143

advertisement
‫�أ�سدرته منظمة �ليون�سكو عام ‪1996‬‬
‫عدد ‪� – 143‬لأربعاء ‪ 7‬متوز (يوليو) ‪2010‬‬
‫�أوديب‬
‫�سوفوكلي�س‬
‫ترجمة‪ :‬طه ح�سني‬
‫ر�سوم‪� :‬سامر �إ�سماعيل‬
‫�ملوؤ�س�سة �لر�عية‬
‫�ل�رشيك �لثقايف‬
‫�جلابر ‪� MBI Al Jaber‬ملبعوث �خلا�س ملنظمة �ليون�سكو للت�سامح و�لدميقر�طية و�ل�سالم‪.‬‬
‫معايل �ل�سيدة �إيرينا بوكوفا ‪� ،Irina Bokova‬ملديرة �لعامة ملنظمة �لأمم �ملتحدة للرتبية و�لعلم و�لثقافة ‪�-‬ليون�سكو‪ -‬ومعايل �ل�سيخ حممد بن عي�سى‬
‫َ‬
‫�إميان ًا منه� ب�أهمية ن�رش املعرفة وت�شجيع القراءة ودعم الفن الت�شكيلي‬
‫ملواجهة الأزمة الثق�فية اخل�نقة يف الع�مل العربي‪ ،‬و�إ�سهام ًا يف اإعداد‬
‫ع�رشي عربي ق�در على امل�ش�همة يف بن�ء احل�ش�رة احلديثة‬
‫جيل‬
‫ّ‬
‫والتو�شل عرب الرتبية والعلم والثق�فة اإىل اإدراك الدميقراطية وال�شالم‬
‫مت�شي ً� مع مب�دئ امليث�ق الت�أ�شي�شي لليون�شكو‪ُ ،‬ت�شد ُِر م�ؤ�س�سة حممد‬
‫ّ‬
‫بن عي�سى �جلابر ‪ MBI Al Jaber Foundation‬ب�لتع�ون مع‬
‫منظمة اليون�شكو ‪ UNESCO /‬وب�ل�شرتاك مع كربي�ت ال�شحف‬
‫العربية توؤازره� نخبة من كب�ر الأدب�ء والك ّت�ب ومن ورائهم‬
‫اليومية‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫املاليني من الق�رئني‪،‬‬
‫كتاب يف جريدة‬
‫القراء يف‬
‫�شهري ً� وب�شكل جم�ين ومنتظم ّ‬
‫هدي ًة منه� اإىل اأكرب فئة من ّ‬
‫جميع العوا�شم العربية والعرب يف الع�مل‪.‬‬
‫�ل�سفحة �لرئي�سية للموقع �للكرتوين ل"كتاب يف جريدة" �لأربعاء �لأول من كل �سهر على ‪www.kitabfijarida.com‬‬
‫‪2‬‬
‫�أُ ْو ِديب �سوفوكلي�س‪..‬‬
‫منوذج لالأدب �لرفيع على �أكرث من �سعيد‬
‫"واح�رشت�ه! واح�رشت�ه! لقد ا�شتب�ن‬
‫كل �شيء‪ .‬اأيه� ال�شوء‪ ،‬لعلي اأراك الآن للمرة‬
‫الأخرية‪ .‬لقد اأ�شبح الن��س جميع ً� يعلمون‪ ،‬لقد‬
‫ولدت له واأن‬
‫علي اأن اأولد ملن‬
‫ُ‬
‫ك�ن حمظوراً ّ‬
‫اأحي� مع من اأحي� معه‪ .‬وقد قتلت َم ْن مل يكن يل‬
‫اأن اأقتله"‪.‬‬
‫هذه هي عب�رة �شوفوكلي�س على ل�ش�ن‬
‫اأوديب ملك طيبة‪ ،‬عب�رة تلخ�س نقطة التحول‬
‫والك�شف املفجع للحقيقة يف م�شرية هذا البطل‬
‫الرتاجيدي الذي اكت�شف اإنه ق�تل اأبيه‪ ،‬وزوج‬
‫اأمه‪ ،‬ووالد اأخوته! هذا الك�شف املفزع �شيدفعه‬
‫اإىل اقتالع عينيه اقت�ش��ش ً� مل� جنته يداه‪،‬‬
‫يف حم�ولة ل�شتع�رة حي�ة جديدة‪ ،‬وت�شحيح‬
‫مت�أخر وغري ممكن مل�ش�ر القدر‪ .‬وه� هو يخ�طب‬
‫عينيه لأنهم� ا�شرتكت� يف ارتك�ب كل هذه الآث�م‬
‫معه‪�" :‬شتظالن يف الظلمة فال تري�ن من ك�ن‬
‫يجب األ تري�ه‪ ،‬ول تعرف�ن من ل اأريد اأن اأعرف‬
‫بعد اليوم"‪.‬‬
‫يعود اأ�شل هذه احلك�ية امل�أ�ش�وية اإىل‬
‫م� قبل �شوفوكلي�س‪ ،‬اإذ تع ُّد واحد ًة من اأهم‬
‫الرتاجيدي�ت الإغريقية التي و�شلتن�‪ ،‬ويبدو‬
‫اأنه� ك�نت معروف ًة على نط�ق وا�شع اإىل م�‬
‫قبل القرن اخل�م�س قبل امليالد حيث كتبه�‬
‫�شوفوكلي�س يف الربع الأول منه‪ ،‬اإذ وردت يف‬
‫كت�ب�ت عدد من �ش�بقيه ومع��رشيه‪ ،‬فقد وردت‬
‫التي تلخ�س واحدة من امل�شكالت الكربى يف‬
‫الت�ريخ م� قبل الع�رش الإغريقي‪ ،‬والق�ئمة على‬
‫اأن الإن�ش�ن ل ميكن له اأن يهرب من اأقداره‪ ،‬ولي�س‬
‫بو�شعه اأن يحدث تغيرياً ح��شم ً� يف م�شريه‪ ،‬بل‬
‫اأنه يف طريق هروبه من ذلك القدر‪ ،‬ورحلته‬
‫لتغيري امل�شري ي�شنع‪ ،‬يف الواقع‪ ،‬ف�شول ذلك‬
‫ومالمح م�شريه املحتوم بيديه‪.‬‬
‫القدر الغيبي‪،‬‬
‫َ‬
‫وقد ُ‬
‫كرثت املع�جل�ت امل�رشحية لأوديب‬
‫�شوفوكلي�س يف القرن الع�رشين‪ ،‬ك�ن اأبرزه�‬
‫م�رشحية اأندريه جيد "اأوديب" وحم�ولته‬
‫تقوي�س ثقل الأ�شطورة والكث�فة الغيبية يف‬
‫الأ�شل ال�شوفوكلي‪ ،‬ل�ش�لح نزوات الإن�ش�ن وقواه‬
‫الداخلية واإره��ش�ته الطبيعية‪ ،‬ومب� يتن��شب‬
‫مع فل�شفة جيد نف�شه‪ ،‬الذي ك�ن اأول من ترجم‬
‫�شوفوكلي�س من اليون�نية اإىل الفرن�شية‪ ،‬وكذلك‬
‫ا�شتلهم "ج�ن كوكتو" اأوديب �شوفوكلي�س‪،‬‬
‫يف م�رشحيته "الآلة اجلهنمية" ذات النكهة‬
‫ال�شوري�لية‪ ،‬كم� فتحت مع�جلة اأندريه جيد‬
‫التي ترجمه� طه ح�شني اأي�ش�ً‪ ،‬ب�ب ً� ملع�جل�ت‬
‫و�شي�غ�ت عربية عديدة لعل اأبرزه� "امللك‬
‫اأوديب" لتوفيق احلكيم‪ ،‬و"م�أ�ش�ة اأوديب" لعلي‬
‫اأحمد ب�كثري‪.‬‬
‫واأوديب �شوفوكلي�س‪ ،‬التي نن�رشه� هن�‪ ،‬هي‬
‫يف الواقع عمالن م�رشحي�ن منف�شالن زمني�ً‪،‬‬
‫ومت�شل�شالن فني�ً‪ ،‬فقد كتبهم� �شوفوكلي�س يف‬
‫زمنني خمتلفني‪ ،‬ففي العمل الأول‪" :‬اأوديب ملك�ً"‬
‫نقراأ �شرية اأوديب �ش�ب ً� يف م�شقط راأ�شه "طيبة"‬
‫التي ُن ِب َذ منه� طف ًال ر�شيع�ً‪ ،‬ثم ع�د اإليه� ه�رب ً�‬
‫من قدره‪ ،‬الذي ا�شطدم به يف الطريق اإليه�‪.‬‬
‫اإ�ش�رات له� يف كت�ب�ت هومريو�س‪ ،‬وحتديداً‬
‫يف الأودي�شة‪ ،‬كم� جتلت بو�شفه� بنية مركزية‪،‬‬
‫يف كت�ب�ت "ا�شخيليو�س"‪ ،‬وكذلك يف فينيقي�ت‬
‫"يوربيدي�س"‪ ،‬لكن اكتم�له� الرتاجيدي‪،‬‬
‫وفرادته� الفنية يف عمل فني‪ ،‬مل ينجز اإل على‬
‫يد "�شوفوكلي�س" يف عدد من اأعم�له امل�رشحية‬
‫اخل�لدة حتى ع َّده� اأر�شطو يف "فن ال�شعر" مث� ًل‬
‫منوذجي ً� للم�أ�ش�ة‪ ،‬والعمل الأكمل للرتاجيدي� يف‬
‫ال�شعر امل�رشحي‪.‬‬
‫واإذا ك�ن هومريو�س هو الأب "الأ�شطوري"‬
‫للملحمة ال�شعرية‪ ،‬ف�إن �شوفوكلي�س هو الأب‬
‫احلقيقي للرتاجيدي� ال�شعرية ب�متي�ز و�ش�حب‬
‫منوذجه� الأرقى‪.‬‬
‫وقد مثل �شوفوكلي�س ‪ 406 – 496‬قبل‬
‫امليالد" نقطة التحول املف�شلية يف امل�رشح‬
‫اليون�ين‪ ،‬فك�ن اأول من ا�شتخدم تعدد الأ�شوات‬
‫وال�شخ�شي�ت يف العمل امل�رشحي‪ ،‬بعد اأن ك�ن‬
‫ا�شخيليو�س يعتمد على ممثلني اثنني لت�أدية‬
‫عمله‪ ،‬اإ�ش�فة اإىل كونه اأول من اأعطى اأهمية‬
‫لل�شينوغرافي� يف العمل امل�رشحي‪ ،‬فنقله ب�لت�يل‬
‫يعرب اأر�شطو‪.‬‬
‫من ال ِّرثة اإىل اجلالل‪ ،‬كم� ّ‬
‫وقد يكون من اأكرث عوا�شف الع�شف‬
‫والتجني التي حلقت هذا العبور اله�ئل لأوديب‬
‫عرب الع�شور‪ ،‬هو اختزال هذا العمل اخل�لد يف‬
‫اأذه�ن الأجي�ل املع��رشة‪ ،‬بتف�شريات علم النف�س‬
‫وحتليالت فرويد حتديداً‪ ،‬وتنظرياته املت�شلة عن‬
‫"عقدة اأوديب"‪.‬‬
‫تقوم خال�شة حك�ية اأوديب على حم�ك�ة‬
‫اإ�شك�لية العالقة بني الإرادة والقدر‪ ،‬تلك الثن�ئية‬
‫اأم� العمل الث�ين "اأوديب يف كولون�" وهي‬
‫اإحدى مق�طع�ت اأثين� املج�ورة وم�شقط راأ�س‬
‫�شوفوكلي�س نف�شه‪ ،‬فري�شد �شرية اأوديب يف منف�ه‬
‫املزدوج‪ ،‬حيث املك�ن الآخر والعمى الأبدي‪،‬‬
‫ومواجهته مل�شريه املحتوم الذي ل فرار منه‪.‬‬
‫وفيه� يظهر امللك ال�ش�ب �شيخ ً� اأعمى منفي�ً‪،‬‬
‫ي�شري متوكئ ً� على ابنتيه "اأنتيغون� واإ�شمين�"‬
‫وم�شتعرياً نبوءات العراف الأعمى "تري�شي��س"‬
‫الذي "يرى" م� ل يراه املب�رشون‪ ،‬يف روؤي�‬
‫جديدة للعن�ت ق�دمة‪ ،‬وم�ش�ئر غ�م�شة‪ .‬كم�‬
‫يظهر اأوديب متم�شك ً� مبنف�ه بقوة‪ ،‬مبواجهة‬
‫حم�ولت اإع�دته اأو اأع�دة اإبنتيه اإىل "طيبة"‪.‬‬
‫وهذا العمل اخل�لد الذي نن�رشه هو عمل‬
‫اأدبي منوذجي ب�متي�ز‪ ،‬وعلى اأكرث من �شعيد‪،‬‬
‫فهو ميثل كم� اأ�رشن� الذروة الفنية للرتاجيدي�‬
‫الإغريقية والكال�شيكية املتم��شكة بلغته�‪،‬‬
‫يف ع�رش ال�شعود الذروي لالأدب الرفيع يف‬
‫اليون�ن‪.‬‬
‫وهو منوذجي‪ ،‬مب� ميثله من اإ�شتيع�ب‬
‫لفت للن�س الأ�شلي عرب ترجمة ممت�زة وفريدة‬
‫لعميد الأدب العربي الدكتور طه ح�شني ‪1889‬‬
‫ ‪ ،1973‬ترجمة جعلت من هذا العمل يقراأ يف‬‫العربية‪ ،‬ك�أيقونة متم��شكة يف البالغة‪ ،‬وكث�فة‬
‫ال�شبك‪ ،‬وجم�لية العب�رة‪ ،‬حتى بدا وك�أنه مكتوب‬
‫ب�للغة العربية‪ ،‬رغم اأنه نقله عن لغة و�شيطة‬
‫ولي�س عن اللغة الإغريقية الأم‪.‬‬
‫حممد مظل�م‬
‫�سوفوكلي�س‬
‫ولد �س�ف�كلي�س يف قرية «دمي��س» يف ك�ل�نا‪� ،‬أحدى �س��حي مدينة �أثينا يف �لعام ‪496‬‬
‫قبل �مليالد لعائلة مي�س�رة‪ ،‬مار�س �ل�سيا�سة يف حياته وتقلد بع�س �ملنا�سب‪ ،‬كما �أ�سبح قائد�ً يف‬
‫�لأ�سط�ل �لبحري �لي�ناين‪ ،‬وه� يف �لثالثينات من عمره‪.‬كما �أ�سبح كاهن ًا يف مرحلة من مر�حل‬
‫حياته‪.‬‬
‫عا�رص �مل�ؤرخ هريودوت‪ ،‬و�لفيل�س�ف �سقر�ط‪ ،‬وه� و�حد من �أعظم كتاب �لرت�جيديا �لإغريقية‬
‫�إىل جانب �إ�سخلي��س وي�ربيد�س‪.‬‬
‫�ألف �س�ف�كلي�س �أكرث من مائة وع�رصين م�رصحية‪ ،‬مل ي�سل منها �س�ى �سبع م�رصحيات‬
‫هي‪�« :‬أوديب ملك ًا» «�أنتيغ�نا» «�أوديب يف ك�ل�نا» «�أجاك�س» «�ألكرت�» «فيل�كتيت�س»‬
‫و«�لرت�خينيات» �أو «بنات تر�خي�س»‬
‫كان يحرز �ملرتبة �لأوىل يف �أغلب �ملباريات �مل�رصحية يف مهرجان دوني�سيخ��س‪ ،‬وكان‬
‫�مل�ؤدي �لرئي�سي لأدو�رها‪،‬‬
‫ت�يف �س�ف�كلي�س يف �لعام ‪ 406‬قبل �مليالد وه� يف �لت�سعني من عمره‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫عدد ‪143‬‬
‫‪ 7‬متوز ‪2010‬‬
‫الراعي‬
‫حممد بن عي�سى اجلابر‬
‫‪MBI AL JABER FOUNDATION‬‬
‫امل�ؤ�ص�س‬
‫�سوقي عبد الأمري‬
‫املدير التنفيذي‬
‫ندى ّ‬
‫دلل دوغان‬
‫�صكرتاريا وطباعة‬
‫هناء عيد‬
‫املحرر الأدبي‬
‫حممد مظلوم‬
‫املَقَّ ر‬
‫بريوت‪ ،‬لبنان‬
‫ي�سدر بالتعاون مع وزارة الثقافة‬
‫‪Mind the gap, Beirut‬‬
‫الإ�صت�صارات الفنية‬
‫�سالح بركات‬
‫غالريي اأجيال‪ ،‬بريوت‪.‬‬
‫املطبعة‬
‫پول نا�سيميان‬
‫الإ�صت�صارات القان�نية‬
‫"القوتلي وم�ساركوه ‪ -‬حمامون"‬
‫املتابعة والتن�صيق‬
‫حممد ق�سمر‬
‫كتاب يف جريدة‬
‫�شنرت دلفن‪ ،‬الطابق ال�شاد�ض‬
‫�شارع �شوران‪ ،‬الرو�شة‬
‫بريوت‪ ،‬لبنان‬
‫تلفون‪ /‬فاك�ض ‪+961 )0(1 868 835‬‬
‫‪kitabfj@cyberia.net.lb‬‬
‫‪kitabfijarida@hotmail.com‬‬
‫ت�صميم و اإخراج‬
‫عدد رقم‬
‫(‪ 7‬متوز ‪)2010‬‬
‫‪143‬‬
‫ال�صحف ال�رشيكة‬
‫الهيئة الإ�صت�صارية‬
‫الأحداث ‪ -‬اخلرطوم‬
‫الأيام ‪ -‬رام اللـه‬
‫الأيام ‪ -‬املنامة‬
‫ت�رشين ‪ -‬دم�شق‬
‫الثورة ‪� -‬شنعاء‬
‫اخلليج ‪ -‬الإمارات‬
‫الد�ستور ‪ -‬ع ّمان‬
‫الراأي ‪ -‬ع ّمان‬
‫الراية ‪ -‬الدوحة‬
‫الريا�ض‪ -‬الريا�ض‬
‫ال�سعب‪ -‬اجلزائر‬
‫ال�سعب‪ -‬نواك�شوط‬
‫ال�سباح‪ -‬بغداد‬
‫العرب‪ -‬تون�ض‪ ،‬طرابل�ض الغرب ولندن‬
‫جملة العربي ‪ -‬الكويت‬
‫القاهرة ‪ -‬القاهرة‬
‫القد�ض العربي ‪ -‬لندن‬
‫النهار ‪ -‬بريوت‬
‫الوطن ‪ -‬م�شقط‬
‫اأدوني�ض‬
‫اأحمد ال�س ّياد‬
‫اأحمد بن عثمان التويجري‬
‫اأحمد ولد عبد القادر‬
‫جابر ع�سفور‬
‫جودت فخر الدين‬
‫�سيد يا�سني‬
‫عبد اللـه الغذامي‬
‫عبد اللـه يتيم‬
‫عبد العزيز املقالح‬
‫عبد الغفار ح�سني‬
‫عبد الوهاب بو حديبة‬
‫فريال غزول‬
‫حممد ربيع‬
‫مهدي احلافظ‬
‫نا�رش الظاهري‬
‫نا�رش العثمان‬
‫نهاد ابراهيم با�سا‬
‫ه�سام ّ‬
‫ن�سابة‬
‫مينى العيد‬
‫خ�سع ترتيب اأ�سماء الهيئة الإ�ست�سارية وال�سحف للت�سل�سل الألفبائي ح�سب ال�سم الأول‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫�سامر �إ�سماعيل‬
‫فن�ن ت�شكيلي‬
‫‪1986‬‬
‫‪1990‬‬
‫‪1999‬‬
‫‪2009‬‬
‫‪2008‬‬
‫‪2007‬‬
‫‪2004‬‬
‫‪2003‬‬
‫‪2001‬‬
‫معهد فنون جميلة‬
‫ع�شو ن�دي الت�شوير ال�شوئي‬
‫ع�شو نق�بة الفنون اجلميلة‬
‫يكتب يف جم�ل الفن الت�شكيلي وال�شورة بع�مة ‪ ،‬وله العديد من املق�لت والأبح�ث املن�شورة يف‬
‫ال�شح�فة املحلية والعربية وله العديد من العم�ل املقتن�ة يف دول الع�مل وله عمل عن دون كي�شوت‬
‫مقتنى من قبل متحف ثرب�نت�س يف املك�شيك‪.‬‬
‫معر�س اخلريف ال�شنوي لفن�ين القطر‬
‫معر�س م�شرتك يف �ش�لة روؤى دم�شق‬
‫معر�س فردي يف املركز الثق�يف العربي يف مدريد‬
‫معر�س فردي يف �ش�لة ك�ريزم� يف الكويت‬
‫معر�س فردي يف الك�دي ه�ر�س يف ا�شب�ني�‬
‫معر�س فردي يف مدينة ليون ‪ ،‬فرن�ش� برع�ية بلدية ليون‬
‫لقد حمل الفن�ن �ش�مر ا�شم�عيل هذا اجلم�ل الوادع البكر الذي تتمتع فيه بلدته يف قلب وخالي� ج�شده وتكوينه ع�مة وككل ال�شب�ب‬
‫الذين تلم�شوا الدرب اإىل �شيغة مثلى للعدل وتك�فوؤ الفر�س‪ ،‬التزم الفن�ن مبكرا الق�ش�ي� الن�ش�نية النبيلة ‪ ،‬لكن دون اأن يوؤثر ذلك على نزوعه‬
‫الآخر املجبول عليه ‪ ،‬وهذا التوزع بني �شوت العقل و�شغط الح�ش��س وال�شعور واحالم الروح العذبة ‪ ،‬انعك�س يف جتربته الفنية ويف ن�ش�ط�ته‬
‫البداعية الأخرى مم� يوؤكد �شدق هذه التجربة والت�ش�قه� املب��رش بنف�شه الط�فحة ب�رشاع�ت خفية ‪ ،‬ي�شيطر عليه� العقل اأو الوعي احي�ن� ‪،‬‬
‫ويقوده� الح�ش��س العفوي التلق�ئي اأحي�ن� اأخرى‪.‬‬
‫د‪ :‬حمم�د �ساهني‬
‫جريدة ت�رصين �ل�س�رية عام ‪1991‬‬
‫�ش�مر ا�شم�عيل فن�ن ‪� ،‬ش�ب �شوري يعر�س لأول مرة يف فرن�ش� ‪ ،‬يعطي نظرة جديدة يف الفن للعالقة بني الرجل واملراأة يف الع�مل العربي‬
‫‪ ،‬يف �شخ�شي�ته امل�شطربة الفن�ن يتالعب ب�لري�شة بني الظل وال�شوء ‪ ،‬وجوه غري حمددة غ�م�شة تقراأ يف وجوههم اأنهم ي�أملون ب�شيء غ�م�س‬
‫خميف يف بع�س الحي�ن ‪ ،‬فرتاهم ك�لتم�ثيل مرة ‪ ،‬كم� تراهم حركيني دين�ميكيني مرة اأخرى ‪ ،‬كلهم مي�شون ب�جت�ه ال�شوء املنبثق من كل‬
‫مك�ن ‪ ،‬اأفرادا وجموع� ‪� ،‬ش�مر ا�شم�عيل ي�شع يف لوح�ته العالق�ت الن�ش�نية ب�أكرث ب�ش�طته� وم�ش�عره� ‪ ،‬الرجل واملراأة �شوية تخلق بلبلة يف‬
‫ع�مل املجتمع ‪ ،‬ينظرون اإلين� ‪ ،‬م�شتعدون للدخول اأو اخلروج من اأبواب غري وا�شحة املع�مل ‪ ..‬ب�جت�ه اأين ؟‬
‫�لرتجمة �حلرفية عن �لفيجارو �لفرن�سية عام ‪2002‬‬
‫‪5‬‬
‫عدد ‪143‬‬
‫‪ 7‬متوز ‪2010‬‬
‫�أوديب‬
‫�سوفوكلي�س‬
‫ترجمة‪ :‬طه ح�سني‬
‫كان لي��س بن لبدك��س ملك ًا على مدينة‬
‫ثيبة « طيبة»‪ ،‬فاأنذره وحي �لآلهة باأنه �سيقتل‬
‫بيد �بن ي�لد له‪ .‬وما هي �إل �أن ولد له �سبي‬
‫فاأمر �مللك بطرحه يف �لعر�ء على جبل يقال له‬
‫«كيتريون» ولكن �لر�عي �لذي �أُمِ َر بذلك �أ�سفقَ‬
‫على �ل�سبي فاأ�سلمه �إىل رعاة ب�ليب��س ملك‬
‫مدينة ك�رنت��س‪ .‬وه�ؤلء �أ�سلم�ه �إىل م�لهم‬
‫فرباه وقام دونه حتى �سب‪ .‬ثم �أخذ �لفتى ي�سمع‬
‫تعري�س ًا مب�لده فخرج ي�ست�سري �لآلهة‪ ،‬فاأوح��‬
‫�إليه �أنه �إن عاد �إىل وطنه ف�سيقتل �أباه و�سيتزوج‬
‫�أمه‪ .‬فعدل �لفتى عن مدينة ك�رنت��س‪ .‬وق�سد‬
‫�إىل مدينة ثيبة «طيبة» و�لتقى يف طريقه �إليها‬
‫برجل �سيخ يف بع�س حر�سه فكان بينهم وبني‬
‫�ل�سيخ �سجار‪ ،‬فعد� �لفتى على �ل�سيخ فقتله‪.‬‬
‫وم�سى يف طريقه حتى و�سل �إىل مدينة ثيبة‬
‫«طيبة»‪ .‬و�إذ� حي��ن غريب مهلك قد قام على‬
‫�سخرة قريب ًا من �ملدينة يلقي على كل من مرّ‬
‫به لغز�ً فاإن مل يحلّه عد� عليه �حلي��ن فافرت�سه‪.‬‬
‫وكان �أهل ثيبة «طيبة» قد عرف�� م�ت ملكهم‬
‫�ل�سيخ يف طريقه‪ ،‬ومل يعرف�� قاتله‪ .‬وكان �لهلع‬
‫قد مالأ قل�بهم ملكان هذ� �حلي��ن من مدينتهم‬
‫و�س�ء �أثره فيهم‪ ،‬فاأعلن كري�ن �ل��سي على‬
‫��ستطاع �أن‬
‫�لنا�س‬
‫�مللك يف �ملدينة � ْإن � ُّأي‬
‫ِ‬
‫َ‬
‫ُيخل َّ�س �ملدين َة من هذ� �لبالء فله عر�سها‪ ،‬وله‬
‫�أن يتزوج �مللكة‪ .‬فلما �أقبل �لفتى �ألقى عليه‬
‫�حلي��ن لغزه وخر �حلي��ن �رصيع ًا‪ ،‬و�آلَ ملكُ‬
‫ثيبة «طيبة» �إىل هذ� �لفتى �أويديب��س وتزوج‬
‫�مللكة وولد له منها �أبناء‪ .‬ثم ظهر وباء يف‬
‫�ملدينة و��ست َّد خطره على �أهله‪ ،‬فاأر�سل �مللك‬
‫ي�ست�سري �لآلهة‪ ،‬فاأوحى �لآلهة �أن هذ� �ل�باء لن‬
‫ُيرفع عن �ملدينة حتى ُيعاقب قات َل �مللك على‬
‫جرميته‪ .‬و�أعلن �أويديب��س يف �لنا�س �أن قاتل‬
‫�لت�سرت‬
‫�مللك عدو لل�سعب‪ ،‬فال ينبغي �إي��وؤه ول‬
‫ُّ‬
‫عليه‪ .‬ثم ��ستك�سف �أنه ه� قاتل �مللك‪ ،‬و�أنه‬
‫ترفع راأ�شه�‪ ،‬وقد اأحدقت به� الأخط�ر الدامية‬
‫من كل مك�ن‪ ،‬اإنه� تهلك فيم� حتتوي الأر�س من‬
‫البذر‪ ،‬اإنه� تهلك يف القطع�ن الراتعة يف املراعي‪،‬‬
‫اإنه� َتهلك مب� ت�شيب الن�ش�ء من اإجه��س عقيم‪.‬‬
‫اإن الإله الذي يحمل ن�ر احلمى قد اندفع يف‬
‫املدينة مدمراً خمرب�ً‪ ،‬اإنه الوب�ء املهلك ي�أتي‬
‫على مدينة ك�دمو�س وير�شى اآد�س املخوف مب�‬
‫يبلغه من اأنينن� وبك�ئن�‪ ،‬نعم اإن� ل نرفعك اإىل‬
‫مك�نة الآلهة ل اأن� ول هوؤلء الأبن�ء من حويل‬
‫حني نطيف بق�رشك! ولكن� نراك اأحق الن��س‬
‫ب�أن نفزع اإليك حني تلم بن� اخلطوب‪ .‬فقد اأنقذت‬
‫مدينة ك�دمو�س ورفعت عنه� تلك ال�رشيبة التي‬
‫كن� نوؤديه� اإىل املغنية الق��شية(‪ ،)1‬دون اأن نعينك‬
‫على ذلك ب�شيء اأو نعلمك من اأمره �شيئ�ً‪ .‬اأع�نك‬
‫أ�شلحت اأمرن�‪،‬‬
‫فيم� نعتقد جميع ً� بع�س الآلهة ف�‬
‫َ‬
‫ورددت حي�تن� اإىل ال�شتق�مة والعتدال‪ .‬وه�‬
‫َ‬
‫نحن اأولء اليوم‪ ،‬نعود اإليك �ش�رعني متو�شلني‬
‫اأن تعينن� وت�أخذ ب�أيدين�‪� ،‬شواء اأع�نك على ذلك‬
‫وحي الآلهة‪ ،‬اأو اأ�ش�ر عليك فيه بع�س الن��س‪،‬‬
‫ف�إين اأرى اأن م�شورة اأ�شح�ب الراأي والتجربة هي‬
‫التي تنفع وتغني يف مثل هذه املواطن‪ .‬هلم ي�‬
‫اأحكم الن��س اأ�شلح اأمر املدينة‪ ،‬فكر يف �شهرتك‬
‫وم� ينبغي لك من ح�شن الأحدوثة‪ .‬اإن هذا البلد‬
‫ي�شميك اليوم منقذه مب� قدمت اإليه فيم� م�شى‪.‬‬
‫ف�حر�س على اأن ل تذكر يف يوم من الأي�م اأنك‬
‫اأنقذتن� مرة لنهوى يف املكروه مرة اأخرى‪ ،‬بل‬
‫اأنقذ وطنن� وارفع اأمره‪ .‬لقد اأر�شدك الآلهة اإىل‬
‫اإنق�ذن� فيم� م�شى فكن اليوم كم� كنت اأم�س‪.‬‬
‫فقد اأرى اأنه اإذا اأتيح لك اأن حتكم هذه الأر�س‪،‬‬
‫ف�خلري يف اأن حتكمه� معمور ًة ل مقفر ًة‪ .‬م� قيمة‬
‫الأ�شوار‪ ،‬وم� قيمة ال�شفن اإذا خلت ومل يوجد من‬
‫يلوذ به� ويحتمي من ورائه�؟‬
‫�أويديب��س – اأيه� الأبن�ء اإنكم خلليقون‬
‫ب�لإ�شف�ق‪ .‬اإن الذي تطلبونه لي�س غريب ً� ب�لقي��س‬
‫يل ف�إين اأعرفه‪ ،‬نعم اأعرفه حق املعرفة‪ .‬ل�شت‬
‫اإ ّ‬
‫اأجهل اأنكم ت�أملون جميع�ً‪ ،‬ولكن ثقوا ب�أن لي�س‬
‫منكم من ي�أمل كم� اآمل‪ .‬كل واحد منكم ي�أمل‬
‫لنف�شه‪ ،‬ل يتج�وزه الأمل اإىل غريه‪ ،‬اأم� اأن� ف�إين‬
‫اآمل لثيبة «طيبة» واآمل لك واآمل لنف�شي‪ ،‬واإذن‬
‫ف�إنكم ل توقظون بهذا احلديث مني رج ًال ن�ئم�ً‪،‬‬
‫تعلمون اأين �شفحت كثرياً من الدمع واأين فكرت‬
‫يف كثري من الو�ش�ئل اإىل النج�ة‪ .‬فلم اأجد اإل‬
‫ظفرت به� بعد طول التفكري‪ ،‬فلم‬
‫و�شيلة واحدة‬
‫ُ‬
‫اأتردد يف ابتغ�ئه� واللتج�ء اإليه�‪ .‬فقد اأر�شلت‬
‫كريون ابن مني�شيو�س اإىل معبد اأبولون‪ ،‬ليعلم يل‬
‫من الإله م� ينبغي اأن اأ�شنع‪ .‬وقد ط�لت غيبته اإذا‬
‫ذكرت الأي�م التي م�شت منذ ف�شل عن املدينة‪.‬‬
‫ُ‬
‫قد تزوج �أمه‪ ،‬و�أن �أبناءه هم يف‬
‫فاقت�س‬
‫�ل�قت نف�سه �إخ�ته لأمه‪،‬‬
‫َّ‬
‫من نف�سه وفقاأ عينيه بيده ونفى‬
‫وقتلت �أم ُه‬
‫نف�سه من �ملدينة‪،‬‬
‫ْ‬
‫نف�سها َخنق ًا‪.‬‬
‫َ‬
‫وهذه �لق�سة �لتي �سنرتجمها‬
‫ت�س�ر �جلزء �لأخري من هذ� �حلديث‬
‫فتعر�س �إملام �ل�باء باملدينة و�أمر‬
‫�لآلهة بعقاب �لقاتل و��ستك�ساف‬
‫�مللك �أنه ه� �لقاتل و�قت�سا�سه‬
‫من نف�سه‪.‬‬
‫تقع �لق�سة يف مدينة ثيبة‬
‫«طيبة» �أمام ق�رص �مللك حيث‬
‫يق�م �أمام كل باب من �أب��به مذبح مرتفع‬
‫على بع�س �لدرج‪ .‬وقد كللت هذه �ملذ�بح‬
‫باأغ�سان من �لغار و�لزيت�ن جمع بع�سها �إىل‬
‫بع�س ب�رص�ئط بي�س‪ ،‬وجثا �أهل �ملدينة �أمام‬
‫هذه �ملذ�بح يف هيئة �ل�سارعني‪ ،‬وقد �ختلفت‬
‫طبقاتُهم و�أعمارهم‪ ،‬وقام بينهم �سيخ ه� كاهن‬
‫زو�س‪ُ .‬يفتح �لباب �لأو�سط من �أب��ب �لق�رص‬
‫ويخرج منه �أويديب��س فينظر �إىل هذه �جلماعة‬
‫حلظة‪ ،‬ثم يتح َّدث �إليها يف حنان �لأب‪.‬‬
‫�أويديب��س – اأي اأبن�ئي‪ ،‬اأيته� الذرية‬
‫الن��شئة من ن�شل ك�دمو�س م� ب�لكم جتثون‬
‫تتوجه�‬
‫على هذا النحو ومعكم هذه الأغ�ش�ن ِّ‬
‫هذه ال�رشائط؟ على حني قد مالأ املدينة دخ�ن‬
‫البخور وارتفعت فيه� الأ�شوات ب�لأن��شيد‬
‫و�ش�ع بني اأهله� الأنني‪ .‬مل اأرد اأن اأتلقى جواب‬
‫هذا ال�شوؤال من فم اأجنبي ومن اأجل ذلك اأقبلت‬
‫اإىل هذا املك�ن اأن� اأويديبو�س الذي يعرفه الن��س‬
‫هلم اأيه� ال�شيخ حتدث ف�إن �شنك توؤهلك‬
‫جميع�ً‪ّ .‬‬
‫للني�بة عنهم‪ ،‬م� م�شدر هذه الهيئة التي اأنتم‬
‫عليه�؟ اأرهب ٌة اأم رغبة؟ ثق ب�أين �شديد احلر�س‬
‫على معونتكم‪ .‬فقد اأكون خليق ً� ب�لغلظة والق�شوة‬
‫اإن مل مي�ش�شني الإ�شف�ق عليكم مم� ت�شيقون به‬
‫وت�شكون منه‪.‬‬
‫�لكاهن – اأي ملك وطني اأويديبو�س! اأترى‬
‫اإلين� كيف اجتمعن� هن� حول مذبح الق�رش‪ ،‬اأترى‬
‫اإىل اأعم�رن�‪ ،‬من� من ل يزال �شعيف ً� مل ي�شب‪ ،‬ومل‬
‫ي�شتطع اأن يبعد عن املدينة‪ ،‬ومن� من ثقلت به‬
‫ال�شن فهو ل ي�شتطيع انتق�لً‪ ،‬ومن� كهنة زو�س‬
‫اأمث�يل‪ ،‬ومن� هوؤلء �شفوة ال�شب�ب و�ش�ئر ال�شعب‬
‫قد اتخذوا اأك�ليل من الغ�ر‪ ،‬واأح�طوا مبعبد‬
‫بال�س قريب ً� من الرم�د املقد�س ملوقد اأبولون‪.‬‬
‫هذه ثيبة «طيبة» كم� ترى تهز ه ًّزا عنيف�ً‪ ،‬وقد‬
‫ا�شطرت اإىل هوة عميقة‪ ،‬فهي ل ت�شتطيع اأن‬
‫‪6‬‬
‫م�ذا ي�شنع؟ لقد جت�وزت غيب ُته م� كنت اأق ّدر له�‬
‫علي اأن اأم�شي كل‬
‫من الوقت‪ .‬ولكن اإذا ع�د فحق ّ‬
‫ق�رش ُت يف بع�س‬
‫م� ي�أمر به الإله واأن� اآثم اإن ّ‬
‫ذلك‪.‬‬
‫�لكاهن – ح ًّق� لقد تكلمت يف الوقت املالئم‬
‫فهوؤلء ينبئونني مبقدم كريون‪.‬‬
‫(يرى كري�ن مقب ًال من �سمال �مل�رصح وعلى ر�أ�سه تاج)‬
‫�أويديب��س – اإي اأبولون اإيذن يف اأن يكون‬
‫م� يحمل اإلين� من اأمرك م�رشق ً� كهذا الإ�رشاق‬
‫الذي يرى على وجهك‪.‬‬
‫يل اأن اأخب�راً �ش�رة واإل‬
‫�لكاهن – نعم يخيل اإ ّ‬
‫مل� اأقبل مبتهج ً� قد توج راأ�شه ب�إكليل الغ�ر‪.‬‬
‫�أويديب��س – �شنعلم جلية ذلك ف�إنه قد �ش�ر‬
‫قريب ً� من� – اأيه� الأمري ي� ابن مني�شيو�س‪ ،‬اأي‬
‫جواب حتمل اإلين� من الإله؟‬
‫كري�ن – جواب ميمون ف�إين اأرى اأن الأحداث‬
‫ال�شيئة نف�شه� خري اإذا ك�نت ع�قبته� خرياً‪.‬‬
‫�أويديب��س – ولكن م�ذا ك�ن جواب الإله‬
‫ف�إن كالمك ل يذيع يف قلبي ثقة ول خوف�ً‪.‬‬
‫كري�ن (م�سري�ً �إىل �أهل �ملدينة �جلاثني) – اإن‬
‫�شئت اأن ت�شمع يل اأم�مهم تكلمت كم� اأين اأ�شتطيع‬
‫اأن ننتظر حتى ندخل الق�رش‪.‬‬
‫�أويديب��س – تكلم اأم�مهم جميع�ً‪ ،‬اإن اآلمهم‬
‫علي‪ ،‬واإن الأمر لأخطر من اأن مي�شني‬
‫لتثقل ّ‬
‫وحدي‪.‬‬
‫كري�ن – �ش�أقول اإذاً م� �شمعته من فم الإله‪.‬‬
‫اإن امللك اأبولون ي�أمرن� اأن ننقذ هذا الوطن من‬
‫رج�س اأمل به‪ ،‬واأل ن�شمح لهذا الرج�س ب�أن يبقى‬
‫حتى ينمو وي�شبح �شف�وؤه ع�شرياً‪.‬‬
‫�أويديب��س – ب�أي نوع من اأنواع الطهر؟‬
‫واإىل اأي نوع من اأنواع ال�رش ي�شري الإله؟‬
‫كري�ن – اأم� الطهر ف�أن ننفي جمرم ً� واأن‬
‫نقت�س من الق�تل ب�لقتل ف�إن الإجرام والقتل‬
‫هم� اأ�شل ال�رش يف ثيبة «طيبة» ‪.‬‬
‫�أويديب��س – عن اأي قتيل يتحدث الإله؟‬
‫كري�ن – اأيه� امللك لقد حكم هذه املدينة‬
‫ليو�س قبل اأن ي�شري اأمره� اإليك‪.‬‬
‫�أويديب��س – اأعرف ذلك اأنبئت به ولكني مل‬
‫اأر هذا امللك فقط‪.‬‬
‫كري�ن – اأم� وقد قتل ف�إن الإله ي�أمر بعق�ب‬
‫ق�تليه مهم� يكونوا‪.‬‬
‫�أويديب��س – اأين هم؟ كيف نق�س اآث�ر هذه‬
‫اجلرمية القدمية؟‬
‫كري�ن – ق�ل الإله اإنهم يف هذا الوطن‪ ،‬من‬
‫بحث عن �شيء وجده‪ ،‬ومن اأهمل �شيئ ً� اأفلت من‬
‫َ‬
‫يده‪.‬‬
‫(�أويديب��س يفكر قلي ًال)‬
‫�أويديب��س – اأَ ُقتِلَ امللك يف ق�رش ِه اأم قُتل‬
‫يف احلقول اأم قُتل يف اأر�س غريبة؟‬
‫كري�ن – اأعلن اأنه يريد اأن ي�شت�شري الآلهة‬
‫فخرج من املدينة ثم مل يعد اإليه�‪.‬‬
‫�أويديب��س – اأمل ينبئكم ر�شول من ر�شله‬
‫اأو رفيق من رف�قه ب�أنه راأى م� يفيدكم اأن‬
‫تعرفوه؟‬
‫كري�ن – قُتل رف�قه جميع ً� مل ينج منهم اإل‬
‫ففر ومل‬
‫رجل واحد ولكن اخلوف ملك عليه اأمره َّ‬
‫يقل اإل �شيئ ً� واحداً‪.‬‬
‫�أويديب��س – اأي �شيء؟ اإن اأي�رش الأمر اإذا‬
‫عرف ك�ن خليق ً� اأن يدل على اأعظمه‪.‬‬
‫كري�ن – ق�ل‪ :‬اإن جم�عة من قط�ع الطريق‬
‫لقوا امللك فقتلوه‪ ،‬مل يقتله واحد واإمن� قتلته‬
‫جم�عة‪.‬‬
‫�أويديب��س – كيف ميكن للق�تل اأن يقدم‬
‫على عمل جريء كهذا اإذا مل يكن قد دبر اأمره هن�‬
‫رغبة يف امل�ل؟‬
‫كري�ن – خطر لن� هذا اخل�طر ولكن‬
‫امل�ش�ئب تت�بعت علين� بعد موت امللك فلم يفكر‬
‫اأحد يف اأن يقت�س له‪.‬‬
‫�أويديب��س – واأي خطب منعكم من التفكري‬
‫تعرف الأمر بعد اأن زال �شلط�ن امللك‪.‬‬
‫يف ّ‬
‫كري�ن – ذلك احليوان‪ ،‬وم� ك�ن يلقى من‬
‫الألغ�ز ا�شطرن� اإىل اأن نعر�س عن �شيء م�شكوك‬
‫فيه لن�شغل ب�أمر كن� ن�شهده ونراه ب�أعينن�‪.‬‬
‫�أويديب��س – اإذن ف�ش�أرجع ب�لأمر اإىل اأ�شله‬
‫حتى اأر ّده اإىل اجلالء‪ .‬خليق ب�أبولون‪ ،‬وخليق‬
‫بك‪ ،‬اأن تعني� بهذا الأمر اخلطري‪ .‬ومن اأجل هذا‬
‫�شرتي�نني ج� ًّدا يف معونتكم� حتى اأث�أر لهذا‬
‫البلد ولالآلهة اأنف�شهم‪ .‬لن اأحمو هذا الرج�س اإيث�راً‬
‫لأ�شدق�ء بعداء بل اإيث�راً لنف�شي‪ .‬اأي الن��س‬
‫علي ب�ل�رش‬
‫قتل امللك فهو خليق اأن يب�شط يده ّ‬
‫نف�شه‪ .‬ف�أن� حني اأعينكم اإمن� اأوثر نف�شي ب�خلري‪.‬‬
‫هلم اإذن ي� اأبن�ئي قوموا عن هذا الدرج وخذوا‬
‫ّ‬
‫اأغ�ش�نكم هذه التي تتو�شلون به� �ش�رعني‪،‬‬
‫وليدع اإىل الجتم�ع هن� �شيوخ ك�دمو�س فلن‬
‫ُ‬
‫لنبلغن مبعونة‬
‫اأُهمل �شيئ ً� ولن اأُحجم عن �شيء‪،‬‬
‫َّ‬
‫الآلهة م� نريد من ال�شع�دة جهرة مب�شهد من‬
‫لنهوين اإىل الق�ع‪.‬‬
‫الن��س جميع ً� اأو‬
‫َّ‬
‫�لكاهن – هلم ي� بني‪ .‬ف�إمن� جئن� هن�‬
‫لنلتم�س منه م� هو اآخذ فيه الآن‪ .‬فلعل اأبولون‬
‫الذي اأر�شل اإلين� وحيه اأن ي�رشع اإىل معونتن�‬
‫لريفع عن� هذا الوب�ء‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫عدد ‪143‬‬
‫‪ 7‬متوز ‪2010‬‬
‫(يخرج �أويديب��س وكري�ن وكاهن زو�س و�ل�سعب‬
‫ثم تقبل �جل�قة م�ؤلفة من خم�سة ع�رص من �أ�رص�ف‬
‫ثيبة«طيبة»)‬
