الاتحاد الأوروبي (1)

advertisement
‫االتحادىاألوروبي فيىمطلعىاأللفوظىالثالثظى‪:‬ى‬
‫ىالواقعىىوالتحدوات ى‬
‫د‪ .‬أحمد سعيد نوفـل *‬
‫ىتمكودىى‬
‫تعتبر تجربة التكامؿ واالندماج األوروبي ‪ ،‬أكبر تغيير يتـ في الجغرافيا السياسية ألوروبا ‪،‬‬
‫وىي األىـ في التجارب االندماجية في العالـ ‪ ،‬ورائدة بكؿ المعايير بسبب النجاح الكبير الذي حققو‬
‫االتحاد األوروبي ‪ ،‬وبشكؿ خاص عمى الصعيد االقتصادي ‪ .‬وترتبط دوؿ االتحاد بعالقات دينية‬
‫وثقافية واقتصادية وتاريخية وسياسية خاصة ومميزة ‪ ،‬أىميا لتشكيؿ تكتؿ إقميمي مشترؾ ومنظومة‬
‫أوروبية موحدة ‪ ،‬تنافس التكتالت الدولية األخرى ‪ .‬كما أف تجربة االتحاد األوروبي ‪ ،‬مف الممكف‬
‫االحتذاء بيا في أماكف أخرى في العالـ ‪ ،‬لـ تعش شعوبيا ويالت الحروب التي خاضتيا الشعوب‬
‫األوروبية في القرف العشريف ‪ .‬ومع ذلؾ وجدت دوؿ االتحاد أنو مف أجؿ مصالحيا وحاضرىا‬
‫ومستقبميا ‪ ،‬عمييا أف تترؾ خالفاتيا التاريخية وحروبيا الدموية خمفيا ‪.‬‬
‫وييدؼ ىذا البحث ‪ ،‬دراسة نشأة االتحاد األوروبي ‪ ،‬وتحميؿ واقع المنظومة األوروبية مف‬
‫خالؿ االطالع عمى مؤسسات االتحاد األوروبي الدستورية ‪ ،‬ومكونات القوة األوروبية وعناصرىا‪،‬‬
‫والتحديات الداخمية والدولية التي تواجو االتحاد ومستقبمو في ظؿ النظاـ الدولي الجديد ‪ ،‬في مطمع‬
‫األلفية الثالثة ‪.‬‬
‫المبحثىاألولى‪/‬نذأةىىاالتحادىوتطورهىى‬
‫خرجت فكرة توحيد أوروبا ألوؿ مرة في عصر النيضة األوروبية في وثيقة حممت اسـ‬
‫تراكتاتوس ‪ Tractatus‬كتبيا في عاـ ‪ 1464‬ممؾ بوىيميا بوديبراد ‪ ، Podiebrad‬بعد ‪11‬‬
‫عاما عمى سقوط القسطنطينية في أيدي األتراؾ ‪ ،‬مف أجؿ مواجية االمبراطورية العثمانية ‪.‬‬
‫وطالب الممؾ البوىيمي بوضع ميثاؽ عدـ اعتداء بيف الشعوب المسيحية ‪ ،‬واقامة سمطة قضائية‬
‫ذات صالحيات ونوع مف البرلماف يضـ الدوؿ األعضاء ‪ .‬واقترح بعد ذلؾ ‪ ،‬القس دو ساف بيار‬
‫‪ Saint - Pierre‬المفوض الفرنسي الذي كاف لو دور كبير في وضع معاىدة‬
‫ػػػػػػػػػػػػػػػ‬
‫أستاذ العموـ السياسية في قسـ العموـ السياسية ‪ /‬جامعة اليرموؾ ‪ /‬األردف‬
‫أوترخت‬
‫‪1713 ( Utrecht‬ػ‪ )1715‬التي وضعت حدا لحرب االنفصاؿ االسبانية ‪ ،‬اقترح "‬
‫مشروعا إلقامة سالـ دائـ في أوروبا ومشروعا إلقامة سالـ دائـ بيف المموؾ المسيحييف "‪.‬‬
‫وجاء المفكر الفرنسي المعروؼ جاف جاؾ روسو ‪ Jean-Jacques Rousseau‬ليكمؿ ما بدأه‬
‫القس دو ساف بيار ‪ ،‬إذ دعا في كتابو " الحكـ في السالـ الدائـ‬
‫‪ " Perpétuelle‬الذي كتبو عاـ‬
‫‪Jugement sur la Paix‬‬
‫‪ ، 1782‬إلى إقامة فيدرالية أو كونفدرالية بيف األمراء‬
‫األوروبييف ‪ .‬وتاله عمانوئيؿ كانط ‪Emmanauuel Kant‬عاـ ‪ 1795‬في رسالتو بعنواف " مف‬
‫أجؿ السالـ الدائـ ‪ " Pour la Paix Perpétuelle‬وتحدث فييا عف فكرة مفادىا وحدة األنظمة‬
‫الجميورية في أوروبا ألنيا وحدىا القادرة أف تضمف السالـ ‪ .‬وواصؿ المفكروف في أوروبا في‬
‫القرف التاسع عشر ‪ ،‬دعواتيـ إلقامة اوروبا الموحدة ‪ ،‬فقد دعا كمود ىنري دو ساف سيموف‬
‫‪ Claude Henri de Saint - Simon‬في عاـ ‪ ، 1814‬في رسالة وجييا إلى برلمانيو فرنسا‬
‫وانكمت ار تحت عنواف "حوؿ إعادة تنظيـ المجتمع األوروبي " اقترح فييا بإقامة محور بيف باريس‬
‫ولندف يكوف عمى شكؿ كونفدرالية تعمؿ عمى توسيع نطاقيا إلى أنظمة برلمانية أخرى ‪ ،‬مع‬
‫برلماف أوروبي يكوف لو دور المحرؾ في إعادة توحيد القارة األوروبية‪ .‬وجاء اقتراح األديب‬
‫الفرنسي المعروؼ فيكتور ىيجو ‪ Victor Hugo‬في شير آ ب‪/‬أغسطس عاـ ‪ 1849‬ليكمؿ ما‬
‫بدأه اآلخروف ‪ ،‬فقد وجو ىيجو خطابا في مؤتمر السالـ المنعقد في باريس دعوة إلقامة (الواليات‬
‫المتحدة األوروبية ) واقامة مجمس شيوخ كبير مستقؿ يكوف ألوروبا بمثابة ما ىو البرلماف بالنسبة‬
‫إلنكمت ار " ‪ .‬وتنبأ الشاعر الفرنسي بأنو " سيأتي يوـ تمتزج فيو كؿ أمـ القارة وتنصير في عالقة‬
‫وثيقة داخؿ إطار وحدة أرقى لكي تصنع اإلخاء األوروبي دوف أف تفقد أي أمة خصائصيا‬
‫المميزة ومالمحيا وسماتيا الرائعة التي تنفرد بيا ‪ ،‬وسيأتي يوـ لف تكوف فيو مياديف لممعارؾ أو‬
‫القتاؿ سوى األسواؽ المنفتحة عمى األفكار ‪ .‬سيأتي يوـ تختفي فيو القذائؼ والقنابؿ لكي تحؿ‬
‫محميا أصوات الناخبيف " ‪ .‬وبدأ التعاوف االقتصادي بيف الدوؿ األوروبية يتحقؽ في الفترة ما بيف‬
‫‪ 1865‬ػ ‪ ، 1871‬عندما انشئ ألوؿ مرة بنؾ مركزي أوروبي ‪ ،‬الذي أطمؽ عممة أوروبية موحدة‬
‫باسـ ( أوروبا ) ‪ ،‬إال أنو فشؿ بعد ذلؾ بسبب ضغوطات بريطانية وألمانية ‪ .‬ويالحظ أف معظـ‬
‫الدعوات لوحدة أوروبا كانت تنطمؽ مف فرنسا ‪ .‬وعادت الفكرة مف جديد بعد الحرب العالمية‬
‫األولى ‪ ،‬إلقامة تعاوف مشترؾ بيف الدوؿ األوروبية ‪ ،‬عندما دعا الكونت النمساوي ريتشارد‬
‫كودنيوؼ ػ كاليرجي ‪ Richard Coudenhove-Kalergi‬عاـ ‪ 1923‬إلى إنشاء الواليات‬
‫المتحدة األوروبية عمى غرار الواليات المتحدة األمريكية ‪ .‬ونشر كتابا أسماه باف ػ أوروبا‬
‫‪2‬‬
‫‪ ، Paneuropa‬وجاؿ األقطار األوروبية ليسوؽ أفكاره التي جاءت في كتابو ‪ ،‬الداعي إلى إقامة‬
‫الوحدة األوروبية ‪.‬‬
‫ونتيجة لذلؾ ‪ ،‬عقد في فيينا عاـ ‪ ، 1926‬المؤتمر األوؿ لالتحاد األوروبي شارؾ فيع‬
‫‪ 2000‬مندوب مف ‪ 24‬دولة أوروبية ‪ .‬ووافؽ المؤتمر عمى وضع الخطوط العريضة لتنظيـ‬
‫فيدرالي ألوروبا ‪ .‬وبعد ثالث سنوات ‪ ،‬دعا وزير الخارجية الفرنسية أريستيد برياف‬
‫‪Aristide‬‬
‫‪ Briand‬في ‪ ، 1929/9/5‬في خطابو أماـ الجمعية العمومية لعصبة األمـ في جنيؼ ‪ ،‬إلى‬
‫إقامة اتحاد أوروبي في إطار عصبة األمـ لتشجيع التعاوف بيف الدوؿ األوروبية مع احتفاظيا‬
‫بسيادتيا‪ .‬وردت ‪ 26‬حكومة أوروبية عمى االقتراح الفرنسي بااليجاب ‪ .‬إال أف صعود األحزاب‬
‫القومية في بعض الدوؿ األوروبية ( ألمانيا وايطاليا ) وتفاقـ األزمة االقتصادية في أوروبا ‪،‬‬
‫قضى عمى المشروع الفرنسي ‪)1 ( .‬‬
‫وعاد المشروع إلى البحث مف جديد ‪ ،‬بعد الحرب العالمية الثانية ‪ ،‬إذ عقد مؤتمر في مونترو‬
‫‪ Montreux‬في شير آب ‪/‬أغسطس عاـ ‪ ، 1947‬وضـ حركات محافظة وديمقراطية ومسيحية‬
‫واشتراكية ‪ ،‬دعا فيو المؤتمروف إلى إقامة " واليات متحدة أوروبية " ‪ .‬وميد مؤتمر مونترو ‪ ،‬إلى عقد‬
‫مؤتمر آخر عقد في الىاي ‪ La Haye‬في شير أيار‪/‬مايو ‪ ، 1948‬شارؾ فيو أكثر مف ألؼ‬
‫مشارؾ مف ‪ 19‬بمدا أوروبيا ‪ ،‬وكاف مف ضمف المشاركيف فرانسوا ميتراف ‪François Mitterrand‬‬
‫الذي أصبح رئيسا لفرنسا عاـ‬
‫‪ ، 1981‬والمفكر الفرنسي المعروؼ ريموف آروف‬
‫‪Raymond‬‬
‫‪ .Aron‬ويعود الفضؿ ليذا المؤتمر ‪ ،‬في إنشاء المجمس األوروبي ‪ ،‬بعد عاـ عمى انعقاده ‪ ،‬الذي‬
‫(‬
‫فتح الطريؽ أماـ إنشاء الجماعة األوروبية لمفحـ والصمب‬
‫‪European Goal and‬‬
‫‪ ) Steel Community‬عاـ ‪ .1950‬ودعا وزير خارجية فرنسا روبرت شوماف‬
‫إلنشائيا ‪ ،‬بناء عمى اقتراح مف قبؿ أحد مستشاريو وىو جاف مونيو‬
‫‪Schuman‬‬
‫‪ Jean Monnet‬رئيس قسـ‬
‫التخطيط االقتصادي في الحكومة الفرنسية ‪ ،‬الذي اعتبر األب الروحي لفكرة االندماج األوروبي ‪.‬‬
‫فقد وجد مونيو أف فرنسا التي خرجت ضعيفة بعد الحرب العالمية الثانية ‪ ،‬ال تستطيع أف تنيض‬
‫لوحدىا مف دوف التعاوف مع الدوؿ األوروبية األخرى ‪ .‬وليذا فقد وجد أف إقامة سوؽ مشتركة بيف‬
‫الدوؿ األوروبية بشكؿ تدريجي سيساىـ في حؿ مشاكؿ التنمية ورفع مستوى المعيشة‬
‫ووقعت معاىدة إلنشاء الجماعة األوروبية لمفحـ والصمب في باريس في‬
‫فرنسا والمانيا وىولندا وبمجيكا ولوكسمبورغ ‪ .‬وعقد مؤتمر ميسيف‬
‫عاـ ‪ ، 1955‬الذي ميد الطريؽ إلى عقد اتفاقية روما في‬
‫‪3‬‬
‫في أوروبا ‪.‬‬
‫‪ ، 1950/4/18‬ضمت‬
‫‪ Messine‬في حزيراف ‪ /‬يونيو‬
‫‪،1957/2/25‬التي أنشأت االتحاد‬
‫‪ Euratom‬بيف ست دوؿ أوروبية ‪ ،‬بعد‬
‫االقتصادي األوروبي واالتحاد األوروبي لمطاقة الذرية‬
‫توقيع إيطاليا عمييا بعد انضماميا إلييا ‪ .‬واصبح يطمؽ عمييا المجموعة االقتصادية األوروبية‬
‫‪)2( .European Economic Community‬‬
‫وتوسعت العضوية بعد ذلؾ ‪،‬إذ دخمتيا بريطانيا عاـ ‪ ، 1972‬بعد أف كانت فرنسا في عيد‬
‫الجنراؿ ديجوؿ ترفض ذلؾ ‪ ،‬إذ كانت قد قدمت طمبا في عاـ ‪ 1962‬لدخوؿ العضوية إال أف الرئيس‬
‫الفرنسي رفض ‪ ،‬بسبب ارتباط بريطانيا القوي مع الواليات المتحدة ‪ ،‬وحتى ال يزيد مف النفوذ‬
‫األمريكي داخؿ المجموعة األوروبية ‪ .‬كما قدمت كؿ مف الدانمارؾ وأيرلندا والنرويج في عاـ ‪1961‬‬
‫طمبات لدخوؿ العضوية ‪ ،‬ولكف فرنسا لـ توافؽ سوى عاـ‬
‫‪ 1972‬عمى دخوؿ تمؾ الدوؿ‪ ،‬باستثناء‬
‫النرويج ‪)3( .‬‬
‫وانضمت اليوناف في عاـ ‪ ، 1981‬لالتحاد بعد زواؿ النظاـ العسكري وعودة الديمقراطية‬
‫إلييا‪ ،‬و كذلؾ اسبانيا والبرتغاؿ عاـ ‪ 1986‬بعد سقوط أنظمتيا الدكتاتورية ‪ .‬واصبحت المجموعة‬
‫األوروبية تضـ في عضويتيا ‪ 12‬دولة حتى عاـ ‪ ، 1995‬عندما انضمت إلييا ثالث دوؿ ىي‬
‫السويد والنمسا وفنمندا‪ .‬وأقر في عاـ ‪ 1989‬تأسيس بنؾ مركزي أوروبي والبدء بعممية إصدار وحدة‬
‫نقدية أوروبية موحدة ‪ .‬وفي عاـ ‪ 1992‬وقعت اتفاقية ماستريخت التي أطمؽ عمييا اتفاقية االتحاد‬
‫األوروبي ‪ ، European Union‬وبدأ بتنفيذىا في العاـ التالي ‪ .‬وتطورت بذلؾ فكرة الفرنسي جاف‬
‫مونيو لمتعاوف األوروبي مف مجموعة الفحـ والصمب ‪ ،‬إلى سوؽ أوروبية مشتركة يضـ ستة دوؿ ثـ‬
‫تسعة واثنى عشر ‪ ،‬إلى االتحاد األوروبي الذي يضـ اآلف خمسة عشر اآلف ‪ ،‬وسيزداد عددىا‬
‫لتصؿ إلى خمسة وعشريف العاـ القادـ عندما تنضـ الدوؿ العشر لعضوية االتحاد‪ ،‬وىي ‪ :‬سموفاكيا‬
‫والتشيؾ وبولندا والمجر وىنغاريا وسموفانيا وأستونا وليتوانيا وقبرص ومالطا ‪ .‬ومف المتوقع أف تأخذ‬
‫تمؾ الدوؿ العشرة الجديدة مقاعدىا في االتحاد ‪ ،‬في شير مايو ‪ /‬أيار ‪. 2004‬‬
‫مطاهدةىمادتروختىى‬
‫مف خالؿ استعراض تطور مسيرة االتحاد األوروبي ‪ ،‬ال بد مف التركيز عمى معاىدة االتحاد‬
‫‪ ، Maastricht Treaty‬و التي وقعت في‬
‫األوروبي التي عرفت باسـ اتفاقية ماستريخت‬
‫‪ ، 1992/2/7‬ودخمت حيز التنفيذ في األوؿ مف تشريف الثاني ‪ /‬نوفمبر ‪ ، 1993‬وأعطت لمجماعة‬
‫األوروبية اسميا الجديد ‪ .‬واعتبرت مف أىـ االتفاقيات األوروبية ‪ ،‬بسبب ما دعت إليو مف وحدة‬
‫سياسية واقتصادية أوروبية ‪ ،‬وتوسعيا في مفيوـ الوحدة السياسية عف السوؽ األوروبية الذي كاف‬
‫موجودا مف قبؿ ‪ .‬وابرمت االتفاقية بعد توحيد ألمانيا ‪ ،‬وبروزىا كقوة اقتصادية بعد أف استكممت‬
‫‪4‬‬
‫اعادة توحيد أراضييا ‪ .‬ووجدت ألمانيا وبتشجيع مف فرنسا أنو ال بد مف استكماؿ البناء األوروبي وفقا‬
‫لمستجدات الظروؼ الدولية الجديدة ‪ ،‬بعد انييار االتحاد السوفيتي ‪ ،‬وانتياء الحرب الباردة ‪ .‬وعقدت‬
‫الدوؿ األعضاء في السوؽ األوروبية ‪ ،‬مؤتمر قمة في ماستريخت ‪ ،‬لوضع التعديالت النيائية‬
