات الجامعية والمرافق االجتماعية والصحة العامة ‪ ،‬الشباب والرياضة‬
‫‪ - 2‬المرافق االقتصادية التي تشمل المرافق الصناعية والتجارية التصميم المواصالت والطاقة‬
‫*الفصل األول ‪ :‬المرافق اإلدارية الكبرى‬
‫ المبحث األول ‪ :‬المرافق األمنية‬‫‪ -1‬الجيش‬
‫في لبنان ‪ ،‬حدد قانون الدفاع الوطني ) المرسوم االشتراعي رقم ‪ 102‬الصادر في ‪ ، 16 -1983-9‬وتعديالته( بوضوح مهام القوى‬
‫المسلحة زمن السلم و في حالة الطوارئ أيضا‬
‫ويقصد بالقوى المسلحة ‪ :‬الجيش ‪ ،‬وقوى األمن الداخلي ‪ ،‬واألمن العام ‪ ،‬وأمن الدولة ‪ ،‬وسائر العاملين في اإلدارات العامة والمؤسسات‬
‫العامة والبلديات الذين يحملون السالح وجاء في المادة األولى منه ‪:‬‬
‫الدفاع الوطني يهدف إلى تعزيز قدرات الدولة وإنماء طاقاتها لقاومة أي اعتداء على ارض الوطن وأي عدوان يوجه ضده ‪ ،‬وإلى ضمان‬
‫سيادة الدولة وسالمة المواطنين‬
‫ويمكن استخدام القوى المسلحة في الحقول اإلنمائية واالجتماعية ‪ ،‬شرط أن ال يعيق ذلك مهامها األساسية ‪ .‬يقرر هذا االستخدام بموجب‬
‫مرسوم ‪ ،‬بناء على اقتراح وزير الدفاع الوطني والوزير المختص‬
‫‪ - A‬التنظيم العام للدفاع الوطني‬
‫تجدر المالحظة أن الدفاع الوطني هو مرفق إداري يخضع للسلطة السياسية‬
‫‪ - 1‬رئيس الجمهورية‪:‬‬
‫رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن ‪ ،‬يسهر على احترام الدستور والمحافظة على استقالل لبنان ووحدته وسالمة أراضيه‬
‫وفقا ألحكام الدستور‬
‫يرأس المجلس األعلى للدفاع ‪ ،‬وهو القائد األعلى للقوات المسلحة التي تخضع ! الساطة مجلس الوزراء) المادة ‪ 49‬من الدستور اللبناني (‬
‫وجاء في المادة ‪ 5‬من قانون الدفاع الوطني ‪:‬‬
‫يوضع الجيش بتصرف رئيس الجمهورية الذي يمارس صالحياته وفقا لألحكام المنصوص عليها في الدستور والقوانين النافذة ‪ ،‬وال سيما‬
‫المادتين ‪ 6‬و ‪( 7‬من قانون الدفاع الوطنی (‬
‫‪2‬‬
‫ويتألف المجلس األعلى للدفاع من ‪:‬‬
‫الرئيس الجمهورية ‪ :‬رئيسا‬‫رئيس الوزراء ‪ :‬نائبا للرئيس‬
‫وزير الدفاع‬
‫وزير الخارجية‬
‫وزير المالية‬
‫عضوا‬
‫وزير الداخلية‬
‫وزير االقتصاد ويحق لرئيس المجلس األعلى للدفاع أن يستدعي من يشاء ممن تقضي طبيعة أعمال المجلس حضورهم ‪ .‬كما يمكن بمرسوم‬
‫خذ في مجلس الوزراء إضافة وزير أو أكثر إلى عضوة المجلس األعلى للدفاع كأعضاء عاملين )المادة ‪ 7‬من قانون الدفاع الوطني (‬
‫الوضع مماثل في فرنسا ‪ ،‬كما أكد العالمة ‪de laubader‬‬
‫‪ - 2‬مجلس الوزراء ‪:‬‬
‫تناط السلطة اإلجرائية بمجلس الوزراء وهو السلطة التي تخضع لها القوات المسلحة ‪ ،‬ومن الصالحيات التي يمارسها ‪ :‬السهر على تنفيذ‬
‫القوانين واألنظمة ‪ ،‬واإلشراف على أعمال كل أجهزة الدولة من إدارات و مؤسسات مدنية وعسكرية وأمنية بال استثناء ( المادة ‪ 65‬من‬
‫الدستور)‬
‫ويقرر مجلس الوزراء السياسة العامة الدفاعية واألمنية ‪ ،‬ويعين أهدافها ‪ ،‬ويشرف على تنفيذها (المادة ‪ 6‬من قانون الدفاع الوطني)‬
‫في فرنسا أيضا ‪ ،‬يعود أمر تحديد السياسة العامة الدفاعية لمجلس الوزراء‪:‬‬
‫‪ - 3‬رئيس الحكومة‪:‬‬
‫يرئس رئيس الحكومة مجلس الوزراء ويكون كما نائبا لرئيس المجلس األعلى للدفاع( المادة ‪ 64‬من الدستور )‬
‫ويتولى نائب رئيس المجلس األعلى للدفاع السهر على تنفيذ مقررات المجلس (المادة ‪ 10‬من قانون الدفاع الوطني)‬
‫‪ - 4‬الوزراء‬
‫يعتبر كل وزير مسؤوال عما خص وزارته من مهام الدفاع واألمن ‪ ،‬وعليه تعميم التدابير الالزمة في شأنها والسهر على تنفيذها (المادة ‪11‬‬
‫من قانون الدفاع الوطني)‬
‫وعلى سبيل المثال ‪:‬يتحمل وزير الداخلية مسؤولية الحفاظ على األمن ‪ ،‬وهو ما يسمى الدفاع المدني ‪ .‬أما وزير االقتصاد فعليه تنظيم األمن‬
‫االقتصادي من خالل الخطة االقتصادية بالتنسيق مع باقي الوزارات وکما سنری الحقا ‪ ،‬يحق لوزير االقتصاد مصادرة جميع وسائل النقل‬
‫والمحروقات على اختالف أنواعها واليد العاملة الالزمة لتعبئة و نقل و إنتاج هذه المواد واألفران واليد العاملة والتجهيزات…‬
‫‪ - 5‬مهام المجلس األعلى للدفاع‬
‫يقرر المجلس األعلى للدفاع اإلجراءات الالزمة لتنفيذ السياسة الدفاعية كما حددها مجلس الوزراء ‪ ،‬وتبقى مقرراته سرية ‪ .‬ويولي المجلس‬
‫أهمية خاصة للتعبئة الدفاعية تتناول القضايا األساسية االتية ‪:‬‬
‫ الخدمة العسكرية والتجنيد اإلجباري‬‫ تعبئة النشاط االقتصادي ‪ ،‬بفروعه الزراعية والصناعية والمالية والتجارية‬‫ تعبئة النشاط الصحي والطبي‬‫ تعبئة عامة للدولة والمواطنين ‪ ،‬وخاصة الدفاع الوطني‬‫ تعبئة نشاطات اإلرشاد والتوعية‬‫يوزع المجلس األعلى للدفاع المهام الدفاعية على الوزارات واألجهزة المعنية ‪ ،‬ويعطي التوجيهات والتعليمات الالزمة بشأنها ‪ ،‬ويتابع‬
‫تنفيذها ( المادة ‪ 8‬من قانون الدفاع الوطني‬
‫‪ -6‬مهام الجيش في األزمات‬
‫ حالة الطوارئ‬‫‪3‬‬
‫إذا تعرضت البالد لألخطار ( المحددة في المادة األولى من المرسوم االشتراعي رقم ‪ 52‬تاريخ ‪ 5-8-1967‬المتعلق بإعالن حالة‬
‫الطوارئ أو المنطقة العسكرية) تعلن حالة الطوارئ أو المنطقة العسكرية ‪ ،‬وتمارس السلطات المختصة الصالحيات المنصوص عليها في‬
‫المرسوم االشتراعي المذكور ( المادة ‪ 3‬من قانون الدفاع الوطني )‬
‫و عمال بهذا المرسوم ‪ ،‬تعلن حالة الطوارئ أو المنطقة العسكرية في جميع األراضي اللبنانية أو جزء منها ‪ ،‬عند تعرض البالد لخطر داهم‬
‫ناتج عن حرب خارجية أو ثورة مسلحة أو أعمال أو اضطرابات تهدد النظام العام واألمن ‪ ،‬أو عند وقوع أحداث تأخذ طابع الكارثة )المادة‬
‫‪1‬من المرسوم االشتراعي رقم ‪( 67/52‬‬
‫وتعلن حالة الطوارئ بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء ‪ ،‬على أن يجتمع مجلس النواب للنظر بهذا التدبير في مهلة ثمانية أيام وان لم يكن في‬
‫دور االنعقاد (المادة ‪ 2‬من المرسوم االشتراعي رقم ‪) 67/52‬‬
‫فور إعالن حالة الطوارئ أو المنطقة العسكرية تتولى السلطة العسكرية العليا صالحية المحافظة على األمن ‪ ،‬وتوضع تحت تصرفها جميع‬
‫القوى المسلحة ‪ .‬ويفهم بذلك قوى األمن الداخلي واألمن العام والجمارك ورجال القوى المسلحة في الموانئ والمطارات ومخافر األحراج‬
‫وفي وحدات الحراسة المسلحة ومفارزها بما فيهم رجال اإلطفاء المادة ‪ 3‬من المرسوم االشتراعي رقم ‪(67/52‬‬
‫وللسلطة العسكرية العليا في حالة إعالن حالة الطوارىء أو المنطقة العسكرية الحق في‪:‬‬
‫‪ -1‬فرض التكاليف العسكرية بطريق المصادرة التي تشمل األشخاص والحيوانات واألشياء والممتلكات‬
‫‪ -2‬تحري المنازل في الليل والنهار‪.‬‬
‫‪ -3‬إعطاء األوامر بتسليم األسلحة والذخائر ‪ ،‬والتفتيش عنها ومصادرتها‬
‫‪ -4‬فرص الغرامات اإلجمالية والجماعية‬
‫‪ -5‬إبعاد المشبوهين‬
‫‪ -6‬اتخاذ قرارات بتحديد أقاليم دفاعية وأقاليم حيطة ‪ ،‬تصبح اإلقامة فيها خاضعة لنظام معين‬
‫‪ -7‬فرض اإلقامة الجبرية على األشخاص الذين يقومون بنشاط بشكل خطرا على األمن واتخاذ التدابير الالزمة لتأمين المعيشة لهؤالء‬
‫األشخاص ولعائالتهم‬
‫‪ -8‬منع االجتماعات المحلة باألمن‬
‫‪ -9‬إعطاء األوامر بإقفال قاعات السينما والمسارح والمالهي ومختلف أماكن التجمع بصورة مؤقتة‬
‫‪ -10‬منع تجول األشخاص والسيارات ‪ ،‬في األماكن وفي األوقات التي تحدد بموجب قرار‬
‫‪ -11‬منع النشرات المخلة باألمن ‪ ،‬واتخاذ التدابير الالزمة لفرض الرقابة على الصحف والمطبوعات والنشرات المختلفة واإلذاعات‬
‫والتلفزيون واألفالم السينمائية والمسرحيات‬
‫‪ -12‬تطبيق القواعد العسكرية المتعلقة باألعمال الحربية عند تسيير الجنود األعمال مسلحة وفي استعمال األسلحة والمعدات بجميع‬
‫الطرق التي تمكنهم من القيام بالمهمة الموكولة إليهم) المادة ‪ 4‬من المرسوم االشتراعي رقم ‪) 67/52‬‬
‫كما للسلطة العسكرية العليا أن تحيل أمام المحكمة العسكرية الجرائم الواقعة على أمن الدولة وعلى الدستور وعلى األمن والسالمة العامة ‪،‬‬
‫وإن وقعت هذه الجرائم خارج اإلقليم المعلنة فيه حالة الطوارئ أو المنطقة العسكرية ‪ ،‬وجرائم اجتياز الحدود يقصد األعمال العدوانية أو‬
‫المخلة باألمن ‪) ..‬المادة ‪ 5‬من المرسوم االشتراعي رقم ‪( 67/52 -‬‬
‫ تعرض الدولة في منطقة أو عدة مناطق العمال ضارة بسالمتها أو مصالحها‬‫إذا تعرضت الدولة في منطقة أو عدة مناطق ألعمال ضارة بسالمتها أو مصالحها يكلف الجيش بالمحافظة على األمن ‪ ،‬في هذه المنطقة أو‬
‫المناطق ‪ ،‬وفق األحكام اآلتية‪:‬‬
‫‪ -1‬يتم التكليفه بمرسوم بتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير الداخلية ووزير الدفاع الوطني ‪ ،‬ويكون لمدة محددة تمدد عند‬
‫االقتضاء بالطريقة ذاتها ‪.‬‬
‫‪ -2‬فور صدور المرسوم المشار إليه في البند ‪ 1‬أعاله يتولى الجيش صالحية المحافظة على األمن وحماية الدولة ضد أي عمل صار‬
‫بسالمتها أو مصالحها ‪ ،‬وتوضع جميع القوى المسلحة التي تقوم بمهماتها وفقا لقوانيتها وأنظمتها الخاصة تحت إمرة قائد الجيش‬
‫بمعاونة المجلس العسكري وباشراف المجلس األعلى للدفاع‬
‫‪ -3‬لقائد الجيش أن يتخذ جميع التدابير التي تؤول إلى الحفاظ على األمن ‪ ،‬ال سيما‪:‬‬
‫ تفتيش األبنية وسائر األمة في أي وقت کان بعد موافقة النيابة العامة المختصة‬‫ مراقبة الموانئ والسفن في المياه اإلقليمية‬‫ مراقبة دخول األجانب إلى لبنان والخروج منه ‪.‬‬‫ منع االجتماعات العامة غير المرخص بها أو ذات الطابع العسكري‬‫ مالحقة المخلين باألمن وإحالتهم على القضاء خالل خمسة أيام من تاريخ توقيفهم الطبقاع‬‫ مكافحة التهريب‬‫‪4‬‬
