مدخل إلى علم الإنسان .(الأنثروبولوجيا) . عيسى الشماس . مكتبة التنوير

advertisement
www.facebook.com/tanweerlibrary
https://attanweerlibrary.blogspot.com1
www.facebook.com/tanweerlibrary
‫مــدخـل إلـى عـلم اإلنسـان ( ر‬
) ‫األنثوبولوجيا‬
-2https://attanweerlibrary.blogspot.com2
www.facebook.com/tanweerlibrary
-3https://attanweerlibrary.blogspot.com3
www.facebook.com/tanweerlibrary
‫الحقوق محفوظة‬
‫التحاد الكتاب العرب‬
-4https://attanweerlibrary.blogspot.com4
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫الشماس‬
‫الدكتور عيىس‬
‫مــدخـل‬
‫إلـى عـلم اإلنسـان‬
‫( ر‬
‫األنثوبولوجيا )‬
‫‪ -‬دراس ــة ‪-‬‬
‫‪-5‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com5‬‬
www.facebook.com/tanweerlibrary
‫من منشورات اتحاد الكتاب العرب‬
0220 - ‫دمشق‬
-6https://attanweerlibrary.blogspot.com6
www.facebook.com/tanweerlibrary
-7https://attanweerlibrary.blogspot.com7
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫تقــديـم‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫األخثة‪،‬‬
‫األنثوبولوجيا‪ ،‬يف اآلونة‬
‫الت تناولت‬
‫ر‬
‫تعددت الدراسات واالتجاهات ي‬
‫ً‬
‫بوصفها علما حديث العهد‪ ،‬عىل الرغم من مرور ما يقرب من القرن وربــع القرن عىل‬
‫نشأة هذا العلم‪.‬‬
‫ّ‬
‫لقد اتسعت مجاالت البحث والدراسة يف هذا العلم الجديد‪ ،‬وتداخلت موضوعاته‬
‫مع موضوعات بعض العلوم األخرى‪ ،‬وال ّ‬
‫سيما علوم األحياء واالجتماع والفلسفة‪ .‬كما‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫تخصصاته ومجاالته‪ ،‬وال ّ‬
‫سيما يف‬
‫تعددت مناهجه النظرية والتطبيقية‪ ،‬تبعا لتعدد‬
‫الت كان لها آثار واضحة يف حياة‬
‫التغثات‬
‫األخثة حيث‬
‫المرحلة‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ر‬
‫الكبثة والمتسارعة‪ ،‬ي‬
‫ر‬
‫البش كأفراد و كمجتمعات ‪.‬‬
‫وبما ّأن ر‬
‫األنثوبولوجيا ّ‬
‫تهتم بدراسة اإلنسان‪ ،‬شأنها يف ذلك شأن العلوم اإلنسانية‬
‫ً‬
‫ً‬
‫اإلنسان الذي توجد فيه‪ ،‬حيث تعكس‬
‫فه ترتبط ارتباطا وثيقا بالمجتمع‬
‫األخرى‪ ،‬ي‬
‫ي‬
‫التحسي والتطوير ‪.‬‬
‫بالتال مصالحه يف‬
‫بنيته األساسية والقيم السائدة فيه‪ ،‬وتخدم‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫إال ّأن ر‬
‫يرد بدايات تاري ــخ ر‬
‫ّ‬
‫وبولوجيي‬
‫األنث‬
‫األنثوبولوجيا إل العصور القديمة‪،‬‬
‫ثمة من‬
‫ر‬
‫سيما األوروبيون‪ ،‬يرون ّأن األصول النظرية األساسية لعلم ر‬
‫الغربيي‪ ،‬وال ّ‬
‫األنثوبولوجيا‪،‬‬
‫ر‬
‫ظهرت ّإبان عرص التنوير ف أوروبا (عرص النهضة األوروبية )‪ ،‬حيث ّ‬
‫تمت كشوفات‬
‫ي‬
‫جغرافية وثقافية ال سستهان بها‪ ،‬لبداد ومجتمعات مختلفة خار القارة األوربية ‪.‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫وقد قدمت هذه الكشوفات معلومات هامة عن الشعوب القاطنة يف تلك البداد‪ ،‬أدت‬
‫إل ّ‬
‫تغثات جذرية ف االتجاهات الفلسفية السائدة آنذاك‪ ،‬عن حياة ر‬
‫البش وطبيعة‬
‫ر‬
‫ي‬
‫‪-8‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com8‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫بالتال إل تطوير المعرفة‬
‫وتطورها‪ .‬وهذا ما أدى‬
‫المجتمعات اإلنسانية وثقافاتها‬
‫ي‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫وبولوجية‪ ،‬واستقدالها فيما بعد عن دائرة الفلسفة االجتماعية ‪.‬‬
‫األنث‬
‫ّ‬
‫حد ما – ف النصف الثان من القرن التاسع ر‬
‫عش أمام‬
‫لقد انحشت الفلسفة – إل‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫يطان ‪ /‬إدوارد‬
‫التفكث‬
‫العلم‪ ،‬حيث تطورت العلوم االجتماعية واستطاع العالم ر‬
‫ر‬
‫الث ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫تايلور‪ / E. Tylor‬أن يرى يف تنوع أساليب حياة الشعوب وتطورها‪ ،‬ظاهرة جديرة‬
‫ّ‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫وسم تايلور هذه‬
‫المهمة‪.‬‬
‫بالدراسة‪ ،‬وأن علما جديدا يجب أن ينشأ ويقوم بهذه‬
‫الظاهرة بـ" الثقافة ‪ Culture‬أو الحضارة ‪. " Civilization‬‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫ر‬
‫وتغثاته العلمية‬
‫العشين‪ ،‬بأحداثه‬
‫األنثوبولوجيا مجال القرن‬
‫ومع دخول‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫تغثات جوهرية يف موضوعها ومنهج دراستها‪،‬‬
‫عليها‬
‫أت‬
‫ر‬
‫ط‬
‫والسياسية‪،‬‬
‫واالجتماعية‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫التطبيق باعتبارها ظاهرة علمية‪،‬‬
‫حيث تخلت عن المنهج النظري وأخذت بالمنهج‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫وبي منظومة العلوم االجتماعية واإلنسانية‬
‫إضافة إل تحديد عداقة‬
‫ر‬
‫التأثث والتأثر بينها ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫وبولوج‪ ،‬الذي يتطلب دراسة‬
‫تمث المنهج األنث‬
‫األخرى‪ .‬حيث أصبحت النظرة الشاملة ر‬
‫ر ي‬
‫أي موضوع – مهما كانت طبيعته وأهدافه‪ -‬دراسة ّ‬
‫كلية متكاملة‪ ،‬تحيط بأبعاده‬
‫المختلفة‪ ،‬وبتلك التفاعدات المتبادلة ربي أبعاد هذا الموضوع وجوانب الحياة األخرى‬
‫السائدة يف المجتمع ‪.‬‬
‫ويأن هذا الكتاب‪ ،‬ليلق الضوء عىل أبرز الجوانب ف علم ر‬
‫األنثوبولوجيا‪ ،‬من حيث‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫أبعاده النظرية والتطبيقية‪ .‬ولذلك‪ ،‬قسم الكتاب إل ثداثة أبواب تضمن كل منها عددا‬
‫التال ‪:‬‬
‫من الفصول‪ ،‬عىل النحو ي‬
‫ّ‬
‫الباب ّ‬
‫تحدثت عن ‪ :‬مفهوم ر‬
‫ّ‬
‫األنثوبولوجيا وأهدافها‪،‬‬
‫تضمن ثداثة فصول‪،‬‬
‫األول –‬
‫ونشأتها وتاريخها‪ ،‬وعداقتها بالعلوم األخرى ‪.‬‬
‫‪-9‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com9‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫األنثوبولوجية‬
‫تضمن ستة فصول‪ ،‬تحدثت عن ‪ :‬الدراسات‬
‫الباب الثان‪-‬‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫واتجاهاتها المعارصة‪ ،‬والفروع األنثوبولوجية (العضوية – النفسية‪ -‬الثقافية‪ -‬االجتماعية‬
‫)‪ ،‬والمنهج ر‬
‫وبولوج والدراسات الميدانية ‪.‬‬
‫األنث‬
‫ر ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫االجتماع ووظائفه‪،‬‬
‫تضمن ثداثة فصول‪ ،‬تحدثت عن ‪ :‬البناء‬
‫الباب الثالث‪-‬‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫ر‬
‫واألنثوبولوجيا يف المجتمع الحديث‪ ،‬واالتجاه نحو أنثوبولوجية عربية‪.‬‬
‫ّ‬
‫واألمل يف أن يقدم هذا الكتاب‪ ،‬رؤية واضحة عن هذا العلم الحديث‬
‫ّ‬
‫( ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫المرجوة لطلبتنا‬
‫األقل يف مجتمعنا وجامعاتنا‪ ،‬وبما يحقق الفائدة‬
‫األنثوبولوجيا)‪ ،‬عىل‬
‫ّ‬
‫األعزاء‪.‬‬
‫ِّ‬
‫يف ‪ 0222 / 5 /02‬المؤلف‬
‫ ‪- 01‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com10‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫الباب ّ‬
‫األول ‪:‬‬
‫ر‬
‫األنثوبولوجيــا وأهدافها‬
‫مفهوم‬
‫وعالقتها بالعلوم األخرى‬
‫الفصل األول – مفهوم ر‬
‫األنثوبولوجيا وطبيعتها وأهدافها‬
‫الفصل الثان – نشأة ر‬
‫األنثوبولوجيا وتاريخها‬
‫ي‬
‫الفصل الثالث‪-‬عداقة ر‬
‫األنثوبولوجيا بالعلوم األخرى‬
‫ ‪- 11‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com11‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫الفصل األول‬
‫مفهوم ر‬
‫األنثوبولوجيا وطبيعتها وأهدافها‬
‫ّ‬
‫مقــدمـة‬
‫ا‬
‫أول‪ -‬مفهوم ر‬
‫األنثوبولوجيا‬
‫ثانيا‪ -‬طبيعة ر‬
‫األنثوبولوجيا‬
‫ثالثا‪ -‬أهداف ر‬
‫األنثوبولوجيا‬
‫ ‪- 02‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com12‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫مقدمــة ‪:‬‬
‫ّ‬
‫يجمع الباحثون ف علم " ر‬
‫األنثوبولوجيا " عىل أنه علم حديث العهد‪ ،‬إذا ما قيس‬
‫ي‬
‫ّ ّ‬
‫وغثها‪ .‬إال أن البحث يف شؤون‬
‫ببعض العلوم األخرى كالفلسفة والطب والفلك ‪ ..‬ر‬
‫اإلنسان والمجتمعات اإلنسانية قديم قدم اإلنسان‪ ،‬مذ وع ذاته وبدأ سسىع للتفاعل‬
‫اإليجان مع بيئته الطبيعية واالجتماعية ‪.‬‬
‫ري‬
‫اإلنسان‪ ،‬عىل وضع‬
‫عث التاريـ ـخ‬
‫لقد در العلماء والفداسفة يف كل مكان وزمان ر‬
‫ي‬
‫نظريات عن طبيعة المجتمعات ر‬
‫البشية‪ ،‬وما يدخل يف نسيجها وأبنيتها من دين أو‬
‫سدالة‪ ،‬ومن ّثم تقسيم ّ‬
‫كل مجتمع إل طبقات بحسب عاداتها ومشاعرها ومصالحها‪.‬‬
‫ً‬
‫وقد أسهمت الرحدات التجارية واالكتشافية‪ ،‬وأيضا الحروب‪ ،‬بدور هام يف حدوث‬
‫البشية‪ ،‬حيث ّ‬
‫االتصاالت المختلفة ربي الشعوب والمجتمعات ر‬
‫قربت فيما بينها وأتاحت‬
‫ّ‬
‫معرفة ّ‬
‫كل منها باآلخر‪ ،‬وال ّ‬
‫سيما ما يتعلق باللغة والتقاليد والقيم ‪ ..‬ولذلك‪ ،‬فمن‬
‫معي لبداية ر‬
‫ّ‬
‫األنثوبولوجيا‪.‬‬
‫الصعوبة بمكان‪ ،‬تحديد تاري ــخ ر‬
‫أو اال‪-‬مفهوم ر‬
‫األنثوبولوجيا‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫إنكلثية مشتقة من األصل‬
‫ه كلمة‬
‫ر‬
‫إن لفظة أنثوبولوجيا ‪ ،Anthropology‬ي‬
‫المكون من مقطعي ‪ :‬ر‬
‫ّ‬
‫أنثوبوس ‪ ،Anthropos‬ومعناه " اإلنسان " و لوجوس‬
‫اليونان‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ر‬
‫‪ ،Locos‬ومعناه " علم "‪ .‬وبذلك يصبح معت األنثوبولوجيا من حيث اللفظ " علم‬
‫اإلنسان " أي العلم الذي يدرس اإلنسان ‪)Nicholson, 1968, P.1( .‬‬
‫ّ‬
‫تعرف ر‬
‫ولذلك‪ّ ،‬‬
‫األنثوبولوجيا‪ ،‬بأنها العلم الذي يدرس اإلنسان من حيث هو كائن‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ج‪ ،‬يعيش يف مجتمع تسوده نظم وأنساق اجتماعية يف ظل ثقافة معينة ‪..‬‬
‫عضوي ي‬
‫ ‪- 13‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com13‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ّ ً‬
‫ّ‬
‫ويقوم بأعمال متعددة‪ ،‬ويسلك سلوكا محددا؛ وهو أيضا العلم الذي يدرس الحياة‬
‫ً‬
‫معتمدا عىل ّ‬
‫البدائية‪ ،‬والحياة الحديثة المعارصة‪ ،‬ويحاول ّ‬
‫تطوره‬
‫التنبؤ بمستقبل اإلنسان‬
‫ً‬
‫عث التاري ــخ اإلنسان الطويل‪ . .‬ولذا يعتث علم دراسة اإلنسان ( ر‬
‫األنثوبولوجيا) علما‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ّ ً‬
‫متطورا‪ ،‬يدرس اإلنسان وسلوكه وأعماله (أبو هدال‪ ،4791 ،‬ص ‪)7‬‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫األنثوبولوجيا أيضا‪ ،‬بأنها علم (األناسة) العلم الذي يدرس اإلنسان‬
‫وتعرف‬
‫ّ‬
‫الحيوان من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى أنه الوحيد من األنواع‬
‫ينتم إل العالم‬
‫كمخلوق‪،‬‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫يتمث عنها جميعا‪.‬‬
‫الحيوانية كلها‪ ،‬الذي يصنع الثقافة ويبدعها‪ ،‬والمخلوق الذي‬
‫ر‬
‫(الجباوي‪ ،4779 ،‬ص ‪)7‬‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫تعرف ر‬
‫كما ّ‬
‫األنثوبولوجيا بصورة مخترصة وشاملة بأنها " علم دراسة اإلنسان طبيعيا‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫واجتماعيا وحضاريا " (سليم‪ ،4794 ،‬ص ‪ )55‬أي أن األنثوبولوجيا ال تدرس اإلنسان‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ككائن وحيد بذاته‪ ،‬أو منعزل عن أبناء جنسه‪ ،‬إنما تدرسه بوصفه كائنا اجتماعيا بطبعه‪،‬‬
‫ّ‬
‫معيني ‪.‬‬
‫مثاته الخاصة يف مكان وزمان‬
‫معي لـه ر‬
‫ر‬
‫يحيا يف مجتمع ر‬
‫ر‬
‫البيوفثيائية‬
‫فاألنثوبولوجيا بوصفها دراسة لإلنسان يف أبعاده المختلفة‪،‬‬
‫ر‬
‫فه علم شامل يجمع ربي ميادين ومجاالت متباينة ومختلفة‬
‫واالجتماعية والثقافية‪ ،‬ي‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫ر‬
‫بعضها عن بعض‪ ،‬اختداف علم التشي ــح عن تاري ــخ تطور الجنس البشي والجماعات‬
‫ّ‬
‫سياسية واقتصادية وقرابية ودينية وقانونية‪،‬‬
‫العرقية‪ ،‬وعن دراسة النظم االجتماعية من‬
‫ّ‬
‫الت تشمل ‪ :‬الثاث‬
‫وما إليها ‪ ..‬وكذلك عن اإلبداع‬
‫ي‬
‫اإلنسان يف مجاالت الثقافة المتنوعة ي‬
‫والفت‪ ،‬بل والعادات والتقاليد‬
‫األدن‬
‫الفكري وأنماط القيم وأنساق الفكر واإلبداع‬
‫ري‬
‫ي‬
‫تعط عناية‬
‫ومظاهر السلوك يف المجتمعات اإلنسانية المختلفة‪ ،‬وإن كانت ال تزال‬
‫ي‬
‫خاصة للمجتمعات التقليدية‪( .‬أبو زيد‪ ،0224 ،‬ص ‪)9‬‬
‫ ‪- 04‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com14‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫ه الدراسة‬
‫وهذا يتوافق مع تعريف ‪ /‬تايلور‪ /‬الذي يرى أن األنثوبولوجيا ‪ " :‬ي‬
‫البيوثقافية المقارنة لإلنسان " إذ تحاول الكشف عن العداقة ربي المظاهر البيولوجية‬
‫الموروثة لإلنسان‪ ،‬وما يتلقاه من تعليم وتنشئة اجتماعية‪ .‬وبــهذا المعت‪ ،‬تتناول‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫الت تتعلق باإلنسان ‪.‬‬
‫األنثوبولوجيا موضوعات مختلفة من العلوم والتخصصات ي‬
‫ً‬
‫ثانيا‪-‬طبيعة ر‬
‫األنثوبولوجيا‬
‫ّإن الشعوب الناطقة باللغة اإلنكلثية جميعها‪ ،‬تطلق عىل علم ر‬
‫األنثوبولوجيا‪ " :‬علم‬
‫ر‬
‫غث الناطقة‬
‫اإلنسان وأعماله " بينما يطلق المصطلح ذاته يف البلدان األوروبية ر‬
‫باإلنكلثية‪ ،‬عىل " دراسة الخصائص الجسمية لإلنسان"‪ .‬ويصل هذا االختداف إل‬
‫ر‬
‫األنثوبولوجيا ‪ ..‬فبينما يعت ف أوروبا‪ ،‬ر‬
‫طبيعة علم ر‬
‫الفثيقية‪ ،‬وينظر إل‬
‫وبولوجيا‬
‫األنث‬
‫ر‬
‫ي ي‬
‫ّ‬
‫األمريكيي سستخدمون مصطلح‬
‫منفصلي‪ ،‬فنن‬
‫كفرعي‬
‫علم اآلثار واللغويات‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ي‬
‫الثيطانيون‬
‫والت يطلق عليها ر‬
‫(اإلثنولوجيا أو اإلثنوغرافيا) لوصف (اإلثنوجرافيا الثقافية) ي‬
‫( ر‬
‫األنثوبولوجيا االجتماعية) ‪.‬‬
‫ا‬
‫ر‬
‫األنثوبولوجيا‪ ،‬عىل دراسة الشعوب وكياناتها‬
‫فق إنكلثا مثال‪ ،‬يطلق مصطلح‬
‫ي‬
‫االجتماعية‪ ،‬مع ميل خاص للتأكيد عىل دراسة الشعوب البدائية‪ّ .‬أما يف أمريكا‪ ،‬رفثى‬
‫العلماء ّأن ر‬
‫األنثوبولوجيا‪ ،‬ه علم دراسة الثقافات ر‬
‫حي‬
‫البشية البدائية والمعارصة‪ ،‬يف ر‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫أن علماء فرنسا يعنون بهذا المصطلح‪ ،‬دراسة اإلنسان من الناحية الطبيعية‪ ،‬أي "‬
‫العضوية " ‪ (.‬كلوكهون‪) 027 ،4751 ،‬‬
‫ّ‬
‫فعلم ر‬
‫األنثوبولوجيا يركز اهتمامه عىل كائن واحد‪ ،‬هو اإلنسان‪ ،‬ويحاول فهم أنواع‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫حي تركز العلوم األخرى اهتمامها عىل أنواع‬
‫الت تؤثر فيه ‪ ..‬يف ر‬
‫الظاهرات المختلفة ي‬
‫ ‪- 15‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com15‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫محددة من الظاهرات ّأن وجدت ف الطبيعة ‪.‬وكان علم ر‬
‫األنثوبولوجيا‪ ،‬وما زال‪ ،‬يحاول‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫سسث عىل‬
‫فهم كل ما يمكن فهمه أو معرفته عن طبيعة هذا المخلوق الغريب الذي ر‬
‫قدمي‪ ،‬وكذلك فهم سلوكه الذي يفوق طبيعته الجسمية غرابة ‪.‬‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫األنثوبولوجيا‪ ،‬استطاعوا استخدام بعض األساليب الت ّ‬
‫طورتها‬
‫ومع أن علماء‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫قلما اضطروا إل انتظار ّ‬
‫تطور مثل هذه األساليب ‪ ..‬والواقع أن‬
‫العلوم االجتماعية‪ ،‬فننهم‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫تطور العلوم االجتماعية‪ ،‬ال ّ‬
‫تطور‬
‫يقل شأنا عن إسهام هذه العلوم يف‬
‫إسهامهم يف‬
‫ر‬
‫ر‬
‫كبثين ‪ :‬يبحث‬
‫قسمي‬
‫األنثوبولوجيا‪ .‬ولذلك‪ ،‬ينقسم علم األنثوبولوجيا إل‬
‫أساسيي ر‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ر‬
‫الثان يف أعمال‬
‫حي يبحث‬
‫األول يف اإلنسان‪ ،‬ويعرف باألنثوبولوجيا الطبيعية‪ ،‬يف ر‬
‫ي‬
‫ر‬
‫باألنثوبولوجيا الثقافية ‪ /‬الحضارية ‪ (.‬لينتون‪ ،4759 ،‬ص ‪)45-45‬‬
‫اإلنسان‪ ،‬ويعرف‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫واستنادا إل هذه المنطلقات‪ ،‬فقد حددت الباحثة األمريكية ‪/‬مارغريت ميد‪/‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫طبيعة علم ر‬
‫األنثوبولوجيا وأبعاده‪ ،‬بقولها ‪ " :‬إننا نصنف الخصائص اإلنسانية للجنس‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫ومتغثة‪ ،‬وذلك عن طريق نماذ‬
‫البشي (البيولوجية والثقافية) كأنساق مثابطة‬
‫ر‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫نهتم أيضا بوصف النظم االجتماعية والتكنولوجية‬
‫متطورة‪ .‬كما‬
‫ومقاييس ومناهج‬
‫العقىل لإلنسان وابتكاراته ومعتقداته ووسائل‬
‫وتحليلها‪ ،‬إضافة إل البحث يف اإلدراك‬
‫ي‬
‫ر‬
‫لتفسث نتائج دراساتنا والربط‬
‫وبولوجيي –‬
‫اتصاالته‪ .‬وبصفة عامة‪ ،‬نسىع – نحن األنث‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫التطور‪ ،‬أو ضمن مفهوم الوحدة النفسية المشثكة ربي‬
‫فيما بينها يف إطار نظريات‬
‫ر‬
‫البش‪( Mead, 1973, p.280) "..‬‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫ه العلم الذي يدرس اإلنسان‪ ،‬ويدرس‬
‫وتأسيسا عىل ما تقدم‪ ،‬فنن األنثوبولوجيا ي‬
‫ّ‬
‫الحية األخرى من جهة‪ ،‬وأوجه الشبه‬
‫وبي الكائنات‬
‫أوجه الشبه وأوجه االختداف بينه ر‬
‫واالختداف ربي اإلنسان وأخيه اإلنسان من جهة أخرى‪.‬‬
‫ ‪- 06‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com16‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫واالجتماع بوجه‬
‫الثقاف‬
‫اإلنسان ضمن اإلطار‬
‫وف الوقت ذاته‪ ،‬يدرس السلوك‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫عام‪ .‬فدا ّ‬
‫الفثيولوجيا أو علم النفس‪ ،‬وإنما‬
‫تهتم األنثوبولوجيا باإلنسان الفرد‪ ،‬كما تفعل ر‬
‫ّ‬
‫تهتم باإلنسان الذي يعيش يف جماعات وأجناس‪ ،‬وتدرس الناس يف أحداثهم وأفعالهم‬
‫الحياتية ‪.‬‬
‫ً‬
‫ثالثا‪ -‬أهداف دراسة ر‬
‫األنثوبولوجيا‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫االنثوبولوجيا وطبيعتها‪ ،‬فنن دراستها تحقق مجموعة من‬
‫استنادا إل مفهوم‬
‫األهداف‪ ،‬يمكن حرصها يف األمور التالية ‪:‬‬
‫ً‬
‫ً‬
‫‪ -4/2‬وصف مظاهر الحياة ر‬
‫البشية والحضارية وصفا دقيقا‪ ،‬وذلك عن طريق‬
‫معاسشة الباحث المجموعة أو الجماعة المدروسة‪ ،‬وتسجيل ّ‬
‫كل ما يقوم به أفرادها من‬
‫ّ‬
‫اليومية ‪.‬‬
‫سلوكات يف تعاملهم‪ ،‬يف الحياة‬
‫‪ -0/2‬تصنيف مظاهر الحياة ر‬
‫البشية والحضارية بعد دراستها دراسة واقعية‪ ،‬وذلك‬
‫ّ‬
‫التطوري الحضاري العام لإلنسان ‪:‬‬
‫للوصول إل أنماط إنسانية عامة‪ ،‬يف سياق الثتيب‬
‫تكنولوج)‬
‫معرف –‬
‫صناع –‬
‫اع‪-‬‬
‫( ي‬
‫ر ي‬
‫ي‬
‫ي‬
‫بدان‪ -‬زر ي‬
‫ّ‬
‫التغث الذي يحدث لإلنسان‪ ،‬وأسباب هذا ّ‬
‫ّ‬
‫التغث وعملياته بدقة‬
‫‪ -2/2‬تحديد أصول‬
‫ر‬
‫ر‬
‫اإلنسان وربطه بالحارص من خدال المقارنة‪ ،‬وإيجاد‬
‫علمية ‪ ..‬وذلك بالرجوع إل الثاث‬
‫ي‬
‫التغيث المختلفة ‪.‬‬
‫عنارص‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫رّ‬
‫ّ‬
‫التغيث المحتمل‪ ،‬يف الظواهر اإلنسانية‬
‫والتوقعات التجاه‬
‫المؤشات‬
‫‪ -2/1‬استنتا‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫بالتال إلمكانية التنبؤ بمستقبل الجماعة‬
‫الت تتمم دراستها‪ ،‬وبالتصور‬
‫ي‬
‫‪ /‬الحضارية ي‬
‫ ‪- 17‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com17‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ر‬
‫الت أجريت عليها الدراسة‪( .‬لينتون‪ ،4751 ،‬ص‪)45‬‬
‫البشية ي‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫الت تستأثر باهتمام‬
‫ويبدو أن التباين‬
‫ي‬
‫بت البش‪ ،‬هو الخاصة البيولوجية ي‬
‫العرف ربي ي‬
‫العالم الحديث‪ ،‬ر‬
‫أكث من سائر الخواص البيولوجية األخرى عند اإلنسان‪ .‬ويبذل‬
‫ِ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫مثال‪ .‬فكان من نتائج‬
‫عرف‬
‫المصنفون العرقيون محاوالت دائبة للتوصل إل تصنيف‬
‫ي‬
‫ي‬
‫انشغال علماء ر‬
‫األنثوبولوجيا الجسمية بمشكلة العرق‪ ،‬أن اكتسب مفهوم النوع (العرق)‬
‫ّ‬
‫ً‬
‫البشي ذاته‪ .‬فاألصناف العرقية ر‬
‫التفكث بالكائن ر‬
‫البشية ظلت‪ ،‬وإل عهد‬
‫رسوخا أعاق‬
‫ر‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫التغث‬
‫تأثثات البيئة أو قوى‬
‫ر‬
‫تعتث كيانات ثابتة نسبيا‪ ،‬وقادرة عىل الصمود أمام ر‬
‫قريب‪ ،‬ر‬
‫الفطرية‪.‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫التطرف يف تمجيد فكرة العرق‪ ،‬أدى إل فرض عدد محدود من‬
‫ويداحظ أن‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫البش الذين يمتازون ّ‬
‫التصنيفات الصارمة عىل بت ر‬
‫بالتال إل ز‬
‫بتنوع ال حد له‪ ،‬وأدى‬
‫ي‬
‫ي‬
‫األفراد يف هذه التصنيفات‪ ،‬بصورة تطمس صفاتهم األصلية الخاصة‪( .‬لينتون‪،4759 ،‬‬
‫ص ‪)15‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫األنثوبولوجيا بدراسة المجتمعات اإلنسانية كلها‪ ،‬وعىل المستويات‬
‫إن اهتمام‬
‫ً‬
‫ً‬
‫أساسيا ف فلسفة علم ر‬
‫األنثوبولوجيا وأهدافها‪ .‬ولكن عىل‬
‫يعتث منطلقا‬
‫الحضارية كافة‪ ،‬ر‬
‫ي‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫التوسع يف مجال الدراسات األنثوبولوجية‪ ،‬فما زالت االهتمامات التقليدية‬
‫الرغم من‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫لألنثوبولوجيا‪ ،‬وال سيما وصف الثقافات وأسلوب حياة المجتمعات‪ ،‬ودراسة اللغات‬
‫تفرد مجال ر‬
‫األنثوبولوجيا ّ‬
‫واللهجات المحلية وآثار ما قبل التاريـ ــخ‪ّ ،‬تؤكد وال شك‪ّ ،‬‬
‫عما‬
‫عداها من العلوم األخرى‪ ،‬وال ّ‬
‫سيما علم االجتماع‪( .‬فهيم‪ ،4795 ،‬ص ‪) 25‬‬
‫أهمية الدراسات ر‬
‫ّ‬
‫األنثوبولوجية ف تحديد صفات الكائنات ر‬
‫البشية‪،‬‬
‫ومن هنا كانت‬
‫ي‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫الت ال تستند‬
‫وإيجاد القواسم المشثكة فيما بينها‪ ،‬بعيدا عن التعصب واألحكام المسبقة ي‬
‫ ‪- 08‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com18‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫إل أية أصول علمية‪.‬‬
‫وإذا كان علم ر‬
‫األنثوبولوجيا‪ ،‬بدراساته المختلفة‪ ،‬قد استطاع أن ينجح يف إثبات‬
‫الكثث من الظواهر الخاصة بنشأة اإلنسان وطبيعته‪ ،‬ومراحل ّ‬
‫الثقاف‪ /‬الحضاري‪،‬‬
‫تطوره‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫فنن أهم ما أثبته هو‪ ،‬أن الشعوب البشية بأجناسها المتعددة‪ ،‬تتشابه إل حد التطابق يف‬
‫طبيعتها األساسية‪ ،‬وال ّ‬
‫النواج العضوية والحيوية ‪.‬‬
‫سيما يف‬
‫ي‬
‫ ‪- 19‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com19‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫مصادر الفصل ومراجعه‬
‫ّ‬
‫مقدمة ف ر‬
‫األنثوبولوجيا الثبوية‪ ،‬المطابع التعاونية‪،‬‬
‫ أبو هدال‪ ،‬أحمد (‪)4991‬‬‫ي‬
‫األردن‪ّ ،‬‬
‫عمان ‪.‬‬
‫ سليم‪ ،‬شاكر (‪ )4794‬قاموس ر‬‫األنثوبولوجيا‪ ،‬جامعة الكويت ‪.‬‬
‫ الجباوي‪ ،‬عىل (‪ )4779/4775‬ر‬‫األنثوبولوجيا – علم اإلناسة‪ ،‬جامعة دمشق ‪.‬‬
‫ي‬
‫ فهيم‪ ،‬حسي (‪ّ )4795‬‬‫قصة ر‬
‫األنثوبولوجيا – فصول يف تاري ــخ علم اإلنسان‪،‬‬
‫ر‬
‫عالم المعرفة (‪ ،)79‬شباط‪ ،‬الكويت ‪.‬‬
‫ كداكهون‪ ،‬كدايد (‪ )4751‬اإلنسان يف المرآة‪ ،‬ترجمة ‪ :‬شاكر سليم‪ ،‬بغداد ‪.‬‬‫ لينتون‪ ،‬رالف (‪ )4751‬دراسة اإلنسان‪ ،‬ترجمة ‪ :‬عبد الملك الناشف‪ ،‬المكتبة‬‫العرصية‪ ،‬ربثوت ‪.‬‬
‫ لينتون‪ ،‬رالف (‪ )4759‬ر‬‫األنثوبولوجيا وأزمة العالم الحديث‪ ،‬ترجمة ‪ :‬عبد‬
‫الملك الناشف‪ ،‬المكتبة العرصية‪ ،‬ربثوت ‪.‬‬
‫‪Nicholson, C .(1968) Anthropology and Education , London.‬‬
‫‪-‬‬
‫‪Mauduit, J. A (1960) Mannuel d, Athnographie, Payoy, Paris‬‬
‫‪-‬‬
‫ ‪- 21‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com20‬‬
www.facebook.com/tanweerlibrary
- 11 https://attanweerlibrary.blogspot.com21
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫الفصل الثان‬
‫نشأة ر‬
‫األنثوبولوجيا وتاريخها‬
‫ا‬
‫أول‪ -‬العرص القديم‬
‫اليونانيي القدماء)‬
‫‪ -4‬عند اإلغريق (‬
‫ر‬
‫‪ -0‬عند الرومان‬
‫الصينيي القدماء‬
‫‪-2‬عند‬
‫ر‬
‫ثانيا‪ -‬العصور الوسىط‬
‫‪ -4‬العصور الوسط يف أوروبا‬
‫‪ -0‬العصور الوسط عند العرب‬
‫ثالثا‪ -‬عرص النهضة األوربية‬
‫ ‪- 22‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com22‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫غث المرص ريي‪ ،‬يطلق كهنة اآللهة‬
‫ومما يقوله يف عادات المرص ريي القدماء ‪ " :‬إنه يف ر‬
‫ويقض العرف عند سائر الشعوب‪ ،‬بأن يحلق أقارب‬
‫شعورهم‪ّ ،‬أما يف مرص فيحلقونها‪.‬‬
‫ي‬
‫المصاب رؤوسهم يف أثناء الحداد‪ ،‬ولكن المرص ريي إذا نزلت بساحتهم محنة الموت‪،‬‬
‫ّ‬
‫فننهم يطلقون شعر الرأس واللحية " (خفاجة‪ ،4755 ،‬ص ‪)402‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫وأما عن المقارنة ربي بعض العادات اإلغريقية والليبية‪ ،‬فيقول ‪ " :‬يبدو أن ثوب أثينا‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫غث أن لباس الليبيات جلدي‪ ،‬وأن‬
‫ودرعها وتماثيلها‪ ،‬نقلها اإلغريق عن النساء الليبيات‪ .‬ر‬
‫ه مصنوعة من سيور‬
‫عذبات دروعهن المصنوعة من جلد الماعز ليست‬
‫ر‬
‫ثعابي‪ ،‬بل ي‬
‫ّ‬
‫الليبيي‬
‫الحاليتي سواء ‪ ..‬ومن‬
‫جلد الحيوان‪ .‬وأما ما عدا ذلك‪ ،‬فنن الثوب والدرع يف‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫تعلم اإلغريق كيف يقودون العربات ذات الخيول األربعة " (خشيم‪ ،4759 ،‬ص ‪) 99‬‬
‫ً‬
‫الكثثون من علماء‬
‫واستنادا إل هذه اإلسهامات المبكرة والجادة‪ ،‬يعتقد‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫هثودوتس يف وصف ثقافات الشعوب وحياتهم وبعض نظمهم‬
‫األنثوبولوجيا‪ ،‬أن منهج ر‬
‫اف) المتعارف عليه يف العرص‬
‫االجتماعية‪ ،‬ينطوي عىل بعض أساسيات المنهج (األثنوجر ي‬
‫الحارص باسم (علم الشعوب) ‪.‬‬
‫ّ‬
‫وكذلك نجد أن أرسطو (‪ 200 -219‬ق‪.‬م) كان من أوائل الذين وضعوا بعض‬
‫ّ‬
‫الحية‪ ،‬وذلك من خدال مداحظاته ّ‬
‫ّ‬
‫وتأمداته يف الثكيبات‬
‫التطوري للكائنات‬
‫أوليات الفكر‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫البيولوجية وتطورها يف الحيوان ‪ ..‬كما ينسب إليه أيضا‪ ،‬توجيه الفكر نحو وصف نشأة‬
‫يعتث مساهمة مبدئية وهامة يف دراسة‬
‫الحكومات وتحليل أشكالها وأفضلها‪ ،‬األمر الذي ر‬
‫النظم االجتماعية واإلنسانية‪( .‬فهيم‪ ،4795 ،‬ص ‪)15‬‬
‫ّ‬
‫اليونانيي يصل إل معلومة طريفة وذات صلة بالفكر‬
‫إن الدارس أعمال الفداسفة‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫الت سبقتهم‪ ،‬حيث‬
‫اليونانيي أخذوا‬
‫وه‪ :‬أن‬
‫األنث‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ر ي‬
‫الكثث من الحضارات ي‬
‫وبولوج‪ ،‬ي‬
‫ ‪- 24‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com24‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫امثجت فلسفتهم بالحضارة المرصية القديمة‪ ،‬وتمخض عنها ما يعرف باسم " الحضارة‬
‫الت سادت وازدهرت يف القرون الثداثة السابقة للميداد‪.‬‬
‫الهيليلنية " تلك الحضارة ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الفلسق الذي يناقض – إل حد ما – ما تتجه إليه‬
‫وعىل الرغم من هذا الطابع‬
‫ي‬
‫الدراسات ر‬
‫األنثوبولوجية والسوسيولوجية (علم االجتماع)من دراسة ما هو قائم‪ ،‬ال ما‬
‫ّ‬
‫اليونان‪،‬‬
‫الفلسق‬
‫يجب أن تكون عليه األحوال االجتماعية والثقافية‪ ،‬فنن فضل الفكر‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ً‬
‫وال ّ‬
‫سيما عند كبار فداسفتهم‪ ،‬ال يمكن التقليل من شأنه أبدا‪.‬‬
‫‪ -0‬عند الرومان ‪:‬‬
‫ّ‬
‫حوال ستة قرون‪ ،‬تابع خدالها الرومان ما طرحه‬
‫اإلمثاطورية الرومانية‬
‫امتد عرص ر‬
‫ي‬
‫وتفسث التباين‬
‫اليونانيون من مسائل وأفكار حول بناء المجتمعات اإلنسانية وطبيعتها‪،‬‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫المجردة للحياة اإلنسانية‪،‬‬
‫واالختداف فيما بينها‪ ..‬ولكنهم لم يأخذوا بالنماذ المثالية‪/‬‬
‫بل ّ‬
‫وجهوا دراساتهم نحو الواقع الملموس والمحسوس‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬ال يجد‬
‫ر‬
‫الرومان ما يمكن اعتباره كنسهامات أصيلة يف نشأة علم‬
‫األنثوبولوجيون يف الفكر‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫مستقل لدراسة الشعوب وثقافاتهم‪ ،‬أو تقاليد راسخة لمثل هذه الدراسات ‪.‬‬
‫الت احتوت عىل‬
‫ولكن‪ ،‬يمكن أن سستثت من ذلك‪ ،‬أشعار ‪ /‬كاروس لوكرتيوس ‪ /‬ي‬
‫ّ‬
‫بعض األفكار االجتماعية الهامة‪ .‬فقد تناول موضوعات عدة عرضها يف ستة أبواب‬
‫ّ‬
‫رئيسة‪ ،‬ضمنها أفكاره ونظرياته عن المادة وحركة األجرام السماوية وشكلها‪ ،‬وتكوين‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫التطور والتقدم‪ ،‬حيث تحدث عن‬
‫فكرن ‪:‬‬
‫وخصص الباب السادس لعرض‬
‫العالم ‪..‬‬
‫ي‬
‫اإلنسان ّ‬
‫ونظام الملكية والحكومة‪ ،‬ونشأة اللغة‪ ،‬إضافة إل‬
‫‪،‬‬
‫االجتماع‬
‫والعقد‬
‫ل‬
‫األو‬
‫ي‬
‫ي‬
‫مناقشة العادات والتقاليد والفنون واألزياء والموسيق ‪ (.‬فهيم‪ ،4795 ،‬ص‪)19‬‬
‫ ‪- 15‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com25‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫وقد رأى بعض ر‬
‫ّ‬
‫يتصور مسار ر‬
‫البشية‬
‫وبولوجيي‪ ،‬أن ‪/‬لوكرتيوس ‪ /‬استطاع أن‬
‫األنث‬
‫ر‬
‫يف عصور حجرية ّثم برونزية‪ّ ،‬ثم حديدية ‪ ..‬بينما رأى بعضهم اآلخر يف فكر لوكرتيوس‪،‬‬
‫ً‬
‫تطابقا مع فكر لويس مورجان –‪ )4994-4949( Morgan .L‬أحد أعدام ر‬
‫األنثوبولوجيا‬
‫ّ‬
‫ف القرن التاسع ر‬
‫عش‪ .‬وذلك من حيث رؤية التقدم واالنتقال من مرحلة إل أخرى‪ ،‬يف‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫إطار حدوث طفرات مادية‪ ،‬وإن كان مردها يف النهاية إل عمليات وابتكارات عقلية ‪.‬‬
‫)‪( Darnell ,1978 ,p.15‬‬
‫ّ‬
‫وإذا استثنينا أشعار ‪ /‬لوكرتيوس ‪ /‬هذه وما احتوتها من أفكار تتعلق بطبيعة الكون‬
‫ّ‬
‫فننه من الصعوبة بمكان أن تنسب نشأة علم ر‬
‫ّ‬
‫األنثوبولوجيا إل‬
‫وتطوره‪،‬‬
‫ونشأة اإلنسان‬
‫اإلغريقيي ‪.‬‬
‫ه الحال عند‬
‫الفكر‬
‫ر‬
‫ي‬
‫الرومان القديم‪ ،‬كما ي‬
‫وعىل الرغم من ّأن الرومان اهتموا بالواقع‪ ،‬من حيث ربط السداالت ر‬
‫البشية‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫االجتماع والحركة الحضارية‪ ،‬فقد وجدوا يف أنفسهم امتيازا وأفضلية‬
‫بإمكانية التقدم‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫غثه بحكم القانون‪ ،‬حت أن الرومان إذا أرادوا‬
‫عىل الشعوب األخرى‪ .‬فكان‬
‫الرومان فوق ر‬
‫ي‬
‫ً‬
‫أن يرفعوا من قدر إنسان أو شأن سدالة‪ ،‬أصدرت الدولة قرارا بمنح الجنسية الرومانية‬
‫ّ‬
‫ألي منهما (مؤنس‪ )12 ،4799 ،‬ويبدو أن هذا االتجاه العنرصي‪ ،‬وجد يف معظم‬
‫الحضارات القديمة‪ ،‬وال ّ‬
‫سيما الحضارات ر‬
‫الشقية ‪ :‬اإلغريقية والرومانية والصينية ‪.‬‬
‫الصينيي القدماء‪:‬‬
‫‪-2‬عند‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫سيما ر‬
‫ّ‬
‫خي‪ ،‬وال ّ‬
‫األنثوبولوجيون منهم‪ ،‬أنه عىل الرغم من اهتمام‬
‫يعتقد بعض المؤر ر‬
‫الصينيي القدماء بالحضارة الرومانية وتقديرها‪ ،‬فلم يجدوا فيها ما ينافس حضارتهم‪.‬‬
‫ر‬
‫ ‪- 26‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com26‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫مكتفي‬
‫كان الصينيون القدماء سشعرون باألمن والهدوء داخل حدود بدادهم‪ ،‬وكانوا‬
‫ر‬
‫ً‬
‫ذاتيا من الناحية االقتصادية المعاشية‪ ،‬حت أن تجارتهم الخارجية انحرصت فقط يف‬
‫تأثثات ثقافية عميقة‪ .‬فلم يعبأ الصينيون يف‬
‫تبادل السلع والمنافع‪ ،‬من دون أن يكون لها ر‬
‫ُ‬
‫يخل تاريخهم من بعض‬
‫القديم بالثقافات األخرى خار حدودهم‪ ،‬ومع ذلك‪ ،‬لم‬
‫ّ‬
‫والت كانت تتسم باالزدراء واالحتقار‪.‬‬
‫الثبرية‪،‬‬
‫الكتابات الوصفية لعادات الجماعات ر‬
‫ي‬
‫)‪) Darnell , 1878 , p.15‬‬
‫ّ‬
‫الصينيي القدماء العنرصية‪ ،‬إذ كانوا يعتقدون –‬
‫وهذا االتجاه نابع من نظرة‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫كالرومان – ّأنهم أفضل الخلق‪ ،‬وأنه ال وجود ّ‬
‫ألية حضارة أو فضيلة خار جنسهم‪ ،‬بل‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫ولك يؤكد ملوكهم هذا الواقع‪ ،‬أقاموا "‬
‫كانوا يرون أنهم ال يحتاجون إل ر‬
‫شء ‪ ..‬ي‬
‫غثهم يف ي‬
‫ّ‬
‫الصي العظيم " حت ال تدنس أرضهم بأقدام اآلخرين‪(.‬مؤنس‪ ،4799 ،‬ص ‪)45‬‬
‫سور‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫الصي القدماء‪ ،‬باألخداق وشؤون المجتمعات ر‬
‫البشية‪ ،‬من‬
‫اهتم فداسفة‬
‫ولذلك‪،‬‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫خدال االتجاهات الواقعية ‪ /‬العملية يف دراسة أمور الحياة اإلنسانية ومعالجتها‪ ،‬ألن‬
‫االجتماع‪ ،‬يف أي مجتمع‪ ،‬تسهم يف تقديم‬
‫الت ترتبط بالبناء‬
‫ي‬
‫معرفة األنماط السلوكية ي‬
‫بالتال عن طرائق‬
‫الثقاف لهذا المجتمع‪ ،‬والذي يكشف‬
‫الدليل الواضح عىل الثاث‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫التعامل فيما بينهم من جهة‪ ،‬ويحدد أفضل الطرائق للتعامل معهم من جهة أخرى‪ .‬وهذا‬
‫ّ‬
‫الت تعت باإلنسان‪.‬‬
‫ما يفيد‬
‫ر‬
‫الباحثي يف العلوم األخرى‪ ،‬وال سيما تلك ي‬
‫ً‬
‫ثانيا‪ -‬ر‬
‫األنثبولوجيا يف العصور الوسط‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫تمتد من القرن الرابع إل القرن الرابع ر‬
‫عش‬
‫خي أن هذه العصور‪،‬‬
‫يجمع معظم المؤر ر‬
‫الميدادي‪ .‬وقد اصطلح عىل تسميتها بالعصور الوسط كونها ارتبطت بتدهور الحضارة‬
‫ ‪- 17‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com27‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫األوربية وارتداد الفكر إل حقبة مظلمة من جهة‪ ،‬وألنها من جهة وقعت ربي عهدين هما‪:‬‬
‫نهاية ازدهار الفلسفات األوربية القديمة (اليونانية والرومانية) وبداية عرص النهضة‬
‫األوربية (عرص التنوير) واالنطداق إل مجاالت جديدة من استكشاف العوالم األخرى‪،‬‬
‫وإحياء الثاث الفكري القديم‪ ،‬وإبداعات يف الفنون واآلداب المختلفة‪ ،‬يف الوقت الذي‬
‫ّ‬
‫كانت فيه الحضارة العربية اإلسدامية تزدهر‪ ،‬وتتسع لتشمل مجاالت العلوم المختلفة ‪.‬‬
‫‪ -4‬العصور الوسط يف أوربا ‪:‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫العقدان‪،‬‬
‫التفكث‬
‫المؤرخون أنه يف هذه العصور الوسط (المظلمة) تدهور‬
‫يذكر‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫تفسثات للكون‬
‫وأدينت ّأية أفكار تخالف التعاليم المسيحية‪ ،‬أو ما تقدمه الكنيسة من‬
‫ر‬
‫والحياة اإلنسانية‪ ،‬سواء يف منشئها أو يف مآلها‪ .‬ولكن إل جانب ذلك‪ ،‬كانت مراكز أخرى‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫وجهت منطلقات المعرفة‪ ،‬وحددت طبيعة الحضارة الغربية يف تلك العصور‪ ،‬كبداط‬
‫ا‬
‫ّ‬
‫المثقفي كرجال اإلدارة والسياسة‬
‫يضم يف العادة‪ ،‬فئات من‬
‫الملوك مثال‪ ،‬الذي كان‬
‫ر‬
‫والشعراء‪( .‬فهيم‪ ،4795 ،‬ص ‪)52‬‬
‫يضاف إل ذلك ا ّ‬
‫لتوسع يف دراسة القانون (جامعة بولونيا) ودراسة الفلسفة‬
‫ّ‬
‫والداهوت (جامعة باريس) مما كانت لـه آثار واضحة يف الحياة األوربية العامة (السياسية‬
‫واالجتماعية والثقافية والدينية) ّ‬
‫الت شهدتها أوروبا بعد هذه‬
‫ومهد‬
‫ي‬
‫بالتال للنهضة ي‬
‫العصور ‪.‬‬
‫ّ ّ‬
‫ّ‬
‫لقد ظهرت يف هذه المرحلة محاوالت عدة للكتابة عن بعض الشعوب‪ ،‬إال أنها‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫المباشة عىل أرض الواقع‪ .‬مثال‬
‫التخي يىل‪ ،‬بعيدة عن المشاهدة‬
‫اتسمت – غالبا‪ -‬بالوصف‬
‫ذلك‪ ،‬ما قام به األسقف ‪ /‬إسيدور ‪ / Isidore‬الذي عاش ما ربي (‪ )525 -552‬حيث‬
‫ ‪- 28‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com28‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫أعد يف القرن السابع الميدادي موسوعة عن المعرفة‪ ،‬وأشار فيها إل بعض تقاليد‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫والتحث‪.‬‬
‫الشعوب المجاورة وعاداتهم‪ ،‬ولكن بطريقة وصفية عفوية‪ ،‬تتسم بالسطحية‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ومما ذكره‪ ،‬أن قرب الشعوب من أوربا أو بعدها عنها‪ ،‬يحدد درجة تقدمها‪ ،‬فكلما‬
‫ّ‬
‫كانت المسافة بعيدة‪ ،‬كان االنحطاط والتهور الحضاري مؤكدا لتلك الشعوب‪ .‬ووصف‬
‫ّ‬
‫َ‬
‫الناس الذين يعيشون يف أماكن نائية‪ ،‬بأنهم من سداالت غريبة الخلق‪ ،‬حيث تبدو‬
‫وجوههم بدا أنوف ‪.‬‬
‫ّ‬
‫ظلت تلك المعلومات سائدة وشائعة حت القرن الثالث ر‬
‫عش‪ ،‬حيث ظهرت‬
‫وقد‬
‫ّ‬
‫والت حظيت‬
‫الفرنىس ‪ /‬باتولو ماكوس ‪،/Batholo Macus‬‬
‫موسوعة أخرى أعدها‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ً‬
‫كثثا عن سابقتها يف االعتماد عىل الخيال ‪(.‬‬
‫تختلف‬
‫لم‬
‫ها‬
‫أن‬
‫من‬
‫الرغم‬
‫كبثة‪ ،‬عىل‬
‫ر‬
‫بشعبية ر‬
‫المرجع السابق‪ ،‬ص ‪)50‬‬
‫‪ -0‬العصور الوسط عند العرب ‪:‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫وتمتد من منتصف القرن السابع الميدادي‪ ،‬وحت نهاية القرن الرابع ر‬
‫عش تقريبا‪.‬‬
‫حيث بدأ اإلسدام يف االنتشار‪ ،‬وبدأت معه بوادر الحضارة العربية اإلسدامية آنذاك‬
‫ّ‬
‫تضمنت هذه الحضارة ‪ :‬اآلداب واألخداق والفلسفة والمنطق‪،‬‬
‫بالتكوين واالزدهار‪ .‬وقد‬
‫تأثثات خاصة يف الحياة السياسية واالجتماعية والعداقات الدولية ‪.‬‬
‫كما كانت ذات ر‬
‫)‪)Darnell,1978, p.259‬‬
‫الت أحدثتها الفتوحات العربية اإلسدامية‪ ،‬االهتمام‬
‫وقد اقتضت األوضاع الجديدة ي‬
‫بدراسة أحوال الناس يف البداد المفتوحة وسبل إدارتها‪ ،‬حيث أصبح ذلك من رصورات‬
‫التنظيم والحكم ‪.‬‬
‫ ‪- 19‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com29‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ولذلك‪ ،‬برز العرب يف وضع المعاجم الجغرافية‪ ،‬كمعجم (البلدان) لياقوت الحموي‪.‬‬
‫الكبثة الت بلغت ذروتها ف القرن الثامن الهجري (الرابع ر‬
‫عش‬
‫وكذلك إعداد الموسوعات‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ميدادي) مثل " مسالك األمصار " إلبن فضل هللا العمري‪ ،‬و " نهاية األرب يف فنون‬
‫العرب " للنويري ‪.‬‬
‫اهتمام هذه الكتب الموسوعية بشؤون العمران ‪ ،‬فقد ّ‬
‫ّ‬
‫تمثت مادتها‬
‫وإل جانب‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫والخثة الشخصية‪ ،‬وهذا ما جعلها مادة خصبة من ناحية‬
‫باالعتماد عىل المشاهدة‬
‫ر‬
‫المنهج ر‬
‫وبولوج يف دراسة الشعوب والثقافات اإلنسانية ‪.‬‬
‫األنث‬
‫ر ي‬
‫ّ‬
‫ون‪ /‬الذي عاش ما ربي (‪250‬‬
‫وهناك من تخصص يف وصف إقليم واحد مثل‪ /‬ر‬
‫البث ي‬
‫ً‬
‫– ‪ 112‬هجرية) ووضع كتابا عن الهند بعنوان " تحرير ما للهند من مقولة مقبولة يف‬
‫العقل أو مرذولة " ‪.‬وصف فيه المجتمع الهندي بما فيه من نظم دينية واجتماعية‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫واهتم أيضا بمقارنة تلك النظم والسلوكيات الثقافية‪ ،‬بمثيداتها عند‬
‫وأنماط ثقافية‪.‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ون يف هذا الكتاب‪ ،‬حقيقة أن الدين يؤدي الدور‬
‫اليونان والعرب والفرس‪ .‬وأبرز ر‬
‫البث ي‬
‫الرئيس يف تكبيل الحياة الهندية‪ ،‬وتوجيه سلوك األفراد والجماعات‪ ،‬وصياغة القيم‬
‫والمعتقدات ‪ (.‬فهيم‪ ،4795 ،‬ص‪)51‬‬
‫كما كانت لرحدات ابن بطوطة وكتاباته خصائص ذات طابع ر‬
‫وبولوج‪ ،‬برزت يف‬
‫أنث‬
‫ر ي‬
‫اهتمامه بالناس ووصف حياتهم اليومية‪ ،‬وطابع شخصياتهم وأنماط سلوكاتهم وقيمهم‬
‫ّ‬
‫وتقاليدهم‪ّ .‬‬
‫فمما كتبه يف استحسان أفعال أهل السودان ‪ " :‬فمن أفعالهم قلة الظلم‪،‬‬
‫ً‬
‫ر‬
‫شء منه‪ .‬ومنها شمول األمن يف‬
‫فهم أبعد الناس عنه وسلطانهم ال سسامح أحدا يف ي‬
‫ّ‬
‫بدادهم‪ ،‬فدا يخاف المسافر فيها وال المقيم من سارق وال غاضب‪ .‬ومنها عدم تعرضهم‬
‫القناطث المقنطرة‪.‬‬
‫لمال من يموت يف بدادهم من البيضان (البيض واألجانب) ولو كان‬
‫ر‬
‫ ‪- 01‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com30‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫وإنما يثكونه بيد ثقة من البيضان‪ ،‬حت يأخذه مستحقه‪( .‬ابن بطوطة‪ ،4759 ،‬ص‬
‫‪)590‬‬
‫ّ‬
‫والثبر‪،‬‬
‫العث وديوان المبتدأ‬
‫والخث يف أيام العرب والعجم ر‬
‫ر‬
‫أما كتاب ابن خلدون " ر‬
‫ّ‬
‫كبثة وواسعة بسبب مقدمته‬
‫ومن عارصهم من ذوي السلطان‬
‫األكث " فقد نال شهرة ر‬
‫ر‬
‫الرئيسة وعنوانها ‪ " :‬يف العمران وذكر ما يعرض فيه من العوارض الذاتية من الملك‬
‫والسلطان‪ ،‬والكسب والمعاش والمصانع والعلوم‪ ،‬وما لذلك من العلل واألسباب "‪.‬‬
‫ا‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫وتعتث هذه المقدمة عمال أصيال يف تسجيل الحياة االجتماعية لشعوب شمال أفريقيا‪،‬‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫وال سيما العادات والتقاليد والعداقات االجتماعية‪ ،‬إل جانب بعض المحاوالت النظرية‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫لتفسث ّ‬
‫كل ما رآه من أنظمة اجتماعية مختلفة‪ .‬وقد شكلت موضوعات هذه المقدمة –‬
‫ر‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ر‬
‫فيما بعد – اهتماما رئيسيا يف الدراسات األنثوبولوجية‪.‬‬
‫ّ‬
‫والت لها صلة‬
‫الت تناولها ابن خلدون يف مقدمته‪،‬‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ومن ّ‬
‫أهم الموضوعات‬
‫ر‬
‫ه تلك العداقة ربي البيئة الجغرافية والظواهر االجتماعية‪.‬‬
‫باهتمامات األنثوبولوجيا‪ ،‬ي‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫رد ابن خلدون – استنادا إل تلك الدعامة – اختداف ر‬
‫البش يف ألوانهم وأمزجتهم‬
‫فقد‬
‫َ‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ا‬
‫ّ‬
‫اعتثها أيضا عامال هاما‬
‫افية‬
‫ر‬
‫الجغ‬
‫البيئة‬
‫إل‬
‫قية‪،‬‬
‫والخل‬
‫الجسمية‬
‫وصفاتهم‬
‫ة‬
‫النفسي‬
‫الت ر‬
‫ي‬
‫يف تحديد المستوى الحضاري للمجتمعات اإلنسانية‪( .‬ابن خلدون‪ ،4755 ،4 ،‬ص‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫وتطورها وأحوالها‪،‬‬
‫‪ )074‬كما تناول ابن خلدون يف مقدمته أيضا‪ ،‬مسألة قيام الدول‬
‫وبلور نظرية (دورة العمران) ربي البداوة والحضارة عىل أساس المماثلة ربي حياة‬
‫ر‬
‫الح‪.‬‬
‫الجماعة البشية وحياة الكائن ي‬
‫ّ‬
‫وقد سيطرت هذه الفكرة عىل أذهان علماء االجتماع ف ر‬
‫الشق والغرب – عىل حد‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫اعتث ابن خلدون أن التطور هو سنة الحياة‬
‫سواء – يف العصور الوسط ‪ ..‬حيث‬
‫ر‬
‫ ‪- 31‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com31‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫االجتماعية‪ ،‬وهو األساس الذي تستند إليه دراسة الظواهر االجتماعية‪.‬‬
‫ّ‬
‫وتثة‬
‫يقول يف ذلك ‪ " :‬إن أحوال العالم واألمم وعوائدهم ونحلهم‪ ،‬ال تدوم عىل ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫مستقر‪ ،‬وإنما هو اختداف عىل األيام واألزمنة وانتقال من حال إل حال‪.‬‬
‫واحدة ومنها‬
‫وكما يكون ذلك يف األشخاص واألوقات واألمصار‪ ،‬فكذلك يقع يف اآلفاق واألقطار‬
‫واألزمنة والدول‪( .‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ )050‬فعمر الدول عند ابن خلدون كعمر الكائن‬
‫ر‬
‫ر‬
‫وتتداش إل‬
‫تكث وتهرم‬
‫البشي‪ ،‬تبدأ بالوالدة وتنمو إل الشباب والنضج والكمال‪ّ ،‬ثم ر‬
‫الزوال ‪.‬‬
‫لقد أرش ابن خلدون األسس المنهجية لدراسة المجتمعات ر‬
‫البشية‪ ،‬ودورة‬
‫الحضارات الت ّ‬
‫تمر بها‪ ،‬فكان بذلك‪ ،‬أسبق من علماء االجتماع يف أوروبا‪ .‬ولذلك‪ ،‬يرى‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الحقيق لعلم االجتماع‪ ،‬بينما‬
‫س‬
‫المؤس‬
‫يعتث‬
‫خلدون‬
‫ابن‬
‫أن‬
‫‪،‬‬
‫خي‬
‫والمؤر‬
‫اب‬
‫بعض الكت‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫يرى بعضهم اآلخر‪ ،‬وال ّ‬
‫الثيطانيون‪ ،‬يف مقدمة ابن خلدون‬
‫سيما علماء األنثوبولوجيا ر‬
‫ً‬
‫ر‬
‫وف أمريكا‪ ،‬أشار ‪/‬جون‬
‫بعضا من موضوعات األنثوبولوجيا االجتماعية ومناهجها ‪ .‬ي‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫أيضا ف كتابه " تاريـ ــخ الفكر ر‬
‫وبولوج " إل أن ابن خلدون تناول‬
‫األنث‬
‫هونجيمان ‪/‬‬
‫ر ي‬
‫ي‬
‫مارفي هاريس ‪ /‬عـن " المادية الثقافية – ‪Cultural‬‬
‫بعض األفكار ذات الصلة بنظرية ‪/‬‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫اإلدريىس‪،‬‬
‫‪ " Materialism‬ونجد أن ‪ /‬هاريس ‪ /‬ذاته‪ ،‬يذكر أن ابن خلدون ومن قبله‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫الت سادت إبان القرن‬
‫قدما أفكارا ومواد ساعدت يف بلورة نظرية الحتمية الجغرافية‪ ،‬ي‬
‫الثامن ر‬
‫عش ‪( Anderson , 1984 , p.112(.‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫واستنادا إل ما تقدم يمكن القول ‪ :‬إن الفداسفة والمفكرين العرب أسهموا بفاعلية‬
‫الت يمكن أن تدخل‬
‫– خدال العصور الوسط‪ -‬يف معالجة ر‬
‫كثث من الظواهر االجتماعية ي‬
‫ف االهتمامات ر‬
‫ّ‬
‫األنثوبولوجية‪ ،‬وال ّ‬
‫الثقاف (الحضاري) ربي الشعوب‪ ،‬سواء‬
‫سيما التنوع‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ ‪- 02‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com32‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫بدراسة خصائص ثقافة أو حضارة بذاتها‪ ،‬أو بمقارنتها مع ثقافة أخرى‪ .‬ولكن عىل الرغم‬
‫ّ‬
‫معي‬
‫الت درست (أسلوب الحياة يف مجتمع ر‬
‫من اعتبارها مصادر للمادة األثنوجرافية ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫محددة) وال ّ‬
‫سيما العادات والقيم وأنماط الحياة‪ ،‬فنن األنثوبولوجيا‬
‫وخدال فثة زمنية‬
‫الت تبلورت ف أواخر القرن التاسع ر‬
‫عش كعلم جديد معثف به‪ ،‬لم تكن ذات صلة تذكر‬
‫ي‬
‫ي‬
‫بغثها من الدراسات (اليونانية والرومانية) القديمة ‪.‬‬
‫بهذه الدراسات‪ ،‬وال ر‬
‫ً‬
‫ثالثا‪ -‬ر‬
‫األنثوبولوجيا يف عرص النهضة األوروبية‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫المؤرخون عىل ّأن عرص النهضة ف أوربا‪ ،‬بدأ ف نهاية القرن الرابع ر‬
‫عش‬
‫يتفق‬
‫ي‬
‫ي‬
‫الميدادي‪ ،‬حيث رشع األوروبيون بعملية دراسة انتقائية للعلوم والمعارف اإلغريقية‬
‫والعربية ‪ ،‬مثافقة بحركة ريادية نشطة لداستكشافات الجغرافية‪ .‬وتبع ذلك االنتقال من‬
‫التجريت‪ ،‬يف دراسة الظواهر الطبيعية واالجتماعية‪،‬‬
‫العلم‬
‫الفلسق إل المنهج‬
‫المنهج‬
‫ري‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ر‬
‫والذي تبلور وتكامل يف القرن السابع عش ‪.‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫سم (عرص التنوير)‬
‫إن هذه‬
‫ر‬
‫التغثات مجتمعة أدت إل ترسيخ عرص النهضة أو ما ي‬
‫وأسهمت بالتال ف بلورة ر‬
‫عش‪ ،‬كعلم يدرس ّ‬
‫االنثبولوجيا ف نهاية القرن التاسع ر‬
‫تطور‬
‫ي‬
‫ي ي‬
‫ر‬
‫اإلنسان‪ .‬األمر الذي استلزم توافر‬
‫ـخ‬
‫ـ‬
‫ـ‬
‫ي‬
‫التار‬
‫وعث‬
‫العام‬
‫إطارها‬
‫ف‬
‫ر‬
‫ي‬
‫الحضارة البشية ي‬
‫الموضوعات الوصفية عن ثقافات الشعوب وحضاراتها‪ ،‬يف أوروبا وخارجها‪ ،‬من أجل‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫تطورية‬
‫والتعرف إل أساليب حياة هذه الشعوب وترتيبها بحسب مراحل‬
‫المقارنات‪،‬‬
‫ً‬
‫أساسا لنشأة علم ر‬
‫ّ‬
‫األنثوبولوجيا‪.‬‬
‫معينة‪ ،‬بحيث يضع ذلك‬
‫استكشافية مشهورة ّأثرت ف علم ر‬
‫ّ‬
‫لعل ّ‬
‫ّ‬
‫األنثوبولوجيا‪ ،‬ما قام‬
‫أهم رحلة أو( رحدات)‬
‫ي‬
‫بها ‪ /‬كريستوف كولومبوس ‪/‬إل القارة األمريكيـة ما ربي (‪ )4520 -4170‬حيث زخرت‬
‫ ‪- 33‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com33‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫بالكثث من المعلومات‬
‫مذكراته عن مشاهداته واحتكاكاته بسكان العالم الجديد‪،‬‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫والمعارف عن أساليب حياة تلك الشعوب وعاداتها وتقاليدها‪ ،‬اتسمت بالموضوعية‬
‫ر‬
‫المباشة ‪.‬‬
‫نتيجة للمشاهدة‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫األطلىس ‪ " :‬إن أهل تلك‬
‫ومما قاله يف وصف سكان جزر الكاريبيان يف المحيط‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ً‬
‫َّ‬
‫ّ‬
‫الجزركلهم عراة تماما‪ ،‬الرجال منهم والنساء‪ ،‬كما ولدتهم أمهاتهم‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فثمة بعض‬
‫ّ‬
‫عورتهن بورق الشجر‪ ،‬أو قطعة من نسيج األلياف تصنع لهذا‬
‫يغطي‬
‫اللوان‬
‫النساء‬
‫ر‬
‫ي‬
‫الغرض‪ .‬ليست لديهم أسلحة ومواد من الحديد أو الصلب وهم ال يصلحون الستخدامها‬
‫ّ‬
‫عىل ّأية حال‪ .‬وال يرجع السبب يف ذلك إلىضعف أجسادهم‪ ،‬وإنما إل كونهم خجلون‬
‫يثث اإلعجاب‪) Oswalt , 1972,p. 10)" ..‬‬
‫ومسالمون بشكل ر‬
‫ُ ُ‬
‫ّ‬
‫َ‬
‫ّ‬
‫األصليي ‪ " :‬إنهم يتمتعون بحسن الخلق والخلق‪،‬‬
‫وكتب يف وصفه لسكان أمريكا‬
‫ر‬
‫ّ ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫وقوة البنية الجسدية‪ .‬كما أنهم سشعرون بحرية الترصف فيما يمتلكون‪ ،‬إل حد أنهم ال‬
‫ًّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫يثددون يف إعطاء من يقصدهم أيا من ممتلكاتهم‪ ،‬عداوة عىل أنهم يتقاسمون ما عندهم‬
‫برض وشور ‪(Boorstin,1983, p.628) "..‬‬
‫وهكذا كان لرحدات كولومبس واكتشافه العالم الجديد (أمريكا) عام ‪4170‬أثرها‬
‫تغيث النظرة إل اإلنسان عامة‪ ،‬واإلنسان‬
‫وف‬
‫ر‬
‫ر‬
‫الكبث يف إدخال أوروبا حقبة جديدة‪ ،‬ي‬
‫ّ ّ‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫وبولوج‪ .‬وذلك‪ ،‬ألن هذه االكتشافات‬
‫بالتال يف الفكر األنث‬
‫األورون خاصة‪ ،‬مما أثر‬
‫ري‬
‫ر ي‬
‫ي‬
‫بمثاتهم وأنماط حياتهم‪،‬‬
‫الجغرافية ‪ /‬االجتماعية وما تبعها من معرفة سكان هذه األرض ر‬
‫ً‬
‫أظهرت بوضوح ّ‬
‫تنوع الجنس ر‬
‫كثثا من المسائل والدراسات حول قضايا‬
‫البشي‪ ،‬وأثارت ر‬
‫ّ‬
‫والتطور عند الكائنات ر‬
‫البشية‪.‬‬
‫النشوء‬
‫لقد ّ‬
‫تأثث يف توليد نظريات جديدة عن‬
‫تمث عرص النهضة األوربية‪ ،‬بظاهرة كان لها ر‬
‫ر‬
‫ ‪- 04‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com34‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫وه أن المفكرين اتفقوا‪ ،‬عىل الرغم من تباين وجهات نظرهم‪ ،‬عىل‬
‫العالم واإلنسان‪ ،‬ي‬
‫اإلنسان إل‬
‫الت أعاقت فضول العقل‬
‫ي‬
‫مناهضة فلسفة العصور الوسط الداهوتية‪ ،‬ي‬
‫معرفة أصول األشياء ومصادرها‪ ،‬وتكوين الطبيعة وقوانينها‪ ،‬وصفات اإلنسان الجسدية‬
‫والعقلية واألخداقية‪( .‬فهيم‪ ،4795 ،‬ص‪)95‬‬
‫ّ‬
‫اإلنسان‬
‫وظهر نتيجة لهذا الموقف الجديد اتجاه لدراسة اإلنسان‪ ،‬عرف بالمذهب‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫الماض من أجل فهم الحارص‪ ،‬حيث اتجهت دراسة الطبيعة‬
‫العلم) اقتض دراسة‬
‫(‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫اإلنسانية وفهم ماهيتها وأبعادها وفق المراحل التاريخية‪ /‬التطورية لإلنسان ‪.‬‬
‫ّ‬
‫الت‬
‫م يف الدراسات التجريبية والرياضية‪ ،‬ي‬
‫وقد تبلور هذا االتجاه (المذهب) العل ي‬
‫ظهرت ف أعمال بعض علماء القرن السابع ر‬
‫عش‪ ،‬من أمثال‪ :‬فرانسيس بيكون ‪F.Becon‬‬
‫ي‬
‫(‪ )4505-4554‬ورينيه ديكارت ‪ )4552-4575(R.Decartes‬واسحق نيوتن ‪I.‬‬
‫ّ‬
‫وغثهم‪ .‬حيث أصبحت النظرة الجديدة لإلنسان عل أنه‬
‫‪ ،)4909-4510( Newton‬ر‬
‫التجريت‪ ،‬ومعرفة‬
‫العلم والمنهج‬
‫ظاهرة طبيعية‪ ،‬ويمكن دراسته من خدال البحث‬
‫ري‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫االجتماع ‪.‬وهذا ما أسهم يف تشكيل‬
‫اإلنسان والتقدم‬
‫التطور‬
‫مسثة‬
‫الت تحكم ر‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ي‬
‫القواني ي‬
‫ّ‬
‫االجتماع‪ ،‬وأدى بصورة تدريجية إل بلورة البدايات النظرية‬
‫للفكر‬
‫النظرية‬
‫المنطلقات‬
‫ي‬
‫ر‬
‫لألنثوبولوجيا‪ ،‬خدال عرص التنوير ‪.‬‬
‫ّأما بالنسبة للدراسات األثنوجرافية (دراسة أسلوب الحياة والعادات والتقاليد)‬
‫والدراسات األثنولوجية (دراسة مقارنة ألساليب الحياة للوصول إل نظرية النظم‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫كثثة قام بها العديد‬
‫االجتماعية )‪ ،‬والدراسات األنثوبولوجية االجتماعية‪ ،‬فثمة أعمال ر‬
‫من العلماء ‪.‬‬
‫اإلسبان (جوزيه آكوستا ‪ )J. Acosta‬يف القرن السادس‬
‫وقد تكون محاولة الرحالة‬
‫ي‬
‫ ‪- 35‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com35‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫األصليي يف العالم الجديد ببعض األفكار‬
‫الشخصية عن السكان‬
‫عش‪ ،‬لربط مداحظاته‬
‫ر‬
‫والتنظث بشأنها‪.‬‬
‫النظرية‪ ،‬المحاولة األول لتدوين المادة األثنوجرافية‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ا‬
‫فقد افثض آكوستا أن الهنود الحمر كانوا قد نزحوا أصال من آسيا إل أمريكا‪،‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الت كانت سائدة يف أوروبا حينذاك‪ .‬وقدم‬
‫وبذلك فش اختداف حضاراتهم عن تلك ي‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫عث مراحل ّ‬
‫معينة‪ ،‬معتمدا يف‬
‫آكوستا أيضا افثاضا آخر حول تطور الحضارة اإلنسانية ر‬
‫تصنيفه عىل أساس معرفة الشعوب القراءة والكتابة‪.‬‬
‫الصي يف المرتبة الثانية لمعرفتها‬
‫وقد وقفت أوروبا يف أعىل الثتيب‪ ،‬وأتت بعدها‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫الكتابة‪ ،‬بينما جاءت المكسيك يف مرتبة أدن من ذلك ‪ ..‬وصنفت المجتمعات األخرى‬
‫ّ‬
‫بدرجات متباينة ف المواقع األدن من هذا الثتيب‪ّ )Darnell,1978,p.81) .‬‬
‫وربما شكل‬
‫ي‬
‫ً‬
‫أساسا استند إليه ر‬
‫للتميث ربي المجتمعات ‪.‬‬
‫األنثوبولوجيون – فيما بعد‪-‬‬
‫هذا التصنيف‬
‫ر‬
‫اإلسبان يف الدراسة األثنوجرافية عن الشعوب البدائية‪،‬‬
‫وظهر إل جانب آكوستا ‪/‬‬
‫ي‬
‫مونتان ‪ M.De. Montaigne‬الذي عاش ما ربي‬
‫الفرنىس‪ ،‬ميشيل دي‬
‫عالم االجتماع‬
‫ي‬
‫ي‬
‫األصليي يف أمريكا‬
‫(‪ )4570-4520‬وأجرى مقابدات مع مجموعات من السكان‬
‫ر‬
‫المكتشفي إل أوربا‪ .‬وبعد إن جمع منهم المعلومات‬
‫المكتشفة‪ ،‬والذين أحرصهم بعض‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫لك يفهم‬
‫عن العادات والتقاليد السائدة يف موطنهم‬
‫األصىل‪ ،‬خر بالمقولة التالية ‪ " :‬إنه ي‬
‫ي‬
‫ً ّ ً‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫جيدا‪ ،‬ال بد من دراسة التنوع الحضاري للمجتمعات البشية واستقصاء‬
‫العالم فهما‬
‫ّ‬
‫أسباب هذا التنوع " ويكون بذلك قد طرح فكرة (النسبية األخداقية)‪.‬‬
‫ّ‬
‫الشهث عن " أكلة لحوم ر‬
‫البش " وجاء فيه ‪:‬‬
‫ومما قاله يف هذا اإلطار ما كتبه يف مقاله‬
‫ر‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫" يبدو أن ليس لدينا أي معيار للحقيقة والصواب‪ ،‬إال يف إطار ما نجده سائدا من آراء‬
‫وعادات عىل األرض الت نعيش عليها (أوروبا)‪ ،‬حيث نعتقد بوجود أكمل الديانات‪ ،‬ر‬
‫وأكث‬
‫ي‬
‫ ‪- 06‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com36‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫الطرائق فاعلية يف الحصول عىل األشياء ‪.‬‬
‫ّإن هؤالء الناس (أكلة لحوم ر‬
‫الثّية‪ .‬فقد‬
‫البش) فطريون ‪ /‬طبيعيون‪ ،‬مثل الفاكهة ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫بقوا عىل حالهم البسيطة‪ ،‬كما شكلتهم الطبيعة بطريقتها الخاصة‪ ،‬وتحكمت فيهم‬
‫ّ‬
‫الشهث "‬
‫وسثتهم ‪ )Leach,1982,p.67) ".‬ومن هذه الرؤية‪ ،‬الف كتابه‬
‫قوانينها‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ً‬
‫ً‬
‫المقاالت‬
‫األورون عامة‪ ،‬والفكر‬
‫الفكر‬
‫مؤرج‬
‫لدى‬
‫ا‬
‫كبث‬
‫اهتماما‬
‫‪،‬‬
‫‪4597‬‬
‫عام‬
‫الصادر‬
‫"‬
‫ر‬
‫ري‬
‫ي‬
‫الفرنىس خاصة ‪.‬‬
‫ي‬
‫ر‬
‫الت‬
‫ي‬
‫ويأن القرن الثامن عش‪ ،‬ليحمل معه كتابات جان جاك روسو ‪ ،J.J. Rossow‬ي‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ج علم األنثوبولوجيا‪ ،‬وذلك بالنظر لما تضمنته يف دراستها‬
‫احتلت أهمية ر‬
‫كبثة لدى مؤر ي‬
‫األثنوجرافية للشعوب المكتشفة (المجتمعات البدائية) مقارنة مع المجتمعات الغربية ‪/‬‬
‫األوروبية ‪.‬‬
‫لقد ّ‬
‫األنثوبولوجية عند ّ‬
‫تمثت وجهة النظر ر‬
‫ّ‬
‫بالتجرد والموضوعية‪ ،‬حيث‬
‫روسو‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫الفرنىس‪ ،‬مقابل‬
‫تجىل ذلك يف نقد بعض القيم والجوانب الثقافية يف مجتمعه‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫وف هذا اإلطار‪ ،‬يعد كتابه "‬
‫استحسان بعض الطرائق الحياتية يف المجتمعات األخرى‪ .‬ي‬
‫العقد االجتماع" من البواكث األول للفكر ر‬
‫وبولوج‪.‬‬
‫األنث‬
‫ر‬
‫ر ي‬
‫ي‬
‫وكان إل جانب ّ‬
‫القواني)‬
‫روسو‪ ،‬البارون دي مونتسكييه‪ ،‬الذي وضع كتاب (روح‬
‫ر‬
‫القواني والعادات والتقاليد والبيئة‪ .‬وسادت هذه‬
‫الوظيق ربي‬
‫وأوضح فيه فكرة الثابط‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫وبولوجي يف أوائل القرن العشين‪ ،‬وال سيما عند‬
‫الفكرة الثابطية يف أعمال األنث‬
‫ر‬
‫ر‬
‫وتأثث‬
‫السياسية‪،‬‬
‫النظم‬
‫اسة‬
‫ر‬
‫بد‬
‫مونتسكييه‬
‫اهتمام‬
‫انتقل‬
‫اإلنجلث‪ ،‬حيث‬
‫وبولوجيي‬
‫األنث‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫المناخ عىل نوعية الحضارة أو الثقافة – فيما بعد – إل الكتابات األنثوبولوجية‪ ،‬وشكل‬
‫ً‬
‫ا‬
‫واسعا للدراسات ر‬
‫األنثوبولوجية )‪.)Darnell,1978, p.87‬‬
‫مجاال‬
‫ ‪- 37‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com37‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫القومية‬
‫التفوق العنرصي والثعة‬
‫ّأما يف ألمانيا‪ ،‬فقد تبلور الفكر يف عرص التنوير‪ ،‬عن‬
‫ً‬
‫واضحا ف كتابات ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫كل من ‪ /‬جور هيجل (‪-4992‬‬
‫التعصبية )‪ .‬وظهر ذلك‬
‫الشوفينية (‬
‫ي‬
‫األلمان‪ ،‬الشعب األمثل‬
‫‪ )4924‬وجوهان فخته (‪ ،)4941-4950‬حيث جعدا الشعب‬
‫ي‬
‫واألنق ربي شعوب العالم ‪.‬‬
‫ّ‬
‫هثدر (‪ )4922-4911‬فجاءت لتعزز فكرة التمايز ربي السداالت‬
‫ّأما كتابات جوهان ر‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫الجسم‪ ،‬والتفاوت فيما بينها بمدى التأثر بمظاهر المدنية‪،‬‬
‫البشية من ناحية الثكيب‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫هثدر إل ّأن ّ‬
‫ثمة سداالت‬
‫وف تمثلها لمقومات الحضارة‪ .‬وعىل هذا األساس‪ ،‬يذهب ر‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫قض عليها بالتأخر واالنحطاط ‪ (.‬الخشاب‪،‬‬
‫للرف‪ ،‬وسداالت أخرى‬
‫بشية خلقت‬
‫ي‬
‫ي‬
‫‪ ،4792‬ص‪.) 295‬‬
‫ر‬
‫كبثة يف‬
‫لكن هذا االتجاه العنرصي يف الدراسات األنثبولوجية‪ ،‬واجه انتقادات ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫بداية القرن ر‬
‫العشين ‪ ،‬حيث برزت فكرة أنه ال يجوز أن تتخذ اللغة كأساس أو دليل عىل‬
‫ّ‬
‫وأن العداقة ربي الجنس ر‬
‫البشي واللغة‪ ،‬ال يجوز أن تكون‬
‫سدال واحد‪،‬‬
‫االنتماء إل أصل‬
‫ي‬
‫ً‬
‫أساسا لتقسيم الشعوب اإلنسانية إل سداالت متمايزة‪ .‬وقد نقض ذلك ودحضه‪ ،‬فيما‬
‫بعد‪ ،‬الفكر ر‬
‫وبولوج القائم عىل المشاهدة الواقعية‪ ،‬والدراسة الميدانية المقارنة‬
‫األنث‬
‫ر ي‬
‫لمجتمعات الشعوب األخرى ‪.‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫الت ظهرت اتجاهاتها وقضاياها‬
‫وهنا يمكن القول ‪ :‬إن األنثوبولوجيا المتحررة ي‬
‫ّ‬
‫االنسانية‪ ،‬منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية‪ ،‬تجد – وال شك ‪ -‬يف الكتابات الفرنسية يف‬
‫ً‬
‫ا‬
‫عرص التنوير‪ ،‬جذورا أو أصوال نظرية لمنطلقاتها الفكرية ‪ (.‬فهيم‪ ،4795 ،‬ص‪.)424‬‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫إن الفكر ر‬
‫وبولوج الذي ساد أوروبا يف‬
‫األنث‬
‫وتأسيسا عىل ما تقدم‪ ،‬يمكن القول ‪:‬‬
‫ر ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫خي‪ ،‬شكل المدامح‬
‫عرص التنوير‪ ،‬وتجىل يف كتابات العديد من الفداسفة‬
‫والباحثي والمؤر ر‬
‫ر‬
‫ ‪- 08‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com38‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫النظرية األول لعلم ر‬
‫ر‬
‫العشين‪،‬‬
‫األنثوبولوجيا‪ ،‬الذي بدأ سستقل بذاته مع بدايات القرن‬
‫الثان من القرن ذاته‪.‬‬
‫ويتبلور بمنطلقاته وأهدافه يف النصف‬
‫ي‬
‫ ‪- 39‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com39‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫مصادر الفصل ومراجعه‬
‫ ابن بطوطة‪ ،‬أبو عبد هللا (‪ ،)4759‬رحلة ابن بطوطة‪ ،‬دار الثاث‪ ،‬ربثوت ‪.‬‬‫ّ‬
‫عىل عبد‬
‫ ابن خلدون‪ ،‬عبد الرحمن (‪ )4755‬مقدمة ابن خلدون‪ ،‬تحقيق ‪ :‬ي‬‫واف‪ ،‬القاهرة ‪.‬‬
‫الواحد ي‬
‫ الخشاب‪ ،‬أحمد (‪ )4792‬دراسات رأنثوبولوجية‪ ،‬دار المعارف بمرص ‪.‬‬‫ خشيم‪ ،‬عىل فهم (‪ )4759‬نصوص ّ‬‫ليبية‪ ،‬دار مكتبة الفكر‪ ،‬طرابلس‪ ،‬ليبيا ‪.‬‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫هثودت يتحدث عن مرص‪ ،‬دار العلم‪ ،‬القاهرة ‪.‬‬
‫ خفاجة‪ ،‬دمحم صقر (‪ )4755‬ر‬‫ فهيم‪ ،‬حسي (‪ّ )4795‬‬‫قصة ر‬
‫األنثوبولوجيا‪ -‬فصول يف تاري ــخ اإلنسان‪ ،‬سلسلة‬
‫ر‬
‫عالم المعرفة (‪ ،)479‬الكويت ‪.‬‬
‫ مؤنس‪ ،‬دمحم (‪ )4799‬الحضارة – دراسة يف أصول وعوامل قيامها وتدهورها‪،‬‬‫الثان‪ ،‬الكويت ‪.‬‬
‫عالم المعرفة‪ ،‬عدد كانون‬
‫ي‬
‫‪-Anderson, John (1984) Conjuring with Ibn Khaldon: from an‬‬
‫‪Anthropological point of view, Leiden .‬‬
‫‪-Boorstin, Daniel .J (1985) The Discoveries A History Of Man’s‬‬
‫‪Search to Know his World and Himself .Vintage Books edition .‬‬
‫‪-Darnell, Regna and editor (1978) Reading in the History of‬‬
‫ ‪- 41‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com40‬‬
www.facebook.com/tanweerlibrary
Anthropology, University of Illinois .