‫لمعاىدة روما ‪ ،‬والتوقيع عمى االتفاقية الجديدة لموحدة األوروبية ‪ .‬ووضع إطا ار جديدا لتدعيـ‬
‫االندماج في ثالث مجاالت رئيسية ‪ ،‬ىي ‪ :‬الوحدة االقتصادية والنقدية ألوروبا ‪ ،‬وتحقيؽ الوحدة‬
‫السياسية الداخمية األوروبية ‪ ،‬و في مجاالت السياسة الخارجية واألمنية ‪.‬‬
‫فعمى صعيد الوحدة االقتصادية والنقدية ‪ ،‬تم االتفاق عمى ما يمي ‪)4( :‬‬
‫‪ .1‬انشاء منطقة تجارية أوروبية حرة ‪ ،‬تضـ جميع أوروبا مف دوف استثناء ‪ ،‬وتشجيع التجارة‬
‫الحرة بيف تمؾ الدوؿ ‪ ،‬مف خالؿ إزالة القيود التجارية عمى المنتجات ‪.‬‬
‫‪ .2‬المشاركة في تنمية وازدىار التجارة العالمية عف طريؽ إزالة القيود التجارية ‪ ،‬كضرائب‬
‫االستيراد ونظاـ الحصص ‪.‬‬
‫‪ .3‬انشاء بنؾ موحد لمتمويؿ واالستثمار والتنمية ‪.‬‬
‫‪ .4‬التوجو نحو توحيد العممة النقدية المستخدمة في الدوؿ األعضاء ‪.‬‬
‫وعمى صعيد تحقيق الوحدة السياسية األوروبية‬
‫‪ ،‬فقد اىتمت المعاىدة بالتعاوف األوروبي‬
‫عمى صعيد السياسة االجتماعية والتطور التكنولوجي والبيئة والمواصالت ‪ ،‬ومجاالت األمف‬
‫والقضاء ‪ .‬وابراز اليوية األوروبية والثقافة األوروبية المشتركة ‪ ،‬وحرية تنقؿ األفراد ‪.‬‬
‫وفي المجال الخارجي ‪ ،‬ركز الجزء الخامس مف معاىدة ماستريخت ‪ ،‬عمى قضايا السياسة‬
‫الخارجية واألمنية ‪ ،‬ومنيا ‪)5 ( :‬‬
‫‪ .1‬صيانة القيـ المشتركة والمصالح األساسية لالتحاد األوروبي ‪.‬‬
‫‪ .2‬صيانة استقالؿ االتحاد والدفاع عنو وعف حدوده الخارجية أماـ أي اعتداء قد تتعرض لو‬
‫دوؿ االتحاد ‪.‬‬
‫‪ .3‬الدفاع عف أمف االتحاد والدوؿ األعضاء مما يعني أف يكوف الدفاع خارجي وأمني‬
‫وداخمي ‪.‬‬
‫‪ .4‬حفظ األمف والسالـ الدولييف حسب ميثاؽ األمـ المتحدة ‪.‬‬
‫‪ .5‬تعزيز التعاوف الدولي وخاصة مع دوؿ الجوار ‪.‬‬
‫‪ .6‬تعزيز الديمقراطية ودولة القانوف واحتراـ حقوؽ االنساف ‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫وكاف االتحاد يأمؿ عند التوقيع عمى المعاىدة ‪ ،‬أف تستعيد أوروبا عظمتيا وقوتيا التي كانت‬
‫موجودة مف قبؿ ‪ ،‬وأف تصبح القوة العظمى الثانية اقتصاديا وسياسيا وعسكريا ‪ ،‬وأف تستعيد قوتيا‬
‫عمى المسرح الدولي ‪.‬‬
‫المبحثىالثانيى‪/‬ىمؤدداتىاالتحادىىى‬
‫لعبت مؤسسات االتحاد دو ار ميما في تقوية بنية االتحاد وتطوره ‪ ،‬وأصبحت تشكؿ نواة لنظاـ‬
‫سياسي ديمقراطي ‪ ،‬تتكامؿ فيو السمطات الثالث التشريعية والتنفيذية والقضائية ‪ ،‬مع محاوالت‬
‫لمفصؿ بينيا لتحقيؽ الرقابة المتبادلة ‪ .‬إذ يوجد برلماف منتخب مشكؿ مباشر مف قبؿ األوروبييف في‬
‫الدوؿ األعضاء ‪ ،‬يمثؿ السمطة التشريعية ‪ ،‬ويستطيع محاسبة المفوضية وسحب الثقة منيا ‪،‬‬
‫ومحكمة تتشكؿ مف ‪ 15‬قاضيا ‪ ،‬وتتمتع باالستقالؿ عف السمطتيف التنفيذية والتشريعية‪ ،‬واحكاميا‬
‫ممزمة وواجبة التنفيذ ‪ .‬كما يوجد جياز لممحاسبة يمعب دو ار ميما في الرقابة عمى الموارد المالية‬
‫والنفقات ‪)6 ( .‬‬
‫ومن أهم تمك المؤسسات‪:‬‬
‫المجلسىاألوروبي ‪ :‬يعتبر أعمى مؤسسة في االتحاد ‪ ،‬وىو عبارة عف اجتماعات قمة الرؤساء‬
‫في‬
‫االتحاد الذي يجتمع ثالث مرات سنويا ‪ ،‬حسب ما تـ االتفاؽ عميو في قمة ديسمبر‪/‬كانوف أوؿ في‬
‫العاصمة الفرنسية عاـ ‪ . 1974‬إال انو عدؿ عاـ‬
‫‪ ، 1985‬وأصبحت اجتماعات المجمس تنعقد‬
‫مرتيف في العاـ بدال مف ثالثة ‪ .‬وميمة المجمس وضع السياسة العامة لالتحاد والتنسيؽ بيف دولو في‬
‫المجاالت المختمفة ‪ .‬ويترأس المجمس احدى دوؿ االتحاد لمدة ستة شيور ‪)7 ( .‬‬
‫مجلسىاالتحادىاألوروبيى ‪ :‬ىو اإلطار الذي يجتمع فيو وزراء الدوؿ األعضاء في االتحاد حسب‬
‫التخصصات المختمفة ( الخارجية والدفاعية والزراعية الخ ‪ )...‬ومقره في العاصمة البمجيكية‬
‫بروكسؿ ‪ .‬ووظيفتو إقرار التشريعات المختمفة التي تصدر عف االتحاد ‪ .‬وتتغير رئاسة االتحاد بشكؿ‬
‫دوري كؿ ستة اشير ‪ .‬ويتكوف مف ‪ 87‬عضوا ‪ ،‬وتتخذ ق ارراتو باغمبية ‪ 62‬صوتا‪ .‬وبالنسبة لمدوؿ‬
‫األعضاء ‪ ،‬فإنيا ال تكوف ليا أصوات متساوية ‪ ،‬ألف لكؿ دولة عدد مف األصوات يتناسب مع‬
‫حجميا ‪ .‬وتـ االتفاؽ عمى أف يكوف أللمانيا وفرنسا وايطاليا وبريطانيا عشرة أصوات لكؿ منيا ‪،‬‬
‫وإلسبانيا ثمانية أصوات ‪ ،‬وبمجيكا وىولندا والبرتغاؿ واليوناف خمسة أصوات لكؿ منيا ‪ ،‬والنمسا‬
‫والسويد أربعة اصوات ‪ ،‬والدانمارؾ وايرلندا وفنمندا ثالثة أصوات ‪ ،‬والموكسمبورغ صوتاف ‪)8 ( .‬‬
‫المفوضوظىاألوروبوظى‪ :‬تعتبر التجسيد الفعمي لفكرة االندماج األوروبي عمى اساس أنيا تمثؿ اطا ار‬
‫عاما يعبر عف مصالح الوحدة األوروبية ‪ ،‬وليس عف مصالح الدوؿ األوروبية ‪ .‬ويبمغ عدد أعضاء‬
‫‪6‬‬
‫المفوضية ‪ 20‬عضوا ‪ ،‬بواقع اثنيف لكؿ دولة كبرى ( فرنسا وألمانيا وايطاليا وبريطانيا ) وعضو واحد‬
‫لكؿ دولة اخرى مف دوؿ االتحاد ‪ .‬ويتـ تعيينيـ لمدة خمس سنوات قابمة لمتجديد ‪ ،‬إال أنو ال يتـ‬
‫الموافقة عمى تعيينيـ إال بعد موافقة البرلماف األوروبي ‪ .‬وتضـ المفوضية ‪ 24‬دائرة مختمفة ‪ ،‬ويعمؿ‬
‫فييا ‪ 21‬ألؼ موظؼ ‪ ،‬منيـ ‪ 17‬ألؼ في دولة المقر بمجيكا ‪ .‬وتجتمع المفوضية مرة واحدة ػ عمى‬
‫األقؿ ػ اسبوعيا ‪ .‬ووظيفة المفوضية ىو اعداد التشريعات ومراقبة تنفيذىا والدفاع عف مصالح االتحاد‬
‫في مواجية التيديدات التي تواجيو ‪ ،‬وتمثيؿ االتحاد في الخارج ‪.‬‬
‫البرلمانىاألوروبيى‪ :‬يعتبر الواجية الديمقراطية لالتحاد ‪ ،‬ومع أف سمطاتو اقؿ مف سمطات‬
‫البرلمانات الوطنية ‪ ،‬إال أنو يمثؿ السمطة التشريعية في االتحاد ‪ ،‬ويضـ‬
‫‪ 625‬عضوا ‪ .‬ويشرؼ‬
‫البرلماف عمى مراقبة أداء المفوضية األوروبية ومناقشة التقرير السنوي لممفوضية ‪ .‬ويخضع رئيس‬
‫المفوضية وأعضاؤىا لتقييـ البرلماف عند تعيينيـ في مناصبيـ ‪ .‬كما يستشير المجمس الوزاري‬
‫األوروبي البرلماف في بعض القضايا الميمة وفي إقرار الميزانية ‪ .‬وبعد اتفاقية ماستريخت ‪ ،‬توسعت‬
‫وظيفة البرلماف األوروبي ‪ ،‬حيث أعطيت لو حؽ إنشاء لجاف لمتحقيؽ في حاالت سؤ االدارة أو‬
‫انتياؾ قوانيف االتحاد ‪ .‬وقبؿ عاـ ‪ ، 1979‬كاف يتـ اختيار أعضاء البرلماف مف برلمانات دوليـ ‪،‬‬
‫ولكف بعد ىذا التاريخ بدأ انتخاب أعضاء البرلماف األوروبي بشكؿ مباشر مف المواطنيف ‪ ،‬عمى‬
‫أساس حصص معينة لكؿ دولة حسب الكثافة السكانية فييا ‪.‬‬
‫الدولػة‬
‫العػػدد‬
‫الدولػة‬
‫العػدد‬
‫ألمانيا‬
‫‪99‬‬
‫البرتغاؿ‬
‫‪25‬‬
‫فرنسا‬
‫‪87‬‬
‫السويد‬
‫‪22‬‬
‫ايطاليا‬
‫‪87‬‬
‫النمسا‬
‫‪20‬‬
‫بريطانيا‬
‫‪87‬‬
‫الدانمارؾ‬
‫‪16‬‬
‫اسبانيا‬
‫‪64‬‬
‫فنمندا‬
‫‪16‬‬
‫ىولندا‬
‫‪31‬‬
‫ايرلندا‬
‫‪15‬‬
‫بمجيكا‬
‫‪25‬‬
‫الموكسمبورغ‬
‫‪6‬‬
‫اليوناف‬
‫‪25‬‬
‫المجموع‬
‫‪625‬‬
‫وبعد االنتخابات النيابية في كؿ دولة مف االتحاد ‪ ،‬ال يقوـ النواب بتمثيؿ دوليـ ‪ ،‬بؿ يتكتموف‬
‫حسب التيارات السياسية الموجودة في البرلماف ‪ ،‬وىي الكتؿ التالية ‪)9( :‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ )1‬الكتمة االشتراكية ‪ ،‬وتعتبر مف أكبر الكتؿ البرلمانية الموجودة في البرلماف األوروبي ‪ .‬وليا‬
‫‪ %34‬مف مقاعد البرلماف ‪ ،‬وتتكوف مف األحزاب االشتراكية في دوؿ االتحاد ‪.‬‬
‫‪ )2‬الكتمة الديمقراطية المسيحية الممثمة بحزب الشعب األوروبي ‪ ،‬وتضـ األحزاب المسيحية‬
‫في االتحاد وحزب المحافظيف البريطاني والشعب االسباني ‪.‬‬
‫‪ )3‬كتمة البرلمانييف الديمقراطييف االصالحييف ‪ ،‬وتضـ أحزاب الوسط في أوروبا ‪ ،‬كاألحزاب‬
‫الميبرالية في بريطانيا وايطاليا وىولندا ‪.‬‬
‫‪ )4‬الكتمة الشيوعية ‪ ،‬وتضـ جميع األحزاب الشيوعية الممثمة في البرلماف األوروبي ‪.‬‬
‫‪ )5‬كتمة الخضر ‪ ،‬وتضـ أحزاب البيئة في دوؿ االتحاد ‪.‬‬
‫ومف مؤسسات االتحاد األوروبي األخرى ‪ ،‬محكمة العدؿ األوروبية المكونة مف‬
‫‪ 15‬قاضيا‪،‬‬
‫وتتمتع باستقالؿ كامؿ عف بقية مؤسسات االتحاد ‪ ،‬وميمتيا البحث في الخالفات بيف الدوؿ‬
‫األعضاء وبيف دوؿ االتحاد والدوؿ األخرى ‪ ،‬وكذلؾ بيف مؤسسات االتحاد وفي االتفاقيات الدولية‬
‫لالتحاد ‪.‬‬
‫ددتورىاالتحادى‪:‬ى تعتبر المؤسسات الموجودة في االتحاد مؤقتة لحيف صدور جديد لالتحاد ‪ .‬وليذا‬
‫فقد تـ تشكؿ فريؽ أوروبي برئاسة الرئيس الفرنسي السابؽ فاليري جيسكار ديستاف‬
‫‪Valéry‬‬
‫‪ ، Giscard d’Estaing‬إلعداد الدستور الجديد لالتحاد لمناقشتو وعرضو عمى األعضاء ‪.‬‬
‫وتوصمت المجنة األوروبية المكمفة بصياغة الدستور المؤقت والمكونة مف ‪ 105‬مف األعضاء ‪ ،‬إلى‬
‫وضع المسودة األولية ألحكاـ الدستور األوروبي ‪ ،‬بعد ‪ 16‬شي ار ‪ .‬وجاءت الوثيقة مف ‪ 400‬صفحة‬
‫‪ .‬وعرض جيسكار ديستاف ‪ ،‬مسودة الدستور عمى قمة الوحدة األوروبية التي انعقدت في مدينة‬
‫سالونيكي اليونانية في ‪ . 2003/6/12‬وتظير الوثيقة أنيا لـ تصؿ إلى دمج الدوؿ األوروبية في‬
‫دولة واحدة ‪ ،‬ولـ تبحث في إقامة كياف واحد يمغي وجود كؿ دولة أوروبية عمى الساحة الدولية ‪ ،‬بؿ‬
‫أف كؿ دولة تريد المحافظة عمى كيانيا المستقؿ ‪ ،‬ولكنيا تعمؿ تحت مظمة االتحاد األوروبي ‪ .‬أي‬
‫أنيا تريد إقامة تعاوف وليس االنصيار في كياف جديد ىو االتحاد ‪ .‬وليذا فقد جاء في مسودة االتحاد‬
‫" أف الوحدة األوروبية كياف لو شخصية معنوية وقانونية وسياسية واقتصادية مستقمة عف كؿ الدوؿ‬
‫األعضاء " ‪)10( .‬‬
‫كما تابع زعماء االتحاد األوروبي مناقشتيـ لمسودة الدستور في مؤتمرىـ الذي عقدوه في روما في‬
‫‪ ، 2003/10/4‬وبقيت المواقؼ متباينة مف قضايا التمثيؿ والتصويت داخؿ المفوضية األوروبية‬
‫ومؤسسات االتحاد ‪ .‬وليذا فقد طالب رئيس وزراء ايطاليا سيمفيو بيرلوسكوني باسـ الدوؿ الستة‬
‫‪8‬‬
‫المؤسس ( فرنسا ‪ ،‬ألمانيا ‪ ،‬ايطاليا ‪ ،‬ىولندا ‪ ،‬بمجيكا ‪ ،‬ولوكسمبورغ ) بعدـ " العبث " بمسودة‬
‫ة‬
‫الدستور ‪ .‬كما دعا الرئيس الفرنسي جاؾ شيراؾ المفاوضيف ‪ ،‬إلى عدـ إقحاـ أنفسيـ في المشاكؿ‬
‫الدستورية وعمى ضرورة الموافقة عمى الدستور الجديد بنياية العاـ ‪ .‬بينما دعت اسبانيا وبولندا‬
‫وبعض الدوؿ الصغيرة مف وسط وشرؽ أوروبا ‪ ،‬إلى ادخاؿ تعديالت كبيرة عمى مسودة الدستور‬
‫لضماف توازف أفضؿ لمدوؿ داخؿ االتحاد ‪.‬‬
‫ومف القضايا الرئيسية التي تناولتيا مسودة الدستور ‪)11 ( :‬‬
‫رئيس االتحاد األوروبي ‪ :‬منصب جديد اقترح انشاءه ليحؿ محؿ نظاـ الرئاسة الدورية ومدتيا ستة‬
‫اشير المتبعة حاليا ‪ .‬وفي مسودة الدستور ‪ ،‬ينتخب الرئيس مف المجمس األوروبي ( الدوؿ األعضاء‬
‫) وتمتد مدة توليو منصبو عاميف ونصؼ عاـ قابمة لمتجديد مدة واحدة فقط ‪ .‬وال يجوز لرئيس‬
‫االتحاد المنتخب أف يشغؿ في الوقت نفسو الرئاسة في بالده ‪ .‬ويمثؿ الرئيس االتحاد عمى الساحة‬
‫الدولية ‪ ،‬مف دوف أف يتعدى عمى صالحيات وزير خارجية االتحاد ‪.‬‬
‫المجمس األوروبي ‪ :‬يضـ قادة الدوؿ األعضاء ‪ ،‬ويجتمع اربع مرات سنويا ‪ ،‬ويتخذ ق ارراتو باالجماع‬