‫�جل�قة (يف �سعة وح�سن ت�قيع) – اأيته� الكلمة‬
‫احللوة كلمة زو�س م�ذا حتملني من دلف الغنية‬
‫مب� فيه� من ذهب اإىل ثيبة«طيبة» ذات ال�شوت‬
‫البعيد؟ اإن قلبي ليملوؤه الإ�شف�ق‪ ،‬اإين لأرتعد من‬
‫اخلوف اأي اأبولون �ش�يف العلل! اإله ديلو�س حني‬
‫اأ�ش�أل نف�شي عم� ا ّدخرت يل من غيب الق�ش�ء الآن‬
‫اأو فيم� ي�شتقبل من الزم�ن‪ .‬اأَنبئني بهذا ال�رش ي�‬
‫ابن الأمل الذهبي الالمع‪ .‬اأيه� ال�شوت اخل�لد‪.‬‬
‫اإين لأبد أا بدع�ئكِ ي� ابنة زو�س‪ ،‬اإين لأ�ش�لكِ اأي‬
‫اأَتين� اخل�لدة كم� اأ�ش�أل اأختك اآلهة هذا البلد اأرمتي�س‬
‫هذه التي جتل�س على عر�س جميد يف امليدان‬
‫امل�شتدير‪ ،‬واأ�ش�أل اأبولون الذي يرمي �شه�مه فيبعد‬
‫علي واأن تعينوين‬
‫املرمى‪ ،‬اأ�ش�ألكم جميع ً� اأن تقبلوا ّ‬
‫اإن كنتم قد رددمت عن املدينة ن�ر ال�شق�ء الذي‬
‫ك�ن يحيق به� قدمي ً� ف�أقبلوا اليوم‪.‬‬
‫(يف حدة)‬
‫واح�رشت�ه! اإين لأحتمل اآلم ً� ل حت�شى‪ .‬لقد‬
‫�رشت العدوى يف ال�شعب كله‪ ،‬وعجز العقل عن‬
‫اأن يخرتع �شالح ً� يذود به عن اإن�ش�ن‪ ،‬لقد جمدت‬
‫دت الأمه�ت‬
‫وهم ِ‬
‫ثمرات الأر�س فهي ل تنمو‪َ ،‬‬
‫مراقدهن قد اأحلت عليهن اآلم‬
‫فهن ل ينه�شن من‬
‫َ‬
‫الو�شع‪ ،‬وجعل املوت ُير�شل �شح�ي�ه متت�بعة‬
‫يف �رشعة الن�ر التي ل ترد اإىل اآلهة اجلحيم‪.‬‬
‫وجعلت املدينة وقد فقدت اأبن�ءه� بغري‬
‫ويلح عليه� الدم�ر يف غري رحمة‬
‫ح�ش�ب تهلك ُّ‬
‫ول رفق‪ .‬وهذه اجلثث جمندلة على الأر�س ل جتد‬
‫من يبكيه� وهي تن�رش العدوى يف املدينة ن�رشاً‪،‬‬
‫وهوؤلء الأزواج وهوؤلء الأمه�ت ذوات ال�شعر‬
‫حطن ب�ملعبد من كل وجه‪ ،‬واأقمن‬
‫الن��شع قد اأَ َ‬
‫على َدرج ِه ب�كي�ت �ش�كي�ت ب�عث�ت اأنين�ً‪،‬‬
‫م�لئ�ت به الف�ش�ء‪� ،‬ش�رع�ت اإىل الآلهة يف اأن‬
‫ت�شع ح ًّدا لهذا ال�شق�ء‪ ،‬وهذا ن�شيد الدع�ء يندفع‬
‫ممزوج ً� ب�لعويل‪ .‬من اأجل هذا كله ن�رشع اإليك‬
‫ي� ابنة زو�س يف اأن متنحين� معونتك الب��شمة‬
‫يف حدة وعنف‪.‬‬
‫اأعينين� على اآر�س هذا الذي ي�شليني ن�ره‬
‫يف غري حرب‪ ،‬وبني ال�شك�ة والبك�ء حوليه عن�‬
‫(‪)2‬‬
‫اإىل ذلك ال�رشير الرحب اله�دئ �رشير انفيرتيت‬
‫اأو اإىل ذلك البحر امل�شطرب اخلطر املهلك يف‬
‫«تراقي�» فقد األح علين� هذا الإله ب�رشه حتى اإن‬
‫النه�ر ليفنى م� حفظ الليل‪ .‬اأي زو�س اإله القوة‬
‫ومدبر الربق اخل�طف اأ�شحقه‪ ،‬هذا الإله الذي ل‬
‫ط�قة يل به ول �شرب يل عليه‪.‬‬
‫اأعلن اإليكم اأيه� املواطنون اأين اآمر اأيكم عرف‬
‫ق�تل ليو�س بن لبدكو�س ب�أن يدلني عليه‪ ،‬حتى‬
‫واإن اأ�شفق من ذلك حتى واإن ك�ن هو الق�تل‪،‬‬
‫ف�إن اأق�شى م� يتعر�س له اإن دلَّ على نف�شه‬
‫اإمن� هو اأن ينفى من الأر�س دون اأن تتعر�س‬
‫حي�ته خلطر‪ .‬واأيكم عرف اأن الق�تل لي�س من‬
‫اأهل املدينة فلينبئني بذلك ف�شين�ل مك�ف�أته‬
‫و�شيظفر ب�شكري‪ ،‬ولكن اإذا اآثرمت ال�شمت اأو‬
‫اأخفى اأحد منكم الق�تل اإيث�راً له و�ش ًّن� مبودته‬
‫ف�إليكم م� ينبغي اأن تنتظروا مني‪ .‬اإين اأحظر‬
‫على اأهل هذه املدينة التي اأن� �ش�حب العر�س‬
‫وال�شلط�ن فيه� اأن ي�شتقبلوا هذا الرجل ك�ئن ً� من‬
‫يكون‪ ،‬اأو اأن ي�شوقوا اإليه حديث ً� اأو اأن ي�رشكوه‬
‫يف �شلواتهم وت�شحي�تهم اأو اأن يق��شموه امل�ء‬
‫املقد�س‪ .‬يجب اأن يردوه جميع ً� عن بيوتهم‪،‬‬
‫ف�إنه رج�س ب�لقي��س اإىل املدينة كله�‪ ،‬قد اأنب�أن�‬
‫بذلك وحي الإله‪ .‬كذلك اأريد اأن اأنفذ اأمر الآلهة‬
‫واأن اأث�أر للملك املقتول‪ .‬واإين لأمتنى ملقرتف‬
‫هذا الإثم �شواء اأك�ن فرداً اأم جم�عة عي�ش ً� ملوؤه‬
‫الوحدة والذلة بعيداً عن اأر�س وطنه‪ .‬كم� اأمتنى‬
‫اأن تلح عليه هذه اللعن�ت التي اأر�شلته� حتى ولو‬
‫ك�ن من اأهل بيتي ي�ش�ركني يف العي�س على غري‬
‫علم مني‪ .‬اإين اآمركم اأن تنفذوا هذا كله لرت�شوين‬
‫ولرت�شوا الآلهة ولرت�شوا هذا الوطن الذي يهلكه‬
‫اجلدب وان�رشاف الآلهة عنه‪ .‬فقد ك�ن من احلق‬
‫اأي اأبولون م� اأ�شد حر�شي على اأن ت�شد‬
‫قو�شك الذهبية فرت�شل منه� �شه�مك ال�ش�ئبة‬
‫لتعينني وحتميني‪ ،‬وم� اأ�شد حر�شي على اأن‬
‫تعينني اأرمتي�س مب�ش�عِ له� امل�شطرمة اأي�ش ً�‬
‫التي تطوف به� يف جبل لوك�يو�س‪ ،‬كذلك اأدعو‬
‫الإله ذا القلن�شوة الذهبية الذي ينت�شب اإىل هذه‬
‫املدينة‪ .‬اأدعو ب�كو�س ذا الوجه الأرجواين اإله‬
‫ال�شيح�ت املرحة متو�ش ًال اإليه يف اأن ي�رشع‬
‫اإلين� غري متبوع ومعه م�شعله امل�شطرم ليعنن�‬
‫على اآر�س ذلك الإله البغي�س الذي ينفرد من‬
‫بني الآلهة ب�ن�رشاف الن��س عنه واإعرا�شهم عن‬
‫عب�دته‪.‬‬
‫(يخرج اأويديبو�س يف اأثن�ء القطعة الأخرية‬
‫من الغن�ء)‬
‫�أويديب��س (لرئي�س �جل�قة) – اإنك لت�رشع اإىل‬
‫الآلهة‪ ،‬واإمن� دع�وؤك يف اأن يحموك ويعينوك‪،‬‬
‫ويردوا عنك ال�رش م�شتج�ب اإن ا�شتمعت يل‬
‫واأجريت اأمرك و�شريتك كم� تق�شي �رشورة‬
‫ال�رش الذي ن�شقى به‪� .‬ش�أحتدث اإليك مب� اأريد دون‬
‫اأن اأعرف �شيئ ً� عن ق�شة القتل‪ ،‬دون اأن اأعرف‬
‫�شيئ ً� عن الق�تل نف�شه‪ .‬ف�إين ل اأ�شتطيع وحدي‬
‫اأن اأقت�س اآث�ر املجرم اإذا مل تعينوين ب�شيء من‬
‫الإر�ش�د‪ ،‬اإنكم لتعلمون اأين مل اأ�شبح مواطن ً�‬
‫لكم اإل بعد اأن وقعت احل�دثة ف��شمعوا يل‪ .‬ف�إين‬
‫‪8‬‬
‫عليكم اأن تطهروا املدينة وتع�قبوا املجرم ولو‬
‫مل ي�أمركم الآلهة بذلك‪ ،‬ف�إن ملككم املقتول قد‬
‫ك�ن رج ًال خرياً كرمي�ً‪ .‬قد ك�ن يجب عليكم اأن‬
‫يل �شلط�ن‬
‫تبحثوا وت�شتق�شوا‪ .‬ف�أم� الآن وقد اآل اإ ّ‬
‫يل �رشيره واأ�شبحت‬
‫امللك الذي ك�ن قبلي واآل اإ ّ‬
‫امراأته يل زوج ً� وك�د اأبن�وؤن� يكون اإخوة لو مل‬
‫ي�شب يف ذريته‪ .‬الآن اأدافع عنه كم� لو ك�ن‬
‫اأبي واأ�شلك كل �شبيل اإىل اكت�ش�ف الق�تل لبن‬
‫لبدكو�س �شليل بوليدور وك�دمو�س واأجنور‪ .‬واإين‬
‫لأمتنى على الآلهة اأن ينزلوا غ�شبهم على الذين‬
‫يخ�لفون عن اأمري فال تنبت لهم اأر�شهم الزرع‬
‫ول تلد لهم ن�ش�وؤهم البنني‪ ،‬واإمن� يلم بهم من‬
‫ال�شق�ء مثل م� يلم بن� اأو اأ�شد ثقال‪ .‬اأم� اأنتم ي�‬
‫اأبن�ء كدمو�س اأنتم الذين يطيعونني وي�شمعون‬
‫يل ف�إين اأمتنى اأن يكون العدل لكم حليف ً� وعون�ً‪.‬‬
‫رئي�س �جل�قة – �ش�أتكلم اأيه� امللك لأن هذه‬
‫اللعن�ت التي تر�شله� ت�شطرين اإىل الكالم‪ .‬مل اأقتل‬
‫ول اأ�شتطيع اأن اأدل على الق�تل‪ .‬فقد ك�ن ح ًّق�‬
‫على اأبولون الذي ي�أمرن� ب�لبحث وال�شتق�ش�ء‬
‫اأن يدلن� على املجرم‪.‬‬
‫�أويديب��س – اإنك لتقول احلق ولكن لي�س‬
‫لأحد اأن يكره الآلهة على م� ل تريد‪.‬‬
‫رئي�س �جل�قة – اأاأ�شيف اإىل م� قيل �شيئ ً�‬
‫ث�ني�ً؟‬
‫�أويديب��س – بل اإن ك�ن عندك �شيء ث�لث‬
‫يحدثون مثل هذه الثورة اأي�ش ً� ولكنك تلومني‬
‫وحدي‪.‬‬
‫�أويديب��س – من ذا الذي ل يثور حني ي�شمع‬
‫هذا الكالم الذي تهني به املدينة كله�‪.‬‬
‫تري�سيا�س – �شتتك�شف الأحداث عن نف�شه�‬
‫على رغم هذا ال�شمت الذي اأ�شرته� به‪.‬‬
‫�أويديب��س – واإذن ف�خلري يف اأن تنبئني‬
‫مب� ل بد من وقوعه‪.‬‬
‫تري�سيا�س – لن اأزيد على هذا �شيئ�ً‪،‬‬
‫ف�إن �شئت ف�أ�شلم نف�شك اإىل اأ�شد الغ�شب ق�شوة‬
‫وعنف�ً‪.‬‬
‫�أويديب��س – اإذن فلن اأخفي مم� يف نف�شي‬
‫�شيئ ً� م� دام الغ�شب مل ي�شكت عني‪ .‬تعلم اأين‬
‫اأتهمك ب�أنك ا�شرتكت يف اجلرمية‪ ،‬دبرته� وهي�أت‬
‫له�‪ ،‬ومل ترباأ منه� اإل يدك‪ .‬ولو اأنك كنت ب�شرياً‬
‫مل� ترددت يف اأن اأوؤكد اأنك وحدك الق�تل‪.‬‬
‫تري�سيا�س – اأحق هذا؟ اإين اإذن اأكلفك اأن‬
‫تنفذ الأمر الذي اأ�شدرته‪ ،‬واأل تتحدث منذ اليوم‬
‫يل ول اإىل هوؤلء‪ ،‬ف�أنت الرج�س الذي‬
‫اإىل اأحد ل اإ ّ‬
‫يدن�س املدينة‪.‬‬
‫�أويديب��س – اأيبلغ بك فقدان احلي�ء اأن‬
‫تنطق مبثل هذا الكالم؟ واأين ت�شتطيع اأن ت�شع‬
‫نف�شك مب�أمن مم� ت�شتحق من العق�ب؟‬
‫تري�سيا�س – لقد ق�شى الأمر‪ ،‬اإين اأحتفظ يف‬
‫نف�شي ب�حلقيقة التي ل حد لقوته�‪.‬‬
‫�أويديب��س – من اأنب�أك بهذه احلقيقة؟ مل‬
‫ينبئك به� فنك‪.‬‬
‫تري�سيا�س – اأنت‪ ،‬اأنت اأكرهتني على اأن‬
‫اأتكلم‪.‬‬
‫�أويديب��س – م�ذا تقول؟ اأعد لأفهم خرياً مم�‬
‫فهمت‪.‬‬
‫تري�سيا�س – اأمل تفهم لأول ولهة اأم تريد اأن‬
‫حتملني على الكالم لي�س غري؟‬
‫�أويديب��س – مل اأفهم يف و�شوح هلم اأعد‪.‬‬
‫تري�سيا�س – اأوؤكد اأنك ق�تل هذا الرجل الذي‬
‫تبحث عمن اأورده املوت‪.‬‬
‫�أويديب��س – اآه‪ ،‬ولكنك لن تعيد هذا احلديث‬
‫مرة اأخرى‪.‬‬
‫تري�سيا�س – اأتريد اأن اأتكلم اأي�ش ً� لأزيد‬
‫غ�شبك‪.‬‬
‫�أويديب��س – قل م� �شئت ف�إن حديثك ل اأثر‬
‫له‪.‬‬
‫تري�سيا�س – اأزعم اأنك تعي�س على غري علم‬
‫عي�شة اخلزي مع اأقرب الن��س اإليك واأدن�هم‬
‫منك‪.‬‬
‫�أويديب��س – اأتظن اأنك �شتحمد ع�قبة‬
‫كالمك هذا؟‬
‫(يدخل �لكاهن تري�سيا�س بني خادمني من خد�م‬
‫�مللك وه� �سيخ �رصير قد �أخذ بيده قائده �ل�سبي)‬
‫فال تتحرج من اإ�ش�فته‪.‬‬
‫رئي�س �جل�قة – اإين اأعرف اإن�ش�ن ً� ملك ً�‬
‫يخرتق راأيه حجب الغيب ويرى م� وراءه� كم�‬
‫يراه� اأبولون نف�شه وهو تري�شي��س ف�إذا �ش�ألته‬
‫اأيه� امللك ف�شينبئك �ش�دق ً� بكل م� ك�ن‪.‬‬
‫�أويديب��س – مل اأهمل هذه اخلطة‪ ،‬لقد‬
‫ا�شتمعت مل�شورة كريون واأر�شلت خ�دمني‬
‫يدعوانه اإيلّ‪ ،‬واإين لده�س لت�أخره اإىل الآن‪.‬‬
‫رئي�س �جل�قة – اأكرب الظن اأن الأنب�ء التي‬
‫تطريه� الإ�ش�ع�ت ب�طل وغرور‪.‬‬
‫عني بكل م�‬
‫�أويديب��س – اأي اأنب�ء؟ اإين َم ّ‬
‫يق�ل‪.‬‬
‫رئي�س �جل�قة – زعموا اأن ليو�س قد قتل‬
‫ب�أيدي قوم م�ش�فرين‪.‬‬
‫�أويديب��س – �شمعت ذلك اأي�ش�ً‪ ،‬ولكن اأحداً‬
‫مل يلق من �شهد الواقعة بنف�شه‪.‬‬
‫رئي�س �جل�قة – اإذا ك�ن املجرم عر�شة‬
‫للخوف ولو قليال فلن ي�شتطيع اأن يخفي نف�شه‬
‫اإذا �شمعت مب� ا�شتنزلت من اللعن�ت‪.‬‬
‫�أويديب��س – اإن من مل يخف عمل ال�شوء ل‬
‫ي�شفق من الكالم‪.‬‬
‫رئي�س �جل�قة – هذا هو الذي �شيدلن� عليه‪،‬‬
‫اإن هوؤلء الن��س يقودون الك�هن الذي تلهمه‬
‫الآلهة والذي ي�شتطيع وحده اأن ينبئن� ب�خلرب‬
‫اليقني‪.‬‬
‫�أويديب��س – اأي تري�شي��س‪ ،‬اأنت الذي يظهر‬
‫على كل �شيء‪ ،‬على م� ميكن اأن يعلم وم� ينبغي‬
‫اأن يخفى‪ ،‬على اآي�ت ال�شم�ء وعالم�ت الأر�س‪.‬‬
‫اإنك لتعرف ال�رش الذي ت�شقى به املدينة‪ ،‬اإن� نريد‬
‫اأن ندفعه عنه�‪ ،‬اإن� نريد اأن ننقذه� اأيه� امللك(‪،)3‬‬
‫فال جند اإىل ذلك �شبيال غريك‪ ،‬يجب اأن تعلم اإن‬
‫مل يكن ر�شولي قد اأنب�آك اأن اأبولون قد اأج�بن�‬
‫ب�أن خال�شن� من هذا الوب�ء رهني ب�أن ن�شتك�شف‬
‫ق�تل ليو�س فنقتله اأو ننفيه من الأر�س‪ .‬فقد اآن‬
‫لك األ تبخل مب� توحيه اإليك الطري من العلم ومب�‬
‫تلقيه يف نف�شك الآي�ت املختلفة من املعرفة‪.‬‬
‫اأنقذ املدينة‪ ،‬اأنقذ نف�شك‪ ،‬اأنقذين اأن� اأي�ش�ً‪ ،‬ارفع‬
‫عن� كل رج�س‪ .‬اإن اأمرن� كله اإليك‪ ،‬واإن الرجل‬
‫القوي ح ًّق� هو الذي ي�شتطيع اأن ينفع الن��س‬
‫حني تت�ح له و�ش�ئل النفع‪.‬‬
‫تري�سيا�س – وااأ�شف�ه اإن العلم لعظيم‬
‫ال�رشر اإذا مل َينفع اأ�شح�به‪ .‬لقد كنت اأعرف ذلك‬
‫ثم اأن�شيته‪ ،‬ولول هذا مل� اأقبلت اإىل هذا املك�ن‪.‬‬
‫�أويديب��س – م�ذا! اإين لأراك حمزون ً� ف�تر‬
‫الهمة‪ ،‬م�شت�شلم ً� للي�أ�س‪.‬‬
‫تري�سيا�س – ردين اإىل بيتي و�شدقني فهذا‬
‫خري لك ويل‪.‬‬
‫�أويديب��س – هذا كالم ل حظّ له من العدل‬
‫ول مك�ن فيه للرحمة واحلب لهذه املدينة التي‬
‫غذتك ورعتك واأنت تبخل عليه� الآن ب�جلواب‪.‬‬
‫تري�سيا�س – ذلك لأين اأعلم اأن �شوؤالك هذا‬
‫ل يالئم منفعتك‪ ،‬واإذن فتجنب ً� لل�رش واإيث�راً‬
‫للع�فية‪.‬‬
‫�أويديب��س – بحق الآلهة ل تعر�س عن�‬
‫اأنبئن� مب� تعلم‪ ،‬ه� نحن اأولء جميع ً� نتو�شل‬
‫اإليك �ش�رعني‪.‬‬
‫تري�سيا�س – ذلك لأنكم جميع ً� حمقى‪ ،‬اأم�‬
‫اأن� فلن اأعلن م�ش�ئبي واأحزاين‪ ،‬بل م�ش�ئبك اأنت‬
‫واأحزانك‪.‬‬
‫�أويديب��س – م�ذا تقول؟! اإنك تعرف احلق‬
‫ثم ل تعلنه! اأنت تفكر يف اأن تخونن� وتهلك‬
‫املدينة!‬
‫تري�سيا�س – ل اأريد اأن اأوذيك ول اأن اأوذي‬
‫نف�شي‪ .‬مل�ذا ت�ش�ألني يف غري ط�ئل؟ لن تظفر‬
‫مني ب�شيء‪.‬‬
‫�أويديب��س – م�ذا؟ ي� اأ�شد الن��س �شعة‬
‫واأجدرهم ب�ملقت اإنك لتثري قلب ال�شخر األ تريد‬
‫ترق ول تلني؟‬
‫اأن تتكلم؟ اأتلبث مك�نك ج�مداً ل ُّ‬
‫تري�سيا�س – اإنك لت�أخذين مب� اأحدث يف‬
‫نف�شك من ثورة‪ .‬اإنك ل ترى اأن الذين ي�ش�كنونك‬
‫‪9‬‬
‫قوي�‪.‬‬
‫تري�سيا�س – نعم اإن ك�ن احلق ًّ‬
‫�أويديب��س – اإن احلق قوي اإل ب�لقي��س‬
‫اإليك‪ .‬ف�إنه يف فمك �شعيف‪ ،‬لقد اأغلق �شمعك‬
‫وب�رشك‪ ،‬وعقلك‪.‬‬
‫تري�سيا�س – اأنت اأيه� ال�شقي ت�شفني بذلك‬
‫الذي �شي�شفك به الن��س جميع ً� عم� قليل‪.‬‬
‫�أويديب��س – اأنت ل تعي�س اإل من الظلمة‪ ،‬لن‬
‫ت�شتطيع اأن ت�شوءين‪ ،‬ول اأن ت�شوء اأحداً من الذين‬
‫يرون ال�شوء‪.‬‬
‫تري�سيا�س – مل يق�س عليك ب�أن تقع النقمة‬
‫عليك من يدي‪ .‬اإمن� ينه�س بذلك اأبولون وهو‬
‫عليه ق�در‪.‬‬
‫�أويديب��س – اإمن� هذا تدبريك وتدبري‬
‫كريون‪.‬‬
‫تري�سيا�س – لي�س كريون م�شدر �رش لك‬
‫واإمن� اأنت م�شدر ال�رش لنف�شك‪.‬‬
‫�أويديب��س – اأيته� الرثوة‪ ،‬اأيه� ال�شلط�ن‪ ،‬اأي‬
‫تفوق الفن‪ ،‬اأي ح�شد تثريين يف النفو�س ب�لقي��س‬
‫اإىل الرجل الب�رز الذي يلحظه الن��س‪ .‬هذا كريون‬
‫يل ثيبة «طيبة»‬
‫قد اأحفظه ال�شلط�ن الذي اأهدته اإ ّ‬
‫دون اأن اأطلبه اإليه�‪ ،‬ف�إذا هو ين�شل من حتتي‬
‫يريد اأن ي�شقطني ويث َّل عر�شي م�شتعين ً� على ذلك‬
‫بهذا ال�ش�حر‪ ،‬بهذا امل�كر‪ ،‬بهذا امل�شعوذ اخل�ئن‪،‬‬
‫الذي ل يرى اإل امل�ل والذي هو اأعمى يف فنه‪،‬‬
‫واإل ف�أنبئني متى كنت ك�هن ً� ب�شرياً‪ :‬م� ب�لك‬
‫حني ك�نت تلك الكلبة تلقي عليك األغ�زه� مل تلق‬
‫كلمة لتنقذ اأهل هذه املدينة؟ فلم يكن تف�شري ذلك‬
‫اللغز لأول ط�رق على املدينة‪ ،‬واإمن� ك�ن خليق ً�‬
‫بكه�نة الكه�ن‪ .‬لقد ظهر حينئذ األ حظَّ لك من‬
‫علم تلقيه يف نف�شك الطري‪ ،‬اأو توحيه اإليك الآلهة‪.‬‬
‫واأقبلت اأن� الذي مل يكن يعلم �شيئ ً� ف��شطررت‬
‫تلك الكلبة اإىل ال�شمت‪ .‬األهمني عقلي ذلك اجلواب‬
‫يل الطري‪ .‬اأم� الآن ف�أنت حت�ول ردي‬
‫مل توحه اإ َّ‬
‫عن ال�شلط�ن‪ ،‬تريد اأن جتل�س اإىل ج�نب عر�س‬
‫كريون‪ .‬وم� اأرى اإل اأنك �شتدفع مع �رشيكك ثمن ً�‬
‫ف�ن لعرفت‬
‫غ�لي ً� لتطهري املدينة‪ .‬ولول اأنك �شيخ ٍ‬
‫كيف اأردك اإىل العقل واأحولك عن اخلي�نة‪.‬‬
‫رئي�س �جل�قة – اأرى اأن الغ�شب هو الذي‬
‫اأنطق تري�شي��س وهو الذي اأنطقك اأنت اأي�ش�ً‪.‬‬
‫ول�شن� يف ح�جة اإىل اخل�شومة واإمن� نحن يف‬
‫ح�جة اإىل اأن نتبني كيف ننفذ اأمر الآلهة‪.‬‬
‫تري�سيا�س – مهم� تكن ملك ً� ف�إن يل اأن‬
‫اأحتدث اإليك كم� يتحدث الند اإىل نده‪ ،‬هذا حقي‪.‬‬
‫ل�شت عبدك اإمن� اأدين ب�لط�عة لأبولون ولن‬
‫اأكون موىل لكريون يف يوم من الأي�م‪ .‬فالأقل لك‬
‫يف �رشاحة اإذن م� دمت تعريين فقدان الب�رش‬
‫اأن عينيك مفتوحت�ن لل�شوء‪ ،‬ولكنك ل ترى م�‬
‫عدد ‪143‬‬
‫‪ 7‬متوز ‪2010‬‬
‫اأنت فيه من �رش ول م� اتخذت لنف�شك من منزل‪،‬‬
‫ول من تع��رش من الن��س‪ .‬اأتعرف ممن ولدت؟‬
‫اإنك جتهل اأنك بغي�س اإىل اأ�رشتك يف الدني� ويف‬
‫دار املوتى و�شت�شيبك اللعنة من اأبيك واأمك يف‬
‫يوم واحد فتخرجك عن اأر�س الأمن والطم�أنينة‪.‬‬
‫اإنك لرتى ال�شوء الآن ولكنك عم� قليل �شتعي�س‬
‫يف ظلمة الليل‪� ،‬شتهيم ب�شك�تك يف كل مك�ن‪.‬‬
‫�شرت ّدد اجلب�ل كله� اأ�شداء �شي�حك حني تعلم‬
‫َو ُ‬
‫هذا الزواج التع�س الذي انتهيت اإليك يف بيتك‬
‫الب�ئ�س بعد �شفر �شعيد‪ .‬اإنك جتهل اأي�ش ً� هذه‬
‫ال�رشور الكثرية التي حتيط بك‪ ،‬والتي �شرتدك‬
‫اإىل مو�شعك الذي ينبغي لك‪ ،‬وجتعلك موا�شي ً�‬
‫يف ويف‬
‫لأبن�ئك‪ .‬والآن ت�شتطيع اأن ت�شيء الق�لة ّ‬
‫كريون‪ .‬فلن ُت�شب امل�ش�ئب على اأحد من الن��س‬
‫كم� �شت�شب عليك‪.‬‬
‫�أويديب��س – اأمن املحتمل اأن اأ�شمع منه‬
‫مثل هذا الكالم؟ األ مت�شي م�رشع ً� اإىل الهلكة؟‬
‫األ تن�رشف عن هذا الق�رش ع�ئداً اإىل دارك؟‬
‫تري�سيا�س – لو مل تدعني مل� اأقبلت‪.‬‬
‫�أويديب��س – مل اأكن اأعلم اأنك �شتقول هذه‬
‫احلم�ق�ت‪ ،‬ولو قدرت ذلك ل�شت�أنيت يف دعوتك‬
‫اإىل ق�رشي‪.‬‬
‫تري�سيا�س – اإين لأحمق يف راأيك ولكني‬
‫كنت ع�ق ًال ور�شيداً يف راأي اأبويك اللذين منح�ك‬
‫احلي�ة‪.‬‬
‫�أويديب��س – اأي اأبوين؟ اأمتم‪ ،‬من منحني‬
‫احلي�ة؟‬
‫تري�سيا�س – اإن هذا اليوم �شيمنحك احلي�ة‬
‫واملوت‪.‬‬
‫�أويديب��س – م� اأ�شد الغمو�س والألغ�ز فيم�‬
‫تقول‪.‬‬
‫تري�سيا�س – األ�شت بطبيعتك م�هراً يف حل‬
‫الألغ�ز؟‬
‫�أويديب��س – اأه ِّني يف م�شدر عظمتي‪.‬‬
‫تري�سيا�س – ومع ذلك فهذه العظمة قد‬
‫اأهلكَتكَ ‪.‬‬
‫�أويديب��س – ولكن اإذا اأنقذت املدينة فم�‬
‫يعنيني بعد ذلك‪.‬‬
‫تري�سيا�س – �ش�أن�رشف اإذن‪ ،‬قدين اأيه�‬
‫ال�شبي‪.‬‬
‫�أويديب��س – نعم ليقدك هذا ال�شبي ف�إن‬
‫حم�رشك ي�شوءين وغيبتك تريحني‪.‬‬
‫تري�سيا�س – �ش�أن�رشف ولكني �ش�أقول قبل‬
‫ذلك فيم جئت هن� ف�إين ل اأخ�ف وجهك لأنك‬
‫ل ت�شتطيع اأن تهلكني‪ .‬واإذن ف�أن� اأعلن اإليك‬
‫اأن الرجل الذي تبحث عنه موعداً منذراً لأنه‬
‫قتل ليو�س مقيم هن� على اأنه غريب و�شيعرف‬
‫الن��س اأنه من اأهل ثيبة «طيبة» ولن ي�شتمتع‬
‫بهذا ال�شتك�ش�ف‪ ،‬اإنه يرى ولكنه �شيفقد ب�رشه‪.‬‬
‫اإنه عظيم الرثاء‪ ،‬ولكنه �شي�ش�أل القوت ليعي�س‪،‬‬
‫و�شي�شعى على قدميه اإىل منف�ه متلم�ش ً� طريقه‬
‫بع�ش�ه‪� .‬شيعلم الن��س اأنه يف الوقت نف�شه اأب‬
‫واأخ لل�شبية الذين يعي�شون معه‪ ،‬واأنه زوج وابن‬
‫للمراأة التي ولدته‪ ،‬واأنه قد اقرتن بزوج اأبيه بعد‬
‫اأن قتل اأب�ه‪ .‬اذهب اإىل ق�رشك وفكر يف هذا كله‬
‫علي الكذب فقل حينئذ اإن الكه�نة ل‬
‫ف�إذا اأثبت ّ‬
‫تعلمني �شيئ�ً‪.‬‬
‫(يدخل كري�ن وه� �سديد �لتاأثر)‬
‫كري�ن – اأيه� املواطنون لقد �شمعت اأن‬
‫يل تهم ً� خطرية‪ ،‬واإذ‬
‫�شيدن� اأويديبو�س يوجه اإ ّ‬
‫كنت ل اأ�شتطيع اأن اأحتمل ذلك فقد اأ�رشعت اإىل‬
‫هذا املك�ن‪ ،‬ف�إين ل اأ�شتطيع اأن اأعي�س مثق ًال بهذه‬
‫التهمة‪ ،‬هي اأين قد اأ�ش�أت اإليه ب�لقول اأو ب�لفعل‬
‫يف اأثن�ء هذه الآلم التي ن�شقى به� جميع�ً‪ ،‬اإنه ل‬
‫يهينني اإه�نة ي�شرية واإمن� يهينني اإه�نة ل قبل‬
‫يل به� حني يعر�شني لأن اأدعى منكم ومن اأهل‬
‫املدينة ب�خل�ئن‪.‬‬
‫رئي�س �جل�قة – لعل الذي دفعه اإىل هذه‬
‫الإه�نة اأن يكون الغ�شب ل التفكري اله�دئ‪.‬‬
‫كري�ن – م� الذي طوع لأويديبو�س اأن يظن‬
‫اأن الك�هن اإمن� اأعلن م� اأعلن من الكذب مت�أثراً‬
‫بتحري�شي له؟‬
‫رئي�س �جل�قة – لقد ق�ل ذلك‪ ،‬ولكني ل‬
‫اأدري مل�ذا‪.‬‬
‫كري�ن – اأتراه ك�ن م�شتقيم النظر م�شتقيم‬
‫التفكري حني اتهمني بذلك؟‬
‫رئي�س �جل�قة – ل اأدري ف�إين عيني ل تنقد‬
‫اأعم�ل ال�ش�دة ولكن ه� هو ذا يخرج من الق�رش‪.‬‬
‫(يخرج تري�سيا�س ويدخل �أويديب��س يف �لق�رص)‬
‫رئي�س �جل�قة (يف حدة وعنف) – من ع�شى اأن‬
‫يكون هذا الذي اأنب�أت �شخور دلف ب�أنه مقرتف‬
‫الإثم ال�شنيع بيديه الأثيمتني؟‪ ،‬لقد اآن له اأن‬
‫يندفع اإىل فرار عنيف �رشيع ك�أنه اخليل ت�شبه‬
‫يف عدوه� الزوبعة الق��شفة‪ ،‬ف�إن الذي يطلبه‬
‫هو اأبولون ابن زو�س‪ ،‬وقد اتخذ له من الن�ر‬
‫�شالح ً� وتبعته اآلهة النتق�م‪ .‬لقد انبعث من جبل‬
‫الربن��س ذلك الذي تك�شوه الثلوج �شوت عظيم‬
‫مالأ الف�ش�ء‪ ،‬ي�أمر الن��س جميع ً� ب�أن يق�شوا‬
‫اآث�ر هذا املجرم املجهول‪ ،‬اإنه ليهيم يف الغ�ب�ت‬
‫املتك�ثفة ويف ثن�ي� الأغوار وال�شخور ك�أنه‬
‫الثور اله�ئج‪ .‬اإنه ل�شقي‪ ،‬اإن عدوه التع�س ليقطع‬
‫م� بينه وبني الن��س من �شلة‪ ،‬اإنه ليح�ول اأن‬
‫يفلت من هذه النذر التي �شدرت عن حمور‬
‫الع�مل(‪ ،)4‬ولكن هذه النذر حتيط به ومتالأ اجلو من‬
‫حوله يف ثب�ت عنيف‪ ،‬نعم عنيف هذا ال�شطراب‬
‫الذي يثريه يف نف�شي هذا الك�هن الب�رع‪ ،‬ل‬
‫اأ�شوبه ول اأخطئه‪ ،‬ل اأعرف كيف اأقول؟ اإن عقلي‬
‫ليهيم مرتدداً ل يرى �شيئ ً� يف احل��رش ول يف‬
‫امل�شتقبل‪ .‬اأي خ�ش�م ك�ن فيم� م�شى بني ه�تني‬
‫الأ�رشتني اأ�رشة لبدكو�س واأ�رشة بوليبيو�س(‪ ،)5‬مل‬
‫اأعلم قدمي ً� ول حديث ً� �شيئ ً� يبيح يل اأن اأعيب‬
‫اأويديبو�س اأو اأن اآخذه بذنب مل يجنه واأنتقم منه‬
‫جلرمية ل يعرف مقرتفه�‪ .‬ولكن زو�س واأبولون‬
‫ب�شريان ب�لغيب خبريان مب� اأتى الن��س من‬
‫الأعم�ل‪ .‬لي�س من احلق اأن يكون الك�هن اأعلم‬
‫مني بجلية الأمر‪ ،‬اإمن� يتم�يز الن��س بحظوظهم‬
‫من الرباعة‪ .‬لن اأقر الذين يتهمون اأويديبو�س‬
‫قبل اأن اأرى الدليل على م� زعم الك�هن‪ .‬فقد راآه‬
‫الن��س جميع ً� حني اأقبلت عليه العذراء(‪ )6‬ذات‬
‫اجلن�حني ف�أظهر من الرباعة وامله�رة م� حمل‬
‫املدينة على اأن حتبه وتوؤثره‪ .‬فلن يحمل عليه‬
‫عقلي جرمية من اجلرائم‪.‬‬
‫(يدخل �أويديب��س فجاأة)‬
‫�أويديب��س – ه� اأنت ذا‪ ،‬م�ذا ت�شنع هن�؟‬
‫اأتبلغ بك اجلراأة اأن ت�أتي اإىل هذا املك�ن واأنت‬
‫حري�س على اأن تهلكني وتنتزع مني ال�شلط�ن؟‬
‫لننظر‪ ،‬حدثني بحق الآلهة اأعرفت قط اأين جب�ن‬
‫حتى تخيل اإىل نف�شك القدرة على م� دبرت؟‬
‫اأكنت تظن اأين ل اأعرف م� ت�شنع يف اخلف�ء‪،‬‬
‫واأين ل اأبط�س بك عق�ب ً� لك على م� جتني؟ األي�س‬
‫من اجلنون اأن يطمع الإن�ش�ن يف ال�شلط�ن ولي�س‬
‫له ثروة ول �شديق مع اأن ال�شلط�ن ل �شبيل اإليه‬
‫بغري امل�ل وال�شديق؟‬
‫كري�ن – اأتعرف م�ذا يجب اأن ت�شنع؟ دعني‬
‫اأرد على م� قلت ثم ا�شنع بعد ذلك م� �شئت‪.‬‬
‫�أويديب��س – اإنك ب�رع يف القول ول�شت‬
‫عدوا‬
‫م�شتع ًّدا لأن اأ�شتمع لك‪ ،‬وقد ا�شتك�شفت فيك ًّ‬
‫خطراً‪.‬‬
‫كري�ن – ا�شتمع قبل كل �شيء جلوابي‪.‬‬
‫�أويديب��س – ل تزعم اأنك مل تقرتف اإثم�ً‪.‬‬
‫كري�ن – اإن زعمت اأن الإ�رشار على احلمق‬
‫خري ف�أنت خمطئ‪.‬‬
‫�أويديب��س – اإن ظننت اأنك ت�شتطيع اأن‬
‫تعتدي على قريب لك دون اأن تلقى عق�ب ً� ف�أنت‬
‫واهم‪.‬‬
‫كري�ن – اأنت حمق يف هذا‪ ،‬ولكن نبئني مب�‬
‫جنيت عليك من ذنب‪.‬‬
‫‪10‬‬
‫علي‬
‫�أويديب��س – اأحق اأم ب�طل اأنك اأ�رشت ّ‬
‫ب�أن اأر�شل ر�شول اإىل الك�هن؟‬
‫كري�ن – هذا حق‪ ،‬وم� زلت اأرى هذا الراأي‪.‬‬
‫�أويديب��س – اأي اأمد م�شى على ليو�س‬
‫منذ‪...‬‬
‫كري�ن – م�ذا؟ مل اأفهم‪.‬‬
‫�أويديب��س – اأتراه ذهب مقتول؟‬
‫كري�ن – م�شى على ذلك زمن طويل‪.‬‬
‫�أويديب��س – اأك�ن هذا الك�هن ي�شطنع فنه‬
‫حينئذ؟‬
‫كري�ن – نعم‪ .‬ك�ن ي�شطنعه وك�ن كم� هو‬
‫الآن ب�رع ً� م�رشف�ً‪.‬‬
‫أ�شم�ين يف ذلك الوقت؟‬
‫�أويديب��س – ا ّ‬
‫كري�ن – كال مل ي�شمك مبح�رش مني على‬
‫اأقل تقدير‪.‬‬
‫�أويديب��س – اأمل تلتم�شوا احلقيقة يف م�رشع‬
‫امللك؟‬
‫كري�ن – بحثن� من غري �شك ولكن� مل نهتد‬
‫اإىل �شيء‪.‬‬
‫�أويديب��س – م� ب�ل هذا الرجل الب�رع مل‬
‫يقل حينئذ م� يقوله اليوم؟‬
‫كري�ن – ل اأدري‪ .‬واإذا مل اأفهم فمن احلق‬
‫علي اأن اأوؤثر ال�شمت‪.‬‬
‫ّ‬
‫�أويديب��س – اأنت ل جتهل مع ذلك‪ ،‬وقد‬
‫تقول حني حتني الفر�شة‪.‬‬
‫كري�ن – م� الذي �ش�أقول؟ اإن كنت اأعرفه‬
‫فلن اأبطئ يف اجلهر به‪.‬‬
‫�أويديب��س – اإنه مل يكن يقول اأين ق�تل‬
‫ليو�س لو مل يكن قد دبر هذا الأمر معك‪.‬‬
‫كري�ن – اإن ك�ن يوؤكد هذا ف�أنت تعرفه‪،‬‬
‫ولكن من حقي اأن اأ�ش�ألك الآن‪.‬‬
‫علي جرمية‬
‫�أويديب��س – �شلني فلن تثبت ّ‬
‫القتل‪.‬‬
‫كري�ن – لننظر‪ ،‬لقد تزوجت من اأختي؟‬
‫�أويديب��س – ل اأ�شتطيع اأن اأجيب عن �شوؤالك‬
‫هذا ب�لنفي‪.‬‬
‫كري�ن – واأنت متلك على هذا البلد مثله�‬
‫بهذا ال�شلط�ن الذي ت�ش�ركك فيه‪.‬‬
‫�أويديب��س – اإنه� تظفر مني بكل م� تريد؟‬
‫كري�ن – األ�شت ن ًّدا لكم� واأن� ث�لثكم�‪.‬‬
‫�أويديب��س – ومن اأجل هذا كنت �شديق ً�‬
‫خ�ئن�ً‪.‬‬
‫كري�ن – كال‪ .‬لو فكرت كم� اأفكر‪� ،‬شل نف�شك‬
‫اأيف�شل الإن�ش�ن العر�س وم� يحيط به من اخلوف‬
‫على الهدوء والآن اإذا �شمن� له من ال�شلط�ن مثل‬
‫م� ل�ش�حب العر�س‪ .‬اأم� اأن� ف�أوؤثر �شلط�ن امللك‬
‫على اأن اأكون ملك�ً‪ ،‬واأرى اأن هذا �ش�أن الن��س‬
‫جميع ً� اإذا عرفوا كيف يحدون من �شهواتهم‪ .‬اإين‬
‫اأبلغ منك كل م� اأريد دون اأن اأتعر�س خلوف م�‪،‬‬
‫ولو قد كنت ملك ً� لأقدمت على كثري من الأمر‬
‫واإين له ل�شديد الكره‪ ،‬فكيف تظن اأين اأوؤثر العر�س‬
‫عر�شني ملكروه‪ .‬ل�شت من‬
‫على �شلط�ن ل ُي ّ‬
‫احلمق بحيث اأعدل �شيئ ً� مب� اأن� فيه من �رشف‬
‫وج�ه‪ .‬اإن الن��س جميع ً� يحيونني‪ ،‬اإن الن��س‬
‫جميع ً� يحتفون بي‪ ،‬اإن الن��س جميع ً� يتو�شلون‬
‫بي اإليك اإن ك�نت لهم عندك ح�جة‪ ،‬اإنهم يرون‬
‫اأنهم يظفرون عندي بكل م� يريدون‪ .‬فكيف‬
‫اأعر�س عن هذا كله لأطلب م� تزعم اأين اأطلبه‪.‬‬
‫هذه اخلي�نة حمق اإن جنيته�‪ ،‬ل�شت اأميل اإىل‬
‫مثل هذا املطمع‪ ،‬ولو قد اأع�نني الن��س عليه مل�‬
‫َ�ش َم َت نف�شي اإىل حتقيقه‪ .‬والدليل على ذلك اأنك‬
‫ت�شتطيع اأن تذهب اإىل دلف لتتبني اأكنت اأمين ً�‬
‫فيم� حملت اإليك من وحي الإله‪ .‬ودليل اآخر على‬
‫علي م�‬
‫براءتي‪ ،‬وهو اأنك اإن ا�شتطعت اأن تثبت ّ‬
‫علي ب�ملوت؛ بل‬
‫تتهمني به فلن تق�شي وحدك ّ‬
‫�شينطق بهذا الق�ش�ء �شوت�ن‪� ،‬شوتك‪ ،‬و�شوتي‪.‬‬
‫ل تتهمني مبجرد الوهم‪ ،‬بل دون اأن ت�شمع يل‪.‬‬
‫ولي�س من العدل اأن تق�شي يف خفة على الأخي�ر‬
‫ب�أنهم اأ�رشار‪ ،‬وعلى الأ�رشار ب�أنهم اأخي�ر‪ .‬اإين‬
‫اأرى اأن الذي ينبذ �شديق ً� اأمين ً� اإمن� ينبذ حي�ته‬