- Leach, Edmund (1982) Social Anthropology , Fontana- Paper
backs .
-Mauduit, J. A (1960) Manuel d,Athngraphie , Payot , Paris
-Oswalt, Wendell (1972) Other People , Other Customs , Holt
Rinehart and Winston Inc .
- 11 https://attanweerlibrary.blogspot.com41
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫عالقة ر‬
‫األنثوبولوجيا بالعلوم األخرى‬
‫ا‬
‫أول ‪-‬عالقة ر‬
‫األنثوبولوجيا بعلم األحياء‬
‫ثانيا‪-‬عالقة ر‬
‫األنثوبولوجيا بعلم االجتماع‬
‫ثالثا‪-‬عالقة ر‬
‫األنثوبولوجيا بعلم الفلسفة‬
‫رابعا‪ -‬عالقة ر‬
‫األنثوبولوجيا بعلم النفس‬
‫خامسا_عالقة ر‬
‫األنثوبولوجيا بعلم الجيولوجيا والجغرافيا‬
‫ ‪- 42‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com42‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫مقـ ّ‬
‫ـدمة‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫مستقل بذاته‪ ،‬يدرس اإلنسان من‬
‫باألنثوبولوجيا كعلم‬
‫عىل الرغم من االعثاف‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫وتطوره وثقافته‪ ،‬فما زال العلماء‪ ،‬وال سيما علماء اإلنسان يختلفون حول‬
‫حيث نشأته‬
‫ّ‬
‫تصنيف هذا العلم ربي العلوم المختلفة ‪ ..‬رفثى بعضهم أنه من العلوم االجتماعية‪،‬‬
‫ً ّ‬
‫كعلم النفس واالجتماع والتاري ــخ والسياسة‪ .‬ويرى بعضهم أيضا أنه من العلوم التطبيقية‪،‬‬
‫ّ‬
‫كالرياضيات والطب والفلك‪ .‬بينما يرى بعضهم اآلخر أنه من العلوم اإلنسانية‪ ،‬كالفلسفة‬
‫والفنون والديانات ‪..‬‬
‫ّ‬
‫كلها دخلت عىل ّ‬
‫الثقاف لشعب ما‪ ،‬إل جسد هذه‬
‫مر التاري ــخ‬
‫لكن هذه العلوم‬
‫ي‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الثقافة وأصبحت جزءا منها ‪ ،‬ومكونا من مكوناتها‪ ،‬األمر الذي أدى يف النهاية إل اختداف‬
‫ر‬
‫الثقافات ربي المجتمعات ر‬
‫بكثث من‬
‫البشية‪ .‬ومن هنا كان علم األنثوبولوجيا‪ ،‬ذا صلة ر‬
‫العلوم أخرى‪.‬‬
‫فعلم ر‬
‫اضطر المرة تلو ّ‬
‫ّ‬
‫المرة‪ ،‬إل االنتظار ريثما تنجح العلوم الطبيعية‬
‫األنثوبولوجيا‬
‫ّ‬
‫معينة عن طريق التجارب الت تجرى عىل الحيوانات‪ّ .‬‬
‫ف استجداء نقطة ّ‬
‫ومما ال شك فيه‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫الت‬
‫ه ي‬
‫الت أجراها علماء الوراثة عىل الجرذان وذباب األشجار المثمرة‪ ،‬ي‬
‫أن نتائج األبحاث ي‬
‫ّ‬
‫قواني الوراثة عند الكائنات ر‬
‫البشية‪ ،‬ولجداء المشكدات المختلفة‬
‫مهدت الطريق لفهم‬
‫ر‬
‫ ‪- 13‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com43‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫سسم (العروق أو األجناس ر‬
‫غث أننا من جهة أخرى‪ ،‬نستطيع‬
‫المتصلة بما‬
‫البشية )‪ .‬ر‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫كثثا يف فهم طبيعة‬
‫الت اكتشفتها العلوم الطبيعية‪ ،‬ال تساعد ر‬
‫القول ‪ :‬إن الحقائق ي‬
‫ّ‬
‫ألن معظم الظاهرات السلوكية ر‬
‫البشية ال تجد ما يماثلها مماثلة‬
‫اإلنسان‪ ،‬وذلك‬
‫السلوك‬
‫ي‬
‫الحيوان ‪.‬‬
‫وثيقة عىل الصعيد‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ويصدق هذا بوجه خاص عىل الظاهرات المتصلة بالحياة االجتماعية المنظمة‪.‬‬
‫فمع ّأن علماء ر‬
‫األنثوبولوجيا استطاعوا استخدام بعض األساليب الت ّ‬
‫طورتها العلوم‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫تطور مثل هذه األساليب‪ .‬والواقع أن‬
‫اضطروا إل انتظار‬
‫االجتماعية‪ ،‬فننهم قلما‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫تطور العلوم االجتماعية‪ ،‬ال ّ‬
‫تطور‬
‫يقل شأنا عن إسهام هذه العلوم يف‬
‫إسهامهم يف‬
‫ر‬
‫األنثوبولوجيا‪( .‬لينتون ‪ ،4759،‬ص ‪)45‬‬
‫وسنكتق بتبيان صلة ر‬
‫األنثوبولوجية بعلم األحياء‪ ،‬وعلم االجتماع وعلم الفلسفة‪،‬‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫وعلم النفس‪ ،‬وعلم الجيولوجيا والجغرافيا‪ ،‬ونثك صلتها بالعلوم األخرى ألنها سثد يف‬
‫الفصول الداحقة‪ ،‬من خدال عرض فروع ر‬
‫األنثوبولوجيا‪.‬‬
‫ا‬
‫أوال‪ -‬عداقة ر‬
‫األنثوبولوجيا بعلم األحياء ‪ /‬البيولوجيا ‪Biology‬‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫الحية من وحيد الخلية األبسط تركيبا‪ ،‬وحت‬
‫يتناول علم األحياء دراسة الكائنات‬
‫ّ‬
‫ً‬
‫ر‬
‫تعقيدا ‪.‬ولذلك ّ‬
‫يعرف بأنه ‪ :‬العلم الذي يدرس اإلنسان كفرد قائم‬
‫واألكث‬
‫كثث الخدايا‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫بذاته‪ ،‬من حيث بنية أعضائه وتطورها ‪.‬‬
‫ويرتبط علم األحياء بالعلوم الطبيعية‪ ،‬وال ّ‬
‫ر‬
‫والتشي ــح‬
‫سيما علم وظائف األعضاء‬
‫ّ‬
‫الت تقول بأن أجسام أجناس‬
‫وحياة الكائن‬
‫ي‬
‫الح‪ .‬وتدخل يف ذلك‪ ،‬نظرية التطور ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫تتغث باستمرار ما دامت هذه الكائنات تتكاثر‬
‫الكائنات‬
‫الحية وأنواعها ووظائف أعضائها‪ ،‬ر‬
‫ ‪- 44‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com44‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ا‬
‫ه الحال عند اإلنسان‪.‬‬
‫وتنتج أجياال جديدة ‪ ،‬قد تكون أرف من األجيال السابقة‪ ،‬كما ي‬
‫ً ًّ‬
‫ّ‬
‫حيا بخلية واحدة‪ ،‬تكاثرت يف إطار‬
‫كما تستند هذه النظرية إل أن اإلنسان بدأ كائنا‬
‫ّ‬
‫واالجتماع‪.‬‬
‫والنفىس‬
‫العقىل‬
‫التطور‬
‫بنيته العامة‪ ،‬إل أن انته إل ما هو عليه اآلن من‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫دلت عليه بقايا عظام الكائنات ّ‬
‫الحية المكتشفة يف الحفريات األثرية ‪.‬‬
‫وهذا ما‬
‫ر‬
‫فاألنثوبولوجيا‪ ،‬من الناحية النظرية‪ ،‬شديدة القرب من البيولوجيا ؛ فكداهما يدرس‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫للتنوع‪ّ ،‬‬
‫عملية إعادة إنتا الحياة‪ ،‬وكداهما ّ‬
‫تخصصه‪.‬‬
‫وكل يف‬
‫مبت عىل نموذ نظري‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫لكن نتائج الحوار يف الدراسة الميدانية‪ ،‬أدت كما يقول ‪ /‬كارلوس سافيدرا‪ /‬إل أن‬
‫ً‬
‫المبادىء الت ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫والمنهجية‪ ،‬تواليا‬
‫التطور تتبع من الناحية المنطقية‬
‫تأسست عليها نظرية‬
‫ي‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫التطور‬
‫التغث‪ ..‬فبنو اإلنسان من أصل واحد‪ ،‬سواء أكان‬
‫إل‬
‫الثبات‬
‫من‬
‫سسث‬
‫ر‬
‫أو نموذجا‪ ،‬ر‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫امت ‪ ..‬ولكن هناك أيضا – يف‬
‫التطوري أو بثكيب الحمض النووي‬
‫بالتعبث‬
‫ر‬
‫ر‬
‫بالتعبث الث ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫وتغثات مختلفة األشكال‪ ،‬بنيوية وتركيبية بالمصطلح‬
‫الوقت نفسه – تشوهات‬
‫ر‬
‫ر‬
‫وبولوج ‪.‬‬
‫األنث‬
‫ر ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الجيت يف علم (البيولوجيا)‬
‫التنوع‬
‫العلمي‪ ،‬بدور حيوي ‪:‬‬
‫التنوع يف‬
‫ويحط تحليل‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫تسميه البيولوجيا "‬
‫أساش لما‬
‫أمر‬
‫ع‬
‫فالتنو‬
‫‪،‬‬
‫)‬
‫وبولوجيا‬
‫األنث‬
‫(‬
‫ف‬
‫والتنوع‬
‫االجتماع ي‬
‫ي‬
‫ي‬
‫وه القدرة عىل مواصلة الحياة‪ ،‬وإخداف الذرية‪ .‬واألمر ذاته نجده‬
‫الفاعلية البيولوجية " ي‬
‫ف ر‬
‫األنثوبولوجيا فيما يطلق عليه ‪ :‬إشباع الحاجات األساسية‪.‬‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫يعد ‪ /‬دارون ‪ /‬رائد علم األحياء‪ ،‬الذي استند فيه إل نظرية (النشوء واالرتقاء ) يف‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ا‬
‫تفسثا منهجيا معقوال‪ ،‬يتلخص يف األمور التالية‪:‬‬
‫والت قدم لها‬
‫ر‬
‫حياة اإلنسان‪ ،‬ي‬
‫ ‪- 15‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com45‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫‪-4‬إن عمليات الحياة المتتابعة بمعطياتها وظروفها‪ ،‬تنتج كائنات مختلفة عن‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫تتنوع يف‬
‫ه ذاتها من خدال التكاثر‪ ،‬بل‬
‫أصولها ‪ ..‬أي أن أنواع هذه الكائنات ال تتكرر ي‬
‫أشكالها ومظاهرها ‪.‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الحية‪ ،‬تجعلها ر‬
‫تتمتع بها بعض الكائنات ّ‬
‫أكث قدرة عىل البقاء‬
‫الت‬
‫‪ -0‬إن الخصائص ي‬
‫ّ‬
‫الت تحيط بها ‪.‬‬
‫من بعضها اآلخر‪ ،‬حيث تستطيع التداؤم مع الظروف البيئية الخاصة ي‬
‫ًّ‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ورقيا‪ ،‬تمتلك عوامل التكاثر واالستمرار‬
‫األكث قدرة‬
‫الحية الجديدة‪،‬‬
‫‪-2‬إن الكائنات‬
‫عىل قيد الحياة‪ ،‬لفثة أطول ّ‬
‫مما ه عند بعض الكائنات الضعيفة األخرى‪ ،‬الت ّ‬
‫تتعرض‬
‫ي‬
‫ي‬
‫لدانقراض الشي ــع ‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪-1‬إن بعض الخصائص البيولوجية( الصفات المهلكة) عند بعض أنواع الكائنات‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫تؤدي إل موتها بصورة شيعة‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫وربما ر‬
‫مباشة‪ ،‬إذا لم تكن هذه الخصائص تؤهلها‬
‫الحية‬
‫ّ‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫البيئية‪ .‬وهذا ما يؤثر سلبا يف نسل هذه الكائنات من حيث البنية‬
‫للتكيف مع الظروف‬
‫والمقاومة‪.‬‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫وتطورها‪،‬‬
‫الحية‬
‫الت قدمها دارون يف أصل الكائنات‬
‫واستنادا إل هذه المبادىء ي‬
‫ا‬
‫قواني الوراثة وما يتبعها من الجينات‬
‫الحال‪ ،‬اكتشف العلماء‬
‫وصوال إل وضع اإلنسان‬
‫ر‬
‫ي‬
‫الت تحمل صفات اإلنسان‪ ،‬وتنقلها من اآلباء إل األبناء‪ ،‬من خدال التلقيح‬
‫(الخدايا) ي‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫والتكاثر‪ .‬وهذا ما جعل علماء األنثوبولوجيا يعتقدون بأن الجنس البشي مر بمراحل‬
‫ّ‬
‫تطورية عديدة ‪،‬حت وصل إل اإلنسان (الحيوان الناطق والعاقل )‪.‬‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫مفتوحا حول دور ر‬
‫األنثوبولوجيا يف الدراسات‬
‫ومهما يكن األمر‪ ،‬فنن النقاش ما زال‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫التاريح‪ ،‬ولكن بطبيعة‬
‫التطور الذي يدخل يف اإلطار‬
‫بتطور اإلنسان هذا‬
‫الخاصة‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫تغثها ‪.‬‬
‫بيولوجية‪ ،‬ال بد من دراسة مبادئها ومظاهر ر‬
‫ ‪- 46‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com46‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ً‬
‫ثانيا‪ -‬عداقة ر‬
‫األنثوبولوجيا بعلم االجتماع‬
‫ّ‬
‫يعد علم االجتماع من أحدث العلوم األساسية وأهم العلوم اإلنسانية‪ .‬لذلك‪ّ ،‬‬
‫يعرف‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ويتحرى أسباب الحوادث‬
‫بأنه ‪ :‬العلم الذي يدرس الحياة االجتماعية بجميع مظاهرها‪،‬‬
‫االجتماعية وقواني ّ‬
‫تطورها‪( .‬الحرصي‪ ،4795 ،‬ص ‪)9‬‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الت ظهرت يف أواخر القرن‬
‫ويعرف بصورة أوسع‪ ،‬بأنه ‪ :‬أحد العلوم اإلنسانية الهامة ي‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫قواني وقواعد تفش الظواهر‬
‫الت تحاول الوصول إل‬
‫ر‬
‫التاسع عش‪ ،‬وهو من العلوم ي‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫االجتماعية‪ ،‬سواء كانت هذه الظواهر يف شكل جماعات بشية‪ ،‬أو نظم ومؤسسات‬
‫اجتماعية أو إنسانية ‪.‬وهو بالتال‪ ،‬العلم الذي سساعد ف ّ‬
‫تكيف الفرد والمجتمع للعيش‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫معا‪ ،‬ضمن أهداف ّ‬
‫معينة سسعون إل تحقيقها‪ ،‬من أجل التقدم واالستمرارية‪( .‬عيىس‪،‬‬
‫‪ ،4795‬ص ‪)42‬‬
‫فعلم االجتماع إذن‪ ،‬يدرس العداقات ربي األفراد وعمليات التفاعل فيما بينهم‪،‬‬
‫ّ‬
‫وترصفاتهم كأعضاء ّ‬
‫ّ‬
‫مكو رني لهذه الجماعة‪ .‬فهو يركز عىل سلوكات األفراد ضمن هذا‬
‫تأثث البيئة االجتماعية (االقتصادية والثقافية) يف تكوين‬
‫المجتمع أو ذاك‪ ،‬ويدرس‬
‫بالتال ر‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫الجيوش والشماس‪،‬‬
‫(‬
‫‪.‬‬
‫اد‬
‫ر‬
‫األف‬
‫بي‬
‫العداقات‬
‫وتحديد‬
‫الشخصية اإلنسانية‪،‬‬
‫ر‬
‫ي‬
‫‪ ،0222/0220‬ص ‪)57‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ه (سوسيو ‪)Sociu‬‬
‫إن مصطلح ‪ /‬علم االجتماع ‪ /‬مشتق من‬
‫ر‬
‫كلمتي‪ ،‬األول ي‬
‫وتعت العلم أو‬
‫وتعت رفيق أو مجتمع‪ .‬والثانية (لوغوس ‪ )Logos‬اليونانية‪،‬‬
‫الداتينية‪،‬‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫فنن ّ‬
‫ثمة‬
‫االجتماع عندما يدرس الجماعة‪،‬‬
‫التفاعل‬
‫يتناول‬
‫االجتماع‬
‫علم‬
‫أن‬
‫وبما‬
‫البحث‪.‬‬
‫ي‬
‫ً‬
‫ا‬
‫ر‬
‫االجتماع‬
‫كبثا ربي علم االجتماع واألنثوبولوجيا‪ ،‬فكداهما يدرس البناء‬
‫تداخال ر‬
‫ي‬
‫ ‪- 17‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com47‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫والوظائف االجتماعية ‪ ..‬وهذا ما دعا أحد العلماء إل القول ‪ّ :‬إن علم ر‬
‫األنثوبولوجيا‬
‫لطق‪ ،4797 ،‬ص ‪) 11‬‬
‫االجتماعية‪ ،‬هو فرع من فروع علم االجتماع المقارن‪ ( .‬ي‬
‫ر‬
‫وهكذا نجد ّأن ّ‬
‫واألنثوبولوجيا‪ ،‬بالنظر إل‬
‫ثمة صلة من نوع ما‪ ،‬ربي علم االجتماع‬
‫ّ ًّ‬
‫كال منهما يدرس اإلنسان‪ .‬ويتجاوز الثابط بينهما المعلومات الت يهدف ّ‬
‫كل منهما‬
‫أن‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫تسم‬
‫منهجية البحث من حيث طريقته وأسلوبه‪ ،‬إل حد‬
‫الحصول عليها‪ ،‬إل‬
‫ر‬
‫األنثوبولوجيا عنده‪ ،‬بعلم االجتماع المقارن‪ ،‬عىل الرغم أن ّأنها ّ‬
‫تهتم بالجانب الحضاري‬
‫عن اإلنسان ‪ ،‬بينما تقثب دراسة علم االجتماع من ر‬
‫األنثوبولوجيا االجتماعية ‪.‬‬
‫ّ‬
‫فعلم االجتماع يركز يف دراساته عىل المشكدات االجتماعية يف المجتمع الواحد‪ ،‬كما‬
‫يدرس الطبقات االجتماعية يف هذا المجتمع أو ذاك من المجتمعات الحديثة‪ ،‬ويندر أن‬
‫يدرس المجتمعات البدائية أو المنقرضة‪ .‬بينما ترّكز ر‬
‫األنثوبولوجيا (علم اإلنسان) يف‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫دراساتها‪ ،‬عىل المجتمعات البدائية ‪ /‬األولية‪ ،‬وأيضا المجتمعات المتحرصة ‪ /‬المعارصة‪.‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ولكن دراسة ر‬
‫األنثوبولوجيا للمجتمعات اإلنسانية‪ ،‬تثكز يف الغالب عىل ‪ :‬التقاليد‬
‫الت يمارسها‬
‫والعادات والنظم‪ ،‬والعداقات ربي الناس‪ ،‬واألنماط السلوكية المختلفة‪ ،‬ي‬
‫معينة‪( .‬أبو هدال‪ ،4791 ،‬ص ‪ )4‬أي ّأن علم ر‬
‫شعب ما أو ّأمة ّ‬
‫األنثبولوجيا االجتماعية‬
‫يدرس الحياة االجتماعية (المجتمع ّ‬
‫ككل )‪ ،‬وينظر إليها نظرة شاملة‪ ،‬ويدرس البيئة‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫متخصصة إل حد‬
‫العامة‪ ،‬والعائلة ونظم القرابة والدين‪ ،‬بينما تكون دراسة علم االجتماع‬
‫ّ‬
‫محددة أو مشكدات ّ‬
‫معينة‪ ،‬أو مشكدات قائمة‬
‫بعيد‪ .‬حيث يقترص عىل دراسة ظواهر‬
‫لطق‪،‬‬
‫بذاتها‪ ،‬كمشكدات ‪ :‬األشة والطداق والجريمة‪ ،‬والبطالة واإلدمان واالنتحار ‪(...‬‬
‫ي‬
‫‪ ،4797‬ص‪)15‬‬
‫ّ‬
‫وإذا كان ّ‬
‫العلمي‪ ،‬فهو ال يتعدى فهم الظواهر االجتماعية‬
‫ثمة تباين أو اختداف ربي‬
‫ر‬
‫ ‪- 48‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com48‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫وتفسثاتها‪ ،‬وفق أهداف ّ‬
‫كل منهما‪ .‬فبينما نجد أن الباحث يف علم االجتماع‪ ،‬يعتمد عىل‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫المتغثات االجتماعية‪ ،‬ويحاول التحقق منها من خدال‬
‫افثاضات نظرية لدراسة وضع‬
‫ر‬
‫الت يجمعها بواسطة استبيان أو استمارة خاصة لذلك‪ ،‬نجد – يف المقابل –‬
‫المعلومات ي‬
‫ً‬
‫ّأن الباحث ر‬
‫ير‬
‫وبولوج‪ ،‬يعتمد تشخيص الظاهرة استنادا إل فهم الواقع كما هو‪ ،‬ومن‬
‫األنث‬
‫ر‬
‫المباشة ومشاركة األفراد يف حياتهم العادية ‪.‬‬
‫خدال المداحظة‬
‫ً‬
‫ثالثا‪-‬عداقة ر‬
‫األنثوبولوجيا بعلم الفلسفة‬
‫ّ‬
‫مقطعي ‪( :‬فيلو ‪+ PHILO‬‬
‫المكون من‬
‫اليونان‬
‫تعود كلمة (فلسفة) إل األصل‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫وتعت ‪( :‬حب الحكمة) أو محبة‬
‫سوفيا ‪ )SOPHY‬أي فيلوسوفيا ‪،PHILOSOPHY‬‬
‫ي‬
‫الحكمة ‪.‬‬
‫ر ّ‬
‫ّ‬
‫أكث دقة‬
‫االشتقاف‪ ،‬فقد اتخذت عند أرسطو معت‬
‫ولكن عىل الرغم من أصلها‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ا‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫وشموال‪ ،‬حيث ّ‬
‫ر‬
‫عرفها بأنها‪ " :‬علم المعت األكث شموال لكلمة علم "‪ .‬ويشح ذلك بقوله ‪:‬‬
‫ر‬
‫" الفلسفة ه علم المبادىء واألسباب األول‪ ،‬غايتها البحث عن الحقيقة ّ‬
‫وبأكث‬
‫برمتها‪،‬‬
‫ي‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫أساليب الفكر نظاما وتماسكا "‪ .‬أي أنها ‪ :‬علم الوجود بما هو موجود‪ ،‬أو الفكر يف جوهر‬
‫ّ‬
‫وجوده‪ .‬وال يمكن بلوغ هذه الغاية إال بإحكام دقيق للفكر‪ ،‬أي بمنهج سستند إل مبادىء‬
‫ر‬
‫الجيوش ‪ ،4799/4799،‬ص ‪) 2‬‬
‫العقل‪( .‬‬
‫ي‬
‫وبالنظر إل هذا المعت الواسع‪ ،‬اختلف الفداسفة يف إعطاء معت دقيق للفلسفة‪.‬‬
‫ّ‬
‫بأنها ‪ :‬البحث عن طبائع األشياء وحقائق الموجودات‪ّ .‬‬
‫فقد ّ‬
‫وعرفها‬
‫عرفها الطبيعيون‬
‫ّ‬
‫بعض الفداسفة اآلخرين بأنها ‪ :‬مجموعة المعلومات يف عرص من العصور‪( .‬محمود‪،‬‬
‫‪ ،4759‬ص ‪)005‬‬
‫ ‪- 19‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com49‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫وإذا كانت الفلسفة (أم العلوم) كما كانت ّ‬
‫تسم‪ ،‬بالنظر لشمولية دراستها مجموعة‬
‫ًّ‬
‫ّ‬
‫فنن صلة ر‬
‫األنثوبولوجيا بها وثيقة جدا‪ ،‬وال‬
‫والفثيائية‪،‬‬
‫من العلوم الرياضية واإلنسانية‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫سيما فيما يتعلق بنظرة اإلنسان إل الكون والحياة‪ ،‬يف زمان ما أو مكان محدد‪ .‬وذلك ألن‬
‫ّ‬
‫الزمان والمكان مرتبطان بعداقة جدلية‪ ،‬ال يمكن إدراك ّ‬
‫مكوناتها إال من خدال دراسة‬
‫سان‪ ،‬الذي سسىع إل البقاء واالستمرار‪.‬‬
‫الفعل اإلن ي‬
‫فدراسة أصل اإلنسان ونشأته وحياته وسعيه إل البقاء والخلود‪ ،‬وما ينجم عن ذلك‬
‫ّ‬
‫تطور ّ‬
‫كلها تقع ف ميدان الدراسات ر‬
‫من ّ‬
‫األنثوبولوجية‪ ،‬وال ّ‬
‫ّ‬
‫سيما تلك‬
‫مستمرين‪،‬‬
‫وتغث‬
‫ر‬
‫ي‬
‫العداقة األزلية بي طبيعة اإلنسان‪ ،‬وواقعه وما يطمح إليه من آمال وأهداف‪ّ ،‬‬
‫تؤمن‬
‫ر‬
‫سثورة حياته ‪.‬‬
‫ر‬
‫ً‬
‫ابعا‪ -‬عداقة ر‬
‫األنثوبولوجيا بعلم النفس‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫بأنه ‪ :‬العلم الذي ّ‬
‫ّ‬
‫البشي‪ ،‬والطبيعة ر‬
‫يهتم بدراسة العقل ر‬
‫البشية‪،‬‬
‫يعرف علم النفس‬
‫ّ‬
‫والسلوك الناتج عنهما‪ .‬أي أنه ‪ :‬مجموعة الحقائق الت ّ‬
‫يتم الحصول عليها من وجهة‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫يعت ‪ :‬أنه العلم الذي يدرس سلوك‬
‫النظر النفسية‪( .‬فراير‪ ،4759 ،‬ص ‪ )20‬وهذا ي‬
‫وتفسثه‪( .‬عيسوي‪ ،4797 ،‬ص ‪)9‬‬
‫اإلنسان بهدف فهمه‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ومن هذا المنطلق‪ ،‬يمكن القول ‪ :‬إن علم النفس ‪ ،‬هو العلم الذي يدرس اإلنسان‬
‫ّ‬
‫شخصيته المختلفة‪ ،‬بغية الوصول إل حقائق حولها‪ ،‬قد تكون ذات صفة‬
‫من جوانب‬
‫عامة ومطلقة‪ ،‬يمكن تعميمها ‪.‬‬
‫ولذلك‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الجسمية الموروثة‪ ،‬وتحديد عداقاتها‬
‫النفسية بالخصائص‬
‫تهتم الدراسات‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫بالعوامل السلوكية لدى الفرد‪ ،‬وال سيما تلك العداقة ربي الصفات الجسمية العامة‪،‬‬
‫ ‪- 01‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com50‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الشخصية ‪.‬‬
‫البيئية المحيطة بهذه‬
‫الشخصية‪ .‬مع األخذ يف الحسبان العوامل‬
‫وسمات‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫البيئية يف هذه العداقة‪،‬‬
‫بأهمية هذه العوامل‬
‫ويميل النفسيون إل االعتقاد‬
‫ّ‬
‫ّ ّ‬
‫ّ‬
‫وتول المراكز القيادية‪ ،‬ال بد وأنه‬
‫فالشخص القوي البنية‪ ،‬والذي يميل إل السيطرة‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫نفسية‪ ،‬يف أثناء طفولته ونموه‪ ،‬أسهمت يف إكسابه هذه‬
‫خثات اجتماعية ‪/‬‬
‫تعرض إل ر‬
‫الجسمان‪) 094 ،4771 ،‬‬
‫السلوكات‪( .‬‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫وإذا كانت ر‬
‫بأنها العلم الذي يدرس اإلنسان‪ ،‬من حيث ّ‬
‫تطوره‬
‫األنثوبولوجيا‪ ،‬توصف‬
‫ّ‬
‫فنن علم النفس سشارك ر‬
‫األنثوبولوجيا يف دراسة سلوك اإلنسان‪.‬‬
‫وسلوكاته وأنماط حياته‪،‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ولكن الخداف بينهما‪ ،‬هو أن علم النفس يركز عىل سلوك اإلنسان ‪ /‬الفرد‪ ،‬أماّ‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫الجماع النابع‬
‫اإلنسان بشكل عام‪ .‬كما تدرس السلوك‬
‫األنثوبولوجيا فثكز عىل السلوك‬
‫ي‬
‫ي‬
‫من تراث الجماعة‪( .‬نارص‪ ،4795 ،‬ص ‪)04‬‬
‫وعىل الرغم من ّأن علم النفس يقرص دراسته عىل الفرد‪ ،‬بينما ترّكز ر‬
‫األنثوبولوجيا‬
‫ً‬
‫اهتمامها عىل المجموعة من جهة‪ ،‬وعىل ّ‬
‫كل فرد بصفته عضوا يف هذه المجموعة من‬
‫ّ‬
‫جهة أخرى‪ّ ،‬‬
‫العلمي‪ .‬حيث اكتشف علماء النفس أن اإلنسان ال‬
‫فثمة صلة وثيقة ربي‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫يعيش إال يف بيئة اجتماعية يؤثر فيها ويتأثر بها ‪..‬‬
‫ّ‬
‫االجتماع عىل المحاكاة والتقليد والميول‬
‫وتنصب الدراسة يف علم النفس‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫التجمع‪ ،‬إضافة إل دراسة‬
‫والغثية وغريزة‬
‫االجتماعية‪ ،‬كالمشاركة الوجدانية والتعاون‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫الت تعت‬
‫االتجاهات‪ .‬فقد صدرت دراسات خاصة باألنثوبولوجيا السيكولوجية‪ ،‬ي‬
‫ّ‬
‫بالظواهر السيكولوجية لبت ر‬
‫حي يعيشون يف طبقة أو جماعة‪ ،‬حيث أن الطبيعة‬
‫البش ر‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫حتم يف تكوين النظم االجتماعية ‪/‬‬
‫عامل‬
‫ها‬
‫أن‬
‫كما‬
‫العام‪،‬‬
‫النفس‬
‫اإلنسانية من صميم علم‬
‫ي‬
‫اإلنسانية‪( .‬رشوان‪ ،4799 ،‬ص ‪)95‬‬
‫ ‪- 51‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com51‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫وبولوج‪ ،‬ال تختلف عن تلك‬
‫األنث‬
‫الت تواجه الباحث‬
‫ر ي‬
‫ولذلك نرى أن المهمة ي‬
‫ّ‬
‫المهمة الت تواجه عالم النفس‪ .‬فكداهما عليه أن سستخلص صفات ر‬
‫الىسء الذي هو‬
‫ي‬
‫ي‬
‫الخارج ف السلوك ‪ ..‬وإن كان عالم ر‬
‫األنثوبولوجيا يع ّوقه‬
‫التعبث‬
‫موضوع دراسته‪ ،‬من‬
‫ر‬
‫ر ي ي‬
‫ّ‬
‫مستهل عمله‪ .‬فبينما سستطيع عالم النفس أن‬
‫اضطراره إل إدخال خطوة إضافية يف‬
‫ر‬
‫ر‬
‫يبت‬
‫مباشة‪،‬‬
‫يداحظ سلوك موضوع بحثه بصورة‬
‫ينبىع عىل عالم األنثوبولوجيا أن ي‬
‫ي‬
‫الت يتناولها بالبحث‪.‬‬
‫استنتاجاته عىل األنماط المثالية للثقافة ي‬
‫ّ‬
‫مهمة عالم ر‬
‫األنثوبولوجيا ف محاوالته لكشف خفايا األمور‪ ،‬تشبه ّ‬
‫ولكن ّ‬
‫مهمة عالم‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫الحالي‪ ،‬تتألف النتائج‬
‫وف كدا‬
‫الت يبذلها يف ر‬
‫ر‬
‫سث غور العقل الباطن‪ .‬ي‬
‫النفس يف الجهود ي‬
‫ّ‬
‫يتوصل إليها الباحثون من سلسلة تأويدات‪ّ ،‬‬
‫الت تستند إليها هذه‬
‫الحقائق‬
‫ا‬
‫أم‬
‫الت‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ً‬
‫ر‬
‫تفسث‪( .‬لينتون‪ ،4751 ،‬ص ‪) 275‬‬
‫فكثثا ما تكون قابلة ألكث من‬
‫ر‬
‫التأويدات‪ ،‬ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫تعد دراسة ر‬
‫األنثوبولوجيا دراسة لألنماط السلوكية اإلنسانية‪ ،‬بينما تعد‬
‫لذلك‪،‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الدراسة النفسية دراسة للسلوك الخاص بالشخصية الفردية‪ ،‬وأن كانت تتأثر بالعلوم‬
‫االجتماعية ‪.‬‬
‫ً‬
‫خامسا‪ -‬عداقة ر‬
‫األنثوبولوجيا بعلم الجيولوجيا والجغرافيا‬
‫الت عاش فيها‬
‫تساعد الدراسات الجيولوجية التاريخية يف تحديد الفثات الزمنية ي‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫كل نموذ من أنواع الجنس ر‬
‫البشي‪ ،‬نظرا لوجود البقايا العظمية لألسداف‪ ،‬عىل شكل‬
‫ّ‬
‫بقايا مستحاثة حفرية ربي ثنايا ر‬
‫القشة األرضية الرسوبية والمنضدة بعضها فوق بعض‪،‬‬
‫وفق خاصية النشوء والتقادم ّ‬
‫لكل منها‪ ،‬بحيث يكون أسفلها أقدمها وأعداها أحدثها ‪.‬‬
‫ّ‬
‫الت عاش فيها ذلك اإلنسان الحفري‪ ،‬إل‬
‫وهذا يمكننا من معرفة الفثة الزمنية ي‬
‫ ‪- 02‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com52‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫التعرف إل البقايا‬
‫الحيوان اآلخر الذي كان يحيط به‪ ،‬من خدال‬
‫جانب معرفة العالم‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫الت كانت تعارصه يف بيئة جغرافية واحدة‪ .‬كما أننا‬
‫العظمية المستحاثية لألنواع الحيوانية ي‬
‫ّ‬
‫الت كانت سائدة عندما كان يعيش هذا اإلنسان أو‬
‫نستطيع التعرف إل الظروف المناخية ي‬
‫ذاك‪ ،‬ف تلك األزمنة السحيقة من تاريخنا ر‬
‫البشي‪( .‬الجباوي‪ ،4799 ،‬ص ‪)40‬‬
‫ي‬
‫ً‬
‫وكما تستفيد ر‬
‫األنثوبولوجيا من الدراسات الجيولوجية‪ ،‬تستفيد أيضا من المعطيات‬
‫ّ‬
‫النواج الطبيعية‪ ،‬من تضاريس ومياه‪ ،‬إل جانب‬
‫وف مقدمتها‬
‫ي‬
‫العلمية ‪ /‬الجغرافية‪ ،‬ي‬
‫الت تتفاوت من منطقة إل أخرى‪ ،‬وذلك بحسب قربــها – أو بعدها‪-‬‬
‫الظروف المناخية ي‬
‫من خط االستواء‪ ،‬أو من شواىطء البحار والمحيطات‪ ،‬أو ارتفاعها وانخفاضها عن سطح‬
‫البحر‪.‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫فهذه العوامل كلها تؤثر يف حياة اإلنسان بجوانبها المختلفة‪ ،‬العضوية واالجتماعية‬
‫ّ‬
‫فنن األحوال المعيشية والبت االجتماعية عند المجتمعات ر‬
‫البشية‪،‬‬
‫والثقافية‪ .‬ولذلك‪،‬‬
‫الت توجد فيها تلك المجتمعات‪.‬‬
‫ليست متشابهة بسبب تباين الظروف الجغرافية ي‬
‫ّ‬
‫فسكان المناطق الجبلية المرتفعة يكونون يف مأمن من األخطار الخارجية‪ ،‬بينما يتعرض‬
‫ً‬
‫وف‬
‫سكان السهول دوما إل غزوات واجتياحات من الشعوب أو القوى الخارجية‪ .‬ي‬
‫ً‬
‫المقابل‪ ،‬يكون سكان المناطق الساحلية ر‬
‫الخارج‪،‬‬
‫أكث انفتاحا يف عداقاتهم مع العالم‬
‫ر ي‬
‫ً‬
‫قياسا بأهل المناطق الداخلية حيث تكون العداقات األشية شبه منغلقة عىل ذاتها‪ ،‬إل‬
‫جانب االلثام بالعصبية القبلية‪ .‬وهذا ينعكس يف سلوكية السكان يف هذه المنطقة أو‬
‫تلك‪( .‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪)41‬‬
‫ولذلك‪ ،‬يميل علماء ر‬
‫األنثوبولوجيا إل إهمال ما ّ‬
‫سسم بالقدرات الفطرية للشعوب‬
‫اإلنسانية‪ ،‬ويؤثرون كتابة تاري ــخ الحضارة يف ضوء عوامل البيئة والحظ وتسلسل‬
‫ ‪- 53‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com53‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫األحداث المثابطة‪ .‬فهناك من يجد أن للمناخ أثرا يف ناتج الطاقة اإلنسانية‪ ،‬وهناك من‬
‫ّ‬
‫يتمث به سكان المناطق الحارة‪ ،‬أو‬
‫يعتقد بوجود عداقة ربي الطقس والخمول الذي‬
‫ر‬
‫النشاط االندفاع الذي ّ‬
‫يمث سكان المناطق الباردة والعاصفة‪.‬‬
‫ر‬
‫ي‬
‫وضمن هذه الرؤية‪ ،‬قام الدكتور (وليم بيثسن) ‪ W. Petersen‬يف أواسط‬
‫ر‬
‫العشين‪ ،‬بإجراء تحليل دقيق لدارتباط الوثيق ربي الطقس‬
‫الستينات من القرن‬
‫ّ‬
‫التقدم الذي أحرزه المرض الذين كان ر‬
‫سشف‬
‫والوظائف الفيسيولوجية‪ ،‬وبت دراسته عىل‬
‫ّ ّ‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫وتبي من نتائج أبحاثه‪ ،‬أن تقلبات حالة المرض تتبع نمطا مشابها‬
‫عىل عداجهم‪.‬‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫لثاوحات الضغط البارومثي‪ ،‬وبدا وكأن الظاهرة األول تتأثر بالثانية‪( .‬لينتون‪،4759 ،‬‬
‫ص‪) 54‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫للتكيف مع أنواع‬
‫وإذا كان من الصحيح أن وظائف اإلنسان الفسيولوجية قابلة‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫نتصور أن بعض جوانب البيئة‪،‬‬
‫البيئات المختلفة‪ ،‬فننه من السهل – يف المقابل – أن‬
‫ً‬
‫تكون ر‬
‫ّ‬
‫وتأثثا من بعضها اآلخر‪ ،‬ف مراحل ّ‬
‫ّ‬
‫اإلنسان‪،‬‬
‫التطور‬
‫معينة من تاري ــخ‬
‫أهمية‬
‫أكث‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫الحضاري واالجتماع والثقاف ‪ ...‬وهذا كله يدخل ف جوهر الدراسات ر‬
‫األنثوبولوجية‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ي‬
‫وأهدافها ‪.‬‬
‫ُ ّ‬
‫ر‬
‫األنثوبولوجيا مع العلوم األخرى‪ ،‬وال ّ‬
‫سيما العلوم اإلنسانية‪،‬‬
‫وهكذا‪ ،‬تشكل‬
‫الت تدور حول كائن موضوع الدراسة‪ ،‬وهو اإلنسان‪.‬‬
‫منظومة من المعارف والموضوعات ي‬
‫ويأن هذا التشابك (التكامل) ربي هذه العلوم بالنظر إل تلك األطر المعرفية والمناهج‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫المجاالت‬
‫الت‬
‫المختلفة‬
‫المعرفية‬
‫بي‬
‫والمتكاملة‬
‫المتبادلة‬
‫العداقة‬
‫م‬
‫تنظ‬
‫الت‬
‫التحليلية‪،‬‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ي‬
‫تسىع إليها هذه العلوم ‪.‬‬
‫ ‪- 04‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com54‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫مصادر الفصل ومراجعه‬
‫ّ‬
‫مقدمة ف ر‬
‫األنثوبولوجيا الثبوية‪ ،‬المطابع التعاونية‪ّ ،‬‬
‫عمان ‪.‬‬
‫ أبو هدال‪ ،‬أحمد (‪)4791‬‬‫ي‬
‫الجسمان‪ ،‬عبد العال (‪ )4770‬علم النفس وتطبيقاته االجتماعية‪ ،‬الدار العربية للعلوم‪،‬‬
‫‬‫ي‬
‫ربثوت ‪.‬‬
‫ر‬
‫الجيوش‪ ،‬فاطمة (‪ )4799/4799‬فلسفة الثبية‪ ،‬جامعة دمشق‪ ،‬كلية الثبية‪.‬‬
‫‬‫ي‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫والشماس عيىس (‪ )0222/0220‬الثبية العامة (‪ ،)4‬جامعة دمشق –‬
‫الجيوش‪ ،‬فاطمة‬
‫‬‫ي‬
‫ّ‬
‫كلية الثبية‪.‬‬
‫للمدايي‪ ،‬ربثوت‪.‬‬
‫ الحرصي‪ ،‬ساطع (‪ )4795‬أحاديث يف الثبية واالجتماع‪ ،‬دار العلم‬‫ر‬
‫ رشوان‪ ،‬حسي عبد الحميد أحمد (‪ )4799‬ر‬‫األنثوبولوجيا يف المجال النظري‪ ،‬ط‪،4‬‬
‫ر‬
‫االسكندرية ‪.‬‬
‫ عيىس‪ ،‬دمحم طلعت (‪ )4795‬مدخل إل علم االجتماع‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬ربثوت‪.‬‬‫ عيسوي‪ ،‬عبد الرحمن (‪ )4797‬علم النفس يف المجال الثبوي‪ ،‬دار العلوم العربية‪،‬‬‫ربثوت ‪.‬‬
‫ فراير‪ ،‬هثي‪ ،‬ساركس (‪ )4759‬علم النفس العام‪ ،‬ترجمة ‪ :‬ابراهيم منصور‪ ،‬بغداد ‪.‬‬‫ لطق‪ ،‬عبد الحميد (‪ )4797‬ر‬‫األنثوبولوجيا االجتماعية‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫ي‬
‫ لينتون‪ ،‬رالف (‪ )4751‬دراسة اإلنسان‪ ،‬ترجمة ‪ :‬عبد الملك الناشف‪ ،‬المكتبة العرصية‪،‬‬‫ربثوت ‪.‬‬
‫ ‪- 55‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com55‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ لينتون‪ ،‬رالف (‪ )4759‬ر‬‫األنثوبولوجيا وأزمة العالم الحديث‪ ،‬ترجمة ‪ :‬عبد الملك الناشف‪،‬‬
‫المكتبة العرصية‪ ،‬ربثوت‪.‬‬
‫الفلسق يف اإلسدام‪ ،‬مكتبة األنجلو المرصية‪،‬‬
‫التفكث‬
‫ محمود‪ ،‬عبد الحليم (‪)4759‬‬‫ر‬
‫ي‬
‫القاهرة‪.‬‬
‫ نارص‪ ،‬ابراهيم (‪ )4795‬ر‬‫األنثوبولوجيا الثقافية (علم اإلنسان الثقاف) ّ‬
‫عمان‪.‬‬
‫ي‬
‫ ‪- 06‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com56‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫الباب الثان‬
‫ر‬
‫األنثوبولوجيا وفروعها‬
‫اتجاهات دراسة‬
‫الفصل ّ‬
‫األول‪ -‬دراسة ر‬
‫األنثوبولوجيا واتجاهاتها المعارصة‬
‫ا‬
‫أوال‪-‬بداية دراسة ر‬
‫األنثوبولوجيا‬
‫ً‬
‫ثانيا‪-‬االتجاهات المعارصة ف دراسة ر‬
‫األنثوبولوجيا‬
‫ي‬
‫الفصل الثان‪ -‬ر‬
‫ّ‬
‫الطبيعية‬
‫األنثوبولوجيا‬
‫ي‬
‫الفصل الثالث‪ -‬ر‬
‫ّ‬
‫النفسية‬
‫األنثوبولوجيا‬
‫الفصل الرابع‪ -‬ر‬
‫األنثوبولوجيا الثقافية‬
‫الفصل الخامس‪ -‬ر‬
‫األنثوبولوجيا االجتماعية‬
‫الفصل السادس‪ -‬المنهج ر‬
‫ّ‬
‫الميدانية‬
‫وبولوج والدراسات‬
‫األنث‬
‫ر ي‬
‫ ‪- 57‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com57‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫الفصل ّ‬
‫األول‬
‫دراسة ر‬
‫األنثوبولوجيا واتجاهاتها المعارصة‬
‫ا‬
‫أول‪ -‬بداية دراسة ر‬
‫األنثوبولوجيا‬
‫ثانيا‪ -‬االتجاهات المعارصة لدراسة ر‬
‫األنثوبولوجيا‬
‫‪ -1‬االتجاه التاريخ‬
‫التجزيت‬
‫التاريح‪/‬‬
‫‪-4/4‬االتجاه‬
‫ي‬
‫ي‬
‫النفىس‬
‫التاريح‪/‬‬
‫‪-0/4‬االتجاه‬
‫ي‬
‫ي‬
‫‪ -0‬االتجاه البنان‪ /‬الوظيف‬
‫ ‪- 08‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com58‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫مقــدمـة‬
‫ً‬
‫لم تعرف ر‬
‫األنثوبولوجيا قبل النصف الثان من القرن ر‬
‫العشين‪ ،‬تقسيمات وفروعا‪،‬‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫إذ كانت ّ‬
‫تتم ألغراض خاصة بالباحث أو من يكلفه‪ ،‬كدراسة حياة بعض المجتمعات أو‬
‫مكوناتها الثقافية ‪.‬‬
‫ر‬
‫العشين‪ ،‬حيث أخذت تتبلور‬
‫ومع انطداقتها يف الستينات والسبعينات من القرن‬
‫ّ‬
‫مبادئها وأهدافها‪ ،‬كانت ّ‬
‫وبالتال وضع‬
‫ثمة محاوالت جادة لتوصيفها كعلم خاص‪،‬‬
‫ي‬
‫تقسيمات لها وفروع من أجل تحقيق المنهجية التطبيقية من جهة‪ ،‬والشمولية البحثية‬
‫ّ‬
‫التكاملية من جهة أخرى‪ .‬فظهرت نتيجة ذلك تصنيفات متعددة‪ ،‬استند بعضها إل‬
‫طبيعة الدراسة ومنطلقاتها‪ ،‬بينما استند بعضها اآلخر إل أهدافها ‪.‬‬
‫ّ‬
‫مقدمة ف ر‬
‫فقد ّ‬
‫األنثبولوجيا االجتماعية "‬
‫قسمها ‪ /‬رالف بدنجتون‪ /‬يف كتابه "‬
‫ي‬
‫أساسيي ‪( :‬األن رثبولوجيا العضوية أو الطبيعية‪،‬‬
‫قسمي‬
‫الصادر عام ‪، 4752‬إل‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ر‬
‫واألنثوبولوجيا الثقافية )‪.‬‬
‫قسمها ف كتابه " ر‬
‫ّأما ‪ /‬بارنو ‪ /‬فقد ّ‬
‫األنثوبولوجيا الثقافية " الصادر عام ‪ ،4790‬إل‬
‫ي‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ه ‪( :‬األنثوبولوجيا التطبيقية‪ ،‬األنثبولوجيا النفسية أو الثقافة‬
‫ثداثة أقسام‪ ،‬ي‬
‫والشخصية‪ ،‬ر‬
‫األنثوبولوجيا االجتماعية )‪.‬‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫ر‬
‫البحت وليست فرعا‬
‫ه أقرب إل المنهج‬
‫وإذا ر‬
‫ي‬
‫اعتثنا أن االنثوبولوجيا التطبيقية‪ ،‬ي‬
‫من علم ر‬
‫ّ‬
‫التصنيفي‬
‫األنثوبولوجيا‪ ،‬ومن ثم قمنا بعملية توليف ربي األقسام األخرى يف‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫يضم أربعة فروع (أقسام) رئيسة‬
‫التال الذي‬
‫السابقي‪ ،‬أمكننا الوصول إل التصنيف‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫وه ‪( :‬األنثوبولوجيا العضوية ‪/‬‬
‫‪،‬‬
‫‪/‬‬
‫والمجتمع‬
‫الفرد‬
‫‪/‬‬
‫باإلنسان‬
‫قة‬
‫المتعل‬
‫نب‬
‫الجوا‬
‫تشمل‬
‫ي‬
‫ ‪- 59‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com59‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫األنثوبوبوجيا الثقافية‪ ،‬ر‬
‫النفسية‪ ،‬ر‬
‫الطبيعية ‪ ،‬ر‬
‫ّ‬
‫األنثوبولوجيا االجتماعية )‪.‬‬
‫األنثبولوجيا‬
‫وسنتعرف فيما يىل ّ‬
‫ّ‬
‫كل فرع من هذه الفروع ‪.‬‬
‫ي‬
‫ا‬
‫أوال‪-‬البدايات األول لدراسة ر‬
‫األنثوبولوجيا ‪:‬‬
‫ً‬
‫ً‬
‫العشين مراحل تكوين ر‬
‫ر‬
‫األنثوبولوجيا وتطويرها‪ ،‬لتصبح كيانا أكاديميا‬
‫شهد القرن‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫والباحثي‪ .‬فعىل الرغم من أن الفكر‬
‫كثث من العلماء والفداسفة‬
‫ومهنة متخصصة عند ر‬
‫ر‬
‫ّ ً‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫وبولوج قد ّ‬
‫ر‬
‫العشين‪ ،‬متأثرا إل حد بعيد‪،‬‬
‫األوليي من القرن‬
‫ظل خدال العقدين‬
‫األنث‬
‫ر‬
‫ر ي‬
‫ّ‬
‫األخثة من القرن التاسع ر‬
‫عش‪ ،‬فننه شعان‬
‫الت سادت وتبلورت يف السنوات‬
‫ر‬
‫بالنظريات ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ما ّ‬
‫ّ‬
‫وتحول إل منطلقات جديدة‪ ،‬نتج عنها اتجاهات متعددة إزاء دراسة اإلنسان‬
‫تغث‬
‫ر‬
‫ًّ‬
‫ً‬
‫وحضارته‪ ،‬سواء ما كان منها نظريا أو منهجيا (فهيم‪ ،4795 ،‬ص ‪)417‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫إن االتجاه العلم الذي نشط ف القرن التاسع ر‬
‫عش‪ ،‬وتبلور يف مجاالت متعددة‪،‬‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫اإلنسان يف‬
‫الفلسق الذي كان يتحفظ عىل قدرة العقل‬
‫اإلنسان إل نبذ الفكر‬
‫دفع العقل‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫التوصل إل الحقيقة المطلقة‪ .‬وهذا ما نتج عنه قيم فكرية جديدة تدعو إل النظر إل‬
‫العقل والمنطق المحسوس‪ ،‬والواقع الملموس كأدوات للمعرفة‪ ،‬كما تدعو إل التفاؤل‬
‫بمستقبل اإلنسانية ‪.‬‬
‫ّ‬
‫اإلنسان‪،‬‬
‫إال أن أحداث الحرب العالمية األول ونتائجها السلبية عىل المجتمع‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫بددت هذا التفاؤل‪ ،‬وأحلت محله النظرة التشاؤمية‪ .‬وهذا ما بدا يف نظرة الفداسفة إل‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫مشكدات اإلنسان ف هذا القرن (القرن ر‬
‫العشين )‪ ،‬إل حد اعتقاد بعضهم أن المستقبل‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫صعب ومظلم مع ظهور النازية يف ألمانيا‪ ،‬والفاشية يف إيطاليا‪ .‬وبلغ هذا االتجاه ذروته‬
‫الت شاعت يف فرنسا‪ ،‬وعىل رأسها‪ /‬جان بول سارتر‪/‬‬
‫فيما عرف بالحركة( الوجودية) ي‬
‫ ‪- 61‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com60‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫الذي عاش ما ربي (‪)4792 -4725‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫التشاؤم‪ ،‬اتجاه آخر اتصف بالتفاؤل‪ ،‬كان من أبرز رواده يف‬
‫وبرز مقابل هذا االتجاه‬
‫ي‬
‫ربي‬
‫أمريكا الفيلسوف الثبوي ‪ /‬جون ديوي ‪ /‬الذي عاش ما‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫وتبت فيه موقفا‬
‫الشهث " إعادة البناء يف الفلسفة "‬
‫(‪ .)4750-4957‬فقد أصدر كتابه‬
‫ر‬
‫ً‬
‫ً‬
‫الميتافثيقية ‪.‬‬
‫رصيحا مناهضا للفلسفة‬
‫ر‬
‫ودعا فيه إل رصورة االهتمام بالبحث عن القوى المعنوية الت ّ‬
‫تحرك مناشط‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫الت‬
‫ات‬
‫ر‬
‫والقد‬
‫اإلمكانات‬
‫الكثث من‬
‫اإلنسان‪ ،‬العتقاد‪ /‬ديوي‪ /‬أن لدى هذا اإلنسان‬
‫ر‬
‫ي‬
‫يمكنه بواسطتها الخرو من أزمته الراهنة ‪ ..‬كما تساعده يف مشكداته الحياتية المثايدة‪،‬‬
‫دون اللجوء إل قوى خارجة عن نطاق الطبيعة ‪.‬‬
‫ً‬
‫أيضا تأثثاته ف تشكيل الفكر ر‬
‫وبولوج يف العقود األول من القرن‬
‫األنث‬
‫وكان للدين‬
‫ر‬
‫ر ي‬
‫ي‬
‫ّ ّ‬
‫العشين‪ ،‬وال ّ‬
‫ر‬
‫التأثث تضاءل أمام تعاظم التيارات‬
‫سيما عىل النظم االجتماعية‪ .‬إال أن ذلك‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫التحررية وما رافقها من إنجازات علمية هائلة‪ ،‬األمر الذي حدا بالكنيسة يف بداية النصف‬
‫العشين‪ ،‬إل ّ‬
‫ر‬
‫تقبل فكرة الحوار وحرية المناقشة يف األمور الدينية‬
‫الثان من القرن‬
‫ي‬
‫ً‬
‫والدنيوية ‪ ..‬بعيدا عن األساليب القمعية التقليدية ‪(Burns,1973,p.892) .‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫وف الفكر‬
‫وهكذا‪ ،‬شكل هذا العلم دعامة أساسية يف ثقافة القرن العشين عامة‪ ،‬ي‬
‫ر‬
‫الت‬
‫بولوج خاصة‪ ،‬حيث كان وثيق الصلة بالفكر‬
‫األنث ر ي‬
‫االجتماع والقضايا اإلنسانية ي‬
‫ي‬
‫أسهمت ف تحديد موضوعات الدراسات ر‬
‫األنثوبولوجية‪ ،‬ومناهجها وأهدافها ‪.‬‬
‫ي‬
‫ ‪- 11‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com61‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ً ّ‬
‫االتجاهات المعارصة ف دراسة ر‬
‫األنثوبولوجيا ‪:‬‬
‫ثانيا‪-‬‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫التطورية الت ظهرت ف القرن التاسع ر‬
‫عش‪ ،‬انتقادات واسعة‬
‫القت النظرية‬
‫ي‬
‫ي‬
‫والتخمي‪ ،‬وتعميم األحكام المطلقة عىل الثقافات‬
‫باعتبارها استندت إل الحدس‬
‫ر‬
‫اإلنسانية‪ ،‬من دون أن تثبت ّ‬
‫اهي أو القرائن العملية ‪ /‬الواقعية‪.‬‬
‫بالث‬
‫ذلك‬
‫ة‬
‫صح‬
‫ر ر‬
‫ّ‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫تدريجيا مع بداية القرن ر‬
‫لتحل محلها أفكار نظرية‬
‫العشين‪،‬‬
‫تضمحل‬
‫ولذلك‪ ،‬بدأت‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫جديدة لدراسة الثقافات اإلنسانية‪ ،‬من حيث نشوؤها ومكوناتها وتطورها‪ .‬فكان أن‬
‫ّ‬
‫ظهرت خدال الربــع الثان من القرن ر‬
‫رئيسية متفاعلة فيما بينها‪،‬‬
‫العشين ثداثة اتجاهات‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ركزت يف دراساتها عىل تناول العلوم االجتماعية‪ ،‬بأسسها ومنطلقاتها وأهدافها‪ .‬وهذا ما‬
‫أسهم بفاعلية ف إرساء دعائم علم ر‬
‫األنثبولوجيا المعارص ‪.‬‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫التاريح ‪:‬‬
‫‪-4‬االتجاه‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫النفىس‪.‬‬
‫التاريح‬
‫التجزيت ‪ ،‬واالتجاه‬
‫التاريح ‪/‬‬
‫قسمي ‪ :‬االتجاه‬
‫ويقسم إل‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫يىل عرضا موجزا لكل منهما ‪.‬‬
‫وسنقدم فيما ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫التطوري للحضارات اإلنسانية‪،‬‬
‫‪ -1/1‬االتجاه التاريخ ‪ /‬التجزيئ ‪ :‬ذكرنا أن الفكر‬
‫ً‬
‫سائدا ف النصف الثان من القرن التاسع ر‬
‫عش‪ ،‬حيث بدأت تتبلور الدراسات‬
‫أصبح‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ً ّ‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫األنثوبولوجية ‪.‬وظهر إل جانبه أيضا االتجاه االنتشاري الذي يعتمد عىل أن نشأة‬
‫ّ‬
‫كلها ترجع إل مصدر (مجتمع) واحد‪ ،‬ومنه ر‬
‫انتشت إل أماكن أخرى‬
‫الحضارة اإلنسانية‬
‫يف العالم ‪.‬‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫ر‬
‫االتجاه االنتشاري ف ّ‬
‫واألنثوبولوجيا‬
‫األنثوبولوجيا الثقافية‬
‫كل من‬
‫ويوجد‬
‫ي‬
‫ ‪- 62‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com62‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫خاص ّا ف ّ‬
‫كل منهما‪ .‬فتطبيق االتجاه االنتشاري يف مجال‬
‫االجتماعية‪ ،‬وإن أخذ طابعا‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫األنثوبولوجيا الثقافية‪ ،‬يتعلق بجمع العنارص الثقافية‪ ،‬بما يف ذلك من العنارص‬
‫التكنولوجية والفكرية‪ ،‬بينما يقترص ف مجال ر‬
‫األنثوبولوجيا االجتماعية‪ ،‬عىل العداقات‬
‫ي‬
‫والت تشمل بعض العنارص الثقافية‪ ،‬وال تشملها‬
‫والنظم االجتماعية السائدة يف المجتمع‪ ،‬ي‬
‫ّ‬
‫كلها ‪.‬‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫كثثا ما تستعار أو تنقل‬
‫ويقوم االتجاه هنا عىل مبدأ هام‪ ،‬وهو أن النظم االجتماعية ر‬
‫ّ‬
‫من مكان إل مكان آخر‪ .‬وبناء عىل ذلك‪ ،‬فنن تشابه النظم االجتماعية والعادات‪ ،‬يف‬
‫ّ‬
‫تلقان‪ ،‬وإنما ناتج عن‬
‫المجتمع الواحد أو يف المجتمعات المختلفة‪ ،‬ال ينشأ عىل نحو‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫والطبيعية واإلنسانية‪( .‬جابر‪ ،4774 ،‬ص ‪) 95‬‬
‫التشابه يف اإلمكانات االجتماعية‬
‫ّ‬
‫تفسث‬
‫التاريح يف‬
‫الباحثي باستخدام المنهج‬
‫استمر اهتمام‬
‫وعىل الرغم من ذلك‪،‬‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ظاهرة التباين ربي الحضارات يف المجتمعات اإلنسانية‪ .‬واعتمد هذا االتجاه عىل مبدأين‬
‫اثني ‪.‬‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الثقاف ‪/‬‬
‫أولهما ‪ :‬أن االتصال ربي الشعوب المختلفة‪ ،‬كان بفعل االحتكاك‬
‫ي‬
‫ر‬
‫ر‬
‫المباش‪.‬‬
‫وغث‬
‫الحضاري‪،‬‬
‫المباش ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫المكونات (الخصائص) الحضارية أو كلها‪ ،‬من‬
‫وثانيهما ‪ :‬عملية انتشار بعض‬
‫مصادرها األصلية إل المجتمعات األخرى‪ ،‬سواء بالرحدات التجارية أو بالكشوف أو‬
‫بالحروب واالستعمار‪ .‬وهذان المبدآن متكامدان يف دراسة الظواهر الثقافية‪ ،‬ويمكن من‬
‫تفسث التباين الحضاري ربي الشعوب ‪.‬‬
‫خدالهما‬
‫ر‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫األلمان ‪/‬فريدريك راتزال ‪/‬‬
‫وقد اعتمد هذا االتجاه منهجا تاريخيا –جغرافيا‪ ،‬قاده‬
‫ي‬
‫ ‪- 13‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com63‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫أهمية االتصاالت والعداقات الثقافية ربي الشعوب المختلفة‪ ،‬ودورها يف‬
‫الذي ركز عىل‬
‫نمو الحضارة الخاصة والعامة ‪.‬وتبعه ف ذلك تدامذته‪ ،‬وال ّ‬
‫سيما ‪ /‬هويثي ــخ شورتز‪/‬‬
‫ي‬
‫ومالثيا) والعالم‬
‫الذي أبرز فكرة وجود عداقات حضارية ربي العالم القديم (إندونيسيا‬
‫ر‬
‫الجديد (أمريكا) ‪.‬وكذلك ‪/‬ليوفرو بينيوس ‪ /‬صاحب نظرية (االنتشار الحضاري) ربي‬
‫إندونيسيا وأفريقيا‪.‬‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫التفسث‬
‫وانطداقا من هذا االتجاه‪ ،‬ظهرت يف أوروبا نظريتان مختلفتان حول‬
‫ر‬
‫االنتشاري لعنارص الثقافة‪.‬‬
‫الت تعتمد األصل المركزي الواحد للثقافة ‪/‬‬
‫ه النظرية االنتشارية ي‬
‫النظرية األوىل ‪ :‬ي‬
‫ّ‬
‫الحضارة ‪ .‬سادت هذه النظرية يف إنكلثا‪ ،‬وأرجعت نشأة الحضارة اإلنسانية كلها إل‬
‫مصدر واحد‪ ،‬ومنه ر‬
‫انتشت إل المجتمعات اإلنسانية األخرى ‪.‬‬
‫وكان من ّ‬
‫رواد هذه النظرية‪ ،‬عالم ر‬
‫التشي ــح ‪ /‬إليوت سميث ‪ /‬وتلميذه ‪ /‬وليم ربثي ‪/‬‬
‫ّ‬
‫اللذان رأيا أن الحضارة اإلنسانية‪ ،‬نشأت وازدهرت عىل ضفاف النيل يف مرص القديمة‪،‬‬
‫حوال خمسة آالف سنة قبل الميداد ‪.‬‬
‫منذ‬
‫ي‬
‫وعندما توافرت الظروف المناسبة للتواصل ربي الجماعات ر‬
‫البشية‪ ،‬بدأت بعض‬
‫ّ‬
‫مظاهر تلك الحضارة المرصية القديمة تنتقل إل أرجاء متعددة من العالم‪ ،‬حيث عجزت‬
‫ّ‬
‫التقدم الثقاف واالبتكار الحضاري‪ ،‬فراحت ّ‬
‫تعوض عن ذلك العجز‬
‫شعوبــها عن‬
‫ي‬
‫باالستثاد والتقليد‪( .‬رياض‪ ،4791 ،‬ص ‪)409‬‬
‫ر‬
‫كبثة عن جدارة‪ ،‬نتيجة أبحاثه عن المخ ودراساته‬
‫لقد نال ‪ /‬إليوت سميث ‪ /‬شهرة ر‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫انكب يف إحدى فثات‬
‫األنثوبولوجية القديمة )‪ ،)Paleo-anthropology‬حيث‬
‫يف‬
‫ ‪- 64‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com64‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫حياته عىل دراسة المخ يف المومياء المرصية‪ .‬وقادته أبحاثه هذه إل اإلقامة يف مرص‪،‬‬
‫ّ‬
‫حيث أدهشته الحضارة المرصية القديمة‪ .‬وأخذ‪ ،‬كما فعل العديدون‪ ،‬يداحظ أن الثقافة‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫كثثة يبدو أن لها ما يوازيــها يف ثقافات بقاع أخرى من‬
‫المرصية القديمة‪،‬‬
‫تضم عنارص ر‬
‫العالم‪ ،‬وقلبت نظرياته الجريئة‪ ،‬االعتبارات التقليدية عن الزمان والمكان‪ .‬فلم يقترص‬
‫ّ‬
‫بأن العنارص المتشابهة ف حوض البحر األبيض المتوسط وأفريقيا ر‬
‫والشق‬
‫عىل القول‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫األدن والهند‪ ،‬من أصل مرصي‪ ،‬بل ذهب إل أن العنارص المماثلة يف ثقافات أندونيسيا‬
‫واألمريكتي‪ ،‬تنبع من المصدر المرصي ذاته ‪.‬‬
‫ر‬
‫ا‬
‫ّأما ‪ /‬وليم ربثي ‪ /‬فقد أعط يف كتابه (أبناء الشمس) رشحا كامال للنظرية "‬
‫الهيليوليتية ‪ " Heliolithic‬وهو االسم الذي أطلق عىل ‪ /‬المدرسة االنتشارية ‪ /‬عن‬
‫ّ‬
‫الثقاف الذي تزعم هذه‬
‫المجمع‬
‫سشث إل أحد عنارص‬
‫تاريـ ــخ الثقافة‪ .‬فعنوان الكتاب‪ ،‬ر‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫المدرسة أن أصله يف مرص‪ ،‬ومنها انتش‪ ..‬وهو االعتقاد بأن الملك ابن الشمس‪ ،‬والعنارص‬
‫ّ‬
‫الكثى للذهب والآللء‬
‫ه ‪ :‬التحنيط‪ ،‬بناء األهرامات‪ ،‬والقيمة ر‬
‫األخرى يف هذا المجمع ي‬
‫‪ (.‬هرسكوفيث‪ ،4791 ،‬ص ‪) 042‬‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫وبثي ‪ /‬من أن بناء األهرامات أيضا من منشأ مرصي‪ ،‬كما‬
‫اهي ‪ /‬سميث ر‬
‫وتنطلق بر ر‬
‫قيي بعظم ساق الملك‬
‫ه الحال يف أهرامات المكسيك‪ .‬وكذلك األمر يف احتفاظ األفري ر‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫المتوف‪ ،‬الستعماله يف الطقوس الدينية نتيجة النتشار عادة التحنيط عند المرص ريي‪.‬‬
‫الثقاف ‪ /‬الحضاري‪،‬‬
‫الت تعتمد األصل‬
‫ي‬
‫ه النظرية االنتشارية ي‬
‫النظرية الثانية ‪ :‬ي‬
‫ّ‬
‫وف‬
‫‪،‬‬
‫والنمساويي‬
‫األلمان‬
‫العلماء‬
‫من‬
‫فريق‬
‫النظرية‪،‬‬
‫هذه‬
‫دعاة‬
‫المتعدد المراكز‪ .‬وكان من‬
‫ر‬
‫ي‬
‫طليعتهم ‪ /‬فريث جراينور ‪ /‬الذي عاش يف الفثة ما ربي ‪ )4721-4995‬و‪/‬وليم شميدت ‪/‬‬
‫الذي عاش يف الفثة ما ربي (‪. )4757-4959‬‬
‫ ‪- 15‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com65‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫لقد رفض هذا الفريق فكرة المنشأ( المركز) الواحد للحضارة اإلنسانية‪ ،‬ألن هذه‬
‫الفكرة رصب من الخيال ر‬
‫العلم‪ .‬وافثضوا وجود مراكز‬
‫أكث من قربــها إل األساس‬
‫ي‬
‫حضارية أساسية وعديدة ‪ ،‬يف أماكن متفرقة يف العالم‪ .‬ونشأ من التقاء هذه الحضارات‪،‬‬
‫بعضها مع بعض‪ ،‬دوائر ثقافية تفاعلت ببعض عمليات االنصهار والتشكيدات المختلفة‪.‬‬
‫وكان ‪ /‬ويسلر ‪ّ /‬أول من استعمل (الدائرة الثقافية) بهذا المعت‪ ،‬يف بحثه عن‬
‫األمريكيي‪ .‬وال يزال تعريفه لهذا المفهوم عىل الرغم من تعديله‪ ،‬منذ ذلك‬
‫ثقافات الهنود‬
‫ر‬
‫الوقت مفيدا يف هذا المجال‪ .‬يقول ‪ /‬ويسلر ‪ " : /‬إذا أمكننا تجميع سكان العالم الجديد‬
‫ّ‬
‫األمريكيي‪ ،‬فسنحصل عىل دوائر متعددة ‪ :‬دوائر طعام‪ ،‬دوائر‬
‫األصليي‪ ،‬أي الهنود‬
‫ر‬
‫ر‬
‫وغثها‪ .‬وإذا أخذنا يف الحسبان العنارص جميعها يف وقت‬
‫منسوجات‪ ،‬ودوائر خزف ‪ ...‬ر‬
‫ّ‬
‫واحد‪ّ ،‬‬
‫وحولنا الوحدات االجتماعية أو القبلية‪ ،‬يمكننا أن نجد جماعات محددة المعالم‪،‬‬
‫ً‬
‫وهذا ما يعطينا الدوائر الثقافية‪ ،‬أو تصنيفا للجماعات وفق عنارص ثقافتهم "‪.‬‬
‫(هرسكوفيث‪ ،4791 ،‬ص ‪) 401‬‬
‫ّ ّ‬
‫وهذا ما ّ‬
‫يفش أوجه االختداف عن تلك الثقافات المركزية األساسية‪ .‬إال أن أصحاب‬
‫ّ‬
‫هذا الرأي لم يقدموا الدالئل عىل أماكن وجود تلك المراكز‪ ،‬أو عمليات تتبع حركات‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫منهجية سليمة ‪ (.‬فهيم‪،‬‬
‫االتصال فيما بينها‪ ،‬ودراسة النتائج المثتبة عىل ذلك‪ ،‬بطريقة‬
‫‪ ،4795‬ص‪)452‬‬
‫ً‬
‫لقد كانت وجهة نظر المدرسة (الثقافية التاريخية) األلمانية – النمساوية‪ ،‬ر‬
‫أكث عمقا‬
‫ً‬
‫معايث الحكم عىل قيمة وقائع االقتباس المفثضة‪،‬‬
‫وتنميقا ‪ ..‬وكانت عنايتها باختيار‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫وإرصاراها عىل الحيطة يف استخدام مصادر المعلومات‪ ،‬ودقتها يف تحديد تعريفاتها‪،‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ً‬
‫ا‬
‫العلم الدقيق‪ ،‬ولهذا القت قبوال‬
‫وغت وثائقها‪ ،‬تتجاوب كلها تماما مع متطلبات البحث‬
‫ي‬
‫ ‪- 66‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com66‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ً‬
‫واسعا ‪.‬‬
‫تقوم نظرية المدرسة (الثقافية – التاريخية) يف جوهرها‪ ،‬وكما رشحها زعيمها ‪ /‬وليم‬
‫شميدت ‪ ،/‬عىل نظرة صوفية إل طبيعة الحياة وإل التجربة اإلنسانية‪ .‬فقد نشأت هذه‬
‫ً‬
‫ً‬
‫تعبثات ومصطلحات تختلف اختدافا جوهريا‬
‫المدرسة ضمن إطار فكري‪ ،‬واستخدمت ر‬
‫ّ‬
‫المفكرين ر‬
‫وبولوجيي ‪ ..‬ويظهر ذلك يف‬
‫األنث‬
‫عن النظرة العقدانية‪ ،‬وعن مفردات أغلب‬
‫ر‬
‫والت تقسم إليها‬
‫مناقشة ‪ /‬شميدت ‪/‬طرائق البحث يف دراسة الدوائر الثقافية المختلفة‪ ،‬ي‬
‫ّ‬
‫هذه المدرسة‪ ،‬أي الثقافات جميعها ‪ ،.‬وترى أنها انتخبت الثقافات الموجودة – اليوم –‬
‫يف العالم‪ ،‬بواسطة انتشار عنارصها ‪.‬‬
‫ر‬
‫األنثوبولوجيون جميعهم‪ ،‬بالحاجة إل فهم‬
‫ويعثف ‪ /‬شميدت ‪ ،/‬كما يعثف‬
‫ّ‬
‫(معت الحياة البدائية) بالنسبة لمن يعيشونها‪ .‬واألهم من ذلك‪ ،‬فهم معناها بالنسبة‬
‫ّ‬
‫ألولئك الذين عاشوها يف العصور الغابرة ‪ ...‬ويقول ‪ /‬شميدت ‪ /‬إننا نعرف ذلك باللجوء‬
‫التعاطق‪ ،‬الذي سستطيع اإلنسان بواسطته أن يضع نفسه يف‬
‫السيكولوج‬
‫إل المبدأ‬
‫ر ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫الحالة النفسية للشخص الذي يرتبط معه بعداقة ما‪(.‬هرسكوفيث‪ ،4791 ،‬ص‪)042‬‬
‫ّ‬
‫وف‬
‫أما إسهام ‪ /‬فريث جرابنور‪ /‬يف منهج المدرسة التاريخية – الثقافية بوجه خاص‪ ،‬ي‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫لمعايث تقييم‬
‫الموضوع‬
‫األنثوبولوجيا‪ ،‬بوجه عام‪ ،‬فتمثل يف التحديد الدقيق‬
‫علم‬
‫ر‬
‫ي‬
‫انتشار بعض العنارص الثقافية‪ ،‬من شعب إل شعب آخر ‪.‬‬
‫انتقان‪ ،‬إذ‬
‫تأثث‬
‫فالنظام‬
‫االجتماع والثقافة السائدان عند جماعة (مجتمع ما) لهما ر‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫وف الوقت نفسه‪ ،‬ال يمكن‬
‫‪.‬‬
‫القائم‬
‫النسق‬
‫مع‬
‫ة‬
‫البت‬
‫تنسجم‬
‫ال‬
‫نماذ‬
‫قبول‬
‫يحوالن دون‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫تجاهل أثر االقتباس عىل األنظمة االجتماعية‪ ،‬حيث تتوقف فرص االقتباس عىل‬
‫ّ‬
‫الت احتك بها‬
‫الت تكون وليدة المصادفات‪ .‬ومثال ذلك ‪ :‬أن تكون الثقافة ي‬
‫االحتكاكات ي‬
‫ ‪- 17‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com67‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ً َ ً‬
‫ه الثقافة اإلسبانية‪ ،‬أمر يمكن اعتباره حدث اتفاقا وع َرضا‪ .‬وكذلك‬
‫الهنود المكسيكيون ي‬
‫ّ‬
‫بالثقافتي‬
‫الحال بالنسبة لهنود الواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬الذين كان معظم احتكاكهم‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫والفرنسية‪( .‬لينتون‪ ،4751 ،‬ص ‪) 251‬‬
‫اإلنجلثية‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫الت‬
‫الت يدعونها‬
‫إن هذه‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ه أساسية يف الدراسات ي‬
‫معايث الكيف والكم‪ ،‬ي‬
‫المعايث ي‬
‫ّ‬
‫ثقافت‬
‫الثقاف جميعها‪ ،‬ومعناها بسيط جدا ؛ فعندما يبدو للعيان تماثل ربي‬
‫تتناول النقل‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫مختلفتي‪ ،‬فنن حكمنا حول احتمال اشتقاقهما من مصدر واحد‪ ،‬يتوقف عىل‬
‫جماعتي‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫عدد العنارص المتماثلة ومدى تشابكها‪ .‬فكلما ازداد عدد العنارص المتماثلة‪ ،‬ازداد احتمال‬
‫وقوع االقتباس ‪ ..‬وينطبق األمر ذاته عىل مدى تداخل (تعقيد) عنرص من العنارص‪ .‬ولذا‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ا‬
‫التاريح ربي‬
‫يمكن استخدام القصص الشعبية‪ ،‬مثال‪ ،‬استخداما مفيدا يف دراسة االحتكاك‬
‫ي‬
‫الشعوب البدائية‪( .‬هرسكو فيث‪ ،‬ص ‪)042‬‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫التفسث االنتشاري عىل أوروبا فحسب‪ ،‬وإنما امتد أيضا إل أمريكا حيث‬
‫ولم يقترص‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫التفسث التطوري للثقافة‪،‬‬
‫ظهرت حركة مماثلة آلراء ‪ /‬سميث وشميدت ‪ /‬من حيث نقد‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫لتفسث‬
‫واالتقاق عىل فكرة انتشار العنارص الثقافية بطريق االستعارة والتقليد‪ ،‬كأساس‬
‫ر‬
‫الثقاف ‪ /‬الحضاري ربي الشعوب ‪.‬‬
‫التباين‬
‫ي‬
‫ّأما بخصوص فكرة المراكز الحضارية (الدوائر الثقافية) رفثى أصحاب المدرسة‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ا‬
‫ّ‬
‫اف محدد ّثم‬
‫األمريكية‪ ،‬أن المدامح‬
‫ر‬
‫ثقاف – جغر ي‬
‫الممثة لثقافة ما‪ ،‬وجدت أوال يف مركز ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫يعت أن أصحاب االتجاه االنتشاري يف أمريكا‪،‬‬
‫انتقلت إل أماكن أخرى من العالم‪ .‬وهذا ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫المستقل‪ ،‬وأن بعض الناس‬
‫التطور الحضاري‬
‫األوربيي بعدم إمكانية‬
‫رفضوا آراء‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫غث مبتكرين أو قادرين عىل القيام بعملية االبتكار والتطور‪.‬‬
‫بطبيعتهم ر‬
‫ّ‬
‫وكان األمريك ‪ /‬فرانز بواز ‪ /‬الرائد ّ‬
‫التجزيت‪ ،‬قد عارض‬
‫التاريح ‪/‬‬
‫األول لهذا االتجاه‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ ‪- 68‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com68‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الثقاف‪ .‬ورأى أن أية ثقافة من‬
‫للتطور‬
‫الفكرة القائلة بوجود طبيعة واحدة وثابتة‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫معي‪ .‬ولذلك‪ ،‬يتوجب عىل الباحث‬
‫تاريح‬
‫الثقافات‪ ،‬ليست إال حصيلة نمو‬
‫ر‬
‫ي‬
‫وبولوج أن ّ‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫المكونة ّ‬
‫لكل ثقافة عىل حدة‪،‬‬
‫يوجه اهتمامه نحو دراسة تاري ــخ العنارص‬
‫األنث‬
‫ر ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫لك‬
‫قبل الوصول إل تعميمات بشأن الثقافة اإلنسانية بكاملها‪ .‬وقد أرص‪ /‬بواز‪ /‬عىل أنه ي‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫تصبح ر‬
‫األنثبولوجيا علما‪ ،‬فدا بد أن تعتمد يف تكوين نظرياتها عىل المشاهدات والحقائق‬
‫ّ‬
‫الحدسية ‪.‬‬