‫إال إذا كاف الدستور ينص عمى عكس ذلؾ ‪.‬‬
‫مجمس الوزراء ‪ ،‬تتناوب الدوؿ عمى رئاسة مجمس وزاري واحد مثؿ المجمس المالي أو مجمس البيئة ‪.‬‬
‫إال أف رئاسة مجمس الشؤوف الخارجية تكوف مف نصيب وزير الخارجية الجديد ‪.‬‬
‫المفوضية األوروبية ‪ ،‬الجياز التنفيذي المستقؿ لالتحاد األوروبي الذي يتمتع بسمطات لطرح‬
‫التشريعات واإلشراؼ عمى تنفيذىا ‪ .‬ويكوف لكؿ دولة عضو في االتحاد مفوض ‪ .‬ولكف بدءا مف‬
‫شير تشريف الثاني ‪ /‬نوفمبر ‪ ، 2009‬يكوف مف حؽ ‪ 15‬مفوضا فقط حؽ التصويت ‪ ،‬بمف فييـ‬
‫رئيس االتحاد ووزير الخارجية ‪.‬‬
‫البرلماف األوروبي ‪ ،‬يمنح البرلماف سمطات إضافية لصنع القرار وينفذ التشريعات في شكؿ مشترؾ‬
‫مع المجمس األوروبي ‪ .‬وينتخب البرلماف رئيسا لممفوضية ‪ ،‬ويستطيع مراقبة اعماؿ المفوضية ‪.‬‬
‫ويكوف عدد اعضاء البرلماف ‪ 736‬عضوا ‪ ،‬ولكؿ دولة أربعة أعضاء عمى األقؿ في البرلماف لوالية‬
‫تمتد خمس سنوات ‪.‬‬
‫وزير خارجية االتحاد ‪ :‬منصب جديد يعيف بأغمبية اعضاء االتحاد ‪ ،‬ويكوف مسؤوال عف سياسة‬
‫األمف والدفاع ويحؿ محؿ مفوض الشؤوف كريس باتف والممثؿ األعمى لشؤوف السياسة الخارجية‬
‫واألمف خافييير سوالنا ‪.‬‬
‫‪9‬‬
‫الجنسية ‪ :‬كؿ مواطف مف مواطني الدوؿ األعضاء يكوف مواطنا في االتحاد ‪ .‬ويكوف لمواطني‬
‫االتحاد الحؽ في حرية الحركة داخؿ االتحاد األوروبي ‪ .‬ويحؽ ليـ التصويت والتنافس في البرلماف‬
‫األوروبي واالنتخابات المحمية في أي بمد أوروبي يعيشوف فيو ‪.‬‬
‫التضامف ‪ :‬يعمؿ االتحاد والدوؿ األعضاء بشكؿ مشترؾ بروح مف التضامف إذا تعرضت دولة مف‬
‫األعضاء ليجوـ إرىابي أو كوارث طبيعية أو بشرية ‪.‬‬
‫دور الديف ‪ :‬يحترـ االتحاد وال يتعرض لموضع المنصوص عميو في القوانيف الوطنية لمكنائس‬
‫والمؤسسات والجاليات الدينية في الدوؿ األعضاء ‪ .‬ويحترـ االتحاد كذلؾ وضع المنظمات الفمسفية‬
‫وغير المذىبية ‪.‬‬
‫االنسحاب مف االتحاد ‪ :‬نص الدستور ألوؿ مرة أنو مف حؽ أي دولة مف الدوؿ األعضاء االنسحاب‬
‫مف االتحاد ‪ ،‬إذا رغبت في ذلؾ ‪.‬‬
‫كما نصت وثيقة الدستور عمى شروط العضوية في االتحاد وىي ‪:‬‬
‫‪ .1‬وجود نظاـ ديمقراطي‬
‫‪ .2‬احتراـ حقوؽ االنساف والقانوف‬
‫‪ .3‬حماية األقميات الوطنية‬
‫‪ .4‬وجود مستوى معيف لمتشريعات االجتماعية وحماية البيئة‬
‫‪ .5‬التمتع بنظاـ اقتصادي يعمؿ بكفاءة عالية‬
‫‪ .6‬القدرة عمى النيوض بأعباء العضوية وتعزيز أىداؼ االتحاد في الوحدة األوروبية‪.‬‬
‫وتثير الخالفات بيف التيار العمماني والتيار المحافظ الذي يطالب االشارة إلى اهلل والمسيحية في‬
‫الدستور ‪ ،‬أزمة بيف األعضاء ‪ .‬فقد طالبت اسبانيا وبولندا والبرتغاؿ ‪ ،‬في قمة سالونيكي في اليوناف‬
‫التي انعقدت في ‪ 2003/6/21‬بأف يشير الدستور الجديد لالتحاد صراحة إلى الجذور المسيحية‬
‫ألوروبا ‪ .‬وقاؿ رئيس وزراء بولندا ليزيؾ ميمر ‪ "،‬ال يمكننا التحدث عف أوروبا دونما التحدث عف‬
‫المسيحية ‪ ،‬وعمى المقدمة أف تتحدث عف التقاليد األوروبية وضمف التقاليد دوف أدنى شؾ المسيحية "‬
‫‪)12( .‬‬
‫كما انتقد الفاتيكاف عدـ اشارة مسودة الدستور لمديانة المسيحية ‪ ،‬وقاؿ ناطؽ باسـ الفاتيكاف " أنو مف‬
‫غير المقبوؿ أف ال يشير الدستور الجديد إلى الميراث المسيحي " ‪ .‬إال أف الرئيس جيسكار ديستاف ‪،‬‬
‫‪10‬‬
‫رئيس المجنة التي وضعت المسودة ‪ ،‬يدافع عف المسودة ويقوؿ بأف مقدمة الدستور تعترؼ بمفيوـ (‬
‫الميراث الديني ) وىذا غير موجود بميثاؽ الحقوؽ األساسية لمواطني االتحاد ‪.‬‬
‫وال تزاؿ وثيقة الدستور بانتظار التصويت عمييا مف قبؿ األعضاء وىذا يتطمب موافقة ثمثي أصوات‬
‫األعضاء ‪ ،‬واذا صادؽ عمييا ثمثا األعضاء سوؼ يطبؽ حتى عمـ‬
‫‪ ، 2009‬وبعدىا يعاد عرضو‬
‫عمى لجنة دستورية تتولى تقييـ التجربة ‪ ،‬فإذا وافقت عميو يستمر العمؿ بو ويصبح دستو ار دائما‬
‫لالتحاد ‪ ،‬و تدخؿ عميو التعديالت التي تريدىا ‪ ،‬أو ترفضو ‪ .‬ومع أف فرنسا وألمانيا تدعماف مشروع‬
‫الدستور بقوة ‪ ،‬إال أف بعض األعضاء مثؿ اسبانيا وبولندا يعارضاف بشكؿ بشدة نظاـ التصويت‬
‫الذي ينص عميو الدستور ‪ ،‬ألنو سوؼ يقمؿ مف وزف اسبانيا وبولندا لمصمحة ألمانيا ‪ .‬كما تعارض‬
‫البرتغاؿ وفنمندا واسبانيا ‪ ،‬اقتراح خفض عدد أعضاء المفوضية األوروبية ابتداء مف العاـ‬
‫‪2009‬‬
‫إلى ‪ 15‬عضوا كامؿ العضوية ‪ ،‬ما سيحوؿ دوف تمثيؿ جميع الجنسيات بشكؿ دائـ في االتحاد ‪.‬‬
‫ى‬
‫المبحثىالثالثى‪/‬ىمكوناتىالقوةىاألوروبوظىورناصرهاى‪:‬ى‬
‫يمتمؾ االتحاد األوروبي مف القوة ما يؤىمو لمعب دور ريادي في النظاـ العالمي ‪ ،‬خاصة أف‬
‫معظـ دوؿ االتحاد ليا تاريخ حافؿ بالتأثير عمى سياسات الدوؿ األخرى خارج القارة األوروبية ‪.‬‬
‫وانعكس ىذا التأثير عمى الصعيد الدولي منذ القروف الوسطى حتى وقتنا الحالي ‪ .‬ويعترؼ استاذ‬
‫العموـ السياسية األمريكي ‪ ،‬وصاحب نظرية صداـ الحضارات ‪ ،‬صموئيؿ ىنتجتوف ( ‪Samual P.‬‬
‫‪ ، )Huntington‬بأنو " إذا ما أصبحت األسرة األوروبية متماسكة ‪ ،‬فإنيا بسكانيا ومواردىا وثرواتيا‬
‫االقتصادية وتكنولوجيتيا وقدراتيا العسكرية الفعمية والكامنة ‪ ،‬ستكوف القوة الكبرى في القرف الحادي‬
‫والعشريف " (‪)13‬‬
‫كما تناوؿ بوؿ كندي ‪ Paul Kennedy‬في كتابو ( القوى العظمى ‪ :‬التغيرات االقتصادية‬
‫والصراع العسكري مف ‪ 1500‬ػ ‪ ) 2000‬المنشور في عاـ ‪ ، 1987‬القوى الخمس العظمى‬
‫(‬
‫الواليات المتحدة واالتحاد السوفيتى والياباف واالتحاد األوروبي والصيف ) في القرف الواحد والعشريف ‪.‬‬
‫وقاؿ بأف أوروبا ستكوف في القرف الحادي والعشريف قوة عالمية عظمى لألسباب التالية ‪)14 ( :‬‬
‫‪ .1‬ألف المجموعة األوروبية ىي الوحيدة مف بيف القوى العالمية األخرى التي ال تمثؿ دولة ذات‬
‫سيادة كما ىي بقية القوى في العالـ المرتبطة بسيادة الدولة القومية الواحدة ‪.‬‬
‫‪11‬‬
‫‪ .2‬أف المجموعة االقتصادية األوروبية لدييا مف الحجـ والثروة والقدرة االنتاجية ما يؤىميا لذلؾ‬
‫‪.‬‬
‫‪ .3‬أف الترتيبات الدستورية واإلدارية ‪ ،‬القائمة بفرض تطبيؽ الق اررات في المجاؿ االقتصادي في‬
‫االتحاد ‪ ،‬حقؽ انجا از كبي ار لالتحاد ‪.‬‬
‫وبعد مضى اثناف وخمسوف سنة عمى وجود المجموعة األوروبية ‪ ،‬أصبحت قوة اقتصادية‬
‫وسياسية ميمة في النظاـ العالمي الجديد ‪ ،‬خاصة بعد انييار االتحاد السوفيتي ‪ ،‬واقتربت إلى‬
‫تحقيؽ وحدة حقيقية ‪ .‬ومف مكونات القوة األوروبية ‪ ،‬أنيا تحتؿ االتحاد اآلف أكبر قوة اقتصادية‬
‫في العالـ ‪ .‬وكانت تشكؿ في عاـ ‪ ، 1994‬أكبر سوؽ في العالـ يبمغ عدد سكانو ‪ 370‬مميوف نسمة‬
‫مقابؿ ‪ 285‬عدد سكاف الواليات المتحدة ‪،‬‬
‫‪850‬‬
‫عمما أف عدد سكاف القارة األوروبية كاممة يبمغ‬
‫مميوف نسمة ‪)15( .‬‬
‫وبمغ الناتج القومي االجمالي لدوؿ االتحاد ‪ ،‬ا ‪ 9,2‬تريميوف دوالر عاـ ‪ ، 2001‬ما يعادؿ‬
‫الناتج القومي األمريكي‪ .‬ونصيبو مف التجارة العالمية ‪ %20‬مف الصادرات مقابؿ ‪ %16,3‬لمواليات‬
‫المتحدة و ‪ %8,2‬لمياباف ‪)16 ( .‬‬
‫ويحقؽ االتحاد األوروبي سنويا حجـ تجارة خارجية في المتوسط ‪ 1150 ،‬مميار دوالر ‪ ،‬ويمتمؾ‬
‫أكبر دخؿ قومي في العالـ حيث يزيد عف ‪ 7000‬مميار دوالر ‪ .‬ومف بيف اكبر عشرة دوؿ متاجرة‬
‫في العالـ ‪ ،‬ىناؾ سبع منيا مف دوؿ االتحاد ‪ .‬كما تنتج دوؿ االتحاد مجتمعة أكثر مف أي دولة‬
‫أخرى في العالـ مف صناعة السيارات والمواد الطبية واألدوات الصناعية والسمع اليندسية ‪.‬‬
‫وتعتبر‬
‫أكبر سوؽ عالمي في مجاؿ االنفاؽ عمى البحث العممي وتطويره ‪ ،‬وفي مجاالت التكنولوجيا وحقوؿ‬
‫الفضاء والسوبر كمبيوتر والقطارات ‪ .‬كما أف أربع دوؿ منيا (ألمانيا وفرنسا وايطاليا وبريطانيا )‬
‫تمثؿ نصؼ أعضاء الدوؿ الصناعية الثمانية التي يطمؽ عمييا‬
‫‪ . G 8‬واثنتاف مف دوؿ االتحاد (‬
‫فرنسا وبريطانيا ) أعضاء دائموف في مجمس األمف الدولي ‪ ،‬ويممكوف السالح النووي ‪)17(.‬‬
‫أدواتىالقوةىاألوروبوظىى‬
‫ال شؾ أف االتحاد األوروبي يمتمؾ مف االمكانيات وأدوات القوة المتعددة ‪ ،‬ما يجعمو قاد ار عمى‬
‫لعب دو ار متمي از في عمى الصعيد الدولي ‪ ،‬والنظاـ العالمي ‪ .‬وسنعالج ىذه األدوات مف خالؿ‬
‫‪12‬‬
‫التركيز عمى ‪ ،‬القوة االقتصادية وبالذات توحيد العممة األوروبية ( اليورو ) ‪ ،‬وعمى قدرتيا عمى‬
‫تشكيؿ قوة عسكرية موحدة ‪)18( .‬‬
‫أ)ىالطملظىاألوروبوظىالموحدةىى‬
‫كاف وزير المالية األلماني بيير وارنر ‪ ،‬قد اقترح عاـ‬
‫‪ ، 1969‬إنشاء وحدة نقدية أوروبية (‬
‫‪ ، 1971‬دعا‬
‫‪ ،)European Monetary Union‬وقدـ تقري ار سمي باسمو ( تقرير وارنر ) عاـ‬
‫فيو إلى إلغاء كافة عوائؽ التجارة وتدفؽ رأس الماؿ ودعـ التنسيؽ بيف السياسات المالية والنقدية‬
‫لألعضاء ‪ .‬وبعد ذلؾ بسنوات ‪ ،‬تـ تكميؼ لجنة مف الخبراء ‪ ،‬بزعامة جاؾ ديمور رئيس المفوضية‬
‫األوروبية عاـ ‪ ، 1988‬بإعداد خطة عمؿ مف أجؿ إقامة اتحاد اقتصادي ونقدي بيف دوؿ االتحاد ‪.‬‬
‫ووقع في العاـ التالي ‪ ،‬اتفاؽ إقامة االتحاد النقدي خالؿ ثالثة مراحؿ ‪ ،‬امتدت مف عاـ‬
‫‪1990‬‬
‫حتى نياية ‪ ، 1993‬أدت إلى حرية انتقاؿ رؤوس األمواؿ بيف بمداف المجموعة األوروبية ‪ .‬ودعمت‬
‫اتفاقية ماسترخت عاـ ‪ ،1992‬التوجو األوروبي لإلسراع في إنشاء وحدة النقد األوروبية ‪ .‬واتخذ في‬
‫عاـ ‪ ، 1994‬اجراءات تأسيس مؤسسة النقد األوروبية التي تحولت فيما بعد إلى البنؾ المركزي‬
‫األوروبي ومقره فرانكفورت ‪ ،‬واتفؽ عمى ىذه التسمية في عاـ ‪) 19( . 1995‬‬
‫وفي عاـ ‪ ،1999‬وافقت ‪ 11‬دولة مف دوؿ االتحاد ( فرنسا ‪ ،‬ألمانيا ‪ ،‬ايطاليا ‪ ،‬ىولندا ‪،‬‬
‫النمسا ‪ ،‬بمجيكا ‪ ،‬اسبانيا ‪ ،‬البرتغاؿ ‪ ،‬ايرلندا ‪ ،‬فنمندا ‪ ،‬ولوكسمبورغ ) مف أصؿ‬
‫‪ 15‬دولة ‪ ،‬عمى‬
‫اعتماد اليورو رسميا ‪ .‬وأعمنت بريطانيا والدانمارؾ والسويد ‪ ،‬عف تأجيؿ دخوليـ لنادي اليورو حتى‬
‫حيف توفؽ شعوبيا عمى ىذا االنضماـ ‪ .‬ورفض السويديوف بأغمبية كبيرة بمغت ‪ %56,1‬االنضماـ‬
‫إلى منطقة اليورو ‪ ،‬في االستفتاء األخير الذي جرى في السويد في‬
‫‪ ، 2003/9/15‬عمى مشروع‬
‫الوحدة االقتصادية والنقدية األوروبية مقابؿ ‪ . %41,8‬وىذه ىي المرة الثانية التي يرفض فييا اعتماد‬
‫اليورو كعممة بدال مف العممة الوطنية في دوؿ االتحاد ‪ ،‬وكانت المرة الولى قد جرت في الدانمارؾ‬
‫في شير أيموؿ ‪ /‬سبتمبر مف عاـ ‪ . 2000‬والجدير بالذكر اف االستفتاء في السويد قد جرى بعد أياـ‬
‫عمى مقتؿ وزيرة خارجية السويد آنا ليند ‪ ،‬التي كانت مف أشد المتحمسيف لالنضماـ إلى منطقة‬
‫اليورو ‪ .‬وعمؿ بعض المحمميف في السويد تمؾ النتيجة التي جاءت بعد ثمانية سنوات عمى دخوؿ‬
‫السويد إلى عضوية االتحاد األوروبي ‪ ،‬بأنيا بسبب ارتفاع األسعار الكبير الذي حدث في الدوؿ‬
‫األوروبية بعد دخوليا إلى منطقة اليورو ‪ ،‬خاصة في فنمندا القريبة مف السويد ‪)20( .‬‬
‫وفي اليوـ األوؿ مف عاـ ‪ 2002‬بدأ التعامؿ باألوراؽ النقدية األوروبية إلى جانب العمالت‬