‫تجدر اإلشارة إلى أن حالة الطوارئ تختلف عن الظروف االستثنائية األولى يحكمها نص قانوني المرسوم االشتراعي ) ‪ 67/52‬بينما الثانية‬
‫هي نظرية من صنع مجلس الشورى الفرنسي ‪،‬‬
‫وتبقى األعمال اإلدارية التي تصدر في ظل الظروف االستثنائية خاضعة لرقابة القضاء اإلداري ‪.‬‬
‫وبالنسبة للتعويض عن األضرار التي تلحق بالمواطنين في حالة الظروف االستثنائية ‪ ،‬قرر مجلس الشورى ما يلي ‪:‬‬
‫"ال يمكن اعتبار الدولة مسؤولة عن األضرار التي تلحق بمواطنيها إال ضمن اإلمكانيات التي لديها ‪ .‬كما ال يمكن ترتيب مسؤولية الدولة‬
‫على اساس الخطأ بسبب نشاطات قوى األمن المادية إال في حال ثبوت الخطأ الجسيم في الظروف العادية ‪ ،‬ويحال وجود الخطأ الجسيم‬
‫جسمامة غير عادية في الظروف االستثنائية‬
‫وال يتوافر الخطأ الجسيم جسامة غير عادية في الظروف االستثنائية الناجمة عن حرب ‪ 67‬في حال تبين أن الدولة اتخذت التدابير الالزمة‬
‫لضبط األمن ضمن اإلمكانيات التي تملكها ‪ .‬وان عدم تدخل قوى األمن وأفراد الجيش لمنع المتظاهرين من االعتداء على المحالت مرده من‬
‫جهة إلى إمكانياتها المحدود ‪ ،‬ومن جهة ثانية إلى كثرة المتظاهرين واعتدائهم غير المتوقع"‬
‫أما في القانون الفرنسي فالوضع مختلف ‪ .‬وفي قرارات عديدة اعتبر مجلس الشورى الفرنسي ومحكمة حل الخالفات أيضا ‪:‬‬
‫"أن الدولة مسؤولة عن الخسائر واألضرار من أي نوع كانت ‪ ،‬طالما هي نتيجة مباشرة االضطرابات والتعديات التي تقوم بها الحشود‬
‫والتجمعات ‪ ،‬في حال تقصير أو عدم تقصير من قبل مرفق الشرطة ‪.‬‬
‫هذه المسؤولية تتحملها الدولة على أساس المخاطر االجتماعية ‪ ،‬وعمال بالقانونين الصادرين في‬
‫) ‪ 7- 1-1983 ( 92 art‬و ) ‪resp de l’Etat du fait des attroupements et " 9-1 1986 ( 27 .art‬‬
‫‪rassemblements‬‬
‫هذه المهام التي نص عليها القانون ‪ ،‬للظروف العادية وحالة الطوارئ ‪ ،‬يقوم بها موظفو الدفاع الوطني‬
‫‪ - 2‬قوى األمن الداخلي‬
‫كان مرفق األمن الداخلي من المهام األولى للدولة أيضا ‪ .‬وحاليا يعتبر من المرافق األساسية إذ يترتب عليه الحفاظ على األمن الداخلي‬
‫بوسائل خاصة تندرج في اطار الضابطة اإلدارية التي ينص عليها قانون تنظيم قوى األمن الداخلي رقم ‪ 17‬الصادر في ‪6-9-1990 .‬‬
‫أ‪ -‬الضابطة اإلدارية‪:‬‬
‫تشمل حسب المادة األولى من القانون رقم ‪ 17‬اآلتي ‪:‬‬
‫‪.1‬‬
‫‪.2‬‬
‫‪.3‬‬
‫‪.4‬‬
‫‪.5‬‬
‫حفظ النظام وتوطيد األمن‬
‫تأمين الراحة العامة‬
‫حماية األشخاص والممتلكات ‪.‬‬
‫حماية الحريات في إطار القانون ‪.‬‬
‫السهر على تطبيق القوانين واألنظمة المنوطة بها ‪.‬‬
‫الضابطة اإلدارية هي استعمال الوسائل الرادعة التي يجيزها القانون لحفظ النظام واألمن ومنع حصول الجرائم ‪ ،‬أي ردع كل عمل من شأنه‬
‫أن يعرض األشخاص والممتلكات للخط )أعمال الشغب خالل التظاهرات ‪ ،‬مثال (‬
‫ويعود للقضاء اإلداري أمر النظر في المسؤولية التي قد تترتب عن أعمال الضابطة اإلدارية ‪ .‬وبهذا الخصوص ‪ ،‬جاء في قرار مخدر ‪/‬‬
‫الدولة ‪( 23-1-1997‬م‪.‬ق ا )‪. (12‬صفحة ‪: (243‬‬
‫"إن إطالق النار من قبل قوى األمن يشكل خطا برتب مسؤولية الدولة لوقوعه أثناء الخدمة ويمتناسية الخدمة وهذه المسؤولية ال تنقص أو‬
‫تتالشى إال إذا ثبت خطأ المتضرر ‪ .‬إن اشتراك المستدعي بالتجمع والمظاهرة ورشق عناصر قوى األمن بالحجارة وإن كان ال يبرر إطالق‬
‫النار بشكل صائب على المتظاهرين إال أنه يقتضي أخذه بعين االعتبار عند تقدير التعويض ( إجتهاد مماثل في فرنسا )‬
‫ب ‪-‬الضابطة العدلية‬
‫تقوم قوى األمن الداخلي بمهام الضابطة العدلية أيضا )المادة ‪ 14‬من قانون تنظيم قوی األمن الداخلي ( ‪ ،‬كالبحث عن الجرائم واإلبالغ‬
‫عنها وضبط أدلتها واكتشاف مرتكبيها وتعقبهم وتوقيفهم وتسليمهم إلى السلطات القضائية المختصة وتنفيذ التكاليف واإلنابات القضائية‬
‫الصادرة عن هذه السلطات وتنفيذ األحكام والمذكرات العدلية‬
‫‪ .‬إن أعمال الضابطة العدلية تدخل في اختصاص القضاء العدلي لكن يجب التمييز بين األعمال في مواجهة المعنيين بالمالحقة والغير الذي‬
‫ال عالقة له في هذا الخصوص‬
‫ففي الحالة الثانية تعتبر األعمال التي ألحقت ضررا بالعير أعماال إدارية ‪ ،‬ويعود لمجلس الشورى النظر فيها والتعويض عنها‬
‫‪5‬‬
‫إن اإلدارة تتحمل مسؤولية أعمال موظفيها إذا كان الضرر الناتج عن نشاطهم بسبب استعمال آالت خطرة أو أسلحة نارية ‪ ،‬حتى في حال‬
‫انتفاء كل خطأ ‪ ،‬شرط توافر الصلة السببية بين الضرر المشكو منه وعمل اإلدارة‬
‫ج‪ -‬في المجاالت األخرى ‪:‬‬
‫تضطلع أيضأ قوى األمن الداخلي باآلتي ‪:‬‬
‫ مؤازرة السلطات العامة في تأدية وطائفها‬‫ الحراسة التي تقررها السلطات المختصة لإلدارات والمؤسسات العامة ‪.‬‬‫ حراسة السجون و إدارتها عند االقتضاء‬‫ حراسة البعثات الدبلوماسية في لبنان (الفقرة الثالثة من المادة األولى من قانون تنظيم قوى األمن الداخلي )‬‫وتؤكد المادة ‪ 194‬من قانون تنظيم قوى األمن الداخلي أن مؤازرة السلطات تقوم على توفير الحماية المسلحة لها عند االقتضاء ‪ ،‬وبناء على‬
‫طلبها لتمكينها من تأدية وظائفهاء وفي ما خص عالقة قوى األمن الداخلي بهذه السلطات ‪ ،‬نصت المادة ‪ 195‬على ما يلي‬
‫‪ :‬ال يحق للسلطات التي تعمل قوى األمن الداخلي إلى جانبها في تنفيذ القوانين واألنظمة للسيطرة على هذه القوي ألنها خاضعة لها خضوعا‬
‫تسلسليا كما ال يحق لها أن تتدخل في تفاصيل خدمتها الخاصة‬
‫*الفصل الثاني ‪ :‬المرافق االقتصادية‬
‫المبحث الثاني المرافق الصناعية والتجارية‬‫كما ذكرنا سايق " ‪ ،‬ظهرت المرافق الصناعية و التجارية بعد تدخل الدولة في الميادين التجارية والصناعية ‪ .‬وأكد االجتهاد الفرنسي منذ‬
‫قرار ‪ Bac d'Eloka‬أن المرافق العامة الصناعية والتجارية هي مرافق عامة تعمل بشروط شبيهة بشروط المؤسسات الخاصة ‪. ،‬وتخضع‬
‫بالتالي للقانون الخاص مع بعض االستثناءات ‪ ،‬ألنه كما قال ‪ ، Benoit‬إن هذه المرافق هي كغيرها من المرافق العامة ‪ ،‬وال يمكن أن تدار‬
‫کالمؤسسات الخاصة‬
‫‪ -1‬معيار المرافق العامة الصناعية والتجارية‬
‫لمعرفة طبيعة المرفق العام يجب الرجوع بالدرجة األولى إلى نص اإلنشاء ‪ .‬ألن المشترع يؤكد بشكل جلي رأو صريح طبيعة المرفق العام‬
‫بين الحين واآلخر ‪،‬‬
‫غير أن األستاذين ‪ Delvolve‬و ‪ Vedel‬حذرا من هذا الدليل أو المعيار يقولهما انه يجب األحل بالحسبان أن المشترع يستعمل يحفة‬
‫عبارة“ " ذات طابع صناعي و تجاري " بين الحين واآلخر‪:‬‬
‫‪Encore faut - il tenir compte de ce que le législateur a parfois employé quelque peu à la légère ,‬‬
‫‪les expressions à caractère industriel et commercial >> ( G. Vedel , P. Delvolve , Droit‬‬
‫‪administratif , p . 1118 ) .‬‬
‫وفي القرار الصادر في ‪ 24-6-1968‬عن محكمة حل الخالفات تبين لهذه المحكمة بعد أن تأكدت من شروط عمل هذا الصندوق أنه يمارس‬
‫نشاط إدارية ‪ .‬وليس مؤسسة عامة صناعية وتجارية كما ورد في نص اإلنشاء ‪ .‬ومهمة الصندوق في توجيه و تنظيم األسواق التجارية ‪.‬‬
‫لكن ما هو معيار المرفق العام الصناعي والتجاري في حال سكوت المشترع ؟ أو كيف تميز هذا المرفق عن المرفق العام اإلداري ‪ ،‬إذا لم‬
‫يحدد النص طبيعة المرفق ؟‬
‫إقترح الفقه بعض المعايير ‪ .‬إعتبر ‪ Chavanon‬في أطروحته بعنوان ‪:‬‬
‫>> ‪<< Essai sur la notion et le régime juridique des services publics industriels et commerciaux‬‬
‫‪1939‬‬
‫تجارية وصناعيا المرفق العام الذي يقوم بأعمال تجارية ‪ ،‬وفقا للمواد ‪ 632-633‬من قانون التجارة ‪ ،‬إال أن االجتهاد لم يوافق على هذا‬
‫المعيار ‪،‬‬
‫أما العالمة ‪ Bonnard‬في كتابه ‪ 1935 , Precis de droit administrative‬فاقترح معيار تحقيق األرباح ‪ .‬فإذا كان الهدف‬
‫األساسي للمرفق العام تحقيق األرباح يكون هذا المرفق صناعية وتجارية ‪ ،‬غير أن هذا المعيار ليس دقيقة ‪ ،‬ألن تحقيق األرباح بتالزم أحيانا‬
‫مع تحقيق المصلحة العامة‬
‫في بداية األمر تبني مجلس الشورى الفرنسي هذا المعيار في بعض قراراته‬
‫‪6‬‬
‫‪-CE , 30-6-1948 , Berthet , Rec . p . 306‬‬
‫‪-CE ,30-6-1950 , Société Merienne , Rec . p . 409 ( L'absence de bénéfices permet de définir un‬‬
‫) ‪service de sauvetage comme un service administratif‬‬
‫‪.‬لكن فيما بعد علل مجلس الشورى عن اجتهاده واعتبر أنه ال يجوز اعتماد معيار واحد بل عدة معايير ‪ : -‬الهدف ‪ ،‬الموضوع ‪ ،‬التنظيم‬
‫الهدف ‪ :‬المرفق العام التجاري والصناعي هو مرفق عام ‪ ،‬وبالتالي هدفه هو دائما المصلحة العامة‬
‫الموضوع ‪ :‬يجب يكون الموضوع تجارية أو صناعية ‪ .‬ويقتضي البحث أيضا عن الشروط التي يعمل فيها المرفق العام ‪ :‬أي تنظيم‬‫المرفق العام ‪ ،‬عالقته بالمنتفعين وشروط العمل فيه ؛ أي أن يكون هناك شبه بين المرفق العام والمشروع الخاص ‪ ،‬نسبة لشروط العمل‬
‫‪CE , 16-11-1956 , Union syndicale des industries aéronautiques .‬‬
‫‪TC , 23-10-1989 , Marescaux , Rec . p . 296 .‬‬
‫‪CE , 20-1-1988 , La Colline .‬‬
‫‪ -2‬النتائج القانونية التي تترتب على طبيعة عمل المرفق العام الصناعي والتجاري‬