‫كري�ن – كنت خمطئ ً� يف هذا الراأي‪.‬‬
‫�أويديب��س – يجب اأن تطيع برغم ذلك‪.‬‬
‫كري�ن – كال‪ ،‬ل ط�عة اإذا ك�ن الق��شي‬
‫ج�ئراً‪.‬‬
‫�أويديب��س – ي� للمدينة! ي� للمدينة!‬
‫كري�ن – واأن� اأي�ش ً� اأحد اأبن�ء املدينة‪ ،‬لي�شت‬
‫املدينة لك وحدك‪.‬‬
‫رئي�س �جل�قة – ح�شبكم� اأيه� الأمريان‪ ،‬هذه‬
‫يوك��شتيه تخرج من الق�رش يف وقت ح�جتكم�‬
‫اإليه� ف�جتهدا يف اأن ت�شتعين� به� على اإ�شالح‬
‫هذا الأمر‪.‬‬
‫العزيزة عليه‪ .‬اإن الزمن �شيعلمك حقيقة الأمر يف‬
‫غري �شك‪ ،‬ف�لزمن وحده يظهر الرجل اخلري‪ ،‬ف�أم�‬
‫ال�رشير ف�إن يوم ً� واحداً يلقى عنه القن�ع‪.‬‬
‫رئي�س �جل�قة – اأم� ب�لقي��س اإىل من يخ�شى‬
‫التورط يف اخلط�أ فقد تكلم هذا الرجل واأح�شن‬
‫الكالم‪ ،‬اإن الذي ي�رشع اإىل احلكم خليق اأن يجور‬
‫عن الق�شد‪.‬‬
‫�أويديب��س – اإذا اأ�رشع الن��س يف العدوان‬
‫علي اأن اأ�رشع يف الدف�ع‬
‫علي خفية‪ ،‬ك�ن ح ًّق� ّ‬
‫ّ‬
‫عن نف�شي‪ .‬ولو قد انتظرت ه�دئ ً� حلقق هذا‬
‫علي كل تدبري‪.‬‬
‫الرجل اآم�له ولف�شد ّ‬
‫كري�ن – م�ذا تريد اإذن‪ ،‬اأتريد اأن تنفيني‬
‫من هذه الأر�س؟‬
‫�أويديب��س – كال‪ ،‬اإمن� اأريد موتك ل نفيك‪.‬‬
‫كري�ن – بعد اأن تبني يل اأين قد اقرتفت يف‬
‫ذاتك اإثم�ً‪.‬‬
‫�أويديب��س – اأتتكلم كم� لو كنت تريد‬
‫املق�ومة؟‬
‫كري�ن – ل�شت اأراك حت�شن احلكم‪.‬‬
‫�أويديب��س – بل اأن� اأح�شنه فيم� يعنيني‪.‬‬
‫كري�ن – يجب اأن حت�شنه فيم� يعنيني‬
‫اأي�ش�ً‪.‬‬
‫�أويديب��س – ولكنك خ�ئن‪.‬‬
‫(تدخل ي�كا�ستيه)‬
‫ي�كا�ستيه – مل�ذا اآثرمت� اأيه� الب�ئ�ش�ن‬
‫هذه اخل�شومة احلمق�ء؟ األ تخجالن من اإث�رة‬
‫اخل�شومة اخل��شة يف اأثن�ء هذه الك�رثة‬
‫اله�ئلة التي ح�قت ب�ملدينة؟ عد اإىل الق�رش ي�‬
‫اأويديبو�س‪ ،‬وعد اأنت اإىل دارك ي� كريون‪ .‬ل حتول‬
‫اأمراً ي�شرياً هين ً� اإىل اأمر ذي خطر‪.‬‬
‫كري�ن – اأيته� الأخت! اإن زوجك اأويديبو�س‬
‫يرى من العدل اأن ي�شومني اخل�شف فيخريين بني‬
‫�رشين‪ :‬النفي من اأر�س الوطن اأو املوت‪.‬‬
‫�أويديب��س – هذا حق فقد اأثبت عليه اأيته�‬
‫‪11‬‬
‫املراأة اأنه ك�ن يخونني وي�أمتر بي‪.‬‬
‫َ‬
‫علي‬
‫كري�ن – م� اأ�شق�ين! لأ ُم ْت ولتنزل ّ‬
‫اللعنة اإن كنت قد اأتيت �شيئ ً� مم� تتهمني به‪.‬‬
‫ي�كا�ستيه – بحق الآلهة اإل م� قبلت منه‬
‫قوله ي� اأويديبو�س‪ ،‬اإكب�راً للق�شم العظيم الذي‬
‫اأق�شمه واحرتام ً� يل ولهوؤلء ال�شيوخ‪.‬‬
‫رئي�س �جل�قة (يف بطء) – اأجب اإىل م� تدعى‬
‫اإليه اأيه� الأمري يف حرية وروية‪.‬‬
‫�أويديب��س – اإلم تريد اإذن اأن اأجيب؟‬
‫إرع حرمة هذا الرجل الذي‬
‫رئي�س �جل�قة – ا َ‬
‫تقدمت به ال�شن واأكرب ق�شمه‪.‬‬
‫طلب اإيلّ؟‬
‫�أويديب��س – اأتعرف م�ذا َت ُ‬
‫رئي�س �جل�قة – نعم اأعرفه‪.‬‬
‫�أويديب��س – اأَبِن عنه‪.‬‬
‫رئي�س �جل�قة (يف �رصعة) – هذا الرجل الذي‬
‫ي�شتنزل بنف�شه اللعنة على نف�شه ليرباأ مم� تتهمه‬
‫بعالت غ�م�شة ول اأن‬
‫به ل ينبغي اأن يوؤخذ ظلم ً�‬
‫ٍ‬
‫يغ�س من �رشفه‪.‬‬
‫يل ذلك‬
‫�أويديب��س – تعلم اأنك حني تطلب اإ ّ‬
‫اإمن� تريدين على اأن اأموت اأو على اأن اأنفي نف�شي‬
‫من هذه الأر�س‪.‬‬
‫رئي�س �جل�قة (م�سطرب ًا) – كال‪ ،‬اأق�شم على‬
‫ذلك بكبري الآلهة جميع�ً‪ ،‬اأق�شم ب�أبولون‪ .‬لأمت‬
‫عدد ‪143‬‬
‫‪ 7‬متوز ‪2010‬‬
‫�شقي� مقتو ًل مطرح ً� من الآلهة والن��س اإن ك�ن‬
‫ًّ‬
‫�شقي تع�س يقر�س‬
‫هذا اخل�طر قد اأ َّ‬
‫مل بي‪ .‬ولكني ّ‬
‫احلزن نف�شي قر�ش ً� حني اأرى اأنن� ن�شيف اإىل‬
‫تلم بهذا البلد اآلم ً�‬
‫هذه الآلم اجل�ش�م التي ُّ‬
‫اأخرى‪.‬‬
‫�أويديب��س – ليذهب اإذن‪ ،‬واإن مل يكن يل بد‬
‫من اأن اأموت لذلك اأو اأنفى من هذا البلد‪ .‬اإن دع�ءك‬
‫هو الذي يبلغ قلبي ويثري اإ�شف�قي ل �رشاعته هو‪،‬‬
‫�ش�أبغ�شه اأ�شد البغ�س يف اأي مك�ن وجدته‪.‬‬
‫كري�ن – اإنك ل جتيب اإل ك�ره�ً‪ ،‬اإين اأرى‬
‫ذلك راأي العني‪ ،‬ولكنك �شتثقل على نف�شك حني‬
‫ي�شكت عنك الغ�شب‪ ،‬اإن اأخالق ً� ك�أخالقك م�شدر‬
‫اأمل لأ�شح�به�‪.‬‬
‫�أويديب��س – األ تريد اأن ترتكني؟ األ تريد‬
‫اأن تخرج من ثيبة«طيبة»؟‬
‫علي منك‪،‬‬
‫كري�ن – �ش�أذهب مغ�شوب ً� ّ‬
‫ولكني �ش�أظل يف نفو�س هوؤلء الن��س كم�‬
‫عرفوين دائم�ً‪.‬‬
‫(يخرج)‬
‫رئي�س �جل�قة (يف بطء) – اأيته� املراأة مل‬
‫تبطئني يف العودة ب�أويديبو�س اإىل الق�رش؟‬
‫ي�كا�ستيه – �ش�أفعل حني اأعرف م�ذا‬
‫جرى‪.‬‬
‫رئي�س �جل�قة – األف�ظ اأث�رت �شكوك ً� يف‬
‫وقت تف�شد القلوب فيه حتى مل� لي�س له اأ�شل‪.‬‬
‫ي�كا�ستيه – وك�نت هذه الألف�ظ متب�دلة؟‬
‫رئي�س �جل�قة – نعم‪.‬‬
‫ي�كا�ستيه – وم�ذا ك�ن� يقولن؟‬
‫رئي�س �جل�قة (م�رصع ًا) – ح�شبك‪� ،‬شدقيني‬
‫ح�شبك‪ ،‬يجب اأن تقفي حيث وقفت خ�شومتهم�‪.‬‬
‫�أويديب��س – ترى اإىل اأين تنتهي حني يفرت‬
‫حبك يل ويفرت دف�عك عني مهم� يكن وف�وؤك يل‪.‬‬
‫رئي�س �جل�قة (م�سطرب ًا) – اأيه� الأمري لقد‬
‫قلت لك كثرياً اإين اأرى نف�شي اأحمق ج�هال اإن‬
‫اأعر�س عنك اأو ق�رشت يف ذاتك‪ ،‬واأن� اأعلم اأنك‬
‫اأنقذت وطني العزيز من ذلك البالء العظيم‪ ،‬واأنك‬
‫الآن تقوده اإىل اخلري وال�شع�دة م� ا�شتق�مت لك‬
‫الأمور‪.‬‬
‫(�سمت)‬
‫ي�كا�ستيه – بحق الآلهة اأنبئني اأيه� الأمري‬
‫فيم هذا الغ�شب العظيم الذي دفعت اإليه؟‬
‫�أويديب��س – �ش�أنبئك بذلك لأين اأُكربك اأيته�‬
‫املراأة اأكرث مم� يكربك هوؤلء الن��س‪ ،‬اإمن� دفعني‬
‫اإىل هذا الغ�شب كريون وائتم�ره بي‪.‬‬
‫ي�كا�ستيه – اأبن عم� تريد لأتبني اأحق م�‬
‫ال�شيب راأ�شه وك�نت فيه مالحمك‪.‬‬
‫يل اأين اإمن�‬
‫�أويديب��س – م� اأ�شق�ين‪ ..‬يخيل اإ ّ‬
‫ا�شتنزلت اللعنة على نف�شي منذ حني وبغري علم‪.‬‬
‫ي�كا�ستيه – م�ذا تقول؟ اإين لأخ�ف اأن‬
‫اأرفع اإليك عيني اأيه� الأمري‪.‬‬
‫�أويديب��س – اأخ�شى اأ�شد اخل�شية اأن يكون‬
‫الك�هن قد راأى جلية الأمر‪ ،‬ولكنك تزيدينني‬
‫علم ً� اإن اأ�شفت كلمة واحدة‪.‬‬
‫ي�كا�ستيه – واأن� اأي�ش ً� قلقة ولكنك لن تلقى‬
‫�شوؤال اإل اأ�رشعت ب�لإج�بة عنه‪.‬‬
‫�أويديب��س – اأك�ن م�ش�فراً يف جم�عة‬
‫�شغرية اأم ك�ن يتبعه حر�س �شخم كم� ي�شنع‬
‫الأقوي�ء؟‬
‫ي�كا�ستيه – ك�نوا خم�شة لي�س غري‪ ،‬وك�ن‬
‫بينهم ُمن�دٍ ‪ ،‬وك�نت عجلة واحدة حتمل ليو�س‪.‬‬
‫�أويديب��س – اآه‪ ،‬الآن يت�شح الأمر ولكن من‬
‫اأنب�أك بهذا كله اأيته� املراأة؟‬
‫ي�كا�ستيه – خ�دم جن� وحده‪.‬‬
‫�أويديب��س – اأهو الآن يف الق�رش؟‬
‫ي�كا�ستيه – ل‪ ،‬لقد ع�د فراأى اأمور املدينة‬
‫يل اآخذاً بيدي يف‬
‫اإليك بعد موت ليو�س فتو�شل اإ ّ‬
‫اأن اأر�شله مع القطع�ن يرع�ه� بعيداً عنك وعن‬
‫املدينة‪ .‬وقد اأجبته اإىل م� اأراد فقد ك�ن ي�شتحق‬
‫مني اأح�شن م� ي�شتحقه املوىل الأمني‪.‬‬
‫�أويديب��س – اأميكن اأن يعود اإلين� م�رشع�ً؟‬
‫ي�كا�ستيه – من غري �شك‪ ،‬ولكن مل تريد‬
‫ذلك؟‬
‫اأويديبو�س – اأخ�شى اأيته� املراأة اأن اأكون قد‬
‫اأ�رشفت يف القول‪ ،‬ولهذا اأريد اأن اأراه‪.‬‬
‫ي�كا�ستيه – �شيعود ولكني اأ�شتحق فيم�‬
‫اأظن اأن تنبئني مب� يقلقك اأيه� امللك‪.‬‬
‫�أويديب��س – �ش�أنبئك مب� يقلقني بعد اأن مل‬
‫يبق يل اإل هذا الأمل الوحيد‪ ،‬واإىل من اأحتدث يف‬
‫حرية و�رشاحة اإذا مل اأحتدث اإليك‪ ،‬وقد ا�شطررت‬
‫اإىل هذا املوقف احلرج؟‬
‫ترميه به من اخلي�نة‪.‬‬
‫�أويديب��س – يزعم اأين ق�تل ليو�س‪.‬‬
‫ي�كا�ستيه – اأيعرف ذلك بنف�شه اأم اأنب�أه به‬
‫�شخ�س اآخر؟‬
‫يل بذلك ك�هن ً� �رشيراً‪،‬‬
‫�أويديب��س – اأر�شل اإ ّ‬
‫ف�أم� هو فزعم اأنه ل يعرف �شيئ�ً‪.‬‬
‫ي�كا�ستيه – ل حتفل بهذا القول وا�شمع يل‬
‫ف�إين اأعتقد اأن لي�س بني الن��س من يح�شن فن‬
‫الكه�نة‪ .‬و�ش�أثبت لك هذا يف األف�ظ قليلة‪ .‬لقد‬
‫األقى فيم� م�شى من الزم�ن اإىل ليو�س وحي ل‬
‫اأقول من اأبولون نف�شه‪ ،‬ولكن من بع�س خدامه‪،‬‬
‫وك�ن هذا الوحي ينبئ ب�أن امللك مقتول بيد‬
‫ابنه الذي يولد له مني‪ .‬ومع ذلك ف�لن��س جميع ً�‬
‫يوؤكدون اأن ل�شو�ش ً� من الأج�نب قد قتلوا ليو�س‬
‫منذ زمن بعيد يف طريق ذات ثالث �شعب‪ .‬ف�أم�‬
‫ابنه فلم مت�س على مولده ثالثة اأي�م حتى قيده‬
‫ودفعه اإىل يد اأجنبية طرحته ب�لعراء على جبل‬
‫وعر‪ .‬وكذلك مل يتمم اأبولون وحيه فلم يقتل ابن‬
‫ليو�س اأب�ه‪ ،‬ومل يقتل ليو�س بيد ابنه‪.‬‬
‫وم� اأكرث م� ك�ن قد ر�شمه الوحي فال حتفل‬
‫بذلك ول تلتفت اإليه‪ ،‬اإذا راأى الآلهة اأن يظهروا‬
‫الن��س على �شيء من علمهم اأعلنوه اإليهم‬
‫ب�أنف�شهم‪.‬‬
‫(�سمت)‬
‫�أويديب��س – اأيته� املراأة م� اأ�شد م� تثري‬
‫هذه الق�شة يف نف�شي من ال�شك وال�شطراب!‬
‫ي�كا�ستيه – م� هذا اخلوف الذي يثريه يف‬
‫نف�شك رجوعك اإليه�؟‬
‫�أويديب��س – اأظنني �شمعتك تقولني اإن‬
‫ليو�س قد قتل يف طريق ذات �شعب ثالث‪.‬‬
‫ي�كا�ستيه – قيل ذلك وم� زال يق�ل‪.‬‬
‫�أويديب��س – ويف اأي مك�ن وقع هذا احلدث‬
‫املنكر؟‬
‫ي�كا�ستيه – يف بالد الفوكيني حيث تلتقي‬
‫الطريق�ن الآتيت�ن من دلف ودولي�س‪.‬‬
‫�أويديب��س – وكم م�شى على هذا احلدث من‬
‫الزمن؟‬
‫ي�كا�ستيه – اأذيع نبوؤه يف املدينة قبل اأن‬
‫ترقى اإىل عر�شه� بزمن قليل‪.‬‬
‫�أويديب��س – اأي زو�س م�ذا اأردت اأن ت�شنع‬
‫بي؟‬
‫ي�كا�ستيه – م�ذا ي� اأويديبو�س؟ م�ذا‬
‫يدفعك اإىل هذا القلق؟‬
‫�أويديب��س – ل ت�ش�أليني‪ .‬كيف ك�ن ليو�س؟‬
‫وم�ذا ك�نت �شنه؟‬
‫ي�كا�ستيه – ك�ن رجال طويال وقد خط‬
‫(�سمت)‬
‫اإن اأبي هو بوليبيو�س ملك كورنت‪ ،‬واأمي‬
‫مريوب� دورية الأ�شل‪ .‬وكنت اأعظم الن��س خطراً‬
‫يف املدينة‪ ،‬ولكن ح�دث ً� وقع م�ش�دفة وك�ن‬
‫خليق ً� اأن يدعوين اإىل التفكري فيه‪ ،‬ل اأن ميلك‬
‫على اأمري كله كم� حدث ب�لفعل‪ .‬اأه�نني رجل‬
‫يف بع�س جم�مع اللهو‪ ،‬وك�ن قد اأ�رشف يف‬
‫ال�رشب حتى �شكر فزعم اأين مل اأولد لر�شدة(‪.)7‬‬
‫ف�أث�رين ذلك حتى اأنفقت اليوم كله ل اأك�د اأملك‬
‫نف�شي‪ .‬فلم� ك�ن الغد لقيت اأبي واأمي وجعلت‬
‫اأ�ش�ألهم�‪ ،‬فيثور يف نف�شيهم� ال�شخط على من‬
‫‪12‬‬
‫يل هذه الإه�نة‪ ،‬وي�رشين ذلك منهم�‪ ،‬ولكن‬
‫وجه اإ ّ‬
‫َّ‬
‫علي كل �شيء لأنه�‬
‫تلك الكلمة ك�نت تنغ�س ّ‬
‫ك�نت قد نفذت اإىل اأعم�ق نف�شي‪ ،‬ف�أذهب اإىل‬
‫دلف على غري علم من اأمي واأبي‪ ،‬فلم� �ش�ألت‬
‫يل يف‬
‫اأبولون ردين بغري جواب‪ ،‬ولكنه اأعلن اإ ّ‬
‫و�شوح كوارث اأخرى‪ ،‬كوارث بغي�شة ل تط�ق‪.‬‬
‫علي اأن اأتزوج اأمي‪،‬‬
‫اأنب�أين ب�أن القدر قد كتب ّ‬
‫واأن اأترك يف الن��س ذرية ممقوتة‪ ،‬واأن اأكون‬
‫أحتول عن املدينة‬
‫ق�تل الذي منحني احلي�ة‪ ،‬ف� َّ‬
‫التي يقيم فيه� اأبواي م�شت�شرياً جنوم ال�شم�ء‬
‫فيم� اأ�شلك من طريق‪ ،‬مقدراً اأين �ش�أنفي نف�شي‬
‫اإىل مك�ن ل يت�ح فيه لهذه النبوءات البغي�شة‬
‫اأن تتح َّقق‪ .‬وم� اأزال اأم�شي اأم�مي حتى اأبلغ‬
‫املك�ن الذي تنبئينني ب�أن امللك قد قتل فيه‪.‬‬
‫و�ش�أنبئك ب�حلق كله اأيته� املراأة‪ .‬كنت م��شي ً�‬
‫يف طريقي فلم� ق�ربت املك�ن ذا ال�شعب الثالث‪،‬‬
‫راأيت عجلة يقوده� من�دٍ وعليه� رجل ك�لذي‬
‫و�شفته يل وك�نت العجلة تدنو مني‪ .‬فيدفعني‬
‫ق�ئد العجلة ويدفعني ال�شيخ اأي�ش ً� يف عنف‬
‫لينحي�ين عن الطريق‪ ،‬ف�أثور واأ�رشب الق�ئد الذي‬
‫نح�ين‪ .‬واإذا ال�شيخ ينتظر حتى اأح�ذي العجلة‪،‬‬
‫ثم يرفع �شوطه املزدوج ويهوي به على راأ�شي‪.‬‬
‫وقد اأدى ثمن هذه ال�رشبة غ�لي ً� فم� هي اإل اأن‬
‫اأ�شب على راأ�شه ع�ش�ي بهذه اليد التي ترين‬
‫فيهوى �رشيع�ً‪ ،‬واأقتل كل الذين ك�نوا معه‪ .‬ف�إذا‬
‫ك�ن هذا الرجل الغريب الذي قتلته مت�ش ًال على‬
‫نحو م�‪ ،‬باليو�س ف�أي الن��س اأ�شد مني �شق�ء؟‬
‫واأي الن��س اأ�شد مني مقت ً� عند الآلهة‪ .‬لي�س‬
‫لأحد من �شك�ن هذه املدينة �شواء اأك�ن غريب ً�‬
‫اأم مواطن ً� اأن يتلق�ين يف داره‪ ،‬يجب عليهم‬
‫جميع ً� اأن ينبذوين نبذاً‪ .‬وال�رش كل ال�رش اأين اأن�‬
‫الذي اأ�شتنزل على نف�شي هذه اللعنة مل ي�شتنزله�‬
‫علي اأحد غريي‪ .‬اإين اأُدن�س زوج هذا القتيل حني‬
‫ّ‬
‫اأ�شمه� بني ذراعي‪ ،‬لأن ذراعي هم� اللت�ن قتلت�‬
‫زوجه�‪ .‬األ�شت ب�ئ�ش�ً؟ األ�شت دن�ش ً� اإىل اأق�شى‬
‫علي اأن اأنفي نف�شي‪،‬‬
‫غ�ي�ت الدن�س؟ اإذاً وجب ّ‬
‫علي بعد ذلك اأن اأرى اأهلي واأن تط�أ‬
‫واإذاً حرم ّ‬
‫قدمي اأر�س الوطن‪ ،‬ف�إن فعلت كنت معر�ش ً� لأن‬
‫اأتخذ اأمي يل زوج�ً‪ ،‬واأقتل اأبي بوليبيو�س وهو‬
‫من ْوت‪ ،‬واأي‬
‫الذي منحني احلي�ة‪ ،‬ون�ش�أين حتى َ َ‬
‫الن��س ي�شتطيع اأن يدافع عني حني يعلم اأن هذا‬
‫كله قد وقع مني بق�ش�ء من اإله ق��س؟! كال‪ ،‬كال‪،‬‬
‫علي‬
‫اإين اأعوذ بجالل الآلهة املقد�س من اأن تطلع ّ‬
‫�شم�س لذلك اليوم الذي اأقرتف فيه هذه الآث�م‪،‬‬
‫أمح من الأر�س حمواً قبل اأن‬
‫لأحمق حمق ً� ول َ‬
‫اأجني ثمره� البغي�س‪.‬‬
‫رئي�س �جل�قة – ونحن كذلك اأيه� امللك‬
‫املكروه عق�ب ً� له على جراءته الآثمة‪ ،‬على م�‬
‫اكت�شب من امل�ل يف غري حق‪ ،‬على م� اقرتف‬
‫من ا�شتخف�ف بحرمة الآلهة‪ ،‬على م� انتهك‬
‫يف جنونه حرمة الأ�شي�ء املقد�شة‪ .‬اأي الن��س‬
‫ي�شتطيع اأن يحتفظ يف نف�شه ب�لهدوء والطم�أنينة‬
‫اإذا انتهكت هذه احلرم�ت‪ .‬واإذا اقرتفت مثل هذه‬
‫الآث�م ف�أي نفع يف اأن اأوؤلف اجلوقة (‪.)9‬‬
‫لن اأذهب اإىل قلب(‪ )10‬الأر�س لأعبد الآلهة‬
‫ول اإىل معبد اآبي� ول اإىل اأوملبي� اإذا مل يكن وحي‬
‫الآلهة مالئم ً� مل� يقع من الأحداث بحيث تكون‬
‫مو�شع العربة واملوعظة للن��س جميع�ً‪ .‬ا ْأي زو�س‬
‫اأيه� الإله اجلب�ر‪ ،‬اإن كنت خليق ً� بهذا ال�شم فال‬
‫يفلت منك هذا(‪ )11‬ول يخرج عن �شلط�نك اخل�لد‪.‬‬
‫لقد فقد الوحي الذي األقى اإىل ليو�س قيمته‪،‬‬
‫اإنه يزدري‪ ،‬اإن الن��س ليق�رشون فيم� ينبغي‬
‫لأبولون من الإجالل‪ ،‬اإن حقوق الآلهة لتهمل‪.‬‬
‫ميلوؤن� كل هذا خوف�ً‪ ،‬ولكن احتفظ ب�لأمل حتى‬
‫يو�شح لك ال�ش�هد جلية الأمر‪.‬‬
‫�أويديب��س – نعم مل يبق يل اإل هذا الأمل يف‬
‫مقدم هذا الرجل الراعي‪.‬‬
‫ي�كا�ستيه – وفيم ينفعك مقدم هذا الرجل؟‬
‫�أويديب��س – �ش�أنبئك بذلك ف�إن هذا الرجل‬
‫اإن يقل مثل م� تقولني ينجني من ال�شق�ء‪.‬‬
‫ي�كا�ستيه – اأي كلمة خطرية �شمعت مني؟‬
‫�أويديب��س – اأمل تنبئيني ب�أنه يزعم اأن‬
‫جم�عة من قط�ع الطريق هم الذين قتلوا امللك‪،‬‬
‫ف�إذا اأع�د علين� هذا فل�شت اأن� الق�تل فرجل واحد‬
‫لي�س جم�عة‪ ،‬ولكنه اإذا مل يتحدث اإل عن ق�تل‬
‫واحد ف�أن� مقرتف الإثم‪.‬‬
‫ي�كا�ستيه – تعلم اأنه اأنب�أن� مب� قلت لك‪،‬‬
‫وم� اأراه ي�شتطيع اأن يغري قوله فلم اأ�شمعه وحدي‪،‬‬
‫واإمن� �شمعته املدينة كله�‪ .‬ومع ذلك فلو غري‬
‫كالمه فلن ي�شتطيع اأن يثبت اأن م�رشع ليو�س‬
‫قد مت كم� تنب�أ به الوحي‪ .‬فقد اأعلن اأبولون اأنه‬
‫�شيقتل بيد ابن يولد له مني‪ .‬ومن املحقق اأن هذا‬
‫البن لي�س هو الذي قتل ليو�س لأنه هلك قبل‬
‫اأبيه‪ .‬ومن هن� لن األتفت اإىل ميني ول اإىل �شم�ل‬
‫لأتلقى الف�أل(‪.)8‬‬
‫�أويديب��س – اأنت حمقة ومع ذلك ف�أر�شلي‬
‫يف طلب العبد‪.‬‬
‫ي�كا�ستيه – �ش�أر�شل من فوري‪ ،‬ولنعد اإىل‬
‫الق�رش‪ ،‬فلن اأ�شنع �شيئ ً� ي�شوءك‪.‬‬
‫(تدخل ي�كا�ستيه ومعها و�سائفها)‬
‫ي�كا�ستيه – اأي روؤ�ش�ء املدينة لقد خطر‬
‫يل اأن اأذهب اإىل معبد الآلهة اأحمل اإليه� بيدي‬
‫هذه التيج�ن وهذا الطيب‪ ،‬ف�إن اأويديبو�س يقلق‬
‫نف�شه ب�أوه�م خمتلفة‪ ،‬ول يف�رش الوحي اجلديد‬
‫ب�لوحي القدمي كم� يفعل الرجل الع�قل‪ ،‬واإمن�‬
‫ي�شت�شلم لكل من حتدث اإليه م� دام ينبئه ب�لفظيع‬
‫من الأمر‪ ،‬وم� دمت ل اأبلغ منه �شيئ ً� ف�إين اأفزع‬
‫اإليك اأي اأبولون مقربة اإليك هذا القرب�ن لت�رشف‬
‫عن� الرج�س ولتحمل اإلين� الأمن وتنقذن� من‬
‫ال�رش‪ ،‬فقد ا�شت�أثر اخلوف بن� جميع ً� ف�أ�شبحن�‬
‫ك�لبح�رة حني يرون اأمري ال�شفينة وقد ا�شتوىل‬
‫عليه الفزع‪.‬‬
‫(يخرجان)‬
‫رئي�س �جل�قة (يف ثبات) – م� اأ�شد حر�شي‬
‫على اأن ي�شبغ الآلهة على الطهر يف كل م� اأقول‪،‬‬
‫ويف كل م� اأفعل‪ .‬فمن اأجل هذا الطهر �رشعت‬
‫القوانني العلي� التي هبطت من ال�شم�ء‪ ،‬اأنتجه�‬
‫الآلهة اأنف�شهم‪ ،‬مل حتدثه� طبيعة الن��س اله�لكني‪،‬‬
‫لن يدركه� الن�شي�ن‪ ،‬ولن يدفعه� اإىل النوم‪ ،‬فيه�‬
‫يحي� اإله عظيم ل تدركه ال�شيخوخة‪.‬‬
‫اإن الكربي�ء لتلد الطغ�ة‪ ،‬اإن الكربي�ء اإذا‬
‫جت�وزت احلد واأ�ش�فت جهال اإىل جهل وغروراً‬
‫اإىل غرور وانتهت اإىل اأق�ش�ه� ل تلبث اأن تنحدر‬
‫اإىل هوة من ال�شق�ء دون اأن جتد منه� خمرج�ً‪.‬‬
‫ولكني اأ�رشع اإىل الآلهة يف األ ي�رشفوا الن��س‬
‫عن هذا اجله�د ال�رشيف يف �شبيل الوطن‪ ،‬اإن‬
‫واثق ب�أن الآلهة �شيحمونني دائم�ً‪.‬‬
‫(وبينما تقدم قربانها يدخل �لر�س�ل من ناحية‬
‫�ل�سمال)‬
‫�لر�س�ل – اأت�شتطيعون اأن تنبئوين اأيه�‬
‫الغرب�ء اأين يكون ق�رش اأويديبو�س؟ اأنبئوين‬
‫بنوع خ��س اأين امللك اإن كنتم تعرفون ذلك؟‬
‫رئي�س �جل�قة – اإنك ترى ق�رش امللك اأيه�‬
‫الغريب واإن امللك لفي ق�رشه وهذه امراأته اأم‬
‫بنيه‪.‬‬
‫�لر�س�ل – لتتح له� ال�شع�دة دائم ً� ولتتح‬
‫له� احلي�ة بني قوم �شعداء هذه الزوج الكرمية‬
‫لهذا الرجل‪.‬‬
‫ي�كا�ستيه – ليتح لك مثل م� تتمنى يل‬
‫اأيه� الغريب ف�أنت خليق بذلك من اأجل كلم�تك‬
‫الطيبة‪ ،‬ولكن اأنبئني فيم اأقبلت وم�ذا تريد اأن‬
‫تعلن اإلين�؟‬
‫(م�رصع ًا)‬
‫اإن الذي ي�شرت�شل مع الكربي�ء يف قوله اأو‬
‫فعله‪ ،‬دون اأن يخ�شى العدل ويرعى الأم�كن‬
‫املقد�شة حيث تقيم الآلهة‪ ،‬خليق اأن يحيق به‬
‫‪13‬‬
‫�لر�س�ل – اأنب�ء �ش�رة لبيتك ولزوجك اأيته�‬
‫املراأة‪.‬‬
‫ي�كا�ستيه – م�ذا تعني؟ ومن اأين اأقبلت؟‬
‫�لر�س�ل – اأقبلت من كورنتو�س والنب�أ الذي‬
‫اأحمله ميكن اأن ي�رشك بل �شي�رشك من غري �شك‬
‫ولكنه ميكن اأن ي�شوءك اأي�ش�ً‪.‬‬
‫ي�كا�ستيه – م� هذا النب�أ؟ وم� هو الأثر‬
‫املزدوج الذي ميكن اأن يحدثه؟‬
‫(‪)12‬‬
‫�لر�س�ل – اإن �شك�ن امل�شيق �شيخت�رون‬
‫اأويديبو�س ملك ً� عليهم كم� �شمعت منهم‪.‬‬
‫ي�كا�ستيه – م�ذا؟ اأاأفلت ال�شلط�ن من يد‬
‫بوليبيو�س ال�شيخ‪.‬‬
‫�لر�س�ل – نعم لأن املوت قد رده اإىل القرب‪.‬‬
‫ي�كا�ستيه – م�ذا تقول اأم�ت بوليبيو�س؟‬
‫�لر�س�ل – لأمت اأن� اإن مل يكن هذا ح ًّق�‪.‬‬
‫ي�كا�ستيه – اأيته� املراأة اأ�رشعي ف�حملي‬
‫النب�أ اإىل امللك‪ ،‬اأي وحي الآلهة اإلم انتهيت؟ لقد‬
‫نفى اأويديبو�س نف�شه خم�فة اأن يقتل هذا الرجل‬
‫هذا هو املوت ي�شت�أثر به‪.‬‬
‫(يدخل �أويديب��س)‬
‫�أويديب��س – اأيته� الزوج العزيزة يوك��شتيه‬
‫فيم دعوتني من الق�رش؟‬
‫ي�كا�ستيه – ا�شتمع لهذا الرجل وانظر اإىل‬
‫اأين يذهب بن� وحي الآلهة‪.‬‬
‫�أويديب��س – من هذا الرجل ومب�ذا اأقبل‬
‫ينبئني؟‬
‫ي�كا�ستيه – اأقبل من كورنته ينبئ ب�أن‬
‫اأب�ك بوليبيو�س قد م�ت‪.‬‬
‫�أويديب��س – م�ذا تقول اأيه� الغريب؟ تكلم‬
‫اأنت‪.‬‬
‫�لر�س�ل – اإذا ك�ن اأول م� ينبغي اأن اأعلن‬
‫اإليك ف�علم اأن اأب�ك قد م�ت‪.‬‬
‫�أويديب��س – اأقتلته اخلي�نة اأم اأ�ش�بته علة‬
‫من العلل؟‬
‫�لر�س�ل – ا َّإن اأي�رش �شدمة تق�شي على من‬
‫تقدمت بهم ال�شن‪.‬‬
‫�أويديب��س – اإنه مل�شكني اأراه قد ق�شت عليه‬
‫اإحدى العلل‪.‬‬
‫�ش�ب�‪.‬‬
‫�لر�س�ل – ومل يكن ًّ‬
‫�أويديب��س – اأيته� املراأة فيم ن�رشف يف‬
‫العن�ية بوحي دلف وب�شي�ح الطري يف جو‬
‫ال�شم�ء؟ لو �شدق هذا كله لكنت ق�تل اأبي‪ ،‬فه�‬
‫هو ذا قد م�ت وواراه الرتاب وه�أنذا هن� مل اأجرد‬
‫�شيف ً� (�ساخر�ً) اإل اأن يكون قد قتله احلزن لفراقي‪،‬‬
‫واإذن ف�أن� �شبب موته‪ ،‬وعلى كل ح�ل فقد هبط‬
‫بوليبيو�س اإىل دار املوتى ح�م ًال معه وحي‬
‫عدد ‪143‬‬
‫‪ 7‬متوز ‪2010‬‬
‫الآلهة‪ ،‬كال اإن هذا الوحي ل يدل على �شيء‪.‬‬
‫ي�كا�ستيه – اأمل اأنبئك بهذا منذ وقت‬
‫طويل؟‬
‫�أويديب��س – لقد اأنب�أتني ب�حلق‪ ،‬ولكن‬
‫اخلوف ك�ن ي�شلني‪.‬‬
‫ي�كا�ستيه – ل حتفل ب�لوحي منذ الآن‪.‬‬
‫�أويديب��س – وكيف ل اأخ�ف �رشير اأمي؟‬
‫ي�كا�ستيه – م�ذا يجدي على الإن�ش�ن اأن‬
‫ميالأ نف�شه ذعراً؟ اإمن� امل�ش�دفة وحده� هي‬
‫امل�شيطرة على اأمره كله دون اأن ي�شتطيع التنبوؤ‬
‫ب�أي�رش م� �شيعر�س له‪ .‬واخلري يف اأن ي�شت�شلم‬
‫الإن�ش�ن للحظ م� ا�شتط�ع‪ .‬اأم� اأنت فال تخف‬
‫من فكرة القرتان ب�أمك فكثري من الن��س من‬
‫اقرتنوا ب�أمه�تهم يف اأحالم الليل‪ .‬ومن ازدرى‬
‫هذا اخلوف الذي ي�شدر عن الوهم ك�ن خليق ً� اأن‬
‫يحتمل احلي�ة يف كثري من الي�رش‪.‬‬
‫�أويديب��س – كنت خليقة اأن ت�شيبي يف هذا‬
‫كله لو مل تكن اأمي بني الأحي�ء‪ ،‬ف�أم� وهي حية‬
‫ف�إين م�شطر على رغم م� تقولني من احلق اإىل‬
‫�شيء من اخلوف‪.‬‬
‫ي�كا�ستيه – ومع ذلك ف�إن قرب اأبيك يحط‬
‫عنك ثق ًال عظيم�ً‪.‬‬
‫�أويديب��س – ل اأ�شك يف ذلك ولكني م� زلت‬
‫اأخ�ف اأمي التي مل متت‪.‬‬
‫�لر�س�ل – ومن هذه املراأة التي تثري يف‬
‫نف�شك هذا الهلع؟‬
‫�أويديب��س – هي مريوب� التي ك�ن يع�ي�شه�‬
‫بوليبيو�س اأيه� ال�شيخ‪.‬‬
‫�لر�س�ل – وم�ذا يخيفك منه�؟‬
‫�أويديب��س – وحي من الآلهة‪ ،‬وحي خطري‬
‫اأيه� الغريب‪.‬‬
‫�لر�س�ل – اأت�شتطيع اأن تنبئني به؟ اأم يحظر‬
‫على غريك اأن يعرفه؟‬
‫�أويديب��س – �شتعلم‪ ،‬لقد تنب�أ اأبولون ب�أين‬
‫�ش�أتزوج اأمي و�ش�أ�شفك بيدي دم اأبي‪ .‬من اأجل‬
‫هذا اأقمت بعيداً عن كورنته منذ زمن طويل‪.‬‬
‫وكنت حم ًّق� يف ذلك‪ .‬ومع ذلك فحبيب اإىل النف�س‬
‫اأن نرى وجوه اآب�ئن� واأمه�تن�‪.‬‬
‫�لر�س�ل – من اأجل هذا اخلوف نفيت نف�شك‬
‫من املدينة؟‬
‫�أويديب��س – نعم مل اأرد اأن اأكون ق�تل اأبي‬
‫اأيه� ال�شيخ‪.‬‬
‫�لر�س�ل – ِ َ‬
‫مل مل اأنقذك من هذا اخلوف اأيه�‬
‫امللك‪ ،‬وقد اأقبلت ميلوؤين احلب لك؟‬
‫�أويديب��س – اإذن اأك�فئ هذه اخلدمة مب�‬
‫ت�شتحق‪.‬‬
‫�لر�س�ل – ومن اأجل هذا اأقبلت راجي ً� اأن‬
‫ينفعني ذلك بعد عودتك اإىل كورنته‪.‬‬
‫�أويديب��س – ولكن لن اأعي�س مع اأهلي يف‬
‫مك�ن واحد‪.‬‬
‫�لر�س�ل – وا�شح ج ًّدا ي� بني اأنك ل تعرف‬
‫م� ت�شنع‪.‬‬
‫�أويديب��س – وكيف ذلك اأيه� ال�شيخ؟ اأنبئني‬
‫بحق الآلهة‪.‬‬
‫�لر�س�ل – اإذا ك�نت هذه هي الأ�شب�ب التي‬
‫متنعك من العودة اإىل وطنك‪.‬‬
‫�أويديب��س – اأخ�شى اأن ت�شدق نبوءة‬
‫اأبولون‪.‬‬
‫�لر�س�ل – اأتخ�شى اأن ت�أتي الإثم مع اأبويك؟‬
‫�أويديب��س – هذا م� يفزعني دائم ً� اأيه�‬
‫ال�شيخ‪.‬‬
‫�لر�س�ل – اأتعلم اأن خوفك ل اأ�ش��س له‪.‬‬
‫�أويديب��س – كيف ذلك اإذا كنت ابن هذين‬
‫ال�شخ�شني؟‬
‫�لر�س�ل – لأن بوليبيو�س مل تكن بينه‬
‫وبينك �شلة الن�شب‪.‬‬
‫�أويديب��س – م�ذا تقول؟ مل يكن بوليبيو�س‬
‫اأبي؟‬
‫�لر�س�ل – مل يكن اأب�ك كم� اأين ل�شت اأب�ك‪.‬‬
‫�أويديب��س – وكيف يكون اأبي م�ش�وي ً� ملن‬
‫ل �شلة بينه وبيني؟‬
‫�لر�س�ل – لأنه مل يلدك كم� اأين مل األدك‪.‬‬
‫�أويديب��س – و َ‬
‫مل ك�ن يدعوين ابنه اإذن؟!‬
‫�لر�س�ل – تعلم اأنه تلق�ك هدية مني‪.‬‬
‫�أويديب��س – وعلى رغم اأنه تلق�ين من يد‬
‫اأجنبية فقد اأحبني كل ذلك احلب؟‬
‫�لر�س�ل – ذلك لأنه ك�ن عقيم ً� ل ولد له‪.‬‬
‫�أويديب��س – واأنت كنت قد ا�شرتيتني اأم‬
‫التقطتني حني اأهديتني اإليه؟‬
‫�لر�س�ل – التقطتك يف واد من تلك الودي�ن‬
‫التي تظلله� الغ�ب�ت يف جبل كتريون‪.‬‬
‫�أويديب��س – وفيم ذهبت اإىل هذه الودي�ن؟‬
‫�لر�س�ل – كنت اأرعى القطع�ن يف اجلبل‪.‬‬
‫�أويديب��س – كنت راعي ً� اإذن تهيم حل�ش�ب‬
‫غريك؟‬
‫�لر�س�ل – وكنت يف ذلك الوقت منقذك ي�‬
‫بني‪.‬‬
‫�أويديب��س – اأي اأمل كنت اأحتمل حني‬
‫وجدتني يف تلك احل�ل ال�شيئة؟‬
‫�لر�س�ل – تنبئ بهذا مف��شل قدميك‪.‬‬
‫�أويديب��س – اإنك لتذكرين ب�آلم قدمية‬
‫ق��شية‪.‬‬
‫�لر�س�ل – فككتك وك�نت قدم�ك قد ثقبت�‬
‫يف اأطرافهم�‪.‬‬
‫�أويديب��س – اأي ذكرى �شيئة اأحتفظ به�‬
‫لأعوام ال�شب�!‬
‫(‪)13‬‬
‫ا�شتق ا�شمك ‪.‬‬
‫ال�رش ّ‬
‫�لر�س�ل – من هذا ّ‬
‫�أويديب��س – بحق الآلهة اأنبئني‪ ،‬اأج�ءين‬
‫هذا ال�رش من اأمي اأم من اأبي؟‬
‫�لر�س�ل – ل اأدري واإمن� علم ذلك عند الذي‬
‫دفعك اإيلّ‪.‬‬
‫�أويديب��س – فقد تلقيتني اإذن من رجل اآخر‬
‫ومل جتدين يف الطريق؟‬
‫�لر�س�ل – تلقيتك من راع اآخر‪.‬‬
‫�أويديب��س – من ع�شى اأن يكون؟ اأت�شتطيع‬
‫اأن تدل عليه؟‬
‫�لر�س�ل – ك�ن يق�ل اإنه من خدم ليو�س‪.‬‬
‫�أويديب��س – من خدم امللك القدمي لهذا‬
‫البلد؟‬
‫�لر�س�ل – نعم ك�ن راعي ً� لهذا الرجل‪.‬‬
‫حي�؟ اأاأ�شتطيع اأن‬
‫�أويديب��س – اأم� زال ًّ‬
‫اأراه؟‬
‫�لر�س�ل (لأع�ساء �جل�قة) – اأنتم اأعلم بهذا‬
‫لأنكم من اأهل هذه املدينة‪.‬‬
‫�أويديب��س (للج�قة) – اأيوجد بينكم من‬
‫يعرف هذا الراعي �شواء راآه يف املينة اأم يف‬
‫ريفه�؟ اأجيبوا فقد اآن اأن يتبني الأمر‪.‬‬
‫�جل�قة – اأظن اأنه لي�س اإل هذا الريفي الذي‬
‫‪14‬‬
‫كنت تريد اأن تراه منذ حني‪ ،‬ولكن يوك��شتيه‬
‫اأعلم بذلك من�‪.‬‬
‫�أويديب��س – اأيته� املراأة اأتظنني اأن هذا‬
‫الرجل الذي كن� ننتظره منذ حني هو الذي ي�شري‬
‫اإليه الر�شول‪.‬‬
‫ي�كا�ستيه – م�ذا؟ عمن تتحدث؟ ل تلتفت‬
‫اإىل هذا‪ .‬اجتهد يف اأن تن�شى هذا الكالم الذي ل‬
‫يغني‪.‬‬
‫�أويديب��س – لي�س من املعقول األ تعينني‬
‫هذه الأم�رات على اأن اأعرف مولدي‪.‬‬
‫ي�كا�ستيه – بحق الآلهة اإل م� تركت هذا‬
‫معني� بحي�تك اخل��شة (لنف�سها)‬
‫البحث اإن كنت‬
‫ًّ‬
‫اإن �شق�ئي يكفي‪.‬‬
‫�أويديب��س – ل ب�أ�س عليك فلو قد ثبت اأين‬
‫ابن اأجي�ل ثالثة من الرقيق مل يلقك من هذا اأي‬
‫ع�ر‪.‬‬
‫ي�كا�ستيه – مهم� يكن من �شيء ف�إين‬