‫الوطنية ‪ .‬وفي شير يوليو‪/‬تموز مف نفس العاـ فقدت العمالت الوطنية صالحياتيا لصالح اليورو‪.‬‬
‫‪13‬‬
‫وعمى الرغـ مف ارتفاع األسعار بنسبة ‪ %30‬في األسواؽ األوروبية ‪ ،‬بعد عاـ واحد عمى تطبيؽ‬
‫العمؿ بالعممة األوروبية الموحدة ‪ ،‬إال أنو لـ يكف أحد يتوقع أف األوروبييف قادروف عمى تطبيؽ‬
‫سياسة البنؾ المركزي األوروبي الموحد ويتخمصوف بعد عقد مف الزمف مف عمالتيـ الوطنية‬
‫ويتعامموف مع عممة أوروبية واحدة ىي اليورو بيذا الشكؿ ‪.‬‬
‫وال شؾ أف اليورو قد نجح ‪ ،‬كعممة أوروبية ‪ ،‬في منافسة الدوالر األمريكي في العاـ األوؿ‬
‫عمى البدء باستعمالو ‪ .‬ومع أنو بدأ متعث ار عند البدء بتداولو في مطمع عاـ‬
‫‪ ، 2002‬وخسر حوالي‬
‫‪ %30,75‬مف قيمتو أماـ الدوالر ( وصؿ ما بيف ‪ 1.885‬و ‪ .،8230‬مف الدوالر األمريكي ) ‪ .‬إال‬
‫أنو حافظ عمى سعر صرؼ عالمي يعادؿ سعر صرؼ الدوالر األمريكي ‪ .‬عمما أف سعر الصرؼ‬
‫العممة األوروبية لدى إطالقيا كاف ‪ 1,665‬دوالر أمريكي ‪ .‬وال شؾ أف انييار األسواؽ المالية‬
‫العالمية قد ساىـ في تقوية العممة األوروبية وزيادة الطمب عمييا ‪ .‬وأف انييار االستثمارات العالمية‬
‫بعد أحداث ‪ 11‬سبتمبر‪/‬أيموؿ ‪ ، 2001‬دفع االستثمارات إلى االتجاه نحو منطقة اليورو ‪ ،‬وأصبح‬
‫عممة التعامؿ مع ثمث األسيـ المباعة عالميا ‪.‬‬
‫ومف العوامؿ األخرى التي ساىمت في تقوية اليورو أيضا تزايد الفارؽ في العائدات عمى‬
‫الودائع لصالح اليورو ‪ ،‬بعد خفض االحتياطي الفدرالي األميركي نسبة الفائدة عمى الدوالر األمريكي‬
‫في شير نوفمبر ‪ /‬تشريف الثاني ‪ . 2002‬ويالحظ أف زيادة الفارؽ بيف نسب الفائدة عمى العممتيف‬
‫األوروبية واألميركية قد تسبب في إضعاؼ الدوالر وتقوية اليورو ‪ .‬إال أف بعض االقتصادييف يروف‬
‫أف قوة اليورو نابع مف ضعؼ الدوالر األمريكي وليس مف قوتو ‪)21 ( .‬‬
‫وقد ال تستطيع أوروبا أف تصبح في العقديف القادميف دولة مسيطرة عسكريا ‪ ،‬إال أنيا مف‬
‫المتوقع أف تصبح القوة االقتصادية العالمية األولى ‪ ،‬وىذا ما تخشاه الواليات المتحدة وتسعى‬
‫لمقاومتو عف طريؽ إنشاء تكتؿ أمريكي كندي مكسيكي مشترؾ ( النافتا ) لمتصدي لتزايد نفوذ اليورو‬
‫واالقتصاد األوروبي ‪ ،‬خاصة بعد زيادة عدد المنتسبيف لالتحاد األوروبي ‪ .‬وفي استطالع لمرأي العاـ‬
‫داخؿ دوؿ االتحاد ‪ ،‬اجاب الذيف شمميـ االستطالع عمى سؤاؿ عف احتماالت أف تصبح أوروبا قوة‬
‫اقتصادية مسيطرة في العقد القادـ ‪ %65,5 ،‬بأف تمؾ االمكانية عالية وممكنة ‪ ،‬بينما قاؿ ‪%27,5‬‬
‫بأنيا متدنية ‪) 22 ( .‬‬
‫إال أنو في عاـ ‪ ، 2003‬بدأت تواجو االقتصاد األوروبي بعض الصعوبات مما أثر عمى تراجع قوة‬
‫اليورو الذي وصؿ إلى أدنى مستوى لو منذ أربعة أشير في مقابؿ الدوالر ‪ .‬حيث تسببت تراجع أرقاـ‬
‫النمو في فرنسا بنسبة ‪ % .،3‬خالؿ الربع الثاني مف العاـ‬
‫‪14‬‬
‫‪ ، 2003‬في ىذا التراجع‪ ،‬مما أدخؿ‬
‫اجمالي الناتج المحمي في منطقة اليورو في مرحمة الخطر ‪ .‬كما أف االقتصاد األلمافى ‪ ،‬الذي يعتبر‬
‫‪ . % .،1‬ويبدو أف‬
‫أكبر اقتصاد في منطقة اليورو ‪ ،‬تراجع ىو اآلخر خالؿ نفس الفترة إلى‬
‫االقتصاد األوروبي قد عانى مف االرتفاع الكبير في سعر صرؼ اليورو الذي ارتفع في الفترة‬
‫الماضية إلى ‪ %13‬مقابؿ الدوالر ‪ ،‬مما يدؿ عمى أف ارتفاع تحسف صرؼ اليورو عالميا ‪ ،‬قد اثر‬
‫بشكؿ سمبي عمى الصادرات األوروبية ‪)23 (.‬‬
‫ومف أجؿ إنعاش االقتصاد األوروبي ‪ ،‬فقد وافؽ زعماء االتحاد في مؤتمر القمة الذي عقدوه في‬
‫بروكسؿ في ‪ ، 2003/10/17‬عمى خطة الستثمار ‪ 200‬بميوف يورو ‪ ،‬لتطوير البنية التحتية التي‬
‫تربط بيف دوؿ االتحاد ‪ ،‬مف شرؽ بولندا حتى البرتغاؿ ‪)24( .‬‬
‫بى)ىإنذاءىقوةىردكروظىى‬
‫شيدت الدوائر األطمسية واألوروبية منذ بدء انييار االتحاد السوفيتي في عاـ ‪ 1989‬وانتياء الحرب‬
‫الباردة ‪ ،‬حوا ار ساخنا حوؿ مستقبؿ حمؼ الناتو وعالقتو مع المجموعة األوروبية ‪ .‬وتباينت المواقؼ‬
‫بيف الواليات المتحدة ‪ ،‬المؤيدة الستمرار قيادتيا لمحمؼ وتعظيـ دوره الدولي ‪ ،‬وبيف الموقؼ األوروبي‬
‫‪ ،‬المطالب بتقميص صالحياتو ‪ ،‬خاصة في القارة األوروبية ‪ ،‬وبناء قوة عسكرية أوروبية مستقمة ‪.‬‬
‫وأقر رؤساء الدوؿ األطمسية ‪ ،‬في مؤتمرىـ الذي عقدوه في بروكسؿ في‬
‫‪ ، 1994/1/11‬مشروع‬
‫المشاركة مف أجؿ السالـ الذي قدمو الرئيس األمريكي السابؽ كمينتوف ‪ .‬والذي كاف عبارة عف اعالف‬
‫مبادئ يحدد التزامات الدوؿ المشاركة فيو ‪ ،‬عمى قدـ المساواة ‪ ،‬وحؿ النزاعات بالطرؽ السممية ‪،‬‬
‫وسيطرة المجتمع المدني عمى المؤسسة العسكرية وشفافية موازنات الدفاع ‪ ،‬وتطوير القوات المسمحة‬
‫التي سيضعيا األعضاء تحت تصرؼ الييئة المنبثقة عف الحمؼ ‪ .‬وكاف اليدؼ مف ذلؾ ‪ ،‬إعطاء‬
‫الفرصة لمدوؿ األوروبية الشرقية إلقامة مزيد مف عالقات التعاوف مع الحمؼ األطمسي ‪ .‬إال اف دوؿ‬
‫االتحاد األوروبي لـ تكف مرتاحة لمموقؼ الذي تصر الواليات المتحدة عمى لعبو في الشؤوف‬
‫األوروبية ‪ .‬وكانت وجية النظر األوروبية ترى أنو ال داعي الستمرار الناتو بعد انييار حمؼ وارسو‬
‫وتفكؾ االتحاد السوفيتي ‪ .‬وليذا فقد أوصى المجمس األوروبي في اجتماعو‬
‫‪ ، 1999‬بتشكيؿ وتجييز قوة عسكرية مسمحة أوروبية لمتدخؿ السريع في عاـ‬
‫في ىمسنكي عاـ‬
‫‪ ، 2003‬تكوف‬
‫ميمتيا التدخؿ في األزمات الدولية واالقميمية ‪ .‬إال أف بريطانيا أصرت أف ال تتدخؿ تمؾ القوات‬
‫المزمع إنشائيا في األماكف التي تستطيع قوات حمؼ األطمسي ( الناتو ) أف تتدخؿ فييا ‪ ،‬وأف‬
‫تكمؿ ميمات قوات الحمؼ ‪ .‬بينما أرادت فرنسا وألمانيا أف تكوف القوة األوروبية مستقمة عف حمؼ‬
‫األطمسي ‪ .‬إال أف الجميع اتفؽ عمى أف تتكوف تمؾ القوات مف ‪ 60‬ألؼ عسكري ‪ ،‬موزعيف بالتساوي‬
‫‪15‬‬
‫عمى بريطانيا وفرنسا وألمانيا ‪ ،‬وىي ما أطمؽ عمييا القوة األوروبية ‪ ، Eurofor‬وعمى البدء بقياميا‬
‫عاـ ‪.2003‬‬
‫ويعتقد أف الدعوة إلنشاء تمؾ القوة قد جاءت ردا عمى األداء الضعيؼ لدوؿ االتحاد األوروبي‬
‫خالؿ أزمة كوسوفو ‪ ، 1999‬التي لـ تستطع فييا أوروبا انياء الصراع مف دوف االستعانة بالقوات‬
‫األمريكية ‪ .‬فقد أظيرت أحداث البوسنة واليرسؾ عجز االتحاد السياسي والعسكري عف حؿ الصراع‬
‫الدائر بالقرب منو ‪ ،‬بمعزؿ عف تدخؿ الواليات المتحدة ‪ ،‬التي حسـ تدخميا الصراع ‪.‬‬
‫وكاف الرئيس األمريكي جورج بوش االبف ‪ ،‬قد صرح بأنو يدعـ إنشاء القوة األوروبية‬
‫"‬
‫طالما أنو ال يقمؿ مف شأف حمؼ الناتو ‪ ،‬وطالما أف ىناؾ مصادر إضافية لمتأكد مف أف ذلؾ‬
‫البرنامج يكوف إضافة ذات قيمة لمناتو " ( ‪)25‬‬
‫وأزاؿ حمؼ الناتو ‪ ،‬في ‪ ، 2002/12/13‬عقبة أساسية كانت تعترض طريؽ سياسة الدفاع‬
‫األوروبية المشتركة ‪ ،‬بعد أف قرر السماح لالتحاد األوروبي االطالع عمى برامج الحمؼ التخطيطية‬
‫الستخداميا في ميمات عسكرية في المستقبؿ ‪ .‬ويستطيع االتحاد بذلؾ الوصوؿ إلى امكانات الحمؼ‬
‫الموجستية والتخطيطية واالستخبارية لالستفادة منيا في عممياتيا العسكرية كما في مقدونيا ‪.‬‬
‫وسيساعد عمى انشاء قوة الرد السريع لالتحاد األوروبي ‪ .‬وستكوف بمثابة الذراع المسمحة لالتحاد‬
‫لمقياـ بعمميات حفظ السالـ وميمات انسانية ‪ .‬ومف المتوقع عند تنفيذ االتفاؽ أف تحؿ القوة األوروبية‬
‫محؿ قوة السالـ التابعة لمناتو والمنتشرة منذ سبتمبر‪/‬أيموؿ ‪ 2001‬في مقدونيا‪ .‬وأف تحؿ كذلؾ مكاف‬
‫القوة العسكرية لمحمؼ الموجودة في البوسنة واليرسؾ ‪ .‬ومف المتوقع أف تبدأ قوة التدخؿ السريع‬
‫األوروبية في العمؿ نياية عاـ ‪ ،2003‬إذا وافؽ الناتو عمى ذلؾ ‪.‬‬
‫وحدد الممثؿ األعمى لمسياسة الخارجية في االتحاد األوروبي خافييرسوالنا ثالثة أىداؼ‬
‫لالتحاد في مجاؿ األمف ‪ ،‬في مقالة لو نشرىا في صحيفة لوموند الفرنسية بعنواف ( االتحاد األوروبي‬
‫‪ :‬دعامة لعمـ جديد ) أف اليدؼ األوؿ يقضي ببسط " المنطقة األمنية حوؿ أوروبا وانشاء دائرة مف‬
‫االدارة الصالحة عمى حدودىا الشرقية الممتدة مف البمقاف إلى القوقاز وعمى طوؿ حوض المتوسط "‬
‫واليدؼ الثاني " أف يكوف األوروبيوف " جاىزيف لمتحرؾ كما يقتضي حيف تنتيؾ مبادئ ميثاؽ األمـ‬
‫المتحدة ‪ ،‬وبشكؿ خاص عبر تعزيز التحرؾ المتعدد األطراؼ " ‪ .‬واليدؼ الثالث ‪ ،‬يقضي " مواجية‬
‫التيديدات بردود فاعمة ‪ ،‬عبر تطوير سياسة منيجية مف االلتزاـ الوقائي في مقدونيا أو البوسنة أو‬
‫جنوب القوقاز " ‪)26 ( .‬‬
‫‪16‬‬
‫واتفقت القمة األوروبية ‪ ،‬في اختتاـ أعماليا األخير‪ ،‬الذي انعقد في بروكسؿ في‬
‫‪ ، 2003/10/17‬عمى حؿ وسط بخصوص العالقة بيف االتحاد وحمؼ الناتو ‪ ،‬فقد وافؽ الزعماء‬
‫األوروبييف عمى ضرورة تزويد االتحاد بقدرات دفاعية جديدة ‪ ،‬لكف مف دوف أف يسيـ ذلؾ في‬
‫منافسة دور حمؼ الناتو ‪ .‬واعترؼ رئيس الوزراء االيطالي سيمفو بيرلسكوني ‪ ،‬الذي ترأس بالده‬
‫القمة أف الدوؿ األعضاء اؿ ‪ 25‬المشاركة فييا ‪ ،‬أقرت عمى أف تكوف السياسة الدفاعية األوروبية ‪،‬‬
‫مكممة وليست بديال لمحمؼ " ‪)27 ( .‬‬
‫كما ناقشت القمة ‪ ،‬قضية تثير حفيظة الواليات المتحدة‪ ،‬وتتعمؽ برغبة بعض الدوؿ األوروبية‬
‫(‬
‫فرنسا وألمانيا وبمجيكا ولوكسمبورغ ) إقامة ىيئة أركاف أوروبية تكوف مستقمة عف تمؾ التابعة لحمؼ‬
‫الناتو ‪ .‬وعارضت بريطانيا ىذا التوجو ‪ ،‬بينما حاوؿ رئيس فرنسا جاؾ شيراؾ ‪ ،‬طمأنة الواليات‬
‫المتحدة بأف المبادرة األوروبية ال تيدؼ سوى إلى تطوير ىياكؿ التعاوف العسكري بيف دوؿ االتحاد ‪.‬‬
‫وليذا فإف إعالف رئيس الوزراء اإليطالي ‪ ،‬أف تكوف سياسة االتحاد الدفاعية مكممة وليست بديال‬
‫يصب في ىذا االتجاه ‪.‬‬
‫وفي حاؿ نجاح االتحاد في تشكيؿ القوة العسكرية األوروبية المستقمة عف الناتو ‪ ،‬فإف ذلؾ سوؼ‬
‫يدعـ مف قوة االتحاد عمى صعيد سياستو الخارجية ‪.‬‬
‫ى‬
‫المبحثىالرابعى‪:‬ىالتحدواتىالتيىتواجهىاالتحادىاألوروبيىىىى‬
‫يالحظ أف أوروبا قد قطعت مرحمة ميمة في تحقيؽ الوحدة بيف دوليا الرئيسية ‪ ،‬وأنيا تمتمؾ‬
‫مكونات القدرات الذاتية والدولية لبناء قوتيا المستقمة والمؤثرة في النظاـ العالمي ‪ .‬وأف القوة األوروبية‬
‫التي عالجناىا في الصفحات السابقة ‪ ،‬مف الممكف أف تستمر وتزداد ‪ .‬إال أنيا مع ذلؾ ‪ ،‬ما زالت‬
‫تعاني مف بعض التحديات التي تواجييا اآلف ‪ ،‬ومف الممكف أف تستمر في‬
‫المستقبؿ ‪ ،‬وتعيؽ تطورىا وتحد مف انطالقتيا نحو آفاؽ أوسع وأقوى ‪ ،‬ومف ىذه التحديات‪:‬‬
‫‪ .1‬ايجاد حموؿ لمخالفات الموجودة بيف األعضاء اؿ ‪ 15‬مف بعض القضايا التي تواجو االتحاد‬
‫‪ ،‬كالخالفات بيف ألمانيا وفرنسا مف جية مع بريطانيا وىولندا حوؿ االنفاؽ الزراعي عمى‬
‫اساس أف اتفاقية السياسة الزراعية المشتركة منذ عاـ‬
‫‪ ،1999‬تدعو إلى صرؼ نصؼ‬
‫ميزانية االتحاد البالغة ‪ 100‬بميوف يورو كمساعدات زراعية ‪ ،‬مما يزعج فرنسا وألمانيا ‪.‬‬
‫‪17‬‬