‫الملموسة‪ ،‬وليس عىل التخمينات أو الفرضيات‬
‫ومن هذا المنطلق‪ ،‬استخدم ‪ /‬بواز ‪ /‬مصطلح (المناطق الثقافية) لإلشارة إل‬
‫مجموعة من المناطق الجغرافية ذات النمط الثقاف الواحد‪ ،‬برصف النظر ّ‬
‫عما تحتويه‬
‫ي‬
‫هذه المناطق من جماعات أو شعوب‪ .‬وقد ّ‬
‫طبق ‪ /‬بواز ‪ /‬هذا المفهوم عىل ثقافات‬
‫تميث‪ -‬سبع مناطق ثقافية رئيسة‪،‬‬
‫قبائل الهنود الحمر يف أمريكا‪ ،‬واستطاع تحديد – ر‬
‫يندر تحتها هذا العدد الهائل من قبائل الهنود الحمر‪ ،‬والذي كان يزيد عن (‪ )52‬قبيلة‪،‬‬
‫يف الوقت الذي نزح األوروبيون الستعمار القارة األمريكية ‪.‬‬
‫سشث مفهوم (المنطقة الثقافية) إل طرائق السلوك الشائعة ربي عدد من‬
‫وبــهذا ر‬
‫المجتمعات الت ّ‬
‫تتمث باشثاكها ف عدد من مظاهر الثقافة‪ ،‬نتيجة لدرجة ّ‬
‫معينة من‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫االتصال والتفاعل‪(.‬أبو زيد‪ ،4792، ،‬ص ‪) 020‬‬
‫ّ‬
‫تصفحنا كتابات ‪ /‬بواز ‪ /‬وجدنا ّأن أفكاره ّ‬
‫تتمث عن أفكار‪ /‬سميث وب رثي‬
‫وإذا ما‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫في‪ ،‬وذلك بتشديده عىل النقاط التالية ‪:‬‬
‫وغثهم من‬
‫وشميدت ‪ /‬ر‬
‫االنتشاريي المتطر ر‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫‪ -4‬إن الدراسة الوصفية لدانتشار‪ ،‬مقدمة لدراسة عملية االنتشار دراسة تحليلية ‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ -0‬يجب أن تكون دراسة االنتشار دراسة استقرائية‪ ،‬أي أنه يجب دراسة العنارص‬
‫ ‪- 19‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com69‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الت يزعم أنها ناشئة عن االنتشار تبعا لعداقتها‬
‫الثقافية المثابطة (المجمعات الثقافية) ي‬
‫ّ‬
‫ً‬
‫الداخلية‪ ،‬ر‬
‫أكث من كونها مجموعة من العنارص شكلها الباحث اعتباطيا ‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ -2‬يجب أن تتجه دراسة االنتشار من الخاص إل العام‪ ،‬ورسم توزي ــع للعنارص يف‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫مناطق محدودة‪ ،‬قبل رسم خارطة توزعها يف القارة‪ ،‬وترك الكدام عن توزعها يف العالم‬
‫ّ‬
‫كله‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ -1‬إن منهج دراسة العملية الديناميكية ‪،‬واالنتشار ليس سوى وجه من وجوهها‪،‬‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫الثقاف‪.‬‬
‫التغث‬
‫يجب أن يكون منهجا سيكولوجيا‪ ،‬وأن يعود إل الفرد بغية فهم حقائق‬
‫ر‬
‫ي‬
‫(هرسكوفيث‪ ،4791 ،‬ص ‪)045‬‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫واستنادا إل هذه المنطلقات‪ ،‬يرى ‪ /‬بواز ‪ /‬أن مراعاة العوامل السيكولوجية‬
‫ّ‬
‫كبثة يف هذه الدراسات الثقافية‪ .‬كما يجب‬
‫الكامنة يف عملية االقتباس‪ ،‬تكتسب‬
‫أهمية ر‬
‫ا‬
‫ّ‬
‫تحليل هذه الثقافات بصورة إفرادية أوال‪ ،‬ومن ثم إجراء مقارنة تفصيلية فيما بينها‪،‬‬
‫ّ‬
‫البنان أو من حيث عنارصها‪ .‬وال تكون النتائج مقبولة‪ ،‬إال‬
‫سواء من حيث نظامها‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫بتحريات يف مناطق عديدة ـ تسمح بتعميم هذه النتائج ‪.‬‬
‫ً‬
‫فقد اكتشف ‪ /‬بواز ‪ّ /‬أن ّ‬
‫ثمة عددا من السمات الثقافية المشثكة ربي جماعات‬
‫الهنود الحمر‪ ،‬الت تعيش ف السهول الساحلية ألمريكا الشمالية ‪.‬فعىل الرغم من ّأن ّ‬
‫لكل‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ّ ّ‬
‫منها استقداليتها الخاصة واسمها ولغتها وثقافتها‪ ،‬إال أن سكانها جميعهم يصطادون‬
‫ً‬
‫الت سستخدمونها أيضا‬
‫الجاموس للغذاء‪ ،‬ويبنون المساكن عىل أعمدة يغطونها بالجلود ي‬
‫يف صنع المدابس‪.. .‬‬
‫وتحليىل‬
‫وصق‬
‫وهكذا جاء مفهوم (مصطلح) المنطقة الثقافية‪ ،‬كتصنيف‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ ‪- 01‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com70‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫للثقافات‪ ،‬األمر الذي سسهل المقارنة ربي الثقافات‪ ،‬ومن ّثم الوصول إل تعميمات بشأن‬
‫ّ‬
‫الثقافة اإلنسانية كلها ‪ (.‬أبو زيد‪ ،4792 ،‬ص ‪)022‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫االتجاه االنتشاري بوجه عام‪ ،‬أن بدأ ر‬
‫األنثوبولوجيون ينظرون إل أن‬
‫ونتج عن هذا‬
‫ّ‬
‫والتطور والمدامح الرئيسة الت تمثّ‬
‫ّ‬
‫للثقافات اإلنسانية كيانات مستقلة من حيث المنشأ‬
‫ي ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫وتنوعها‪ ،‬وطرح مفهوم النسبية‬
‫بعضها من بعض‪ .‬وهذا ما عزز فكرة تعدد الثقافات‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫وتطوره‪،‬‬
‫بولوج‬
‫الت أصبحت من أهم المفهومات األساسية يف الفكر األنث ر ي‬
‫الثقافية ي‬
‫كعلم خاص من العلوم اإلنسانية لـه منطلقاته وأهدافه‪ ،‬توجب دراسته من خدالها ‪.‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الثقاف بحسب فكرة الدوائر المتحدة المركز‪ ،‬القت انتقادات‬
‫ولكن نظرية االنتشار‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫سابث‪ /‬الذي ذكر ثداثة تحفظات عىل فكرة التوزع‬
‫شديدة‪ ،‬ومنها ما وجهه ‪ /‬إدوارد‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫المستمر ‪:‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫أولها ‪ :‬يمكن أن يكون االنتشار يف أحد االتجاهات‪ ،‬أشع منه يف اتجاه آخر ‪.‬‬
‫ً‬
‫تاريخيا‪ّ ،‬‬
‫تعرض لتعديدات يف المركز‪ ،‬بحيث يخطء‬
‫ثانيها‪ :‬قد يكون الشكل األقدم‬
‫الحقيق ألصل الشكل‪.‬‬
‫الباحث يف تحديد المركز‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫لتحركات السكان داخل منطقة التوزع‪ ،‬آثار تؤدي إل سوء تأويل‬
‫وثالثها‪ :‬قد يكون‬
‫الثقاف " ‪.‬‬
‫نموذ " االنتشار‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫التاريح‪ ،‬ربي‬
‫التخىل عن محاوالت إعادة تركيب االحتكاك‬
‫يعت هذا‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ولكن‪ ،‬هل ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الت ليس لها تاري ــخ؟ والجواب ‪ :‬ليس ثمة ما‬
‫الشعوب البدائية والتطور‬
‫ي‬
‫التاريح للمناطق ي‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫شء يف‬
‫ريثر هذه النتيجة‪ .‬ويبدو أن هذا الجهد المبذول يف هذا المجال‪ ،‬إذا ما أخذ كل ي‬
‫ ‪- 71‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com71‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫الحسبان‪ ،‬جدير باالهتمام والعناية‪ ،‬ر‬
‫طي ‪:‬‬
‫بش ر‬
‫ّ‬
‫تاريخية‪.‬‬
‫‪ -4‬أن يكون باإلمكان اعتبار المنطقة المختارة للتحليل‪ ،‬ذات وحدة‬
‫ّ‬
‫التطورات التاريخية‪ ،‬وليس‬
‫‪ -0‬أن يكون الهدف من التحليل‪ ،‬تقرير احتمال وقوع‬
‫تقرير الحقيقة المطلقة عنها ‪ (.‬هرسكوفيث‪ ،4791‬ص ‪) 004‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الثقاف‪ ،‬فننه يتعذر بالنسبة‬
‫ولكن‪ ،‬مهما تعددت األدلة عىل ظاهرة االنتشار‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫الت‬
‫وف معظم األحيان –‬
‫ر‬
‫للمجتمعات ر‬
‫غث المتعلمة – ي‬
‫التميث ربي العنارص الثقافية ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الت نشأت من داخلها‪ .‬ويتضح من وجهة النظر‬
‫تشبت إليها من الخار ‪ ،‬ر‬
‫وبي العنارص ي‬
‫ر‬
‫ّ ّ‬
‫الت‬
‫التجريبية‪ ،‬أن كل ثقافة بمفردها اقتبست عن الثقافات األخرى‪ ،‬أشياء أكث من ي‬
‫اخثعتها بذاتها‪ .‬والدليل عىل ذلك‪ ،‬االنتشار الواسع لعنارص ثقافية معقدة يف مجاالت‬
‫ّ‬
‫والمؤسسات االجتماعية‪( .‬لينتون‪،‬‬
‫التكنولوجية والفنون الشعبية‪ ،‬والمعتقدات الدينية‬
‫‪ ،4759‬ص ‪)090‬‬
‫ّ‬
‫تسث ف ّاتجاهي‪ ،‬حيث سستفيد ّ‬
‫كل مجتمع‬
‫وهكذا نجد‪ ،‬أن عملية االنتشار‬
‫ر‬
‫الثقاف ر ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫سيما ف المجتمعات الكب رثة‪ ،‬حيث ّ‬
‫يحتك به ‪ ..‬وال ّ‬
‫تتم‬
‫من ثقافة المجتمع اآلخر الذي‬
‫ي‬
‫عملية االنتشار الثقاف من خدال اقتباس عنارص من ثقافات أخرى‪ ،‬وانتشار ّ‬
‫مقوماتها‬
‫ي‬
‫وأنماطها الرئيسة والفرعية‪ ،‬ربي فئات هذه المجموعة ر‬
‫الكبثة‪.‬‬
‫البشية‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫‪ -0/1‬االتجاه التاريخ ‪ /‬النفس ‪:‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫التجزيت يتعدل ويأخذ مسارات جديدة‪ ،‬حيث ظهرت فكرة‬
‫التاريح ‪/‬‬
‫بدأ االتجاه‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫التاريح يف دراسة الثقافات اإلنسانية‪ ،‬وذلك بفضل من تأثروا بنتائج‬
‫توسيع المفهوم‬
‫ي‬
‫ ‪- 02‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com72‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫علم النفس‪ ،‬وال ّ‬
‫سيما ‪ /‬سيغموند فرويد ‪ /‬الذي عاش ما ربي (‪ )4727-4950‬وتدامذته‪،‬‬
‫ّ‬
‫الذين رأوا أنه باإلمكان فهم الثقافة من خدال التاري ــخ‪ ،‬مع االستعانة ببعض مفهومات‬
‫ّ‬
‫كبث يف االتجاه نحو الكشف عن‬
‫علم النفس وطرائقه التحليلية‪ .‬وهذا ما كان لـه أثر ر‬
‫األنماط المختلفة للثقافات اإلنسانية‪.‬‬
‫ّ‬
‫تكق‬
‫فقد رأت ‪ /‬روث بيند كيت ‪ /‬ورفاقها أن دراسة التاري ــخ‪ ،‬بوقائعه وأحداثه‪ ،‬ال ي‬
‫ّ‬
‫لتفسث الظواهر االجتماعية والثقافية‪ ،‬وذلك ألن الظاهرة الثقافية بحد ذاتها مسألة‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫فه تجمع ربي التجربة الواقعية المكتسبة والتجربة‬
‫معقدة ومتشابكة العنارص‪.‬‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫تضم مزيجا من النشاط‬
‫السيكولوجية (النفسية )‪ ،‬وأن أية سمة من السمات الثقافية‪،‬‬
‫الثقاف والنفىس بالنسبة لبيئة ّ‬
‫معينة ‪ (.‬أبو زيد‪)009 ،4792 ،‬‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫وعىل الرغم من ذلك‪ ،‬فنن أية ثقافة ال تؤلف نظاما مغلقا أو قوالب جامدة‪ ،‬يجب‬
‫ّ‬
‫ويتبي من حقيقة الثقافة‬
‫أن تتطابق معها سلوكات أعضاء المجتمع جميعهم ‪.‬‬
‫ر‬
‫ً ّ‬
‫السيكولوجية‪ ،‬أن الثقافة – بهذه الصفة – ال تستطيع أن تفعل شيئا‪ ،‬ألنها ليست سوى‬
‫ّ‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫معي ومكان محدد)‬
‫مجموع سلوكات األشخاص الذين يؤلفون مجتمعا خاصا ( يف وقت ر‬
‫التفكث عند هؤالء األشخاص‪.‬‬
‫وأنماط عادات‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ولكن‪ ،‬عىل الرغم من أن هؤالء األشخاص يلثمون – عن طريق التعلم واالعتياد‪-‬‬
‫ّ‬
‫الت ولدوا فيها ونشأوا‪ ،‬فننهم يختلفون يف ردود أفعالهم تجاه المواقف‬
‫بأنماط الجماعة ي‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫يتعرضون لها معا‪ .‬كما أنهم يختلفون أيضا يف مدى رغبة كل منهم يف‬
‫الت‬
‫الحياتية ي‬
‫ّ‬
‫للتغيث‪( .‬هرسكو فيث ‪ ،4791‬ص‪)55‬‬
‫عرضة‬
‫جميعها‬
‫الثقافات‬
‫إن‬
‫التغيث‪ ،‬إذ‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫وهذا يدلل عىل مرونة الثقافة‪ ،‬وإتاحتها فرصة االختيار ألفرادها ‪ ..‬بحيث أن القيم‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫وتمثه من المجتمعات األخرى‪ ،‬ليست كلها ثابتة بالمطلق‬
‫يتمسك بها مجتمع ما‬
‫الت‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ ‪- 73‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com73‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫وإنما ّ‬
‫التغثات‬
‫تتغث بحسب‬
‫متغثة‪،‬‬
‫ثمة قيم‬
‫وتنتقل إل حياة األجيال المتعاقبة‪،‬‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ر‬
‫االجتماعية والثقافية الت ّ‬
‫يمر بها المجتمع‪.‬‬
‫ي‬
‫ويعتث كتاب " أنماط الثقافة " الذي ر‬
‫نشته‪ /‬بيند كيت ‪ /‬عام ‪ ،4720‬البداية‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫النفىس يف دراسة الثقافات اإلنسانية‪ .‬حيث أوضحت‬
‫التاريح ‪/‬‬
‫الحقيقية لبلورة االتجاه‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ه يف تشكيلها‬
‫كما‬
‫أي‬
‫اإلجمالية‪،‬‬
‫تها‬
‫ر‬
‫صو‬
‫ف‬
‫الثقافات‬
‫إل‬
‫النظرة‬
‫ورة‬
‫الدراسة أنه من الرص‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ّ ّ‬
‫يمثها‬
‫العام‪ .‬وذلك‪ ،‬ألن لكل ثقافة مركز خاص تتمحور حوله وتشكل نموذجا خاصا بها‪ ،‬ر‬
‫عن الثقافات األخرى ‪.‬‬
‫ومن هذا المنظور‪ ،‬قامت‪ /‬بيند كيت‪ /‬بإجراء دراسة مقارنة ربي ثقافات بدائية‬
‫ّ‬
‫متعددة‪ ،‬وخلصت إل ّأن ّ‬
‫ثمة عداقات قائمة ربي النموذ‬
‫الثقاف العام ومظاهر‬
‫ي‬
‫الشخصية‪ ،‬وهذا ما ينعكس لدى األفراد يف تلك المجتمعات ‪(F reidle, 1977, .‬‬
‫)‪p.302‬‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫الشكىل) للنوع البشي‬
‫المورفولوج (‬
‫ومن الممكن دراسة مظاهر التكيف‬
‫ر ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫وف الوقت نفسه‪ ،‬كان ال بد من تطوير أساليب‬
‫بالمصطلحات المألوفة يف علم األحياء‪ ،‬ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫والنفىس‪ .‬ويعد مفهوم الثقافة من أهم‬
‫السلوك‬
‫التكيف‬
‫فنية جديدة لوصف مظاهر‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫المفهومات الت ّ‬
‫وأكثها فائدة وحيوية‪ .‬ومع أن هذا المفهوم‬
‫طورت يف هذا المجال‪،‬‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫اقترص ف السابق عىل النواج الوصفية‪ ،‬فننه – عىل أضعف تقدير – ّ‬
‫زودنا بطريقة‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫بالتال أسسا للمقابلة ربي‬
‫النهان لعمليات التكيف‪ ،‬فوضع‬
‫محددة للتعرف إل النتا‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫التكيف‪( .‬لينتون‪ ،4759 ،‬ص ‪) 475‬‬
‫النماذ المختلفة لطرق‬
‫ّ‬
‫ّ ً‬
‫ً‬
‫ر‬
‫متمثا يف الربــع‬
‫يح‪/‬‬
‫النفىس يف الدراسات األنثبولوجية‪ ،‬ظهورا ر‬
‫لقد شهد االتجاه التار ي‬
‫ي‬
‫ً‬
‫الثان من القرن ر‬
‫الت أنشأها ‪ /‬فرويد ‪/‬‬
‫العشين‪ ،‬مثافقا مع انتشار مدرسة التحليل‬
‫ي‬
‫النفىس ي‬
‫ي‬
‫ ‪- 04‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com74‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫واستمد منها ر‬
‫الكثث من المفاهيم النفسية‪ ،‬لتحديد العداقات المتبادلة ربي‬
‫األنثوبولوجيون‬
‫ر‬
‫الفرد وثقافته يف إطار المنظومة الثقافية ‪ /‬االجتماعية‪.‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫بالتميث‬
‫انصب اهتمام أصحاب هذا االتجاه‪ ،‬عىل دراسة الموضوعات المتعلقة‬
‫وقد‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫المثات النفسية السائدة ربي األفراد والجماعات‪ .‬وتعد‬
‫الثقاف ‪/‬‬
‫االجتماع‪ ،‬باالستناد إل ر‬
‫ي‬
‫ي‬
‫دراسة بيند كيت‪ ،‬بعنوان " الكريزنتيموم والسيف ‪The Chrsyanthemum and the‬‬
‫ّ‬
‫‪ ،Sword‬عام ‪ " 4715‬من ّ‬
‫أهم الدراسات يف هذا االتجاه‪ ،‬حيث بحثت يف عداقة الثقافة‬
‫ّ‬
‫بالشخصية اليابانية ‪.‬‬
‫اليابانيي يف‬
‫المحاربي‬
‫وهذا ما ساعد يف بلورة السياسة األمريكية تجاه استسدام‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫سثفضون‬
‫كانوا‬
‫اليابانيي‬
‫أثناء الحرب العالمية الثانية‪ .‬وأوضحت الدراسة أن الجنود‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ّ ّ‬
‫تأثث مبادىء الطاعة‬
‫االستسدام بصورة مطلقة‪ ،‬ويستمرون يف القتال حت الموت‪ .‬إال أن ر‬
‫لإلمثاطور عىل هؤالء الجنود‪ ،‬جعلهم سستجيبون لتعليماته ويخضعون ألوامره ‪(.‬‬
‫والوالء‬
‫ر‬
‫المرجع السابق‪ ،‬ص‪)542‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ولكن يرى بعض العلماء _ وهو محق يف ذلك – أن االنشغال الزائد باألشكال‬
‫ّ‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫الخارجية للثقافة‪ ،‬قد أثر سلبيا يف المحاوالت الرامية إل تفهم داللتها السيكولوجية‪ .‬ومن‬
‫ّ‬
‫ه سيكولوجية ‪ ..‬ونقصد بذلك‪ ،‬أن وجود‬
‫المعروف أن الحقيقة النهائية للثقافة‪ ،‬ي‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫الثقافة يرتبط ارتباطا وثيقا بوجود أناس يديرون مؤسساتها‪ .‬وهذه الحقيقة السيكولوجية‬
‫تفش االستقرار الثقاف‪ ،‬أو باألحرى‪ّ ،‬‬
‫للثقافة ّ‬
‫تفش السبب الذي من أجله تشعر الكائنات‬
‫ي‬
‫ر‬
‫كبث عندما تعيش وفق نظام رتيب معروف ‪.‬‬
‫البشية بارتياح ر‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫التغث الثقاف‪ .‬فاألفراد ف ّ‬
‫ّ‬
‫كل مجتمع يملكون‬
‫تفش أيضا آلية‬
‫وهذه الحقيقة‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ا‬
‫ّ‬
‫الثقاف العام‪ ،‬وتسهم‬
‫قابليات وحوافز وميوال‪ ،‬وقدرات تؤدي دورها ضمن إطار القالب‬
‫ي‬
‫ ‪- 75‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com75‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫باستمرار يف مراجعة التقاليد القائمة‪ ،‬وإدخال تحسينات عليها‪( .‬لينتون‪ ،4759 ،‬ص‬
‫‪) 095‬‬
‫وكان من نتيجة ذلك‪ ،‬ظهور مدرسة ثقافية نفسية (أمريكية) من روادها ‪( :‬كدايد‬
‫وغثهم ّ‬
‫ّ‬
‫الشخصية‬
‫ممن اعتمدوا عىل مفهوم بناء‬
‫كداكهون‪ ،‬مرغريت ميد‪ ،‬رالف لينتون) ر‬
‫ّ‬
‫الت يبدو أنها‬
‫األساش الذي ر‬
‫سشث إل مجموعة الخصائص السيكولوجية والسلوكية‪ ،‬ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫تتطابق مع ّ‬
‫الت تؤلف أية ثقافة‪( .‬أبو زيد‪،4797 ،‬‬
‫والسمات‬
‫والعنارص‬
‫النظم‬
‫كل‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الثقاف السائد يف إي مجتمع‪ ،‬ال يمكن أن يزيد –‬
‫ص‪ )029‬إذ إنه عىل الرغم من أن النمط‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫أو يقلل – من وجود الفوارق الفردية يف نطاق الثقافة الواحدة‪ ،‬إال أن تلك العداقة القائمة‬
‫ّ‬
‫تأثثات متبادلة بينهما‪ ،‬ال يجوز‬
‫ربي األنماط الثقافية‬
‫والشخصية الفردية‪ ،‬وما تحدث من ر‬
‫إهمالها‪ ،‬بل يجب أخذها يف الحسبان أثناء دراسة الثقافات اإلنسانية ‪(Freidle, 1977, .‬‬
‫)‪p.303‬‬
‫ّ‬
‫اني االجتماعية القائمة‪ ،‬مثل ‪( :‬أنماط السلوك الثابتة‪،‬‬
‫إن األساس‬
‫السيكولوج للقو ر‬
‫ر ي‬
‫واألعراف والتقاليد‪ ،‬والعادات والقيم)‪ ،‬هو تكوين أطر استناد مشثكة‪ ،‬ناتجة عن احتكاك‬
‫األفراد بعضهم ببعض ؛ وإذا ما ّ‬
‫تكونت مثل هذه األطر االستنادية وتغلغلت يف أعماق‬
‫ا ًّ‬
‫الت سيواجهها‬
‫الفرد‪ ،‬أصبحت عامال هاما يف تحديد ردود فعله أو تعديلها‪ ،‬يف األوضاع ي‬
‫ّ‬
‫الت ال يكون‬
‫فيما بعد‪ ،‬سواء كانت اجتماعية أو ر‬
‫غث اجتماعية‪ ،‬وال سيما يف الحاالت ي‬
‫الحافز فيها ّ‬
‫جيد التنظيم‪ ،‬أي يف حالة تجربة ليس لها سوابق يف السلوك الذي اعتاد عليه‬
‫الفرد‪( .‬هرسكوفيث‪ ،4791 ،‬ص ‪) 59‬‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫النفسية ‪/‬‬
‫مالينوفسك ‪ /‬بنظرية فرويد وكتاباته‬
‫اهتم ‪/‬‬
‫وضمن هذا االتجاه أيضا‪،‬‬
‫ي‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الت جمعها ميدانيا من سكان‬
‫الجنسية‪ ،‬من خدال المادة‬
‫بالمحرمات‬
‫وعداقة ذلك‬
‫ي‬
‫ ‪- 06‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com76‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ ّ‬
‫وغثته من األب يف‬
‫جزيرة (الثوبرياند )‪ .‬إال أنه عارض‬
‫تفسث فرويد لعداقة االبن باألم ر‬
‫ر‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫وظيفي ًا‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫توصل من خداله‬
‫تفسثا‬
‫إطار ما أسماه فرويد بـ (عقدة أوديب )‪ ،‬وقدم بدال منها‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫والت تشمل ‪ " :‬األم‬
‫إل أن تحريم العداقات الجنسية المكونة للعائلة الموحدة (النووية) ي‬
‫واألبناء واألخوة واألخوات " هو الذي يمنع ما قد ينشأ من رصاعات داخلية‪ ،‬بسبب‬
‫ّ‬
‫الغثة أو التنافس ‪ ..‬وهذا ما يحفظ بالتا يل تماسك األشة‪ ،‬ويمنع تفكك أوارصها وتهديم‬
‫ر‬
‫كيانها‪ ،‬وما ينجم عنه من ضعف المجتمع العام‪ ،‬وتهديد وحدته وتماسكه‪.‬‬
‫)‪)Freidle, 1977, p. 303‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫وخداصة القول‪ ،‬إن هذه االتجاهات بأفكارها وتطبيقاتها‪ ،‬مثلت مرحلة انتقالية ربي‬
‫ر‬
‫والتفسثات النظرية‬
‫الت كانت تعتمد عىل التخمينات‬
‫ر‬
‫األنثوبولوجيا الكداسيكية ي‬
‫ر‬
‫ر‬
‫العشين‬
‫الثان من القرن‬
‫الت بدأت مع النصف‬
‫فحسب‪ ،‬ر‬
‫ي‬
‫وبي األنثوبولوجيا الحديثة ي‬
‫والت تعت بالجوانب االجتماعية الثقافية‬
‫معتمدة عىل الدراسات الميدانية ‪ /‬التحليلية‪ ،‬ي‬
‫المكونة للفكر ر‬
‫ّ‬
‫وبولوج‪.‬‬
‫األنث‬
‫ر ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫لتخصص ف علم ر‬
‫األنثوبولوجيا‪ّ ،‬‬
‫مما ساعد يف إرساء‬
‫بالتال إل ظهور ا‬
‫وهذا ما أدى‬
‫ي‬
‫ي‬
‫األساسية ر‬
‫ّ‬
‫لألنثوبولوجيا المعارصة ‪.‬‬
‫المبادىء‬
‫ّ‬
‫الوظيق ‪:‬‬
‫البنان ‪/‬‬
‫‪-0‬االتجاه‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الثقاف‪ ،‬كرد فعل عنيف عىل‬
‫ترافق نشوء هذا االتجاه مع ظهور اتجاه االنتشار‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ً‬
‫ّ ً‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫التطورية‪ .‬وقد ّ‬
‫ّ‬
‫البنان‪ ،‬بأنه ليس تطوريا وليس تاريخيا‪ ،‬حيث ركز‬
‫تمث االتجاه‬
‫النظرية‬
‫ر‬
‫ي‬
‫عىل دراسة الثقافات اإلنسانية ّ‬
‫والزمان ‪./‬‬
‫المكان‬
‫‪/‬‬
‫الحال‬
‫واقعها‬
‫ف‬
‫حدة‪،‬‬
‫عىل‬
‫كل‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫التاريخية‪ ،‬ألنه اعتمد العلم يف دراسة الثقافات‬
‫وهذا ما جعله يختلف عن الدراسات‬
‫ ‪- 77‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com77‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫اإلنسانية كظاهرة‪ ،‬يجب البحث يف عنارصها والكشف عن العداقات القائمة فيما بينها‪،‬‬
‫ّ‬
‫وبي الظواهر األخرى‪( .‬فهيم‪ ،4795 ،‬ص ‪)451‬‬
‫ومن ثم العداقات القائمة فيما بينها ر‬
‫ّ‬
‫االتجاه البنان ‪ /‬الوظيق ف الدراسات ر‬
‫األنثوبولوجية‪ ،‬إل‬
‫يعود الفضل يف تبلور‬
‫ي‬
‫ي ي‬
‫مالينوفسك) و (راد كليف براون )‪ ،‬اللذين عاشا يف‬
‫يطانيي‪( ،‬برونسلو‬
‫الث‬
‫أفكار‬
‫العالمي ر‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫أواخر القرن التاسع ر‬
‫العشين‪ .‬ويدينان باتجاهاتهما‬
‫عش والنصف األول من القرن‬
‫ّ‬
‫الت‬
‫النظرية‪ ،‬إل أفكار عالم االجتماع ‪ /‬إميل دوركهايم ‪ /‬الذي ركز اهتمامه عىل الطريقة ي‬
‫تعمل بها المجتمعات اإلنسانية ووظائف نظمها االجتماعية‪ ،‬وليس عىل تاري ــخ ّ‬
‫تطور هذه‬
‫المجتمعات والسمات العامة لثقافاتها‪.‬‬
‫ّ‬
‫الفرنسيي‪ ،‬الذي سستخدم كلمة‬
‫البنائيي‬
‫ليق سثوس ‪ /‬الوحيد ربي‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ولعل ‪ /‬كلود ي‬
‫(بناء أو بنائية) رصاحة يف عناوين كتبه ومقاالته‪ ،‬ابتداء من مقاله الذي كتبه عام ‪،4715‬‬
‫ر‬
‫يعتث – بحق –" ميثاق "‬
‫عن " التحليل‬
‫وف األنثوبولوجيا‪ ،‬والذي ر‬
‫ي‬
‫البنان " يف اللغويات ي‬
‫ً‬
‫الثعة البنائية‪ ،‬وإل كتاب " األبنية األولية للقرابة " الذي كان سببا يف ذيوع اسمه‬
‫ر‬
‫الكثثون ّ‬
‫األنثوبولوجيا الفرنسية عىل‬
‫أهم وأفضل إنجاز يف‬
‫يعتثه‬
‫وشهرته‪ ،‬والذي‬
‫ر‬
‫ر‬
‫اإلطداق ‪ ..‬ومن ّثم إل كتابه " ر‬
‫األنثوبولوجيا البنائية"‪.‬‬
‫ّ‬
‫وعىل الرغم من االنتقادات الت ّ‬
‫وجهت إليه‪ ،‬فدا يزال يؤمن بأن البنيوية (البنائية)‬
‫ي‬
‫ه ر‬
‫أكث المناهج قدرة عىل تحليل المعلومات وفهم األثنوجرافيا وتقريبها إل األذهان‪،‬‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫وإنها يف الوقت نفسه‪ ،‬أفضل وسيلة يمكن بها تجاوز المعلومات والوقائع العيانية‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫اإلنسان‪ .‬فقد أفلح يف أن يحقق‬
‫المشخصة‪ ،‬والوصول إل الخصائص العامة للعقل‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫غثه‪ ،‬مع أنه لم يقم بدراسات حقلية ربي الشعوب المتخلفة‬
‫للبنائية ما لم يحققه ر‬
‫قصثة‬
‫يمض فثات‬
‫الثازيل والباكستان) كان‬
‫ر‬
‫حي قام بدراساته يف ( ر‬
‫(البدائية )‪ ،‬وحت ر‬
‫ي‬
‫ ‪- 08‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com78‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ومتباعدة بي الجماعات الت درسها‪ .‬وخر بالبنائية من مجال ر‬
‫األنثوبولوجيا‪ ،‬إل ميادين‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ً‬
‫الفكر المختلفة‪ ،‬الواسعة والرحيبة‪ .‬وجعل منها اتجاها فكريا ومنهجيا يهدف إل الكشف‬
‫عن العمليات العقلية العامة‪ ،‬وله تطبيقاته يف األدب والفلسفة واللغة والميثولوجيا‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫(األسطورة) والدين والفن‪ .‬وبلغ من ّ‬
‫قوة البنائية أن أصبحت يف البداية‪ ،‬تمثل تهديدا‬
‫ّ‬
‫ر ً‬
‫الت تركز عىل الفرد والسلوك الفردي‪( .‬أبو زيد‪ ،0224 ،‬ص ‪) 92-90‬‬
‫مباشا للوجودية ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫فاالتجاه البنان ‪ /‬الوظيق‪ّ ،‬‬
‫التوصل إليه من‬
‫اش ّتم‬
‫ر‬
‫ي‬
‫يعث يف جملته عن منهج در ي‬
‫ي‬
‫ر‬
‫البشية‬
‫خدال المقابلة (الموازنة) ربي الجماعات اإلنسانية (المجتمعات) والكائنات‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫(األفراد )‪ .‬ولم يعد استخدامه مقصو ًرا عىل ر‬
‫وبولوجيي‪ ،‬وإنما تناولـه أيضا علماء‬
‫األنث‬
‫ر‬
‫مثتون ‪ ./‬كما‬
‫االجتماع بالفحص والتطبيق والتعديل‪ ،‬عىل يد ‪ /‬تلكوت بارسونز‪ ،‬وجورح ر‬
‫ً‬
‫أيضا بالعلوم الطبيعية‪ ،‬وال ّ‬
‫سيما علوم الحياة والكيمياء‪Leach, 1982, .‬‬
‫ارتبط‬
‫)‪)p.184‬‬
‫ّ‬
‫وفسك ‪ /‬أن األفراد يمكنهم أن ينشئوا ألنفسهم ثقافة خاصة‪ ،‬أو‬
‫فقد رأى ‪ /‬مالين‬
‫ي‬
‫ّ ً‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫معينا للحياة‪ ،‬يضمن لهم إشباع حاجاتهم األساسية‪ ،‬البيولوجية والنفسية‬
‫أسلوبا‬
‫واالجتماعية‪ .‬ولذلك ربط الثقافة – بجوانبها المختلفة‪ ،‬المادية والروحية واالجتماعية‪،‬‬
‫باالحتياجات اإلنسانية ‪.‬‬
‫ّ‬
‫وخق للعنارص الثقافية‪ ،‬سساعد‬
‫فاالهتمام بالبنية ‪ ،Struture‬كثابط منظم‬
‫ي‬
‫وظائق‬
‫تفسثه وراء العداقات االجتماعية‪ ،‬يوازيه يف اتجاه آخر اهتمام‬
‫النموذ يف‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫تعت فيه الوظيفة ‪ :‬تلبية حاجة من‬
‫والذي‬
‫‪،‬‬
‫‪/‬‬
‫مالينوفسك‬
‫‪/‬‬
‫ده‬
‫يحد‬
‫الذي‬
‫بالمعت‬
‫ي‬
‫ي‬
‫الوظيق هو ذلك الذي ‪ " :‬سسمح بتحديد العداقة ربي‬
‫الحاجات‪ ،‬ويكون فيها التحليل‬
‫ي‬
‫الثقاف والحاجة عند اإلنسان‪ ،‬سواء كانت هذه الحاجة أولية أو فرعية ‪ /‬ثانوية "‬
‫العمل‬
‫ي‬
‫ ‪- 79‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com79‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫(لبيب‪ ،4799 ،‬ط‪ ،2‬ص‪) 40‬‬
‫ّ‬
‫الح‪ ،‬بحيث ال يمكن فهم دور‬
‫كىل‬
‫وظيق متكامل ‪ ،‬يماثل الكائن ي‬
‫ي‬
‫فالثقافة كيان ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫وظيفة أي عضو فيه‪ ،‬إال من خدال معرفة عداقته بأعضاء الجسم األخرى‪ ،‬وإن دراسة‬
‫ّ‬
‫األثنولوج من اكتشاف ماهية كل عنرص ورصورته‪،‬‬
‫بالتال‪ ،‬تمكن الباحث‬
‫هذه الوظيفة‬
‫ر ي‬
‫ي‬
‫يف هذا الكيان المتكامل ‪.‬‬
‫ّ‬
‫ثقاف‪ ،‬عن طريق إعادة‬
‫ولذلك‪ ،‬دعا ‪/‬‬
‫مالينوفسك ‪ /‬إل دراسة وظيفة كل عنرص ي‬
‫ي‬
‫يقتض دراسة‬
‫وف إطار عداقته مع العنارص األخرى‪ .‬وهذا‬
‫تكوين تاري ــخ نشأته أو انتشاره‪ ،‬ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ه يف وضعها الراهن‪ ،‬وليس كما كانت أو كيف‬
‫الثقافات اإلنسانية كل عىل حدة‪ ،‬وكما ي‬
‫ّ‬
‫تغثت ‪.‬‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫منهجية تمكن‬
‫مالينوفسك ‪ /‬قد قدم مفهوم( الوظيفة) كأداة‬
‫وبذلك يكون ‪/‬‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫وبولوج من إجراء مداحظاته بطريقة مركزة ومتكاملة‪ ،‬يف أثناء وصفه‬
‫األنث‬
‫الباحث‬
‫ر ي‬
‫للثقافة البدائية‪Freidle, 1977, p.304 )( .‬‬
‫ّ‬
‫البنان ‪/‬‬
‫ّأما ‪ /‬براون ‪ /‬فقد قام من جهته‪ ،‬بدور رئيس يف تدعيم أسس االتجاه‬
‫ي‬
‫ّ ً‬
‫ر‬
‫ر‬
‫موجها‬
‫العشين‪،‬‬
‫األنثوبولوجية‪ ،‬وذلك مع بداية القرن‬
‫الوظيق‪ ،‬يف الدراسات‬
‫ي‬
‫بيولوج للثقافة كما فعل ‪/‬‬
‫التفسث ال‬
‫األثنولوجيا نحو الدراسات المثامنة‪ ،‬وليس نحو‬
‫ر‬
‫ر ي‬
‫مالينوفسك ‪. /‬‬
‫ي‬
‫ً‬
‫ً‬
‫تفسثا اجتماعيا‪،‬‬
‫وتفسث الظواهر االجتماعية‬
‫اعتمد ‪ /‬براون يف دراسة المجتمع‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ً‬
‫ً‬
‫والت تقوم عىل دراسة‬
‫الت نادى بها ‪ /‬دوركهايم ‪/‬‬
‫ي‬
‫بنائيا ووظيفيا‪ ،‬عىل فكرة الوظيفية ي‬
‫المجتمعات اإلنسانية‪ ،‬من خدال المطابقة (المماثلة) ربي الحياة االجتماعية والحياة‬
‫ ‪- 81‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com80‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫الجسم المتكامل عند اإلنسان‪ ،‬والبناء‬
‫ه الحال يف المشابهة ربي البناء‬
‫ي‬
‫العضوية‪ ،‬كما ي‬
‫االجتماع المتكامل يف المجتمعات اإلنسانية ‪.‬‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫االجتماع) بأنه يندر تحت هذا المفهوم‪،‬‬
‫ويوضح ‪ /‬براون ‪ /‬طبيعة هذا (البناء‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫العداقات االجتماعية كلها‪ ،‬وال يت تقوم ربي شخص وآخر‪ .‬كما يدخل يف ذلك التمايز القائم‬
‫ّ‬
‫الت تنظم هذه األدوار‪.‬‬
‫ربي األفراد والطبقات‪ ،‬بحسب أدوارهم االجتماعية‪ ،‬والعداقات ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫سستمر تجدد بناء الكائن العضوي طوال حياته‪ ،‬فكذلك تتجدد الحياة االجتماعية‬
‫وكما‬
‫االجتماع يف عداقاته وتماسكه ‪.‬‬
‫مع استمرارية البناء‬
‫ي‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫الثقاف ربي المجتمعات – مهما كان‬
‫بالتنوع‬
‫واستنادا إل ذلك‪ ،‬يصبح االعثاف‬
‫ي‬
‫ً‬
‫تطور علم ر‬
‫شكله‪ -‬إحدى الخطوات الهامة ف ّ‬
‫األنثوبولوجيا‪ ،‬انطداقا من النقاط التالية‪:‬‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫تعبث عن سلوك شعب ما‪ ،‬وعن قواعد هذا الشعب ‪.‬‬
‫‪ -4‬إن الثقافة ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الفرديي لدى أفراد جماعة ّ‬
‫معينة‬
‫التنوعات يف العقيدة والسلوك‬
‫‪ -0‬إن مجموع‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫معي‪ ،‬يحدد ثقافة تلك الجماعة ‪ ..‬وهذا صحيح بالنسبة للثقافات الفرعية يف‬
‫وف زمن ر‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫االجتماع‪.‬‬
‫الصغثة‪ ،‬داخل الكل‬
‫الوحدات‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫يتحوالن وفق‬
‫‪ -2‬ليست العقيدة والسلوك يف أي مجتمع‪ ،‬أبدا نتا الصدفة‪ ،‬بل‬
‫قواعد راسخة‪.‬‬
‫‪ -1‬يجب استنباط هذه القواعد بواسطة االستقراء من التوافق المداحظ يف العقائد‬
‫وه تشمل نماذ ثقافة تلك الجماعة ‪.‬‬
‫وأنماط السلوك لدى جماعة ما ‪ ..‬ي‬
‫ّ‬
‫ً‬
‫كلما صغر حجم الجماعة‪ ،‬كانت نماذ عقائدها وسلوكاتها‪ ،‬ر‬
‫أكث تجانسا فيما إذا‬
‫‪-5‬‬
‫ ‪- 11‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com81‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫تساوت األمور األخرى‪.‬‬
‫ً‬
‫ر ّ‬
‫‪ -5‬قد يظهر لدى الفئات االختصاصية‪ّ ،‬‬
‫ساعا ّ‬
‫مما‬
‫أكث ات‬
‫تنوع يف حقل اختصاصها‬
‫ّ‬
‫الكلية‪( .‬هرسكوفيث‪،‬‬
‫يظهر لدى الفئات األخرى‪ ،‬المساوية لها يف الحجم‪ ،‬ربي الجماعة‬
‫‪ ،4791‬ص ‪) 051-052‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الثقاف‬
‫بأهمية مسألة التجانس‬
‫وإزاء هذه األمور مجتمعة‪ ،‬ال بد من االعثاف‬
‫ي‬
‫والتنافر الثقاف‪ ،‬ف الدراسات األثنولوجية‪ ،‬وف أثناء مناقشة النظريات ر‬
‫األنثوبولوجية‪.‬‬
‫ي‬
‫ي ي‬
‫لتأمي الحاجات البيولوجية‬
‫مالينوفسك ‪ /‬أخذ بفكرة النظم االجتماعية‬
‫وإذا كان ‪/‬‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫االجتماع‪ ،‬من حيث‬
‫والنفسية لألفراد‪ ،‬بينما اتجه ‪ /‬براون ‪ /‬نحو مسألة تماسك النظام‬
‫ي‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫معا فكرة تجزئة العنارص الثقافية ( ّ‬
‫ّ‬
‫مكونات البناء‬
‫مكوناته وعداقاته‪ ،‬فأنهما رفضا‬
‫ّ‬
‫وتطورها ‪..‬‬
‫صغثة يقوم الباحث بدراسة منشئها أو انتشارها‬
‫االجتماع) إل وحدات‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫واعتمدا بدال من ذلك عىل الدراسات الميدانية‪ ،‬لوصف الثقافات بوضعها الراهن‪.‬‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ا‬
‫ّ‬
‫المهتم ري بدراسة الثقافات اإلنسانية يف النصف‬
‫وقد وجد هذا االتجاه قبوال واسعا لدى‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫العشين‪ ،‬وال ّ‬
‫األوروبيي‪ ،‬الذين ر‬
‫ر‬
‫انتشوا يف‬
‫بولوجيي‬
‫األنث‬
‫سيما ربي‬
‫األول من القرن‬
‫ر‬
‫ر‬
‫المستعمرات إلجراء دراسات ميدانية‪ ،‬وجمع المواد األولية الدازمة لوصف الثقافات يف‬
‫ه يف وضعها الراهن ‪.‬‬
‫هذه المجتمعات‪ ،‬وتحليلها يف إطارها‬
‫الواقىع وكما ي‬
‫ي‬
‫ ‪- 82‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com82‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫مصادر الفصل ومراجعه‪:‬‬
‫االجتماع – مدخل لدراسة المجتمع‪ ،4 ،‬الهيئة‬
‫ أبو زيد‪ ،‬أحمد (‪ )4792‬البناء‬‫ي‬
‫المرصية العامة للكتاب‪ ،‬القاهرة ‪.‬‬
‫ّ‬
‫العرن‪،‬‬
‫العرن (‪ ،) 15‬منشورات مجلة‬
‫ أبو زيد (‪ )0224‬الطريق إل المعرفة‪ ،‬كتاب‬‫ري‬
‫ري‬
‫الكويت ‪.‬‬
‫ر‬
‫ جابر‪ ،‬سامية (‪ )4774‬علم اإلنسان – مدخل إل األنثوبولوجيا االجتماعية والثقافية‪،‬‬‫دار العلوم العربية‪ ،‬ربثوت ‪.‬‬
‫ رياض‪ ،‬دمحم (‪ )4791‬اإلنسان – دراسة يف النوع والحضارة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬ربثوت‬‫‪.‬‬
‫ فهيم‪ ،‬حسي (‪ )4795‬قصة ر‬‫األنثوبولوجيا – فصول يف تاري ــخ اإلنسان‪ ،‬عالم المعرفة‬
‫ر‬
‫(‪ ،) 479‬الكويت ‪.‬‬
‫ لبيب‪ ،‬الطاهر (‪ )4799‬سوسيولوجيا الثقافة‪ ،‬دار الحوار‪ ،‬الداذقية ‪.‬‬‫ لينتون‪ ،‬رالف (‪ )4759‬ر‬‫األنثوبولوجيا وأزمة العالم الحديث‪ ،‬ترجمة‪ :‬عبد الملك‬
‫الناشف‪ ،‬المكتبة العرصية‪ ،‬ربثوت ‪.‬‬
‫‪ -‬هرسكوفيث‪ ،‬ميلفيل‪.‬‬
‫(‪ )4791‬أسس ر‬
‫األنثوبولوجيا الثقافية‪ ،‬ترجمة ‪ :‬رباح النفاخ‪،‬‬
‫وزارة الثقافة‪ ،‬دمشق ‪.‬‬
‫‪Burns , Edward (1973) Western Civizalition , New York .‬‬
‫‪-‬‬
‫‪Freidl ,John (1977) Anthropology , HarperandRowPublishers, New‬‬
‫‬‫‪York .‬‬
‫‪Leach , Edmund, (1982) Social Anthropology , Font and‬‬
‫‪-‬‬
‫‪Paperbacks .‬‬
‫‪-‬‬
‫ ‪- 13‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com83‬‬
www.facebook.com/tanweerlibrary
- 84 https://attanweerlibrary.blogspot.com84
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫الفصل الثان‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫الطبيعية )‬
‫األنثوبولوجيا العضوية (‬
‫‪Physical Anthropology‬‬
‫ا‬
‫أول‪ -‬تعريف ر‬
‫األنثوبولوجيا العضوية‬
‫ثانيا‪ -‬فروع ر‬
‫األنثوبولوجيا العضوية‬
‫ثالثا‪ -‬الصفات العضوية لإلنسان وعروقه‬
‫ ‪- 15‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com85‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ا‬
‫أوال‪ -‬تعريف ر‬
‫األنثوبولوجيا العضوية (الطبيعية)‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫تعرف بوجه عام‪ ،‬بأنها العلم الذي يبحث يف شكل اإلنسان من حيث سماته‬
‫العضوية‪ ،‬والت ّ‬
‫ّ‬
‫المورثات‪ .‬كما يبحث يف السداالت اإلنسانية‪،‬‬
‫الت تطرأ عليها بفعل‬
‫ر‬
‫غثات ي‬
‫ّ‬
‫البشية وخصائصها‪ ،‬بمعزل عن ثقافة ّ‬
‫من حيث األنواع ر‬
‫يعت أن‬
‫وهذا‬
‫‪.‬‬
‫منها‬
‫كل‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ً‬
‫ر‬
‫األنثوبولوجيا العضوية‪ ،‬تثكز حول دراسة اإلنسان ‪ /‬الفرد بوصفه نتاجا لعملية عضوية‪،‬‬
‫ّ‬
‫التجمعات ر‬
‫البشية ‪ /‬السكانية‪ ،‬وتحليل خصائصها‪.‬‬
‫ومن ّثم دراسة‬
‫ّ‬
‫ه‪:‬‬
‫وتهتم هذه الدراسة بمجاالت ثداثة ي‬
‫ المجال ّ‬‫ّ‬
‫اإلنسان‪ ،‬ووصف‬
‫التطوري للنوع‬
‫األول ‪ :‬ويشمل إعادة بناء التاري ــخ‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫الت كان‬
‫الت كانت السبب يف انحراف النوع‬
‫تفسث)‬
‫ر‬
‫( ر‬
‫ي‬
‫اإلنسان‪ ،‬عن السلسلة ي‬
‫التغثات ي‬
‫سشثك بها مع صنف الحيوانات الرئيسة ‪.‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫التغثات البيولوجية عند األحياء من‬
‫تفسث)‬
‫ المجال الثان ‪:‬‬‫ر‬
‫يهتم بوصف ( ر‬
‫ّ‬
‫البيولوج‬
‫اإلنسان‪ .‬وتمتد هذه األبحاث لتشمل ‪ :‬العداقة الكامنة ربي الثكيب‬
‫الجنس‬
‫ي‬
‫ر ي‬
‫من جهة‪ ،‬والثقافة والسلوك من جهة أخرى‪.‬‬
‫ّ‬
‫تخصص هام ف علم ر‬
‫األنثوبولوجيا العضوية‪ ،‬ويبحث‬
‫ المجال الثالث ‪ :‬وهو‬‫ي‬
‫ّ‬
‫الجماع‪.‬‬
‫يف الرئيسات ‪ :‬عداقاتها مع بيئاتها‪ ،‬تطورها‪ ،‬سلوكها‬
‫ي‬
‫التطوري لإلنسان‪ ،‬يعمل علماء ر‬
‫ّ‬
‫األنثوبولوجيا الطبيعية‬
‫ومن أجل إعادة بناء التاري ــخ‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ر‬
‫ر‬
‫أحيانا‪ -‬ما يعتثه غالبية ر‬
‫وبولوجيي العمل األكث سحرا يف األنثبولوجيا العضوية‪،‬‬
‫األنث‬
‫–‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫اإلنسان‪ ،‬وبأسدافه من‬
‫الت تتعلق بالنوع‬
‫ي‬
‫وهو البحث عن المستحاثات‪ ،‬وال سيما تلك ي‬
‫ ‪- 86‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com86‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫الت وجدت من قبله‪)Daniel , 1990,8) .‬‬
‫الرئيسات ي‬
‫ويستخدم مصطلح ر‬
‫ّ‬
‫الطبيعية (العضوية) لإلشارة إل ذلك العلم الذي‬
‫األنثبولوجيا‬
‫ّ‬
‫حيوان عىل سطح‬
‫يهتم بدراسة الجانب العضوي (الحيوي) لإلنسان‪ ،‬منذ نشأته كنوع‬
‫ي‬
‫مدايي سنة ّ‬
‫ونيف‪ ،‬وحت الوقت الحارص الذي‬
‫األرض‪ ،‬وقبل فثة زمنية تزيد عىل ثداثة‬
‫ر‬
‫نعيش فيه‪.‬‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫الفثيائية) هو االختداف‬
‫إن الموضوع‬
‫األساش يف األنثوبولوجيا العضوية ( ر‬
‫ي‬
‫البيولوج الذي يطرأ عىل الكائن اإلنسان ف الزمان والمكان ‪ ..‬ر‬
‫والىسء الذي ينتج غالبية‬
‫ي ي‬
‫ر ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫تأثثات بيئية لها صلة‬
‫هذه االختدافات‪ ،‬هو اتحاد المقومات الوراثية مع البيئة ‪ ..‬فثمة ر‬
‫ر‬
‫الثودة‪ ،‬الرطوبة‪ ،‬أشعة الشمس‪ ،‬االرتفاع‪،‬‬
‫مباشة بهذا الموضوع‪ ،‬مثل ‪( :‬الحرارة‪ ،‬ر‬
‫غثه من الرئيسات‪ ،‬يضم‬
‫كث عىل اختداف الكائن‬
‫اإلنسان عن ر‬
‫والمرض ‪ .)..‬وهذا الث ر‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫وه ‪:‬‬
‫خمسة ر‬
‫تأثثات محددة تدخل يف سياق األنثوبولوجيا العضوية‪ ،‬ي‬
‫ّ‬
‫الت‬
‫‪ -4‬نشوء الكائن الشبيه باإلنسان‪ ،‬كما تم الكشف عنه من خدال التقارير ي‬
‫نجمت عن البحث ف المستحاثات ( ر‬
‫األنثوبولوجيا القديمة )‪.‬‬
‫ي‬
‫ر‬
‫ان لإلنسان ‪.‬‬
‫‪ -0‬الثكيب الور ي‬
‫ّ‬
‫‪ّ -2‬‬
‫وتطوره ‪.‬‬
‫نمو اإلنسان‬
‫ّ‬
‫التكيف‬
‫‪ -1‬المرونة (المطواعية) الموجودة يف بيولوجيا اإلنسان (قدرة الجسم عىل‬
‫الثودة‪ ،‬درجة حرارة الشمس‪)..‬‬
‫مع ضغوطات‪ ،‬مثل ‪ :‬الحرارة‪ ،‬ر‬
‫البيولوج وما يتبعه من عملية النشوء والسلوك والحياة االجتماعية‬
‫‪ -5‬الثكيب‬
‫ر ي‬
‫ ‪- 17‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com87‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫للسعادين (القردة )‪ ،‬والحيوانات األخرى من فصيلة الرئيسات‪)Kottak, 1994,9) .‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫المؤسس األول‬
‫يعتثون ‪ /‬يوهان بلومينياخ ‪/‬‬
‫وال بد من اإلشارة هنا‪ ،‬إل أن األلمان ر‬
‫ّ‬
‫الطبيعية‪ .‬فهو من ّ‬
‫ر‬
‫البشية‪ ،‬كما أنه ّ‬
‫ّ‬
‫الرواد ف دراسة الجماجم ر‬
‫قسم الجنس‬
‫لألنثوبولوجيا‬
‫ي‬
‫ر‬
‫األمريك‪،‬‬
‫األثيون‪،‬‬
‫المغول‪،‬‬
‫ه ‪ :‬القوقازي‪،‬‬
‫ري‬
‫ي‬
‫ي‬
‫البشي إل خمسة أقسام (سداالت )‪ ،‬ي‬
‫والمداوي‪( .‬سليم‪ ،4794 ،‬ص ‪)400‬‬
‫ولك نستطيع أن نفهم اإلنسان كنتا لعملية عضوية‪ ،‬يجب أن نفهم ّ‬
‫تطور أشكال‬
‫ي‬
‫الحياة األخرى‪ ،‬بل وطبيعة الحياة ذاتها‪ ،‬وكذلك خصائص اإلنسان القديم واإلنسان‬
‫الحديث ‪ ..‬وقد استطاع هذا العلم – من هذه المنطلقات – أن يجيب عن العديد من‬
‫وتفكثه منذ القديم وحت العرص الحارص‪.‬‬
‫الت كانت موضع اهتمام اإلنسان‬
‫ر‬
‫التساؤالت ‪ ،‬ي‬
‫( ّ‬
‫محمد‪ ،4791 ،‬ص ‪)40‬‬
‫ً‬
‫ثانيا‪ -‬فروع ر‬
‫األنثوبولوجيا العضوية‬
‫تقسم ر‬
‫أساسيي‪ ،‬هما‪:‬‬
‫فرعي‬
‫األنثوبولوجيا العضوية بحسب طبيعة الدراسة‪ ،‬إل‬
‫ر‬
‫ر‬
‫‪ -1‬فرع الحفريات ر‬
‫البشية )‪: ) Paleontology‬‬
‫ّ‬
‫وهو العلم الذي يدرس الجنس ر‬
‫وتطوره‪،‬‬
‫البشي منذ نشأته‪ ،‬ومن ّثم مراحله األولية‬
‫ّ‬
‫من خدال ما ّ‬
‫تدل عليه الحفريات واآلثار المكتشفة‪ .‬أي أنه يتناول بالبحث نوعنا ر‬
‫البشي‬
‫ّ ا‬
‫واتجاهات ّ‬
‫تطوره‪ ،‬وال ّ‬
‫األحافث‪( .‬لينتون‪،‬‬
‫الت تكشفها‬
‫سيما ما كان منها متصال‬
‫ر‬
‫ي‬
‫بالنواج ي‬
‫‪ ،4759‬ص ‪)49‬‬
‫ّ‬
‫ه محاولة استعادة (معرفة) ما نجهله عن اإلنسان‬
‫ومهمة هذا النوع من الدراسة‪ ،‬ي‬
‫ ‪- 88‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com88‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫الت تكشف عن بقاياه وآثاره وما خلفه وراءه من‬
‫البائد‪ ،‬وذلك من خدال الحفريات ي‬
‫الت دعت إل حدوث‬
‫أدوات‪ ،‬ومحاولة تحليل هذه المكتشفات من أجل معرفة األسباب ي‬
‫ّ‬
‫تغثات مرحلية يف شكل اإلنسان‪ ،‬الذي أصبح كما هو عليه اآلن‪.‬‬
‫ر‬
‫الت‬
‫ويحاول العلماء الذين يدرسون هذا الفرع‪ ،‬اإلجابة عن العديد من التساؤالت ي‬
‫ّ‬
‫وكيفية ظهوره عىل األرض‪ ،‬ومن ّثم كيف اختلفت األجناس‬
‫تدور حول موضوع اإلنسان‪،‬‬
‫ّ‬
‫البشية‪ ،‬بفصائلها وسداالتها وأنواعها‪ .‬وكيف ر ّ‬
‫ر‬
‫وتطورت الحياة عىل وجه‬
‫تغث اإلنسان‬
‫الحال ‪ /‬المعارص‪( .‬نارص‪ ،4795 ،‬ص‪)20‬‬
‫األرض إل أن وصلت إلىشكلها‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫وقد برهن العديد من الحفريات الت ّ‬
‫تمت يف هذا المجال‪ ،‬عىل أن اإلنسان القديم‬
‫ي‬
‫الذي كان يعيش عىل هذه األرض منذ ما يقرب من نصف مليون سنة ‪ ،‬كان يختلف عن‬
‫ً‬
‫حجما وأقوى بنية‪ ،‬إضافة إل بروز ّ‬
‫فكيه وغور عينيه‬
‫أكث‬
‫اإلنسان‬
‫الحال‪ ،‬حيث كان ر‬
‫ي‬
‫وعرض جبهته ‪..‬‬
‫البشية أو األجسام ر‬
‫‪ -0‬فرع األجناس ر‬
‫البشية )‪:)Somatology‬‬
‫البدان (المنقرض) واإلنسان‬
‫وهو العلم الذي يدرس الصفات العضوية لإلنسان‬
‫ي‬
‫الحال‪ ،‬من حيث المدامح األساسية والسمات العضوية العامة‪ .‬ولذا ّ‬
‫كرس علماء األجسام‬
‫ي‬
‫ر‬
‫البشية ورصد الفروقات بينها‪ ،‬ومحاولة معرفة‬
‫معظم جهودهم لدراسة األصناف‬
‫ًّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫انصب – إل عهد قريب جدا‬
‫األسباب المحتملة لهذه الفروقات ‪ ..‬ويداحظ أن اهتمامهم‬
‫– عىل تصنيف األجناس ر‬
‫البشية المختلفة عىل أساس العرق‪ ،‬وإيجاد العداقات المحتملة‬
‫ربي هذه األجناس ‪.‬‬
‫ّ‬
‫إن التصنيفات العرقية الت ّ‬
‫طورها علماء األجناس ر‬
‫البشية‪ ،‬ال تزال‬
‫ويمكن القول ‪:‬‬
‫ي‬
‫ ‪- 19‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com89‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫وف‬
‫تعتمد يف المقام األول‪ ،‬عىل خصائص سطحية بسيطة ‪ :‬كلون الجلد وشكل الشعر‪ .‬ي‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫الت‬
‫اآلونة‬
‫ر‬
‫األخثة ‪ ،‬أخذ االهتمام يتحول إل فروق أقل وضوحا وأوثق ارتباطا بالمشكدات ي‬
‫وغثها‪ .‬ومع بداية الستينات‬
‫وبي األجهزة العضلية ر‬
‫نواجهها‪ ،‬كالفروق ربي أنواع الدم ر‬
‫ً‬
‫من القرن ر‬
‫العشين‪ ،‬سار علماء األجسام شوطا أبعد من ذلك‪ ،‬إذ بدأوا يدرسون الفوارق‬
‫ّ‬
‫الجنىس‪ ،‬ومدى المناعة ضد‬
‫ربي الفئات المختلفة من حيث شعة النمو‪ ،‬وسن النضو‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫الكثث من اكتشافاتهم يف‬
‫األمراض‪ (. .‬لينتون‪ ،4759 ،‬ص ‪ )47-49‬ويمكن القول ‪ :‬إن‬
‫ر‬
‫ر‬
‫مباشة‪ ،‬وال ّ‬
‫هذه الميادين‪ ،‬قد يكون ذا قيمة علمية ر‬
‫سيما يف الدراسات األنثوبولوجية‪.‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫فنن فرع األجناس ر‬
‫الت‬
‫البشية‪ ،‬يدرس‬
‫وعىل هذا األساس‪،‬‬
‫ر‬
‫التغثات البيولوجية ي‬
‫تشيح وور ر‬
‫تحصل ربي مجموعات إنسانية ف مناطق جغرافية مختلفة‪ ،‬عىل أساس ر‬
‫ان‪،‬‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ي‬
‫وذلك من خدال المقارنة مع الهياكل العظمية لإلنسان القديم‪ ،‬والموجودة يف المقابر‬
‫ً‬
‫ً‬
‫كثثا‪ ،‬ف وضع التصنيفات ر‬
‫البشية عىل أسس‬
‫المكتشفة حديثا‪ .‬وهذا ما ساعد العلماء ر ي‬
‫موضوعية وعلمية‪ ،‬يمكن االعتماد عليها يف دراسة أي من المجتمعات اإلنسانية ‪.‬‬
‫ّ‬
‫وتعمد ر‬
‫األنثوبولوجيا العضوية من أجل أن تحقق أهدافها يف دراسة أصل اإلنسان‬
‫دراسة تاريخية وفق منهجية علمية‪ ،‬إل االستعانة بعلم األحياء وعلم ر‬
‫التشي ــح‪ ،‬إل درجة‬
‫يمكن معها أن يطلق عىل ر‬
‫األنثوبولوجيا العضوية اسم " علم األحياء اإلنسانية ‪Human‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الحية‬
‫غثه من الكائنات‬
‫الت تتعلق باإلنسان وحده دون ر‬
‫‪ " Biology‬أي أنها الدراسة ي‬
‫األخرى‪.‬‬
‫ّ‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫تقدم‪ ،‬يمكن القول ّإن ر‬
‫األنثوبولوجيا العضوية (الطبيعية) إنما تدرس‬
‫واستنادا إل ما‬
‫ّ‬
‫سسم بالبناء العضوي‬
‫يق لإلنسان‪ ،‬أو ما‬
‫تلك الخصائص والمدامح العامة للبناء ر‬
‫الفث ي‬
‫ّ‬
‫بيىع‪،‬‬
‫لإلنسان‪( .‬اسماعيل‪ ،4792 ،‬ص ‪ )10‬أي أنها تدرس التاري ــخ العضوي لإلنسان الط ي‬
‫ ‪- 01‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com90‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫مع األخذ يف الحسبان خصائصه العضوية المختلفة‪ ،‬ومدامحه البنائية الحالية‬
‫ّ‬
‫التطورية االرتقائية للجنس ر‬
‫البشي‪.‬‬
‫يعط يف النهاية‪ ،‬المراحل‬
‫والمنقرضة‪ ،‬وبما‬
‫ي‬
‫ً‬
‫ثالثا‪-‬الصفات العضوية لإلنسان وعروقه ‪:‬‬
‫ّ‬
‫الحية‬
‫بمثات عضوية خاصة‪ ،‬ال سشاركه فيها إي من الكائنات‬
‫يتصف اإلنسان ر‬
‫ّ‬
‫األخرى‪ ،‬وتتمثل هذه الصفات يف الجوانب التالية‪( Ardrey , 1961, p.86) :‬‬
‫اثني ‪.‬‬
‫والسث عىل‬
‫ انتصاب القامة‬‫ر‬
‫قدمي ر‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ومكوناته ‪.‬‬
‫ تركيب الرأس من حيث شكله‬‫والساقي)‬
‫اعي‬
‫ر‬
‫ تركيب الجسم‪ ،‬من حيث شكله العام ومقاييس أطرافه (الذر ر‬‫ومدى تناسبهما مع األعضاء األخرى يف الجسم ‪.‬‬
‫الت ينبت فيها الشعر‪ ،‬وتحديد أماكن وجودها‪.‬‬
‫ محدودية المساحات ي‬‫ فثة الطفولة الطويلة‪ ،‬مقابل قرصها عند الكائنات الرئيسة األخرى (الثدييات) ‪.‬‬‫ّ‬
‫ّ‬
‫الجسمية العامة المشثكة ربي ر‬
‫البش‪ ،‬إال أن ثمة فروقات‬
‫وعىل الرغم من الصفات‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫والت تؤثر إل حد ما ببنية الشخصية اإلنسانية‪ ،‬وال سيما‬
‫يف تكوين بعضها وخصائصها‪ ،‬ي‬
‫ّ‬
‫النفسية والسلوكية ‪.‬‬
‫النواج‬
‫من‬
‫ي‬
‫وكان من نتائج انشغال علماء ر‬
‫األنثوبولوجيا الجسمية بمسألة العرق‪ ،‬أن اكتسب‬
‫ً‬
‫الباحثي عن الكائن ر‬
‫البشي‪ .‬فاألصناف‬
‫تفكث‬
‫هذا المفهوم (النوع أو العرق) رسوخا أعاق‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ًّ‬
‫العرقية ر‬
‫نسبيا‪ ،‬وقادرة عىل الصمود‬
‫تعتث كيانات ثابتة‬
‫البشية ظلت – إل عهد قريب _ ر‬
‫ ‪- 91‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com91‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫التغث الفطرية‪.‬‬
‫تأثثات البيئة أو قوى‬
‫ر‬
‫أمام ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫التطرف يف تمجيد فكرة (العرق) أدى إل فرض عدد محدود من‬
‫ويداحظ أن‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫البش الذين يمتازون ّ‬
‫التصنيفات الصارمة عىل بت ر‬
‫بالتال إل ز‬
‫بتنوع ال حد له‪ ،‬وأدى‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫األفراد يف هذه التصنيفات‪ ،‬بصورة تطمس صفاتهم األصلية الخاصة‪ .‬ولو أن عملية‬
‫التصنيف لوحقت ضمن المجاالت المناسبة لها‪ ،‬ومن أجل األضواء الت تلقيها عىل ّ‬
‫تطور‬
‫ي‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫اإلنسان‪ ،‬ولو أنها أيضا اقثنت بإدراك طبيعتها – شبه االعتباطية‪ -‬لكان من الممكن حرص‬
‫نتائجها ف استعماالت عملية ر‬
‫مشوعة ‪.‬‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الحظ‪ -‬تحمل ف ّ‬
‫طياتها نزعة تلقائية إل المبالغة ‪ ..‬وما‬
‫ولكن هذه العملية – ولسوء‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ ّ‬
‫تقتض اعتبار الشواذ واألشكال المغايرة‪ ،‬كما لو أنها‬
‫ذلك إال ألن طبيعة التصنيف نفسها‪،‬‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ه‬
‫الت تستحق االستهجان‪ .‬ومهما يكن األمر‪ ،‬فنن هذه األشكال المغايرة‪ ،‬ي‬
‫من الظاهرات ي‬
‫ّ‬
‫األخثة لعلم البيولوجيا‪( .‬لينتون‪،4759 ،‬‬
‫الت اكتسبت داللة خاصة يف التطورات‬
‫ر‬
‫نفسها ي‬
‫ص ‪) 15‬‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ً‬
‫واستنادا إل هذه االختدافات الشكلية وأيضا السلوكية‪ ،‬فقد جرى االتفاق ربي‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫وه‪( :‬أبو هدال‪،‬‬
‫علماء اإلنسان عىل تقسيم البش إل ثداثة أجناس أو عروق رئيسية‪ ،‬ي‬
‫‪ ،4791‬ص ‪) 429‬‬
‫‪ -1/3/1‬العرق األبيض (القوقازي) ‪ :‬يمتاز هذا العرق بصفات خاصة يف‪( :‬علو‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الفكي‪ ،‬استقامة العيني‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫وتجعده‪،‬‬
‫تمو الشعر‬
‫األنف ودقته‪ ،‬اعتدال الشفة وبروز‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ر‬
‫وكثة شعر الجسم وكثافة اللحية‪)..‬‬
‫ويندر ضمن هذا العرق ‪ :‬العرق الهندي – عرق البحر األبيض المتوسط‪،‬‬
‫ ‪- 02‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com92‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫الثبر‪ ،‬المرصيون‪،‬‬
‫األلت (وسط أوروبا )‪ ،‬العرق النوردي (اإليرانيون‪ ،‬األفغان‪ ،‬ر‬
‫العرق ر ي‬
‫واألثيوبيون )‪.‬‬
‫ّ‬
‫المتوسط والشفة الغليظة‪ ،‬والفك‬
‫‪ -0/3/1‬العرق األسود (الزنخ) ‪ :‬يمتاز باألنف‬
‫القصث األشعث‪ ،‬والرأس‬
‫كبث‪ .‬وكذلك بالعيون المستقيمة والشعر‬
‫ر‬
‫البارز بشكل ر‬
‫المستطيل‪.‬‬
‫ّ‬
‫ويمثل هذا العرق ‪ :‬زنو أمريكا‪ ،‬زنو أفريقيا الوسط‪ ،‬والحاميون النيليون يف‬
‫مرص ‪.‬‬
‫‪ -3/3/1‬العرق األصفر (المنغوىل) ‪ :‬يمتاز هذا العرق ر‬
‫ببشة معتدلة الدكنة‪،‬‬
‫ّ‬
‫البت كما عند (الهنود الحمر)‪ ،‬واللون األصفر الفاتح كما عند‬
‫ويثاوح ربي اللون‬
‫النحاش ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫الشماليي )‪ .‬كما يمتاز هذا العرق باستقامة الشعر ونعومته ‪-‬إل حد ما ‪-‬عىل‬
‫صينيي‬
‫(ال‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫الرأس‪ ،‬وقلة كثافته عىل الجسم والذقن ‪.‬‬
‫ّ‬
‫ويمثل هذا العرق ‪ :‬المغول األصليون (األسكيمو‪ ،‬اليابانيون‪ ،‬الكوريون‪ ،‬والصينيون)‬
‫وكذلك‪ ،‬األتراك واألندونيسيون‪ ،‬والهنود األمريكيون‪ ،‬وسكان التيبت‪.‬‬
‫ّ‬
‫ه العوامل‬
‫إن هذه االختدافات الشكلية الظاهرة ربي العروق (األنواع) الثداثة‪ ،‬ي‬
‫األساسية الت يعتمد عليها ف الدراسات ر‬
‫للتميث ربي األفراد والمجتمعات‪.‬‬
‫األنثوبولوجية‪،‬‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ ّ‬
‫ا‬
‫للتميث ربي عرق وآخر‪ ،‬يتمثل يف القدرات‬
‫إال أن بعض العلماء يضيفون عامال آخر‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫الذكائية (نسبة الذكاء )‪ ،‬مع ّأن هذا العامل لم تثبت ّ‬
‫الزنح األسود‪،‬‬
‫صحته‪ ،‬حيث أن‬
‫ر ي‬
‫ّ‬
‫عىل سبيل المثال‪ ،‬ال ّ‬
‫األمريك األبيض‪ ،‬يف حال وفرت لـه الظروف النمائية‬
‫يقل ذكاء عن‬
‫ي‬
‫والثبوية المناسبة ‪.‬‬
‫ ‪- 93‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com93‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ ّ‬
‫ويميل معظم علماء ر‬
‫األنثوبولوجيا اليوم‪ ،‬إل نبذ حت الفكرة القائلة بأن تقدم أي‬
‫ا‬
‫غث ر‬
‫مباش عىل قدرات هذا الشعب‬
‫شعب من الشعوب يف مدار الحضارة‪ ،‬يقيم دليال ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الفطرية‪ .‬وقد تأثر هؤالء العلماء بالدور الذي يؤديه انتشار الثقافات يف تحقيق التقدم‪،‬‬
‫ّ‬
‫التطور‪ .‬ولذلك تراهم يميلون إل إهمال ما ّ‬
‫وبأثر " األحداث َ‬
‫الع َر ّ‬
‫سسم‬
‫ضية " يف توجيه‬
‫بالقدرات الفطرية لشعوب العالم‪ ،‬ويؤثرون كتابة تاري ــخ الحضارة يف ضوء عوامل البيئة‬
‫ّ‬
‫والحظ وتسلسل األحداث المثابطة‪( .‬لينتون‪ ،4759 ،‬ص ‪)57‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الشخصية‬
‫كبث يف تكوين‬
‫وهذا‬
‫يعت أن البيئة االجتماعية والطبيعية لها دور ر‬
‫ي‬
‫اإلنسانية‪ ،‬المنتجة والمبدعة‪ ،‬وليست العوامل الوراثية (العرقية) فحسب‪ .‬وهذا ما بدأت‬
‫تأخذ به الدراسات اإلنسانية المعارصة ‪.‬‬
‫ ‪- 04‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com94‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫مصادر الفصل ومراجعه‬
‫ّ‬
‫مقدمة ف ر‬
‫األنثوبولوجيا الثبوية‪ ،‬المطابع التعاونية‪ّ ،‬‬
‫عمان‪.‬‬
‫ أبو هدال‪ ،‬أحمد (‪)4791‬‬‫ي‬
‫ اسماعيل‪ ،‬قباري دمحم (‪ )4792‬ر‬‫األنثوبولوجيا العامة‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية ‪.‬‬
‫ الجباوي‪ ،‬عىل (‪ )4779‬ر‬‫األنثوبولوجيا – علم اإلناسة – جامعة دمشق ‪.‬‬
‫ لينتون‪ ،‬رالف (‪ )4759‬ر‬‫األنثوبولوجيا وأزمة العالم الحديث‪ ،‬ترجمة ‪ :‬عبد الملك‬
‫الناشف‪ ،‬المكتبة العرصية‪ ،‬ربثوت ‪.‬‬
‫ دمحم‪ ،‬رياض (‪ )4791‬اإلنسان – دراسة يف النوع والحضارة‪ ،‬دار النهضة العربية‪،‬‬‫القاهرة ‪.‬‬
‫ نارص‪ ،‬ابراهيم (‪ )4795‬ر‬‫األنثوبولوجيا الثقافية‪( ،‬علم اإلنسان الثقاف) ّ‬
‫‪،‬عمان ‪.‬‬
‫ي‬
‫ ‪- 95‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com95‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫النفسية‬
‫األنثوبولوجيا‬
‫‪Psychology Anthropology‬‬
‫ّ‬
‫الشخصية وطبيعتها‬
‫‪ -1‬مفهوم‬
‫‪ -0‬مفهوم الثقافة وخصائصها‬
‫ّ‬
‫والشخصية‬
‫‪ -3‬الثقافة‬
‫ ‪- 06‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com96‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫مقــدمة‬
‫ً‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫والشخصية ) ‪Culture and‬‬
‫النفسية أيضا (الثقافة‬
‫األنثوبولوجيا‬
‫تسم‬
‫ّ‬
‫والشخصية اإلنسانية‪ .‬فقد‬
‫‪ .Personality‬وذلك بالنظر إل العداقة الوثيقة ربي الثقافة‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الت جمعت‪،‬‬
‫أثبتت بعض الدراسات أن التطابق يف التقييمات المستقلة للمعلومات ي‬
‫ّ‬
‫ً‬
‫ًّ‬
‫كبثا ّ‬
‫ّ‬
‫يدل عىل توقع حدوث‬
‫بقصد دراسة معادل " الثقافة –‬
‫الشخصية " بلغ حدا ر‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫تعاون مثمر‪ ،‬بي ر‬
‫ّ‬
‫النفىس يف أبحاث أخرى‪.‬ويدل أيضا‪ ،‬عىل أن‬
‫وبولوجيي والتحليل‬
‫األنث‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫من المستحسن أن يتدرب الباحث عىل فروع علمية عديدة حت يتمكن من إجراء‬
‫ّ‬
‫ثقاف"‪.‬‬
‫والت تتطلبها طريقة الثكيب " السيكو‪ -‬ي‬
‫المراحل المختلفة من البحث والتحليل‪ ،‬ي‬
‫(هرسكوفيث‪ ،4791 ،‬ص ‪)52‬‬
‫ّ‬
‫الت تناولت مفهوم الثقافة‪ ،‬ارتباطها‬
‫ومن هذا المنطلق‪ ،‬أكدت معظم التعريفات ي‬
‫ّ‬
‫يعت أن الثقافة ظاهرة‬
‫بشكل‬
‫أساش بالنتاجات ‪ /‬اإلبداعية والفكرية ‪ /‬لإلنسان‪ .‬وهذا ي‬
‫ي‬
‫مدازمة لإلنسان‪ ،‬باعتباره يمتلك اللغة‪ ،‬واللغة وعاء الفكر‪ ،‬والفكر ينتج عن تفاعل‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الحية‪.‬‬
‫غثه من الكائنات‬
‫الت يتمتع بها اإلنسان دون ر‬
‫العمليات العقلية والنفسية ي‬
‫ّ‬
‫االجتماع‪ ،‬وأخذ مفهومها‬
‫الشخض ‪/‬‬
‫أحس بوجوده‬
‫فالعنارص الثقافية وجدت معه مذ‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ه عليه اآلن ‪.‬‬
‫يتطور ويتسع‪ ،‬وتتحدد معالمها مع تطور اإلنسان‪ ،‬إل أن وصلت إل ما ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫والشخصية‪،‬‬
‫فموضوع األ رنثوبولوجيا النفسية‪ ،‬يتحدد إذن‪ ،‬يف العداقة ربي الثقافة‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الشخصية‪،‬‬
‫متكاملي ‪ :‬اتجاه يأخذ أثر الثقافة يف‬
‫جاهي‬
‫تسث يف ات‬
‫الت ر‬
‫ر‬
‫ر‬
‫هذه العداقة ي‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫األنثوبولوجيا‬
‫الشخصية يف الثقافة‪ .‬ومن هنا‪ ،‬فقد ساعد ظهور‬
‫واتجاه يأخذ أثر‬
‫ّ‬
‫الت تحكم تشكيل‬
‫النفسية‪ ،‬علماء النفس يف الوصول إل فهم أفضل للمبادىء ي‬
‫الشخصية‪ ،‬وأثار ف الوقت ذاته اهتمام علماء ر‬
‫ّ‬
‫األنثوبولوجيا لدراسة األنماط األساسسيبة‬
‫ي‬