‫أ‪ -‬إن المرفق العام الصناعي والتجاري هو مرفق عام ‪ ،‬وبهذه الصفة يخضع للقانون العام بالنسبة لألمور التالية‪:‬‬
‫‪.1‬‬
‫‪.2‬‬
‫‪.3‬‬
‫‪.4‬‬
‫تنظيم المرفق العام ‪ .‬إن القرارات التي تنظم المرفق العام هي قرارات إدارية وتخضع للقانون العام‬
‫كما أن النزاعات الناتجة عن تعديل التعريفة هي من صالحيات القضاء اإلداري کونها ترتبط بتنظيم المرفق العام‬
‫تعتبر إدارية أيضا ‪ ،‬األعمال الناتجة عن ممارسة امتيازات السلطة العامة ( تحصيل الرسوم ‪ ،‬مثال‬
‫فيما يتعلق بالمسؤولية تجاه الغيرة المحاكم اإلدارية في الصالحة للنقل باألفران الناتجة عن اشغال عامة أو عن منشآت عامة‬
‫‪CE , 25-4-1958 , Barbaza , Rec p .228‬‬
‫‪ .5‬إن العقود المبرمة مع أشخاص غير المستفيدين تعتبر إدارية إذا تضمنت بنودة خارقة‬
‫‪CE , 19-1-1973 . Société d'exploitation électrique de la rivière du Sant .‬‬
‫ب ‪-‬إن المرفق العام الصناعي والتجاري يدار بطريقة شبيهة بإدارة المؤسسات الخاصة ‪ ،‬لذلك هذا المرفق يخضع للقانون الخاص‬
‫بالنسبة لنشاطه‬
‫‪ .1‬القرارات غير التنظيمية التي تصدر عن السلطات المختصة في أعمال خاضعة للقانون الخاص ‪ ،‬کرفض االشتراك في الكهرباء‬
‫‪1961 , Agnesi , Rec . p . 253‬‬
‫‪ .2‬النزاعات بين المرفق العام الصناعي والتجاري والعاملين لديه ‪ ،‬باستثناء الذين لهم صفة الموظف العام ‪ ،‬هي من اختصاص القضاء‬
‫العدلي (ترقية ‪ ،‬عقوبات ميده ) ‪ ،‬وذلك منذ قرار ‪Lafreygere 1923‬‬
‫‪- .3‬العالقة بين المرفق العام الصناعي والتجاري والمستفيدين تخضع دائما للقانون الخاص ‪ ،‬حتى ولو تفتن العقد ينودا خارقة‬
‫‪ - .4‬بالنسبة للمسؤولية تجاه الغير ‪ ،‬فقد اعتبرت محكمة حل الخالفات أن القضاء العدلي هو الصالح لليت بالنزاعات المتعلقة بنشاط‬
‫المرفق العام التجاري والصناعي‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن محكمة حل الخالفات طبقت في قرار ‪ Naliato‬الصادر في‪ -1955 - 1- 22‬اجتهاد ‪ ، Bac d'Eloka‬أي‬
‫أكدت صالحية المحاكم العدلية للنظر في النزاعات الناتجة عن نشاط المرافق ذات الطابع االجتماعي ( مخيمات العطل التي تديرها الدولة‬
‫‪)( colonie de vacances .‬‬
‫واعتبر البعض أن هذا القرار أوجد فئة ثالثة من المرافق العامة ‪ ،‬المرافق اإلجتماعية ‪ ،‬إال أن محكمة حل الخالفات عادت عن قرارها ‪ ،‬بعد‬
‫معارضة شديدة من القضاء العدلي ومن مجلس شورى الدولة ‪ ،‬واعتبرت أن المرافق العامة االجتماعية هي إما مرافق إدارية ‪ ،‬وإما مرافق‬
‫صناعية وتجارية‪.‬‬
‫الفصل الثالث إنشاء وسير المرافق العامة‬
‫‪-‬المبحث األول إنشاء وإلغاء المرافق العامة‬
‫‪7‬‬
‫إن الهدف من إنشاء المرافق العامة هو تلبية حاجات ذات منفعة عامة لم تتمكن المبادرة الفردية من إشباعها ‪ ،‬لذا قررت السلطة العامة‬
‫التدخل وإنشاء المرفق العام وللدولة سلطة استنسابية في هذا المجال ‪ ،‬باستثناء المرافق العامة اإللزامية التي يفرضها الدستور والقوانين‬
‫والمرافق األمنية لحفظ األمن والنظام ‪ ،‬والمرافق االجتماعية ‪ . ) ...‬وبهذا الخصوص تنص الفقرة ( ز ) من مقدمة الدستور على أن ‪:‬‬
‫اإلنماء المتوازن للمناطق ثقافية واجتماعية ركن أساسي من أركان وحدة الدولة واستقرار النظام‪.‬‬
‫*إنشاء وإلغاء المرافق العامة في لبنان ‪:‬‬
‫حسب المادة الثانية من المرسوم االشتراعي رقم ‪ 111‬الصادر في ‪ 1959-6-12‬والمتعلق بالتنظيم اإلداري‪:‬‬
‫تحدث الوزارات وتلغي بقانون خاص ‪ ،‬تحدث المديريات العامة والمديريات والمصالح بقانون ‪ .‬وتحدث وتعذل وتلغي الدوائر واألقسام ‪،‬‬
‫وتحدد شروط التعيين الخاصة بوظائفها بمراسيم تتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح الوزير المختص ‪ ،‬وبعد موافقة مجلس الخدمة‬
‫المدنية وتحقيق إدارة األبحاث والتوجيه ‪.‬‬
‫وعلى الصعيد المحلي يتم إنشاء المرافق العامة البلدية بقرار من المجلس البلدي ‪ ،‬إذ نصت المادة ‪ 47‬من قانون البلديات على ما يلي ‪:‬‬
‫كل عمل ذي طابع منفعة عامة ‪ ،‬في النطاق البلدي ‪ ،‬هو من اختصاص المجلس البلدي وعمال بالمادة ‪ 49‬يتولى المجلس البلدي ‪ ،‬دون أن‬
‫يكون ذلك على سبيل الحصر ‪ ،‬األمور اآلتية ‪:‬‬
‫المساهمة في نفقات المشاريع ذات النفع العام وإنشاء الشوارع والساحات ومشاريع المياه واإلنارة )‬‫تنظيم النقل بأنواعه ‪ ،‬وتحديد تعريفاته عند االقتضاء ‪،‬‬‫إسعاف المعوزين والمعاقين ‪ ،‬ومساعدة النوادي والجمعيات وسائر النشاطات الصحية واالجتماعية والرياضية والثقافية وأمثالهاء‬‫*إنشاء وإلغاء المرافق العامة في فرنسا‬
‫قبل صدور دستور الجمهورية الخامسة سنة ‪ ، 1958‬كان إنشاء وإلغاء المرافق العامة من صالحية السلطة التشريعية ‪ .‬ألن من شأن إنشاء‬
‫المرفق العام أن يؤدي إلى الحد من الحريات الفردية ‪ ،‬خصوصا في حال احتكار الدولة المرفق ما ‪ .‬إال أن صدور الدستور سنة ‪ 1958‬عدل‬
‫نظرية هذا المبدأ ‪.‬‬
‫فالمادة ‪ 34‬من الدستور الفرنسي التي حددت المواضيع التي تدخل ضمن اختصاص السلطة التشريعية ‪ ،‬لم تذكر إنشاء المرافق العامة أو‬
‫إلغاءها ‪ .‬لذا اعتبر قسم من الفقه أن إنشاء المرافق العامة أصبح من اختصاص السلطة التنظيمية ‪ ،‬باستثناء المرافق العامة الناتجة عن التأميم‬
‫والمرافق العامة التابعة للدفاع الوطني والتعليم والضمان االجتماعي ( فهي من اختصاص السلطة التشريعية حسب المادة ‪ . ) 34‬إال أن فريقا‬
‫آخر من الفقهاء أمثال ‪ Delvolve ، Chapus ،Vedel‬يؤكد العكس‬
‫بالنسبة ل ‪Vedel‬و ‪Delvolve‬مدى هذا المبدأ أقل مما هو مفترض ‪ ،‬ألن التوفيق بينه والقواعد الدستورية األخرى يحد من صالحية‬
‫الحكومة في موضوع إنشاء المرافق العامة وإلغائها ( القواعد الدستورية األخرى هي تلك المتعلقة بالحريات العامة ‪ ،‬كما هو الحال عند‬
‫إنشاء مرفق عام بشكل احتكار ‪ ،‬أو إلغاء احتکار‬
‫وبدوره اعتبر العالمة ‪Chapus‬أن االعتبارات التي بررت تدل السلطات التشريعية في مجال إنشاء المرافق العامة ال تزال قائمة اليوم ‪،‬‬
‫كما في السابق ‪ .‬وتستند هذه الصالحية اليوم إلى النصوص التي تضع الحريات في حمى القانون ‪ ،‬بينما هذه الصالحية لم تكن ترتكز سابقا‬
‫إلى أي نص ‪ .‬وبالتالي فال يكون للسلطة اإلدارية صالحية إأل بموجب األحكام القانونية‬
‫المبحث الثاني المبادئ العامة التي ترعى سير المرافق العامة‬‫يختلف النظام القانوني أي القواعد المتعلقة بتنظيم المرافق العامة وسير العمل فيها بين مرفق وآخر بالنظر لموضوع المرافق العامة المختلفة‬
‫إال أنه بالرغم من تعدد أنواع المرافق العامة وأغراضها يمكن القول أن هناك قواعد مشتركة تطبق عليها دون تمييز سواء أكانت هذه‬
‫المرافق العامة تابعة للدولة أو للبلديات وسواء أكانت ادارية أو تجارية أو صناعية ‪.‬‬
‫وهذه القواعد العامة هي أقرب إلى التوجيهات منها إلى القواعد الدقيقة ولها طابع المنفعة العامة ‪ ،‬وهي تندمج بشكل أو بأخر في النظام‬
‫القانوني للمرفق العام ‪ ،‬وتتصل بجوهر فكرة المرفق العام لدرجة أن االجتهاد ال يعطي صفة المرفق العام لنشاط معين ما لم يتحقق من توفر‬
‫هذه المبادئ في ممارسته ‪.‬‬
‫وقد استخرج الفقيه روالن ( ) ‪ROLLAND‬ثالثة مبادئ أساسية تطبق على جميع المرافق العامة أيا كان نوعها وأيا كانت الطريقة‬
‫المعتمدة الدارتها ‪ .‬وهذه المبادئ هي مبدأ استمرارية المرفق العام مبدأ المساواة تجاه المرفق العام ‪ ،‬ومبدأ التطوير المستمر بما يتالءم‬
‫وحاجات العموم أو مبدأ قابلية المرفق العام للتطوير ‪.‬‬
‫وهذه المبادئ هي بالواقع ‪ ،‬من صنع مجلس الشورى الفرنسي الذي استقر على اعتبارها مالزمة بطبيعتها لقيام المرفق العام دون حاجة‬
‫للنص عليها ‪ .‬والمجلس الدستوري في فرنسا أعترف لهذه المبادئ بقيمتها الدستورية كقاعدة أساسية تسير المرافق العامة ‪.‬‬
‫*أوال ‪ :‬مبدأ استمرارية المرفق العام ‪:‬‬
‫‪ -۱‬تحريم االضراب‬
‫ينشأ المرفق العام لتأمين حاجة اعتبرت ذات نفع عام ‪ ،‬أي ليؤدي خدمات ضرورية للعموم وذلك تداركا لغياب المبادرة الفردية أو لسد‬
‫النقص الحاصل بسبب عدم كفايتها ‪ .‬فمن الضروري اذن ‪ ،‬أن نوفر لهذا المرفق العام جميع الوسائل التي تتيح له العمل لتأمين الحاجات‬
‫العامة ‪.‬‬
‫‪8‬‬
‫فإذا هو أعطي امتيازات السلطة العامة فليعمل بصورة تختلف عن النشاطات الخاصة بحيث تتأمن الغاية التي أنشئ من أجلها وهي تحقيق‬
‫المنفعة العامة ‪ .‬وبالمقابل ‪ ،‬يجب على المرفق العام أن يعمل بصورة مستمرة ودون انقطاع حتى ال يختل التوازن في الحياة العامة ‪ ،‬خشية‬
‫أن يؤدي هذا الخلل في عمل المرفق العام إلى أحداث اضطراب وتشويش في الحياة العامة وإلى الحاق الضرر بالمنتفعين منه الذين نظموا‬
‫حياتهم واعتادوا على طريقة تلبية احتياجاتهم العامة على أساس قيام المرفق العام بمهمته بشكل مستمر ومنتظم ‪.‬‬
‫والحقيقة ‪ ،‬أن صفة العمومية في المرافق العامة تعني أن الخدمات التي يقدمها المرفق العام هي جوهرية وضرورية بالنسبة للمنتفعين منها‬
‫بصورة خاصة وللمجتمع بصورة عامة ‪ .‬لذلك أعلن االجتهاد أن « االستمرارية هي جوهر المرفق العام » ‪C.E.winkell , 7 août ( .‬‬
‫‪1909 , concl . Tardieu , note Hauriou , D. 1909 III , P. 145 ) .‬‬
‫ويعمل االجتهاد على تدعيم هذه القاعدة واحترامها ( شوری رقم ‪ ، ۳۸۲‬تاريخ ‪ ، ۲/۳/1965‬م ‪ ، ۱۹۹۵ ..‬ص ‪ : ۱۳۹‬شوری رقم ‪۱۲۱۲‬‬