‫والخالؼ القائـ بيف بعض األعضاء في كيفية دعـ الدوؿ الجديدة مف دوف أف تتأثر الدوؿ‬
‫األصمية ‪ ،‬خاصة أف الدوؿ العشر الجديدة سوؼ تحصؿ عمى تمويؿ كامؿ مف االتحاد مع‬
‫حموؿ عاـ ‪ . 2007‬وىناؾ ‪ % 10‬إضافة سنويا حتى عاـ‬
‫‪ 2013‬لكي تصؿ الدوؿ‬
‫الجديدة المنضمة لالتحاد إلى نفس مستوى الوصوؿ إلى مستوى بقية الدوؿ ‪ .‬والمشكمة التي‬
‫أثارتيا فرنسا في اجتماعات بروكسؿ التي انعقدت في‬
‫‪ 24‬و ‪ 25‬اكتوبر ‪ /‬تشريف أوؿ‬
‫‪ ، 2002‬مع بريطانيا بسبب طمب األولى بالبحث في تعديؿ االمتياز الذي كانت بريطانيا‬
‫قد حصمت عميو عاـ ‪ 1984‬والذي يقضي بحصوليا عمى تخفيض في مساىمتيا في‬
‫ميزانية االتحاد ‪ .‬وكانت مارغريت تاتشر رئيسة الحكومة البريطانية في ذلؾ الوقت قد‬
‫طالبت مف االتحاد األوروبي بتعويضيا عما يتـ انفاقو مف الميزانية عمى السياسة الزراعية‬
‫الموحدة والذي ال تستفيد منو بريطانيا ‪ .‬وليذا فقد طالبت فرنسا بإعادة البحث في الموضوع‬
‫‪ .‬إال أف بريطانيا رفضت بحثو قبؿ عاـ ‪ . 2006‬وطالبت فرنسا مف رئاسة االتحاد وىي‬
‫الدانمارؾ ( في ذلؾ الوقت ) بوضع القضية عمى جدوؿ أعماؿ قمة بروكسؿ ‪ .‬عمى أساس‬
‫أنو لـ يعد ىناؾ مبرر في استثناء بريطانيا مف المشاركة في ميزانية االتحاد مثميا مثؿ بقية‬
‫الدوؿ ‪.‬‬
‫‪ .2‬مشكمة دستورية في كيفية انتخاب رئيس االتحاد ‪ ،‬وىؿ يتـ انتخابو في كؿ دولة مباشرة‬
‫مف المواطنيف ‪ ،‬أو عف طريؽ المجالس التشريعية المنتخبة في دوؿ االتحاد ‪ ،‬أـ مف خالؿ‬
‫البرلماف األوروبي ؟ ‪ .‬وكذلؾ ىؿ يتـ انتخاب وزير الخارجية ووزير الدفاع مع رئيس‬
‫االتحاد لكي يكوف ألوروبا الموحدة سياسة خارجية ودفاعية واحدة ؟ أـ يتـ تعيينيـ بترشيح‬
‫مف دوليـ ؟ ولـ تحسـ ىذه القضية بعد مف قبؿ قادة االتحاد ‪ ،‬الذيف ناقشوا مسودة الدستور‬
‫الذي وضعتو لجنة برئاسة فاليري جيسكار ديستاف ‪ .‬وأعمف الرئيس الفرنسي األسبؽ ‪،‬‬
‫جيسكار ديستاف ‪ ،‬عمى ضرورة تقوية االتحاد وانشاء آليات جديدة داخؿ االتحاد ‪ ،‬عمى‬
‫أساس أف آليات المؤسسات التي كانت تعمؿ في االتحاد عندما كاف عددىا‬
‫يختمؼ عنيا عندما تعمؿ وعددىا ‪ 25‬دولة‪.‬‬
‫‪ 15‬دولة‬
‫‪ .3‬تخوؼ الدوؿ الصغرى في االتحاد ‪ ،‬كفنمندا ودوؿ البنموكس (بمجيكا ولوكسمبورغ وىولندا)‬
‫مف أنيا ستفقد مكانتيا داخؿ االتحاد عند دخوؿ دوؿ جديدة ‪ ،‬ألنيا سوؼ تحصؿ عمى‬
‫نصيب األسد مف دعـ االتحاد ‪ .‬وسوؼ يؤثر ذلؾ عمى مصير شعوب االتحاد التي تتمتع‬
‫اآلف بحياة مريحة ‪ ،‬بعد دخوؿ دوؿ جديدة مف أوروبا لشرقية الفقيرة لالتحاد ‪ .‬وكذلؾ‬
‫‪18‬‬
‫خالفات بيف الدوؿ الصغيرة والدوؿ الكبيرة عمى قضية السيادة الوطنية والنفوذ الدولي ‪.‬‬
‫فترى ىولندا أف تحركاتيا الدولية تقمصت ‪ ،‬بعد اتفاقية ماسترخت التي دعت إلى ايجاد‬
‫سياسة أوروبية خارجية موحدة ‪ .‬وأف ىناؾ تفاوت في التزاـ الدوؿ األوروبية في االتحاد في‬
‫السياسة الخارجية الموحدة ‪ .‬فالدوؿ الصغيرة أكثر التزاما بسياسة أوروبا الموحدة مف الدوؿ‬
‫الكبرى التي ال زالت تممؾ ىامشا أكبر مف االلتزاـ أو عدمو بسياسات االتحاد ‪ .‬وما زالت‬
‫بريطانيا بالذات تتخذ مواقؼ مستقمة عف سياسات االتحاد ‪ ،‬كموقفيا مف العراؽ واالرىاب‬
‫ومف تطوير قوة الدفاع األوروبية المشتركة واالستقالؿ عف حمؼ الناتو ‪.‬‬
‫‪ .4‬مف التحديات الميمة األخرى التي تواجو االتحاد األوروبي ‪ ،‬قضية اختالؼ الثقافات في‬
‫أوروبا ‪ .‬وقاؿ جاف مونيو الذي يعتبر أحد ميندسي بناء االتحاد األوروبي " لو أتيحت لي‬
‫‪)28‬‬
‫فرصة بناء أوروبا مف جديد لكنت قد ركزت عمى الثقافة وليس االقتصاد "‪( .‬‬
‫ووجود ‪ 15‬مميوف مسمـ ذو ثقافة غريبة عف الثقافة األوروبية السائدة في أوروبا أمر‬
‫يقمؽ بعض األطراؼ في االتحاد ‪ .‬ومف المحتمؿ أف يرتفع العدد إذا دخمت تركيا‬
‫بماليينيا السبعيف ويزداد بذلؾ التناقض الثقافي ‪.‬‬
‫ولحؿ ىذه المعضمة ‪ ،‬فقد صرؼ االتحاد‬
‫‪ 500‬مميوف يورو عمى السياسة الثقافية في‬
‫أوروبا‪ ،‬مف أجؿ تقريب الثقافات األوروبية المختمفة داخؿ االتحاد ‪ .‬عمى أساس وجود‬
‫ثقافة‬
‫الموزاييؾ في أوروبا بيف الثقافات المختمفة ‪ ،‬كالثقافة الفرنسية واأللمانية وااليطالية‬
‫واالنجميزية والثقافات األخرى ‪ ،‬حيث توجد ‪ 15‬لغة مستعممة بيف شعوب دوؿ االتحاد ‪.‬‬
‫وفي‬
‫استطالع لمرأي العاـ وافؽ ‪ %38‬فقط مف الذيف شمميـ االستطالع مف مواطني دوؿ االتحاد ‪،‬‬
‫بوجود ثقافة أوروبية موحدة في أوروبا ‪.‬‬
‫وليذا فقد ركز اليميف األوروبي خالؿ االنتخابات البرلمانية في الدوؿ األوروبية ‪ ،‬عمى‬
‫التناقض بيف الثقافة الغربية األوروبية والثقافة االسالمية ‪ ،‬وطالب بطرد المياجريف العرب‬
‫والمسمميف مف أوروبا ‪.‬‬
‫‪ .5‬مشكمة الخالفات التاريخية بيف دوؿ االتحاد ‪ ،‬خاصة بيف ألمانيا وفرنسا وبريطانيا ‪ .‬ويقوؿ‬
‫وزير خارجية ألمانيا يوشكا فيشر ‪ ،‬في ىذا المجاؿ " اف القوانيف العدوانية لسياسة القوة في‬
‫أوروبا قد ألغيت ‪ .‬وحدث ما ىو أعجب مف الجغرافيا السياسية ‪ ،‬حيث جمس األسد‬
‫األلماني عمى العشب إلى جانب الحمؿ الفرنسي " ( ‪ )29‬ولكف مف الصعب القضاء عمى‬
‫‪19‬‬
‫الخالفات التاريخية بيف دوؿ االتحاد وشعوبيا والتي أدت إلى حرب المائة سنة والحربيف‬
‫العالمية األولى والثانية ‪.‬‬
‫‪ .6‬االختالؼ في مواقؼ كؿ دولة مف االتحاد ‪ ،‬فألمانيا تريد توسعة االتحاد وتحويمو إلى‬
‫فدرالية بعد انضماـ دوؿ أوروبا الشرقية ليصبح كاالتحاد الفدرالي األمريكي ‪ .‬وفرنسا مف‬
‫المتحمسيف لالتحاد‪ ،‬بعكس بريطانيا الحذرة مف االندماج والتي ما زالت مترددة في تطبيؽ‬
‫استعماؿ عممة اليورو بدال مف الجنيو االسترليني في أراضييا ‪ .‬ومع أف رئيس الوزراء‬
‫البريطاني طوني بمير ‪ ،‬دعا إلى قياـ أوروبا القوية‬
‫( ‪ )Superpower‬وليس دوؿ قوية‬
‫) ‪ (Super state‬داخؿ االتحاد ‪ ،‬وقاؿ أف مستقبؿ بالده سيكوف مف داخؿ أوروبا ‪ ،‬إال‬
‫أنو طالب بإجراء اصالحات داخؿ االتحاد ‪ ،‬وانياء العداء ضد الواليات المتحدة الموجود‬
‫في االتحاد ‪)30( .‬‬
‫ويتنازع الموقؼ البريطاني تياراف ‪ ،‬تيار يقوده حزب العماؿ يريد تقويو وجوده في االتحاد‪ ،‬وتيار‬
‫آخر يقوده حزب المحافظيف يريد المحافظة عمى السيادة الوطنية البريطانية داخؿ االتحاد‪ .‬وأ‬
‫اسبانيا ‪ ،‬فيي المستفيدة مف ميزانية االتحاد الداعـ القتصاد الدوؿ األوروبية ‪ ،‬فيي تؤيد االندماج‬
‫ما‬
‫ولكنيا غير متحمسة لتوسيع العضوية حتى ال تشاركيا دوؿ أخرى في الدعـ الذي تحصؿ عميو ‪.‬‬
‫وىناؾ مف يقترح لحؿ ىذه المشكمة ‪ ،‬تكويف دوائر مركزية مف الدوؿ الراغبة في االندماج‬
‫والوحدة ‪ ،‬كدائرة أولى مركزية مف الدوؿ المؤيدة لالتحاد أكثر مف الدوؿ األخرى ( ألمانيا وفرنسا) ‪،‬‬
‫تحيط بيا دوائر أخرى متدرجة في تأييدىا لالتحاد ( بريطانيا )‪ .‬ومع الوقت تستطيع الدوؿ البعيدة‬
‫عف المركز أف تزيد مف ارتباطيا بالمركز ‪.‬‬
‫‪ .7‬مشكمة النمو السكاني في االتحاد ‪ ،‬بسبب ارتفاع نسبة الشيخوخة في أوروبا وانخفاض‬
‫معدؿ النمو السكاني ‪ .‬ففي فرنسا ىناؾ عشرة مالييف فرنسي مف تجاوزوا سف السبعيف‬
‫سنة‪ ،‬وسيرتفع عددىـ عاـ ‪ 2020‬ليصؿ إلى ‪ 15‬مميوف ‪ .‬كما يتوقع بعض المراقبيف تراجع‬
‫عدد سكاف دوؿ االتحاد خالؿ العشريف سنة القادمة ‪ .‬ففي ألمانيا سيتراجع عدد األلماف مف‬
‫‪ 83‬مميوف حاليا إلى ‪ 60‬مميوف عاـ ‪ . 2020‬واذا لـ تزيد عدد سكانيا بنصؼ مميوف‬
‫مياجر مف الشباب إلييا ‪ ،‬أو مف المواليد خالؿ ‪ 30‬سنة القادمة ‪ ،‬فإف عدد سكانيا سوؼ‬
‫ينخفض ‪ ،‬إلى ‪ 70‬مميوف في أواسط القرف الحالي بدال مف أف يزداد ‪.‬‬
‫‪20‬‬
‫وسينخفض عدد‬
‫سكاف أوروبا بمقدار ‪ 40‬ػ ‪ 50‬مميوف نسمة خالؿ خمسيف سنة القادمة‪ .‬وحسب تقرير‬
‫صادر عف مركز الدراسات الدولية واالستراتيجية في واشنطف ‪ ،‬فإف أوروبا باستثناء بريطانيا‬
‫‪ ،‬غير جاىزة لمتعامؿ مع المشكمة العمرية ‪ ،‬وستكوف فرنسا واسبانيا وايطاليا‪،‬مف أكثر الدوؿ‬
‫األوروبية الميددة أكثر مف غيرىا بيذه المشكمة ‪)31 ( .‬‬
‫واذا كاف عدد سكاف االتحاد اآلف ‪ 500‬مميوف ( بعد انضماـ الدوؿ العشرة ) فسوؼ يتناقص ليصؿ‬
‫إلى ‪ 450‬مميوف بعد خمسيف سنة ‪ ،‬بعكس ما ىو مفروض مف زيادة طبيعية في عدد السكاف ‪ .‬ومف‬
‫المعروؼ أف عدد سكاف فرنسا في مطمع القرف العشريف ( ‪ ) 1900‬كاف ثالثة أضعاؼ عدد سكاف‬
‫المكسيؾ ‪ ،‬وألمانيا ثالثة اضعاؼ عدد سكاف الب ارزيؿ ‪ ،‬أما في مطمع القرف الحادي والعشريف ‪ ،‬فقد‬
‫أصبح عدد سكاف المكسيؾ أكبر مف عدد سكاف ألمانيا وفرنسا ‪ ،‬وسكاف الب ارزيؿ أكبر مف عدد‬
‫سكاف ألمانيا وفرنسا وبمجيكا والنمسا والسويد مجتمعة ‪.‬‬
‫وبالمقارنة مع دوؿ العالـ ‪ ،‬فإف ‪ %25‬مف سكاف العالـ كانوا يعيشوف في القارة األوروبية‬
‫قبؿ مائة عاـ ‪ ،‬وانخفضت النسبة لتصؿ اآلف إلى ‪ 12‬فقط ‪ ،‬ومف المتوقع إذا استمر انخفاض‬
‫معدؿ السكاف في اوروبا أف تصؿ النسبة في عاـ ‪ 2050‬إلى ‪ %7‬فقط ‪.‬‬
‫‪ . 8‬تؤثر مشكمة الخالفات في السياسة الخارجية لالتحاد ‪ ،‬عمى االتحاد ‪ ،‬فيناؾ خالؼ في‬
‫المواقؼ األوروبي مف الصراع في الشرؽ األوسط ‪ ،‬ومف الحرب ضد العراؽ ومف‬
‫(االرىاب) ‪ .‬حيث أف بريطانيا تؤيد الواليات المتحدة ‪ ،‬بينما فرنسا وألمانيا تنتقد الموقؼ‬
‫األمريكي ‪ .‬والخالفات في مواقؼ االتحاد في السياسة الخارجية تتناقض مع ما تـ االتفاؽ عميو‬
‫في معاىدة ماستريخت ‪ ،‬بضرورة التنسيؽ في السياسة الخارجية لالتحاد ‪ .‬ويقوؿ أستاذ العموـ‬
‫السياسية نيكوؿ نيبتو " إف عممية اقتصار البناء األوروبي عمى النواحي االقتصادية فقط ‪ ،‬قد‬
‫تالزـ مع التبعية لمواليات المتحدة ولحمؼ الناتو " ( ‪)32‬‬
‫وشبو وزير ثقافة اسبانيا السابؽ جردي سولي تورا‪ ،‬السياسة الدولية لالتحاد بأنيا تشبو " كرة بندولية‬
‫معمقة في خيوط عدة وتتحرؾ يمينا ويسا ار تحت تأثير مدى قوة كؿ خيط ‪ ،‬وىي في النياية إما‬
‫خيوط تجذبيا بعض الدوؿ القوية مثؿ ألمانيا وبريطانيا وفرنسا التي استعادت قوتيا داخؿ القارة‬
‫األوروبية عمى حساب الدوؿ األخرى األصغر واألقؿ تأثي ار ‪ .‬وىذا انعكس بالتالي عمى السمطات التي‬
‫يتمتع بيا المجمس األوروبي ورئيسو االيطالي الجنسية روماني برودي وممثمو لشؤوف األمف والسياسة‬
‫الخارجية خافير سوالنا ‪ ،‬أو خيوط خارجية تمسؾ بيا قوى تستغؿ غياب سياسة اوروبية موحدة "‪.‬‬
‫ودعت ألمانيا عمى لساف مستشارىا شرويدر ‪ ،‬دوؿ االتحاد إلى توحيد السياسة الخارجية واألمنية‬
‫‪21‬‬
‫لالتحاد " والى ضرورة تجاوز المصالح الفردية لدوؿ االتحاد لمواجية المخاطر التي تيدد أوروبا‪،‬‬
‫ألنو إذا أرادت أف ال ييمش دورىا عمى الساحة الدولية ‪ ،‬فيجب أف تتجاوز الدوؿ مصالحيا الوطنية‬
‫" (‪) 33‬‬
‫ويالحظ أف انتقادات المسؤوليف األلماف وعمى رأسيـ المستشار شرويدر ‪ ،‬لمسياسة األمريكية ‪،‬‬
‫تعتبر إشارة موجية لمقادة األوروبييف يدعوىـ فييا لمتميز عف السياسة األمريكية ‪ .‬ويقوؿ النائب‬