‫ ‪- 97‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com97‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫للشخصية يف المجتمعات المختلفة‪ ،‬قديمها وحديثها‪.‬‬
‫ا‬
‫ّ‬
‫الشخصية وطبيعتها‬
‫أوال‪-‬مفهوم‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الشخصية اإلنسانية والعوامل المؤثرة يف تكوينها‪ ،‬مكانة هامة يف الدراسات‬
‫احتلت‬
‫التعرف إل ّ‬
‫وكيفية ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫تكيفها‬
‫الشخصية‪،‬‬
‫مكونات هذه‬
‫النفسية واالجتماعية‪ ،‬وذلك بقصد‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫وتطورها‪.‬‬
‫الشخصية‬
‫وتفاعلها مع البيئة المحيطة‪ ،‬وبما يتيح نمو‬
‫ّ‬
‫اجتماع من‬
‫الشخصية وتكاملها كنتا‬
‫وعىل الرغم من االتفاق عىل وحدة هذه‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫وكمحرك لت ّ‬
‫رصفات الفرد ومواقفه الحياتية من جهة أخرى‪ ،‬فقد تعددت تعريفاتها‬
‫جهة‪،‬‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫تبعا للنظر إليها من جوانب متعددة‪.‬‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫الشخصية ّ‬
‫ّ‬
‫الحقيق لإلنسان‪ ،‬فقد‬
‫االجتماع ‪/‬‬
‫تعث عن الجوهر‬
‫فانطداقا من أن‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫عرفها رالف لينتون‪ ،‬بأنها ‪ " :‬المجموعة المتكاملة من صفات الفرد العقلية والنفسية‪ .‬أي‬
‫اإلجمال لقدرات الفرد العقلية وإحساسا ته ومعتقداته وعاداته‪ ،‬واستجاباته‬
‫المجموع‬
‫ي‬
‫ر‬
‫العاطفية المشوطة " (لينتون‪)529 ،4751 ،‬‬
‫ّ‬
‫كما ّ‬
‫عرفها ‪/‬فيكتور بارنوا ‪ /‬بأنها ‪ " :‬تنظيم ثابت لدرجة ما‪ ،‬للقوى الداخلية للفرد‪.‬‬
‫ّ‬
‫وترتبط تلك القوى ّ‬
‫بكل مركب من االتجاهات والقيم والنماذ الثابتة بعض ر‬
‫الىسء‪،‬‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫والت تفش – إل حد ما – ثبات السلوك الفردي " ‪( .‬‬
‫الحىس‪،‬‬
‫والخاصة باإلدراك‬
‫ي‬
‫ي‬
‫)‪Barnouw, 1972, p 8‬‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ه‬
‫التعريفي‬
‫واتفاقا مع‬
‫ر‬
‫ر‬
‫السابقي‪ ،‬يرى ‪ /‬أفلويد ليورت ‪ /‬أن الشخصية ‪ :‬ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫وكيفية توافقه مع المظاهر االجتماعية‬
‫للمثثات االجتماعية‪،‬‬
‫الممثة‬
‫استجابات الفرد‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ ‪- 08‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com98‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫المحيطة به‪( .‬دمحم غنيم‪ ،4779 ،‬ص ‪)11‬‬
‫وهكذا‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫االجتماع لإلنسان‪ ،‬والذي سشمل‬
‫الشخصية عن الوصف‬
‫يعث مفهوم‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫الت تتكون عند الكائن البشي من خدال التفاعل مع المؤثرات البيئية‪ ،‬والتعامل‬
‫الصفات ي‬
‫ّ‬
‫االجتماع لإلنسان) ‪ .‬أي‬
‫يعث عنه بـ (الجوهر‬
‫مع أفراد المجتمع بصورة عامة‪ .‬وهذا ما ر‬
‫ي‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ّأنها مجموعة الخصائص (الصفات) الت ّ‬
‫غثه يف البنية‬
‫تمث فردا ‪ /‬إنسانا بذاته‪ ،‬من ر‬
‫ر‬
‫ي‬
‫وف الذكاء والطبع والسلوك العام ‪.‬‬
‫الجسدية العامة‪ ،‬ي‬
‫الفثيولوجية لدى اإلنسان‪ ،‬ترتبط باألفعال السلوكية المصاحبة‪،‬‬
‫فالعمليات‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫الت يكتسبها من المجتمع‪ .‬فالطعام كاستجابة‬
‫وتتعدل هذه األفعال عن طريق‬
‫ر‬
‫الخثة ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫معي يتمثل يف طريقة تناول الطعام‪،‬‬
‫للحاجة ر‬
‫الفثيزلوجية الغذائية‪ ،‬يصاحبها سلوك ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫فه تتضمن كل أفعال الفرد ومناشطه الجسمانية والسيكولوجية‪،‬‬
‫بصورها المتعددة‪ ..‬ي‬
‫ّ‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫فه‬
‫وأيضا التعلم‬
‫ر‬
‫شء يدخل يف محتوى السلوك‪ ،‬حت العمليات العقلية ي‬
‫والتفكث‪ ،‬وكل ي‬
‫تندر تحت مفهوم هذا المصطلح‪.‬‬
‫ّ‬
‫أساسيتي ‪ :‬األوىل ‪ :‬العمليات المادية‪ ،‬والثانية ‪:‬‬
‫بخاصتي‬
‫وتتمث نتائج السلوك‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ر‬
‫العمليات السيكولوجية‪ .‬ويندر تحت العمليات السيكولوجية‪ ،‬ما يعرف بأنساق القيم‬
‫ويشث تصنيف نتائج السلوك إل تفاعل الفرد مع البيئة‪ ،‬فالفرد عندما يواجه‬
‫والمعرفة‪.‬‬
‫ر‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫نظاما جديدا‪ ،‬يحدث لديه رد فعل‪ ،‬ليس فقط يف موضوعيته‪ ،‬ولكن أيضا يف اتجاهاته‬
‫وقيمه ومعارفه الت اكتسبها من خثاته الماضية‪ ..‬ولذلك‪ّ ،‬‬
‫يؤيد بعض العلماء‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ر‬
‫تأثث العنارص السيكولوجية يف محتوى الصيغة الثقافية‪ ،‬يف دراستهم‬
‫األنث‬
‫وبولوجيي ر‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الت‬
‫ه نتا الصيغة الثقافية ي‬
‫للثقافة والشخصية‪ ،‬وذلك العتقادهم بأن الشخصية ي‬
‫ً‬
‫تسود مجتمعا ما‪( .‬الغامري‪ ،4797 ،‬ص ‪)10‬‬
‫ ‪- 99‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com99‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫شخصية ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ومتفردة بسماتها وخصائصها‪ ،‬ولكنه يف الوقت ذاته‬
‫متمثة‬
‫كل فرد‬
‫إن‬
‫ر‬
‫الت تجعله وإياهم من جنس‬
‫سشثك مع اآلخرين من أبناء جنسه‪ ،‬يف‬
‫ر‬
‫الكثث من المظاهر ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الشخصية اإلنسانية بنوع من الثبات‪ ،‬يبدو يف مواقفها واتجاهاتها‬
‫واحد‪ .‬ولذلك تتصف‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫للتغث‬
‫الشخصية‬
‫وف المقابل‪ ،‬تخضع هذه‬
‫ر‬
‫وأساليب تعاملها‪ ،‬وشعورها بهويتها‪ .‬ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الت تنشأ فيها وتنمو من‬
‫والتطور‪ .‬وهذا ما تحدده مكونات الشخصية من جهة‪ ،‬والبيئة ي‬
‫جهة أخرى‪.‬‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫لكل فرد ّ‬
‫أحدا‪ ،‬فهذا يعت ّأن ّ‬
‫مكوناته‬
‫بشخصيته وال سشبه‬
‫يتمث‬
‫فكون اإلنسان‬
‫ر‬
‫ي‬
‫الجسدية الخاصة‪ ،‬وله طريقته وأسلوبه يف الشعور واإلدراك والسلوك‪ ،‬بما يطبعه بطابع‬
‫ّ‬
‫ممث ال ّ‬
‫يتكرر عند أي شخص آخر بالصورة ذاتها‪.‬‬
‫ر‬
‫ّأما كون اإلنسان سشبه الناس اآلخرين‪ّ ،‬‬
‫فثمة مظهران لذلك ‪:‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫البيولوج‪،‬‬
‫األول ‪ :‬أنه سشبه الناس كلهم من حيث السمات المشثكة يف اإلرث‬
‫ر ي‬
‫ّ‬
‫فلكل فرد هنا‪،‬‬
‫الت ينتمون إليها‪.‬‬
‫الت يعيشون فيها‪ ،‬والمجتمعات والثقافات ي‬
‫والبيئة ي‬
‫ً‬
‫ً ًّ‬
‫البيولوج ذاته‪ ،‬بوصفه كائنا حيا اجتماعيا ‪.‬‬
‫التكوين العضوي ‪/‬‬
‫ر ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫شخصية الفرد مع‬
‫الثان ‪ :‬أنه سشبه بعض الناس‪ ،‬فهذا ما يداحظ يف تشابه سمات‬
‫ينتم إليها‪ ،‬أو بعض األفراد الذين ينشأ – أو يتعامل – معهم‪.‬‬
‫الت‬
‫ي‬
‫سمات أعضاء الجماعة ي‬
‫(المرصي‪ ،4772 ،‬ص ‪)54‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الشخصية اإلنسانية تتسم بالخصائص التالية‪:‬‬
‫وبناء عىل ما تقدم‪ ،‬يمكن القول ‪ :‬إن‬
‫(ميداد‪)22 ،4779 ،‬‬
‫ ‪- 011‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com100‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫وتتطور يف وحدة متكاملة‪ ،‬من خدال تآزر‬
‫فالشخصية تنمو‬
‫‪ -4‬النمو والتكامل ‪:‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الشخصية وقدراتها‪ ،‬وعملها بصورة مستمرة ومتفاعلة مع مواقف الحياة‬
‫سمات هذه‬
‫ّ‬
‫الت‬
‫المختلفة‪ ،‬وال سيما تفاعل اإلنسان مع بيئته وأنماط التنشئة االجتماعية المتعددة ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الشخصية بعنارصها الكاملة‪ ،‬يف أثناء التعامل مع هذه‬
‫وبالتال استجابة هذه‬
‫يتعرض لها‪،‬‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫المواقف المتنوعة‪.‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫وتعت شعور الفرد بأنه هو ذاته‪ ،‬وإن حدثت لـه‬
‫الشخصية (الذاتية) ‪:‬‬
‫‪ -0‬الهوية‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ونفسية‪ ،‬عث مراحله النمائية‪ .‬فمن طبيعة اإلنسان أن ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫يتغث ويتبدل من‬
‫تغثات جسدية‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫يوم إل آخر‪ ،‬بحكم قانون التطور‪ ،‬والذي سشمل جوانب الشخصية كافة‪ ،‬من بداية‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫التغثات‬
‫ه ذاتها‪ ،‬عىل الرغم من‬
‫ر‬
‫الحياة وحت نهايتها‪ .‬ر‬
‫غث أن هويته األساسية تبق ي‬
‫عامىل ‪( :‬العمر والثقافة) ‪.‬‬
‫الت تحدث بفعل‬
‫ي‬
‫الجسدية أو الوجدانية‪ ،‬ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫مستمرة ما دام‬
‫لشخصية اإلنسانية‪،‬‬
‫والتغث ‪ :‬أي أن خاصية الثبات يف ا‬
‫‪ -2‬الثبات‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫التغث والتطور‪،‬‬
‫وف المقابل فهذه الشخصية تابعة لخاصية‬
‫ر‬
‫الشخص عىل قيد الحياة‪ ،‬ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫والت تتفاوت يف شدة فاعليتها إلحداث‬
‫الت تحدث بفعل المؤثرات المحيطة بالشخص‪ ،‬ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫التطورية‪.‬‬
‫التغثات‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫وف البناء‬
‫وهذا الثبات الذي يتجىل يف ‪( :‬األعمال وأسلوب التعامل مع اآلخرين‪ ،‬ي‬
‫والخثات)‬
‫والخارج للشخص‪ ،‬بما يف ذلك الدوافع واالهتمامات واالتجاهات‪،‬‬
‫الداخىل‬
‫ر‬
‫ر ي‬
‫ي‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫المستقبىل لهذه الشخصية‪.‬‬
‫هو الذي سسمح – أحيانا – بالتنبؤ‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫المستمر مع ما يحيط‬
‫الشخصية تنمو وتتطور من خدال التفاعل‬
‫والخداصة‪ ،‬أن‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫والتطور أيضا سمتان مدازمتان‬
‫فالتغث‬
‫للشخصية‪،‬‬
‫بها‪ .‬وكما أن الثبات سمة أساسية‬
‫ر‬
‫ً‬
‫ا‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الشخصية قليال يف المجتمعات القديمة‪ ،‬نظرا‬
‫للشخصية‪ .‬وإذا كان االهتمام بدراسة‬
‫ ‪- 101‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com101‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫لعدم النظر إل الفرد كوحدة متكاملة‪ ،‬فنن تعقد المشكدات االجتماعية ‪ /‬اإلنسانية‪،‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الشخصية‬
‫وتطور النظرة إل دور اإلنسان فيها‪ ،‬أدى إل زيادة االهتمام بدراسة طبيعة‬
‫اإلنسانية‪ ،‬الكتشافها وإيجاد أفضل الطرائق للتعامل معها وتوظيف قدراتها‪.‬‬
‫ً‬
‫ثانيا‪-‬مفهوم الثقافة وخصائصها‬
‫ا ًّ‬
‫ّ‬
‫وتميث بعضها من بعض‪،‬‬
‫هاما يف تصنيف المجتمعات واألمم‪،‬‬
‫تعد الثقافة عامال‬
‫ر‬
‫وذلك بالنظر لما تحمله مضمونات الثقافة من خصائص ودالالت ذات أبعاد فردية‬
‫ً‬
‫واجتماعية‪ ،‬وإنسانية أيضا‪.‬‬
‫ّ‬
‫تعددت تعريفات الثقافة ومفهوماتها‪ ،‬وظهرت ر‬
‫عشات التعريفات ما ربي‬
‫ولذلك‪،‬‬
‫(‪ )4752-4994‬منها ما أخذ بالجوانب المعنوية ‪ /‬الفكرية‪ ،‬أو بالجوانب الموضوعية ‪/‬‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫اإلنسان‬
‫سثورة المجتمع‬
‫المادية‪ ،‬أو بكليهما معا‪ ،‬باعتبار الثقافة‪ -‬يف إطارها العام‪ -‬تمثل ر‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫والعلمية ‪.‬‬
‫وإبداعاته الفكرية‬
‫وهذا ّ‬
‫التنوع يف التعريفات‪ ،‬حدا بـ ‪ /‬إدجار موران ‪ /‬أن يقول بعد مرور قرن عىل أول‬
‫ّ‬
‫تعريف ر‬
‫وبولوج للثقافة ‪ " :‬كلمة الثقافة بداهة خاطئة‪ ،‬كلمة تبدو وكأنها كلمة ثابتة‪،‬‬
‫أنث‬
‫ر ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫حازمة‪ ،‬والحال أنها كلمة فخ‪ ،‬خاوية‪ ،‬منومة‪ ،‬ملغمة‪ ،‬خائنة‪ ..‬الواقع أن مفهوم الثقافة‬
‫ّ ً‬
‫ً‬
‫ّ ً‬
‫ليس ّ‬
‫اليوم " ‪(.‬‬
‫التعبث‬
‫أقل غموضا وتشككا وتعددا‪ ،‬يف علوم اإلنسان منه يف علوم‬
‫ر‬
‫ي‬
‫‪)Morin, 1969, p.5‬‬
‫‪ -4‬مفهوم الثقافة ‪:‬‬
‫ً‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫وأكثها شيوعا‪ ،‬ذلك التعريف الذي وضعه ‪ /‬ادوارد‬
‫ولعل أقدم تعريف للثقافة‪،‬‬
‫ ‪- 012‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com102‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الكل المركب الذي سشتمل عىل المعرفة‬
‫ه ذلك‬
‫تايلور ‪ /‬والذي يفيد بأن الثقافة ‪ :‬ي‬
‫الت يكتسبها اإلنسان‬
‫والعقائد‪ ،‬والفن واألخداق والقانون‪ ،‬والعادات ر‬
‫وغثها من القدرات ي‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫بوصفه عضوا يف المجتمع‪( .‬مجموعة من الكتاب‪ ،4779 ،‬ص ‪)7‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ه ذلك‬
‫وعرفها عالم االجتماع الحديث ‪ /‬روبرت ربثستيد ‪ /‬بقوله ‪ " :‬إن الثقافة ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الكل المركب الذي يتألف من كل ما نفكر فيه‪ ،‬أو نقوم بعمله أو نمتلكه‪ ،‬كأعضاء يف‬
‫مجتمع " ‪.‬‬
‫ّ‬
‫ادل ‪ )J. Spradley‬أن ثقافة المجتمع‪،‬‬
‫وضمن هذا المفهوم‪ ،‬يرى ‪ /‬جيمس ر‬
‫سث ي‬
‫ّ‬
‫تتكون من ّ‬
‫كل ما يجب عىل الفرد أن يعرفه أو يعتقده‪ ،‬بحيث يعمل بطريقة يقبلها أعضاء‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫تتكون من األشياء أو‬
‫مادية فحسب‪ ،‬أي أنها ال‬
‫المجتمع ‪ ..‬إن الثقافة ليست ظاهرة‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫فه‬
‫ه تنظيم لهذه األشياء يف شخصية اإلنسان‪ .‬ي‬
‫الناس أو السلوك أو االنفعاالت‪ ،‬وإنما ي‬
‫ما يوجد يف عقول الناس من أشكال لهذه األشياء‪) Spradley, 1972, p.p. 6-7) .‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫وهذا يتفق إل حد بعيد مع التعريف الذي يفيد بأن مصطلح الثقافة ‪ Culture‬يف‬
‫اإلنكلثية‪ ،‬عىل معت الحضارة ‪ Civilization‬كما يف اللغة األلمانية ‪،‬له وجهان‪:‬‬
‫اللغة‬
‫ر‬
‫وجه ذان ‪ :‬هو ثقافة العقل ‪ ..‬ووجه موضوع ‪ :‬هو مجموعة العادات واألوضاع‬
‫ّ‬
‫الفنية واألدبية‪ ،‬والطرق العلمية والتقنية‪ ،‬وأنماط‬
‫االجتماعية‪ ،‬واآلثار الفكرية واألساليب‬
‫ّ‬
‫معي ‪.‬فالثقافة ه طريق حياة الناس‪ّ ،‬‬
‫وكل‬
‫ر‬
‫التفكث واإلحساس‪ ،‬والقيم الذائعة يف مجتمع ر‬
‫ي‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ما يملكون ويتداولون‪ ،‬اجتماعيا وبيولوجيا‪( .‬صليبا‪)299 ،4794 ،‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫وربما يكون أحدث مفهوم للثقافة‪ ،‬هو ما جاء يف التعريف الذي اتفق عليه يف إعدان‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫مكسيكو (‪ 5‬آب ‪ ،) 4790‬والذي ينص عىل أن الثقافة – بمعناها الواسع – يمكن النظر‬
‫ ‪- 103‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com103‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ً‬
‫إليها عىل ّأنها ‪ " :‬جميع السمات الروحية والمادية والعاطفية‪ ،‬الت ّ‬
‫تمث مجتمعا بعينه‪ ،‬أو‬
‫ي ر‬
‫وه تشمل ‪ :‬الفنون واآلداب وطرائق الحياة ‪ ..‬كما تشمل الحقوق‬
‫فئة اجتماعية بعينها‪ .‬ي‬
‫األساسية لإلنسان‪ ،‬ونظم القيم والمعتقدات والتقاليد " ‪.‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫مجرد نوع خاص من‬
‫ه إال‬
‫ويعتقد معظم علماء األنثوبولوجيا أن الحضارة ما ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الثقافة‪ ،‬أو باألحرى‪ ،‬شكل معقد أو " ر ٍاق " من أشكال الثقافة‪ .‬ولذلك لم يعتمدوا قط‪،‬‬
‫ّ‬
‫تميث الذي وضعه علماء االجتماع ربي الثقافة والحضارة ‪ ..‬فمن المعروف أن بعض‬
‫ال ر‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫اإلجمال للوسائل البشية "‬
‫يمثون ربي الحضارة بوصفها " المجموع‬
‫علماء االجتماع ر‬
‫ي‬
‫ر‬
‫اإلجمال للغايات البشية "‪( .‬لينتون‪ ،4759 ،‬ص ‪)412‬‬
‫وبي الثقافة بوصفها " المجموع‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ً‬
‫ر‬
‫األنثبولوجيا الثقافية ‪/‬‬
‫الباحثي يف دراسة‬
‫كثث من‬
‫وتأسيسا عىل ذلك‪ ،‬اعتمد ر‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ه‪:‬‬
‫النفسية واالجتماعية ‪ /‬عىل ثداثة مفهومات أساسية‪ ،‬ي‬
‫ّ‬
‫التحثات الثقافية ‪ :‬وتشمل القيم والمعتقدات المشثكة ربي الناس ‪.‬‬
‫‬‫ّ‬
‫ّ‬
‫الت تربط الناس بعضهم‬
‫ العالقات االجتماعية ‪ :‬وتشمل العداقات الشخصية ي‬‫مع بعض ‪.‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫التحثات الثقافية‬
‫الكىل المركب من‬
‫الت تعد الناتج‬
‫ أنماط أساليب الحياة‬‫ر‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫والعداقات االجتماعية (مجموعة من الكتاب‪ ،4799 ،‬ص‪)42‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ويعث عن‬
‫يعت أن الثقافة تهدي اإلنسان إل القيم‪ ،‬حيث يمارس االختيار‬
‫ر‬
‫وهذا ي‬
‫ّ‬
‫وبالتال يتعرف إل ذاته ويعيد النظر يف إنجازاته وسلوكاته‪.‬‬
‫الت يرغبها‪،‬‬
‫ي‬
‫نفسه بالطريقة ي‬
‫ّ‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫وعىل الرغم من ذلك‪ ،‬فنن أية ثقافة ال تؤلف نظاما مغلقا‪ ،‬أو قوالب جامدة يجب أن‬
‫ ‪- 014‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com104‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫ويتبي من التأكيد عىل حقيقة الثقافة‬
‫يتطابق معها سلوك أعضاء المجتمع جميعهم‪.‬‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫شء‪ ،‬ألنها ليست سوى‬
‫السيكولوجية‪ ،‬أن الثقافة بهذه الصفة‪ ،‬ال تستطيع أن تعمل أي ي‬
‫ّ‬
‫ً‬
‫تفكث‪ ،‬عند األشخاص الذين يؤلفون مجتمعا‬
‫مجموع من سلوكات وأنماط وعادات‬
‫ر‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫معي‪( .‬هرسكوفيث‪ ،4791‬ص ‪)55‬‬
‫خاصا‪ ،‬يف وقت محدد ومكان ر‬
‫ً‬
‫ّ ً‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫مجردا‬
‫وهكذا يمكن القول ‪ :‬إن الثقافة – يف إطارها العام – ليست إال مفهوما‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫قاف‪ ،‬وأن رصورة الثقافة لفهم األحداث‬
‫سستخدم يف الدراسات األنثوبولوجية للتعميم الث ي‬
‫والتنبؤ بإمكانية وجودها أو وقوعها‪ ،‬ال ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ف العالم ر‬
‫أهمية عن رصورة استخدام‬
‫تقل‬
‫البشي‪،‬‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫الطبيىع وإمكانية التنبؤ بها ‪.‬‬
‫مبدأ( الجاذبية) لفهم أحداث العالم‬
‫ي‬
‫‪ -0‬خصائص الثقافة ‪:‬‬
‫ً‬
‫ا‬
‫ّ‬
‫تعد الحياة االجتماعية يف أي مجتمع‪ ،‬نسيجا متكامال من األفكار والنظم والسلوكات‬
‫ّ‬
‫الت ال يجوز الفصل فيما بينها‪ ،‬باعتبارها تشكل الثكيبة الثقافية يف المجتمع‪ ،‬وإل درجة‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫تحدد مستوى ّ‬
‫تطوره الحضاري‪.‬‬
‫ً‬
‫االجتماع‪،‬‬
‫البيولوج لإلنسان يف الثقافة معدوما عىل المستوى‬
‫التأثث‬
‫وإذا كان‬
‫ر‬
‫ر ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫الحاالت‬
‫الثقاف عىل‬
‫العامل‬
‫تأثث‬
‫فنن‬
‫‪،‬‬
‫)‬
‫الشاذة‬
‫(‬
‫الستثنائية‬
‫ا‬
‫الفردية‬
‫بعض‬
‫باستثناء‬
‫ر‬
‫ي‬
‫تأثث فاعل ومحسوس‪ ،‬ليس عىل مستوى الفرد فحسب‪ ،‬بل عىل‬
‫الوجود‬
‫البيولوج‪ ،‬هو ر‬
‫ر ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫مستوى المجتمع بوجه عام‪ .‬ولذلك‪ ،‬فكما يتم اصطفاء النوع‪ ،‬يتم اصطفاء الثقافة عىل‬
‫أساس ّ‬
‫تكيفها مع البيئة‪ .‬وبمقدار ما تساعد الثقافة أعضاءها يف الحصول عىل ما‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫وف تجنب ما هو خطر‪ ،‬فننها تساعدهم عىل البقاء‪( .‬سكيث‪،4792 ،‬‬
‫يحتاجونه‪ ،‬ي‬
‫ص‪) 422‬‬
‫ ‪- 105‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com105‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫ّ ّ‬
‫ّ‬
‫االجتماع الذي‬
‫يأن منسجما مع اإلطار‬
‫وهذا يؤكد أن النموذ العام ألي ثقافة‪ ،‬ي‬
‫ي‬
‫أنتجها‪ ،‬ويرسم بالتال السمات والمظاهر االجتماعية لدى األفراد الذين ر ّ‬
‫يتشبون هذه‬
‫ي‬
‫الثقاف واستمراريته وتطويره‪.‬‬
‫الثقافة‪ ،‬ويعملون ما بوسعهم للحفاظ عىل هذا النموذ‬
‫ي‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫فنن ّ‬
‫ثمة خصائص تتسم بها الثقافة‪ ،‬بحسب مفهومها‬
‫واستنادا إل هذه المعطيات‪،‬‬
‫ّ‬
‫وطبيعتها‪ ،‬ومن أبرز خصائص هذه الثقافة أنها ‪:‬‬
‫ّ‬
‫عصت خاص‪،‬‬
‫المزود بجهاز‬
‫‪ -1/ 0‬إنسانية ‪ :‬فاإلنسان هو الحيوان الوحيد‬
‫ري‬
‫وبقدرات عقلية فريدة تتيح لـه ابتكار أفكار جديدة‪ ،‬وأعمال جديدة‪ . .‬فاإلنسان – عىل‬
‫ّ‬
‫وتكيف معها باخثاع‬
‫سبيل المثال – انتقل من المناطق الدافئة إل المناطق االستوائية‪،‬‬
‫ّ‬
‫أعمال جديدة‪ ،‬ومدابس ومساكن تخفف من الحرارة والرطوبة ‪ ..‬وانتقل من طور‬
‫ّ‬
‫الرع والزراعة‪ ،‬من دون أن تظهر‬
‫(مرحلة) جمع القوت إل طور الصيد‪ ،‬ومن ثم إل طور ي‬
‫ّ‬
‫وإنما الذي ّ‬
‫عنده ّأية ّ‬
‫تغث هو ثقافته‪ ،‬أي مجموع أفكاره وأعماله‬
‫تغثات عضوية تذكر‪،‬‬
‫ر‬
‫ر‬
‫وسلوكاته ‪.‬‬
‫مسثة‬
‫وعث ر‬
‫‪ -0/0‬مكتسبة ‪ :‬يكتسب اإلنسان الثقافة من مجتمعه‪ ،‬منذ والدته ر‬
‫ّ‬
‫الشخصية‪ .‬وبما ّأن ّ‬
‫ّ‬
‫يتمث بثقافة‬
‫كل مجتمع‬
‫الخثات‬
‫حياته‪ ،‬وذلك من خدال‬
‫إنسان ر‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫معينة‪ ،‬محددة الزمان والمكان‪ ،‬فنن اإلنسان يكتسب ثقافة المجتمع الذي يعيش فيه‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الفثيولوجية يف عملية االكتساب‪ .‬أي أن عملية التنشئة‬
‫منذ الصغر‪ ،‬وال تؤثر العوامل ر‬
‫الت تقوم بنقل ثقافة المجتمع إل الطفل‪ .‬ومهما كانت‬
‫ه العملية ي‬
‫االجتماعية الثقافية‪ ،‬ي‬
‫ّ‬
‫فننه سستطيع أن يلتقط ثقافة أي مجتمع ر‬
‫بشي‪ ،‬إذا ما‬
‫ينتم إليها الفرد‪،‬‬
‫الت‬
‫ي‬
‫السدالة ي‬
‫عاش فيه فثة زمنية كافية ‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ -3/0‬اجتماعية ‪ :‬بما ّأن الثقافة ه نتا اجتماع أبدعته جماعة ّ‬
‫معينة‪ ،‬فنن‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ ‪- 016‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com106‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫ّ ّ‬
‫تتم إال من خدال الجماعات (المجتمعات )‪ ،‬وذلك ألن هذه الثقافة‬
‫دراسة الثقافة ال‬
‫ّ‬
‫تمثل عادات المجتمعات وقيمهم‪ ،‬وليست عادات األفراد كأفراد‪ .‬وإن كانت النظم‬
‫الثقافية تختلف ف مدى شموليتها االجتماعية‪ .‬فهناك نظم ّ‬
‫تطبق عىل أفراد المجتمع‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫سيما ف الثقافات المتمدنة‪ ،‬ال ّ‬
‫كثثة‪ ،‬وال ّ‬
‫تطبق إال عىل‬
‫نظم‬
‫هناك‬
‫المقابل‬
‫وف‬
‫ر‬
‫ي‬
‫جميعهم‪ ،‬ي‬
‫ّ‬
‫جماعة ّ‬
‫معينة داخل المجتمع الواحد‪ ،‬وال تطبق عىل الجماعات األخرى‪ .‬وهذا ما يدخل‬
‫وصق‪ ،4794 ،‬ص ‪)91-94‬‬
‫يف الثقافات الفرعية‪( .‬‬
‫ي‬
‫‪ّ - 0 /0‬‬
‫تطورية ‪ /‬تكاملية ‪ :‬عىل الرغم من ّأن ّ‬
‫بشية ّ‬
‫لكل جماعة ر‬
‫معينة ثقافة خاصة‬
‫ّ ّ‬
‫متطورة مع ّ‬
‫ّ‬
‫تطور المجتمع من حال إل‬
‫ه‬
‫بها‪ ،‬إال أن هذه الثقافة ليست جامدة‪ ،‬بل ي‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫حال أفضل وأرف‪ .‬وال ّ‬
‫التطور يف جوهر الثقافة ومحتواها فحسب‪ ،‬وإنما أيضا يف‬
‫يتم‬
‫ّ‬
‫المتطور‪.‬‬
‫الممارسة والطريقة العملية لسلوكات اإلنسان الذي يعيش يف المجتمع‬
‫ّ‬
‫التطور ال يعت ّأن ّ‬
‫كل مرحلة ثقافية منعزلة عن األخرى‪ ،‬بل ّ‬
‫ثمة تكامل‬
‫وهذا‬
‫ّ‬
‫ثقاف يف ثقافة المجتمع الواحد‪ .‬وذلك ألن الثقافة بتكاملها‪ ،‬تشبع حاجات اإلنسان‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫وبي المسائل‬
‫والفكر‪،‬‬
‫بالروح‬
‫صلة‬
‫المت‬
‫المسائل‬
‫بي‬
‫تجمع‬
‫وه‬
‫والمعنوية‪،‬‬
‫المادية‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫المتصلة بحاجات الجسد‪ .‬أي أنه تحقق التكامل ربي الحاجات البيولوجية والنفسية‬
‫واالجتماعية والفكرية والبيئية‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ -5/0‬استمرارية ‪ /‬انتقالية ‪ :‬بما أن الثقافة تنبع من وجود الجماعة ورضاهم عنها‪،‬‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫معي‪ ،‬وال تنحرص يف مرحلة محددة ‪ ..‬لذا ال‬
‫فه بذلك ليست ملكا لفرد ر‬
‫وتمسكهم بها‪ ،‬ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫جماع وتراث يرثه أفراد المجتمع جميعهم‪ .‬كما أنه‬
‫تموت الثقافة بموت الفرد‪ ،‬ألنها ملك‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ال يمكن القضاء عىل ثقافة ما‪ ،‬إال بالقضاء عىل أفراد المجتمع الذي يتبعها‪ ،‬أو بتذويب‬
‫أكث أو أقوى‪ ،‬تفرض ثقافة جديدة‬
‫الت تمارس هذه الثقافة‪ ،‬بجماعة ر‬
‫تلك الجماعة ي‬
‫ّ‬
‫بالقوة‪( .‬نارص‪ ،4795 ،‬ص ‪)421 -422‬‬
‫ ‪- 107‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com107‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫ً‬
‫ً ّ‬
‫وإذا كانت الثقافة تشكل إرثا اجتماعيا‪ ،‬فننها إذن قابلة لدانتقال من جيل الكبار إل‬
‫جيل الصغار بواسطة عملية التثقيف أو التنشئة الثقافية ‪ /‬االجتماعية‪ ،‬أي العملية‬
‫تعت يف بعض جوانبها ‪( :‬نقل ثقافة الراشدين إل الذين لم يرشدوا بعد )‪ .‬كما‬
‫الت ي‬
‫الثبوية ي‬
‫يمكن أن ّ‬
‫يتم هذا االنتقال (االنتشار) إل جماعات إنسانية أخرى من خدال وسائل‬
‫ّ‬
‫االتصال المختلفة ‪.‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫فالثقافة ال توجد إال بوجود المجتمع‪ ،‬والمجتمع من جهته ال يقوم ويبق إال‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الت‬
‫بالثقافة‪ ،‬ألن الثقافة طريق‬
‫ر‬
‫وه ي‬
‫متمث لحياة الجماعة ونمط متكامل لحياة أفرادها‪ ،‬ي‬
‫ّ‬
‫تمد هذه الجماعة األدوات الدازمة الطراد الحياة فيها‪ ،‬وإن كانت ّ‬
‫ثمة آثار يف ذلك لبعض‬
‫العوامل البيولوجية والجغرافية ‪.‬‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫والشخصية‬
‫ثالثا‪ -‬الثقافة‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الثقاف الذي‬
‫وتتطور‪ ،‬من جوانبها المختلفة‪ ،‬داخل اإلطار‬
‫شخصية الفرد تنمو‬
‫إن‬
‫ي‬
‫الت‬
‫تنشأ فيه وتعيش‪ ،‬وتتفاعل معه حت تتكامل وتكتسب األنماط الفكرية والسلوكية ي‬
‫ّ‬
‫تسهل ت ّ‬
‫االجتماع العام ‪.‬‬
‫كيف الفرد‪ ،‬وعداقاته بمحيطه‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫وليس ّ‬
‫ّ‬
‫شخصية‪،‬‬
‫األكث من محتوى أية‬
‫ثمة شك يف أن الثقافة مسؤولة عن الجزء‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫السطح للشخصيات‪ ،‬وذلك عن طريق تشديدها‬
‫وكذلك عن جانب مهم من التنظيم‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫عىل اهتمامات أو أهداف ّ‬
‫ّ‬
‫معينة‪ .‬ويكمن ش مشكلة العداقة ربي الثقافة والشخصية يف‬
‫التال ‪ " :‬إل أي مدى يمكن اعتبار الثقافة مسؤولة عن التنظيم المركزي‬
‫السؤال‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫للتأثثات‬
‫يمكن‬
‫هل‬
‫‪:‬‬
‫أخرى‬
‫وبعبارة‬
‫السيكولوجية؟‬
‫األنماط‬
‫عن‬
‫أي‬
‫ات؟‬
‫للشخصي‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الشخصية وتعدلها؟ " (لينتون‪ ،4751 ،‬ص ‪)527‬‬
‫الثقافية أن تنفذ إل لباب‬
‫ ‪- 018‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com108‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ه عملية تربوية‬
‫إن الجواب عىل هذا التساؤل‪ ،‬يكمن يف أن عملية تكوين الشخصية ي‬
‫الت يحصل عليها من البيئة‬
‫‪ /‬تعلمية – تثقيفية‪ ،‬حيث يجري فيها اندما‬
‫ر‬
‫خثات الفرد ي‬
‫ّ‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫المحيطة ‪،‬مع صفاته التكوينية‪ ،‬لتشكل معا وحدة وظيفية متكاملة تكيفت عنارصها‪،‬‬
‫ّ ً‬
‫فا متبادال ا‪ ،‬وإن كانت ر‬
‫أكث فاعلية يف مراحل النمو األول من حياة‬
‫بعضها مع بعض تكي‬
‫الفرد ‪.‬‬
‫ويمكن أن نطلق اسم التثقيف أو المثاقفة ‪ ،Enculturation‬عىل جوانب تجربة‬
‫ّ‬
‫التعليم الت ّ‬
‫ويوصل بها إل إتقان معرفة‬
‫غثه من المخلوقات‪،‬‬
‫يتمث بها اإلنسان عن ر‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ر‬
‫ثقافته‪ .‬والتثقيف يف جوهره‪ ،‬سياق تشيط شعوري أو ال شعوري‪ ،‬يجري ضمن الحدود‬
‫الت ّ‬
‫تعينها مجموعة من العادات‪ .‬وال ينجم عن هذه العملية التداؤم مع الحياة‬
‫ي‬
‫ً‬
‫االجتماعية القائمة فحسب‪ ،‬بل ينجم أيضا الرض‪ ،‬وهو نفسه جزء من التجربة‬
‫التعبث الفردي وليس عن الثابط مع اآلخرين يف الجماعة‪.‬‬
‫االجتماعية‪ ،‬ينجم عن‬
‫ر‬
‫(هرسكوفيث‪ ،4791 ،‬ص ‪) 21‬‬
‫ّ‬
‫وإذا كان ‪ /‬هرسكو فيث‪ /‬ركز عىل االستمرارية التاريخية يف الثقافة‪ ،‬من خدال عملية‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫سابث ‪ /‬سشدد عىل العداقة ربي الثقافة والشخصية‪ ،‬استنادا إل‬
‫(المثاقفة )‪ ،‬فنن ‪/‬‬
‫ر‬
‫ر‬
‫سابث‪ " :‬هناك‬
‫األساس اللغوي الذي كان لـه‬
‫الكبث يف األنثوبولوجيا البنيوية‪ .‬يقول ر‬
‫التأثث ر‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫عداقة أساسية ربي الثقافة والشخصية‪ .‬فدا شك يف أن أنماط الشخصية المختلفة‪ ،‬تؤثر‬
‫ً‬
‫ً‬
‫تفكث عمل المجموعة بكاملها‪ ،‬وعملها‪ ،‬هذا من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى‪،‬‬
‫تأثثا عميقا يف‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫تث ّ‬
‫ّ‬
‫الشخصية‬
‫االجتماع‪ ،‬يف بعض األنماط المحددة من أنماط‬
‫السلوك‬
‫أشكال‬
‫بعض‬
‫خ‬
‫س‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫نسبية " ‪)Sapir, 1967), p.75‬‬
‫‪،‬حت وإن لم يتداءم الفرد معها إال بصورة‬
‫وإذا كانت المفاهيم العلمية األول‪ ،‬تصف سلوك اإلنسان وتربطه بعدد من الدوافع‬
‫ ‪- 109‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com109‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫أهمية العوامل النفسية واالجتماعية والقيم‬
‫والسمات العامة‪ ،‬فنن العلم الحديث يؤكد‬
‫الت تظهر يف هذا السلوك ‪.‬‬
‫السائدة يف المجتمع‪ ،‬ي‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫تكون رافدا أساسيا من روافد هذه‬
‫بالشخصية‪ ،‬حيث‬
‫فالثقافة إذن ترتبط‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الشخصية وتحدد سماتها‪ .‬ولذلك‪ ،‬فنن دراسة الثقافة والشخصية‪ ،‬تمثل نقطة التقاء ربي‬
‫ً ّ ً‬
‫علم النفس وعلم اإلنسان ( ر‬
‫جيدا‪ ،‬من‬
‫األنثبولوجيا )‪ .‬فدا يمكن فهم أي شخص فهما‬
‫ّ‬
‫لت نشأ عليها‪ .‬كما ال يمكن فهم أي ثقافة إال بمعرفة‬
‫دون األخذ يف االعتبارات الثقافية ا ي‬
‫ّ‬
‫بالتال يف سلوكاتهم الملحوظة‪ ،‬حيث‬
‫األفراد الذين ينتمون إليها ويشاركون فيها‪ ،‬وتتجىل‬
‫ي‬
‫النواج التالية ‪:‬‬
‫تأثثات الثقافة عىل الفرد يف‬
‫تبدو ر‬
‫ي‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫تجث‬
‫كثثا ما ر‬
‫‪ -4‬الناحية الجسمية ‪ :‬إن الثقافة السائدة لدى شعب من الشعوب‪ ،‬ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫جثية وإلزام‪ ،‬وسيطرة مستمدة من العادات والقيم والتقاليد‪ -‬عىل‬
‫الفرد – بما لها من قوة ر‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫كبثا‪ .‬فعىل سبيل المثال ‪ :‬كانت‬
‫أعمال وممارسات قد‬
‫ترص بالناحية الجسمية رصرا ر‬
‫ّ‬
‫الصي‪ ،‬أن تثت أصابع الطفلة ر‬
‫األنت‪ ،‬وتطوى‬
‫المرفهة يف‬
‫العادات لدى بعض الطبقات‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫تمىس مشية خاصة‪.‬‬
‫تحت القدم‪ ،‬وتلبس حذاء سساعد يف إيقاف نمو قدمها ويجعلها‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫التشوه الذي يحصل للقدم‪ ،‬فقد كانت تلك المشية باإلضافة إل صغر‬
‫فعىل الرغم من‬
‫القدم‪ ،‬من أهم دالئل الجمال ‪.‬‬
‫ّ‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫تأثثا‬
‫‪ -0‬الناحية العقلية ‪ :‬ال شك يف أن الثقافة بأبعادها المادية والمعنوية‪ ،‬تؤثر ر‬
‫ا‬
‫للشخصية‪ ،‬وال ّ‬
‫ّ‬
‫المعرف ‪ /‬الفكري‪ .‬فالفرد‬
‫سيما من الجانب‬
‫فاعال يف الناحية العقلية‬
‫ي‬
‫الذي يعيش يف جماعة (مجتمع) تسود ثقافتها العقائد الدينية أو األفكار السحرية‪ ،‬تنشأ‬
‫ّ‬
‫غث‬
‫الت تسود يف المجتمع الهندي أو‬
‫الصيت‪ ،‬ر‬
‫ي‬
‫عقليته وأفكاره متأثرة بذلك‪ .‬فالمعتقدات ي‬
‫ّ‬
‫الطبيىع أن‬
‫وبالتال فننه من‬
‫العرن‪،‬‬
‫األمريك أو‬
‫الت تسود يف المجتمع‬
‫ري‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ي‬
‫تلك المعتقدات ي‬
‫ ‪- 001‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com110‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫المتحرص‪ ،‬بثقافة مجتمعه‪ ،‬وال ّ‬
‫سيما‬
‫البدان‪ ،‬أو يف المجتمع‬
‫يتأثر الفرد سواء يف المجتمع‬
‫ي‬
‫عن طريق األشة‪ ،‬باعتبار ّأن من ّ‬
‫االجتماع وتأييده‬
‫أهم وظائف األشة‪ ،‬مساندة الثكيب‬
‫ي‬
‫‪.‬‬
‫ّ‬
‫االنفعال‪ ،‬ما لدى الشخص من‬
‫يتضمن الجانب‬
‫‪ -2‬الناحية االنفعالية ‪:‬‬
‫ي‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫والت يزود بها منذ تكوينه وطفولته‪.‬‬
‫‪،‬‬
‫نسبيا‬
‫الثابتة‬
‫الغريزية‬
‫االستعدادات والدوافع‬
‫ي‬
‫ً‬
‫ا‬
‫ّ‬
‫بالنواج‬
‫الكيميان والغددي والدموي‪ ،‬وتتصل اتصاال وثيقا‬
‫وتعتمد عىل التكوين‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫كبثا يف تربية‬
‫الفثيولوجية والعصبية‪ .‬وتؤكد الدراسات األنثوبولوجية‪ ،‬أن للثقافة دورا ر‬
‫ر‬
‫ً‬
‫فكثثا ما نجد‬
‫مزا الشخص وتهذيب انفعاالته‪ ،‬وإن لم يكن لها الدور الحاسم يف ذلك‪.‬‬
‫ر‬
‫ً‬
‫البيولوج‪ ،‬عوامل (استعدادات) تثث لديه الغضب‪ّ ،‬‬
‫لكن‬
‫شخصا قد ورث يف تكوينه‬
‫ر‬
‫ر ي‬
‫ّ‬
‫التنشئة االجتماعية ‪ /‬الثقافية‪ ،‬ونبذ المجتمع لتلك الصفة‪ ،‬يجعله يعدل من سلوكه‪.‬‬
‫ُ ُ‬
‫الناحيتي العقلية واالنفعالية‪ ،‬باعتبارهما المواد‬
‫‪ -1‬الناحية الخلقية ‪ :‬تستند إل‬
‫ر‬
‫ُ‬
‫ُ‬
‫ّ‬
‫ه‬
‫الت تبت عليها الصفات الخلقية‪ .‬ولذا فنن األخداق السائدة يف المجتمع‪ ،‬ي‬
‫الخام ي‬
‫ّ‬
‫نواج‬
‫الحصيلة الناتجة من تفاعل القوى العقلية واالنفعالية‪ ،‬مع عوامل البيئة‪ .‬أي أن ال‬
‫ي‬
‫ً‬
‫األخداقية ر‬
‫االجتماع والثقافة المهيمنة عىل‬
‫أكث قربا إل العوامل البيئية‪ ،‬والوسط‬
‫ي‬
‫ّ ً‬
‫ّ‬
‫بالمعايث األخداقية‬
‫أخداف خاص ينساق فيه الفرد‪ ،‬متأثرا‬
‫فلكل ثقافة نسق‬
‫الشخص‪.‬‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ر‬
‫الخث والش‪ ،‬والصواب والخطأ‪ ،‬وما يجوز وما ال يجوز‪ ،‬وإن كانت‬
‫السائدة من ناحية‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫نسبية تختلف يف معانيها ودالالتها من مجتمع إل مجتمع آخر‪ .‬ولذلك‪،‬‬
‫المعايث‬
‫هذه‬
‫ر‬
‫ً‬
‫ً‬
‫نست ‪ ..‬والسلوك الشاذ يف ثقافة ما‪ ،‬قد يكون سلوكا عاديا‬
‫أمر‬
‫‪،‬‬
‫المعايث‬
‫تلك‬
‫عن‬
‫فالجنوح‬
‫ر‬
‫ري‬
‫ّ‬
‫ا‬
‫لمعايث وقيم ثقافة أخرى‪ .‬فالشقة مثال ‪ :‬تعد من الجرائم يف المجتمعات‬
‫بالنسبة‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫كثث من الشعوب البدائية والقديمة‪ ،‬حت أنها كانت‬
‫الحديثة‪ ،‬ولكنها كانت مباحة عند ر‬
‫ً‬
‫الساعان‪ ،4792 ،‬ص ‪)049-042‬‬
‫نوعا من أنواع البطولة‪( .‬‬
‫ي‬
‫ ‪- 111‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com111‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫األنثوبولوجيون النفسيون عىل حدوث ّ‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫الشخصية العامة‬
‫تغثات يف‬
‫ويتفق‬
‫ر‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫متنوعة‬
‫لتأثث عوامل‬
‫عث الزمان‪ ،‬ولكن معدالت تلك‬
‫التغثات تختلف تبعا ر‬
‫ر‬
‫للمجتمع ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫تغث شخصية‬
‫التغيث‬
‫ومتشابكة‪ ،‬ومن أهمها‬
‫الثقاف ‪ ..‬ويتجه الرأي العام إل التعميم‪ ،‬بأن ر‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫عث األجيال‪.‬‬
‫ضح‬
‫يت‬
‫ما‬
‫وهذا‬
‫‪،‬‬
‫الثقاف‬
‫التعيث‬
‫ل‬
‫معد‬
‫من‬
‫أبطأ‬
‫سسث بمعدل‬
‫ر‬
‫ر‬
‫المجتمع ر‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الت رتثز‬
‫فاختداف شخصيات األبناء عن شخصيات اآلباء‪ ،‬من الظواهر النفسية ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الثقاف‪ .‬ولذلك ترى ‪/‬‬
‫التغث‬
‫تمث بوضوح عملية‬
‫ر‬
‫والت ر‬
‫ي‬
‫بوضوح يف المجتمعات المتمدنة‪ ،‬ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫مارغريت ميد ‪ /‬عالمة االجتماع األمريكية‪ ،‬أن كل عضو (فرد) يف كل جيل سسهم – من‬
‫وبالتال سسهم أعضاء‬
‫الطفولة وحت الشيخوخة – يف إعادة رشح األشكال الثقافية‪،‬‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الت تصطدم‬
‫الثقاف‪ .‬ولكن يجب مداحظة أن‬
‫التغث‬
‫عملية‬
‫المجتمع يف‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ي‬
‫التغثات الثقافية ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫التأثث‬
‫بالشخصية العامة للمجتمع‪ ،‬يكون مآلها الفشل يف أغلب األحيان‪ .‬وهكذا‪ ،‬فنن‬
‫ر‬
‫والشخصية‪ ،‬وذلك بالنظر لحدوث ّ‬
‫ّ‬
‫تغث يف أحدهما أو يف بعضهما‬
‫متبادل ربي الثقافة‬
‫ر‬
‫ً‬
‫وصق‪ ،4795 ،‬ص ‪) 425‬‬
‫معا‪( .‬‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫وإذا كان ّ‬
‫ّ‬
‫الشخصية والثقافة‪ ،‬فنن ذلك يعود إل الفرق يف األسس‬
‫ثمة فرق ما ربي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫العصت‪ ،‬ودورة‬
‫الت تقوم عليها كل منهما‪ .‬فالشخصية تعتمد عىل دماغ الفرد وجهازه‬
‫ري‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫اإلنسان‪ّ .‬أما الثقافة‪ ،‬فتستند إل‬
‫الجسم‬
‫حياة‬
‫دورة‬
‫مظاهر‬
‫من‬
‫مظهر‬
‫إال‬
‫ه‬
‫ما‬
‫حياتها‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫مجموع أدمغة األفراد الذين يؤلفون المجتمع ‪..‬‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫تتطور هذه األدمغة ّ‬
‫ّ‬
‫وتستقر ّثم تموت‪ ،‬تتقدم دوما أدمغة جديدة‬
‫كل بمفرده‬
‫وبينما‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫حاالت‬
‫الت طمستها قوى‬
‫والثقافات‬
‫المجتمعات‬
‫من‬
‫ة‬
‫كثث‬
‫توجد‬
‫ه‬
‫أن‬
‫ومع‬
‫‪.‬‬
‫ها‬
‫لتحل محل‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ّ ّ‬
‫ّ‬
‫خارجة عنها‪ ،‬إال أنه من الصعب أن نتصور أن المجتمع أو ثقافته‪ ،‬يمكن أن يموت بسبب‬
‫الشيخوخة‪( .‬لينتون‪ ،4751 ،‬ص ‪) 299‬‬
‫ ‪- 002‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com112‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫االجتماع السائد‪ ،‬ويتجىل ذلك‬
‫فتأثث الثقافة قوي وفاعل يف الحفاظ عىل النسق‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫عفيق‪ ،4790 ،‬ص ‪)414‬‬
‫فيما تقدمه إل إفراد المجتمع يف الجوانب التالية ‪( :‬‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ينبىع أن يكون‬
‫الت‬
‫‪ -4‬توفر الثقافة للفرد‪ ،‬صور السلوك‬
‫ر‬
‫ي‬
‫والتفكث والمشاعر‪ ،‬ي‬
‫ّ‬
‫عليها‪ ،‬وال ّ‬
‫سيما يف مراحله األول‪ ،‬بحيث ينشأ عىل قيم وعادات تؤثر يف حياته‪ ،‬بحسب‬
‫الت عاش فيها ‪.‬‬
‫طبيعة ثقافته ي‬
‫ّ‬
‫تفسثات جاهزة عن الطبيعة والكون وأصل اإلنسان‬
‫‪ -0‬توفر الثقافة لألفراد‪،‬‬
‫ر‬
‫ودورة الحياة ‪.‬‬
‫ّ‬
‫توفر الثقافة للفرد المعان والمعايث الت سستطيع أن ّ‬
‫يمث – يف ضوئها‪ -‬ما هو‬
‫‪-2‬‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ي‬
‫صحيح من األمور‪ ،‬وما هو خاىطء‪.‬‬
‫‪ّ -1‬‬
‫الضمث ّ‬
‫الضمث – فيما بعد‪-‬‬
‫الح عند األفراد‪ ،‬بحيث يصبح هذا‬
‫تنم الثقافة‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ي‬
‫الرقيب القوي عىل سلوكاتهم ومواقفهم ‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ّ -5‬‬
‫تنم الثقافة المشثكة يف الفرد‪ ،‬شعورا باالنتماء والوالء‪ ،‬فثبطه باآلخرين يف‬
‫ي‬
‫جماعته بشعور واحد‪ّ ،‬‬
‫وتمثهم من الجماعات األخرى ‪.‬‬
‫ر‬
‫ً‬
‫وأخثا‪ ،‬تكسب الثقافة الفرد‪ ،‬االتجاهات السليمة لسلوكه العام‪ ،‬يف إطار‬
‫‪-5‬‬
‫ر‬
‫السلوك المعثف به من قبل الجماعة‪.‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫إن ردود فعل الفرد تجاه النظام‪ ،‬هو الذي يؤدي إل نموذ السلوك الذي ندعوه "‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الشخصية "‪ .‬وتصنف النظم يف أنظمة أولية ونظم ثانوية‪ .‬فالنظم األولية ‪ :‬تنشأ عن‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫الت يمكن أن يتحكم فيها الفرد‪( ،‬كالغذاء والعادات الجنسية‪ ،‬وأنظمة التعليم‬
‫الشوط ي‬
‫ ‪- 113‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com113‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫المختلفة )‪ّ .‬أما النظم الثانوية ‪ :‬فتنشأ من إشباع الحاجات وانخفاض التوتر الناجم عن‬
‫النظم األولية‪ .‬مثال ذلك ‪ :‬اعتقاد بعض الشعوب بآلهة‪ ،‬تطمي القلق الناجم عن حاجة‬
‫ّ‬
‫إن ما ّ‬
‫يمث هذا الرأي عما سبقه‪ ،‬هو صفته‬
‫تأمي موارد غذائية دائمة‪.‬‬
‫ر‬
‫هذه الشعوب إل ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الشخصية األساسية ينتج عن تحليل النظم االجتماعية‪ ،‬وتحليل‬
‫الديناميكية‪ ،‬ألن بنيان‬
‫أثرها عىل األفراد يف ثقافة بعد أخرى‪( .‬هرسكوفيث‪ ،4791 ،‬ص‪)54‬‬
‫ّ‬
‫ولذلك يداحظ أنه عندما تختلف الثقافة يتبعها اختداف يف أنماط السلوك‪ .‬فننسان‬
‫ً‬
‫العرص الحجري القديم يختلف عن إنسان العرص الحجري الجديد‪ ،‬ويختلف أيضا عن‬
‫الثونزي والعرص الحديدي‪ .‬فاإلنسان الذي سستخدم األدوات البدائية‬
‫إنسان العرص ر‬
‫ر‬
‫والحشات والطيور‪ ،‬ويخاف من‬
‫كاألحجار والعظام والخشب‪ ،‬ويأكل البذور والجذور‬
‫ّ‬
‫ً‬
‫النار‪ ،‬ال يتوافق ثقافيا مع اإلنسان الذي سستخدم الكهرباء أو يتحكم باآلالت عن بعد‪،‬‬
‫ّ‬
‫وغث ذلك‪ .‬وحت يف‬
‫ويأكل الطعام من المطبخ ويتفي يف صنع األنواع المختلفة منه‪ ،‬ر‬
‫ّ‬
‫هذا العرص‪ ،‬فاإلنسان الذي يعيش يف دولة متحرصة وتختلف ثقافته عن ثقافة اإلنسان‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫فنن سلوك ّ‬
‫الثان‪ ،‬تبعا‬
‫األول – وال شك – يختلف عن سلوك‬
‫الذي يعيش يف دولة نامية‪،‬‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫للزاد الثقاف الذي ّ‬
‫تزودت به شخصيته‪( .‬غالب‪ ،4774 ،‬ص ‪) 422‬‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫استغلها العلماء ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫األنثوبولوجيون األوائل‬
‫الت‬
‫وقد أدى‬
‫التخىل عن الفرضية التطورية ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫‪،‬فيما بعد‪ ،‬إل تسهيل الدمج بي األسلوبي ‪ :‬ر‬
‫والسيكولوج‪ ..،‬والواقع أن‬
‫وبولوج‬
‫األنث‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ر ي‬
‫ر ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫التطورية تداشت‪ ،‬وحل محلها مفهوم الثقافات بوصفها وحدات وظيفية‬
‫الفرضية (النظرية)‬
‫ّ‬
‫متكاملة‪ ،‬كما ظهر االتجاه إل دراسة المجتمعات البدائية باعتبارها كيانات قائمة بذاتها‪ ،‬وهذا‬
‫مالينوفسك ‪ /‬الرائد األول لهذه الحركة‪( .‬لينتون‪ ،4759 ،‬ص ‪)479‬‬
‫ما دعا إليه ‪/‬‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫تضق عىل حياة الفرد قيمة ومعت‪ ،‬وتكسب وجوده‬
‫وهكذا يمكن القول ‪ :‬إن الثقافة‬
‫ي‬
‫ ‪- 004‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com114‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫تمد األفراد بالقيم واآلمال واألهداف الت ّ‬
‫توحد مشاعرهم‬
‫بالتال‬
‫وه‬
‫ي‬
‫ي‬
‫غرضا لـه أهميته‪ .‬ي‬
‫ّ‬
‫يعت – بأي حال من‬
‫وأساليب حياتهم‪ .‬ر‬
‫غث أن تشكيل الثقافة للفرد عىل هذا النحو‪ ،‬ال ي‬
‫ّ‬
‫األحوال – إلغاء فرديته‪ ،‬إذ بواسطة الثقافة تنمو إمكانياته وتتحرر قواه‪ ،‬ويكتسب قدراته‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫الواع‪( .‬حسن‪ ،4799 ،‬ص‬
‫والتميث‬
‫بالتال قادرا عىل االختيار الصحيح‬
‫المتعددة‪ ،‬ويصبح‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫‪ )7‬هذا مع األخذ يف الحسبان الفروق الفردية ربي األشخاص‪ ،‬من حيث تأثرهم بالثقافة أو‬
‫تأثثهم فيها ‪.‬‬
‫ر‬
‫ا‬
‫ر‬
‫األنثوبولوجيا‪ ،‬سستطيع دراسة‬
‫لقد ناقش العلماء طويال فيما إذا كان عالم‬
‫ّ‬
‫النفىس‪ .‬ولم‬
‫الشخصية يف المجتمعات البدائية‪ ،‬دون أن يخضع – هو نفسه‪ -‬للتحليل‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫يدر حديث طويل ّ‬
‫يهتم بالدراسة‬
‫النفىس الذي‬
‫عما إذا كان يجب عىل عالم التحليل‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫الت‬
‫المقارنة للثقافات‪ ،‬أن يحصل عىل معلومات مستمدة من ر‬
‫خثة مباشة بالمجتمعات ي‬
‫ً‬
‫تختلف عن مجتمعه اختدافا اتاما‪ ،‬يف الجزاء واألهداف وأنظمة الحوافز والضبط‬
‫االجتماع ‪.‬‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫النفىس‪ ،‬الذين أبدو اهتمامهم بهذه المشكدات‪،‬‬
‫فالواقع أن القليل من علماء التحليل‬
‫ي‬
‫ً‬
‫أجروا بأنفسهم أبحاثا ميدانية الختبار نظرياتهم ربي جماعات‪ ،‬تقع خار نطاق الثقافات ‪/‬‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫التقليديي‪ ،‬الذين‬
‫األورو‪ -‬أمريكية ‪ ./‬وهذا ينطبق أيضا– وإل حد ما‪ -‬عىل علماء النفس‬
‫ر‬
‫يتناولون بالبحث سيكولوجية الثقافة‪ ،‬وعىل العلماء الذين سستخدمون طرائق ومفاهيم‬
‫المدرسة التحليلية ‪ (.‬هرسكوفيث‪ ،4791 ،‬ص ‪)59‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الشخصية األساسية تختلف باختداف‬
‫مجرد اإلقرار بأن تركيبات‬
‫غث أن‬
‫ر‬
‫ّ ً‬
‫ّ‬
‫ما ر‬
‫ير‬
‫السيكولوج ‪.‬وال يكتسب هذا‬
‫الثقاف‬
‫النمط‬
‫مفهوم‬
‫من‬
‫أكث‬
‫تقد‬
‫ق‬
‫يحق‬
‫ال‬
‫المجتمعات‪،‬‬
‫ي‬
‫ّ ّ‬
‫إال إذا أمكننا ّ‬
‫تقض طريق ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الشخصية األساسية‪ ،‬وإرجاعها إل‬
‫تكون‬
‫أهمية علمية‬
‫اإلقرار‬
‫ي‬
‫ ‪- 115‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com115‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫التوصل إل تعميمات ّ‬
‫ّ‬
‫هامة بشأن العداقة‬
‫التعرف إليها ‪ ..،‬وإذا أمكننا أيضا‬
‫أسباب يمكن‬
‫ّ‬
‫بي ّ‬
‫ّ‬
‫وبي اإلمكانات الفردية الخاصة يف مجاالت‬
‫تكون الثكيب‬
‫األساش للشخصية‪ ،‬ر‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫التكيف‪( .‬لينتون‪ ،4759 ،‬ص ‪)022‬‬
‫ّ‬
‫ا‬
‫ّ‬
‫خط ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫تطوري يكاد يكون مماثال‬
‫الشخصية‪ ،‬سارت يف‬
‫ومما يداحظ أن سيكولوجية‬
‫ّ‬
‫تأثث العلوم الطبيعية‪،‬‬
‫لخط تطور األثنولوجيا‪ .‬فقد وقع هذا الفرع يف بادىء األمر‪ ،‬تحت ر‬
‫ّ‬
‫تفسث أوجه التشابه والفروق الفردية عىل أسس نفسية‪.‬‬
‫فحرص اهتمامه يف الفرد‪ ،‬وحاول‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ومع أن علماء النفس شعان ما أدركوا أهمية البيئة يف تشكيل الشخصية‪ ،‬فنن فائدتها‬
‫تفسث الفروق الفردية‪.‬‬
‫اقترصت – يف البداية‪ -‬عىل استخدامها يف‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫لقد اعتمد الباحثون النفسيون – يف الواقع‪ -‬عىل نتائج مداحظاتهم المحدودة‪ ،‬كما لو أنها‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫بصحتها‪ ،‬فافثضوا وجود غرائز عامة ّ‬
‫متنوعة لتعليل ما الحظوه من ظاهرات ‪..‬‬
‫قضايا مسلم‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الشخصية تختلف باختداف المجتمعات والثقافات‪ ،‬فكان‬
‫معايث‬
‫تبي لهؤالء العلماء أن‬
‫ر‬
‫ّثم ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫اضطرتهم إل اتخاذ خطوات جذرية إلعادة تنظيم مفهوماتهم‪.‬‬
‫هذا االكتشاف بمثلة صدمة‬
‫(لينتون‪ ،4759 ،‬ص ‪)22‬‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الشخصية ليست يف واقع الحال‪ ،‬إال نتاجا للعوامل‬
‫ولذلك‪ ،‬فننه عىل الرغم من أن‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫تبت‬
‫الثقافية يف المقام األول‪ ،‬فنن الفرد يثع – من خدال تجربته الثقافية – إل ي‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ولكن نجاح ذلك ال يتحقق بالكامل أبدا‪،‬‬
‫الت ترغب فيها جماعته‪.‬‬
‫الشخصية النموذجية ي‬
‫ّ‬
‫أكث مرونة من غثهم‪ ،‬وبعضهم اآلخر يقاوم عملية التثقيف ر‬
‫ألن بعض األشخاص ر‬
‫أكث‬
‫ر‬
‫غثه ‪.‬‬
‫من ر‬
‫وهنا يمكن أن ّ‬
‫الثقاف‪.‬‬
‫وبي وسطه‬
‫ر‬
‫نمث ربي ثداث طرائق يف بحث التفاعل ربي الفرد ر‬
‫ي‬
‫ ‪- 006‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com116‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫الت تسىع إل تحديد األنماط‬
‫ه طريقة "األشكال الثقافية "‪ ،‬ي‬
‫الطريقة األوىل ‪ :‬ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫والت تحبذ نمو بعض نماذ الشخصية ‪.‬‬
‫السائدة يف الثقافات‪ ،‬ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الت تؤكد ردود فعل الفرد‬
‫ه طريقة " الشخصية النموذجية " ي‬
‫الطريقة الثانية ‪ :‬ي‬
‫وه طريقة أثنولوجية يف أساسها‪ ،‬ألن المرجع فيها‬
‫تجاه الوسط‬
‫ي‬
‫الثقاف الذي ولد فيه‪ .‬ي‬
‫ّ‬
‫ً‬
‫الت ينمو بداخلها بنيان‬
‫األطر‬
‫ل‬
‫تشك‬
‫الت‬
‫الثقافية‪،‬‬
‫واألنماط‬
‫االجتماعية‪،‬‬
‫النظم‬
‫دائما هو‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫فه تركز اهتمامها عىل الفرد‪ ،‬معتمدة عىل تطبيق‬
‫الشخصية السائد لدى الجماعة‪ .‬ي‬
‫ّ‬
‫النفىس عىل الدراسة المقارنة لمشكدات أوسع‪ ،‬تتمثل يف مشكدات التداؤم‬
‫التحليل‬
‫ي‬
‫االجتماع‪.‬‬
‫ي‬
‫الت تستخدم طرائق اإلسقاط‬
‫ه " طريقة اإلسقاط ‪ "Projection‬ي‬
‫الطريقة الثالثة ‪ :‬ي‬
‫ّ‬
‫الحث‪ ،‬وذلك لتحديد نطاق‬
‫المختلفة يف التحليل‪ ،‬وال سيما مجموعة ‪ /‬رورشاخ ‪ /‬من بقع ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫وف هذه الطريقة يتمثل كل من الفرد والثقافة‪ .‬وال شك يف‬
‫بنيان‬
‫الشخصية يف مجتمع ر‬
‫معي‪ .‬ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫أن استخدام اختبار موحد ترجع إليه النتائج كلها‪ ،‬يزود بأداة منهجية لمعرفة بيان شخصية‬
‫أفراد جماعة ما‪ ،‬يف ضوء تثقيفهم عىل النظم االجتماعية والقيم يف ثقافتهم‪( .‬هرسكوفيث‪،‬‬
‫‪ ،4791‬ص ‪)19-19‬‬
‫ّ‬
‫فالثقافة ال تؤثر يف أفراد المجتمع جميعهم‪ ،‬بطريقة واحدة‪ ،‬ولهذا يمكن أن يقسم‬
‫أساسيتي ‪:‬‬
‫فئتي‬
‫ر‬
‫ر‬
‫تأثث الثقافة يف الفرد إل ر‬
‫الت تحدثها الثقافة يف الشخصيات‬
‫وه‬
‫أولهما –‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫التأثثات ي‬
‫التأثثات العامة ‪ :‬ي‬
‫ّ‬
‫ينتم إل هذه الثقافة ‪.‬‬
‫الذي‬
‫المجتمع‬
‫أعضاء‬
‫جميع‬
‫المتطورة‪ ،‬من‬
‫ي‬
‫الت تحدثها الثقافة يف أشخاص‪،‬‬
‫وه‬
‫ر‬
‫وثانيهما‪ّ -‬‬
‫التأثثات ي‬
‫التأثثات الخاصة ‪ :‬ي‬
‫ ‪- 117‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com117‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ينتمون إل جماعات أو قطاعات‪ ،‬أو فئات ّ‬
‫معينة من األفراد‪ ،‬يعثف المجتمع بوجودها‪.‬‬
‫(نارص‪ ،4795 ،‬ص ‪)97‬‬
‫ّ‬
‫يكق ألن‬
‫وعىل الرغم من ذلك‪ ،‬يصبح الجميع – بوجه اإلجمال –‬
‫ر‬
‫متشابهي إل حد ي‬
‫ّ‬
‫يجد المرء – إذا ما طاف حول العالم – أن الناس يختلفون بعضهم عن بعض‪ ،‬من‬
‫ً‬
‫مجتمع إل آخر‪ ،‬تبعا الختداف الثقافات الواحدة عن األخرى‪ .‬ولكن بينما سسىع األفراد‬
‫إل نيل الموافقة والحصول عىل الطمأنينة‪ ،‬ويحاولون االمتثال ألنماط السلوك الت ّ‬
‫تقرها‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الت ينشدونها وطرق‬
‫الجماعة أو التفوق عىل أقرانهم‪ ،‬فنن ثقافتهم تحدد لهم األهداف ي‬
‫الوصول إليها‪ .‬وهذا هو موضع اهتمام (سيكولوجية الثقافة‬
‫‪Psychology of‬‬
‫‪ ،Culture‬أو السيكو أثنوغرافيا ‪ ،Psychoethnography‬وهو دراسة الفرد من خدال‬
‫ّ‬
‫التثقيق الذي يؤدي إل تداؤمه مع قواعد السلوك القائمة يف مجتمعه عندما‬
‫السياق‬
‫ي‬
‫ً‬
‫يصبح عضوا فيه‪( .‬هرسكو فيث‪ ،4791 ،‬ص ‪27‬و‪ )14‬وهنا يكمن جوهر إحدى‬
‫ّ‬
‫التثقيق يف‬
‫تأثث السياق‬
‫المشكدات األساسية يف دراسة الثقافة‪ ،‬والمتمثلة يف معرفة ر‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫والنفىس‪.‬‬
‫وتطورها العضوي والفكري‬
‫المجتمع‪ ،‬عىل نمو الشخصيات الفردية‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫نفسية‪ ،‬تعيش يف عقول األفراد‪ ،‬وال‬
‫وبما أن الثقافة – يف جوهرها – ظاهرة اجتماعية‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الشخصيات الفردية يف اإلبقاء عىل الثقافة‬
‫تعبثا عن نفسها إال عن طريقهم‪ ،‬فنن دور‬
‫تجد ر‬
‫ّ‬
‫ًّ‬
‫ّ‬
‫الت تتمكن بها أية ثقافة من البقاء عىل قيد الحياة‪ ،‬حت‬
‫يتضح بصورة جلية جدا‪ ،‬يف الطريقة ي‬
‫خارج ظاهري‪ ،‬وحت بعد زوال المجتمع الذي كان يحمل‬
‫بعد انقطاع‬
‫ر‬
‫التعبث عنها يف سلوك ر ي‬
‫هذه الثقافة يف األصل‪ .‬ولذلك‪ ،‬سستطيع عالم األثنولوجيا أن سستعيد العنارص األساسية‬
‫بق عىل قيد الحياة‪ .‬كما سستطيع أن‬
‫لثقافة مجتمع منقرض‪ ،‬من آخر رجل من هذا المجتمع ي‬
‫سستعيد المهارات الخاصة الت سبق أن ّ‬
‫تدرب عليها هذا الرجل‪( .‬لينتون‪ ،4751 ،‬ص ‪) 291‬‬
‫ي‬
‫ ‪- 008‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com118‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ّ ّ‬
‫فه‬
‫وتأسيسا عىل ما تقدم‪ ،‬نجد أن ثمة عداقة وثيقة وتفاعلية ربي الثقافة وأبنائها‪ ،‬ي‬
‫ّ‬
‫الت ّ‬
‫ّ‬
‫يترصفون بطريقة منسجمة‬
‫توجههم يف جوانب حياتهم المختلفة‪ ،‬لدرجة أنهم‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫وآلية‪ ،‬يف معظم األحيان‪ .‬واألفراد يف المقابل‪ ،‬يؤثرون يف هذه الثقافة ويسهمون يف‬
‫ّ‬
‫والفنية والعلمية‪ .‬ولذلك‪ ،‬نرى‬
‫تطويرها وإغنائها‪ ،‬من خدال نتاجاتهم وإبداعاتهم الفكرية‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫للتعرف إل السمات‬
‫واألنثوبولوجية‪ ،‬بدراسة الثقافة‬
‫اهتمام علماء الثبية واالجتماع‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫بالتال إل‬
‫العامة للفرد أو الجماعة (المجتمع) يف إطار مكونات هذه الثقافة‪ ،‬والتعرف‬
‫ي‬
‫والتميث فيما بينها ‪.‬‬
‫وتفسثها‬
‫أنماط الحياة االجتماعية للناس‪،‬‬
‫ر‬
‫ر‬
‫مصادر الفصل ومراجعه‬
‫ّ‬
‫النهضة‪،‬بثوت ‪.‬‬
‫والشخصية‪ ،‬دار‬
‫‪،‬سام حسن (‪ )4792‬الثقافة‬
‫الساعان‬
‫‬‫ر‬
‫ي‬
‫ي‬
‫اإلنسان‪ ،‬ترجمة ‪ :‬عبد القادر يوسف‪،‬‬
‫ سكيث‪ ،‬ب‪ .‬ف (‪ )4792‬تكنولوجيا السلوك‬‫ي‬
‫عالم المعرفة (‪ )20‬الكويت ‪.‬‬
‫ ‪- 119‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com119‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫اللبنان‪ ،‬ربثوت‪.‬‬
‫الفلسق‪ ،‬دار الكتاب‬
‫ صليبا‪ ،‬جميل (‪ )4794‬المعجم‬‫ي‬
‫ي‬
‫عفيق‪ ،‬دمحم الهادي (‪ )4790‬يف أصول الثبية‪ ،‬مكتبة األنجلو المرصية‪ ،‬القاهرة ‪.‬‬
‫‬‫ي‬
‫ غالب‪ ،‬مصطق (‪ )4774‬السلوك‪ ،‬دار الهدال‪ ،‬ربثوت ‪.‬‬‫ الغامري‪ ،‬دمحم حسن (‪ )4797‬المدخل الثقاف ف دراسة الشخ ّ‬‫الجامىع‬
‫صية‪ ،‬المكتب‬
‫ي ي‬
‫ي‬
‫الحديث‪ ،‬االسكندرية ‪.‬‬
‫ كلوكهون‪ ،‬كدايد (‪ )4751‬اإلنسان يف المرآة‪ ،‬ترجمة ‪ :‬شاكر سليم‪ ،‬بغداد‬‫ لينتون‪ ،‬رالف (‪ )4751‬دراسة اإلنسان‪ ،‬ترجمة ‪ :‬عبد الملك الناشف‪ ،‬المكتبة‬‫العرصية‪ ،‬ربثوت ‪.‬‬
‫ لينتون‪ ،‬رالف (‪ )4759‬ر‬‫األنثوبولوجيا وأزمة العالم الحديث‪ ،‬ترجمة ‪ :‬عبد الملك‬
‫الناشف‪ ،‬المكتبة العرصية‪ ،‬ربثوت ‪.‬‬
‫ّ‬
‫ دمحم غنيم‪ّ ،‬‬‫الشخصية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة ‪.‬‬
‫سيد (‪ )4779‬سيكولوجية‬
‫ّ‬
‫عىل الصاوي‪ ،‬عالم المعرفة‬
‫ مجموعة من الكتاب (‪ )4779‬نظرية الثقافة‪ ،‬ترجمة ‪ :‬ي‬‫(‪ ،)002‬الكويت ‪.‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫والنش‪،‬‬
‫المؤسسة الجامعية للدراسات‬
‫الشخصية‪،‬‬
‫عىل (‪ )4772‬نظرية‬
‫ المرصي‪ ،‬ي‬‫ربثوت‪.‬‬
‫العال‪ ،‬دمشق‪.‬‬
‫ ميداد‪ ،‬محمود (‪ )4779‬علم نفس االجتماع‪ ،‬وزارة التعليم‬‫ي‬
‫ نارص‪ ،‬ابراهيم (‪ )4795‬ر‬‫األنثوبولوجيا الثقافية – علم اإلنسان الثقاف‪ّ ،‬‬
‫عمان –‬
‫ي‬
‫ ‪- 021‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com120‬‬
www.facebook.com/tanweerlibrary
. ‫األردن‬
‫) أسس ر‬4291(
،‫ رباح النفاخ‬: ‫ ترجمة‬،‫األنثوبولوجيا الثقافية‬
.‫ ميلفيل‬،‫ هرسكوفيث‬. ‫ دمشق‬،‫وزارة الثقافة‬
ّ
. ‫ دار المعارف بمرص‬،‫والشخصية‬
‫) الثقافة‬4795( ‫ عاطف‬،‫وصق‬
‫ي‬
-
Barnuow , V. (1972) Cultural Anthropology, Homewood Illiois ,
Irwen Inc .
-
Morin , Edgar (1969) De La Culture - Analyse a La politique
Culturelle, Communication, No: 14 , Paris .
-
Spradley, James (1973) Culture and Cognation, Chandle Publishing
Company, san Francisco .
-
Sapir, Edward (1967) Anthropologies , Minuit, Col, Points, Paris .