‫‪ ،‬تاريخ ‪ ، ۱۷/۱۲/۱۹۶۸‬م ‪ ، ۱۹۹۹ ...‬ص ‪ 445‬شورى رقم ‪ ، ۲۰۹‬تاريخ‪ ، ۱۹۷۰ / ۲۷ / 5‬م ‪ ، ۱۹۷۱ ...‬ص ‪ ۹۸‬؛ محكمة البداية ‪،‬‬
‫حكم رقم ‪ ، 105‬تاريخ ‪ ، ۱۰/۳/۱۹۹۷‬م ‪ ، ۱۹۹۸ ...‬االدارة أمام القضاء العدلي ‪ ،‬ص ‪ . ) 6‬فيعتبر عمل االدارة غير شرعي ‪ ،‬إذا كانت‬
‫تتولى ادارة المرفق العام مباشرة ‪ ،‬كلما أدى إلى وقف سير عمل المرفق العام ‪ .‬وإذا كان المرفق العام بدار بطريقة أخرى ‪ ،‬فعليها مراقبة‬
‫من يتولى ادارته حتى ال يتوقف سيره ‪ ،‬وتتعرض االدارة للمسؤولية إذا أخلت بااللتزام الملقي على عاتقها ‪ ،‬فامتنعت عن تسيير المرفق العام‬
‫أو سيرته بشكل سيء أو تأخرت في تسييره ‪.‬‬
‫وإذا كان يحق لإلدارة أن تعدل القوانين واألنظمة المتعلقة بتنظيم المرفق العام ‪ ،‬فال يجوز لها أن توقف استمراره في العمل إال في حالة القوة‬
‫القاهرة ‪ ،‬فعندما تحل السلطة العامة محل المبادرة الفردية لتنظيم مرفق عام ‪ ،‬فهي تفعل ذلك من اجل تأمين حاجات المواطنين على كامل‬
‫أراضي الدولة ‪ ،‬فالحاجات العامة هذه ال تقوى المبادرة الفردية على اشباعها إال بصورة غير كاملة ومتقطعة ‪.‬‬
‫وفي الحاالت التي يتولى فيها ادارة المرفق العام صاحب امتياز ‪ ،‬يعتبر استمرار العمل أحد العناصر األساسية التي تبنى عليها نظرية‬
‫الطوارئ غير المنظورة التي تمكن صاحب االمتياز عندما يقع في عجز مالي ‪ ،‬من االستمرار في تسيير المرفق العام ‪ ،‬بفضل مساهمة‬
‫الدولة التي لوالها لتوقف ‪ ،‬ألنه ليس بوسع صاحب االمتياز تحمل عبء العجز لوحده ‪ ،‬ويتعرض صاحب االمتياز العقوبات كالوضع تحت‬
‫الحراسة أو االسقاط كلما أدى ذلك إلى تهديد المرفق العام بالتوقف ‪.‬‬
‫وفي هذا المجال ‪ ،‬نذكر القرار الذي صدر عن وزير األشغال العامة والنقل في لبنان والذي قضى بوضع شركة ‪T. , M. A.‬تحت الحراسة‬
‫االدارية ألن استمرارية العمل في هذا المرفق العام الهام كانت مهددة بالتوقف بسبب الصعوبات المالية التي كانت تواجهها الشركة والتي‬
‫أدت إلى اعالن االضراب من قبل الطيارين ‪.‬‬
‫وضرورة استمرار المرفق العام بالعمل بشكل منتظم تبرر منع التغيب عن العمل بدون إذن أو عذر ‪C.E Le fer , 6 déc . 1978 ( .‬‬
‫‪A.J.D.A. 1978.‬‬
‫ان االجتهاد الذي صنع هذه المبادئ العامة هو الذي استخرج نتائجها القانونية ‪ -‬وقد كرست النصوص بعضا من هذه النتائج القانونية المترتبة‬
‫على مبدأ استمرارية المرفق العام ‪.‬‬
‫ومن هذه النتائج استمرارية العمل في المرافق العامة ‪.‬‬
‫أما الوضع في لبنان ‪ ،‬فهو يتميز عنه في فرنسا باعتبار أن التشريع اللبناني يتضمن الكثير من النصوص التي تحظر اللجوء إلى االضراب ‪:‬‬
‫فقانون العقوبات اللبناني نص في المادة ‪ 340‬منه وما يليها على ما يلي ‪ « :‬يستحق التجريد المدني الموظفون الذين يربطهم بالدولة عقد عام‬
‫إذا أقدموا متفقين على وقف أعمالهم أو اتفقوا على وقفها أو على تقديم استقالتهم في أحوال يتعرقل معها سير احدى المصالح العامة » ‪.‬‬
‫وقانون الموظفين ( المرسوم اإلشتراعي رقم ‪ ، ۱۱۲‬تاريخ ‪ ۱۲‬حزيران ‪ ) ۱۹۰۹‬حظر في المادة ‪ ۱۰‬منه على الموظف أن يضرب عن‬
‫العمل أو يحرض غيره على االضراب ‪ ،‬كما اعتبرت المادة ‪ 65‬من المرسوم اإلشتراعي نفسه الموظف الذي يضرب عن العمل أو يحرض‬
‫غيره على االضراب مستقيال ‪.‬‬
‫وقد أخذ االجتهاد اللبناني بهذا المبدأ أيضا وطبقه على الموظفين الذين يلجأون إلى اعالن االضراب ‪ ( .‬شوری رقم ‪ ، ۱۲۷۹‬تاريخ‬
‫‪ ، ۱۸/۱۲/۱۹۹۲‬م ‪ ، ۱۹۹۳ ...‬ص ‪ ۲۸۶‬؛ شوری رقم ‪ ، ۲۰۹‬تاريخ ‪ ، ۱۹۷۰ / ۲۷ / ۵‬م‪.‬إ‪ ، ۱۹۷۱ .‬ص ‪ ) ۹۸‬كما أنه يطبق هذا المبدأ‬
‫على حالة اإلضراب عن الطعام ‪ ( ،‬شوری رقم ‪ ، ۷۶‬تاريخ ‪ ، ۱۰/۱/1965‬م ‪ ، 1965 ...‬ص ‪ ، ) ۱۳۵‬فاعتبر أن « االضراب عن‬
‫الطعام هو وسيلة من وسائل الضغط على االدارة واستمراره يؤدي إلى انهيار قوى الموظف الجسدية والعقلية ‪ ،‬وبالتالي فهو يعرض‬
‫الموظف للعقوبات التأديبية » ‪.‬‬
‫تجدر اإلشارة في هذا المجال إلى المرسوم رقم ‪ 4۸۲۰‬تاريخ ‪ ۷۳ / ۲۷ / ۱‬والمرسوم رقم ‪ ۸۲۶‬ء تاريخ ‪ ۷۳ / ۲۹ / ۱‬اللذين قضيا بفصل‬
‫عدد من معلمي المدارس الرسمية الذين لجأوا إلى االضراب في تلك الفترة ‪ .‬ولكن هؤالء أعيدوا إلى الوظيفة بموجب المرسوم رقم ‪1664‬‬
‫تاريخ ‪ 6/6/۷۳‬الذي ألغي المرسومين المذكورين ‪.‬‬
‫وإن المرسوم رقم ‪4 ۵۱۷‬تاريخ ‪ ( ۱۳/۱۲/۱۹۷۲‬نظام المؤسسات العامة ) ال يشير على غرار المرسوم اإلشتراعي رقم ‪ ۱۱۲/۰۹‬إلى حالة‬
‫االضراب ‪ .‬وهنا نالحظ ‪ ،‬أنه بالنسبة للمؤسسات العامة االدارية التي تخضع ألحكام قانون الموظفين العام ‪ ،‬فإن االضراب محظر على‬
‫موظفيها ‪ ،‬أما بالنسبة للمؤسسات العامة الصناعية أو التجارية ‪ ،‬فهي تخضع من حيث ممارستها نشاطها وعالقاتها مع مستخدميها للقانون‬
‫الخاص وبالتالي إلى قانون العمل ‪ .‬ويستنتج من ذلك ‪ ،‬امكانية العاملين في هذه المؤسسات العامة اللجوء إلى الوساطة والتحكيم ‪ ،‬حتى إذا‬
‫فشلت الوسائل التوفيقية أمنهم اعالن االضراب ‪.‬‬
‫يبقى أن واقع تجريم اإلضراب في المرافق العامة هو مسألة نسبية ‪ ،‬وهذا يخرج عن نطاق القانون ويتوقف على طبيعة النظام وعلى‬
‫العالقات القائمة بين اإلدارة العامة من جهة وموظفيها من جهة ثانية ‪ .‬ويالحظ أن السلطة العامة لم تعد ‪ ،‬في الفترة األخيرة ‪ ،‬تأخذ من‬
‫اضراب الموظفين موقفة متشددة نظرة القرارها الضمني بحقوق الموظفين ومطاليبهم‬
‫‪ -۲‬االستقاالت الجماعية من الوظيفة‬
‫‪9‬‬
‫المبدأ في الوظيفة العامة هو وجوب قبول االستقالة ‪ .‬فالموظف المستقبل يجب أن يبقى مستمرة في وظيفته حتى قبول هذه االستقالة من قبل‬
‫المرجع المختص ‪ ،‬وأحيانا حتى تعيين الموظف البديل ‪ .‬وفي ذلك محافظة على سير المرفق العام بدون خلل أو اضطراب ‪.‬‬
‫ومن باب أولى ‪ ،‬أن يكون تنظيم االستقاالت الجماعية محظرة و على الموظفين ‪ .‬فاستقالة عدد من الموظفين دفعة واحدة من شأنها أن تؤدي‬
‫إلى ذات اآلثار السلبية التي تنشأ عن االضراب ‪ ،‬فتحدث الخلل في المرفق العام وتعطل سيره المنتظم ‪.‬‬
‫لذلك يقوم المشترع بتنظيم االستقالة من الوظيفة ‪ ،‬كما يحظر االستقاالت الجماعية ‪.‬‬
‫وإن قانون العقوبات يعاقب الموظفين الذين يلجأون لالستقالة الجماعية ‪ ،‬وفقا لما سبق تبيانه أعاله ( المادة ‪ 340‬من قانون العقوبات السالفة‬
‫الذكر )‬
‫وقد نظم المرسوم اإلشتراعي رقم ‪ ۱۱۲/۰۹‬استقالة الموظف فنص في الفقرة األولى من المادة ‪ 64‬منه على أن للموظف أن يقدم استقالته‬
‫خطية إلى اإلدارة التي ينتمي إليها ‪ ،‬وعليه أن يثابر على القيام بوظيفته ‪ ،‬إلى أن تبت اإلدارة في طلبه ‪ .‬وتبت في طلب االستقالة ‪ ،‬كما جاء‬
‫في الفقرة الثانية من المادة ‪ ، 64‬السلطة التي لها حق التعيين ‪ .‬وتعتبر االستقالة مقبولة حكمة إن لم ترفض في غضون شهرين من تاريخ‬
‫تسجيلها ‪.‬‬
‫كما وأن القانون الصادر بتاريخ ‪ 6/۳/۱۹۹۶‬حظر على الموظف تنظيم العرائض الجماعية المتعلقة بالوظيفة ( تنظيم استقاالت جماعية ) أو‬
‫أن يشترك في تنظيمها مهما كانت األسباب والدوافع وذلك خشية تعطيل السير المنتظم للمرفق العام ‪.‬‬
‫‪ -۳‬الحكومة المستقيلة وتصريف األعمال‬
‫تجنبا لألخطار والمحاذير التي قد تنشأ عن الفراغ في الحكم استقالة الحكومة أو اقالتها جرى العرف الدستوري على أن يكلف رئيس‬
‫الجمهورية الحكومة المستقيلة البقاء في الحكم إلى أن تتألف حكومة جديدة ويحدد نطاق أعمالها بما يسمى تصريفه واألعمال العادية‬
‫‪Expedition des affaires courantes .‬وقد تضمنت المادة ‪ ) ۲ ( 14‬من الدستور ( المعدلة بالقانون الدستوري الصادر في (‬
‫‪۲۱/۹/۱۹۹۰‬‬
‫"‪ ...‬عل ى الحكومة أن تتقدم من مجلس النواب ببيانها الوزاري نيل الثقة في مهلة ثالثين يوما من تاريخ صدور مرسوم تشكيلها ‪ .‬وال تمارس‬
‫الحكومة صالحياتها قبل نيلها الثقة وال بعد استقالتها واعتبارها مستقيلة إال بالمعنى الضيق لتصريف األعمال » ‪.‬‬
‫وفي تحديد نطاق « األعمال العادية » يجب التفريق بين األعمال اإلدارية واألعمال التصفية ‪.‬‬
‫تنحصر األعمال العادية مبدئية في األعمال اإلدارية وهي األعمال اليومية التي يعود للهيئات اإلدارية اتمامها ويعلق اجراؤها في الغالب على‬
‫موافقة هذه الهيئات كتعيين الموظفين ونقلهم وتصريف األعمال الفردية التي ال يمارس عليها الوزراء سوى اشراف محدود‬
‫وفي هذا االطار قضی مجلس شورى الدولة ‪ ،‬أن مرسوم سحب اإلجازة الحدى الثانويات ليس من الشؤون التي يمتنع على حكومة تصريف‬
‫األعمال اتخاذها ( شوری رقم ‪ ، ۷۰۰‬تاريخ ‪ . ۱۵/۰/۱۹۹۵‬م‪.‬ق ‪ ، 1996 ...‬ص ‪ . ) ۵۲۳‬كما واعتبر أن قرار تحديد مهام ومالكات‬
‫وزارة الصناعة والنفط يدخل ضمن اختصاص الحكومة المستقيلة ‪ ،‬طالما أنه يندرج في فئة األعمال العادية التي ال ترتبط بسياسة في الدولة‬
‫العليا وال تقيد حرية الحكومة الالحقة ( شورى رقم ‪ 439‬تاريخ ‪ ، 14/4/۱۹۹۹‬م‪.‬ق ‪ ...‬العدد ‪ ، ۲۰۰۳ - 14‬ص ‪. ) ۳۲‬‬
‫فيم ا األعمال التصرفية ترمي إلى احداث أعباء جديدة والتصرف باعتمادات مالية هامة أو ادخال تعديل جوهري على سير المرافق العامة‬
‫وفي أوضاع البالد السياسية واالقتصادية واالجتماعية تحت طائلة المسؤولية الوزارية ‪ .‬هذه األعمال التصرفية تخرج بطبيعتها عن نطاق‬
‫األعمال العاد ية والتي ال يجوز الحكومة مستقيلة من حيث المبدأ أن تقوم بها باستثناء ما يتعلق منها بتدابير الضرورة التي تفرضها ظروف‬