‫األلماني االشتراكي الديمقراطي في البرلماف األوروبي بانيس ساكيالريو ‪ ،‬اف واشنطف عندما تتصرؼ‬
‫بيذا الشكؿ " تساعدنا عمى التوحد ‪ ،‬ألف االدعاء أننا نشارؾ الواليات المتحدة القيـ نفسيا ىو كذبة‬
‫كبيرة " ‪ .‬ويقدـ النائب أمثمة عمى ىذه الخالفات ‪ ،‬كاالستخفاؼ بالقانوف الدولي وما يحدث في‬
‫القاعدة العسكرية في غواتانامو ‪ ،‬واعتماد عقوبة االعداـ التي ألغتيا جميع دوؿ االتحاد " وال يمكف‬
‫القوؿ بكؿ بساطة أننا نشاركيا الحضارة نفسيا لمجرد أف لدينا نحف أيضا نظاـ انتخابات ‪ ،‬ففي‬
‫طيراف أيضا تجري فييا انتخابات "( ‪)34‬‬
‫‪ .9‬ومف المشاكؿ الميمة التي تواجو االتحاد دخوؿ دوؿ أوروبا الشرقية ( بولندا والمجر والتشيؾ)‬
‫لعضوية االتحاد ‪ ،‬وىي الدوؿ التي أطمقت عمييا الواليات المتحدة صفة أوروبا الجديدة‪ ،‬بينما الدوؿ‬
‫األخرى وخاصة فرنسا وألمانيا بأوروبا القديمة ‪ .‬ومف المعروؼ أف تمؾ الدوؿ كانت خاضعة لمنظاـ‬
‫الشيوعي ‪ ،‬وأصبحت تعتنؽ اآلف القيـ األمريكية وتؤيد السياسة األمريكية ‪ ،‬مما جعؿ بعض المراقبيف‬
‫في فرنسا يتيـ تمؾ الدوؿ وعمى رأسيا بولندا ‪ ،‬بأنيا بمثابة حصاف طروادة ألمريكا داخؿ االتحاد‬
‫األوروبي ‪ .‬وانتقد الرئيس الفرنسي بشكؿ قاسي سياسة بولندا الخارجية المؤيدة لمواليات المتحدة في‬
‫حربيا عمى العراؽ ‪ .‬مما يعطي االنطباع ‪ ،‬اف دوؿ أوروبا الشرقية تريد االستفادة مف الدعـ‬
‫االقتصادي األمريكي ‪ ،‬وفي الوقت نفسو تريد الحصوؿ عمى االستثمارات األوروبية فييا ‪ ،‬التي‬
‫بمغت في العشر السنوات الماضية مائة مميار دوالر ‪)35 (.‬‬
‫ومف التحديات الميمة األخرى التي سوؼ تؤثر عمى مستقبؿ القوة األوروبية ‪ ،‬قضية دخوؿ تركيا‬
‫لالتحاد ‪ ،‬وقضية العالقة مع الواليات المتحدة ‪.‬‬
‫قضية دخول تركيا لالتحاد األوروبي ‪:‬‬
‫حاولت تركيا االنضماـ إلى االتحاد منذ عاـ‬
‫‪ 1987‬ولـ تنجح ‪ ،‬مما جعؿ انضماميا مف‬
‫المشاكؿ التي تواجو االتحاد األوروبي ‪ ،‬بسبب عدـ اتفاؽ األعضاء عمى ذلؾ ‪ .‬ولوحظ وجود تيار‬
‫قوي في االتحاد يقوده رئيس فرنسا السابؽ فاليري جيسكار ديستاف ‪ ،‬يرفض دخوؿ تركيا لالتحاد ‪،‬‬
‫وقاؿ في مقابمة صحفية نشرت في جريدة الموند الفرنسية الواسعة االنتشار ‪ " ،‬اف تركيا ليست بمدا‬
‫‪22‬‬
‫أوروبيا ‪ ،‬انيا دولة قريبة مف اوروبا ‪ ،‬دولة ميمة وفييا نخبة أصيمة ‪ ،‬لكنيا ليست أوروبية ‪.‬‬
‫فعاصمتيا ليست في أوروبا ‪ ،‬و ‪ %95‬مف سكانيا يعيشوف خارج أوروبا ‪ .‬وبمجرد بدء المفاوضات‬
‫معيا ‪ ،‬سيطالب المغرب باالنضماـ لالتحاد ‪ ،‬وىذا في رأي يعني نياية االتحاد األوروبي "( ‪)36‬‬
‫وىناؾ شعور معاد لتركيا منذ القرف السادس عشر ‪ ،‬عند بدء الفتوحات العثمانية لدوؿ أوروبا‬
‫الشرقية‪ .‬وليذا فإف شعور المعاداة ضد تركيا واالسالـ موجود في شرؽ أوروبا أكثر مما ىو موجود‬
‫في غربيا ‪ .‬وىذا األمر ينعكس عمى موقؼ بعض الدوؿ األوروبية التي تعارض دخوؿ تركيا‪ ،‬ألنيا‬
‫ال تريد أف يزداد عدد المسمميف المنتميف لالتحاد بدخوؿ تركيا المسممة ‪ .‬وتخشى كذلؾ أف تصؿ‬
‫حدود أوروبا إلى مناطؽ غير مستقرة في الشرؽ األوسط مما يزيد في تورط أوروبا بمشاكؿ المنطقة‪.‬‬
‫وفي المقابؿ فإف تركيا تريد الدخوؿ إلى االتحاد لالعتبارات التالية ‪:‬‬
‫‪ )1‬ألف االستقرار في تركيا سيتأثر بالموقؼ األوروبي مف دخوؿ تركيا لالتحاد ‪ ،‬كما ستتأثر‬
‫مسيرة االصالح الداخمي في تركيا ‪.‬‬
‫‪ )2‬ألف زعزعة االستقرار في تركيا قد يؤثر عمى العالقات التركية ػ اليونانية التي تحسنت في‬
‫الفترة األخيرة ‪.‬‬
‫‪ )3‬وفي حاؿ رفض االتحاد دخوؿ تركيا ‪ ،‬لف تستطيع تركيا أف تمعب دور الجسر بيف االسالـ‬
‫والغرب ‪.‬‬
‫‪ )4‬ىناؾ ارتباط ميـ بيف عالقات تركيا مع االتحاد األوروبي بموضوع حؿ المشكمة القبرصية ‪،‬‬
‫ألنو مف دوف أف تحصؿ تركيا عمى جدوؿ زمني ػ عمى األقؿ ػ لدخوليا لالتحاد ‪ ،‬فإنو مف‬
‫الصعب إقناع القبارصة األتراؾ قبوؿ مشروع التسوية الذي قدمتو األمـ المتحدة لحؿ الصراع‬
‫في الجزيرة بيف القبارصة اليونانييف والقبارصة األتراؾ ‪)37 (.‬‬
‫وكانت الواليات المتحدة قد تدخمت خالؿ انعقاد مؤتمر قمة االتحاد في كوبنياجف ‪ ،‬الذي انعقد‬
‫في ‪ ، 2002 /12/12‬لمضغط عمى المؤتمر إلدخاؿ تركيا لعضوية االتحاد‬
‫‪ .‬وصرح الرئيس‬
‫األمريكي جورج بوش ‪ ،‬خالؿ لقاءه برئيس حزب العدالة والتنمية التركي رجب طيب أردوغاف في‬
‫واشنطف‪ ،‬بأنو سيطمب مف االتحاد األوروبي الموافقة عمى دخوؿ تركيا لالتحاد ‪ .‬كما دعا وزير‬
‫الخارجية األمريكي كولف باوؿ القمة األوروبية ‪ ،‬إلى البدء بمفاوضات مع تركيا النضماميا لالتحاد ‪.‬‬
‫وأثار ىذا التدخؿ ‪ ،‬النقد الشديد ضد الواليات المتحدة مف قبؿ بعض الدوؿ األوروبية في االتحاد‪.‬‬
‫فقد انتقدت فرنسا ىذا التدخؿ عمى لساف وزيرة الصناعة نيكوؿ فونتيف ‪ ،‬التي قالت " ليس عمى‬
‫‪23‬‬
‫الرئيس األميركي أف يتدخؿ في القرار األوروبي ‪ ،‬وليس مف صالحياتو التدخؿ في القرار األوروبي‬
‫"(‪)38‬‬
‫ووافؽ االتحاد في نياية مؤتمر كوبنياجف ‪ ،‬عمى البدء في عاـ ‪ 2005‬التفاوض مع تركيا مف أجؿ‬
‫دخوليا لالتحاد ‪ .‬ولكف المشكمة بالنسبة لتركيا أنو في ذلؾ العاـ‪ ،‬سيكوف عدد دوؿ االتحاد ‪ 25‬دولة‬
‫وليس ‪ 15‬كما ىو حاليا ‪ ،‬مما سيعيؽ دخوليا مف جديد ‪ .‬خاصة أف بعض دوؿ االتحاد الجديدة‪،‬‬
‫كبولندا ‪ ،‬بدأت تشتكي مف اآلف مف أنو ال يوجد ما يكفي مف األمواؿ لدعـ الدوؿ الجديدة التي‬
‫ستدخؿ لالتحاد ‪ ،‬مما يجعؿ مف الصعب عمى تركيا االنخراط في عضوية االتحاد ‪.‬‬
‫العالقة بين االتحاد األوروبي والواليات المتحدة‬
‫كانت الواليات المتحدة ‪ ،‬متحمسة إلقامة أوروبا الموحدة اقتصاديا ‪ ،‬بعد الحرب العالمية الثانية‪ ،‬لكي‬
‫تقؼ كقوة حميفة ليا أماـ االتحاد السوفيتي ‪ ،‬ويسيؿ تقديـ الدعـ ليا حسب مشروع مارشاؿ ‪ .‬واعمف‬
‫وزير الخارجية األمريكية جوف فوستر داالس ‪ ، John Foster Dulles‬صراحة أماـ لجنة الشؤوف‬
‫الخارجية في مجمس الشيوخ في شير تشريف الثاني ‪ /‬نوفمبر‬
‫‪ . 1947‬وقاؿ " ما ىو سيئ بشكؿ‬
‫أساسي ىو انقساـ اوروبا الغربية إلى وحدات اقتصادية عديدة " ( ‪)39‬‬
‫إال أف الخالؼ في وجيات النظر بيف االتحاد األوروبي والواليات المتحدة ‪ ،‬بعد انييار االتحاد‬
‫السوفيتي ‪ ،‬أصبح مف أكثر األمور تعقيدا وحساسية بيف الطرفيف ‪ .‬فقد زاد الشعور لدى بعض دوؿ‬
‫االتحاد ‪ ،‬أنيا لـ تعد بحاجة لمساعدة الواليات المتحدة في وجو الخطر السوفيتي ‪ ،‬وأف أوروبا‬
‫تستطيع أف تعتمد عمى نفسيا مف أي خطر قد تتعرض لو مف دوف الحاجة لمدعـ األمريكي‪ .‬كما‬
‫أدى توحيد المانيا إلى زيادة ايمانيا بدورىا التاريخي في توحيد أوروبا ‪ .‬ورأت أوروبا أف التحالؼ‬
‫الذي كاف موجودا بيف الواليات المتحدة والمجموعة األوروبية خالؿ الحرب الباردة في اطار حمؼ‬
‫الناتو ‪ ،‬قد فقد الكثير مف وظيفتو ‪ ،‬ألف الخطر السوفيتى قد زاؿ ‪ ،‬ووجدت دوؿ االتحاد أنيا لـ تعد‬
‫بحاجة إلى مظمة الدفاع األميركية التي كانت قائمة مف قبؿ ‪)40 (.‬‬
‫وليذا فقد زاد الخطاب السياسي األوروبي مف ليجتو المنتقدة لمسياسة األمريكية ودعوتو لتقوية‬
‫االتحاد بعيدا عف الواليات المتحدة ‪ .‬وفي الواقع فإف العداء بينيـ قديـ منذ أف ىاجر المياجروف مف‬
‫أوروبا متجييف إلى القارة األمريكية ‪ ،‬عمى أساس أف الواليات المتحدة كانت تمثؿ مستقبؿ العالـ‬
‫وأوروبا الماضي ‪ .‬وخالؿ الحرب العالمية األولى والثانية وجد األمريكاف أنفسيـ مجبريف عمى حؿ‬
‫الخالفات بيف الدوؿ األوروبية وأنيـ ينغمسوف في حؿ مشاكؿ القارة األوروبية ‪ .‬وبدأ التدخؿ المباشر‬
‫مف خالؿ وضع خطة النعاش االقتصاد األوروبي ( خطة مارشاؿ ) بعد انتياء الحرب العالمية‬
‫‪24‬‬
‫الثانية‪ .‬وكانت الواليات المتحدة تتوقع مف أوروبا أف ترد ليا الجميؿ الذي قدمتو ليا ‪ .‬ولكف اوروبا‬
‫بدال مف ذلؾ‪ ،‬بدأت تبحث عف إقامة تعاوف مشترؾ فيما بينيا بمعزؿ عف واشنطف ‪ .‬وخشيت‬
‫الواليات المتحدة مف أف يكوف اندماج الدوؿ األوروبية عمى حساب مصالحيا‪ ،‬مما جعميا تدعو‬
‫إلنشاء حمؼ عسكري أمريكي ػ أوروبي مشترؾ يكوف تحت قيادتيا ‪ ،‬مف أجؿ حماية أوروبا مف‬
‫الخطر السوفيتي الشيوعي ‪ ،‬كما فعمت عندما دخمت الحرب العالمية الثانية لمدفاع عف أوروبا أماـ‬
‫ألمانيا النازية ‪.‬‬
‫وليذا صاحب الصراع عمى المصالح بيف االتحاد األوروبي والواليات المتحدة ‪ ،‬فكرة إقامة السوؽ‬
‫األوروبية المشتركة ‪ ،‬الذي قاده الرئيس الفرنسي الجنراؿ شارؿ ديجوؿ الذي اراد الخروج والتمرد عمى‬
‫الييمنة األمريكية منذ بداية الحرب الباردة بيف واشنطف وموسكو ‪ .‬ومف المعروؼ أف ديجوؿ قد‬
‫انسحب مف الذراع العسكري مف الحمؼ األطمسي ‪ ،‬ودعا إلى إنشاء قوة أوروبية لمعمميات العسكرية‬
‫مستقمة عف الواليات المتحدة ‪.‬‬
‫وبدأت تظير آثار الخالفات في المواقؼ بيف أوروبا والواليات المتحدة في السنوات األخيرة ‪ ،‬ومف‬
‫مظاىر ىذه الخالفات بيف االتحاد األوروبي والواليات المتحدة ‪ ،‬اتفاؽ دوؿ االتحاد عمى إصدار‬
‫عممة أوروبية موحدة ‪ ،‬وال شؾ أف أوروبا تبحث عف افضؿ الطرؽ لحماية مصالحيا ‪ ،‬المتناقضة مع‬
‫المصالح األمريكية ‪ .‬ويبدو أف معظـ الخالفات القائمة بينيـ قائمة عمى أساس تنافس عمى المصالح‬
‫االقتصادية ‪ .‬فقد تصاعدت الخالفات التجارية بينيـ خالؿ التفاوض عمى تعديؿ االتفاقية العامة‬
‫لمتجارة والتعرفة الجمركية ‪ .‬وظير خالؼ آخر عمى تجارة الموز والذرة والمحوـ المعالجة باليرمونات‬
‫‪ .‬لكف الخالفات تصاعدت بعد إصدار عممة أوروبية موحدة أخذت تنافس العممة األمريكية ‪ .‬ولحسف‬
‫حظ االتحاد األوروبي ‪ ،‬أف الواليات المتحدة كانت تشؾ في قدرة اليورو عمى النجاح ومنافسة الدوالر‬
‫األمريكي ‪ ،‬عندما أعمف االتحاد قبؿ سنوات ‪ ،‬عف عزمو عمى توحيد العمالت األوروبية باليورو ‪،‬‬
‫واال فإنيا أي الواليات المتحدة لكانت قد وضعت العقبات أما تحقيؽ ذلؾ منذ البداية ‪ .‬وفي الواقع‬
‫فإف األمريكاف لـ يتحمسوا لمخطوات التي سارت عميو الدوؿ األوروبي لالتحاد فيما بينيا ‪ .‬وكانت‬
‫الواليات المتحدة تعتقد أف اليورو سوؼ يبعد دوؿ االتحاد عف تركيز جيودىا عمى متابعة‬
‫االصالحات االقتصادية عمى صعيد إعادة الييكمية ومتابعة االجراءات التي بدأتيا باتجاه تحرير‬
‫أسواؽ العمؿ واألسواؽ المالية ‪ .‬ألنو مف دوف تمؾ االصالحات لف تستطيع دوؿ االتحاد مف زيادة‬
‫فرص النمو وال مف اجاد فرص عمؿ جديدة ‪ .‬وبدأت الواليات المتحدة بمالحظة زيادة االقباؿ عمى‬
‫العممة األوروبية في األسواؽ العالمية ‪ ،‬مما زاد مف تخوفيا بأف يؤثر ذلؾ عمى الدوالر واالقتصاد‬
‫‪25‬‬
‫األمريكي ‪ .‬ومع أف صادرات العالـ ما زاؿ ‪ %50‬منيا بالدوالر األمريكي ‪ ،‬مقابؿ ‪ %35‬باليورو ‪،‬‬
‫إال أف الواليات المتحدة تخشى أف تؤثر األزمة االقتصادية التي تعاني منيا منذ أحداث ‪11‬سبتمبر‪/‬‬
‫أيموؿ ‪ ،2001‬عمى زيادة االقباؿ عمى الدوالر ‪ ،‬وىو ما حدث فعال ‪ .‬حيث اصبح اليورو يشكؿ‬