‫اأ�رشع اإليك يف اأن ت�شمع يل واأل مت�شي يف هذا‬
‫البحث‪.‬‬
‫�أويديب��س – ل �شبيل اإىل ط�عتك‪ .‬ل بد من‬
‫اأن يتبني هذا اللغز‪.‬‬
‫ي�كا�ستيه – ومع ذلك ف�أن� اأفكر يف منفعتك‬
‫واأن�شح لك يف امل�شورة‪.‬‬
‫�أويديب��س – عن هذا الذي تراه‪ .‬األقيته قط؟‬
‫�خلادم – ل اأ�شتطيع اأن اأجيب من الفور لأين‬
‫ل اأذكر‪.‬‬
‫�لر�س�ل – ل غرابة يف ذلك ي� مولي‪ .‬لقد‬
‫ن�شي كل �شيء ولكني �ش�أذكره يف و�شوح وجالء‪.‬‬
‫اأن� واثق ب�أنه عرفني حني ك�ن يرعى ط�ئفتني‬
‫من القطع�ن‪ ،‬وكنت اأرعى ط�ئفة واحدة وقد‬
‫اأقمن� مع ً� على الكتريون ثالثة ف�شول من الربيع‬
‫اإىل اأن ظهر الدب‪ .‬فلم� اأقبل ال�شت�ء عدت اإىل‬
‫حظ�ئري وع�د هو اإىل حظ�ئر ليو�س‪ .‬اأهذا حق؟‬
‫اأمل جتر الأمور كم� و�شفت؟‬
‫�خلادم – ح ًّق� ولكن هذا بعيد العهد‪.‬‬
‫�شبي�‬
‫�لر�س�ل – والآن اأتذكر اأنك دفعت اإ ّ‬
‫يل ًّ‬
‫لأربيه كم� لو ك�ن ابني؟‬
‫�خلادم – م�ذا تقول؟ مل تلق هذا ال�شوؤال؟‬
‫�لر�س�ل – ه� هو ذا اأيه� ال�شديق ذلك الذي‬
‫�شبي� حينئذ‪.‬‬
‫ك�ن ًّ‬
‫�خلادم – لتهلكك الآلهة‪ ،‬األ توؤثر ال�شمت‪.‬‬
‫�أويديب��س – ل تغ�شب عليه اأيه� ال�شيخ‬
‫ف�إن األف�ظك اأنت هي اخلليقة اأن تثري الغ�شب ل‬
‫األف�ظه‪.‬‬
‫�خلادم – اأي خطيئة اقرتفت ي� خري‬
‫ال�ش�دة‪.‬‬
‫�أويديب��س – خطيئتك اأنك ل جتيب ب�شيء‬
‫عن اأمر الطفل الذي ي�ش�ألك عنه‪.‬‬
‫�خلادم – اإنه يتحدث عن غري علم وي�شيع‬
‫وقته‪.‬‬
‫�أويديب��س – اإن مل جتب ط�ئع ً� ف�شتجيب‬
‫ك�ره�ً‪.‬‬
‫�خلادم – اإين اأق�شم عليك ب�لآلهة األ تعذبني‬
‫علي ف�إين �شيخ كبري‪.‬‬
‫ول ت�شق ّ‬
‫�أويديب��س – األ تريدون اأن ت�رشعوا فتجمعوا‬
‫يديه خلف ظهره‪.‬‬
‫�خلادم – م� اأ�شق�ين! فيم هذا العذاب؟ م�ذا‬
‫تريد اأن تعلم؟‬
‫�أويديب��س – هذا ال�شبي الذي يتحدث عنه‪.‬‬
‫هل دفعته اإليه؟‬
‫�خلادم – نعم وددت لو مت يف ذلك اليوم‪.‬‬
‫�أويديب��س – �شينزل بك املوت اإن مل تقل م�‬
‫يجب اأن تقول‪.‬‬
‫�خلادم – واأ�شد من ذلك ت�أكيداً اأين ه�لك اإن‬
‫تكلمت‪.‬‬
‫يل اأن هذا الرجل يريد‬
‫�أويديب��س – يخيل اإ َّ‬
‫اأن يدور‪.‬‬
‫�خلادم – كال‪ ،‬لقد اأنب�أتك ب�أين دفعت ال�شبي‬
‫اإليه‪.‬‬
‫�جل�قة (يف ن�ساط وفرح)(‪ – )14‬اإن كنت ك�هن�ً‪،‬‬
‫اإن كنت ذكي القلب‪ ،‬ف�إين اأق�شم ب�أبولون اأي‬
‫جبل كتريون اأن القمر لن يتم يف ال�شم�ء حتى‬
‫ترى اإقب�لن� عليك واحتف�لن� بك‪ ،‬اأنت موطن‬
‫اأويديبو�س‪ .‬اأنت الذي غذاه وك�ن له اأب�ً‪� ،‬شنحتفل‬
‫بك راق�شني لأنك كنت م�شدر اخلري ل�ش�دتن�‪ .‬اأي‬
‫اأبولون ح�مين�‪ ،‬اأرجو اأن يروقك م� اأقول‪.‬‬
‫من ي� بني؟ من ولدتك؟ من ع�شى اأن تكون‬
‫هذه العذراء اخل�لدة التي منحتك احلي�ة بعد اأن‬
‫اقرتنت ب�لآله پ�ن اأبيك الذي يهيم يف اجلب�ل‬
‫بعد اأن ك�ن اأثرياً عند اأبولون؟ اإنه يحب ال�شهول‬
‫الريفية كله�‪ .‬ومن يدري لعل الإله هرمي�س الذي‬
‫ميلك على جبل كيلني حيث يقيم ب�كو�س نزيل‬
‫اجلب�ل ال�ش�هقة قد تلق�ك ر�شيع ً� من اإحدى‬
‫العذارى اخل�لدات الالتي يع�شن يف جبل اليكون‬
‫والالتي يداعبهن الإله كثرياً‪.‬‬
‫(يرى �لر�عي للملك لي��س وه� يقبل بني عبدين)‬
‫�أويديب��س – نعم ولكن ن�شحك هذا يوؤذيني‬
‫منذ حني‪.‬‬
‫ي�كا�ستيه – اأيه� ال�شقي وددت لو جهلت‬
‫دائم ً� من تكون‪.‬‬
‫يل بهذا‬
‫�أويديب��س – األ يراد اأن يوؤتى اإ ّ‬
‫الراعي (ي�رصع �أحد �خلدم يف طلبه) دعوه� تفخر‬
‫ب�أ�رشته� العظيمة‪.‬‬
‫ي�كا�ستيه – واح�رشت�ه اأيه� ال�شقي‪ ..‬هذا‬
‫الإ�شم الذي اأ�شتطيع اأن اأ�شميك به ولن اأ�شتطيع‬
‫اأن اأدعوك ب��شم اآخر‪.‬‬
‫(تخرج)‬
‫رئي�س �جل�قة – مل�ذا انطلقت زوجك ي�‬
‫اأويديبو�س ميلوؤه� ي�أ�س فظيع؟ اإين لأخ�شى اأن‬
‫ينفجر من هذا ال�شمت �رش عظيم‪.‬‬
‫�أويديب��س – لينفجر م� يريد اأن ينفجر‪،‬‬
‫ولكني حري�س على اأن اأعرف اأ�شلي مهم� يكن‬
‫و�شيع�ً‪ ،‬اإن هذه املراأة قد مالأته� الكربي�ء فهي‬
‫ت�شتخزي من مولدي الو�شيع‪ ،‬اأم� اأن� ف�أرى‬
‫نف�شي ابن اجلدود اخلرية ول يغ�س من �ش�أين‬
‫ن�شب مهم� يكن‪ .‬نعم هذه اجلدود هي التي كربت‬
‫معي قد خف�شتني حين ً� ورفعتني حين ً� اآخر‪ .‬هذا‬
‫هو ن�شبي ل �شبيل اإىل تغيريه‪ .‬مل�ذا اأعدل عن‬
‫ا�شتك�ش�ف مولدي؟‬
‫علي اأيه� ال�شيوخ‬
‫�أويديب��س – اإذا ك�ن ح ًّق� ّ‬
‫اأن اأتو�شم رج ًال مل اأره قط ف�إين اأظن اأن هذا املقبل‬
‫هو الراعي الذي نبحث عنه منذ زمن طويل‪ .‬ف�إن‬
‫�شيخوخته التي بعد العهد به� تالئم �شيخوخة‬
‫هذا الر�شول‪ .‬على اأين اأعرف هذين اللذين يقودانه‬
‫فهم� من خدمي‪ .‬ولكنك اأنت وقد راأيت هذا الراعي‬
‫من قبل ت�شتطيع اأن تنبئن� بعلم ذلك‪.‬‬
‫رئي�س �جل�قة – تعلم اأين اأعرفه فقد ك�ن‬
‫ملك ً� لاليو�س وك�ن من اأ�شد رع�ته اأم�نة له‬
‫ووف�ء‪.‬‬
‫�أويديب��س – �ش�أبداأ ب�شوؤالك اأنت اأيه� الغريب‬
‫الكورنتي اأهذا هو الرجل الذي تتحدث عنه؟‬
‫�لر�س�ل – هو بعينه‪ .‬اإنك لرتاه‪.‬‬
‫يل واأجب عن‬
‫�أويديب��س – اأيه� ال�شيخ انظر اإ ّ‬
‫كل م� األقي عليك من �شوؤال‪ ..‬اأكنت فيم� م�شى‬
‫من الدهر ملك ً� لاليو�س؟‬
‫�خلادم – كنت عبده مل ي�شرتين‪ ،‬ولكني‬
‫ولدت ون�ش�أت يف ق�رشه‪.‬‬
‫�أويديب��س – م�ذا كنت ت�شنع؟ واأي حي�ة‬
‫كنت حتي�؟‬
‫�خلادم – اأنفقت معظم حي�تي راعي ً�‬
‫للقطع�ن‪.‬‬
‫�أويديب��س – يف اأي مك�ن كنت تقيم؟‬
‫�خلادم – كنت اأقيم على جبل الكتريون‬
‫اأحي�ن ً� واأحي�ن ً� يف بلد يج�وره‪.‬‬
‫�أويديب��س – هذا الرجل اأتذكر اأنك راأيته‬
‫هن�ك؟‬
‫�خلادم – م�ذا ك�ن ي�شنع؟ عن اأي الرج�ل‬
‫تتحدث؟‬
‫‪15‬‬
‫�أويديب��س – وممن تلقيت هذا ال�شبي؟ اأك�ن‬
‫ابنك اأم تلقيته من اإن�ش�ن اآخر؟‬
‫�خلادم – مل يكن ابني بل تلقيته من بع�س‬
‫الن��س‪.‬‬
‫�أويديب��س – من اأي املواطنني من هن�؟ من‬
‫اأي بيت؟‬
‫�خلادم – بحق الآلهة ي� مولي ل ت�شلني‬
‫عن اأكرث من هذا‪.‬‬
‫�أويديب��س – اإنك ميت اإن ا�شطررت اإىل اأن‬
‫اأعيد عليك هذا ال�شوؤال‪.‬‬
‫�خلادم – اإذن فقد ولد هذا ال�شبي يف ق�رش‬
‫ليو�س‪.‬‬
‫�أويديب��س – اأولد لعبد من عبيده؟ اأم ولد‬
‫له هو؟‬
‫�خلادم – واح�رشت�ه! هذا م� يفظعني اأن‬
‫اأقوله‪.‬‬
‫�أويديب��س – ويفظعني اأن اأ�شمعه‪ .‬ومع ذلك‬
‫يجب اأن تتكلم‪.‬‬
‫�خلادم – ك�ن يق�ل اإنه ابن امللك‪ ،‬ولكن يف‬
‫الق�رش امراأتك ت�شتطيع اأن تنبئك بجلية الأمر‪.‬‬
‫�أويديب��س – اأهي التي دفعته اإليك؟‬
‫�خلادم – نعم اأيه� امللك‪.‬‬
‫�أويديب��س – مل�ذا؟‬
‫�خلادم – لأهلكه‪.‬‬
‫�أويديب��س – "ا ّأم" تقدم على ذلك؟ م�‬
‫اأ�شق�ه�!‬
‫�خلادم – خوف ً� من وحي م�شئوم‪.‬‬
‫�أويديب��س – اأي وحي؟‬
‫�خلادم – ك�ن يق�ل اإن هذا ال�شبي لو ع��س‬
‫لقتل اأبويه‪.‬‬
‫�أويديب��س – و َ‬
‫مل دفعته اإىل هذا ال�شيخ؟‬
‫�خلادم – اإ�شف�ق ً� عليه ي� مولي‪ .‬قدرت‬
‫اأن �شيحمله اإىل بلد اآخر حيث يعي�س هو‪ .‬وهو‬
‫اأنقذ حي�ته فك�ن ذلك م�شدر �شق�ء عظيم‪ .‬فلو‬
‫قد �شدق م� يقول لكنت اأ�شقى الن��س واأنكدهم‬
‫حظًّ �ً‪.‬‬
‫اأويديبو�س – واح�رشت�ه! واح�رشت�ه! لقد‬
‫ا�شتب�ن كل �شيء‪ .‬اأيه� ال�شوء‪ ،‬اأيه� ال�شوء لعلي‬
‫اأراك الآن للمرة الأخرية‪ .‬لقد اأ�شبح الن��س جميع ً�‬
‫علي اأن اأولد ملن ولدت‬
‫يعلمون‪ ،‬لقد ك�ن حمظوراً ّ‬
‫له واأن اأحي� مع من اأحي� معه‪ .‬وقد قتلت من مل‬
‫يكن يل اأن اأقتله‪.‬‬
‫(ي�رصع �إىل �لق�رص‪ .‬ويذهب �لر�عيان‪� .‬أما �لك�رنتي‬
‫فاإىل �ل�سمال‪ ،‬و�أما �لآخر فاإىل �ليمني‪� .‬مللعب خال)‬
‫�جل�قة (يف هدوء وحزنٍ ) – واح�رشت�ه اأي‬
‫اأبن�ء اله�لكني! اإن وجودكم عندي ليعدل العدم‪،‬‬
‫عدد ‪143‬‬
‫‪ 7‬متوز ‪2010‬‬
‫اأي الن��س عرف من ال�شع�دة غري م� تخيل‪ ،‬اإمن�‬
‫يل الوهم ثم ل تلبثون اأن تردوا اإىل‬
‫تدفعون اإ ّ‬
‫ال�شق�ء! اإذا ك�ن حظك مثالً‪ ،‬نعم اإذا ك�ن حظك‬
‫مث ًال اأيه� ال�شقي اأويديبو�س‪ ،‬فلن اأرى حي�ة‬
‫الن��س اأه ًال لل�شع�دة‪.‬‬
‫لقد رمى ف�أبعد‪ ،‬لقد ظفر ب�لنعيم واجلد‪،‬‬
‫اأي زو�س! لقد اأهلك تلك العذراء ذات املخ�لب‬
‫احلجن والأغ�ين الغ�م�شة‪ ،‬ولقد ك�ن ق�ئم ً� يف‬
‫بلدن� ك�أنه الربج ال�ش�هق يرد عن� املوت‪ .‬منذ‬
‫اخلري‬
‫ذلك الوقت‪ .‬اأي اأويديبو�س‪ ،‬دعون�ك امللك ِّ‬
‫وقدمن� اإليك اأعظم ال�رشف فجعلن�ك �ش�حب‬
‫الأمر والنهي يف هذه املدينة القوية مدينة‬
‫ثيبة«طيبة»‪.‬‬
‫(يف �أناة)‬
‫واليوم اأي الن��س ي�شقى مب� هو اأ�شد اإيالم ً�‬
‫من هذا؟ اأي الن��س يغرق يف اأمواج من العذاب‬
‫اأعنف من هذا العذاب؟ واح�رشت�ه! اأيه� العزيز‬
‫اأويديبو�س ذا ال�شوت البعيد كيف كتب عليك اأن‬
‫تكون ابن ً� واأب ً� وزوج ً� واأن يوؤويك نف�س املرف�أ‬
‫الذي اآوى اأب�ك ويوؤوي والدتك‪ ،‬كيف ا�شتط�ع‬
‫حرث اأبيك اأن يحتملك يف �شمت طول هذا‬
‫الوقت‪.‬‬
‫لقد ا�شتك�شفك على الرغم منك هذا الزم�ن‬
‫الذي يرى كل �شيء‪ ،‬اإنه ليمقت زواجك هذا‬
‫البغي�س الذي جعل لك من اأمك اأولداً‪ .‬ي� ابن‬
‫ليو�س‪ ،‬ليتني مل اأرك قط‪ .‬اإين لأ�شكو اأن فمي ل‬
‫ي�شتطيع اأن يبعث اإل �شيح�ت الأمل‪ .‬ومع ذلك‬
‫فيجب اأن اأقول احلق‪ ،‬بف�شلك ا�شتطعت اأن اأتنف�س‪،‬‬
‫بف�شلك ا�شتطعت اأن اأغم�س عيني‪.‬‬
‫(يدخل خادم مقبل من �لق�رص)‬
‫�خلادم – اأي اأ�رشاف هذه الأر�س واأحق‬
‫اأهله� ب�لكرامة! على اأي عمل �شتقدمون‪ ،‬واإىل اأي‬
‫اأمل �شتنظرون‪ ،‬ويف اأي حداد �شتمعنون! اإن كنتم‬
‫م� تزالون حتبون اأ�رشة لبدكو�س ففي احلق اأين‬
‫ل اأظن اأن م� يجري يف نهر الأ�شتري والف��س من‬
‫امل�ء ي�شتطيع اأن يغ�شل هذا الق�رش مم� علق به‬
‫من اأو�ش�ر اجلرم‪ ،‬على اأنه �شيفتح بعد حني عن‬
‫اآلم اأخرى ك�شبته� الإرادة ك�شب ً� دون اأن يكره‬
‫إيذاء للن��س م�‬
‫عليه� اأ�شح�به�‪ ،‬واأ�شد الآلم ا ً‬
‫يجنيه الن��س على اأنف�شهم ب�أنف�شهم‪.‬‬
‫رئي�س �جل�قة – اإن م� نعرفه ليكفي ليدفعن�‬
‫اإىل ال�شك�ة والأنني‪ .‬فم�ذا تريد اأن تنبئن�؟‬
‫�خلادم – ب�شيء ي�شري اأن يق�ل وي�شري اأن ُيعلم‬
‫اأي�ش�ً‪ .‬اأن يوك��شتيه ملكتن� قد ف�رقت احلي�ة‪.‬‬
‫رئي�س �جل�قة – ي� له� من ب�ئ�شة! وم�ذا‬
‫�خلادم – اإنه ي�شيح ب�خلدم اأن اقتحموا‬
‫الأبواب واأظهروا لأهل ثيبة«طيبة» جميع ً� ق�تل‬
‫اأبيه‪ ،‬البن الذي ك�ن من اأمه‪ ..‬ل اأ�شتطيع اأن اأعيد‬
‫عليكم هذه الكلم�ت الآثمة‪ ،‬اإنه يزعم اأنه �شينفي‬
‫نف�شه من الأر�س‪ ،‬واأنه لن يقيم يف الق�رش بعد‬
‫اأن �شبت عليه اللعنة التي ا�شتنزله� هو‪ .‬وهو‬
‫مع ذلك حمت�ج اإىل كل من يعينه ومن يهديه‪،‬‬
‫ف�إن اآلمه اأثقل من اأن ي�شتطيع له� احتم�لً‪.‬‬
‫و�شيظهرك عليه هذه الأبواب تفتح‪� ،‬شرتى منظراً‬
‫يثري اإ�شف�ق العدو نف�شه‪.‬‬
‫ق�شى عليه� املوت؟‬
‫�خلادم – قتلت نف�شه� وقد جنبتم من‬
‫هذا كله م� هو اأ�شد نكراً فلم ت�شهدوه‪ ،‬ومل تروا‬
‫فظ�عته‪ .‬ومع ذلك ف�شتعلم مقدار م� احتملت‬
‫تلك الب�ئ�شة من الأمل كم� حفظته ذاكرتي‪ .‬لقد‬
‫م�شت ذاهلة‪ ،‬حتى اإذا عربت البهو قذفت نف�شه�‬
‫نحو �رشير الزوجية م�شت�أ�شلة �شعره� بكلت�‬
‫يديه�‪ .‬ثم تدخل وتغلق الب�ب من دونه� يف عنف‬
‫داعية ليو�س ذلك الذي م�ت منذ وقت طويل‬
‫م�شتح�رشة ذكر ابنه� الذي منحته احلي�ة منذ‬
‫�شنني‪ ،‬ابنه� الذي ك�ن يجب اأن يلقى ليو�س‬
‫املوت من يده ليرتك الأم تلد اأبن�ء (اإن �شح اأن‬
‫ي�شموا بهذا ال�شم) لبنه�‪ .‬وك�نت تعول وتنتحب‬
‫على هذا ال�رشير الذي تلقى من ولده� جيلني‪،‬‬
‫اأزواج ً� من زوجه� واأبن�ء من ابنه�‪ .‬كيف م�تت‬
‫بعد ذلك ل اأدري‪ ،‬لقد اأقبل اأويديبو�س �ش�رخ ً�‬
‫�ش�خب ً� فلم ا�شتطع اأن اأرى موت امللكة‪ ،‬اإمن�‬
‫وقفن� اأب�ش�رن� عليه وهو يهيم م�شطرب ً� غ�ئب‬
‫الر�شد‪ .‬ك�ن يذهب اإىل غري وجه ي�ش�ألن� اأن‬
‫نعطيه �شيف ً� واأن ننبئه عن مك�ن امراأته بل عن‬
‫مك�ن تلك التي حملته وحملت اأبن�ءه ومنحتهم‬
‫جميع ً� احلي�ة‪ .‬ثم هداه اإليه� يف هذه الثورة اإله‬
‫ل اأدري من هو‪ ،‬ولكن املحقق اأنن� مل ندله على‬
‫مك�نه�‪ .‬هن�لك بعث �شيحة منكرة واندفع اإىل‬
‫الب�ب املغلق فيدير حديده املجوف ثم يقذف‬
‫نف�شه يف احلجرة‪ .‬وهن�ك نرى امراأته خنقت‬
‫نف�شه�‪ ،‬وك�ن احلبل املربم ل يزال يزور حول‬
‫عنقه�‪ .‬فال يك�د ال�شقي ي�شهد هذا املنظر حتى‬
‫يدفع من فمه زئرياً مروع ً� فيحل العقدة التي‬
‫ك�نت تعلقه� يف الهواء وت�شقط املراأة الب�ئ�شة‬
‫على الأر�س هن�لك راأين� هو ًل اأي هول‪ ،‬نرى‬
‫اأويديبو�س ينتزع امل�ش�بك الذهبية التي ك�نت‬
‫قد اتخذته� زينة‪ ،‬ثم يدفع به� يف عينيه �ش�ئح ً�‬
‫اأنه لن يرى �شق�ءه ول جرائمه‪ ،‬ثم يتحدث اإىل‬
‫عينيه ق�ئالً‪�" :‬شتظالن يف الظلمة فال تري�ن‬
‫من ك�ن يجب األ تري�ه‪ ،‬ول تعرف�ن من ل اأريد‬
‫اأن اأعرف بعد اليوم"‪ .‬ك�ن يدفع هذه ال�شيح�ت‬
‫ويرفع جفنيه م�ش�عف ً� �رشب�ته وه�ت�ن عين�ه‬
‫الداميت�ن تخ�شب�ن ذقنه مل تكون� تر�شالن‬
‫قطرات رطبة من الدم‪ ،‬واإمن� ك�ن ينفجر منهم�‬
‫مطر مظلم دام‪ .‬لقد ا�شرتك� يف اأحداث هذه الآث�م‬
‫ف��شرتك� فيم� اأنتجت من �شق�ء‪ ،‬لقد ا�شتمتع� من‬
‫قبل برتاث قدمي من ال�شع�دة فلم يبق منه الآن اإل‬
‫اأنني ولعن�ت وموت وخزي‪ ،‬كل الآلم ل ينق�س‬
‫منه� �شيء‪.‬‬
‫رئي�س �جل�قة – والآن م� ب�ل ال�شقي ع�د‬
‫اإليه الهدوء؟‬
‫(يدخل �أويديب��س د�مي ًا وقد فقئت عيناه)‬
‫رئي�س �جل�قة (يف غناء) – ي� لالأمل ذي املنظر‬
‫الفظيع اأفظع م� راأيت قط! اأي جنون قد ُ�ش َّب عليك‬
‫اأيه� ال�شقي؟ اأي اإله قد انتهى ب�لق�ش�ء فيك اإىل‬
‫ف�شب عليك من الآلم م� يتج�وز ط�قة‬
‫اأق�ش�ه‪،‬‬
‫َّ‬
‫الن��س؟ اآه اإنك لتع�س ل اأجد القوة على اأن اأدير‬
‫طريف نحوك‪ ،‬ومع ذلك فم� اأ�ش ّد حر�شي على اأن‬
‫بلغ‬
‫اأ�ش�ألك واأ�شمع لك‪ ،‬واأنظر اإليك‪ ،‬اإىل هذا احل ّد َ‬
‫م� تثري يف نف�شي من الهول والفزع‪.‬‬
‫�أويديب��س (وه� يتقدم متحم�س ًا) – اآه م�‬
‫اأ�شق�ين! اأين اأذهب؟ اإىل ا ِّأي بلد؟ اإىل اأين يحمل‬
‫الهواء �شوتي؟ اأي ج�شدي الع�ثر اأين هويت؟‬
‫رئي�س �جل�قة (متحدث ًا) – يف حزن ل يط�ق‬
‫و�شفه ول النظر اإليه‪.‬‬
‫�أويديب��س (م�سطرب ًا) – اأيه� ال�شح�ب املظلم‪،‬‬
‫علي‪ ،‬ي� لل�شح�ب‬
‫ي� لل�شح�ب البغي�س الذي �شب ّ‬
‫الذي ل يو�شف ول يقهر ول يتقي! واح�رشت�ه!‬
‫نعم واح�رشت�ه! ب�أي �شن�ن يطعنني الأمل‬
‫والذكرى‪.‬‬
‫رئي�س �جل�قة – من حقك وقد اأحلت عليك‬
‫امل�ش�ئب اأن ت�ش�عف ال�شك�ة كم� تت�ش�عف‬
‫اآلمك‪.‬‬
‫�أويديب��س – اأيه� ال�شديق! اأنت الرفيق‬
‫الوحيد الذي بقي يل هن�‪ ،‬م� دمت تر�شى اأن‬
‫تعطف على �رشير! واح�رشت�ه! اإين اأعرف اأنك‬
‫لأين وقد غمرتني الظلمة م� اأزال اأ�شمع �شوتك!‬
‫رئي�س �جل�قة – على اأي اأمر فظيع اأقدمت؟‬
‫كيف وجدت ال�شج�عة التي مكنتك من اإطف�ء‬
‫عينيك؟ اأي اإله دفعك اإىل ذلك؟‬
‫�أويديب��س (م�سطرب ًا) – دفعني اإىل ذلك‬
‫اأبولون‪ ،‬نعم اأبولون اأيه� ال�شديق هو م�شدر‬
‫عيني اإل اأن�‬
‫اآلمي التي ل تط�ق‪ ،‬ولكن مل يفق�أ‬
‫ّ‬
‫وحدي اأن� ال�شقي! مل�ذا ك�ن ينبغي اأن اأب�رش بعد‬
‫علي األ اأرى �شيئ ً� يحلو منظره‪.‬‬
‫اأن ق�شي َّ‬
‫رئي�س �جل�قة – اأك�ن الأمر كم� تقول‬
‫ح ًّق�؟‬
‫‪16‬‬
‫�أويديب��س – م�ذا اأ�شتطيع اأن اأرى اأو‬
‫اأحب؟ اأي كالم اأ�شتطيع اأن اأ�شتمع له يف لذة‬
‫اأيه� الأ�شدق�ء؟ قودوين اإىل مك�ن بعيد عن هذه‬
‫الأر�س يف اأ�رشع وقت‪ .‬قودوا اأيه� الأ�شدق�ء‬
‫مو�شوع البغ�س واللعنة اأبغ�س الن��س اإىل‬
‫الآلهة‪.‬‬
‫رئي�س �جل�قة – اإنك خلليق ب�لرث�ء ل�شق�ئك‬
‫وتقديرك لهذا ال�شق�ء‪ ،‬ووددت لو اأين مل اأعرفك‬
‫قط‪.‬‬
‫�أويديب��س (م�سطرب ًا) – ليهلك ذلك الرجل الذي‬
‫فكَّ رجلي من القيد يف مك�ن قفر‪ ،‬وا�شتنقذين من‬
‫مت حينئذ‬
‫املوت وجن�ين لل�شق�ء وحده‪ ،‬فلو ق ْد ِّ‬
‫مل� كنت الآن م�شدر اأمل لأ�شدق�ئي ويل‪.‬‬
‫رئي�س �جل�قة – وددت ذلك كم� توده‪.‬‬
‫�أويديب��س – اإذن مل� قتلت اأبي ومل� دعيت‬
‫زوج ً� للتي ولدتني؟ اأم� الآن فقد تخلى الآلهة‬
‫عني ف�أن� �شليل ا ٍّأم دن�شة‪ ،‬واأن� اأب لإخوتي‪ ،‬ف�إذا‬
‫ك�ن هن�ك �شق�ء اأفظع من ال�شق�ء نف�شه فقد ق�شم‬
‫لأويديبو�س وكتب عليه‪.‬‬
‫رئي�س �جل�قة – اأكنت م�شيب ً� فيم� اأقدمت‬
‫عليه‪ ،‬ل اأدري! لقد ك�ن خرياً لك اأن متوت من اأن‬
‫تعي�س �رشيراً‪.‬‬
‫�أويديب��س – ل حت�ول اأن تظهر يل اأين كنت‬
‫علي‬
‫اأ�شتطيع اأن اأفعل خرياً مم� فعلت‪ ،‬ل ت�رش ّ‬
‫فل�شت اأدري ب�أي نظرة كنت اأقبل على اأبي يف‬
‫دار املوتى اأو على اأمي التع�شة‪ ،‬فقد اقرتفت يف‬
‫ذاتهم� اآث�م ً� ل يكفر عنه� املوت خنق�ً‪ .‬واأواجه‬
‫اأبن�ئي الذين ولدوا كم� تعلم؛ اأك�ن منظراً جمي ًال‬
‫لعيني؟ كال مل يكن لعيني اأن تري�هم‪ ،‬كم� مل يكن‬
‫لعيني اأن تري� املدينة والأ�شوار ول اأ�شن�م الآلهة‬
‫املقد�شة‪ ،‬واح�رشت�ه! لقد ع�شت يف ثيبة«طيبة»‬
‫ا�شعد العي�س واأرغده‪ ،‬ثم �رشفت نف�س هذا العي�س‬
‫بنف�شي حني اأ�شدرت الأمر اإىل الن��س جميع ً� اأن‬
‫ينبذوا ق�تل امللك‪ ،‬فقد ظهر اأن ق�تل ليو�س هو‬
‫�شليل ليو�س‪ .‬فبعد اأن اأظهر الن��س كلهم على‬
‫هذا الإثم اأكنت اأ�شتطيع اأن اأراهم دون اأن اأغ�س‬
‫الطرف خزي�ً؟ كال ولو ك�ن من املمكن اأن مينع‬
‫ال�شوت من الو�شول اإىل النف�س‪ ،‬اإذن حلرمت‬
‫ال�شمع على هذا اجل�شم احلقري حتى ل اأدري‬
‫�شيئ�ً‪ ،‬ول اأ�شمع �شيئ�ً‪ .‬ف� َّإن من الراحة األ ت�شل‬
‫اإىل النف�س هذه الآلم‪.‬‬
‫(�سمت)‬
‫اأي جبل كتريون مل�ذا تلقيتني؟ مل�ذا مل‬
‫تقتلني حني تلقيتني؟ اإذن مل� اأظهرت الن��س‬
‫على ن�شبي؟ اأي بوليبيو�س‪ .‬اأي كورنته‪ ،‬اأيه�‬
‫منيت‬
‫الق�رش الذي كنت اأدعوه ق�رشي‪ ،‬اأي خزي َ‬
‫‪17‬‬
‫يف دون ذلك اجلم�ل الذي ك�ن ي�شرته‪ .‬ف�أن�‬
‫َّ‬
‫الآن جمرم قد ولدت ل�شخ�س جمرم‪ ،‬كل الن��س‬
‫يعرف ذلك‪ ،‬اأيته� الطريق املثلثة‪ ،‬اأيه� الوادي‬
‫الظليل‪ ،‬اأي غ�بة البلوط‪ ،‬اأيه� املمر ال�شيق يف‬
‫املف�رق الثالثة‪ :‬اأننت الالتي �رشبن دمي –‬
‫دمي الذي �شفحته بيدي حني قتلت اأبي‪ .‬اأتذكرن‬
‫اجلرمية التي دن�شتكن به�‪ ،‬اأتذكرن اجلرائم التي‬
‫اقرتفته� بعد اأن بلغت هذه املدينة‪ .‬اأيه� الزواج‪،‬‬
‫اأيه� الزواج لقد منحتني احلي�ة‪ ،‬ثم مل تلبث اأن‬
‫اأنبت البذر نف�شه مرة اأخرى‪ ،‬اأظهرت لل�شوء اآب�ء‬
‫اإخوة لأبن�ئهم‪ ،‬واأبن�ء اإخوة لآب�ئهم‪ ،‬وزوج�ت‬
‫هن لأزواجهن اأمه�ت وزوج�ت‪ ،‬وظهرت لل�شوء‬
‫اأ�شنع م� ميكن اأن يكون بني الن��س من الآث�م‬
‫وال�شيئ�ت‪ ،‬هلم فلي�س يح�شن اأن نقول م� ل يح�شن‬
‫اأن نعمل‪ ،‬اأ�رشعوا بحق الآلهة ف�أخفوين حيث‬
‫�شئتم يف مك�ن بعيد عن هذه الأر�س‪ ،‬اقتلوين‪،‬‬
‫األقوين يف البحر يف حيث ل ترونني اآخر الدهر‪.‬‬
‫ادنوا ل ت�شتكربوا اأن مت�شوا رج ًال تع�ش�ً‪� ،‬شدقوين‬
‫ل تخ�فوا �شيئ�ً‪ ،‬اإن �شق�ئي لأعظم واأثقل من اأن‬
‫يحتمله بني الن��س اأحد غريي‪.‬‬
‫(يدخل كري�ن)‬
‫رئي�س �جل�قة – هذا كريون قد اأقبل وهو‬
‫الذي ي�شتطيع اأن يجيبك اإىل م� تريد‪ ،‬واأن ي�شري‬
‫عليك ن��شح ً� لك ف�إليه وحده يوؤول الأمر من‬
‫بعدك‪.‬‬
‫�أويديب��س – اآه م�ذا اأ�شتطيع اأن اأقول له؟‬
‫واأي �شيء يحق يل اأن اأنتظر منه؟ لقد اأ�رشفت يف‬
‫اجلور عليه اآنف�ً‪.‬‬
‫كري�ن – مل اآت اإىل هذا املك�ن لأ�شوءك ي�‬
‫اأويديبو�س ول لألومك على م� قدمت من خط�أ‪.‬‬
‫ولكن ا�شمعوا يل اأنتم ي� اأبن�ء ثيبة«طيبة» اإذا مل‬
‫ترعوا حرمة الن��س فال اأقول من اأن ترعوا حرمة‬
‫هذه اجلذوة‪ ،‬جذوة الإله هليو�س(‪ )15‬هذه اجلذوة‬
‫التي تغزو كل �شيء‪ ،‬واأن تخجلوا من اأن تظهروا‬
‫هذا الك�ئن الدن�س ب�رزاً غري مقنع‪ ،‬هذا الذي ل‬
‫ت�شتطيع اأن تتلق�ه الأر�س ول الغيث املقد�س ول‬
‫ال�شوء‪ .‬قودوه م�رشعني اإىل الق�رش‪ ،‬اإمن� تفر�س‬
‫التقوى على الأقربني وعليهم وحدهم اأن يروا‬
‫واأن ي�شمعوا �شق�ء ذوي قرب�هم‪.‬‬
‫�أويديب��س – بحق الآلهة اإل م� ا�شتمعت‬
‫يل م� دمت قد كذبت ظني واأظهرت هذا العطف‬
‫ال�شديد على اأ�شد الن��س اإجرام�ً‪ ،‬ف�إين �ش�أقول م�‬
‫ينفعك ل م� ينفعني‪.‬‬
‫كري�ن – م�ذا تطلب اإيلّ؟‬
‫�أويديب��س – اقذفني بعيداً عن هذه املدينة‬
‫يف حيث ل يراين اأحد اأحتدث اإىل اإن�ش�ن‪.‬‬
‫عدد ‪143‬‬
‫‪ 7‬متوز ‪2010‬‬
‫كري�ن – تعلم اأين كنت خليق ً� اأن اأفعل ذلك‬
‫لول اأين اأريد اأن اأتلقى فيه الأمر من الإله‪.‬‬
‫�أويديب��س – اإن اأمر الإله معروف‪ ،‬ف�إن ق�تل‬
‫اأبيه واخل�رج عن ط�عة الآلهة يجب اأن يقتل‪.‬‬
‫كري�ن – نعم بذلك اأمر الإله ولكنن� يف هذه‬
‫ال�رشورة الق��شية نوؤثر اأن نعرف يف و�شوح‬
‫ودقة م� ينبغي اأن نفعل‪.‬‬
‫�أويديب��س – وكذلك تريد اأن ت�شت�أمر الوحي‬
‫يف �ش�أن ب�ئ�س جمرم؟‬
‫كري�ن – ولن تكذب يف هذه املرة م� يقول‪.‬‬
‫�أويديب��س – واأتو�شل اإليك يف اأن متنح القرب‬
‫الذي تراه اأنت مالئم ً� لهذه التي يف الق�رش‪ ،‬ف�أنت‬
‫�ش�حب احلق يف اأداء هذا الواجب لك�ئن جتمع‬
‫بينه وبينك �شلة الدم‪ .‬اأم� اأن� فال تتمن يوم ً� من‬
‫الأي�م اأن تراين مدينة اأبي م� حييت‪ ،‬ولكن دعني‬
‫اأع�س يف اجلب�ل حيث يقوم «كترييون» وطني‬
‫احلزين الذي اخت�ره يل اأمي واأبي يوم ولدت‬
‫ليكون يل قرباً‪ ،‬فقد اآن اأن اأموت حيث اأراد يل‬
‫املوت‪ .‬على اأن هن�ك �شيئ ً� اأعرفه حق املعرفة لن‬
‫يختم حي�تي مر�س اأو �شيء ي�شبه املر�س‪ ،‬فم�‬
‫جنوت من املوت لو مل اأكن مهيئ ً� ل�شق�ء فظيع‪.‬‬
‫ولكن ليبلغ بي الكت�ب اأجله مهم� يكن‪ .‬اأم�‬
‫ابن�ي فال تتكلف يف اأمرهم� جهداً‪ ،‬فهم� رجالن‬
‫ولن تخطئهم� و�ش�ئل العي�س حيثم� وجدا‪ .‬ولكن‬
‫ابنت�ي التع�شت�ن م� اأ�شد ح�جتهم� اإىل ال�شفقة‪.‬‬
‫مل يقدم اإليهم� الطع�م قط على امل�ئدة اإل وقد‬
‫كنت ح��رشاً‪ .‬ومل متتد يدي اإىل طع�م قط اإل‬
‫وقد ك�ن لهم� منه ن�شيب‪ .‬ا�شملهم� بعطفك اإين‬
‫اأ�رشع اإليك يف ذلك‪ ،‬ودعني اأم�ش�شهم� بيدي‬
‫واأندب �شق�ءهم�‪ .‬اإين اأتو�شل اإليك اأيه� امللك الذي‬
‫حتدر من اأ�شل نبيل‪ .‬ف�إين اإن اأم�ش�شهم� بيدي‬
‫اأخيل اإىل نف�شي اأين اأحققهم� كم� كنت اأفعل حني‬
‫بعيني‪ .‬بل م�ذا اأقول؟ ي� لالآلهة‪.‬‬
‫كنت اأراهم�‬
‫ّ‬
‫ابنتي تبكي�ن؟ اأاأ�شفق‬
‫األ�شت اأ�شمع غري بعيد‬
‫ّ‬
‫علي واآثرهم‬
‫علي كريون ف�أر�شل اإىل اأعز اأبن�ئي ّ‬
‫ّ‬
‫عندي؟ اأهذا حق؟‬
‫كري�ن – نعم اأن� الذي دع�هم�‪ ،‬فقد كنت‬
‫اأعلم ح�جتك اإليهم�‪ ،‬ورغبتك يف لق�ئهم�‪.‬‬
‫(تدن� �أنتيج�نا و�أ�سمينا من �أبيهما‪ ،‬وقد جاء بهما‬
‫خادم باإ�سارة من كري�ن‪ ،‬وهما يف ن�رصة �ل�سباب)‬
‫�أويديب��س – اإذن فكن �شعيداً‪ ،‬وليك�فئك‬
‫الآلهة على م� مكنتني من لق�ئهم�‪ ،‬فيحفظوك‬
‫خرياً مم� حفظوين‪ .‬اأيته� ال�شبيت�ن اأين اأنتم�؟‬
‫ادنوا مني‪ ،‬ادنوا من يدي‪ ..‬الأخويتني‪ .‬هم�‬
‫عيني اأبيكم�‬
‫اللت�ن حرمت� ال�شوء‪ ،‬كم� تري�ن‬
‫ّ‬
‫اللتني ك�نت� تب�رشان منذ حني‪ .‬مل اأكن اأرى‬
‫يف اأطوار حي�تك كله�‪.‬‬
‫ابنتي‪ ،‬وكذلك‬
‫بهم� اإذ ذاك‪ ،‬ومل اأكن اأعلم �شيئ ً� ي�‬
‫ّ‬
‫اأخرجتكم� من الأح�ش�ء التي خرجت منه�‪ .‬واإين‬
‫لأبكي عليكم� بعد اأن حيل بيني وبني روؤيتكم�‪.‬‬
‫اأبكي عليكم� حني اأقدر كل الآلم املرة التي‬
‫يجب اأن تلقي�ه� طول حي�تكم� من الن��س‪ .‬اإىل‬
‫اأي جممع من جم�مع ثيبة«طيبة»‪ ،‬اإىل اأي عيد‬
‫من اأعي�ده� ت�شتطيع�ن اأن تذهب� دون اأن تعودا‬
‫ب�كيتني وقد كنتم� توؤثران اأن تبقي� لرتي� م�‬
‫يرى غريكم�‪ .‬واإذا بلغتم� هذه ال�شن املزهرة‪� ،‬شن‬
‫الزواج‪ ،‬ف�أي الن��س‪ ،‬اأي الن��س يبلغ من اجلراأة‬
‫اأن يحتمل كل هذه املخزي�ت التي �شتكون م�شدر‬
‫�شق�ء لذريتي؟ اأي �شق�ء مل ينزل بكم� اأبوكم�‪.‬‬
‫قتل اأب�ه وتزوج اأمه‪ ،‬ومنحتكم� احلي�ة من حيث‬
‫اأ�شتمده�‪ .‬هذه هي الإه�ن�ت التي �شت�ش�ق اإليكم�‪.‬‬
‫واإذن ف�أي الن��س ي�شتطيع اأن يتزوجكم�؟ لن‬
‫ابنتي‪� .‬شت�شطران اإىل اأن تفني�‬
‫يتزوجكم� اأحد ي�‬
‫ّ‬
‫حي�تكم� يف العقم والوحدة‪ .‬ي� ابن مني�شيو�س‪،‬‬
‫لقد بقيت لهم� وحدك اأب ً� بعد اأن هلك اأبواهم�‬
‫اللذان منح�هم� احلي�ة‪ .‬ل تدعهم�‪ ،‬اإنهم� من‬
‫اأ�رشتك‪ ،‬ل تخل بينهم� وبني البوؤ�س واجلوع‪ ،‬ل‬
‫�شو �شق�ءهم� ب�شق�ئي‪ .‬ا�شفق عليهم� حني تراهم�‬
‫ُت ّ‬
‫يف هذه ال�شن قد حرمت� كل عون اإل عونك‪ .‬اأظهر‬
‫اآية قبولك مل� اأعر�س عليك اأيه� الرجل الكرمي‪،‬‬
‫ابنتي‪ ،‬لقد كنت خليق ً�‬
‫ام�ش�شني بيدك‪ ،‬واأنتم� ي�‬
‫ّ‬
‫اأن اأوجه اإليكم� الن�شح لو اأن لكم� حظًّ � من ر�شد‪.‬‬
‫ح�شبكم� اأن تتمني� مهم� تكن داركم� اأن تكون‬
‫حي�تكم� خرياً من حي�ة اأبيكم�‪.‬‬
‫كري�ن – ح�شبك م� بكيت‪ ،‬ادخل اإىل‬
‫الق�رش‪.‬‬
‫�أويديب��س – لك الط�عة واإن كنت عليه�‬
‫مرغم�ً‪.‬‬
‫كري�ن – كل �شيء ح�شن اإذا وقع يف اإب�نه‪.‬‬
‫�أويديب��س – اأتعرف على اأي �رشط اأم�شي؟‬
‫كري�ن – قل‪ ..‬ف�ش�أعرف بعد اأن اأ�شمع لك‪..‬‬
‫�أويديب��س – اأن تنفيني من هذه الأر�س‪.‬‬
‫كري�ن – اإنك تطلب م� ي�شتطيع الإله وحده‬
‫اأن مينحك‪.‬‬
‫�أويديب��س – ولكني بغي�س اإىل الآلهة‪.‬‬
‫كري�ن – اإذاً ف�شتج�ب فوراً اإىل م� تريد‪.‬‬
‫�أويديب��س – اأتقول ح ًّق�؟‬
‫كري�ن – ل اأقول اإل م� اأعتقد‪.‬‬
‫اأويديب��س – اأخرجني اإذن من هذا املك�ن‪.‬‬
‫كري�ن – تع�ل اإذن و ّدع ابنتيك‪.‬‬
‫�أويديب��س – ل تنتزعهم� مني‪ ،‬اإين اأ�رشع‬
‫اإليك يف ذلك‪.‬‬
‫كري�ن – ل حت�ول دائم ً� اأن تكون �ش�حب‬
‫الأمر‪ ،‬ف�إن م� اأف�دك ظفرك قدمي ً� مل ي�ش�حبك‬
‫(يدخل �أويديب��س �إىل �لق�رص يق�ده كري�ن يف بطء‬
‫وتتبعه �بنتاه و�خلدم)‬
‫رئي�س �جل�قة – اأي اأبن�ء ثيبة«طيبة» وطني‬