- 111 https://attanweerlibrary.blogspot.com121
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫الفصل الرابع‬
‫ر‬
‫األنثوبولوجية الثقافية‬
‫‪Cultural Anthropology‬‬
‫ا‬
‫أول‪ -‬مفهوم ر‬
‫األنثوبولوجيا الثقافية‬
‫ثانيا‪-‬نشأة ر‬
‫األنثوبولوجيا الثقافية ومراحل ّ‬
‫تطوراها‬
‫ثالثا‪-‬أقسام ر‬
‫األنثوبولوجيا الثقافية‬
‫‪ -4‬علم اللغويات‬
‫‪ -0‬علم اآلثار‬
‫‪ -2‬علم الثقافات المقارن‬
‫ ‪- 022‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com122‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ا‬
‫أوال‪-‬تعريف ر‬
‫األنثوبولوجيا الثقافية‬
‫ّ‬
‫تعرف ر‬
‫ّ‬
‫األنثوبولوجيا الثقافية ‪-‬بوجه عام ‪ -‬بأنها العلم الذي يدرس اإلنسان من‬
‫ً‬
‫حيث هو عضو ف مجتمع لـه ثقافة ّ‬
‫معينة‪ .‬وعىل هذا اإلنسان أن يمارس سلوكا يتوافق‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫مع سلوك األفراد يف المجتمع (الجماعة) المحيط به‪ ،‬يتحىل بقيمه وعاداته ويدين‬
‫ّ‬
‫بنظامه ويتحدث بلغة قومه ‪.‬‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫يهتم بدراسة الثقافة‬
‫ه ذلك العلم الذي‬
‫ولذلك‪ ،‬فنن األنثوبولوجيا الثقافية ‪ :‬ي‬
‫وه تدرس‬
‫اإلنسانية‪ ،‬ويعت بدراسة أساليب حياة اإلنسان وسلوكاته النابعة من ثقافته‪ .‬ي‬
‫الشعوب القديمة‪ ،‬كما تدرس الشعوب المعارصة‪( .‬بيلز وهويجر‪ ،4795 ،‬ص ‪)04‬‬
‫ر‬
‫فاألنثوبولوجيا الثقافية إذن‪ ،‬تهدف إل فهم الظاهرة الثقافية وتحديد عنارصها‪.‬‬
‫الثقاف‪ ،‬وتحديد الخصائص‬
‫الثقاف والتماز‬
‫التغيث‬
‫كما تهدف إل دراسة عمليات‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫معي ‪.‬‬
‫وتفش‬
‫المتشابهة ربي الثقافات‪،‬‬
‫بالتال المراحل التطورية لثقافة معينة يف مجتمع ر‬
‫ي‬
‫ر‬
‫الت أجروها‬
‫ولهذا استطاع علماء األنثوبولوجيا الثقافية أن ينجحوا يف دراساتهم ي‬
‫عىل حياة اإلنسان‪ ،‬سواء ما اعتمد منها عىل الثاث المكتوب لإلنسان القديم وتحليل‬
‫ّ‬
‫االجتماع المعاش ‪.‬‬
‫آثارها‪ ،‬أو ما كان منها يتعلق باإلنسان المعارص ضمن إطاره‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫يعت تحليل‬
‫وهذا يدخل – إل حد بعيد‪ -‬فيما سسم (علم اجتماع الثقافة) والذي ي‬
‫طبيعة العداقة ربي الموجود من أنماط اإلنتا الفكري‪ ،‬ومعطيات البنية االجتماعية‪ ،‬وتحديد‬
‫ّ‬
‫ويتضمن هذا التعريف‬
‫الطبق‪.‬‬
‫وظائف هذا اإلنتا يف المجتمعات ذات الثكيب التنضيدي أو‬
‫ي‬
‫االعتبارات التالية ‪( :‬لبيب‪ ،4799 ،‬ص‪)05 -01‬‬
‫ ‪- 113‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com123‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫بالمعنيي ‪:‬‬
‫الثقاف‬
‫يعت أن التجانس‬
‫ر‬
‫ي‬
‫‪ -4‬إن الحديث عن أنماط اإلنتا الفكري‪ ،‬ي‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ألن هذا التجانس ّ‬
‫يغط وجودا‬
‫غث عمليات علم االجتماع‪.‬‬
‫الفلسق واأل رنث‬
‫وبولوج‪ ،‬هو ر‬
‫ر ي‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ً‬
‫ً‬
‫حقيقيا ألنماط مختلفة من الثقافة‪ ،‬قد تتناقض مضمونا ووظيفة يف المجتمع الواحد‪.‬‬
‫ًّ‬
‫فعىل الرغم من وجود بعض العوامل ( ر‬
‫موضوعيا يف‬
‫األنثوبولوجية) المشثكة‪ ،‬فدا توجد‬
‫ّ‬
‫الطبق "" ثقافة للجميع "‪ ،‬حت وإن ادعت أو أرادت هذه‬
‫المجتمعات ذات الثكيب‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫الثقافة لنفسها‪ ،‬أن تكون كذلك‪ .‬فهناك من وجهة نظر اجتماعية نمطية ثقافية (ربما يف‬
‫االجتماع‬
‫يفض تصنيفها وتحليلها‪ ،‬إل إبراز التمايز‬
‫الجماهثية)‬
‫ذلك أنماط الثقافة‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ي‬
‫الذي ّ‬
‫ه اجتماعية‬
‫ر‬
‫يعت أن اجتماعية الثقافة يف نهاية األمر‪ ،‬ي‬
‫تعث عنه بالرصورة‪ .‬وهذا ي‬
‫الثقاف ‪.‬‬
‫التباين يف الثقافة وعدم مساواة يف المجال‬
‫ي‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫‪ -0‬إن الحديث عن المجتمعات المنضدة (الطبقية) ليس حرصا بقدر ما هو تأكيد‬
‫ّ‬
‫تعبث عن مرحلة ّ‬
‫معينة من التمايز ربي األصناف االجتماعية‬
‫عىل أن اإلنتا الفكري هو ر‬
‫االقتصادية‪ .‬وأن استعمال مفهوم الثكيب التنضيدي ‪ ،Stratification‬عىل الرغم من‬
‫االجتماع مجتمعات تاريخية قبل رأسمالية‪ ،‬قد يكون‬
‫غموضه‪ ،‬يقحم يف حقل التحليل‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫الت تخر‬
‫مضمونها‬
‫الطبق محل نقاش‪ .‬وعىل هذا األساس‪ ،‬تكون المجتمعات الوحيدة ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫والت لم تصل‬
‫من الحقل‬
‫الت تسم عادة بالمجتمعات (البدائية )‪ ،‬ي‬
‫ه تلك ي‬
‫االجتماع‪ ،‬ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫معي ‪.‬‬
‫فيها أنماط اإلنتا الفكري إل درجة كافية من التمايز تسمح لها بتصنيف ر‬
‫ّ‬
‫المهم من وجهة النظر التحليلية إثبات العداقة ربي اإلنتا‬
‫‪ -2‬ليس‬
‫والواقع االجتماع‪ ،‬بقدر ما هو تحليل أشكال هذه العداقة ف مرحلة ّ‬
‫معينة لمجتمع‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ًّ‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫أساسيا يف المناقشات المتعلقة بالروابط الموجودة ربي‬
‫معي‪ .‬ويعد هذا التحليل مصدرا‬
‫ر‬
‫الفكري‬
‫الدياليكتيك القائم‬
‫والت أفضت إل تأكيد فكرة التبادل‬
‫البنية التحتية والبنية الفوقية‪،‬‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫بينهما‪ .‬وتجدر اإلشارة هنا‪ ،‬إل أن اجتماعية األدب والفن‪ ،‬ساهمت مساهمة متطورة يف‬
‫ ‪- 024‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com124‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫تحليل أشكال العداقة ربي اإلنتا الفكري‪ ،‬ومعطيات البنية االجتماعية ‪.‬‬
‫ا‬
‫‪ -1‬إن تحديد الكيفية الت ّ‬
‫ّ‬
‫كالقص أو المشح مثال‪ ،‬معطيات‬
‫يحول بها إنتا فكري‪،‬‬
‫ي‬
‫الواقع‪ ،‬ال يكق‪ ،‬بل ال ّبد من إبراز الوظيفة االجتماعية ‪ /‬السياسية لهذا اإلنتا ‪ ،‬وال ّ‬
‫سيما‬
‫ي‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫في يؤدون أدوارا قد يعونها أو ال يعونها لصالح‬
‫أن‬
‫المنتجي ينتمون إل فئات من المثق ر‬
‫ر‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ه‬
‫أصناف أو طبقات اجتماعية معينة‪ .‬وهذه الوظيفة ليست مظهرا ثانويا أو تكميليا‪ ،‬بل ي‬
‫ٌ‬
‫تفسث أي حدث فكري من دونها‪.‬‬
‫بعد من أبعاد العداقة ربي الثقافة والمجتمع‪ ،‬وال يمكن‬
‫ر‬
‫ًّ‬
‫حال لما ّ‬
‫سسم " استقدالية " القيم الفكرية والجمالية‪ ،‬وذلك‬
‫وه يف الوقت ذاته‪ ،‬توجد‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫من خدال اكتشاف وظيفة استمرارية هذه القيم‪ ،‬أو بعثها يف ظروف تاريخية محددة‪.‬‬
‫ّ‬
‫إن دراسة الوسط الثقاف‪ ،‬تكشف عن اآللية السيكولوجية الت ّ‬
‫توجه سلوك الفرد‪،‬‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫وترصف الثعة العدوانية يف مجاالت تنفيس مهذب‪ .‬والمثال عىل ذلك يف بعض النظم‬
‫اآلشانت ‪ Ashanti‬يف ساحل‬
‫الت تمارسها قبائل‬
‫ي‬
‫االجتماعية‪ ،‬كما يف طقوس (اآلبو‪ )Apo‬ي‬
‫الذهب يف أفريقيا الغربية ‪.‬‬
‫فق احتفاالت اآلبو‪ ،‬ال سسمح فقط‪ ،‬بل يجب‪ ،‬أن سسمع أصحاب السلطة‪،‬‬
‫ي‬
‫الت ارتكبوها‪ .‬ويعتقد رجال‬
‫السخرية واللوم واللعنات من رعاياهم بسبب المظالم ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الغاضبي‪.‬‬
‫لك ال تتعذب أرواح الحكام بسبب كبت استياء‬
‫ر‬
‫اآلشانت أن يف هذا ضمانة ي‬
‫ي‬
‫ولوال ذلك‪ ،‬ألفض تراكم االستياء وتعاظم ّ‬
‫قوته‪ ،‬إل إضعاف سلطة الحكام‪ ،‬بل وإل‬
‫ّ‬
‫قتلهم‪ .‬وال تتطلب فعالية هذه اآللية (الفرويدية الجوهر) يف التنفيس عن الكبت أي‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫أكث عىل ما تقوم به من أشكال السلوك المنظمة يف نظم‬
‫تلق ضوءا ر‬
‫إيضاح‪ .‬ي‬
‫فه ي‬
‫اجتماعية‪ ،‬من تصحيح الختدال التوازن يف نمو شخصيات األفراد الذين تشملهم‪.‬‬
‫(هرسكوفيث‪ ،4791 ،‬ص ‪) 57‬‬
‫ ‪- 115‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com125‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫األنثوبولوجيا الثقافية بالثاث والحياة داخل نطاق‬
‫تهتم‬
‫ومن هذا المنطلق‬
‫المجتمع‪ ،‬ويمكن بوساطتها الخوض يف جوهر الثقافات المختلفة‪ ،‬ومعرفة كيف تحيا‬
‫األمم‪ ،‬من خدال اإلجابة عن التساؤالت التالية ‪:‬‬
‫ّ‬
‫الت يتبعونها يف تربية أبنائهم ؟‬
‫ه الطرائق ي‬
‫ه سبل العيش المتبع لديهم؟ ما ي‬
‫ما ي‬
‫كيف ّ‬
‫ه العلوم واآلداب‬
‫ما‬
‫عباداتهم؟‬
‫أداء‬
‫ف‬
‫طريقتهم‬
‫ه‬
‫ما‬
‫أنفسهم؟‬
‫عن‬
‫ون‬
‫يعث‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ي‬
‫وغث‬
‫والفنون السائدة عندهم؟ وكيف ينقلون تراثهم إل أجيالهم الجديدة من بعدهم؟ ر‬
‫ذلك من العادات والقيم وأساليب التعامل فيما بينهم‪.‬‬
‫ً‬
‫ثانيا‪-‬نشأة ر‬
‫األنثوبولوجيا الثقافية ومراحل ّ‬
‫تطورها ‪:‬‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫لم تظهر ر‬
‫ّ‬
‫األنثوبولوجيا العامة‪ ،‬إال يف‬
‫مستقل عن‬
‫األنثوبولوجيا الثقافية كفرع‬
‫النصف الثان من القرن التاسع ر‬
‫عش ‪.‬‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫يعد من ّ‬
‫رواد‬
‫اإلنكلثي ‪ /‬إدوارد تايلور ‪ /‬الذي‬
‫وربما يعود الفضل يف ذلك إل العالم‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫األنثوبولوجيا‪ ،‬والذي قدم أول تعريف شامل للثقافة عام ‪ 4994‬يف كتابه " الثقافة‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫البدائية " ‪.‬وقد ّ‬
‫الحي حت‬
‫األنثوبولوجيا الثقافية بمراحل متعددة‪ ،‬منذ ذلك‬
‫مرت‬
‫ر‬
‫ه عليه يف العرص الحارص‪( Barnouw, 1972, p.7 ) .‬‬
‫وصلت إل ما ي‬
‫ّ‬
‫وتمتد من ظهور هذه ر‬
‫األنثوبولوجيا وحت نهاية القرن التاسع‬
‫مرحلة البدية ‪:‬‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫عش‪ .‬وكانت عبارة عن محاوالت لرسم صورة عامة لتطور الثقافة منذ القدم‪ ،‬والبحث‬
‫ً‬
‫سان‪.‬‬
‫أيضا عن نشأة المجتمع اإلن ي‬
‫األمريك ‪ /‬بواز ‪/‬‬
‫اإلنكلثي ‪ /‬تايلور ‪ ،/‬العالم‬
‫وظهر يف هذه الفثة إل جانب العالم‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ ‪- 026‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com126‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫جانبي ؛ أولهما ‪:‬‬
‫التاريح يف دراسة الثقافات اإلنسانية‪ ،‬وذلك من‬
‫الذي أخذ باالتجاه‬
‫ر‬
‫ي‬
‫صغثة‪ ،‬كالقبائل والعشائر‪ ،‬ومراحل‬
‫إجراء دراسات تفصيلية لثقافات مجموعات‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫تطورها‪.‬‬
‫ّ‬
‫الثقاف‪ ،‬عند مجموعة من القبائل‪ ،‬بغية‬
‫التطور‬
‫وثانيهما ‪ :‬أجراء مقارنة ربي تاريـ ــخ‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫قواني عامة أو مبادىء‪ ،‬تحكم نمو الثقافات اإلنسانية وتطورها‪ .‬وهذا ما‬
‫الوصول إل‬
‫ر‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫أهمية لألنثوبولوجيا باعتبارها علما لـه منهجيته الخاصة ‪.‬‬
‫يعط‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫المرحلة الثانية ‪ :‬وتقع ما ربي (‪ 4745 -4722‬م)‪ ،‬وتعد المرحلة التكوينية‪ ،‬حيث‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫صغثة محددة لمعرفة تاري ــخ‬
‫تركزت الجهود يف األبحاث والدراسات‪ ،‬عىل مجتمعات‬
‫ر‬
‫ثقافتها ومراحل ّ‬
‫وبالتال تحديد عنارص هذه الثقافة قبل أن تنقرض ‪.‬‬
‫تطورها‪،‬‬
‫ي‬
‫ً‬
‫واستنادا إل ذلك‪ ،‬جرت دراسات عديدة عىل ثقافة الهنود الحمر يف أمريكا‪،‬‬
‫ّ‬
‫األمريك ‪ /‬وسلر ‪ /‬إل أسلوب يمكن بوساطته من دراسة أي إقليم أو‬
‫وتوصل الباحث‬
‫ي‬
‫منطقة يف العالم تعيش فيها مجتمعات ذات ثقافات متشابهة‪ ،‬أو ما أصطلح عىل تسميته‬
‫ّ‬
‫بـ (المنطقة الثقافية )‪ .‬وقد ّ‬
‫شبه ‪ /‬وسلر ‪ /‬المنطقة الثقافية بدائرة‪ ،‬تثكز معظم العنارص‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫وتقل هذه العنارص كلما ابتعدت عن المركز‪.‬‬
‫الثقافية يف مركزها‪،‬‬
‫ّ‬
‫وتعد فثة االزدهار‪ ،‬حيث ّ‬
‫تمثت‬
‫المرحلة الثالثة ‪ :‬وتقع ما ربي (‪ 4722 -4745‬م)‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ر‬
‫الت تدخل يف صلب علم األنثبولوجيا الثقافية‪،‬‬
‫بكثة البحوث والمناقشات يف القضايا ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الت تركزت يف أمريكا ‪.‬‬
‫وال سيما تلك الدراسات ي‬
‫ويرجع ازدهار ر‬
‫األنثبولوجيا يف تلك الفثة‪ ،‬إل نضج هذا العلم ووضوح مفاهيمه‬
‫ومناهجه‪ .‬وترافق ذلك بازدهار المدرسة التاريخية يف أمريكا‪ ،‬وظهور المدرسة االنتشارية‬
‫ ‪- 117‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com127‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ف إنكلثا‪ ،‬وال ّ‬
‫سيما بعد األخذ بمفهوم (المنطقة الثقافية) الذي طرحه ‪ /‬وسلر ‪ /‬كنطار‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫والتوصل إل العنارص المشثكة ربي الثقافات‬
‫وتفسثها‪،‬‬
‫لتحليل المعطيات الثقافية‬
‫ر‬
‫المتشابهة‪.‬‬
‫ّ‬
‫ومدتها ر‬
‫عش سنوات فقط‪ ،‬وتقع ما ربي (‪ 4712 -4722‬م)‪ .‬وعىل‬
‫المرحلة الرابعة ‪:‬‬
‫ّ‬
‫التوسعية‪ ،‬حيث ّ‬
‫ّ‬
‫تمثت باعثاف الجامعات‬
‫الرغم من قرص مدتها‪ ،‬فقد أطلق عليها الفثة‬
‫ر‬
‫ألنثوبولوجيا الثقافية كعلم خاص ف إطار ر‬
‫األمريكية واألوروبية با ر‬
‫األنثوبولوجية العامة‪،‬‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ومقررات دراسية يف أقسام علم االجتماع يف الجامعات‪.‬‬
‫وخصصت لها فروع‬
‫ّ‬
‫سابث ‪ /‬عالم االجتماع‬
‫الت تبناها ‪/‬‬
‫ر‬
‫وظهرت يف هذه الفثة النظرية (التكاملية) ي‬
‫اإلنسان‪،‬‬
‫األمريك‪ ،‬واستطاع من خدالها تحديد مجموعة متناسقة من أنماط السلوك‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫معي‪ ،‬حيث أن‬
‫والت يمكن اعتمادها يف دراسة السلوك الفردي‪ ،‬لدى أفراد مجتمع ر‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫جوهر الثقافة هو يف حقيقة األمر‪ ،‬ليس إال تفاعل األفراد يف المجتمع بعضهم مع بعض‪،‬‬
‫وما ينجم عن هذا التفاعل من عداقات ومشاعر وطرائق حياتية مشثكة ‪.‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫تأثرت ر‬
‫باألنثوبولوجيا االجتماعية‪،‬‬
‫األنثوبولوجيا يف هذه الفثة‪ -‬إل حد بعيد‪-‬‬
‫وقد‬
‫سيما ف مفاهيمها ومناهجها‪ ،‬وذلك بفضل األبحاث الت قام بها ّ‬
‫وال ّ‬
‫كل من ‪/‬‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ر‬
‫مالينوفسك وبراون ‪ /‬يف مجاالت األنثبولوجيا االجتماعية ‪.‬‬
‫ي‬
‫الت بدأت منذ عام ‪ ،4712‬وما زالت حت‬
‫وه الفثة المعارصة ي‬
‫المرحلة الخامسة ‪ :‬ي‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫الوقت الحارص‪ .‬وتمتاز هذه المرحلة بتوسع نطاق الدراسات األنثوبولوجية‪ ،‬خار‬
‫أوروبا وأمريكا‪ ،‬وانتشار ر‬
‫األنثوبولوجيا الثقافية يف العديد من جامعات الدول النامية‪ ،‬يف‬
‫أفريقيا وآسيا وأمريكا الداتينينية‪.‬‬
‫ ‪- 028‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com128‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫وترافق ذلك مع ظهور ّاتجاهات جديدة ف الدراسات ر‬
‫األنثبولوجية‪ ،‬كان االتجاه‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫االتجاهات الحديثة ف ر‬
‫األنثوبولوجيا الثقافية‪ ،‬والذي يهدف إل‬
‫القوم يف مقدمة هذه‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫القومية‪ .‬وقد أخذت بهذا االتجاه الباحثة األمريكية ‪/‬‬
‫تحديد الخصائص الرئيسة للثقافة‬
‫الت قامت بدراسة الثقافة اليابانية خدال الحرب العالمية الثانية ‪.‬‬
‫روث بيندكيت ‪ /‬ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫تعت‪ :‬أن‬
‫القوم يف تقييم الثقافة ‪ " :‬االنطوائية القومية "‬
‫ويسم االتجاه‬
‫والت ي‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ه النتيجة‬
‫االنسان يفضل طريقة قومه يف الحياة‪ ،‬عىل طرائق األقوام األخرى جميعها‪ .‬تلك ي‬
‫ّ‬
‫والت يتفق بها شعور معظم األفراد نحو ثقافتهم الخاصة‪،‬‬
‫المنطقية لعملية التثقيف األول‪ ،‬ي‬
‫سواء أفصحوا عن هذا الشعور أو لم يفصحوا ‪.‬‬
‫ّ‬
‫األساطث‬
‫وتتجىل االنطوائية القومية لدى الشعوب البدائية بأحسن أشكالها ‪ ،‬يف‬
‫ر‬
‫والقصص الشعبية‪ ،‬واألمثلة والعادات اللغوية ‪ ..‬فأسطورة أصل العروق ر‬
‫البشية لدى‬
‫ا ًّ‬
‫حيا عن االنطوائية القومية‪ .‬تقول األسطورة ‪:‬‬
‫وك) تعطينا مثاال‬
‫هنود ( ر‬
‫الشث ي‬
‫ا ً‬
‫" ّ‬
‫صور الخالق اإلنسان بأن صنع أوال فرنا وأوقد النار فيه‪ّ ،‬ثم صنع من عجينة ثداثة‬
‫ّ‬
‫تماثيل عىل شكل اإلنسان‪ ،‬ووضعها ف الفرن وانتظر ّ‬
‫غث أن لهفة‬
‫شيها (شواءها )‪ .‬ر‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫الخالق إل رؤية نتيجة عمله الذي ّ‬
‫يتو تجربته يف الخلق‪ ،‬كانت من الشدة بحيث أخر‬
‫ً‬
‫ً‬
‫غث ناضج شاحبا باهت اللون‪ ،‬ومن نسله كان‬
‫التمثال األول مبكرا‪ ،‬فكان – ولألسف‪ -‬ر‬
‫ً ّ ً ّ ّ‬
‫جيدا ألن مدته يف الشواء كانت مضبوطة‬
‫الثان‪ ،‬فكان ناضجا‬
‫العرق األبيض‪ّ .‬أما التمثال‬
‫ي‬
‫وكافية‪ ،‬فأعجبه شكله األسمر الجميل‪ ،‬وكان هذا سلف الهنود‪ .‬وانرصف الخالق إل ّ‬
‫تأمل‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫اشتم رائحة االحثاق‪ .‬فتح باب‬
‫صورته‪ ،‬ناسيا أن سسحب التمثال الثالث من الفرن حت‬
‫ً‬
‫الفرن فجأة‪ ،‬فوجد هذا التمثال متفحما أسود اللون ‪ ..‬فكان ذلك مدعاة لألسف‪ ،‬ولكن‬
‫لم يعد باإلمكان حيلة‪ ،‬وكان هذا أول رجل أسود ‪( ".‬هرسكوفيث‪ ،4791 ،‬ص ‪) 90‬‬
‫ ‪- 119‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com129‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫يرص‬
‫الكثث من الشعوب ‪ ..‬حيث‬
‫بهذه الصورة تبدو االنطوائية القومية لدى‬
‫ر‬
‫التعبث عن صفات قومه الحميدة ‪ ..‬ولهذا يحكم أي إنسان عىل‬
‫اإلنسان ‪ /‬الفرد عىل‬
‫ر‬
‫الت تربط هذا الشعب‬
‫القيم‪/‬‬
‫النظام‬
‫االجتماع لدى أي شعب آخر‪ ،‬من خدال العداقة ي‬
‫ي‬
‫ي‬
‫والت قد تصل إل حدود الرفض المطلق أو‬
‫بشعبه‪ ،‬وفق درجة الرغبة والقبول يف ذلك‪ ،‬ي‬
‫ً‬
‫لمعايث عامة ‪.‬‬
‫القبول المطلق‪ ،‬وفقا‬
‫ر‬
‫ً‬
‫أيضا ف ر‬
‫وكانت من ّ‬
‫األنثوبولوجيا الثقافية‪ ،‬تلك الدراسات‬
‫أهم االتجاهات الحديثة‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫الت عنيت بالمجتمعات المتمدنة‪ ،‬وما أطلق عليها " دراسة الحالة "‪ .‬كدراسة أوضاع‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫قرية أو عدد من القرى المتجاورة‪ ،‬أو يف منطقة معينة‪ ،‬أو دراسة ثقافة خاصة بمجموعة‬
‫ّ‬
‫تتعلق بخصائص ر‬
‫أو بفئة من ر‬
‫األنثوبولوجيا الثقافية‬
‫البش‪ .‬إضافة إل دراسات أكاديمية‬
‫وغثها ّ‬
‫مما سسهم يف إجراء الدراسات‬
‫ومبادئها‪ ،‬ومناهج البحث فيها وطرائقها وأساليبها ‪ ..‬ر‬
‫ّ‬
‫عىل أسس موضوعية وعلمية تحقق األهداف المرجوة منها‪.‬‬
‫ً‬
‫ثالثا‪-‬أقسام ر‬
‫األنثوبولوجيا الثقافية ‪:‬‬
‫ّ‬
‫عىل الرغم من تعدد العنارص الثقافية‪ ،‬وتداخل مضموناتها وتفاعلها يف النسيج‬
‫ّ‬
‫األنثوبولوجيون عىل تقسيم ر‬
‫ر‬
‫األنثوبولوجيا‬
‫اإلنسان‪ ،‬فقد اتفق‬
‫العام لبنية المجتمع‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ه ‪( :‬علم اآلثار – علم اللغويات – وعلم الثقافات‬
‫الثقافية إل ثداثة أقسام أساسية‪ ،‬ي‬
‫المقارن) وفيما يىل رشح ّ‬
‫لكل منها ‪:‬‬
‫ي‬
‫‪-4‬علم اللغويات ‪:‬‬
‫والحية‪ ،‬وال ّ‬
‫ّ‬
‫سيما‬
‫هو العلم الذي يبحث يف تركيب اللغات اإلنسانية‪ ،‬المنقرضة‬
‫ّ‬
‫المكتوبة منها يف السجالت التاريخية فحسب‪ ،‬كالداتينية أو اليونانية القديمة‪ ،‬واللغات‬
‫ ‪- 001‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com130‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫واإلنكلثية‪ . .‬ويـ ّ‬
‫ّ‬
‫ـهتم دارسو اللغات‬
‫الحية المستخدمة يف الوقت كالعربية والفرنسية‬
‫ر‬
‫بالرموز اللغوية المستعملة‪ ،‬إل جانب العداقة القائمة ربي لغة شعب ما‪ ،‬والجوانب‬
‫ا‬
‫األخرى من ثقافته‪ ،‬باعتبار اللغة وعاء ناقال للثقافة‪.‬‬
‫ّ‬
‫إن اللغة من الصفات الت ّ‬
‫ّ‬
‫الحية‬
‫غثه من الكائنات‬
‫يتمث بها الكائن‬
‫اإلنسان عن ر‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ي‬
‫فه طريقة التخاطب والتفاهم ربي األفراد والشعوب‪ ،‬بواسطة رموز صوتية‬
‫األخرى‪ ،‬ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الثقاف‬
‫وأشكال كدامية متفق عليها‪ ،‬ويمكن تعلمها ‪ ..‬عداوة عىل أنها وسيلة لنقل الثاث‬
‫ي‬
‫‪ /‬الحضاري‪ ،‬حيث يمكن استخدام معظم اللغات يف كتابة هذا الثاث ‪.‬‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ينتم إليها ؛ فهو ليس‬
‫الت‬
‫ي‬
‫يحتل علم اللغة مكانا ممتازا يف مجمل العلوم االجتماعية ي‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫علما اجتماعيا كالعلوم األخرى‪ ،‬بل العلم الذي قدم إنجازات عظيمة‪ ،‬وتوصل إل صياغة‬
‫وضىع ومعرفة الوقائع الخاصة‪ .‬ولذلك‪ ،‬ارتبط علماء النفس واالجتماع‬
‫منهج‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫واألثنوغرافيا بالحرص عىل تعلم الطريق المؤدية إل المعرفة الوضعية للوقائع‬
‫االجتماعية‪ ،‬من علم اللغة الحديث ‪.‬‬
‫ر‬
‫والثقاف‪ ،‬يف المكان والزمان‪.‬‬
‫االجتماع‬
‫األنثوبولوجيا‪ ،‬اللغة يف سياقها‬
‫يدرس علماء‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ويقوم بعضهم باستنتاجات تتعلق بالمقومات العامة للغة وربطها بالتماثدات الموجودة‬
‫ان‪ .‬ويقوم آخرون بإعادة بناء اللغات القديمة من خدال مقارنتها‬
‫يف الدماغ اإلنس ي‬
‫ّ‬
‫بالمتحدرات عنها يف الوقت الحارص‪ ،‬ويحصلون من ذلك عىل اكتشافات تاريخية عن‬
‫اللغة‪.‬‬
‫وما يزال عدد من علماء ر‬
‫األنثوبولوجيا اللغوية‪ ،‬يدرسون اختدافات اللغة ليكتشفوا‬
‫االدراكات والنماذ الفكرية المختلفة‪ ،‬يف عدد وافر من الحضارات‪ .‬ويدخل يف ذلك‪،‬‬
‫االجتماع)‬
‫االجتماع‪ ،‬وهو ما يدع (علم اللغة‬
‫دراسة االختدافات اللغوية يف سياقها‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ ‪- 131‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com131‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫الذي يدرس االختداف الموجود يف لغة واحدة‪ ،‬ليظهر كيف يعكس الكدام الفروقات‬
‫االجتماعية ‪( Kattak,1994, 10 ).‬‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫واألنثوبولوجيا من جهة‪ ،‬وعلم اللغة‬
‫المنهح الشديد ربي علم االجتماع‬
‫إن التشابه‬
‫ر ي‬
‫ً‬
‫ً‬
‫من جهة أخرى‪ ،‬يفثض واجبا خاصا من التعاون فيما بينها‪ ،‬حيث سستطيع علم اللغة أن‬
‫ّ‬
‫اهي المساعدة يف دراسة مسائل القرابة‪ ،‬من خدال تقديم أصول الكلمات وما‬
‫يقدم ر‬
‫الث ر‬
‫ينتج عنها من عداقات ف بعض ألفاظ القرابة الت لم تكن مدركة بصورة ر‬
‫مباشة‪ ،‬من قبل‬
‫ي‬
‫ي‬
‫األنثبولوجيا أو عالم االجتماع‪ ،‬وبذلك يلتق علماء ر‬
‫عالم ر‬
‫األنثوبولوجيا‪ ،‬بهدف مقارنة‬
‫ي‬
‫ر‬
‫آملي يف‬
‫الت ينتجها هذان العلمان‪ .‬ويقثب اللغويون من علماء األنثوبولوجيا‪ ،‬ر‬
‫الفروع ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫أكث واقعية‪ ،‬وف المقابل‪ ،‬يلتمس ر‬
‫جعل دراساتهم ر‬
‫للغويي كلما توسموا‬
‫ا‬
‫وبولوجيون‬
‫األنث‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ُ‬
‫فيهم القدرة عىل إخراجهم من االضطراب الذي ألقتهم فيه عىل ما يبدو‪ ،‬ألفتهم الزائدة‬
‫مع الظاهرات المادية والتجريبية‪( .‬سثوس‪ ،4799 ،‬ص ‪ 17‬و‪)70‬‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫أكث فروع ر‬
‫حاليا من ر‬
‫األنثوبولوجيا الثقافية‪،‬‬
‫ولذلك‪ ،‬يداحظ أن فرع اللغويات هو‬
‫ا‬
‫ا‬
‫كبث‬
‫استقداال وانعزاال عن الفروع األخرى ‪.‬فدراسة اللغات يمكن أن تجري دون اهتمام ر‬
‫كثثة ‪.‬ومما‬
‫بعداقاتها مع الجوانب األخرى يف النشاط‬
‫اإلنسان‪ ،‬وهذا هو الواقع يف حاالت ر‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ال شك فيه‪ ،‬أن اللغات – بما فيها من تراكيب معقدة وغريبة‪ ،‬وما تنطوي عليه من تنوع‬
‫سيما عند الشعوب البدائية‪ّ ،‬‬
‫تزود الباحث بمادة دراسية ّ‬
‫هائل‪ ،‬وال ّ‬
‫غنية ال يمكن‬
‫حرصها‪ ( .‬لينتون‪ ،4759 ،‬ص ‪)02‬‬
‫ُّ َ‬
‫ّ‬
‫ويعتثها أحد األركان األساسية يف‬
‫أهمية بالغة ِللغ ِة‬
‫ليق سثوس ‪/‬‬
‫ولذلك‪،‬‬
‫ر‬
‫يعط ‪ /‬ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ه الخاصية‬
‫علم اإلنسان‪ ،‬إن لم تكن حجر الزاوية يف ذلك العلم‪ ،‬وعىل أساس أن اللغة ي‬
‫الرئيسة الت ّ‬
‫ّ‬
‫يعتثها الظاهرة الثقافية‬
‫تمث اإلنسان عن الكائنات‬
‫الحية األخرى‪ .‬ولذلك‪ ،‬ر‬
‫ي ر‬
‫ ‪- 002‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com132‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫األساسية الت يمكن عن طريقها‪ ،‬فهم ّ‬
‫كل صور الحياة االجتماعية‪ .‬وهذا ما يؤكده يف‬
‫ي‬
‫العرن باسم (اآلفاق الحزينة)‬
‫كتابه (المناطق المدارية الحزينة) والذي يعرف يف العالم‬
‫ري‬
‫وهو نوع من السثة الذاتية ف قالب ر‬
‫حي نقول اإلنسان ‪..‬‬
‫أنث‬
‫ر‬
‫وبولوج‪ ،‬حيث يقول ‪ " :‬ر‬
‫ر ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫وحي نقول اللغة ‪ ...‬فنننا نقصد المجتمع ‪"..‬‬
‫نعت اللغة‪ .‬ر‬
‫فنننا ي‬
‫وهذا ما دفعه إل استخدام مناهج اللغويات الحديثة وأساليبها‪ ،‬يف تحليله‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫األهمية‬
‫يعط الكلمة (الدال) من‬
‫غث لغوية‪ .‬كما جعله‬
‫للمعلومات الثقافية‪ ،‬وكل مادة ر‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫أكث ّ‬
‫مما يعط للمعت (المدلول )‪ ،‬وال ّ‬
‫سيما أن الدال الواحد (الكلمة الواحدة) قد يكون‬
‫ي‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫مختلفي‪ ،‬وذلك تبعا الختداف تجاربــهما‪ .‬بل أن‬
‫لشخصي‬
‫لـه مدلوالن مختلفان بالنسبة‬
‫ر‬
‫ر‬
‫وف أوقات أو‬
‫الدال الواحد‪ ،‬قد تكون لـه مدلوالت مختلفة بالنسبة للشخص نفسه‪ ،‬ي‬
‫ظروف مختلفة‪( .‬أبو زيد‪ ،0224 ،‬ص ‪) 95‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫وعىل الرغم من أن علماء اللغة لم يتمكنوا من تحديد أسبقية لغة عىل أخرى‪ ،‬فقد‬
‫ّ‬
‫توصلوا من خدال دراساتهم إل تصنيف اللغات المختلفة بحسب طبيعتها واستخدامها‪،‬‬
‫ه‪:‬‬
‫يف ثداثة أقسام ي‬
‫الت تتخاطب بها فئات منعزلة عن الفئات األخرى‪،‬‬
‫وه اللغات ي‬
‫اللغات المنعزلة ‪ :‬ي‬‫ّ‬
‫ّ‬
‫وه لغة ال تكتب وليس لها تاري ــخ ‪.‬‬
‫وال تفهمها إال تلك الفئات المتحدثة بها‪ .‬ي‬
‫ّ‬
‫كبثة‪ ،‬ولكنها ملتصقة‬
‫الت تتخاطب بها شعوب ر‬
‫وه اللغات ي‬
‫اللغات الملتصقة ‪ :‬ي‬‫ّ‬
‫وه لغات معروفة‪ ،‬ولكن ليس لها قواعد‪ ،‬وإنما تعتمد عىل المقاطع‬
‫بهم وبثاثهم‪ .‬ي‬
‫ّ‬
‫الصينية ‪.‬‬
‫والكلمات‪ ،‬مثل ‪ :‬اللغة‬
‫الت تستخدمها‬
‫وه اللغات الحديثة ي‬
‫اللغات ذات القواعد (النحو والرصف) ‪ :‬ي‬‫ ‪- 133‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com133‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫األمم المتحرصة‪ ،‬لها قواعد نحوية ورصفية‪ ،‬تضبط جملها وقوالبها اللغوية‪ ،‬مثل ‪ :‬اللغة‬
‫العربية‪ ،‬واللغات األوربية ‪ (،‬زرقانة‪ ،4759 ،‬ص ‪)419‬‬
‫ُ ّ‬
‫ّ‬
‫ومهما يكن هذا التقسيم‪ ،‬فنن اللغات المستعملة يف العالم‪ ،‬جميعها‪ ،‬شكلت من‬
‫ّ‬
‫تدل عىل هذه اللغة أو تلك‪ ،‬وفق أصول وقواعد خاصة بها‪ .‬ولهذا‬
‫أصوات متناسقة‬
‫فرعية‪ ،‬من ّ‬
‫ّ‬
‫الوصق‪ ،‬وعلم أصول‬
‫أهمها ‪ :‬علم اللغات‬
‫يقسم علم اللغويات إل أقسام‬
‫ي‬
‫اللغات ‪.‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫يهتم بتحليل اللغات يف زمن محدد‪ ،‬ويدرس النظم‬
‫‪ -1/1‬علم اللغات الوصف ‪:‬‬
‫الصوتية‪ ،‬وقواعد اللغة والمفردات‪ .‬ويعتمد عالم اللغات يف دراساته هنا عىل اللغة‬
‫ّ‬
‫الكدامية‪ ،‬ولذلك سستمع إل األفراد‪ ،‬وال ّ‬
‫سيما إذا كانت الدراسة متعلقة بلغات لم تكتب‪.‬‬
‫فيقوم عالم اللغة بكتابة تلك اللغات عن طريق استخدام الرموز المتعارف عليها ‪.‬‬
‫ّ‬
‫ومهما يكن األمر‪ ،‬فنن عملية تحليل اللغات وتصنيفها‪ ،‬كعملية تحليل األجناس‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫المهمة ‪.‬فاللغات‪،‬‬
‫لغثها من الدراسات‬
‫البشية وتصنيفها‪ ،‬ال تشكل إال الخطوة األول ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫عىل اختداف أنواعها‪ ،‬تمثل أداة ّ‬
‫قيمة يف يد العالم ‪ ..‬وال شك يف أنها ستساعده يف النهاية‪،‬‬
‫ّ‬
‫التوصل إل فهم أعمق لسيكولوجية األفراد والمجتمعات‪ (.‬لينتون‪ ،4759 ،‬ص ‪)02‬‬
‫عىل‬
‫ّ‬
‫الت تستخدم اللغة الكدامية‪،‬‬
‫وتثكز معظم تلك الدراسات يف المجتمعات البدائية ي‬
‫ّ‬
‫إنسان – مهما تخلفت ثقافته – من دون‬
‫ولم تعرف القراءة والكتابة‪ .‬فدا يوجد مجتمع‬
‫ي‬
‫لغة كدامية يتفاهم بها أبناؤه ‪.‬‬
‫ ‪- 004‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com134‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫‪-0/4‬علم أصول اللغات ‪:‬‬
‫ّ‬
‫التاريح‬
‫يختص بالجانب‬
‫يهدف إل تحديد أصول اللغات اإلنسانية‪ .‬ولذلك‪،‬‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫الت يمكن متابعة تاريخها‪ ،‬عن‬
‫والمقارن‪ ،‬حيث يدرس العداقات التاريخية ربي اللغات ي‬
‫ً‬
‫ر‬
‫الت لم تثك أية‬
‫طريق وثائق مكتوبة‪ .‬وتكون المشكلة أكث تعقيدا بالنسبة للغات القديمة ي‬
‫وثائق مكتوبة ّ‬
‫تدل عليها‪ .‬ولكن ّ‬
‫ثمة وسائل خاصة يمكن للباحث أن سستخدمها يف‬
‫دراسة تاري ــخ تلك اللغات‪.‬‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫ألنه عىل ّ‬
‫كل‬
‫الثقاف‪ ،‬وذلك‬
‫وبولوج‬
‫واألنث‬
‫وهناك عداقات تعاونية ربي عالم اللغة‪،‬‬
‫ي‬
‫ر ي‬
‫ر‬
‫االجتماع‪ ،‬أن يدرس لغة المجتمع الذي يجري بحثه‬
‫وبولوج‬
‫واألنث‬
‫األثنولوج‬
‫من‬
‫ر ي‬
‫ر ي‬
‫ي‬
‫عليه‪.‬‬
‫ّ‬
‫وبناء عىل ذلك‪ ،‬تقدم علم اللغويات – يف العرص الحارص – وأصبح سستخدم مناهج‬
‫ّ‬
‫يتوصل إل‬
‫علمية وآليات دقيقة‪ ،‬يف دراسة لغات العالم ‪ ..‬واستطاع من خدال ذلك أن‬
‫ّ‬
‫قواني أساسية وعامة‪ ،‬ال ُّ‬
‫ّ‬
‫وصق‪،‬‬
‫قواني العلوم الطبيعية‪( .‬‬
‫أهمية يف دقتها عن‬
‫تقل‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ي‬
‫‪ ،4794‬ص ‪)20-24‬‬
‫ّ‬
‫بميدان ‪:‬‬
‫تثث (مورفولوجية) أية لغة‪ ،‬أسئلة بعيدة المدى تتصل‬
‫ومن المحتم أن ر‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الفثياء والقيم ‪ ..‬فاللغة ليست مجرد أداة لداتصال أو الستثارة االنفعاالت فحسب‪ ،‬وإنما‬
‫ر‬
‫ً‬
‫ّ ّ‬
‫ه أشبه ما تكون بخط متصل األجزاء‪ ،‬يمكن‬
‫الخثات‪.‬‬
‫ر‬
‫ه أيضا وسيلة لتصنيف ر‬
‫والخثة ي‬
‫ي‬
‫تقسيمه بطرق مختلفة ‪ (.‬لينتون‪ ،4759 ،‬ص ‪)490‬‬
‫ولذلك‪ ،‬فنن الدراسات اللغوية المقارنة‪ ،‬توضح ّأن الكائن ر‬
‫البشي عىل الرغم من‬
‫الت سستخدمها‪.‬‬
‫غث واعية‬
‫استخدامه لغة واحدة‪ ،‬فهو يقوم بعملية انتقائية ر‬
‫ي‬
‫للمعان ي‬
‫ ‪- 135‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com135‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الخارج ‪.‬‬
‫المتنوعة يف محيطه‬
‫للمنبهات‬
‫وذلك ألنه ال سستطيع االستجابة الدقيقة‬
‫ر ي‬
‫‪ -0‬علم اآلثار القديمة (الحفريات ‪:)Archeology‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫والمخلفات ر‬
‫سستدل منها‬
‫البشية وتحليلها‪ ،‬بحيث‬
‫يعت بشكل خاص بجمع اآلثار‬
‫ر‬
‫الت لم تكن فيها كتابة‪ ،‬وليس‬
‫عىل التسلسل‬
‫ي‬
‫التاريح لألجناس البشية‪ ،‬يف تلك الفثة ي‬
‫ثمة وثائق ّ‬
‫ّ‬
‫مدونة (مكتوبة) عنها ‪.‬‬
‫ويبحث هذا الفرع من علم ر‬
‫األنثوبولوجيا الثقافية‪ ،‬يف األصول األول للثقافات‬
‫ً‬
‫ولعل علم اآلثار القديمة ر‬
‫ّ‬
‫اإلنسانية‪ ،‬وال ّ‬
‫أكث شيوعا ربي فروع‬
‫سيما الثقافات المنقرضة‪.‬‬
‫األنثوبولوجيا‪ّ ،‬‬
‫وربما كانت مكتشفاته مألوفة لدى الشخص العادي ر‬
‫ر‬
‫أكث من مكتشفات‬
‫ّ‬
‫الفروع األخرى‪ .‬ومثال ذلك‪ ،‬أن اسم (توت عنخ آمون) أحد ملوك قدماء المرص ريي‪ ،‬يكاد‬
‫ً‬
‫يكون معروفا لدى األوساط الشعبية العامة‪( .‬لينتون‪ ،4759 ،‬ص ‪) 00‬‬
‫وعىل الرغم من ّأن الهدف ّ‬
‫األول من هذه األبحاث‪ ،‬هو الحصول عىل معلومات عن‬
‫ّ‬
‫ّ ّ‬
‫القراء والدارسي‪ ،‬ف ّ‬
‫يتمثل ف مساعدة ّ‬
‫تفهم‬
‫النهان‬
‫الشعوب القديمة‪ ،‬إال أن الهدف‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫وبالتال إدراك‬
‫العمليات المتصلة بنمو الثقافات أو (الحضارات) وازدهارها أو انهيارها‪،‬‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫التغثات ‪.‬‬
‫العوامل المسؤولة عن تلك‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫حوال أربعة‬
‫األنثوبولوجيا‪ ،‬أن الكتابة ظهرت منذ‬
‫ومن المعروف لدى علماء‬
‫ي‬
‫والباحثي‪،‬‬
‫الدارسي‬
‫آالف سنة قبل الميداد‪ ،‬وما كتب من ذلك التاري ــخ معروف لدى‬
‫ر‬
‫ر‬
‫الكثث عن اإلنسان‪( .‬نارص‪ ،4795 ،‬ص ‪)50‬‬
‫ويمكن بواسطة هذه اآلثار المكتوبة معرفة‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫والت تمثل‬
‫الت خلفها اإلنسان القديم‪،‬‬
‫ي‬
‫فعالم اآلثار يعتمد يف دراسته‪ ،‬عىل البقايا ي‬
‫ ‪- 006‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com136‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫طبيعة ثقافاته وعنارصها‪ .‬وقد ّ‬
‫توصل علماء اآلثار إل أساليب دقيقة لحفر طبقات‬
‫ّ‬
‫يتوقع وجود بقايا حضارية فيها‪ .‬كما ّ‬
‫توصلوا إل مناهج دقيقة لفحص تلك‬
‫الت‬
‫األرض ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫البقايا وتحديد مواقعها‪ ،‬وتصنيفها من أجل التعرف إليها‪ ،‬ومن ثم مقارنتها بعضها مع‬
‫الكثث من المعلومات‬
‫بعض‪ .‬ويستطيع علماء اآلثار باستخدام تلك المناهج‪ ،‬استخداص‬
‫ر‬
‫عن الثقافات القديمة‪ّ ،‬‬
‫وتغثاتها‪ ،‬وعداقة ّ‬
‫بغثها‪.‬‬
‫كل منها ر‬
‫ر‬
‫ويستخدم علماء ر‬
‫األنثوبولوجيا بقايا المواد كمعطيات رئيسة الستخدام المعرفة‬
‫ّ‬
‫الت‬
‫العلمية والنظرية‪ ،‬حيث يقوم علماء اآلثار بتحليل النماذ الحضارية والتطورات ي‬
‫طرأت عليها‪ ،‬فتكشف النفايات عن األوضاع الخاصة باالستهداك والنشاطات‪.‬‬
‫ا‬
‫الثية والحبوب المثلية ‪ /‬مثال ‪ :‬تمتلك خصائص مختلفة تسمح لعلماء‬
‫فالحبوب ر‬
‫ً‬
‫اآلثار أن ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫يمثوا ربي النبات الذي تم جلبه‪ ،‬وذلك الذي تمت العناية به محليا‪ .‬كما يكشف‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الت تم ذبحها‪ ،‬ويزود بمعلومات‬
‫فحص عظام الحيوانات‪ ،‬عن أعمار هذه الحيوانات ي‬
‫ّ‬
‫تحدد فيما إذا كانت هذه األنواع ّ‬
‫ّ‬
‫برية أو مدجنة‪ .‬ويقوم علماء اآلثار من‬
‫أخرى مفيدة‪،‬‬
‫خدال بحثهم يف هذه المعلومات‪ ،‬بإعادة بناء نماذ‬
‫اإلنتا‬
‫والتجارة واالستهداك‬
‫‪)Kattak, 1994,8).‬‬
‫ّ‬
‫ومع أن الهدف القريب الواضح لألبحاث (األرخلوجية )‪ ،‬هو استكمال معارفنا‬
‫ّ‬
‫فنن الهدف النهان هو مساعدتنا ف ّ‬
‫تفهم العمليات‬
‫ماض اإلنسان‪،‬‬
‫ومعلوماتنا عن‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫المتصلة‪ ،‬بنمو الحضارات وازدهارها وانهيارها‪ ،‬وإدراك العوامل المسؤولة عن هذه‬
‫ّ‬
‫الظاهرات التاريخية‪ .‬وقد أصبحت نتائج الدراسات (األرخلوجية) المتصلة بعمليات‬
‫التطور‪ ،‬مألوفة لدى العلماء ر‬
‫ّ‬
‫وبولوجيي جميعهم‪ ،‬والذين يعنون بدراسة ظاهرات‬
‫األنث‬
‫ر‬
‫الثقاف‪( .‬لينتون‪ ،4759 ،‬ص‪)01‬‬
‫التغيث‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ ‪- 137‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com137‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ر‬
‫األنثبولوجيون – إل االستفادة من أبحاث علماء‬
‫ولذلك‪ ،‬يلجأ علماء اآلثار –‬
‫ّ‬
‫الت يكتشفونها‪ ،‬وتاري ــخ وجودها‪ .‬كما‬
‫الجيولوجيا والمناخ‪ ،‬للتحقق من (هوية) البقايا ي‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫األنثوبولوجيا الطبيعية‪ ،‬وذلك ر‬
‫ر‬
‫لكثة‬
‫صي يف‬
‫يتعاون علماء اآلثار أيضا‪ ،‬مع المتخص ر‬
‫ُ‬
‫وجود( اللق) اإلنسانية يف الحفريات‪ ،‬مع البقايا الثقافية‪ .‬وقد نجح علماء اآلثار‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫المشع) كوسيلة لتحديد عمر " البقايا " بدقة‪.‬‬
‫المحدثون‪ ،‬يف استخدام (الكربون‬
‫وصق‪ ،4794 ،‬ص ‪)24‬‬
‫(‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ويمكن القول – بوجه عام ‪ -‬إن علماء اآلثار القديمة‪ ،‬يحاولون اكتشاف ذلك الجزء‬
‫ّ‬
‫من التاريـ ــخ الماض الذي ال ّ‬
‫تتعرض لـه السجالت المكتوبة‪ .‬ويقبل عالم اآلثار القديمة‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫والمثثات‬
‫الدوافع‬
‫من‬
‫بمجموعة‬
‫ن‬
‫يقث‬
‫عمله‬
‫ألن‬
‫بحماسة‪،‬‬
‫اختصاصه‬
‫عىل ميدان‬
‫ر‬
‫المغرية‪ ،‬كالرغبة يف إجراء أبحاث علمية شائقة‪ ،‬واحتمال العثور عىل كنوز ثمينة ‪(...‬‬
‫لينتون‪ ،4759 ،‬ص ‪) 02‬‬
‫ً‬
‫إذا‪ ،‬يدرس تاري ــخ اإلنسان وما رافقه من ّ‬
‫تغثات ثقافية‪ ،‬يف محاولة لبناء‬
‫فعلم اآلثار‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫الت عاشتها المجتمعات القديمة‪ ،‬مجتمعات ما قبل‬
‫تصور كامل عن الحياة االجتماعية ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫التاريـ ــخ‪ .‬وإذا كان علم اآلثار يعتمد – إل حد ما عىل التاري ــخ – فننه يختلف عن علم‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الت عاشها‬
‫التاريـ ــخ يف أنه ال يدرس المراحل الحضارية المؤرخة‪ ،‬وإنما يدرس تلك الفثات ي‬
‫اإلنسان قبل اخثاع الكتابة وتدوين التاري ــخ‪.‬‬
‫المجتمع‬
‫ي‬
‫‪-3‬علم الثقافات المقارن (األثنولوجيا ‪: )Ethnology‬‬
‫تعتث األثنولوجيا من أقرب العلوم إل طبيعة ر‬
‫األنثوبولوجيا‪ ،‬بالنظر إل التداخل‬
‫ر‬
‫ومثاتها‬
‫الكبث فيما بينهما من حيث دراسة الشعوب وتصنيفها عىل أساس خصائصها‪ ،‬ر‬
‫ر‬
‫السدالية والثقافية واالقتصادية‪ ،‬بما يف ذلك من عادات ومعتقدات‪ ،‬وأنواع المساكن‬
‫ ‪- 008‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com138‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫والمدابس‪ ،‬والمثل السائدة لدى هذه الشعوب‪.‬‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫فرعا من ر‬
‫ّ‬
‫يختص بالبحث والدراسة عن‬
‫األنثوبولوجيا‪،‬‬
‫ولذلك‪ ،‬تعد األثنولوجيا‬
‫نشأة السداالت ر‬
‫البشية‪ ،‬واألصول األول لإلنسان‪ .‬وترجع لفظة (أثنولوجيا) إل األصل‬
‫وتعت دراسة الشعوب‪ .‬ولذلك تدرس األثنولوجيا‪ ،‬خصائص‬
‫اليونان (أثنوس ‪)Ethnos‬‬
‫ي‬
‫ي‬
‫الشعوب اللغوية و الثقافية والسدالية‪( .‬اسماعيل‪ ،4792 ،‬ص ‪)152‬‬
‫ّ‬
‫الماض والحارص – عىل أنه‬
‫تفسث توزيـ ــع الشعوب – يف‬
‫وتعتمد األثنولوجيا يف‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫الت ترجع إل كثة الحوادث‬
‫نتيجة لتحرك هذه الشعوب واختداطها‪ ،‬وانتشار الثقافات ي‬
‫ّ‬
‫فه تبحث‪،‬‬
‫مدايي) من‬
‫ر‬
‫الت بدأت مع ظهور اإلنسان منذ مليون ( ر‬
‫السني‪ .‬ي‬
‫المعقدة‪ ،‬ي‬
‫ا‬
‫مسألة المصادر التاريخية للشعوب‪ ،‬من أين أتت قبائل الهنود الحمر؟مثال‪ ،‬وأي طريق‬
‫ّ‬
‫سلكت؟ ومت احتلت هذه الشعوب المناطق الموجودة فيها اآلن‪ ،‬وكيف؟ ومن أية‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫ه‬
‫جهة تسللت إل أمريكا؟ وكيف انتشت فيها؟ ومت ظهرت أجناس الهنود الحمر؟ وما ي‬
‫المثات اللغوية والمدامح الثقافية الت ر‬
‫نشتها ثقافة الهنود الحمر‪ ،‬قبل احتكاكها بالثقافة‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫وغث ذلك مما يفيد يف الدراسات الوصفية المقارنة للمجتمعات اإلنسانية‬
‫األوروبية؟ ر‬
‫وثقافاتها‪( .‬رشوان‪ ،4799 ،‬ص ‪) 94‬‬
‫وتدخل يف ذلك دراسة أصول الثقافات والمناطق الثقافية‪ ،‬وهجرة الثقافات‬
‫وانتشارها والخصائص النوعية ّ‬
‫لكل منها‪ ،‬دراسة حياة المجتمعات يف صورها المختلفة‪.‬‬
‫ّ‬
‫أي أنه العلم الذي يبحث يف السداالت القديمة وأصولها وأنماط حياتها‪ ،‬كما يبحث يف‬
‫ّ‬
‫الحياة الحديثة يف المجتمعات الحارصة‪ ،‬وتأثرها بتلك األصول القديمة‪.‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫وف ضوء نظريات‬
‫ولذلك‪ ،‬تعرف األثنولوجيا بأنها ‪ :‬دراسة الثقافة عىل أسس مقارنة ي‬
‫ّ‬
‫وقواعد ثابتة‪ ،‬بقصد استنباط تعميمات عن أصول الثقافات وتطورها‪ ،‬وأوجه االختداف‬
‫ ‪- 139‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com139‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ً‬
‫ا‬
‫فيما بينها‪ ،‬وتحليل انتشارها تحليال تاريخيا ‪ (،‬كلوكهون‪ ،4751 ،‬ص ‪)24‬‬
‫ّ‬
‫القواني المقارنة‪ ،‬وال ّ‬
‫سيما‬
‫وتهتم النظرية األثنولوجية بدراسة الثقافة‪ ،‬عن طريق‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫يهتم علماء القانون المقارن بدراسة بعض‬
‫قواني الشعوب البدائية‪ ،‬حيث‬
‫مقارنة‬
‫ر‬
‫األموم‪ ،‬سلطة األب‪ ،‬الحياة‬
‫العادات والنظم والقيم والتقاليد‪ ،‬مثل ‪ :‬النسب األبوي أو‬
‫ي‬
‫الجنىس‪ ،‬وطرائق الزوا المختلفة‪( .‬حمدان‪ ،4797 ،‬ص ‪)422‬‬
‫اإلباحية‪ ،‬االختداط‬
‫ي‬
‫الت ال تزال موجودة يف عرصنا‬
‫ويبحث علم األثنولوجيا يف طرائق حياة المجتمعات ي‬
‫الت يعود تاري ــخ انقراضها إل عهد قريب‪ ،‬وتتوافر لدينا عنه‬
‫الحارص‪ ،‬أو المجتمعات ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الت يطلق عليها‬
‫وه ي‬
‫سجالت تكاد تكون كاملة‪ .‬فلكل مجتمع طريقته الخاصة يف الحياة‪ ،‬ي‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫الت‬
‫العلماء األنثوبولوجيون مصطلح " الثقافة "‪ .‬ويعد مفهوم الثقافة من أهم األدوات ي‬
‫األثنولوج‪( .‬لينتون‪ ،4759 ،‬ص ‪)05‬‬
‫يتعامل معها الباحث‬
‫ر ي‬
‫ّ‬
‫عمليت التحليل والمقارنة ‪ ،‬فتكون عملية‬
‫مثات األثنولوجيا‪ ،‬أنها تعتمد‬
‫ومن ر‬
‫ي‬
‫ر‬
‫ثقافتي أو أكث‪.‬‬
‫التحليل يف دراسة ثقافة واحدة‪ ،‬بينما تكون عملية المقارنة يف دراسة‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫التعرف إليها بالعيش ربي‬
‫والت يمكن‬
‫الحية (المعارصة)‬
‫وتدرس األثنولوجيا الثقافات‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫أهلها‪ ،‬كما تدرس الثقافات المنقرضة (البائدة) بواسطة مخلفاتها األثرية المكتوبة‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الثقاف من خدال البحث‬
‫التغيث‬
‫وتهتم إل جانب ذلك‪ ،‬بدراسة ظاهرة‬
‫المدونة‪.‬‬
‫والوثائق‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫وصق‪ ،4799 ،‬ص ‪) 22‬‬
‫يف تاري ــخ الثقافات وتطورها ‪(.‬‬
‫ي‬
‫ً‬
‫ا‬
‫وقد كان هذا الفرع من ر‬
‫األنثوبولوجيا الثقافية‪ ،‬يلق اهتماما قليال قياسا للفروع‬
‫األنثوبولوجية األخرى‪ ،‬حيث قام بعض علماء ر‬
‫ر‬
‫األنثوبولوجيا ف القرن ر‬
‫العشين‪ ،‬بدراسة‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫الت تؤثر من خدالها المفاهيم االجتماعية المحدودة يف سلوك األشخاص‬
‫الطرائق ي‬
‫ّ‬
‫الت ما زالت تحيا حياة بسيطة‪ ،‬وال سيما‬
‫وأمزجتهم‪ ،‬ومعرفة الحياة اإلنسانية للشعوب ي‬
‫ ‪- 041‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com140‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫وف بعض المناطق يف‬
‫الت تعيش يف ‪ :‬أسثاليا وأمريكا الجنوبية وأفريقيا‪ ،‬ي‬
‫تلك الشعوب ي‬
‫آسيا ‪.‬‬
‫ًّ‬
‫وكان علماء األثنولوجيا‪ ،‬وإل عهد قريب جدا‪ ،‬يقرصون أبحاثهم يف الظواهر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫مجرد ناقل‬
‫يعتثون الفرد كما لو أنه‬
‫االجتماعية واإلنسانية للمجتمعات الثقافية‪ .‬وكانوا ر‬
‫الت يمكن أن تستبدل الواحدة منها‬
‫للثقافة‪ ،‬أو حلقة من سلسلة من الوحدات المتماثلة ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫المعايث الشخصية‪ ،‬تختلف‬
‫تبي لهؤالء العلماء أن‬
‫ر‬
‫بأخرى‪ .‬ولكن‪ ،‬وبعد دراسات عديدة‪ ،‬ر‬
‫باختداف األفراد والمجتمعات والثقافات‪( .‬نارص‪ ،4795 ،‬ص ‪)55‬‬
‫ّ‬
‫لتطور األبحاث األثنولوجية‪ ،‬والعلماء يحاولون اكتشاف‬
‫فمنذ البدايات األول‬
‫معينة‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫األسباب الت تجعل مجتمعات ّ‬
‫وتتقبل أو تنبذ‬
‫تطور محاور اهتمام خاصة بها‪،‬‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫تجديدات مختلفة من النوع الذي يبدو أنه ال ينطوي عىل ّأية عوامل نفعية‪ ،‬وكذلك‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫المتنوعة تعكس – بصورة منتظمة – اتجاهات مختلفة يف‬
‫الت تجعل الثقافات‬
‫األسباب ي‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫تطورها‪ .‬وساد االعتقاد حينا من الزمن أن هذه الظاهرات يمكن عزوها إل وقائع تاريخية‬
‫ّ‬
‫الجدل الذي ال سستند إل أي برهان‬
‫ه رصب من االفثاض‬
‫عارضة‪ ،‬ر‬
‫ي‬
‫غث أن هذه النظرية ي‬
‫أو دليل‪( .‬لينتون‪ ،4759 ،‬ص ‪)20‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الت تعمد‬
‫ويتفق معظم العلماء عىل أن مصطلح (أثنوجرافيا) يطلق عىل الدراسة ي‬
‫ّ‬
‫الت‬
‫إل وصف ثقافة ما يف مجتمع ر‬
‫معي‪ ،‬بينما يطلق مصطلح (أثنولوجيا) عىل الدراسات ي‬
‫قواني‬
‫فاألثنولوج يهدف من تلك المقارنات الوصول إل‬
‫تجمع ربي الوصف والمقارنة‪.‬‬
‫ر‬
‫ر ي‬
‫الثقاف وآثار االتصال ربي الثقافات المختلفة‪،‬‬
‫التغيث‬
‫عامة للعادات اإلنسانية‪ ،‬ولظاهرة‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ً‬
‫األثنولوج أيضا إل تصنيف الثقافات ضمن مجموعات أو أشكال‪ ،‬عىل أساس‬
‫كما يهدف‬
‫ر ي‬
‫ّ‬
‫وصق‪ ،4794 ،‬ص ‪)05‬‬
‫معايث) معينة‪( .‬‬
‫مقاييس ( ر‬
‫ي‬
‫ ‪- 111‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com141‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫ه يف األساس‪ ،‬مماثلة ألهداف‬
‫للعالم‬
‫يعت أن األهداف النهائية‬
‫ِ‬
‫ر ي‬
‫األثنولوج‪ ،‬ي‬
‫وهذا ي‬
‫ّ‬
‫وعالم االقتصاد ‪ ..‬فكل عالم من هؤالء‪ ،‬يحاول أن يفهم كيف تعمل‬
‫عالم االجتماع‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫تتغث الثقافات؟ كما يحاول أن يتوصل إل‬
‫المجتمعات والثقافات؟ وكيف ولماذا‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫تعميمات ّ‬
‫التنبؤ‬
‫قواني " بحسب المصطلح الدار للمفهوم‪ ،‬لتساعده يف‬
‫معينة‪ ،‬أو "‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫سث األحداث‪ ،‬بقصد التحكم به يف النهاية‪( .‬لينتون‪ ،4759 ،‬ص ‪) 09‬‬
‫باتجاه ر‬
‫ّ‬
‫فنذا كان القول بأن األثنولوجيا تدرس الظواهر الثقافية دراسة رأسية‪ ،‬أي دراسة‬
‫ّ‬
‫وتطورها‬
‫الماض‪ ،‬مع متابعة دراسة تلك الثقافات‬
‫مقارنة زمانية تاريخية لثقافات‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫عث التاريـ ــخ‪ ،‬فنن األثنوجرافيا تدرس الظواهر الثقافية دراسة أفقية محددة‬
‫ومقارنتها ر‬
‫المكان‪ ،‬وهكذا تكون األثنولوجيا دراسة مقارنة يف الزمان‪ ،‬بينما تكون األثنوجرافيا دراسة‬
‫مقارنة يف المكان‪( .‬اسماعيل‪ ،4792 ،‬ص ‪)05‬‬
‫وكان من نتائج االحتكاك بي علم االجتماع وعلم األثنولوجيا‪ ،‬أن ّ‬
‫تزود علم االجتماع‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫االجتماع‪ ،‬الذي يعت بدراسة‬
‫بأساليب جديدة ثبت أنها ذات قيمة خاصة للباحث‬
‫ي‬
‫المجتمعات الحديثة الصغثة‪ .‬أضف إل ذلك‪ّ ،‬أن االحتكاك بي العلمي ّ‬
‫وسع مجال علم‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫وأدى بالتال إل ّ‬
‫تغث بعض صيغه النظرية‪( .‬لينتون‪ ،4759 ،‬ص ‪) 20‬‬
‫االجتماع‪،‬‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫لقد تبلورت األثنولوجيا بعد الحرب العالمية الثانية ‪ ،‬وشكلت ما يمكن اإلشارة إليه‬
‫ر‬
‫األنثوبولوجيي يف‬
‫باألنثوبولوجيا المعارصة‪ .‬وساعد عىل هذا االتجاه ودعمه‪ ،‬ازدياد عدد‬
‫ر‬
‫ً‬
‫الغربيي‪ .‬ولم تعد‬
‫الباحثي‬
‫البلدان النامية‪ ،‬بعد إن كانت هذه المهنة وقفا عىل‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫المحلية ذات‬
‫األثنولوجيا تقرص مجال دراستها عىل المجتمعات الصغ رثة الحجم‪ ،‬أو‬
‫ّ‬
‫غث الغربية‪ ،‬وإنما اتجهت لتوسيع مجالها بحيث تشمل الثقافات والمجتمعات‬
‫الثقافات ر‬
‫ّ‬
‫كلها‪ ،‬وعىل اختداف حجمها وموقعها‪( .‬فهيم‪ ،4795 ،‬ص ‪)25‬‬
‫ ‪- 042‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com142‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫غث ّأن هذا ّ‬
‫التنوع الذي اتصفت به األثنولوجيا ف القرن ر‬
‫العشين‪ ،‬أدى إل حدوث‬
‫ر‬
‫ي‬
‫األكاديم‪ ،‬عداوة عىل‬
‫الكثث من االستقرار‬
‫بعض التضارب يف الدراسات‪ ،‬وهذا ما أفقدها‬
‫ر‬
‫ي‬
‫أكث من ّ‬
‫المنهجية ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫توصلها إل نظريات علمية‪ ،‬األمر الذي أثار العديد‬
‫بالنواج‬
‫تمسكها‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫وعلميتها‪ ،‬وصلتها بقضايا اإلنسان‬
‫كيفية دراسة الثقافات اإلنسانية‬
‫من التساؤالت حول‬
‫المعارص‬
‫ ‪- 113‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com143‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫مصـادر الفصل ومراجعـه‬
‫ّ‬
‫العرن‪ ،‬الكويت ‪.‬‬
‫العرن ‪ ،15‬مجلـة‬
‫ أبو زيد‪ ،‬حامد (‪ )0224‬الطريق إل المعرفة‪ ،‬كتاب‬‫ري‬
‫ري‬
‫ اسماعيل‪ ،‬قباري دمحم (‪ )4792‬ر‬‫األنثوبولوجيا العامة‪ ،‬منشأة المعارف باالسكندرية ‪.‬‬
‫ّ‬
‫مقدمة ف ر‬
‫األنثوبولوجيا العامة‪ ،‬ترجمة ‪ :‬دمحم‬
‫ بيلز‪ ،‬رالف ؛ هويجرا‪ ،‬هاري (‪)4799‬‬‫ي‬
‫الجوهري وآخرون‪ ،‬دار النهضة المرصية‪ ،‬القاهرة ‪.‬‬
‫ حمدان‪ ،‬دمحم زياد (‪ )4797‬الثقافات االجتماعية المعارصة‪ ،‬دار الثبية الحديثة‪ّ ،‬‬‫عمان ‪.‬‬
‫ رشوان‪ ،‬حسي عبد الحميد (‪ )4799‬ر‬‫األنثوبولوجيا يف المجال النظري‪ ،‬االسكندرية ‪.‬‬
‫ر‬
‫ زرقانة‪ ،‬ابراهيم (‪ )4759‬ر‬‫األنثوبولوجيا‪ ،‬مكتبة النهضة المرصية‪ ،‬القاهرة ‪.‬‬
‫ سثوس‪ ،‬كلود ليق (‪ )4799‬ر‬‫األنثوبولوجيا البنيوية‪ ،‬ترجمة ‪ :‬مصطق صالح‪ ،‬وزارة‬
‫ي‬
‫الثقافة‪ ،‬دمشق ‪.‬‬
‫ فهيم‪ ،‬حسي (‪ّ )4795‬‬‫قصة ر‬
‫األنثوبولوجيا – فصول يف تاري ــخ اإلنسان‪ ،‬عالم المعرفة‬
‫ر‬
‫(‪ ،)479‬الكويت ‪.‬‬
‫ كلوكهون‪ ،‬كدايد (‪ )4751‬اإلنسان يف المرآة‪ ،‬ترجمة ‪ :‬شاكر سليم‪ ،‬بغداد ‪.‬‬‫ لبيب‪ ،‬الطاهر (‪ )4799‬سوسيولوجية الثقافة‪ ،‬دار الحوار‪ ،‬الداذقية ‪.‬‬‫ لينتون‪ ،‬رالف (‪ )4759‬ر‬‫األنثوبولوجيا وأزمة العالم الحديث‪ ،‬ترجمة ‪ :‬عبد الملك‬
‫الناشف‪ ،‬المكتبة العرصية‪ ،‬ربثوت ‪.‬‬
‫ ‪- 044‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com144‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ نارص‪ ،‬ابراهيم (‪ )4795‬ر‬‫األنثوبولوجيا الثقافية – علم اإلنسان الثقاف ‪ّ ،-‬‬
‫عمان‪.‬‬
‫ي‬
‫‪ -‬هرسكوفيث‪ ،‬ميلفيل‪.‬‬
‫(‪ )4791‬أسس ر‬
‫األنثوبولوجيا الثقافية‪ ،‬ترجمة ‪ :‬رباح النفاخ‪،‬‬
‫وزارة الثقافة‪ ،‬دمشق ‪.‬‬
‫ وصق‪ ،‬عاطف (‪ )4794‬ر‬‫األنثوبولوجيا الثقافية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬ربثوت‪.‬‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫والشخصية‪ ،‬دار المعارف بمرص‪.‬‬
‫وصق‪ ،‬عاطف (‪ )4799‬الثقافة‬
‫‬‫ي‬
‫‪- Barnouw , V .(1972) Cultural Anthropology , Home wood Illinois,‬‬
‫‪Irwen Inc .‬‬
‫ ‪- 115‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com145‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫الفصل الخامس‬
‫ر‬
‫األنثوبولوجيا االجتماعية‬
‫‪Sociology Anthropology‬‬
‫ا‬
‫أول‪-‬تعريف ر‬
‫األنثوبولوجيا االجتماعية‬
‫ثانيا‪ -‬نشأة ر‬
‫ّ‬
‫وتطورها‬
‫األنثوبولوجيا االجتماعية‬
‫ثالثا‪-‬أهداف ر‬
‫األنثبولوجيا االجتماعية‬
‫‪-4‬تحديد نماذ لألبنية االجتماعية‬
‫‪-0‬تحديد مظاهر التداخل والثابط ربي النظم االجتماعية‬
‫االجتماع‬
‫التغيث‬
‫‪-2‬تحديد عمليات‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ ‪- 046‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com146‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ا‬
‫أوال‪ -‬تعريف ر‬
‫األنثوبولوجيا االجتماعية‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫تعرف ر‬
‫ّ‬
‫االجتماع الذي يتخذ يف‬
‫األنثوبولوجيا االجتماعية بأنها ‪ :‬دراسة السلوك‬
‫ي‬
‫السياش‪ ،‬واإلجراءات‬
‫العادة شكل نظم اجتماعية كالعائلة‪ ،‬ونسق القرابة‪ ،‬والتنظيم‬
‫ي‬
‫وغثها‪ .‬كما تدرس العداقة ربي هذه النظم سواء يف‬
‫القانونية‪ ،‬والعبادات الدينية‪ ،‬ر‬
‫الت يوجد لدينا عنها معلومات‬
‫المجتمعات المعارصة أو يف المجتمعات التاريخية‪ ،‬ي‬
‫مناسبة من هذا النوع‪ ،‬يمكن معها القيام بمثل هذه الدراسات‪( .‬بريتشارد‪،4795 ،‬‬
‫ص‪)42‬‬
‫ولذلك‪ ،‬فمن الرصوري ف دراسة اإلنسان وأعماله‪ ،‬أن ّ‬
‫نمث ربي عبارة " ثقافة "‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ه طريقة حياة شعب ما‪،‬‬
‫وعبارة " مجتمع " المرافقة لها‪ .‬فالثقافة – كما يف تعريفاتها – ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّأما المجتمع فهو تكتل منظم لعدد من األفراد‪ ،‬يتفاعلون فيما بينهم ويتبعون طريقة‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ه ثقافتهم ‪.‬‬
‫حياة معينة ‪ ..‬وبعبارة أبسط ‪ :‬المجتمع مؤلف من أناس‪ ،‬وطريقة سلوكهم ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫المؤسسات واألنظمة االجتماعية‪ ،‬أدوات نافعة لألغراض‬
‫وهنا تعد تصنيفات‬
‫ّ‬
‫الوصفية‪ ،‬كما أن التعميمات بالنسبة للعداقات المتداخلة والمتبادلة ربي النماذ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫مشوشة‬
‫والمؤسسات‪ ،‬تساعد يف االهتداء إل نوع من النظام وسط أوضاع تبدو‬
‫وف الوقت ذاته‪ ،‬يعتمد هذا‬
‫وف زيادة الفهم‬
‫الحقيق للعمليات االجتماعية‪ .‬ي‬
‫وغامضة‪ ،‬ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫االجتماع جزءا منه‪ .‬ويضم هذا‬
‫الكىل الذي يؤلف النظام‬
‫الفهم عىل دراسة النسق‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ه ‪ :‬شخصيات األفراد الذين يؤلفون المجتمع‪ ،‬والبيئة‬
‫النسق ثداثة عنارص‬
‫ر‬
‫متمثة‪ ،‬ي‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫وأخثا المجموعة‬
‫معها‪،‬‬
‫وثقافته‬
‫حياته‬
‫ف‬
‫يكي‬
‫أن‬
‫المجتمع‬
‫عىل‬
‫يتعي‬
‫الت‬
‫ر‬
‫ر‬
‫الطبيعية ي‬
‫ّ‬
‫الت تضمن استمرار بقاء المجتمع عن طريق‬
‫الكاملة من الوسائل الفنية الدازمة للمعيشة‪ ،‬ي‬
‫نقلها من جيل إل جيل‪( .‬لينتون‪ ،4751 ،‬ص ‪) 259‬‬
‫ ‪- 117‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com147‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫اجتماع‪،‬‬
‫ولكن‪ ،‬هل يمكن أن نفصل عىل هذا الشكل ربي اإلنسان كحيوان‬
‫ي‬
‫ً‬
‫ً‬
‫َ ّ‬
‫االجتماع يف الواقع سلوكا ثقافيا؟ ألم نر أن‬
‫واإلنسان كمخلوق ذي ثقافة؟ أليس السلوك‬
‫ي‬
‫ُُ‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ه مثل اإلنسان أو‬
‫الحقيقة ر‬
‫ه اإلنسان نفسه أكث مما ي‬
‫الكثى يف دراسة اإلنسان ‪ ،‬ي‬
‫ّ‬
‫بتكتدات ّ‬
‫نسميها " مجتمعات "؟‬
‫الت نجمت عن ارتباطه‬
‫مادية‬
‫ال‬
‫األشياء‬
‫حت‬
‫نظمه‪ ،‬أو‬
‫ي‬
‫فالنظام االجتماع إذن‪ ،‬هو التعبث التقت ر‬
‫ّ‬
‫يدل عىل المظهر‬
‫وبولوج الذي‬
‫األنث‬
‫ر‬
‫ر ي‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ً‬
‫الت تؤلف إطارا ألنواع السلوك‬
‫النظم‬
‫سشمل‬
‫وهو‬
‫اإلنسانية‪،‬‬
‫الجماعة‬
‫األساش يف حياة‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ً‬
‫ً‬
‫جميعها‪ ،‬سواء كان فرديا أو اجتماعيا‪( .‬هرسكوفيث‪ ،4791 ،‬ص ‪)04-02‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫المنظمة‪ّ ،‬‬
‫زودتا اإلنسان بأدوات لنقل الثقافات‪ ،‬مهما‬
‫إن اللغة والحياة االجتماعية‬
‫غث إيجابية‪ .‬وعملت الحياة االجتماعية‬
‫بلغت من التعقيد‪ ،‬والمحافظة عىل تراثها بصورة ر‬
‫ً‬
‫اجتماع‪ ،‬يفوق يف ثروته ما تحتا إليه‬
‫أيضا عىل جعل اإلنسان يف حاجة إل إرث‬
‫ي‬
‫الحيوانات‪ّ .‬‬
‫وتمت المحافظة عىل المجتمعات ر‬
‫البشية‪ ،‬بتدريب أجيال متداحقة من‬
‫ه نفسها‪ ،‬حصيلة الثقافة‪( .‬لينتون‪ ،4751 ،‬ص ‪)447‬‬
‫األفراد ‪ ..‬ولذا كانت المجتمعات‪ ،‬ي‬
‫ر‬
‫األنثوبولوجيا االجتماعية إل تحديد العداقات‬
‫وبناء عىل ذلك‪ ،‬تهدف دراسة‬
‫الت تدرس من خدال آثارها‬
‫المتبادلة ربي هذه النظم‪ ،‬سواء يف المجتمعات القديمة ي‬
‫الت تدرس من خدال المداحظة‬
‫المادية والفكرية‪ ،‬أو يف المجتمعات الحديثة والمعارصة‪ ،‬ي‬
‫ر‬
‫المباشة لمنجزاتها وتفاعداتها الخاصة والعامة‪.‬‬
‫ً‬
‫ثانيا‪-‬نشأة ر‬
‫ّ‬
‫وتطورها‬
‫األنثوبولوجيا االجتماعية‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫ر‬
‫واألنثوبولوجيا االجتماعية خاصة‪ ،‬بدراسة‬
‫األنثوبولوجيا عامة‪،‬‬
‫يعد اهتمام‬
‫ًّ‬
‫ً‬
‫أساسيا من فلسفة علم‬
‫المجتمعات اإلنسانية‪ ،‬وعىل المستويات الحضارية كافة‪ ،‬منطلقا‬
‫ ‪- 048‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com148‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ر‬
‫األنثوبولوجيا وأهدافها‪ ،‬وال ّ‬
‫سيما دراسة أساليب حياة المجتمعات المحلية‪ ،‬إل جانب‬
‫دراسات ما قبل التاريـ ــخ‪ ،‬ودراسات اللغات واللهجات المحلية ‪ ..‬وهذا ما ّ‬
‫يمث‬
‫ر‬
‫ر‬
‫األنثوبولوجيا من العلوم اإلنسانية ‪ /‬االجتماعية األخرى‪ ،‬وال ّ‬
‫سيما علم االجتماع ‪.‬‬
‫ّ‬
‫بأنه علم حديث العهد‪ ،‬ال بل من ر‬
‫ويوصف علم ر‬
‫أكث‬
‫األنثوبولوجيا االجتماعية‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫للمرة‬
‫العلوم االجتماعية حداثة‪ .‬فقد استخدم مصطلح (االنثوبولوجيا االجتماعية)‬
‫األول ف عام ‪ /4792/‬عندما ّ‬
‫كرمت جامعة ليفربول يف بريطانيا السيد ‪ /‬جيمس فريزر‪/‬‬
‫ي‬
‫ومنحته لقب األستاذ‪.‬‬
‫ّ‬
‫ومما ّ‬
‫التطبيق‪ ،‬من البت‬
‫الطبيىع ‪/‬‬
‫يدل عىل حداثة هذا العلم الذي يدرس الجانب‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ً‬
‫االجتماعية‪ ،‬ذلك االختداف الذي ما يزال قائما ربي علماء االجتماع حول هذه التسمية ‪:‬‬
‫( ر‬
‫األنثوبولوجيا االجتماعية )‪ .‬ولكن عىل الرغم من حداثة هذا العلم‪ ،‬فقد ّ‬
‫مر بمراحل‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫وتطوره واستكمال عنارصه إل حد بعيد‪ ،‬بدءا من القرن الثامن‬
‫متعددة أسهمت يف نشوئه‬
‫ر‬
‫عش وحت الوقت الحارص‪.‬‬
‫‪ _4‬القرن الثامن ر‬
‫عش ‪:‬‬
‫ّ‬
‫تعد الدراسات الت أجريت ف القرن الثامن ر‬
‫عش حول األبنية االجتماعية‪ ،‬وأنساق‬
‫ي‬
‫ي‬
‫أهم الدراسات الت ّ‬
‫مهدت لظهور ر‬
‫القيم السائدة فيها‪ ،‬من ّ‬
‫األنثوبولوجيا االجتماعية‪.‬‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫القواني " الذي ألفه ‪ /‬مونتسيكو ‪ /‬عالم االجتماع‬
‫وكان يف مقدمتها كتاب " روح‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫يتكون من مجموع نظم‬
‫البشي وما يحيط به‪،‬‬
‫الفرنىس‪ ،‬والذي أكد فيه أن المجتمع‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫القواني عند أي شعب من الشعوب‪ ،‬إال إذا درست‬
‫فهم‬
‫يمكن‬
‫ال‬
‫بحيث‬
‫ابطة‪،‬‬
‫مث‬
‫ر‬
‫الت تحكم هذا النظام أو ذاك‪ ،‬بما فيها البيئة والحياة االقتصادية‪ ،‬والسكان‬
‫العداقات ي‬
‫ّ‬
‫الفرش ‪/‬مونتسيكو‪ /‬ربي البناء‬
‫مث الفيلسوف‬
‫والمعتقدات واألخداق السائدة‪ ،‬حيث ر‬
‫ي‬
‫ ‪- 119‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com149‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫القيم‪ ،‬عىل الرغم من العداقة بينهما‪ .‬وأوضح أن المجتمع ذاته وما‬
‫االجتماع والنظام‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ًّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫وبالتال ال يمكن فهم‬
‫‪،‬‬
‫ا‬
‫وظيفي‬
‫ارتباطا‬
‫ببعض‬
‫بعضها‬
‫يرتبط‬
‫نظم‬
‫من‬
‫ن‬
‫يتكو‬
‫به‪،‬‬
‫يحيط‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫القواني كلها‪،‬‬
‫القانون العام لدى أي شعب من الشعوب‪ ،‬إال إذا درسنا العداقات ربي هذه‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الطبيعية والحياة االقتصادية‪ ،‬وعدد السكان‬
‫قواني بالبيئة‬
‫ومن ثم دراسة عداقة تلك ال ر‬
‫الت كانت سائدة ‪ (.‬الجباوي‪ ،4790 ،‬ص‪)424‬‬
‫واألعراف والتقاليد السائدة أو ي‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫الفرنىس أيضا‪ ،‬يعد أول من رأى رصورة إنشاء‬
‫ولكن ‪ /‬سان سيمون ‪ /‬عالم االجتماع‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫واعتث أن مهمة علماء‬
‫وضىع للعداقات االجتماعية‪.‬‬
‫علم للمجتمع‪ ،‬واقثح إنشاء علم‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫االجتماع ال تقترص عىل دراسة المفاهيم والتصورات االجتماعية فحسب‪ ،‬وإنما يجب أن‬
‫تشمل تحليل الوقائع والحقائق الت ّ‬
‫تعززها‪.‬‬
‫ي‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫تماما إنشاء علم ‪ /‬ر‬
‫األنثوبولوجيا االجتماعية‪ /‬وإنما‬
‫وإذا كان‪ /‬سيمون ‪ /‬لم يقصد‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫قصد إيجاد علم خاص يدرس النظم االجتماعية وعداقاتها دراسة موضوعية‪ ،‬فنن ذلك‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫تحقق فعال بجهود تلميذه ‪ /‬أوغست كونت ‪. /‬‬
‫هذا ف فرنسا ‪ّ ..‬أما ف إنكلثا‪ ،‬فقد ظهرت دراسات تمهيدية لعلم ر‬
‫األنثوبولوجيا‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ُ‬
‫ّ‬
‫االجتماعية‪ ،‬وال ّ‬
‫سيما أبحاث ‪ /‬دافيد هيوم وآدم سميث‪ /‬حيث نظر إل كل مجتمع‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ينشأ من الطبيعة ر‬
‫البشية‪ ،‬وليس عن طريق التعاقد‪ .‬ولذلك‬
‫طبيىع‬
‫إنسان عىل أنه نسق‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ر‬
‫واعتث المجتمع (أي‬
‫الطبيىع‪.‬‬
‫انتشت مفاهيم جديدة‪ ،‬مثل ‪ :‬األخداق الطبيعية والدين‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ان‪ ،‬عند‬
‫إنسان) ظاهرة طبيعية‪ ،‬ال بد من استخدام المنهج‬
‫مجتمع‬
‫التجريت واالستقر ي‬
‫ي‬
‫ري‬
‫ّ‬
‫دراسته بدال من المناهج العقلية ‪ /‬الفلسفية ‪.‬‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫البدان‪ ،‬اعتمادا عىل‬
‫التمهيدية بوادر االهتمام بالمجتمع‬
‫وظهرت يف هذه المرحلة‬
‫ي‬
‫ُ‬
‫البدان‬
‫رحدات االستكشاف لآلثار والمتاحف والمصادر المختلفة‪ .‬وقد نظر إل اإلنسان‬
‫ي‬
‫ ‪- 001‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com150‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫وهمح ف سلوكاته ‪ ..‬يتناقض ّ‬
‫كلية مع إنسان المجتمع‬
‫متوحش يف مجتمعه‪،‬‬
‫عىل أنه‬
‫ر ي ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫وخث مثال عىل ذلك‪ ،‬ما كتبه ‪ /‬جون لوك ‪ /‬عن الهنود الحمر يف‬
‫المتمدن والمتقدم‪ .‬ر‬
‫ً‬
‫وغث دقيقة‪ ،‬عن هذه الشعوب البدائية ‪.‬‬
‫أمريكا‪ ،‬حيث أصدر أحكاما عامة ر‬
‫ّ‬
‫عش وفداسفته‪ ،‬مهما تكن آراؤهم‪ّ ،‬‬
‫إن علماء القرن الثامن ر‬
‫مهدوا بشكل‬
‫والخداصة‪،‬‬
‫أساش لظهور علم دراسة ر‬
‫األنثوبولوجيا االجتماعية‪ ،‬وذلك نتيجة الهتمامهم بالنظم‬
‫ي‬
‫ً‬
‫االجتماعية من جهة‪ ،‬واعتبارهم المجتمعات اإلنسانية أنساقا طبيعية‪ ،‬يف إطار (الطبيعة‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫البشية) من جهة أخرى يجب أن تدرس من خدال المناهج التجريبية‪ ،‬عىل الرغم من أن‬
‫المعنيي كانت بعيدة عن طبيعة هذه المناهج‪ ،‬وكانت تعتمد عىل‬
‫دراسات هؤالء‬
‫ر‬
‫الشكىل )‪.‬‬
‫التحليل الصوري (‬
‫ي‬
‫‪ -0‬القرن التاسع ر‬
‫عش ‪:‬‬
‫ّ‬
‫عش‪ ،‬فثة نشوء ر‬
‫يعد النصف الثان من القرن التاسع ر‬
‫األنثوبولوجيا كعلم معثف‬
‫ي‬
‫الت بحثت يف هذا العلم‬
‫به ‪ ..‬وقد أسهم يف ذلك صدور العديد من الدراسات والكتب ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫مؤلفات ّ‬
‫وحددت معالمه األساسية‪ ،‬وال ّ‬
‫كل من (تايلور وماكلينان) يف إنكلثا‪ ،‬و‬
‫سيما‬
‫ّ‬
‫اهتم هؤالء بجمع المعلومات عن الشعوب البدائية‪،‬‬
‫بافوفي) يف سويشا‪ ،‬حيث‬
‫(‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫وف حدود األبنية‬
‫وأبرزوها بصورة منهجية منظمة‪ ،‬من خدال دراسة النظم االجتماعية‪ ،‬ي‬
‫االجتماعية لهذه المجتمعات‪ ،‬وليس يف حدود الفلسفة وعلم النفس‪ .‬فوضعوا بذلك‬
‫أسس علم ر‬
‫األنثوبولوجيا االجتماعية‪.‬‬
‫فقد ّ‬
‫فش ‪ /‬ماكلينان ‪ /‬مثدا ‪ :‬تحريم زوا المحارم يف بعض هذه المجتمعات‬
‫ً‬
‫األكسوجام )‪ ،‬استنادا إل ظواهر اجتماعية أو عقائد خاصة بتلك‬
‫البدائية (نظام الزوا‬
‫ي‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫الت‬
‫المجتمعات‪ ،‬رافضا إرجاعه إل أسباب بيولوجية أو نفسية‪ .‬كما أن طريقة الزوا‬
‫ي‬
‫ ‪- 151‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com151‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫تتمثل يف عملية خطف العروس‪ ،‬لم تستند إل نظريات نفسية أو فلسفية‪ ،‬وإنما ترجع إل‬
‫لطق‪)90 ،4797 ،‬‬
‫عادات مث ّسبة من‬
‫الست واالغتصاب‪ ( .‬ي‬
‫الماض يف ممارسة ر ي‬
‫ي‬
‫ر‬
‫األنثوبولوجيا االجتماعية ف القرن التاسع ر‬
‫عش‪ ،‬سستخدمون‬
‫ولم يكن رواد‬
‫ي‬
‫والمستكشفي ورجال اإلدارة ‪..‬‬
‫الدراسات الميدانية‪ ،‬بل اعتمدوا عىل أقوال الرحالة‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ولذلك‪ ،‬تعد هذه المرحلة فثة نشوء هذا العلم‪ ،‬وليست فثة كماله ونضجه‪ ،‬ألن‬
‫ّ‬
‫الدراسات الميدانية ‪ /‬التطبيقية تعد من الركائز األساسية لتكامل هذا العلم‪ ،‬بطبيعته‬
‫ّ‬
‫ومنهجيته ‪.‬‬
‫ّ‬
‫وقد ّ‬
‫والتطورية‪.‬‬
‫متداخلتي‪ ،‬هما ‪ :‬النشوئية‬
‫تمثت هذه المرحلة بظهور مدرست ري‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ويعود تداخلهما إل أن العالم ر‬
‫ر‬
‫بتفسث‬
‫يقوم‬
‫عندما‬
‫االجتماع‬
‫العالم‬
‫أو‬
‫‪،‬‬
‫وبولوج‬
‫األنث‬
‫ر‬