‫تحديا جديا في وجو الدوالر األمريكي وىيمنتو عمى االقتصاد العالمي ‪ .‬ويتمثؿ في الدور المتصاعد‬
‫الذي سيكوف لميورو في التجارة العالمية ‪ .‬ومف المتوقع أف يرتفع نصيب اليورو مف الودائع العالمية‬
‫إلى ‪ %30‬بدال مف ‪ % 14‬الموجودة حاليا في العمالت الوطنية األوروبية ‪.‬‬
‫وىناؾ خالؼ في وجيات النظر عمى صعيد السياسة الخارجية بيف االتحاد والواليات المتحدة‪،‬‬
‫بسبب االختالؼ في مواقؼ كؿ منيما القضايا الدولية ‪ ،‬كالصراع العربي ػ اإلسرائيمي والعراؽ وكوريا‬
‫واالرىاب الدولي‪ .‬وظير ىذا الخالؼ بسبب عدـ تأييد االتحاد األوروبي لمق اررات األميركية بفرض‬
‫حظر عمى إيراف وكوبا وليبيا ‪ ،‬ومطالبة واشنطف مف حمفائيا بتطبيؽ تمؾ الق اررات ايضا ‪.‬‬
‫وكشفت األزمة العراقية عف انقسامات عميقة في داخؿ أوروبا في مجالي الدبموماسية والدفاع ‪،‬‬
‫وأظيرت األزمة مدى الصعاب التي تعوؽ وجود االتحاد وتأثيره عمى الساحة الدولية ‪ ،‬أي ذىابو أبعد‬
‫مف ىدفو األوؿ األساسي وىو السوؽ االقتصادية الكبرى ‪.‬‬
‫والحظت أوروبا أنيا فشمت خالؿ حرب الخميج الثانية في إيجاد موقؼ اوروبي مستقؿ عف الموقؼ‬
‫األمريكي ‪ ،‬وأف موقفيا كاف تابع لمموقؼ األمريكي ‪ .‬وتكرر األمر خالؿ حرب البمقاف حيث لـ‬
‫تستطع أف تتبنى موقؼ موحد وتنيي الصراع والتوصؿ إلى وقؼ إطالؽ النار مف دوف الواليات‬
‫المتحدة ‪ .‬وحدث خالؿ بيف دوؿ االتحاد خاصة بيف ألمانيا التي كانت تريد االعتراؼ بالدوؿ الجديدة‬
‫‪ ،‬بعكس ما كاف موقؼ بقية الدوؿ ‪ .‬وفشمت دوؿ االتحاد في ايجاد سياسة أوروبية موحدة عاـ‬
‫‪ ، 1994‬مما جعميا تطمب مف الواليات المتحدة وروسيا االتحادية التدخؿ لتأسيس مجموعة دولية‬
‫لحؿ الصراع ‪ .‬وليذا فإف الحؿ لـ يأت مف قبؿ دوؿ االتحاد ‪ ،‬عمما مف أنو يجري عمى مسافة‬
‫قصيرة مف حدود دوؿ االتحاد وفي قمب أوروبا ‪ .‬وقامت قوات الناتو بتنفيذ الحؿ العسكري والفصؿ‬
‫بيف القوات المتحاربة ‪ ،‬واعتبر ذلؾ فشال لالتحاد األوروبي ‪.‬‬
‫وكاف مستشار األمف القومي األمريكي األسبؽ ‪ ،‬زبيغنيو بريجنسكي ‪ ،‬قد دعا إلى توسيع نطاؽ‬
‫التأثير األمريكي عمى االندماج األوروبي وعدـ " خمؽ أوروبا مندمجة سياسيا بحيث تشكؿ تيديدا‬
‫لممصالح األمريكية في المناطؽ ذات األىمية الجيوبوليتيكية وال سيما الشرؽ األوسط " ‪ .‬كما طالب‬
‫ىنري كيسنجر أثناء مؤتمر ىمسنكي لألمف والتعاوف األوروبي عاـ‬
‫أمريكي يحضر االجتماعات األوروبية ‪)41 ( .‬‬
‫‪26‬‬
‫‪ ، 1973‬بضرورة وجود ممثؿ‬
‫كما أف أوروبا تريد أف يكوف ليا موقؼ قيادي في النظاـ العالمي الجديد وأف ال تكوف تابعة‬
‫لمواليات المتحدة ‪ .‬ويعترؼ ىنري كيسنجر ‪ ،‬في كتابو ( تشكيؿ دبموماسية الواليات المتحدة في‬
‫القرف الواحد والعشريف ) بوجود ىذا الصراع بيف بالده واالتحاد األوروبي ‪ .‬ويقوؿ بأف‬
‫"‬
‫الواليات المتحدة اصبحت اليوـ القوة العظمى الوحيدة في العالـ ‪ ،‬وأخذت بتشكيؿ سياسة خارجية‬
‫جديدة بعد انتياء الحرب الباردة ‪ .‬وتبرز استراتيجيتو ا الجديدة بوضوح في تزعـ العالـ وفي الخالفات‬
‫االقتصادية والسياسية والثقافية التي أدت إلى ظيور ىويتيف مختمفتيف تقريبا ‪ :‬واحدة أمريكية وأخرى‬
‫أوروبية ‪ .‬واذا كانت أوروبا قد ىيمنت عمى العالـ لمدة خمسة قروف مضت فإنيا تعيش اليوـ حقبة‬
‫جديدة ال تقوـ عمى ميزاف القوى القديـ وترفض منطؽ السياسة الميكافيمية ‪ ،‬بوعي أخالقي جديد ينبذ‬
‫اسموب القوة ويمتزـ بالتفاىـ والحوار الدبموماسي والتعاوف االقتصادي مع دوؿ العالـ " ‪)42 ( .‬‬
‫والخالؼ كما يبدو بيف االتحاد والواليات المتحدة في ىذا المجاؿ ‪ ،‬ىو الرفض األوروبي‬
‫الستعماؿ القوة بدال مف القانوف ‪ ،‬و ينتقد األوروبيوف ‪ ،‬المفيوـ األمريكي بأف " القوة ىي الي تضع‬
‫القانوف "‪ .‬ويبدو أف األمريكاف قد تبادلوا األدوار مع األوروبييف ‪ ،‬حيث كانت الواليات المتحدة تدعو‬
‫في السابؽ إلى حؿ الصراعات بيف الدوؿ عف طريؽ المفاوضات ‪ ،‬واصبحت اآلف تعتمد اسموبا آخر‬
‫قائـ عمى استعماؿ القوة بدال مف المفاوضات‪ ،‬بينما كانت الدوؿ األوروبية في عصر االستعمار ىي‬
‫التي تستعمؿ القوة لمييمنة عمى الشعوب األخرى ‪ ،‬وأصبحت اآلف تفضؿ استعماؿ اسموب التفاوض‬
‫والحوار لحؿ الخالفات‪ .‬وكاف األوروبيوف يستعمموف القوة لمدفاع عف مصالحيـ االستعمارية ‪ ،‬بينما‬
‫كاف األمريكاف ييتموف بالقانوف الدولي ويقفوف ضد سياسة القوة ‪ .‬ويبرر األمريكاف ىذا التغير في‬
‫االستراتيجية الدولية بأحداث ‪ 11‬سبتمبر ‪ /‬أيموؿ ‪ . 200‬وىذا التغيير الذي حدث يعود كما يبدو إلى‬
‫ثقة األوروبييف بقوتيـ الذاتية ‪ ،‬بعد خطواط توسيع قاعدة االتحاد ‪ ،‬وامتالكيـ لعناصر القوة الذاتية ‪،‬‬
‫اكثر مف الواليات المتحدة التي وجدت نفسيا أخي ار ‪ ،‬عمى رأس نظاـ عالمي لوحدىا ‪ ،‬ولكنيا عاجزة‬
‫عف قيادتو ‪.‬‬
‫واعتبر وزير خارجية ألمانيا يوشكا فيشر ‪ ،‬في خطاب ألقاه في جامعة ىومبد في‬
‫‪،2003/6/12‬‬
‫أف مفيوـ أوروبا بعد ‪ ، 1945‬كاف وال يزاؿ يقوـ عمى رفض مبدأ ميزاف القوى وطموحات الييمنة‬
‫التي برزت غداة معاىدة وستفاليا لعاـ ‪ . 1648‬وأف االتحاد األوروبي ىو حصيمة ىذا الرفض " ‪.‬‬
‫(‪) 43‬‬
‫‪27‬‬
‫كما قاؿ رومانو برودي ‪ ،‬رئيس المفوضية األوروبية ‪ ،‬في ‪ ، 2001/5/19‬بأف " القانوف حؿ في‬
‫أوروبا محؿ عروض القوة ‪ ،‬وفقدت سياسات القوة ‪ ،‬وفقدت سياسات القوة نفوذىا ‪ ،‬ونجاحنا في‬
‫الوحدة تظير لمعالـ أف مف الممكف اقامة عالـ مسالـ " ‪)44 ( .‬‬
‫ومف المشاكؿ التي تواجو العالقة بيف االتحاد األوروبي والواليات المتحدة كذلؾ ‪ ،‬دعوة بعض‬
‫دوؿ االتحاد إلنشاء قوة عسكرية أوروبية مستقمة عف قوات الحمؼ األطمسي ‪ ،‬والخالؼ عمى‬
‫مشروع الدفاع الصاروخي الذي اقترحتو الواليات المتحدة ولـ تتحمس لو دوؿ االتحاد ‪ .‬وأبدى‬
‫غيرىارد شرويدر تحفظو عمى مشروع نظاـ الدفاع الصاروخي األمريكي ‪ ،‬وطالب مف االتحاد أف‬
‫تتشاور مع واشنطف قبؿ أف تنفذ المشروع ‪ ،‬بينما دافع دونالد رامسفيمد وزير الدفاع األمريكي عف‬
‫المشروع الذي كاف الرئيس األمريكي جورج بوش (االبف ) قد اقترحو ‪ ،‬وقاؿ بأف الخطة األمريكية‬
‫تيدؼ إلى حماية الواليات المتحدة وحمفائيا األوروبييف ‪.‬‬
‫ويعتبر مشروع الدفاع الصاروخي األمريكي مف أىـ الموضوعات الي أثارت االنقسامات داخؿ حمؼ‬
‫الناتو منذ انتياء الحرب الباردة ‪ .‬وانتقؿ الخالؼ إلى االتحاد االوروبي والواليات المتحدة ‪.‬‬
‫ونظرت الواليات المتحدة إلى دعوة بعض دوؿ االتحاد ( ألمانيا وفرنسا وبمجيكا ولوكسمبورغ ) إلنشاء‬
‫قوة دفاع أوروبية والمجوء لوسائؿ وطنية أوروبية لمدفاع عف أمف دوؿ االتحاد خارج إطار حمؼ الناتو‬
‫‪ ،‬بارتياب شديد ‪ .‬العتقادىا أف ىذا المشروع يتضارب وجوده مع وجود مركز قيادة قوات الحمؼ في‬
‫أوروبا ‪.‬‬
‫وترى كؿ مف فرنسا وألمانيا أنو مف الصعب إقامة القوة األوروبية الدفاعية بمعزؿ عف بريطانيا ‪،‬‬
‫وكذلؾ سيكوف مف المستحيؿ إقامة الوحدة االقتصادية األوروبية مف دونيما ‪.‬‬
‫ولـ تخؼ الواليات المتحدة سعييا إلى التفوؽ العسكري المطمؽ في العالـ ‪ ،‬بينما يتيـ‬
‫المسؤولوف األوروبييف الواليات المتحدة ‪ ،‬بأنيا دخمت في نفؽ " جنوف العظمة " ونصبت نفسيا‬
‫قائدة لمعالـ وصاحبة القرار المنفرد في شؤونو ‪ .‬وىذا مف األسباب التي دفعت االتحاد األوروبي لبناء‬
‫قوة عسكرية مستقمة عف الحمؼ األطمسي ‪.‬‬
‫ومف القضايا الخالفية األخرى ‪ ،‬قضايا النفط ‪ ،‬ألف الواليات المتحدة تريد أف تتحكـ بالنفط‬
‫العالمي وتسطر عميو ‪ ،‬وىي تعرؼ جيدا أف الدوؿ الصناعية بحاجة ماسة ‪ ،‬إليو وأف مستقبؿ‬
‫اقتصاد تمؾ الدوؿ مرتبط بحصوليا عمى النفط ‪ .‬وليذا فإف الواليات المتحدة تريد أف تتحكـ‬
‫بوصوؿ النفط لمدوؿ األوروبية ‪ ،‬لكي تؤثر عمى اقتصاد تمؾ الدوؿ ‪ .‬خاصة أف زيادة الطمب‬
‫العالمي سوؼ يؤدي إلى زيادة في الصادرات الخميجية مف‬
‫‪28‬‬
‫‪ 14,8‬مميوف برميؿ يوميا اآلف ‪،‬‬
‫إلى ‪33‬و‪ 5‬مميوف برميؿ يوميا حتى عاـ ‪ . 2020‬وىذا مف األسباب التي أدت إلى احتالؿ‬
‫الواليات المتحدة لمعراؽ ‪ ،‬واحكاـ سيطرتيا عمى النفط العربي ‪.‬‬
‫وأصبحت أوروبا ال تتقاسـ اآلف نفس وجيات النظر مع الواليات المتحدة ‪ ،‬مف قضايا‬
‫السياسات الخارجية الدفاعية والقضايا القومية ‪ ،‬والمصالح االقتصادية المشتركة ‪ .‬ولـ تعد ىناؾ‬
‫استراتيجية مشتركة وال أرضية مشتركة تربط بينيـ كما كانت مف قبؿ خالؿ الحرب الباردة ‪ .‬وأف‬
‫الظروؼ التي أدت إلى قياـ االتحاد األوروبي أنتج مجموعة مف المبادئ المتعمقة بفعاليات القوة‬
‫الدولية تختمؼ كمية عف مبدأ القوة التي تنادي بو الواليات المتحدة ‪ ،‬مما أدى إلى زيادة‬
‫الخالفات بيف المعسكريف األمريكي واألوروبي ‪.‬‬
‫وشرح مفوض العالقات الخارجية لالتحاد كريس باتف ‪ ،‬أبعاد وعواقب األزمة بيف االتحاد‬
‫والواليات المتحدة بعد أحداث ‪11‬سبتمبر ‪ /‬أيموؿ ‪ ،‬وقاؿ " اف السياسة الخارجية التي تتبعيا‬
‫الواليات المتحدة سياسة مستبدة ‪ ،‬تفتقر إلى الحنكة ‪ .‬وال بد لحكومات أوروبا الغربية مف‬
‫االنتفاضة تمنع واشنطف مف المضي قدما في تحركيا الحادي المنفرد عمى الصعيد الدولي "‪.‬‬
‫ودعا باتف إلى عدـ الخوؼ مف اغضاب واشنطف واالستمرار في مجاممتيا ‪ .‬وتوقع حدوث‬
‫تصادـ فعمي بيف الموقفيف األوروبي واألمريكي " إف مصمحة الواليات المتحدة تقتضي عزؿ‬
‫العراؽ وايراف وكوريا الشمالية ( محور الشر ) عف المجتمع الدولي ‪ ،‬بينما مصمحة أوروبا‬
‫تقضي بدمج ىذه الدوؿ في المجتمع الدولي وفي بناء عالقة متميزة معيا " ‪ .‬كما صرح وزير‬
‫خارجية فرنسا السابؽ فدريف " إف نظرة أمريكا إلى العالـ والعالقات الدولية واالرىاب والعولمة‬
‫والشرؽ األوسط واسرائيؿ وشاروف وعرفات ‪ ،‬ليست نظرتنا في فرنسا وفي االتحاد األوروبي " ‪.‬‬
‫وعند زيارة الرئيس الفرنسي األولى لمواليات المتحدة ‪ ،‬صرح أنو " ليس مف المعقوؿ أو المقبوؿ‬
‫أف نتخيؿ أف تكوف اإلرادة والقرار ألمريكا دائما ‪ ،‬بينما تقوـ أوروبا بدفع فاتورة الحساب"‪45 ( .‬‬
‫)‬
‫وترى فرنسا أنو إذا أرادت الواليات المتحدة أف يدعـ االتحاد األوروبي سياستيا الدولية‪،‬‬
‫فعمييا أف تشركو في صنع الق اررات السياسية التي تتخذىا ‪.‬‬
‫وفي الجدوؿ التالي مقارنة بيف قوة أوروبا وقوة الواليات المتحدة ‪:‬‬
‫االتحاد األوروبي‬
‫الواليات المتحدة‬
‫عدد السكاف‬
‫‪ 370‬مميوف‬
‫‪280‬‬
‫نسبة عدد السكاف لسكاف العالـ‬
‫‪%6,1‬‬
‫‪%4,7‬‬
‫‪29‬‬
‫نسبة الناتج القومي ‪ GDP‬لمناتج‬
‫‪%25,2‬‬
‫‪%32,5‬‬
‫العالمي‬
‫نسبة االنفاؽ عمى الدفاع مف‬
‫‪%1,9‬‬
‫‪%3,2‬‬
‫نسبة المساعدات لمدوؿ األجنبية‬
‫‪%.،33‬‬
‫‪%.،11‬‬
‫الناتج القومي‬
‫مف الناتج القومي‬
‫الصادرات‬
‫‪%13,9‬‬
‫‪%11,9‬‬
‫( ‪)46‬‬
‫وسعت الواليات المتحدة واالتحاد األوروبي ‪ ،‬إلى تخفيؼ حدة الخالفات في السياسة الخارجية‬
‫لكؿ منيما ‪ ،‬وتجاوز خالفاتيما الحادة التي ظيرت خالؿ الحرب عمى العراؽ ‪ .‬واجتمع في البيت‬
‫األبيض وفد المجمس الوزاري األوروبي المكمؼ بصياغة الدستور المؤقت لدوؿ االتحاد مع الرئيس‬