‫استثنائية تتعلق بالنظام العام وأمن الدولة الداخلي والخارجي ‪.‬‬
‫وكذلك األعمال اإلدارية التي يجب اجراؤها في مهل محددة بالقوانين تحت طائلة السقوط واالبطال ‪.‬‬
‫وما يبرر تدخل الحكومة المستقيلة في هذه الظروف االستثنائية ليس نطاق األعمال العادية الموكول إليها تصريفها إذ إن تدابيرها تخرج عن‬
‫هذا النطاق وإنما الحرص على سالمة الدولة وأمن المجتمع وعلى سالمة التشريع ‪ ،‬وفي هذه الحاالت تخضع تدابير الحكومة المستقيلة‬
‫وتقدير ظروف اتخاذها إلى رقابة القضاء اإلداري بسبب فقدان الرقابة البرلمانية وانتفاء المسؤولية الوزارية ‪ .‬وعلى هذا األساس اعتبر‬
‫مجلس شورى الدولة في لبنان بموجب قراره الصادر عام ‪ 1964‬في قضية راشد الدولة ( شورى رقم ‪ 614‬تاريخ ‪ ، ۱۷/۱۲/۱۹۹۹‬م ‪...‬‬
‫‪ ، ۱۹۷۰‬ص ‪ ) ۳‬أن قرار نقل أحد الموظفين من وظيفة رئيس الديوان إلى وظيفة أخرى يدخل في نطاق األعمال العادية التي يعود للوزير‬
‫اتخاذها ألنه يخضع بمقتضى القوانين واألنظمة الموافقة مجلس الخدمة المدنية ‪.‬‬
‫إن األمثلة على تطبيق نظرية الحكومة المستقيلة وتصريف األعمال العادية كثيرة خصوصا في االجتهاد الفرنسي وخير مثال على ذلك هو‬
‫قرار مجلس الشورى الفرنسي الصادر عام ‪ ۱۹۵۲‬في قضية ‪C. E. 4 avril 1952 , Syndicat Régional des quotidiens ( :‬‬
‫) ‪d'Algérie Rec . 210. G. A. éd . 1969.375‬‬
‫‪ -4‬نظرية الظروف الطارئة‬
‫أخذ الفقه واالجتهاد بنظرية الظروف الطارئة في العقود اإلدارية ‪ ،‬خاصة عندما يتعلق األمر بادارة المرفق العام بواسطة االمتياز ا‬
‫فعند حدوث ظروف طارئة تتجاوز الحد المعقول أحتماله ‪ ،‬يتوجب على اإلدارة العامة أن تساعد الملتزم المتعاقد معها وذلك باعطائه‬
‫تعويضا عن الطوارئ أو األعباء التي تتجاوز احتماالت العقد والتي ال طاقة له على تحملها ‪ ،‬أو تقوم بتعديل بنوده ‪ ،‬والغاية من ذلك اعادة‬
‫التوازن المالي واالقتصادي إلى العقد تفاديا لتوقف المرفق العام عن السير بانتظام ‪.‬‬
‫ولتحقق االخالل في التوازن المالي للعقد ‪ ،‬يجب أن تكون األعباء ناجمة عن حوادث غير منتظرة تفوق الحد األقصى لألسعار الذي توقعه‬
‫الفريقان لدي إبرامهما العقد وأن ينتج عن هذا االرتفاع خسارة فادحة وليس نقصا في معدل األرباح أو عدم تحقيق أي ريح محكمة ادارية‬
‫خاصة رقم ‪ ، 4‬تاريخ ‪ ، ۱۳/۱/۱۹۷۱‬العدل ‪ ، ۱۹۷۱‬ص ‪ . ) ۳۹‬وفي السياق عينه قضى مجلس شورى الدولة بأنه يتوجب على الملتزم‬
‫‪10‬‬
‫الذي يتذرع بنظرية غير المنظور اإلستمرار في تنفيذ اإللتزام تحت طائلة حرمانه من التعويض على أساسها ‪ ،‬وإن التأخير التنفيذ ال يحرم‬
‫الملتزم من الحق في التعويض وفقا لنظرية غير المنظور طالما أنه استمر في التنفيذ ( شوری رقم ‪ ، ۷۰۲‬تاريخ ‪ ، 14/6/۲۰۰۶‬م‪.‬قی ‪...‬‬
‫‪ ، ۲۰۰۸‬ص ‪ . ) ۱۳۱۰‬علما بأن التعويض يجب أن يكون كامال بحيث يغطي الخسارة التي لحقت بالملتزم والربح الذي فاته‬
‫ويميز االجتهاد بين حالتين ‪ ،‬األعباء غير المنظورة والظروف الطارئة‬
‫أ‪ -‬األعباء غير المنظورة وفي هذه الحالة يكون التعويض الذي يستحق للمتعاقد مع اإلدارة كامال يغطي الخسارة التي لحقت بالملتزم والربح‬
‫الفائت ‪.‬‬
‫واألعباء غير المنظورة هي األعباء غير الملحوظة في العقد والتي لم يكن المتعاقد مع االدارة ينتظر حدوثها عندما أجرى العقد معها ‪ .‬فإذا‬
‫صادف المتعاقد صعوبات نادرة وخارقة واستثنائية أثناء تنفيذه للعقد ولم تكن متوقعة عند ابرام العقد ولم يكن توقعها ممكنا أيضا عند ابرام‬
‫العقد وكان من شأنها أن تجعل التنفيذ مرهقة غاية االرهاق ‪ ،‬فيكون للمتعهد حق المطالبة بالتعويض عن األعباء الجديدة ( مثال مياه جوفية‬
‫غير متوقعة ) وعلى اإلدارة أن تعوض على الملتزم ألن هذا العبء أفقده توازنه وذلك من أجل عدم التوقف عن تنفيذ المرفق العام ‪ .‬أما‬
‫شروط تطبيق هذه النظرية فهي ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن تكون الصعوبات التي تعترض تنفيذ العقد من الصعوبات المادية أو الطبيعية كطبيعة األرض أو ما تحتها ‪.‬‬
‫‪ -2‬يجب أن تكون الصعوبات ذات طابع استثنائي أو غير مادية ولم يكن باإلمكان توقع حدوثها أثناء التعاقد من قبل الفريقين ‪.‬‬
‫‪ -3‬يجب أن يضطر الملتزم إلى تنفيذ اشغال أضافية تؤدي إلى زيادة األعباء المالية التي يفرضها العقد ومن شأنها أن تخل في التوازن المالي‬
‫للعقد ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬الظروف الطارئة وفي هذه الحالة على االدارة مساندة الملتزم وليس التعويض عليه كامال كما في حالة األعباء غير المنظورة ‪.‬‬
‫وإن نظرية الظروف الطارئة أو نظرية المخاطر االقتصادية تطبق عندما تحدث طوارئ اقتصادية من شأنها إلحاق الخسارة الفادحة بالمتعاقد‬
‫مع االدارة من جراء متابعة تنفيذ عقد تجاري أو صناعي كارتفاع أسعار بعض المواد األولية ‪ ،‬وأن ارتفاع األسعار ال يعتبر قوة قاهرة تؤدي‬
‫إلى فسخ العقد بل على اإلدارة أن تقدم له مساعدة مالية تسمح له بأن يتخلص من األزمة المالية الخانقة التي يمر بها مشروعهم‬
‫*ثانيا ‪ :‬مبدأ المساواة أمام المرفق العام‬
‫يعتبر مبدأ المساواة من أسمى المبادئ التي يحرص االجتهاد على أعالنها والتمسك بتطبيقها كما تحرص الدساتير على تكريسها في مقدمة‬
‫المبادئ العامة التي تحكم النظام السياسي المعتمد ‪ .‬وهذا ما اتبعه الدستور اللبناني في مادته السابعة عندما نص على أن كل اللبنانيين سواء‬
‫لدى القانون وهم يتمتعون بالسواء بالحقوق المدنية والسياسية ويتحملون الفرائض والواجبات العامة دونما فرق بينهم‬
‫كما أن الدستور عاد وكرس المبدأ المذكور في مقدمته التي أضيفت بموجب القانون الدستوري رقم ‪ ۱۸‬تاريخ ‪ ، ۲۱/۹/۱۹۹۰‬حيث جاء في‬
‫الفقرة ‪ /‬ج ‪ /‬منها النص على أن « لبنان جمهورية ديمقراطية برلمانية ‪ ،‬تقوم على احترام الحريات العامة ‪ ...‬والمساواة في الحقوق‬
‫والواجبات بين جميع المواطنين دون تمايز أو تفضيل » ‪.‬‬
‫ومبدأ مساواة المستهلكين تجاه المرفق العام ما هو إال تطبيق نبدأ المساواة بين المواطنين تجاه القانون ‪ .‬وإذا كان االجتهاد قد استقر منذ أوائل‬
‫هذا القرن على تكريس مبدأ المساواة في االنتفاع من المرافق العامة فإنه في عام ‪ 1951‬وضع هذا المبدأ في مصاف المبادئ األساسية التي‬
‫تحكم سير العمل في مختلف أوجه اإلدارة ونشاطات المرافق العامة ‪.‬‬
‫ففي قضية شهيرة ‪ ،‬أنزلت غرفة موسيقية عقوبات بحق بعض أفرادها الذين تخلفوا عن االشتراك في التمارين المخصصة ألعضاء الفرقة‬
‫بينما شاركوا في الوقت عينه في احياء حفلة موسيقية نظمتها اإلذاعة ‪ ،‬فما كان من هذه األخيرة إال أن منعت بث نشاطات الفرقة الموسيقية‬
‫لمدة معينة ردا على العقوبات المتخذة ‪ ،‬فاعتبر مجلس الدولة أن قرار اإلذاعة يخالف مبدأ مساواة المستهلكين تجاه المرفق العام إذ ال يجوز‬
‫حرمان هذه الفرقة من االستفادة من خدمات المرفق العام للسبب المذكور ‪.‬‬
‫‪(C. E. 9 mars 1951 , sté des concerts du conservatoire Rec . 151 , droit social 1951 P. 368 ,‬‬
‫‪Concl Letourneur , note Rivero - Sirey 1951,3 , 81 , G.A. de la Jurisprudence adm p . 359 ) .‬‬
‫فأصبح هذا المبدأ من أهم المبادئ التي كرسها االجتهاد وفرض احترامها على كافة الهيئات اإلدارية وال سيما التي تتمتع منها بسلطة‬
‫استنسابية ‪.‬‬
‫وما زال االجتهاد مستقرة على ذلك وما زال يعمل على استخالص مضمون هذا المبدأ ونتائجه وامكانية الخروج عنه ‪.‬‬
‫‪( C. E. 10 mai 1974 , Dénoyez et chorques Rec 274. AJ.D.A.P. 238.R.D.F. 1975 P.467 ( note‬‬
‫‪waline ) : Revue adm . 1974 P. 440 , ( note Moderne ) Dalloz 1975 p . 393 ( note Tedeshi ) ) .‬‬
‫كما أن االجتهاد اللبناني مستقر وثابت على تطبيق هذا المبدأ ال سيما في نطاق الوظيفة العامة ‪ ( .‬االجتهادات حول الموضوع كثيرة جدا ‪،‬‬
‫ويكفي الرجوع إلى المجموعة اإلدارية وإلى اجتهادات مجلس شورى الدولة للوقوف على مضمونها ) ‪.‬‬
‫أن المقصود من هذا المبدأ أن يعامل المنتفعون من المرفق العام على قدم المساواة فيما بينهم دون تمييز أو تفرقة ‪ .‬غير أن ذلك ال يمنع أن‬
‫تفرض اإلدارة شروطا معينة لالنتفاع من خدمات المرفق العام بحيث يقتصر االنتفاع منه على فئة معينة من المواطنين دون غيرها وذلك‬
‫حسب طبيعة المرفق العام والنشاط الذي يؤديه ‪ .‬فوضع المستهلكين أي األشخاص الذين يستفيدون من خدمات المرفق العام مشابه ويجب‬
‫بالتالي أن يعاملوا على قدم المساواة باعتبار أن هذا نبدأ ينبثق عن مبدأ المساواة أمام القانون ‪.‬‬
‫يقتضي التمييز هنا بين حالتين يختلف فيهما وضع المستهلك تجاه المرفق العام ‪ .‬ففي الحالة األولى قد يكون المستهلك في وضع تظيمي‬
‫كالطالب في الكلية فيستفيد من الحقوق التي تمنحه إياها األنظمة والقوانين ‪ .‬وبالنسبة لهؤالء المستهلكين ال تعني المساواة تجاه مرفق العام‬
‫شيئا آخر غير المساواة تجاه القانون ‪ ( .‬شوری رقم ‪ ، ۳۵۵‬تاريخ ‪ ، ۱۹۹۰ / ۷ / ۲‬م‪.‬إ‪ ، ۱۹۹۱ .‬ص ‪. ) ۲۰‬‬
‫وفي الحالة الثانية قد يكون المستهلك في وضع تعاقدي المشترك في التلفون أو في الكهرباء أو في المياه ‪.‬‬
‫‪11‬‬
‫فالقاعدة تطبق في هذه الحالة بمعاملة جميع الذين هم في وضعية مشابهة على قدم المساواة ‪ .‬غير أن ذلك ال يحول دون التفريق بصورة‬
