Uploaded by Tala Lakiss

hassan Bazi1

advertisement
‫الوساطة في بلدة الغازية‬
‫المقدمة ‪:‬‬
‫تعريف مفهوم الوساطة‬
‫إذا أمعنا النظر في الوقت الحاضر‪ ,‬نجد أن الصراعات والنزاعات أخذت تزداد وتتفاقم‪ ,‬فالمشاكل‬
‫السياسية‪ ,‬اإلقتصادية واإلجتماعية ظهرت بشكل جلي قي لبنان خصوصا ً بين األفراد بكافة الفئات‬
‫والجنسيات واألعمار‪.‬‬
‫لذلك تسعى وزارة الشؤون اإلجتماعية في لبنان إلى إرساء ثقافة الوساطة لحل النزاعات بأسرع‬
‫وقت للخروج منها بأقل ضرر ممكن‪ ,‬وذلك للمحافظة على النسيج اإلجتماعي والعالقات بين الناس‬
‫ومنح فرص للمتنازعين إلصالح الضرر والعمل معهم على تحسين حياتهم ‪ ,‬إنطالقا ً من مصالحهم‬
‫المشتركة‬
‫الجزء األول‬
‫أهمية التجربة التدريبية والميدان الجاذب‬
‫‪ .1‬مكتسبات التجربة التدريبية‬
‫ساهمت التجربة التدريبية األخيرة التي خضتها في تنمية معرفتي حول كيفية التعامل مع مختلف‬
‫القضايا التي أواجهها مستقبالً في ميدان عملي بمركز الخدمات اإلنمائية الصرفند ‪ ،‬أكان في موضوع‬
‫النزاع (تحديد أطراف النزاع ‪ ،‬كيفية تحويل النزاع‪ ، )...‬أو من خالل تقديم الدعم النفسي اإلجتماعي‬
‫‪ ،‬مرورا ً بسبل العيش وصوالً إلى مفهوم الوساطة بمراحلها المختلفة حتى تحقيق اإلتفاق بين‬
‫األطراف وفقا ً للمصالح حيث شكل هذا المفهوم المحور الجاذب التي اخترته للبحث الميداني ‪.‬‬
‫‪ .2‬المفهوم والمحور الجاذب‬
‫في هذا السياق شكل مفهوم الوساطة المحور الجاذب للدراسة بإعتباره وسيلة مستحدثة إلنهاء النزاع‬
‫بطريقة ودية بين األطراف المتنازعة في المجتمع لجعله مستقرا ً يسوده التفاهم واإلحترام بمعزل عن‬
‫الخالفات لحماية العالقات بين األفراد ضمن المجتمع الواحد ‪.‬‬
‫‪ .3‬أسباب هذا اإلختيار والهدف منه‬
‫وتتمثل اسباب إختياري لمفهوم عملية الوساطة إلى رغبتي بإكتساب المعرفة وإفتقاري للمعلومات‬
‫والتجربة الميدانية وغياب معرفتي بمدى فعالية نتائجها ضمن الصراع داخل المجتمع ‪ ،‬ما شكل لي‬
‫حافزا ً أو تحديا ً للقيام بهذا الدور وإختيار هذا المحور والسعي لخوض التجربة والتعرف على قدرتي‬
‫الفعلية وتحديد مكامن القوة لتمكينها وتعزيزها ونقاط الضعف لمعالجتها وتخطيها ‪.‬‬
‫الجزء الثاني‬
‫‪ .1‬أسباب إختيار هذه الحالة وأهميتها في شرح المفهوم‬
‫أما أهم األسباب التي دفعتني إلى إختيار هذه الحالة ‪ ،‬تعود إلى إعتبارات أكاديمية من جهة ‪ ،‬وإعتبارات‬
‫أخرى ذاتية‬
‫أثناء قيامي بعملية توزيع البطاقة الصحية (حياة) في المنطقة الجغرافية التابعة لعمل مركز الخدمات‬
‫اإلنمائية الصرفند وفروعه ‪ ،‬إستوقفني خالف بين جاري في الحي المقابل لمكان إقامتي في بلدة الغازية‬