‫ِ‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الماض إل الحارص‪ ،‬ال بد أن يعمد إل تحديد‬
‫من‬
‫‪،‬‬
‫اجتماع‬
‫التطور يف أي نظام‬
‫عملية‬
‫ي‬
‫ي‬
‫نشأة هذا النظام‪ ،‬وذلك بالعودة إل المجتمعات البدائية لدراستها واستخداص صفاتها‬
‫ّ‬
‫تمثل التاري ــخ المبكر للجنس ر‬
‫البشي ‪.‬‬
‫وعداقاتها‪ ،‬باعتبارها‬
‫ّ‬
‫مثال ذلك ‪( :‬نشأة األشة وتطورها) من حيث اإلباحية الجنسية‪ ،‬وتعدد الزوجات‬
‫ا‬
‫وصوال إل وحدانية الزوجة‪ .‬وكذلك االنتساب إل األم ومن ّثم إل األب‪ .‬وهذه العودة إل‬
‫الشعوب البدائية‪ ،‬ال تقترص عىل ر‬
‫األنثوبولوجيا فحسب‪ ،‬بل تشمل سائر فروع المعرفة‬
‫الخاصة بالعلوم اإلنسانية ‪.‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫وف مقدمتهم ‪ /‬إدوارد تايلور‪ /‬بنظرية ‪ /‬داروين‪ ،‬يف‬
‫وقد تأثر رواد هذه المدرسة‪ ،‬ي‬
‫ّ‬
‫البشية‪ ،‬وتستند هذه النظرية إل ّأن العنارص المر ّ‬
‫ّ‬
‫الطبيعية للكائنات ر‬
‫كبة يف‬
‫تطور الحياة‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الحضارة اإلنسانية‪ ،‬تتطور باستمرار من األشياء البسيطة إل األشياء المعقدة‪ ،‬وهذا ما‬
‫ينسحب عىل ّ‬
‫تطور النظم االجتماعية‪.‬‬
‫ ‪- 002‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com152‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫المثقفي يف العالم‪ ،‬بأنه الرجل‬
‫األقل يف أذهان عامة‬
‫ويرتبط اسم ‪ /‬داروين ‪ /‬عىل‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫التطور متحديا فكرة الخلق‪ ،‬وذهب يف ذلك إل حد القول بانحدار‬
‫الذي نادى بنظرية‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫ر‬
‫تعبث األستاذ ‪/‬‬
‫البش من القردة العليا‪ .‬ولكن الحقيقة أكث تعقيدا من ذلك‪ ،‬حسب ر‬
‫ّ‬
‫كبث من‬
‫كريستوفر بوكر ‪ ./‬فلم يكن داروين هو مؤسس تلك النظرية‪ ،‬إذ سبقه إليها عدد ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الطبيعيي الذين كانوا يرون أن صور الحياة المختلفة‪ ،‬تطورت كلها عىل شكل‬
‫العلماء‬
‫ر‬
‫ً‬
‫ّ ً‬
‫ّ‬
‫ًّ‬
‫ّ‬
‫ومتمثا كل منها عن اآلخر ‪.‬‬
‫واحد بسيط‪ ،‬أي أن هذه األشكال لم تخلق خلقا مستقال‬
‫ر‬
‫وقد ر‬
‫بسبعي‬
‫انتشت هذه األفكار قبل ظهور كتاب داروين عن " أصل األنواع "‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫األقل‪ .‬وكان ّ‬
‫ّ‬
‫كل ما فعله ‪ /‬داروين‪ ،‬هو أنه قام بتجميع تلك األفكار واآلراء‬
‫سنة عىل‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫والتعمق‪.‬‬
‫كبث من محاولة الفهم‬
‫قدر‬
‫فيها‬
‫منهجية‪،‬‬
‫بطريقة‬
‫وتحليلها‬
‫لمتناثرة‪،‬‬
‫وا‬
‫المبعثة‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫األهم من‬
‫ولكن‬
‫التطور وترسيخها‪.‬‬
‫ومن هنا ساعد كتاب " أصل األنواع " يف توطيد فكرة‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الت حدث فيها التطور‪ ،‬ووضع‬
‫ذلك‪ ،‬هو أن الكتاب يقدم نظرية متماسكة عن الطريقة ي‬
‫الشهث عن " االنتخاب الطبيىع " الذي ّ‬
‫فش به استمرار بعض األنواع يف‬
‫يف ذلك مبدأه‬
‫ر‬
‫ي‬
‫الكثى ورصاعها من اجل الحياة‪.‬‬
‫الحياة ‪ ،‬واختفاء بعضها اآلخر يف معركتها ر‬
‫ّ ّ‬
‫ّ‬
‫ً‬
‫مفيدا ر‬
‫وف‬
‫لألنث‬
‫بيولوج يف األصل‪ ،‬إال أنه كان‬
‫وعىل الرغم من أنه مبدأ‬
‫ر‬
‫وبولوجيي‪ .‬ي‬
‫ر ي‬
‫ّ‬
‫ذلك يقول األستاذ ‪ /‬ألفريد كروبر‪ /‬وهو من أكث علماء ر‬
‫األنثوبولوجيا المعارصين ‪ " :‬إن‬
‫ر‬
‫ً‬
‫هناك نوعا من عدم التناسب ربي اإلسهام المحدود الذي أسهم به داروين يف العلم‪،‬‬
‫والذي ينحرص ف وضع مبدأ االنتخاب الطبيىع وتجسيده‪ ،‬وبي ّ‬
‫التأثث الهائل‬
‫كل ذلك‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫الكىل "‪ .‬فقد دفع هذا المبدأ علماء القرن‬
‫العلم‬
‫عىل‬
‫البيولوج‬
‫المبدأ‬
‫تأسيس‬
‫الذي تركه‬
‫ي‬
‫ي‬
‫التاسع ر‬
‫كثثة تتناول أصل‬
‫عش‪ ،‬إل البحث عن أصول األشياء‪ .‬وظهرت بذلك كتابات ر‬
‫الت‬
‫اللغة وأصل الحضارة‪ ،‬وأصل المجتمع والعائلة والدين‪ ،‬وما إل ذلك بالطريقة نفسها ي‬
‫تناول بها داروين مشكلة أصل األنواع‪( .‬أبو زيد‪) 01-02 ،0224 ،‬‬
‫ ‪- 153‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com153‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫التطوريون‪ ،‬عىل موضوعات ّ‬
‫معينة ‪ :‬كالدين والعائلة‪ ،‬والنسب‪،‬‬
‫ولذلك ركز العلماء‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫التطور‬
‫واعتثوا أن الحضارات البدائية المعارصة‪ ،‬تمثل شواهد دالة عىل مراحل‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الت مرت بها الحضارة الحالية المتقدمة ‪.‬‬
‫االجتماع ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ولكن ّ‬
‫جد ًا‪ ،‬وال ّ‬
‫سيما‬
‫التطور يف العصور القديمة‬
‫ثمة صعوبات قابلتهم‪ ،‬يف دراسة‬
‫التخمي واالفثاض من أجل‬
‫عصور ما قبل التاري ــخ‪ ،‬فعمدوا إل دراسة علم اآلثار أو‬
‫ر‬
‫إثبات نظريتهم‪)Nicholson , 1968, p.7( .‬‬
‫عش‪ ،‬استكمل ر‬
‫األخث من القرن التاسع ر‬
‫األنثوبولوجيون وضع العنارص‬
‫وف الربــع‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫األساسية لعلم األنثوبوجيا االجتماعية‪ ،‬عندما قام بعضهم بتصنيف المجتمعات البشية‬
‫عىل أسس أبنيتها االجتماعية‪ ،‬وليس عىل أسس ثقافاتها فحسب‪ .‬وهذا ما ّأدى إل ّ‬
‫تمث‬
‫ر‬
‫األنثوبولوجيا االجتماعية عن األنواع ر‬
‫ر‬
‫بالتال‪،‬‬
‫األنثوبولوجية األخرى‪ ،‬وأصبح موضوعها‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫يختص بالعداقات االجتماعية وليس بالظواهر الثقافية ‪.‬‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫األنثوبولوجيا إل الدراسات الميدانية‪.‬‬
‫واستنادا إل ذلك‪ ،‬امتد منهج دراسة‬
‫االنكثي ‪ /‬هادون ‪/‬عىل منطقة مضائق (تورليس)‬
‫الت قام بها العالم‬
‫ر‬
‫ر‬
‫واعتثت الدراسة ي‬
‫األنثوبولوجيا االجتماعية‪ ،‬حيث ّ‬
‫تحول أساسية ف تاري ــخ ر‬
‫مع بعثة علمية‪ ،‬نقطة ّ‬
‫رسخت‬
‫ي‬
‫أساسيي ‪:‬‬
‫أمرين‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫أولهما ‪:‬النظر إل ر‬
‫تخصص كامل‪.‬‬
‫األنثوبولوجيا االجتماعية‪ ،‬عىل أنها علم يحتا إل‬
‫ًّ‬
‫ً‬
‫رئيسيا يف هذا العلم ‪.‬‬
‫وثانيهما‪:‬اعتماد الدراسة الميدانية منهجا‬
‫ّ‬
‫ومع أن ‪/‬مورغان‪ /‬و ‪/‬بواز‪ /‬سبقا ‪/‬هادون‪ /‬يف دراسة بعض قبائل الهنود الحمر‪،‬‬
‫ ‪- 004‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com154‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫يحدد أساسيات منهج ر‬
‫األنثوبولوجيا‬
‫وبعض قبائل األسكيمو‪ ،‬فقد استطاع ‪ /‬هادون ‪ /‬أن‬
‫ّ‬
‫االجتماعية‪ ،‬ويجذب بعض العلماء إل ميدان هذا العلم الجديد‪ ،‬بعدما تخلوا عن‬
‫أئمة ر‬
‫اختصاصاتهم األصلية وأصبحوا من ّ‬
‫ر‬
‫العشين‪،‬‬
‫األنثوبولوجيا االجتماعية يف القرن‬
‫ّ ً‬
‫من أمثال ‪ :‬العالم ‪ /‬ريفر‪ /‬الذي كان متخصصا يف علم النفس‪ ،‬والعالم ‪ /‬سليجمان ‪/‬‬
‫ّ‬
‫ّ ً‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫تخصصه‬
‫متخصصا يف علم األمراض‪ .‬بل أن ‪ /‬هادون ‪ /‬نفسه‪ ،‬تخىل عن‬
‫الذي كان‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫لطق‪،4797 ،‬‬
‫األصىل يف (الحيوانات البحرية) وتحول إل األنثوبولوجيا االجتماعية ‪(.‬‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ص ‪)75‬‬
‫ّ‬
‫عش نشأة ر‬
‫مثل القرن التاسع ر‬
‫األنثبولوجيا االجتماعية‪ ،‬وإن كانت صورتها‬
‫وهكذا‪،‬‬
‫قصثة‪ ،‬حيث‬
‫الكثث من جهود العلماء ولفثة من الوقت ليست‬
‫غث ناضجة وتحتا إل‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ر‬
‫بدأت عنارص صورتها تستكمل وتزدهر يف نهاية هذا القرن والنصف األول من القرن‬
‫ر‬
‫العشين‪.‬‬
‫‪ -2‬القرن ر‬
‫العشون ‪:‬‬
‫ّ‬
‫وصلت ر‬
‫األنثوبولوجيا مع بداية القرن ر‬
‫التخصص بدراسة البت‬
‫العشين إل مرحلة‬
‫االجتماعية للمجتمعات‪ ،‬وال ّ‬
‫سيما المجتمعات القديمة‪ ،‬حيث ازدادت الدراسات‬
‫ّ‬
‫األنكلثي ‪ /‬رادكيف براون ‪ /‬عىل سكان خليج‬
‫الت قام بها‬
‫ر‬
‫الميدانية‪ ،‬ي‬
‫وف مقدمتها الدراسة ي‬
‫اعتثت المحاولة األول لفحص النظريات االجتماعية بالعودة إل مجتمع‬
‫والت ر‬
‫البنغال‪ ،‬ي‬
‫ّ‬
‫مالينوفسك ‪ /‬لسكان جزر (الثوبوبرياند) لمدة أربــع سنوات‪،‬‬
‫بدان‪ .‬وكذلك دراسة ‪/‬‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫واستخدم فيها لغة أهال هذه الجزر‪ .‬فكان بذلك ّأول ر‬
‫ير‬
‫وبولوج يتمكن من فهم حياة‬
‫أنث‬
‫ي‬
‫الناس وعداقاتهم االجتماعية‪ ،‬من خدال ّ‬
‫تتبع عاداتهم وتقاليدهم‪ ،‬وتحليل مدلوالتها‬
‫االجتماعية ‪.‬‬
‫ ‪- 155‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com155‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫فخدال الربــع ّ‬
‫ر‬
‫األنثوبولوجيون عىل جمع‬
‫األول من هذا القرن‪ ،‬عكف الباحثون‬
‫الت يحتاجون إليها من أجل إثبات ظاهرة االقتباس ربي الثقافات المختلفة‪.‬‬
‫الوثائق ي‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫التاريح‪ ،‬من وجهة نظر تاريـ ــخ الطريقة األنثوبولوجية‪ ،‬احتل مكان‬
‫ويداحظ أن العامل‬
‫ي‬
‫الصدارة يف دراسة المجتمعات‪ ،‬حت يف المحاوالت المبذولة إلثبات ظاهرة االنتشار‬
‫ّ‬
‫الباحثي‪ ،‬كانوا‬
‫الثقاف‪ ،‬الناجمة عن االحتكاك ربي الشعوب‪ .‬ويعود ذلك إل أن هؤالء‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ّ ً‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫التاريخية يف فهم العوامل الثقافية الدينامية‪( .‬لينتون‪،‬‬
‫أهمية البيانات‬
‫جيدا‬
‫يدركون‬
‫‪ ،4759‬ص ‪) 057‬‬
‫العشين‪ ،‬فقد أصبحت ر‬
‫ّأما ف الربــع الثان من القرن ر‬
‫لألنثوبولوجيا االجتماعية فروع‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫مستقلة ّ‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫وانتش‬
‫الثيطانية ‪..‬‬
‫الجامعات‬
‫ف‬
‫ما‬
‫سي‬
‫وال‬
‫األوروبية‪،‬‬
‫الجامعات‬
‫ف‬
‫س‬
‫تدر‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ي‬
‫مالينوفسك ‪ /‬الذي بدأ منذ عام‬
‫لتأثث علم ‪/‬‬
‫تطبيق منهج الدراسة الميدانية نتيجة‬
‫ر‬
‫ي‬
‫‪ ،4701‬بتدريب ر‬
‫وبولوجيي عىل القيام بالدراسات الميدانية ‪.‬‬
‫األنث‬
‫ر‬
‫وف عام ‪ ،4729‬أعاد ‪ /‬براون ‪ /‬تنظيم معهد ر‬
‫األنثوبولوجيا يف جامعة أكسفورد‪،‬‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫الخثة يف‬
‫مالينوسك وبراون ‪ /‬وتدامذتهما من ذوي‬
‫وطور مناهجه‪ .‬وبفضل جهود ‪/‬‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫صغثة يف‬
‫الدراسات األنثوبولوجية الميدانية‪ ،‬أجريت دراسات متعددة عىل مجتمعات‬
‫ر‬
‫األفريق يف‬
‫الدول‬
‫أفريقيا (دراسة نظم القرابة والطقوس والسياسة )‪ ،‬وأحدث المعهد‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫متخصصة ف علم ر‬
‫األنثوبولوجيا االجتماعية ‪.‬‬
‫جامعة أكسفورد‪ ،‬تصدر عنه مجلة‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫وتابعت ر‬
‫الثان من القرن‬
‫األنثوبولوجيا االجتماعية دراساتها المتقدمة‪ ،‬يف النصف‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫وبالتال إل التقارب ربي‬
‫العشين‪ ،‬مما أدى إل اتساع هذه الدراسات وازدهارها‪،‬‬
‫ي‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫التجريت‬
‫األن رثوبولوجيا االجتماعية واألنثوبولوجيا الثقافية ‪ ..‬وتم اعتماد تطبيق المنهج‬
‫ري‬
‫ا‬
‫كل باحث ر‬
‫بدال من المنهج المقارن‪ ،‬حيث سستند ّ‬
‫وبولوج – يف تطبيق المنهج‬
‫أنث‬
‫ر ي‬
‫ ‪- 006‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com156‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫بالتأكد من ّ‬
‫ّ‬
‫صحة‬
‫معي‪ ،‬ويقوم بدوره‬
‫التجريت – إل نتائج دراسة باحث آخر لمجتمع ر‬
‫ري‬
‫ّ‬
‫هذه النتائج من خدال قيامه بدراسة مجتمعات أخرى‪ .‬وبذلك‪ ،‬تصبح الفرضيات المتفق‬
‫ً‬
‫مبادئا عامة ف نهاية األمر‪ ،‬أو معارف متداولة ف مجال ر‬
‫األنثوبولوجيا االجتماعية ‪..‬‬
‫عليها‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫عزز من علم ر‬
‫األنثوبولوجيا يف العرص الحديث ‪.‬‬
‫وهذا ما‬
‫ُ‬
‫ثالثا‪ -‬أهداف ر‬
‫األنثوبولوجيا االجتماعية‬
‫تحديد نماذ عالية لألبنية االجتماعية ‪:‬‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫التوصل إل نوع من التصنيفات والنماذ لألبنية االجتماعية‪ ،‬يعد أمرا صعبا‬
‫إن‬
‫ّ‬
‫بالنظر إل عدم اتفاق العلماء عىل هذه النماذ من جهة‪ ،‬ولعدم وجود مصطلحات‬
‫عالمية لمفاهيم ر‬
‫األنثوبولوجيا االجتماعية من جهة أخرى‪ .‬هذا باإلضافة إل المشكلة‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الت تتمثل يف عدم وجود الدراسات الميدانية الشاملة للمجتمعات اإلنسانية‬
‫األساسية‪ ،‬ي‬
‫جميعها‪ ،‬عىل الرغم من محاوالت‬
‫الكثث من العلماء الوصول إل ذلك الهدف ‪.‬‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫فاإلنسان وحده ‪-‬من ربي المخلوقات – يتمتع بإمكانية تطوير سلوكه المكتسب‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫بالتنوع وبدرجة من التعقيد‬
‫ومؤسساته االجتماعية‪ ،‬تتصف‬
‫ونقله بالتعلم‪ ،‬وأن نظمه‬
‫ّ ّ‬
‫مما تتصف به األشكال االجتماعية ألي نوع آخر من أنواع الحيوان ‪.‬‬
‫أكث‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫المنطق لما يجرى من أبحاث حول المجتمع‪ ،‬هو دراسة‬
‫ولذلك نجد أن المنطلق‬
‫ي‬
‫معينة واعتبار ّ‬
‫كل منها وحدة متكاملة‪ّ .‬‬
‫أنظمة اجتماعية ّ‬
‫ومما سسهل المشكلة بعض‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫متمثة عن المجتمعات‪ ،‬إذ يمكننا ذلك من تجاهل المدى‬
‫الىسء‪ ،‬اعتبار األنظمة كيانات‬
‫ر‬
‫ي‬
‫كث عىل النماذ نفسها‬
‫الواسع لداختدافات الفردية يف‬
‫التعبث عن نماذ النظام‪ ،‬ومن الث ر‬
‫ر‬
‫ّ ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ه‬
‫وعداقاتها المتبادلة ‪.‬بيد أن المشكلة تظل معقدة بما فيه الكفاية‪ ،‬وأول مهمة للباحث ي‬
‫ ‪- 157‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com157‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫التحقق من النماذ وطبيعتها‪.‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫يتكون من عنارص يجمعها‬
‫االجتماع كله‪،‬‬
‫الت يرسمها باحث النظام‬
‫ي‬
‫إن الصورة ي‬
‫ّ‬
‫تتجمع‬
‫الت‬
‫واحدة واحدة‪ ،‬أي من النماذ الداخلة يف تركيب النظام‪ ،‬ومن المداحظات ي‬
‫ّ‬
‫لديه عن ّ‬
‫تكيفها وعداقاتها المتبادلة‪ ،‬كما تتكشف لـه يف أثناء ممارسة الناس الفعلية لها‪.‬‬
‫وال سستطيع العضو العادي يف أي مجتمع‪ ،‬أن سساعد الباحث يف هذا العمل‪ ،‬إذ ما من‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ً ّ‬
‫الت تنظم التفاعدات االجتماعية‪ ،‬تشكل نظاما إال يف حالة‬
‫أحد يدرك أن النماذ‬
‫ي‬
‫الصي وبداد‬
‫الت بلغت درجة عالية من التعقيد والث ّمت‪ ،‬كالمجتمعات يف‬
‫ر‬
‫المجتمعات ي‬
‫اإلغريق يف العصور القديمة‪ ،‬وأوروبا الحديثة‪( .‬لينتون‪ ،4751 ،‬ص ‪)215-215‬‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ولما كان اإلنسان قادرا عىل التفاهم مع أمثاله بواسطة أشكال اللغة الرمزية‬
‫ً‬
‫المبان االجتماعية‬
‫والمفاهيم‪ ،‬فهو وحده الذي استطاع أن يوجد أنواعا ال تحض من‬
‫ي‬
‫األساسية كبنيان األشة‪ .‬وإذا نظرنا إل حياة الجماعة يف أي نوع من أنواع ما دون اإلنسان‬
‫من الكائنات الحيوانية‪ ،‬وجدنا ّأن مبانيها االجتماعية ر‬
‫المبان اإلنسانية‪،‬‬
‫أكث رتابة من‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫وبالتال يمكن توقعها ألن كل جيل من أجيالها يتعلم السلوك المشثك ربي معارصيه‬
‫ي‬
‫جميعهم‪ ،‬بينما يبت اإلنسان عىل تجارب ّ‬
‫كل من سبقه‪( .‬هرسكوفيث‪ ،4791 ،‬ص ‪) 20‬‬
‫ي‬
‫ً‬
‫ثداثي عاما يف الدراسة‪ ،‬للوصول إل بعض‬
‫وقد أنفق العالم ‪ /‬رادكليف براون ‪/‬‬
‫ر‬
‫النماذ العامة لألبنية االجتماعية‪ .‬وبفضل جهوده وجهود علماء آخرين‪ ،‬أصبح هناك‬
‫العشثة ‪ -‬القبيلة ‪-‬‬
‫االجتماع‪ ،‬مثال‪( :‬‬
‫اتفاق شبه عام عىل بعض النماذ األساسية للبناء‬
‫ر‬
‫ي‬
‫الدولة – ّ‬
‫األمة –المجتمع) ‪.‬‬
‫واستطاع هؤالء العلماء تحديد األشكال األشية الرئيسة‪ ،‬يف المجتمعات اإلنسانية‪.‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الت يثتب عليها ذلك‬
‫ويعد ذلك خطوة هامة نحو الوصول إل‬
‫ر‬
‫القواني االجتماعية‪ ،‬ي‬
‫ ‪- 008‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com158‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫التنوع الملحوظ يف األبنية االجتماعية المختلفة‪ ،‬وما أطلق عليه اصطداحا ‪( :‬الدراسات‬
‫المورفولوجية )‪.‬‬
‫‪-0‬تحديد مظاهر التداخل والثابط ربي النظم االجتماعية ‪:‬‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫األنثوبولوجية‪ ،‬يف‬
‫الكىل ‪ /‬المتكامل يف الدراسات‬
‫أهمية استخدام المنهج‬
‫تبدو‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫الت‬
‫االجتماعية‪،‬‬
‫النظم‬
‫بي‬
‫المتبادل‬
‫التأثث‬
‫تحديد‬
‫ف‬
‫ل‬
‫يتمث‬
‫الذي‬
‫الهدف‬
‫ذلك‬
‫تحقيق‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫االجتماع الواحد‪ .‬ويــهتم العلماء اليوم‪ ،‬بهذا الهدف‪ ،‬إذ ال يوافقون‬
‫تدخل يف نطاق البناء‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫الوصق فحسب‪ ،‬وإنما ال بد من‬
‫عىل اقتصار الدراسة األنثوبولوجية عىل الجانب‬
‫ي‬
‫التأثث‬
‫التحليل للكشف عن الوظائف االجتماعية للنظم االجتماعية‪ ،‬عن طريق تحديد‬
‫ر‬
‫المتبادل فيما بينها‪.‬‬
‫كثثة عن هذا الموضوع‪ ،‬حيث يطلق العالم ‪ /‬براون ‪ /‬عىل‬
‫وقد عرضت أمثلة ر‬
‫ً‬
‫ً‬
‫تميثا لها‬
‫الفثيولوجية) ر‬
‫ترم إل تحقيق ذلك الهدف اصطداحا ‪( :‬الدراسة ر‬
‫الت ي‬
‫الدراسة ي‬
‫عن الدراسات الخاصة بالهدف السابق (الدراسات المورفولوجية )‪.‬‬
‫ّ‬
‫إن مشكلة حقيقة األنظمة االجتماعية‪ ،‬ه مشكلة فلسفية ر‬
‫أكث منها مشكلة عملية‪.‬‬
‫ي‬
‫ّ ّ‬
‫ّ ً‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫تكيفا‬
‫تتكيف بعضها مع بعض‬
‫الت‬
‫والمهم يف األمر هو أن مركب النماذ االجتماعية ي‬
‫ا‬
‫ّ‬
‫االجتماع – يتطور ويعمل بارتباط‬
‫متبادال _ وهو ما اصطلح عىل تسميته بالنظام‬
‫ي‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫مستمر مع سائر عنارص الثقافة‪ ،‬وأن النماذ يجب أن تتكيف مع هذا النسق تماما كما‬
‫ّ‬
‫ً‬
‫تتكيف بعضها مع بعض‪ّ .‬أما المجموع الكىل للثقافة‪ ،‬فيجب أن ّ‬
‫ّ‬
‫يتكيف بدوره أيضا‪ ،‬مع‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ومتنوعة للسيطرة عىل‬
‫كثثة‬
‫البيئة الطبيعية للمجتمع‪ ،‬ألن اإلنسان قد يطور وسائل ر‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫يتحرر من أثرها ‪.‬‬
‫البيئة واستغدالها‪ ،‬ولكنه ال سستطيع أبدا أن‬
‫ ‪- 159‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com159‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫اجتماع‪ ،‬هو جزء من وحدة متناسقة متكاملة‪،‬‬
‫ولذلك‪ ،‬يمكن القول ‪ :‬إن كل نظام‬
‫ي‬
‫ًّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫فه‬
‫الت تتكون منها هذه الوحدة‪ ،‬ي‬
‫أوسع جدا يف مداها من النظام نفسه‪ ،‬أما العنارص ي‬
‫ّ‬
‫االجتماع‪ ،‬إال إذا درس يف ضوء عداقته‬
‫متشابكة ومتداخلة‪ .‬وال يمكن فهم النظام‬
‫ي‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫تظل تفرض باستمرار حدودا عىل‬
‫تضم عنارص أخرى‬
‫الت‬
‫بالوحدة المتناسقة‬
‫ر‬
‫الكبثة‪ ،‬ي‬
‫ّ‬
‫نموه وعمله‪( .‬لينتون‪ ،4751 ،‬ص ‪)219‬‬
‫وبذلك يكون عىل الباحث – من وجهة النظر الوظيفية ‪-‬أن يأخذ يف الحسبان‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ا‬
‫االجتماع أو ذاك‪ ،‬وهما‪:‬‬
‫أساسيي يلعبان دورا تبادليا وفاعال يف هذا النظام‬
‫عاملي‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫الت ينشأ عليه هؤالء‬
‫النموذ الذي يعرفه األفراد ويؤثر يف سلوكاتهم من جهة‪ ،‬والثقافة ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الكلية للمجتمع من جهة أخرى‪ ،‬وذلك ألن األنظمة‬
‫والت تعت بتلبية الحاجات‬
‫األفراد‪،‬‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الكىل للثقافة ‪.‬‬
‫االجتماعية ال يمكن أن تؤدي وظيفتها‪ ،‬إال كجزء من المجموع ي‬
‫االجتماع ‪:‬‬
‫التغيث‬
‫‪-2‬تحديد عمليات‬
‫ر‬
‫ي‬
‫تهدف الدراسات ر‬
‫االجتماع‬
‫التغيث‬
‫األنثوبولوجية االجتماعية‪ ،‬إل تحديد خصائص‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫التغيث أو‬
‫والت تحدث يف األبنية االجتماعية‪ ،‬سواء ذات المعدل الشيـ ــع يف‬
‫وعملياته‪،‬‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫البطء ‪.‬‬
‫ل‬
‫المعد‬
‫أو‬
‫ط‬
‫المتوس‬
‫المعدل‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫اهتمت بدراسة أثر‬
‫وقد ال حظ ‪ /‬براون ‪ /‬أن الدراسات الخاصة بذلك الهدف‪،‬‬
‫ّ‬
‫االجتماع‬
‫التغيث‬
‫ولكن‬
‫القبائىل يف أفريقيا وآسيا‪.‬‬
‫الحروب االستعمارية عىل النظام‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫فه أعمق يف دراستها من‬
‫عملية معقدة‪ ،‬متعددة الجوانب ومختلفة العوامل‪ .‬ولذلك‪ ،‬ي‬
‫ّ‬
‫التطور‪ ،‬تستلزم ظهور‬
‫التغيث أو‬
‫مختلفتي‪ .‬فعملية‬
‫حضارتي‬
‫حيث الجمع ربي عنارص‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ً‬
‫أشكال جديدة من األنماط واألبنية االجتماعية‪ ،‬كما تستلزم أيضا‪ ،‬االنتقال من األشكال‬
‫ّ‬
‫وصق‪ ،4775 ،‬ص ‪)491‬‬
‫البسيطة إل األشكال المركبة‪( .‬‬
‫ي‬
‫ ‪- 061‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com160‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫فلكل مجتمع طريقته الخاصة ف الحياة‪ ،‬والت يطلق عليها العلماء ر‬
‫ّ‬
‫األنثوبولوجيون‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫الت يتعامل معها الباحث‬
‫مصطلح " الثقافة "‪.‬‬
‫ر‬
‫ويعتث مفهوم الثقافة من أهم األدوات ي‬
‫ر‬
‫ه الحال يف األبحاث العلمية األخرى‪ ،‬تنحرص الخطوة األول يف‬
‫األنث‬
‫ر ي‬
‫وبولوج‪ .‬وكما ي‬
‫ّ‬
‫األثنولوج‪ ،‬القيام‬
‫جمع الحقائق عن األنماط الثقافية المختلفة‪ ،‬ويتطلب هذا من العالم‬
‫ر ي‬
‫بأبحاث ميدانية يف أماكن نائية‪ ،‬وإل العمل يف أنوع مختلفة من المجتمعات‪( .‬لينتون‪،‬‬
‫‪ ،4795‬ص ‪) 05‬‬
‫ّ‬
‫البشية تعيش ف ّ‬
‫وبما ّأن الكائنات ر‬
‫وتطور طرقها الخاصة يف‬
‫تجمعات (مجتمعات)‬
‫ي‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫كبثا يف عمليات‬
‫الحياة بما يتداءم مع أوضاعها الخاصة والعامة‪ ،‬فنن للثقافة هنا دورا ر‬
‫والسلوك ‪.‬‬
‫االجتماع‪ ،‬الفكري‬
‫التغيث‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫يتعي عىل الدراسات ر‬
‫ّ‬
‫االجتماع‪،‬‬
‫التغيث‬
‫األنثوبولوجية أن تحدد عمليات‬
‫ر‬
‫ومن هنا ر‬
‫ي‬
‫كيفية ّ‬
‫ّ‬
‫تطور‬
‫بطريقة الكشف عن األنماط واألبنية االجتماعية الجديدة‪ ،‬وكذلك تحديد‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الظواهر االجتماعية البسيطة‪ ،‬إل ظواهر اجتماعية مركبة‪ ..‬وهذا يتطلب الدراسات‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫والمعمقة‪.‬‬
‫الميدانية المركزة‪،‬‬
‫ ‪- 111‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com161‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫مصادر الفصل ومراجعه‬
‫العرن‪ ،‬الكويت‪.‬‬
‫العرن ‪ ،15‬مجلـة‬
‫ أبو زيد‪ ،‬حامد (‪ )0224‬الطريق إل المعرفة‪ ،‬كتاب‬‫ري‬
‫ري‬
‫ بريتشارد‪ ،‬إدوارد (‪ )4795‬ر‬‫األنثبولوجيا االجتماعية‪ ،‬ط ‪ ،5‬ترجمة ‪ :‬أحمد أبو زيد‪،‬‬
‫الهيئة المرصية العامة للكتاب‪ ،‬االسكندرية ‪.‬‬
‫ الجباوي‪ ،‬عىل (‪ )4779/ 4775‬ر‬‫األنثوبولوجيا – علم اإلناسة‪ ،‬جامعة دمشق ‪.‬‬
‫ي‬
‫ لطق‪ ،‬عبد الحميد‪ )4797( ،‬ر‬‫األنثوبولوجيا االجتماعية‪ ،‬دار المعارف بمرص‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫ي‬
‫ لينتون‪ ،‬رالف (‪ )4751‬دراسة اإلنسان‪ ،‬ترجمة ‪ :‬عبد الملك الناشف‪ ،‬المكتبة العرصية‪،‬‬‫ربثوت‪.‬‬
‫ لينتون‪ ،‬رالف (‪ )4759‬ر‬‫األنثوبولوجيا وأزمة العالم الحديث‪ ،‬ترجمة ‪ :‬عبد الملك‬
‫الناشف‪ ،‬المكتبة العرصية‪ ،‬ربثوت‪.‬‬
‫‪ -‬هرسكوفيث‪ ،‬ميليفل‪.‬‬
‫(‪ )4791‬أسس ر‬
‫األنثوبولوجيا االجتماعية‪ ،‬ترجمة ‪ :‬رباح‬
‫النفاخ‪ ،‬وزارة الثقافة‪ ،‬دمشق ‪.‬‬
‫ّ‬
‫والشخصية‪ ،‬دار المعارف بمرص ‪.‬‬
‫وصق‪ ،‬عاطف (‪ )4799‬الثقافة‬
‫‬‫ي‬
‫‪- Nigholson , C (1968) Anthropology Development and Personality , 2‬‬
‫‪nd Ed , New York, Harper .‬‬
‫ ‪- 062‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com162‬‬
www.facebook.com/tanweerlibrary
- 113 https://attanweerlibrary.blogspot.com163
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫الفصل السادس‬
‫المنهج ر‬
‫األنثوبولوج والدراسات الميدانية‬
‫ّ‬
‫مقــدمـة‬
‫ا‬
‫أول‪ -‬ر‬
‫األنثوبولوجيا ّبي النظرية والتطبيق‬
‫ثانيا‪ -‬الباحث ر‬
‫األنثوبولوج والميدان‬
‫ثالثا‪ -‬طرائق البحث ر‬
‫األنثوبولوج الميدان وأدواته‬
‫ ‪- 064‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com164‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫مقــدمـة‬
‫ّ‬
‫يعد علم اإلنسان ( ر‬
‫األنثوبولوجيا)‬
‫التال ‪ :‬هل‬
‫قد يكون من المفيد أن نبدأ بالسؤال‬
‫ي‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫علما؟ واإلجابة عن هذا السؤال تبدو إيجابية يف ظاهرها‪ ،‬وسلبية يف ضمنيتها‪ .‬فثمة‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ممثلون للعلوم (الحقيقية) يرون أن هناك ثغرة (عائقا) تحول دون عضوية علم اإلنسان‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫المسم بـ(العلوم اإلنسانية )‪.‬‬
‫يف زمرة العلوم‪ ،‬وتتمثل يف تخلفه عن ذلك العالم المهيب‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫إن الواجب الذي يقع عىل عاتق العلوم جميعها‪ ،‬يتمثل يف دراسة الثوابت‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ومكوناتها‬
‫الت تبث الحياة يف مجاالتها ؛ فعلم األحياء‪ ،‬يدرس أشكال الحياة‬
‫ر‬
‫والمتغثات ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الدامتغثات‪ ،‬وثمة تنافس يف هذا المجال بينه‬
‫يف العالم‪ .‬وعلم االجتماع‪ ،‬يركز عىل دراسة‬
‫ر‬
‫وبي علم األعراق‪.‬‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫بأن علم اإلنسان‪ ،‬لـه ّ‬
‫مهمة محددة عليه إنجازها‪ ،‬وأن‬
‫وعندما نبدأ بالفكرة القائلة‬
‫ً ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫للتثير عمليا‪ ،‬وأنه ليس يف مستطاع أي مجال من العلوم‬
‫هذه‬
‫المهمة حيوية‪ ،‬وأنها قابلة ر‬
‫ّ ً ّ‬
‫األخرى االضطداع بها‪ ،‬حت وإن كان ذلك مؤقتا‪ .‬وأن هذا القطاع أو ذاك من علم األحياء‪،‬‬
‫ّ‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫فنن ذلك ّ‬
‫يغث بشكل جذري‬
‫يعلن اكتشافه لطريقة تمكنه من فعل كذا وكذا – يوما ما ‪-‬‬
‫ر‬
‫األسلوب الذي نرى به المشكلة ‪.‬‬
‫ّ‬
‫ومن هذا المنطلق ّ‬
‫تميث الثعة العلمية لعلم اإلنسان‪ ،‬فيما يتصل بالعداقة ربي‬
‫يتم ر‬
‫الت يكتسبها يف طريقه ألداء مهامه‪.‬‬
‫الت يضعها علم اإلنسان ذاته‪ ،‬ر‬
‫وبي الوسائل ي‬
‫الغاية ي‬
‫ّ‬
‫ولك نقثب من جوهر المشكلة‪ ،‬ال بد من مقارنة الثعة العلمية المفثضة عند (علم‬
‫ي‬
‫اإلنسان) بحقيقة علمية معلومة‪ ،‬وذلك بغية تحديد أوجه التوافق واالختداف‪ ،‬أو‬
‫علم )‪ .‬وهذا ما‬
‫الت تمنع علم اإلنسان من أن يتوافق مع نموذ ( ي‬
‫باألحرى أوجه النقص ي‬
‫سنحاول مناقشته يف هذا الفصل‪.‬‬
‫ ‪- 115‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com165‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ا‬
‫أوال‪ -‬ر‬
‫األنثوبولوجيا ربي النظرية والتطبيق‬
‫ً‬
‫ً‬
‫إذا كان علم اإلنسان ( ر‬
‫األنثوبولوجيا) ليس علما‪ ،‬وال سشبه أبدا أي علم من العلوم‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ينته ألنه لن يكون‬
‫الطبيعية (التطبيقية )‪ ،‬فنن النقاش يف طبيعة هذا العلم شعان ما‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫ع بالمنهجية العلمية‪.‬‬
‫مجديا‪،‬‬
‫ي‬
‫وبالتال ال يحق لألنثبولوجيا أن تد ي‬
‫ّ‬
‫لكن الميدان هو مخث عالم ر‬
‫األنثبولوجيا الثقافية ‪ -‬كما يقول ‪ /‬هرسكوفيث‪ ،/‬حيث‬
‫ر‬
‫ً‬
‫ر‬
‫لك يقوم بعمله إل موطن الشعب الذي اختاره موضوعا للدراسة‪،‬‬
‫يذهب األنث ر ي‬
‫بولوج ي‬
‫فيستمع إل أحاديثهم ويزور بيوتهم‪ ،‬ويحرص طقوسهم ويداحظ سلوكهم العادي ‪..‬‬
‫ويسألهم عن تقاليدهم‪ ،‬ويتآلف مع طريقة حياتهم حت تصبح لديه فكرة شاملة عن‬
‫ّ‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ر‬
‫اف‬
‫ثقافتهم‪ ،‬أو يحلل جانبا خاصا من جوانبها‪ .‬فعالم األنثوبولوجيا‪ ،‬يف عمله هذا‪ ،‬أثنوغر ي‬
‫ّ‬
‫وجامع للمعلومات‪ ،‬يحللها ويربطها بمعلومات أخرى‪ ،‬عندما يرجع من الميدان‪.‬‬
‫تطبيق‪.‬‬
‫علم‬
‫وف ذلك جانب‬
‫(هرسكوفيث ‪ ،4791،‬ص ‪ )95‬ي‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ً‬
‫ر‬
‫التطبيق إذن‪ ،‬تشكل فرعا من فروع‬
‫الميدان ‪/‬‬
‫فاألنثوبولوجيا يف جانبها‬
‫ي‬
‫ي‬
‫الفنية ر‬
‫ّ‬
‫األنثوبولوجيا‪،‬‬
‫العمىل للمعلومات واألساليب‬
‫األثنولوجيا‪ ،‬حيث يدرس التطبيق‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫والت يحتك بها اإلنسان المتحرص‪ ،‬سواء‬
‫بسيطة‪،‬‬
‫بدائية‬
‫الت تعيش حياة‬
‫ي‬
‫عىل الشعوب ي‬
‫الخارج ‪( .‬كلوكهون‪ ،4751 ،‬ص‬
‫عن طريق الدراسة‪ ،‬أو عن طريق االستعمار أو االحتدال‬
‫ر ي‬
‫‪)252‬‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫األنثوبولوجية الميدانية‪ ،‬نشطت بشكل واسع‬
‫ولذلك‪ ،‬يداحظ أن الدراسات‬
‫وازدهرت‪ ،‬ف أعقاب الحرب العالمية الثانية حيث لجأت الدول المستعمرة‪ ،‬وال ّ‬
‫سيما‬
‫ِ‬
‫ي‬
‫الت تستعمرها‪ ،‬بغية‬
‫(أمريكا وبريطانيا وفرنسا) إل تشجيع هذه الدراسات عىل الشعوب ي‬
‫ ‪- 066‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com166‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫التوصل إل معارف دقيقة عن األنظمة السياسية واالجتماعية السائدة عند هذه‬
‫ّ‬
‫الشخصية والمعيشية‪ ،‬بما يف ذلك من طقوس دينية‬
‫والت تنعكس يف أحوالها‬
‫الشعوب‪ ،‬ي‬
‫وعادات وتقاليد‪ ،‬وأساليب تعاملية ربي أفراد المجتمع ‪.‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫المستعمرة إدارة الحكم يف مجتمعات الشعوب‬
‫سسهل عىل الدول‬
‫وهذا كله‬
‫ِ‬
‫َ‬
‫خثاتها‪ ،‬بذريعة تنميتها وتطويرها‪.‬‬
‫المستعمرة‪ ،‬واستغدال مواردها االقتصادية ونهب ر‬
‫ً‬
‫وهكذا‪ ،‬برزت ر‬
‫األنثوبولوجيا الميدانية ‪ /‬التطبيقية‪ ،‬علما سساعد يف تحقيق أمرين‬
‫أساسيي‪ ،‬يف المجتمعات المدروسة ‪:‬‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫المحىل‪ ،‬يف المجتمعات البدائية‬
‫حل المشكدات الناتجة عن اإلدارة والحكم‬
‫‪-4‬‬
‫ي‬
‫والمحلية ‪.‬‬
‫التغيث الحضاري الشي ــع يف هذه المجتمعات‪ ،‬والمساعدة يف‬
‫‪ -0‬معالجة مشكدات‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫التكيف المناسب‪( .‬نارص‪ ،4795 ،‬ص ‪) 90‬‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫األنثوبولوجيا النجاح ألهدافه وبحوثه ودراساته‪ ،‬فقد جرى‬
‫ولك يحقق عالم‬
‫ي‬
‫الت تعيش خار التيار‬
‫التقليد أن يقوم بأبحاثه الميدانية لدى الشعوب (البدائية) ي‬
‫ّ‬
‫الت تعرف الكتابة‪،‬‬
‫ة‬
‫المتحرص‬
‫التاريح للثقافة األورو‪ -‬أمريكية‪ ،‬أو الثقافات األخرى‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫وذلك بغية المقارنة وإيجاد أوجه التشابه واالختداف يف السياقات التاريخية التطورية‬
‫للثقافات اإلنسانية المختلفة‪.‬‬
‫ً‬
‫ر‬
‫بولوج والميدان‬
‫ثانيا‪ -‬الباحث األنث ر ي‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫الت يعمل يف ربوعها‪ ،‬ألنه سستطيع أن يحصل‬
‫يدرس عالم األنثبولوجيا‪ ،‬الشعوب ي‬
‫ ‪- 117‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com167‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫تلق الضوء عىل المشكدات الرئيسة‪ ،‬يف طبيعة الثقافة وعملها‪،‬‬
‫الت ي‬
‫منها عىل المعلومات ي‬
‫االجتماع‪ .‬وبــهذا النوع من التقاط المعلومات‪ ،‬نتمكن من دراسة‬
‫وف سلوك اإلنسان‬
‫ي‬
‫ي‬
‫بعض المشكدات العامة‪ ،‬مثل ‪ :‬أثر المناخ أو العرق أو االستعدادات السيكولوجية‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫المؤثرة يف ثقافة اإلنسان‪ ،‬وتنوع أشكالها وسياق تاريخها‪.‬‬
‫غثها من العوامل‬
‫الفطرية‪ ،‬أو ر‬
‫(هرسكوفيث‪ ،4791 ،‬ص‪)95‬‬
‫ّ‬
‫أال يغفل الباحث ر‬
‫تعتث بالنسبة لـه‬
‫األنث‬
‫يعت‪،‬‬
‫الت ر‬
‫ر ي‬
‫وبولوج أحداث التاري ــخ ي‬
‫وهذا ي‬
‫ًّ‬
‫ً‬
‫الحتم‬
‫الت يمكنه اإلفادة منها يف محاولته الكشف عن‬
‫ي‬
‫مصدرا مهما للتجارب ي‬
‫ّ‬
‫ً‬
‫الداشعوري للظواهر‪ .‬ونظرا لعدم إمكان التنبؤ يف التاري ــخ‪ ،‬فننه يصبح من الرصوري‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫بسجل دقيق ومضبوط لألحداث التاريخية‪ ،‬وإل حد بعيد‪ .‬وإذا كان ‪/‬سثوس‬
‫االحتفاظ‬
‫‪ /‬سشث ف كتابه " ر‬
‫الشهثة ‪ " :‬إن ر‬
‫البش هم‬
‫األنثوبولوجيا البنائية " إل عبارة ‪ /‬ماركس ‪/‬‬
‫ر‬
‫ر ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الت رتثز‬
‫الذين يصنعون تاريخهم‪ ،‬ولكنهم ال يدركون هذه الحقيقة "‪ ،‬فنن هذه العبارة ي‬
‫ً‬
‫أيضا ر‬
‫األنثوبولوجيا‪( .‬أبو زيد‪ ،0224 ،‬ص ‪) 91‬‬
‫التاريـ ــخ‪ ،‬رتثز‬
‫وقد ّأدت الحاجة إل ّ‬
‫األخثة –أينما وجدت‪ ،‬إل زيادة‬
‫تقض المعلومات يف السنوات‬
‫ر‬
‫ي‬
‫استخدام مناهج علم ر‬
‫األنثوبولوجيا الميدانية‪ ،‬يف دراسة الشعوب‪ ،‬ليس البدائية فحسب‪،‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫وف أماكن متعددة من العالم ‪.‬‬
‫بل والشعوب المتعلمة أيضا ا‪ ،‬ي‬
‫ً‬
‫ّ ً‬
‫ولذلك‪ ،‬ينتهج الباحث ر‬
‫وبولوج منهجا محددا يف بحثه‪ ،‬ويستخدم مجموعة‬
‫األنث‬
‫ر ي‬
‫من الوسائل واألدوات للحصول عىل بياناته ‪ ..‬ويتبع مجموعة من الخطوات قبل القيام‬
‫وف أثنائه‪ ،‬كما يواجه بعض الصعوبات والمشكدات‪ ،‬عليه أن يتعامل معها‬
‫بالبحث ي‬
‫ًّ‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫وبولوج األول‪ ،‬منصبا عىل مداحظة‬
‫ببدائل مناسبة‪ .‬فقدكان اهتمام الباحث األنث‬
‫ر ي‬
‫الت تحكم المجتمعات اإلنسانية‪ ،‬أو الكشف عنها‪ ،‬وواجهته‬
‫ر‬
‫القواني الرئيسة العامة ي‬
‫ ‪- 068‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com168‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ ّ‬
‫ا‬
‫ّ‬
‫سيما أن نموذ الثقافة‬
‫مجموعة من الصعوبات‪ ،‬لكنه لم ييأس من إنجاز بحثه كامال‪ ،‬وال‬
‫ً‬
‫ا‬
‫اإلنسانية ليس بسيطا وليس سهال‪( .‬جابر‪ ،4774 ،‬ص ‪) 49‬‬
‫ّ‬
‫الميدان‪ ،‬ذلك االرتباط الوثيق ربي‬
‫العلم ‪/‬‬
‫المثات األساسية للمنهج‬
‫إن من ر‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫الكمية يف‬
‫بالتال عىل استخدام التقنيات‬
‫المنهح‪ ،‬والمنطوي‬
‫النموذ النظري والنموذ‬
‫ر ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫األنثوبولوجية‪ ،‬والذي سشبه – إل حد بعيد‪ -‬ذلك االرتباط ربي النظرية‬
‫الدراسات‬
‫الت ما زالت موضع نقاشات حادة ‪.‬‬
‫والمنهج يف العلوم الجديدة‪ ،‬ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫األنثوبولوجية بميادينها المختلفة‪ ،‬تتمثل يف‬
‫ولكن األسس الهامة يف الدراسات‬
‫إقامة الباحث ف مكان دراسته‪ ،‬يعاسش الجماعة كما ه ف الواقع‪ ،‬ويحصل عىل ّ‬
‫كل ما‬
‫ي ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫يريده من عداقات وقيم وعادات وأنماط حياة‪ ،‬تحدد طبيعة هذا المجتمع وهويته‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫فنن ّ‬
‫مالينوفسك‪ -‬ال بد أن سستند إليها‬
‫ثمة مبادىء أساسية – كما يرى‬
‫الثقافية‪ .‬ولذلك‪،‬‬
‫ي‬
‫ر‬
‫وه ‪:‬‬
‫وبولوج يف بحثه‬
‫األنث‬
‫ي‬
‫ر ي‬
‫الميدان‪ ،‬ي‬
‫ً ًّ‬
‫ًّ‬
‫ر‬
‫األنثوبولوجية‪ ،‬وأن‬
‫تاما بالمعلومات‬
‫ملما إلماما‬
‫الميدان‬
‫‪ -4‬أن يكون الباحث‬
‫ي‬
‫علم واضح لموضوع بحثه ‪.‬‬
‫يكون لديه هدف‬
‫ي‬
‫‪ -0‬أن يعيش الباحث ( ر‬
‫الميدان‪ ،‬يف المجتمع الذي يدرسه‪ ،‬ويقطع‬
‫وبولوج)‬
‫األنث‬
‫ي‬
‫ر ي‬
‫ّ‬
‫الت يدرسها ‪.‬‬
‫اتصاله بالعالم‬
‫ر ي‬
‫الخارج بصورة تامة‪ ،‬ويحرص اهتمامه بالجماعة ي‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫‪ -2‬أن ّ‬
‫وتفسثها‪ ..‬أي أن‬
‫يطبق عددا من األساليب‪ ،‬يف جمع المعلومات وتبويبها‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الميدان‪ ،‬ألن بعض الطرائق‬
‫عليه أن سستخدم طرائق عدة مختلفة من طرائق البحث‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫الت يمكن أن تصلح لدراسة ظاهرة ر‬
‫أنثوبولوجية محددة‪ ،‬قد ال يصلح تطبيقها يف دراسة‬
‫ي‬
‫ظاهرة أخرى‪( .‬نارص‪ ،4795 ،‬ص ‪)92‬‬
‫ ‪- 119‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com169‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫بولوج عامل واحد فحسب‪ ،‬يف الحالة الميدانية‪ ،‬فنن الطريقة‬
‫ولكن بما أن األنث ر ي‬
‫ً‬
‫الت‬
‫الت يحسن استخدامها‪ ،‬إذ يجب إن يأخذ الجماعة ي‬
‫ه الطريقة ي‬
‫المثىل ليست دائما‪ ،‬ي‬
‫ّ‬
‫الت قد تهيمن عىل‬
‫ه ي‬
‫يدرسها يف الحسبان‪ ،‬ألن تصوراتها وأحكامها المسبقة ومخاوفها‪ ،‬ي‬
‫الميدان‪ .‬وهذا الموقف العام الذي ال يلق االهتمام الكاف من الباحث ر‬
‫وبولوج‪ ،‬هو‬
‫األنث‬
‫ر ي‬
‫ي‬
‫اإلنسان الذي تجب دراسته بعناية فائقة ‪.‬‬
‫من صميم العنرص‬
‫ي‬
‫وإذا كان االعتقاد السائد لسنوات عديدة ف مجال البحث ر‬
‫الميدان‪،‬‬
‫وبولوج‬
‫األنث‬
‫ي‬
‫ر ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫هو أن األشخاص الراشدين هم وحدهم القادرون عىل إعطاء الباحث صور حقيقية عن‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫يصح اليوم‪ ،‬ألن الثقافة ه ما تصنعه الثقافة‪ّ ،‬‬
‫وتنوع‬
‫الثقافة ‪ ، ..‬فنن هذا االعتقاد ال‬
‫ي‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫السلوك المقبول لدى الجماعة‪ ،‬سسمح بأن يتخذ الرجال سلوكا مغايرا لسلوك النساء‪ .‬وأن‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫يتخذ سلوك األحداث سلوكا مغايرا لسلوك الراشدين ‪ ..‬ولذلك‪ ،‬فنن أفضل طريقة يتبعها‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫ه أن يتحدث إل الرجال والنساء‪،‬‬
‫األنث‬
‫العالم‬
‫ر ي‬
‫وبولوج يف البحث عن الثقافة‪ ،‬ي‬
‫ر‬
‫وف أكث ما يمكن من األوضاع‪.‬‬
‫واألحداث والراشدين‪ ،‬ومداحظة ر‬
‫أكث عدد من األفراد‪ ،‬ي‬
‫(هرسكوفيث‪ ،4791 ،‬ص ‪)77‬‬
‫وبما ّأن علم ر‬
‫ّ‬
‫يتضمن يف بعض فروع دراسته‪ ،‬المنهج المقارن‪ ،‬كما يف‬
‫األنثوبولوجيا‪،‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫يدل عىل نوع من‬
‫فرع للمقارنة ‪ ،‬طالما أنه‬
‫(األثنولوجيا )‪ ،‬فنن التجريب هو شكل‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫التوصل إل مقارنات‪ .‬وتسىع التجربة إل إنشاء اتصال منتظم ربي‬
‫الت تهدف إل‬
‫الطرائق ي‬
‫ّ‬
‫احتماالت عدة‪ ،‬تكون مقارنة بعضها قبل التجربة‪ ،‬وبعضها اآلخر بعد التجربة ‪..‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الت تحاول الطريقة تنفيذها بإتقان‪ ،‬إال فيما يتصل‬
‫وباختصار‪ ،‬تتم مقارنة المواقف ي‬
‫ّ‬
‫محددة عىل نطاق ّ‬
‫ضيق ‪.‬‬
‫بمشكلة‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫وإذا كان علم اإلنسان ( ر‬
‫كبثا يف بضعة عقود‬
‫األنثوبولوجيا)‬
‫الوصق‪ ،‬قد حقق تقدما ر‬
‫ي‬
‫ ‪- 001‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com170‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫وتأثثاتها النفسية‬
‫من نشأته‪ ،‬فنن ذلك لم يعد كافيا لدراسة ثقافة ما بمظاهرها وأبعادها ر‬
‫والسلوكية‪ ،‬ف الناس الذين يعيشون ف ّ‬
‫ظل هذه الثقافة‪ ،‬ما لم تقثن هذه الدراسات‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫المهمات األساسية للباحث‬
‫الحية ‪ ..‬وهذه من‬
‫الوصفية بالشواهد الواقعية‪،‬‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫علمية ودقيقة عن المجتمع الذي يدرسه ‪.‬‬
‫لك يقدم نتائج‬
‫األنث‬
‫ر ي‬
‫وبولوج‪ ،‬ي‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫أساسيا ر‬
‫ّ‬
‫وبولوج الذي‬
‫لألنث‬
‫التمسك الشديد بالمنهجية‪ ،‬رشطا‬
‫وبناء عىل ذلك‪ ،‬يعد‬
‫ر ي‬
‫ر‬
‫وبولوج‬
‫األنث‬
‫يريد النجاح يف أبحاثه الميدانية‪ .‬وهناك رصورة أساسية يف البحث‬
‫ر ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫قاطعا ّ‬
‫ّ‬
‫لكل أحكام القيمة‪.‬‬
‫العلم الذي يتطلب طرحا‬
‫بالتجرد‬
‫التحىل‬
‫وه‬
‫(األثنوغر ي‬
‫ي‬
‫ي‬
‫اف )‪ ،‬ي‬
‫إذ يجب عىل الباحث يف الثقافة اإلنسانية أن يداحظ تقاليد الشعب الذي يدرسها‬
‫ّ‬
‫الت‬
‫العالم‬
‫ويصفها‪ ،‬شأنه يف ذلك شأن‬
‫ِ‬
‫ي‬
‫الكيميان الذي يكرس نفسه‪ ،‬لفهم العنارص ي‬
‫ّ‬
‫يحللها وفهم سلوك ّ‬
‫كل منها يف عداقته مع العنارص األخرى‪( .‬هرسكوفيث‪ ،4791 ،‬ص‬
‫‪)99‬‬
‫ّ‬
‫ً‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫بالتجرد تجاه‬
‫وبولوج‪ ،‬بوصفه عالما‪ ،‬أن يتحىل‬
‫األنث‬
‫وباختصار‪ ،‬يجب عىل‬
‫ر ي‬
‫ّ‬
‫العلم عن الحقيقة ‪ ..‬ويجب يف هذا المجال‬
‫معطياته‪ .‬وهذا ما يتصف به الباحث‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫وبالتال‬
‫شء آخر‪،‬‬
‫ي‬
‫البحث أن يتأكد الباحث ‪ :‬أن البحث عن الحقيقة يجب أن سسبق أي ي‬
‫ّ‬
‫األنثوبولوجية‪ ،‬يجب أن ّ‬
‫فنن اإلسهام ف الدراسات ر‬
‫ّ‬
‫لحل المشكدات األساسية يف‬
‫يوجه‬
‫ي‬
‫المجتمعات المدروسة ‪.‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫وبولوج‪ ،‬أن يعد نفسه لطرائق الدراسة‬
‫األنث‬
‫وهذا كله يتطلب من الباحث‬
‫ر ي‬
‫ّ‬
‫الميدانية‪ ،‬ال يت تؤهله للخوض يف هذا العلم الذي لم يعد باإلمكان تجاهله‪ ،‬يف الدراسات‬
‫االجتماعية ‪ /‬الثقافية‪ .‬وإن كانت الدراسات النظرية حول طرائق البحث ر‬
‫وبولوج‬
‫األنث‬
‫ر ي‬
‫ً‬
‫الميدان‪ ،‬ما زالت قليلة قياسا باالهتمام بالمشكدات التقنية للمنهج‪.‬‬
‫ي‬
‫ ‪- 171‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com171‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ً‬
‫ر‬
‫بولوج الميدا ين وأدواته‬
‫ثالثا‪ -‬طرائق البحث األنث ر ي‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫أهم إسهامات ر‬
‫إن ّ‬
‫واألنثوبولوجيا الثقافية بوجه خاص‪،‬‬
‫األنثوبولوجيا بوجه عام‪،‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫البحت ‪ ..‬وبما أن أحد ر‬
‫ر‬
‫العلم‪ ،‬هو‬
‫الشوط األساسية يف منهج البحث‬
‫يتمثل يف منهجها‬
‫ي‬
‫ي‬
‫الت حصل بوساطتها عىل مجموعة من المعلومات‪،‬‬
‫أن يعرض ِ‬
‫العالم بوضوح‪ ،‬الوسائل ي‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫المهم أن يتداف أسباب نقص هذه الوسائل يف الدراسات األنثوبولوجية‪.‬‬
‫فنن من‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫الت يتبعها يف‬
‫الت يواجهها الباحث األنث ر ي‬
‫بولوج‪ ،‬تنشأ يف وصف الطرائق ي‬
‫فالصعوبة ي‬
‫وبي العالم الذي يعمل يف‬
‫الت يدرسها‪ ،‬ر‬
‫الدراسة الميدانية‪ ،‬عن االختداف ربي المواد ي‬
‫ً‬
‫الت‬
‫ر‬
‫مختث‪ .‬فلم تكن لدى الباحث يف الثقافة اإلنسانية –سابقا‪ -‬سوى القليل من األدوات ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫تحسسه بالحاالت‬
‫يصفها‪ ،‬ولذلك فنن نجاحه يتوقف – وإل حد بعيد – عىل درجة‬
‫ّ‬
‫اإلنسانية الت يجابهها‪ ،‬ر‬
‫أكث ّ‬
‫مما يتوقف عىل مهارته يف استعمال أنابيب االختبار أو‬
‫ي‬
‫الموازين‪ ،‬أو الحاضنات‪( .‬هرسكوفيث‪ ،4791 ،‬ص ‪)99‬‬
‫ّ‬
‫كونتها ر‬
‫ولكن العداقات الت ّ‬
‫األنثوبولوجيا مع العلوم األخرى‪ ،‬اإلنسانية والتطبيقية‪،‬‬
‫ي‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫الت أصبحت تؤدي دورا يف‬
‫أدخلت عنرصا حيويا عىل النظريات والتقنيات الميدانية‪ ،‬ي‬
‫الدراسات ر‬
‫األنثوبولوجية‪ ،‬وال ّ‬
‫الت‬
‫التساؤالت‪،‬‬
‫ووضع‬
‫المشكدات‬
‫سيما من حيث فرض‬
‫ي‬
‫أثمرت بفاعلية ف المكتشفات ر‬
‫األنثوبولوجية‪.‬‬
‫ي‬
‫ر‬
‫األنثوبولوجيا‪ ،‬وال ّ‬
‫سث حياة بعض رواده‬
‫وعندما ينظر المرء إل تاري ــخ‬
‫سيما ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫خي ومصن يق هذا الفرع من العلوم‪ ،‬يذكرون بصفة عامة‬
‫المرموقي‪ ،‬يجد أن المؤر ر‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫الفثات الزمنية المتعلقة بمجال العمل‪ ،‬ومكانه ‪ ...‬ولكن حدثت يف فثة الستينات من‬
‫العشين‪ ،‬أن أثثت فجأة مسألة " ر‬
‫ر‬
‫الميدان " ودخلت‬
‫وبولوجيي يف الحقل‬
‫األنث‬
‫القرن‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ ‪- 002‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com172‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫حث النقاش والجدل‪.‬‬
‫ر‬
‫الحي‪ ،‬أصبحت أشكال العداقات والمشاركات المختلفة‪ ،‬ربي‬
‫ومنذ ذلك‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫وبولوجيي والناس الذين هم موضع الدراسة‪ ،‬تشكل نقطة هامة لدى مراجع العلم‬
‫األنث‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫ر‬
‫األنثوبولوجيا من تساؤالت‪،‬باعتبارها وسائل‬
‫يثثه عالم‬
‫األنث‬
‫وبولوج‪ ،‬وتتعلق بما ر‬
‫ر ي‬
‫ر‬
‫لتفسث تلك األلغاز األنثوبولوجية ‪.‬‬
‫وأدوات ال بد منها‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫تتطلب ما هو ر‬
‫أكث من وجود الباحث ومراقبته‬
‫فالدراسة الميدانية (الحقلية)‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫التحري‬
‫السلبية لما هم عليه الناس‪ .‬وذلك‪ ،‬ألن الباحث يحتا – غالبا‪ -‬يف مداحظته‪ ،‬إل‬
‫ّ‬
‫عن ر‬
‫المرجىع (النظري) يمده بمجموعة من‬
‫أكث ما يظهر يف ّأول المداحظة‪ ،‬واإلطار‬
‫ي‬
‫التساؤالت والموضوعات‪ ،‬وعندما سشاهد واقعة ما‪ ،‬يحاول أن يكتشف العداقة بينها‬
‫ّ‬
‫المرجىع كله‪( .‬غانم ورفيقاه‪ ،4797 ،‬ص ‪)009‬‬
‫وبي اإلطار‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ً‬
‫ر‬
‫واستنادا إل المنطلقات السابقة‪ ،‬فقد ّ‬
‫األنثوبولوجيا بعض الطرائق‬
‫أقر علماء‬
‫ً‬
‫الميدان‪ ،‬ومنها ‪ :‬طريقة‬
‫الت يمكن اعتبارها أيضا أدوات عمل فاعلة يف العمل‬
‫ي‬
‫الميدانية ي‬
‫ر‬
‫المداحظة المباشة‪ ،‬وطريقة االستمارة‪ ،‬وطريقة المشاركة وطريقة الحالة الفرضية‪.‬‬
‫وإذا كان ّ‬
‫كل مفهوم نظري لـه بدائل إجرائية ‪،Proceduresing Alternative‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫مطبقة يف الدراسة‬
‫العلم‪ ،‬فنن الفكرة ذاتها نجدها‬
‫تستخدم للمداحظة واإلجراء‬
‫ي‬
‫أكث من مقياس‪ ،‬ر‬
‫األنثوبولوجية‪ ،‬حيث سستخدم الباحث ر‬
‫ر‬
‫وأكث من طريقة للمداحظة‪ ،‬يف‬
‫دراسة النظم الثقافية ‪ /‬االجتماعية‪)Pretti, 1970, p 89 ) .‬‬
‫وهكذا‪ ،‬تختلف وسائل ّ‬
‫كل طريقة وفائدتها عن األخرى‪ ،‬باختداف الوضع الذي يجد‬
‫الت يدرسها‪ ،‬أو اختداف المشكلة الخاصة‬
‫الباحث نفسه فيه‪ ،‬وباختداف نمط الثقافة ي‬
‫الت يدرسها‪.‬‬
‫ي‬
‫ ‪- 173‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com173‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ر‬
‫المباشة ‪:Direct Observation‬‬
‫‪ -4‬طريقة المداحظة (المشاهدة)‬
‫الت سستخدمها الباحث المقيم‪ ،‬يف دراسة الشعوب البدائية‪.‬‬
‫ه أحد األساليب ي‬
‫ي‬
‫ويقوم هذا األسلوب عىل مراقبة أو معاينة أفراد الشعب الذي تجري عليه الدراسة‪ ،‬يف‬
‫ّ‬
‫الت يقيمها أبناء‬
‫أثناء تأدية أعمالهم اليومية المعتادة‪ .‬وكذلك حضور المناسبات العامة ي‬
‫هذا الشعب‪ ،‬كالحفدات واالجتماعات (الدينية أو الشعبية) وحلقات الرقص‪ ،‬ومراسم‬
‫ّ‬
‫والترصفات‪ ،‬وتسجيل ما يجدر تسجيله من‬
‫وغثها ‪ ..‬ورصد الحركات‬
‫دفن المون‪ ،‬ر‬
‫الت يبديها األفراد يف هذه المناسبات‪.‬‬
‫حوارات وأغان وتراتيل‪ ،‬وما إل ذلك من‬
‫ر‬
‫التعبثات ي‬
‫(كلوكهون‪ ،4751 ،‬ص ‪) 09‬‬
‫وهذا يقتض من الباحث ر‬
‫وبولوج أن يقيم فثة ال ّ‬
‫تقل عن (‪ )9-9‬أشهر‪ ،‬يف‬
‫األنث‬
‫ر ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫المجتمع المدروس‪ ،‬و ّ‬
‫تفهم ما يدور فيه‪ .‬فالباحث المحثف ال بد وأن يغرق نفسه يف‬
‫ّ‬
‫ّ ّ‬
‫يتم إال باإلقامة الطويلة لشهور عديدة يف المجتمع‬
‫حياة الناس‪ ،‬وذلك ألن البحث ال‬
‫ّ‬
‫األهال‪ ،‬حت وإن كان السلوك‬
‫المحىل‪ .‬كما يجب أن يحسن الباحث لغة التخاطب بلغة‬
‫ي‬
‫ي‬
‫تعت مداحظة دقائق الحياة‬
‫لفط‪ .‬واإلقامة يف مجتمع البحث‪،‬‬
‫غث‬
‫الذي سشاهده ر‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫تتكرر ّ‬
‫ّ‬
‫مرات‬
‫اليومية كما تجري ربي الناس ‪ ..‬وهكذا يرى الباحث عنارص الحياة اليومية‬
‫ّ‬
‫ومرات أمامه‪ ،‬وتصبح من األمور العادية بالنسبة له‪( .‬غانم ورفيقاه‪ ،4797 ،‬ص ‪) 009‬‬
‫ًّ‬
‫ملما بأهداف بحثه وبطبيعة المجموعة‬
‫وتحتا هذه الطريقة‪ ،‬إل أن يكون الباحث‬
‫ّ‬
‫الت يقوم‬
‫كبث من االهتمام‬
‫المدروسة‪ .‬وأن يتمتع بقدر ر‬
‫والوع‪ ،‬بأبعاد الظاهرة ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫وكيفية رصد هذه األبعاد بدقة وموضوعية‪ ،‬حيث يتوقف عىل ذلك صدق‬
‫بدراستها‪،‬‬
‫ّ‬
‫العلمية ‪.‬‬
‫المعلومات‪ ،‬وفائدتها‬
‫ ‪- 004‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com174‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫‪ -0‬طريقة المشاركة ‪: Participation‬‬
‫ر‬
‫وبولوج‪ ،‬أي أن يقوم بأعمال تقوم بها‬
‫األنث‬
‫الت يتبعها الباحث‬
‫ر ي‬
‫وه الطريقة ي‬
‫ي‬
‫ّ ً‬
‫ّ‬
‫ًا ّ‬
‫بالتال إل أدق التفاصيل‬
‫الجماعة المدروسة‪ ،‬وذلك تقربا منها وكسباً لودها‪ ،‬والدخول‬
‫ي‬
‫يف ممارسات أفراد هذه الجماعة‪ ،‬الخاصة والعامة‪ .‬كأن يمارس الباحث بعض الطقوس‬
‫ّ‬
‫اليوم للجماعة‪ ،‬وال‬
‫الدينية أو االجتماعية‪ ،‬أو يقوم ببعض األعمال ال يت تعد من النشاط‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫سيما األعمال اليدوية‪ ،‬الفردية والجماعية ‪ (.‬كلوكهون‪ ،4751 ،‬ص ‪)09‬‬
‫والمعلومات الت تأن من المداحظة بالمشاركة‪ّ ،‬‬
‫مهمة بالنسبة للوسائل األخرى‪،‬‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫حيث ّأن المعلومات ّ‬
‫األولية الناتجة عن المداحظة بالمشاركة‪ ،‬تمد الباحث باستبصارات‬
‫ّ‬
‫البحثية‬
‫وغثها من الوسائل‬
‫الزمة لتصميم االستمارات واالختبارات السيكولوجية‪ ،‬ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫مهمة الختيار المعلومات الحقلية‬
‫المتخصصة‪ .‬كما أن المداحظة بالمشاركة‬
‫األخرى‬
‫الحقىل‪،‬‬
‫الزمت للبحث‬
‫الت جمعت بالوسائل األخرى‪ .‬فالجدول‬
‫ي‬
‫ي‬
‫الدازمة لتقييم الشواهد ي‬
‫ّ‬
‫يتضمن التداخل ربي المداحظة بالمشاركة‪ ،‬واألساليب األخرى لجمع المادة‪( .‬غانم‬
‫ورفيقاه‪ ،4797 ،‬ص‪)009‬‬
‫ّ‬
‫الحية للمجتمع المدروس‪ ،‬والمشاركة الفاعلة يف‬
‫ومن خدال هذه المعاسشة‬
‫مناشطه‪ ،‬يكتسب الباحث مهارة يف أداء هذه األعمال‪ ،‬وقدرة عىل كتابة تجربته‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الشخصية فيها وممارسته لها‪ .‬وهذا ما يؤدي يف النهاية إل تصوير واقع الشعب‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫المدروس‪ ،‬بتفصيدات تتسم بالشمولية والدقة‪.‬‬
‫‪-2‬طريقة االستمارة (االستبانة ‪: )Questionnaire‬‬
‫كثث من‬
‫ه من أقدم الطرائق البحثية‪ ،‬وما زالت مستخدمة عىل نطاق واسع يف ر‬
‫ي‬
‫ ‪- 175‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com175‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫الدراسات المسحية ‪ /‬الميدانية‪ .‬وقد أخذت هذا االسم من عنوان ر‬
‫نشة أصدرتها لجنة‬
‫ّ‬
‫من المعهد ر‬
‫الثيطانية) عام ‪ ،4995‬ثمّ‬
‫وبولوج‬
‫األنث‬
‫الملك‪ ،‬التابع لرابطة( تقدم العلم ر‬
‫ر ي‬
‫ي‬
‫جرت عليها خمس تنقيحات‪ ،‬إل أن ظهرت الطبعة السادسة منها عام ‪. 4754‬‬
‫وغث المادية‪ ،‬عىل‬
‫قامت فكرة إعداد استمارة شاملة‬
‫تغط جوانب الثقافة المادية‪ ،‬ر‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الباحثي بأن ثقافات الشعوب البدائية جميعها‪ ،‬مهددة بالزوال‪ ،‬ولذلك‪ ،‬يجب‬
‫ادعاء‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫أكث قدر ممكن من المعلومات‪ ،‬طالما هذه الشعوب موجودة‪ .‬وتؤدي‬
‫الحصول عىل ر‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫الكثث من‬
‫وبولوج‪ ،‬إل جمع‬
‫غث مؤهل للبحث األنث‬
‫ر‬
‫هذه الطريقة إذا استعملها مداحظ ر‬
‫ر ي‬
‫ّ‬
‫كيفية ارتباط هذه الوقائع كلّ‬
‫ّ‬
‫تعط القليل من المعلومات‪ ،‬سواء عن‬
‫الوقائع‪ ،‬ولكنها‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫منها ف ّ‬
‫اإلنسان يف الحياة اليومية لدى شعب من‬
‫الكل الذي يؤلف الثقافة‪ ،‬أو العنرص‬
‫ي‬
‫ي‬
‫الشعوب ‪.‬‬
‫ّ‬
‫ولكنها – ف المقابل – تساعد ر‬
‫الت‬
‫األنث‬
‫ر ي‬
‫ي‬
‫وبولوج المختص‪ ،‬يف التحقق من النقاط ي‬
‫ّ‬
‫يكون قد أهملها‪ .‬وهذا ما دعا ر‬
‫ناشي الطبعة السادسة إل وصفها بأنها " مذكرة يدوية‬
‫ر‬
‫لألنثوبولوج المختص الذي يقوم ببحث ميدان"‪( .‬هرسكوفيث‪ ،4791،‬ص ‪) 420‬‬
‫فق الدراسات‬
‫وهذه الطريقة شبيهة بطرائق البحث يف العلوم االجتماعية‪ .‬ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫األنثوبولوجية عىل المجتمعات المتقدمة‪ ،‬يوزع الباحث االستمارة (االستبانة) عىل‬
‫ّ‬
‫ًّ‬
‫غث أن أسلوب التنفيذ‬
‫األفراد‬
‫المدروسي‪ ،‬ويثك كال منهم يجيب عن األسئلة بطريقته‪ .‬ر‬
‫ر‬
‫الت ال تعرف الكتابة‪ ،‬حيث‬
‫والتطبيق يختلف يف دراسة الشعوب البسيطة (البدائية) ي‬
‫ّ‬
‫ويدون الجواب الذي سسمعه‪ ،‬وكذا الحال يف الحوارات‬
‫يقوم الباحث بطرح السؤال‬
‫والمناقشات ‪.‬‬
‫ ‪- 006‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com176‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫فرضية ‪: Hypothesis Case‬‬
‫‪ -1‬طريقة الحالة ال‬
‫تقوم هذه الطريقة عىل بناء افثاضات حول عنارص لظاهرة اجتماعية‪ /‬ثقافية‪،‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫سسىع البحث إل إثباتها والتحقق منها‪ ،‬حيث ال تظهر جماعة ما هذه العنارص إال يف‬
‫حوادث أو حاالت ّ‬
‫معينة‪.‬‬
‫ً‬
‫وبناء عىل ذلك‪ ،‬تسىع هذه الطريقة إل " فصل حاالت يف حياة الناس تبعا‬
‫ّ‬
‫والت‬
‫ألشخاص وعداقات وحوادث فرضية تتفق مع النماذ السائدة يف ثقافة الجماعة‪ ،‬ي‬
‫سستخدمها الباحث إلدارة المناقشات وتوجيهها‪ ،‬مع أفراد الجماعة الموضوعة تحت‬
‫غيت سحري مشؤوم‪ ،‬مثل‬
‫الدراسة ‪ ".‬ولذلك‪ ،‬فعندما تكون الحوادث مصطبغة بمعت ر ي‬
‫ّ‬
‫تتضمن المسائل االقتصادية وقائع‪ ،‬ال يريد الفرد أن يكشف عنها إذا‬
‫الوالدة‪ ،‬أو عندما‬
‫ً‬
‫تعت شخصا آخر‪ ،‬يمكن أن تجري المناقشة بحرية إذا لم يكن الشخص‬
‫كانت تعنيه أو ي‬
‫ً‬
‫المعت موجودا ‪.‬‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫يتحول الحديث – يف أغلب األحيان ‪ -‬عن حاالت وأشخاص‬
‫إنه لمن المدهش أن‬
‫قيي‪ ،‬وال ّ‬
‫سيما يف حالة وصف الحوادث‬
‫فرضيي‪ ،‬إل مناقشة حاالت وأشخاص حقي ر‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫مرت ف تجربة ُ‬
‫الت ّ‬
‫وتتبي قيم الثقافة وأهدافها‪ ،‬يف آرائهم حول تقييم‬
‫خث نفسه‪،‬‬
‫الم ِر‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ي‬
‫الفر ّ‬
‫المعضدات َ‬
‫الت يطرحها أحد أفراد الجماعة ‪( .‬هرسكوفيث‪، 4791 ،‬ص ‪) 421‬‬
‫ة‪،‬‬
‫ضي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫وف الميدان الثقا يف منها خاصة‪ ،‬يحتفظ‬
‫إن النظام يف ميدان األنثوبولوجيا عامة‪ ،‬ي‬
‫بقيمته يف الدراسة طالما يقوم بوظيفته‪ ،‬يف حياة أولئك الذين سستخدمونه بصورة‬
‫ُم َ‬
‫رضية ‪ ..‬وهذا يقود إل النقاط التالية ‪( :‬هرسكوفيث‪ ،4791 ،‬ص‪)090‬‬
‫ّ‬
‫ينبىع أن يؤخذ‬
‫‪ -4‬يعد التصنيف خطوة أول هامة يف دراسة المعلومات‪ ،‬ولكن ال‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫غاية بحد ذاته‪.‬‬
‫ ‪- 177‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com177‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫التنوع عند تصنيف المعلومات‪ ،‬بحيث‬
‫‪ -0‬يجب أن يؤخذ يف الحسبان عامل‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫تتمتع التصنيفات بمرونة ال تتمتع بها التصنيفات المبنية عىل مفهوم (النموذ ) ‪.‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫‪ -2‬إن تشكيل (اخثاع) مجموعة زمر لظاهرة معقدة‪ ،‬مبنية عىل معيار وحيد‪ ،‬يعد‬
‫ّ‬
‫الت تنشأ عنه ‪.‬‬
‫مبالغة يف تبسيط المعلومات‪ ،‬تؤدي إل تشويه قيمة األصناف ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫‪ -1‬إن بناء التصنيف عىل أحكام قيمة‪ ،‬إنما هو استخدام معيار ال يصمد أمام‬
‫العلم‪ ،‬الذي يأخذ الوقائع جميعها يف الحسبان ‪.‬‬
‫اختبار التحليل‬
‫ي‬
‫ً‬
‫الت يمكن الحصول – من خدالها‪ -‬عىل‬
‫وأخثا‪،‬‬
‫‪-5‬‬
‫ر‬
‫ر‬
‫تعتث هذه النقاط‪ ،‬الحدود ي‬
‫تصنيف مقبول للظواهر الثقافية‪.‬‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫منهح والبحث الميدان من ّ‬
‫أهم مقومات‬
‫األنثوبولوجيا‪ ،‬علم‬
‫والخداصة‪ ،‬إن‬
‫ر ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ً‬
‫الت عليه أن سستخدمها‪ ،‬واضعا نصب‬
‫نجاحه‪ .‬وهذا يتطلب من الباحث معرفة الطريقة ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫البحت‬
‫ه يف األساس مشكلة إنسانية‪ .‬كما أن الواجب‬
‫ي‬
‫الت يدرسها‪ ،‬ي‬
‫عينيه أن المشكلة ي‬
‫ّ‬
‫يقتض أن يتمتع الباحث‪ ،‬بدرجة عالية من الحساسية تجاه قيم الناس الذين يتعامل‬
‫ي‬
‫الت تحكم سلوكاتهم وأساليب التعامل معهم‪ ،‬وهذا ما يتيح لـه‬
‫معهم‪ ،‬ومعرفة‬
‫ر‬
‫القواني ي‬
‫ّ‬
‫بناء عداقة ّ‬
‫بالتال الحصول عىل ما يريده من معلومات ‪.‬‬
‫ل‬
‫وتسه‬
‫معهم‪،‬‬
‫ة‬
‫ودي‬
‫ي‬
‫ ‪- 008‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com178‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫مصادر الفصل ومراجعه‬
‫ّ‬
‫العرن‪ ،‬الكويت‪.‬‬
‫العرن ‪ ،15‬مجلـة‬
‫ أبو زيد‪ ،‬حامد (‪ )0224‬الطريق إل المعرفة‪ ،‬كتاب‬‫ري‬
‫ري‬
‫الغت ورفيقاه (‪ )4797‬المدخل إل علم اإلنسان ‪ ،‬المكتب‬
‫ غانم‪ ،‬عبد هللا عبد‬‫ي‬
‫الجامىع الحديث‪ ،‬االسكندرية ‪.‬‬
‫ي‬
‫ كلوكهون‪ ،‬كدايد (‪ )4751‬اإلنسان يف المرآة‪ ،‬ترجمة ‪ :‬سليم شاكر‪ ،‬بغداد ‪.‬‬‫ نارص‪ ،‬ابراهيم (‪ )4795‬ر‬‫األنثوبولوجيا الثقافية – علم اإلنسان الثقاف‪ّ ،‬‬
‫عمان ‪.‬‬
‫ي‬
‫‪ -‬هرسكوفيث‪ ،‬ميلفيل‪.‬‬
‫(‪ )4791‬أسس ر‬
‫األنثوبولوجيا الثقاقية‪ ،‬ترجمة ‪ :‬رباح النفاخ‪،‬‬
‫وزارة الثقافة‪ ،‬دمشق ‪.‬‬
‫‪- Pretti , Pelto (1970) Anthropology Research , London .‬‬
‫ ‪- 179‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com179‬‬
www.facebook.com/tanweerlibrary
- 081 https://attanweerlibrary.blogspot.com180
www.facebook.com/tanweerlibrary
- 111 https://attanweerlibrary.blogspot.com181
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫الباب الثالث‬
‫المنظور ر‬
‫األنثوبولوج‬
‫للنظم االجتماعية‬
‫الفصل ّ‬
‫االجتماع ووظيفته‬
‫األول‪ -‬البناء‬
‫ي‬
‫ا‬
‫االجتماع وخواصه‬
‫أوال‪ -‬مفهوم البناء‬
‫ي‬
‫ً‬
‫ثانيا‪ -‬الوظيفة ف ر‬
‫األنثوبولوجيا االجتماعية‬
‫ي‬
‫الفصل الثان‪ -‬ر‬
‫األنثوبولوجيا يف المجتمع الحديث‬
‫ي‬
‫الفصل الثالث‪ -‬نحو رأنثوبولوجيا عربية‬
‫ ‪- 082‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com182‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫الفصل ّ‬
‫األول‬
‫البناء االجتماع ووظيفته‬
‫ّ‬
‫مقــدمة‬
‫ا‬
‫أول‪ -‬مفهوم البناء االجتماع وخواصه‬
‫ثانيا‪ -‬الوظيفة ف ر‬
‫األنثوبولوجيا االجتماعية‬
‫ ‪- 113‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com183‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫مقــدمة‬
‫ً ّ‬
‫ر‬
‫األنثوبولوجيا‪ ،‬تدرس اإلنسان ‪ /‬الفرد وأعماله ضمن النوع‬
‫أصبح واضحا أن‬
‫البشي‪ ،‬وما طرأ عليه من تغيث أو ّ‬
‫ر‬
‫تطور نحو األفضل‪ ،‬سواء يف عضويته أو يف مظهره‬
‫ر‬
‫بتأثث الظروف الطبيعية واالجتماعية المحيطة به‪ ..‬إضافة إل دراسة‬
‫الخارج‪ ،‬وذلك‬
‫ر‬
‫ر ي‬
‫ً‬
‫بشية (مجتمع ر‬
‫اإلنسان من طبيعته االجتماعية بصفته عضوا ف جماعة ر‬
‫بشي )‪ ،‬حيث‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫سشارك علم ر‬
‫ّ‬
‫سم بعلم‬
‫ما‬
‫ظهور‬
‫إل‬
‫أدى‬
‫ما‬
‫وهذا‬
‫‪.‬‬
‫األخرى‬
‫األنثوبولوجيا العلوم اإلنسانية‬
‫ي‬
‫( ر‬
‫األنثوبولوجيا االجتماعية) ‪.‬‬
‫أي ّأن ر‬
‫الت‬
‫األنثوبولوجيا االجتماعية‪ ،‬تدرس المجتمعات‬
‫ر‬
‫الصغثة وشبه البدائية ي‬
‫ّ‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫األمية‬
‫تشكل نسيجا اجتماعيا بسيطا ومحدودا‪ ،‬بفنونها واقتصادها‪ ،‬وحيث تسود‬
‫ا‬
‫ّ‬
‫تطورها‪ ،‬وصوال إل دراسة المجتمعات الحديثة‬
‫واألعمال اليدوية األولية‪ ،‬وتتابع‬
‫ّ‬
‫والثقاف واالقتصادي ‪.‬‬
‫االجتماع‬
‫والمعقدة يف نسيجها‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ا‬
‫االجتماع وخواصه ‪:‬‬
‫أوال‪-‬مفهوم البناء‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫يتكون البناء االجتماع من عنارص متشابكة‪ّ ،‬‬
‫إيجان‬
‫يتم التفاعل فيما بينها بشكل‬
‫ري‬
‫ي‬
‫الت تعمل عىل تنظيم الحياة‬
‫وتكامىل )‪ .‬ولذلك يرتبط البناء‬
‫تبادل‬
‫(‬
‫ي‬
‫االجتماع باألسس ي‬
‫ي‬
‫ي‬
‫االجتماعية والبيولوجية ‪.‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫يتمث بدرجة‬
‫االجتماع بأنه ‪ " :‬نسق‬
‫يعرف ‪ /‬إيفانز بريتشارد ‪ /‬البناء‬
‫اجتماع ر‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫معينة من الثبات واالستقرار ‪ ..‬ويتألف من جماعات وزمر‪ ،‬مثل ‪ :‬العشائر والقبائل‬
‫واألمم‪ ،‬تقوم ّ‬
‫كل منها بتنظيم عداقات األفراد الذين ينتمون إليها"‪.‬‬
‫ ‪- 084‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com184‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫ووافق ‪ /‬براون ‪ /‬عىل تعريف ‪ /‬بريتشارد ‪ ،/‬ولكنه أضاف إليه بعض العنارص‪،‬‬
‫كالعداقات الت تجمع بي شخصي أو ر‬
‫أكث‪ ،‬مثال ‪( :‬نظام القرابة – العداقات الثنائية‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ي‬
‫التميث ربي األفراد عىل أساس الدور‬
‫كعداقة األب بابنه واألخ بأخته) وكذلك عمليات‬
‫ر‬
‫االجتماع‪ ،‬كأدوار النساء أو الرجال أو الزعماء ‪.‬‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫تتكرر فيها األنماط‬
‫الت‬
‫وقد ركز ‪ /‬براون ‪ /‬عىل العداقات االجتماعية العامة ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫االجتماع‪ .‬وربط ذلك كله بموضوع ثبات‬
‫يتكون منها البناء‬
‫والت‬
‫االجتماعية باستمرار‪،‬‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫يتغث بدرجات متفاوتة ‪.‬‬
‫االجتماع واستمراره‪ ،‬من خدال االستقرار‬
‫البناء‬
‫الديناميك الذي ر‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫تتجسد فيها تلك العداقات االجتماعية‪،‬‬
‫الت‬
‫ويؤكد ‪ /‬براون ‪ : /‬أن الحاالت الفردية ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫المتكرر لعدد من‬
‫االجتماع‪ ،‬إنما هو السلوك‬
‫ه موضوع الدراسة العملية للبناء‬
‫ي‬
‫ليست ي‬
‫ّ ً‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫االجتماع من هذه‬
‫وبالتال يتكون البناء‬
‫األفراد‪ ،‬والذي يمثل نمطا اجتماعيا معينا‪،‬‬
‫ي‬
‫ي‬
‫لطق‪ ،4797 ،‬ص‪) 99‬‬
‫األنماط مجتمعة‪ ( .‬ي‬
‫يىل ‪:‬‬
‫ّأما قاموس العلوم االجتماعية‪ ،‬فيطرح ثداثة تعريفات للبناء‬
‫االجتماع‪ ،‬كما ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الداخىل‬
‫المستقر للتنظيم‬
‫االجتماع بأنه النموذ‬
‫التعريف األول ‪ :‬يحدد البناء‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫يتضمن مجموعة العداقات الموجودة ربي أفراد الجماعة‪ ،‬بعضهم مع‬
‫لجماعة ما‪ .‬أي أنه‬
‫بعض من جهة‪ ،‬والعداقات الموجودة ربي الجماعة وجماعة أخرى من جهة ثانية ‪.‬‬
‫ّ‬
‫ويتكون من أجزاء‬
‫التعريف الثان ‪ :‬يرتبط بخصائص الجماعات ونماذ الثقافات‪.‬‬
‫ً‬
‫ا‬
‫يعتمد بعضها عىل بعضها اآلخر اعتمادا متبادال ‪.‬‬
‫التعريف الثالث ‪ّ :‬‬
‫االجتماع‪ ،‬حيث يقسم إل ‪:‬‬
‫نوعي من البناء‬
‫يمث ربي‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ ‪- 115‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com185‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫صغثة‪ ،‬ومنها إل وحدات‬
‫زمثات‬
‫ر‬
‫الت تنقسم بدورها إل ر‬
‫ الزمر االجتماعية ‪ :‬ي‬‫ّ‬
‫ّ‬
‫يتمث كل منهم عن‬
‫أصغر منها‪ .‬وتقسم تلك‬
‫الزمثات (الوحدات) إل أفراد أو أعضاء‪ ،‬ر‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫معي يحتله ربي األفراد‬
‫اآلخر بوظائف اجتماعية يعمل عىل تحقيقها‪ .‬وبوضع‬
‫اجتماع ر‬
‫ي‬
‫اآلخرين ‪.‬‬
‫ّ‬
‫ النموذج الثقاف ‪ :‬أي أن كل نموذ من النماذ الثقافية‪ ،‬يقسم إل العنارص‬‫ّ‬
‫المكونة له‪ ،‬كالثقافة المرتبطة بالعادات الشعبية‪ ،‬أو النماذ الثقافية المرتبطة بالقيم‬
‫واألعراف وأساليب التعامل المختلفة‪( .‬األخرس ‪ ،4791،‬ص ‪) 27‬‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫االجتماع يتسم بالخصائص التالية ‪:‬‬
‫واستنادا إل ما تقدم‪ ،‬يمكن القول ‪ :‬إن البناء‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫االجتماع من أنماط العداقات االجتماعية‪ ،‬ولذلك‪ ،‬ال يمكن‬
‫يتكون البناء‬
‫‪-4/4‬‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫مباش‪ ،‬إال من خدال الصورة المحسوسة للعداقات االجتماعية ربي‬
‫مداحظته بشكل‬
‫ّ‬
‫معي ‪.‬‬
‫األفراد أو الجماعات‪ ،‬يف مجتمع ر‬