‫مغفلة بين مختلف فئات المستفيدين من المرفق العام بحيث ال ينظر إلى وضعية الشخص الخاصة بل إلى وضعيته گمستهلك ‪ .‬فال تستطيع‬
‫مثال مؤسسة الكهرباء أن تضع تعريفات مختلفة بالنظر لدخل المستهلك ولكنها تستطيع أن تفرق بين التعريفات بالنسبة لتوقيت االستهالك ‪.‬‬
‫فتحدد مثال تعرفة لالنارة تختلف عن تعرفة الصناعة بمعنى أن األشخاص الذين يكونون في وضع مشابه يخضعون لذات الشروط ولكن إذا‬
‫اختلفت أوضاع المنتفعين ومراكزهم وظروفهم جاز للمرفق العام حسب الضرورات االجتماعية في بعض األحيان أن يميز بينهم في المعاملة‬
‫فيميز مثال بين ركاب الدرجة األولى في األوتوبيس وركاب الدرجة الثانية ‪ ،‬والكتاب المضمون يستوفي عنه رسم يزيد عن الرسم المستوفي‬
‫عن الكتاب العادي ومياه الشرب يستوفى عنها رسم غير الرسم الذي يستوفي عن مياه الري ‪.‬‬
‫ومن حق المواطنين وبصورة خاصة المنتفع من المرفق العام أن يطالبوا باحترام تنظيم المرفق العام ‪ ،‬وقد يلحظ هذا التنظيم وضع شروط‬
‫تتعلق بالدخول إلى المرفق العام ‪ ،‬ومثل هذه الشروط ال تتعارض مع مبدأ المساواة شرط أن تكون واحدة بالنسبة للجميع ‪.‬‬
‫يشترط لتطبيق مبدأ المساواة ‪ ،‬أن يكون المنتفعون من خدمات المرفق العام في وضع مماثل ‪ ،‬وأن يكون التدبير المطلوب االستفادة منه‬
‫قانونيا ‪ ( .‬شورى رقم ‪ ، ۱۸۳‬تاريخ ‪ ، ۲۳/۵/۱۹۷۷‬غير منشور ‪ ،‬شوری رقم ‪ ، ۳۱4‬تاريخ ‪ ، 14/۷/۱۹۷۷‬غير منشور ‪ ،‬شوری رقم‬
‫‪ ، ۳۲۹‬تاريخ ‪ ، 4/۸/۱۹۷۷‬غير منشور ؛ شوری رقم ‪ ، ۳۹‬تاريخ ‪ ، ۲۳/۱/1965‬م ‪ ، 1965 ...‬ص ‪ ۲۰۱‬؛ شوری رقم ‪ ، ۲۱‬تاريخ‬
‫‪ ، 14/۷/۱۹۲۹‬م ‪ ، ۱۹۷۰ ...‬ص ‪. ) 43‬‬
‫وقد اعتمد االجتهاد تطبيق مبدأ المساواة بحيث إنه اتخذه أساسا لفصل الكثير من القضايا وذلك باالرتكاز إلى ما يسمى باألوضاع المماثلة ‪،‬‬
‫فاعتبر‪:‬‬
‫ أن القرار الصادر عن رئيس البلدية بمنع الدخول إلى مسبح البلدية لألشخاص الذين يتجاوز مدخولهم مبلغا معينا هو قرار باطل ألنه يخالف‬‫مبدأ المساواة بين المستفيدين من المرافق العامة ‪.‬‬
‫ أن القرار البلدي الذي يمنح مواقف خاصة على الطرقات العامة يخالف مبدأ المساواة بين المستفيدين من الطرقات العامة ‪.‬‬‫*أمثلة على تطبيق مجلس شورى الدولة في لبنان المبدأ المساواة‬
‫ا‪ -‬أن المساواة يجب أن تتحقق بين الموظفين الخاضعين لنظام واحد في الحقوق الناجمة عن تطبيق القانون تطبيقة سليمة وليس في المنافع‬
‫التي يحصل عليها البعض منهم خالفا للقانون أو تحاية عليه ‪ ( ،‬شورى رقم ‪ ، ۲۱‬تاريخ ‪ ، 14/۷/۱۹۹۹‬م ‪ ، ۱۹۷۰ ..‬ص ‪. ) 43‬‬
‫‪ - ۲‬أن التدبير الذي تتخذه بلدية بحق أحد األشخاص بعدم تخفيض الرصيف وبوضع السالسل الحديدية على حافة الرصيف أمام مكتب‬
‫للسفريات في حين أنها خفضت الرصيف أمام المحالت التجارية األخرى ولم تمنع وقوف السيارات أمام مكاتب السفر كافة التي هي في‬
‫وضع مماثل تماما لوضع مکتب هذا الشخص ومن بينها من هي واقعة على مقربة منها ‪ .‬هذا التدبير هو مخالف القاعدة المساواة بين فئة‬
‫معينة من المواطنين خاضعة لنظام واحد ‪ ( .‬شوری رقم ‪ ، ۳۶۱‬تاريخ ‪ ، ۱۹۹۸ / 14 / ۳‬م ‪ ، ۱۹۹۸ ...‬ص ‪) ۷۲‬‬
‫أن اإلخالل بمبدأ المساواة يفتح باب الطعن بالقرار اإلداري الذي خرق المبدأ إما ألبطاله وإما المطلب التعويض عن الضرر الناتج عنه ‪.‬‬
‫فمسؤولية السلطة العامة تبنى هنا على أساس المساواة أمام األعباء العامة ‪ .‬ولكن ينبغي التمييز بالنسبة لحق الطعن وامكانية اإلبطال بين‬
‫الحاالت التي يحصل فيها االنتفاع من مرفق عام إداري يخضع للقانون العام وللقضاء اإلداري والحاالت التي يحصل فيها اإلنتفاع من مرفق‬
‫عام صناعي أو تجاري ( يخضع في ممارسة نشاطه للقانون الخاص ) ‪C. E. 21 Avril 1961 , Dame Agnési , Rec , p . ( .‬‬
‫‪253 ) .‬‬
‫في ما يتعلق بالمرافق العامة اإلدارية ‪ ،‬للمنتفع أن يلجأ إلى الطعن بالقرار الذي يخالف مبدأ المساواة ويطلب أبطاله لتجاوز اإلدارة حد‬
‫السلطة وذلك أمام القضاء اإلداري‬
‫أما في حالة المرافق العامة الصناعية أو التجارية حيث تخضع عالقة المنتفع مع المرفق العام للقانون الخاص فالمنتفع ال يمكنه الطعن‬
‫بالقرار الذي يخرق مبدأ المساواة ألن القضاء اإلداري غير صالح للنظر في مراجعة االبطال المقدمة منه ويبقى من الممكن الخروج على‬
‫مبدأ المساواة كأن توضع شروط معينة لإلنتفاع من المرفق العام ‪ ،‬تحصر االستفادة من خدماته بفئة معينة من المواطنين ويمكن حتى ضمن‬
‫ذات الفئة تصنيف المنتفعين إلى فئات وذلك باضافة شروط أخرى ‪ .‬ويمكن أيضا خرق مبدأ المساواة في اإلنتفاع من المرفق العام عندما‬
‫يكون ذلك نتيجة لنص القانون ‪ .‬ويمكن من جهة أخرى خرق مبدأ المساواة بالرغم من توفر الشروط المطلوبة ويكون ذلك من أجل المحافظة‬
‫على المصلحة العامة أو على النفع العام ‪C.E. 10 mai 1974 , Denoyez et chorques , précité ) . ( .‬وقد أثيرت المسألة‬
‫أمام القضاء اإلدا ري المصري في ما يتعلق بامكانية استخدام اإلدارة لسلطتها االستنسابية في تطبيق مبدأ المساواة وكان ذلك بخصوص‬
‫التمييز بين الذكور واإلناث لشغل بعض الوظائف بالرغم من توفر الشروط المطلوبة في كافة المرشحين ذكورا وإناثا ( حكم محكمة القضاء‬
‫اإلداري في ‪ ، ۲۲/۱۲/۱۹۰۳‬مجموعة أحكام المحكمة ‪ ،‬السنة الثانية ‪ ،‬ص ‪C.E , 3 Juill . 1936 , Dell ( Bobard , Rec - ۳۰۶‬‬
‫‪. 721‬‬
‫وقد كان من المحتمل اثارة هذه المسألة أمام القضاء اللبناني بسبب اقصاء اإلناث عن االشتراك في احدى مباريات الدخول لمعهد الدروس‬
‫القضائية في العام ‪1994‬‬
‫إن إعمال مبدأ المساواة تجاه المرفق العام يقود إلى تطبيق المبادئ التالية ‪:‬‬
‫‪ -۱‬مبدأ المساواة تجاه األعباء العامة‪:‬‬
‫وهذا يعني أن جميع الذين يكونون في وضع مماثل يجب أن يتحملوا ذات األعباء وفي هذا المجال هناك أمثلة كثيرة على تطبيق هذا المبدأ‬
‫في االجتهاد اإلداري ‪ ،‬ففي فرنسا صدر عن مجلس الشورى الفرنسي عام ‪ ۱۹۲۳‬قرار مبدئي في قضية ( ‪CE . 23 nov 789 .‬‬
‫‪.Couiteas , Rec 1923 ) .‬وموجز هذه القضية أن السيد كويتياس أستحصل من المحكمة المدنية على حكم يقضي باعالن ملكيته ألحد‬
‫العقارات الواقعة في تونس ويقضي باخالء هذا العقار من بعض القبائل التي احتلته ‪ .‬ولكن حصل أن السلطة المخولة بالتنفيذ تمنعت عن تنفيذ‬
‫هذا القرار بحجة أن اإلخالء يتطلب تجهيز قوة كبيرة من رجال األمن والتنفيذ قد يؤدي إلى حدوث مشاكل تخل بالنظام العام ‪ .‬فما كان من‬
‫‪12‬‬
‫كويتياس إال أن رفع قضيته إلى مجلس الشورى فرنسي وطالب بابطال قرار اإلدارة القاضي بعدم التنفيذ بحجة انه مواطن فرنسي حصل‬
‫على قرار قضائي واإلدارة تمنعت عن تنفيذ ‪ .‬فاعتبر مجلس الشورى أنه إذا كان يحق لالدارة أن تتذرع عدم تنفيذ حكم قضائي بضرورات‬
‫المحافظة على النظام العام وعلى السالمة العامة فإنه ال يجوز أن يتحمل مواطن واحد أو فئة من المواطنين أعباء المحافظة على النظام العام‬
‫وبالتالي يقتضي عمال بمبدأ مساواة جميع المواطنين تجاه األعباء العامة أن يحصل هذا المواطن أو تلك الفئة من المواطنين على التعويض‬
‫الكافي لقاء تضرر الذي لحق به أو بهم من جراء عدم التنفيذ أو بسبب تقاعس اإلدارة عن تنفيذ حكم قضائي ‪.‬‬
‫وفي لبنان تعرض مجلس شورى الدولة لهذه المسألة في الكثير من القرارات التي صدرت عنه ‪ ( .‬شوری رقم ‪ ، 854‬تاريخ ‪14/۷/1964‬‬
‫‪ ،‬د ‪ ، 1964 ! .‬ص ‪ ۲۳۵‬؛ شوری رقم ‪ ، ۱۳۱4‬تاريخ ‪ ، 14/۷/۱۹۹۷‬م ‪ ، ۱۹۹۷ ...‬ص ‪ ۲۰۲‬؛ شوری رقم ‪ ، ۷‬تاريخ ‪۱۹/۱/۱۹۷۰‬‬
‫‪ ،‬م ‪ ، ۱۹۷۱ ...‬ص ‪ ۱۸۸‬شوری رقم ‪ ، ۱۱4‬تاريخ ‪ ، 6/۱۱/۱۹۷۱‬م‪.‬إ‪ ، ۱۹۷۲ .‬ص ‪ ۳۳‬؛ شوری رقم ‪ ، ۸۱‬تاريخ ‪ ، ۱۸/۶/۱۹۸۶‬م ‪.‬‬
‫ق ‪ ، ۱۹۸۰ ...‬ص ‪ ۲۹۹‬؛ شورى رقم ‪ 161‬تاريخ ‪ ، 4/۱۲/۲۰۰۳‬م ‪.‬ق ‪ ، ۲۰۰۸ ...‬ص ‪. ) 314‬‬
‫ففي العام ‪ 1964‬اعتبر مجلس شورى الدولة في قضية هنري فرعون ورفاقه أن عدم مؤازرة قوى األمن الدائرة التنفيذ ال يشكل عم حكومية‬
‫‪ ،‬فإذا كان للحكومة أن تمتنع عن تأمين القوة المسلحة لتنفيذ أحد األحكام ألسباب تتعلق باألمن والنظام العامين فإن من حق المتقاضين في هذه‬
‫الحالة أن يطالبوها بالتعويض إذا ما تجاوز التأخير في التنفيذ مدة معقولة وإذا ما نتج ضرر عن عدم التنفيذ ( شوری ( مجلس القضايا ) رقم‬
‫‪ ، ۳۶۳‬تاريخ ‪ ، ۱۷/۳/1964‬م ‪ ، 1964 ...‬ص ‪. ) ۱۱۰‬‬
‫‪ -2‬مبدأ المساواة في الدخول إلى الوظيفة العامة‪:‬‬
‫آن مبدأ المساواة في الدخول إلى الوظيفة العامة االجتهاد بشكل واضح وحاسم وهو يقضي باعطاء الحق لجميع المواطنين للدخول إلى‬
‫الوظيفة العامة دون أي تمييز فيما بينهم ‪ .‬ولكنه أجاز في بعض الحاالت مخالفة هذا المبدأ ألسباب تفرضها المصلحة العامة أو طبيعة‬
‫الوظيفة ‪.‬‬
‫ففي قضية ‪ ( Delle Bobard , C. E , 3 Juill . 1936 Rec . 731 ) ,‬كان األمر يتعلق بتخصيص بعض الوظائف اإلدارية‬
‫العليا في وزارة الدفاع الفرنسية للموظفين من الذكور دون اإلناث فتقدمت اآلنسة بوبار وأربعون من زميالتها وهن موظفات في وزارة‬
‫الدفاع بمراجعة أمام مجلس الشورى تطلبن فيها ابطال هذا القرار ألنه يخالف مبدأ المساواة في الدخول إلى الوظائف العامة لجهة التمييز بين‬
‫الذكور واإلن اث فقضى المجلس باعالن حق اإلناث بالدخول إلى جميع الوظائف العامة على قدم المساواة مع الذكور ولكن يحق للحكومة‬
‫لضرورات المصلحة العامة بالنظر لطبيعة الوظائف أن تميز في المعاملة بين الذكور واإلناث فتخصص مثال وظائف معينة بفئة معينة من‬