‫العزيز‪ ،‬انظروا اإىل اأويديبو�س هذا الذي حل اللغز‬
‫العجيب الذي اأعجز غريه من الن��س‪ .‬هذا الرجل‬
‫القوي‪ ،‬اأي اأبن�ء املدينة مل يكن ينظر اإىل رخ�ئه‬
‫و�شع�دته يف �شيء من احل�شد! والآن يف اأي بحر‬
‫ه�ئل من ال�شق�ء قذف به! م� ينبغي اأن نقول عن‬
‫اأحد من الن��س اإنه �شعيد قبل اأن يق�شي ال�ش�عة‬
‫الأخرية من حي�ته دون اأن يتعر�س ل�رش م�‪.‬‬
‫�أويديب��س يف ك�ل�نا‬
‫�أر�د �ل�ساعر �أن ي�س�ر يف هذه �لق�سة خامتة‬
‫حياة �أويديب��س بعد �أن ثبت �أنه قتل �أباه‬
‫وتزوج �أمه ففقاأ عينيه ونزل عن عر�سه و�رتقى‬
‫�إىل هذ� �لعر�س �بنه ب�ليني�س‪ ،‬فقد نفي �مللك‬
‫�لبائ�س من وطنه وخرج طريد�ً �رصيد�ً تق�ده‬
‫�بنته �أنتيج�نا حتى �نتهى �إىل ك�ل�نا قرية‬
‫�سغرية يف �ل�سمال �لغربي ملدينة �أتينا‪ ،‬ويف‬
‫هذه �لقرية تقع �لق�سة �لتي تنتهي مب�ت �مللك‬
‫�لبائ�س كما �سرتى‪:‬‬
‫طريق خ�ل ب�إزاء غ�بة كثيفة موقوفة‬
‫على الآلهة الالتي يعرفن ب�لأومينيدي�س –‬
‫ال�ش�فح�ت – يظهر اأويديبو�س وهو �شيخ مكفوف‬
‫ولكن عليه جال ًل مييزه من الن��س وتقوده‬
‫ب�ئ�س ّ‬
‫ابنته اأنتيجون� وهي ت�شعى ح�فية‪.‬‬
‫فيه فمك�ن مقد�س من غري �شك ف�إنه مغطى‬
‫ب�لغ�ر والزيتون والكرم ومن وراء اأوراقه اخل�رش‬
‫تغني بالبل ل حت�شى‪ ،‬فهن� ف�أرح ج�شمك على‬
‫هذه ال�شخرة اخل�شنة ف�إن هذه الطريق التي‬
‫قطعته� طويلة �ش�قة ب�لقي��س اإىل �شيخ مثلك‪.‬‬
‫�أويديب��س – اأجل�شيني اإذن واحت�طي لراحة‬
‫الأعمى ال�رشير‪.‬‬
‫�أنتيج�نا – لقد علمني الزمن م� ينبغي لك‬
‫من العن�ية‪.‬‬
‫(جتل�س �أباها على �ل�سخرة قريب ًا من �لغابة‬
‫�ملقد�سة)‬
‫�أويديب��س – اأت�شتطيعني اأن تنبئيني اأين‬
‫نحن؟‬
‫(�أنتيج�نا م�سرية باأ�سبعها �إىل �لأكروب�لي�س �لتي‬
‫تظهر يف �ل�س�ء وقد ت�جها �لربتين�ن)‬
‫ل �شك يف اأين اأرى اأتين�‪ ،‬اأم� هذا املك�ن الذي‬
‫نحن فيه فال اأعرفه‪.‬‬
‫�أويديب��س – كذلك ك�ن ينبئن� كل من لقين�‬
‫من الن��س‪.‬‬
‫�أنتيج�نا – اأتريد اأن اأذهب لأ�ش�أل عن هذا‬
‫املك�ن الذي انتهين� اإليه؟‬
‫�أويديب��س – ل ب�أ�س ي� ابنتي اإن وجدت‬
‫بع�س ال�شك�ن‪.‬‬
‫�أنتيج�نا – ل �شك يف اأن املك�ن م�شكون‬
‫على اأين ل�شت يف ح�جة اإىل الذه�ب ف�إين اأرى‬
‫�شخ�ش ً� يقبل‪.‬‬
‫�أويديب��س – اأي�شعى اإلين�؟ اأي�رشع اخلطى؟‬
‫(يدخل رجل)‬
‫�أويديب��س – ي� ابنة ال�شيخ ال�رشير‪ ،‬ي�‬
‫اأنتيجون�‪ ،‬اإىل اأي اأر�س بلغن� وب�أي مدينة نزلن�؟‬
‫من ذا الذي �شيتلقى اليوم اأويديبو�س ال�شعيف‬
‫ويقدم اإليه عط�ء ي�شرياً؟ اإنه ليطلب قلي ًال وين�ل‬
‫اأقل مم� يطلب ومع ذلك فهذا يكفيني‪ ،‬اإن الآلم‬
‫التي احتملته� والدهر الطويل الذي ع�شته وقوة‬
‫نف�شي و�شدة اأ�رشه� كل ذلك يعلمني الإذع�ن‬
‫والر�ش�‪ ،‬هلم ي� ابنتي انظري ف�إن راأيت مك�ن ً�‬
‫ميكن اجللو�س فيه‪ ،‬مك�ن ً� غري مقد�س اأو قريب ً�‬
‫من الغ�بة املوقوفة على الآلهة فقفي بي‬
‫لن�شرتيح ولنعلم اأين نحن‪ ،‬اإمن� نحن غريب�ن يف‬
‫هذه الأر�س فعلى اأهله� اأن ير�شدون� وعلين� اأن‬
‫ن�شمع مل� يقولون‪.‬‬
‫�أنتيج�نا – اأيه� الأب التع�س‪ ،‬اأي اأويديبو�س‪،‬‬
‫اإذا مل اأخطئ ف�إين اأرى بروج ً� ترتفع وت�رشف من‬
‫بعيد وحتمي مدينة‪ ،‬اأم� هذا املك�ن الذي نحن‬
‫‪18‬‬
‫�أنتيج�نا – ه� هو ذا قد اأقبل‪� ،‬شله عم� ترى‬
‫اأن ت�ش�أله عنه‪ ،‬اإنه قريب‪.‬‬
‫�أويديب��س – اأيه� الغريب اإن ابنتي التي ترى‬
‫لن� جميع ً� لنف�شه� ويل تنبئني ب�أنك قد اأقبلت يف‬
‫وقت احل�جة اإليك لتعلمن� من الأمر م� جنهل‪.‬‬
‫�لغريب (يف حدة) – قبل اأن تزيد على هذا‬
‫حرف ً� يجب اأن تخرج من هذا املك�ن ف�إنك يف‬
‫مو�شع ل ينبغي لإن�ش�ن اأن يط�أه بقدمه‪.‬‬
‫�أويديب��س – م� هذا املك�ن؟ وعلى اأي اآلة‬
‫اأقف؟‬
‫�لغريب – مك�ن مقد�س غري معمور ت�شكنه‬
‫الآلهة املخوفة‪ ،‬بن�ت الأر�س والليل‪.‬‬
‫�أويديب��س – اأنبئني ب�ل�شم املقد�س الذي‬
‫اأ�شتطيع اأن اأدعوهن به‪.‬‬
‫�لغريب – الأومينيدي�س الالتي ل يخفى‬
‫عليهن �شيء‪ ،‬كذلك يدعوهن الن��س هن�‪ ،‬ولكن‬
‫َّ‬
‫الع�دات والأ�شم�ء تتغري بتغري البالد‪.‬‬
‫لعلهن اأن يتقبلنني‬
‫�أويديب��س (يف ق�ة) –‬
‫َّ‬
‫علي ف�إين لن اأدع املك�ن الذي انتهيت‬
‫ع�طف�ت ّ‬
‫اإليه‪.‬‬
‫�لغريب – م�ذا تقول؟‬
‫علي الق�ش�ء!‬
‫�أويديب��س – بذلك حكم ّ‬
‫�لغريب – ل اأ�شتطيع من غري �شك اأن اأخرجك‬
‫قهراً دون اأن اأتلقى يف ذلك اأمر املدينة بعد اأن‬
‫اأنبئه� بق�شتك‪.‬‬
‫�أويديب��س – بحق الآلهة اأيه� الغريب ل‬
‫علي مب� اأ�ش�ألك‬
‫يحملك اإزدراوؤك يل على اأن تبخل ّ‬
‫عنه‪.‬‬
‫�لغريب – اأو�شح م� تريد فلن اأبخل عليك‬
‫بجواب م�‪.‬‬
‫�أويديب��س – م� هذا البلد الذي دخلن�ه؟‬
‫�لغريب – �ش�أنبئك بكل م� اأعرف‪ ،‬هذا املك�ن‬
‫كله مقد�س‪ ،‬اإنه م�شتقر بو�شيدون وم�شتقر ح�مل‬
‫الن�ر برومثيو�س‪ ،‬والأر�س التي مت�شي عليه�‬
‫ت�شمى العتبة النح��شية لهذا البلد اأ�ش��س اأثين�‪،‬‬
‫وهذه احلقول املج�ورة ت�رشف ب�أنه� يف حم�ية‬
‫الف�ر�س كولونو�س هذا – (ي�سري �إىل متثال ك�ل�ن��س‬
‫�لذي �سميت �لقرية با�سمه) – الذي يت�شمى ب��شمه‬
‫اأهل القرية جميع�ً‪ .‬هذا م� اأعرف عن هذا املك�ن‬
‫اأيه� الغريب‪ .‬اإن الن��س ي�رشفونه مب� يقيمون فيه‬
‫من العب�دة اأكرث مم� ي�رشفونه مب� يطلقون عليه‬
‫من الأ�شم�ء؟‬
‫�أويديب��س – واإذن فهذا املك�ن ي�شكنه‬
‫بع�س الن��س‪.‬‬
‫�لغريب – نعم‪ .‬وهم ينت�شبون اإىل هذا‬
‫ال�شخ�س الإلهي‪.‬‬
‫َ‬
‫�أويديب��س – اأ َل ُه ْم �شيد؟ اأم اأمرهم اإىل‬
‫كرثتهم؟‬
‫�لغريب – اإن امللك الذي يقيم يف املدينة‬
‫يحكم هذه القرية‪.‬‬
‫�أويديب��س – من هذا امللك الذي ي�شود‬
‫بقوته وكلم�ته؟‬
‫�لغريب – هو ثي�شيو�س بن اأجيو�س الذي‬
‫ملك من قبله‪.‬‬
‫�أويديب��س – اأيكم� يريد اأن يذهب اإليه‬
‫ر�شول من قبلي؟‬
‫�لغريب – مل�ذا؟ لنحمل له ر�ش�لة؟ لندعوه‬
‫اإىل احل�شور؟‬
‫يل معونة ي�شرية ج ًّدا‬
‫�أويديب��س – ليقدم اإ ّ‬
‫فيجني منه� ف�ئدة عظيمة ج ًّدا‪.‬‬
‫الغريب – واأي نفع ي�شتطيع اأن ي�أتي من‬
‫رجل ل يرى‪.‬‬
‫�أويديب��س – كل الكلم�ت التي ن�شتطيع اأن‬
‫نقوله� �شتكون مب�رشة‪.‬‬
‫�لغريب – اأتعرف اأيه� ال�رشير م� ينبغي اأن‬
‫ت�شنع لتتجنب اخلط�أ؟ اإن منظرك يدلُّ على اأنك‬
‫من اأ�شل نبيل ولكنك �شقي‪ ،‬اأقم هن� حيث وجدتك‬
‫حتى اأذهب ف�أحمل كالمك ل اإىل اأهل املدينة بل‬
‫اإىل اأهل هذه القرية‪ ،‬فهم الذين �شيقررون بق�ءك‬
‫اأو ذه�بك‪.‬‬
‫حتى تنحيني عن الطريق‪ ،‬اأخفيني يف الغ�بة‬
‫املقد�شة حتى اأ�شمع مل� �شيقولون فمن الواجب‬
‫اأن نعلم قبل اأن نعمل‪ .‬بذلك يق�شي احلذر‪.‬‬
‫�أحد �أع�ساء �جل�قة (يف عجل وحدة وقلق) –‬
‫انظر‪ ،‬من ع�شى اأن يكون؟ اأين هو؟ اإىل اأي مك�ن‬
‫فر اأعظم الن��س حظًّ � من اجلراأة والوق�حة‪.‬‬
‫بعيد َّ‬
‫ع�س� �آخر من �أع�ساء �جل�قة – ابحث‪،‬‬
‫اجتهد يف اأن تراه‪ .‬التم�شه يف كل وجه‪.‬‬
‫رئي�س �جل�قة – اإمن� هو �رشيد ه�ئم‪.‬‬
‫نعم يجب اأن يكون �رشيداً ه�ئم�ً‪ .‬ل ميكن اأن‬
‫يكون من اأهل هذه الأر�س‪ ،‬ولو قد ك�ن منهم‬
‫مل� وطئت قدمه قط هذه الغ�بة املقد�شة غ�بة‬
‫العذارى الالتي ل ن�شتطيع ت�شميتهن دون اأن‬
‫ميلكن� ال�شطراب‪ ،‬والتي منر به� دون اأن ننطق‬
‫بكلمة اأو نلقي نظرة واإمن� ن�شلي �ش�متني يف‬
‫تفكرين� الأخر�س‪ ،‬وهذا رجل جمهول فيم� يق�ل‬
‫قد اأقبل ل يرعى ل�شيء حرمة‪ ...‬اإين لأنظر يف كل‬
‫وجه حول هذا املك�ن املقد�س دون اأن اأ�شتك�شف‬
‫خمب�أه‪.‬‬
‫(يخرج)‬
‫�أويديب��س – اأم�شى الغريب ي� بنيتي‬
‫العزيزة؟‬
‫�أنتيج�نا – لقد م�شى‪ ،‬وت�شتطيع اأن تقول‬
‫م� ت�ش�ء ي� اأبتِ ‪ ،‬ف�إين وحيدة اإىل ج�نبك‪.‬‬
‫�أويديب��س (يفكر ثم يرفع �س�ته يف جالل) – اأيته�‬
‫الآلهة اجلليالت ذات الأعني املروعة اأننت �ش�دة‬
‫هذه الأر�س التي جل�شت عليه� فال تق�شون على‬
‫علي‪ ،‬اإن هذا الإله حني تنب�أ‬
‫اأبولون ول تق�شون ّ‬
‫يل ب�أنه� �شتنتهي‬
‫يل مب� لقيت من اآلم اأوحى إا ّ‬
‫بعد وقت طويل حني اأبلغ اأر�ش ً� تتلق�ين فيه� اآلهة‬
‫معظمة فتمنحني منه� مك�ن ً� لأ�شتقر ولأ�شرتيح‪.‬‬
‫يف هذا املك�ن اأختم حي�تي الب�ئ�شة كم� اأنب�أين‪،‬‬
‫و�شتكون هذه احلي�ة م�شدر نعمة وخري للذين‬
‫يتلقونني‪ ،‬وم�شدر لعنة و�رش للذين اأخرجوين‬
‫من الوطن ونفوين عنه‪ .‬واأنب�أين ب�أن اآي�ت �شتظهر‬
‫فتدلُّ على ذلك‪� .‬شتزلزل الأر�س اأو يق�شف الرعد‬
‫اأو يخفق الربق من عند زو�س‪ ،‬ف�أن� واثق ب�أين مل‬
‫اأقطع هذه الطريق البعيدة ال�ش�قة اإل وقد دفعني‬
‫منكن دافع اأمني اإىل هذه الغ�بة املقد�شة‪،‬‬
‫اإىل ذلك‬
‫َّ‬
‫ولول ذلك مل� لقيتكن قط يف طريقي‪ ،‬اأننت الالتي‬
‫ل يقرب اإليكن النبيذ ولي�س يل منه م� اأ�شتطيع‬
‫تقريبه‪ ،‬لول ذلك مل� جل�شت على خ�شونة هذه‬
‫ال�شخرة املقد�شة‪ .‬هلم اأيته� الآلهة �شدقن وحي‬
‫يل اخل�متة‪ ،‬خ�متة حي�تي‪ ،‬اإذا‬
‫اأبولون واأهدين إا ّ‬
‫مل اأكن كذلك غري اأهل بعد اأن احتملت من الآلم‬
‫واملحن اأ�شد م� احتمل الن��س‪ ،‬اأقبلن اأيته� البن�ت‬
‫الوادع�ت بن�ت اأيريب واأقبلي اأنت اأي�ش ً� اأيته�‬
‫املدينة التي ا�شتقت ا�شمه� من ا�شم الإلهة بال�س‪،‬‬
‫مدينة اأثين� اأعظم املدن جمداً واأبعده� �شوت�ً‪،‬‬
‫ارفقن ب�أويديبو�س‪ ،‬اأ�شفقن على ظله الب�ئ�س‪ ،‬ف�إن‬
‫هذا اجل�شم املمتهن لي�س ج�شمي‪.‬‬
‫(يظهر اأويديبو�س وابنته فج�أة)‬
‫�أويديب��س (متغني ًا) – اإليكم هذا الرجل‪ ،‬اأن�‬
‫هو‪ .‬اإمن� اأذن�ي هم� عين�ين كم� يق�ل‪.‬‬
‫رئي�س �جل�قة (مرت�جع ًا) – اآه! اإن منظره‬
‫ليخيف واإن كلم�ته لتثري الفزع!‬
‫�أويديب��س (لأع�ساء �جل�قة وقد �أقبل�� �إليه من كل‬
‫يل نظركم‬
‫وجه) – اإين اأ�رشع اإليكم يف األ تنظروا اإ ّ‬
‫اإىل العدو‪.‬‬
‫رئي�س �جل�قة – اأي ح�مين� زو�س! من ع�شى‬
‫اأن يكون هذا ال�شيخ؟‬
‫�أويديب��س – رجل مل يتح له الق�ش�ء اأن‬
‫يعد اأ�شعد الن��س واأح�شنهم حظ ً� اأي �ش�دة هذه‬
‫الأر�س‪ ،‬واإليكم دليلي على ذلك‪ .‬لو كنت �شعيداً‬
‫مل� م�شيت على هذا النحو مب�رشاً بعني غريي‬
‫على طول ق�متي وارتف�عه� يف ال�شم�ء (م�سري�ً �إىل‬
‫�بنته �لتي يعتمد عليها) اإذن لك�ن يل معتمد اأقل‬
‫�شعف�ً‪.‬‬
‫�أحد �أع�ساء �جل�قة (يف عجلة وحدة وقلق) –‬
‫اآه! ولدت بعينني ل تب�رشان؟ اإنك ل�شقي قد اأثقلته‬
‫�شح راأيي فيك‪.‬‬
‫ُّ‬
‫ال�شن اإن َّ‬
‫ع�س� �آخر من �أع�ساء �جل�قة – اأم� ب�لقي��س‬
‫اإيلّ‪ ،‬فلن ت�شيف اإىل �شق�ئك هذا النكر اجلديد‪.‬‬
‫رئي�س �جل�قة – نعم اإنك لت�رشف على نف�شك‬
‫كل الإ�رشاف حني تتقدم يف غري حذر حتت هذه‬
‫الغ�بة اخل�رشاء املقد�شة ال�ش�متة‪ ،‬حيث يقرب‬
‫اإىل الآلهة امل�ء ممزوج ً� ب�لع�شل – احذر اأن‬
‫(يرى �سي�خ يقبل�ن متفرقني وكل منهم ينظر هنا‬
‫وهناك كاأمنا يبحث عن �إن�سان)‬
‫�أنتيج�نا – ال�شمت ي� اأبي‪ ،‬اإين اأرى قوم ً�‬
‫ال�شن يريدون‬
‫يدنون فيهم �شيوخ قد تقدمت بهم ُّ‬
‫اأن ي�شتك�شفوا املك�ن الذي اأقمت فيه‪.‬‬
‫�أويديب��س – �ش�أوثر ال�شمت‪ ،‬واأنت فقوديني‬
‫‪19‬‬
‫عدد ‪143‬‬
‫‪ 7‬متوز ‪2010‬‬
‫مت�شه� اأيه� الغريب التع�س – ت�أخر‪ ،‬دع هذا‬
‫املك�ن‪ ،‬اإن بينن� وبينك لأمداً بعيداً‪ ،‬اأت�شمعني‬
‫اأيه� اله�ئم ال�شقي؟ اإذا ك�ن عندك م� تريد اأن‬
‫تقوله جلم�عتن� ف�خرج من هذا املك�ن املحرم‬
‫حتى اإذا بلغت الأر�س التي ي�شتطيع الن��س اأن‬
‫عم� تريد‪ ،‬اأم� قبل ذلك فال‬
‫يتحدثوا فيه� ف� ْ‬
‫أبن َّ‬
‫تنطق بحرف‪.‬‬
‫(�أويديب��س يظل يف �لغابة مرتدد�ً)‬
‫�أويديب��س (متغني ًا) – مب�ذا ت�شريين ي�‬
‫ابنتي؟‬
‫�أنتيج�نا – من الواجب اأن ن�شطنع م�‬
‫ي�شطنع اأهل هذا البلد من ع�دة فنذعن ونطيع‬
‫حني تدعو اإىل ذلك ال�رشورة‪.‬‬
‫�أويديب��س – اإذن ف�منحيني يدك‪.‬‬
‫�أنتيج�نا – هذه يدي خذه�‪.‬‬
‫�أويديب��س (للجماعة) – اأيه� الغرب�ء ل ت�شيئوا‬
‫يل – لرئي�س �جل�قة – اأن� واثق بك‪� ،‬ش�أحتول عن‬
‫اإ ّ‬
‫مك�ين‪.‬‬
‫رئي�س �جل�قة – لن يخرجك اأحد اأيه� ال�شيخ‬
‫من هذا املك�ن على رغمك‪.‬‬
‫�أويديب��س (مرتدد�ً ومقطع ًا كالمه بال�سمت) –‬
‫اأيجب اأن اأتقدم اأي�ش�ً؟‬
‫رئي�س �جل�قة – نعم بع�س خطوات‪.‬‬
‫�أويديب��س – اأي�ش�ً؟‬
‫رئي�س �جل�قة – ق ّدميه اأنت اأيته� الفت�ة‬
‫ف�إنك تفهمني عني‪.‬‬
‫�أنتيج�نا ‪ ... -‬هلم معي ي� اأبي‪..‬تق َّدم‬
‫�أويديب��س ‪ ... -‬اآه ‪...‬اآه‬
‫�أنتيج�نا – اتبعني‪ ،‬اتبعني وام�س بقدمك‬
‫العمي�ء ي� اأبتِ اإىل حيث اأقودك‪.‬‬
‫�أويديب��س ‪... -‬‬
‫رئي�س �جل�قة – وطّ ن نف�شك اأيه� الغريب يف‬
‫اأر�س غريبة على اأن تكره كل م� تكرهه املدينة‬
‫وترعى حرمة كل م� حتب‪.‬‬
‫�أويديب��س (متغني ًا) – قوديني اإذن ي� ابنتي‬
‫اإىل حيث نر�شى م� يفر�شه الدين واإىل حيث‬
‫ن�شتطيع اأن نقول واأن ن�شمع ولنتجنب مق�ومة‬
‫ال�رشورة‪.‬‬
‫رئي�س �جل�قة – قف هن� ول تتج�وز هذه‬
‫العتبة املت�شلة بهذه ال�شخرة‪.‬‬
‫�أويديب��س (يف تردد ومقطع ًا كالمه بال�سمت) –‬
‫على هذا النحو؟‬
‫رئي�س �جل�قة – نعم قد فهمت عني‪،‬‬
‫ح�شبك‪.‬‬
‫�أويديب��س – اأيجب اأن اأجل�س؟‬
‫رئي�س �جل�قة – اإىل ج�نبك على ح�فة‬
‫يلم بن�‬
‫�أويديب��س (لأنتيج�نا) – م� ع�شى اأن َّ‬
‫ي� ابنتي؟‬
‫رئي�س �جل�قة (يف �أدب وخ�ف) – اذهب‪ .‬اخرج‬
‫من هذه الأر�س‪.‬‬
‫�أويديب��س (�ساكن ًا هادئ ًا) – ووعدك م�ذا‬
‫ت�شنع به؟‬
‫رئي�س �جل�قة (مندفع ًا يف غري ت�قف) – اإن من‬
‫جزى ال�رش مبثله ل يتعر�س للعقوبة‪ ،‬اإن من خدع‬
‫الن��س ف�أب�ح لنف�شه اأن يخدعوه ل يتلقى منهم‬
‫�شكراً ول ثن�ء واإمن� يتلقى منهم ال�رش والنكران‪،‬‬
‫دع جمل�شك هذا‪ .‬اخرج من هذه الأر�س‪ ،‬اأ�رشع‪.‬‬
‫اإين اأ�شفق من اأن تقيم فيعظم م� اأحلقت بوطني‬
‫من دن�س‪.‬‬
‫�أنتيج�نا (يف حدة وق�ة للج�قة كلها) – اأيه�‬
‫الغرب�ء الرحم�ء! اأم� وقد اأبيتم اأن ت�شمعوا من‬
‫اأبي ال�شيخ م� كتب عليه الق�ش�ء ف�إين اأ�رشع‬
‫اإليكم يف اأن ترحموين اأن� اأيه� الغرب�ء‪ .‬اأ�رشع‬
‫اإليكم يف ذلك ب��شم والدي‪ ،‬نعم اأ�رشع اإليكم‪.‬‬
‫اإين ل اأنظر اإليكم بعينني ل تب�رشان واإمن� اأنظر‬
‫يف عيونكم ف�رحموين كم� لو كنت �شليلة لكم‬
‫جتري يف عروقي دم�وؤكم‪ ،‬لعل هذا ال�شقي يظفر‬
‫منكم ببع�س الإ�شف�ق‪ .‬اإن حظن� بني اأيديكم كم�‬
‫لو ا�شتقر بني يدي اإله‪ .‬ت�شجعوا وامنحون� هذا‬
‫العطف الذي ل نك�د نرجوه‪( .‬لرئي�س �جل�قة) – اإين‬
‫اأتو�شل اإليك اأنت مبن ميكن اأن يكون يف بيتك‬
‫من عزيز عليك من ولد اأو زوجة اأو مت�ع اأو اإله‬
‫منزيل‪ ،‬ف�إنك لن جتد مهم� تبحث اإن�ش�ن ً� ق�دراً‬
‫على اأن يفلت من الهالك اإن ق�شته عليه الآلهة‪.‬‬
‫رئي�س �جل�قة – تعلمني ي� ابنة اأويديبو�س‬
‫اأ ّن� ن�شفق عليك كم� ن�شفق عليه من �شق�ئكم�‬
‫ولكنن� نخ�ف الآلهة ول ن�شتطيع اأن ن�شيف‬
‫كلمة اإىل م� قلن�‪.‬‬
‫�أويديب��س (وقد نه�س) – اأيته� ال�شهرة‪ ،‬اأيه�‬
‫ال�شيت الذائع ب�ملجد الك�ذب م� خطركم� وم�‬
‫غن�وؤكم�‪ ،‬وفيم التمدح ب�أن اأتين� هي اأتقى‬
‫املدن واأ�شده� اإمي�ن ً� واأنه� وحده� الق�درة على‬
‫اأن تنقذ الالجئ اإليه� من ال�شق�ء وتعينه على‬
‫البوؤ�س؟! فيم التمدح بهذا كله واأنتم تنتزعونني‬
‫من جمل�شي لتخرجوين من الأر�س خوف ً� من‬
‫اأ�شمي لي�س غري؟ ف�إنكم ل تخ�فون من �شخ�شي‬
‫ول من اأعم�يل‪ ،‬اإن الأعم�ل التي اأقدمت عليه�‬
‫علي‬
‫والتي تخيفك مني اإىل هذا احلد قد فر�شت ّ‬
‫فخ�شعت له�‪ ،‬ومل اأقدم عليه� ع�مداً ول مريداً‪.‬‬
‫أق�س‬
‫واإنك لت�شتطيع اأن تعرف ذلك اإن ا َ‬
‫أذن يل ب�أن ا َّ‬
‫حق‬
‫عليك م� �شنع اأبي واأمي‪ .‬اإين لأعلم هذا كله َّ‬
‫العلم‪ .‬وكيف اأجرم من تلق�ء نف�شي؟ اإمن� دفعت‬
‫ال�رش عن نف�شي ب�ل�رش بحيث لو اأين اأقدمت ع�مداً‬
‫انحن‪ ،‬اجل�س‪.‬‬
‫ال�شخر‪ِ ،‬‬
‫يل ي� اأبتِ مهال‪.‬‬
‫�أنتيج�نا – هذا اإ ّ‬
‫�أويديب��س – م� اأ�شق�ين!‬
‫�أنتيج�نا – نظم خط�ك على خط�ي‬
‫واأ�شند ج�شمك الذي اأثقلته ال�شنون على ذراعي‬
‫ال�شديقة‪.‬‬
‫�أويديب��س – واح�رشت�ه! اإن حظي لنكد!‬
‫(يجل�س)‬
‫رئي�س �جل�قة – اأيه� ال�شقي! الآن وقد اأتيح‬
‫لك الهدوء ت�شتطيع اأن تتكلم‪ :‬من اأبوك؟ من اأنت؟‬
‫وم� هذه احلي�ة اله�ئمة التي حتي�ه�؟ وم�‬
‫وطنك؟ اأنبئن� بذلك‪.‬‬
‫�أويديب��س (يف �سمت وت�قف) – اأيه� الغريب‬
‫اأن� رجل طريد‪ ،‬رحم�ك‪...‬‬
‫(ي�سكت)‬
‫رئي�س �جل�قة – مل ل تريد اأن تتكلم اأيه�‬
‫ال�شيخ؟‬
‫�أويديب��س – ل‪ .‬ل‪ .‬ل ت�شل عن ا�شمي‪ .‬ل‬
‫تبعد يف امل�ش�ألة‪.‬‬
‫رئي�س �جل�قة – م� معنى هذا؟‬
‫�أويديب��س – اإن من�شئي‪ ،‬لب�شع!‬
‫رئي�س �جل�قة – تكلم‪.‬‬
‫�أويديب��س (لأنتيج�نا) – واح�رشت�ه ي� ابنتي‪،‬‬
‫م�ذا يجب اأن اأقول؟‬
‫رئي�س �جل�قة – م� ن�شبك اأيه� الغريب‪ ،‬من‬
‫اأبوك؟ حتدث‪.‬‬
‫�أويديب��س (لأنتيج�نا) – م� اأ�شق�ين! م�ذا‬
‫يجب اأن اأ�شنع ي� ابنتي؟‬
‫�أنتيج�نا – تكلم م� دمت ُملج�أ اإىل هذه‬
‫ال�رشورة الق��شية‪.‬‬
‫�أويديب��س – اإذن �ش�أتكلم فل�شت اأ�شتطيع اأن‬
‫اأخفي �شيئ�ً‪.‬‬
‫رئي�س �جل�قة – اإنك لتبطئ‪ ،‬هلم اأ�رشع اإىل‬
‫اجلواب‪.‬‬
‫�أويديب��س – اأتعرفون ابن ليو�س؟‬
‫رئي�س �جل�قة (يف حركة ��ستب�ساع) – اآه‪ .‬اآه‪.‬‬
‫�أويديب��س – واأ�رشة لبدكو�س؟‬
‫رئي�س �جل�قة (م�ستب�سع ًا) – اأي زو�س!‬
‫�أويديب��س – اأتعرفون ال�شقي اأويديبو�س؟‬
‫رئي�س �جل�قة (يف �سك) – اأنت اأويديبو�س؟‬
‫�أويديب��س – ل يخفكم كالمي‪.‬‬
‫رئي�س �جل�قة (يظهر �ل�ستب�ساع) – اآه‪ .‬اآه‪.‬‬
‫�أويديب��س – لقد ع�ك�شه احلظ‪.‬‬
‫رئي�س �جل�قة (يرت�جع ويدير ر�أ�سه) اآه‪ .‬اآه‪.‬‬
‫‪20‬‬
‫على م� اأقدمت عليه مل� كنت يف حكم العقل اآثم�ً‪،‬‬
‫ويف احلق اأين �شلكت الطريق التي دفعت اإليه�‬
‫غري ع�مل ب�شيء على حني ك�ن الذين دفعوين اإىل‬
‫هذه الطريق يعلمون اأنهم ك�نوا يدفعونني اإىل‬
‫التهلكة‪ .‬من اأجل هذا اأ�رشع اإليكم اأيه� الغرب�ء‬
‫اأن تنقذوين وحتموين بعد اأن اأخرجتموين من‬
‫هذه الغ�بة املقد�شة واأل تنبذوين فتهينوا الآلهة‬
‫وتخرجوا على قوانينهم‪ .‬فكروا يف اأنهم يرون‬
‫الن��س جميع�ً‪ ،‬يرون الأخي�ر والأ�رشار ول يفلت‬
‫منهم اآثم‪( .‬لرئي�س �جل�قة) – ا�شلك طريقهم واحذر‬
‫اأن ت�شيء اإىل �رشف اأثين� ال�شعيدة ب�قرتاف الآث�م‬
‫التي يكرهونه�‪ ،‬اإمن� احلق عليك وقد اأجرتني اأن‬
‫حتميني وتقوم دوين‪ .‬ول تهن وجهي هذا الذي‬
‫اأ�ش�ءت اإليه الأحداث‪ .‬اإمن� اأقبلت عليك بريئ ً�‬
‫حتوطني حرمة الآلهة واأحمل خرياً عظيم ً� لأهل‬
‫هذه املدينة‪ ،‬ف�إذا اأقبل �شيد املدينة وق�ئده�‬
‫ف�شت�شمع كل �شيء و�شتعرف كل �شيء‪ ،‬ف�حذر اأن‬
‫تخلف وعدك حتى يقبل‪.‬‬
‫علي‬
‫رئي�س �جل�قة – اإن ال�رشورة تفر�س ّ‬
‫اأيه� ال�شيخ اأن اأ�شمع مل� تقول ف�إن كالمك مل‬
‫ير�شل عبث ً� ولكن من احلق اأن ل اأق�شي اأن� يف‬
‫هذا الأمر‪.‬‬
‫�أويديب��س – واأين يكون م�لك هذه البالد‬
‫اأيه� الغريب؟‬
‫رئي�س �جل�قة – اإنه ي�شكن املدينة حيث‬
‫ملك اأبوه من قبله‪ .‬وقد ذهب لدع�ئه ذلك الر�شول‬
‫الذي دع�ين اإىل هذا املك�ن‪.‬‬
‫�أويديب��س – اأتظن اأنه �شيحفل بي و�شيعنى‬
‫ب�أمر هذا ال�رشير في�شعى اإليه؟‬
‫رئي�س �جل�قة – من غري �شك حني يعرف‬
‫ا�شمك‪.‬‬
‫�أويديب��س – ومن الذي �شينبئه ب��شمي؟‬
‫رئي�س �جل�قة – اإن الطريق بعيدة ولكن‬
‫اأح�ديث امل�ش�فرين حتب النت�ش�ر والذيوع‪ ،‬واإذا‬
‫�شمعه� ف�شيقبل من غري �شك‪ .‬اإن ا�شمك اأيه� ال�شيخ‬
‫لعلى األ�شنة الن��س جميع ً� واإن الن��س جميع ً�‬
‫ليعرفونه‪ ،‬ومع اأن ال�شن قد اأثقلت امللك فلن‬
‫يت�أخر عن ال�شعي اإليك حني يعرف مك�نك‪.‬‬
‫�أويديب��س – ليقبل ففي ذلك خري لبالده‪،‬‬
‫وخري يل اأن� اأي�ش�ً‪ .‬األي�س من احلق على الإن�ش�ن‬
‫اأن يفكر يف م�شلحته اخل��شة؟‬
‫(تظهر من �ل�سمال على بعد �مر�أة ر�كبة)‬
‫�أنتيج�نا – اأي زو�س م�ذا اأقول؟ م�ذا اأفكر‬
‫ي� اأبتِ ؟‬
‫�أويديب��س – م�ذا ترين ي� ابنتي؟‬
‫�أنتيج�نا – اأرى امراأة‪ ،‬اإنه� ت�شعى اإلين� وقد‬
‫ركبت بغلة من �شقلية‪ ،‬واتخذت لوق�ية راأ�شه�‬
‫من حر ال�شم�س قلن�شوة �شقلية اأي�ش�ً‪ .‬م�ذا اأقول؟‬
‫اأهي هي اأم �شخ�س اآخر؟ اأتراين خمدوعة؟ نعم‬
‫هي‪ ..‬كال‪ ..‬ل اأدري م�ذا اأفكر‪ ،‬اإين ل�شقية!‬
‫(يف �أثناء هذ� تنزل �ملر�أة �ملجه�لة وتدع �لد�بة‬
‫خلادم يتبعها وت�سعى هي نح� �مل�رصح)‬
‫نعم هي! اإنه� لفرحة واإنه� لتالطفني‬
‫بعينيه� كلم� دنت مني! نعم هي ل �شك يف ذلك‪،‬‬
‫هي اأختي العزيزة اأ�شمين�!‬
‫�أويديب��س – م�ذا تقولني ي� ابنتي؟‬
‫�أنتيج�نا – اأقول اإن ابنتك‪ ،‬اإن اأختي قد‬
‫اأقبلت و�شت�شمع �شوته� فتعرفه�‪.‬‬
‫�أ�سمينا – اأي اأبي‪ ،‬اأي اأختي‪ ،‬م� اأعظم‬
‫�رشوري ب�لتحدث اإليكم�! م� اأكرث م� احتملت من‬
‫اجلهد يف لق�ئكم�! اإين لأعرف وجهيكم� يف م�شقة‬
‫من اأثن�ء هذه الدموع التي تنهمر من عيني!‬
‫�أويديب��س – اأاأنت هن� ي� ابنتي؟‬
‫�أ�سمينا – اأي اأبي! م� اأ�شد الأمل الذي يثريه‬
‫يف نف�شي منظرك يف هذا ال�شق�ء!‬
‫�أويديب��س – اأاأنت اإذن هن� ي� ابنتي؟‬
‫�أ�سمينا – مل اأبلغك اإل بعد جهد �شديد‪.‬‬
‫اأق�م� يف دارهم� ك�لعذارى وه� اأنتم� ه�ت�ن‬
‫تقوم�ن مق�مهم� وحتمالن وحدكم� ثقل �شق�ئي‪.‬‬
‫ف�أم� اإحداكم� فلم تكد جت�وز الطفولة حتى �شقيت‬
‫بذلك وه�مت معي تعينني وتقودين وم� اأكرث م�‬
‫ت�شعى على غري هدى يف الغ�ب�ت املهملة ج�ئعة‬
‫ح�فية معر�شة حلر ال�شم�س وللمطر املت�شل‪،‬‬
‫وهي على هذا كله ل حتفل ب�حلي�ة اله�دئة يف‬
‫داره� واإمن� يعنيه� اأن جتد من القوت م� تقيم به‬
‫اأو َد اأبيه�‪ ،‬واأم� اأنت ي� ابنتي فقد اأقبلت على غري‬
‫علم من الكدميني حتملني اإىل اأبيك اأنب�ء الوحي‬
‫الذي يت�شل به وقد اأقمت نف�شك ح�ر�ش ً� يل حني‬
‫طردت من بالدي‪ ،‬واليوم م�ذا اأقبلت حتملني‬
‫اإىل اأبيك من الأنب�ء؟ م� الذي اأخرجك من دارك؟‬
‫ف�إنك مل تقبلي عبث ً� م� اأ�شك يف ذلك‪ ،‬اإمن� اأقبلت‬
‫يل بع�س م� يثري يف نف�س اخلوف‪.‬‬
‫حتملني اإ ّ‬
‫�أ�سمينا – لن اأ�شف لك ي� اأبتِ م� احتملت‬
‫من اأمل حني كنت اأبحث عن امللج�أ الذي اأويت‬
‫اإليه‪ ،‬فل�شت اأريد اأن اأعيد و�شف الأمل الذي لقيته‪،‬‬
‫اإمن� اأقبلت لأنبئك ب�ل�شق�ء الذي اأمل ب�بنيك‬
‫التع�شني‪ :‬لقد ث�ر بينهم� التن�ف�س اأول الأمر اأيه�‬
‫يرتك العر�س لكريون ول يدن�س املدينة ب�لت�شلط‬
‫عليه�‪ ،‬ك�ن� فيم� يزعم�ن يفكران يف ال�شق�ء‬
‫املوروث الذي كتب على اأ�رشتهم� وات�شل ببيتك‬
‫التع�س‪ ،‬اأم� الآن فقد دفعهم� �شوء الطبع وبع�س‬
‫الآلهة اإىل تن�ف�س خطري مهلك‪ ،‬يريدان اأن يظفرا‬
‫ب�حلكم وال�شلط�ن وقد نه�س اأ�شغرهم� ف�زدرى‬
‫ق�نون ال�شن واأخرج اأخ�ه بوليني�س من املدينة‬
‫واأق�ش�ه عن بالده‪ ،‬وذهب هذا الطريد كم� يق�ل‬
‫منفي� اإىل جب�ل اأرجو�س فتزوج واتخذ لنف�شه‬
‫ًّ‬
‫حلف�ء واأن�ش�راً مقدراً اأن مدينة اأرجو�س �شتغري‬
‫على �شهول الكدميني فت�شت�أثر به� وتغلب عليه�‬
‫وترفع جمده اإىل ال�شم�ء‪ .‬لي�س م� اأنبئك به لغواً‬
‫من القول ي� اأبتِ واإمن� هي حق�ئق مفزعة‪ ،‬ف�أم�‬
‫اآلمك فل�شت اأدري اإىل اأين يريد الآلهة اأن يبلغوا‬
‫به� قبل اأن مي�شوك بجن�ح من الرحمة!‬
‫�أويديب��س – اأظننت قط اأن الآلهة �شيعنون‬
‫بي اأقل العن�ية و�شينقذونني يف يوم من الأي�م؟‬
‫�أ�سمينا – نعم ي� اأبتِ بذلك يخربن� الوحي‬
‫احلديث‪.‬‬
‫�أويديب��س – اأي وحي؟ ومب�ذا اأنب�أ ي�‬
‫ابنتي؟‬
‫�أ�سمينا – اأنب�أ الوحي ب�أن اأهل ثيبة«طيبة»‬
‫حي� اأو ميت ً�‬
‫�شيجتهدون يف اأن يردوك اإىل الوطن ًّ‬
‫لي�شمنوا لأنف�شهم ال�شالمة والأمن‪.‬‬
‫�أويديب��س – واأي الن��س ي�شتطيع اأن يرجو‬
‫اخلري من مثلي؟‬
‫�أويديب��س – لتم�ش�شني يدك ي� ابنتي‪.‬‬
‫�أ�سمينا – �ش�أقبلكم� مع�ً‪.‬‬
‫�أويديب��س – اأي بنيتي‪ ،‬اأي خال�شة نف�شي!‬
‫�أ�سمينا – ي� حلي�تكم� الب�ئ�شة!‬
‫�أويديب��س – حي�ة اأنتيجون� وحي�تي؟‬
‫�أ�سمينا – وحي�تي اأن� اأي�ش�ً!‬
‫�أويديب��س – فيم جئت ي� ابنتي؟‬
‫حب� لك وعطف ً� عليك ي� اأبي‪.‬‬
‫�أ�سمينا – ًّ‬
‫�أويديب��س – اأك�نت غيبتي حتزنك؟‬
‫�أ�سمينا – واأقبلت اأي�ش ً� اأحمل اإليك الأنب�ء‬
‫ي�شحبني اخل�دم الوحيد الذي اأق�م على الوف�ء‬
‫يل‪.‬‬
‫�أويديب��س – واأخواك اأين هم�؟ اأين هذان‬
‫ال�ش�ب�ن؟ لقد ك�ن ذلك ح ًّق� عليهم�‪.‬‬
‫�أ�سمينا – هم� حيث هم�‪ ،‬اإن م� ث�ر بينهم�‬
‫من ال�رش لعظيم‪.‬‬
‫�أويديب��س – اإن اأخالقهم� و�شريتهم� يف‬
‫احلي�ة لت�شبه امل�ألوف من ع�دات امل�رشيني!‬
‫ففي م�رش يقيم الرج�ل يف بيوتهم مقبلني على‬
‫الغزل والن�شج‪ ،‬ف�أم� قرين�تهم في�شعني يف غري‬
‫انقط�ع لك�شب القوت‪ .‬اأنتم اإخوة اأربعة ف�أم�‬
‫اللذان ك�ن يجب عليهم� اأن يعني� ب�أبيهم� فقد‬
‫‪21‬‬
‫�أ�سمينا – يوؤكدون اأن قوة اأهل ثيبة«طيبة»‬
‫م�شتقرة يف �شخ�شك‪.‬‬
‫قوي� حني‬
‫�أويديب��س – اأاأ�شبح �شخ�ش ً� ًّ‬
‫�رشت اإىل هذا العدم؟‬
‫�أ�سمينا – اليوم ترفعك الآلهة بعد اأن‬
‫و�شعتك قدمي�ً‪.‬‬
‫�أويديب��س – م� اأهون هذا ال�شنيع! يرفعني‬
‫الآلهة بعد اأن اأدركني الفن�ء وقد خف�شني الآلهة‬
‫قوي�‪.‬‬
‫�ش�ب� ًّ‬
‫حني كنت ًّ‬
‫�أ�سمينا – ومع ذلك ف�علم اأن كريون �شيقبل‬
‫عليك هن� من اأجل ذلك ويف غري اإبط�ء‪.‬‬
‫ف�رشي يل‬
‫�أويديب��س – فيم يقبل ي� ابنتي؟ ِّ‬
‫ذلك‪.‬‬
‫�أ�سمينا – ليحملك اإىل حيث تكون قريب ً� من‬
‫اأر�س الوطن فيم�شكك هن�ك م�لك ً� لك‪ ،‬م�نع ً�‬
‫اإي�ك من اأن تط�أ هذه الأر�س قدم�ك‪.‬‬
‫�أويديب��س – وم� نفعهم من ميت يدفن على‬
‫اأبوابهم؟‬
‫�أ�سمينا – اإنهم اإن اأهملوا قربك اأ�ش�بهم من‬