‫ّ‬
‫‪-0/ 4‬البناء االجتماع‪ّ ،‬‬
‫كل متكامل أو نسيج متشابك األجزاء ‪ .‬وتعد دراسة أجزاء‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫تمثها من‬
‫االجتماع كلها‪ ،‬من أهم خصائص األنثوبولوجيا االجتماعية‪،‬‬
‫البناء‬
‫والت ر‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ر‬
‫ر‬
‫الت‬
‫ة‪،‬‬
‫المباش‬
‫وغث‬
‫ة‬
‫المباش‬
‫العداقات‬
‫عن‬
‫بالكشف‬
‫وذلك‬
‫‪.‬‬
‫األخرى‬
‫االجتماعية‬
‫العلوم‬
‫ر‬
‫ي‬
‫الجتماع ‪.‬‬
‫توجد ربي أي عنرص وأجزاء البناء ا‬
‫ي‬
‫نسبي ًا‪ ،‬إذ ّإن من ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫أهم رشوطه‪ ،‬الحفاظ عىل‬
‫مستقر وثابت‬
‫االجتماع‬
‫‪-2/4‬البناء‬
‫ي‬
‫تماسكه واستمراريته فثات طويلة من الزمن‪ .‬ولكن هذا االستمرار ال يقصد به الجمود‪،‬‬
‫ّ‬
‫الح‪.‬‬
‫بل االستمرار‬
‫ر‬
‫ه الحال يف استمرار البناء العضوي للجسم ي‬
‫المتغث كما ي‬
‫ ‪- 086‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com186‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫التنوع الغريب يف‬
‫الماض‪ ،‬قد بهرهم‬
‫وإذا كان علماء األ رنثوبولوجيا يف الجيل‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الثقافات الت ّ‬
‫التوصل إل تعميمات صحيحة‬
‫تعرفوا إليها‪ ،‬فخامرهم الشك يف إمكان‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫بشأنها‪ ،‬فدا بد من اإلقرار‪ ،‬يف هذا المقام‪ ،‬أنه يكاد يكون من المستحيل‪ ،‬صوغ تعميمات‬
‫عن سلوك الجماعات ر‬
‫البشية‪ ،‬أي عن الظاهرات االجتماعية والثقافية‪ ،‬دون أن تكون‬
‫ّ‬
‫الت تشذ عن القاعدة العامة‪( .‬لينتون‪ ،4759 ،‬ص‬
‫هناك بعض االستثناءات الواضحة ي‬
‫‪) 29‬‬
‫ً‬
‫ثانيا‪-‬الوظيفة ف ر‬
‫األنثوبولوجيا االجتماعية ‪:‬‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫يرى عالم االجتماع ‪ /‬إميل دوركهايم ‪ /‬أن فكرة تطبيق الوظيفة يف دراسة‬
‫المجتمعات اإلنسانية‪ ،‬تقوم عىل المماثلة ربي الحياة االجتماعية والحياة العضوية‪ ،‬حيث‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫يتعذر أن نطرح أسئلة تتعلق بالطبيعة أو باألصل‪ ،‬قبل تحديد هويات الظاهرات‬
‫الت تربط فيما بينها‪ ،‬من أجل رشحها‪.‬‬
‫وتحليلها‪ ،‬والكشف عن مدى كفاية العداقات ي‬
‫(سثوس‪ ،4792 ،‬ص ‪) 04‬‬
‫ً‬
‫واستنادا إل هذه الفكرة‪ّ ،‬‬
‫تفسث نشأة الوظيفية يف علم‬
‫ثمة اتجاهان يف‬
‫ر‬
‫ر‬
‫األنثوبولوجيا االجتماعية ‪:‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الوظيفية نشأت ف ّ‬
‫ّ‬
‫األورون بعد الثورة‬
‫ظل التكالب‬
‫االتجاه األول ‪ :‬يرى أن هذه‬
‫ري‬
‫ي‬
‫ر‬
‫الصناعية‪ ،‬ف نهاية القرن التاسع ر‬
‫العشين‪ ،‬عىل شعوب العالم وال‬
‫عش وبداية القرن‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫تأمي األسواق لترصيف منتجاته الصناعية اآلخذة يف النمو‬
‫سيما الضعيفة منها‪ ،‬من أجل ر‬
‫وتأمي مواد الخام األولية لتغذية صناعاته المختلفة من جهة أخرى ‪.‬‬
‫من جهة‪،‬‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫األنثوبولوجيا يف األبحاث العلمية من أجل تهيئة‬
‫فقد سخر االستعمار علم‬
‫ ‪- 117‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com187‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫والبشية‬
‫وبأقل الخسائر المادية‬
‫الفعليي ألهدافه ‪،‬‬
‫المناخات المدائمة للمنفذين‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫المؤسسات االجتماعية القائمة يف المجتمع الذي يراد‬
‫الممكنة‪ .‬وذلك عن طريق دراسة‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الت تحتلها هذه المؤسسات االجتماعية يف نفسية‬
‫استعماره واستغداله‪ ،‬ومعرفة المكانة ي‬
‫أفراد ذلك المجتمع‪ ،‬وبالتال الوقوف عىل نقاط ّ‬
‫القوة والضعف عند الشعب المراد‬
‫ي‬
‫إخضاعه ‪.‬‬
‫ّأما االتجاه الثان ‪ :‬فثى ّأن نشوء الوظيفية ف علم ر‬
‫األنثوبولوجيا االجتماعية‪ ،‬كانت‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫كثثة‪،‬‬
‫والت ال تخلو من عيوب ر‬
‫الت امتاز بها القرن التاسع عش ي‬
‫ردة فعل تجاه الدراسات ي‬
‫ّ‬
‫تتمثل يف ‪:‬‬
‫ر‬
‫ينيي أو‬
‫‪ -4‬االعتماد عىل جمع المعلومات عن مجتمع ما‪ ،‬عن طريق‬
‫المبشين الد ر‬
‫ً‬
‫هواة الرحدات‪ ،‬وأحيانا تجمع البيانات عن طريق األصدقاء الذين يوجدون يف المناطق‬
‫المستعمرة أو المراد استعمارها‪.‬‬
‫‪ -0‬تحليل الدراسات ر‬
‫األنثوبولوجية لظاهرة اجتماعية ّ‬
‫معينة‪ ،‬كالمعتقدات الروحية‬
‫ّ‬
‫ا‬
‫المتبادلي مع المظاهر االجتماعية األخرى‪،‬‬
‫التأثث والتأثر‬
‫مثال‪ ،‬من دون ربطها بوشائج‬
‫ر‬
‫ر‬
‫لطق‪ ،4797 ،‬ص ‪)95‬‬
‫كنظام القرابة أو العادات والتقاليد ‪ ..‬ر‬
‫وغثها‪ (.‬ي‬
‫وعىل الرغم من هذا التقارب الملحوظ بي علم ر‬
‫األنثوبولوجيا واجتماعية الثقافة‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫(سوسيولوجية الثقافة )‪ّ ،‬‬
‫معايث ثداثة‪ ،‬يتحدد معياره األول يف‬
‫فثمة تمايز فيما بينهما ذو‬
‫ر‬
‫ً‬
‫اهتمت ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫األنثوبولوجيا عمليا‪،‬‬
‫حي‬
‫فق ر‬
‫الت اهتمت بها كل منهما‪ .‬ي‬
‫طبيعة المجتمعات ي‬
‫ّ‬
‫بالمجتمعات الموصوفة بالبدائية‪ ،‬مع أن ّ‬
‫ثمة مشاري ــع نظرية وبعض المحاوالت الفرعية‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫اهتم علم اجتماع الثقافة‪ ،‬بالظواهر االجتماعية‬
‫المتعلقة بالمجتمعات الحديثة‪ ،‬فقد‬
‫الطبق‪.‬‬
‫ذات الثكيب‬
‫ي‬
‫ ‪- 088‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com188‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫والمنهح‪ ،‬من‬
‫المفهوم‬
‫الطبيىع أن تنتج عن هذا التمايز‪ ،‬مشكلة التحويل‬
‫وكان من‬
‫ر ي‬
‫ي‬
‫ي‬
‫األساش‪ ،‬يجعل من مفهوم الثقافة نفسه‪ ،‬نقطة اختداف ربي‬
‫حقل إل آخر ‪.‬هذا التمايز‬
‫ي‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫االختصاصيي‪ .‬فالثقافة ال تصبح مفهوما عمليا يف علم االجتماع‪ ،‬إال بعد تجريدها من‬
‫ر‬
‫االنسجامية الت أضفاها عليها االستعمال ر‬
‫ير‬
‫وبولوج‪.‬‬
‫األنث‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ا‬
‫انتقاال من مفهوم ّ‬
‫موسع وشامل للثقافة‬
‫الثان‪ ،‬إل أن هناك‬
‫ويشث التمايز (المعيار)‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫تصنيق حسب‬
‫(لواله لم تظهر نظريات بأكملها‪ ،‬كالتطورية واالنتشارية) إل مفهوم‬
‫ي‬
‫االجتماع الموجود‪ّ .‬أما النوع الثالث من التمايز‪ ،‬فمصدره التباين‬
‫معطيات الثكيب‬
‫ي‬
‫العلمي‪( .‬لبيب‪ ،4799 ،‬ط‪ ،2‬ص ‪)49‬‬
‫المنهح ربي‬
‫ر‬
‫ر ي‬
‫ويرى ‪ /‬براون ‪ّ /‬أن فكرة الوظيفة الت ّ‬
‫االجتماعية‪ ،‬تستند إل‬
‫تطبق عىل النظم‬
‫ٍ‬
‫ي‬
‫التماثل (المماثلة) ربي الحياة االجتماعية والحياة البيولوجية ‪ ..‬وبذلك تكون وظيفة أي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫االجتماع المؤلف من‬
‫ه ذلك الدور الذي يؤديه هذا النظام يف البناء‬
‫نظام‬
‫ي‬
‫اجتماع‪ ،‬ي‬
‫ي‬
‫مرتبطي بعضهم مع بعض‪ ،‬يف وحدة متماسكة من العداقات االجتماعية‪.‬‬
‫أفراد‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫وهذا يعت ّأن ّ‬
‫ّ‬
‫مهمة محددة‪ ،‬تؤديها ضمن إطار البنية‬
‫لكل ظاهرة اجتماعية‬
‫ي‬
‫االجتماعية ألي مجتمع ما‪ ،‬وشكل متناسق ومتكامل مع الظواهر األخرى يف هذا‬
‫ّ‬
‫الوظيق ألية‬
‫المجتمع‪ .‬ومن دون اإلطار الشامل للبنية االجتماعية‪ ،‬ال يتحقق الوجود‬
‫ي‬
‫ظاهرة اجتماعية ‪ (.‬الجباوي‪ ،4790 ،‬ص ‪)421‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ويتحقق استمرار هذا البناء‪ ،‬من خدال الحياة االجتماعية ذاتها‪ ،‬ألن أي نظام‬
‫تم إليه‪ .‬فالنظام‬
‫اجتماع يفقد طبيعته إذا ما نزع من النسق‬
‫االجتماع الذي ين ي‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ينبىع دراسته‬
‫الذي‬
‫الشامل‬
‫االجتماع‬
‫النسق‬
‫ضمن‬
‫إال‬
‫وجوده‪،‬‬
‫ق‬
‫يحق‬
‫ال‬
‫االجتماع‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ًّ‬
‫الت يقوم بها ‪.‬‬
‫الوظائف‬
‫تحديد‬
‫أجل‬
‫من‬
‫ميدانيا)‬
‫(‬
‫ي‬
‫ ‪- 119‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com189‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫األنثوبولوجية‪ ،‬بواقع النظم‬
‫تهتم المدرسة الوظيفية ‪/‬‬
‫وعىل هذا األساس‪،‬‬
‫ّ‬
‫االجتماعية وحارصها من دون العودة إل ماضيها‪ ،‬وذلك لعدم وجود سجالت دقيقة‬
‫ً‬
‫ّ ً‬
‫ّ‬
‫تصورا واضحا عن أبنيتها ‪.‬‬
‫وتعط‬
‫تحدد تاري ــخ هذه النظم‪،‬‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ ّ‬
‫ر‬
‫وبولوجيي خالفوا هذا االتجاه‪ ،‬ورأوا أن دراسة تاري ــخ النظم‬
‫األنث‬
‫إال أن بعض‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫االجتماعية‪ ،‬تساعد يف فهم طبيعة أي مجتمع قديم وعنارص حضارته‪ .‬ويتفق أنصار‬
‫المدرسة الوظيفية ‪ /‬االجتماعية‪ ،‬عىل ّأن ر‬
‫األنثوبولوجيا االجتماعية ال تستهدف الوصول‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫قواني العلوم الطبيعية‪ ،‬ألن ذلك من الصعوبة بمكان‪ ،‬وإنما يمكن‬
‫قواني عامة مثل‬
‫إل‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫الوصول إل نوع من التصنيفات أو النماذ واألنماط العامة ‪ ..‬ولذلك‪ ،‬تصنف‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫األنثوبولوجيا االجتماعية كفرع من العلوم االجتماعية ‪ /‬اإلنسانية‪ ،‬ألن تعميماتها لم‬
‫ّ‬
‫ه الحال يف العلوم الطبيعية ‪.‬‬
‫تصل بعد إل مستوى الدقة كما ي‬
‫ّ‬
‫فنن لهذا العلم أهميته ف دراسة تكوين المجتمعات ر‬
‫البشية‬
‫ومهما يكن األمر‪،‬‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫الت تربط اإلنسان‪،‬‬
‫وطبيعتها‪ ،‬كما أن لهذا العلم دوره يف تحديد العداقات االجتماعية ي‬
‫ً‬
‫ً‬
‫الت ينتظم فيها ويتفاعل معها ‪.‬‬
‫باعتباره حيوانا اجتماعيا بطبعه‪ ،‬بأفراد الجماعة ي‬
‫ ‪- 001‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com190‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫مصادر الفصل ومراجعه‬
‫ األخرس‪ ،‬صفوح (‪ )4791‬ر‬‫األنثوبولوجيا االجتماعية‪ ،‬دمشق ‪.‬‬
‫ الجباوي‪ ،‬عىل (‪ )4790‬ر‬‫األنثوبولوجيا االجتماعية‪ ،‬جامعة دمشق ‪.‬‬
‫ي‬
‫ سثوس‪ ،‬كلود ليق (‪ )4792‬ر‬‫األنثوبولوجيا البنيوية‪ ،‬ترجمة ‪ :‬صالح مصطق‪ ،‬دمشق‪.‬‬
‫ي‬
‫ لبيب‪ ،‬الطاهر (‪ )4799‬سوسيولوجيا الثقافة‪ ،‬دار الحوار‪ ،‬الداذقية ‪.‬‬‫ لطق‪ ،‬عبد الحميد (‪ )4797‬ر‬‫األنثوبولوجيا االجتماعية‪ ،‬دار المعارف بمرص‪.‬‬
‫ي‬
‫ لينتون‪ ،‬رالف (‪ )4759‬ر‬‫األنثوبولوجيا وأزمة العالم الحديث‪ ،‬ترجمة ‪ :‬عبد الملك‬
‫الناشف‪ ،‬المكتبة العرصية‪ ،‬ربثوت ‪.‬‬
‫ ‪- 191‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com191‬‬
www.facebook.com/tanweerlibrary
- 002 https://attanweerlibrary.blogspot.com192
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫الفصل الثان‬
‫ر‬
‫األنثوبولوجيا ف المجتمع الحديث‬
‫ّ‬
‫مقــدمة‬
‫ّ‬
‫ا‬
‫أول‪ -‬نظرية االتصال الثقاف‬
‫ّ‬
‫التطورية الجديدة‬
‫ثانيا‪ -‬النظرية‬
‫ّ‬
‫الموجه )‬
‫التغيثي (‬
‫‪-4‬االتجاه‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫التثقيق‬
‫‪-0‬االتجاه‬
‫ي‬
‫ثالثا‪ -‬النظرية الماركسية‬
‫رابعا‪ -‬النظرية المعرفية‬
‫‪-4‬المدرسة البنائية‬
‫‪-0‬المدرسة األثنولوجية الجديدة‬
‫ ‪- 193‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com193‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫مقــدمة‬
‫انتقل الفكر ر‬
‫وبولوج مع بداية النصف الثان من القرن ر‬
‫العشين‪ ،‬يف الدراسات‬
‫األنث‬
‫ي‬
‫ر ي‬
‫ّ‬
‫والتطورية‪ ،‬إل البحوث الميدانية‪ ،‬حيث‬
‫الثقافية ‪ /‬االجتماعية‪ ،‬من البحوث التاريخية‬
‫ّ‬
‫ه يف واقعها الراهن أثناء فثة الدراسة‪.‬‬
‫تتم دراسة الثقافة كما ي‬
‫ّ‬
‫موضوعي للبحث كانا ‪ :‬موضوع العائلة وموضع الدين‪،‬‬
‫يقول ‪ /‬بريتشارد ‪ /‬إن أحب‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ً‬
‫وعلماء القرن التاسع ر‬
‫الموضوعي‪ ،‬وقد وصلوا‬
‫عش‪ ،‬لم يملوا أبدا من الكتابة يف هذين‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫محل نقاش بينهم لفثة طويلة‪ .‬ولكن عىل الرغم من اختداف هؤالء‬
‫فيهما إل نتائج كانت‬
‫ً‬
‫ً‬
‫العلماء اختدافا شديدا‪ ،‬عىل ما يمكن استخداصه من وقائع وبينات كانت تحت أيديهم‪،‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫وصق‪،4794 ،‬‬
‫التطور‪( .‬‬
‫وه إثبات‬
‫ي‬
‫الت يرمون إليها‪ ،‬ي‬
‫فقد كانوا يتفقون عىل األهداف ي‬
‫ص ‪) 07‬‬
‫فقد كانت المشكدات الت درسها علماء ر‬
‫األنثوبولوجيا‪ ،‬حت وقت قريب‪ ،‬بعيدة عن‬
‫ي‬
‫مجاالت الحياة اليومية‪ ،‬وكان من الصعب التوفيق بي المشكدات النظرية حول ّ‬
‫تطور‬
‫ر‬
‫الت‬
‫الثقافة أو االنتشار‬
‫الثقاف أو وصف الطرائق الثقافية‪ ،‬ر‬
‫ي‬
‫وبي مشكدات الرصاع والتداؤم ي‬
‫كانت تجذب االنتباه‪ ،‬سواء داخل الثقافات اآلخذة بالنمو‪ ،‬أو يف مناطق االحتكاك ربي‬
‫الثقافات ‪.‬‬
‫ر‬
‫غث مصابة بالعدوى) وما ينجم‬
‫فرغبة علماء األنثوبولوجيا يف دراسة أنماط حياة ‪ (،‬ر‬
‫تضق عىل أعمالهم صفة تختلف عن صفة‬
‫الثقاف‪ ،‬كانت‬
‫التغيث‬
‫عنها من نسيان مظاهر‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫الطبيعية ‪ (.‬هرسكوفيث‪ ،4791 ،‬ص‬
‫المخثية يف العلوم الصحيحة والعلوم‬
‫األبحاث‬
‫ر‬
‫‪)225‬‬
‫ ‪- 004‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com194‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫يتعلق بما ّ‬
‫سسم ب (الدراسة‬
‫األنثوبولوجيا إل موضوع جديد‬
‫ولذلك انتقلت‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫لمكونات الثقافة وعنارصها األساسية والعداقات المتبادلة فيما بينها )‪ .‬وبرزت‬
‫المثامنة‬
‫ّ‬
‫الثقاف‪،‬‬
‫نتيجة ذلك النظريتان التاليتان يف دراسة الثقافة اإلنسانية‪ :‬نظرية االتصال‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫التطورية الجديدة ‪.‬‬
‫والنظرية‬
‫ا‬
‫الثقاف (التثاقف والمثاقفة) ‪:‬‬
‫أوال‪ -‬نظرية االتصال‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫احتلت مسألة تعريف كلمة التثاقف (المثاقفة )‪ ،‬وتحديد نطاق العمل الذي تنطبق‬
‫ّ‬
‫االجتماع"‬
‫عليه‪ ،‬مكان الصدارة منذ عام ‪ ،4725‬حيث قدمت لجنة " مجلس البحث‬
‫ي‬
‫ً‬
‫ا‬
‫ّ‬
‫وينص التعريف‬
‫تعريفا لها كجزء من مذكرة أعدتها لتكون دليال يف البحث عن التثاقف‪.‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫والمستمر‪ ،‬ربي‬
‫المباش‬
‫الت تنجم عن االحتكاك‬
‫عىل أن ‪ " :‬التثاقف سشمل الظواهر ي‬
‫تجره هذه الظواهر من ّ‬
‫مختلفتي ف الثقافة‪ ،‬مع ما ّ‬
‫تغثات يف‬
‫جماعتي من األفراد‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ر ي‬
‫المجموعتي أو كلتيهما "‪( .‬هرسكوفيث‪ ،4791 ،‬ص‬
‫نماذ الثقافة األصلية‪ ،‬لدى إحدى‬
‫ر‬
‫‪)004‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫يعت أن التثاقف (المثاقفة) هو تأثر الثقافات بعضها ببعض‪ ،‬نتيجة‬
‫وهذا التعريف ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫االتصال ربي الشعوب والمجتمعات‪ ،‬مهما كانت طبيعة هذا االتصال وأهدافه‪ ،‬وإن كانت‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫التغيث‪،‬‬
‫معي من عمليات‬
‫معظم دراسات االتصال‬
‫ر‬
‫الثقاف ركزت بالدرجة األول‪ ،‬عىل نوع ر‬
‫ي‬
‫التغيث عىل الثقافة ‪.‬‬
‫تغيث الحياة االجتماعية‪ ،‬وانعكاس ذلك‬
‫التغيث‬
‫وهو‬
‫ر‬
‫االجتماع أو ر‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫وثمة مفهوم آخر مرادف لكلمة (المثاقفة) وهو (المناقلة الثقافية‬
‫ّ‬
‫‪ )Transculturation‬الذي ظهر ّ‬
‫الكون ‪/‬‬
‫للمرة األول يف عام ‪ .4712‬ويعلل الباحث‬
‫ري‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫أورتث ‪ / Ortiz‬استعمال هذا المفهوم بقوله ‪ " :‬إن يت أؤيد الرأي بأن كلمة المناقلة‬
‫ر‬
‫ ‪- 195‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com195‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫الثقافية‪ّ ،‬‬
‫تعث بشكل أفضل من مراحل سياق االنتقال المختلفة‪ ،‬من ثقافة إل ثقافة‬
‫ر‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫أخرى‪ .‬ألن هذا السياق ال سشتمل فقط عىل اكتساب ثقافة أخرى‪ ،‬بل يتضمن أيضا‬
‫بالرصورة‪ ،‬فقدان مقدار ما من ثقافة سابقة‪ ،‬أي االنثاع منها‪ .‬وهو ما يمكن تعريفه ‪(:‬‬
‫ّ‬
‫بالتال إل فكرة ظاهرة‬
‫الثقاف ‪ )Deculturation‬أضف إل ذلك‪ ،‬أنه يقود‬
‫بالتجريد‬
‫ي‬
‫ي‬
‫نشأة ثقافة جديدة‪ ،‬وهو ما يمكن تسميته " التثقيف الجديد " ‪ (.‬هرسكوفيث‪ ،‬ص‪)009‬‬
‫وأيا كان المفهوم (المثاقفة أو االنتقال الثقاف )‪ ،‬فقد ّ‬
‫ّ‬
‫مهد لدراسة ر‬
‫األنثوبولوجيا‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الباحثي يف أمريكا وأوروبا‪ ،‬أسهموا إل حد بعيد يف وضع أسس‬
‫وفق هذا االتجاه عدد من‬
‫ر‬
‫ر‬
‫األنثوبولوجيا الحديثة ‪.‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫تبت االتجاه‬
‫‪ -1‬ف أمريكا ‪ :‬تعد الباحثة األمريكية ‪ /‬ماغريت ميد ‪ /‬الرائدة األول يف ي‬
‫اف‪ .‬فقد أجرت ‪ /‬ميد‪ /‬يف أوائل‬
‫التغيث‬
‫التثاقق) يف دراسة‬
‫التواصىل (‬
‫ر‬
‫االجتماع ‪ /‬الثق ي‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫الثداثينات من القرن العشين دراسة عىل مجتمع من الهنود الحمر يف أمريكا‪ ،‬ومدى تأثره‬
‫الت حصلت يف‬
‫بالمستعمرين البيض‪ ،‬من خدال احتكاكه بهم‪ ،‬والحظت االضطرابات ي‬
‫الحياة االجتماعية التقليدية عند الهنود الحمر نتيجة لذلك‪ .‬فقد كان مجتمع الهنود‬
‫الحمر يف فثة الدراسة‪ ،‬يعيش حالة من الرصاع الشديد‪ ،‬ربي األخذ بالثقافة الجديدة‬
‫سيما ّأنه لم يكن قد ّ‬
‫الوافدة‪ ،‬وبن الثقافة القديمة الت اعتاد عليها‪ ،‬وال ّ‬
‫تكيف بعد مع‬
‫ي‬
‫األوضاع الجديدة‪.‬‬
‫ً ّ‬
‫وف المقابل‪ ،‬وجدت ‪ /‬ميد ‪ /‬أيضا‪ ،‬أن المستعمرين البيض لم يهدفوا إل التبادل‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫الثقافتي‪ ،‬وإنما أرادوا للهنود الحمر أن يندمجوا يف ثقافتهم بصورة كاملة‪.‬‬
‫بي‬
‫)‬
‫التفاعل‬
‫(‬
‫ر‬
‫ر‬
‫وعىل الرغم من موقف البيض هذا‪ ،‬فلم سسمحوا للهنود الحمر أن سشاركوا يف أنشطتهم‪،‬‬
‫أو أن يتعاملوا وإياهم عىل قدم المساواة ‪(Freidle, 1977, p.491) .‬‬
‫ ‪- 006‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com196‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫المقررة الت استطاع علماء ر‬
‫ّ‬
‫األنثوبولوجيا بوساطتها‪،‬‬
‫وقد ّتم اللجوء إل الطرق‬
‫ي‬
‫النفاذ إل العنارص الثقافية الكامنة تحت األشكال الثقافية‪ ،‬لك ّ‬
‫تزودهم بأساس لتقريب‬
‫ي‬
‫الت ستضع إدارة شؤون الهنود يف أيدي الهنود أنفسهم‪ .‬وعهد للمكتب الخاص‬
‫السياسة ي‬
‫بالهنود‪ ،‬إل علماء ر‬
‫في الذين قاموا بتغطية الدراسات االقتصادية‬
‫المحث‬
‫وبولوجيا‬
‫األنث‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫يهتم بها الحاكم بالدرجة األول‪ ،‬وميادين الدين والفن والقيم‪ ،‬وبنيان‬
‫الت‬
‫والسياسية‪ ،‬ي‬
‫ّ‬
‫االجتماع األخرى‪( .‬هرسكوفيث‪ ،4791 ،‬ص‬
‫الشخصية ونظم الثبية‪ ،‬وأنماط الضبط‬
‫ي‬
‫‪)229‬‬
‫ً‬
‫ر‬
‫األنثوبولوجيا يف أمريكا‪ ،‬مقترصا عىل‬
‫وبــهذا‪ ،‬لم يعد تطبيق مكتشفات علم‬
‫ر‬
‫استخدام المفهومات واألساليب ووجهات النظر األنثوبولوجية‪ ،‬يف معالجة المشكلة‬
‫ّ‬
‫الهندية فحسب‪ ،‬بل امتدت طرائق دراسة القضايا العملية لتشمل مشكدات الجماعات‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫والت أصبحت تمثل غالبية سكان أمريكا ‪.‬‬
‫المتمدنة أيضا‪ ،‬ي‬
‫‪-0‬ف أوروبا ‪ :‬فق إنكلثا‪ ،‬رّكز معظم الباحثي ّ‬
‫جل اهتماماتهم عىل دراسة عمليات‬
‫ر‬
‫ي‬
‫وف هذا‬
‫التواصل‬
‫الثقاف (التثاقف) عند الشعوب األفريقية‪ ،‬وما أحدثه من ر‬
‫ثقاف‪ .‬ي‬
‫تغيث ي‬
‫ي‬
‫اإلطار‪ ،‬دعمت دراسات ‪ /‬هرسكو فيث‪ /‬فكرة النسبية الثقافية‪ ،‬حيث تساءل ‪ :‬كيف‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫الت ال تعرف الكتابة؟‬
‫يمكن أن نطلق أحكاما تقييمية عىل الثقافة البدائية‪ ،‬تلك الثقافة ي‬
‫ّ‬
‫وأن كل فرد ينتم إل هذه الثقافة‪ّ ،‬‬
‫يفش الحياة اإلنسانية يف حدود ثقافته الخاصة؟‬
‫ي‬
‫ولذلك‪ ،‬فمن الخطأ أن تسىع الثقافة الغربية (األمريكية أو األوروبية) إلطداق أحكام‬
‫ًّ‬
‫ّ ً‬
‫ّ‬
‫أساسيا للممارسات‬
‫مثرا‬
‫مسبقة عىل الثقافات األخرى‪ ،‬وتتخذ من هذه األحكام ر‬
‫االستعمارية‪ ،‬عىل أهل تلك الثقافات‪( .‬فهيم‪ ،4795 ،‬ص ‪)417‬‬
‫ّ‬
‫الفرنسيي مواقف مشابهة‬
‫الباحثي‬
‫وكذلك الحال يف فرنسا‪ ،‬حيث اتخذ العديد من‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ ‪- 197‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com197‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫لموقف ‪ /‬هرسكوفث ‪ /‬ف دعم ّ‬
‫تبت مفهوم النسبية الثقافية ومناهضة الثعة‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫الت تنظر إل التثاقف عىل أنه عملية تقوم عىل أساس من السيطرة‪،‬‬
‫االستعمارية‪ ،‬ي‬
‫الغرن عىل الشعوب األخرى ‪.‬‬
‫بالتال الفوارق التثاقفية واالستعداء‬
‫ورفضوا‬
‫ري‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫جثار لكلرك ‪ : /‬إن االستعمار قد أتاح‬
‫الفرنىس‬
‫وف هذا االتجاه‬
‫التحرري‪ ،‬كتب ‪ /‬ر‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫للباحثي من قبل‪ ،‬وبذلك أسهم التقدم‬
‫لألنثوبولوجيا رشوط عمل وتسهيدات لم تتح‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫الحاصل ف العلوم اإلنسانية ف ر‬
‫نش فكرة تجدد العلوم اإلنسانية الفرنسية‪ .‬فاإلنسانية لم‬
‫ي‬
‫ي‬
‫تعد ّ‬
‫ممثة بتبعيتها للزمان‪ ،‬بل ّ‬
‫ّ‬
‫الت ال‬
‫بتنوعها‬
‫ر‬
‫ي‬
‫المكان عىل مر الزمن‪ ،‬وبتعدد المدنيات ي‬
‫ّ‬
‫يحق لواحدة منها أن تكون الوحيدة أو الفريدة‪ .‬ولذلك‪ ،‬يجب أن نتناول حالة الثقافة‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫طبيعية لنتائج علم‬
‫تعتث نفسها باألساس‪ ،‬محصلة‬
‫الت‬
‫ر‬
‫النسبية‪ ،‬تلك المدرسة ي‬
‫ر‬
‫األنثوبولوجيا ‪ (.‬فهيم‪ ،4795 ،‬ص ‪)459‬‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ً‬
‫وإذا كان مفهوم النسبية الثقافية عكس اتجاها أيديولوجيا خاصا‪ ،‬وارتبط بمرحلة‬
‫معينة‪ ،‬فنن الظروف الت رافقته‪ّ ،‬‬
‫تاريخية ّ‬
‫تغثت بعد الحرب العالمية الثانية‪ ،‬حيث‬
‫ر‬
‫ي‬
‫َ‬
‫ّ‬
‫مصثها بنفسها‪ ،‬ولم‬
‫وتقرر‬
‫المستعمرة تنال استقدالها‬
‫بدأت الشعوب يف المجتمعات‬
‫ر‬
‫ر‬
‫وبولوجيي للدفاع عنها وإثبات وجودها يف إطار النسبية‬
‫األنث‬
‫تعد بحاجة إل دفاع‬
‫ر‬
‫الثقافية‪.‬‬
‫ولذلك‪ ،‬كان من الرصوري إيجاد فكر ر‬
‫وبولوج جديد ينسجم مع هذه‬
‫انث‬
‫ر ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫المستجدات االجتماعية والسياسية والثقافية‪ .‬فكان أن تخىل عدد من ر‬
‫وبولوجيي‬
‫األنث‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫واتجهوا ّ‬
‫التطورية‪ ،‬تحت اسم (النظرية‬
‫مرة أخرى إل إحياء الفكرة‬
‫عن النسبية الثقافية‪،‬‬
‫ّ‬
‫التطورية الجديدة) ‪.‬‬
‫ ‪- 008‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com198‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫التطورية الجديدة ‪:‬‬
‫ثانيا‪-‬النظرية‬
‫ر‬
‫العشين‪ ،‬عدد من‬
‫ظهر يف نهاية النصف األول وبداية النصف الثا ين من القرن‬
‫ر‬
‫وبولوجيي الذين بدأوا يضعون نظرية خاصة لدراسة المجتمعات اإلنسانية ومراحل‬
‫األنث‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫اإلنكلثي (جوردن‬
‫الثقاف يف ذلك‪ .‬وكان من أبرز هؤالء‪ ،‬عالم اآلثار‬
‫التغيث‬
‫تطورها‪ ،‬وموقع‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ي‬
‫واألمثيكيان ‪( :‬جوليان ستيوارد) و ( رلث يل هوايت) الذي دعا إل عدم استخدام‬
‫تشايلد )‪،‬‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫النظم األوروبية كأساس لقياس التطور‪ ،‬ورصورة إيجاد محكات أخرى يمكن قياسها‬
‫وتقليل األحكام التقديرية بشأنها ‪.‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ ّ‬
‫المهم أال‬
‫فقد أكد ‪ /‬هوايت ‪ /‬يف كتابه " علم الثقافة " المنشور عام ‪ ،4717‬أن من‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫التطورية عىل تحديد مراحل ّ‬
‫الثقاف‪ ،‬وإنما ال بد من‬
‫معينة لتسلسل النمو‬
‫تقترص النظرية‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الت تحدد هذا التطور‪ .‬ويمثل عامل " الطاقة " يف رأيه‪ ،‬المحك‬
‫إبراز العامل أو العوامل ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫االجتماع‬
‫التكنولوج يف ثقافة ما‪ ،‬يحدد كيانها‬
‫الرئيس لتقدم الشعوب‪ .‬أي أن المضمون‬
‫ر ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫واتجاهاتها األيديولوجية‪( .‬فهيم‪ ،4795 ،‬ص‪)022‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫التطوري‪ ،‬إل ثداث مدارس تنادي ّ‬
‫كل منها‬
‫الثقاف‬
‫وقد انقسم هذا االتجاه‬
‫ي‬
‫وصق‪ ،4794 ،‬ص ‪)155‬‬
‫بمجموعة من القضايا العامة ‪( :‬‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫حي‬
‫المدرسة األوىل ‪ :‬تأخذ بالمسلمة القائلة بأن التاري ــخ إنما يتجه يف تتابع وحيد ر‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫استنادا إل مبدأ الوحدة السيكولوجية لبت ر‬
‫تتطور‬
‫البش‪ .‬ومن هنا‬
‫تتطور النظم والعقائد‪،‬‬
‫ي‬
‫الثقافة ف العالم اإلنسان‪ ،‬حيث تتشابه الظروف العقلية والتار ّ‬
‫يخية ‪.‬‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫التطوري للنظم‬
‫حي تعالج هذا التتابع‬
‫المدرسة الثانية ‪ :‬تأخذ بالمنهج المقارن ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫المنهجية المنظمة ربي الشعوب والثقافات‪ ،‬يف‬
‫والمعتقدات اإلنسانية‪ ،‬بعقد المقارنات‬
‫ ‪- 199‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com199‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ً‬
‫سائر المراحل المبكرة ألطوار الثقافة‪ ،‬بحثا عن المصادر األثنولوجية للسمات الثقافية‪.‬‬
‫ّ‬
‫المدرسة الثالثة ‪ :‬تأخذ بفكرة البقايا أو المخلفات والرواسب الثقافية‪ ،‬عىل اعتبار‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫المنطقية‪ ،‬وأن المجتمع‬
‫ه شواهد من الناحية‬
‫أن هذه البقايا القائمة يف المجتمع‪ ،‬إنما ي‬
‫ً‬
‫ّ ً‬
‫ً‬
‫تطورا ومراحل ر‬
‫أقل ّ‬
‫قد م ّر ف مراحل ّ‬
‫أكث تركيبا وتطورا‪.‬‬
‫ي‬
‫وقد ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫أثنولوج جديد يبحث يف‬
‫تخصص‬
‫التطورية الجديدة‪ ،‬إل نشوء‬
‫مهدت أفكار‬
‫ر ي‬
‫العداقات المتبادلة ربي البيئة الطبيعية والثقافة‪ ،‬وعرف فيما بعد باسم األيكولوجيا‬
‫الت يعود تاريخها إل ‪/‬‬
‫والت تستند إل النظرية البيئية ي‬
‫الثقافية (‪ .(Cultural Ecology-‬ي‬
‫اليونان‪ ،‬ومن ّثم إل ‪ /‬مونتسيكو ‪ /‬الذي وضع أسس هذه النظرية‬
‫هيبوقراط ‪/‬‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫(المدرسة) والت يتبعها بعض علماء ر‬
‫األنثوبولوجيا يف العرص الحديث‪ .‬وتتلخص آراء‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ناخية‪ ،‬قد ّ‬
‫سيما الظروف الم ّ‬
‫الطبيعية للمنطقة‪ ،‬وال ّ‬
‫ّ‬
‫كونت‬
‫هذه المدرسة‪ ،‬بأن العوامل‬
‫وعينت طراز حياتهم‪ .‬وقضت عىل ّ‬
‫الخارج لألفراد‪ّ ،‬‬
‫كل فرد ال يملك الصفات‬
‫المظهر‬
‫ر ي‬
‫ّ‬
‫الت تتفق وتلك البيئة (حمدان ‪ ،4797،‬ص ‪) 424‬‬
‫ي‬
‫تفسث التباين ربي ثقافات الشعوب المختلفة‪،‬‬
‫ويعتمد األيكولوجيون الثقافيون يف‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫تأثث الثقافة مع ما يحدث يف‬
‫يهتمون بالكشف عن‬
‫البيت كما‬
‫التنوع‬
‫عىل ظاهرة‬
‫كيفية ر‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫االجتماع‪(Freidle, 1977, .‬‬
‫تغثات جذرية‪ ،‬عىل تكيف الفرد وتفاعله‬
‫البيئة من ر‬
‫ي‬
‫)‪p307‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الطاع للبيئة) وأن أثر البيئة‬
‫التأثث القوي ‪/‬‬
‫وتتلخص وجهة نظرهم هذه‪ ،‬يف جملة ( ر‬
‫ي‬
‫كثثة‪ .‬ويستشهدون عىل ذلك‪ ،‬بسكان األسكيمو‪ ،‬وسكان‬
‫كبث عىل الثقافة يف مجاالت ر‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫األصليي‪ ،‬وتأثر ثقافة كل من هذه الشعوب بالبيئة المحيطة‪ .‬ولكن ثمة‬
‫أوسثاليا‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫كثثا من البيئات المتشابهة‪،‬‬
‫معارضون يف العرص الحديث لهذه النظرية‪ ،‬ألنهم يرون أن ر‬
‫ ‪- 211‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com200‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫تضم ثقافات وحضارات مختلفة‪( .‬حمدان‪ ،‬ص ‪) 424‬‬
‫ّ‬
‫ً‬
‫ً‬
‫وهكذا بدأت ر‬
‫األنثوبولوجيا تأخذ مسارا جديدا لتأكيد النسبية الثقافية واالتجاه‬
‫الموضوع يف الدراسات األثنولوجية‪ ،‬حيث بذلت محاوالت جادة للنظر إل‬
‫العلم ‪/‬‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫الثقافة من خدال مفهومات أفراد المجتمع وتصوراتهم‪ ،‬وليس من منطلق الباحث‬
‫األثنولوج ونظرته الخاصة ‪.‬‬
‫ر ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫استمرت حت‬
‫وكان من نتيجة ذلك‪ ،‬ظهور أربعة اتجاهات يف الدراسة األثنولوجية‪،‬‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫ر‬
‫يوحدوا‬
‫األنثوبولوجيون بعدها أن‬
‫العشين‪ ،‬استطاع‬
‫نهاية السبعينات من القرن‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ويوجهوا دراساتهم االجتماعية ‪ /‬الثقافية‪ ،‬من أجل ّ‬
‫تحرر اإلنسان وتقدمه ‪.‬‬
‫اهتماماتهم‬
‫ّ‬
‫يىل عرض موجز لهذه االتجاهات األربعة ‪:‬‬
‫وفيما ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الموجه ‪:‬‬
‫التغيثي‬
‫‪ -4‬االتجاه‬
‫ر‬
‫المستعمرة عىل استقدالها‪ّ ،‬‬
‫بعد ر‬
‫َ‬
‫قل‬
‫تداش االستعمار وحصول معظم المجتمعات‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫اهتمام ر‬
‫التغثات‬
‫وبولوجيي بدراسة عملية المثاقفة‪ ،‬واتجهوا إل دراسة طبيعة‬
‫األنث‬
‫ر‬
‫ر‬
‫االقتصادية واالجتماعية الناجمة عن استخدام التكنولوجية الغربية الحديثة إل‬
‫ّ‬
‫وشجعتهم عىل ذلك‪،‬‬
‫الت خضعت لداستعمار‪ ،‬بقصد تنميتها وتطويرها‪.‬‬
‫المجتمعات ي‬
‫ّ‬
‫تغثات‬
‫الحكومات الغربية المنتجة لهذه التكنولوجية‪ ،‬والهادفة من ورائها إل تحقيق ر‬
‫أيديولوجية ّ‬
‫معينة ‪ /‬سياسية وثقافية واجتماعية ‪./‬‬
‫التغيثات‬
‫كبثة لدراسة حركية‬
‫ر‬
‫لقد أعطت الظروف السياسية الجديدة ‪ ،‬دفعة ر‬
‫الناجمة عن عمليات نقل التكنولوجية الحديثة إل الثقافات التقليدية يف المجتمعات‬
‫ ‪- 101‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com201‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫ّ ّ‬
‫قدم العالم ر‬
‫األمريك ‪ /‬جور فوسث‪ /‬يف كتابه " الثقافات‬
‫وبولوج‬
‫األنث‬
‫المتخلفة‪ .‬وقد‬
‫ر ي‬
‫ي‬
‫ا‬
‫الت تساعد يف قبول‬
‫والتغيث‬
‫التقليدية‬
‫ر‬
‫ر ي‬
‫التكنولوج – عام ‪ "4752‬تحليال للعوامل ي‬
‫ّ‬
‫الت تحبطه‪ ،‬وركز يف مناقشة هذه العوامل عىل المضمونات‬
‫التغي رث‪ ،‬والعوامل ي‬
‫ّ‬
‫والنفسية ‪ (.‬فهيم‪ ،4795 ،‬ص ‪)029‬‬
‫االقتصادية والثقافية‬
‫ّ ّ‬
‫الت كانت وراء نقل التكنولوجية إل المجتمعات التقليدية تحت‬
‫إال أن األهداف ي‬
‫ّ‬
‫الت قد‬
‫مصطلح " التنمية"‪ ،‬أثارت‬
‫ر‬
‫الكثث من القضايا األخداقية‪ ،‬وال سيما تلك األرصار ي‬
‫تصيب اإلنسان وبيئته‪ ،‬وذلك بسبب عدم حاجة المجتمعات النامية إل هذه‬
‫التكنولوجية‪ ،‬أو عدم مناسبة استخدامها يف تلك المجتمعات‪ .‬وعىل الرغم من ذلك‪ ،‬فقد‬
‫ّ‬
‫االتجاه أثر كبث وواضح ف ر‬
‫األنثوبولوجيا التطبيقية ‪.‬‬
‫كان لهذا‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫التطبيق ‪:‬‬
‫‪ -0‬االتجاه‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫التحررية ف الفكر ر‬
‫ّ‬
‫وبولوج‪ ،‬يف الستينات والسبعينات‬
‫األنث‬
‫تنام االتجاهات‬
‫أدى‬
‫ر ي‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ًّ‬
‫من القرن ر‬
‫العشين‪ ،‬إل تراجع توظيف األثنولوجيا لخدمة األهداف السياسية‪ ،‬أيا كانت‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫تخصص جديد يعرف بـ " ر‬
‫األنثوبولوجيا‬
‫طبيعة دراساتها وأنواعها‪ .‬ونشأ بدال من ذلك‬
‫ر‬
‫خثاتهم المعرفية ‪ /‬النظرية‬
‫التنموية " حيث يقوم الباحثون األنثوبولوجيون بتقديم ر‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫المشوعات االقتصادية واالجتماعية‪ .‬أي أن نتائج‬
‫والميدانية ‪ /‬التطبيقية‪ ،‬يف خدمة‬
‫ّ‬
‫الدراسات ر‬
‫األنثوبولوجية التطبيقية‪ ،‬أصبحت توظف لخدمة الدول النامية يف عمليات‬
‫ّ‬
‫التغيث التنموي المخطط‪.‬‬
‫ر‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ً‬
‫واستنادا إل ذلك‪ ،‬أصبحت مسألة استخدام المعرفة ر‬
‫األنثبولوجية (إيجابا أو سلبا)‬
‫ّ‬
‫والمسؤولي عىل حد سواء‪ .‬وهذا ما دفع‬
‫الباحثي‬
‫الت أثارت اهتمام‬
‫ر‬
‫ر‬
‫من القضايا الهامة ي‬
‫الجمعية ر‬
‫األنثبولوجية األمريكية إل تشكيل لجنة يف عام ‪ ،4759‬لبحث المسؤوليات‬
‫ ‪- 212‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com202‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫الت‬
‫الت يجب أن يتحملها الباحثون األنثوبولوجيون‪ ،‬تجاه المجتمعات ي‬
‫األخداقية ي‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫الت تستخدم نتائج البحوث األنثوبولوجية‬
‫يقومون بدراستها‪ ،‬وال سيما تلك المصلحة ي‬
‫من أجلها‪.‬‬
‫وانته ذلك إل إصدار بيان " وثيقة األخداقيات ر‬
‫األنثوبولوجية " عام ‪،4792‬‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫المدروسي من جهة‪،‬‬
‫وبولوجيي باألفراد (الجماعات)‬
‫األنث‬
‫حددت بموجبها عداقة‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ومسؤولياتهم تجاه الدول يف المجتمعات المضيفة من جهة أخرى ‪.‬وهذا كله يدخل يف‬
‫مسؤوليات الباحث ر‬
‫وبولوج‪ ،‬وال ّ‬
‫سيما األمانة المهنية واألخداقية‪ ،‬وحماية األفراد‬
‫األنث‬
‫ر ي‬
‫ّ‬
‫الذين يتعامل معهم‪ .‬وكان من نتيجة ذلك‪ ،‬ظهور ثداثة اتجاهات فرعية بشأن إجراء‬
‫الدراسات ر‬
‫األنثوبولوجية واستخداماتها ‪.‬‬
‫ّ‬
‫االتجاه األول ‪ :‬ذو نزعة تقليدية‪ ،‬يرى أن القيم العامة والسياسة‪ ،‬ال عداقة لهما‬
‫ّ‬
‫بالعلوم االجتماعية‪ ،‬وما عىل الباحث ر‬
‫الت يحصل عليها‬
‫األنث‬
‫ر ي‬
‫وبولوج إال تقديم الحقائق ي‬
‫ّ‬
‫ه ومن دون االهتمام بنتائجها‪ ،‬عىل اعتبار أن العلم منفصل عن القيم األخداقية ‪.‬‬
‫كما ي‬
‫ً‬
‫غثفيتش‪ /‬تعريفا الجتماعية المعرفة سشمل موضوع هذا‬
‫وهنا يقثح ‪ /‬جور‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫االختصاص مع اعتبارات منهجية أساسية‪ .‬وإذا اقترصنا عىل الحد األدن منه‪ ،‬كانت‬
‫ا‬
‫الت يمكن‬
‫ه أوال دراسة الثابطات الوظيفية ي‬
‫اجتماعية المعرفة (سوسيولوجيا المعرفة) ي‬
‫جانبي ‪:‬‬
‫إيجادها ربي‬
‫ر‬
‫أولها ‪ :‬أنواع المعرفة المختلفة‪ ،‬ودرجة تبلور األشكال المختلفة داخل هذه األنواع‬
‫من المعرفة وأنظمتها المختلفة‪ ،‬أي (تراتب هذه األنواع) ‪.‬‬
‫وثانيهما ‪ :‬األطر االجتماعية‪ ،‬بما فيها المجتمعات الشاملة‪ ،‬والطبقات االجتماعية‪،‬‬
‫ ‪- 103‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com203‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫التعبثات المجتمعية المختلفة (العنارص الميكرو اجتماعية )‪.‬‬
‫والمجموعات الخاصة‪ ،‬و‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ ّ‬
‫وهذا ر‬
‫يتم إال بدراسة مدققة لجوانب أخرى‪ ،‬تتلخص يف ‪:‬‬
‫المشوع ال‬
‫‪ -4‬العداقة ربي تراتب أنواع المعرفة‪ ،‬وتراتب المستحدثات األخرى للحضارة‪.‬‬
‫ّ‬
‫للتعبث والتواصل‪ ،‬ر‬
‫ونش المعرفة ‪.‬‬
‫‪ -0‬دور المعرفة وممثليها‪ ،‬واألنماط المختلفة‬
‫ر‬
‫‪ -2‬مظاهر االقثاب واالبتعاد ربي أنواع المعرفة المختلفة‪ ،‬وذلك بحسب ارتباطاتها‬
‫بأطر اجتماعية ّ‬
‫معينة ‪.‬‬
‫‪ -1‬الحاالت الخاصة من التباعد ربي األطر االجتماعية والمعرفة ‪ (.‬لبيب‪،4799 ،‬‬
‫ط‪ ،2‬ص‪)00-04‬‬
‫ّ‬
‫أساسيتي ؛ تصنيف أنواع المعرفة‬
‫محاولتي‬
‫غثفيتش ‪ /‬هذا‬
‫ويتضمن عمل ‪ /‬ر‬
‫ر‬
‫ر‬
‫وأشكالها من جهة‪ ،‬وتحديد العداقة ربي المعرفة واألطر االجتماعية من جهة أخرى‪.‬‬
‫ّ‬
‫االتجاه الثان ‪ :‬ركز عىل فكرة مبدأ النسبية الثقافية الذي يتناول يف جوهره‪ ،‬مشكلة‬
‫ّ‬
‫طبيعية ودور القيم يف الثقافة‪ .‬ويمثل معالجة علمية استقرائية لمشكلة فلسفية قديمة‪،‬‬
‫ً‬
‫وه‬
‫مستخدما معطيات حديثة عن شعوب عديدة‪ ،‬لم تكن من قبل يف متناول‬
‫ر‬
‫الباحثي‪ ،‬ي‬
‫ّ‬
‫مستمدة من دراسة أنظمة القيم يف مجتمعات ذات تقاليد وعادات وأعراف مختلفة ‪.‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ويعث عن مبدأ النسبية الثقافية باختصار ‪ :‬عىل أن األحكام فيها تبت عىل التجربة‪،‬‬
‫ر‬
‫ويفش ّ‬
‫ّ‬
‫كل فرد التجربة حسب ثقافته الخاصة‪ .‬ف ّ‬
‫تأثث المفاهيم لدى‬
‫ثمة أمثلة توضح لنا ر‬
‫الغرن من‬
‫الطبيىع ‪ ..‬فالهنود يف الجنوب‬
‫شعب ما‪ ،‬عىل نظرة هذا الشعب إل العالم‬
‫ري‬
‫ي‬
‫ ‪- 214‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com204‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫ا‬
‫ّ‬
‫الواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬يقولون بوجود ستة اتجاهات رئيسية بدال من أربعة‪ ،‬فهم‬
‫ً‬
‫ر‬
‫والشق والغرب‪ ،‬وذلك انطداقا من‬
‫يضيفون (األعىل واألسفل) إل الشمال والجنوب‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫وجهة النظر القائلة بأن الكون ذو ثداثة أبعاد‪ .‬وهم يف ذلك واقعيون تماما‪.‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫سثى أن لدى بعض المجتمعات أنظمة تجعله‬
‫وإن من يقول بوجود قيم ثابتة‪ ،‬ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫التحقق من ّ‬
‫صحة نظريته‪ .‬فهل ّ‬
‫ثمة قيم أخداقية ثابتة؟ أم أن القيم‬
‫يؤمن برصورة إعادة‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫األخداقية تكون ثابتة طالما اتفقت مع اتجاهات شعب ما‪ ،‬يف فثة زمنية معينة من‬
‫ّ‬
‫الكثى يف‬
‫تاريخه؟ واإلجابة عن هكذا أسئلة‪ ،‬تؤلف إحدى إسهامات علم األثروبولوجيا ر‬
‫تحديد مكان اإلنسان ف العالم وتحليل ّ‬
‫مقوماته‪( .‬هرسكوفيث‪ ،4791 ،‬ص‪)55-55‬‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫وهذا يتطلب عدم التدخل يف شؤون اآلخرين‪ ،‬ورصورة وضع قواعد أخداقية تضبط‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫إال ّأن بعض ر‬
‫وبولوجيي‬
‫األنث‬
‫تتوصل إليها الدراسات األثنولوجية‪.‬‬
‫الت‬
‫ر‬
‫استخدام النتائج ي‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ً‬
‫يرى أنه من الصعوبة أن يكون الباحث محايدا تماما تجاه ما يجري أمامه أو حوله‪ .‬ولذلك‬
‫ّ‬
‫فنن مسؤولية الباحث ر‬
‫وبولوج‪ ،‬توجب أن يطلع األفراد الذين يتعامل معهم عىل‬
‫األنث‬
‫‪،‬‬
‫ر ي‬
‫لتغيث واقعهم‪ ،‬وبما يتناسب مع إمكاناتهم المادية‬
‫نتائج بحثه‪ ،‬واختيار أفضل السبل‬
‫ر‬
‫ر‬
‫والبشية من جهة‪ ،‬وأوضاعهم الثقافية من جهة أخرى ‪.‬‬
‫ّ‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫وبولوج‪ ،‬أن يتخذ موقفا‬
‫األنث‬
‫يتوجب عىل الباحث‬
‫االتجاه الثالث ‪ :‬يرى أنه‬
‫ر ي‬
‫ّ‬
‫ً‬
‫ّ ً‬
‫ر‬
‫كاتلي‬
‫أيديولوجيا محددا قبل القيام بالدراسة‪ .‬وقد أكدت األنثوبولوجية ر‬
‫الثيطانية ( ر‬
‫ّ‬
‫جوف) رائدة هذا االتجاه‪ ،‬يف كتابها " ثورة العالم وعلم اإلنسان " الصادر عام ‪ ،4759‬أن‬
‫ّ‬
‫عىل ر‬
‫وبولوجيي أن يحددوا موقفهم تجاه أمرين ‪ّ :‬إما خدمة االستعمار أو مناهضته‪.‬‬
‫األنث‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫تبت أيديولوجية غربية واضحة المبادىء واألهداف‪ ،‬وال ّ‬
‫سيما تجاه‬
‫وذلك من خدال ي‬
‫مصالح المجتمعات النامية ‪.‬‬
‫ ‪- 105‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com205‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫وإذا كانت الثقافات ّ‬
‫العبارتي‬
‫هاتي‬
‫تقيم أحيانا‪،‬‬
‫ر‬
‫بعبارن ‪( :‬متمدن و بدان )‪ ،‬فنن ر‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫بسيطتان بساطة خادعة‪ ،‬إذ دلت المحاوالت لتحديد الفرق بينهما‪ ،‬عىل وجود صعوبات‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫المتضادتي‪ ،‬هام بالنسبة‬
‫العبارتي‬
‫هاتي‬
‫التميث ربي‬
‫غث أن‬
‫ر‬
‫غث متوقعة‪ .‬ر‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ر‬
‫الت‬
‫الشعوب‬
‫لوصف‬
‫عادة‪،‬‬
‫تستخدم‬
‫)‬
‫بدان‬
‫(‬
‫فكلمة‬
‫‪.‬‬
‫خاص‬
‫بشكل‬
‫‪،‬‬
‫وبولوجيي‬
‫لألنث‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫غالبا‪ -‬علم ر‬
‫ّ‬
‫الت منحت‬
‫الشعوب‬
‫وه‬
‫وبولوجيا‪،‬‬
‫األنث‬
‫–‬
‫بها‬
‫يهتم‬
‫أن‬
‫عىل‬
‫جرى التقليد‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ر‬
‫دراستها عالم األنثوبولوجيا معظم المعطيات األولية الدازمة له‪.‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الكثث من األحكام‪ ،‬عىل طرائق‬
‫يتضمنه مثل هذا االستعمال يف‬
‫ويؤثر المفهوم الذي‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الت يكشف عنها التنقيب يف األرض‪ ،‬أن التبدل‬
‫وتدل آثار‬
‫حياة الشعوب‪.‬‬
‫الماض ي‬
‫ي‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫وبالتال‪ ،‬يمكن أن نستخلص أنه ما من‬
‫‪.‬‬
‫العامة‬
‫القاعدة‬
‫هو‬
‫–‬
‫بطيئا‬
‫كان‬
‫المستمر – وإن‬
‫ي‬
‫شعب ّ‬
‫ج يعيش اليوم‪ ،‬كما كان يعيش أجداده أو أجدادنا‪( .‬هرسكوفيث‪ ،4791 ،‬ص‪)91‬‬
‫ي‬
‫ً‬
‫ثالثا‪-‬النظرية الماركسية‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫كىس ولكنها لم تجد‬
‫تعد النظرية (المادية التاريخية) الر ر‬
‫كثة األساسية للفكر المار ي‬
‫ّ‬
‫الغرن‪ ،‬إال بعد انتصار الثورة االشثاكية يف روسيا عام ‪ ،4749‬حيث‬
‫طريقها إل الفكر‬
‫ري‬
‫ليني) قائد هذه الثورة‪ ،‬تثجم إل اللغات األوروبية الرئيسة‪.‬‬
‫بدأت أعمال (‬
‫ر‬
‫فدادميث ر‬
‫ّ‬
‫وهذا ما أدى إل النهوض الثوري يف العديد من البلدان األوروبية‪ ،‬ومن ّثم تأسيس‬
‫ًّ‬
‫ر‬
‫واإليطال) من جهة‪ ،‬وإيجاد الحلول‬
‫األلمان‬
‫الفاش (‬
‫األحزاب الشيوعية‪ ،‬ردا عىل الفكر‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ي‬
‫الت خلقتها الرأسمالية – آنذاك – من جهة أخرى‪.‬‬
‫لألزمة االقتصادية العالمية ي‬
‫فقد أصبحت المادية الجدلية المنهج األساس ف العلوم اإلنسانية‪ ،‬وال ّ‬
‫سيما يف‬
‫ي‬
‫تفسث جوهر المجتمع اإلنسان ومبادىء ّ‬
‫التاريح‬
‫المادية‬
‫قيمة‬
‫أظهر‬
‫ما‬
‫وهذا‬
‫تطوره‪.‬‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ ‪- 216‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com206‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫اإلنسان‪ ،‬وفق‬
‫كفلسفة مؤثرة وفاعلة‪ ،‬يف دراسة الظواهر الطبيعية واالجتماعية والفكر‬
‫ي‬
‫وتفسثه ‪.‬‬
‫فلسق يعتمد عىل الفكرة الثورية العلمية يف تحليل الواقع‬
‫منهج‬
‫ر‬
‫ي‬
‫وتنطلق الماركسية من طريقة الحصول عىل العيش ف ّ‬
‫كل مجتمع‪ ،‬باعتبارها أساس‬
‫ي‬
‫الت يدخل فيها‬
‫بنيته‪ .‬وذلك من خدال إقامة الصلة ربي هذه الطريقة‪ ،‬ر‬
‫وبي العداقات ي‬
‫ّ‬
‫الناس ضمن عملية اإلنتا ‪ .‬فالعداقات اإلنتاجية إذن‪ ،‬تشكل األساس الرئيس والقاعدة‬
‫الحقيقية ّ‬
‫لكل مجتمع‪( .‬روزنتال ويودين‪ ،4791 ،‬ص ‪)122-124‬‬
‫ّ‬
‫فقد جاء يف الموسوعة الفلسفية (السوفيتية) أن الماركسية تنظر إل اإلنسان‪" :‬عىل‬
‫ّأنه موجود اجتماع‪ .‬ويعتث من وجهة النظر البيولوجية‪ ،‬أعىل مرحلة ف مراحل ّ‬
‫تطور‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫فنن اإلنسان ّ‬
‫الحيوانات عىل األرض‪ .‬وبينما ّ‬
‫يكيف‬
‫يكيف الحيوان نفسه مع الطبيعة‪،‬‬
‫ً‬
‫إنتاج‪ .‬واإلنسان أيضا‪ ،‬ال يمكن أن‬
‫الطبيعة مع نفسه من خدال ما يقوم به من نشاط ر ي‬
‫ّ‬
‫وبالتال فهو منصهر يف ظروف اجتماعية محددة "‪.‬‬
‫يعيش بمعزل عن الناس اآلخرين‪،‬‬
‫ي‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ّ ً‬
‫ّ‬
‫وكامنا ف نفس ّ‬
‫كل فرد‪ ،‬بل‬
‫مجردا‬
‫وهكذا يرى ماركس‪ ،‬أن جوهر اإلنسان ليس شيئا‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫تطور الجنس‬
‫الت يعيش يف إطارها‪ .‬فهو نتا‬
‫هو يف حقيقته نتا العداقات االجتماعية ي‬
‫ّ‬
‫كله‪ ،‬سستوعب (يمتلك) المعرفة الت حصل عليها الجنس ر‬
‫ر‬
‫عث تاريخه‬
‫البشي‬
‫البشي ر‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الطويل‪ .‬ولذلك‪ ،‬تعد التشكيلة االجتماعية ‪ /‬االقتصادية‪ ،‬مرحلة تاريخية معينة يف تطور‬
‫ّ‬
‫وأن أساسها هو أسلوب اإلنتا الذي ّ‬
‫تتمث به وحدها‪.‬‬
‫المجتمع‪،‬‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫إن هذا المفهوم ف الفكر الماركىس‪ ،‬يتيح ر‬
‫وبولوجيي أن يكشفوا عن الظواهر‬
‫لألنث‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ي‬
‫التميث ربي‬
‫العامة لألنظمة االجتماعية يف عدد من البلدان ‪ .‬كما يتيح يف الوقت ذاته‪،‬‬
‫ر‬
‫االختدافات السائدة فيما بينها داخل نطاق التشكيلة ذاتها‪ ،‬إذ تأخذ ّ‬
‫كل تشكيلة من‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ً‬
‫التشكيدات االجتماعية واالقتصادية‪ ،‬كيانا اجتماعيا خاصا لـه قوانينه من حيث النشوء‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫والتحول إل تشكيلة أخرى ‪ (.‬برمان‪ ،4792 ،‬ص ‪)024-022‬‬
‫والتطور‪،‬‬
‫ ‪- 107‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com207‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫لقد ّ‬
‫وجه ر‬
‫األنثوبولوجيون المعارصون اهتمامهم إل دراسة التباين القائم ربي نظرية‬
‫ماركس عن المادية التاريخية‪ ،‬ونظرية المادية الثقافية الت وضعها ر‬
‫األمريك‬
‫وبولوج‬
‫األنث‬
‫ر ي‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫المعارص ‪ /‬مارفيل هاريس ‪ ./‬فالماركسيون الحديثون يتفقون مع دعاة نظرية المادية‬
‫ّ‬
‫الثقافية‪ ،‬عىل أن األوضاع المادية للحياة اإلنسانية‪ ،‬لها األولوية يف الدراسات‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫أهميتها عىل النظم االجتماعية واألنساق الفكرية‬
‫وتتفوق يف‬
‫األنثوبولوجية‪،‬‬
‫والمعتقداتية ‪.‬‬
‫ّ‬
‫ّ ّ‬
‫الحديثي‪ ،‬يركزون عىل االقتصاد كنسق متكامل من‬
‫كسيي‬
‫ر‬
‫إال أن هؤالء المار ر‬
‫ّ‬
‫حي يركز الماديون الثقافيون عىل‬
‫العداقات االجتماعية والقيمية والتكنولوجية‪ ،‬يف ر‬
‫ً‬
‫األوضاع األيكولوجية ( ّ‬
‫ويعتثونها نسقا من العداقات البيولوجية‪Kessing, .‬‬
‫البيئية)‬
‫ر‬
‫)‪)1981, p.170‬‬
‫ّ‬
‫كالماديي‬
‫الثقافيي‬
‫الماديي‬
‫وعىل الرغم من ذلك‪ ،‬يرى ‪ /‬هاريس ‪ /‬أن‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫الدياليكتيكيي‪ ،‬من حيث الهدف الذي يمكن تحقيقه من خدال دراسة التحديات‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫الت يتعرض لها الجنس البشي‪ ،‬وال سيما متطلبات الغذاء والسكن وأدوات‬
‫(المحددات) ي‬
‫ّ‬
‫تأثثات البيئة‪ ،‬وما يتعلق بالقضايا البيولوجية ‪/‬‬
‫االستعماالت المختلفة‪ .‬يضاف إل ذلك ر‬
‫الوراثية‪ ،‬عىل التكاثر ر‬
‫البشي ‪.‬‬
‫ّ‬
‫ً‬
‫أيضا‪ّ ،‬أن عىل الماديي الثقافيي األخذ ّ‬
‫بتنوع وجهات‬
‫ولذلك يؤكد ‪ /‬هاريس ‪/‬‬
‫ر‬
‫ر‬
‫السياسية عند ر‬
‫ّ‬
‫النهان الذي يجمع فيما‬
‫وبولوجيي‪ ،‬رشيطة أن يكون الهدف‬
‫األنث‬
‫النظر‬
‫ر‬
‫ي‬
‫بينهم هو " العمل عىل تطوير الثقافة اإلنسانية ")‪)Harris, 1968, p.325‬‬
‫ ‪- 218‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com208‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫المعرفية‬
‫رابعا‪-‬النظرية‬
‫ّإن االنتقادات الت ّ‬
‫الوظيق‪ ،‬بسبب اعتماده عىل‬
‫البنان ‪/‬‬
‫وجهت إل االتجاه‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ي‬
‫سلوكات األفراد الظاهرة وما يقوم بينهم من عداقات عىل أرض الواقع‪ ،‬وإغفاله الجانب‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫تبت نظرية جديدة يف الدراسة‬
‫الحرك (‬
‫الديناميك) يف دراسة الثقافة اإلنسانية‪ ،‬أدت إل ي‬
‫ي‬
‫ي‬
‫الت أعقبت الحرب العالمية‬
‫تتناسب مع‬
‫ر‬
‫التغيثات االجتماعية والثقافية والسياسية ي‬
‫والت تبحث يف‬
‫الثانية‪ .‬ومن هنا برزت فكرة النظرية المعرفية يف دراسة الثقافة اإلنسانية‪ ،‬ي‬
‫التفكث‬
‫الت تكمن وراء هذا‬
‫طرائق‬
‫ر‬
‫ر‬
‫تفكث الناس وأساليب إدراكهم لألشياء‪ ،‬والمبادىء ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الت يصلون بوساطتها إل كل منهما ‪ ..‬فهم أصحاب المجتمع‪،‬‬
‫واإلدراك‪ ،‬ومن ثم الوسائل ي‬
‫ومن العدل أن ّ‬
‫نتعرف إل آرائهم فيها ‪.‬‬
‫ًّ‬
‫الت يقول فيها عالم االجتماع‬
‫كما جاءت النظرية المعرفية ردا عىل الماركسية‪ ،‬ي‬
‫ّ‬
‫الكثث من االهتمامات‪ ،‬ولكنها‬
‫الفرنىس المعارص ‪ /‬ميشيل فوكو ‪ : /‬أنها أثارت يف نفسه‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫أخفقت يف إشباع هذه االهتمامات إخفاقا شنيعا‪ .‬بل إنه ذهب إل حد القول ‪ " :‬إن‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫مجرد نوع من‬
‫الماركسية كانت تجتذب إليها الشباب‪ ،‬ولكنهم كانوا يدركون بشعة أنها‬
‫الت تدور حول إمكان وجود عالم آخر أفضل من هذا العالم الذي نعيش‬
‫أحدام المراهقة‪ ،‬ي‬
‫فيه ‪".‬‬
‫ّ ً‬
‫ً‬
‫تخصصا جديدا أضق عليه " تاري ــخ أنساق الفكر " يف إطار‬
‫ولذلك‪ ،‬ابتكر ‪ /‬فوكو‪/‬‬
‫الت‬
‫ما أطلق عليه مصطلح " إبستيمة ‪ " Episteme‬والمستمد من أصل الكلمة اليونانية ي‬
‫ّ‬
‫تشث إل العلم والمعرفة‪ .‬ولذا يمكن ترجمتها بعبارة " إطار المعرفة "‪ .‬ويحدد فوكو ثداثة‬
‫ر‬
‫(انقطاعات) أساسية ّ‬
‫يتمث ّ‬
‫معرف خاص ‪:‬‬
‫بإطار‬
‫منها‬
‫كل‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ ‪- 109‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com209‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫االنقطاع ّ‬
‫األول ‪ :‬حدث ف أواسط القرن السابع ر‬
‫عش وأدى إل القضاء عىل االتجاه‬
‫ي‬
‫ً‬
‫الذي كان سائدا من قبل‪ ،‬نحو إبراز و (توكيد) أوجه الشبه ربي األشياء المختلفة‪ ،‬أو ربي‬
‫ّ‬
‫(مخلوقات هللا كلها) حسب ما يقول ‪ /‬أوتو فريدريش ‪ / Otto Friedrich‬وظهور الميل‬
‫الذي ساعد (عرص العقل) نحو إبراز و توكيد أوجه التفاوت واالختداف والتفاضل ربي‬
‫تفكث القرن الثامن ر‬
‫عش بوجه خاص‪.‬‬
‫األشياء‪ .‬وهو ميل سيطر عىل ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫االنقطاع الثان ‪ :‬حدث بعد الثورة الفرنسية بقليل‪ ،‬ويتمثل يف ظهور فكرة الثقدم‬
‫ّ‬
‫وتعتث هذه الفكرة بمثلة اإلطار‬
‫والعلم‪ ،‬عىل السواء‪.‬‬
‫االجتماع‬
‫المجالي ‪:‬‬
‫التطوري يف‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ي‬
‫المعرف الذي ّ‬
‫يمث العرص الحديث ويسيطر عليه سيطرة تكاد تكون تامة‪.‬‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ً‬
‫ّأما القطع الثالث ‪ :‬هو ما يمكن أن يتبلور فيما ّ‬
‫يمر به العالم اآلن‪ ،‬ويصبح قطعا يف‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫مجرى التاريـ ــخ‪ .‬وعىل الرغم ّ‬
‫مما كتبه حول هذه النقطة‪ ،‬فننه لم يقدم أي تحديد دقيق‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫تفسث مقنع عن الطريقة الت ّ‬
‫تتم بها‬
‫واضح المعالم لذلك (القطع )‪ .‬كما أنه لم يقدم أي‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫هذه التوقعات واالنكسارات‪ ،‬أو االنقطاعات وأسباب حدوثها‪.‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ولكن‪ ،‬إذا كانت المعرفة ّ‬
‫قوة‪ ،‬كما يقول ‪ /‬فوكو ‪ /‬فننه انته من ذلك إل االعتقاد بأن‬
‫ّ‬
‫ّ ًّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫تتضمن إحداهما األخرى بالرصورة‪ ،‬وأن كال منهما تتطلب األخرى وتؤدي‬
‫القوة والمعرفة‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الت تكلم عنها‪ ،‬قد أفلح يف تكوين‬
‫إليها‪ .‬وعىل هذا األساس‪ ،‬فنذا كان كل عرص من العصور ي‬
‫صور وأشكال معرفية جديدة وتطويرها وإبرازها‪ ،‬بما ّ‬
‫ّ‬
‫ومقومات الحياة‬
‫يعث عن ذلك العرص‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫يعت يف نهاية األمر أن كل عرص من هذه العصور‪،‬‬
‫فيه‪ ،‬ويمكن عن طريقها التعرف إليه‪ ،‬فهذا ي‬
‫ا‬
‫ّإنما كان يمارس ف حقيقة األمر‪ ،‬أشكاال جديدة من ّ‬
‫القوة ‪ (.‬أبو زيد‪،0224 ،‬ص‪)71‬‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ً‬
‫المعرف مفهوما جديدا للثقافة وطبيعتها الفكرية الثقافية‪،‬‬
‫وقد أعط هذا االتجاه‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫باعتبارها تشكل (خريطة معرفية إدراكية) كما قال ‪ /‬جيمس داونز ‪ /‬يف كتابه " الطبيعة‬
‫ ‪- 201‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com210‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫اإلنسانية "‪ .‬فالخريطة اإلدراكية ألي شعب من الشعوب‪ ،‬تحتفظ بمدامح عامة‬
‫ّ‬
‫ومقومات أساسية وثابتة‪ ،‬ولكنها – مع ذلك – ال تخلو من بعض االختدافات والتفاصيل‬
‫وف المرحلة الزمنية‬
‫الدقيقة من جيل إل آخر‪ ،‬ال بل من فئة اجتماعية إل فئة أخرى‪ ،‬ي‬
‫ّ‬
‫الواحدة‪ .‬وهذا يعت ّأن ّ‬
‫تصوراته الخاصة عن العالم والكون‪ ،‬تختلف عن‬
‫لكل مجتمع‪،‬‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫غثه من المجتمعات األخرى (أبو زيد‪) 017 ،4799 ،‬‬
‫تصور ر‬
‫تبلورت النظرية المعرفية ف الدراسات ر‬
‫األنثوبولوجية ‪ /‬الثقافية‪ ،‬يف الستينات من‬
‫ي‬
‫ر‬
‫سيتي ‪ :‬المدرسة البنائية يف فرنسا‪ ،‬والمدرسة‬
‫العشين‪ ،‬ومن خدال‬
‫القرن‬
‫مدرستي رئي ر‬
‫ر‬
‫األثنوجرافية الجديدة يف أمريكا ‪.‬‬
‫‪ -1‬المدرسة البنائية ‪:‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫مؤسس المدرسة البنائية يف الدراسات الثقافية ‪/‬‬
‫ليق سثوس ‪/‬‬
‫يعد ‪ /‬كلود ي‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫األنثوبولوجية‪ .‬فهو ّ‬
‫التميث ربي الصورة‬
‫يعرف النظرية البنائية (البنيوية) بأنها تقوم عىل‬
‫ر‬
‫والمضمون‪ ،‬بحيث تكمن أصالتها ف طريق ّ‬
‫تصورها لدارتباط بينهما‪ .‬ولكن ما أخذ عىل ‪/‬‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫سثوس ‪ /‬هو أنه أدرك المجتمع كقواعد ال كترصفات ‪ ..‬أي أنه يصطنع لنفسه معقولية‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ ر‬
‫يبت هذه‬
‫كاملة عىل أساس يرد البش والزمر االجتماعية إل وظيفة محددة‪ ،‬بدال من أن ي‬
‫ّ‬
‫الوظيفة عىل عدامات مشخصة‪ ،‬يعتقدونها فيما بينهم‪( .‬أوزياس‪ ،4792 ،‬ص ‪) 15‬‬
‫ّ‬
‫ويأخذ مفهوم البنية عند‪ /‬سثوس ‪ /‬طابع النسق (النظام)‪ ،‬حيث تتألف البنية من‬
‫ّ ا‬
‫ّ‬
‫تحوال ما يف العنارص‬
‫تحول يف أحدها أن يحدث‬
‫مجموعة عنارص‪ ،‬يمكن ألي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫العثة يف دراسة الظواهر (النظم) االجتماعية‪ ،‬إنما‬
‫إن‬
‫‪/‬‬
‫وس‬
‫األخرى‪.‬ولذلك يقول ‪ /‬سث‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ه للوصول إل العداقات القائمة فيما بينها‪ .‬والدافع إل ذلك‪ ،‬هو أن حقيقة الظواهر‬
‫ي‬
‫ً‬
‫االجتماعية ليست يف ظاهرها كما تبدو عيانا للمداحظ‪ ،‬بل تكمن يف مستوى أعمق من‬
‫ ‪- 111‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com211‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫بكثث‪ ،‬أال وهو مستوى داللتها‪( .‬ابراهيم‪ ،4795 ،‬ص ‪)25‬‬
‫ذلك ر‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫فنن ّ‬
‫واألنثبولوجية‬
‫مهمة الباحث األساسية‪ ،‬يف العلوم اإلنسانية عامة‬
‫ومن هنا‬
‫ّ‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫خاصة‪ ،‬تكمن يف التصدي للظواهر اإلنسانية األكث تعقيدا‪ ،‬أو األكث تفككا وعدم اتساق‪.‬‬
‫بالتال إل‬
‫وذلك بقصد الكشف عن عوامل هذا التعقيد أو هذا االضطراب‪ .‬والوصول‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫الت تحدد العداقات الكامنة يف الظواهر واألشياء ‪.‬‬
‫البنية أو (البت) ي‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫يعتث (البنائية) منهجا وليست نظرية أو فلسفة خاصة‪ ،‬فننه‬
‫وإذا كان ‪ /‬سثوس ‪ /‬ر‬
‫ّ‬
‫من جهة أخرى يحدد هدف األثنولوجيا بالكشف عن العمليات المعرفية (العقلية‬
‫ّ‬
‫تفسث حول تعدد‬
‫واإلدراكية) عند األفراد داخل المجتمعات اإلنسانية‪ ،‬بغية الوصول إل‬
‫ر‬
‫اإلنسان‬
‫الثقافات واختداف بعضها عن بعض‪ .‬وهذه العمليات تنشأ وتتبلور داخل العقل‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫وتكون ما أطلق عليه‬
‫من خدال التعلم‪ ،‬حيث يتعلمها الفرد منذ الصغر عن طريق اللغة‪،‬‬
‫َّ‬
‫ّ‬
‫الت تشكل الثقافات عىل أساسها‪ .‬ولذلك‪ ،‬يمكن أن تتخذ هذه البناءات‬
‫(األبنية العقلية‪ ،‬ي‬
‫الشكلية للثكيب اللغوي‪ ،‬نماذ يقتدي بها الباحثون يف العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪،‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫كما يمكن أن تتحقق معها الدقة العلمية عند دراسة اإلنسان‪( .‬زكريا‪ ،4792 ،‬ص ‪)7‬‬
‫منهح ‪ ،‬ربي الدراسات اللغوية‬
‫لقد سىع ‪ /‬سثوس ‪ /‬إل أن يربط بشكل‬
‫ر ي‬
‫كبثة وعميقة يف الفكر‬
‫ر‬
‫واالجتماعية واألثنولوجية‪ ،‬وكان لهذه المحاولة أصداء‬
‫ر‬
‫وف الدراسات األدبية‬
‫األنث‬
‫وبولوج التقليدي الخاص بالعلوم االجتماعية المختلفة‪ ،‬بل ي‬
‫ر ي‬
‫واإلنسانية بوجه عام ‪ (.‬حجازي‪ ،4790 ،‬ص ‪)492‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫اجتماع‪ ،‬ال يمكن أن تفهم إال يف إطار عملية‬
‫إن العداقات االجتماعية يف أي نظام‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫االجتماع‪ .‬وذلك عن طريق‬
‫التواصل والتبادل ربي األفراد الذين سشكلون هذا النظام‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫وتوجه سلوكاتهم وعداقاتهم‬
‫تفكث هؤالء األفراد‪،‬‬
‫الت تحكم‬
‫ر‬
‫دراسة العمليات العقلية ي‬
‫ ‪- 202‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com212‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫الت تؤلف ثقافتهم ‪.‬‬
‫ضمن البنية ي‬
‫‪-0‬المدرسة األثنوجرافية الجديدة ‪:‬‬
‫ظهرت هذه المدرسة ف أمريكا مع بدايات الستينات من القرن ر‬
‫العشين‪ ،‬مثافقة مع‬
‫ي‬
‫المدرسة البنائية سابقة الذكر‪ .‬وتستند هذه النظرية إل نتائج علم اللغة‪ ،‬والعداقة‬
‫ّ‬
‫تبت منهج‬
‫بالتال من هذين‬
‫المتبادلة ربي علم اللغة واألثنولوجيا‪ ،‬واالستفادة‬
‫ر‬
‫ي‬
‫العلمي يف ي‬
‫متكامل للبحث يف العلوم االجتماعية ‪.‬‬
‫حي اقثح‬
‫وقد برز اهتمام األ‬
‫مريكيي بالصلة ربي اللغة والثقافة‪ ،‬منذ عام ‪ 4751‬ر‬
‫ر‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ً‬
‫ر‬
‫‪/‬ديل هايمز‪ /‬مصطلحا جديدا لتلك الصلة‪ ،‬يتمثل يف (األنثوبولوجيا اللغوية) والذي‬
‫ّ‬
‫االجتماع ‪( .‬حجازي‪ ،4790 ،‬ص ‪.)451‬‬
‫يعتمد عىل دراسة اللغة يف إطارها‬
‫ي‬
‫ً‬
‫ر‬
‫األنثوبولوجيون اللغويون المعارصون يهتمون‬
‫وانطداقا من هذا المصطلح‪ ،‬بدأ‬
‫ّ‬
‫بتطوير المدخل اللغوي يف دراسة الثقافة‪ ،‬بحيث تؤدي دراساته عن أصل اللغة ومراحل‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الت‬
‫تطورها‪ ،‬إل مجاالت دراسية جديدة حول تطوير األسس االجتماعية واإلعدامية‪ ،‬ي‬
‫تقوم عليها الحياة اإلنسانية الحارصة والمستقبلية ‪ (Freidle,1977,p.280) .‬ولذلك‬
‫قام عدد من الباحثي ر‬
‫وبولوجيي يف أمريكا‪ ،‬بإجراء دراسات لغوية بقصد تأكيد‬
‫األنث‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫لتصورات‬
‫علمية دراسة الثقافة اإلنسانية‪ ،‬وذلك من خدال وصف الثقافة وتحليلها وفقا‬
‫ّ‬
‫الت تتجىل يف سلوكاتهم اللغوية ‪.‬‬
‫األفراد ومفاهيمهم‪ ،‬ي‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫التحليىل‪ ،‬أظهرت نتائج دراسات أثنوجرافية متعددة‪،‬‬
‫واستنادا إل هذا المنهج‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫والت يصنف األفراد بموجبها يف المجتمعات‬
‫والمعايث ربي الشعوب‪،‬‬
‫اختدافات األسس‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫المختلفة مفاهيمهم واتجاهاتهم‪ ،‬فيما يتعلق بتصنيف األشياء المختلفة‪ ،‬كاأللوان أو‬
‫ ‪- 113‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com213‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫يعت أن‬
‫مكونات البيئة المحيطة‪ .‬وهذا‬
‫وغثها من‬
‫الطعام أو الحيوان أو النبات‪ ،‬ر‬
‫ي‬
‫األثنوجرافيا الجديدة‪ ،‬تسىع إل دراسة الثقافة من خدال وصفها وتحليلها‪ ،‬كما يراها‬
‫أصحابها‪ ،‬وليس كما يراها الباحث ر‬
‫الت‬
‫األنث‬
‫ر ي‬
‫وبولوج‪ ،‬وذلك باالعتماد عىل تحليل اللغة ي‬
‫سستخدمها أفراد المجتمع‪.‬‬
‫ر‬
‫العشين‪،‬‬
‫افيي الجدد منذ بداية السبعينات من القرن‬
‫لقد برز اهتمام األثنوجر ر‬
‫ر‬
‫بالدراسات الميدانية لجمع المعلومات عن اللغات والثقافات المرتبطة بها‪ ،‬ونشت كتب‬
‫ّ ّ‬
‫كثثة حول ذلك‪ .‬إال أن هذا االتجاه – عىل الرغم من أهميته يف دراسة الثقافة –واجه‬
‫ر‬
‫ً‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫جثتز‪ /‬الذي دعا‬
‫وبولوجيي‬
‫نقدا من بعض األنث‬
‫األمريكيي ذاتهم‪ ،‬وال سيما ‪ /‬جيلفورد ر‬
‫ر‬
‫ر‬
‫سسم اآلن بـ ( ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫يهتم الباحث بالمعت والرمز‬
‫األنثوبولوجيا الرمزية )‪ ،‬وطالب أن‬
‫إل ما‬
‫ا‬
‫المصاحبي للممارسات الثقافية‪ ،‬بدال من االعتماد عىل ما يقوله األفراد عن ثقافتهم‪.‬‬
‫ر‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ورأى أنه ليس من المهم مطلقا أن نسىع إل تأكيد تكامل العنارص الثقافية‪ ،‬ألنها ليست‬
‫ّ‬
‫الت يتناقض بعضها مع بعض‬
‫إال مجموعة منفصلة من العواطف والمعتقدات والقواعد‪ ،‬ي‬
‫كثثة ‪ (.‬فهيم‪ ،4795 ،‬ص ‪)021‬‬
‫يف أحيان ر‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫تقدم‪ ،‬نجد ّأن فروع الدراسات ر‬
‫األنثبولوجية المعارصة‪ ،‬تعددت‬
‫وتأسيسا عىل ما‬
‫ّ‬
‫ّ ّ‬
‫مظلة علم ر‬
‫ّ‬
‫شتغلي يف هذا‬
‫األنثوبولوجية العامة ‪ ،.‬مما أدى إل زيادة الم‬
‫وتنوعت تحت‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫وف أوروبا وأمريكا خاصة‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فنن‬
‫الباحثي‬
‫الميدان‪ ،‬من‬
‫ر‬
‫ر‬
‫واألكادميي‪ ،‬يف العالم عامة‪ ،‬ي‬
‫ر‬
‫ر‬
‫تعان من التشتت وعدم إثبات هويتها وشعيتها كعلم من العلوم‬
‫األنثوبولوجيا ما زالت‬
‫ي‬
‫ر‬
‫اإلنسانية ‪ /‬االجتماعية‪ّ ،‬‬
‫المحدثي إلنقاذه ورسم‬
‫وبولوجيي‬
‫وثمة محاوالت جادة من األنث‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ومتغثاته الشيعة‬
‫معالم مستقبلية له‪ ،‬تكون واضحة وثابتة تتناسب مع معطيات العرص‪،‬‬
‫ر‬
‫والمتداحقة‪.‬‬
‫ ‪- 204‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com214‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ر‬
‫العالم وتأكيد‬
‫لألنثوبولوجيا المعارصة دورا هاما يف تعزيز السدام‬
‫يعط‬
‫وهذا ما‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫الت يتبناها األنثوبولوجيون يف مناهضة‬
‫إنسانية اإلنسان‪ ،‬وذلك من خدال المواقف ي‬
‫ّ‬
‫والتميث‪ ،‬واستعمار الشعوب األخرى والسيطرة عىل مقدراتها‪ .‬وتعزيز دور‬
‫التفرقة‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫الدراسات ر‬
‫ّ‬
‫وف مقدمتها‬
‫اإلنسانية‪،‬‬
‫القضايا‬
‫خدمة‬
‫ف‬
‫ال‬
‫والفع‬
‫اإليجان‬
‫وبولوجية‪،‬‬
‫األنث‬
‫ري‬
‫ي‬
‫ي‬
‫التحرر بأشكاله المختلفة‪ ،‬والبناء والتنمية الشاملة‪ ،‬وال ّ‬
‫ّ‬
‫الت تسىع إل‬
‫البلدان‬
‫ف‬
‫ما‬
‫سي‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ذلك‪.‬‬
‫ ‪- 115‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com215‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫مصادر الفصل ومراجعه ‪:‬‬
‫ ابراهيم‪ ،‬زكريا (‪ )4795‬مشكلة البنية – أضواء عىل البنيوية‪ ،‬مكتبة مرص‪ ،‬القاهرة ‪.‬‬‫ّ‬
‫ أبو زيد‪ ،‬أحمد (‪ )4799‬ماذا يحدث يف علوم اإلنسان والمجتمع‪ ،‬مجلة عالم الفكر‪،‬‬‫ّ‬
‫الكويت‪ ،‬مجلد ‪ ،9‬العدد (‪. )4‬‬
‫ّ‬
‫العرن‪،‬‬
‫العرن ‪ ،15‬مجلة‬
‫ أبو زيد‪ ،‬أحمد (‪ )0224‬الطريق إل المعرفة‪ ،‬كتاب‬‫ري‬
‫ري‬
‫الكويت ‪.‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫االجتماع – طبيعتها واستخداماتها‪ ،‬دار التقدم‪،‬‬
‫التطور‬
‫قواني‬
‫غلث (‪)4792‬‬
‫ برمان‪ ،‬ر‬‫ر‬
‫ي‬
‫موسكو ‪.‬‬
‫فهم (‪ )4790‬أصول البنيوية يف علم اللغة والدراسات‬
‫ حجازي‪ ،‬محمود‬‫ي‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫األنثوبولوجية‪ ،‬مجلة عالم الفكر‪ ،‬عدد حزيران (يونيو)‪ ،‬الكويت‪.‬‬
‫ حمدان‪ ،‬زياد (‪ )4797‬الثقافات االجتماعية المعارصة‪ ،‬دار الثبية الحديثة‪ّ ،‬‬‫عمان ‪.‬‬
‫ّ‬
‫سمث كرم‪ ،‬دار الطليعة‪،‬‬
‫الفلسفية‪ ،‬ترجمة ‪:‬‬
‫ رونتال و يودين (‪ )4791‬الموسوعة‬‫ر‬
‫ربثوت ‪.‬‬
‫ّ‬
‫كلية اآلداب‪ ،‬العدد ّ‬
‫مجلة ّ‬
‫األول‪ ،‬جامعة‬
‫ زكريا‪ ،‬فؤاد (‪ )4792‬الجذور الفلسفية البنائية‪،‬‬‫الكويت ‪.‬‬
‫ فهيم‪ ،‬حسي (‪ّ )4795‬‬‫قصة ر‬
‫األنثوبولوجيا‪ -‬فصول يف تاري ــخ اإلنسان‪ ،‬عالم المعرفة‬
‫ر‬
‫(‪ ،)479‬الكويت ‪.‬‬
‫ ‪- 206‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com216‬‬
www.facebook.com/tanweerlibrary
. ‫ الداذقية‬،‫ دار الحوار‬،‫) سوسيولوجية الثقافة‬4799( ‫ الطاهر‬،‫ لبيب‬‫ أسس ر‬،)4791(
،‫ رباح النفاخ‬: ‫ ترجمة‬،‫األنثوبولوجيا الثقافية‬
.‫ مليفيل‬،‫ هرسكوفيث‬. ‫ دمشق‬،‫وزارة الثقافة‬
-
Freidle , John (1977) Anthropology , Harper and Row Publishers ,
New York .