‫األمريكي جورج بوش االبف ‪ ،‬في ‪ 2004/6/26‬ليذا الغرض ‪ ،‬إال أنيـ لـ ينجحوا في ذلؾ وبقيت‬
‫الخالفات قائمة ‪.‬‬
‫ويعترؼ روبرت كاغاف ‪ ،‬أحد الموظفيف السابقيف في و ازرة الخارجية األمريكية وباحث في‬
‫مركز كارنيجي لمسالـ الدولي والمقيـ في باريس ‪ ،‬عف وجود تناقض واضح في المواقؼ بيف‬
‫األوروبييف واألمريكاف ‪ ،‬ويقوؿ " بصفتي أميركيا يعيش في أوروبا ‪ ،‬مف األسيؿ عمي رصد ىذا‬
‫التناقض ‪ .‬فاألوروبيوف باتوا يعوف أكثر مف السابؽ تفاقـ حدة االختالفات مع األمريكييف ‪ ،‬ويعود‬
‫السبب في ذلؾ مف دوف شؾ إلى كونيـ يتخوفوف مف عواقب ىذه االختالفات أكثر فأكثر مع مرور‬
‫الوقت " ‪ .‬ويحدد كاغاف ىذه االختالفات بالنقاط التالية ‪)47 ( :‬‬
‫‪ ‬أف األوروبييف يروف أف الواليات المتحدة أصبحت أكثر استعدادا لمتسرع في المجؤ لمقوة وأقؿ‬
‫صب ار مف أوروبا التي تفضؿ الدبموماسية ‪.‬‬
‫‪ ‬يرى األوروبيوف أف األمريكاف يفضموف استعماؿ اسموب االكراه عمى االقناع والعصا عمى‬
‫االغراء ‪.‬‬
‫‪ ‬أف األمريكاف يزدادوف ميال إلى العمؿ في شكؿ أحادي الجانب ‪ ،‬وال يظيروف حماسة‬
‫لممبادرات التي تتخذىا المؤسسات الدولية ‪.‬‬
‫‪ ‬اختالؼ في وجيات النظر بالنسبة لمنظاـ العالمي الجديد ‪.‬‬
‫‪30‬‬
‫‪ ‬أف األمريكاف يبالغوف في حجـ الخطر مف العراؽ واالرىاب ‪.‬‬
‫الخالصظى‪:‬ى‬
‫أثبت االتحاد األوروبي أنو يمتمؾ قوة سياسية واقتصادية وعسكرية ‪ ،‬ليا وزف كبير عمى الصعيد‬
‫الدولي ال يستياف بيا ‪ ،‬عمى الرغـ مف معارضة الواليات المتحدة لتنامي ىذه المنظومة في النظاـ‬
‫العالمي الجديد ‪ .‬وليذا فإف الدوؿ الفاعمة في االتحاد ‪ ،‬وخاصة فرنسا وألمانيا ‪ ،‬تسعى إلى تقوية‬
‫الروابط بيف األعضاء ‪ ،‬وتحقيؽ اندماج اقتصادي وسياسي سريع بينيا ‪.‬‬
‫واستطاع االتحاد األوروبي ‪ ،‬أف ينجح عمى الصعيد االقتصادي في بناء قوة اقتصادية ميمة‪ ،‬إال اف‬
‫ذلؾ ال يعني أف االتحاد قادر عمى مواجية التحديات األخرى التي تواجيو عمى الصعيد السياسة‬
‫الخارجية والدفاعية ‪ .‬كما أف توسيع عضوية دوؿ االتحاد إلى ‪ 25‬دولة ( مف الممكف أف ترتفع إلى‬
‫‪ ) 30‬سوؼ يزيد مف تمؾ التحديات الختالؼ سياسة األعضاء الجدد عف الدوؿ األخرى ( أوروبا‬
‫الجديدة وأوروبا القديمة ) ‪ .‬وأف االتحاد سوؼ يصبح أكثر تنوعا وتعددا في االتجاىات‪ ،‬بحيث ال‬
‫يستطيع أف يعبر عف سياسة وارادة مشتركة واحدة ‪ ،‬عمى الصعيديف الدبموماسي والدفاعي ‪.‬‬
‫كما أف االنجازات التي حققيا االتحاد عبر مسيرتو الطويمة ‪ ،‬يؤكد عمى أنو تجاوز مرحمة الخطر‪،‬‬
‫وأنو ال عودة إلى ما كانت عميو القارة األوروبية عشية الحرب العالمية الثانية مف تناحر وصراعات ‪.‬‬
‫وأنيا بحاجة اآلف إلى قير التحديات الداخمية والخارجية التي تواجييا ‪ ،‬لكي تدعـ مسيرة االندماج ‪،‬‬
‫لكي تصؿ إلى بر اآلماف ‪.‬‬
‫وبالنسبة لمعالقات بيف االتحاد األوروبي والواليات المتحدة ‪ ،‬فيناؾ احتماؿ أف تتراجع واشنطف عف‬
‫مطالبيا في االستمرار في لعب الدور األساسي عمى مسرح األمف األوروبي عبر مظمة حمؼ الناتو ‪،‬‬
‫مقابؿ حصوؿ الحكومة األمريكية عمى ضمانات باستمرار تدفؽ صادراتيا لألسواؽ األوروبية مف‬
‫دوف قيود ‪ .‬إال أف احتماؿ استمرار الخالفات بيف االتحاد األوروبي والواليات المتحدة أم ار واردا ‪ ،‬في‬
‫ظؿ الييمنة األمريكية عمى النظاـ العالمي ‪ ،‬ومنعيا أوروبا مف المشاركة في لعب دور ميـ عمى‬
‫الساحة الدولية ‪ ،‬خاصة في ظؿ وجود المحافظوف الجدد عمى رأس السمطة في الواليات المتحدة‪.‬‬
‫كما أنو عمى الرغـ مف قوة أوروبا االقتصادي ‪ ،‬إال أنيا لـ تستطع أف تحوؿ تمؾ القوة إلى قوة‬
‫سياسية أو عسكرية ‪ .‬وفي المقابؿ فإف الواليات المتحدة التي تمتمؾ قوة اقتصادية أقؿ مف أوروبا ‪،‬‬
‫إال انيا تمتمؾ مف القوة السياسية والعسكرية أضعاؼ ما تمتمكو أوروبا ‪ .‬مما يدؿ عمى أف الطريؽ‬
‫أماـ االتحاد ما زاؿ طويال لكي يوظؼ قوتو االقتصادية إلى قوة سياسية وعسكرية يستطيع مف‬
‫خالليا أف يمعب دو ار أكثر فعالية في النظاـ العالمي ‪.‬‬
‫‪31‬‬
‫ويبدو أف عوامؿ التوافؽ االستراتيجي بيف االتحاد والواليات المتحدة تتضاءؿ ‪ ،‬لوجود أسباب‬
‫كثيرة ليذا التباعد وعدـ التفاىـ‪ .‬واذا وصفنا النصؼ الثاني مف القرف العشريف بعصر الحرب الباردة‬
‫والصراع األمريكي والسوفيتي ‪ ،‬فإنو مف الممكف أف يكوف الصراع القادـ في النصؼ األوؿ مف القرف‬
‫الحادي والعشريف بالصراع بيف اوروبا وأمريكا ‪.‬‬
‫الكوامشى‪:‬‬
‫‪1.‬‬
‫‪Bernard Cassen , Une Europe de moins en moins Europeans , Le Monde Diplomatique , Janvier‬‬
‫‪2003, p.8.‬‬
‫‪2. Op. cit., p.9.‬‬
‫‪ .3‬فيمي أماني محمود ‪ " ،‬الوحدة األوروبية بيف متطمبات االندماج وعوائؽ السيادة " مجمة السيادة الدولية ‪ ،‬العدد ‪، 116‬‬
‫‪.4‬‬
‫‪.5‬‬
‫ابريؿ‪/‬نيساف ‪ ، 1994‬القاىرة ‪ ،‬ص ‪ . 123‬ولممزيد مف التفاصيؿ عف تطور تاريخ الوحدة األوروبية انظر ‪Jean-Baptiste :‬‬
‫‪Duroselle, L’Europe, histoire de ses peuples, (seconde édition) Perrin, Paris, 1993, Jean-Pierre‬‬
‫‪Faye, L’Europe unie. Les philosophes et‬‬
‫‪’Europe, Gallimard, Paris, 1992.‬‬
‫عميرة محمد سعيد ‪ ،‬واقع وآفاؽ ماستريخت ‪ ،‬عماف ‪ ، 1994 ،‬ص ‪. 23‬‬
‫محمد مصطفى كماؿ وفؤاد ني ار ‪ ،‬صنع القرار في االتحاد األوروبي والعالقات العربية ػ األوروبية ‪ ،‬مركز دراسات الوحدة العربية‬
‫‪ ،‬بيروت ‪ ، 2001 ،‬ص ‪. 132‬‬
‫‪.6‬‬
‫حسف نافعة ‪ ،‬أوروبا في مطمع قرف جديد ‪ :‬القضايا واآلفاؽ ‪ ،‬مؤسسة عبد الحميد شوماف ‪ ،‬عماف ‪ ، 2002 ،‬ص ‪. 84‬‬
‫‪.7‬‬
‫محمد مصطفى كماؿ وفؤاد ني ار ‪ ،‬مرجع سبؽ ذكره ‪ ،‬ص ‪. 42‬‬
‫‪.9‬‬
‫المرجع السابؽ ‪ ،‬ص ‪ 47‬و‪ 53‬ػ ‪.54‬‬
‫‪.8‬‬
‫المرجع السابؽ ‪ ،‬ص ‪. 44‬‬
‫‪10. Le Monde, Paris , 15/6/2003.‬‬
‫‪11. Le Monde, 4/10/2003.‬‬
‫‪12. Le Figaro,22/6/2003.‬‬
‫‪32‬‬
‫ اكتوبر‬، 141
. 2002/12/23 ، ‫ لندف‬، ‫جريدة الحياة‬
.13
‫ العدد‬، ‫ القاىرة‬، ‫ مؤسسة األىراـ‬، ‫ مجمة السياسة الدولية‬، ‫ تساؤالت عربية‬: ‫ االتحاد األوروبي‬، ‫ أنور اليواري‬.14
. 75 ‫ ص‬، 2000
Klaus – Dieter Borchard , European Integration : The Origins and Growth of the European
Union , European Documentation , Luxembourg : 1995 , p. 75 .
16. Newsweek ,23/12/3002.
15.
17. Op.,cit. ‫ ص‬، 1988 ، ‫ القاىرة‬، ‫ مكتبة النيضة المصرية‬، ‫ النظاـ االقتصادي العالمي الجديد‬، ‫وعبد المطمب عبد الحميد‬
، 129
19.
20.
21.
22.
23.
24.
25.
26.
28.
30.
31.
32.
34.
35.
36.
38.
39.
40.
. 101
‫ العدد‬، ‫ مجمة السياسة الدولية‬،‫ االشكاليات وتوقعات المستقبؿ‬: ‫ تطور النظاـ النقدي األوروبي‬، ‫ نرميف السعدني‬.18
. 203 ‫ ص‬، ‫ القاىرة‬، 1997 ‫تموز‬/‫يوليو‬
Martin Feldstein , EMU and International Conflict , Foreign Affaires , November / December
1997, pp 62-63 .‫و‬
Le Monde , Paris, 15/9/2003 .
Le Monde , Paris , 26/12/2002 .
Newsweek , 23/12/2002 .
Le Monde , Paris , 22/8/2003 .
Le Figaro, Paris , 18/10/2003 .
Le Monde, Paris , 28/4/2001.
Le Monde , Paris , 23/9/2000.
. 2003/9/23، ‫ لندف‬، ‫ جريدة الحياة‬.27
Carla Power , Who are we ? Newsweek , 23/12/2002 .
. 2002/11/24 ، ‫ لندف‬، ‫ جريدة الحياة‬، ‫ ابراىيـ الحيدري‬.29
The Miror,7/10/2000,p.2
Newsweek , July 1, 2003.
Anne- Cecile Robert , L,étrange Politique étrangère de l,Union Europeanne , Le Monde
Diplomatique , Dècembre , 2002 , p.24 .
.2002/5/31 ، ‫ جريدة البياف االماراتية‬.33
Ann-Cecile Robert , Op.cit., p.24
Newsweek 24/6/2003.
Le Monde , 30/11/2002 .
.2002/12/8 ، ‫ لندف‬، ‫ ىؿ مف حؿ لمنزاعات ؟ جريدة الحياة‬، ‫ أوروبا‬، ‫ العراؽ‬، ‫ قبرص‬، ‫ تركيا‬، ‫ باتريؾ سيؿ‬.37
Le Monde , 13/12/2002
Bernard Cassen , Une Europe de moins en moins europeanne , Le Monde Diplomatique , Janvier
2003 , P.9.
Brain White , Understanding European Foreign Policy , Hamphire , Palgrave ,2001 , pp 66-80.
. 236‫ػ‬235 ‫ ص‬، 1999 ‫ ربيع‬، 60 ‫ عدد‬، 7 ‫ سنة‬، ‫ دمشؽ‬، ‫ مركز المعمومات القومي‬، ‫ مجمة معمومات دولية‬.41
. 2002/11/24 ، ‫ جريدة الحياة‬، ‫ ابراىيـ الحيدري‬.42
. 2002/9/9 ‫ جريدة الحياة‬، ‫ أوروبا تعمف الحرب عمى أميركا‬، ‫ سعد محيو‬.43
. ‫ المرجع السابؽ‬.44
.129‫ ص‬، ‫ القاىرة‬، ‫ مؤسسة األىراـ‬، ‫ مجمة السياسة الدولية‬، ‫ العولمة والعوامة المضادة‬، ‫ أمريكا ػ أوروبا‬، ‫ سعيد الالوندي‬.45
46. The Economist, 23/11/2002
47. Le Monde , 13/7/2002 .
:‫المراجعى‬
1. Valéry Giscard D,Estaing , The European Power , (NPQ) New Perspectives Quarterly , July
2001 , vol 18, Issue 3 , p.35 .
2. Michael Meyer , The Death ( and) Birth of Europe , Newsweek ,23/12/2002 , p.14-15 .
3. Yves Salesse , Pour que vive l,Europe , le Monde Diplomatique , septemper 2001 , p,7 .
33
4.
5.
6.
7.
8.
Etienne Balibar , Europe , L’Amériquue , La querre . Réflexion sur la mediation européenne
,La Decouverte , Paris, 2003.
Peter gnan and L.H.Gann the U.S.A. and the New Europe 1945- 1993 , Massachusetts
,U.S.A.,1994
Elisabeth du Réau, L’Idée d’Europe au XXe siècle, Complexe, Bruxelles, 1996.
Max Gallo, « Oublier les nations, ce mirage dangereux », Le Monde diplomatique, mars
1989.
Alain Peyrefitte, C’était de Gaulle, Fayard, Paris, 1994
Abstract
( European Union in the beginning of the 3rd. millennium
Facts and Challenges)
This research aims to study the European Union in the beginning
of the 3rd.millennium , as a greatest change happened in the European
geopolitics , and the most important integration experiences in the
world .
It starts by focusing on the historical introduction of the Idea of
the union and integration in the European continent , from the
formation of the European Community (EC) after the 2 nd World War ,
to the Maastricht Treaty in 1992 for economic and monetary union with
two institutions – a common currency and a common bank .
The study analyzes the institutions of the European Union, i.e.
European Council, Council of Ministers , European Parliament , the
34
Commission Constitution and the potential factors of power which the
union posses .
The study , moreover shows both , the internal and external
challenges that the union faces , and its future in the 3 rd. millennium .
Ahmad said Nufal
Yarmouk University / Jordan
35
Download