‫ذلك �رش عظيم‪.‬‬
‫�أويديب��س – ذلك �شيء ل ح�جة اإىل الوحي‬
‫للعلم به‪.‬‬
‫�أ�سمينا – من اأجل ذلك يريدون اأن يرتكوك‬
‫قريب ً� منهم وي�أبون اأن يدعوك بعيداً تت�رشف يف‬
‫نف�شك كم� ت�ش�ء‪.‬‬
‫�أويديب��س – اأيريدون اأن يغطوا ج�شمي‬
‫برتاب ثيبة«طيبة»؟‬
‫�أ�سمينا – اإن دم �شخ�س مثلك ل ي�شمح بذلك‬
‫ي� اأبتِ ‪.‬‬
‫�أويديب��س – اإذن فلن يظفروا بي اآخر‬
‫الدهر‪.‬‬
‫�رشا عظيم ً�‬
‫�أ�سمينا – اإذن ف�شيكون هذا ًّ‬
‫لأهل ثيبة «طيبة»‪.‬‬
‫�أويديب��س – مل�ذا ي� ابنتي؟‬
‫�أ�سمينا ‪ -‬لغ�شبك عليهم كلم� دنوا من‬
‫قربك‪.‬‬
‫�أويديب��س – من اأنب�أك بهذا الذي تقولني‬
‫ي� ابنتي؟‬
‫�أ�سمينا – من ثيور الذي اأقبل من معبد‬
‫دلف‪.‬‬
‫�أويديب��س – اأحمققة اأنت اأن اأبولون قد ق�ل‬
‫ذلك؟‬
‫�أ�سمينا – يوؤكده من اأقبلوا من دلف‪.‬‬
‫�أويديب��س – اأعرفه اأحد ابني؟‬
‫�أ�سمينا – كالهم� يعرفه حق املعرفة‪.‬‬
‫�أويديب��س – يعرف�نه وعلى رغم ذلك‬
‫يوؤثران ال�شلط�ن على العن�ية ب�أبيهم�‪.‬‬
‫عدد ‪143‬‬
‫‪ 7‬متوز ‪2010‬‬
‫�أ�سمينا – اإين ليوؤملني اأن اأ�شمعك تتحدث‬
‫عنهم� على هذا النحو‪ ،‬ومع ذلك فلي�س من هذا‬
‫بد‪.‬‬
‫�أويديب��س – ليت الآلهة ل يخمدون جذوة‬
‫م� يثور بينهم� من هذا اخلالف املهلك‪ .‬ولي�شت‬
‫اأمر هذه املعركة التي ي�رشع�ن فيه� الرم�ح‬
‫رهني ب�إرادتي‪ .‬اإذن لنزل عن العر�س من ي�شغله‬
‫ولألقى ال�شوجل�ن من مي�شكه‪ .‬واإذن مل� ع�د‬
‫املنفي اإىل وطنه يف يوم من الأي�م‪ .‬فقد اأخرجت‬
‫ّ‬
‫من وطني طريداً م�رشداً واأن� اأبوهم� فلم مي�شك�ين‬
‫ومل يحمي�ين واإمن� ترك� الأمور جتري كم� �ش�ء‬
‫ابن�ي اأن يعين�ين وك�ن ذلك عليهم� ح ًّق�‪ .‬لقد‬
‫ك�ن� ي�شتطيع�ن اأن يردا ال�رش عني بكلمة واحدة‬
‫ولكنهم� اأ�شلم�ين اإىل النفي والبوؤ�س‪ .‬اإمن� تعنى‬
‫بي ه�ت�ن الفت�ت�ن تبذلن م� متلك�ن من قوة‬
‫لتظفرا لأبيهم� ب�لقوت وامل�أوى ولتوؤدي� حقه‬
‫عليهم�‪ .‬اأم� هم� فقد خلع� اأب�هم� لي�شت�أثرا‬
‫من دونه ب�لعر�س وال�شوجل�ن وال�شلط�ن‪ .‬كال‬
‫لن يظفرا مبح�لفتي ولن ي�شتمتع� ب�مللك يف‬
‫ثيبة«طيبة»‪ .‬ذلك �شيء اأعرفه لأين اأعرف م�‬
‫حتمل اأ�شمين� من الوحي ولأين اأق�رن بينه وبني‬
‫م� اأوحى به اأبولون يف اأمري قدمي ً� ثم حققه ذات‬
‫اأعدائي فنفيت وطردت وهم� ينظران‪� .‬شتقولني‬
‫لقد ك�ن النفي خرياً طلبته لنف�شي واأج�بتني‬
‫املدينة اإليه‪ .‬ولي�س هذا ح ًّق�‪ .‬ففي ذلك اليوم‬
‫الذي ك�ن ي�شطرم فيه غ�شب‪ ،‬والذي ك�ن اأحب‬
‫يل اأن اأموت اأو اأرجم‪ ،‬يف ذلك اليوم‬
‫�شيء فيه اإ ّ‬
‫مل يظهر اأحد الدف�ع عني اأو العن�ية بي‪ ،‬هن�لك‬
‫طلبت النفي‪ ،‬فلم� م�شى الزمن و�شكت الغ�شب‬
‫وهداأ الأمل وجعلت اأفهم اأن الغ�شب قد دفعني‬
‫اإىل اأن اأ�شق على نف�شي يف العق�ب على اأغالطي‬
‫ال�ش�بقة‪ .‬هن�لك اأخرجتني املدينة ب�لقوة‬
‫والعنف بعد اأن مرت على ذلك اليوم اأعوام‪ .‬واأبى‬
‫‪22‬‬
‫يوم‪ .‬فلري�شال كريون اأو غريه من اأهل املدينة‬
‫فلن اأعود اإليهم�‪ .‬فلو قد قبلتم اأيه� الغرب�ء وقبل‬
‫معكم اآلهة قريتكم هذه اأن جتريوين وحتموين‬
‫�رشا‬
‫ل�شمنتم ملدينتكم حم�ية قوية ولأعدائكم ًّ‬
‫عظيم�ً‪.‬‬
‫رئي�س �جل�قة – اإنك خلليق ي� اأويديبو�س‬
‫ب�لرث�ء لك ولبنتيك ه�تني‪ .‬وم� دمت تقدم‬
‫نف�شك اإىل املدينة لتكون له� ح�مي ً� وعنه� ذائداً‬
‫ف�إين اأريد اأن اأ�شري عليك‪.‬‬
‫�أويديب��س – اأيه� ال�شديق ثق اأين م�شتعد‬
‫علي وكن يل مر�شدا‪.‬‬
‫لأن اأقبل كل م� تريد‪ ،‬ف�أ�رش ّ‬
‫قرب قبل كل �شيء قرب�ن‬
‫رئي�س �جل�قة – ّ‬
‫الندم اإىل هوؤلء الآلهة الذين وطئت اأر�شهم‪.‬‬
‫�أويديب��س – كيف اأقرب؟ علموين اأيه�‬
‫الغرب�ء‪.‬‬
‫رئي�س �جل�قة – اغ�شل يديك وطهرهم� ثم‬
‫اذهب اإىل ذلك الينبوع الغزير ف�حمل من م�ئه‬
‫الطهور‪.‬‬
‫�أويديب��س – ف�إذا ا�شتقيت هذا امل�ء‬
‫الطهور؟‬
‫رئي�س �جل�قة – ف�شتجد اآنية اأبدعه� �ش�نع‬
‫فتوج ح�فته� ومقب�شه�‪.‬‬
‫م�هر ّ‬
‫أتو ُجه�؟ ب�لأغ�ش�ن اأم‬
‫�أويديب��س – ِ َ‬
‫ب ا ِّ‬
‫بخ�شل ال�شوف اأم ب�أي �شيء اآخر؟‬
‫رئي�س �جل�قة – بخ�شل ال�شوف الذي ج َّز‬
‫حديث ً� عن �ش�ة ن��شئة‪.‬‬
‫�أويديب��س – ح�شن! ثم م�ذا يجب اأن اأ�شنع‬
‫لأمت القرب�ن؟‬
‫رئي�س �جل�قة – توجه اإىل حيث ي�رشق‬
‫الفجر و�شب امل�ء على الأر�س‪.‬‬
‫�أويديب��س – اأاأ�شبه من هذه الآنية التي‬
‫و�شفته�‪.‬‬
‫رئي�س �جل�قة – نعم ت�شبه من كل اإن�ء على‬
‫ثالث مرات حتى اإذا انتهيت اإىل الإن�ء الأخري‬
‫ف�شب م� فيه دفعة واحدة‪.‬‬
‫�أويديب��س – ومب�ذا يجب اأن اأمالأه قبل اأن‬
‫اأرده اإىل الأر�س؟‬
‫رئي�س �جل�قة – ب�مل�ء والع�شل ول ت�شف‬
‫اإليهم� نبيذاً‪.‬‬
‫�أويديب��س – ف�إذا تقبلت الأر�س التي تظله�‬
‫هذه الأغ�ش�ن املورقة قرب�ين؟‬
‫رئي�س �جل�قة – ف�شع عليه� بيمن�ك‬
‫وي�رشاك اأغ�ش�ن الزيتون ثالث مرات‪ ،‬ت�شع‬
‫يف كل مرة منه� ت�شعة اأغ�ش�ن‪ ،‬ثم تقرب بهذا‬
‫الدع�ء‪.‬‬
‫�أويديب��س – �ش�أ�شمع لهذا الدع�ء فهو عظيم‬
‫اخلطر‪.‬‬
‫رئي�س �جل�قة – اإن� ندعوهن املح�شن�ت‬
‫فليتلن يف اإح�ش�ن ورحمة ال�ش�رع اإليهن‬
‫املتو�شل بهن الذي يرفع اإليهن حتي�ته‪ .‬هذا م�‬
‫يجب اأن تقول لهن يف �شوت ه�دئ خ�فت‪ .‬ثم‬
‫يجب اأن مت�شي دون اأن تلتفت‪ .‬هن�لك اأدنو منك‪،‬‬
‫ف�أم� قبل ذلك ف�إين اأ�شفق عليك اأيه� الغريب‪.‬‬
‫�أويديب��س – اأت�شمع�ن ي� ابنتي حديث‬
‫هوؤلء الغرب�ء �شك�ن الأر�س املج�ورة‪.‬‬
‫�أنتيج�نا – لقد �شمعن� فمرن� مب� تريد اأن‬
‫ن�شنع‪.‬‬
‫�أويديب��س – اأم� اأن� فال اأ�شتطيع اأن اأ�شعى‬
‫فال قوة يل ول�شت ب�شرياً‪ ،‬اإنه� اآفة م�ش�عفة‪.‬‬
‫بل تذهب اإحداكم� ولتقدم القرب�ن كم� �شمعت‬
‫و�شفه‪ .‬اإن �شخ�ش ً� واحداً قد يعدل فيم� اأرى‬
‫اأ�شخ��ش ً� كثريين وقد ي�شتطيع اأن يوؤدي الواجب‬
‫على وجهه اإذا اأخل�س النية‪ .‬اأ�رشع� ولكن ل‬
‫تدع�ين وحيداً‪ .‬فل�شت اأ�شتطيع اأن اأخطو خطوة‬
‫واحدة اإن تركتم�ين ول ق�ئد يل‪.‬‬
‫�أ�سمينا – �ش�أذهب لأقدم القرب�ن‪ ،‬ولكن اإىل‬
‫اأين ينبغي اأن اأذهب؟‬
‫رئي�س �جل�قة – يف هذا اجلزء من الغ�بة‬
‫جتدين كل �شيء اأيته� الغريبة‪ ،‬ف�إن احتجت اإىل‬
‫بع�س الإر�ش�د ف�شتجدين من ير�شدك‪.‬‬
‫�أ�سمينا – �ش�أذهب ف�أقيمي اأنت ي� اأنتيجون�‬
‫وامنحي اأب�ن� عن�يتك‪ .‬اإن من يحتمل امل�شقة يف‬
‫�شبيل من منحوه احلي�ة ل ينبغي اأن يحفل بهذه‬
‫امل�شقة ول اأن يذكر منه� �شيئ�ً‪.‬‬
‫(تخرج)‬
‫رئي�س �جل�قة (يف بطء) – من الق�شوة اأيه�‬
‫الغريب اأن اأوقظ الأمل الذي ن�م منذ وقت طويل‬
‫ولكني على ذلك �شديد الرغبة يف املعرفة‪.‬‬
‫�أويديب��س – م�ذا تريد؟‬
‫رئي�س �جل�قة – اأريد اأن اأعرف الأمل العنيف‬
‫الذي يثري الإ�شف�ق والذي ات�شل بك ولزمك‬
‫لزوم�ً‪.‬‬
‫�أويديب��س – اإين اأق�شم عليك بحق م�‬
‫متنحني من اجلوار اأن ل تكلفني اإعالن اخلزي‬
‫الذي اأحمله‪.‬‬
‫رئي�س �جل�قة – لقد ا�شتف��شت به الأح�ديث‬
‫ولهج به الن��س جميع ً� ف�أريد اأن اأعرف منك‬
‫حقيقة اأمره اأيه� الغريب‪.‬‬
‫�أويديب��س – واح�رشت�ه‪.‬‬
‫رئي�س �جل�قة – اإين اأ�رشع اإليك يف اأن‬
‫ت�شتجيب مل� اأريد منك‪.‬‬
‫�أويديب��س – واح�رشت�ه! واح�رشت�ه!‬
‫رئي�س �جل�قة – هذا ملكن� ثي�شيو�س ابن‬
‫اأج�يو�س يقبل كم� متنيت ليحقق م� اأملت‪.‬‬
‫رئي�س �جل�قة – ا�شتجب يل فقد ا�شتجبت‬
‫لك‪.‬‬
‫�أويديب��س – لقد اأثقلني ال�شق�ء اأيه� الغريب‪.‬‬
‫نعم اأثقلني ال�شق�ء على الرغم مني‪ .‬يجب اأن تعلم‬
‫الآلهة ذلك ف�إين مل اأرد منه �شيئ�ً‪.‬‬
‫رئي�س �جل�قة – وكيف ذلك؟‬
‫�أويديب��س – لقد ورطتني املدينة يف زواج‬
‫خطر بغي�س مل اأكن اأعرف من دخيلته �شيئ�ً‪.‬‬
‫رئي�س �جل�قة – اأحق م� �شمعت من اأنك‬
‫اقرتنت ب�أمك؟!‬
‫�أويديب��س – واح�رشت�ه! اإن ا�شتم�عي لهذا‬
‫اأيه� الغريب ليعدل املوت‪ .‬وهذان الك�ئن�ن اللذان‬
‫منحتهم� احلي�ة‪...‬‬
‫رئي�س �جل�قة – م�ذا تقول؟‬
‫�أويديب��س – اإنهم� نتيجة اجلرمية‪.‬‬
‫رئي�س �جل�قة – ي� لزو�س!‬
‫�أويديب��س – قد ولدتهم� اأم هي اأمي يف‬
‫الوقت نف�شه‪.‬‬
‫رئي�س �جل�قة (م�رصع ًا) – هم� ابنت�ك اإذن‬
‫و‪...‬‬
‫�أويديب��س – وهم� اأخت� اأبيهم�‪ ،‬ولدتهم�‬
‫جميع ً� اأم واحدة‪.‬‬
‫رئي�س �جل�قة – واح�رشت�ه!‬
‫�أويديب��س – واح�رشت�ه لآلم تتت�بع ول‬
‫تنق�شي!‬
‫رئي�س �جل�قة – قد فعلت‪.‬‬
‫�أويديب��س – مل اأفعل �شيئ�ً‪.‬‬
‫رئي�س �جل�قة – م� معنى هذا؟‬
‫اأويديبو�س – لقد تلقيت من ثيبة«طيبة» اأن�‬
‫ال�شقي منحة م� ك�ن يجب اأن اأتلق�ه� بعد اأن‬
‫نفعته� نفع ً� عظيم�ً‪.‬‬
‫رئي�س �جل�قة – اأيه� ال�شقي ب�أي ا�شم اآخر‬
‫اأ�شتطيع اأن اأ�شميك؟ لقد ق�شيت املوت‪...‬‬
‫�أويديب��س – م�ذا اأي�ش�ً؟ م�ذا تريد اأن‬
‫تعلم؟‬
‫رئي�س �جل�قة – على اأبيك؟‬
‫�أويديب��س – واح�رشت�ه! جرح اآخر توؤذيني‬
‫به بعد اجلرح الأول!‬
‫رئي�س �جل�قة – قد قتلت‪.‬‬
‫�أويديب��س – لقد قتلت ولكن يل‪...‬‬
‫رئي�س �جل�قة – لك م�ذا؟‬
‫�أويديب��س – يل م� يقوم عني ب�لعذر‪.‬‬
‫رئي�س �جل�قة – م�ذا؟‬
‫�أويديب��س – �ش�أنبئك به‪ ،‬لقد قتلت‪ .‬لقد‬
‫نزعت احلي�ة ولكن دون اأن اأعرف م� كنت اأ�شنع‪.‬‬
‫واإذن ف�أن� بريء اأم�م الق�نون‪ .‬وقد اقرتفت‬
‫اجلرمية على غري علم به�‪.‬‬
‫(يدخل ثي�سي��س)‬
‫ثي�سي��س – لقد عرفتك ي� ابن ليو�س‪،‬‬
‫وط�مل� �شمعت عن ه�تني العينني الداميتني‬
‫اللتني فق�أتهم�‪ .‬ولكن علمي ب�ش�أنك اليوم اأكرث‬
‫دقة و�شعة لكرثة م� �شمعت من احلديث عنك‬
‫يف طريقي اإىل هذا املك�ن‪ .‬وي�شدق علمي هذا‬
‫م� اأراه من مظهرك ومن وجهك الذي عبثت به‬
‫اخلطوب‪ .‬ولقد ملكني الإ�شف�ق عليك ف�أقبلت‬
‫اأ�ش�ألك اأيه� ال�شقي اأويديبو�س عن ح�جتك التي‬
‫تطلبه� اإىل املدينة واإيلّ‪ ،‬اأنت وهذه الب�ئ�شة التي‬
‫ت�شحبك‪ .‬يجب اأن يكون م� تطلبه ع�شرياً �ش� ًّق�‬
‫منفي� فذقت‬
‫لأرف�شه(‪ )16‬فلقد اأعلم اأين ن�ش�أت‬
‫ًّ‬
‫مثلك اآلم النفي وج�هدت م� و�شعني اجله�د‬
‫يف اأر�س غريبة لأتقي اأخط�راً ل حت�شى ك�نت‬
‫حتدق بي وت�رشف بي على املوت‪ ،‬ومن اأجل هذا‬
‫منفي مثلك‪ ،‬واإمن� اأن�‬
‫ل اأ�شتطيع اأن اأحتول عن‬
‫ّ‬
‫مدفوع اإىل معونته واإنق�ذه‪ .‬واأن� مع ذلك اأعلم‬
‫يل ول اإليك‪.‬‬
‫اأين اإن�ش�ن واأن اأمر الغد لي�س اإ ّ‬
‫�أويديب��س – اأي ثي�شيو�س! لقد ا�شتطعت‬
‫يف كلم�ت ق�شرية اأن ت�شعرين بكرم خلقك ونبل‬
‫�شج�ي�ك‪ ،‬فلن اأحت�ج بعد هذا اإىل اأن اأطيل‬
‫احلديث يف عر�س ح�جتي عليك‪ .‬من اأن�؟ من‬
‫اأبي؟ من اي بلد اأقبلت؟ لقد اأنب�أت اأنت بهذا كله‬
‫فلم يبق يل اإل اأن اأعر�س عليك م� اأريد‪.‬‬
‫ثي�سي��س – نعم حتدث‪ ،‬اأنبئني‪.‬‬
‫�أويديب��س – لقد اأقبلت اأحمل اإليك ج�شمي‬
‫لذري‪ ،‬ولكن م� يقدم اإليك من‬
‫التع�س‪ .‬اإن منظره ّ‬
‫نفع اأعظم من جم�له خطراً‪.‬‬
‫ثي�سي��س – اأي نفع تزعم اأن مقدمك يحمله‬
‫اإيلّ؟‬
‫�أويديب��س – لن تعرف ذلك الآن بل فيم�‬
‫يقبل من الأي�م‪.‬‬
‫ثي�سي��س – متى تظهر لن� قيمة هذه‬
‫الهدية؟‬
‫�أويديب��س – بعد اأن اأموت وبعد اأن تواريني‬
‫يف الرتاب‪.‬‬
‫ثي�سي��س – اإنك ل تفكر اإل يف اآخر اأي�مك‬
‫ولكن م� بقي بينك وبني املوت م�ذا ت�شنع به‪،‬‬
‫اأتن�ش�ه اأم تهمله؟‬
‫�أويديب��س – ذلك لأن هذا الذي اأفكر فيه‬
‫يحوي كل �شيء ب�لقي��س اإيلّ‪.‬‬
‫يل ي�شري‬
‫ثي�سي��س – ولكن الذي تطلبه اإ َّ‬
‫ج ًّدا‪.‬‬
‫�أويديب��س – فكر ف�إن اجله�د الذي اأنت‬
‫‪23‬‬
‫مقبل عليه لن يكون هين�ً‪.‬‬
‫ثي�سي��س – اأتتحدث عن ابنيك اأم عني؟‬
‫�أويديب��س – اإنهم� يزعم�ن اأنهم� �شريدانني‬
‫اإىل ثيبة«طيبة»‪.‬‬
‫ثي�سي��س – ولكن لي�س من اخلري اأن تعي�س‬
‫منفي�‪.‬‬
‫برغمهم� غريب ً� ًّ‬
‫علي احلي�ة يف‬
‫�أويديب��س – ولكنهم� اأبي� ّ‬
‫اأر�س الوطن حني كنت اأريده�‪.‬‬
‫ثي�سي��س – اإنك لأحمق‪ ،‬لي�س من اخلري اأن‬
‫حتتفظ ب�ملوجدة حني يلم بك ال�شق�ء‪.‬‬
‫علي بعد اأن ت�شمع‬
‫�أويديب��س – لك اأن ت�شري ّ‬
‫يل‪ ،‬ف�أم� الآن فدعني وم� اأريد‪.‬‬
‫ثي�سي��س – ب�رشين ب�أمرك فم� ينبغي اأن‬
‫اأحتدث عن غري علم‪.‬‬
‫�أويديب��س – اأي ثي�شيو�س ! لقد احتملت‬
‫اآلم ً� عنيفة مت�شلة‪.‬‬
‫ثي�سي��س – اأتريد اأن تذكر ال�شق�ء القدمي‬
‫الذي اأمل ب�أ�رشتك؟‬
‫�أويديب��س – كال ف�إن اليون�ن جميع ً�‬
‫يتحدثون به‪.‬‬
‫ثي�سي��س – فم�ذا يحملك اإذن من الآلم‬
‫اأكرث مم� يطيق الن��س اأن يحملوا؟‬
‫�أويديب��س – هذه ق�شتي‪ ،‬لقد نف�ين ابن�ي‬
‫عن اأر�س الوطن ولي�س يل اأن اأعود اإليه� لأين‬
‫قتلت اأبي‪.‬‬
‫ثي�سي��س – واإذن فكيف يدعوانك اإىل‬
‫املدينة م� دام يجب عليك اأن تعي�س بعيداً عنه�؟‬
‫�أويديب��س – �شي�أمرهم� بذلك وحي الآلهة‪.‬‬
‫ثي�سي��س – م�ذا يخ�ف�ن من الوحي؟‬
‫�أويديب��س – لقد كتب عليهم� الق�ش�ء اأن‬
‫رهم� هذه املدينة‪.‬‬
‫َت ْق َه ُ‬
‫ثي�سي��س – وكيف ت�شبح مدينتي لهم�‬
‫عدوا؟‬
‫ًّ‬
‫علي‪ ،‬اأي ابن‬
‫�أويديب��س – اأيه� العزيز ّ‬
‫اأجيو�س! اإن الآلهة وحدهم خ�لدون ل يعرفون‬
‫ال�شيخوخة ول املوت‪ ،‬وكل �شيء غري الآلهة‬
‫معر�س لال�شطراب ي�رشفه الدهر القوي كم�‬
‫ي�ش�ء‪ .‬اإن قوة الأر�س لتذهب واإن قوة اجل�شم‬
‫لتفنى واإن وف�ء الن��س ليزول واإن اخلي�نة‬
‫والغدر ليقوم�ن مق�مه واإن الريح الطيبة‬
‫املواتية ل تهب دائم ً� بني الأ�شدق�ء‪ .‬واإن‬
‫الأمور لتتقلب يف وقت قريب اأو بعيد ف�إذا م�‬
‫ي�رش الن��س ي�شووؤهم واإذا م� ي�شوء الن��س يحمل‬
‫اإليهم الغبطة وال�رشير‪ .‬واإذا ك�ن اأهل ثيبة«طيبة»‬
‫ينفقون الآن يف ظل ال�شلم بينك وبينهم اأي�م ً�‬
‫�شعيدة فم� اأكرث اللي�يل والأي�م التي يلده�‬
‫الزمن اخل�لد يف حركته املت�شلة‪ .‬ويف اأثن�ء هذه‬
‫عدد ‪143‬‬
‫‪ 7‬متوز ‪2010‬‬
‫اللي�يل والأي�م �شيمحقون برم�حهم هذا الوف�ق‬
‫الذي ي�شل بينهم وبني اأهل هذه البالد‪ .‬هن�لك‬
‫ي�رشب ج�شمي اله�مد الب�رد‪ ،‬وقد ووري يف‬
‫اأثن�ء الرتاب‪ ،‬دمهم احل�ر الغزير اإن ك�ن زو�س‬
‫هو زو�س واإن ك�ن وحي ابنه اأبولون‪ .‬ولكني ل‬
‫اأريد اأن اأتقدم ب�لك�شف عم� يجب اأن يظل م�شتوراً‬
‫فدعني اأقف عندم� ابتداأت به وثق ب�أنك لن تقول‬
‫اإنك ا�شتقبلت يف هذه الأر�س �شخ�ش ً� ل نفع فيه‪،‬‬
‫اإن �شدقني الآلهة ومل يخدعوين‪.‬‬
‫رئي�س �جل�قة – اأيه� امللك اإن هذا الرجل‬
‫يعد منذ زمن طويل ب�أن هذه الأنب�ء واأمث�له�‬
‫مم� ت�أذن الوحي ب�أن فيه لوطنن� نفع ً� �شيتحقق‬
‫يف يوم من الأي�م‪.‬‬
‫ثي�سي��س – من ذا الذي ي�شتطيع اأن يرف�س‬
‫عطف رجل كهذا الرجل؟ لقد ك�نت �شي�فتي له‬
‫مب�حة دائم ً� وهو بعد ذلك قد اأقبل م�شتجرياً‬
‫يل �رشيبة عظيمة‬
‫ب�لآلهة ف�أدى اإىل املدينة واإ ّ‬
‫علي اأن اأيف له واأن ل اأرد‬
‫اخلطر‪ .‬فمن احلق ّ‬
‫اإح�ش�نه اإلين�‪�( .‬إىل رئي�س �جل�قة) اإن اأراد الغريب‬
‫اأن يقيم يف هذا املك�ن ف�ش�أكل اإليك العن�ية‬
‫بحم�يته‪ ،‬واإن اأراد اأن ي�شحبني فله م� ي�ش�ء‪.‬‬
‫واخرت اأنت ي� اأويديبو�س مك�ن اإق�متك كم� حتب‬
‫وتهوى‪.‬‬
‫�أويديب��س – اأي زو�س كن مواتي ً� لأمث�ل‬
‫هذا الرجل‪.‬‬
‫ثي�سي��س – م�ذا تريد اإذن؟ اأت�شحبني اإىل‬
‫ق�رشي؟‬
‫�أويديب��س – وددت ذلك لو اأنه مب�ح يل‬
‫ولكن يف هذه القرية‪...‬‬
‫ثي�سي��س – م�ذا تريد اأن ت�شنع يف هذه‬
‫القرية؟ لن اأحول بينك وبني �شيء‪.‬‬
‫�أويديب��س – �ش�أنت�رش يف هذه القرية على‬
‫الذين نفوين‪.‬‬
‫ثي�سي��س – م� اأعظم �شع�دتن� مبح�رشك‪.‬‬
‫�أويديب��س – اإذا وفيت لوعدك واأجنزته‪.‬‬
‫ثي�شيو�س – ل ب�أ�س عليك فل�شت اأخ�شى اأن‬
‫اأخونك‪.‬‬
‫�أويديب��س – لن اأقيد ب�لق�شم كم� يقيد‬
‫اخلونة‪.‬‬
‫ثي�سي��س – لن يعطيك الق�شم اأكرث مم�‬
‫اأعط�ك وعدي‪.‬‬
‫�أويديب��س – م�ذا تريد اإذن اأن ت�شنع للوف�ء‬
‫مب� وعدت؟‬
‫ثي�سي��س – اأي الأ�شي�ء تخ�ف؟‬
‫�أويديب��س – �شيقبل بع�س الن��س‪.‬‬
‫ثي�سي��س – �شيتلق�هم هوؤلء‪.‬‬
‫�أويديب��س – احذر اأن ترتكني‪.‬‬
‫ثي�سي��س – ل تعلمني م� ينبغي اأن اأعمل‪.‬‬
‫�أويديب��س – يكرهني اخلوف على ذلك‪.‬‬
‫ثي�سي��س – ولكن قلبي اأن� ل يخ�ف‪.‬‬
‫�أويديب��س – اأنت ل تعرف النذير‪.‬‬
‫ثي�سي��س – اعلم اأن اأحداً لن يخرجك من‬
‫هذه الأر�س برغمي‪ .‬اإن الن��س اإذا غ�شبوا اأكرثوا‬
‫النذير ف�إذا ع�دت اإليهم عقولهم ذهبت نذرهم‬
‫هب�ء‪.‬‬
‫اإن الذين اجرتاأوا على اأن ينطقوا بهذه‬
‫الكلم�ت اخلطرية وينذروا ب�أنهم �شيخرجونك من‬
‫هذه الأر�س �شيجدون دون الو�شول اإليك بحراً‬
‫وا�شع ً� �شديد ال�شطراب‪ .‬اأمن نف�شك اإذن فلي�س‬
‫عليك ب�أ�س حتى ولو مل اأقم دونك م� دام اأبولون‬
‫هو الذي اأر�شلك‪ ،‬حتى لو غبت عنك ف�إن ا�شمي‬
‫�شيحميك من كل اإه�نة‪ ،‬م� اأ�شك يف ذلك‪.‬‬
‫�جل�قة (يف ق�ة وهدوء) – اإن القرية التي‬
‫و�شلت اإليه� اأيه� الغريب ذات اجلي�د الرائعة‬
‫والتي ل ي�شبهه� مك�ن يف الدني� هي كولون� ذات‬
‫الأر�س البي�ش�ء‪ ،‬هن� يتنف�س البلبل ذو ال�شوت‬
‫الن�فذ يف اأعم�ق الأودية اخل�رش اأكرث مم� يتنف�س‬
‫يف اأي مك�ن‪ .‬يغني يف اأعم�ق اللبالب التي‬
‫ي�شتخفي فيه� من دون الأوراق اخل�رش املرتاكمة‬
‫املوقوفة على الآلهة‪ .‬وقد اأثقله� اأثم�ر ل تنفذ‬
‫منه� ال�شم�س مهم� تع�شف به� العوا�شف‪ .‬هن�‬
‫يحب ديوني�شو�س اأن يهيم يف عبثه املقد�س بني‬
‫العذارى الالتي قمن على تربيته‪.‬‬
‫يف كل يوم ينمو الرنج�س ذو العن�قيد‬
‫اجلميلة حني ي�شتقبل الندى‪ ،‬ينمو الرنج�س الذي‬
‫ك�نت تتخذ منه الإلهت�ن العظيمت�ن ت�جيهم�‬
‫وينمو معه الزعفران املذهب‪ .‬ل تن�م يف يوم من‬
‫الأي�م الين�بيع الغزيرة لنهر كيفي�س الذي ين�ش�ب‬
‫متلوي ً� هن� وهن�ك ك�أنه ثعب�ن يف كل يوم يهدى‬
‫م�وؤه ال�ش�يف اإىل الأر�س خ�شب ً� �رشيع�ً‪ ،‬بلد مل‬
‫تف�رقه قط جوقة العذارى اخل�لدة ومل تف�رقه‬
‫قط اأفروديت ذات اللجم الذهبية‪.‬‬
‫وهو م�شدر الكربي�ء لهذا البلد‪ ،‬هو قوة خيله‬
‫وعتقه�‪ ،‬وقوته يف البحر‪ .‬اأي زو�س ابن كرونو�س‬
‫اأنت الذي رفع اأثين� اإىل هذه املنزلة من املجد‪.‬‬
‫اأي بو�شيدون اأنت الذي اخرتع لهذه البالد جلم‬
‫اخليل التي تكبح جم�حه�‪ ،‬واأنت الذي اخرتع‬
‫هذا املنظر الرائع منظر املج�ديف وقد اأحكمت‬
‫عليه� يد البح�رة فهي تتواثب على املرح تزاحم‬
‫اآلهة البحر‪.‬‬
‫(يرى من بعيد كري�ن مقب ًال ومعه �حلر�س)‬
‫�أنتيج�نا – اأيه� البلد الذي يرفع �ش�أنه مثل‬
‫هذا املديح الذي �شمعن�ه لقد اآن لك اليوم اأن‬
‫حتقق م� قيل فيك‪.‬‬
‫�أويديب��س (وقد �أدركه �لقلق فجاأة) – اأي �شيء‬
‫حدث على غري انتظ�ر ي� ابنتي؟‬
‫�أنتيج�نا – هذا كريون ي�شعى اإلين�‪ ،‬اإنه‬
‫يدنو ول يعوزه احلر�س الذي ي�شحبه ي� اأبتِ ‪.‬‬
‫�أويديب��س (للج�قة) – اأيه� ال�شيوخ الأعزاء!‬
‫فيكم وحدكم اأ�شع ثقتي واآخر اأمل يل يف‬
‫النج�ة‪.‬‬
‫رئي�س �جل�قة – اطمئن لن نخونك‪ .‬اإن يكن‬
‫الهرم قد اأدركني ف�إن قوة هذه البالد ل تهرم‪.‬‬
‫(يدخل كري�ن)‬
‫كري�ن – اأيه� القوم الكرام �شك�ن هذه‬
‫الأر�س! اإين لأرى يف اأعينكم اأن مقدمي يثري‬
‫يف نفو�شكم بع�س اخلوف‪ .‬ل تخ�فوا ول تلقوين‬
‫�رشا‬
‫بكالم غري مالئم ف�إين مل اأقدم وقد دبرت ًّ‬
‫اأو عنف�ً‪ .‬لقد تقدمت �شني واأن� اأعلم اأن هذه‬
‫املدينة التي اأن� فيه� مدينة اأثين� قوية بل هي‬
‫اأقوى مدن اليون�ن جميع�ً‪ .‬اإمن� اأقبلت مكلف ً� اأن‬
‫اأقنع هذا الرجل ال�شيخ ب�أن يعود معي اإىل اأر�س‬
‫الكدميني‪ ،‬مل يكلفني ذلك رجل واحد واإمن� اأمرين‬
‫به املواطنون جميع�ً‪ ،‬واإمن� اخت�روين لذلك‬
‫ملك�ين من قرابته ولأين اأحق الن��س ب�لرث�ء له‪.‬‬
‫هلم اأيه� التع�س اأويديبو�س ا�شمع يل وعد اإىل‬
‫وطنك‪ .‬اإن الكدميني جميع ً� واأن� اأولهم يدعونك‬
‫اإىل وطنك ويدفعهم اإىل ذلك الراأفة بك واحلدب‬
‫عليك فلن ي�رشف عنك الراأفة اإل اأقل الن��س‬
‫وح�ش�‪ .‬اإين اأراك تع�ش ً� يف اأر�س غريبة‬
‫�شعوراً‬
‫ًّ‬
‫ه�ئم ً� دائم ً� معتمداً على رفيقة وحيدة حتي�‬
‫حي�ة ملوؤه� ال�شق�ء‪ .‬وم� قدرت قط وااأ�شف�ه اأن‬
‫ابنتك ت�شقط يوم ً� من الأي�م اإىل هذا البوؤ�س!‬
‫م� اأ�شق�ه�! اإنه� تعنى بحي�تك وترفق ب�شعفك‬
‫واآفتك وحتي� حي�ة الب�ئ�شة يف هذه ال�شن التي‬
‫بلغته� معر�شة للخطر من اأول معتد عليه�‪ .‬م�‬
‫اأ�شق�ين! م� اأ�شد هذه الو�شمة التي و�شمتك به�‬
‫(يف بطء وجالء)‬
‫اإين لأعرف �شجرة مل اأ�شمع قط اأن الأر�س قد‬
‫اأنبتت مثله� ل يف اآ�شي� ول يف اأر�س بيلوب�س‪،‬‬
‫�شجرة ل تقهر‪� ،‬شجرة تن�ش�أ من تلق�ء نف�شه�‬
‫م�شدر خوف لرم�ح العدو تنمو خ��شة يف هذه‬
‫الأر�س‪ ،‬هي �شجرة الزيتون ذات الورق ال�ش�حب‬
‫والتي تغذو الأطف�ل‪ .‬لن ي�شتطيع زعم�ء العدو‬
‫�شيوخ ً� اأو �شب�ب ً� اأن مي�شوه� ب�أذى لأن عني‬
‫زو�س وعني اأثين� �ش�هرت�ن عليه�‪.‬‬
‫اأ�شتطيع اأن اأذكر مبجد اآخر هو اأعظم م� ميت�ز‬
‫به وطنن� من املجد منحن� اإي�ه اإله من الآلهة‬
‫‪24‬‬
‫وو�شمت به� نف�شي وو�شمت به� اأ�رشتن� كله�!‬
‫ولكن م� دام من امل�شتحيل اأن تخفي م� ل �شبيل‬
‫اإىل اإخف�ئه ف�إين اأق�شم عليك ب�آلهة الوطني ي�‬
‫اأويديبو�س اإل م� �شمعت يل ف�أخفيت هذا اخلزي‬
‫وعدت اإىل ثيبة«طيبة» يف ق�رش اآب�ئك‪ .‬ودع‬
‫اأثين� وداع ال�شديق ف�إن هذا حق له� ولكن وطنك‬
‫اأحق ب�إكرامك فهو الذي غذاك منذ اأقدم الع�شور‪.‬‬
‫�أويديب��س – اأيه� الرجل الذي بلغ من اجلراأة‬
‫اأق�ش�ه� ومن اخلداع غ�يته وبرع يف اإظه�ر املكر‬
‫والده�ء يف �شورة ال�شتق�مة وال�رشاحة! فيم‬
‫هذه املح�ولة وفيم تريد اأن توقعني يف اأ�رشاك‬
‫علي ال�شق�ء منذ‬
‫يوؤذيني اأن اأقع فيه�؟ لقد األح ّ‬
‫يل وكنت اأريده واألح‬
‫حني وك�ن النفي حمبب ً� اإ ّ‬
‫علي فلم� �شكت عني الغ�شب وحببت‬
‫فيه ف�أبيته ّ‬
‫يل الإق�مة يف ق�رشي حرمتني ذلك ونفيتني عن‬
‫اإ ّ‬
‫اأر�س الوطن ومل حتفل بهذه القرابة التي تذكره�‪،‬‬
‫والآن وقد راأيت هذه املدينة واأهله� يلقونني‬
‫لق�ء كرمي ً� حت�ول اأن تنتزعني من بينهم وتخفي‬
‫ق�شوتك وراء األف�ظ حلوة‪ .‬ومع ذلك ف�أي لذة يف‬
‫اأن حتب الن��س على رغمهم اإذا اأحلحت على‬
‫اأحد يف املعونة فلم ي�شمع لك ومل يحفل بك ثم‬
‫اأقبل عليك مينحك معونته وقد ا�شتغنيت عنه�؟‬
‫األ ت�شعر ب�أن لذة هذه املعونة ت�شبح ف�ترة ل‬
‫علي‪:‬‬
‫غن�ء فيه�‪ .‬ومع ذلك فهذا هو م� تعر�شه ّ‬
‫كالم حلو ولكن لي�س من وراءه �شيء (�إىل �جل�قة)‬
‫– �ش�أحتدث اإىل هوؤلء اأي�ش ً� لأظهرهم على مكرك‬
‫وغدرك‪ .‬لقد اأقبلت تقودين ل لأحي� يف ق�رشي‬
‫ولكن لتنفيني يف اأر�س جم�ورة ولتدفع عن‬
‫ثيبة«طيبة» ال�رش الذي ميكن اأن ينذره� به هذا‬
‫البلد‪ .‬اإن جهدك ل ط�ئل فيه واإليك م� ينتظرك‪:‬‬
‫�شيقيم بينكم روحي �ش�خط ً� منتقم ً� ولن يظفر‬
‫ابن�ي من الأر�س التي ملكت عليه� اإل مب� ل بد‬
‫منه ليدركهم� فيه� املوت‪ .‬األ�شت اأعلم منك ب�أمور‬
‫ثيبة«طيبة»؟ اإن علمي به� اأ�شح من علمك لأين‬
‫اآخذه عن الثق�ت عن اأبولون وعن زو�س اأبي‬
‫اأبولون‪ .‬لقد اأقبلت بفم ك�ذب‪ .‬اإن ل�ش�نك حل�د‬
‫ولكن األف�ظك ت�شووؤك اأكرث مم� حت�شن اإليك‪ .‬هلم‬
‫اإين اأعلم اأين لن اأقنعك ب�شيء‪ .‬ان�رشف ودعن�‬
‫نع�س يف هذه الأر�س‪ .‬لن ن�شقى ب�حلي�ة مهم�‬
‫ت�شوء ح�لن� اإذا ر�شين� عن حي�تن�‪.‬‬
‫كري�ن – اأتظن اإن اإخف�قي يف هذا اجلدال‬
‫ي�رشين اأكرث مم� ي�رشك‪.‬‬
‫�أويديب��س – اإين �شعيد لأنك ل ت�شتطيع اأن‬
‫تقنعني ول اأن تقنع من حويل‪.‬‬
‫كري�ن – ي� لك من �شقي! األن يعلمك الزم�ن‬
‫يوم ً� م� اأن تكون ع�ق ًال حكيم�ً؟ اأت�أبى اإل اأن‬
‫تخزى �شيخوختك‪.‬‬
‫�أويديب��س – اإن ل�ش�نك لذلق ولكني ل اأعرف‬
‫اأحداً يذكرك ب�خلري‪.‬‬
‫كري�ن – فرق بني الكالم الكثري والكالم‬
‫املقنع‪.‬‬
‫�أويديب��س – واإذن ف�أنت قليل الكالم واأنت‬
‫ل تتكلم اإل حني يكون يف الكالم مقنع!‬
‫كري�ن – لي�س هذا من غري �شك م� يظنه‬
‫رجل مثلك‪.‬‬
‫�أويديب��س – اخرج من هذه الأر�س؛ هذا‬
‫اأمر األقيه اإليك ب��شم هوؤلء الن��س‪ .‬ل تراقبني ول‬
‫تتبعني يف هذه الأر�س التي يجب اأن اأنفق فيه�‬
‫حي�تي‪.‬‬
‫كري�ن – اإين اأحتكم اإىل هوؤلء الن��س ل‬
‫اإليك‪ ،‬ف�إم� ردك على اأ�شدق�ئك ف�إذا ظفرت بك‪.‬‬
‫�أويديب��س – من ذا الذي ي�شتطيع اأن يظفر‬
‫بي على رغم جرياين؟‬
‫كري�ن – �شينزل بك العق�ب من غري �شك‬
‫حتى ولو مل توؤخذ‪.‬‬
‫�أويديب��س – اإنك تنذر فب�أي عمل تتبع هذا‬
‫النذير؟‬
‫كري�ن – لقد اأخذت اإحدى ابنتيك و�ش�آخذ‬
‫الأخرى عم� قليل‪.‬‬
‫�أويديب��س – ي� لالآلهة!‬
‫كري�ن – �شتحت�ج بعد حني اإىل دع�ء الآلهة‬
‫اأكرث مم� حتت�ج الآن‪.‬‬
‫�أويديب��س – اأوقعت ابنتي بني يديك؟‬
‫كري�ن – و�ش�آخذ الأخرى يف اأ�رشع وقت‪.‬‬
‫كري�ن – اإذن ف�شتعلن احلرب على‬
‫ثيبة«طيبة» اإن م�ش�شتني ب�أذى‪.‬‬
‫�أويديب��س – اأمل اأقل ذلك؟‬
‫رئي�س �جل�قة (حلار�س من حر�س كري�ن) – دع‬
‫هذه الفت�ة واأ�رشع‪.‬‬
‫كري�ن – ل ت�أمر م� دام ال�شلط�ن لي�س‬
‫اإليك‪.‬‬
‫رئي�س �جل�قة (للحار�س نف�سه) – اأقول لك‬
‫دعه�‪.‬‬
‫كري�ن (للحار�س) – واأن� اآمرك ب�أن مت�شي‬
‫به�‪.‬‬
‫رئي�س �جل�قة (م�سطربا) – النجدة النجدة!‬
‫اأ�رشعوا ي� اأهل كولون�! لقد اأهينت اأثين�‪ ،‬نعم لقد‬
‫اأهينت واعتدي عليه�‪ .‬اأ�رشعوا اإىل جندتن�!‬
‫�أنتيج�نا – اإنهم يقودونني‪ ،‬م� اأ�شق�ين اأيه�‬
‫الغرب�ء!‬
‫�أويديب��س (يندفع متحم�س ًا) – اأين اأنت ي�‬
‫ابنتي؟‬
‫قوي�‪.‬‬
‫�أنتيج�نا – اإنهم يدفعونني دفع ً� ًّ‬
‫�أويديب��س – مدي ذراعيك ي� ابنتي‪.‬‬
‫�أنتيج�نا – ل اأ�شتطيع‪.‬‬
‫كري�ن (حلر�سه) – األ تقودونه�؟‬
‫�أويديب��س – م� اأ�شق�ين! م� اأ�شق�ين!‬