‫الناس ‪ .‬وفي القضية الحاضرة اعتبر المجلس أن طبيعة العمل في وزارة الدفاع تبرر حرمان اإلناث من تولي بعض الوظائف فيها ويبقى‬
‫للقضاء حق اجراء رقابته على ممارسة اإلدارة لهذا التمييز ‪.‬‬
‫وفي لبنان يعترف التشريع كما يعترف االجتهاد بمبدأ المساواة بين جميع المواطنين للدخول إلى الوظيفة العامة إال أن نظام الموظفين العام‬
‫في لبنان ( المرسوم اإلشتراعي ‪ ) ۱۱۲/۰۹‬نص في المادة ‪ ۹6‬منه على أن تراعى في تعيين الموظفين أحكام المادة ‪ 95‬من الدستور التي‬
‫كانت تنص ‪ « :‬بصورة مؤقتة والتماسا للعدل والوفاق تمثل الطوائف بصورة عادلة في الوظائف العامة وتشكيل الوزارة دون أن يؤدي ذلك‬
‫و اإلضرار بمصلحة الدولة ( شوری رقم ‪ ، ۱۱۹۷‬تاريخ ‪ ، 4/۱۱/1966‬د ‪ ، ۱۹۶۷ .‬ص ‪ . ) 45‬وقد عدلت المادة ‪ 95‬المشار إليها‬
‫بموجب القانون ستوري الصادر في ‪ ۲۱/۹/۱۹۹۰‬على النحو التالي ‪:‬‬
‫"‪...‬في المرحلة االنتقالية ‪:‬‬
‫أ‪ -‬تمثل الطوائف بصورة عادلة في تشكيل الوزارة ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬تلغي قاعدة التمثيل الطائفي ويعتمد االختصاص والكفاءة في الوظائف العامة والقضاء والمؤسسات العامة والمختلطة وفقا تقتضيات‬
‫الوفاق الوطني باستثناء وظائف الفئة األولى فيها وفي ما يعادل الفئة األولى ‪ .‬وتكون هذه الوظائف مناصفة بين المسيحيين و المسلمين دون‬
‫تخصيص أية وظيفة ألية طائفة مع التقيد بمبدأي االختصاص والكفاءة » ‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار ‪ ،‬وقبل تعديل المادة ‪ 95‬من الدستور ‪ ،‬كان مجلس الخدمة المدنية قد أعلن في العام ‪ ۱۹۹۳‬عن اجراء مباراة تعيين موظفين‬
‫في الفئة الثالثة في وزارة التصميم العام ‪ ،‬فقدمت اآلنسة شمص ترشيحها في هذه المباراة وعند أعالن النتائج وأسماء الناجحين كانت من بين‬
‫الفائزين ومرتبتها الثالثة ‪ .‬صدر مرسوم التعيين وهو يقضي بتعيين الفائز في المرتبة الرابعة متخطيا اآلنسة شمص التي كانت مرتبتها أسبق‬
‫من مرتبة الرابع وذلك ألنها كانت من الطائفة الشيعية التي ينتمي إليها أول الناجحين ‪.‬‬
‫وقد اعتبر مجلس شورى الدولة أن المادة ‪ 95‬من الدستور اللبناني تقضي بمراعاة التمثيل الطائفي في تعيين الموظفين تحقيقا للعدالة‬
‫واالنصاف بين مختلف الطوائف ما لم يكن ذلك منافية للمصلحة العامة ‪ .‬فإذا كانت القاعدة في التعيين في الوظيفة العامة توجب بنتيجة‬
‫المباراة التقيد بترتيب الناجحين فإن هذه القاعدة تبقى محترمة وال يتنافى تطبيقها مع تطبيق أحكام المادة ‪ 46‬من المرسوم اإلشتراعي رقم‬
‫‪ ۱۱۲/۵۹‬المعطوفة على المادة ‪ 45‬من الدستور اللبناني وذلك بأن يعمل بقاعدة التقيد بالترتيب ضمن قائمة الناجحين بالنسبة لكل من‬
‫الطوائف فيفضل للتعيين أسبق الناجحين من كل طائفة ‪.‬‬
‫*ثالثا ‪ :‬مبدأ التطوير المستمر بما يتالءم وحاجات العموم أو قابلية المرفق العام للتطوير‬
‫يحدث المرفق العام لتلبية بعض الحاجات فهناك إذا حاجات معينة بررت أنشاءه ‪ ,‬فمن البديهي أنه عندما ال يبقى حاجة مطابقة اله ‪ ،‬يعود‬
‫للسلطة المختصة أن تلغيه ‪ ،‬وإذا امتنع عليها توقيف سير العمل فيه فليس ما يمنعها من الغاء تنظيمه بحد ذاته ‪ ،‬فمن حق السلطة اذن أن‬
‫تعدل القواعد المختصة بتنظيم وسير المرفق العام لتجعله قادرة على تحقيق غرضه بأفضل األساليب ومالئمة للتطورات الحديثة ‪ ،‬وال تحد‬
‫من سلطة اإلدارة الطريقة التي يدار بها المرفق العام ‪ ،‬سواء أكانت مباشرة أو غير مباشرة ‪.‬‬
‫‪13‬‬
‫ومبدأ تطوير المرفق العام يبدو وكأنه تطبيق لمبدأ االستمرار إال أنه يختلف عنه باعتبار أن االستمرار يعني متابعة العمل وفقا لنظام المرفق‬
‫العام بينما التطوير يفتر ض تعديل هذا النظام ويستمد هذا الحق المعطى لإلدارة من السلطة التنظيمية التي تتمتع بها وتخولها وضع األنظمة‬
‫المالئمة لسير المرافق العامة بانتظام وبشكل يكفل لها تحقيق الغاية التي أنشئت من أجلها ‪.‬‬
‫وقاعدة التطوير المستمر بما يتفق والغرض من انشاء المرفق العام تنتج مفاعيل عديدة ‪:‬‬
‫‪ -1‬بالنسبة للمستهلكين‬
‫ال يكتسب المستهلك حقا باإلبقاء على نوع معين من الخدمات المؤداة له وتبعا لتبدل الظروف من واجب اإلدارة أن تكيف المرفق العام ‪ .‬فلو‬
‫طورت أجهزة اإلذاعة مثال والتلفزيون بحيث لم تعد معظم األجهزة المستعملة صالحة فال يحق ألصحابها المطالبة بالتعويض ‪۲ .‬‬
‫‪ -2‬بالنسبة للمستخدمين أو الموظفين‬
‫إن أوضاعهم التنظيمية قابلة للتعديل في أي وقت كان دون أن يكون لهم حق مكتسب ناشئ عن األحكام السابقة ‪ .‬مثال يعود لإلدارة أن تلغي‬
‫احدى الوظائف في معرض اعادة النظر بتنظيم المرفق العام دون أن يحق لصاحب العالقة أن يعترض على ذلك ‪.‬‬
‫‪ -۳‬بالنسبة لعالقات السلطة بأصحاب االمتيازات‬
‫يحق للسلطة أن تدخل باالنفراد التعديالت الالزمة على عقد االمتياز عندما تتطلب ذلك ضرورات المصلحة العامة وأن تعدل ضمن بعض‬
‫التحفظات شروط تنفيذ العقد ‪ .‬وفي هذا المجال يعتبر مبدأ التطوير األساس الذي يفسر حق اإلدارة في تعديل العقود اإلدارية استجابة‬
‫لمقتضيات المصلحة العامة ‪ .‬ويترتب على اإلدارة مقابل البند الخارق الذي يعطيها حق التعديل مسؤولية التعويض عن األضرار الالحقة‬
‫بالمتعاقد من جراء هذا التعديل ‪ .‬ففي قضية ( ‪CE , 10 Janv 1902 Compagnie nouvelle du Gaz de Deville - lès - .‬‬
‫) ‪Rouen , Rec , 5 , 38 .G.A . td , 1969 , P‬طبق مجلس الشورى الفرنسي مبدأ التطوير المستمر ‪ .‬وموجز هذه القضية أن‬
‫هذه الشركة نالت في أواخر القرن التاسع عشر امتيازا لتأمين اإلنارة بواسطة الغاز ‪ .‬وفي تلك الفترة ظهرت الكهرباء واعتمدت بدل الغاز‬
‫لتأمين اإلنارة فطلبت البلدية من هذه الشركة تطوير أجهزتها أو استبدال الغاز بالكهرباء فرفضت فما كان من البلدية إال أن لجأت إلى شركة‬
‫أخرى تعمل على الكهرباء وأعطتها امتيازة بانارة المدينة ‪ .‬رفعت الشركة الدعوى أمام مجلس الشورى مطالبة بالتعويض عن الضرر‬
‫الالحق بها باعتبار أن االمتياز الذي تملكه يعطيها حقا حصريا في هذا الموضوع دون سائر الشركات فاعتبر مجلس الشورى أنه عمال بمبدأ‬
‫التطوير المستمر للمرفق العام يتحتم على شركة الغاز أن تواكب التطور الحاصل وأنه على البلدية أن تلجأ أوال إلى الشركة صاحبة االمتياز‬
‫وتطلب منها ذلك فإذا رفضت جاز لها أن تتوجه إلى شركة أخرى ‪.‬كما اعتبر مجلس الشورى الفرنسي في قضية ( ‪CE mars . , 21‬‬
‫) ‪1910 , Companie générale française des tramways , Rec . , 216 ; 96 , 1969 , .G.A.ed‬أنه يجب الرجوع‬
‫إلى نية الفريقين المتعاقدين والهدف الذي من أجله منحت الشركة اإلمتياز لكي يمكن تعديل بنود هذا العقد ‪ .‬وموجز هذه القضية أن احدى‬
‫المدن الفرنسية منحت الشركة الفرنسية للترامواي امتيازة يقضي بتأمين النقل داخل المدينة بواسطة خطوط الترامواي ‪ .‬كما تضمن هذا العقد‬
‫تحديد لعدد هذه الخطوط والحافالت التي يتوجب استثمارها ‪ .‬لكن مع الوقت وزيادة عدد السكان ازدادت الحاجة إلى خطوط جديدة وحافالت‬
‫اضافية مما اضطر البلدية إلى أن تطلب من الشركة زيادة عدد الخطوط المستثمرة حتى تتمكن من سد الحاجات المتزايدة لهذه الجهة‬
‫فرفضت الشركة تعديل بنود العقد وبالتالي زيادة الخطوط ‪ .‬وقد اعتبر مجلس الشورى أن نية الفريقين من ابرام عقد االمتياز موضوع النزاع‬
‫كان تأمين حاجة السكان لوسيلة نقل معينة ‪ ،‬وأنه يقتضي تبعا لمبدأ التطوير المستمر للمرفق العام مواكبة التطور حتى يستمر المرفق العام‬
‫في تأمين الخدمات والحاجات العامة وإال فقد مبرر وجوده ‪ .‬وقضى في النتيجة أنه مقابل اجابة طلب البلدية بزيادة عدد خطوط النقل‬
‫والحافالت يحق للشركة الحصول على التعويض المناسب ‪ .‬استمر هذا االجتهاد وتكرس في أكثر من قرار وال سيما في قضية ‪C. E. ( :‬‬
‫‪26 mai 1930. Viette , Rec , 564. G.A. ed . 1969 p . 4 . - C.E. 12 mai 1933 , Cie gle des eaux , Rec ,‬‬
‫‪ 508 ) .‬ففي القضية األولى اعتبر مجلس الشورى الفرنسي أن نية تطرفين في العقد كانت تهدف إلى تأمين إنارة المدينة بواسطة كهرباء ‪،‬‬
‫األمر الذي يوجب على صاحب االمتياز االستجابة لطلب بلدية زيادة انتاجه من الطاقة الكهربائية ‪ .‬وموجز هذه القضية ان السيد ‪VIETTE‬‬
‫حصل على امتياز بإنارة المدينة بواسطة مولد كهربائي قوته ‪ ۷۰‬حصانا ‪ .‬وعندما لم تعد الطاقة المتفق عليها تكفي لسد حاجات السكان ‪،‬‬
‫طلبت المدينة منه زيادة طاقته فرفض متذرعة ببنود العقد ‪ .‬فاعتبر مجلس الشورى أنه يتحتم على البلدية تطلب من صاحب االمتياز تعديل‬
‫بنود العقد لجهة مواكبة التطور فإذا رفض حق لها أن تتعاقد مع شركة أخرى لتأمين الطاقة اإلضافية ‪ .‬وفي القضية الثانية قضى المجلس بأنه‬
‫في حال لم تعد كمية مياه المتفق عليها ( ‪ ۲۶۰۰‬م ‪ ) ۲‬تكفي حاجة السكان المتزايدة ‪ ،‬فإنه يتحتم على البلدية أن تطلب من الشركة تأمين‬
‫مصادر اضافية المياه لسد حاجات السكان وفي حال رفضت يعود لها أن تتعاقد مع مصدر آخر‬
‫‪-‬المبحث الثالث طرق إدارة المرفق العام‬
‫‪14‬‬
‫عند تعريف المرفق العام راينا أنه يدار من قبل شخص عام ( الدولة ‪ ،‬والبلدية والمؤسسات العامة أو من قبل شخص خاص ( فرد ‪ :‬شركة‬
‫تجارية ‪ ،‬شركة اقتصاد مختلط‬
‫وطرق إدارة المرافق العامة تختلف باختالف أنواعها ‪ ،‬وبإمكان الدولة اعتماد اإلدارة إدارة المرفق العام إلى شخص طبيعي أو معنوي ‪:‬‬