-
Harris, Marvin (1968) A History of Theories of Culture, Thomas
Crowell Company , New York .
-
Kessing ,Roger (1981) Culture Anthropology : A Contemporary
perspective , Holt Rinehart and Winston , 2 th Edition
- 117 https://attanweerlibrary.blogspot.com217
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫الفصل الثـالث‬
‫نحـو ر‬
‫أنثوبولوجيا عربية‬
‫ّ‬
‫مقــدمـة‬
‫ا‬
‫أول‪ -‬واقع ر‬
‫األنثوبولوجيا العربية‬
‫ثانيا‪ -‬نحو رأنثوبولوجيا عربية معارصة‬
‫ ‪- 208‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com218‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫مقــدمـة‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫وتطورها‪ ،‬وفروعها ومجاالت‬
‫األنثوبولوجيا‬
‫بعد هذا العرض المسهب لنشأة‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫العرن من الدراسات األنثوبولوجية‪،‬‬
‫دراستها‪ ،‬أال يحق لنا أن نتساءل ‪ :‬أين هو المجتمع‬
‫ري‬
‫ثمة ر‬
‫بل أين ر‬
‫أنثوبولوجيا عربية خاصة بطبيعة ّ‬
‫األنثبولوجيا العربية ذاتها‪ ،‬إذا كان ّ‬
‫األمة‬
‫العربية وثقافتها التاريخية ‪ /‬الحضارية؟‬
‫قد تكون اإلجابة عن هذا السؤال من الصعوبة بمكان‪ ،‬حيث ال توجد معطيات‬
‫جاهزة وكاملة لهكذا إجابة‪ ،‬عىل الرغم من وجود محاوالت ر‬
‫ألنثبولوجيا عربية‪ ،‬سواء يف‬
‫ّ‬
‫تصور – إن أمكن‬
‫الماض أو يف الحارص‪ .‬وهذا ما سنحاول تبيانه والوصول من خداله إل‬
‫ي‬
‫– ر‬
‫ألنثوبولوجيا عربية معارصة ‪.‬‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫والتطور‪ ،‬فهذا ال‬
‫غرن المنشأ‬
‫إن كون األنثوبولوجيا كعلم لـه خصوصيته وطرائقه‪ ،‬ر ي‬
‫ّ‬
‫األوروبيي) يف دراسة الثقافات‬
‫يعت تجاهل أو إنكار‪ ،‬أن العرب كانوا أسبق من الغرب (‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫المنهجية للبحث والدراسة يف‬
‫وف وضع المبادىء واألسس‬
‫األخرى‪ ،‬وصفا ومقارنة‪ ،‬ي‬
‫ّ‬
‫والطبيعية‪.‬‬
‫العلوم االجتماعية‬
‫ّ‬
‫وإذا ما عدنا إل الفثة الممتدة من منتصف القرن الثامن الميدادي إل نهاية القرن‬
‫ّ‬
‫الحادي ر‬
‫عش الميدادي‪ ،‬نجد أن العرب كانوا – عىل مدى أربعة قرون ونصف القرن "‬
‫ّ‬
‫عباقرة ر‬
‫وغثها‪ ،‬بينما كانت اللغة‬
‫الشق " يف علوم الفلك‬
‫والطب واالجتماع والفلسفة ر‬
‫ه اللغة األساسية يف العلوم اإلنسانية ‪.‬‬
‫العربية‪ ،‬ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ولكن هذه العلوم كلها ذهبت إل الغرب بعد سقوط الدولة العربية (العباسية)‬
‫والت أسهمت يف إضعافه‬
‫العرن‪،‬‬
‫وتتال الغزوات االحتدالية واالستعمارية عىل الوطن‬
‫ري‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ ‪- 119‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com219‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ويطورها‪ ،‬منذ فجر‬
‫اجتماعيا وثقافيا وعلميا‪ ،‬بينما راح الغرب سستفيد من علوم العرب‬
‫نهضته وحت يومنا هذا‪.‬‬
‫ا‬
‫وال‪-‬واقع ر‬
‫األنثوبولوجيا العربية ‪:‬‬
‫أ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الشيال ‪ " : /‬انقلب األوروبيون إل ديارهم بعدما‬
‫العرن ‪ /‬جمال الدين‬
‫المؤرخ‬
‫يقول‬
‫ري‬
‫منوا بالهزيمة يف الحروب الصليبية‪ ،‬وقد بهرتهم أنوار الحضارة العربية ‪ /‬اإلسدامية‪،‬‬
‫ّ‬
‫فتفرغوا لها ‪ ...‬يقتبسون من آللئها وينقلون آثارها‪،‬‬
‫وأخذوا مفاتيح تلك الحضارة‪،‬‬
‫ويدرسون توليفاتها‪ .‬وقد ساعدتهم عوامل أخرى ‪،‬جغرافية وتاريخية واجتماعية‬
‫واقتصادية‪ ،‬عىل أن سسثوا بالحضارة ف طورها الجديد‪ ،‬عىل طريقة جديدة تعتمد ر‬
‫أكث‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ً‬
‫ّ ا‬
‫ثانيا‪ّ .‬‬
‫فمهد هذا كله‬
‫الحر ّأوال وعىل المداحظة والتجربة واالستقراء‬
‫التفكث‬
‫ما تعتمد‪ ،‬عىل‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫القرني‪ ،‬التاسع عش‬
‫لهم السبيل إل كشوف علمية جديدة شكلت الطدائع لحضارة‬
‫ر‬
‫ر‬
‫والعشين‪".‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫حي كان ر‬
‫الشق – بما فيه‬
‫ويتابع ‪/‬‬
‫الشيال ‪ : /‬كان األوروبيون يفعلون هذا كله‪ ،‬يف ر‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫العالم العرن‪ -‬قد اتخذ لنفسه‪ ،‬أو اتخذ لـه القدر‪ ،‬أسلوبا آخر من الحياة‪ ،‬يختلف كلّ‬
‫ري‬
‫االختداف عن هذا األسلوب الذي اصطنعته أوروبا لنفسها‪ ،‬أو اصطنعه القدر لها‪".‬‬
‫( ّ‬
‫الشيال‪ ،4759 ،‬ص ‪)5‬‬
‫العرن عىل‬
‫بتأثث الثاث الحضاري‬
‫وعىل الرغم من اعثاف بعض مفكري أوروبا ر‬
‫ري‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الحضارة الغربية الحديثة‪ ،‬فقد ساد اتجاه ناكر ومتنكر لهذه الحقيقة التاريخية‪ ،‬من‬
‫ّ‬
‫السىع نحو طمسها‪ ،‬أو التقليل من شأنها‪ .‬وقد دعم هذا االتجاه‪ ،‬حركة االستعمار‬
‫خدال‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫والمسلمي عن االبتكار‬
‫واإلسدام‪ ،‬مؤكدا عجز العرب‬
‫العرن‬
‫للعالمي ‪:‬‬
‫األورون‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ري‬
‫ري‬
‫ي‬
‫ ‪- 221‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com220‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ً‬
‫واإلبداع‪ ،‬واإلسهام يف ركب الحضارة اإلنسانية‪ ،‬األمر الذي يجعل من " التغريب " أمرا‬
‫ً‬
‫وريا لمواكبة ّ‬
‫تطورات العرص الحديث‪.‬‬
‫رص‬
‫ّ‬
‫بتنوعه‬
‫اإلسدام‪،‬‬
‫العرن ‪/‬‬
‫ولهذا‪ ،‬فمن الرصوري العمل عىل فحص الثاث‬
‫ري‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ومتعمقة‪ ،‬وال ّ‬
‫ر‬
‫سيما تلك األعمال ذات الصلة المباشة‬
‫وغزارته‪،‬ودراسته دراسة متأنية‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫باألنثوبولوجيا‪ ،‬من أمثال ‪ :‬مؤلفات أخوان الصفا‪ ،‬وكتاب " الحيوان " للجاحظ‪ ،‬وكتابا‬
‫ّ‬
‫وتحول األحياء بعضها من بعض‪،‬‬
‫ت ‪ /‬أحمد ابن مسكويه‪ /‬الخاصة بآرائه عن النشوء‬
‫كثث‪.‬‬
‫وغثها ر‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫تؤدي هذه الدراسات إل إعادة تاري ــخ ر‬
‫ّ‬
‫األقل‪،‬‬
‫األنثوبولوجيا من جديد‪ ،‬أو عىل‬
‫فقد‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫والمنهجية‪ ،‬بحيث ال ترد جميعها إل عرص النهضة (التنوير) يف‬
‫المعرفية‬
‫إعادة أصولها‬
‫الكثث من المفهومات‬
‫العرن‪،‬‬
‫أوروبا فحسب‪ ،‬بل قد يوجد يف هذا الثاث الحضاري‬
‫ر‬
‫ري‬
‫ّ‬
‫والنظريات عن الجنس ر‬
‫البشي والحضارة اإلنسانية‪ ،‬وأوجه الحياة اليومية ومشكداتها‪،‬‬
‫مما ال يزال سشغل بال الباحثي ر‬
‫ّ‬
‫وبولوجيي المعارصين‪( .‬فهيم‪ ،4795 ،‬ص ‪)057‬‬
‫األنث‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫فنن علم اإلنسان ( ر‬
‫األنثوبولوجيا)‬
‫رن‪،‬‬
‫وعىل الرغم من غت العلوم يف هذا الثاث الع ر ي‬
‫َ‬
‫ّ‬
‫المؤسسات‬
‫ه الحال يف‬
‫كما‬
‫العربية‪،‬‬
‫لم يلق االهتمام يف الدوائر العلمية والبحثية‬
‫ي‬
‫العلمية الغربية وباحثيها‪ ،‬سواء يف البحوث الميدانية ‪ /‬التطبيقية‪ ،‬أو يف الدراسات‬
‫األكاديمية‪ ،‬كالدراسات الفلسفية والنفسية والثبوية‪..‬‬
‫وثمة بعض الباحثي (األكاديميي) العرب سشثون إل ّأن ر‬
‫ّ‬
‫األنثوبولوجيا‪ ،‬دخلت إل‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ر‬
‫العشين تحت اسم " علم االجتماع المقارن"‬
‫العرن‪ ،‬يف الثداثينات من القرن‬
‫العالم‬
‫ري‬
‫ر‬
‫يطانيي‪ ،‬مثل ‪( :‬إيفانز بريتشارد –‬
‫الث‬
‫كبث من علماء األنثوبولوجيا ر‬
‫وذلك عىل أيدي عدد ر‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫وبريستاف) ممن تولوا التدريس يف الجامعة المرصية (جامعة القاهرة اآلن )‪.‬‬
‫هو كارت –‬
‫ي‬
‫ ‪- 111‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com221‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّثم جاء بعدهم ف األربعينات‪ ،‬عميد ر‬
‫الحي‪ ،‬األستاذ ‪ /‬رادكليف‬
‫وبولوجيي يف ذلك‬
‫األنث‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ر‬
‫األنثوبولوجيا يف جامعة اإلسكندرية‪ ،‬تحت اسم (علم‬
‫براون ‪ /‬الذي قام بتدريس‬
‫ً‬
‫الحي –‬
‫االجتماع المقارن) أيضا‪ ،‬وذلك لعدم احتواء برامج التدريس‬
‫الجامىع – يف ذلك ر‬
‫ي‬
‫عىل مادة ر‬
‫األنثبولوجيا ‪ (.‬فهيم‪ ،4795 ،‬ص‪)052‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ا‬
‫الت ّتم تشييدها مثال‪ ،‬عن الثقافة والمجتمع‬
‫إن التوقف قليال عند التصويرات ي‬
‫ر‬
‫وبولوج‪ ،‬وال ّ‬
‫سيما تلك التصويرات الناتجة عن عداقة‬
‫األنث‬
‫العرن يف الفكر‬
‫ري‬
‫ر ي‬
‫ر‬
‫األنثوبولوجيا بالمجتمعات العربية‪ ،‬لهو أمر عىل غاية من األهمية‪.‬‬
‫ر‬
‫الغرن‪،‬‬
‫وبولوج‬
‫األنث‬
‫ولذلك‪ ،‬فنذا أردنا القيام بمحاولة تأري ــخ لعداقة الفكر‬
‫ري‬
‫ر ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫العرن‪ ،‬فنن إيفانز بريتشارد وإرنست غيلث‪ ،‬سيتصدران ليس‬
‫بالمجتمع والثقافة يف العالم‬
‫ري‬
‫فقط قائمة عدد من ر‬
‫العرن‬
‫وبولوجيي الذين تعاملوا مع ثقافات ومجتمعات العالم‬
‫األنث‬
‫ر‬
‫ري‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ً ّ‬
‫معا ّ‬
‫تعث عن أحد أشكال تجليات هذه العداقة‪،‬‬
‫االثني‬
‫واإلسدام‪ ،‬وإنما أيضا ألن تجربة‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ي‬
‫األورون عىل األقل‪.‬‬
‫يف جانبها‬
‫ري‬
‫فقد حاول ّ‬
‫كل من بريتشارد و غيلث‪ ،‬ومن واقع انتمائهما للثقافة األوربية المعارصة‪،‬‬
‫والثقاف ذي‬
‫االجتماع‬
‫أكاديميي‪ ،‬فهم هذا الواقع‬
‫مثقفي قبل أن يكونا‬
‫أي باعتبارهما‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ي‬
‫واالجتماع‪.‬‬
‫الثقاف‬
‫الخاصية العربية اإلسدامية‪ ،‬هذا الواقع الذي يقع يف مقابل الغرب‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫وكان الهاجس األهم الذي سشكل صلب اهتمام غيلث يف هذا الجانب – وما زال ‪ ،-‬ليس‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ه البحث يف‬
‫الممثة للثقافة العربية والمجتمع‬
‫التفصيدات األثنوغرافية‬
‫ر‬
‫ري‬
‫العرن‪ ،‬وإنما ي‬
‫االجتماع يف هذه البقعة من العالم‪.‬‬
‫الت يعمل وفقها النظام‬
‫اآلليات‬
‫ر‬
‫ي‬
‫والقواني المنطقية‪ ،‬ي‬
‫(يتيم‪ ،0224 ،‬ص ‪)405‬‬
‫ا‬
‫لقد قام ‪ /‬إرنست غيلث ‪ /‬ر‬
‫وعث دراساته اإلثنولوجية أوال‬
‫األنث‬
‫وبولوج والفيلسوف‪ ،‬ر‬
‫ر ي‬
‫ ‪- 222‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com222‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ً‬
‫ر‬
‫األهمية‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫يكونان من الثوابت الرئيسة‬
‫جانبي عىل غاية من‬
‫واألنثوبولوجية ثانيا ‪ ،‬بتحليل‬
‫ر‬
‫البارزة يف البت االجتماعية العربية ‪ ،‬أال وهما‪ :‬اإلسدام والقبلية‪ .‬فقد قادته محاولته‬
‫االستقرائية إل عمله الحقىل (الميدان) ر‬
‫العرن‪،‬‬
‫وبولوج يف جبال األطلس يف الغرب‬
‫األنث‬
‫ري‬
‫ي‬
‫ر ي‬
‫ي‬
‫الشعت ‪/‬‬
‫العشثة‪ ،‬البداوة ‪ /‬الحرص‪،‬‬
‫بقصد اختبار مفهوم " االنقسامية " مثال ‪:‬األشة ‪/‬‬
‫ر‬
‫ري‬
‫ّ‬
‫ه السنة البنيوية البارزة‬
‫الرسم ‪ ،‬ر‬
‫وغثها من الثنائيات‪ .‬وذلك باعتبار أن االنقسامية ي‬
‫ي‬
‫للنظم القرابية والسياسية يف المجتمعات العربية القبلية ‪.‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫المحلية المساعدة‬
‫ومثلما ذهب المعلم ‪ /‬إيفانز بريتشارد ‪ /‬إل البحث يف العوامل‬
‫ّ‬
‫ً‬
‫يف إعادة التوازن يف االنقسامية القبلية‪ ،‬أي فيما رآه المعلم من دور لإلسدام باعتباره نظاما‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫وف الحركة الصوفية‬
‫تجسد يف التنظيم‬
‫أيديولوجيا‪،‬‬
‫االجتماع ألبناء برقة ( يف ليبيا) ي‬
‫ي‬
‫ً‬
‫حي‬
‫السنوسية‪ ،‬هكذا أيضا سىع ‪ /‬غيلث ‪ . /‬وهذا ما أوضحه يف كتابه " أولياء األطلس " ر‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫تعتث‬
‫التصوف‬
‫حاول إيضاح كيف كان‬
‫عث نظام الزوايا واألولياء‪ ،‬أدوارا ر‬
‫اإلسدام‪ ،‬يؤدي ر‬
‫ي‬
‫البيت) نحو‬
‫مفصلية يف إعادة التوازن إل بت اجتماعية‪ ،‬يدفع بها نظامها‬
‫ر ي‬
‫اإليكولوج ( ي‬
‫المتتال‪( .‬يتيم‪ ،‬ص ‪) 405‬‬
‫االنقسام‬
‫ي‬
‫الباحثي العرب عدم الثحيب‬
‫هذا من جهة‪ّ ،‬أما من الجهة األخرى‪ ،‬فقد عزا معظم‬
‫ر‬
‫ر‬
‫أساسيي ‪:‬‬
‫سببي‬
‫العرن‪ ،‬إل‬
‫باألنثوبولوجيا وانتشارها يف العالم‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ري‬
‫ّ‬
‫أولهما ‪ :‬عدم ّ‬
‫التطور الحيوي عند اإلنسان‪ ،‬بالنظر لتعارضها مع الفكر‬
‫تقبل فكرة‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الديت وتفسثاته الت تؤكد أن اإلنسان مخلوق من عمل هللا‪ ،‬وليس نتا حلقة ّ‬
‫تطورية‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ذات أصل حيوان ‪.‬ولكن ّ‬
‫ثمة بعض المفكرين العرب من دعا إل التوفيق ربي الفكر رتي‪،‬‬
‫ي‬
‫واألخذ منهما ما يفيد العلم‪.‬‬
‫الجيولوج الدكتور ‪ /‬عبد هللا نصيف ‪ /‬يف كتاب " العلوم‬
‫فبينما يقول الباحث‬
‫ر ي‬
‫ ‪- 113‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com223‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ً‬
‫والطبيعية " ‪ :‬ليس ّ‬
‫ّ‬
‫ثمة تعارض – مطلقا‪ -‬ربي اإليمان ومعرفة اإلنسان عن‬
‫االجتماعية‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫زك نجيب محمود ‪ /‬يقول‬
‫الكون‪ ،‬واستخدامه هذه المعرفة‬
‫ر‬
‫للخث ‪ ..‬نجد أن المفكر ‪ /‬ي‬
‫ّ‬
‫الت تجعلنا نتصور‬
‫يف كتابه " هذا العرص وثقافته "‪ :‬ليست الشطارة يف تخري ــج‬
‫ي‬
‫المعان ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫وإنما المهارة ّ‬
‫ه‬
‫ارة‪،‬‬
‫المه‬
‫كل‬
‫يحء به العلم يف عرصنا ‪..‬‬
‫أن ما جاء به الدين‪ ،‬هو نفسه ما ر ي‬
‫ي‬
‫ف أن تبرصن بالطريق الذي أعرف منه كيف آخذ من الدين حاف ًزا‪ّ ،‬‬
‫يحرك اإلرادة إل‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫لنفىس ولإلنسانية جمعاء ‪(.‬محمود‪ ،4792 ،‬ص ‪) 010‬‬
‫مه‬
‫أقد‬
‫جديد‬
‫علم‬
‫)‬
‫صنع‬
‫(‬
‫ي‬
‫وثانيهما ‪ :‬ارتباط نشأة ر‬
‫األنثبولوجيا وبداياتها التاريخية باالستعمار‪ ،‬حيث كانت‬
‫ّ‬
‫الدراسات ّ‬
‫تتم عىل المجتمعات البدائية والمتخلفة‪ ،‬بهدف معرفة بنيتها الثكيبية‬
‫ّ‬
‫وطبيعتها الثقافية‪ّ ،‬‬
‫يعان‬
‫العرن‬
‫مما سسهل استعمارها‪ ،‬يف الوقت الذي كان فيه المجتمع‬
‫ي‬
‫ري‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫من االحتدال واالستعمار‪ ،‬ويسىع للتحرر والتقدم ‪.‬‬
‫ا‬
‫فكما ارتبطت الجغرافيا مثال‪ ،‬بمشاري ــع علمية كانت تهدف إل تحقيق كشوفات‬
‫ّ‬
‫جديدة تتعلق بتحديد طبيعة الكرة األرضية‪ ،‬أي التخوم اليابسة منها وأقاليمها وبيئاتها‬
‫ر‬
‫األنثوبولوجيا‬
‫والجغرافية‪ ،‬وكذلك توزي ــع البحار والمحيطات‪ ،‬وكذلك ارتبطت‬
‫واهتماماتها (البيولوجية والثقافية واالجتماعية) بمشاري ــع استكمال معارفها حول‬
‫ر‬
‫الت بدأت يف‬
‫اإلنسان‪ ،‬وبيئاته االجتماعية والثقافية‪ ،‬أي بتلك المشاري ــع األنثوبولوجية ي‬
‫والت آن األوان الستكمالها خار أوروبا‪ .‬وقد أتت ظروف االستعمار يف القرن‬
‫الغرب‪،‬‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫اف‬
‫التاسع عش‪ ،‬لتمهد الطريق لتلك المشاري ــع العلمية‪ ،‬وبذلك ارتبط تاري ــخ الفكر الجغر ي‬
‫ر‬
‫غث غربية‪( .‬يتيم‪،‬‬
‫بولوج‬
‫بالخثة االستعمارية‪ ،‬وبأقاليم ومجتمعات وثقافات ر‬
‫ر‬
‫واألنث ر ي‬
‫‪ ،0224‬ص‪)421‬‬
‫ّ‬
‫وكان أن أدت هذه العقلية االخثالية والروح المتحاملة‪ ،‬إل سيادة ميل هائل نحو‬
‫ ‪- 224‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com224‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫المؤسسات والعداقات الناتجة عنها‪ .‬وكان من أبرز‬
‫تسييس المعارف والعلوم‪ ،‬وكذلك‬
‫ر‬
‫ضحايا تلك العلوم ‪ :‬الجغرافيا واألنثوبولوجيا‪ .‬وإذا كانت الجغرافيا قد سلمت بجلدها‪،‬‬
‫ا‬
‫مثال إل ّ‬
‫ترسخ هذا العلم يف األكاديميات العربية‪ ،‬منذ األربعينات من القرن‬
‫ألسباب تعود‬
‫ر‬
‫المسلمي‪ ،‬البارز يف هذا العلم منذ القدم‪ ،‬األمر الذي جعل‬
‫العشين‪ ،‬وإل إسهام العرب‬
‫ر‬
‫َ‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫ر‬
‫العرب المعارصين أكث ألفة معه‪ ،‬فنن األنثوبولوجيا لم تحظ بهذا القبول‪ ،‬حيث كان‬
‫ً‬
‫نصيب ر‬
‫ّ‬
‫بكثث – إن لم يكن معدوما‪ -‬عند مجاراتهم‬
‫األنث‬
‫وبولوجيي العرب األوائل‪ ،‬أقل ر‬
‫ر‬
‫باألوروبيي‪.‬‬
‫ر‬
‫غرن‪ ،‬بالمجتمعات العربية أو اإلسدامية‬
‫التعاىط مع أي اهتمام‬
‫وهكذا ّتم‬
‫أورون أو ر ي‬
‫ري‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫وثقافاتها‪ ،‬عىل أنه يقع يف دائرة األطماع االستعمارية أو التآمر عىل العرب واإلسدام‪.‬‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫غرن (يبدي شيئا من االهتمام بهذه الموضوعات) موضع شبهة وريبة‬
‫وأصبح كل إنسان ر ي‬
‫العرن‪( .‬يتيم‪ ،‬ص ‪)425‬‬
‫يف العالم‬
‫ري‬
‫ر‬
‫ر‬
‫البشية‬
‫األنثبولوجية لتشمل المجتمعات‬
‫وعىل الرغم من اتساع الدراسات‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫المختلفة‪ ،‬سواء يف تكوينها أو يف درجة تطورها‪ ،‬فما زالت ثمة رواسب تعوق اعتمادها‬
‫كعلم يبحث ف مشكدات المجتمع العرن وإيجاد الحلول المناسبة لها‪ ،‬وال ّ‬
‫سيما القضايا‬
‫ري‬
‫ي‬
‫االجتماعية والثقافية واالقتصادية‪.‬‬
‫ً‬
‫ثانيا‪ -‬نحو ر‬
‫أنثوبولوجيا عربية معارصة ‪:‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫إن توافر المناخات األساسية لحرية الفكر والجدل والمناقشة الموضوعية‪ ،‬تعد من‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫األنثوبولوجية العربية‪ ،‬وذلك ألن العرب‬
‫الرصوريات الدازمة لدانطداق بالدراسات‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫معمقة لثقافتهم‪ ،‬كما أنهم يف الوقت ذاته‪ ،‬يحتاجون إل دراسة‬
‫يحتاجون إل دراسة‬
‫ثقافات الشعوب األخرى ‪.‬‬
‫ ‪- 115‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com225‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫يعد من ّ‬
‫أهم المداخل واإلسهامات ال يت قدمتها‬
‫فمفهوم الثقافة – بحد ذاته – ّربما‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫تعبث كدايد‬
‫اإلنسانيي‪ .‬فمن خدال الثقافة – وعىل حد‬
‫األنثوبولوجيا للفكر والعمل‬
‫ر‬
‫ر‬
‫كلوكهون‪ -‬تضع ر‬
‫األنثوبولوجيا أمام اإلنسان‪ ،‬مرآة تمنحه صورة أوضح لنفسه وأقرانه‪،‬‬
‫ّ‬
‫وتسهم يف نشأة المجتمع وطبيعة وظائفه ومنظماته‪ .‬كما توضح دوافعنا وسلوكاتنا‪،‬‬
‫ً‬
‫ا‬
‫فضال عن دوافع اآلخرين وسلوكاتهم ‪ ..‬ويزداد تأثث ر‬
‫األنثوبولوجيا وضوحا يف ميادين‬
‫ر‬
‫الفلسفة واآلداب والسياسة ‪.‬‬
‫ّ‬
‫كثث من البلدان العربية نحو التحديث واالرتقاء‪،‬‬
‫وف إطار االتجاه‬
‫الحال‪ ،‬يف ر‬
‫ي‬
‫ي‬
‫والتكنولوج‪ ،‬دون إحداث أرصار بالقيم والتعاليم‬
‫واالجتماع‬
‫بالمستوى االقتصادي‬
‫ر ي‬
‫ي‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫فنن ر‬
‫كبثا يف إبراز‬
‫ا‬
‫ر‬
‫دو‬
‫وبولوجيا‬
‫لألنث‬
‫األصيلة‪،‬‬
‫والتقاليد‬
‫االجتماع‬
‫الدينية‪ ،‬وأسس الثاث‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫هذا الثاث‪ ،‬ودراسة تلك التقاليد وإحياء الحضارة العربية‪ .‬ويتضح كذلك‪ ،‬الدور الفعال‬
‫ّ‬
‫يؤديه ر‬
‫األنثبولوجيون العرب‪ ،‬ف مجال ر‬
‫مشوعات التنمية‪ ،‬وذلك من‬
‫الذي يمكن أن‬
‫ي‬
‫ر‬
‫خدال تحليل مفهومات األنثوبولوجيا الثقافية ودراستها دراسة (حقلية) ميدانية ‪.‬‬
‫(فهيم‪ ،4795 ،‬ص ‪) 059‬‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ا‬
‫كزيا ف ر‬
‫ّ‬
‫األنثوبولوجيا‬
‫يحتل موقعا مر‬
‫فنذا تفحصنا مفهوم القبيلة – مثال‪ -‬نجده‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫كتاب ( ر‬
‫الشق‬
‫الكثثون من‬
‫الت يطرحها ‪ /‬إرنست غيلث ‪ ،/‬ويستخدمه‬
‫ر‬
‫اإلسدامية ي‬
‫األوسط) لإلشارة إل كينونات اجتماعية ذات ا‬
‫بت وأشكال عيش مختلفة‪.‬‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫لتصور ر‬
‫ّ‬
‫فنن ّ‬
‫ثمة أسئلة مطروحة أمام‬
‫أنثوبولوجيا عربية‪،‬‬
‫وانطداقا من الرؤى‬
‫األنثوبولوجيي العرب‪ ،‬ال ّبد من اإلجابة عنها وتطويرها‪ ،‬من خدال ّ‬
‫ر‬
‫تفهم النقاط التالية‬
‫ر‬
‫المثابطة ‪( :‬أسد‪ ،0224 ،‬ص‪)417‬‬
‫ّ‬
‫الفاعلي‪ ،‬عىل ترجمة‬
‫بالمثقفي‬
‫‪ -4‬أن تعمل الروايات األ رنثوبولوجية المتعلقة‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ ‪- 226‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com226‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫في‪ ،‬وتمثيلها عىل أنها استجابات لخطابات اآلخرين‪،‬‬
‫الخطابات التاريخية لهؤالء المثق ر‬
‫ا‬
‫التاريح ألفعالهم ‪.‬‬
‫بدال من محاولة التخطيط واالنثاع‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫أال ترّكز التحليدات ر‬
‫النموذجيي‪،‬‬
‫الفاعلي‬
‫األنثوبولوجية للبنية االجتماعية عىل‬
‫‪-0‬‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫المتغثة للعداقات والظروف المجتمعية‪ ،‬وال سيما ما يدع‬
‫بل عىل النماذ‬
‫ر‬
‫(باالقتصاديات السياسية )‪.‬‬
‫‪ّ -2‬إن تحليل االقتصاديات السياسية ( ر‬
‫اإلسدام‪،‬‬
‫الشق أوسطية) وتمثيل الواقع‬
‫ي‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫هما نوعان من الممارسة المتعددة األوجه‪ ،‬وهما مختلفان جوهريا‪ ،‬وال يمكن استبدال‬
‫أحدهما باآلخر‪ ،‬عىل الرغم من إمكانية تجسيدهما بصورة معقولة يف البحث نفسه‪ ،‬إذا ما‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫أخذا – بدقة – عىل أنهما خطابان‪.‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫‪ -1‬إنه لمن الخطأ تمثيل نماذ اإلسدام‪ ،‬عىل أنها مثابطة مع نماذ‬
‫البنية‬
‫االجتماع ‪.‬‬
‫ضمت عىل البنية الفوقية (األيديولوجية) واألساس‬
‫عث قياس‬
‫االجتماعية‪ ،‬ر‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ً‬
‫ً‬
‫العرن‪ ،‬باعتباره موضوعا للمعرفة‬
‫وأخثا‪ ،‬يجب أن يدرس اإلسدام يف المجتمع‬
‫‪-5‬‬
‫ر‬
‫ري‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫األنثوبولوجية‪ ،‬وأنه تراث متعدد األوجه‪ ،‬يرتبط بثسيخ األخداق يف النفوس‪ ،‬وبتداؤم‬
‫الناس أو معارضتهم‪ ،‬وبإنتا معارف مناسبة‪.‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫وبولوجيي العرب إذن‪ ،‬يف الوقت الحارص‪ ،‬أال تقترص‬
‫األنث‬
‫إن من ربي مهام‬
‫ر‬
‫العرن عىل الغرب بصدد بعض المفاهيم النظرية فحسب‪ ،‬أو‬
‫جهودهم عىل إبراز النسق‬
‫ري‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫جمع المادة األثنوجرافية‪ ،‬وإنما ال بد أن تتضمن دراساتهم أيضا‪ ،‬الفحص الدقيق لألعمال‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫والت يكونون قد‬
‫المنهجية المشثكة ربي الكتاب‪،‬‬
‫الثاثية بهدف الكشف عن الجوانب‬
‫ي‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫أساسا لها‪ .‬وذلك ألن الحياة العقلية عند ر‬
‫قيي‬
‫استمدوا من معارفهم وتربيتهم الدينية‬
‫الش ر‬
‫ ‪- 117‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com227‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ا‬
‫الفلسق‬
‫بالتفكث‬
‫– كما يقول توفيق الطويل – كانت أوثق اتصاال بحياتهم الدينية منها‬
‫ر‬
‫ي‬
‫الديت يف شت العصور اإلنسانية‪ ،‬حت ليمكن‬
‫بالتفكث‬
‫التفسث‬
‫الخالص ‪ .‬فقد امث هذا‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫تنته –ال محالة‪ -‬إل العجز عن فهم‬
‫القول بأن كل محاولة تهدف إل الفصل بينها‪،‬‬
‫ي‬
‫كليهما‪( .‬فهيم‪ ،4795 ،‬ص ‪) 90‬‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫الكثث من مظاهر الحياة‬
‫األنثوبولوجيا واسع سعة الحياة‪ ،‬ويشمل‬
‫إن مجال‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫الفكرية باتجاهاتها وتياراتها ومذاهبها العديدة‪ ،‬وهو األمر الذي لم يفهمه الكث رثون من‬
‫ر‬
‫وبولوجيي ف العالم العرن‪ّ ،‬‬
‫ممن ضاقت آفاق أفكارهم بحيث انحرصت يف عدد من‬
‫األنث‬
‫ري‬
‫ر ي‬
‫الموضوعات التقليدية‪ ،‬ال يكادون يخرجون عنها‪ ،‬دون أن يجدوا يف أنفسهم الجرأة‬
‫ّ‬
‫المتنوعة والمتباينة ‪ ..‬وقد يكون ذلك راجع‬
‫الكافية عىل ارتياد ميادين المعرفة المختلفة‪،‬‬
‫ّ‬
‫الثقاف‪ ،‬وعدم إدراك مدى اتساع البحث ‪ ..‬ولكنه‬
‫العلم والتكوين‬
‫إل ضعف يف اإلعداد‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫وف المقام األول‪ ،‬إل قصور يف ملكة التخيل وإل الخوف من‬
‫يرجع – بدا شك – ي‬
‫االنطداق والمبادرة‪( .‬أبو زيد‪ ،0224 ،‬ص ‪) 9‬‬
‫ومهما كان واقع ر‬
‫ّ‬
‫أرضية جديدة منذ‬
‫العرن‪ ،‬فقد اكتسبت‬
‫األنثوبولوجيا يف العالم‬
‫ري‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫العشين‪ ،‬حيث حظيت بتفهم أفضل إلمكانيات استخدامها‪ ،‬لما‬
‫الستينات من القرن‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫العرن‬
‫العرن يف التقدم واالزدهار‪ .‬وقد تجىل االهتمام‬
‫يحقق أهداف العالم‬
‫ري‬
‫ري‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫ومقررات دراسية يف الجامعات العربية‬
‫كتخصصات‬
‫باألنثوبولوجيا‪ ،‬من خدال اعتمادها‬
‫(جامعة القاهرة‪ ،‬جامعة االسكندرية‪ ،‬جامعة دمشق‪ ،‬الجامعة اللبنانية ‪،‬جامعة البحرين‬
‫وغثها)‬
‫‪ ...‬ر‬
‫ً‬
‫أيضا ف قيام الكثث من الباحثي ر‬
‫ّ‬
‫وبولوجيي العرب‪ ،‬بتأليف الكتب‬
‫األنث‬
‫وتتجىل‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ي‬
‫ر‬
‫حول اإلنسان وأصوله وحضارته‪ ،‬مفاهيم األنثوبولوجيا وتطبيقاتها يف الدراسات الثقافية‬
‫ ‪- 228‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com228‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫واالجتماعية‪ ،‬منها عىل سبيل المثال ‪ :‬كتاب ( ر‬
‫األنثوبولوجيا) تأليف ابراهيم زرقانة‪ ،‬عام‬
‫‪ .4759‬وكتاب (اإلنسان – دراسة يف النوع والحضارة) تأليف دمحم رياض‪ ،‬عام ‪.4791‬‬
‫حسي مؤنس عام‬
‫وكتاب (الحضارة‪ -‬دراسة يف أصولها وقيامها‪ ،‬وعوامل تدهورها) تأليف‬
‫ر‬
‫االجتماع – مدخل لدراسة المجتمع) تأليف أحمد أبو زيد‪ ،‬عام‬
‫‪ .4799‬وكتاب (البناء‬
‫ي‬
‫‪ .4792‬وكتاب ( ر‬
‫األنثوبولوجيا االجتماعية) تأليف صفوح األخرس‪ ،‬عام ‪ .4791‬وكتاب‬
‫ر‬
‫وغثها ‪.‬‬
‫عىل الجباوي‪ ،‬عام ‪ .4779‬ر‬
‫(األنثوبولوجيا‪ -‬علم اإلناسة) تأليف ي‬
‫ّ‬
‫الباحثي العرب‪ ،‬يف مناطق‬
‫الت قام بها عدد من‬
‫ر‬
‫وثمة بعض الدراسات الميدانية ي‬
‫ّ‬
‫متعددة من الوطن العرن‪ ،‬ر‬
‫ونشت هذه الدراسات يف الدوريات (المجدات) العلمية‬
‫ري‬
‫ّ‬
‫الت تصدرها وزارة اإلعدام‬
‫العربية‪ ،‬ومنها عىل سبيل المثال ‪( :‬مجلة عالم الفكر‪ ،‬ي‬
‫ّ‬
‫الت تصدر عن مركز دراسات الوحدة العربية يف‬
‫الكويتية‪ ،‬ومجلة المستقبل‬
‫ري‬
‫العرن‪ ،‬ي‬
‫العرن يف ربثوت‬
‫الت تصدر عن مركز اإلنماء‬
‫ربثوت‪ ،‬ومجلة الفكر‬
‫ري‬
‫ري‬
‫العرن المعارص‪ ،‬ي‬
‫َ‬
‫ّ‬
‫الت تصدر عن كليات اآلداب والعلوم اإلنسانية‪ ،‬يف‬
‫وباريس‪ ،‬إضافة إل المجالت ي‬
‫التحضثي الذي عقده‬
‫الجامعات العربية‪ .‬إل الندوات واالجتماعات‪ ،‬عىل غرار االجتماع‬
‫ر‬
‫ر‬
‫ثان ‪)4795 /‬‬
‫االتحاد‬
‫الدول للعلوم األنثوبولوجية يف مرص‪( ،‬كانون ال ي‬
‫ي‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ا‬
‫رّ‬
‫ّ‬
‫تبش – دون شك – بأن ر‬
‫لألنثوبولوجيا العربية مستقبال زاهرا‪،‬‬
‫التوجهات‪،‬‬
‫إن هذه‬
‫رشيطة أن ّ‬
‫ّ‬
‫التطبيقية‪،‬‬
‫تعمق هويتها العربية‪ ،‬سواء يف منطلقاتها النظرية‪ ،‬أو يف أهدافها‬
‫وأن تبتعد مادتها عن النقل من دون نقد أو تطوير‪ .‬وإذا ما ّتم لها ذلك‪ ،‬يمكن أن ت ّ‬
‫تعزز‬
‫ّ‬
‫أصالتها العربية وإسهاماتها العالمية‪ ،‬يف هذا الميدان‪ .‬وهذا ما أكده ‪ /‬كارلتون كوون ‪ /‬منذ‬
‫عام ‪ ،4752‬ف مقالة لـه بعنوان " ر‬
‫أنثوبولوجيا العرب " حيث قال ‪:‬‬
‫ي‬
‫ر‬
‫بالمشوعات‬
‫الت تقطن البداد العربية‬
‫" من األمور الحيوية‪ ،‬أن تقوم الشعوب ي‬
‫الت ترفع مستويات المعيشة لسكان جميعهم‪ ،‬ال‬
‫الخاصة بها‪ ،‬وأن تجد الوسائل ي‬
‫ ‪- 119‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com229‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ّ‬
‫لمصلحة هذه الشعوب فحسب‪ ،‬ولكن لصالح العالم كله ‪ ...‬فعىل العرب أن يعنوا‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫باألنثوبولوجيا ويدرسوها ر‬
‫ر‬
‫أكث ّ‬
‫الت تتلخص يف أن‬
‫مما درسوها‪ ،‬مدر ر‬
‫كي تلك الحقيقة ي‬
‫ر‬
‫شء من األشياء‪ ،‬هو أن‬
‫ر‬
‫خث طريق يتبعه أي إنسان أو أي شعب‪ ،‬إذا أراد أن يصنع أي ي‬
‫ا‬
‫يحزم أمره ويصنعه بنفسه " (نقال عن ‪ :‬فهيم‪ ،4795 ،‬ص ‪)057‬‬
‫ً‬
‫ّ ّ‬
‫ّ‬
‫تحفثا عىل إيجاد ر‬
‫أنثوبولوجيا عربية‪ ،‬تتجه دراساتها نحو‬
‫ال شك إن يف ذلك‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫العرن‪ ،‬وتسهم يف تقدمه بما يتناسب مع معطيات العلوم اإلنسانية‬
‫مشكدات المجتمع‬
‫ري‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫المختلفة‪ ،‬ألن الجهل بهذه العلوم‪ ،‬وال سيما علم األنثوبولوجيا‪ ،‬ما زال سائدا – إل حد‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الجدية والموضوعية لطبيعة الثقافات األخرى وإسهاماته‬
‫ويعوق الدراسات‬
‫ما –‬
‫ّ‬
‫حقيق لطبيعة المساهمة العربية يف الثقافة‬
‫بالتال إل فهم‬
‫الت تؤدي‬
‫ي‬
‫ي‬
‫اإلنسانية‪ ،‬ي‬
‫اإلنسانية‪ ،‬وحجم هذه المساهمة ‪.‬‬
‫وف ذلك دعوة إل فتح النوافذ الثقافية العربية عىل الثقافات األخرى‪ ،‬وال ّ‬
‫سيما‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫التعرف إل ثقافة العرص ودراستها واالقتداء‬
‫الت يمكن االستفادة منها يف‬
‫تلك الثقافات ي‬
‫الشخصية العربية المتمايزة‪ ،‬ومع ّ‬
‫ّ‬
‫مقومات الثقافة العربية‪ ،‬بما‬
‫بها‪ ،‬بما ينسجم مع جوهر‬
‫يف ذلك التيارات الفكرية واالتجاهات والمذاهب األدبية والفنية‪ ،‬واالنتقاء منها واإلغضاء‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الثقاف‪ .‬فالثقافات كلها – ومنها الثقافة العربية – تنمو وتزدهر وتتقدم‪،‬‬
‫عن أسطورة الغزو‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫والتأثث المتبادل‪ ،‬واالستعارة واالستيعاب‪( .‬أبو زيد‪ ،0224 ،‬ص‪)42‬‬
‫باالتصال واالحتكاك‬
‫ر‬
‫تؤسس لـه الدراسات ر‬
‫وهذا ما يجب أن ّ‬
‫األنثوبولوجية العربية المعارصة‪ ،‬بحيث‬
‫تظهر بجداء تلك العداقة ربي الحضارة العربية والحضارة اإلنسانية‪ ،‬ومن جوانبها‬
‫ً‬
‫بعيدا عن األحكام المسبقة‪ ،‬واألخذ بالفكر ر‬
‫وبولوج النقدي والمقارن‪،‬‬
‫األنث‬
‫المختلفة‪،‬‬
‫ر ي‬
‫ر‬
‫وتطبيق ما يمكن تطبيقه من نظريات األنثوبولوجيا‪ ،‬بما يتناسب مع طبيعة المجتمع‬
‫العرن‪ ،‬وتركيبته التاريخية (الديمغرافية والثقافية )‪.‬‬
‫ري‬
‫ ‪- 201‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com230‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫مصادر الفصل ومراجعه ‪:‬‬
‫ّ‬
‫العرن‪ ،‬الكويت ‪.‬‬
‫العرن ‪ ،15‬مجلـة‬
‫ أبو زيد‪ ،‬أحمد (‪ )0224‬الطريق إل المعرفة‪ ،‬كتاب‬‫ري‬
‫ري‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫ان‪ ،‬مجلة‬
‫ أسد‪ ،‬طدال (‪ )0224‬فكرة أنثوبولوجيا اإلسدام‪ ،‬تعريب ‪ :‬سامــر رشو ي‬‫االجتهاد‪ ،‬عدد ‪ ،55‬السنة ‪ ،42‬ربثوت‪.‬‬
‫ الشيال‪ ،‬جمال الدين (‪ )4759‬رفاعة الطهطاوي‪ ،‬دار المعرف بمرص ‪.‬‬‫ فهيم‪ ،‬حسي (‪ّ )4795‬‬‫قصة ر‬
‫األنثوبولوجيا – فصول يف تاري ــخ اإلنسان‪ ،‬عالم المعرفة‬
‫ر‬
‫(‪ ،) 479‬الكويت‬
‫الفلسق يف اإلسدام‪ ،‬مكتبة األنجلو المرصية‪،‬‬
‫التفكث‬
‫ محمود‪ ،‬عبد الحليم (‪)4759‬‬‫ر‬
‫ي‬
‫القاهرة ‪.‬‬
‫ّ‬
‫ يتيم‪ ،‬عبد هللا عبد الرحمن (‪ )0224‬من المحراث إل الكتاب‪ ،‬مجلة االجتهاد‪ ،‬عدد‬‫‪ ،55‬السنة ‪ ،42‬ربثوت ‪.‬‬
‫ ‪- 131‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com231‬‬
www.facebook.com/tanweerlibrary
ّ
‫العلميـة‬
‫المصطلحـات‬
A
ّ
‫تكيـف‬
Adaptation
Alternative
‫بديـل‬
‫علم ر‬
‫التشي ــح‬
Anatomy
Anthropology
‫علم دراسة اإلنسان‬
‫ر‬
‫األنثوبولوجيا التطبيقية‬
Applied Anthropology
Archeology
‫علم دراسة حضارات ما قبل التاري ــخ‬
Automatic Behavior
‫اآلل‬
‫السلوك ي‬
B
Behavior
‫سلوك‬
ّ
‫علوم سلوكية‬
‫ر‬
‫األنثوبولوجيا البيولوجية‬
Behavioral Sciences
Biological Anthropology
C
Case
‫حالـة‬
Case Study
‫دراسة الحالة‬
ّ
ّ
‫تغث – تبدل‬
‫ر‬
Change
Civilization
‫حضارة‬
Cognation
‫معرفـة‬
- 202 https://attanweerlibrary.blogspot.com232
www.facebook.com/tanweerlibrary
ّ
‫معرف‬
‫ي‬
ّ
‫تواصل – اتصال‬
Cog native
Communication
Comparative
‫مقارنـة‬
Comparative Study
‫دراسة مقارنة‬
Condition
‫تكييف‬
Construction
‫بنــاء – بنية‬
Culture
‫ثقـافة‬
Cultural Ecology
Culture Anthropology
‫البيئة الثقافية‬
‫ر‬
‫األنثوبولوجيا الثقافية‬
Cultural Degeneration
‫الثقاف‬
‫االنتكاس‬
‫ي‬
Cultural Materialism
‫المادية الثقافية‬
D
ّ
‫تطور‬
Development
Dialectic- al
‫جدل – جدلية‬
Dialectical Materialism
‫المادية الجدلية‬
Diffusions
‫انتشار‬
Diffusions Theory
‫النظرية االنتشارية‬
ّ
‫اتجاه – توجيه‬
ّ
‫التغيث الموجه‬
‫ر‬
Directed
Directed Change
E
Enculturation
‫التثقيف‬
Ethnology
‫الدراسة التحليلية المقارنة للثقافة‬
ّ
‫الوصفية للثقافة‬
‫الدراسة‬
Ethnography
- 133 https://attanweerlibrary.blogspot.com233
www.facebook.com/tanweerlibrary
ّ
ّ
‫تطور – تقدم‬
Evolution
F
Family
‫أشة – عائلة‬
Fulfillment
‫إنجـاز‬
Function
‫وظيفـة‬
G
Generation
‫جيل‬
Group
‫مجمـوعة‬
H
History
‫تـاري ــخ‬
Historical Theory
‫النظرية التاريخية‬
ّ
‫ض‬
‫التخص‬
‫التاريح‬
‫االتجاه‬
‫ي‬
‫ي‬
ّ
ّ
‫التاريخية‬
‫المادية‬
Historical Particularism
Historical Materialism
Human
‫إنسـان‬
Humanity- Nature
‫الطبيعة اإلنسانية‬
ّ
‫اإلنسان‬
‫التطور‬
‫ي‬
Humanity Development
I
Industrial
‫ـاع‬
‫صن ي‬
ّ
‫صناع‬
‫تطور‬
‫ي‬
Industrial Development
Interactive
‫تفاعـل‬
K
Kinship
‫قـرابة‬
Kinship System
‫نسق (نظام) القرابة‬
- 204 https://attanweerlibrary.blogspot.com234
www.facebook.com/tanweerlibrary
L
Linguistics
‫علم اللغويات‬
M
Model
‫نمـوذ‬
Monography
‫دراسة األشكال‬
N
Nature
‫طبيعـة‬
Naturalism
‫طبيىع‬
‫ي‬
O
ّ
‫تطور مفرط‬
Over Development
Origin
‫أصـل‬
riginal
‫أصىل‬
‫ي‬
P
Participation
‫مشاركة‬
Para Primitivism
‫بالبدان‬
‫شبيه‬
‫ي‬
ّ
‫شخصية‬
Personality
‫ر‬
ّ
‫الجسمية‬
‫األنثوبولوجية‬
Physical Anthropology
Principle
‫عنصـر‬
Political
‫سياسة‬
Political Systems
ّ
‫سياسية‬
‫أنساق‬
Pre-History
‫ما قبل التاري ــخ‬
Primitive Societies
‫المجتمعات البدائية‬
Q
- 135 https://attanweerlibrary.blogspot.com235
www.facebook.com/tanweerlibrary
Questionnaire
)‫استبيان (استمارة‬
S
Science
‫علـم‬
‫ر‬
‫األنثوبولوجيا االجتماعية‬
Social Anthropology
Sociobiology
‫البيولوجيا االجتماعية‬
Social Science
‫علوم اجتماعية‬
Social Systems
‫أنساق اجتماعية‬
Sociology
‫علم االجتماع‬
Social Role
‫االجتماع‬
‫الدور‬
‫ي‬
Social Morphology
‫األشكال االجتماعية‬
Specialties
‫خصوصيات‬
Stratification
) ‫تصنيف (تنضيد‬
FunctionalStructural
‫الوظيق‬
‫البنان‬
‫االتجاه‬
‫ي‬
‫ي‬
System
‫نسق – نظام‬
T
Theory
ّ
‫نظرية‬
Theoretical
‫نظري‬
Tribe
‫قبيـلة‬
U
Urbanization
‫العمران الحرصي‬
Universal
‫عموم‬
– ‫عام‬
‫ي‬
- 206 https://attanweerlibrary.blogspot.com236
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫المصـادر والمـراجع‬
‫ّأو ال‪ -‬الع ّ‬
‫ـربية‬
‫ ابراهيم‪ ،‬زكريا (‪ )4795‬مشكلة البنية – أضواء عىل البنيوية‪ ،‬مكتبة مرص‪ ،‬القاهرة‪.‬‬‫ ابن بطوطة‪ ،‬أبو عبد هللا (‪ )4759‬رحلة ابن بطوطة‪ ،‬دار الثاث‪ ،‬ربثوت‪.‬‬‫ّ‬
‫عىل عبد الواحد‬
‫ ابن خلدون‪ ،‬عبد الرحمن (‪ )4755‬مقدمة ابن خلدون‪ ،‬تحقيق ‪ :‬ي‬‫واف‪ ،‬القاهرة ‪.‬‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ أبو زيد‪ ،‬أحمد (‪ )4799‬ماذا يحدث يف علوم اإلنسان والمجتمع‪ ،‬مجلة عالم الفكر‪،‬‬‫ّ‬
‫مجلد ‪ ،9‬عدد (‪ ،)4‬الكويت ‪.‬‬
‫االجتماع – مدخل لدراسة المجتمع ( ‪ – 4‬المفهومات) الهيئة‬
‫ (‪ )4792‬البناء‬‫ي‬
‫المرصية العامة للكتاب‪ ،‬القاهرة ‪.‬‬
‫ّ‬
‫العرن‪ ،‬الكويت ‪.‬‬
‫العرن ‪ ،15‬منشورات مجلة‬
‫ (‪ )0224‬الطريق إل المعرفة‪ ،‬كتاب‬‫ري‬
‫ري‬
‫ّ‬
‫مقدمة ف ر‬
‫األنثوبولوجيا الثبوية ‪،‬المطابع التعاونية‪ّ ،‬‬
‫عمان ‪.‬‬
‫ أبو هدال‪ ،‬أحمد (‪)4791‬‬‫ي‬
‫ األخرس‪ ،‬صفوح (‪ )4791‬ر‬‫األنثوبولوجيا االجتماعية‪ ،‬دمشق ‪.‬‬
‫ّ‬
‫رشوان‪ ،‬مجلة‬
‫ أسد‪ ،‬طدال (‪ )0224‬فكرة رأنثوبولوجيا اإلسدام‪ ،‬تعريب ‪ :‬سامر‬‫ي‬
‫االجتهاد‪ ،‬عدد ‪ ،55‬السنة ‪ ،42‬ربثوت ‪.‬‬
‫ اسماعيل‪ ،‬قباري (‪ )4792‬ر‬‫األنثوبولوجيا العامة‪ ،‬منشأة المعارف باإلسكندرية ‪.‬‬
‫ أوزياس‪ ،‬جان ماري (‪ )4792‬البنيوية‪ ،‬ترجمة ‪ :‬مخائيل مخول‪ ،‬دمشق ‪.‬‬‫ّ‬
‫مقدمة ف ر‬
‫األنثوبولوجيا العامة‪ ،‬ترجمة ‪ :‬دمحم‬
‫ بيلز‪ ،‬رالف و هويجرا‪ ،‬هاري (‪)4799‬‬‫ي‬
‫الجوهري وآخرون‪ ،‬دار النهضة‪ ،‬القاهرة ‪.‬‬
‫ ‪- 137‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com237‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ بريتشارد‪ ،‬إدوارد (‪ )4795‬ر‬‫األنثوبولوجيا االجتماعية ط‪ ،5‬ترجمة ‪ :‬أحمد أبو زيد‪،‬‬
‫الهيئة المرصية العامة للكتاب‪ ،‬االسكندرية ‪.‬‬
‫ جابر‪ ،‬سامية (‪ )4774‬علم اإلنسان – مدخل إل ر‬‫األنثوبولوجيا االجتماعية والثقافية‪،‬‬
‫دار العلوم العربية‪ ،‬ربثوت ‪.‬‬
‫ الجباوي‪ ،‬عىل (‪ )4790‬ر‬‫األنثوبولوجيا االجتماعية‪ ،‬جامعة دمشق ‪.‬‬
‫ي‬
‫ ـ ـ ـ (‪ )4779‬ر‬‫األنثوبولوجيا – علم اإلناسة‪ ،‬جامعة دمشق ‪.‬‬
‫الجسمان‪ ،‬عبد العال (‪ )4771‬علم النفس وتطبيقاته االجتماعية‪ ،‬الدار العربية‬
‫‬‫ي‬
‫للعلوم‪ ،‬ربثوت ‪.‬‬
‫الجيوش‪ ،‬فاطمة (‪ )4799/4799‬فلسفة الثبية‪ ،‬جامعة دمشق – ّ‬
‫ر‬
‫كلية الثبية ‪.‬‬
‫‬‫ي‬
‫ر‬
‫الجيوش‪ ،‬فاطمة و الشماس‪ ،‬عيىس (‪ )0222/0220‬الثبية العامة (‪ )4‬جامعة‬
‫‬‫ي‬
‫دمشق‪ -‬كلية الثبية‪.‬‬
‫السيد‪ ،‬و حسي‪ ،‬علية (‪ )4795‬مجاالت ر‬
‫ حامد‪ّ ،‬‬‫األنثوبولوجيا‪ ،‬دار القلم‪ ،‬الكويت ‪.‬‬
‫ر‬
‫فهم (‪ )4790‬أصول البنيوية يف علم اللغة والدراسات‬
‫ حجازي‪ ،‬محمود‬‫ي‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫وبولوجية‪ ،‬عالم الفكر‪ ،‬عدد يونيو‪ ،‬الكويت ‪.‬‬
‫األنث‬
‫للمدايي‪،‬‬
‫ الحرصي‪ ،‬ساطع (‪ )4795‬أحاديث يف الثبية وعلم االجتماع‪ ،‬دار العلم‬‫ر‬
‫ربثوت‪.‬‬
‫ حمدان‪ ،‬دمحم زياد (‪ )4797‬الثقافات االجتماعية المعارصة‪ ،‬دار الثبية الحديثة‪ّ ،‬‬‫عمان‪.‬‬
‫ّ‬
‫ الخشاب‪ ،‬أحمد (‪ )4792‬دراسات رأنثوبولوجية‪ ،‬دار المعارف بمرص ‪.‬‬‫ّ‬
‫هثودت يتحدث عن مرص‪ ،‬دار العلم‪ ،‬القاهرة ‪.‬‬
‫ خفاجة‪ ،‬دمحم صقر (‪ )4755‬ر‬‫ خشيم‪ ،‬عىل فهم (‪ )4759‬نصوص ّ‬‫ليبية‪ ،‬دار مكتبة الفكر‪ ،‬طرابلس – ليبيا‪.‬‬
‫ي‬
‫ي‬
‫ ‪- 208‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com238‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ رشوان‪ ،‬حسي عبد الحميد (‪ )4799‬ر‬‫األنثوبولوجيا يف المجال النظري‪ ،‬ط‪،4‬‬
‫ر‬
‫االسكندرية ‪.‬‬
‫ّ‬
‫سمث كرم‪ ،‬دار الطليعة‪،‬‬
‫الفلسفية‪ ،‬ترجمة ‪:‬‬
‫ رونتال و يودين (‪ )4791‬الموسوعة‬‫ر‬
‫ربثوت‪.‬‬
‫ رياض‪ ،‬دمحم (‪ )4791‬اإلنسان – دراسة يف النوع والحضارة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬ربثوت‬‫‪.‬‬
‫ زرقانة‪ ،‬ابراهيم (‪ )4759‬ر‬‫األنثوبولوجيا‪ ،‬مكتبة النهضة المرصية‪ ،‬القاهرة ‪.‬‬
‫ّ‬
‫مجلة ّ‬
‫ّ‬
‫كلية اآلداب‪ ،‬عدد (‪ ،)4‬جامعة‬
‫الفلسفية البنائية‪،‬‬
‫ زكريا‪ ،‬فؤاد (‪ )4792‬الجذور‬‫الكويت ‪.‬‬
‫ّ‬
‫والشخصية‪ ،‬ط‪ ،0‬دار النهضة‪ ،‬ربثوت ‪.‬‬
‫الساعان‪ ،‬سامية حسن (‪ )4792‬الثقافة‬
‫‬‫ي‬
‫ سثوس‪ ،‬كلود ليق (‪ )4792‬ر‬‫األنثبولوجيا البنيوية) ترجمة ‪ :‬صالح مصطق ‪،‬وزارة‬
‫ي‬
‫الثقافة‪ ،‬دمشق ‪.‬‬
‫ سليم‪ ،‬شاكر (‪ )4794‬قاموس ر‬‫األنثوبولوجيا ‪ ،‬جامعة الكويت ‪.‬‬
‫اإلنسان‪ ،‬ترجمة ‪ :‬عبد القادر يوسف‪ ،‬عالم‬
‫ سكث‪ ،‬ب‪ .‬ف (‪ )4792‬تكنولوجيا السلوك‬‫ي‬
‫المعرفة (‪ )20‬الكويت ‪.‬‬
‫ الشيال‪ ،‬جمال الدين (‪ )4759‬رفاعة الطهطاوي‪ ،‬دار المعارف بمرص ‪.‬‬‫اللبنان‪ ،‬ربثوت‪.‬‬
‫الفلسق‪ ،‬دار الكتاب‬
‫ صليبا‪ ،‬جميل (‪ )4794‬المعجم‬‫ي‬
‫ي‬
‫عفيق‪ ،‬دمحم الهادي (‪ )4790‬يف أصول الثبية‪ ،‬مكتبة األنجلو المرصية‪ ،‬القاهرة ‪.‬‬
‫‬‫ي‬
‫ عيىس‪ ،‬دمحم طلعت (‪ )4795‬مدخل إل علم االجتماع‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬ربثوت‪.‬‬‫ عيسوي‪ ،‬عبد الرحمن (‪ )4797‬علم النفس يف المجال الثبوي‪ ،‬دار العلوم العربية‪،‬‬‫ ‪- 139‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com239‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ربثوت‪.‬‬
‫ غالب‪ ،‬مصطق (‪ )4774‬السلوك‪ ،‬دار الهدال‪ ،‬ربثوت ‪.‬‬‫ّ‬
‫الجامىع‬
‫الشخصية‪ ،‬المكتب‬
‫الثقاف يف دراسة‬
‫ الغامري‪ ،‬دمحم حسن (‪ )4797‬المدخل‬‫ي‬
‫ي‬
‫الحديث‪ ،‬االسكندرية ‪.‬‬
‫الغت و الغامدي‪ ،‬صالح (‪ )4797‬المدخل إل علم اإلنسان‪ ،‬المكتب‬
‫ غانم‪ ،‬عبد‬‫ي‬
‫الجامىع الحديث‪ ،‬االسكندرية ‪.‬‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫االجتماع – طبيعتها واستخدامها‪ ،‬دار التقدم‪،‬‬
‫التطور‬
‫قواني‬
‫ غيلث‪ ،‬ربثمان (‪)4792‬‬‫ر‬
‫ي‬
‫موسكو‪.‬‬
‫ فراير – هثي‪ -‬ساركس (‪ )4759‬علم النفس العام‪ ،‬ترجمة ‪ :‬ابراهيم منصور‪ ،‬بغداد ‪.‬‬‫الفق‪ ،‬حسن (‪ )4799‬الثقافة والثبية‪ ،‬دار المعارف بمرص ‪.‬‬
‫‬‫ي‬
‫ فهيم‪ ،‬حسي (‪ّ ) 4795‬‬‫قصة ر‬
‫األنثوبولوجيا – فصول يف تاري ــخ اإلنسان‪ ،‬عالم المعرفة‬
‫ر‬
‫(‪ )479‬الكويت ‪.‬‬
‫ كداكهون‪ ،‬كدايد (‪ )4751‬اإلنسان يف المرآة‪ ،‬ترجمة ‪ :‬شاكر سليم‪ ،‬بغداد ‪.‬‬‫ لبيب‪ ،‬الطاهر (‪ )4799‬سوسيولوجية الثقافة‪ ،‬دار الحوار‪ ،‬الداذقية ‪.‬‬‫ لطق‪ ،‬عبد الحميد (‪ )4797‬ر‬‫األنثوبولوجيا االجتماعية‪ ،‬دار المعارف بمرص ‪.‬‬
‫ي‬
‫ لينتون‪ ،‬رالف (‪ )4751‬دراسة اإلنسان‪ ،‬ترجمة ‪ :‬عبد الملك الناشف‪ ،‬المكتبة العرصية‪،‬‬‫ربثوت ‪.‬‬
‫ر‬
‫األنثوبولوجيا وأزمة العالم الحديث‪ ،‬ترجمة ‪ :‬عبد الملك‬
‫ ـ ـ ـ (‪)4759‬‬‫الناشف‪ ،‬المكتبة العرصية‪ ،‬ربثوت ‪.‬‬
‫ّ‬
‫ دمحم غنيم‪ّ ،‬‬‫الشخصية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬ربثوت ‪.‬‬
‫سيد (‪ )4779‬سوسيولوجية‬
‫ ‪- 241‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com240‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫ دمحم‪ ،‬رياض (‪ )4791‬اإلنسان – دراسة يف النوع والحضارة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬ربثوت‪.‬‬‫الفلسق يف اإلسدام‪ ،‬مكتبة األنجلو المرصية‪،‬‬
‫التفكث‬
‫ محمود‪ ،‬عبد الحليم (‪)4759‬‬‫ر‬
‫ي‬
‫القاهرة ‪.‬‬
‫ّ‬
‫عىل الصاوي‪ ،‬عالم المعرفة‬
‫ مجموعة من الكتاب (‪ )4779‬نظرية الثقافة‪ ،‬ترجمة ‪ :‬ي‬‫(‪ )002‬الكويت ‪.‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ر‬
‫والنش‪،‬‬
‫المؤسسة الجامعية للدراسات‬
‫الشخصية‪،‬‬
‫عىل (‪ )4772‬نظرية‬
‫ المرصي‪ ،‬ي‬‫ربثوت‪..‬‬
‫ مؤنس‪ ،‬دمحم (‪ )4799‬الحضارة – دراسة يف أصول وعوامل قيامها وتدهورها‪ ،‬عالم‬‫المعرفة (ك‪ )0‬الكويت ‪.‬‬
‫ نارص‪ ،‬ابراهيم (‪ )4795‬ر‬‫األنثوبولوجيا الثقافية – علم اإلنسان الثقاف‪ّ ،‬‬
‫عمان ‪.‬‬
‫ي‬
‫ هرسكوفيث‪ ،‬مليفيل‪ )4791( .‬أسس ر‬‫األنثوبولوجيا الثقافية‪ ،‬وزارة الثقافة‪ ،‬دمشق ‪.‬‬
‫وصق‪ ،‬عاطف (‪ )4794‬األ رنثوبولوجيا الثقافية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬ربثوت ‪.‬‬
‫‬‫ي‬
‫ ـ ـ ـ (‪ )4799‬الثقافة والشخصية‪ ،‬دار المعارف بمرص ‪.‬‬‫ ـ ـ ـ (‪ )4794‬ر‬‫األنثوبولوجيا االجتماعية‪ ،‬ط‪ ،2‬دار النهضة العربية‪ ،‬ربثوت‪.‬‬
‫ّ‬
‫ يتيم‪ ،‬عبد هللا عبد الرحمن (‪ )4224‬من المحراث إل الكتاب‪ ،‬مجلة االجتهاد‪ ،‬عدد‬‫(‪ )55‬السنة ‪ ،42‬دار االجتهاد‪ ،‬ربثوت‪.‬‬
‫ ‪- 111‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com241‬‬
www.facebook.com/tanweerlibrary
ّ
: ‫األجنبية‬
-‫ثانيا‬
-
Anderson, John (1984) Conjuring with Ibn Khaldun , From an
Anthropological Point View , Leiden .
-
Barnouw, V (1972) Cultural Anthropology , Home wood Illinois.
Irwen Inc .
-
Boorstin , Danial , J (1985) The discovers , A History of Mans
Search to know his world and himself, Vintage Books edition .
-
Burns, Edward (1973) Western Civilization , new York
-
Daniel, G, Bates and Plug, Fred (1990) Cultural Anthropology,
McGrow, Hill Book company , New York..
-
Darnell, Regna (1978) Reading in the History of Anthropology ,
University of Illinois .
-
Freidle , John & Pfeiffer , John (1977) Anthropology , Harper &
Row Publishers , New York .
-
Harris, Marvin (1968) A History of Theories of Culture , Thomas
Crowell Company , New York
-
Kottak, Phillip (1994) Anthropology: the Exploration of Human
Diverty , Mc Grow. Hill INC, New York..
-
Kessing , Roger (1981) Cultural Anthropology : A Contemporary
Perspective .Holt Rine hart & Winston , 2 th edition
- 242 https://attanweerlibrary.blogspot.com242
www.facebook.com/tanweerlibrary
-
Leach, Edmund (1982( Social Anthropology , Fontana Paperbacks
-
Mead, Margaret (1973) Changing Styles of Anthropological Work .
.
Annual Review of Anthropology , Palo Alto.
-
Mauduit , J.A (1960) Manuel D’ Ethnographie. Payot, Paris .
-
Morin, Edgar (1969)
De La Culture Analyse
A La Politique
Culturelle , Communication, no: 14, Paris .
-
Nicholson , C (1968) Anthropology and Education , Columbus, Ohio
-
Oswalt, Wendell (1972) Other Peoples – Other Customs , Holt Rine
.
hart and Winston Inc .
-
Pretti, Olto (1070) Anthropology Research , London.
-
Rossi , Ino – ed (1980) People in Culture , A Survey of Culture
Anthropology , Prager Special Studies .
-
Sapir, Edward (1967) Anthropologie , Minvit- Col – Points, Paris .
-
Spradley ,P, James (1972) Culture and Cognition, Chandle
Publishing Company , San Francisco .
- 113 https://attanweerlibrary.blogspot.com243
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫المحتوى‬
‫تقــديـم ‪9 ....................................................................................................‬‬
‫الباب ّ‬
‫األول‪ :‬مفهوم ر‬
‫األنثوبولوجيــا وأهدافها وعداقتها بالعلوم األخرى‪44 ....................‬‬
‫الفصل األول‪ :‬مفهوم ر‬
‫األنثوبولوجيا وطبيعتها وأهدافها‪40 ......................................‬‬
‫الفصل الثان ‪ :‬نشأة ر‬
‫األنثوبولوجيا وتاريخها ‪00 ....................................................‬‬
‫ي‬
‫الفصل الثالث ‪ :‬عداقة ر‬
‫األنثوبولوجيا بالعلوم األخرى ‪10 .........................................‬‬
‫الباب الثان ‪ :‬اتجاهات دراسة ر‬
‫األنثوبولوجيا وفروعها ‪59 .......................................‬‬
‫ي‬
‫الفصل ّ‬
‫األول ‪ :‬دراسة ر‬
‫األنثوبولوجيا واتجاهاتها المعارصة ‪59 ...................................‬‬
‫الفصل الثان ‪ :‬ر‬
‫ّ‬
‫الطبيعية ) ‪95 ...........................................‬‬
‫األنثوبولوجيا العضوية (‬
‫ي‬
‫الفصل الثالث ‪ :‬ر‬
‫ّ‬
‫النفسية ‪75 .........................................................‬‬
‫األنثوبولوجيا‬
‫الفصل الرابع ‪ :‬ر‬
‫األنثوبولوجيا الثقافية ‪400 .........................................................‬‬
‫الفصل الخامس ‪ :‬ر‬
‫األنثوبولوجيا االجتماعية ‪419 ..................................................‬‬
‫الفصل السادس ‪ :‬المنهج ر‬
‫وبولوج والدراسات الميدانية ‪451 .............................‬‬
‫األنث‬
‫ر ي‬
‫الباب الثالث ‪ :‬المنظور ر‬
‫وبولوج للنظم االجتماعية‪490 .................................‬‬
‫األنث‬
‫ر ي‬
‫الفصل ّ‬
‫االجتماع ووظيفته ‪492 ......................................................‬‬
‫األول ‪ :‬البناء‬
‫ي‬
‫ ‪- 244‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com244‬‬
‫‪www.facebook.com/tanweerlibrary‬‬
‫الفصل الثان ‪ :‬ر‬
‫األنثوبولوجيا يف المجتمع الحديث ‪472 ..........................................‬‬
‫ي‬
‫الفصل الثـالث ‪ :‬نحـو ر‬
‫أنثوبولوجيا عربية ‪049 ......................................................‬‬
‫ّ‬
‫العلميـة ‪020 .............................................................................‬‬
‫المصطلحـات‬
‫المصـادر والمـراجع ‪029 .................................................................................‬‬
‫المحتوى ‪011 ............................................................................................‬‬
‫ ‪- 115‬‬‫‪https://attanweerlibrary.blogspot.com245‬‬
www.facebook.com/tanweerlibrary
- 246 https://attanweerlibrary.blogspot.com246
Download