‫�أويديب��س – اأيه� الذين اأج�روين م�ذا‬
‫ت�شنعون؟ اأتخفرون ذمتي؟ األ تخرجون هذا‬
‫الآثم من اأر�شكم؟‬
‫رئي�س �جل�قة – ان�رشف اأيه� الغريب‪،‬‬
‫اأ�رشع اإىل الرحيل من هذه الأر�س؛ اإن م� فعلت‬
‫وم� اأنت مقدم عليه جلرم عظيم‪.‬‬
‫كري�ن (للحر�س �لذي ير�فقه) – لقد اآن اأن‬
‫تقودوا هذه الفت�ة ق�رشاً اإذا مل تتبعكم‪.‬‬
‫�أنتيج�نا (حتاول �أن تفلت من �حلر�س �لذي يحيط‬
‫بها) – م� اأ�شق�ين! اأين املهرب؟ اأي معونة اأ�شتطيع‬
‫اأن اأنتظر من الآلهة اأو من الن��س؟‬
‫رئي�س �جل�قة (قائما دون �أنتيج�نا ومنذر�ً) –‬
‫م�ذا ت�شنع اأيه� الغريب؟‬
‫كري�ن – لن اأم�س هذا الرجل ولكني اآخذ‬
‫هذه الفت�ة لأنه� يل!‬
‫�أويديب��س – اأي �ش�دة هذا البلد‪.‬‬
‫رئي�س �جل�قة – اأيه� الغريب لي�س م�‬
‫ت�شنعه عدلً‪.‬‬
‫كري�ن – بل هو العدل‪.‬‬
‫رئي�س �جل�قة – كيف ك�ن ذلك؟‬
‫كري�ن – من حقي اأن اأقود اأبن�ء اأ�رشتي‪.‬‬
‫�أويديب��س (م�سطرب ًا) – ي� للمدينة!‬
‫رئي�س �جل�قة – م�ذا ت�شنع اأيه� الغريب؟‬
‫دع هذه الفت�ة واإل ف�شتبلو قوة ذراعي‪.‬‬
‫كري�ن – وراءك‪.‬‬
‫رئي�س �جل�قة – كال لن اأتقهقر اأم�م هذه‬
‫اجلراأة‪.‬‬
‫(يخرج �حلر�س ومعهم �أنتيج�نا)‬
‫كري�ن – لن ت�شعى بعد الآن معتمداً على‬
‫ه�تني الدع�متني ل�شيخوختك‪ ،‬ف�نت�رش الآن م�‬
‫دمت تريد اأن تنت�رش على وطنك وعلى اأ�شدق�ئك‬
‫الذين اأمروين اأن اأفعل م� فعلت و�شيعلمك الزمن‬
‫اأنك ت�شيء الآن اإىل نف�شك‪ ،‬م� اأ�شك يف ذلك كم�‬
‫فعل من قبل معر�ش ً� عن اأ�شدق�ئك م�شتمع ً�‬
‫لغ�شبك الذي اأ�ش�ء اإليك دائم�ً‪.‬‬
‫(يهم باخلروج)‬
‫رئي�س �جل�قة – اأق�شم اأيه� الغريب‪...‬‬
‫كري�ن – اأحظر عليك اأن مت�شني‪.‬‬
‫رئي�س �جل�قة – لن اأطلقك حتى ترد ه�تني‬
‫الفت�تني‪.‬‬
‫كري�ن – اإذن ف�شتفر�س على اأثين� غرامة‬
‫�شخمة ف�إين لن اأكتفي ب�أخذ ه�تني الفت�تني‪.‬‬
‫رئي�س �جل�قة – وم�ذا تخيل لنف�شك اأي�ش�ً؟‬
‫كري�ن – �ش�أقب�س على هذا الرجل‬
‫و�ش�أقوده‪.‬‬
‫رئي�س �جل�قة – ي� للجراءة؟‬
‫أمتن ذلك اإل اأن يردعني عنه �شيد‬
‫كري�ن – ل َّ‬
‫هذه الأر�س‪.‬‬
‫‪25‬‬
‫�أويديب��س – ي� لك من وقح! اأت�شتطيع اأن‬
‫مت�شني؟‬
‫كري�ن – اآمرك ب�ل�شمت‪.‬‬
‫�أويديب��س – لت�أذن يل اآلهة هذه الأر�س‬
‫ب�أن اأنطق بهذه اللعنة‪ .‬اأيه� اجلب�ن! لقد اأخذت‬
‫مني ال�شخ�شني اللذين ك�ن� يري�ن يل وتريد اأن‬
‫ت�أخذين ول ح�مي يل! فليق�س عليك الإله الذي ل‬
‫يخفى عليه �شيء اأبولون ب�حلي�ة التي ق�شى به�‬
‫علي يف �شيخوختي‪.‬‬
‫ّ‬
‫كري�ن – اأترون اإىل هذا ي� اأهل هذه‬
‫الأر�س؟‬
‫يل‬
‫�أويديب��س – نعم اإنهم يرون اإليك واإ ّ‬
‫وي�شهدون اأنك ت�شووؤين ب�لعمل ول اأ�شووؤك اإل‬
‫ب�للفظ‪.‬‬
‫كري�ن – كال لن اأكبح غ�شبي (م�سري�ً �إىل‬
‫�أويديب��س) و�ش�أقوده ق�رشاً واإن تقدمت بي ال�شن‬
‫واإن كنت وحيداً‪.‬‬
‫(ي�رصع �إىل �أويديب��س لياأخذه)‬
‫�أويديب��س (م�سطرب ًا) – وا�شقوت�ه!‬
‫رئي�س �جل�قة – ب�أي وق�حة اأقبلت اأيه�‬
‫الغريب اإن ظننت اأنك �شتتم م� تنذر به‪.‬‬
‫كري�ن – بل اأن� واثق بذلك‪.‬‬
‫رئي�س �جل�قة – اإذن فلن تكون هذه املدينة‬
‫�شيئ�ً‪.‬‬
‫كري�ن – اإن ال�شعيف نف�شه ينت�رش على‬
‫القوي اإذا ك�ن احلق �شالحه‪.‬‬
‫�أويديب��س – اأت�شمعون مل� يقول؟‬
‫رئي�س �جل�قة – ولن يتمه‪ ،‬ذلك �شيء ل اأ�شك‬
‫فيه‪.‬‬
‫كري�ن – زو�س وحده يعلم ذلك‪ ،‬اأم� اأنت فال‬
‫علم لك به‪.‬‬
‫رئي�س �جل�قة – األي�شت هذه اإه�نة؟‬
‫كري�ن – اإه�نة‪ ،‬نعم! ويجب اأن حتتمله�‪.‬‬
‫رئي�س �جل�قة (م�سطرب ًا) – النجدة ي� اأهل‬
‫املدينة النجدة! ي� �ش�دة هذه الأر�س اأ�رشعوا!‬
‫اأ�رشعوا اإن هوؤلء الن��س يتعدون كل حد‪.‬‬
‫(يقبل ثي�سي��س م�رصع ًا)‬
‫م‬
‫ثي�سي��س – م� هذا ال�شي�ح‪ .‬م�ذا يجري؟ ِ َ‬
‫تخ�ف؟ لقد كنت عند املذبح اأ�شحي لإله البحر‬
‫أبن‬
‫علي عملي؟ ا ْ‬
‫ح�مي هذه القرية‪ ،‬ففيم قطعت ّ‬
‫يل لأعلم كل �شيء فمن اأجل هذا عدوت اإىل املك�ن‬
‫عدواً‪ .‬وقد ك�نت قدم�ي تودان لو ا�شت�أنيت‪.‬‬
‫�أويديب��س – اأيه� العزيز ثي�شيو�س لقد عرفت‬
‫�شوتك‪ .‬لقد اأ�رشف هذا الرجل يف اإه�نتي‪.‬‬
‫عدد ‪143‬‬
‫‪ 7‬متوز ‪2010‬‬
‫ثي�سي��س – اأي اإه�نة؟ تكلم‪ ،‬من ذا الذي‬
‫�ش�قه� اإليك؟‬
‫�أويديب��س – كريون هذا الذي تراه قد‬
‫ابنتي اللتني بقيت� يل!‬
‫�شلبني‬
‫ّ‬
‫ثي�سي��س – م�ذا تقول؟‬
‫�أويديب��س – اإنك لتعلم الآن م� احتملت من‬
‫اأمل‪.‬‬
‫ثي�سي��س (خلدمه م�سري�ً �إىل مذبح ب��سيدون) –‬
‫األ يذهب اأحدكم اإىل هذا املذبح فيبلغ ال�شعب‬
‫كله فر�ش�نه وم�ش�ته اأمري ب�أن يرتكوا القرب�ن‬
‫وي�رشعوا اإىل حيث يلتقي الطريق�ن اللت�ن‬
‫ي�شلكهم� امل�ش�فرون فيمنعوا اأن يذهب اأحد‬
‫به�تني الفت�تني واأن اأ�شبح �شحكة هذا اجل�ر‬
‫بعد م� اأمل به من مكروه (ي�رصع �أحد �خلدم) اذهب‬
‫ف�أنفذ اأمري م�رشع ً� (م�سري�ً �إىل كري�ن) اأم� هو فلو‬
‫اأين ا�شتجبت لغ�شبي الذي ي�شتحقه مل� اأفلت من‬
‫يدي �ش�مل�ً‪ .‬ف�إنه خليق يف هذه الظروف اأن تنفذ‬
‫فيه القوانني التي حمله� اإىل هذا املك�ن واأن‬
‫تنفذ فيه وحده� (�إىل كري�ن) لن تخرج من هذه‬
‫يل ه�تني الفت�تني‪ .‬اإن �شريتك‬
‫الأر�س حتى ترد اإ ّ‬
‫اإه�نة يل واإه�نة لأ�رشتك واإه�نة ملدينتك‪ .‬لقد‬
‫دخلت مدينة تقدر العدل وتدبر القوانني اأعم�له�‬
‫جميع�ً؛ واإذا اأنت تزدري هذا كله فتقتحم حدوده�‬
‫وتط�أ اأر�شه� وت�أخذ م� يعجبك اأن ت�أخذه‪ ،‬متلكه‬
‫ب�لقوة والعنف‪ .‬ولعلك ظننت اأن اأثين� قد خلت‬
‫من الرج�ل واأنه� مل تكن اإل مدينة م�شتعبدة‬
‫واأين ل�شت �شيئ�ً‪ .‬ومع ذلك ف�إن ثيبة«طيبة»مل‬
‫تعلمك ال�رش ف�إنه� ل تغزو من ينحرفون عن‬
‫العدل ولن تثني عليك حني تعلم اأنك �رشقت م�‬
‫حق يل‪ ،‬م� هو حق الآلهة حني اأخذت ب�لقوة‬
‫هو ٌّ‬
‫ه�تني ال�شقيقتني اللتني ا�شتج�رت� بي‪ .‬ذلك �شيء‬
‫لن اأ�شنعه ولن اأ�شتبيح لنف�شي اإذا وطئت اأر�شك‬
‫اأن اآخذ اأحداً من اأهله� ب�لعنف حتى لو ك�ن‬
‫يل احلق يف ذلك‪ ،‬واإمن� اأنتظر فيه اإذن �ش�حب‬
‫الأمر مهم� يكن‪ .‬هن�لك اأعرف كيف تكون �شرية‬
‫الغريب بني املواطنني من اأهل املدينة‪ .‬اأم� اأنت‬
‫ف�إنك تخزى مدينتك‪ ،‬وكلم� مر الزمن بك جمع‬
‫عليك ال�شيخوخة واحلمق‪ .‬لقد اأ�شدرت اأمري منذ‬
‫يل‬
‫حني واإين اأعيد الآن هذا الأمر‪ :‬يجب اأن تع�د اإ ّ‬
‫ه�ت�ن الفت�ت�ن يف اأ�رشع وقت اإن مل ترد اأن تقيم‬
‫يف هذه الأر�س على كره منك‪ .‬هذا كالم يوؤديه‬
‫اإليك فمي كم� يفكر فيه عقلي‪.‬‬
‫رئي�س �جل�قة – اأترى اإىل اأي ح�ل انتهيت‬
‫اأيه� الغريب؟ اإن مولدك لينبئ ب�أنك رجل يوؤثر‬
‫العدل ومع ذلك فقد اقرتفت عم ًال اآثم�ً‪.‬‬
‫كري�ن – ل اأقول ي� ابن اأج�يو�س اإن هذه‬
‫املدينة قد خلت من الرج�ل‪ ،‬ومل اأقدم على‬
‫اأن تفكر يف العدل‪ .‬هذه هي الآث�م التي تورطت‬
‫فيه�‪ ،‬لقد دبر الآلهة كل �شيء‪ .‬واإذا ك�نت نف�س‬
‫علي �شيئ�ً‪.‬‬
‫اأبي حية ف�أن� واثق ب�أنه� لن تنكر ّ‬
‫ولكنك تلومني اأنت اأيه� الرجل اجل�ئر امل�هر يف‬
‫التحدث بكل �شيء‪ ،‬مب� ل خطر له ومب� له اخلطر‬
‫كل اخلطر‪ ،‬مب� ميكن اجلهر به ومب� يجب اأن يظل‬
‫�رشا مكتوم�ً‪.‬‬
‫ًّ‬
‫اإن ترى اخلري يف متلق ثي�شيو�س ويف الثن�ء‬
‫على اأثين� وقوانينه�‪ ،‬ويف اأثن�ء هذا التملق تن�شى‬
‫�شيئ ً� واحداً وهو اأن هن�ك مدينة ترعى حق‬
‫الآلهة‪ ،‬والأثينيون يعرفون هذه املدينة‪ .‬واأنت‬
‫تريد اأن تنتزعني من هذه املدينة‪ ،‬اأن� ال�شيخ‬
‫امل�شتجري به� الالجئ اإليه�‪ ،‬مت�شني ب�لأذى‬
‫وتذهب ب�بنتي‪ .‬من اأجل هذا اأ�رشع اإىل اآلهة‬
‫هذه الأر�س يف اأن يكونوا معي لتعلم اأي الن��س‬
‫يحميه� ويذود عنه�‪.‬‬
‫رئي�س �جل�قة – اإن الغريب اأيه� امللك رجل‬
‫خري! اإن �شق�ءه لعظيم! اإنه خلليق ب�ملعونة‪.‬‬
‫ثي�سي��س – ح�شبن� كالم�ً! اإن املعتدين‬
‫مي�شون ونحن نقيم يف هذا املك�ن‪.‬‬
‫كري�ن – م�ذا تريد اأن ي�شنع رجل ل �شند‬
‫له؟‬
‫ثي�سي��س – ام�س يف اآث�رهم واأن� معك‬
‫وكذلك تظهرين على ه�تني الفت�تني اللتني يجب‬
‫يل مهم� يكن املو�شع الذي اأخفيتهم�‬
‫اأن تعودا اإ ّ‬
‫فيه‪ .‬ف�إذا ك�ن املعتدون قد م�شوا ب�لفري�شة فال‬
‫ب�أ�س ول خطر‪ ،‬هن�ك قوم ي�رشعون يف اآث�رهم‬
‫هلم دلني على‬
‫ول اأمل يف الإفالت منهم‪ّ .‬‬
‫الطريق‪ ،‬واعلم اأن ال�ش�رق م�رشوق واأن احلظ‬
‫قد اأوقعك فيم� ن�شبت من ال�رشاك‪ .‬اإن م� يوؤخذ‬
‫ب�ملكر واخلداع ل ميكن الحتف�ظ به‪ ،‬ولن جتد‬
‫معونة واإن كنت واثق ً� ب�أنك مل تقدم على هذه‬
‫اجلراءة اإل واأنت معتمد على القوة وال�شالح‪ ،‬لقد‬
‫اعتمدت على بع�س الن��س فيم� اأقدمت عليه‪،‬‬
‫فالأحتط لذلك ولأجتهد يف اأن ل تكون هذه‬
‫املدينة �شعيفة ك�لرجل الوحيد‪ .‬اأتفهم عني‬
‫م� اأقول اأم تظنه لغواً ك�لذي قيل لك حني كنت‬
‫تهيئ مل� عملت؟‬
‫كري�ن – لي�س يل م� اأر ّد به على م� تقول‬
‫م� دمت هن�‪ ،‬ف�إذا بلغت ثيبة«طيبة» ف�شتعلم م�‬
‫ينبغي اأن نفعل‪.‬‬
‫ثي�سي��س – اأنذر الآن‪ ،‬ولكن تقدم‪ ،‬اأم� اأنت‬
‫ي� اأويديبو�س ف�أقم ولي�س عليك ب�أ�س‪ .‬ثق ب�أن‬
‫لن اأقف قبل اأن اأرد عليك ابنتيك اإل اأن يدركني‬
‫املوت‪.‬‬
‫�أويديب��س – ليمنحك الآلهة م� اأنت اأهل له من‬
‫ال�شع�دة مك�ف�أة لك على كرمك وحم�يتك للج�ر‪.‬‬
‫م� اأقدمت عليه بغري �شبب معقول كم� تزعم‪،‬‬
‫ولكني اأعلم اأن اأحداً من الأثينيني لن ي�رشف‬
‫يف حب ذوي قرب�ي اإىل حيث يحب�شهم يف هذه‬
‫الأر�س على رغم مني‪ .‬واأعلم اأي�ش ً� اأن الأثينيني‬
‫ل يقبلون يف بالدهم رجال قتل اأب�ه ودن�س‬
‫نف�شه واتخذ اأمه زوج�ً‪ .‬اأعلم هذا كله كم� اأعرف‬
‫حكمة جمل�شكم الق�ش�ئي الأعلى‪ .‬عليه اعتمدت‬
‫حني اأخذت فري�شتي‪ .‬وم� كنت لأفعل ذلك لول‬
‫م� نطق به هذا الرجل من الكالم الذي ا�شتنزل‬
‫يل‬
‫علي وعلى اأ�رشتي‪ .‬لقد وجهت اإ ّ‬
‫فيه اللعن�ت ّ‬
‫الإه�نة ف�أردت اأن اأر ّده� مبثله�‪ .‬اإن الغ�شب ل‬
‫يعرف ال�شيخوخة واإمن� يعرف املوت وحده‪.‬‬
‫والآن ت�شتطيع اأن تفعل م� ت�ش�ء‪ ،‬ف�إن ق�شيتي‬
‫ع�دلة ولكني وحيد‪ ،‬ف�أن� اإذن �شعيف‪ .‬ومع ذلك‬
‫ف�ش�أجتهد يف الدف�ع عن نف�شي مهم� اأبلغ واأكن‬
‫�شيخ�ً‪.‬‬
‫�أويديب��س – اأيه� الك�ئن الوقح! اإىل اأين�‬
‫ت�شوق هذه الإه�نة حني تتحدث هذا احلديث‬
‫يل اأم اإىل نف�شك؟ اإن فمك ليلومني يف األوان من‬
‫اإ ّ‬
‫الإثم وال�شق�ء احتملته� على الرغم مني‪ ،‬لأن‬
‫الآلهة اأرادت ذلك‪ ،‬واأرادته يف اأكرب الظن لأنه�‬
‫واجدة على اأ�رشتي منذ زمن بعيد‪ .‬لن ت�شتطيع اأن‬
‫تلومني اأن� يف خطيئة واحدة لأين اإمن� اقرتفت‬
‫هذه الآث�م يف ذات نف�شي ويف ذات اأ�رشتي واإل‬
‫فبني يل كيف األم على موت اأبي اإذا ك�ن وحي‬
‫ّ‬
‫الآلهة قد اأنب�أه ب�أن املوت �شي�أتيه من يد ابنه؟‬
‫اأنب�أه بذلك قبل اأن اأولد وقبل اأن اأمنح احلي�ة‬
‫من�شي�‪ .‬كيف كنت اأ�شتطيع اأن‬
‫وحني كنت ن�شي ً�‬
‫ًّ‬
‫اأرد عنه هذا املوت؟ كيف تلوموين على هذا وقد‬
‫اأقبلت حني ك�ن يجب اأن اأقبل‪ ،‬فخ��شمت اأبي‬
‫غري ع�مل ب�أبوته ول ع�مد خل�شومته وقتلته غري‬
‫مريد هذا القتل؟ اأم� اأمي اأيه� ال�شقي فقد كنت‬
‫خليق ً� اأن ت�شتخزي من اأن ت�شطرين اإىل احلديث‬
‫عن القرتان به� وهي اأختك‪� .‬ش�أحتدث عن هذا‬
‫الزواج؛ لن اأخفي من اأمره �شيئ ً� م� دمت اأنت الذي‬
‫يدفعني اإىل ذلك‪ .‬لقد ولدتني! نعم لقد ولدتني –‬
‫ي� لل�شق�ء! – دون اأن اأعلم ودون اأن تعلم هي‬
‫ب�أمر امل�شتقبل – ثم منحتني اأبن�ء هم م�شدر‬
‫خزيه�‪ .‬ومع ذلك فهن�ك �شيء اأعلمه واأحتدث‬
‫عنه راغم ً� على حني تتحدث اأنت ع�مداً اإىل كل‬
‫م� تتحدث به‪ .‬ولكني لن اأعرتف ب�أين م�شوؤول‬
‫عم� ك�ن من موت اأبي ومن هذا الزواج‪ .‬اإين األقي‬
‫عليك �شوؤا ًل ف�أجب عليه اأنت الرجل العدل‪ :‬اإذا‬
‫اأقبل عليك رجل يف هذا املك�ن يريد اأن يقتلك‪.‬‬
‫اأتتبني اأنه اأبوك قبل كل �شيء اأم ت�رشع اإىل رد‬
‫عدوانه وعق�به على م� ح�ول من قتلك‪ .‬اأظن اأنك‬
‫تع�قب املذنب اإن كنت حتب احلي�ة‪ ،‬تع�قبه دون‬
‫‪26‬‬
‫(يخرج ثي�سي��س وكري�ن)‬
‫�جل�قة (يف ن�ساط) – ليتني كنت يف املك�ن‬
‫الذي �شيكر اإليه العدو مق�ت ًال حيث ي�شمع �شليل‬
‫ال�شيوف قريب ً� من �ش�حل اله�لكني(‪ )17‬الذين‬
‫اأقفلوا اأفواه كهنتهم مبفت�ح من الذهب(‪ ،)18‬هن�لك‬
‫يلتقي البطل ثي�شيو�س ب�لفت�تني اللتني ق�دهم�‬
‫العدو‪ ،‬يلتقون و�شط ال�شجيج والعجيج‪.‬‬
‫اأو لعل العدو قد هربوا نحو مغرب ال�شم�س‬
‫هن�لك حيث تغطى اجلب�ل ب�لثلوج‪ ،‬عدت بهم‬
‫نحو م�أمنهم اأفرا�س جي�د‪� .‬شيوؤخذ العدو‪ ،‬فم�‬
‫اأ�شد القوة التي ت�شعى يف اأثره! م� اأ�شد قوة‬
‫اأ�شح�ب ثي�شيو�س! اإن �شك�ئم اللجم لرت�شل ال�رشر‬
‫يف كل مك�ن‪ ،‬ومن كل وجه تقبل اخليل التي‬
‫تكرم الإلهة الف�ر�شة اأثين� واإله البحر الذي يحيط‬
‫ب�لأر�س من كل مك�ن بو�شيدون ابن ري�‪.‬‬
‫اأتراهم يف بطء ثم يف اإ�رشاع ي�شطرعون؟‬
‫اأتراهم يرتددون؟ اإين لأقدر يف �شمريي اأن‬
‫لن مي�شي وقت ق�شري حتى تخف اآلم الذين‬
‫احتملوا ال�رش من ذوي قرب�هم‪� .‬شيعمل‪ ،‬نعم‬
‫�شيعمل زو�س يف هذا اليوم‪ .‬اإين لأتوقع مع�رك‬
‫ف��شلة‪ .‬ليتني كنت ط�ئراً �رشيع ً� ك�لع��شفة!‬
‫اإذن لبلغت ال�شح�ب ولأ�رشفت على هذا ال�رشاع‪.‬‬
‫اأي زو�س! اأي ملك الآلهة الذي يرى كل �شيء‪.‬‬
‫امنح �شيد هذه الأر�س قوة متكنه من اأن يكمن‬
‫للعدو وي�شتنقذ منه فري�شته‪ .‬امنحيه هذه القوة‬
‫اأيته� الآلهة اأثين� وليعنه كذلك اأبولون واأخته‬
‫هذه التي تتبع الوح�س يف غ�ب�ته‪.‬‬
‫رئي�س �جل�قة – لن تقول يل اأيه� الغريب‬
‫اله�ئم حني اأرى م� يقع وحني اأحتدث به اأين‬
‫ك�هن ك�ذب‪ .‬اإين اأرى ابنتيك تدنوان اإنهم� تردان‬
‫اإليك يف حفل من الن��س‪.‬‬
‫�أويديب��س – اأين هم�؟ كيف؟ م�ذا تقول؟‬
‫(تدخل �أنتيج�نا و�أ�سمينا ومعهما ثي�سي��س ومن‬
‫ح�لهما عدد �سخم من �لرجال �مل�سلحني)‬
‫�أنتيج�نا (مندفعة �إىل �أبيها) – اأي اأبتِ ! اأي‬
‫اأبتِ ! ليت الآلهة مينحونك عين ً� مب�رشة ترى به�‬
‫هذا الرجل الكرمي الذي ردن� اإليك!‬
‫�أويديب��س – اأكلت�كم� هن� ي� ابنتي؟‬
‫�أنتيج�نا – نعم‪ ،‬اأنقذن� ثي�شيو�س بذراعيه‬
‫القويتني وبنجدة اأ�شح�به وح�شن بالئهم‪.‬‬
‫ابنتي! ادنوا من‬
‫�أويديب��س – ادنوا مني ي�‬
‫ّ‬
‫اأبيكم� ليقبلكم� فلم اأكن اأنتظر عودتكم�!‬
‫�أنتيج�نا – �شي�شتج�ب دع�وؤك ف�إين اأحب‬
‫اأن اأ�شتجيب له‪.‬‬
‫�أويديب��س – اأين اأنتم� اإذن؟‬
‫�أنتيج�نا – ه� نحن ه�ت�ن ب�لقرب منك‪.‬‬
‫علي ي� ابنتي!‬
‫�أويديب��س – م� اأعزكم� ّ‬
‫�أنتيج�نا – كل �شيء عزيز على الآب�ء‪.‬‬
‫�أويديب��س – اأي عم�د �شيخوختي!‬
‫�شقي ل�شيخوخة ب�ئ�شة!‬
‫�أنتيج�نا – عم�د ّ‬
‫�أويديب��س – اإين اأ�شم اإىل �شدري اأحب‬
‫يل‬
‫الك�ئن�ت اإيلّ‪ .‬لن اأ�شقى بعد اأن رددمت� اإ ّ‬
‫واإن اأدركني املوت‪ .‬اأ�شنداين ي� ابنتي من ميني‬
‫و�شم�ل‪ .‬اأقيم� حول اأبيكم�‪ ،‬و�شلي�ه عن حي�ته‬
‫اله�ئمة الوحيدة الب�ئ�شة‪ ،‬واأنبئ�ين يف اإيج�ز مب�‬
‫ك�ن‪ ،‬ف�إن الإيج�ز خليق ب�لعذارى‪.‬‬
‫�أنتيج�نا – هذا هو منقذن� وهو الذي ينبغي‬
‫اأن ت�شمع له ي� اأبتِ و�شتكون ق�شتي ق�شرية كم�‬
‫تريد‪.‬‬
‫�أويديب��س – اأيه� اجل�ر الكرمي ل يده�شك‬
‫يل‬
‫اإحل�حي على‬
‫ابنتي يف احلديث فقد ُر ّدت� اإ ّ‬
‫ّ‬
‫على غري انتظ�ر‪ .‬اإين لأعلم اأن م� ميالأ قلبي من‬
‫فرح اإمن� ج�ءين من عندك‪ .‬ف�أنت الذي اأنقذتهم�‬
‫اأنت وحدك‪ .‬فلت�شبغ عليك الآلهة من نعمته� م�‬
‫اأريد لك ولهذا البلد ف�إين مل اأجد اإل عندك م� كنت‬
‫اأحت�ج اإليه من الرحمة والكرم وال�رشاحة‪ .‬اأعرف‬
‫هذا كله واأ�شكره لك‪ .‬اإمن� اأن� مدين لك وحدك‬
‫مب� ير�شيني وي�رشين‪ ،‬ومن اأجل هذا اأ�ش�ألك اأيه�‬
‫امللك اأن متنحني ميينك لأم�شه�‪ ،‬لألثمه�‪ ،‬واإذا‬
‫ك�ن يب�ح يل اأن اأقبلك ف�منحني وجهك‪ .‬ولكن‬
‫م�ذا اأقول؟ كيف يت�ح لب�ئ�س مثلي اأن يطمع يف‬
‫اأن مت�س يدك رج ًال دن�شته الآث�م‪.‬‬
‫كال ل اأريد ذلك بل اأن� اأرف�شه‪ .‬اإمن� مي�شني‬
‫وي�ش�طرين بوؤ�شي من تعودوا �شق�ئي‪ .‬تقبل‬
‫ين حيث اأنت واأقم على حم�يتي كم�‬
‫اإذن اأم� ّ‬
‫عودتني‪.‬‬
‫ثي�سي��س – اأم� اأنك اأطلت احلديث اإىل‬
‫ابنتيك بعد اأن ردت� اإليك فذلك ل يده�شني‪ ،‬كم�‬
‫ل يده�شني اأنك اآثرت حديثهن على حديثي‪ .‬لن‬
‫ي�شوءين ذلك ف�إين ل اأجمد حي�تي ب�لألف�ظ واإمن�‬
‫اأجمده� ب�لأعم�ل‪ .‬واأن� اأثبت ذلك‪ ،‬ف�إين مل اأحنث‬
‫فيم� اأق�شمت لك عليه اأيه� ال�شيخ‪ ،‬ه�أنذا اأم�مك‬
‫اأرد اإليك ابنتيك ومل ينلهم� اأذى من وعيد كريون‪.‬‬
‫كيف انت�رشن� يف املعركة؟ وم� الف�ئدة يف‬
‫اأن اأق�س عليك ذلك يف زخرف القول؟ �شتعلمه‬
‫من ابنتيك حني تق�ش�نه عليك‪ .‬ومع ذلك فقد‬
‫يل حني عدت اإىل هذا املك�ن نب�أ ي�شتحق‬
‫األقى اإ ّ‬
‫تفكريك‪� .‬شت�شمعه الآن ولكنه يثري الده�س‪ ،‬ولي�س‬
‫ينبغي لأحد اأن يهمل �شيئ�ً‪.‬‬
‫�أويديب��س – م� هذا النب�أ ي� ابن اأجيو�س؟‬
‫األقه اإيلّ‪ .‬اإين اأجهل كل م� اأنبئت به‪.‬‬
‫ثي�سي��س – يق�ل اإن رج ًال جمهو ًل لي�س من‬
‫مدينتك ولكنه من اأ�رشتك قد جث� �ش�رع ً� اأم�م‬
‫مذبح بو�شيدون حيث كنت اأ�شحي قبل اأن ا�رشع‬
‫اإىل هذا املك�ن‪.‬‬
‫�أويديب��س – من اأي البالد هو؟ وم�ذا يريد‬
‫حني يجثو �ش�رع ً� على هذا النحو؟‬
‫ثي�سي��س – ل اأعرف اإل �شيئ ً� واحداً وهو‬
‫اأنه ي�ش�ألك‪ ،‬فيم� يق�ل‪ ،‬جواب ً� ق�شرياً ل يكلفك‬
‫جهداً م�‪.‬‬
‫�أويديب��س – اأي جواب؟ اإن ح�له لتثري‬
‫القلق‪.‬‬
‫ثي�سي��س – يق�ل اإنه يريد اأن يح�رش اإىل‬
‫هذا املك�ن لين�جيك واأن يعود دون اأن يتعر�س‬
‫ثي�سي��س – ومن ع�شى اأن يكون هذا الرجل‬
‫الذي اأنكر مقدمه؟‬
‫�أويديب��س – هو ابني اأيه� امللك‪ ،‬ابني الذي‬
‫يوؤذيني كل الأذى اأن اأ�شمع له‪.‬‬
‫ثي�سي��س – وم�ذا؟ األي�س هذا ممكن ً� يف غري‬
‫اإكراه لك؟ ومل يوؤذك اأن ت�شمع له؟‬
‫يل اأيه� امللك‬
‫�أويديب��س – لي�س اأبغ�س اإ ّ‬
‫من اأن ي�شل �شوت هذا البن اإىل اأذن اأبيه‪ ،‬فال‬
‫ت�شطرين اإىل اأن اأذعن لهذا املكروه‪.‬‬
‫ثي�سي��س – اإنه �ش�رع متو�شل ب�لآلهة‬
‫ف�حذر اأن ت�شوء الإله الذي يحميه‪.‬‬
‫�أنتيج�نا – اأي اأبتِ ا�شتمع مل�شورتي برغم‬
‫�شب�بي‪ .‬اأر�س امللك ومكنه من اإر�ش�ء الآلهة كم�‬
‫خلطر م�‪.‬‬
‫�أويديب��س – من ع�شى اأن يكون هذا‬
‫ال�ش�رع؟!‬
‫ثي�سي��س – فكر ع�شى اأن يكون لك يف‬
‫مدينة اأرجو�س من الأق�رب من يحت�ج اإىل هذا‬
‫احلديث‪.‬‬
‫�أويديب��س – اأيه� ال�شديق العزيز ل تزد‬
‫على هذا �شيئ�ً‪.‬‬
‫ثي�سي��س – م� بك؟‬
‫�أويديب��س – ل ت�ش�ألني عم� بي‪ .‬اإين اأعلم‬
‫يل من هو هذا ال�ش�رع‪.‬‬
‫من حديث ابنتي اإ ّ‬
‫يريد واقبل من اثنتين� اأن يح�رش اأخون� اإىل هذا‬
‫املك�ن‪ .‬لن يكرهك على اأن تغري راأيك‪ ،‬ف�طمئن‪،‬‬
‫ف�إذا مل يقل لك �شيئ ً� ينفعك ف�أي خطر يف اأن‬
‫ت�شمع لبع�س الكالم‪ .‬اإن الكالم لينم عم� يدبر‬
‫�ش�حبه من الكيد‪ .‬لقد منحته احلي�ة‪ ،‬فمهم� يقدم‬
‫اإليك من اأذى ومهم� يخ�لف بذلك عن اأمر الآلهة‬
‫�رشا‪.‬‬
‫فم� ينبغي لك ي� اأبت اأن جتزيه من ال�رش ًّ‬
‫دعه يقبل؛ اإن لغريك من الن��س اأبن�ء اآثمني واإن‬
‫ذلك يثري يف نفو�شهم حفيظة وموجدة‪ ،‬ولكنهم‬
‫ي�شمعون لن�ش�ئح الأ�شدق�ء ويهدئون من حدة‬
‫غيظهم‪ ،‬فكر يف امل��شي ل يف احل��رش‪ ،‬فكر يف‬
‫ال�رش الذي ج�ءك من اأبيك واأمك‪ ،‬ف�إنك اإن فكرت‬
‫يف ذلك عرفت من غري �شك م� ينتجه الغ�شب من‬
‫ال�رش‪ .‬اإن لك على ذلك لدلي ًال وا�شح ً� يف عينيك‬
‫ه�تني اللتني فقدت� النور‪ .‬اإذن ف��شمع لن� فم�‬
‫ينبغي اأن يطيل التو�شل والت�رشع من ج�ء‬
‫يطلب �شيئ ً� ع�دلً‪ .‬وم� ينبغي اأن يتلقى الإن�ش�ن‬
‫معروف ً� ثم ل يح�شن اأن ير ّده على �ش�حبه‪.‬‬
‫�أويديب��س – ي� ابنتي! اإن انت�ش�ر راأيكم�‬
‫علي ليوؤملني‪ ،‬فليكن مع ذلك م� تريدان‪ .‬ولكن‬
‫ّ‬
‫اأيه� اجل�ر‪ ،‬اإذا اأقبل هذا الرجل فال متكنه من اأن‬
‫ي�أخذين‪.‬‬
‫علي‬
‫ثي�سي��س – ل�شت يف ح�جة اإىل اأن تعيد ّ‬
‫الأمر مرتني اأيه� ال�شيخ‪ .‬اإن مرة واحدة لتكفي كل‬
‫الكف�ية‪ .‬ل�شت اأحب اأن اأمتدح‪ ،‬ولكن تعلم اأن اأمنك‬
‫ل �شك فيه م� منحني بع�س الآلهة حم�يته‪.‬‬
‫(يخرج)‬
‫‪27‬‬
‫�جل�قة (يف بطء) – من اأحب طول احلي�ة ومل‬
‫ير�س ب�لأجل امل�ألوف فهو عندي اأحمق م�أفون‪.‬‬
‫اإن م� حتمله لن� احلي�ة الطويلة يف اأكرث الأحي�ن‬
‫اأ�شبه ب�ل�شق�ء منه ب�ل�شع�دة! ل اأمل يف الفرح اإذا‬
‫جت�وز الإن�ش�ن حده امل�ألوف‪ ،‬واإمن� الدواء الذي‬
‫اأعد لن� جميع ً� هو املوت حني يقبل زورق اأدي�س‬
‫�ش�مت ً� ل ي�شحبه غن�ء الزواج ول املو�شيقى‬
‫ول اجلوقة‪ .‬خري احلظوظ اأن ل يولد الإن�ش�ن‪،‬‬
‫وقريب من هذا احلظ ال�شعيد اأن يولد الطفل فال‬
‫يك�د يرى ال�شوء حتى يرجع اأدراجه ويعود اإىل‬
‫حيث ك�ن! من ذا الذي ي�شتطيع اأن يخل�س من‬
‫الأمل اإذا جت�وز ال�شبيبة التي ل حتمل اإل جنون ً�‬
‫وغروراً؟! اأي الآلم �رشف عن�‪ :‬غرية خ�شومة‪،‬‬
‫فتنة �رشاع‪ ،‬وقتل؟! ثم ي�أتي اأ�شواأ احلظوظ واأقبح‬
‫العواقب البغي�شة الف�ترة الغ�فلة‪ :‬ال�شيخوخة‪ .‬ل‬
‫�شديق اإمن� تتبعه الآلم التي ل حد له� يف قوة‪.‬‬
‫هذا حظ هذا الرجل ال�شقي ل حظي اأن� وحدي‬
‫ت�شدمه عوا�شف ال�رش يف غري انقط�ع كم� ت�شدم‬
‫العوا�شف اله�ئلة �شواحل ال�شم�ل اأثن�ء ال�شت�ء‪،‬‬
‫ي�أتي بع�شه� من الغرب حيث تنحدر ال�شم�س‪،‬‬
‫وي�أتي بع�شه� من ال�رشق حيث ت�شعد‪ ،‬وي�أتي‬
‫بع�شه� من الو�شط حيث تر�شل ال�شم�س اأ�شعته�‬
‫اأثن�ء النه�ر‪ ،‬وي�أتي بع�شه� اآخر الأمر من جب�ل‬
‫ال�شم�ل حيث يقيم الليل‪.‬‬
‫(يرى ب�ليني�س مقب ًال من بعيد)‬
‫�أنتيج�نا – اأي اأبت! هذا هو الغريب فيم�‬
‫اأرى يقبل علين� وحيداً ي�شب من عينيه دموع ً�‬
‫غزاراً‪.‬‬
‫�أويديب��س – من هو؟‬
‫عدد ‪143‬‬
‫‪ 7‬متوز ‪2010‬‬
‫�أنتيج�نا – هو الذي كن� نفكر فيه اآنف�ً‪ ،‬هو‬
‫بوليني�س‪ .‬لقد اأقبل‪.‬‬
‫ب�ليني�س – اآه‪ .‬م�ذا اأ�شنع؟ اأيجب اأن اأندب‬
‫أختي اأم هذا‬
‫قبل كل �شيء اآلمي اخل��شة اأم ا ّ‬
‫منفي�‬
‫الذي اأراه اأم�مي؟! اأبي اإين اأراه هن� بينكم ًّ‬
‫يف اأر�س غريبة يك�شوه هذا الثوب التع�س الذي‬
‫بعد عهده ب�لدن�س حتى ك�أنه ي�ش�رك ج�شمه يف‬
‫ال�شيخوخة وحتى اأظهره يف هذا املظهر املخزي‪،‬‬
‫وي�شطرب على راأ�شه ال�رشير �شعر اأ�شعث خمتلط‪.‬‬
‫وم� اأ�شك يف اأن الطع�م الذي يحمله ليغذي به‬
‫ج�شمه ال�شقي يالئم هذه الهيئة الرثة التي اأراه�‪.‬‬
‫اإين لولد ع�ق! لقد عرفت ذلك بعد فوات الوقت؛‬
‫واإين لأ�شهد الن��س جميع ً� على اأين �رش الرج�ل‬
‫تلق هذا العرتاف مني ل من‬
‫واأ�شدهم اإثم�ً‪َّ ،‬‬
‫غريي‪ .‬ومع ذلك ف�إن احللم يج�ل�س زو�س حني‬
‫يقبل على جميع اأعم�له‪ .‬فليكن احللم جلي�شك ي�‬
‫اأبت ف�إن اآث�مي التي ل ميكن اأن تزيد م� تزال‬
‫ق�بلة لالإ�شالح! اإنك �ش�مت‪ ،‬مل�ذا؟ قل كلمة ي�‬
‫اأبي! ل حتول وجهك عني‪ .‬اإنك ل جتيبني! تريد‬
‫اأن تردين مزدري ً� يل دون اأن تقول يل كلمة‪،‬‬
‫دون اأن تظهرين على م�شدر غ�شبك‪ .‬ي� ابنتي‬
‫اأويديبو�س! ي� اأختي اجتهدا اأنتم� على اأقل تقدير‬
‫امللح‬
‫يف اأن حتمال اأبي على اأن يقطع �شمته هذا ّ‬
‫الذي ل يط�ق؛ حتى ل يردين حمتقراً يل على هذا‬
‫النحو واأن� املتو�شل ب�لآلهة‪.‬‬
‫�أنتيج�نا – قل اأنت اأيه� ال�شقي فيم� اأقبلت؟!‬
‫اإن الكالم اإذا ط�ل اأنطق ال�ش�متني مب� يبعث‬
‫فيهم من لذة اأو م� يثري فيهم من غ�شب اأو م�‬
‫ي�شيع فيهم من حن�ن‪.‬‬
‫ب�ليني�س – اإذن ف�ش�أم�شي يف احلديث‪.‬‬
‫اإنك لرت�شدينني اإىل �شواء ال�شبيل‪ .‬ولأبداأ متو�ش ًال‬
‫ب�لإله الذي كنت لئذاً مبذبحه حني ق�دين‬
‫�ش�حب هذه الأر�س اإىل هذا املك�ن‪ .‬وقد اأنب�أين‬
‫ب�أين اأ�شتطيع اأن اآتي لألق�كم واأحتدث اإليكم‬
‫واأعود اآمن�ً‪ .‬واإن عليكم اأيه� الغرب�ء اأن تنفذوا‬
‫م� وعدين ثي�شيو�س‪ ،‬كم� اأن ذلك حق عليكم� ي�‬
‫اأختي وعليك ي� اأبي‪ .‬والآن اأنبئك ي� اأبت مب�شدر‬
‫قدومي اإىل هذه الأر�س‪ .‬لقد نفيت من اأر�س‬
‫اآب�ئي لأين اأردت بحق ال�شن اأن اأجل�س على عر�شك‬
‫العظيم‪ .‬لذلك طردين اأخي ال�شغري اإتيوكلي�س من‬
‫وطني دون اأن يقنعني بحقه؛ خدع املدينة دون‬
‫اأن يخ��شمني ب�حلرب اأو ب�ل�شلم؛ وم�شدر هذا‬
‫ال�رش كله غ�شبك‪ .‬بذلك اأنب�أين الك�هن‪ ،‬فلم اأكد‬
‫اأ�شل اإىل مدينة اأرجو�س من اأر�س الدوريني‬
‫حتى تزوجت ابنة اأدر�شتو�س وحتى �شمنت‬
‫معونة اأولئك الذين تنتهي اإليهم الزع�مة يف تلك‬
‫الأر�س ويعرفون النجدة والب�أ�س‪ ،‬وقد اأزمعت‬
‫‪28‬‬
‫اأن اأجمع جي�ش ً� مع هوؤلء الزعم�ء ال�شبعة واأن‬
‫اأغري على ثيبة«طيبة» ف�أموت يف �شبيل حقي‬
‫يل من املدينة‪ .‬وكذلك‬
‫اأو اأخرج الذين اأ�ش�ءوا اإ َّ‬
‫فعلت‪ .‬ولكن فيم قدمت اإىل هذه الأر�س؟ اأقبلت‬
‫لأتو�شل اإليك يف اأمر يت�شل بحلف�ئي وبي‪ .‬اإنهم‬
‫الآن بجيو�شهم ال�شبعة وب�لرم�ح ال�شبعة يحمله�‬
‫الق�دة قد ح��رشوا �شهول ثيبة«طيبة» كله�‪،‬‬
‫ف�أولهم(‪ )19‬اأومفي�رو�س البطل امل�هر يف اجله�د‬
‫وزجر الطري مع�ً؛ وث�نيهم الأبثويل كديو�س ابن‬
‫اإيني��س‪ ،‬وث�لثهم اإيتوكلي�س الأوجي‪ ،‬ورابعهم‬
‫اأكمدون الذي اأر�شله اأبوه تالوو�س‪ ،‬وخ�م�شهم‬
‫كب�نيو�س الذي �شمم على حتريق مدينة‬
‫ثيبة«طيبة»‪ ،‬و�ش�د�شهم ب�رتينوبو�س الذي يقبل‬
‫من اأرك�دي� وهو ابن اأت�لنت التي امتنعت على‬
‫الزواج دهراً ومل تلده اإل يف ع�رش مت�أخر وهو‬
‫خليق اأن يكون ابنه�؛ واأن� �ش�بعهم اأن� ابنك‪ ،‬ف�إن‬
‫مل اأكنه لأين ولدت نتيجة لل�شق�ء ف�لن��س يرونني‬
‫ابنك ويتحدثون بذلك‪ ،‬اأن� على هذا اأقود اجلي�س‬