‫مع العلم أنني على عالقة جيدة بالطرفين ‪ ،‬وعند عودتي إلى مكان عملي توجهت إلى مدير المركز‬
‫للحصول على الموافقة لمتابعة الموضوع وبالفعل حصلت عليها باإلضافة إلى الدعم لمتابعة هذه الحالة ‪.‬‬
‫من هنا جاءت فكرة دراسة هذه الحالة للتعرف على الظروف المحيطة فيها واألسباب الكامنة وراء هذا‬
‫الخالف والسعي الى إيجاد أرضية مشتركة لتقريب وجهات النظر وإمتصاص وإستيعاب هذا الخالف‬
‫وصوالً إلى حله ‪.‬‬
‫‪ .2‬توصيف هذه الحالة (مكانها ‪ ،‬زمانها ‪ ،‬خصوصيتها)‬
‫نتجت هذه الحالة نتيجة األوضاع األمنية وإنبثق عنها مشكالت إجتماعية وإقتصادية ما إستدعى‬
‫التدخل للعب دور الوسيط بين األطراف المتنازعة ‪ ،‬مع اإلشارة إلى حدوثها منذ ثالثة أشهر في‬
‫بلدة‬
‫الغازية ‪.‬‬
‫‪ .3‬عرض الطرق واألساليب المستخدمة في توصيف الحالة‬
‫المالحظة‬
‫المقابلة‬
‫التوصل إلى أرضية مشتركة تحتوي المصالح للوصول إلى إتفاق وتخطي الماضي ‪.‬‬
‫‪.‬‬
‫الحالة المدروسة‬
‫أبو سامر (وليد ‪ )52‬زوجته سهى (‪ 38‬سنة) يسكنان وحدهما في بلدة الغازية ‪ ،‬أصحاب نفوذ كان وضع العائلة‬
‫اإلقتصادي جيداً‪ ،‬لكن ما لبث أن تراجع بعد تعرض سامر لنكسة إقتصادية تمثلت بإحتراق متجره في أبيدجان ‪،‬‬
‫سافر أبو سامر إليه كي يساعده لإلنطالق من جديد بالعمل وكلّف زوجته سهى بإدارة مختلف األمور‪ .‬تتميز‬
‫سهى بعنادها وحديتها وسعيها لتحقيق الربح بسائر الطرق المتاحة ‪ ،‬إال أنها تسعى للحفاظ على سمعة عائلتها‬
‫الطيبة في البلدة وخارجها‪.‬‬
‫محمد ‪ 45‬سنه وزوجته دانيا ‪ 32‬عاما كالهما نازحان لبنانيان من ضاحية بيروت الجنوبية مع أوالدهم األربعة‬
‫التي تترواح أعمارهم بين ‪ 19- 18-17-16‬على التوالي ‪ ،‬في أيلول ‪ 2006‬وبعد إنتهاء العدوان اإلسرائيلي‬
‫على لبنان ‪ ،‬إنتقل محمد وعائلته إلى بلدة الغازية ‪ ،‬وبعدما دمرت الحرب منزلهم وحيّهم وقضت على مصدر‬
‫عيشهم بعدما كانا منتجين في فرنهم الخاص يديرانه بنجاح ‪ ،‬حيث يتمتع كالهما باإلحترام في محيطهم‬
‫اإلجتماعي ‪ ،‬وعالقات عملهم جيدة مع أفراد وسطهم اإلجتماعي في الضاحية الجنوبية ‪.‬‬
‫تعرف فيها محمد على أبو سامر (وليد) حيث عرض عليه العمل لدى أخيه في فرن الضيعه ‪ ،‬ومع إزدياد وضع‬
‫محمد اإلقتصادي سوءا ً وفي ظل إرتفاع اإليجارات وغالء المعيشة وبدأ مدخراته بالنفاذ وعدم قدرته في المدى‬
‫المتوسط على دفع إيجار المنزل المستحق التي تبلغ قيمته ‪ 400‬ألف ليره لبنانية‪ ،‬قبل محمد عرض أبو سامر‬
‫(وليد) العمل في الفرن ‪ .‬ومع إستالمه الفرن ‪ ،‬حقق محمد نجاحا ً الفتا ً من حيث اإلقبال‬
‫وانتشرت سمعته الطيبة بين الجيران‪ ،‬أحب أبو سامر (وليد) أن يكافئه حيث عرض عليه (على محمد)‬