‫إدارة غير مباشرة المباشرة أو امتياز ‪ ،‬شركة مختلطة ‪.‬‬
‫ولإلدارة سلطة استنسابية في اختيار الطريقة المناسبة إلدارة المرفق العام ‪ ،‬باستثناء طبعا المرافق األمنية التي تدار دائمة مباشرة من اإلدارة‬
‫‪ ،‬وهذا ما أكده مجلس الشورى الفرنسي‬
‫*اوال ‪:‬اإلدارة المباشرة‬
‫عرف العالمة ‪ Waline‬اإلدارة المباشرة كما يلي ‪ :‬ثمة إدارة مباشرة عندما يتولى الشخص العام مباشرة إدارة المرفق العام وعلى مسؤوليته ‪،‬‬
‫باستعمال األموال العامة الالزمة وبواسطة جهاز يعينه ويشرف عليه ‪ ،‬ويتأمين كل ما يلزم التسيير المرفق واالتصال مباشرة بالمستفيدين من‬
‫المرفق العام ويتحمل المسؤولية عن األضرار التي قد تلحق باألشخاص الثالثين ( أو الغير ) من جراء عمل المرفق العام ‪ : .‬ومعظم المرافق‬
‫العامة تدار بهذه الطريقة ‪.‬‬
‫في لبنان اإلدارة المباشرة تتم على صعيد مرکزي بواسطة وزارات متخصصة ينسق بينها‬
‫رئيس الحكومة الذي يعطي التوجيهات العامة لقمان حسن سير العمل والمادة ‪ 64‬من الدستور في ‪ ، 7‬ويتابع أعمال اإلدارات العامة والمؤسسات‬
‫العامة‬
‫يتولى الوزراء إدارة مصالح الدولة ويناط بهم تطبيق األنظمة والقوانين كل ما يتعلق باألمور العائدة إلى إدارته ( المادة ) ‪ ( 6‬من الدستور )‬
‫الوزير هو الرئيس التسلسلي األعلى إلدارته ‪ ،‬له حق التعيين والتاديب وإصدار التعليمات والمذكرات اآليلة إلى تنسيق األعمال بين كافة‬
‫الوحدات اإلدارية التابعة لوزارته ‪ ،‬وال يستطيع القيام بمهامه اال بمعاونة السلطات األخري ‪ :‬اإلدارات العامة ‪ .‬وتتالف الوزارة من مديريات‬
‫عامة ‪ -‬مديريات ‪ -‬مصالح ‪ -‬دوائر وأقسام ‪ .‬ويشرف رئيس الجمهورية على كافة األعمال ‪.‬‬
‫إلى جانب الوزارات هناك هيئات استشارية ( مجلس الخدمة المدنية ‪ ،‬مجلس شوری الدولة ‪ ،‬هيئة التفتيش المركزي ) ‪...‬‬
‫على الصعيد اإلقليمي ‪ ،‬اإلدارة المركزية ممثلة بالمحافظ الذي يدير أجهزة الوزارات في المحافظة ‪ ،‬وله طبعا صالحيات واسعة ‪ .‬وفي القضاء‬
‫يتولى القائمقام شؤون القضاء ممثال السلطة المركزية‬
‫وعلى الصعيد المحلي ‪ ،‬يتولى السلطة التنفيذية في البلدية رئيس المجلس البلدي الذي ينفذ قرارات المجلس البلدي‬
‫*ثانيا ‪ :‬اإلدارة غير المباشرة‬
‫اإلدارة غير المباشرة هي اإلدارة ذات المنتفعة كما يسميها ‪ Vedel . ،Delvolve ، Waline‬في اإلدارة غير المباشرة ‪ ،‬حسب‬
‫‪ ،Chapus‬ينشئ الشخص العام المرفق وينظمه ويوكل إدارته إلى شركة تستفيد من األرباح وال تشارك في الخسارة التي يتحملها الشخص‬
‫العام وحده‬
‫يعطي هذا النمط من اإلدارة المستمر استقالال إداريا و في فرنسا اإلدارة غير المباشرة معتمدة في مجال الجريدة الرسمية والنقد واألوسمة ‪:‬‬
‫في لبنان لجأت الدولة إلى هذه الطريقة في إدارات حصر التبغ والتنباك التي يديرها مجلس إدارة الريجي الذي حل محل إدارة الشركة‬
‫المحتكرة ‪ ،‬والتي نظمت بالمرسوم االشتراعي رقم ‪59/151‬‬
‫وعند انتهاء مدة امتياز الشركة عادت الريجي إلى المالك األساسي ‪ ،‬أي الدولة سنة ‪ 1979‬ء كما صدر نظام أجراء إدارة حصر التبغ‬
‫والتنباك في‪23-10-1992‬‬
‫*ثالثا ‪ :‬المؤسسات العامة‬
‫‪ -1‬تعريف المؤسسة العامة‬
‫في البداية ال بد من تعريف المؤسسة العامة ‪ ،‬وهذا ليس باألمر السهل ‪ ،‬إذ لم يعرفی المشترع وال االجتهاد ‪ -‬في فرنسا ‪ -‬المؤسسة العامة‬
‫بشكل واضح ودقيق ‪ .‬كما أن ازدياد وتنوع المؤسسات العامة قد ساهما في تعقيد األمر ‪ .‬ولم يفلح الفقه من جهته في تعريف المؤسسة العامة‬
‫العالمة الفرنسي ‪ Hauriou‬عرف المؤسسة العامة بأنها " مرفق عام متخصص يتمتع بالشخصية المعنوية ‪ " ( 3 ) .‬واعتمد الفقيهان‬
‫‪Waline‬و ‪ de Laubadere‬هذا التعريف أيضا‬
‫أما العالمة ‪ Chapus‬فرأى أنه ال يوجد معيار للمؤسسة العامة واعتبر انها " شخص متخصص من أشخاص القانون العام " ‪ ،‬وقد تخلى في‬
‫تعريفه عن عنصر المرفق العام ‪ .‬كما وأكد وجود أزمة في مفهوم المؤسسة العامة‬
‫أما المرسوم رقم ‪ 6474‬الصادر في ‪ 26-1-1967‬بناء على القانون رقم ‪ 7‬والذي ألغي المرسوم االشتراعي رقم ) ‪ 150‬فقد عزف‬
‫المؤسسة العامة في مادته األولى على الشكل التالي‪:‬‬
‫تعتبر مؤسسات عامة و مصالح مستقلة المؤسسات العامة والمصالح المستقلة التي تتمتع بالشخصية المعنوية واالستقالل المالي وقد حددت‬
‫غاياتها عند إنشائها " ۔‬
‫‪15‬‬
‫وأخيرا المرسوم رقم ‪ 4571‬الصادر في ‪ 13-12-1972‬والذي ألغي المرسوم السابق ( رقم ) ‪ 6474‬نص في مادته األولى على أن "‬
‫المؤسسات العامة تشمل أشخاص القانون العام المستقلين عن الدولة والبلديات "‬
‫وعرفها في مادته الثانية بقوله " ‪ :‬تعتبر مؤسسات عامة بمقتضى أحكام هذا المرسوم المؤسسات العامة التي تولى مرفقة عاما وتتمتع‬
‫بالشخصية المعنوية واالستقاللين المالي واإلداري‬
‫" وأشار في مادته الثالثة إلى أنه ‪ :‬يجب أن يتضمن نص اإلنشاء غاية المؤسسة العامة ‪" .‬‬
‫وهذا المرسوم حدد كما نالحظ عناصر المؤسسة العامة‪ ،‬وهذا ما دفع الفقه في لبنان إلى تعريف المؤسسة العامة بأنها ‪ :‬مرفق عام متخصص‬
‫يتمتع بالشخصية المعنوية واالستقالل المالي واإلداري‪.‬‬
‫وبالرجوع إلى نص نظام المؤسسات العامة في لبنان (المرسوم ‪ (72/4517‬الذي حماده نشأة المؤسسات عناصر هذه المؤسسة ‪ ،‬ترى أن‬
‫النقاط القانونية التي يمكن أن يشيرها موضوع العامة تتعلق بالمرفق العام ‪ ،‬والشخصية المعنوية ‪ ،‬وغاية المؤسسة‬
‫‪ -2‬نشاة المؤسسة العامة‬
‫أ‪ -‬المرفق العام‬
‫المرسوم رقم ‪ 4517‬الصادر في ‪ 13-12-1972‬هو الذي يرعى المؤسسات العامة في لبنان النظام العام للمؤسسات العامة ) ‪ ،‬باستثناء البعض‬
‫منها ‪ ،‬كما ورد في المادة‪: 40‬‬
‫“يبقى كل من مصرف لبنان والصندوق الوطني للضمان االجتماعي وتعاونية موظفي الدولة والمجلس الوطني للبحوث العلمية ومجلس تنفيذ‬
‫المشاريع اإلنشائية ومجلس تنفيذ المشاريع الكبرى لمدينة بيروت والجامعة اللبنانية والمركز التربوي للبحوث واإلنماء خاضع القانون إنشائه‬
‫وللنصوص التنظيمية الصادرة تطبيقا له‪" .‬‬
‫بالنسبة لطرق إنشاء المؤسسة العامة ‪ ،‬كان المرسوم االشتراعي رقم ‪ 150‬الصادر سنة ‪ 1959‬ينص على أن المؤسسة العامة تنشأ وتلغي بقانون‬
‫‪ ،‬وكذلك القانون الصادر سنة ‪ 1966‬والمنفذ بالمرسوم ‪ 67/4517‬غير أن المرسوم ‪ 72/4517‬نص في مادته الثالثة على أن المؤسسات العامة‬
‫تنشأ وتلغى بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء ‪ ،‬مما بسط أصول إنشاء المؤسسات العامة األمر الذي ساعد على زيادة عددها في لبنان ‪ ،‬وهو‬
‫يناهز حاليا السبعين‬
‫وقد يتقلص هذا العدد ‪ ،‬بسبب الخصخصة وبسبب دمج المجالس ( المجالس دمج مجلس تنفيذ المشاريع اإلنشائية ومجلس تنفيذ المشاريع‬
‫الكبرى المدينة بيروت بمجلس اإلنماء واالعمار)‬
‫يختلف الوضع في فرنسا إلى حد ما ‪ ،‬فقبل صدور الدستور الفرنسي سنة ‪ 1958‬كانت المؤسسات العامة تنشأ بقانون يحدد غرضها والمبادئ‬
‫التي تخضع لها ‪ ،‬عمال بالمادة ‪ 205‬من القانون الصادر في ‪ 13-7-1925 .‬ولكن بعد صدور دستور الجمهورية الخامسة تغير الوضع ‪ ،‬إذ‬
‫أعطت المادة ‪ 34‬من الدستور للسلطة التشريعية صالحية إنشاء الفئات الجديدة من المؤسسات العامة التي ال يمكن ربطها بفئة موجودة أصال ‪،‬‬
‫أما المؤسسات العامة التي تنتمي إلى فئة موجودة فيعود إنشاؤها إلى السلطة التنفيذية ‪ ،‬ولقد عرف المجلس الدستوري في قرارات عديدة‬
‫المقصود ب "الفئة " ‪ ،‬فاعتبر أن المؤسسات العامة التي تنتمي إلى نطاق جغرافي واحد ( أي تخضع لوصاية الدولة أو البلديات وتمارس‬
‫االختصاص ذاته تدخل في فئة واحدة‬
‫ب‪ -‬الشخصية المعنوية‬
‫ويترتب على منح الشخصية المعنوية نتائج قانونية عديدة نذكر منها‬
‫أوال ‪ :‬منح المؤسسة أجهزة خاصة بها تتكون من مجلس تقريري وسلطة تنفيذية تمكنها من إدارة شؤونها بنفسها ‪.‬‬
‫وللمؤسسة موظفون ومستخدمون مرتبطون مباشرة بها ‪ ،‬وبهذا الخصوص أكد مجلسالشورى ما يلي‪:‬‬
‫يستفاد من أحكام النظام العام للمؤسسات العامة أن مستخدمي المؤسسات العامة ينتمون إلى مالكات مستقلة عن مالكات اإلدارات العامة في‬
‫الدولة‬
‫يترتب على ذلك عدم جواز نقل الموظفين من مالك المؤسسة العامة إلى مالكات اإلدارات العامة أو بالعکس‪"...‬‬
‫ثانيا ‪ :‬للمؤسسة العامة ذمة مالية مستقلة تضم المال المنقول وغير المنقول ولها موازنة خاصة بها مستقلة عن موازنة الدولة ‪.‬‬
‫وهذه الموازنة تتغذى من الرسوم التي تفرض على المنتفعين ‪ ،‬ومن مساعدات الدولة والقروض ومن الهيات أيضا‬
‫ثالثا ‪ :‬إلى جانب االستقالل اإلداري والمالي وحق قبول الهبات ‪ ،‬ال بد من منح المؤسسة العامة حق التقاضي للدفاع عن مصالحها ‪ .‬تذكر على‬
‫سبيل المثال قرار قانصو الجامعة اللبنانية ‪ ،‬وجاء فيه‪:‬‬
‫"للجامعة اللبنانية الشخصية المعنوية سندا ألحكام القانون الصادر بتاريخ ‪ 26-12-1967‬وهي إذ تتمتع باالستقالل اإلداري والمالي تجب‬
‫مقاضاتها بالذات بالقرارات التي تصدر عنها ‪ .‬وليس من شأن تغذية موازنتها باعتمادات مرصدة من موازنة الدولة العامة التأثير على استقاللها‬
‫‪.‬وعليه تكون المراجعة المقدمة بوجه الدولة مردودة لعيب انتهاء الصفة ‪ .‬الشخص المعنوي ينشأ إذن لممارسة نشاط محدد تحقيقا لغاية معينة ‪،‬‬
‫وبالتالي فإن التخصص هو من ميزات المؤسسة العامة "‪.‬‬
‫‪16‬‬
Download