‫فبحق اأختي ه�تني وبحقك اأنت‬
‫الأرجي الب��شل‪.‬‬
‫ِّ‬
‫علي ومنحتني‬
‫ي� اأبت اإل م� هداأت من غ�شبك ّ‬
‫العفو يف هذا الوقت الذي اأذهب فيه حم�رب ً� اإىل‬
‫مدينة ثيبة«طيبة» لأع�قب اأخي الذي اأخرجني‬
‫من وطني وانتزع مني ملكي‪ .‬ف�إذا �شدق الوحي‬
‫فقد اأنب�أ ب�أن القوة والظفر �شيكون�ن ملن تظ�هره‬
‫ومتنحه معونتك‪.‬‬
‫اإين اأق�شم عليك بين�بيع ثيبة«طيبة» وب�آلهة‬
‫اأ�رشتن� اإل م� �شمعت يل ف�إمن� نحن منفيون‬
‫م�رشدون مثلك‪ .‬اإمن� اأنفق حي�تي كم� تنفقه� يف‬
‫متلق الغرب�ء‪ ،‬فلنقت�شم احلظ ولن�شرتك فيم� هي�أ‬
‫لن� الق�ش�ء‪ .‬اإنك اإن متنحني اأي�رش املعونة تتح‬
‫يل الظهور على عدوي‪ ،‬واإذن اأردك اإىل املدينة‬
‫واأ�شكنك يف ق�رشك واأ�شكن اأن� يف هذا الق�رش بعد‬
‫اأن اأخرجه منه‪ .‬هذا الفوز حمقق اإن اأعنتني ف�إن‬
‫مل تفعل ف�أن� ع�جز حتى عن حم�ية حي�تي‪.‬‬
‫ارع ي� اأويديبو�س حق الذي‬
‫رئي�س �جل�قة – َ‬
‫اأر�شل اإليك هذا الرجل ول ترده دون اأن تلقي اإليه‬
‫جواب ً� مر�شي�ً‪.‬‬
‫�أويديب��س – اأي �ش�دة هذا البلد! لو مل يكن‬
‫يل واأرادين على اأن‬
‫ثي�شيو�س هو الذي اأر�شله اإ ّ‬
‫اأجيبه مل� �شمع �شوت اآخر الدهر‪ .‬ف�شين�رشف‬
‫اإذن را�شي ً� بعد اأن ي�شمع مني م� ل ير�شيه‪.‬‬
‫(�إىل ب�ليني�س) اأيه� ال�شقي حني كنت م�شت�أثراً‬
‫ب�ل�شوجل�ن والعر�س اللذين ي�شت�أثر بهم� اأخوك‬
‫الآن يف ثيب� اأمل تطرد اأب�ك؟ اأمل تنفه؟ اأمل ت�شطره‬
‫اإىل اأن يتخذ هذا الثوب الذي تراه الآن فت�شفح‬
‫لروؤيته الدموع لأنك ترى نف�شك يف مثل ال�شق�ء‬
‫الذي اأن� فيه؟ م� ينفعك اأن تبكي اآلمي‪ ،‬يجب‬
‫علي اأبي؛ ف�إذا حتققت ف�إين اأق�شم عليكم� اإن‬
‫ّ‬
‫عدمت� اإىل ثيبة«طيبة» اأن متنح�ين قرباً واأن‬
‫يل حقوق املوتى‪ .‬اإن املجد الذي تك�شب�نه‬
‫توؤدي� اإ ّ‬
‫الآن من عن�يتكم� ب�أويديبو�س �شي�ش�عف حني‬
‫متنح�نني معونتكم�‪.‬‬
‫�أنتيج�نا – اأي بوليني�س! اإين اأ�رشع اإليك‬
‫يف اأن ت�شمعني‪.‬‬
‫ب�ليني�س – اأي اأنتيجون� العزيزة! م�ذا‬
‫تريدين؟ تكلمي‪.‬‬
‫�أنتيج�نا – اأعد جي�شك م�رشع ً� اإىل اأرجو�س‪،‬‬
‫ل تعر�س نف�شك للهالك‪.‬‬
‫ب�ليني�س – ل �شبيل اإىل ذلك‪ .‬كيف اأ�شتطيع‬
‫قي�دة هذا اجلي�س مرة اأخرى اإذا هربت الآن؟‬
‫�أنتيج�نا – وفيم ال�شت�شالم للبغ�س ي�‬
‫اأخي؟ م� ينفعك اأن تدمر وطنك!‬
‫ب�ليني�س – اإن من اخلزي اأن اأهرب واأن‬
‫اأقبل الظلم من اأخي الأ�شغر‪.‬‬
‫�أنتيج�نا – اأترى اأنك حتقق لعنة اأبي وم�‬
‫ينبئ به من اأنكم� �شتتب�دلن املوت؟!‬
‫ب�ليني�س – كذلك يريد اأبون� وم� ينبغي يل‬
‫اأن اأتقهقر‪.‬‬
‫�أنتيج�نا – م� اأ�شق�ين! اأي الن��س ي�شتطيع‬
‫اأن يتبعك اإذا علم مبثل هذه النبوءات‪.‬‬
‫ب�ليني�س – اإنه� نبوءات م�شئومة فلن‬
‫اأعلنه�! اإن الق�ئد امل�هر خليق اأن يذيع م� ي�رش‬
‫ويكتم م� ي�شوء‪.‬‬
‫�أنتيج�نا – وكذلك قد �شممت ي� اأخي؟‬
‫ب�ليني�س – ل ترديني‪ ،‬ف�إين حري�س على اأن‬
‫اأ�شلك طريقي التي �شتنتهي بي اإىل التهلكة بف�شل‬
‫اأبي وبف�شل اآلهة النتق�م؛ اأم� اأنتم� فلي�شملكم�‬
‫يل بعد موتي م� متنيت‬
‫زو�س برع�يته اإن اأديتم� اإ ّ‬
‫عليكم� فلن ت�شتطيع� اأن تنفع�ين اأثن�ء احلي�ة‪.‬‬
‫حي� بعد الآن!‬
‫دع�ين اأن�رشف‪ ،‬وداع�ً! لن تري�ين ًّ‬
‫�أنتيج�نا – م� اأ�شد اأملي!‬
‫ب�ليني�س – ل تندبي حظي‪.‬‬
‫�أنتيج�نا – اإنك ت�رشع اإىل موت حمقق‪ ،‬فمن‬
‫ذا الذي ل يرثي لك؟!‬
‫ب�ليني�س – �ش�أموت اإن مل يكن من ذلك بد!‬
‫�أنتيج�نا – كال! ا�شتمع لن�ش�ئحي‪.‬‬
‫علي مب� ل ينبغي‪.‬‬
‫ب�ليني�س – ل ت�شريي ّ‬
‫�أنتيج�نا – �ش�أ�شقى اإذا حرمت حي�تك!‬
‫ب�ليني�س – اإمن� م�شرين� جميع ً� بيد الآلهة!‬
‫واإين لأ�رشع اإىل الآلهة يف اأن ل ت�شدم� اأثن�ء‬
‫حي�تكم� مب� تكره�ن فل�شتم� يف راأي الن��س‬
‫جميع ً� اأه ًال لالأمل‪.‬‬
‫اأن اأحتمله� اأن� م� حييت واأن� اأذكر اإثمك يف ذات‬
‫اأبيك وهو اإثم ي�شبه القتل ف�أنت الذي ي�شطرين‬
‫اإىل هذه احلي�ة الب�ئ�شة‪ .‬اأنت الذي ي�شطرين‬
‫اإىل اأن اأهيم م�رشداً األتم�س القوت عند الغرب�ء‪،‬‬
‫ولو مل يكن يل ه�ت�ن الفت�ت�ن اللت�ن ت�شندان‬
‫حي�تي لأدركني املوت وكنت اأنت ق�تلي‪ .‬هم�‬
‫اللت�ن متدان حي�تي‪ .‬هم� اللت�ن تطعم�نني‪ .‬هم�‬
‫رجالن ل امراأت�ن‪ .‬هم� ت�ش�رك�نني يف اآلمي‪.‬‬
‫ابني‪ ،‬اإمن� اأنتم� ابن� رجل‬
‫اأم� اأنتم� فل�شتم� ّ‬
‫اآخر‪ .‬من اأجل ذلك تلحظك الآلهة حلظ الغ��شب‬
‫و�شي�شتد غ�شبه� اإذا زحفت هذه الكت�ئب على‬
‫ثيبة«طيبة»‪ .‬لن تقهر هذه املدينة‪� ،‬شت�شقط‬
‫قبل ذلك و�شي�شقط معك اأخوك و�شيغمركم� الدم‪.‬‬
‫هذا م� متنيت لكم� على الآلهة‪ ،‬واأن� الآن اأدعو‬
‫علي معينني يل‪� .‬شرتي�ن اأن من‬
‫الآلهة ليقبلوا ّ‬
‫احلق اإكرام الأبوين واأن من اجلور األ حتفال ب�أب‬
‫�رشير واأن حتتفظ� له بهذا ال�شعور الذي ميالأ‬
‫ابنتي مل ت�شريا �شريتكم�‪ .‬من اأجل‬
‫قلبيكم�‪ .‬اإن‬
‫ّ‬
‫هذا �شتظل معر�ش ً� لآث�ر هذه اللعنة �شواء جل�شت‬
‫مني جمل�س ال�ش�رع اأم جل�شت على العر�س‪،‬‬
‫اإذا ك�ن ح ًّق� اأن العدل اخل�لد �رشيك لزو�س يف‬
‫قوانينه الأبدية‪ .‬اأ�رشع اإىل م� ينتظرك من الوب�ل‬
‫اأيه� البن البغي�س‪ ،‬اأيه� البن الذي مل اأعد له‬
‫اأب�ً‪ ،‬اأيه� ال�شقي بني الأ�شقي�ء! اذهب تتبعك‬
‫اللعنة التي اأ�شتنزله� عليك‪ .‬ل اأت�حت الآلهة‬
‫لرحمك يف يوم من الأي�م اأن يظهر على وطنك‪.‬‬
‫ل اأت�حت لك الآلهة اأن تعود يف يوم من الأي�م‬
‫اإىل جب�ل اأرجو�س‪ .‬لتهلك بيد اأخيك ولتقتل اأخ�ك‬
‫الذي نف�ك‪ .‬هذه لعنتي واإين لأدعو ذلك الليل‬
‫البغي�س الذي يغمر دار املوتى حيث يقيم اأبي‬
‫ليخطفك وليقرك يف ظالمه املت�شل‪ .‬واإين لأدعو‬
‫كذلك اآلهة النتق�م‪ ،‬واأدعو اآر�س اإله احلرب ذلك‬
‫الذي األقى بينكم� هذا العداء املنكر‪ .‬اأ�شمعت يل؟‬
‫ان�رشف اإذن‪ .‬ا�رشع ف�أعلن اإىل اأهل ثيبة«طيبة»‬
‫واإىل حلف�ئك اأي�ش ً� هذه املنحة التي ق�شمه�‬
‫اأويديبو�س بني ابنيه‪.‬‬
‫رئي�س �جل�قة – اأي بوليني�س! اإين لآ�شف‬
‫معك على م� تكلفت من �شفر �ش�ق‪ ،‬والآن‬
‫ف�ن�رشف م�رشع�ً‪.‬‬
‫ب�ليني�س – اآه! ي� لك من طريق حمتوم! ي�‬
‫لك من خيبة موؤملة! ي� للحلف�ء التع�ش�ء! اأمن اأجل‬
‫هذا تركن� اأرجو�س؟ اإنه ل�شق�ء عظيم ل ا�شتطيع‬
‫اأن اأحتدث به اإىل اأحد‪ ،‬ول اأ�شتطيع مع ذلك اأن‬
‫علي‪،‬‬
‫اأرجع ب�جلي�س اإىل اأرجو�س‪ ،‬واإمن� يجب ّ‬
‫دون اأن اأنطق بكلمة‪ ،‬امل�شي م�رشع ً� اإىل حيث‬
‫ابنتي اأويديبو�س! ي� اأختي!‬
‫ينتظرين املوت‪ .‬ي�‬
‫ْ‬
‫لقد �شمعتم� هذه اللعنة الق��شية التي ا�شتنزله�‬
‫�جل�قة (يف حدة ون�ساط) – �شق�ء جديد مرهق‬
‫م�شدره هذا الغريب ال�رشير اإل اأن يتدخل احلظ‪.‬‬
‫مل ير الن��س قط اأن ق�ش�ء الآلهة قد ذهب عبث�ً‪،‬‬
‫واإين ل اأ�شتطيع اأن اأ�رشب لذلك مثالً‪ .‬اإىل الآلهة‬
‫ينظر دائم ً� هذا الزمن الذي يلقي بع�س الن��س‬
‫ب�مل�ش�ءة اليوم ويلقي بع�شهم ب�لإح�ش�ن غداً‬
‫(ق�سف �لرعد ياأتي من بعيد) لقد ق�شف الرعد اأي‬
‫زو�س!‬
‫(ينه�س �أويديب��س م�سطرب ًا) ي� ابنتي ي� ابنتي!‬
‫األي�س هن� من ي�شتطيع اأن يذهب فيدعو الكرمي‬
‫ثي�شيو�س؟‬
‫�أنتيج�نا – ِ َ‬
‫مل تريده على اأن يقبل ي� اأبت؟‬
‫�أويديب��س – اإن هذه ال�ش�عقة ذات‬
‫اجلن�حني التي اأر�شله� زو�س والتي �شمعتم�‬
‫ق�شفه� الآن �شتحملني عم� قليل اإىل دار املوتى‪.‬‬
‫اذهب� ف�دعواه‪.‬‬
‫(ق�سف �آخر �أ�سد من �لأول)‬
‫�جل�قة (يف حدة ون�ساط) – انظر اإن ق�شف ً�‬
‫عظيم�ً‪ ،‬ق�شف ً� ل �شبيل اإىل و�شفه ميالأ اجلو وقد‬
‫اأر�شله زو�س‪ .‬اإن اخلوف لي�شعى يف ج�شمي حتى‬
‫يبلغ اأطراف �شعري! اإين لأ�شطرب! (ي�م�س برق يف‬
‫�ل�سماء)‪ .‬اأي ح�دث يحمل اإلين�؟ اإين خل�ئف! اإن هذا‬
‫الربق ل يوم�س عبث ً� دون اأن يحمل اإلين� �شق�ء‪.‬‬
‫ي� للجو العري�س! ي� لزو�س!‬
‫�أويديب��س – ي� ابنتي اإن حي�تي لتبلغ اأجله�‪،‬‬
‫م� اأ�شتطيع اأن اأجد عن هذا الأجل مت�أخراً‪.‬‬
‫�أنتيج�نا – كيف تعرف ذلك؟ وب�أي اآية‬
‫ت�شتدل عليه ي� اأبت؟‬
‫�أويديب��س – م� اأ�شك يف ذلك‪ .‬ليدعى ملك‬
‫هذه الأر�س يف �رشعة‪.‬‬
‫(يت�ساعف ق�سف �لرعد)‬
‫�جل�قة (م�سطربة) – انظر‪ ،‬اإن ق�شف الرعد‬
‫لينت�رش ممت ًّدا يف كل مك�ن‪ .‬رحم�كم اأيه� الآلهة‬
‫رحم�كم! مهم� تكن هذه املنحة التي حتملونه�‬
‫يف اأثن�ء الظلمة اإىل هذه الأر�س ف�منحوين‬
‫معونتكم وجنبوين العق�ب الأليم اإن كنت قد‬
‫األقيت نظري على من تكرهون! اإليك اأتو�شل اأي‬
‫زو�س امللك!‬
‫�أويديب��س – اأيدنو ثي�شيو�س؟ اأتظن�ن ي�‬
‫حي� م�لك ً� لعقلي؟‬
‫ابنتي اأنه �شيدركني ًّ‬
‫ّ‬
‫�أنتيج�نا – ا ّأي �رش تريد اأن تلقي اإليه؟‬
‫يل ف�أريد اأن‬
‫�أويديب��س – لقد اأح�شن اإ ّ‬
‫اأوؤدي اإليه مك�ف�أة اإح�ش�نه التي وعدته به� وقد‬
‫تلقيته�‪.‬‬
‫(يخرج)‬
‫‪29‬‬
‫عدد ‪143‬‬
‫‪ 7‬متوز ‪2010‬‬
‫�جل�قة (م�سطربة) – اأ�رشع ثي�شيو�س‪ .‬اأ�رشع‬
‫ي� بني‪ .‬اأ�رشع واإن كنت يف اأق�شى الوادي تقرب‬
‫ثوراً اإىل اإله البحر بو�شيدون‪ .‬اأقبل‪ .‬اإن الغريب‬
‫يريد اأن يوؤدي اإليك واإىل اأ�شدق�ئك واإىل املدينة‬
‫جزاء م� اأح�شنت اإليه‪ .‬اأ�رشع‪ .‬تعجل اأيه� امللك‪.‬‬
‫(يدخل ثي�سي��س)‬
‫ثي�سي��س – م� هذه ال�شيحة املتجددة التي‬
‫تدفعونه� فتملئون به� اجلو؟ لقد عرفت �شوت‬
‫اأهل هذه الأر�س و�شوت الغريب‪ .‬اأم�شدره�‬
‫�ش�عقة زو�س هذا ال�شيل املنهمر من املطر‬
‫والربد؟ واإذا اأث�ر الإله ع��شفة كهذه فحقيق‬
‫ب�لن��س اأن يتوقعوا كل مكروه‪.‬‬
‫�أويديب��س – اأيه� امللك! اإن مقدمك ليحقق‬
‫اآم�يل‪ ،‬واإمن� ق�دك الآلهة اإىل هذا املك�ن لتلقى‬
‫فيه �شع�دتك‪.‬‬
‫ثي�سي��س – م�ذا جرى اأي�ش ً� ي� ابن‬
‫ليو�س؟‬
‫�أويديب��س – اإن حي�تي لتبلغ اأجله�‪،‬‬
‫وم� اأريد اأن اأموت قبل اأن اأبر لك وللمدينة مب�‬
‫وعدت‪.‬‬
‫ثي�سي��س – واأي اآية على موتك توقفك هذا‬
‫املوقف املعلق‪.‬‬
‫�أويديب��س – اإن الآلهة ينبئونني بذلك‪.‬‬
‫ينبئني به من�ديهم نف�شه‪ ،‬وهذه العالم�ت التي‬
‫جعلوه� اآية على موتي!‬
‫ثي�سي��س – م� هذه الآي�ت اأيه� ال�شيخ؟‬
‫�أويديب��س – ق�شف الرعد ال�رشيع املت�شل‬
‫وهذه الربوق الكثرية قد اأر�شلته� يد ل تقهر‪.‬‬
‫ثي�سي��س – اإين اأ�شدقك فقد راأيت نبوءاتك‬
‫تكرث ول يكذب �شيء منه�‪ ،‬فقل يل م�ذا تريد اأن‬
‫اأ�شنع؟‬
‫�أويديب��س – �ش�أنبئك ي� ابن اأجيو�س مب�‬
‫علي هذه املدينة خرياً ل يفنى – عم�‬
‫�شيكون ّ‬
‫قليل لن يقودين اأحد بل �ش�أقودك اأن� اإىل املك�ن‬
‫الذي يجب اأن اأموت فيه – ل تنبئ به اأحداً ول‬
‫تدل اأحداً على البلد الذي هو فيه ليبقى اإىل اآخر‬
‫الدهر وق�ء للمدينة يحميه� من الع�دي�ت‪ ،‬لي�س‬
‫اأقل مت�نة من درق جريانك ورم�حهم‪ .‬اأم� الأ�رشار‬
‫التي ل ينبغي اأن يعرفه� اأحد غريك ف�شتعرفه�‬
‫مني حني ت�شحبني اإىل املك�ن املوعود‪ ،‬فم�‬
‫ينبغي اأن اأظهر عليه� اأحداً غريك من �شك�ن‬
‫هذه الأر�س‪ ،‬وم� ينبغي اأن اأظهر عليه� ابنتي‬
‫ه�تني على رغم م� اأ�شمر لهم� من احلب‪ .‬احتفظ‬
‫بهذه الأ�رشار يف �شمري نف�شك‪ ،‬ف�إذا بلغت اأجلك‬
‫ف�ألقه� اإىل خليفتك وحده‪ ،‬وليلقه� خلفك اإىل من‬
‫يرث امللك بعده‪ ،‬وعلى هذا النحو حتفظ مدينتك‬
‫�لر�س�ل – تعلم اأنه ف�رق حي�ته الطويلة‪.‬‬
‫رئي�س �جل�قة – كيف م�ت ال�شقي؟ اأاأع�نه‬
‫على املوت اأحد الآلهة فق�شى يف غري اأمل؟‬
‫�لر�س�ل – هن� تبداأ املعجزة‪ .‬اإنك لتعلم‬
‫كيف انطلق من هذا املك�ن‪ ،‬فقد راأيته مل يكن‬
‫اأحد يقوده اإمن� ك�ن يقودن� جميع�ً‪ .‬فلم� و�شل‬
‫اإىل تلك احل�فة التي ت�رشف على هوة �شحيقة‬
‫والتي يهبط منه� اإىل الق�ع بدرج من النح��س‬
‫وقف عند اأحد الطرق التي تلتقي لتفرتق يف ذلك‬
‫املك�ن قريب ً� من الإن�ء القدمي الذي نق�س عليه‬
‫احللف بني ثي�شيو�س وبريثيو�س‪ ،‬فجل�س على‬
‫م�ش�ف�ت مت�ش�وية من هذا الإن�ء ومن �شخرة‬
‫توركيو�س ومن تلك ال�شجرة العتيقة �شجرة‬
‫الكمرثي التي نخر جزعه� مر الزم�ن ومن قرب‬
‫حت يف ال�شخر‪ .‬جل�س ونزع عنه ثي�به‬
‫قد ُن َ‬
‫الرثة القذرة‪ ،‬ثم رفع �شوته ط�لب ً� اإىل ابنتيه اأن‬
‫تلتم�ش� له م�ء �ش�في ً� من ينبوع ج�ر ليتطهر‬
‫وليقرب اإىل الآلهة‪ ،‬ف�أ�رشعت� اإىل تل �شري�س‬
‫وع�دت� اإىل اأبيهم� مب� طلب فغ�شلت�ه ولفت�ه يف‬
‫ثوب جديد كم� تق�شى بذلك التق�ليد‪ .‬فلم� ر�شي‬
‫ومت له م� اأراد ق�شف الرعد من قبل اإله املوت‬
‫فجمدت الفت�ت�ن خوف ً� وهلع ً� و�شقطت� على‬
‫اأبيهم� ب�كيتني معولتني �ش�ربتني �شدريهم�‬
‫ب�أيديهم�‪ .‬اأم� هو فلم يكد ي�شمع ق�شف الرعد‬
‫ابنتي ل اأب‬
‫حتى طوقهم� بيديه وهو يقول‪« :‬ي�‬
‫ّ‬
‫لكم� منذ اليوم! لقد انق�شى كل �شيء! لن تتكلف�‬
‫م�شقة العن�ية بي‪ ،‬واإين لأعلم اأنه� ك�نت ثقيلة‪،‬‬
‫ولكن كلمة واحدة تك�فئكم� على هذا اجلهد‪ :‬مل‬
‫يحببكم� اأحد قط كم� اأحبكم� هذا الأب الذي‬
‫�شتحرم�نه اآخر الدهر!»‬
‫وكذلك ك�نوا جميع ً� ملتزمني ي�شفحون دموع ً�‬
‫غزاراً اأو يبعثون زفرات ح�رة‪ .‬فلم� ق�شوا اأنينهم‬
‫ومل ترتفع يف اجلو �شيحة م� �ش�د ال�شمت‪ ،‬واإذا‬
‫�شوت عظيم يرتفع فج�أة داعي ً� ب��شمه فيملكن�‬
‫فزع عظيم‪ .‬ذلك اإله ك�ن يدعوه دع�ء مكرراً‪:‬‬
‫«هلم! هلم! ي� اأويديبو�س م�ذا ننتظر؟ لقد اآن اأن‬
‫ن�شلك طريقن�؟ اإنك لت�شيع علين� وقتن�»‪ .‬فلم�‬
‫علم اأن اإله ً� يدعوه اأمر ثي�شيو�س ملك هذا البلد‬
‫اأن يدنو منه‪ .‬فلم� دن� منه ق�ل له‪« :‬اأيه� ال�شديق‬
‫ابنتي‬
‫ابنتي‪ ،‬واأنتم� ي�‬
‫العزيز! �شع يدك يف اأيدي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫�شع� اأيديكم� يف يده هذه هي اآية اجلوار منذ‬
‫عهد بعيد‪ ،‬عدين ب�أنك لن تهملهم� را�شي ً� وب�أنك‬
‫�شتبذل لهم� من املعونة م� تراه خرياً»‪ .‬ووعد‬
‫ثي�شيو�س الكرمي ج�ره ب�أن يفي له مب� اأراد‪ .‬فلم�‬
‫مت له ذلك م�س ابنتيه بيديه ال�رشيرتني وق�ل‪:‬‬
‫«ي� ابنتي ت�شجع� وان�رشف� لي�س من ذ ِلكُم� بد‪ .‬ل‬
‫يل ول اأن ت�شمع�ين اأقول م� ل‬
‫حت�ول اأن تنظرا اإ ّ‬
‫مم� يريده� به اأبن�ء ثيبة «طيبة» من اخلراب‪،‬‬
‫فم� اأكرث املدن التي حت�شن تدبري اأمره� ثم ل‬
‫مينعه� ذلك من اأن ت�شل‪ .‬واإذا ا�شتك�شف الآلهة‬
‫الأمور بعد اإب�نه� ف�إنهم يرون يف و�شوح من‬
‫خ�لف عن اأمرهم فرفع نف�شه اإىل م�ش�لك ال�رش‪.‬‬
‫ل تعر�س نف�شك ي� ابن اأجيو�س ملثل هذا ال�شق�ء‪.‬‬
‫على اأين ل اأعلمك الآن اإل م� اأنت به عليم‪ .‬هلم‬
‫اإىل حيث يجب اأن اأموت ف�إن اآي�ت الآلهة تدفعني‬
‫اإليه دفع�ً‪ ،‬هلم اإىل هذا املك�ن يف غري تردد‪ .‬ي�‬
‫ابنتي اتبع�ين قليالً‪ .‬ه�أنذا اأهديكم� الآن كم�‬
‫ّ‬
‫كنتم� تهدي�ن اأب�كم� من قبل‪ .‬تقدم�‪ ،‬ل مت�ش�‬
‫يدي‪ ،‬دع�ين اأذهب وحدي لأجد هذا القرب الذي‬
‫اأراد الآلهة اأن اأ�شتقر فيه بني اأهل هذه الأر�س‪.‬‬
‫من هن�‪ ،‬نعم ام�شي� من هن�‪ ،‬فمن هذه الطريق‬
‫يقودين هرم�س ق�ئد النفو�س وتقودين الآلهة‬
‫املوكلة بدار املوتى‪ .‬اأيه� ال�شوء الذي ا�شتح�ل‬
‫ظلمة ب�لقي��س اإيلّ! لقد كنت تهديني منذ حني‬
‫واإن اأ�شعتك لتم�شني الآن لآخر مرة‪ .‬ه�أنذا اأ�شعى‬
‫لأخفي يف دار املوتى م� بقي يل من حي�ة‪ .‬اأي‬
‫اأعز اجلريان! لت�شعد اأنت وهذه املدينة ورعيتك‬
‫وليتح لكم النعيم املت�شل ولتذكروين اإذا ا�شت�أثر‬
‫به املوت!‬
‫(يخرج يف جالل �لآلهة يتبعه ثي�سي��س و�أنتيج�نا‬
‫و�أ�سمينا ويظل �مللعب خالي ًا)‬
‫�جل�قة (يف جالل وتاأمل) – اإذا ك�ن يوؤذن يل‬
‫يف اأن اأكرم ب�ل�شالة والدع�ء هذه الآلهة اخلفية‪،‬‬
‫ويف اأن اأكرمك ب�ل�شالة والدع�ء اأي�ش ً� اأي اآد�س‬
‫ملك الظالم‪ ،‬ف�إين اأ�رشع اإليك اأي اآد�س يف اأن ل‬
‫يكون جزاء هذا الغريب األيم ً� �ش� ًّق� يف هذا ال�شهل‬
‫احلزين الذي يقرب فيه كل �شيء يف دار املوتى‪.‬‬
‫لقد �شبت عليه بغري ذنب منه اآلم كثرية مبهظة‬
‫ترق له الآلهة‪ .‬اأي اإلهة النتق�م‬
‫فمن العدل اأن َّ‬
‫اأريني�س‪ ،‬اأي هذا الوح�س الذي ل يقهر‪ ،‬اأي هذا‬
‫الن�ئم فيم� يق�ل منذ الأبد اأم�م دار املوتى‪ ،‬اأي‬
‫هذا الن�به يف اأغوار اجلحيم‪ ،‬اأي هذا احل�فظ الذي‬
‫ل يغلب لأبواب اآد�س! اإين اأق�شم عليك اأن تخلي‬
‫بينه وبني الطريق بحق هذه الإلهة التي ولدته�‬
‫الأر�س لإله املوت‪ .‬اأيه� املوت الن�ئم دائم�ً! اإين‬
‫اأتو�شل اإليك يف اأن تي�رش الطريق لهذا الغريب‬
‫الذي ي�شعى اإىل امل�شتقر الأخري‪.‬‬
‫�لر�س�ل – اأيه� املواطنون! اأ�شتطيع اأن اأوجز‬
‫يف كلمة م� اأريد اأن اأقول‪ :‬لقد م�ت اأويديبو�س‪،‬‬
‫ولكن الظروف التي اأح�طت مبوته والآي�ت التي‬
‫ظهرت حوله لي�شت من الأ�شي�ء التي ميكن اأن‬
‫تق�س يف اإيج�ز‪.‬‬
‫رئي�س �جل�قة – لقد م�ت ال�شقي اإذن؟‬
‫‪30‬‬
‫ينبغي لكم� اأن ت�شمع�‪ .‬ان�رشف� م�رشعتني‪ .‬وليبق‬
‫معي ثي�شيو�س وحده لريى م� �شيكون»‪ .‬هذا هو‬
‫الذي �شمعن�ه وقد م�شين� يف اأثر الفت�تني نذرف‬
‫الدموع ونبعث الأنني‪ .‬فلم� م�شين� خطوات‬
‫التفتن� فلم نر اأويديبو�س ومل نر اأحداً‪ .‬واإمن� راأين�‬
‫امللك ق�ئم ً� قد اأخفى وجهه بيديه ك�أن ح�دث ً�‬
‫ه�ئ ًال قد حدث اأم�مه فهو ل ي�شتطيع اأن يراه‪.‬‬
‫وم� هي اإل حلظ�ت ق�ش�ر حتى نراه راكع ً� يعبد‬
‫الأر�س واآلهة املوتى يف �شالة واحدة – كيف‬
‫م�ت اأويديبو�س؟ لن ي�شتطيع اأحد اأن ينبئ بهذا‬
‫اإل ثي�شيو�س‪ .‬مل تقتله ال�ش�عقة امللتهبة التي‬
‫ير�شله� زو�س‪ ،‬ومل حتتمله ع��شفة اأر�شله� البحر‬
‫يف ذلك الوقت؛ اإمن� ق�ده اأحد الآلهة اأو ان�شقت‬
‫الأر�س حتته ف�بتلعته لتجعله مبنج�ة من الأمل‪.‬‬
‫لقد م�شى اأويديبو�س يف غري �شك�ة يف غري اأمل‬
‫ي�أتي من املر�س! م�شى على نحو معجز مل ير‬
‫الن��س مثله قط! فمن زعم اأين جمنون فلن اأح�ول‬
‫اإقن�ع الذين يرونني كذلك‪.‬‬
‫رئي�س �جل�قة – اأين ابنت� اأويديبو�س؟ واأين‬
‫مواطنون� الذين ك�نوا ي�شحبونهم�؟‬
‫�لر�س�ل – لي�شوا بعيدين واإن اأنينهم� لينبئ‬
‫مبقدمهم‪.‬‬
‫(تدخل �أنتيج�نا و��سيمنا)‬
‫�أنتيج�نا (يف حدة وجزع) – واح�رشت�ه‬
‫علين�! نعم علين�‪ ،‬يجب اأن نبكي منذ اليوم ذلك‬
‫الدم الآثم دم اأبين� الذي منحن� احلي�ة ففر�س‬
‫علين� ال�شق�ء! فقد احتملن� من اأجله اأثن�ء حي�ته‬
‫جت�رب طوا ًل ثق� ًل ثم ه� نحن ه�تني ن�شيف اإىل‬
‫ذلك و�شف هذه الأ�شي�ء اخل�رقة التي �شهدن�ه�‬
‫ونحتمل اآث�ره�‪.‬‬
‫رئي�س �جل�قة – م�ذا؟‬
‫�أنتيج�نا – من الي�شري اأن تفرت�شوه اأيه�‬
‫الأ�شدق�ء‪.‬‬
‫رئي�س �جل�قة – لقد م�شى‪.‬‬
‫�أنتيج�نا – على نحو يثري يف النفو�س اأ�شد‬
‫اأنواع الغبطة‪ .‬مل يقتله اآر�شل ومل يبتلعه البحر‪،‬‬
‫ولكن الأجواء املجهولة اأح�طت به واحتملته‬
‫يف موت غ�م�س جمهول‪ .‬واح�رشت�ه! لقد غ�شى‬
‫عيونن� منذ الآن ليل مهلك! كيف جند الطع�م‬
‫الذي يقيم اأودن� ه�ئمتني يف اأر�س غريبة اأو‬
‫ه�ئمتني على اأمواج البحر؟‬
‫�أ�سمينا – ل اأدري! ليت اآر�شل الدامي‬
‫يختطفني فيلحقني ب�أبي ال�شيخ يف ظلمة املوت‪،‬‬
‫ف�إن احلي�ة التي تنتظرين لي�شت حي�ة‪.‬‬
‫رئي�س �جل�قة – اأيته� الفت�ت�ن! اأي اأ�شد‬
‫الفتي�ت ف�شيلة وطهراً! يجب اأن حتتمال م� اأراد‬
‫رئي�س �جل�قة – ل تلتم�شي هذه ال�شبيل‪.‬‬
‫�أنتيج�نا – اإن ال�شق�ء ليبهظن�‪.‬‬
‫رئي�س �جل�قة – لقد ك�ن يبهظكم� اآنف ً�‬
‫اأي�ش�ً‪.‬‬
‫�أنتيج�نا – لقد ك�ن حينئذ �شق�ء ل خمرج‬
‫منه وهو الآن اأ�شد ا�شتغالق�ً‪.‬‬
‫رئي�س �جل�قة – اإنكم� غ�رقت�ن يف بحر من‬
‫ال�شق�ء‪.‬‬
‫�أنتيج�نا – هذا حق‪.‬‬
‫رئي�س �جل�قة – اأوافقك على ذلك‪.‬‬
‫�أنتيج�نا – واح�رشت�ه! واح�رشت�ه! اإىل اأين‬
‫نذهب اأي زو�س؟ ب�أي اأمل يحتظف يل الق�ش�ء‬
‫الذي يتبعني؟‬
‫(يدخل ثي�سي��س)‬
‫الآلهة يف �شج�عة! فيم ت�شني�ن اأنف�شكم� حزن ً�‬
‫واأمل�ً؟ اإن حي�تكم� اإىل الآن لي�شت خليقة اأن‬
‫حتتقر‪.‬‬
‫�أنتيج�نا – اإذن فقد يوجد الأ�شف على الأمل!‬
‫اإن هذا الذي مل يكن ميكن اأن ي�شمى �شع�دة قد‬
‫ك�ن �شع�دة ب�لقي��س اإىل حني كنت اأ�شم اأبي‬
‫بني ذراعي! اأي اأبت العزيز! اأنت الذي ك�شته‬
‫الأر�س ظلمته� اإىل اآخر الدهر لن يعوزك حبي‬
‫وحب اأ�شمين� مهم� تتع�قب ال�شنون‪.‬‬
‫رئي�س �جل�قة – كذلك ك�ن حظه‪.‬‬
‫�أنتيج�نا – حظه الذي ك�ن يريده‪.‬‬
‫رئي�س �جل�قة – اأي حظ؟‬
‫�أنتيج�نا – لقد م�ت على الأر�س التي ك�ن‬
‫يتمنى اأن ميوت عليه�‪ ،‬على اأر�س غريبة! واإنه‬
‫لن�ئم الآن اإىل الأبد يف جوف الأر�س قد حترك‬
‫حزن ً� تفرقه الدموع‪ .‬اإين لأعول عليك ي� اأبت‪،‬‬
‫تغمرين الدموع وم� اأدري م�ذا اأ�شنع لأهدئ من‬
‫هذا الأمل العظيم الذي اأورثتنيه‪ .‬واح�رشت�ه! لقد‬
‫كنت تتمنى اأن متوت يف اأر�س غريبة فقد مت لك‬
‫م� اأردت ولكن مت وحيداً مل اأ�شتطيع اأن اأرع�ك‪.‬‬
‫��سمينا – م� اأ�شق�ن�! م�ذا اأعد لن� الدهر‬
‫اأيته� الأخت العزيزة بعد اأن فقدن� اأب�ن�؟!‬
‫رئي�س �جل�قة – اأم� وقد اأمت حي�ته على هذا‬
‫النحو ال�شعيد فكف� عن ال�شك�ة اأيته� ال�شديقت�ن‬
‫فلي�س بني الن��س من هو مب�أمن من املوت‪.‬‬
‫�أنتيج�نا (يف �رصعة) – لنعود ي� اأختي اإىل‬
‫وراء‪.‬‬
‫�أ�سمينا – مل�ذا؟‬
‫�أنتيج�نا – اأود‪...‬‬
‫ثي�سي��س (متغني ًا) – كف� عن العويل اأيته�‬
‫الفت�ت�ن‪ ،‬م� ينبغي اأن ي�شفح الدمع على من تدين‬
‫له املدينة كله� ب�جلميل‪ ،‬هذا �شيء حمظور‪.‬‬
‫�أنتيج�نا – ي� ابن اأجيو�س اإن� ن�رشع اإليك‬
‫ج�ثيتني!‬
‫ثي�سي��س – م�ذا تريدان اأيته� الفت�ت�ن؟‬
‫�أنتيج�نا – نريد اأن نرى ب�أعينن� قرب اأبين�‪.‬‬
‫ثي�سي��س – ولكن هذا لي�س مب�ح�ً‪.‬‬
‫�أنتيج�نا – م�ذا تقول اأيه� امللك ي� �ش�حب‬
‫اأثين�؟‬
‫علي‬
‫ثي�سي��س – اأيته� الفت�ت�ن! لقد حظر ّ‬
‫اأويديبو�س اأن يعرف اإن�ش�ن قربه اأو اأن يدنو‬
‫اإن�ش�ن من املك�ن املقد�س الذي ا�شتقر فيه‪،‬‬
‫واأكد يل اأين اإن اأنفذ اأمره يف دقة وحزم ف�ش�أملّك‬
‫دائم ً� على اأر�س مع�شومة من ال�شق�ء‪ .‬واإذن فقد‬
‫علي به الآلهة ووزير زو�س‬
‫وعدته بذلك و�شهدت ّ‬
‫هوركو�س‪.‬‬
‫�أنتيج�نا – اإذا ك�نت هذه و�شية اأبي‬
‫فلنذعن له�‪ .‬ولكن ردن� اإىل مدينة ثيبة«طيبة»‬
‫القدمية لنتقي موت اأخوين� اإن ك�ن ذلك ل يزال‬
‫مي�شوراً‪.‬‬
‫ثي�سي��س – �ش�أردكم� ولن اأق�رش يف اأي‬
‫علي قطعت به عهداً‬
‫�شيء ينفعكم�‪ .‬ذلك واجب ّ‬
‫على نف�شي لهذا الذي تلقته الأر�س‪.‬‬
‫رئي�س �جل�قة – كف� ل مت ّدا غن�ءكم�‬
‫احلزين‪ ،‬ف�إن هذا الوعد حمقق ل �شك فيه‪.‬‬
‫�أ�سمينا – تودين م�ذا؟‬
‫�أنتيج�نا – اأن اأرى م�شكنه حتت الأر�س‪.‬‬
‫�أ�سمينا – م�شكن من؟‬
‫�أنتيج�نا – م�شكن اأبي‪ ،‬ي� لالأمل!‬
‫�أ�سمينا – وكيف يوؤذن لن� بذلك األ تفكرين‬
‫يف هذا؟!‬
‫�أنتيج�نا – م� هذا اللوم؟‬
‫�أ�سمينا – واأكرث من هذا اأن‪...‬‬
‫�أنتيج�نا – م�ذا اأي�ش�ً؟‬
‫�أ�سمينا – اإنه م�ت ولي�س له قرب ومل ي�شهد‬
‫موته اأحد!‬
‫�أنتيج�نا – قوديني ثم اذبحيني حيث‬
‫�رشع‪ ،‬اقتليني فوق ج�شمه!‬
‫�أ�سمينا ‪.)20(... -‬‬
‫�أنتيج�نا ‪.)20(... -‬‬
‫�أ�سمينا – واح�رشت�ه! ي� لل�شق�ء الذي ل‬
‫يط�ق! م�ذا اأ�شنع اإذا فقدتك اأنت اأي�ش ً� وكيف‬
‫احلي�ة وحيدة ل �شند يل؟‬
‫رئي�س �جل�قة – اطمئن� ي� �شديقتي‪.‬‬
‫�أنتيج�نا – اأين اأجد ملج�أ اآوي اإليه؟‬
‫رئي�س �جل�قة – لقد وجد لك ملج�أ قبل اأن‬
‫يق�شي‪.‬‬
‫�أنتيج�نا – عم تتحدث؟‬
‫رئي�س �جل�قة – عن حظكم�‪ .‬لقد اأفلت من‬
‫ال�شق�ء الذي ك�ن يتهدده‪.‬‬
‫�أنتيج�نا – اإين اأفكر‪..‬‬
‫رئي�س �جل�قة – فيم تفكرين اأي�ش�ً؟‬
‫�أنتيج�نا – كيف نعود اإىل وطنن�؟ ل اأجد‬
‫اإىل ذلك �شبيال‪.‬‬
‫‪31‬‬
‫ه��م�س‬
‫(‪ )1‬تعري�س بذلك احليوان الذي اأ�رشت اإليه‬
‫اآنف�ً‪.‬‬
‫(‪ )2‬زوج بو�شيدون اإله البحر‪ .‬يريد ال�ش�عر‬
‫اأن يتحول اآر�س عن املدينة اإىل البحر حيث‬
‫تنطفئ جذوته‪.‬‬
‫(‪ )3‬يطلق ال�ش�عر لفظ امللك هن� على الك�هن‬
‫ت�أثراً مب� ك�ن م�ألوف ً� يف اأتين� بعد زوال �شلط�ن‬
‫امللوك عنه� من احتف�ظ كبري كه�نه� بلقب‬
‫امللك‪ ،‬وهذا �شيء جرت به التق�ليد يف جميع‬
‫املدن اليون�نية بعد اأن حتولت اإىل جمهوري�ت‪.‬‬
‫(‪ )4‬ي�شري اإىل معبد دلف‪.‬‬
‫(‪ )5‬هي الأ�رشة التي ربي فيه� اأويديبو�س‪.‬‬
‫(‪ )6‬ي�شري اإىل احليوان الذي ك�ن‬
‫ميتحن الن��س ب�ألغ�زه ويهلكهم اإن‬
‫مل يحلوه� والذي اأهلكه اأويديبو�س‬
‫لأنه حل اللغز الذي امتحنه به‪.‬‬
‫(‪ )7‬اأي اأنه جمهول الأ�رشة‪.‬‬
‫(‪ )8‬تريد اأنه� لن توؤمن ب�لف�أل ول ب�لطرية‪.‬‬
‫(‪ )9‬يريد اجلوق�ت التي ك�نت توؤلف للحفالت‬
‫الدينية‪.‬‬
‫(‪ )10‬ي�شري اإىل دلف‪.‬‬
‫(‪)11‬يطلباإىلزو�سحم�ية�شلط�نالدينوهذا‬
‫كله ي�شور غ�شب اجلوقة مل� ك�ن من اإنك�ر امللكة‬
‫ل�شدق الوحي والكه�نة‪.‬‬
‫(‪ )12‬اإ�ش�رة اإىل م�شيق كورنتو�س‪.‬‬
‫(‪ )13‬اأويديبو�س – معن�ه ذو القدمني‬
‫املتورمتني‪.‬‬
‫(‪ )14‬هذه القطعة الغن�ئية الرائعة ت�شور‬
‫اأجمل ت�شوير �شذاجة اجلوقة التي انخدعت‬
‫اإليه� اأن اأويديبو�س‬
‫مب� �شمعت فخيل‬
‫من ن�شل الآلهة‪ .‬وهي يف الوقت نف�شه‬
‫تر�شيح بديع مل� �شتك�شف عنه احلوادث‬
‫من خيبة الأمل‪.‬‬
‫(‪ )15‬ال�شم�س‪.‬‬
‫(‪ )16‬يريد اأنه لن يرف�س له طلب ً� اإل اأن‬
‫يكون م�شتحيالً‪.‬‬
‫(‪ )17‬اإ�ش�رة اإىل مدينة اأولو�شي�س التي ك�نت‬
‫تق�م فيه� الأعي�د اخل��شة لالإلهة �شري�س اإلهة‬
‫الأر�س‪.‬‬
‫(‪ )18‬اإ�ش�رة اإىل م� ك�ن يجري يف هذه‬
‫الأعي�د من �شع�ئر �رشية يع�قب من اأب�حه�‬
‫ب�ملوت‪.‬‬
‫(‪ )19‬هذه الأ�شم�ء مملة للق�رئ ولكن ذكره�‬
‫ك�ن يعجب قدم�ء اليون�ن ويثري فيهم احلم��شة‬
‫لذكرى اأبط�لهم يف الع�شور القدمية‪.‬‬
‫(‪ )20‬بي��س ب�لأ�شل‪.‬‬
‫عدد ‪143‬‬
‫‪ 7‬متوز ‪2010‬‬
Download