‫السكن بملك يملكه قريب من الفرن دون دفع إيجار حيث يتمكن األخير من الوصول إليه دون تكلفة نقل‬
‫‪ .‬وعلى الرغم من ُحسن السمعه التي حظي بها محمد وعائلته‪ ،‬اال أن سهى زوجة أبو سامر تناولت محمد‬
‫ودانيا في مناسبات عدّة بإعتبارهما إنتهازيان آتيا واستوليا على كل شي مستغلين أخالق ابو سامر الذي‬
‫قدم لهم فرصة العمل باإلضافة إلى منزل كي يسكنوا مجانا ً مفوتين عليه اإلستفادة من تأجير هذا المنزل‬
‫وقالت أنها تتحين الفرصة لطردهم من المنزل ‪ .‬كانت العالقة بين سهى ودانيا التتخطى إلقاء السالم حتى‬
‫وصلت إلى القطيعة الكلية ‪ .‬في غضون ذلك كان يومها(سهى) سيئا ً للغاية بعد اتالف(إحراق) متجر إبنها‬
‫في أبيدجان وهي في طريق العودة إلى منزلها وجدت دانيا ترمي نفاياتها في المستوعب الموجود بالقرب‬
‫من منزل سهى مما أثار حفيظتها وإعتبرت ذلك تحديا ً لها وبدأ التالسن بينهما وبلغ مستوى متقدم من‬
‫التشهير ‪ ,‬تجمهر الجيران حولهم يراقبون النقاش الحاد الدائر بينهم خاصة أن سهى طالبت دانيا بإخالء‬
‫المنزل فردت األخيرة بالمطالبة بالحصول على تعويض ‪ .‬في ضوء ما يحدث طلبت دانيا أن أتدخل‬
‫لتقريب وجهات النظر بإعتباري أحد المقربين من عائلة سهى ‪.‬‬
‫الجزء الثالث‬
‫‪ .1‬قراءة نتائج الدراسة الميدانية‬
‫تحديد اطراف النزاع‬
‫زيارة كل طرف على حدة‬
‫عقد جلسة وساطة‬
‫التفاوض‬
‫‪ .2‬خالصة ما استنتجته من هذه الدراسة‬
‫بعد عرض الحالة المشار إليها سابقا ً ‪ ،‬تستنتج أن دور الوسيط يكمن في إيجاد أرضية مشتركة بين‬
‫األطراف المتنازعة ‪ ،‬وال يهدف إلى تحقيق العدالة‬
‫‪ .3‬مقارنة ما استنتجته مع تجربة الدورة التدريبية‬
‫ساهمت الدورة التدريبية التي خضعت لها بالتعرف على أسلوب جديد حول كيفية التعاطي والتعامل مع أي حالة قد‬
‫نواجهها سواء في تحديد أطراف النزاع والعوامل المباشر التي تساعد على تصاعده ‪ ،‬أو لجهة كيفية تحويله ‪،‬‬
‫باإلضافة إلى األساليب التي يمكن اللجوء اليها لحل النزاع أكان بالتحكم أو بالوساطة أو التفاوض‬
‫الخالصة‬
‫في ختام ها التقرير ‪,‬وبعد دراسة الحالة وإعتماد الوساطة كوسيلة بديلة لحل النزاع بطريقة ودية بين األطراف‬
‫المتنازعة وقبولهم إصالح الضرر الذي لحق بالعالقة فيما بينهم ‪ ,‬وحصول كال الطرفين على فرصة للعدول‬
‫والرجوع إلى طريق الحوار إليجاد أرضية مشتركة لمعالجة ما أفسده النزاع وما ترتب عليه ‪.‬بنا ًءعلى ما تقدم ‪,‬يمكن‬
‫القول أن الوساطة تتسم بالفعالية ألنها تسمح لكل طرف بتحديد مطالبه ومناقشتها بشكل إرادي كما تسهم بحل‬
‫النزعات بسرعة بعيدا ً عن الجهد اإلققتصادي والمالي ‪.‬‬
Download